Translate

الاثنين، 27 مارس 2023

ج3.الغذاء والتغذية{تغذية أطفال المدارس والمراهقين

الغذاء والتغذية

تغذية أطفال المدارس والمراهقين

أولا: أطفال المدارس school-age children

مدخل 

تغذية أطفال المدارس والمراهقين:

الدكتور خالد المدني

أولا: أطفال المدارس SCHOOL- AGE- CHILDREN

تتميز السنة الأولى من عمر الطفل بالنمو السريع، أما بعد هذه الفترة وحتى مرحلة المراهقة فإن النمو يكون بطيئا، ويتمكن الفرد في هذه الفترة من تعلم بعض المهارات الخاصة التي تمكنه من الاعتماد على نفسه، مثل تناول الطعام، أو اختيار وتفضيل أنواع معينة من الطعام. وعادة يبدأ الأطفال- قبل سن الدراسة- في تعلم كيفية التحكم في وظائف الجسم، لتتوافق مع بعضها البعض، وتشكل في النهاية نمطا من السلوك المقبول اجتماعيا.

والتغييرات التي تحدث في الأطفال خلال سنوات بدء المدرسة، والتي تستغرق الفترة ما بين 6- 9 سنوات، نادرا ما تكون كبيرة، حيث يستمر الأطفال في هذه الفترة بالنمو والتطور، وفي كل سنة يحدث تغيير متميز أو مختلف عن التغيير الذي حدث في السنة السابقة.

ويستمر النمو بمعدل بطيء، لكنه يتميز بمرور فترات من النمو السريع، ولكن لفترة قصيرة حيث يزيد الأطفال في الوزن حوالي 3.2 كيلو غرامات، وفي الطول حوالي 6.3 سنتيمترات في السنة.

ويلاحظ أن الوزن والطول يختلفان بدرجة كبيرة بين الأطفال، ويعود ذلك إلى العامل الوراثي "الجينات"، بالإضافة إلى التأثيرات البيئية.

وتتميز هذه المرحلة بأن أسنان الطفل اللبنية "المؤقتة" تتبدل، وتظهر مكانها الأسنان الدائمة. ولفترة قصيرة تكون الأسنان الأمامية مفقودة، مما يجعل عملية المضغ صعبة، ولذا يجب مراعاة ذلك عند اختيار الأطعمة، علما بأن العناية بالأسنان الدائمة في هذه الفترة لها فائدتها الكبيرة في الوقاية من تسوس الأسنان، وهو الأمر الذي يترك آثاره السيئة طيلة العمر.

(1/429)

الاحتياجات الغذائية لأطفال المدارس:

يمثل أطفال المدارس شريحة مهمة من شرائح المجتمع، حيث تظهر عليهم آثار سوء التغذية بسهولة، ولذلك تجري العديد من الدراسات الغذائية على هذه الفئة للتعرف على المشاكل الغذائية في المجتمع.

ويحتاج طلبة المدارس إلى تناول كمية كافية من البروتينات ذات القيمة الحيوية العالية، والفيتامينات والعناصر المعدنية ... من أجل النمو السوي ... كذلك فإن استقلاب الدهون والكربوهيدرات والبروتينات يزود الفرد بالطاقة اللازمة لعمل الجسم ونشاطه وصيانته. وتمد البروتينات الجسم بالحموض الأمينية لبناء أنسجة جديدة، كذلك يعمل عنصر النيتروجين على نضوج الأنسجة التي نشات في بداية مرحلة الطفولة، وتساعد الفيتامينات في العملية الاستقلابية لتصنيع البروتينات، وإطلاق الطاقة من المغذيات، ولذلك فالاحتياجات من الفيتامينات تتحدد وفقا لكمية ما يتناوله الفرد من الطاقة، والبروتينات والمغذيات الأخرى.

أما العناصر المعدنية MINERAL ELEMENTS فتعد مكونا أساسيا من مكونات أنسجة الجسم، وتتأثر الاحتياجات اليومية Daily requirements منها بمعدل النمو growth rate وبمدى علاقتها مع المغذيات nutrients الأخرى.

وتعتمد الاحتياجات اليومية من المغذيات للأطفال في سن المدرسة على عوامل عدة منها كتلة الجسم، ومعدل النمو، ومدى النشاط الجسماني، والاستقلاب الأساسي. ويوضح الجدول 1 كمية وعدد الحصص الغذائية للمجموعات الأربع الأساسية لهذه المرحلة من العمر.

(1/430)

الجدول 1- عدد وكمية الحصص اليومية لكل مجموعة غذائية للأطفال من عمر 6- 9 سنوات

(1/431)

المخصصات الغذائية لأطفال المدارس Dietary allowance for school- age children:

الطاقة:

تقدر المخصصات اليومية من الطاقة energy للطفل دون عشر سنوات من العمر بكمية ما يتناوله من الطاقة اللازمة للنمو الطبيعي، ويلاحظ عدم وجود فروق في الاحتياجات اليومية من الطاقة بين الذكر والأنثى في هذه المرحلة من العمر، ولكن بعد سن العاشرة يبدأ الاختلاف بين الجنسين بالوضوح نظرا لاختلاف سن البلوغ والتطور بينهما، ويوضح الجدول 2 متوسط المخصصات اليومية من الطاقة والوسيط median والطول لهذه المرحلة من العمر.

(1/431)

الجدول 2 الوسيط للطول والوزن ومتوسط مخصصات الطاقة للأطفال من عمر 4 إلى 10 سنوات. المرجع [1]

البروتين:

تحسب المخصصات اليومية الموصى بها للبروتين protein على أساس احتياج البالغ، ومدى معدل النمو، وبنية الجسم. فنجدها 1.6 غرام بروتين لكل كيلو غرام من الوزن عندما يكون العمر سنة وتقل إلى 0.8 غرام لكل كيلو غرام من الوزن للأنثى و 09 غرام لكل كيلو غرام للذكر عندما يبلغ 18 سنة من العمر [1] ويعتمد تقييم ما يتناول من البروتين على معدل النمو السوي، والقيمة الحيوية للبروتين وتنوع مصادر البروتين، بالإضافة إلى الكمية الكافية من المغذيات

الأخرى الضرورية لتصنيع البروتينات من الحموض الأمنية.

الدهون:

لا يوجد مخصصات يومية محددة للدهون fats، ولكن إذا انخفضت كمية الكالوري اليومية من الدهون عن 30% يصبح الطعام جافا وغير مستساغ.

وقد اقترح فومون fomon [2] تجنب الطعام الذي يحتوي على أقل من 30% من الكالوري من الدهون، كذلك تجنب الطعام الذي يحتوي على أكثر من 50% من الكالوري من الدهون

الفيتامينات:

تتضح وظائف الفيتامنيات vitamins في عمليات الاستقلاب، وتقدر المخصصات بكمية ما يتناوله الفرد من الطاقة والبروتينات والدهون المشبعة. ويبين الجدول 3 المخصصات اليومية الموصى بها من الفيتامينات من الولادة وحتى نهاية مرحلة الطفولة.

(1/432)

الجدول3- المخصصات اليومية الموصى بها من الفيتامينات منذ الولادة وحتى نهاية مرحلة الطفولة. المرجع [1]

(1/433)

العناصر المعدنية:

برغم أن العناصر المعدنية minerals تمثل 3- 4 % من وزن الجسم، فإنها تلعب دورا هاما في تنظيم سوائل الجسم، وفي التوازن الحمضي القاعدي، كما تساعد في عمليات الاستقلاب....

ويبين الجدول 4 المخصصات اليومية الموصى بها للعناصر المعدنية منذ الولادة وحتى نهاية مرحلة الطفولة

الجدول 4- المخصصات اليومية الموصى بها من العناصر المعدنية منذ الولادة وحتى نهاية الطفولة المرجع [1]

(1/434)

بعض الجوانب الصحية والغذائية المرتبطة بطلاب المدارس:

يقضي الطفل في هذه المرحلة يومه الدراسي بالمدرسة، وبالتالي ينتظم وقت الطعام وفقا للبيئة الجديدة، وكذلك تأثير الزملاء، وقد يكون تأثير المعلم أقوى من تأثير الآباء في النصح والإرشاد.

وتتميز هذه المرحلة بحصول الطفل على المصروف اليومي، والحرية في شراء الطعام من المطاعم المدرسية والدكاكين المجاورة للمدرسة. وعلى الرغم من زيادة تناول الطفل للطعام وتنوعه فإنه قد يستمر في رفض الخضراوات، خصوصا المطبوخة، والأطعمة المختلطة والكبد. وعادة يتناول أطفال المدارس ما بين 24 – 25% من كمية الكالوري اليومية الكلية من السكريات البسيطة [3] .

ومن المشكلات المهمة التي تواجه الآباء عدم وجود الوقت الكافي للأطفال في سن المدرسة لكي يجلسوا لتناول الطعام. فالطفل في هذه المرحلة يكون مشغولا

(1/434)

بنشاطات أخرى، فنجده يأكل بسرعة للرجوع إلى اللعب أو مشاهدة التلفزيون. وهناك بعض الأمور التي تتعلق بالسلوك الغذائي غير السوي للطفل في سن المدرسة وهي:

1- عدم تناول وجبة الإفطار:

فإذا كان قيام الطفل متأخرا عن موعد المدرسة، أو كان كلا الأبوين يعملان فقد لا يتمكن الطفل من تناول طعام الإفطار. وتمثل وجبة الإفطار أهمية خاصة بالنسبة للتلميذ للاستيعاب والفهم والتحصيل الدراسي.

ولتلافي هذه المشكلة يمكن للأم أن تهتم بإعداد الإفطار لأولادها قبل وقت كاف من الذهاب إلى المدرسة، كما يمكن أيضا إشراك الأبناء في إعداد وجبة الإفطار إذا كانت الأم تعمل خارج المنزل. ويجب أن يكون طعام الإفطار سهل التحضير ومتنوعا، ويفضل تناول الإفطار مع العائلة.

2- إصابة الأطفال بالسمنة:

لا بد من مراقبة وزن الطفل الذي يعاني من السمنة obesity ومحاولة تخفيف وزنه، إلا أن الحمية الشديدة للطفل قد تؤثر على نموه وتطوره في هذه المرحلة الحرجة من النمو.

ومن أجل تجنب الوقوع في السلوك والتصرفات التي تؤدي إلى تكوين شخص بدين، ينبغي على الوالدين تجنب استعمال الطعام كحافز لتوجيه سلوك الطفل، أو كوسيلة للتخلص من البكاء، أو أن يربطوا العقاب بالحرمان من الطعام، بمعنى ألا يتعلم الأطفال أن الطعام قد يكون وسيلة للترغيب أو العقاب.

وتحدث السمنة بطريقتين، إما بزيادة حجم الخلايا الدهنية "التضخم" hypertophy الموجودة، أو بزيادة عدد الخلايا الدهنية "فرط التنسج" hyperplasia. ويزداد غالبا حجم الخلايا الدهنية عند جميع الذين يعانون من السمنة دون أن يزيد عدد الخلايا الدهنية، وتحدث السمنة المتميزة بزيادة عدد الخلايا الدهنية أثناء مرحلة الطفولة، فالأطفال الذين يعانون من السمنة في عمر أقل من خمس سنوات ونصف يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة عند البلوغ من الذين تحدث لهم السمنة في عمر 7 سنوات أو أكثر [5] .

(1/435)

إن زيادة الكالوري مع قلة الحركة يشكلان معا السبب الأساسي للسمنة عند الأطفال. فالأطفال الذين يتناولون كمية كبيرة من الطعام الغني بالسكريات البسيطة والدهون تظهر عليهم السمنة. كما أن بعض الأطفال يزداد تناولهم للطعام كوسيلة لمواجهة القلق الناتج عن الضغوط النفسية التي يتعرضون لها في هذه المرحلة نتيجة للذهاب إلى المدرسة، والتنافس الدراسي بينهم، ومعرفة أصدقاء جدد، والانفصال عن المنزل والأسرة.

ومن المعلومات المفيدة لتصميم نظام غذائي يهدف للمحافظة على الوزن المناسب.

معرفة نظرة واتجاه الأسرة والطفل للطعام.

معرفة مدى تنوع النشاط الذي تقوم به الأسرة والطفل.

ج- معرفة مدى رغبة الطفل في إنقاص وزنه.

وبناء على هذه المعلومات، يوضع النظام الغذائي diet لعلاج السمنة، والذي قد يحتاج تعديلا في السلوك الغذائي للأسرة، وتوعية في الثقافة الغذائية، وتخطيطا للرياضة البدنية، مع مراعاة الأغذية الضرورية للنمو.

3- فقر الدم الناجم عن عوز الحديد:

هناك عديد من الدراسات الغذائية التي أجريت على تلاميذ المدارس، وبخاصة البنت، توضح أن فقر الدم الناتج عن عوز الحديد iron deficiency من أكثر الأمراض انتشارا بالمنطقة العربية. ويتسبب نقص الحديد في حدوث تغيرات سلوكية في الطفل، وقد يؤثر هذا النقص على وظائف الجهاز العصبي. وأوضحت بعض البحوث أن نقص الحديد يسبب قلقا وضعفا وإجهادا عند الطفل [6، 7] .

ويعود عوز الحديد في أطفال المدارس إلى قلة تناول الأغذية الغنية بمعصر الحديد وبالبروتين "الذين يساعد على نقل الحديد داخل الجسم"، وكذلك المواد التي تزيد من امتصاص الحديد من الأمعاء مثل فيتامين C، بالإضافة إلى فقدان الدم المتكرر بسبب الأمراض الطفيلية للجهاز الهضمي.

ولمنع حدوث هذا النقص، وتجنب ما يسببه من أضرار يجب تناول الأطعمة الغنية بالحديد، والحبوب المضاف إليها الحديد، والكبد، والسمسم، والخضراوات الورقية الخضراء، واللحوم، وكذلك تناول الأطعمة الغنية بفيتامين C مثل الموالح "الحمضيات"، والإقلال من الأطعمة والمشروبات التي تعوق امتصاص الحديد مثل

(1/436)

الشاي والقهوة، وكذلك الوقاية من الأمراض الطفيلية.

ولتوفير الاحتياجات من العناصر الغذائية اليومية، يجب أن تحتوي الوجبات اليومية على أطعمة من المجموعات الغذائية الأربع التي يجب أن يحصل عليها الطفل في غذائه، وفي حالة عدم توفر الأطعمة الكافية التي تمد الفرد باحتياجاته اليومية من الحديد، تعمد الحكومات إلى إضافة الحديد إلى الأطعمة الأساسية المتناولة بكميات كافية لمنع حدوث فقر دم نتيجة عوز الحديد.

4- تسوس الأسنان:

يحدث تسوس الأسنان dental caries نتيجة أربعة عوامل أساسية هي:

استعداد أو قابلية الأسنان للتسوس "غالبا ما تكون وراثية".

وجود كربوهيدرات قابلة للتخمر في الفم.

ج- وجود المكروبات التي تخمر الكربوهيدرات.

د- نقص في تركيز الفلور في ماء الشرب.

ويعد تسوس الأسنان من أهم المشكلات المرتبطة بالتغذية والمنتشرة عند الأطفال في الدولة العربية [8، 9] ، والتي تؤثر على صحة الطفل، والتغذية السليمة لها دور مهم في نمو وتطور وسلامة الأسنان والأنسجة المحيطة بها. ففيتامين A ضروري في تكوين طبقة المينا enamel layer، وفيتامين C مهم في تكوين طبقة العاج dentin layer، وعنصرا الكالسيوم والفوسفور وفيتامين D مهمان في عملية التكلس calcification، بالإضافة إلى ضرورة توفر الفلور أثناء عملية تكلس الأسنان.

فزيادة تناول الحلويات والمشروبات الغازية بين الوجبات في المدارس، وكذلك قلة الاهتمام بنظافة الفم واللثة.... تلعبان دورا مهما في انتشار تسوس الأسنان بين الأطفال. لذا يجب لفت نظر المعلمين والعاملين بإرشاد الأطفال لغسل فمهم مباشرة بعد الأكل، خاصة بعد تناول المشروبات الغازية والحلويات وذلك من أجل منع التخمر في الفم.

وتوضح الطبيعة الدنيامية للخلايا العظمية والطبيعة الثابتة للخلايا المكونة للأسنان أهمية الفلور للمحافظة على الأسنان أثناء مرحلة الطفولة والنمو. ويوفر وجود الفلور في الماء "ماء الشرب" بنسبة جزء في المليون الحماية ضد تسوس الأسنان عند الأطفال. هذا بالإضافة إلى أن المحافظة على نظافة الفم والأسنان، تتم

(1/437)

بغسيل الفم وتنظيف الأسنان بالفرشاة بعد الأكل، وبالامتناع عن تناول الحلويات إلا مع الوجبات الأساسية، وبتناول أطعمة غنية بالكالسيوم والفوسفور، بالإضافة إلى تناول الأطعمة الصلبة الغنية بالألياف التي تساعد على غسيل الأسنان بواسطة إفرازات الغدة اللعابية. وينبغي التأكيد على أهمية تنظيف الأسنان قبل النوم.

5- تناول الأطعمة بين الوجبات:

يلاحظ في هذه المرحلة من العمر أن معدة الطفل صغيرة، وبالتالي لن تكفيه كمية الطعام المتناول خلال الوجبات الأساسية اليومية، إذ لا بد من تناول وجبات خفيفة بينها لتسد احتياجاته من المغذيات المختلفة.

وتكمن مشكلة تناول الأطعمة بين الوجبات للأطفال في نوعيتها، وكمية الأطعمة المتناولة، حيث أن الغالبية من الأطفال يتناولون أطعمة عالية الكالوري، وذات قيمة غذائية منخفضة، مثل المشروبات الغازية ... والبطاطس المقلية، والذرة المحمصة، والحلويات، وغيرها مما يقلل من إقبالهم على تناول الطعام في الوجبات الرئيسية التي تحتوي عادة على أطعمة ذات قيمة غذائية عالية وضرورية لبناء أجسامهم بناء سليما.

وقد وجد فارس Farris [9] وآخرون، أن الوجبات الخفيفة snacks تمد الأطفال حتى سن العاشرة يوميا بحوالي 33% من الكالوري، و 20% من البروتين، و 33% من الدهون، و 40% من الكربوهيدرات، مما يؤكد على أهمية هذه الوجبات في مثل هذه المرحلة من العمر، وعلى ضرورة اختيار الأطعمة التي توفر أكبر قدر من المغذيات للأطفال، مثل اللبن "الحليب"، واللبن المروب، والفواكه الطازجة وعصيرها، والخضراوات، والجبن.

إن عدم ملاحظة ومراعاة الوالدين لذلك، سوف يؤدي إلى تكوين سلوك غذائي سيء لدى الأطفال، نتيجة تناولهم أطعمة عالية الكالوري ومنخفضة القيمة الغذائية.

(1/438)

القيمة الغذائية للأطعمة المقدمة بالمدارس:

تعتمد معظم المدارس في الدول العربية على المطعام المدرسية في تقديم الأطعمة للتلاميذ، مما يجعل الاهتمام بالتغذية المدرسية أمرا بالغ الأهمية، لمنع ما قد يحدث من أمراض سوء التغذية عند الأطفال، وخاصة أن كثيرا منهم لا يتناولون.

الجدول5- القيمة الغذائية للأطعمة التي تقدم للطلاب في مدارس البحرين

المصدر: عبد الرحمن مصيقر "1987" التغذية المدرسية في البحرين، وزارة الصحة، البحرين.

(1/439)

إفطارهم في المنزل، وأن العديد منهم أيضا لا يتناولون عشاء جيدا، مما يحرمهم لفترة طويلة من بعض المغذيات الضرورية للجسم.

ولقد نص برنامج التغذية المدرسية في الولايات المتحدة الأميركية على ان تغطي وجبة الغذاء ثلث المخصصات اليومية الموصى بها لمعظم المغذيات للأطفال في تلك المرحلة [10] . وقد قام مصيقر [11] بدراسة عن القيمة الغذائية لبعض الأطعمة المقدمة في مدارس البحرين "الجدول 5] .

ويستنتج من هذا الجدول الأمور التالية [11] .

عدم تداول أو بيع اللبن في مطاعم المدارس بالرغم من أهميته كمصدر هام للكالسيوم الضروري لبناء الهيكل العظمى في مرحلة النمو هذه، إضافة إلى محتواه من الفيتامينات والأملاح المعدنية.

عدم تداول أو بيع الفواكه الطازجة سهلة التداول كالتفاح والبرتقال والموز والتي تعد مصدرا جيدا للفيتامينات والعناصر المعدنية والألياف.

وجود اختلاف واضح في القيمة الغذائية للأطعمة المقدمة، مع تباين في تلك القيمة الغذائية لنفس الطعام من مكان إلى آخر.

افتقار نسبة كبيرة من الأطعمة المقدمة إلى عنصر الحديد وفيتامين C

(1/440)

نصائح وإرشادات لتحسين تغذية أطفال المدارس:

إن أطفال المدارس من الفئات الحساسة التي قد تكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض سوء التغذية، ولذلك لا بد من الاهتمام بتصحيح العادات والسلوك الغذائية في المنزل والمدرسة، بتغذية الأطفال التغذية السليمة.

ومن أهم التوصيات لتحسين تغذية أطفال المدارس ما يلي:

1- الاهتمام بالتغذية السليمة منذ مرحلة الرضاعة وما قبل المدرسة، وذلك حتى يبدأ الطفل المرحلة الدراسية وهو في صحة جيدة عقليا وجسميا.

2- تعليم الطفل في المدرسة القواعد الأساسية للتغذية السليمة، بطريقة بسيطة ومسلية، مع المواد العلمية الأخرى، وذلك بطريقة مباشرة أو تطبيقية.

3- تصميم لوحات إرشادية في المدارس وداخل الفصول توضح أهمية تناول الإفطار بالمنزل، لضرورة هذه الوجبة في إمداد الجسم باحتياجاته أثناء الدوام المدرسي، وفي المساعدة على رفع مقدرة التلاميذ على الاستيعاب والحضور الذهني أثناء

(1/440)

اليوم المدرسين وعلى الاحتفاظ بالنشاط المناسب خلال الفترة الصباحية.

4- بالإضافة إلى توجيه التلاميذ لتناول وجبة الإفطال في المنزل، يتم التوجيه على أهمية بيع الوجبات الخفيفة بمطعم المدرسة، وضرورة احتوائها على لبن وفواكه ومواد منتجة للطاقة، لتعويض النشاط العالي المبذول في هذه المرحلة من العمر، ومن أجل أن يتمكن التلاميذ من تناول وجبة الغذاء الساخنة عند عودتهم إلى المنزل نظرا لأهميتها واكتمالها.

5- التشجيع على جلب مكونات الوجبة الخفيفة إلى المنزل، أفضل من شرائها من مطعم المدرسة، لضمان النظافة الصحية، وبهدف تنفيذ الأسرة للبرنامج الغذائي اليومي للأطفال.

6- تنويع الأطعمة المقدمة في المدارس حتى لا يشعر التلاميذ بالملل من تكرار نفس الطعام، مع مراعاة الظروف المناخية، فالأطعمة الباردة تكون مفضلة في فترة الصيف.... بعكس الأطعمة الساخنة التي تكون مفضلة في الشتاء.

7- مراعاة الشروط الصحية للمطاعم في المدارس، حيث أن المطعم المدرسي جزء من النشاط التعليمي للتلاميذ، وأن وجود مطاعم ذات مستوى صحي سيء قد يعطي انطباعا سيئا للتلاميذ.

8- تصحيح بعض العادات الغذائية الخاطئة ... مثل عدم تناول الخضراوات أو تناول كميات كبيرة من الحلويات أو الدهون، لتجنب الزيادة في الوزن "البدانة" والتي ظهرت كمشكلة بين طلاب المدارس.

9- تقديم وجبات متوازنة في المدرسة للطلاب مجانا أو بقيمة رمزية، وتشمل هذه الوجبات مصادر للبروتينات مع الخبز والفاكهة والخضراوات واللبن. وهذا البرنامج سيمد الطفل بما لا يقل عن نصف احتياجاته الغذائية اليومية، ما يساعد على تعويض النقص في التغذية المنزلية، بالإضافة إلى أنه يعلم الطفل معرفة الأغذية الجيدة بطريقة غير مباشرة.

10- إدخال التثقيف الصحي في المنهاج الدراسي كموضوع مستقل بذاته، مع التركيز على الارتقاء بالعادات الصحية المرتبطة بالأغذية والصحة الشخصية، وعلى أهميل غسل الأيدي قبل الأكل وبعده، وبعد التبرز والتبول، وعلى عدم شراء الأطعمة من الباعة الجوالين، وغسل الخضراوات والفاكهة قبل الأكل، مما يقي من الإصابة بالأمراض الطفيلية والمعوية التي تسبب سوء التغذية.

(1/441)

ثانيا: المراهقون Adolescents

مقدمة:

فترة المراهقة هي فترة النمو السريع الثانية للطفل، ويرافق النمو تغييرات فيزيائية عديدة الجوانب، تكون مقدمة للبلوغ. ومن هذه التغييرات البدنية التي تحصل نتيجة للتأثيرات الهرمونية ازدياد طول العظام الطويلة.

إن الحدود ما بين مراحل الحياة من سنوات المدرسة إلى البلوغ غير واضحة المعالمن فمن الصعب تحديد بداية كل مرحلة ونهايتها بوضوح لعدة أسباب أهمها:

التغيرات البيولوجية التي تشير إلى بداية المراهقة ونهايتها لا تظهر بدقة في الوقت نفسه عند جميع الأشخاص.

هناك اختلافات واضحة من مراهق إلى آخر في كل من سرعة التغير الفيزيولوجي "الوظيفي" وكميته التي تحدث.

يتأثر التطور النفسي والاجتماعي من بدء المراهقة إلى البلوغ بعدد متزايد من العوامل المتغيرة تشمل التغير الجسدي، والنشاطات المدرسية، ونشاط الزملاء أو المجموعة، ووجهات نظر العائلة، والتطور العقلي، والعمل، والزواج، وقضاء وقت الفراغ، والعوامل الاقتصادية، والتأثيرات الثقافية والحضارية.

وتختلف الاحتياجات الغذائية- بصورة خاصة- وعادات الأكل بين الأفراد في المرحلة الواحدة من الحياة، وكذلك بين الأفراد الذين يعيشون في أدوار مختلفة من العمر. ولذلك يجب توخي الحذر عند تطبيق العموميات لشخصين من العمر نفسه.

إن المراهقة مرحلة انتقالية من مراحل الحياة، وهي تربط بين مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ، وقد يوصف المراهقون بأنهم "من الصعب التعامل معهم، وأن لديهم عادات غذائية سيئة". ولا تنطبق هذه الصفات على الكثير من المراهقين. وفي الحقيقة أن المعلومات المتوفرة عن النمو خلال مرحلة المراهقة، والتغييرات التي تحدث، والاحتياجات الغذائية تبدو محدودة، على الرغم من وجود بعض الدراسات التي أظهرت أن المراهقين في الولايات المتحدة الأميركية لديهم بعض المعلومات الغذائية [12] . وهذا يؤثر على العادات الغذائية لدى المراهق منذ طفولته، فهي الأساس في تكوين مثل هذا العادات، وهنا نرى أن دول المنزل والمدرسة معا يعد ضروريا ومهما جدا.

(1/442)

ويتميز المراهقون بأنهم لا يعتمدون على أمهاتهم، وإنما يأكلون بأنفسهم، ولأول مرة في حياتهم يتحملون مسؤولية اختيار ما يأكلون. وخلال هذه المرحلة يتأثر المراهقون بأصدقائهم من حولهم في جميع أمورهم، ولكن يظل تأثير الأسرة قائما في مجتمعنا، إذ يحاول الأبوان توجيه الإبن أو الإبنة إلى أسلوب الحياة الذي يريدونه لهم، وقد يستمر ذلك إلى أن يتزوج الأبناء ويبدأون بالاستقلال بحياتهم.

وهناك العديد من التغيرات الفيزيولوجية التي تحدث في هذه المرحلة. مثال ذلك معدل النمو الذي يزداد في بداية مرحلة المراهقة، وكذلك تتغير مكونات الجسم "نسب الأنسجة المختلفة في الجسم" كما يكتمل النمو الجنسي في هذه المرحلة.

وهناك اختلافات كبيرة ما بين الجنسين "الذكر والأنثى" في مرحلة البلوغ التي يمران بها، ففي المتوسط تبدأ الفتيات في البلوغ من سن 10 إلى 12 سنة، في حين أن بداية البلوغ للأولاد تتأخر 1.5 إلى 2 سنة بعد ذلك، أي من سن 12 إلى سن 14 سنة.

كما أن سرعة النمو عند الذكور أسرع منها بكثير لدى الإناث، إذ يتضاعف وزن الذكور في سن 10- 18 سنة لتبلغ الزيادة كيلو غراما، وتزيد أطوالهم 34 سنتيمترا في المتوسط، في حين تبلغ زيادة لدى الفتيات في العمر نفسه 22 كيلو غرام فقط، وتزيد أطوالهن بمتوسط 24 سنتيمترا. ومعظم الفتيات اللواتي يتناولن تغذية كافية تغطي احتياجاتهن، تنمو على أجسادهن طبقة من الأنسجة الدهنية تظل طوال الحياة، في حياة أن معظم الصبيان تنمو عضلاتهم أكثر، وهذا يعطيهم المظهر العضلي الذكري.

ومع النمو البدني والعقلي نجد أن عادات الأكل والحالة الغذائية للمراهق، تؤثر على تطور انفعالاته الشخصية، فإذا أكل جيدا وحصل على تمرين كاف وراحة كاملة، فقد يتكون لديه شعور إيجابي حول جسده وقدراته، وعلى العكس إذا كانت كمية الغذاء غير كافية فإنها تؤدي إلى نقصان الطاقة وإلى عدم قيام الجسم بالعمل المطلوب منه فتكون النتيجة ضعف تقديره لذاته.

ومع الأسف، فقد لا يربط المراهق بين الغذاء وعمل الجسم. وكثيرمن المراهقين لا يفكرون أبدأ بالمرض والوفاة، ولا يقدرون تماما تعرض الجسم لمخاطر الأمراض، فلا يرون النشاطات اليومية- بما في ذلك ما يأكلون- قد يكون له أثر على صحتهم الآن أو في المستقبل، وكثير منهم ينظرون إلى الغذاء على أنه يرضي حاجة وقتية كالجوع.

(1/443)

مراحل المراهقة:

المراهقة المبكرة EARLY ADOLESCENCE

يشبه المراهق الصغير في سلوكه تماما الطفل الكبير في سن المدرسة، وعندما تبدأ احتياجاته الغذائية بالازدياد، فإنه يوافق على الاقتراحات التي يقدمها والده أو غيرهما من الكبار المهتمين بسلوكه الغذائي. ويمكن للأبوين استغلال هذه الفترة لتقديم وجبات متوازنة، تتخلها وجبات صغيرة Snacks ذات مذاق مختلف لتساعد المراهق في الحفاظ على وضعه الغذائي المتوازن.

المراهقة المتأخرة late adolescence:

في أواخر المراهقة، تحدث عدة تغيرات في أسلوب الشاب، لأنه يجاهد ليصبح راشدا، وتؤثر هذه التغيرات بطبيعتها على عادات طعام المراهق، وبالتالي على وضعه الغذائي.

ومن أهم الخصائص التي يتميز بها المراهق هي ميله للاعتزاز بالذات، وتقديم نفسه كشخص مستقل، وتقديره للمعايير والقيم، والاتجاه الذي يريد اتخاذه عند كبر سنه. وعملية النضج هذه قد تنعكس على عادات الأكل عند المراهق، فقد يرفض اقتراحات أبويه، ويتناسى الفطور، أو يرفض تناول أنواع معينة من الأكل كطريقة لتأكيد ذاته، أما سلوكيات أصدقائه ومبادئهم، فلها تأثير كبير عليه وعلى اختياراته لأنواع الأكل. فقد يختار تناول الوجبات السريعة الجاهزة من الأسواق أو من مطعم المدرسة كوجبات رئيسية في يومه الدراسي إذا كان ذلك هو ما يفعله أصدقاؤه، وهنا يمكن للأبوين مساعدة المراهق على المحافظة على وضعه الغذائي الجيد، ومع ذلك يسمحان له بحرية الاستقلال، وذلك بالحفاظ على كميات من الوجبات الصغيرة المختلفة تكون قريبة من متناول يديه، أو بعمل الشطائر كوجبة للصباح في المدرسة، وهذه طريقة أكثر جدوى للحفاظ على مستوى غذائي كاف له بدلا من النقاش والمجادلة حول ما يأكله.

(1/444)

الاحتياجات الغذائية للمراهقين:

هناك بعض الاعتبارات الغذائية المهمة التي لها علاقة بمراحل النمو في فترة المراهقة ومن أهمها:

1- ازدياد الحاجة إلى كمية أكبر من الطعام لدعم النمو خلال هذه الفترة من الحياة.

2 - احتياج الفتيات إلى زيادة ما يتناولنه من غذاء في وقت مبكر عن الأولاد بسبب بلوغهن المبكر.

3- احتياج الذكور إلى كميات من الطعام أكثر من الفتيات، وذلك عندما يبدأ نموهم، حيث أنهم يزيدون بصورة ملحوظة في هيكل الجسم وعضلاته، ويستمر الذكور في الحاجة إلى المزيد من الطعام أو الغذاء، وذلك من أجل المحافظة على عضلاتهم الكبيرة مع تزايد النشاط في تلك الفترة.

4- قد يكون هناك علاقة بين حجم الاحتياجات للعناصر الغذائية، وبين المرحلة التي يتم فيها نمو المراهق أو المراهقة جنسيا، فيلاحظ أن الاحتياج الغذائي يكون كبيرا في الفترة التي يبدأ فيها ظهور الحيض عند الفتيات، خاصة بالنسبة للحديد الذي يفقدنه في أيام الحيض.

إن الاحتياجات أو المتطلبات من بعض العناصر الغذائية المعينة لها علاقة بالعمر الفيزيولوجي أكثر من العلاقة بالعمر الزمني. فمثلا إن الاحتياج لعنصر الحديد في الغذاء يكون أكبر ويزيد بنسبة أكبر عندما تكون هناك زيادة في حجم عضلات الجسم "كمية أو حجم الدم والهيموغلوبين"، كما أن بدء الحيض عند الفتاة يزيد من احتياجها للحديد، وأن الاحتياجات من الكالسيوم تكون متوازية تقريبا مع نمو عضلات الجسم، وترسب الأملاح في العظام النامية.

ولا بد لنا من التنويه إلى أن ما ذكرناه من أن الاحتياجات هي انعكاس حقيقي لمتوسط النمو، وأن هناك فروقا واختلافات بين المراهقين، فلا يمكن أن تتطابق حالتين تماما..... وقد تكون الفتاة أعلى أو أدنى من متوسط المرحلة ولكنها تعد طبيعية، وكذلك الحال بالنسبة للمراهق.

ولا بد من ملاحظة نوعية أنشطة المراهق، إذ أنها قد تغير من متطلباته أو احتياجاته من الطاقة والعناصر الغذائية الأخرى، فقد يحتاج الفتى إلى ما يزيد عن 4000 كالوري، وقد تحتاج الفتاة إلى أقل من 2000 كالوري حتى تتجنب البدانة،

(1/445)

وما نقرأه في الجدول أو التوصيات ليس إلا مقياسا نرجع إليه لتقييم الوضع الغذائي ومعرفة الاحتياجات الضرورية، مع الأخذ في الاعتبار جميع الاختلافات الخاصة بكل فرد.

وعادة لا يحصل المراهقون على احتياجاتهم الكافية من العناصر المعدنية مثل الكالسيوم، والحديد والزنك، بالرغم من أهميتها، حيث الحاجة إليها كبيرة لتغطي أو لتدعم فترة النمو السريع.

فالحاجة إلى الثيامين "فيتامين B1"، والريبو فلافين "فيتامين B2"، والنيساين تزيد مع الزيادة في الطاقة أو الكالوري لما لها من دور استقلابي. وبالنسبة للفولاسين folacin وفيتامين B12، فهما ضروريان لتركيب الحمضين النووين الدنا DNA والرنا RNA، وتزيد الحاجة إليهما بكميات عالية في الفترة التي يحدث فيها تكوين الأنسجة، أو حين يكون تكوين الأنسجة سريعا.

وحيث أن نمو الأنسجة يتطلب تكوين الحموض الأمنية غير الأساسية، فإن الحاجة إلى فيتامين B6 تبدو ضرورية، ويتطلب نمو الهيكل العظمي فيتامين D، في حين أن سلامة الخلايا الحديثة الوظيفية يعتمد على وجود كل من فيتامين A وفيتامين C، وفيتامين E.

ومن الفيتامينات التي تلعب دورا رئيسيا في عملية النمو: فيتامين A، وفيتامين C، وفيتامين B6، والفولاسين، وهي غالبا ما تؤخذ بكميات أقل من الموصى بها. والجدول 6 يوضح حجم الحصص وعددها للمجموعات الغذائية الأربع للذكر من سن 13 - 19 سنة

الجدول 6 - عدد وحجم الحصص اليومية لكل مجموعة غذائية للذكر من عمر 13 - 19 سنة

(1/446)

ويوضح الجدول 7 حجم الحصص وعددها للمجموعات الغذائية الأربع للأنثى من عمر 13 إلى 19 سنة.

الجدول 7- عدد وحجم الحصص اليومية لكل مجموعة غذائية للأنثى من عمر 13 إلى 19 سنة.

(1/447)

الطاقة:

تتعاظم الحاجة إلى تناول مقادير أكبر من الكالوري كلما تعاظمت متطلبات استهلاك الطاقةEnergy.وبالرغم من وجود فروق فردية فإن احتياج المراهقين للكالوري أعلى من أي مرحلة عمرية أخرى، فاحتياج الأنثى يتراوح ما بين 1500 إلى 3000 كالوري يوميا واحتياج الذكر اليومي يتراوح ما بين 2000 إلى 3000 كالوري، ويوضح الجدول 8 الوسيط median للطول والوزن، ومتوسط average مخصصات الطاقة للمراهقين

الجدول 8 - الوسيط للطول والوزن، ومتوسط مخصصات الطاقة من عمر 11 سنة إلى 18 سنة. المرجع [1]

(1/448)

البروتين:

إن احتياج فترة المراهقة من البروتين protein. عالية وتبلغ اوجها عند مرحلة اللبلوغ للجنسين، وعند تطور الكتلة العضلية عند الأولال. وتصل هذه الاحتياجات إلى 50- 60 غراما في اليوم الواحد، ثم يقل احتياج البروتينات بعد هذه المرحلة من العمر بالنسبة إلى الوزن عن باقي المراحل الأخرى التي تسبقها. والتوصيات الحالية في هذه المرحلة أن تشكل البروتينات بنسبة 7 إلى 8% من الحاجة اليومية من الكالوري، أو أن يتراوح الاحتياج ما بين 45 إلى 72 غراما من البروتينات يوميا [16] .

الفتيامنيات:

الفيتامينات vitamins ضرورية لتنظيم العديد من نشاطات وفعاليات الاستقلاب أثناء فترة المراهقة. فمثلا هناك حاجة لفيتامينات B لا سيما عند الأولاد لتوفير المتطلبات المتزايدة لأغراض الاستقلاب وفي تطوير العضلات، والجدول 9 يبين ذلك.

(1/449)

العناصر المعدنية:

نظرا لارتباط الأملاح والعناصر المعدنية minerals بوظائف متخصصة في الجسم، فإنها تعتبر من المواد الأساسية في الاستقلاب. وللكالسيوم والحديد أهمية خاصة في نمو الطفل، فالكالسيوم عنصر هام لنمو العظام، وإن لم تتناول الفتاة ما فيه الكفاية من الأطعمة الغنية بالحديد، فإن فقدها للدم أثناء الحيض سوف يعرضها للإصابة بفقر الدم. وخلال هذه المرحلة من النمو يدخل في تركيب الجسم من الكالسيوم، والحديد، والمغنيزيوم، والزنك، ما يعادل ضعف الكمية في أي مرحلة أخرى من العمر "14".

ويبين الجدول 10 المخصصات اليومية الموصى بها العناصر المعدنية للمراهقين.

الجدول 10 المخصصات اليومية الموصى بها للعناصر المعدنية من عمر 11 سنة وحتى 18 سنة. المراجع [1]

(1/451)

الأطعمة المقدمة في المطاعم السريعة:

يمكن تعريف المطاعم السريعة بأنها المطاعم التي تقدم الأطعمة الجاهزة مثل الشطائر وقطع الدجاج المقلي والمعجنات وكذلك المشروبات الغازية. وتتصف الأطعمة المقدمة في المطاعم السريعة بالتالي:

1- أنواعها محدودة.

2- بعض الأطعمة التي تقدم في المطاعم السريعة تكون عالية الكالوري ومنخفضة في بعض العناصرالغذائية ... فمثلا وجبة الغذاء المكونة من الهمبرغر والبطاطس المقلية واللبن، تحتوي فقط على 3% من فيتامين من فيتامين E الموصى بها يوميا لسنة 1989، وعلى 4% من فيتامين A، و 22 من الفولاسين، و 34% من الكالسيوم، و 45% من البروتينات، وكذلك تحتوي على 37 % من الاحتياجات اليومية من الكالوري لأنثى مرهقة.

3- احتواء معظم المشروبات على كمية عالية من السكريات البسيطة.

4- احتواء الأطعمة المقلية على كمية عالية من الدهون المشبعة، وتقديم اللبن كامل الدسم.

5 - احتواء الأطعمة على كمية عالية من الصوديوم "ملح الطعام"

6- قلة احتواء الأطعمة على الألياف.

أما الآن فقد أصبح من السهل اختيار الأطعمة الصحية من المطعام السريعة، حيث أن هذه المطاعم بدأت في تنويع نوعية الطعام، مع مراعاة تقديم أطعمة ذات قيمة غذائية عالية أيضا، تتمثل في تقديم السلطات الخضراء والفواكه الطازجة، بالإضافة إلى الألبان قليلة الدسم والخبز الأسمر والعصير.

(1/452)

الاضطرابات الغذائية والصحية في مرحلة المراهقة

...

الاضطربات الغذائية والصحية في مرحلة المراهقة:

تظهر في هذه الفترة بعض الاضطربات التي لها علاقة بالغذاء والتغذية، إما كأثر ناتج عن التغذية، أو كعامل يؤثر على الوضع الغذائي للشباب أو الشابة في هذه الفترة من العمر، وسوف نناقش الاضطرابات ذات العلاقة بالغذاء والتغذية في هذه المرحلة.

1- السمنة obesity:

إن ظهور السمنة في هذه الفترة يكون أقل حدوثا منه في فترة سن المدرسة، فكثير من المراهقين الذين يزيد وزنهم عن الوزن المثالي هم غالبا من غير النشيطين، ولا يميلون لممارسة أي نوع من النشاط. وفي الحقيقة أن هناك اعتقادا بأن السبب للسمنة في مرحلة المراهقة هو قلة استهلاك الطاقة وليس الزيادة في تناول الكالوري [15، 16] .

إن السمنة في هذه الفترة غالبا ما تؤدي إلى عدد من المشاكل النفسية والاجتماعية، وقد تؤدي إلى الإحساس بالإحباط، وعدم الثقة بالنفس، وعدم الاقتناع بالمظهر الشخصي. بل هناك اعتقادا بأن بعض الفتيات البدينات يشعرن بأن مظهرهن البدين له تأثير على الطريقة التي يعاملهن بها الناس [17] .

والمراهقون في بعض الأحيان يكونون ذوي إحساس مرهف بالنسبة.

(1/452)

لمظهرهم، يؤودي ذلك إلى انسحابهم من بعض المناسبات والنشاطات الاجتماعية.

كما أن السمنة قد تكون عاملا في ظهور بعض الخلافات بين المراهق وعائلته، حيث تطلب منه عائلته دوما أن يخفض من وزنه، مع أن عملية خفض الوزن ليست من السهولة بمكان، لهذا يفضل تلافيها منذ البداية، ويجب إكساب الطفل عادات اتباع سلوك غذائي سليم منذ الصغر، كي يستمر في اختيار ما يفيده، وما هو صحي بالنسبة له، كما يقتضي مساعدة الفتاة البدينة على وضع أهداف لتخفيض وزنها ومساعدتها على استعادة الثقة بنفسها وتحسين معنوياتها. ومن المهم أيضا مراعاة حصول الفتاة المراهقة على الكالوري والعناصر الغذائية التي تغطي احتياجاتها لتدعم نموها. وتعد الرياضة البدنية والدعم المعنوي عاملين مهمين جدًّا عند التخطيط لبرنامج تخفيف الوزن بالنسبة للمراهق أو المراهقة، فقد وجدت لنغفورد langford [18] أن إشراك المراهقة البدينة مع مجموعة صغيرة تعد طريقة ناجحة لمساعدة الفتيات المراهقات على التعامل مع بدانتهن الدائمة، وأن من الممكن لهن مساعدة بعضهن البعض، والمساهمة في تخفيض وزنهن، والتعود على العادات الصحية الجيدة.

2- التدخين والكحول والمخدرات:

إن تدخين smoking السجائر وشرب الكحول alcohol وتعاطي المخدرات drugs هي السلوكات المرضية التي غالبا ما تبدأ خلال مرحلة المراهقة. وفي كثير من الحالات لا يقل تأثيرها على الحالة الغذائية ضررا عن تأثيرها الخطير على الحالة الصحية والنفسية والاجتماعية.

وبعد تدخين السجائر من المخاطر الرئيسية على صحة الفرد، وتظهر آثاره السيئة مع مرور الوقت، فأسباب الوفاة التي لها علاقة بالتدخين تمثل 90% في سرطان الرئة lung cancer، و 75% من حالات التهاب القصبات الهوائية المزمن chronic bronchitis والنفاخ الرئوي emphysema، و 25% من أمراض القلب الوعائي cardiovascular diseases.

ويزيد التدخين من حدة النزلات الوافدة influenza، ويقلل من مناعة الجسم ضد الأمراض، ويزيد في سرعة الإجهاد، وثمل خطورة على الحامل والجنين. كما يضعف التدخين حاستي التذوق والشم، ويزيد من الكمية التي يحتاجها الفرد.

(1/453)

من فيتامين C، وذلك للمحافظة على مستوى المصل لهذا الفيتامين. فإذا ما قونرت كمية أومستوى المصل من فيتامين C عند شخصين، فسنجد أن مستواه في المصل لدى الشخص المدخن "الذي يدخن أكثر من 20 سيجارة في اليوم" أقل بحوالي 25 % عنه في الشخص غير المدخن. والتأثير يكون أكثر في الأشخاص الذين يدخنون من 20 - 40 سيجارة في اليوم، إذ يؤدي تدخين السجائر إلى تقليل امتصاص فيتامين C.

أما تعاطي المشروبات الكحولية فله مضاره العديدة الجسمية والنفسية والصحية والأخلاقية، فهو يؤدي إلى الإقلال من امتصاص الفيتامينات من الأمعاء, وتليف الكبد، وتقرح المعدة، وضعف العضلات، وإزدياد خطورة أمراض القلب بالإضافة إلى أن المشروبات الكحولية تحل محل الغذاء الجيد لدى المدمن، وتمنحه كمية من الكالوري ليس لها قيمة غذائية.

أما تعاطي المخدرات فهو آفة الآفات، بسبب ما تحدثه من آثار سيئة على الصحة عموما، وعلى تدهور الحالة الغذائية للفرد، حيث يعيش المدمن حياة غير منتظمة، وبالتالي يفقد العادات والنظام الغذائي السليم، فيفقد الشهية، ويصاب بعدم الاتزان، مما يؤثر على وضعه الغذائي. كما تسبب المخدرات التهابات بالأنف والفم والحلق مع عسر هضم، وحموضة وإسهال. ولا بد من الإشارة إلى الآثار السيئة الكبيرة الناجمة عن تعاطي الأدوية المهدئة دون وصفة الطبيب، أو تعاطي الأدوية التي تعمل على خفض الشهية، والتي غالبا ما يكون لها تأثير إدماني، فهي لا تؤثر فقط على الجسم، بل تؤثر سلبيا على السلوك. فالمتعاطي دائما يكون غير مستقر عائليا ويفقد أصدقاءه ويسيء معاملة الأطفال وينتهك طفولتهم child abuse ولا ينجح في المدرسة أو العمل أو الرياضة البدنية.

أما بالنسبة للحامل المراهقة التي تتعاطى الكحول، فبالإضافة إلى الأضرار السابقة الذكر، فإنها تعرض جنينها إلى إحداث تلف المخ، وقلة النمو، والتخلف العقلي. لذا يجب على الوالدين وجميع أفراد الأسرة أن يكونوا على وعي وإدراك بما يجري حولهم، وتوجيه الابن والابنة التوجيه السليم، وتكوين علاقة صداقة ما بين الوالدين والأبناء حتى يجنبوهم الوقوع في مختلف المشكلات.

ومعظم مراكز العلاج تؤكد على أهمية تنمية الثقافة الغذائية للمرضى وعلى أهمية تنظيم مواعيد الطعام مع التوصية بوجبات منخفضة الدهون ومعتدلة في كمية

(1/454)

البروتينات، ولكنها في السكريات المعقدة، مع إعطاء المريض كمية كبيرة من العصير خلال مرحلة إزالة سمية المواد المخدرة من الجسم detoxification، وعندما يكون المريض ناقص الوزن يضاف إلى طعامه الأغذية الغنية بالكالوري مثل الفاكهة المجففة مع البقوليات.

3- حب الشباب "العد الشائع" acne vulgaris:

إن هذا النوع من الأمراض الجلدية شائع بين المراهقين، ومعظم المراهقين يهتمون به، ويحاولون التخلص منه، لما له من تاثير على مظهرهم الشخصي. وقد ينصح بعضهم بتجنب بعض أنواع من الطعام مثل الشكولاته والمكسرات والأطعمة الدهنية والمقلية والمشروبات الغازية، رغم أن الأدلة والإثباتات على أن الغذاء يلعب دورا هاما بالنسبة لهذا المرض قليلة وغير مؤكدة.

وقد ذكر ميكلسون Michaelsson [22] بأن تناول كمية كبيرة من البيرة والخمور يسيء إلى حالة حب الشباب ويضاعفها.

كما أنه إذا كان مستوى الزنك المتناول قليلا أو منخفضا عن المستوى الموصى به، فإنه يسيء إلى هذه الحالة ويعمل على زيادتها.

4- فقدان الشهية العصابي "القهم العصابي" anorexia nervosa:

تحدث هذه الحالة المرضية غالبا لدى الفتيات في سن المراهقة، حين تفكر الفتاة في أن وزنها يزيد عن المستوى، فتحاول أن تمارس نوعا من التحكم في كمية الغذاء التي تتناولها، ويستمر هذا الحال إلى أن تصل الفتاة إلى الدرجة التي تكره فيها الأكل تماما، وينقص وزنها باستمرار إلى الدرجة التي ربما تهدد حياتها في بعض الأحيان. وأكثر من 90% من الحالات تكون لدى الفتيات في سن المراهقة، كما يكثر حدوث المرض في نوع معين من الفتيات ممن يعانين من بعض السمات الوسواسية أو الهستيرية.... وعندما تتعرض مثل هذه الفتاة لبعض الضغوط النفسية أو الإحباطات، فإن أعراض المرض تبدأ بالظهور.

أما من ناحية الأسباب والآليات المرضية لهذه الحالة فيمكن إيجازها بما يلي:

أ- يرى أصحاب مدرسة التحليل النفسي أن الفتاة تربط بين زيادة الوزن والحمل، وهذا يرتبط بدوره بالمعنى الجنسي للحمل، ذلك المعنى الذي تكرهه الفتاة، وتشمئز منه نتيجة لصراعات حدثت أثناء الطفولة.

(1/455)

ب- يمكن أن يكون هذا المرض مرتبطا ببعض الأعراض الهستيرية، إذ تحاول الفتاة جذب الأنظار إليها، ولو عن طريق المرض.

ج- ويمكن أن يكون المرض مصحوبا أو مدفوعا بنوع من الوسواس القهري الذي يرغم الفتاة على عدم الآكل.

د- وأحيانا يكون عرضا لمرض الكآبة.

هـ- أو يكون اضطرابا لصورة الجسم لدى الفتاة، حيث ترى هذه الفتاة أن جسمها ممتلئ دائما على الرغم من أن الآخرين يرونها شديدة النحافة.

وبالنسبة لأعراض هذا المرض فهي تتلخص في الرفض العنيد للطعام، وانقطاع الطمث، والفقدان الشديد للوزن "الذي يزيد عن 25% من الوزن الطبيعي للجسم".

وتتراوح نسبة الوفاة من المرض ومن مضاعافاته ما بين 2% إلى 20%، ونسبة الانتحار ما بين 2% إلى 5% ويشمل العلاج التأهيل الغذائي والعلاج النفسي. إذ يعتمد التأهيل الغذائي على العلاج بالسوائل والكهارل electrolytes وقد يحتاج إلى التغذية الوريدية. وأثناء فترة العلاج تعطى المريضة وجبات خفيفة من عصير الفواكه واللبن الذي يحتوي على عناصر غذائية إضافية كالفيتامينات والأملاح المعدنية. وتزاد كمية الوجبات بالتدريجن ويضاف إليها أغذية طبيعية كاللحوم والبيض والفواكه.... الخ. ويصاحب كل هذا علاج نفسي يبدأ بعملية استكشاف للاضطرابات النفسية المختفية، والصراعات والإحباطات المتراكمة، وذلك من خلال جلسات نفسية علاجية تزداد في عمقها شيئا فشيئا.

5- النهام العصابي bulimia nervosas:

تحدث هذه الحالة في سن المراهقة المتأخرة بشكل اضطراب انتيابي من الإقبال الشديد على الطعام، يتلوه فقد الشهية، ومحاولة إنقاص الوزن.... ثم العودة مرة أخرى إلى التناول الشره للطعام.

ويمكن تشخيص المرض بالأعراض التالية:

أ- نوبات متكررة من النهم والأكل الكثير، يشعر المريض أثناءها بفقد السيطرة على تحديد كمية الطعام أثناء هذه النوبات.

ب- وبين هذه النوبات نجد المريض يتصرف بشكل آخر مختلف، فيلجأ إلى محاولة تحريض القيء بأي وسيلة يستطيعها، أو يستعمل الأدوية المحرضة.

(1/456)

للإسهال، أو الأدوية المدرة للبول، أو يلجا إلى اتباع النظم الغذائية القاسية، أو الامتناع الكامل عن الأكل، أو ممارسة تمرينات رياضية عنيفة كمحاولات لإنقاص وزنه.

ج- كما أن نوبات النهم "الأكل الكثير" تحدث على الأقل مرتين في الأسبوع، ولمدة لا تقل عن ثلاثة شهور، ويعتبر ذلك شرطا لتأكيد التشخيص بالإصابة بالنهام.

د- اهتمام زائد ومستمر بشكل الجسم ووزنه.

والسبب الحقيقي لهذا المرض غير معروف، ولكن هناك ثلاث نظريات تفسر حدوث هذا المرض، وهي:

النظرية النفسية: وهي تفسر الحالة بأنها مرتبطة بخيالات الطفولة، والتي تربط بين زيادة الأكل وزيادة الوزن من جانب، وبين الحمل من جانب آخر، ويكون الوضع العائلي السائد في مثل هذه الحالات هو الحماية الزائدة من الأسرة للطفل أو القسوة عليه، أو عدم انسجام الأبوين.

النظرية الاجتماعية البيئية: وهي ترجع الحالة إلى تركيز المجتمعات المعاصرة "خاصة الغربية" على النحافة كمظهر من مظاهر الجمال.

النظريات البيولوجية: وتفترض وجود اضطراب في النشاط العصبي، ونشاطا في إفراز الغدد الصماء في هؤلاء المرضى.

وهناك بعض الباحثين الذين يعدون هذا المرض نوعا من أنواع الصرع.

أما عن علاج هذه الحالات، فهو يتم غالبا على مستوى العيادة الخارجية، ويتلخص العلاج في التالي:

- العلاج النفسي: وذلك لتصحيح فكرة المريضة "أو المريض" عن صورة الجسم، ووزنه، للتخفيف من حدة الاضطرابات النفسية، وإعادة بناء علاقة طيبة مع الأسرة.

العلاج العقاقيري: وقد استخدمت فيه مضادات الاكتئاب بنجاح نسبي، واستخدمت أيضا أدوية علاج الصرع.

- العلاج الغذائي: قبل البدء في العلاج الغذائي لا بد وأن تتوفر معلومات تساعد في العلاج، وتشمل هذه المعلومات معرفة ما يلي:

(1/457)

أ- التغيرات في الوزن weight history:

- تاريخ التغيير في الوزن

مدى الزيادة أو النقصان في الوزن.

الوزن المثالي للمريض.

المناسبات والأحداث التي ترتبط بالتغيرات في الوزن.

ب- السلوك تجاه النظام الغذائي dieting behaviors:

- العمر عند بدء النظام الغذائي.

- طريقة النظام الغذائي

- نوعية وكمية الطعام في النظام الغذائي.

- المعتقدات السائدة حول النظم الغذائية.

ج- الشراهة للأكل binge eating:

- تعريف الشراهة لكل حالة.

- مدى تكررها ومدتها.

طبيعتها ومدى قوتها.

- الشعور المسيطر أثناء الحالة وبعده.

الحوافز لتحسن الحالة.

- المساعي لمنع أو إيقاف الحالة.

د- التخلص من الأكل purging:

- مدى تكرر الحالة.

- الطريقة التي تستعمل "تقيؤ أو استعمال مسهلات أو مدرات للبول".

- الفترة الزمنية بين كل حالة.

- المساعي لمنع أو إيقاف الحالة.

هـ- نمط الأكل eating pattern:

- نوعية الطعام قبل حدوث المرض.

- التاريخ الغذائي "بالتفصيلط.

- نمط أكل الأسرة.

(1/458)

- أنواع الطعام المفضل وغير المفضل.

- تناول فيتامينات ومعادن إضافية.

- الحوافز للتغيير.

و نمط النشاط "الرياضي" exercise pattern:

- الرياضة قبل ظهور المرض.

- نوع الرياضة الحالية ومدى تكررها ومدتها.

- الاعتقاد السائد تجاه الرياضة واستهلاك الطاقة.

وبناء على المعلومات السابقة تحدد خطة العلاج الغذائي. وبصورة عامة يوصى بثلاث وجبات أساسية يوميا مع وجبة خفيفة snack، وأن لا تقل كمية الكالوري عن 1200 كالوري يوميا، مع محاولة الابتعاد في البداية عن الأغذية التي تحدث الشراهة، إذ يؤجل تناولها لفترات تالية أثناء مراحل العلاج [25] . والشكل1 يوضح طيف الخل في تناول الطعام وبالتالي حدوث السمنة أو النحافة أو فقدان الشهية العصابي.

(1/459)

المراجع:

1 - Recommended Dietary Allowances 10 th Edition (1989) . National Academy of

Sciences, Washington, D.C, Prepared by the Food and Nutrition Board, National Academy of Sciences - National Research Council, Fourth Printing, January 1992.

2 - Fomon, S.J.:" Infant Nutrition, 2 nd Edition, Philadelphia, W.B., Saunders Co.,

1974.

3 - Morgan, K.J. and Zabik, M.E.: Amount and Food Sources of Total Intake by

Children Ages 5 to 12 Years, Am. J. Clin. Nutr. 34:404 - 407, 1981. 4- Meyers, A.F., Sampson, A.E., Weitzman, M., Rogers, B.L., Keyle, H.: School Breakfast Program and School Performance. A.J.D.C. 143: 1234 - 1239, 1989.

5 - Rolland-Cachera, M.F. et al.: Tracking the Development of Adiposity from One

Month of Age to Adulthood. Ann. Hum. Biol. 14: 219 - 224, 1987.

6 - Pollit, E., Leibael R.: Iron Deficiency and Behavior. J. Pediater. 88: 372 - 376,

1976.

7 - Read, M.S.: Anemia and Behavior. Mod. Probl. Pediatr. 14: 189 - 192, 1974.

8 - Hussein, A. & Mohamed, A.: The Effect of Diet and Mouth Hygiene on the Teeth

Health State of Students at some Schools of Saudi Arabia. The Journal of the Egyptian Public Health Association. 54: 33 - 40, 1979.

9 - Farris, R.P. et al. Macronutrient Intake of 10- year - old Children, 1973 to 1982. J.

Am Diet. Assoc. 86: 765 - 768.

10 - Radzikouzk:, J. and Gale, S.: The Nutritional Evaluation of School Nutrition

Programs: Conclusion Am. J. Clin. Nutri, 40: 454 - 461 S, 1984.

11- عبد الرحمن مصيقر "1987" التغذية المدرسية في البحرين، وزارة الصحة، البحرين.

12 - Kaufman, N.A., Poznaski, R., Guggenheim, K* Eating Habits and Opinions of

Teenagers on Nutrition and Obesity. J. Am. Diet. Assoc. 66: 264 - 267, 1975.

13 - Marshall, W.A., Tanner J.M.: Variation in the Pattern of Pubertal Changes in

Boys. Arch. Dis. Child. 45: 13 - 16, 1970.

14 - Mitchell, J.R.: Nutrition in Adolescence. In: Food, Nutrition and Diet Therapy.

Kathllen & Mmarian (eds) , 8 th Edition, pp. 233 - 241, Harcourt Brace Jovanovish, Inc, Philadelphia, 1992.

15 - Hammar, S.L. et al.: An Interdisciplinary Study of Adolescent Obesity. J. Pediatr.

80: 376 - 379, 1972.

16 - Huenemann, R.L.: Food Habits of Obese and Non-Obese Adolescent. Postgard.

Med. 51: 99 - 102, 1972.

17 - Tobias, G.J.: Social Consequences of Obesity. J. Am. Diet. Assoc. 76: 338 - 341,

1980.

18 - Langford, R.: Teenagers and Obesity. Am. J. Nurs. 81: 556 - 559, 1981.

19 - Friedman, H.L., Belsey, M.A., Ferguson, J. Adolescent Health Promise and

Paradox. In: Health Care of Woman and Children in Developing Countries. Wallace, H. et al (eds) , pp. 453 - 469. Third Party Pub. Comp., Oakland, California, 1990.

20 - Pelleteir, O.: Vitamin C and Cigarette Smokers. Ann. N.Y. Acad. Sci. 258: 156 -

158, 1975.

21 - Kallner, A.B., Hartmonn, D., Hornig, D.H.: On the Requirements of Ascorbic

Acid in Man: Steady State Turnover and Body Pool in Smokers. Am. J. Cli. Nutr. 34: 1348 - 1350, 1981.

(1/460)

22 - Michaelson, G.: Diet and Acne. Nutr. Rev. 39: 104 - 106, 1981.

23 - Andersen, A.E.: Anorexia Nervosa. In: Clinical Nutrition. Paige, D.M. et al. (eds) ,

2 nd Edition, pp. 408 - 428, The C.V. Mosby Comp., St. Louis, 1988.

24 - Frances, J.Z.: Disorders of Energy Balance and Body Weight. In: Clinical

Nutrition and Dietetics. 2 nd Edition, pp 470 - 516. Macmillan Pub. Comp., New York, 1991.

25 - Story, M.: Nutrition Management and Dietary Treatment of Bulimai. J. Am. Diet.

Assoc. 86: 517 - 520, 1986.

(1/461)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الغذاء والتغذية

تغذية المسنين

مقدمة

...

تغذية المسنين:

الدكتور عبد المنعم صادق حسن

مقدمة:

في الحقبات الأخيرة من هذا القرن ونتيجة للتقدم الهائل في علوم الطب العلاجية والوقائية ازدادت نسبة الأفراد المسنين "أكثر من 65 عاما" بالنسبة لعدد الأفراد الكلي في المجتمعات الصناعية. ويعتقد أن هذه الظاهرة تنسحب على البلدان النامية مع تحسن المستوى الصحي والتغذوي في هذه البلدان. وفي نهاية القرن الماضي كان هنالك فرد واحد بين كل 25 فردا من الولايات المتحدة الأميركية يبلغ من العمر أكثر من 65 عاما، ومع بداية القرن القادم يتوقع أن تتحول هذه النسبة إلى فرد واحد من كل خمسة أفراد، وهي النسبة الحالية في اليابان.

هذه التغييرات الديموغرافية تلقى أعباء مباشرة على الخدمات الصحية وتدفعنا إلى إثراء معرفتنا عن المتطلبات الغذائية والحياتية والطبية لهذا القطاع المتزايد النمو من أفراد المجتمع. فما يميز قطاع المسنين ليس فقط الفروق في الحالة الصحية ودرجة الاعتماد على النفس في ممارسة الحياة العادية بين من هم في حقبة السبعين وحقبة الثمانين من عمرهم مثلا، بل الفروق بين من هم في نفس حقبة العمر الواحدة. فبينما نجد تزايدا في أعداد من هم في عمر السبعين ويتمتعون بصحة جيدة وغير معتمدين على الآخرين في تسيير أمورهم اليومية العادية، نجد من هم في نفس هذا العمر يعانون من الأمراض المزمنة ويحتاجون إلى رعاية في ممارسة أبسط أشيائهم العادية اليومية. ولقد زاد الاهتمام في الحقبات الأخيرة من هذا القرن بدراسة التغيرات الفيزيولوجية والبيوكيميائية التي تتزامن مع تقدم العمر وأثر ذلك على الحاجات الغذائية للمسنين، ولكن تبقى معرفتنا لهذه التغييرات وحاجات

(1/463)

المسنين الغذائية أقل كثيرا مما نصبوا إليه. وعموما فقد تركزت الأبحاث الخاصة بالعلاقة بين التغذية وتقدم العمر في المجالات التالية:-

1- أثر التغذية على وظائف الجسم مع تقدم العمر.

2- دور التغذية في الوقاية من أعراض الكبر والشيخوخة.

3 الاحتياجات الغذائية للمسنين.

تعريفات:

الكبر aging. تدهور في نشاط الجسم الفيزيولوجي مع تقدم العمر.

طب الشيوخ geriatrics فرع من علم الطب يعني بمحاولة تأخير ظهور أعراض الشيخوخة ومعالجة أمراض المسنين.

مبحث الشيخوخة gerontology قطاع علمي عريضي يعني بالمظاهر النفسية والاجتماعية والاقتصادية والفيزيولوجية والطبية لظاهرة الكبر والشيخوخة.

(1/464)

النظريات العلمية لظاهرة الكبر والشيخوخة:

يمكن محاولة فهم ظاهرة الكبر من منطلقين مختلفين. المنطلق الأول هو أن كل عضو في الجسم يفقد وظيفته بالتلف التتدريجي للخلايا، وبالتالي يفقد الجسم حيويته وتظهر عليه أعراض الكبر. أما المنطلق الثاني فيرتكز على أن عضوا أساسيا يتحكم في عمل بقية الأعضاء "مثل الجهاز العصبي المركزي" يصاب بالتلف تدريجيا، ويؤدي بالتالي إلى فقدان الأعضاء الأخرى لوظائفها الفيزيولوجية.

1- تلف الخلايا: أظهرت دراسة زراعة الخلايا خارج الجسم in vitro أن مقدرة الخلايا على النمو خارج الجسم تعتمد على عمر الشخص الذي أخذت منه الخلايا. وقد أدت هذه الملاحظة إلى انتشار الدراسات الخاصة بالكبر والشيخوخة عن طريق زراعة خلايا أعضاء المسنين خارج الجسم. إلا أنه ينبغي الحذر في تقييم نتائج مثل هذه الدراسات وذلك بعدم استبعاد أثر المواد الموجودة في الوسط الذي تزرع فيه هذه الخلايا على نمو الخلايا.

2- تدهور "الأعضاء المراقبة": بمساعدة طرق التصوير والتخطيط المعتمدة على الحاسوب مثل طريقة التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني "PET" positron emission tomography وطريقة التصوير الطبيعي المقطعي المحوري المحوسب axial computerized tomography أصبح من الممكن دراسة الدماغ بكثير من التفصيل وقد دلت مثل هذه الدراسات على انكماش حجم الدماغ مع تقدم السن وبالذات

(1/464)

بعد سنة الخامسة والستين عاما، الأمر الذي قد يعنى موت خلايا الدماغ ويؤدي بالتالي إلى تدهور وظائف الدماغ.

ويتحكم الجهاز العصبي المركزي في عملية الاستتباب homeostasis ويتناقص التحكم في عملية الاستتباب مع تقدم العمر. وقد لوحظ أن كمية مادة الأستيل كولين تقل مع تقدم العمر، وكذلك يقل تركيز كثير من الهرمونات في الدم، وتقل أيضا قدرة الجسم المناعية immune capacity وكل هذه الأنظمة معروفة بتأثيرها على خصائص الخلايا الحيوية.

3- موت الخلايا: كما ورد أعلاه فإن ضمور حجم الأعضاء "الدماغ مثلا" يعزي في الغالب إلى موت الخلايا، وقد استنبطت نظريتان لتفسير موت الخلايا.

أ- الخلايا مبرمجة وراثيا لتموت تخلص هذه النظرية إلى أن إحدى الجينات التي تسمى جينة التشيخ senescence gene تتحكم في عمر الخلايا، وتدعم هذه الخلاصة حقيقة أن طول العمر الحياتي محدد لكل أنواع المخلوقات.

ب- تلف الخلايا يؤدي إلى موتها. تخلص هذه النظرية إلى أن هناك مسببات داخل الخلايا أو في الوسط المحيط بالخلايا تؤدي مع الزمن إلى تلف الخلايا وبالتالي إلى موتها، وقد اعتمدت هذه النظرية بعد إحدى التجارب التي أظهرت أنه يمكن تأخير أعراض الكبر في حيوانات الاختبار "الفئران" المسنة وذلك بحقنها بسوائل أجسام الحيوانات الشابة. وقد ورد كثير من التفسيرات المبنية على التجارب المعملية والاستخلاصات النظرية لتفسير تلف الخلايا، ويمكن تلخيص هذه التفسيرات بالتالي:

- ترسب المواد وبعض أجزاء الخلية التالفة "clinker theory".

- الإنهاك الكيميائي والميكانيكي للخلايا "wear and tear theory"

- خلل في نسخ الحموض النووية الرنا RNA والدنا DNA أو في ترجمة شفرة الحموض النووية إلى بروتينات، يؤدي إلى نكوص في أداء وظائف الخلايا "Genetic theory- somatic mutation theory".

- مهاجمة الأجسام المضادة "التي تهاجم عادة الخلايا الدخيلة على الجسم" لخلايا الجسم وبالتالي تحطيم هذه الخلايا "autoimmune theory".

- عمليات الأكسدة الناتجة من تكوين جذور حرة free radicals وتؤدي إلى ازدياد صمل خلايا الكولاجين وعدم قدرتها على الحركة. كذلك قد تسبب

(1/465)

عمليات الأكسدة أكسدة اللبيدات "الدهون" الموجودة في أعشية الخلايا، فتحطم منظومة الغشاء وتتلف الخلايا وترسب الدهون البروتينية liporoteins المؤكسدة.

على العموم يبدو أن النظرية التي تقول إن الخلايا مبرمجة وراثيا لتموت تحمل تفسيرا أقرب للملاحظات العلمية عن ظاهرة الكبر، بينما تفسر النظرية التي تقول إن تلف الخلايا يؤدي إلى موتها حقيقة أن ظاهرة الكبر والشيخوخة قد تتأثر، في تقدم أو تأخر ظهورها، بعوامل داخلية أو خارجية تؤثر على الخلايا. ويأتي من ضمن هذه المؤثرات العناصر الغذائية التي قد تمنع أو تؤخر النكوص في عمل الخلايا أو تمد الخلايا ببعض المواد التي تمنع نكوص الوظائف الفيزيولوجية، مثل تواجد الكميات الكافية من فيتاميني c و E اللذين يعملان كمواد مضادة للأكسدة.

(1/466)

الجهاز الهضمي وتقدم السن:

يمكن تقسيم التغييرات في أداء الجهاز الهضمي الناجمة عن الكبر إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول تغييرات مرضية pathologic مثل تليف الكبد والتهاب البنكرياس المزمن. والنوع الثاني تغييرات تلازم عملية تقدم السن والكبر، مثل نقل إفرازات الغدد المعوية، وزيادة رقة جدار الأمعاء thinging of gastric wall والتهاب القولون الإقفاري ischemic colitis. أما النوع الثالث من التغييرات فهو الذي ينجم عن عملية الكبر مثل فقد الأسنان، والإمساك الناتج عن تراجع في انقباضات الجهاز الهضمي. وهذه التغييرات متداخلة ولا تحدث منفردة في العادة.

ويعتقد أن عملية البلع في الحلقوم لا تتأثر بالكبر، وليس هنالك من معلومات علمية تفسر التغييرات في إخلاء المعدة الملازمة للكبر. ومن أكبر اضطرابات الكبر في الجهاز الهضمي الإمساك الذي يزيد عند المسنين بأربعة إلى ثمانية أضعاف موازاة بالشباب. وينجم الإمساك الملازم للكبر عن تراجع في التوتر العضلي muscular tonus لعضلات الجهاز الهضمي وعن نقص مرونة القولون والمستقيم.

تقوم الإنزيمات التي يفرزها الغشاء الخارجي الفرجوني brush border membrane للجهاز الهضمي بهدم جزيئات الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. وفيما عدا إنظيم اللاكتاز "الذي يعرف أن نشاطه يعتمد على العمر والأصل العرقي" لوحظ أن الإنزيمات الأخرى مثل المالتاز، وألكالين فوسفاتاز، واللوسين أمينوببتيداز، يزيد نشاطها مع تقدم العمر. وقد يكون السبب في زيادة نشاط هذه

(1/466)

الإنزيمات عند المسنين هو أن دورة TURNOVER خلال الجهاز الهضمي أطول عند المسنين، مما يوفر لهم خلايا ناضجة يفوق عددها مثيلاتها عند غير المسنين، تسبب زيادة في إفراز ونشاط هذه الإنزيمات. وبناء على هذه الملاحظة يمكن القول إن عملية الهضم لا تتغير نوعا مع تقدم السن.

وكما هو الحال بالنسبة لعملية الهضم، تشير الدلائل إلى أن عملية امتصاص العناصر الغذائية هي الأخرى لا تتغير نوعيا مع تقدم العمر. فقد دلت نتائج الاختبارات التي أجريت على امتصاص السكريات بأن امتصاص السكريات الأحادية متناقضة النتائج ولا يمكن الجزم حتى اليوم في أمر أثر العمر والكبر على امتصاص السكريات.

وبما أن عملية امتصاص الدهون أكثر تعقيدا من امتصاص السكريات العناصر الغذائية هي الأخرى لا تتغير نوعيا مع تقدم العمر. فقد دلت نتائج الاختبارات التي أجريت على امتصاص السكريات بأن امتصاص السكريات الأحادية لا يتغير بتقدم العمر. غير أن الدراسات المنشورة عن امتصاص السكريات الأحادية متناقضة النتائج ولا يمكن الجزم حتى اليوم في أمر أثر العمر والكبر على امتصاص السكريات.

وبما أن عملية امتصاص الدهون أكثر تعقيدا من امتصاص السكريات، فإن تقدم العمر يؤثر أكثر على امتصاص الدهون مقارنة بالكربوهيدرات. وهنالك كثير من الدراسات التي تشير إلى أن طرح الدهن في البراز بعد تناول وجبة عالية الدهن، أكثر بالنسبة للمسنين "70 سنة وما فوق" مقارنة بغير المسنين كما أن هنالك بعض الدراسات التي تشير إلى انخفاض في نشاط تميم إنزيم أحادي غلسيريد أسيل ترانسفراز، وهو الإنزيم الذي ينشط عملية إعادة بناء الشحوم بعد امتصاص الحموض الدهنية والغلسيرول. وليس هنالك ما يمنع الاعتقاد بأن إفراز إنزيم الليباز البنكرياسي وإفراز عصارة البنكرياس يتراجعان مع تقدم السن. عموما تشير كل نتائج الدراسات المنشورة إلى أن هضم وامتصاص الدهون يقل مع تقدم العمر.

من المعروف أن جراثيم الجهاز الهضمي تلعب دورا مهما في تغذية الإنسان بالذات بالنسبة لاستقلاب البروتين وبعض الفيتامينات. وفي بعض الدراسات التي أجريت في اليابان لوحظ أن هنالك تغيرا نوعيا في جراثيم الجهاز الهضمي عند المسنين "ثمانين عاما وما فوق" مقارنة بمن هم أقل منهم عمرا. هذا التغير بالطبع يؤثر على استقلاب البروتين والفيتامينات. ولكنه قد لا يكون موازيا لتقدم السن فقط. فقد يكون ناتجا عن اختلاف العادات الغذائية خصوصا في نسبة تناول الألياف الغذائية.

(1/467)

تغيرات تكوين الجسم الملازمة للكبر:

تصبح التغيرات في تكوين الجسم التي تستمر مدى العمر أكثر أهمية في الحقبة الأخيرة من العمر. فهنالك فقدان لحوالي 5% من حجم العضلات مع كل حقبة زمنية من العمر، وزيادة نسبة الدهون اطراديا "كما هو موضح في الجدول التالي" كما أن هنالك تناقصا في نسبة الماء مع تقدم العمر من 70% من وزن الجسم للشباب إلى 60 بالنسبة للرجال المسنين و 50% بالنسبة للنساء المسنات.

الجدول 1- التغييرات في تكوين الجسم الملازمة لتقدم العمر "بالنسبة المئوية من وزن الجسم"

ويصعب عزل التغيرات في مكونات الجسم الملازمة لتقدم العمر عن تلك التي تعود إلى الأسلوب الحياتي للمسنين، أو تلك التي تنتج عن بعض الحالات المرضية. فالسمنة "البدانة" مثلا أصبحت من المشكل التغذوية الرئيسية التي يعاني منها المسنون في بعض الأقطار الغربية وفي بعض الدول العربية. وهنالك كثير من الدراسات الحديثة التي تربط زيادة الوزن بزيادة معدل الوفيات عند المسنين، كما تزداد نسبة الوفيات أيضا بين المسنين ذوي الوزن الأقل من الوزن السوي. وقد اعتمدت هذه الدراسات على مؤشر كتلة الجسم BODY MASS INDEX "BMI" والذي يعرف أيضا بمؤشر كويتليت Quetelet لتقييم أوزان المسنين. وبالرغم من الإشارة في هذه الدراسات إلى علاقة أسلوب الحياة "التدخين، تناول الكحول، العادات الغذائية" بزيادة أو نقصان الوزن، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من التوثيق العلمي.

(1/468)

المشكلات الصحية المرتبطة بتغذية المسنين:

1- عوز البروتين والطاقة:

يعاني الكثير من نزلاء المستشفيات من المرضى المسنين من عوز في البروتين وفي الطاقة، وعادة ما يكون نقص البروتين والطاقة ثانويا أو لا سريرياsubclinical، ويظهر هذا النوع من النقص التغذوي بصورة جلية حين ظهور مرض آخر أو عند الإصابة بأحد الأمراض المزمنة، وفي هذه الحالة تظهر علامات الإجهاد stress ويعتري الكشف عن حالات نقص البروتين والطاقة عند المسنين بعض الصعوبات نسبة للتغييرات التي تحدث في الجسم مع تقدم العمر، والتي تؤثر على الاختبارات التي تجري لتقييم حالة الجسم التغذوية، مثل بعض قياسات الجسم البشري anthropometric measurements وأكثر الأعراض تمثلا لحالة نقص البروتين والطاقة عند المسنين، هي أعراض التشوش والتخليط confusion وتغييرات في الحالة الذهنية. لكن هذه الأعراض تظهر أيضا في بعض الأمراض مثل هبوط في القلب والأمراض الوعائية أو عدم انتظام بعض عمليات الاستقلاب، بل أن أعراض التشوش والتخليط هي أكثر ما يميز حالات تجفاف الجسم dehydration ويلاحظ أن المرضى المصابين بنقص البروتين والطاقة يتناولون كميات غير كافية من السوائل، ولكن يمكن تمييز حالات التخليط الناجمة عن جفاف الجسم بمراقبة التغييرات السريعة في وزن الجسم.

وللكشف عن حالات نقص البروتين والطاقة في المرضى المسنين يجب تشخيص أعراض نقص البروتين والطاقة سريريا مثل: سقوط الشعر، والتهاب الجلد القشاري flaky pain dermatitis، والتهاب اللسان glossitis، ونشاف الجلد وجحوظ العينين. كذلك فهنالك حالات مرضية تؤدي في أغلب الأحيان إلى الإصابة بنقص البروتين والطاقة مثل، الأمراض المزمنة أو المتكررة، وقصور النظر، وفقدان القدرة على الحركة، وإدمان الكحول، والمبالغة في استعمال الأدوية polypharmacy، والاكتئاب، والتخلف العقلي، والتخليط الذهني، وحالات الجراحة، وعند الإصابة بالأمراض الحادة acute illness episode. وينبغي في مثل هذه الحالات تقييم الحالة التغذوية للمسنين بعد الكشف عن الإصابة بنقص البروتين والطاقة عند المريض المسن.

2- السمنة:

في المجتمعات التي درس فيها تفشي السمنة بين المسنين، أظهرت نتائج الدراسات أن السمنة تتفشى بين النساء المسنات بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالرجال المسنين "60 عاما وما فوق"، وأن تفشي السمنة بين من هم فوق الثمانين عاما أقل مما هو شائع بين المسنين في حقبة العمر بين 60- 80 عاما.

(1/469)

وتبين الدراسات أن معظم المسنين المصابين بالسمنة لا يتناولون كمية من الكالوري أكثر مما هو موصى بالنسبة لعمرهم، مما يدل على أن الإصابة بالسمنة عند المسنين تنتج في الغالب عن قلة الحركة التي تميز المسنين بعد سن التقاعد، والتي قد يكون سببها اجتماعي أو نفسي أو مرضى ويلازم مرض السمنة عند المسنين في كثير من الحالات الإصابة بمرض السكري والذي يعتقد أن من مسبباته الأساسية تلاشي حساسية الخلايا لهرمون الأنسولين. ومن المعروف أن مرض السكري عند المسنين المصابين بالسمنة هو من المخاطر التي قد تقود إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية cardiovascular diseases ويمكن تجنب السمنة أو زيادة نسبة الدهون في الجسم عند المسنين، وما قد ينتج عنها من أمراض مثل السكري وزيادة ضغط الدم hypertension وفرط شحميات الدم hyperlipidemia باتباع التمارين الرياضية المنتظمة وزيادة النشاط والحركة. فتقوية عضلات الجسم تزيد المقدرة على الحركة، مما يطيل في الحياة العملية المنتجة للمسنين.

3- أمراض القلب والشرايين:

إن نسبة الإصابة بالأمراض المخية الوعائية cerebrovascular قليلة جدًّا لمن هم أقل من أربعين عاما، ويعتقد أن عامل الكبر من العوامل المؤدية إلى الإصابة بالسكتة الدماغية stroke. وليست التغييرات التي تصيب الأوعية الدموية في الكبر من الحدة لتسبب الإصابة بالأمراض المخية الوعائية. لكن هذه التغييرات تمثل حالة مساعدة للإصابة بهذه الأمراض، خصوصا عند الإصابة بأمراض ذات علاقة باستقلاب الدهون. وحديثا ثبت أيضا أن التدخين هو أيضا من العوامل المساعدة للإصابة بالأمراض المخية الوعائية.

إن علاقة الأنظمة الغذائية بالأمراض الوعائية، مثل ارتفاع ضغط الدم والتصلب العصيدي atherosclerosis علاقة مثبتة علميا. ويبدو لنا الآن أن زيادة تناول الصوديوم والدهون تسبب، بالإضافة إلى ترسب الدهون في الأوعية وتصلب الأوعية، تغييرات في تركيب غشاء خلايا الأوعية التي لوحظت عند المسنين. وبالإضافة إلى دور الصوديوم في تنظيم ضغط الدم، فإن تركيزالصوديوم يتحكم أيضا في تركيز الكالسيوم المؤين في خلايا الأوعية، وهذا الدور يبدو الأكثر احتمالا لما تسببه زيادة نسبة تركيز الصوديوم في تصلب الشرايين. لذلك فإن تقليل كمية

(1/470)

الصوديوم المتناول في الطعام يؤدي إلى حد من تصلب الشرايين arteriosclerosis.

إن تأثير زيادة نسبة الصوديوم إلى البوتاسيوم على ارتفاع ضغط الدم هو أعلى بمرتين أو ثلاث مرات عند المسنين مقارنة بغير المسنين.

وتدل الدراسات الحديثة التي تجري على خلايا القلب خارج الجسم in vitro أنه مع تقدم السن تزداد نسبة الكوليسترول بالنسبة إلى الشحوم الفوسفاتية في غشاء خلايا القلب المعزولة. وأن هذا التغيير مربوط بزيادة في مصل rigidity الخلايا وقد تفسر لنا هذه الدراسات علاقة زيادة تناول الدهون الحيوانية بنسبة الإصابة بأمراض القلب مع تقدم العمر. إن هذا التغيير في تركيب الأغشية وزيادة نسبة الكالسيوم المشرد داخل الخلايا. ومن الجدير بالذكر أن إضافة الحمض الدهني ايكوسابنتانويك eicosapentanoic يعكس هذه التغييرات التي تصيب غشاء خلايا القلب والأوعية. والمعروف أن هذا الحمض ومجموعته faty acids - 3- Omega" يوجد بكميات عالية في الأسماك والأطعمة البحرية، وأن زيادة تناول هذه الأغذية لدى شعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط قد تفسر قلة إصابة المسنين في هذه المنطقة بأمراض القلب والشرايين مقارنة بشعوب أخرى عرف عن سكانها زيادة تناولهم للدهون الحيوانية الأخرى.

نخلص من هذا أن علاقة التغذية بالإصابة بأمراض القلب والشرايين تمر عبر ظهور حالات مرضية مثل زيادة ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول في الدم، وأن الرعاية التغذوية مع تجنب أسباب أخرى مثل التدخين مفيدة في تجنب مثل هذه الأمراض المرافقة لتقدم السن. لذا فإن مدى العمر يمكن إطالته بالتحكم في مثل هذه الأمراض عن طريق تحسين الأنظمة الغذائية وتجنب المخاطر الأخرى المؤدية إلى أمراض القلب والشرايين.

4- المناعة الطبيعية وتقدم العمر:

بالرغم من انحسار الأمراض الوبائية من قائمة الأمراض الأساسية المسببة للموت في معظم أقطار العالم. لم تزل الأمراض الوبائية هي الأمراض الرئيسية المسببة للموت عند المسنين "40% من المسنين اليابانيين يموتون بسبب الإصابة بالأمراض الوبائية". والسبب الرئيسي لهذا هو قصور في فيزيولوجيا مناعة الجسم.

(1/471)

مرتبط بتقدم العمر، أي أن المناعة الطبيعية تقل مع تقدم العمر. وفي معظم هذه الحالات" أي حالات ضعف المناعة" يقل أيضا مفعول المضادات الحيوية التي تستعمل لعلاج الأمراض الوبائية.

إن القصور في النظام المناعي للجسم والمرتبط بتقدم العمر يعود إلى أسباب عدة منها قصورة غدة التوتة Thymus في إفراز الخلايا التائية T-cells المعنية بالمناعة، وعدم تجديد النقي الأحمر red marrow وانخفاض في تركيز مركبات المناعة في الدم، وانخفاض في إفراز الأضداد antibodies ويجب التنبيه هنا بأن النظام المناعي للجسم هو أيضا من الأجهزة المنظمة للجسم "مثل الجهاز العصبي والنظام الغدي" لذا فإن إدراكنا للعلاقة بين هذه الأنظمة قد يساعد كثيرا في فهمنا للتغيرات التي تحدث للنظام المناعي مع تقدم السن.

إن علاقة نقص المناعة بالحالة التغذوية موثقة علميا اعتمادا على كثير من الدلائل المستنبطة من الدراسات السريرية والوبائية. فالمعروف أن سوء التغذية عند الأطفال يسبب نقص المناعة ضد الأمراض الوبائية، كما أن حالات نقص المناعة معروفة لدى كثير من المرضى الذين يعانون من حالات رضوح trauma أو كسور حادة كل هذه الحالات في نقصان المناعة يمكن معالجتها بتحسين الحالة التغذوية وبتوفير الإمداد التغذوي اللازم للتخلص من أعراض سوء أو نقص التغذية.

وقد توفرت في الحقبة الأخيرة بعض الدراسات عن تصحيح نقص التغذية وأثر ذلك على الجهاز المناعي للجسم عند المسنين. فزيادة كمية الكالوري وإعطاء الكميات الكافية من الفيتامينات والعناصر المعدنية الرئيسية والثانوية ساعد في اكتساب الحالة التغذوية السليمة وتحسن في الجهاز المناعي لدى مجموعة من المسنين. كما أن هنالك بعض الدراسات التي تدل على أن تحسن أداء الجهاز المناعي قد يزداد بتوفير عنصر واحد من العناصر الغذائية. فإمداد المسنين بفيتامين c وفيتامين E أو عنصر الزنك قد يؤدي إلى تحسين واضح في أداء الجهاز المناعي للجسم وخفض نسبة الوفيات عند المسنين.

وخلاصة الأمر ان العلاقة بين أداء الجهاز المناعي وتدني الحالة التغذوية قد أثبتت علميا، وأن إمداد المسنين بالتغذية السليمة يساعد كثيرا في تحسين أداء الجهاز المناعي عند المسنين. هذه الإثباتات لها دلائل واضحة في الممارسة الطبية وتخطيط برامج الصحة العامة للمسنين.

(1/472)

5- تأثر الجهاز الهيكلي عند المسنين:

يزداد حجم الكتلة الهيكلية بسرعة في السنة الأولى من العمر، وفي فترة النمو السريع في سنوات المراهقة. ويتساوى الجنسان في نمو الكتلة الهيكلية حتى سن المراهقة، وبعدها يزداد نمو الجهاز الهيكلي للذكور بشكل أكبر من نموه عند الإناث. ويستمر نمو العظام بعد المراهقة طوال الحقبة الثالثة من العمر، ويبدأ فقدان كتلة العظام في الحقبة الرابعة أو الخامسة من العمر. وعند النساء يزداد الفقد في كتلة العظام بعد توقف الحيض، ثم يقل فقدان الكتلة بعد ذلك تدريجيا. أما عند الرجال فيبدأ فقدان كتلة العظام بعد بلوغ ذروة حجم الكتلة العظمية PEEK BONE MASS تدريجيا، وتقل نسبة الفقدان عند الرجال مقارنة بالنساء على الأقل في الفترة التي تعقب انقطاع الحيض عند النساء.

إن ضمور الكتلة العظمية عند المسنين قد يكون بسبب عدم تكون الحجم الكافي للكتلة العظمية عند اكتمال نمو الجسم، أو لزيادة في فقدان مادة العظام بعد الوصول إلى قمة نمو الكتلة الهيكلية. فقد يختف أثر هذين العملين بين الأفراد، ولكن بالنسبة للمسنين بعد سن السبعين فإن تأثير هذين العاملين على فقدان الكتلة العظمية يصبح متساويا. وتكمن أهمية حجم الكتلة الهيكلية بالنسبة للممارسة الطبية السريرية في علاقة الأولى بازدياد نسبة الإصابة بالكسور والرضوح عند من يعانون من ضعف أو نقص في حجم الكتلة الهيكلية. ويرتبط فقدان كتلة العظام عند النساء بنقص إفراز الأستروجين بعد انقطاع الحيض، ونقص إفراز هرمون الأندروجين، ونقص امتصاص عنصر الكالسيوم مع تقدم السن. والمعلومات المتوفرة عن كتلة العظام عند الذكور أقل بكثير من المعلومات المتوفرة عنها عند الإناث. ويبدوأن من مسببات فقدان كتلة العظام عند الرجال العوامل المحيطية، مثل تناول الكحول والتبغ. والجدير بالذكر أن للعوامل الوراثية أثر مباشر لبلوغ قمة حجم الكتلة الهيكلية. ويرجع الاهتمام بدراسة الخواص والعوامل المؤثرة على الكتلة الهيكلية عند النساء أكثر من الذكور إلى تفشي مرض تخلخل العظام OSTEOPOROSIS عند النساء المسنات أكثر من أي مجموعةعمرية أخرى.

إن لزيادة نسبة تناول البروتينات والأغذية الغنية بعنصر الفوسفور أثر سلبي على حالة توازن عنصر الكالسيوم CALCIUM BALANCE في الجسم. وهنالك أثر موجب على توازن الكالسيوم عن طريق إمداد الجسم بالكمية الكافية من الكالسيوم.

(1/473)

في الغذاء. وينبغي التنويه هنا بأن محاولات زيادة إمداد الجسم بالكالسيوم وحده لم تسفر عن أي آثار إيجابية في معالجة النساء المسنات المصابات بمرض تخلخل العظام. فهناك أكثر من عامل تغذوي يؤثر على ثبات حجم الكتلة الهيكلية كما يبين الجدول التالي.

الجدول 2- العناصر الغذائية الهامة المؤثرة على حجم الكتلة الهيكلية

ويبدو أن عنصر الكالسيوم على مدى عمر الأنثى، يقل تناوله عن حاجة جسم الأنثى له. وتحتاج الأنثى لزيادة الكالسيوم إما بواسطة العناصر الغذائية الغنية بالكالسيوم أو عن طريق أقراص الكالسيوم. وتزداد أهمية زيادة تناول الكالسيوم بالنسبة للأنثى المسنة لنقص امتصاص الكالسيوم بعد سن انقطاع الحيض. وتشير كل الدراسات الحديثة إلى أن الحد الأدنى الموصى به لتناول الكالسيوم "500 مليغرام في اليوم حسب منظمة الصحة العالمية، و 800 مليغرام في اليوم حسب المجلس القومي الأميركي للبحوث" أقل مما تحتاج الأنثى بعد انقطاع الحيض كذلك تشير الدراسات إلى أن الزيادة تناول البروتين وعنصر الفوسفور تؤثر على توازن الكالسيوم في جسم الإناث المسنات، وتؤثر أيضا على حجم الكتلة الهيكلية، وأن اختلفت طبيعية تأثير زيادة تناول البروتين عن زيادة تناول الفوسفور. كذلك هنالك بعض الدراسات التي تشير إلى الأثر السلبي بزيادة تناول الصوديوم على استقلاب الكالسيوم في الجسم. وتدل هذه المعلومات إلى أنه ينبغي على الإناث البالغات زيادة تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم، وعدم تناول كميات كبيرة من البروتين والفوسفور والصوديوم. زيادة على ذلك فقد يكون من المفيد في السنوات اللاحقة من عمر الأنثى "بعد سن السبعين"، والتي يقل فيها تعرض المسنات لأشعة الشمس، تناول أقراص فيتامين D لتحسين امتصاص الكالسيوم واستعماله في الجسم وتجنب فقدان كميات مؤثرة من الكتلة العظيمة. أما في حالة الإصابة الجلية بمرض تخلخل العظام، فإن العلاج بواسطة هرمون الأستروجين هو الأكثر فعالية لمنع فقدان الكتلة العظيمة.

(1/474)

الاحتياجات الغذائية للمسنين:

إن المعلومات المتوافرة عن الاحتياجات الغذائية للمسنين محدودة، ومعظمها مبني على بعض الدراسات المحدودة أو قياسا بالمعلومات المتوفرة عن الاحتياجات الغذائية للبالغين. ومن المسلم به أن الاحتياجات الغذائية لمن هم في حقبة العمر من 50 إلى 70 عاما مختلفة عن الحاجات الغذائية لمن هم فوق السبعين عاما. واخترنا هنا أن نعرض الكميات التي أوصى بها المجلس القومي الأميركي للبحوث للعناصر الغذائية المختلفة لمن هم فوق 51 عاما، حسب اللائحة التي تم مراجعتها في عام 1989، وذلك لأنها أحدث المعلومات المتوفرة في شأن الاحتياجات الغذائية للمسنين.

الطاقة:

تعتمد احتياجات الطاقة على متطلبات عملية الاستقلاب الأساسية وعامل الحركة activity factor والتوليد الحراري thermogenesis. وتحسب احتياجات الطاقة عمليا على أساس ناتج حاصل ضرب عامل الحركة بحاجة الاستقلاب الأساسية. إن عامل الحركة لمن هم فوق الخمسين عاما هو 1.5 على أساس حركة خفيفة إلى متوسطة، والتي يجب تشجيع المسنين عليها. كما أنه من المسلم به أن الرقم الخاص بعامل الحركة لمن هم فوق السبعين عاما أقل من "1.5".

الجدول 3- احتياجات الطاقة اليومية للمسنين*

- مأخوذ عن recommended daily allowances 10th edition, Food and Nutrition Board, National Research Council - U.S.A., 1989.

(1/475)

يرجع انخفاض حاجة الطاقة اليومية للمسنين إلى قلة الحركة بعد التقاعد وإلى انخفاض يوازي 3% في حاجة الاستقلاب الأساسية. ولقد وضعت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية توصية بخفض احتياج الطاقة اليومي للمسنين مقارنة بالبالغين على النحو التالي: 5% لمن هم بين 39 و 59 عاما، 10% لمن هم بين 60 و 69 عاما، وخفض 10% أخرى لمن تجاوز السبعين عاما. وبغض النظر عن كل التوصيات تبقى كمية الطاقة التي تحافظ على وزن الجسم أو تقود إلى وزن الجسم المرغوب فيه هي الكمية الأمثل للطاقة التي يجب أن يحرص على تناولها المسنين. ومن الأهمية بمكان التركيز على الحاجة إلى زيادة كمية الطاقة المتناولة يوميا للمسنين في حالة الأمراض المقرونة بالإجهاد stress مثل الإنتان sepsis والرضوح والكسور، أو عند إجراء العمليات الجراحية. كما يجب ملاحظة إمداد المسنين من نزلاء المستشفيات أو دور العجزة بكميات كافية من الطاقة حسب حالتهم الصحية أو السريرية. ويسبب الإخفاق في تناول المسنين لحاجتهم الكافية من الطاقة إخفاقا في تناول حاجتهم من عناصر غذائية أخرى، وكذلك ينتج عنه الشعور بالتعب fatigue والإنهاك lassitude والعزوف عن الحياة. وقد ينتج عن التعب والإنهاك قلة الحركة وما يتبعها من نقصان من احتياجات الطاقة، وبالتالي قد يؤدي تناول الكمية المعتادة من الطاقة إلى الإصابة بالسمنة.

إن العناصر الغذائية الرئيسية التي توفر الطاقة هي الدهون والكربوهيدات، وتنطبق التوصيات العامة بشأن هذين المقررين الغذائيين على المسنين. فالبنسبة للدهون ينبغي على المسنين زيادة تناول الدهون المتعددة غير المشبعة polyunsaturated والأحادية غير المشبعة monounsaturated الزيوت النباتية" على حساب الدهون المشبعة "الدهون الحيوانية"، ولكن يجب أن تقل كمية الكالوري المتناولة من الدهون عن حاجة الطاقة الكلية. كذلك يجب أن يتحول تناول المسنين للكربوهيدرات من السكريات والنشويات المنقاة إلى النشويات المعقدة "الحبوب" بدون إزالة القشر، والبقوليات، والخضار والفاكهة".

البروتين:

كان الاعتقاد السائد أن حاجة المسنين اليومية للبروتين أقل من حاجة البالغين نسبة لانخفاض كمية البروتينات في الجسم مع ضمور العضلات الملازم لتقدم العمر. غير أن نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أن حاجة المسنين اليومية

(1/476)

للبروتينات التي تؤدي إلى الوصول إلى التوازن النيتروجيني ربما تكون أكثر من حاجة البالغين. والمعروف أن انخفاض حجم العضلات عند المسنين ناتج عن تغييرات في دورة بروتينات protein turnover وتخليق البروتين Protein synthesis في الجسم. فدورة بروتينات العضلات في جسم البالغين توازي 30% من دورة البروتينات لكل الجسم، وتنخفض هذه النسبة إلى 20% عند المسنين. كذلك فإن بروتين الألبومين يقل إنتاجه وتركيزه في الدم عند المسنين الذين يتناولون كميات كافية من البروتين، كما أنه من المعروف أن مقدرة الكلى على إفراز البروتين تقل مع تقدم العمر، وقد تصل عند من تتجاوز أعمارهم ثمانين عاما إلى نصف أو ثلث مقدرة الكلى على إفراز البروتين عند من هم أقل من ثلاثين عاما. وبالمقابل تقل مقدرة جسم المسنين على امتصاص واستقلاب البروتينات، مما قد يشير إلى زيادة حاجة البروتين عند المسنين. ويبين الجدول 4 نسبة كمية البروتين المتناول في اليوم، وقد وضعت على أساس أن احتياجات البروتين عند المسنين لا تختلف عن احتياجات من يصغرهم عمرا، ولكن بالنسبة للاختلاف في تكوين الجسم "حجم العضلات أقل عند المسنين" فإن هذه الكمية إذا ما حسبت على أساس كتلة العضلات تكون أعلى عند المسنين مقارنة بالبالغين وذلك لتعويض النقص في امتصاص واستقلاب البروتين عند المسنين.

الفيتامينات والمعادن:

لم تثر الاحتياجات اليومية للمسنين من الفيتامينات والمعادن اهتمام الباحثين إلا حديثا ويبين الجدول 4 الاحتياجات اليومية للمسنين، والموصى بها من قبل المجلس القومي للبحوث الأميركي حسب الطبعة المراجعة عام 1989 ويلاحظ من الجدول أن هنالك أربعة عناصر غذائية تقل إليها حاجة المسنين "أكثر من 51 عاما" مقارنة بمن يصغرهم سنا "25 - 50 عاما" وهذه العناصر الغذائية الأربعة هي الثيامين، والريبوفلافين، والنياسين والحديد "للإناث". وبالنسبة للفيتامينات الثلاية "ثيامين، ريبوفلافين، نياسين" فقد استندت التوصيات الخاصة بتقليل الكميات المتناولة يوميا للمسنين مقارنة بالشباب، على افتراضات نظرية في الغالب، وعلى انخفاض الحاجة اليومية للطاقة عند المسنين. ومن المعروف أن هذه الفيتامينات الثلاثة تعلب دورا أساسيا "كتميمات إنظيمية" في استقلاب الطاقة الأساسي. وهنالك حاجة للمزيد من الدراسات لدعم التوصية الخاصة بهذه الفيتامينات الثلاثة. وبالفعل

(1/477)

فقد ظهرت دراستان بعد وضع هذه التوصيات تدلان إلى أن الكمية اليومية التي يحتاجها المسنون لفيتامين ريبوفلافين هي نفس الكمية التي يحتاجها البالغون، وهذا يتنافي مع توصية المجلس القومي الأميركي للبحوث "1989" في شأن الريبوفلافين. أما التوصية الخاصة بانخفاض حاجة الإناث المسنات بالنسبة لعنصر الحديد "10 مليغرام في اليومة مقارنة بـ 15 مليغرام في اليوم لغير المسنات" فلا خلاف عليها، حيث بنيت التوصية على أساس انقطاع الحيض عند النساء المسنات. إضافة إلى هذه العناصر الغذائية الغذائية الأربعة، هنالك دلائل تشير إلى اختلاف حاجة المسنين عن حاجة البالغين إلى بعض الفيتامينات والمعادن.

الجدول 4- الاحتياجات الغذائية اليومية للمسنين مقارنة بالبالغين

(1/478)

فيتامين A. هنالك من الدلائل ما يشير إلى انخفاض حاجة المسنين "65- 75 عاما" لهذا الفيتامين مقارنة بمن هم دون الخمسين عاما. حيث وجد أن تصفية clearance فيتامين A، يمكن أن نخلص من المعلومات المتوفرة حاليا إلى عدم حاجة المسنين لتناول عناصر غذائية مدعومة بفيتامين A، ولكن ينبغي الحرص على تناول كميات وافية من المواد الغذائية الغنية بهذا الفيتامين.

فيتامين D: لقد وثقت كثيرمن الدراسات حقيقة أن تركيز الشكل الفعال لفيتامين D، وهو فيتامين D3 choleclaciferol" منخفض في سوائل أجسام المسنين مقارنة بالشباب. قد يعود هذا الانخفاض في تركيز فيتامين D عند المسنين إلى قلة تناول الأغذية الغنية به، مثل منتجات الألبان والأسماك المحتوية على كميات عالية من الدهون "والتي يكثر أيضا فيها العظام الصغيرة". غير أن هنالك ما يدل على أن تقدم السن يقود إلى تغييرات استقلابية خاصة بفيتامين D مثل انحسار في المقدرة على تكوين طليعة precursor الفيتامين D في الجلد بعد تعرض المسنين لضوء الشمس. ويعود هذا إلى أنه مع تقدم العمر تقل كميات مادة الكوليسترول منزوع الهيدروجين dehydrocholesterol والتي ينتج منها الجلد طليعة فيتامين D. وبما أن معظم حاجة الجسم من فيتامين D يتوفر من إنتاجه في الجلد، فإن نقصان إنتاج الفيتامين في جلد المسنين يوحي بضرورة زيادة تناولهم للمواد الغذائية أو المواد المدعمة بفيتامين D كذلك فإن توفير فيتامين D مهم للنساء المسنات لمنع زيادة فقدان كتلة العظام. وإذا أخذنا في الاعتبار قلة تعرض كثير من المسنين لضوء الشمس، فإن زيادة التناول اليومي لهذا الفيتامين يمكن أن تكون توصية مدعمة بكثير من الدلائل.

فيتامين B12: يزداد الاحتياج لفيتامين B12 عند المسنين المصابين بالتهاب المعدة الضموري atrophic gastritis الذي تكثر الإصابة به عند المسنين، وهو التهاب معدي مزمن يصاحبه ضمور في الغشاء المخاطي، وينتج عن هذا المرض قلة إفراز الحمض في المعدة. وفي الولايات المتحدة يصيب التهاب المعدة الضموري 25% من المسنين في حقبة العمر 60 و90 عاما، و 40% ممن تجاوزوا الثمانين عاما. وفي معظم حالات الإصابة بهذا المرض يستمر انتاج العامل

(1/479)

الداخلي intrinsic factor لفيتامين B12 بصورة طبيعية. ويرجع انحسار امتصاص الفيتامين B12 إلى عدم توفره، وذلك بسبب عدم هضم الكوبالامين cobalamin وهو أحد مكونات الفيتامين B12، من بروتين الغذاء لقلة إفراز الحمض المعدي، وكذلك بسبب استنفاد الجراثيم لفيتامين B12 في الجزء الأعلى من الأمعاء الدقيقة وتزيد كميات الجراثيم في حالة الإصابة بهذا المرض في أسفل المعدة وأعلى الأمعاء الدقيقة بسبب قلة إفراز الحمض المعدي. وحيث أن العامل الداخلي يفرز بنسبة طبيعية عند معظم المصابين بمرض التهاب المعدة الضموري، فإن تناول كميات داعمة عن طريق الفم oral supplement من هذا الفيتامين قد يؤدي إلى تلافي نقص الفيتامين في مثل هذه الحالة، غير أن معظم المرضى يتلقون كمية داعمة من الفيتامين B12 عن طريق حقنة في العضلات. إن الاهتمام الشديد بفيتامين B12 عند المسنين يعود إلى أن نقص الفيتامين في الجسم لا ينعكس بانخفاض تركيزه في الدم، بل بزيادة في تركيز حمض هوموستئين homocysteine وميثيل مالونيت methylmalonate وقد وجد أن كثيرا من المسنين المصابين بأعراض الخرف dementia يعانون من نقص الفيتامين B12.

فيتامين E وفيتامين C: لقد سبقت الإشارة لهذين الفيتامينين وأهميتهما للمسنين في زيادة مناعة الجسم "فيتامين E" ودورهما كمضادين لعمليات الأكسدة في الجسم. ولقد بينا آنفا التغييرات التي تلازم هاتين العلمي ودورهما كمضادين لعمليات الأكسدة في الجسم. ولقد بينا آنفا التغييرات التي تلازم هاتين العمليتين مع تقدم السن. وليس هنالك معلومات تؤيد زيادة تناول المسنين لهذين الفيتامينين، وفي الوقت الحالي يمكن القول إنه يجب تأمين كميات كافية "أعلى من الكميات المبينة في الجدول 4".

المعادن: لقد أشير آنفا إلى الحاجة لزيادة التناول اليومي لعنصر الحديد للإناث المسنات، كما سبق الإشارة إلى أن زيادة تناول عنصر الكالسيوم ليس له أثر في الحيلولة دون فقدان المادة العظمية عند المسنين. ولقد لوحظ أن بعض أعراض الكبر مثل التأخرفي التئام الجروح، والتراجع في حدة المذاق، وفقدان الشهية، هي أيضا من أعراض فقدان عنصر الزنك في الجسم. كما لوحظ نقص امتصاص عنصر الزنك عند المسنين مقارنة بالشباب، ولكن توازن الزنك الكلي في الجسم لا يختلف عند المسنين مقارنة بالشباب، بسبب انحسار في فقدان الزنك من الجسم عند المسنين.

(1/480)

الألياف الغذائية والسوائل:

يشكو معظم المسنين من الإمساك، ولذلك فإن زيادة تناول الألياف الغذائية ينبغي أن تكون من الممارسات الأساسية في تغذية المسنين. ويجب أن تتم هذه الزيادة تدريجيا بحيث لا تقود إلى إثارة القناة الهضمية وتكوين الغازات. كما أن المبالغة في تناول الألياف الغذائية قد يؤدي إلى إعاقة امتصاص عنصر الحديد وبعض العناصر المعدنية الأخرى.

ومع زيادة تناول الألياف الغذائية ينبغي أيضا زيادة تناول السوائل. فإضافة إلى دور السوائل في معالجة الإمساك، فالمسنون عادة يتعرضون إلى الإصابة بالجفاف والمعروف أن حجم الماء الكلي في الجسم ينقص مع تقدم العمر. ويعاني بعض المسنين من انحسار حاسة الشعور بالعطش، ولا يتناولون الماء لأوقات طويلة، كما يتجنب بعضهم شرب السوائل خوفا من الحرج الذي قد يسببه عدم مقدرتهم على التملك في تصريف البول، وخاصة في حالات تواجدهم خارج المنزل.

إن الجفاف قد يسبب التخليط العقلي mental confusion والصداع والهيوجية irritability فإذا اشتكى المسن من هذه الأعراض ينبغي زيادة تناوله للسوائل ويستحسن أن ينصح المسنون بتناول السوائل في أوقات معينة، حتى ولو لم يكن لديهم شعور بالعطش.

وفي بعض الحالات المرضية تزداد احتياجات الجسم للسوائل، ولا بد من تأمين كميات كافية منها لسد هذه الاحتياجات الزائدة. وتتميز كثير من هذه الحالات بأعراض مثل الحمى، والتقيؤ المستمر، والنزيف. وقد يقود العلاج بالمدرات البولية والإكثار من استعمال المسهلات وإمداد الجسم بالأملاح عن طريق الوريد إلى جفاف جسم المريض. كذلك من العوامل الفيزيولوجية التي قد تؤدي إلى جفاف الجسم عدم مقدرة المسنين على الاحتفاظ بالسوائل نتيجة لتراجع في مقدرة الكلى عندهم على تركيز البول.

من ناحية أخرى نجد عند بعض المسنين احتفاظ أجسامهم بمزيد من السوائل، وتعود مثل هذه الحالات إلى عدم مقدرة الكلى على تصريف السوائل من الجسم، أو إلى قصور القلب الاحتقاني congestive heart failure، أو انخفاض معدل تركيز بروتين الألبومين في الجسم، أو زيادة في إفراز الهرمون المضاد للإبالة ADH" antidiuretic hormone" ويزيد إفراز هذا الهرمون عند كثير من المسنين.

(1/481)

المصابين بأمراض الجهاز التنفسي أو الجهاز العصبي، وقد تؤدي في سوائل الجسم hyponatremia مما قد يؤدي إلى نوبات الصرع.

يجب مراقبة توازن السوائل في أجسام المسنين الذين يعالجون في المستشفيات بانتظام. فالاحتفاظ بسجل عن تناول وفقدان هؤلاء المسنين للسوائل قد لا يكون عمليا لمراقبة توازن السوائل. والطريقة الأمثل هي أخذ أوزان المرضى المسنين على فترات منتظمة وغير متباعدة، وفي هذه الحالات فإن التغيرات السريعة في وزن الجسم يكون مرجعها فقدان السوائل أو زيادة احتفاظ الجسم بها. ويجب أن يكون الكشف الدوري عن علامات الوذمة edema روتينيا لدى نزلاء المستشفيات من المسنين، وتزداد أهمية هذا الكشف عند ارتفاع درجة حرارة الجو في فترات الصيف.

(1/482)

التقييم التغذوي للمسنين:

هناك كثير من المعضلات التي تفرض نفسها عند تقييم الحالة التغذوية للمسنين، بسبب الاختلافات الفردية المتعلقة بعملية الكبر. فالتقييم التغذوي للمسن يفترض الأخذ في الاعتبار كثير من العوامل، مما يجعل التقييم في حد ذاته عملية متعددة الأبعاد، وينقص معظم القياسات المستعملة في تقييم الحالة التغذوية للمسنين تحديد مدى الفروقات التي تعتبر طبيعية بين فرد وآخر.

القياسات البشرية anthropometric measures:

تتأثر القياسات البشرية بعملية تقدم العمر وبالذات الطول. وللطول أهمية خاصة في هذه القياسات باعتباره ثابتا بعد اكتمال فترة النمو، لذا فإن كثيرا من جوانب القياس البشري "مؤشر كتلة الجسم، ومؤشر الكرياتينين الطولي creatinine height index تحسب بالأخذ في الاعتبار طول الجسم. فطول الجسم ينقص مع تقدم العمر، وقد قدر هذا النقصان في الطول بما بين 1.2 - 4.2 سم لكل 20 سنة، ويعود هذا النقصان إلى تآكل العمود الفقري، والحداب kyphosis وتخلخل العظام.

لذا فإن قياس طول المتقدمين في العمر قد يصبح أمرا صعبا بين أولئك الذين لا يستطيعون الوقوف باعتدال ولتلافي هذه المعضلة اتجه بعض الباحثين إلى تقييم ارتفاع الركبة Knee height كقياس بشري بديل لطول الجسم، باعتبار أن طول عظم الساق لا يتأثر بتقدم العمر. وتدل النتائج الأولية التي نشرها هؤلاء الباحثون على

(1/482)

إمكانية استعمال هذا القياس عند تقييم الحالة التغذوية للمسنين.

يزداد الوزن طبيعيا مع تقدم العمر، حتى سن الأربعين للذكور وسن الخمسين للإناث، ويستقر لفترة 15 إلى 20 سنة ثم يأخذ في النقصان. غير أن هنالك عوامل كثيرة قد تؤثر على هذا المسار الطبيعي للوزن سلبا أو إيجابا، مثل تغيير أسلوب الحياة بعد بلوغ عمر معين، وكذلك الإصابة ببعض الأمراض التي قد تؤثر على وزن الجسم.

وبجانب التغييرات في الوزن والطول عند المسنين، هنالك تغيير آخر مهم وهو التغيير في تكوين الجسم. فمع تقدم العمر يقل حجم العضلات وتزداد نسبة الدهون وتقل نسبة الماء في الجسم. ومن بين القياسات البشرية المستعملة لقياس كمية الدهون في الجسم، قياس ثخن الجلد خلف العضلة العضدية ثلاثة الرؤوس triceps skinfold thickness الذي يتوافق مع نسبة الدهون في جسم الإناث، كما يتوافق ثخن الجلد تحت عظمة الكتف subscapular مع نسبة الدهون عند الرجال. ومما يؤثر على هذه القياسات مع تقدم العمر هو ضمور ثخانة الجلد ومطاطيته مع تقدم السن، لذا فقد وضعت جداول مرجعية خاصة بالمسنين لهذه القياسات.

وفي السنوات الأخيرة استحدثت بعض التقنيات المتقدمة لقياس مكونات الجسم وتعتمد هذه التقنيات إما على على ماوقة الجسم لتيار كهربائي ضعيف bioelectrical impedance أو على تفاعل مكونات الجسم مع بعض مصادر الإشعاع، مثل تقنية الرنين المغنطيسي magnetic resonance، وتقنية التصوير المقطعي المحوسب. وقد أثبتت هذه التقنيات دقة متناهية في تقييس مكونات الجسم من عضلات وأنسجة دهنية وماء. وينتظر أن يؤدي استخدام هذه التقنيات إلى الكشف عن العلاقة بين توزيع الدهون في الجسم وانحسار حجم العضلات، وإلى التغييرات في خصائص بعض الخلايا، وعلاقة كل ذلك بتقدم العمر. ويبدو أن هذه التقنيات ستحل كثيرا من المشاكل التي نواجهها الآن في عملية القياسات البشرية للمسنين.

القياسات البيوكيميائية biochemical measures:

تتأثر كثير من القياسات البيوكيميائية التي تستعمل لتقييم الحالة التغذوية بتقدم العمر، إلا أن التغييرات الخاصة بأهم مؤشر في هذا المجال. وهو تركيز بروتين الألبومين في الدم، قليلة للغاية. وعند استعمال هذا المؤشر لتقييم الحالة التغذوية.

(1/483)

للمسن، لا بد من الأخذ في الاعتبار غياب حالة التجاف، ونوع العقاقير التي قد يستعملها المسن، وكذلك وضعه الصحي. ومن المعروف أن تزكيز الألبومين في الدم يتاثر بطول الفترة التي تتطلب الحالة الصحية للمسن المريض أن يكون فيها ملازما للسرير. ومن ناحية ثانية، فإن تركيز بروتين الترانسفران في الدم يتأثر سلبيا بزيادة كمية مخزون الحديد في أجسام المسنين، وقد يقود استعمال هذا المؤشر إلى تشخيص خاطئ لأعراض سوء التغذية.

أما بالنسبة إلى ضمور العضلات مع تقدم السن، فهنالك قياس نقص إفراز الكرياتنين creatinine في البول. وقد يزيد من نقصان إفراز الكرياتينين تراجع في عمل الكلى عند المسنين. وقد استعمل مؤشر الكرياتينين الطولي لتقييم حالة العضلات في الجسم، ولكن الصعوبة في قياس طول المسنين تجعل استعمال هذا المؤشر غير ملائم لتقييم حالة العضلات عند المسنين. هذا وقد استعمل بعض الباحثين طول الذراع كبديل لطول القامة في هذا الخصوص.

أما بالنسبة للمؤشرات البيوكيميائية الأخرى التي تستخدم في تقييم الحالة التغذوية، فإنها تبقى في المعدل الطبيعي مع تقدم العمر، ما لم تؤثر فيها الأمراض التي قد يتعرض لها المسن.

القياسات الدموية والمناعية:

مع تقدم السن تتراجع نسبة تركيز الهيوغلوبين hemolglobin في الدم، لذا فقد اقترحت نسبة تركيز 12 غراما في كل 100 مليلتر كحد أدنى للتركيز الطبيعي للهيموغلوبين في دم الإناث المسنات والذكور المسنين على حد سواء.

ولقد سبقت الإشارة إلى نقص مناعة الجسم الطبيعية مع تقدم السن، إضافة إلى ذلك فإن كثيرا من الأمراض مثل السرطان cancer، وكذلك العمليات الجراحية الرئيسية magor surgical operations والإصابة بالكسور fractures تقلل من مناعة الجسم الطبيعية. لذا فإن استعمال اختبارات المناعة لتقييم الحالة التغذوية عند المسنين لا يبدو ملائما في كثير من الأحيان.

(1/484)

الدعم التغذوي للمسنين:

برامج الدعم التغذوي:

اتجهت كثير من حكومات البلدان إلى وضع برامج للدعم التغذوي للمسنين.

سواء في مساكنهم الخاصة أو في دور العجزة وكبار السن. وتنوعت هذه البرامج بين تقديم وجبة متكاملة يوميا على الأقل، وبين دعم بعض السلع الغذائية التي توفر تكاملا غذائيا للمسنين. غير أن مثل هذا البرنامج لم يطبق في معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط.

الوجبات السائلة:

تقدم الوجبات السائلة liquid diets لكثير من المرضى المسنين الذين لا يستطيعون تناول الطعام أو لا يتناولونه بكميات كافية. وقد وفرت شركات الدواء والغذاء الكثير من أنواع الوجبات السائلة الجاهزة للاستعمال لدعم الحالة التغذوية عموما، أو لاستعمالها في بعض الحالات التغوذية مثل حالات المرضى المصابين بالسكري diabetic أو بأمراض الرئة. وبينت التجربة في استعمال الوجبات السائلة أن لها أثر فعال في دعم الحالة التغذوية للمسنين.

التغذية الأنبوبية:

تتنوع أنواع الغذاء المستعمل للتغذية الأنبوبية enteral nutrition بين طعام عادي مسحوق، ومواد غذائية مخلوط "مثل مصدر بروتين ومصدر كربوهيدرات مذابان في الماء" ووجبات متكاملة جاهزة للاستعمال، وهي نفس الوجبات السائلة المذكورة أعلاه. وقد أصبحت الوجبات السائلة جاهزة الاستعمال أكثر رواجا لدعم التغذية عن طريق الأنبوب نسبة لعدم الحاجة لتحضيرها في المستشفيات وتلافي إمكانيات تلوثها أثناء التحضير.

وهنالك شح في المعلومات عن المرضى المسنين الذين يتلقون التغذية عن طريق الأنبوب. وتشير المعلومات المتوفرة إلى نجاح استعمال هذا النوع من التغذية لتغذية المسنين، وهنالك كثير من المرضى المسنين الذين يعتمد استمرارهم في الحياة على هذا النوع من التغذية. ولا بد من المراقبة الدقيقة للمرضى المسنين الذين يتلقون هذا النوع من التغذية، وأهم ما يجب مراقبته عند هؤلاء المرضى هو توازن السوائل والأملاح. وقد بينت دراسة قمنا بإجرائها أن كثيرا من المرضى الذين يتلقون التغذية عن طريق الأنبوب معرضون لبعض أنواع سوء التغذية، خاصة نقص البروتين ونقص الحديد، وينبغي أن يتلقى هؤلاء المرضى تقييما دوريا مفصلا عن حالتهم التغذوية.

(1/485)

التغذية الوريدية:

قد يحتاج المرضى المسنون الذين يعانون من نقص حاد في التغذية، أو نظرا إلى عدم إمكانية توفير حاجتهم الغذائية عن طريق الجهاز الهضمي، إلى التغذية عن طريق الوريد parenteral nutriton وأكثر أنواع الكربوهيدات المستعملة في محاليل التغذية عن طريق الوريد هو الغلوكوز مفرط التوتر hypertonic glucose وحيث أن كثيرا من المسنين يعانون من انحسار القدرة على تحمل الغلوكوز glucose tolerance، يتوجب مراقبة تركيز الغلوكوز في دمهم مراقبة دقيقة عند دعم تغذيتهم عن طريق الوريد. كذلك يجب مراقبة تركيز الدهون في الدم عند هؤلاء المرضى وبالذات في حالات المرضى الذين تتطلب العناية الطبية بهم الحد من كمية السوائل، حيث يتم في هذه الحالات زيادة كمية الدهون على حساب الغلوكوز في محاليل التغذية عن طريق الوريد "حيث الدهون توفر كميات أعلى من الطاقة ي كمية أقل من السوائل مقارنة بالغلوكوز".

يمكن تحضير محاليل التغذية عن طريق الوريد لتوفير الحاجة الطبيعية للمريض المسن من الفيتامينات والمعادن، كما يمكن تغيير تركيز بعض الفيتامينات والمعادن للوفاء بحاجة تغذوية خاصة عند المريض المسن. وينبغي الحذر عند زيادة تركيز أحد الفيتامينات أو المعادن في هذه المحاليل. فهنالك مثلا بعض الفيتامينات مثل فيتامين c والنياسين التي قد يسبب ارتفاع تركيزها في محلول التغذية عن طريق الوريد إلى ظهور أعراض جانبية مثل اضطراب نظم القلب cardiac arrhythmias.

التفاعل بين الأدوية والعناصر الغذائية drug nutrient interaction:

يتعاطى المسنون الأدوية أكثر من أي مجموعة عمرية أخرى، وينطبق هذا على العقاقير التي تعطى بناء على وصفة الطبيب، أو الأدوية التي تباع بغير وصفة طبية. ويزيد الأمر تعقيدا أن كثيرا من المرضى المسنين يتناولون أكثر من دواء "polypharmacy" في وقت واحد، في حين أن تقبل جسم المسن لأي من هذه الأدوية في مثل هذه الحالات يصعب التنبؤ به. وإضافة إلى تفاعل أنواع الأدوية بعضها مع بعض، يؤثر تفاعل الأدوية مع العناصر الغذائية على امتصاص واستقلاب إفراز الأدوية والمواد الغذائية. ويتأثر المرضى المسنون أكثر بمثل هذا التفاعل المتبادل بين الأدوية والعناصر الغذائية، خصوصا المرضى منهم الذين يعانون من الأمراض المزمنة chronic diseases، أو من يكون تناولهم الغذائي محدودا. وربما يكون

(1/486)

نقص المعادن هو المثال الشائع لسوء التغذية التي يسببها تناول بعض الأدوية وقد يأخذ ظهور أثر هذا التفاعل المتبادل بين الأدوية والمواد الغذائية وقتا طويلا قبل اكتشافه، كما في حالة إصابة المسن بمرض حاد acute illness، ويحتوي الجدول 5 على أمثلة لتأثير بعض الأدوية على استفادة الجسم من العناصر الغذائية.

الجدول 5- تأثير تناول بعض أنواع الأدوية على الحالة التغذوية

(1/487)

أثر العوامل النفسية والفيزيولوجية والاجتماعية على تغذية المسنين:

اهتم كثير من الباحثين بدراسة أثر العوامل النفسية والاجتماعية على تغذية المسنين، والتي يمكن تقسيمها إلى عوامل طبيعية وعوامل نفسية وعوامل فيزيولوجية وعوامل اقتصادية- اجتماعية. ويلخص الجدول6 هذه العوامل التي أظهرتها نتائج.

الدراسات المختلفة. والجدير بالذكر هنا أن هذه الدراسات أجرى معظمها على المسنين في القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن الجدول المذكور يلخص العوامل النفسية والاجتماعية والطبيعية والفيزيولوجية المؤثرة على تغذية المسنين في هذه المجتمعات. وبالطبع تختلف هذه العوامل من مجتمع إلى آخر، غير أنه لا يتوفر لدينا الآن العدد الكافي من مثل هذه الدراسات عن العالم العربي لاستخلاص النتائج الخاصة بهذا الشأن. وسوف نحاول بقدر الإمكان تقدير آثار العوامل النفسية والاجتماعية في المجتمعات العربية على تغذية المسنين فيما سنورده أدناه.

العوامل الطبيعية:

مع تقدم العمر يزداد احتمال فقد الأسنان. وبالرغم من أن التقدم في طب الأنسان عالج حالات فقد الأسنان بالأسنان الاصطناعية، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن الأسنان الاصطناعية ما زالت باهظة الكلفة على قطاع كبير من السنين. ويؤدي فقدان القدرة على المضغ الكافي للطعام لعدم وجود العدد الكافي من الأسنان إلى تغيير في نوع الطعام المتناول وإلى تجنب أطعمة معينة. مثال ذلك تفضيل النشويات والأطعمة المطبوخة جيدا والمهروسة وتجنب تناول الفواكه والخضار الطازجة واللحوم. وبالطبع يقود هذا التغيير في نمط التناول الغذائي إلى نقص في تناول بعض العناصر الغذائية كالحديد والزنك، كما يؤدي تجنب تناول الخضار والفاكهة والأغذية الأخرى الغنية بالألياف الغذائية إلى نقص حجم البزار والذي يقود إلى ضعف حركة عضلات الجهاز الهضمي، ويؤدي بالتالي إلى الإمساك.

كذلك مع تقدم العمر يقل التناسق بين الجهازين العصبي والعضلي، ويؤدي ذلك إلى عدم ثبات حركة الأيدي والأرجل، مما يؤثر على تناول بعض الأطعمة خصوصا المشروبات. وكثيرا ما يتجنب المسن مثل هذه الأطعمة خوفا من الحرج الذي قد يسببه تناول هذه الأطعمة مثل دلق الطعام على الملابس. وفي حالة المسنين المصابين بمثل هذا الخلل والذين يقومون بشراء وتحضير طعامهم بأنفسهم، فغالبا ما يتجنبون تحضير الطعام الساخن خوفا من حوادث الحريق. وفي حالة عدم وجود محل قريب لشراء الطعام الطازج، يلجأ هؤلاء المسنون إلى شراء الطعام الموجود من المحل الأقرب.

(1/488)

ويصاب كثير من المسنين بضعف حاستي البصر والسمع، وقد يؤدي ذلك إلى سوء في التدقيق عند اختيار الطعام أو إلى تجنب تناول الطعام في بعض الأماكن كما يشكو الكثير من المسنين من بعض أنواع الطعام التي تسبب لهم أعراضا مثل الحرقة heartburn أو النفخة مما يدفعهم إلى تجنبها، والتي قد تكون ذات قيمة غذائية عالية، من غير محاولة معالجة السبب في ظهور هذه الأعراض عند تناولها.

العوامل النفسية:

كثيرا ما يأنف المسنون اعتمادهم على الآخر، ويلجأون إلى الاحتفاظ باستقلاليتهم، مثل الإصرار على السكن بمفردهم. ويفتقد مثل هؤلاء المسنين الدافع إلى تحضير الطعام والانتظام في مواعيد تناوله، مما يؤدي إلى تناول وجبات غير متوازنة. وقد تؤدي مثل هذه الحالات أيضا إلى لجوء المسن إلى تناول كميات كبيرة من الطعام في بعض الأيام، وتجنب تناول الطعام في أيام أخرى

ويعاني كثير من المسنين من الاكتئاب depression الذي يؤثر على تأقلم المسن مع التغيير في أسلوب حياته. وقد ينعكس أثر الاكتئاب على تناول الطعام، فيكثر المسنون من الأكل لتعويض الفراغ العاطفي في حايتهم، وبالطبع قد يؤدي هذا إلى الإصابة بالسمنة. كما أن العزوف عن الطعام قد يحدث أيضا نتيجة الشعور بالاكتئاب. إن مساعدة أفراد العائلة للمسن في خلق حياة اجتماعية نشطة، يساعد كثيرا في التخلص من الشعور بالاكتئاب.

وتؤدي العزلة الاجتماعية والفراغ العاطفي عند المسنين أيضا إلى الشعور بالقلق anxiety والذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الشهية لتناول الطعام كذلك يسبب الشعور بالقلق في بعض التغييرات الهرمونية التي ينتج عنها قلة في إفراز العصارات الهضمية digestive juices في المعدة والأمعاء، وبالتالي يفقد الجسم المقدرة على الامتصاص الكامل لمواد الغذائية. من الجانب الآخر فإن العقاقير التي تستعمل لمعالجة القلق كثيرا ما تؤدي إلى فقدان الشهية. لذا فإن تناول المسن لوجباته برفقة أقرانه أو أفراد العائلة يمنع الكثير من هذه المشاكل.

(1/489)

والجدول 6- أثر العوامل الطبيعية والنفسية والاقتصادية- الاجتماعية على تغذية المسنين

العوامل الاقتصادية- الاجتماعية:

كثيرا ما تتدهور الحالة الاقتصادية للمسنين الذين يعتمد دخلهم على ما يتلقونه من فوائد بعد الخدمة، مما يؤثر مباشرة على شراء المواد الغذائية. لذلك يلجأ هؤلاء المسنون إلى شراء المواد الغذائية الرخيصة التي تسد رمقهم، مثل الخبز والأرز، وإهمال شراء المواد الغذائية المكلفة نسبيا، مثل اللحوم والفاكهة، وبالطبع ينعكس هذا التغيير في نمط التناول على حالتهم التغذوية.

وقد شهدت كثير من مجتمعات الدول النامية حركة تمدن في الحقبات الأخيرة، سببت هجرة من الأرياف والسكن في المدن. وقد لجأ بعض أبناء المسنين الذين تركوا الأرياف وهاجروا إلى المدن إلى اصطحاب آبائهم المسنين إلى المدن. ويترك الوالدان المسنان في مثل هذه الحالات أصدقاءهم القدامى في القرية والمجتمع الذي عاشا فيه طوال عمرهما، إلى مجتمع يختلف فيه أسلوب الحياة وربما الثقافة واللغة ونمط التناول الغذائي، ولا يجد مثل هؤلاء المسنين أي دور لهم في هذا المجتمع الجديد. مثل هذا التغيير قد يؤدي إلى عدم التأقلم على العادات الغذائية الجديدة ويؤثر على الناحية النفسية للمسن، مما قد يقود إلى الشعور بالاكتئاب والقلق اللذين يؤثران على الحالة التغذوية كما سبق ذكره أعلاه.

(1/490)

في حالات أخرى يهجر الأبناء الريف إلى المدن تاركين ورائهم المسنين الذين قد تسوء حالتهم الاقتصادية كثيرا، مما ينعكس على نمط تناولهم الغذائي. وتتأثر الحالة التغذوية للذكور المسنين كثيرا في مثل هذه الحالات، حيث أن معظم الذكور في مجتمعات الدول النامية يجهلون طرق الطهي وتحضير الطعام لاعتمادهم على الأنثى في هذا المجال.

وكثيرا ما ينتهي المسن في سنواته الأخيرة بالإقامة في دور المسنين أو المستشفيات. ونظرا لندرة المعلومات المتوفرة عن الحاجات الغذائية للمسنين من نزلاء دور المسنين أو المستشفيات، فقد تكون هنالك صعوبة في توفير الطعام المتكامل لمثل هؤلاء المسنين. وبالفعل فقد قارن أحد الباحثين المشاكل التغذوية للمسنين الذين يعيشون بمنازلهم بأولئك الذين يعيشون بدور المسنين، حيث وجد أن الفئة الأخيرة تعاني من بعض أعراض سوء التغذية انعكسب في نقص في تركيزفيتامين c وحمض الفوليك والألبومين والزنك في الدم. كما لاحظ أيضا أن الوجبات التي تقدم في مثل هذه الدور قد تحتوي على بعض العناصرالغذائية دون المستوى الموصي به، وبالذات الحديد وحمض الفوليك والألياف الغذائية. وتنطبق هذه الملاحظات أيضا على نزلاء المستشفيات من المسنين. فقد استخلصت بعض الدراسات أن نزلاء المستشفيات من المسنين يعانون من نقص الزنك وفيتامين D والثيامين وحمض الفوليك والكالسيوم، ولا تحتوي وجباتهم على كميات كافية من الألياف الغذائية، كما لوحظ أن المسنين في المستشفيات لا يتناولون غذائهم كاملا إذا تركوا بمفردهم أوقات تناول الطعام.

(1/491)

الإرشاد التغذوي للمسنين:

ينبغي أن يقوم الإرشاد التغذوي للمسنين كفئة عمرية من المجتمع على نتائج المسوحات التغذوية التي تحدد مشاكل تغذية المسنين العامة، وبالتالي يتم إعداد برامج الإرشاد التغذوي التي تأخذ في الاعتبار هذه المشاكل.

ويحتاج كثير من المسنين إلى إرشاد تغذوي nutrition counselling خاص والذي يقود بالطبع إلى تقديم النصح لهم بتغيير بعض العادات الغذائية أو الحد من تناول بعض الأطعمة أو تناول أطعمة غير تلك التي يتناولونها عادة. وعند تقديم مثل هذه الإرشادات التغذوية، ينبغي مراعاة الطريقة التي تقدم بها النصيحة حتى يتقبلها المسن. فأي تغيير في نمط التناول الغذائي قد يتقبله المسن، إذا ما روعي فيه المذاق المفضل للمسن، وسهولة التأقلم على التغيير، أو إقناع المسن بالفوائد الصحية لمثل هذا التغيير في نمط التناول. وكثيرا ما يعني التغيير في نوعية طعام المسن الحرمان من تناول طعامه المفضل، وقد يقود ذلك إلى العزوف عن الطعام كلية لذا ينبغي عدم تقديم النصح في شأن الغذاء في شكل أوامر، أو تصنيف أنواع الطعام على أساس طعام سيئ وطعام صحي، مثلا، كما يجب أيضا عند تقديم الإرشاد التغذوي للمسن تقييم حالة تأقلمه على أنواع غذاء معينة، أو على كميات محدودة من الطعام. فالمسن البالغ من العمر سبعين عاما مثلا والذي تعود طيلة حياته على الاستمتاع بكوب الشاي المضاف إليه السكر، من الصعب إقناعه بعدم تناول السكر لتجنب إصابته بمرض السكري، في مثل هذه الحال ينبغي الالتفات إلى عاداته الغذائية الأخرى التي قد يكون تغييرها أكثر تقبلا للمسن.

ومن الجدير بالذكر هنا أنه ليس هنالك اتفاق عام بشأن الإرشادات العامة لتغذية المسنين غير تلك التي يمكن أن تستنبط من كميات العناصر الغذائية الموصى بها لمسنين. وقد تتوفر قريبا مثل هذه الإرشادات نظرا لكثافة الأبحاث والدراسات التي تجرى حاليا في مجال تغذية المسنين.

(1/491)

المراجع:

1- Guthrie HA, Introductory Nutrition, pp 555 - 581. 3ed, 1989. Times Mirror, Mosby College publishig. Boston, USA.

2- Manual of Dietetic Practice, pp 283 - 291. Edited for the British DieteticAssociation by B. Thomas, 1988. Blackwell Scientific Publication. London, U.K.

3- Shills ME & Young Vr, Modern Nutrition in Health and Disease, pp 82 - 1000, 7th Edit, 1988. Lea & Febiger, Philadelphia, U.S.A.

4- Nutrition Reviews, Vol. 50, No. 12 (1992) , Special Issue on Elderly.

يحتوي هذا المرجع على أوراق متعددة خاصة بتغذية المسنين وتمثل خلاصة المعرفة الحديثة بتغذية المسنين.

5- Kane RL, Grimlgy G. Evans J, MacFayden P. Improving the Health of Olde people. A world Review. Oxford University Press Con behalf of (WHO) , 1990. Oxford, U.K.

(1/492)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الغذاء والتغذية

تغذية الفئات الخاصة

أولا: تغذية الرياضيين

مقدمة

...

تغذية الفئات الخاصة:

الدكتورة سلمى طوفان

أولا: تغذية الرياضيين

مقدمة:

زاد الاهتمام بالرياضة واللياقة البدنية خلال العقود الماضية للذكور والإناث ولكافة الأعمار، وذلك بسبب أهميتها في التمتع بصحة بدنية ونفسية وعقلية جيدة فالنشاط الجسدي يحافظ على وزن الجسم ويقلل من تخزين الدهن ويزيد من احتراقه. كما أن التمرين الهوائي aerobic exercise ينشط الدورة الدموية وله تأثير إيجابي على شحوم الدم، فيزيد من مستوى الشحوم عالية الكثافة high density lipoproteins ويرفع النسبة بين هذه الشحوم والشحوم منخفضة الكثافة low density lipoproteins، كما يخفض محتوى بلازما الدم من الغلسيريدات الثلاثية.

ويزيد التمرين من تمعدن العظام bone mineralization وبالتالي يقلل من مخاطر تخلخل العظام osteoporosis، كما يساعد التمرين على إنتاج مهدئات الدماغ الطبيعية المرتبطة بتخفيف الشعور بالألم وبتحسين الحالة النفسية وارتفاع المعنويات. وعلى الرغم من أن التغذية المتوازنة لوحدها لا تحول الرياضي العادي إلى بطل أولمبي، إلا أنها ضرورية للأداء المتفوق في الرياضة على اختلاف أنواعها. وقد أصبح تأثير التغذية على أداء الرياضي موضوع بحث العديد من العلماء في الوقت الحاضر، مع أن اهتمام الرياضيين ومدربيهم بذلك قائم منذ وقت طويل ويعتقد البعض أن التغذية تكون هامة أثناء التدريب أو المباراة فقط، مع أن الأداء

(1/493)

الرياضي الجيد يتطلب الاهتمام بها في جميع الأوقات. ومما لا شك فيه أن ممارسة الرياضية لعادات غذائية سيئة تقلل من قدرة التحمل endurance والقوة عنده وتؤدي إلى انخفاض مستوى أدائه، إضافة إلى الأسر السلبي على الصحة.

وتغذية الرياضي في الوقت الحاضر هي أيضا موضوع اهتمام مصنعي الأغذية. ويتوفر حاليا في الأسواق العديد من منتجات خاصة بالرياضيين يدعي مروجوها أنها ذات فائدة لهم، وبخاصة العوامل مولدات العمل ergogenic agents التي يعتقد أنها تزيد من النشاط والمقدرة. وينجذب الرياضيون ومدربوهم بسهولة لمثل هذه المنتجات ولأية برامج يعتقد أنها تؤدي إلى تغير سريع وفعال في تركيب الجسم أو شكله أو أدائه، وهذا أمر متوقع لأن غالبية الرياضيين هم في سن المراهقة وفي مرحلة تطور جسدي ونفسي، وبالتالي يكونون أكثر إقبالا من غيرهم لأية صراعات غذائية، ويصبحون أكثر عرضة لأية مشاكل تغذوية نظرا لسرعة نموهم واحتياجاتهم العالية.

(1/494)

عوامل اللياقة البدنية:

ليست التغذية الجيدة كافية للحصول على أداء متفوق، بل يجب أيضا توفر عوامل اللياقة البدنية التي تشمل تركيب الجسم واللياقة العضلية والسعة القلبية الوعائية cardiovascular capacity

تركيب الجسم. إن أكبر متغير في جسم الإنسان هو الدهن ويوجد على نوعين هما:

- الدهن الأساسي essential fat، ويوجد في نخاع العظام والجهاز العصبي المركزي وبعض الأعضاء الأخرى. ولا يتأثر هذا النوع من الدهن بالوجبة أو التمرين.

- الدهن المخزون storage fat، وهو النسيج الدهني الذي يحيط بالأعضاء والموجود تحت الجلد، وتعتمد كمية هذا النوع في الجسم على الوجبة والتمرين.

ويقدر الدهن الأساسي للذكور بنحو 3% من وزن الجسم، أما عند الإناث فتقدر النسبة بنحو 12% وهي أعلى مما هي عند الذكور لأنها تشمل الدهن الأساسي الخاص بالجنس sex - specific essential fat كالموجود في النسيج الثديي وغيره. ويستخدم أحيانا مصطلح "وزن الجسم الأدنى" minimal body weight"

(1/494)

للإناث ويشمل كتلة الجسم الغثة lean body weight "أي قليلة الدهن" والدهن الأساسي الخاص بالجنس

وتتراوح نسبة الدهن عند الرياضيين الذكور بين 5 و8% من وزن الجسم، ونادرا ما تنخفض إلى 3% ويستثنى من ذلك بعض الرياضيين مثل سباحي المسافات الطويلة channel swimmers، إذ تكون نسبة الدهن في أجسامهم مرتفعة لتساعد الجسم كي يطفو فوق سطح الماء ولتحميه من برودة الماء. وانخفاض نسبة الدهن إلى الحد الأدنى أمر غير مرغوب فيه عند الإناث، وقد يؤدي ذلك إلى عسر الطمث dysmenorrhea أو الضهي amenorrhea أو حصول طمث عديم الإباضة anovulomenorrhoea عند صغيرات السن اللواتي يمارسن الرياضة، ولكن يعود الطمث طبيعيا عندما ترتفع نسبة الدهن في الجسم. كما لوحظ أيضا تأخر بدء الإحاضة menarche عند الفتاة إذا كانت نسبة الدهن في جسمها قليلة. ويجب أن يؤخذ بالاعتبار أن التوتر والتمرين المرهق يؤثران أيضا على الطمث.

أما وجود كميات إضافية من الدهن في الجسم فإنه يقلل من كفاءة حركة العضلات ويزيد من صرفها للطاقة والأكسجين لنفس الشغل.

- لياقة العضلات. وتشمل قوتها strength وجلدها endurance ومرونتها flexibility والمقصود بالقوة بذل العضلات أقصى جهد ممكن في المقاومة. أما الجلد فهو مقدرة العضلات على بذل جهد، ليس بالضرورة أقصاه، لفرات طويلة. أما المرونة فهي مقدرة عضلات الجسم على القيام بجميع الحركات التي يفترض أن تقوم بها. وتتأثر لياقة العضلات ومخزونها من الطاقة بالتغذية كما سيوضح لاحقا.

- لياقة الجهاز القلبي الوعائي. ويقصد بذلك مقدرة الجسم على الحصول على الأكسجين اللازم للعضلات لأكسدة الكربوهيدرات والدهون لإنتاج الطاقة. وكلما زاد مستوى اللياقة لهذا الجهاز، كلما زادت كفاءة الحصول على الأكسجين، مما يقلل من العبء على القلب، فتقل ضرباته وتقل سرعة النبض وبالتالي يستطيع الرياضي ممارسة الرياضة بشدة intensity أكثر دون أن ينقطع التنفس ولمدة أطول بدون تعب أو إرهاق. وتكون كفاءة هذا الجهاز عالية عند الذي يمارس الرياضة منذ الصغر بالمقارنة مع الذي بدأ في ممارستها بعد سن البلوغ وتحدد شدة التمرين intensity of exercise أو اللياقة الهوائية aerobic fitness بمعرفة الحد الأقصى المستهلك من الأكسجين أو السعة الهوائية maximal oxygen uptake أو Vo2 max

(1/495)

وهي تمثل أكبر كمية من الأكسجين يستطيع أن يستهلكها الشخص أثناء التمرين، وتقاس تحت ظروف مسيطر عليها باستخدام بساط محرك treadmill أو دراجة وغيرهما.

ويحدد الحد الأقصى من الأكسجين أو السعة الهوائية مقدرة الشخص على تحمل تمرين شديد لمدة أكثر من 4-5 دقائق، وقد تبلغ 20 مليلترا لكل كيلو غرام من وزن الجسم في الدقيقة للشخص العادي 70- 80 مليلترا عند الرياضي ذي التحصيل العالي. ويبين الشكل رقم 1 حدود السعة الهوائية الرياضية من الذكور والإناث من مستوى لاعبي الأولمبياد بالمقارنة مع الشخص العادي. وتزداد كمية الأكسجين التي يستهلكها الجسم اللين "أي قليل الدهن" بالمقارنة مع الجسم عالي الدهن، لذلك فهي أعلى للذكور منها للإناث بنفس مستوى التدريب. وتحدد شدة التمرين ومدته مصدر الطاقة اللازم، أي الدهن أم الكربوهيدرات.

(1/497)

أنظمة صرف الطاقة:

للحصول على أفضل النتائج عند القيام باي نشاط رياضي، يجب توفر القدرات الفيزيولوجية الخاصة واللازمة، ومنها توفير الطاقة اللازمة لعمل العضلات، إذ أن أداء العضلات أو مقدرتها على العمل يعتمد بشكل رئيسي على شكل الطاقة ومدى توفر مصادرها، وتستخدم العضلة مصادر متنوعة للطاقة وتنتج جزءا منها كما أن نوع النشاط يحدد شكل الطاقة اللازمة وكميتها، فالطاقة اللازمة للرجل "السباق القصير" sprint، أي للعدو بأقصى سرعة في سباق قصير المسافة، تختلف عن تلك اللازمة لسباق الماراتون، أي عدو مسافات طويلة أو أنشطة الجلد. وفهمنا لأنظمة صرف الطاقة يساعد على تفادي الإرهاق أثناء التمرين، وعلى توفير شكل الطاقة المرغوب عن طريق تناول وجبات مناسبة.

يخزن الجسم الطاقة بأشكال مختلفة مثل الأدينوزين ثلاثي الفوسفات "ATP"، وفوسفات الكرياتين "CP"، وغليكوجين glycogen العضلات، والدهن المخزون في النسيج الدهني. وتستخدم الطاقة في انقباض العضلات وحركتها من خلال تفاعلات بيوكيميائية في العضلات يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنظمة رئيسية هي: نظام CP-ATP، نظام حمض اللاكتيك، نظام الأكسجين أو النظام الهوائي.

نظام CP-ATP

ويعرف هذا النظام أيضا بنظام مولد الفوسفور phosphagen system. وكما

(1/497)

نعلم فإن الأدينوزين ثلاثي الفوسفات هو مصدر الطاقة الجاهز والسريع لانقباض العضلات، وهو مركب غني بالطاقة التي تتحرر لتحل الروابط الفوسفورية، ويخزن في العضلات، ولكن مخزون الجسم من هذا المركب محدود جدًّا ويجب تعويضه بسرعة إذا استمرعمل العضلات. وفوسفات الكرياتين هي أيضا مركب غني بالطاقة ويخزن في الخلايا العضلية ويستخدم كمصدر سريع لإنتاج ATP، فعند نزع مجموعة الفوسفات منه تنتج طاقة تستخدم في تركيب ATP. وينتج جزء واحد من ATP عند تحلل جزيء واحد من CP في تفاعل مزدوج coupled reaction على النحو التالي:

فوسفات الكرياتين - فوسفور عضوي +_ كرياتين+ طاقة

طاقة + فوسفور عضوي + أدينوزين ثنائي الفوسفات ------ أدينوزين ثلاثي الفوسفات

ومخزون العضلات من هذين المركبين، أي الأدينوزين ثلاثي الفوسفات وفوسفات الكرياتين ضئيل، ويقدر بنحو 0.3 جزئي عند الإناث و 0.6 عند الذكور. وهذا يعني أن الطاقة التي يمكن الحصول عليها من هذا النظام محدودة جدًّا وتكفي لبضع ثوان فقط. فمثلا عند عدو مائة متر يحتمل نفاد مخزون الجسم من هذين المركبين بنهاية النشاط. إلا أن أهمية هذا النشاط تكمن في سرعة أو جهوزية توفير الطاقة وليس في كميتها. وهذا ضروري لأنواع الرياضة التي تتطلب بضع ثوان لإنهائها مثل الرجل والفقر. وبما أن مولدات الفوسفور سريعة النفاد، فيجب أن يكون هناك بديل، وفي هذه الحالة يأتي دور مصادر الطاقة الأخرى.

نظام حمض الكلاكتيك:

لا يستخدم هذا النظام مباشرة كمصدر لطاقة انقباض العضلات، ولكنه سريع في تعويض ATP، إذا دعت الحاجة. ويعرف هذا النظام بالتحلل السكري اللاهوائي Anaerobic glycolysis وفي هذا النظام يتحلل غليكوجين glycogen العضلات لا هوائيا وينتج عن ذلك Atp بشكل سريع، ولكن ينتج حمض اللاكتيك وهذا النظام ضروري للتمارين التي يجب أن تنفذ خلال مدة أقصاها دقيقة إلى ثلاثة دقائق، وهو النظام الرئيسي الذي يعتمد عليه في عدو مسافة 400- 800 متر وفي الدورة الأخيرة last kick من سباق 1500 متر وغيرهما. ومن مساؤي هذا النظام أنه يتوفر كمية قليلة من ATp إذ ينتج 3 جزيئات ATp من تحليل 180 غرام غليكوجين لا هوائي مقابل 39 جزئيا من التحلل الهوائي لنفس الكمية، هذا بالإضافة

(1/498)

إلى تراكم حمض اللاكتيك في الدم والعضلات، وإذا زادت كمية هذا الحمض في الجسم نتج عنه إرهاق عضلي مبكر ومؤقت.

نظام الأكجسين "النظام الهوائي":

وهذا النظام كنظام حمض اللاكتيك لا يستخدم مباشرة كمصدر لطاقة انقباض العضلات، ولكنه يوفر كميات كبيرة من الأدينوزين ثلاثي الفوسفات "ATP" من مصادر الطاقة الأخرى. فبوجود الأكسجين يتحلل 180 جزئيا من ATP وتتم هذه التفاعلات في متقدرات mitochondria الخلايا العضلية، ولا ينتج عن هذا التحلل أية مركبات تسبب الإرهاق، فثاني أكسيد الكربون يطرح خارج الجسم بعملية الزفير، بينما الماء الناتج يعتبر ضروريا للخلايا. كما أن هذا النظام لا يتطلب نوعا معينا من الأغذية لأنه لا يقتصر فقط على الغليكوجين glycogen، بل يمكن الاستفادة من الدهون والبروتينات التي تدخل دورة كربس "حمض الليمون" من نقاط عديدة وبمعنى آخر فإن مصادر ATP متعددة وتشمل غليكوجين العضلات والكبد وسكر الدم والغليسريدات الثلاثية الموجودة في العضلات والحموض الدهنية الحرة والغليسريدات الثلاثية الموجودة في الدم والغليسريدات الثلاثية الموجودة في العضلات والحموض الدهنية الحرة والغليسريدات الثلاثية الموجودة في الدم والغليسريدات الثلاثية الموجودة في النسيج الشحمي، إضافة إلى بروتين الجسم. وتدخل هذه المواد إلى الخلايا على شكل غلوكوز وحموض دهنية حرة وحموض أمينية، من خلال سلاسل معقدة من التفاعلات البيوكيميائية بوجود الأكسجين. ويبين الشكل 2 مصادر الطاقة في الأنظمة الثلاثة.

والنظام الأكسجيني ضروري للأنشطة طويلة الأمد أي رياضة الجلد endurance، فعلى سبيل المثال يتطلب سباق الماراتون، الذي يتطلب قطع مسافة 42 كيلو مترا، حوالي 150 جزئيا من ATP خلال فترة سباق مدتها ساعتين ونصف، ويمكن إنتاج هذه الكمية من النظام الهوائي بوجود كميات كافية من الغليكوجين والدهون والأكسجين، وهو لا يؤدي إلى إرهاق مبكر. ويبين الجدول 1 ملخصا لأهم خصائص الأنظمة الثلاثة سالفة الذكر.

(1/499)

الجدول 1- أهم خصائص أنظمة صرف الطاقة في الرياضة

ويبين الجدول 2 مساهمة أنظمة صرف الطاقة في الأنشطة الرياضية حسب مدة التمرين

الجدول 2 - مساهمة أنظمة صرف الطاقة حسب مدة التمرين

(1/500)

الشكل 2- مخطط أنظمة الطاقة

وكما هو ملاحظ من الجدول السابق فإن جهدا لمدة دقيتين كحد أقصى يتطلب 50% من العمليات الهوائية.

(1/501)

يتضح مما تقدم أن مصدر الطاقة المستعمل في التمرين يعتمد على شدته ومدته ومستوى تدريب الرياضي. فإن كانت شدة التمرين منخفضة، أي يتطلب أقل من 60 % من السعة الهوائية، تكون الحموض الدهنية التي تتحلل إلى الخلات النشطة "أستيل التميم A" هي المصدر الرئيسي للطاقة. وكلما زادت شدة التمرين أو سرعة النبض تزداد مساهمة الكربوهيدرات كمصدر للطاقة، وعند سعة هوائية قصوى بنسبة 85-90% تصبح الكربوهيدرات المصدر الرئيسي للطاقة وتكون مدة التمرين محدودة.

(1/502)

الاحتياجات الغذائية

متطلبات الجسم من الطاقة

...

الاحتياجات الغذائية:

الاحتياجات الغذائية للرياضيين هي نفسها لغير الرياضيين، ولكن يمكن أن تختلف فيما يتعلق بالطاقة والدهن والكربوهيدات وبعض الفيتامينات والأملاح المعدنية والماء. ومن الضروري الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الرياضيين الذين هم في طور النمو بحيث يستكمل نموهم على النحو الطبيعي.

1- متطلبات الجسم من الطاقة:

إن احتياجات الرياضي من الطاقة أعلى منها للشخص العادي. وتعتمد الاحتياجات الإضافية من الطاقة للرياضي على عوامل عديدة منها: نوع النشاط الذي يمارسه والمدة الزمنية التي يقضيها في النشاط ومستوى اللياقة البدنية ووزن الجسم والعمر والجنس. فالطاقة اللازمة لسباق الماراتون أعلى من تلك اللازمة لسباق قصير المسافة، وكلما قل الوزن، قلت الطاقة اللازمة للقيام بنفس العمل. وتتغير احتياجات الرياضي بتغير التدريب والأداء، فمثلا الرياضة التي تحتاج إلى تكرار انقباض العضلات كالعدو والسباحة، تتطلب طاقة أكثر من تلك التي تعتمد بشكل كبير على استمرارية انقباض العضلات كالجمباز، وعلى أية حال يتم استهلاك أكبر كمية من الطاقة والأكسجين في بداية انقباض العضلات. وتتراوح احتياجات بعض الرياضية الذكور ما بين 3500- 6000 كيلو كالوري يوميا، بينما يمكن أن تصل احتياجات بعض الرياضيات مثل الراقصات أو اللواتي يمارسن الجمباز GYMNASTICS إلى 1400 - 2000 كيلو كالوري للحفاظ على وزن تنافسي. ويبين الجدول 4 معدل الطاقة التي يبذلها الرياضيون حسب نوع الرياضة.

(1/502)

الجدول- 4 الطاقة اليومية التي يصرفها الرياضيون للقيام ببعض أنواع الرياضة

ويبين الجدول 5 الطاقة المصروفة لأداء بعض الأنشطة حسب وزن الجسم ومدة القيام بالنشاط. ويعتبر الوزن الطبيعي للرياضي أفضل مؤشر طويل الأمد للتأكد من استيفاء احتياجات جسمه من الطاقة. وفي الظروف العادية تزداد الشهية بزيادة احتياجات الجسم من الطاقة فيتناول الرياضي كميات طعام أكبر مما كان يتناولها ولكن لا يعتمد على الشهية لزيادة استهلاك الطعام في حالات التوتر التي يمكن أن يصاب بها الرياضي أثناء التدريب أو المباراة.

(1/503)

متطلبات الجسم من الكربوهيدرات

...

2- متطلبات الجسم من الكربوهيدرت:

تعتبر الكربوهيدرات مصدر الطاقة الرئيسي للرياضي، إذ لا يمكن الحصول على الطاقة من أكسدة الحموض الدهنية فقط، وحتى تحت أفضل الظروف يحصل الرياضي على 60- 70% من الطاقة اللازمة للتمرين ذي طابع الجلد "أي طويل الأمد" من الدهون والباقي تزوده به الكربوهيدرات، وسكر الدم وغليكوجين الكبد والعضلات. كما أن مخزون الجسم من الكربوهيدرات، أي الغليكوجين GLYCOGEN الموجود في الكبد والعضلات، له تأثير مباشر على استمرارية التمرين. ويخزن الجسم في الظروف العادية حوالي 2000- 1500 كيلو كالوري من الطاقة على شكل سكر الدم وغليكوجين، وتتأثر هذه الكمية بشكل كبير بالوجبة. فمثلا يؤدي الصوم لفترة قصيرة لا تزيد على 24 ساعة أو تناول وجبات تحتوي على كمية قليلة من الكربوهيدرات، إلى انخفاض شديد من مخزون الجسم من الغليكوجين، بينما

(1/503)

يضاعف تناول وجبات غنية بالكربوهيدرات لبضعة أيام كمية الغليكوجين فيما لو تناول الشخص كميات عادية منها. وقد دلت دراسات عديدة أن تناول الرياضي لوجبات فقيرة في الكربوهيدرات، خاصة عند القيام بتمارين مرهقة ومتكررة، يؤدي إلى ضعف في الأداء ويسبب الإصابة بالإرهاق والخلال KETOSIS والتجفاف Dehydration ونقص سكر الدم hypoglycemia بينما يؤدي تناول وجبات غنية بالكربوهيدرات إلى تحسين الأداء وزيادة الجلد في أنواع مختلفة من رياضة الجلد.

وللمحافظة على مخزون كاف من الغليكوجين يجب أن تزود الكربوهيدرات ما بين 55- 60% من الطاقة المتاولة، وتصل النسبة إلى 65 - 70% وأكثر للرياضين الذين يمارسون تمارين شاقة يوميا. ويفضل تناول الكربوهيدرات المعقدة complex carbohydrates لأنه هضمها يحتاج إلى وقت أطول من تلك البسيطة وبالتالي توفر مصدرا داعما sustained لغلوكوز الدم. كما أن المسار المفضل في استقلاب الكربوهيدرات المعقدة هو الغليكوجين، في حين أن السكريات البسيطة أقل كفاءة في المحافظة على مخزون الغليكوجين إذ تتحول بشكل رئيسي إلى حموض دهنية حرة وتخزن على شكل دهن أكثر من غليكوجين. كما أن السكاكر البسيطة تؤدي إلى استجابة حادة للأنسولين. وقد يؤدي ذلك إلى نقصث سكر الدم hypoglycemia. أضف إلى ذلك أن الأغذية الغنية بالكربوهيدرات المعقدة تحتوي أيضا على الألياف الغذائية والفيتامينات والأملاح المعدنية.

التحميل بالكربوهيدرات. المقصود بالتحميل بالكربوهيدرات carbohydrate loading أو الغليكوجين امتلاء العضلات بها. وقد اقترح إجراء التحميل بالكربوهيدرات لعدائي الماراثون والسابقات الطويلة "اي رياضة الجلد التي لا تقل مدتها عن ساعة ونصف" كوسيلة لتزويدهم بالطاقة طيلة فترة السباق، فهذا النوع من الرياضة يتطلب كميات كافية من الغليكوجين بالإضافة إلى سعة هوائية كبيرة لتوفيره.

والخطوة الأولى في التحميل بالغليكوجين، والذي يطلق عليه أيضا التشبيع الفائق بالغليكوجين glycogen supersaturation، هي استنفاد مخزون الجسم منه بإجراء تمارين مجهدة وبنفس الوقت تناول كميات قليلة أو معتدلة من الكربوهيدرات "ما لا يزيد على 350 غرام يوميا" مدة يوم فأكثر، ثم خلال الأيام الثلاثة التي تسبق المباراة يستهلك الرياضي كميات كبيرة من الكربوهيدرات المعقدة "550 غراما يوميا"، ويرافق ذلك فترة راحة من التمرين. وفي يوم المباراة أو السباق تكون وجبة

(1/504)

ما قبل المباراة غنية بالكربوهيدرات. وفي الجدول 6 برنامج معدل وحديث لتحميل الكربوهيدرات، كما ويبين الشكل 3 مستوى الغليكوجين في العضلات حسب طبيعة الوجبة في رياضة الجلد، ويلاحظ أنه انخفض عند تناول وجبة غنية بالبروتين والدهن ثم ارتفع عند تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات وبالتحميل. وينشط سنثتار الغليكوجين glycogen synthetase، ويتطلب استعادة الغليكوجين لمستوى ما قبل التمرين، بعد تمرين شاق، مدة لا تقل عن 46- 48 ساعة حتى في حال تزويد الكربوهيدرات بـ 90% من الطاقة المتناولة.

الجدول 5- الطاقة المصروفة خلال القيام ببعض أنواع الرياضة حسب الوزن بالكيلو غرام "كغم" ومدة النشاط الدقيقة "د"

(1/505)

المصدر: Nutrition Today, March/ April1986

الجدول6- برنامج غذائي ورياضي للتحميل بالغليكوجين

المصدر: Williams, 1989.

مستوى الغليكوجين في العضلات "غرام في كل 100 غرام"

الشكل3- مستوى الغليكوجين في العضلات حسب الوجبة: 1- وجبة عادية. 2- وجبة عالية البروتين والدهن. 3- وجبة عالية الكربوهيدرات. 4- وجبة 2 مع تمرين مرهق يليه استراحة مع وجبة 3.

(1/506)

أما في التمارين المتقطعة intermittent exercises، فيمكن إعادة تكوين كمية كافية من الغليكوجين بعد استراحة مدتها ساعتان، وأحيانا خلال ثلاثين دقيقة بدون تناول طعام. ولا يتطلب الامتلاء بالغليكوجين تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات، إذ يتم الامتلاء الكامل خلال 24 ساعة سواء تناول الرياضي وجبة معتدلة أو غنية بالكربوهيدرات. ويكون الامتلاء أسرع ما يمكن خلال الساعات الخمس الأولى من الاستراحة.

وتعزى الفروقات في استعادة الغليكوجين في التمارين المختلفة إلى

- كمية الغليكوجين المفقودة في كل نوع من التمارين، وتكون كمية الفقد عالية في تمارين الجَلَد.

- كمية الكربوهيدرات في وجبة ما قبل التمرين.

- انخفاض مستوى الغلوكوز في تمارين الجلد نتيجة فقدان غليكوجين الكبد، بينما في تمارين السباق السريع "الرجل" يندر نضوب غليكوجين الكبد، وهذا ما يفسر الامتلاء بالغليكوجين في غياب تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات.

بناء على ما تقدم، يجب أن يعطى الرياضي الذي يمارس رياضة الجلد فترة راحة كافية لاسترداد قواه لا تقل عن عشر ساعات، ويفضل أن تكون بضعة أيام أما الذين يمارسون الأنواع الأخرى من الرياضة فيكفيهم يوم واحد للراحة أو على الأقل خمس ساعات ويسبب نفاد الغليكوجين glycogen depletion حصول غثيان وضعف وكآبة وهيوجية

وينصح بعدم اتباع أسلوب التحميل بالغليكوجين بأكثر من مرتين إلى ثلاث مرات سنويا لوجود بعض المخاطر، كما لا ينصح به لليافعين وصغار السن ولا لأنواع رياضة الرجل، حيث يخزن الغرام الواحد من الغليكوجين مع ثلاثة غرامات من الماء، لذلك فإن تحميل الغليكوجين يصاحبه زيادة في وزن الجسم وهذا يعطي الشعور بالثقل والتيبس stiffness فمثلا تعنى زيادة مخزون الغليكوجين من 15 إلى 40 غراما ونصف من الماء في 20 كيلو غراما من العضلات، فتصبح الزيادة الكلية 2 كيلو غرام. وقد تعيق هذه الزيادة أداء الرياضي في بعض أنواع الرياضة بدلا من تحسينه وتسبب المغص والإرهاق المبكر.

(1/507)

3- متطلبات الجسم من الدهون:

لا يتأثر أداء الرياضي بانخفاض مستوى الدهن في وجباته أو في جسمه، كما هو الحال بالنسبة للكربوهيدرات، أضف إلى ذلك أن مخزون الجسم من الدهن يعتمد على الفائض من الطاقة مهما كان مصدرها، ولا يقتصر على ما يتناوله الشخص من الدهن. لذلك لا داعي لأن يتناول الرياضي وجبات غنية بالدهون. أضف إلى ذلك أن الدهون تحتاج إلى فترة أطل من الكربوهيدرات للهضم والاستقلاب metabolism مما يقلل من كفاءتها كمصدر للطاقة الجاهزة. والإسراف في تناول الدهن يكون على حساب الكربوهيدرات اللازمة لتوفير مخزون كاف من الغليكوجين.

تعتبر الدهون مصدرا هاما للطاقة في فترة الراحة وأثناء القيام بتمارين خفيفة ومعتدلة طويلة الأمد، أي عندما تكون السعة الهوائية أقل من 60 - 65% وفي هذه الحالة تعتبر الحموض الدهنية الحرة في الدم ومخزون العضلات من الغليسريدات الثلاثية المصدرين الرئيسيين للطاقة خلال التمرين المعتدل طويل الأمد. ولكن عندما تصل شدة التمرين إلى 60- 65% من السعة الهوائية عند الشخص العادي، تبدأ الخلية بالاعتماد على الكربوهيدرات كمصدر للطاقة ويزداد هذا الاعتماد كلما زادت شدة التمرين.

من الضروري توفير الدهن في وجبات الرياضة وخاصة حمض اللينولييك "حمض الكتان" لأن عضلة القلب تفضل استعمال الحموض الدهنية، وخاصة الأساسية منها، كمصدر للطاقة. ويقترح أن يشكل الدهن ما بين 20- 25 % من الاحتياجات اليومية للطاقة على أن يحتوي على حمض اللينولييك. كما أن هذه النسبة تسمح بتناول كميات كافية من الكربوهيدرات والبروتين.

وتعمل الحموض الدهنية الحرة على توفير مخزون كاف من الغليكوجين أثناء القيام بالتمرين وبعده، هذا ما يعرف بتأثير الحموض الدهنية في توفير الغليكوجين glycogen sparing effect of free fatty acids فقد لوحظ أنه في أثناء التمرين، يزداد استعمال الخلايا للحموض الدهنية الحرة كلما ارتفع مستواها في الدم، مما يقل من استعمال الغليكوجين كمصدر للطاقة، وذلك بسبب تأثير التمرين أو النشاط الجسدي على تنشيط ليباز البروتينات الشحمية lipoprotein lipase الذي يحلل الدهن المخزون. وبعد انتهاء التمرين يستعمل الدهن كمصدر للطاقة مما يوفر من

(1/508)

مخزون الغليكوجين وبنفس الوقت يساعد على احتراق الدهن. لذا فإن القيام بتمارين رياضية هوائية ذات طابع الجلد يفيد في تنظيم وزن الجسم والتخلص من الدهن الفائض فيه، إضافة إلى أنه يقلل من احتمالات حصول أمراض القلب. فالتمرين الهوائي له تأثير إيجابي على شحوم الدم، فهو يزيد من مستوى كوليسترول البروتينات الشحمية عالية الكثافة HDL-C ويقلل من كوليسترول البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة LDC-C، كما يزيد من نسبة كما يزيد من نسبة البروتينات عالية الكثافة عن تلك منخفضة الكثافة، ويعمل على تخفيض مستوى الغليسريدات الثلاثية في الدم عند الأشخاص الطبيعيين والذين يعانون من السمنة على السوء. ومع أن التمرين القاسي rigorous قبل أو بعد تناول الطعام يقلل من فرط شحوم الدم، إلا أن النظام الغذائي العلاجي هو أكثر كفاءة في السيطرة على هذه الشحوم. ولكن لا يبدو أي تاثير للنشاط الرياضي على مستوى الكوليسترول في الدم.

ويزيد التمرين الهوائي من مقدرة الألياف العضلية في استعمال الدهن كمصدر للطاقة، ويدل على ذلك نشاط ليباز البروتينات الشحمية المسؤول عن نقل غليسريدات بلازما الدم إلى الخلايا العضلية. فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن التدريب الرياضي المعتدل يزيد من استفادة الجسم من الحموض الدهنية كمصدر للطاقة، كما يؤدي التمرين إلى خفض مستوى الأنسولين في الدم، مما يقلل من تخزين الدهن، ويمكن أن يحصل بعد شوط واحد من التدريب وعند الذين يعانون من فرط البدانة.

(1/509)

4- متطلبات الجسم من البروتين:

إن الوظيفة الأساسية للبروتين عند الرياضي، كما هي عند غيره، هي بناء الجسم وصيانته. وللبروتين دور محدود جدًّا في إنتاج الطاقة أثناء التمرين بسبب انخفاض كفاءة تحويل البروتين إلى طاقة، مع أن بعض الحموض الأمينية تدخل دورة كربس من نقاط مختلفة. ويساهم البروتين بنحو 1-2 % من الطاقة اللازمة للقيام بتمرين عادي، وبحوالي 4% للتمرين طويل الأمد، وتصل النسبة إلى 10% في حال نفاد مخزون الغليكوجين، كما في المراحل الأخيرة من سباق الماراثون في غياب تحميل الغليكوجين.

تنتج العضلات الألانين alanine أثناء التمرين وتزداد كمية هذا الحمض بزيادة شدة التمرين، ويستمر إنتاجه حتى في التمارين طويلة الأمد التي تحتاج من ساعتين

(1/509)

إلى أربع ساعات للقيام بها. ويمكن استحداث السكر glucogogensis من هذا الحمض الأميني، إذ ينتقل أثناء التمرين إلى الكبد حيث يتحول إلى غلوكوز، وهذا بدوره ينتقل إلى العضلات المنقبضة حيث يستخدم كمصدر للطاقة. ويسترد بروتين العضلات في اليوم التالي للنشاط، إذ يزداد بروتين العضلات خلال فترة استعادة القوى recovery

ويوصي البعض أن تكون احتياجات الرياضي من البروتين، كما هي للآخرين، أي ما بين 1-0.8 غرام لكل كيلو غرام من وزن الجسم للبالغ، و 2 غرام للذين في مرحلة نمو سريع، على أن يزود ما بين 10- 15% من الكالوري المتناولة. وهذه الكمية كافية للقيام بتمرين ثقيل، لأن زيادة المتطلبات من الطاقة يوفر عادة كمية البروتين اللازمة. ويوصى البعض الآخر أن تكون احتياجات الرياضي من البروتين ما بين 1- 1.6 غرام لكل كيلو غرام من وزن السم، خاصة للذين يمارسون رياضة الجلد مثل عدائي المسافات الطويلة ورافعي الأثقال وما شابه، لأنه يخشى من عدم استيفاء حاجة الجسم من البروتين لاحتمال تناول كميات غير كافية من الطاقة "مثلا الذين يرغبون في تخفيف الوزن" أو بسبب تناول وجبات غنية بالكربوهيدرات للذين يمارسون رياضة الجلد. وتعزى الزيادة في متطلبات البروتين للأسباب التالية:

- منع فقر الدم الرياضي sports anemia

- زيادة كتلة العضلات وحجم الدم.

- تعويض البروتين المهدور في رياضة الجلد.

إن الزيادة في متطلبات الجسم من البروتين للرياضي لا تعنى أن يتناول وجبة عالية البروتين أو تناول مضافات البروتين protein supplements أو الحموض الأمينية مهما كان نوعها. فقد لوحظ أن بعض الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام يتناولون الأرجينين arginine والأورنيثين ornithine اعتقادا منهم أنهما يساعدان في إفراز هرمون النمو. فكما ذكر سابقا يستوفي الرياضي متطلبات جمسه من البروتين إذ تناول وجبات متوازة وكافية من الطاقة. أما استعمال مثل تلك المستحضرات فهو غير ضروري ومكلف، إضافة إلى أنه يخشى استهلاك كميات كبيرة تضر بالصحة. ومن المعلوم أن الفائض من البروتين إما أن يتحلل إلى كاقة أو يخزن في النسيج الدهني على شكل دهن وليس عضلات. وغالبا ما تكون الأطعمة الغنية بالبروتين غنية أيضا بالدهن، مما يحرم الرياضي من الكربوهيدرات المعروفة بكفاءتها كمصدر للطاقة للرياضي.

ويؤثر الإسراف في تناول البروتين سلبا على أداء الرياضي، لأن ذلك يؤدي إلى زيادة إنتاج اليوريا urea فيزيد من العبء على الكبد والكلى ويتطلب كمية كبيرة من السوائل لطرح اليوريا خارج الجسم. وقد يسبب ذلك الجفاف الذي يعتبر مشكلة كبرى أثناء التمرين الشاق. كما أن الوجبة الغنية بالبروتين تزيد من طرح الكالسيوم في البول hypercalcemia والذي يمكن أن يحصل عند تناول البروتين بمقدار 3 غرامات لكل كيلو غرام من وزن الجسم.

(1/510)

5- متطلبات الجسم من الفيتامينات:

إن علاقة الفيتامينات بالنشاط الجسدي أو التمرين الرياضي هي ذات شقين، الأول هو تأثير النشاط على متطلبات الجسم من الفيتامينات، والثاني تاثير تناول كميات إضافية من الفيتامينات على أداء الرياضي.

ويزيد التمرين من مجمل الاحتياجات اليومية من الفيتامينات ذات العلاقة باستقلاب الطاقة والعناصر المولدة لها، وهي الثيامين والريبوفلافين. والنياسين، نظرا لزيادة النشاط الجسدي. ويمكن الحصول على متطلبات الجسم من هذه الفيتامينات بتناول أطعمة متنوعة تفي بمتطلبات الجسم من الطاقة دون اللجوء إلى المضافات supplements. ومع أن الدراسات أظهرت أن مستوى البيريدوكسين B6 في الدم يرتفع عند ممارسة تمارين الجلد، إلا أنه لا يوجد دليل على وجود تأثير سلبي للتمرين على هذا الفيتامين. وتوجد بعض الأدلة على أن النشاط الجسدي يمكن أن يزيد من متطلبات الجسم من بعض الفيتامينات مثل B2 وفيتامين C إذا كان المخزون منها في الجسم حديا، وليس للذين تغذيتهم جيدة.

وقد أجريت دراسات عديدة حول أثر استعمال إضافات الفيتامينات للرياضيين، نظرا لشيوع استعمالها بينهم، ويقال إن ما لا يقل عن 85% من لاعبي الأولمبياد يتناولون هذه الإضافات. كما وتنتشر معلومات خاطئة ومبالغات حول علاقة الفيتامينات بالنشاط الجسدي. ومن هذه المعلومات أن تناول كميات إضافية من الفيتامينات ضروري للنشاط وتحسين الأداء وللقضاء على التوتر أثناء المنافسة أو المباراة. ويدعي المروجون لهذه المعلومات ضرورة إعطاء الرياضي كميات إضافية من جميع الفيتامينات، كما اخترعوا أنواعا جديدة من الفيتامينات مثل فيتامين B12 أو حمض البانغاميك pangamic acid ويذكر بعض الرياضيين أن أداءهم يتحسن عند تناولهم تلك الإضافات، إلا أنه لا يوجد دليل علمي يثبت صحة أقوالهم. ومن الفيتامينات التي درست النياسين B12, B6, B2 وفيتامين E، وكما ذكر سابقا لم تثبت جدوى هذه الإضافات.

بناء على ما تقدم، ولضمان الحصول على حاجة الجسم من الفيتامينات، ينصح بأن يتناول الرياضي أطعمة متنوعة. وقد يزيد التوتر من استقلاب الفيتامينات الذائبة في الماء، ولكن يمكن تعويضها بتناول أطعمة ذات كثافة تغذوية عالية وليس هناك ضرورة لاستعمال الإضافات باستثناء الذين يتناولون وجبات قليلة الطاقة مثل لاعبي الجمباز والغواصين والراقصين، وكذلك الذين هم بحاجة لزيادة وزن الجسم مثل المصارعين والملاكمين ولاعبي كرة القدم.

(1/511)

6- متطلبات الجسم من العناصر المعدنية:

الأملاح المعدنية، كالفيتامينات، ضرورية لاستقلاب الطاقة والعناصر الغذائية. ويتطلب الأداء الجيد توفيرها بالكميات اللازمة، ولكن لا توجد فائدة من تناولها بكميات تفوق متطلبات الجسم.

أ- الكهارل:

الكهارل electrolytes عناصر ضرورية للأداء الجيد لأن لها دور في نقل دفع pulses الأعصاب وانقباض العضلات وتوازن السوائل والتوازن الحمضي القاعدي في سوائل الجسم. وأهم تأثير للرياضة على هذه الأملاح أنها تفقد بالعراق.

بالنسبة للبوتاسيوم والمغنيزيوم فليس لفقدهما أهمية تغذوية في الجو المعتدل والتمرين غير الشاق، ولكن يجب الانتباه لتعويض ما يفقده الجسم منهما كلما زادت شدة التمرين ومدته وارتفعت درجة حرارة الجو. وعلى أية حال فإنه يسهل تعويض البوتاسيوم في حال فقده، وذلك بتناول مصادره من الأطعمة. فمثلا يعوض كوب واحد من عصير البرتقال أو البندورة ما يفقده الشخص من البوتاسيوم في لتر إلى لتر ونصف من العرق. أما الصوديوم فإنه يفقد من الجسم في العراق بكميات معتدلة، ولكن يحصل النقص فيه في حالات متطرفة. ويحتوي العرق في الظروف الطبيعية على 20- 30 ملي مكافئ من الصوديوم، اي ما يعادل 460- 960 مليغرام صوديوم لكل لتر من السائل. وعند ازدياد التعرق، يزداد الفقد من الصوديوم ليصل

(1/512)

إلى 350 ملي مكافئ "8050 مليغرام" عند الشخص المتأقلم. ولا يخشى من حصول نقص في هذا العنصر لأن الشخص يتناول في العادة كميات كبيرة من الملح تفوق احتياجات الجسم وتقدر ما بين 3- 10 غرامات ملح يوميا، بينما تبلغ الاحتياجات 200 مليغرام فقط.

وتزود الوجبة المتوازنة الرياضي باحتياجات جسمه من الأملاح، ويستثنى من ذلك الذين يمارسون رياضة الجلد في الطقس الحار بدون تأقلم. وعلى أية حال، فإن تمليح الطعام بشكل كاف أو تناول سوائل تحتوي على الملح مثل عصير البندورة المملح أو اللبن المخفف والمملح أو لبن المخيض المملح، يعتبر كافيا لتعويض ما يفقده الرياضي من الملح. ولا ينصح بتناول أقراص الملح لأنها يمكن أن تكون ضارة، حيث يخشى أن يسرف الرياضي في تناولها مما يسبب الغثيان والتقيؤ وحصول ضائقة معدية GASTRIC DISTRESS إضافة إلى زيادة العبء على الكلى وهذا يفاقم مشكلة التجفاف.

ولا ينصح بتعويض الأملاح أثناء القيام بالتمرين حتى لو نتج عنه فقدان كميات كبيرة من العرق، كما هو الحال في تمارين الجلد مثل سباق الماراثون، وذلك لأن تركيز الملح لا يقل بل يزداد خلال التمرين، والذي يفيد في مثل هذه الحالات تعويض السوائل. ويمكن القول إن تناول السوائل، والوجبة المتوازنة بشكل عام، يوفر الماء والأملاح، وقد تدعو الحاجة لزيادة كمية الملح في الطعام، ولكن ليس بتناول أقراص الملح.

ب- الحديد:

يعتبر الحديد من الأملاح المعدنية الضرورية للمحافظة على أفضل الظروف للرياضي. فالاستقلاب الهوائي يتطلب توفير الأكسجين الذي ينقل إلى أنسجة وخلايا الجسم عن طريق الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء. وبما أن الاستقلاب الهوائي يلعب دورا رئيسيا في أداء الرياضي، خاصة للرياضة ذات طابع الجلد، فإن الحفاظ على مستوى هيموغلوبين طبيعي يصبح أمرا أساسيا. والحديد ضروري أيضا لاستعمال العضلات للأكسجين، فالميوغلوبين الذي يحتوي أيضا على الحديد يساعد على نقل الأكسجين لمتقدرات MITOCHONDRIA الخلية، حيث ينتج معظم ATP ويوجد في المتقدرات مركبات أخرى تحتوي على الحديد مثل سيتوكروم وإنزيمات ضرورية لعمليات التأكسد الهوائي. لذلك فإن وضع الحديد التغذوي عند

(1/513)

الرياضي ضروري لأدائه لأهميته للدورة الدموية والاستقلاب الخلوي.

فقر الدم الرياضي أو الكاذب SPORTS, RUNNERS OR PSEUDO ANEMIA: يفقد بعض الرياضيين، كالعدائين والسباحين لمسفات طويلة، والذين يتعرضون لكدمات ورضوض كلاعبي كرة القدم والملاكمة، من الحديد أكثر مما يفقده الشخص العادي. ومن اسباب ذلك فقده في التعرق، وزيادة تحلل كريات الدم الحمراء، ولكن لا يتعرف مدى تأثير ذلك لأنه يمكن الاستفادة من الحديد الناتج عن تحلل الخلايا. كما يؤدي التمرين المرهق طويل الأمد إلى حصول نزيف في الجهاز الهضمي.

وينخفض مستوى الهيموغلوبين عند بعض الناس عندما ينتقل الجسم من حالة الخمول وقلة الحركة إلى حالة ارتفاع في النشاط الجسدي، فيزداد حجم النسيج العضلي ويصاحب ذلك زيادة في تكوين البروتينات والإنزيمات، ويبدو أن الجسم يعطي الأولوية لاستعمال البروتين لتلك المتطلبات قبل تكوين الهيموغلوبين مما يسبب فقر الدم.

ويعتبر نقص الحديد مشكلة رئيسية لبعض الرياضيين وبخاصة للفتيات اللواتي يفقدن كميات كبيرة من الدم أثناء الحيض مما يضطرهن لاستعمال إضافات الحديد.

يعتبر مستوى الهيموغلوبين دون المستوى الملائم SUPOPTIMAL إذا كان أقل من 16 غراما لكل 100 مليلتر للذكور وأقل من 14 غراما للإناث، ويعتبر الرياضي مصابا بفقر الدم إذا كان مستوى الهيموغلوبين أقل من 14 غراما لكل 100 مليلتر للذكور وأقل من 12 للإناث. ويؤدي انخفاض مستوى الحديد في الدم إلى سرعة التعب وقلة الجلد والعزم وقصر مدى الانتباه Short attention span وللتغلب على ذلك. ينصح بإعطاء المصاب 2 مليغرام حديد لكل كيلو غرام من وزن الجسم خلال المراحل الأولى من التدريب.

لذلك يجب مراقبة الرياضيين والكشف عن الذين يعانون من نقص الحديد، ومن مؤشرات ذلك هبوط مفاجئ وبدون سبب في أداء رياضة الجلد خاصة عند الإناث ويجب توفير إضافات الحديد والإرشاد التغذوي الملائم للذين يعانون من نقص الحديد. وتجدر الإشارة أن نسبة كبيرة من الإناث يعانين من خطر حصول فقر الدم، ويقترح إجراء فحوصات دورية لهن لمعرفة مستوى الهيموغلوبين ومخزون الحديد. ولا داعي لإعطاء جميع الرياضيات إضافات الحديد كإجراء

(1/514)

وقائي، ويكفي إعطاء هذه الإضافات للواتي يعانين من نقصه.

لقد لوحظ الاحتفاظ بالحديد وقلة فقده عند الإناث في سن الحيض اللواتي يمارسن الرياضة. فقد وجد أن الرياضة تؤدي إلى تأخير بدء الإحاضة menarche وإلى الضهي الثانوي secondary amenorrhea، وخاصة عند اللواتي يمارسن رياضة شاقة أو اللواتي فقدن نسبة عالية من وزن الجسم بحث أدى ذلك إلى انخفاض نسبة الدهن في الجسم ومع أن الضهي يوفر الحديد للجسم، إلا أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كتلة العظام bone mass ويحتمل أن تصاب هؤلاء بالكسور. وتصبح احتياجات هؤلاء الرياضيات ما بين 1- 1.5 غراما يوميا. وتجدر الإشارة إلى أن النشاط الجسدي يحفز تكوين العظام ويبطئ من انحلالها، وأن التغذية المتوازنة والتمرين معا لهما في الوقاية من تخلخل العظام أو ضعفها.

(1/515)

7- متطلبات الجسم من الماء:

كما هو معلوم يعتبر الماء اهم عنصر غذائي لحياة الإنسان إذ يشكل ما بين 50 و 60% من وزن الجسم الكلي و 72% من وزن العضلات و 80% من الدم ولا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونه إلا لبضعة أيام فقط. ويجب الاهتمام بتلبية حاجة الرياضي من الماء لأهميته في تنظيم درجة حرارة الجسم، فالحرارة الناتجة عن تمرين مدته بضع دقائق تكون كافية لإتلاف بروتين العضلات لولا أن الماء يتخلص منها عن طريق التعرق، وهذا لا يحصل بالشكل المطلوب إذا كانت كمية الماء غير كافية لتلبية حاجة الغدد العرقية. ويتدهور أداء الرياضي إذا فقد 3% من ماء جسمه ويمكن أن يؤدي ذلك إلى:

- ضعف في العضلات وعدم الاستمرار في النشاط

انخفاض في حجم الدم وبطء في عمل القلب ودوران الدم في الكلي

- قلة استهلاك الأكسجين وخاصة إذا قل تناول الطعام.

- نفاد مخزون غليكوجين الكبد.

- قلة كفاءة عملية تنظيم حرارة الجسم.

وإذا فقد الرياضي في العرق 2- 6% من وزن الجسم، تبقى أجهزته ساخنة ويعاني من ضربة حرارة heat strokeK ويحتاج إلى إمهاء rehydration إذا أصبح الفقد في الوزن 4% فأكثر. لذلك يجب على الرياضي قياس وزنه قبل وبعد

(1/515)

التمرين لتقدير حاجته من السوائل.

وتعتمد كمية الفقد من الماء على حرارة الجو والرطوبة النسبية والمدة الزمنية التي يقضيها الرياضي في النشاط وشدته والملابس واللياقة البدنية ومستوى الماء في الجسم قبل التمرين. ويعاني الذين يمارسون رياضة الجلد من الجفاف أكثر من غيرهم. ويبين الجدول 7 أعراض التجفا حسب نسبة فقد الماء من الجسم، لذلك يتم إنشاء محطات أو وضع نقاط لتزويد عدائي المسافات الطويلة بالماء بمعدل محطة كل ميلين، أو يعطى المتسابقون استراحة كل 10- 15 دقيقة لشرب الماء والسوائل بمقدار 100- 200 مليلتر. وأحيانا يعطى في نهاية السباق للذين لا يستطيعون تناول السوائل عن طريق الفم، محاليل وريدية طارئة تحتوي على الغلوكوز ونسبة قليلة من الملح.

الجدول 7- أعراض الجفاف حسب نسبة فقد الماء من الجسم

وقد يفقد الشخص الذي يمارس رياضة الجلد كمية كبيرة من الماء تصل إلى 4 لترات "حوالي 2-4 كيلو غرام من وزن الجسم" خلال ساعة واحدة، لذلك يجب مراقبة الوزن عن طريق تقدير الفقد فيه بقياسه قبل وبعد التمرين، وهي طريقة عملية لمعرفة احتياجات الجسم من السوائل. ويحتاج الرياضي لتناول نصف لتر من الماء لكل كمية فقد تبلغ نصف كيلو غرام من وزن الجسم. ويتطلب الإمهاء التام حوالي 36 ساعة، إذا فقد الشخص ما بين 4- 7% من وزن الجسم.

ولمنع التجفاف، يجب أن يعي الرياضي ضرورة تناول كميات كافية من السوائل، وأن يجبر نفسه على تناولها، ويجب عدم الاعتماد على الشعور بالعطش لأن ذلك لا يواكب حاجة الجسم من الماء. فآلية العطش تعتمد على مستوى الملح في الدم والذي ينخفض تركيزه ببطء أكثر من الماء. ويفضل تناول الماء البارد.

(1/516)

لسرعة امتصاصه من المعدة، مما يقلل من امتلائها ومن حصول مضايقات. وهناك اعتقاد خاطئ وهو أن شرب الماء مباشرة قبل التمرين أو أثناءه يسبب المغص "تشجنات" كما يرى البعض أن حرمان الرياضي من السوائل أثناء التدريب يساعد الجسم على التكيف على الجفاف ويقلل من اعتماده على الماء، وهذا اعتقاد خاطئ أيضا.

أ- أشربة الرياضة SPORTS DRINKS:

وهي أشربة جاهزة تحتوي على ماء وسكر وأملاح، وجدوى استعمالها لا يزال مصدر جدل، ولا ينصح بتناولها أثناء التمرين كي لا يزيد تركيز أملاح في الجسم بسبب التعرق، ولا ضرورة لتناولها، ويفضل بعد الانتهاء من التمرين تناول سوائل طبيعية كالعصير بدلا منها.

ب- فرط الإماهة HYPER - OR SUPERHYDRATION:

وهو زيادة ماء الجسم عن طريق الإكثار من تناوله بهدف توفير كمية كافية منه قبل القيام بالتمرين في الطقس الحار ليحد من حصول الجفاف ويساعد على زيادة الجلد ويخفف من التوتر الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الجسم وأجهزته. وتوصي الكلية الأميركية للطب الرياضي باللجوء لفرط الإماهة في رياضة الجلد في الطقس الحار، ويتم ذلك بتناول حوالي نصف لتر من سائل بارد كل 15- 30 دقيقة قبل موعد التمرين، ويمكن زيادة الكمية مع المدة ولكن يجب أن يؤخذ إدرار البول في الاعتبار.

وقد نتجت حالات نقص الصوديوم في الدم Hyponatremia عند بعض الذين كانوا يتناولون كميات كبيرة من الماء أثناء تمارين الجلد، ومن أعراض هذه الحالة ألم في الرأس وغثيان وإرهاق وضعف العضلات ومعص cramp.

ويلجأ بعض الرياضيين كالمصارعين والملاكمين، لتخفيف أوزانهم عن طريق فقدان الماء بالتعرق، ارتداء سترات "جاكيتات" مطاطية وغيرها من الملابس التي تساعد على التعرق. ويعتقد هؤلاء أن هذه العملية تذيب الشحم الموجود في الجسم. إلا أن هذه الممارسة خاطئة وخطرة على الصحة وتسبب فقدان الماء ولا تؤدي إلى التخلص من الدهن الفائض الذي يتطلب الإقلال من تناول الكالوري وزيادة النشاط الجسدي.

ويمكن تلخيص الاحتياجات الغذائية للرياضي كالتالي:

- احتياجات الرياضي من الطاقة والكربوهيدرات وربما من البروتين أعلى منها للشخص العادي.

- توفير الكربوهيدرات أثناء التمرين وبعده ضروري للذين يمارسون الرياضة ذات طابع الجلد.

- الوجبة المتوازنة التي تحتوي على كميات كافية من الطاقة تزود الرياضي باحتياجاته من الفيتامينات والأملاح المعدنية، ولا توجد ضرورة لتناول وجبات خاصة جاهزة أو إضافات إلا في حالات معينة.

(1/517)

وجبة ما قبل التمرين:

لا توجد وجبة معينة أو محددة يجب أن يتناولها الرياضي، كما لا توجد وجبة تؤدي إلى أداء فائق، ولكن ينصح بالتغذية المتوازنة في جميع الأوقات لأن الأداء الجيد يعتمد على التغذية، وبشكل عام تكون وجبات الرياضي قبل التمرين غنية بالكربوهيدرات المعقدة التي تؤمن نحو 70% من الطاقة المتناولة "تحتوي على 550 - 600 غرام من الكربوهيدرات" وقليلة الدهن والألياف الغذائية ومعتدلة في البروتين، مثل كعك أو قرشلة مع حليب قليل الدسم أو شطيرة باللحم أو معكرونة بالجبن أو البيض أو اللحم بدون دهن. ويجب الانتباه إلى بعض الوصفات غير الملائمة مثل تناول شرائح اللحم "ستيك" والبيض وغير ذلك من الأطعمة التي لا تهضم بسرعة ولا تساهم في توفير مخزون من الغليكوجين. ويختلف الرياضيون في عاداتهم وفي رد فعل أجسامهم للتوتر والجهد. ويمكن القول إن وجبة ما قبل التمرين لا تختلف كثيرا عن وجبة الرياضي العادية، وينصح باتباع الإرشادات التالية فيما يتعلق بها:

1- يجب أن تحتوي الوجبة على كمية كافية من الطاقة لمنع الشعور بالجوع أو الإرهاق طيلة فترة التمرين. والأساس في هذه الوجبة أن تساعد على توفير مستوى غلوكوز مناسب في الدم، وأما مساهمتها بمصادر الطاقة الأخرى فهو ضئيل.

2- يجب أن تحتوي الوجبة على أطعمة سهلة الهضم وأن تعطى قبل وقت كاف من المباراة "3 ساعات" ليتسنى تفريغ المعدة والجزء العلوي من الأمعاء عند بدء التمرين.

3 تناول الكميات اللازمة من السوائل قبل وأثناء النشاط الرياضي طويل الأمد

(1/518)

لضمان توفير إماهة مناسبة طيلة مدة ممارسة النشاط.

4- تناول أطعمة مألوفة للرياضي والامتناع عن الأطعمة التي تسبب اضطرابات أو مضايقات في الجهاز الهضمي مثل التي تسبب تكوين الغازات وتؤدي إلى الانتفاخ، وكذلك الامتناع عن الإسراف في تناول الملح والتوابل والسكاكر.

كما ينصح بعدم إهمال أية وجبة حتى لا يتأثر أداء الرياضي. وتتوفر وجبة سوائل جاهزة ومستساغة تعطى قبل المباراة أو التمرين غنية بالكربوهيدرات والطاقة والسوائل وتحتوي على كميات كافية من البروتين والدهن لإعطاء الشعور بالشبع، وكون هذه الوجبة سائلة يجعلها سهلة المرور عبر المعدة إلى الأمعاء، وباستثناء ما ذكر لا توجد مزايا أخرى لهذا النوع من المنتجات يجعلها أفضل اختيار للرياضي.

رياضة الرجل: ينصح الذين يمارسون هذه الرياضة تقليل النشاط العضلي قبل المباراة لتوفير مخزون كاف من الطاقة، وأن تكون فترة الاستراحة بين العروض كافية لتجديد مصادر الطاقة مثل الغليكوجين والأدينوزين ثلاثي الفوسفات "ATP" وفوسفات الكرياتين 'CP" وللتخلص من نواتج التأكسد اللاهوائي، أي حمض اللاكتيك، ولمنع الشعور بالثقل، يجب الإقلال من تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الحبوب غير المقشورة والبقول والبزور والمكسرات والخضراوات والفواكة الطازجة بقشورها وبزورها، لأن هذه المواد تبقى في الأمعاء وتحتفظ بالسائل وتزيد من وزن الجسم مما يعيق أداء الرياضي الذي يفضل أن يكون وزنه خفيفا. كما أن الألياف يمكن أن تتحطم بفعل الأحياء الدقيقة في الأمعاء الغليظة فتؤدي إلى تكون غازات تسبب مضايقات. كما ينصح بتجنب الأطعمة الدسمة التي تتطلب فترة هضم طويلة مثل الزبدة والسمن والزيت والقشدة والمثلجات القشدية والصلصات الدسمة مثل الطحينة والمايونيز والمقالي واللحوم الدسمة والمعلبة ومعظم الأجبان والأطباق التي تحتوي عليها كالبيتزا، والحلويات الدسمة والشوكولاته.

كما ينصح بتجنب الأطعمة المسببة للغازات إذا كانت تسبب مضايقات للرياضي مثل الخضراوات التي تحتوي على الكبريت كالزهرة والملفوف "القرنبيط والكرنب"، وكذلك البقول والذرة واللبن "الحليب" ومشتقاته التي تحتوي على اللاكتوز للذين لا يتحملونه Lactose intolerance. كما يجب تجنب الأطعمة والأشربة الغنية بالعسل والسكر والقطر والملح لأنها تسحب الماء من الجسم وتسبب تلبكا معويا وإسهالا ومضايقات في الجهاز الهضمي.

(1/519)

رياضة الجلد. تكون وجبة ما قبل المباراة مماثلة لرياضة الرجل، أي عالية الكربوهيدرات وقليلة الدهون والألياف ومعتدلة البروتين، كأن تحتوي مثلا على السمك أو اللحم الخالي من الدهن والفواكه والخضراوات المطبوخة وحلوى خفيفة مثل الهلام "الجلو". ويقوم بعض الرياضيين، وخاصة الذين لا يمارسون هذه الرياضة باستمرار Part- time athlete بتناول أغذية سريعة في توفير الطاقة مثل السكر والعسل وأشربة مركزة بالسكر وذلك قبل 20- 30 دقيقة من بدء التمرين. إن تناول هذه المواد يزيد من إفراز أنسولين الدم مما يقل من استعمال الحموض الدهنية كمصدر للطاقة، إضافة إلى سحب الماء من الجسم للجهاز الهضمي مما يؤدي إلى الجفاف والمغص والغثيان. ويعتبر تناول عصير الفاكهة المخفف أفضل من هذه المنتجات.

(1/520)

وجبة ما بعد التمرين:

يجب أن تكون الوجبات بعد الانتهاء من التمرين متوازنة مع التركيز على تعويض ما يفقده الجسم من الماء والأملاح، وتوفير مخزون الغليكوجين خاصة للذين يمارسون رياضة الجلد كالعدائين والسباحين، وفي حال استئناف المباريات في الأيام التالية، وللتخلص من منتجات الاستقلاب اللاهوائي، أي حمض اللاكتيك.

ويحتاج امتلاء العضلات بالغليكوجين glycogen repletion إلى 12- 46 ساعة، ويعتمد ذلك على كمية الكربوهيدرات في الوجبة. وقد لوحظ أن 60% من عملية الامتلاء بالغليكوجين تحصل خلال العشر ساعات الأولى بعد نفاده. لذلك فإن الوجبات الأولى بعد المباراة الرياضية كوجبة الغداء أو العشاء، وكذلك وجبات اليوم التالي للمباراة، هي من أهم الوجبات التي يجب أن تكون غنية بالكربوهيدرات "70% من الطاقة المتناولة". وكما يجب تقديم الوجبات في جو من الاسترخاء خاصة في حال وجود مباراة أخرى في اليوم التالي.

ويحتاج التعويض الكلي للغليكوجين تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات قبل مدة 46 ساعة، ويكون التعويض أسرع ما يمكن خلال العشر ساعات الأولى من الاستراحة، وإذا لم تكن هذه الوجبة غنية بالكربوهيدرات، تعوض فقط كمية بسيطة من الغليكوجين تتطلب فترة لا تقل عن خمسة أيام.

ويتم تعويض الصوديوم بتمليح الأطعمة بحرية وبتناول أطعمة غنية بالملح مثل المخللات وغيرها، ويمكن تعويض البوتاسيوم بسهولة عن طريق تناول مصادره الغذائية مثل عصير البرتقال والموز والبطاطا والفطر وغيرها من الخضراوات والفواكه.

ومن الضروري إمهاء الجسم عن طريق شرب السوائل، ويذكر البعض أن ذلك يتطلب مدة يومين إلى ثلاثة أيام بعد تمرين شاق.

(1/520)

الإصابات:

في حال إصابة الرياضي أثناء العرض أو المباراة، يجب الانتباه إلى الأمور المذكورة سابقا، أي الإمهاء وامتلاء مخزون الغليكوجين وتوازن وتعويض الأملاح المعدنية. وفي حال الجراحة، يحتاج الرياضي المريض إلى كمية كافية من البروتين، وقد يتطلب الأمر السيطرة على الوزن وذلك بالإقلال من تناول الدهون والكربوهيدرات المكررة كالسكاكر.

الرياضيون من الأطفال والمراهقين:

يعاني الرياضيون من الأطفال من مشكلة الجفاف لأنهم أقل كفاءة من البالغين في تنظيم درجة حرارة الجسم، كما أنهم أبطأ في التأقلم للتمرين في الطقس الحار. لذلك يجب الاهتمام بأن يعوض هؤلاء ما يفقدونه من سوائل الجسم.

أما الرياضيون في مرحلة المراهقة فإنهم يحتاجون إلى تناول كمية كالوري أكثر من غيرهم من الرياضيين، وذلك إما بزيادة كمية الطعام في الوجبة أو بزيادة عدة الوجبات الخفيفة. ويتأثر النمو والأداء في حال عدم استهلاك كمية كافية من الطاقة. ويمارس بعض هؤلاء، خاصة الذين يرغبون في تخفيف الوزن، عادات غير صحية كالامتناع عن الطعام أو اتباع أنظمة غذائية غير مناسبة أو الإكثار من تناول الملينات ومدرات البول أو التقيؤ أو استعمال أدوية تساعد على تخفيف الوزن وغير ذلك من طرق تخفيف الوزن. ويجب أن يعي هؤلاء التأثير السلبي لهذه الممارسات، والذي قد يصبح دائما، على النمو والبلوغ.

الوجبات النباتية:

الوجبات النباتية يمكن أن توفر الصحة الجيدة ولا تؤثر سلبا على الأداء إذا كانت متوازنة واختيرت بعناية لتشمل مصادر الحديد والكالسيوم والزنك وفيتامين

(1/521)

B12، وكانت البروتينات فيها متكاملة. أما الوجبات النباتية المتطرفة مثل وجبة macrobiotic أو الوجبة الفاكهانية fructarian diet فإنها غير متوازنة وتؤدي إلى ضعف في الأداء والصحة.

الكافئين:

توجد تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية لهذا المركب الموجود في القهوة والشاي والكاكاو والشوكولاته والكولا وبعض الأدوية المسكنة للألم وغيرها. ومن التأثيرات الإيجابية أنه يزيد من قابلية الجلد عند الرياضي تحت ظروف معينة. فقد أشات إحدى الدراسات الأميركية أن تناول كوبين من القهوة قبل ساعات من التمرين يمكن أن يعيق الإرهاق ويطيل فترة الأداء في أنواع الرياضة التي تكون مدتها ساعة فأكثر، إذ أن الكافئين ييسر استعمال الحموض الدهنية الحرة كمصدر للطاقة، وبالتالي يحافظ على مخزون الجسم من الغليكوجين، إلا أن دراسات أخرى لم تثبت صحة ذلك. ومن التأثيرات السلبية للكافئين أنه يمكن أن يعيق الأداء بسبب زيادة التوتر والقلق والعصبية والإسهال عند الذين لا يطيقونه. وقد يسبب أيضا للأشخاص الحساسين قلة النوم وتخرض في المعدة وأعراضا أخرى عصبية أو قلبية وعائية. كما أن الكافئين معروف عنه أنه مدر للبول مما يفاقم مشكلة الجفاف ويعطي الرياضي الشعور بالتبول أثناء الأداء. وقد يؤدي التمرين إلى بطء في استقلاب الكافئين إذ لوحظ نقصان في طرحه أثناء التمرين. وترفض اللجنة الأولمبية اعتبار استعمال الكافئين من المنشطات.

الكحول:

هناك اعتقاد خاطئ عند بعض الرياضيين أن تناول الكحول باعتدال يحسن من الأداء، ولكن لا يستعمل الكحول كمصدر للطاقة في التمارين الرياضية ولا يؤثر إيجابيا على السعة الهوائية أو على الاستقلاب اللاهوائي أثناء التمرين. وتناول الكحول، ولو بكميات قليلة قبل التمرين، يمكن أن يقلل من التيقظ ويبطئ سرعة رد الفعل ويؤثر سلبا على التوافق والتوازن والإدراك ويعترض المنعكسات. كما أن الكحول مدرة للبول وتعطي الشعور بالتبول وتزيد من فقدان سوائل الجسم.

مولدات العمل:

ينشط في الوقت الحاضر الترويج للعديد من المنتجات الخاصة بالرياضيين مثل مولدات العمل ergogenic ويتقبل الرياضيون ومدربوهم هذه البدع الغذائية

(1/522)

على أمل تحسين أداء الرياضي والفوز في المباريات. ولا توجد أدلة كافية لإثبات الادعاءات حول تلك المواد وربما يكون لبعضها آثار عكسية وضرر على الصحة. وهذه المنتجات باهظة الثمن وقد يتناول الرياضي عدة أنواع منها في آن واحد مما يزيد من الكلفة، وأحيانا يتناول أكثر من ضعفي الجرعة أو الكمية المقترحة من قل المنتج مما يشكل خطرا على الصحة.

إن الإقبال على هذه المنتجات وانتشار سوء استعمالها يتطلب بذل جهود مكثفة وعاجلة في التثقيف الغذائي للرياضيين، وتزويدهم بالمعلومات التغذوية السليمة لمجابهة البدع والصرعات الغذائية.

إن بعض هذه المواد ليس لها فوائد للجسم مثل باراأمينو حمض البنزويك، وبعضها الآخر غير مقنع مثل المستخلصات الغددية "للغدة النخامية والدرقية وغيرهما" لأن هذه المواد عندما تؤخذ عن طريق الفم تتحلل في عملية الهضم. أما حمض البانغاميك أو فيتامين B15 فهو ليس بفيتامين، وحسب إدارة الغذاء والدواء الأمركية FDA""، ليس له تركيب كيميائي محدد لأنه يختلف من منتج لآخر، ويحتوي هذا المركب على غلوكونات الكالسيوم وثنائي مثل الغليسين، وتدعي بعض الدراسات أنه يزيد من السعة الهوائية ويقلل من تكوين حمض اللاكتيك. ولا يسمح بتداوله كإضافة غذائية أو دواء.

وقد شاع استعمال الكرنيتين carnitine بين الرياضيين بعد أن ادعى فريق كرة القدم الإيطالي الذي فاز بكأس العالم عام 1982 أن نجاحه يعود لتناول أعضاء الفريق لهذا المركب. وهو موجود في الأطعمة كما أنه ليس مركبا أساسيا لأن الجسم يستطيع تكوينه. كما أن الشكل الذي يستفيد منه الجسم هو الزمير L "L-isomer"، بينما المتوفر تجاريا هو الزمير "DL- isomer" DL وقد أظهرت دراسات عديدة أن الزمير D يمنع الاستفادة من الزمير L وربما يؤدي إلى نقصه. كما أن تناول أحد الحموض الأمينية بكثرة يمكن أن يؤثر على توازنها واستعمالها في بناء البروتين، إضافة إلى حصول مشاكل صحية أخرى.

وتستعمل حبوب الطلع bee pollen بشكل واسع، ويقال إن أرباح شركة سويدية من بيع هذا المنتج بلغت مليوني ونصف مليون دولار أميركي عام 1984. ومع أن الادعاءات لهذا المنتج أنه يحسن الأداء الرياضي والنواحي الجنسية ويمنع العدوى والحساسية والسرطان، إلا أنه لم تجر سوى دراسة واحدة لم تثبت فيها

(1/523)

فعاليته في تحسين الأداء الرياضي. وهذا المنتج يمكن أن يهدد حياة الذين يعانون من حساسية لغبار الطلع.

ويستعمل بعض الرياضيين ستيرويدات ابتنائية anabolic steroids من مشتقات الهرمون الذكري لبناء كتلة العضلات، خاصة المهتمين بكمال الأجسام ورافعي الأثقال والمصارعين ولاعبي كرة القدم وغيرهم، على أساس أنها تزيد من القوة وتحسن الأداء. إلا أن فعالية هذه المواد مثبتة إضافة إلى حصول أعراض جانبية عند تناولها مثل اعتلالات في الكبد والأمراض القلبية الوعائية وقلة إفراز الهرمون الذكري testosterone وظهور صفات ذكرية على الإناث قد لا تختفي حتى لو تم التوقف عن تناول هذه المركبات.

ومن أكثر المواد شيوعا للرياضيين وغيرهم نبات الجنسنغ ginseng ويباع على شكل كبسولات، أو معجون، أو شاي حر أو بأكياس. أو كجذور بدون أية معاملة. وتعزى سمعة هذا النبات لقدرته على النشاط، وهو يحتوي على ستيرويدات وببتيدات ومواد أخرى غير معروفة يبدو أنها مسؤولة عن التنشيط. إلا أن بعض المنتجات التجارية تخلو من تلك المواد، وبعضها الآخر تضاف له مواد صناعية وأدوية. ومن الادعاءات الأخرى لهذا النبات أنه مقو للجهاز الهضمي ولحالات الضعف الجنسي "العنة" وقلة الحيوية. وقد قيل أيضا إنه يخفض مستوى الكوليسترول عند الطيور. ومن تأثيراته السلبية ما يعرف بمتلازمة سواء استعمال الجنسنغ GINSENG ABUSE SYNDROME إذا أخذ بكميات تصل إلى غرام واحد. ومن أعراض سوء الاستعمال ارتفاع ضغط الدم والأرق والعصبية وتبدد الشخصية DEPERSONALIZATION والاكتئاب وأعراض أنثوية وإسهال وطفح جلدي. أما الامتناع المفاجئ عنه فيمكن أن يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم.

كما تستعمل منتجات أخرى مثل غذاء ملكة النحل والهلال الملكي وأجنة حبوب القمح وغيرها، ولكن لم تثبت فاعلية هذه المواد كإضافة ضرورية لوجبة الرياضي.

(1/524)

ثانيا: تغذية المعوقين والمتأخرين في النمو

مقدمة:

تتزايد أعداد الأطفال المعوقين والمتأخرين في النمو بشكل ملحوظ، لذا ازداد الاهتمام بهم من قبل العديد من الدول التي أصبحت تدعم برامج تأهيلهم وتقدم لهم العون [1] . وقد أصبحت الحاجة ماسة لمعرفة جميع احتياجات المعوقين بما فيها التغذوية لتلبيتها، ولمساعدتهم في تصريف أمور حياتهم اليومية بما في ذلك تناول الطعام، والتخفيف من معاناتهم ومن العبء على الذين يقومون برعايتهم وبخاصة الأهل، إذ أن غالبية هؤلاء المعوقين يعيشون حياة أسرية مع باقي أفراد عائلاتهم، ونسبة ضئيلة فقط تعيش في المؤسسات والمراكز الخاصة.

والتعوق هو عدم المقدرة، وقد يكون مزمنا وشديدا ويحدث نتيجة عطل جسدي أو عقلي أو كليهما معا، ويظهر في أي مرحلة من الحياة قبل البلوغ، وغالبا ما يكون أبديا ويستمر طيلة العمر. وينتج عن التعوق قصور وظيفي في ثلاثة أو أكثر مما يلي: الأنشطة الحيوية الأساسية، العناية الذاتية، اللغة، التعلم، الحركة، التوجه الذاتي self direction، القدرة على الاستقلالية في العيش والدعم المادي الذاتي [2] .

وتتباين القدرات عند المعوقين والمتخلفين في نموهم، وقد يكون التعوق شديدا بحيث تنعدم القدرة حتى على تحريك الرأس، أو يكون طفيفا بحيث يكون المعوق قادرا على التعلم وعلى خدمة نفسه وإعالتها وعلى الإنتاج. ويتبابين المعوقون فيما يتعلق بنشاطهم الحركي، فمنهم من تكون حركته معدومة ومنهم من يعاني من فرط النشاط hyperactivity. وتتراوح المهارات الحركية من انعدام المص والرضاع والسيطرة على الرأس عند البعض إلى التوافق والتناسق الحركي الجيد عند البعض الآخر. كما أن أنماط السلوك تتباين عند هذه الفئة، فمنهم من يعتريه الخمول وعدم الإكتراث ومنهم من يكون سلوكه هداما Disruptive behavior.

ونظرا لهذه الاختلافات الكبيرة في القدرات والمهارات الحركية وأنماط السلوك عند المعوقين، فإن الفروقات الفردية عالية جدًّا ويصعب التعميم فيما يتعلق بصحتهم وتغذيتهم، وغالبا ما تدعو الحاجة لن تؤخذ كل حالة على حدة.

(1/525)

أسباب التعوق:

إن أسباب التعوق والتأخر في النمو عديدة، وهي إما وراثية أو بيئية ناتجة عن ظروف نشأت أثناء الحمل أو الولادة أو في مرحلة الطفولة. وأحيانا يكون سبب تلك المشاكل غير معروف. ويمكن القول إن الأطفال المولودين بوزن قليل و/ أو بعيوب خلقية هم أكثر عرضة من غيرهم لأن يصبحوا معوقين [2، 3] . وعليه فإن تحسين الوضع التغذوي للحامل يمكن أن يلعب دورا في الوقاية من خطر التعوق. ومن المعلوم أن نسبة الوفيات بين الأطفال ذوي الأوزان القليلة أعلى منها للمواليد بوزن طبيعي، كذلك الأمر بالنسبة للتعوقات إذ تكون نسبتها أعلى عند المواليد بوزن قليل بالمقارنة مع السويين. أضف إلى ذلك بعض الحالات الخفيفة، مثل انخفاض التحصيل العلمي والذي يصعب الكشف عنه ليظهر متأخرا حين يصل الطفل إلى مرحلة الدراسة [2] لذلك فإن تخفيض نسب المواليد بوزن قليل يقلل من مشاكل العيوب الولادية والتعوقات مما يخفف من معاناة الأطفال وذويهم، ويقلل من العبء المادي على الأسرة والمجتمع ككل.

(1/526)

العوامل التي تؤثر في الاحتياجات الغذائية للمعوقين والمتأخرين في النمو:

يحتاج المعوق والمتأخر في النمو لنفس العناصر الغذائية التي يحتاجها السوي، وعادة لا توجد متطلبات خاصة بالمعوقين، إلا أن العوامل التالية قد تؤثر على احتياجات أجسامهم من الطاقة "الكالوري" والعناصر الغذائية.

1- تركيب الجسم:

غالبا ما تختلف نسب مكونات جسم المعوق عن السوي، فقد لوحظ نقصان في الكتلة الخلوية عند مرضى الشلل الدماغي cerebral palsy الذين يعانون من الكنع ATHETOSIS أو من الشناج SPASTICITY وذلك نتيجة ضمور العضلات وانخفاض النشاط الجسدي. كما لوحظ حصول زيادة عالية في السائل خارج الخلايا وتغير في نسبة الدهن في الجسم عند الأطفال المصابين بالشلل الدماغي [1،2] ، وربما يؤدي الانخفاض في الكتلة الخلوية إلى خفض احتياجات الجسم من الطاقة والعناصر الغذائية، ولكن يحتمل أن يكون هذا الانخفاض بسبب قلة استهلاك الطاقة والعناصر الغذائية.

2- النمو والتطور:

يكون نمو الطفل المعوق في كثير من الحالات أقل من نمو الطفل السوي.

(1/526)

ومن المتلازمات المرتبطة بالتأخر في النمو، متلازمة داون Dawn syndrome ومتلازمة برادر- ويلي peader- willi والتثلث الصبغي trisomy 13 و18، ومتلازمة راسل سيلفر russel silver ووليامز وغيرها [1 و3] . وقد لوحظ أن الزيادة في أوزان وأطوال الأطفال الذين يعانون من الشلل الدماغي أقل من المستوى الطبيعي، ولكن أوزان بعض هؤلاء المرضى أعلى من السويين بنفس الطول. وهناك أيضا تخلف في العمر العظمي Bone age [1] . وأسباب التخلف في النمو عديدة منها [2] .

أ- خلل ولادي في أحد أجهزة الجسم مثل حصول تشوهات في الجهاز الهضمي أو البولي أو الدوراني مما يؤدي إلى سوء تغذية ثانوي.

ب- عيوب صبغية "جينية] Chromosomal defects، وخاصة مشكلة الزيغ الصبغي Chromosomal aberration. ومن المحتمل أن هذه العيوب تؤدي إلى تغير في المادة الوراثية أو في المسارات الاستقلابية للعناصر الغذائية، وهذا كله يمكن أن يؤثر على احتياجات الجسم من هذه العناصر. ومن المعلوم أن الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون تكون أطوالهم دون المدى الطبيعي بسبب فشل في النمو الطبيعي للأرجل. كما يكون حجم الرأس صغيرا ونموه بطيئا جدًّا وقليلا عادة بعد السنة الثالثة من العمر، بحيث يصبح الحجم غير طبيعي عند الكبر، مما يتطلب وضع لوائح نمو خاصة بهؤلاء المرضى [1] .

ج- حصول بعض الإنتانات قبل الولادة والتي تؤدي إلى خلل في الصبغيات مثل الحصبة الألمانية rubella والفيروسية المضخمة للخلايا cytomegalvirus وداء المقوسات toxoplasmosis.

د- الأخطاء الاستقلابية وعلاقتها بالنمو معروفة مثل بيلة الفنيل الكيتونية.

هـ- بعض الآفات في الجهاز العصبي المركزي تؤثر على النمو ويكون التغاير في النمو إما نتيجة خلل هرموني في الغدة الدرقية أو نقص في إفراز الغدة النخامية، أو يكون نتيجة خلل تغذوي يؤدي إلى فقدان الشهية وقلة تناول الطعام.

و وجود اعتلالات عصبية عضلية neuromuscular pathology، حيث أنه من المعروف أن النشاط الحركي وقوة العضلات ضروريان لنمو العظام بينما تؤدي قلة الحركة إلى توازن سلبي في النيتروجين والكالسيوم، أما الاعتلالات الحركية الفموية، فإنها تؤدي إلى عدم كميات كافية من الغذاء، أو تحد

(1/527)

من تناول أغذية معينة ضرورية، مما يؤدي إلى عدم استيفاء حاجة الجسم من الطاقة ومن العناصر الغذائية وإلى تخلف في النمو. ومن المشاكل الحركية الفموية تلك المتعلقة بالمص والبلع ودسر "دفع" اللسان tongue thrust وانعدام توافق حركته مع منعكس العضة المتواترة tonic bite reflex وتبعيد "انكماش" الشقة lip retraction ونقص التوتر hypotonia في عضلات اللسان والشفتين. وهناك ارتباط وثيق بين هذه المشاكل والتخلف في النمو. وقد وجد أن أطوال وأوزان مرضى الشلل الدماغي الذين يعانون من مشكلتين أو أكثر من المشاكل الحركية الفموية كانت أقل من الذين لا يعانون منها [1، 2، 3] .

3- تناول الأدوية:

يتناول العديد من المعوقين أنواعا مختلفة من الأدوية منها ما يؤثر على الشهية ومنها ما يؤثر على الاستفادة من بعض العناصر الغذائية، كأن تقلل من امتصاص تلك العناصر أو تغير من مساراتها الاستقلابية فتزيد من حاجة الجسم لها. وتؤثر بعض الأدوية على الفم فتحد من تناول الطعام.

وتؤدي بعض الأدوية المستعملة في معالجة فرط الحراك hyperkinesia إلى انخفاض لا انعكاسي في النمو يدوم حتى بعد توقف العلاج. ويبدو أن هذه الأدوية تقلل من تناول الطعام إما بشكل مباشر أو لأنها تسبب النعاس أو الهيوجية irritability مثل كبريتات دكستروأمفيتامين dextroamphetamine sulfate [2] . أما الأدوية المضادة للاختلاج anticonvulsants التي تعطى للسيطرة على النوبات مثل فنوباربيتال phenobarbital وفينتوين hpenytion وبريمديون primidone فإنها تعيق انتقال الكالسيوم وتؤدي إلى اضطرابات في استقلاب العظام وتزيد من احتياجات الجسم من فيتامين D وحمض الفوليك. وقد حصلت حالات عوز لفيتامين D عند مرضى كانوا قد عولجوا بهذه المضادات لمدة ستة أشهر فأكثر، كما سجلت حالات رخد ولين العظام. وتزداد شدة الإصابات هذه بزيادة مدة العلاج. وقد لوحظ أن هذه الأدوية تخفض من مستوى فيتامين D أحادي الهيدروكسيل 2.5-oh-D في الدم بينما لا تؤثر على مستوى فيتامين D ثنائي الهيدروكسيل 1.25- di- oh-d كما لوحظ أيضا انخفاض في تركيز الكالسيوم والفوسفور في الدم وارتفاع في تركيز الفوسفات القلوي alkaline phosphate وهرمون الغدة النخامية pituitary hormone. ويبدو أن هذه الأدوية لا تعيق امتصاص فيتامين D ولكن تعمل على زيادة تقويضه وطرحه بواسطة

(1/528)

أملاح المرارة أو طرح نواتجه النشطة. وإعطاء المريض مجموعة من هذه الأدوية يؤثر بشكل كبير على مستويات الكالسيوم وفيتامين D في الجسم [1، 2، 4، 5] .

وينتشر الرخد rickets بكثرة عند المعوقين عديمي الحركة والذين لا يتعرضون لأشعة الشمس ويتعاطون مجموعة من مضادات الاختلاج. ومع أن بعض الأطفال ممن يتناولون هذه الأدوية لا تظهر عندهم أعراض سريرية أو بيوكيميائية للرخد ولين العظام، إلا أن معظمهم يعانون من ارتباك في استقلاب المعادن كانخفاض في مستوى فيتامين D أحادي الهيدروسكيل وفي كتلة العظام. وتتباين كمية فيتامين D الللازمة لمنع النقص والوقاية من الرخد ولين العظام للذين يتناولون هذا النوع من الأدوية، حسب عددها ومقدار الجرعة ومدة العلاج والنمط الحركي ومدى التعرض للشمس وعمر الطفل. وقد استخدم الارتفاع في مستوى الفوسفاتاز القلوي Alkaline phosphatase كمؤشر للين العظام، إلا أن هذا المؤشر يدل على أيضا على عملية ابتناء العظام عند الأطفال [1] .

وتؤدي مضادات الاختلاج أيضا إلى نقص في الفولات في كريات الدم الحمراء والحبل الشوكي، وإلى فقر الدم الضخم الأرومات megaloblastic anemia عند مرضى الصرع epilepsy، وقد عزى ذلك لسوء امتصاص الفولات بسبب التغير في درجة الباهاء epilepsy، وقد عزى ذلك لسوء امتصاص الفولات بسبب التغير في درجة الباهاء ph في تجويف الأمعاء "اللمعة lumen" بفعل الأدوية أو بسبب إعاقة عملية تحلل الفولات عديدة الغلوتامات إلى أحادية الغلوتامات القابلة للامتصاص، أو نفاد الفولات بسبب استهلاكها كعامل مساعد في عملية استقلالية نتيجة تحريض الدواء لإنزيمات معينة في الكبد، أي أن الأدوية تزيد من أنشطة مسارات استقلابية تتطلب الفولات. وتجدر الإشارة أن مستوى الفولات لم يتأثر عند الأشخاص الذين كانت تغذيتهم كافية [1، 2، 6] .

وقد يكون العلاج المزمن بمضادات الاختلاج مرتبطا بحالات نقص لفيتامينات أخرى مثل B6, B2, B1 وفيتامين E وفيتامين C فقد وجد دليل سريري للبري بري القلبي cardial beriberi ونقص دون السريري subclinical لفيتامين C لفتاة بعمر 28 شهرا كانت تعالج بفنوباربيتال وفينتوين وبريميدون.

وقد لوحظت حالة فرط الكوليسترولمية hypercholesterolemia عند أطفال ويافعين عولجوا بمضادات الاختلاج مثل القنوباربيتال المعروف أنه يحرض إفراز الصفراء bile. كما أن العلاجات التي تثبط وظيفة الغدة الدرقية مثل

(1/529)

valproic acid , carbomazepine تزيد من مستوى الكوليسترول في الدم والذي يتأثر بالثيروكسين، وهذه الزيادة هي نتيجة زيادة الجزء في البروتينات الشحمية عالية الكثافة HDL يقلل من مخاطر الأمراض القلبية الوعائية [7، 8] .

كما شوهدت أيضا حالات فرط التنسج في اللثة Gingival hyperplasia عند بعض مرضى الصرع من الأطفال واليافعين الذين يتناولون diphenylhydantion methuximide لمنع الشناج. ويسبب فرط التنسج هذا تورم اللثة فتصبح اسفنجية وطرية مما يجعل المضغ مؤلما فيمتنع المريض عن تناول الأطعمة الصلبة خاصة إذا بدء بالعلاج بهذه المضادات بعمر مبكر [6] .

(1/530)

بعض المشكلات المرتبطة بتغذية وإطعام المعوقين والمتأخرين في النمو:

يعاني المعوقون من مشكلات تغذوية عديدة، وعلى الرغم من ذلك، فإن الدراسات المتعلقة بذلك قليلة. وتشمل المشكلات الغذائية سوء التغذية الشديد وبطء في النمو وعدم وزيادة الوزن بشكل كاف وسمنة جسيمة gross obesity وفرط الوزن بالنسبة للطول ونقص الحديد وفقر الدم وانعدام الشهية وفرطها والحساسية لبعض الأطعمة والتقيؤ والكعام gag والاجترار وقلة تناولة السوائل والإمساك. ومن مشكلات هذه الفئة أيضا السلوك الفوضوي عند تناول الطعام وعدم الرغبة أو القدرة على التلقيم الذاتي ورفض أي تقدم في سلوك الإطعام مثل التلقيم الذاتي أو تناول أغذية أخرى غير المهروسة. وقد يمتد ذلك سنوات عديدة، إما بسبب جهل الأم بتقدم الطفل أو لتوفير الوقت في إطعامه أو خوفا من رفض الطفل للطعام [1] .

وتوجد صعوبة في السيطرة على الوزن عند المصابين ببعض المتلازمات. فمثلا يلاحظ انخفاض الوزن باستمرار عند مرضى الشلل الدماغي المصابين بالكنع [1، 3] وتعتبر السمنة مشكلة للذين يعانون من متلازمات داون وبرادر- ويلي وكاربنتر وكوهن وغيرها [1، 9] . ومن المعلوم أن المعوقين قليلي الأوزان بسبب عدم تناول كميات كافية من الطعام يحصلون على مقادير محدودة من العناصر الغذائية والطاقة. وتشير الدراسات أن عدم تناول كميات كافية من فيتامينات C , A و D والفولات و B2, B6 والكالسيوم أمر شائع بين أفراد هذه الفئة [2] .

احتياجات المعوقين من الطاقة:

تكون الاحتياجات من الطاقة للأطفال ذوي التخلف العقلي وحركتهم طبيعية.

(1/530)

أي الذين لا يعانون من أية اضطرابات عصبية عضلية neuromuscular، كالأطفال السويين في الغالب على أساس الطول ولكن ليس العمر. إلا أن معظم المعوقين أقصر من السويين بنفس العمر، ولذلك تكون احتياجاتهم أقل. أما عندما تشل الحركة أو تتعطل بشكل كبير، تقل الاحتياجات بدرجة كبيرة على أساس الطول أيضا. ويصاب الذين يعانون من شناج نقص التوتر Spasticity hypoonia بفرط الوزن على الرغم من استهلاكهم وجبات قليلة الكالوري. أما الأطفال الذين يعانون من الكنع فقد لوحظ أنهم يستهلكون طاقة أعلى من الذين يعانون من الشناج ولكنهم أقل عرضة للسمنة بسبب صرفهم العالي للطاقة، وخاصة ذوي الحركة اللاإرادية المستمرة.

ويمكن القول إن الأطفال المعوقين أقل نشاطا من السويين بسبب انخفاض توتر العضلات وقلة الحركة وعدم الاكتراث بما يحيط بهم، مما يقلل صرف الطاقة عندهم، وبالتالي من احتياجاتهم منها. وقد قدرت المتطلبات من الطاقة للأطفال المصابين بشلل دماغي بنحو 10 كيلو كالوري لكل 1 سم طول لقليلي الحركة و 15 كيلو كالوري للذين حركتهم طبيعية [1] . أما الذين يعانون من متلازمة داون فقدرت الاحتياجات بنحو 16.1 كيلو كالوري للذكور و 14.3 كيلو كالوري للإناث لكل 1 سم طول للأطفال بعمر 2- 8 سنوات [9] .

يتبين من ذلك أن احتياجات المعوق من الطاقة يجب أن تقدر على أساس فردي لأنه يختلف عن السوي في النمو الجسدي وفي النشاط الحركي، ويفضل أن تقدر الاحتياجات من الطاقة على أساس وحدة الطول.

تغذية المعوقين:

تتطلب تغذية "إطعام" المعوقين التعامل معهم على أساس فردي فيما يتعلق بالاحتياجات من الطاقة والعناصر الغذائية، وبقوام الأطعمة المتقدمة، وبمدى القدرة على اكتساب المعوق لمهارات الإطعام أو التلقيم الذاتي. وتتطلب الإعاقات الحركية الكبرية أو الدقيقة أو الفموية أو النفسية أو وجود شذوذ بدني، استعمال أجهزة خاصة تمكن المعوق من الجلوس المناسب عند تناول الطعام، وتطوير أدوات تساعد على الإطعام الذاتي. ويمكن التغلب على العديد من المشكلات ذات العلاقة بتناول الطعام عند المعوق أو تلافيها، ولتحقيق ذلك لا بد من تقديم العوم والدعم للأهل فيما يتعلق باختيار الأطعمة المناسبة وبكيفية توفير الجو الملائم الذي يساعد المعوق على التعلم وتناول الأطعمة بما يتناسب مع مستواه في التطور. وربما يحتاج الأهل إلى تزويدهم بالتوجيهات أو التعليمات المعلقة بمراحل التطور التي يمكن، عند الوصول إليها، تغيير قوام الطعام أو الانتقال إلى التلقيم الذاتي [6، 10] .

(1/531)

العوامل المؤثرة على تناول الطعام عند المعوقين:

تتأثر تغذية المعوق بعوامل عديدة ومتداخلة، وفهم واستيعاب هذه العوامل يسهم في حل مشاكل الإطعام. ومن أهم هذه العوامل: مستوى التطور Developmental level، وجود شذوذ في نمط الحركة الفموية وفي التوتر العضلي، وجود مشكلات سنية، وسلوك المعوق وشهيته.

أ- مستوى التطور: تؤدي الإعاقة في التطور الحركي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى عدم تناول الأغذية المناسبة. ومع أن التطور عند المعوق يكون بنفس التسلسل الموجود عند السوي، إلا أنه يختلف عنه بالعمر الزمني CHRONOLOGICAL AGE أي أنه يحصل في وقت متأخر مما يجعل التكهن به أمرا صعبا، وخاصة إذا تداخل مع ذلك حركات وسلوكيات شادة تعيق اكتساب مهارة الإطعام. وقد يؤدي ذلك إلى فشل الأهل في تمييز استعداد المعوق وفي تزويده بالمنبهات Stimuli الملائمة للإطعام، وبالتالي فلن يتمكنوا من مساعدة الطفل في التقدم في المهارات الحركية الفموية للأكل أو في المهارات الحركية الكبرية والدقيقة التي تساعد على إطعام الذات. فمثلا قد يقدم الأهل للمعوق أطعمة مهروسة في الوقت الذي يكون فيه المعوق قادرا على مضغ طعام أكثر خشونة أو قد يقوم الأهل بتلقيم المعوق بينما يكون مستعدا للتعلم على أن يأكل بدون مساعدة. فالطفل السوي يظهر استعداده التنموي بشكل واضح، أما المعوق فإنه يظهره بشكل مبهم لدرجة يمكن أن يغفل الأهل ذلك تماما، وعندما يتم التنبيه لهذا الاستعداد يكون الوقت متأخرا مما يؤدي إلى حصول مواجهات مع المعوق الذي قد يرفض تناول الطعام، أو قد تستمر الأم في إعطائه أغذية مهروسة لسهولة تناولها وتوفير الوقت لرعاية مسؤلياتها الأخرى وهذا كله يؤدي إلى عدم كفاية الغذاء المتناول وبالتالي لا يسهم في حصول نمو كاف عند المعوق.

ويحتاج بعض المعوقين غير القادرين على الحركة أو المشي لمن ينقلهم من مكان لآخر، وتواجه الأم أو المسؤول عنهم صعوبة في ذلك كلما زاد الوزن، مما يضطرها لتقليل كمية الطعام المتناولة للحد من زيادة كبيرة في الوزن. ومع أنه يجب

(1/532)

تلافي السمنة، إلا أنه يجب توفير الطاقة والعناصر الغذائية بكميات كافية ومتوازنة لتفي بمتطلبات النمو. ولذلك يحتاج الأهل لتزويدهم بالمعلومات وإرشادهم بطرق مساعدة المعوق على الحركة والاعتناء به.

ب- وجود شذوذ في الحركة الفموية وفي التوتر العضلي: إن نمط الحركة الفموية الشاذة الناتجة عن قصور في السيطرة على اللسان أو الشفتين أو الخدين، أو نقص التوافق في البلغ والتنفس يجعل عملية الأكل صعبة وتتطلب الصبر من قبل الطفل ومن يقوم بإطعامه وتؤدي إلى فقد كمية كبيرة من الطعام من الفم وبالتالي إلى عدم تناول كميات كافية من الطاقة والعناصر الغذائية. فعلى سبيل المثال يمكن أن تكون المشكلات في المص والبلع وعدم توافقهما مع التنفس مميتة مما يستدعي إطعام المعوق بطرق غير فموية كالتغذية عن طريق فتحة في المعدة Gastrostomy أو بالتزقيم gavage وقد يحتفظ المعوق بالمنعكسات reflexes الفموية البدائية مما يعيق اكتساب مهارات الإطعام، فمثلا لا يتعلم الطفل المضغ إذا كان لا يزال يحتفظ بمنعكس المص.

كما أن التوتر العضلي الإجمالي يزيد من مشاكل السيطرة على الفم، إذ إن العديد من حركات الفم المرضية مرتبط ببعض أنواع التوتر العضلي الشاذ. فدسر اللسان tongue thrust هو جزء من التوتر الباسط extensor tone في الجسم، ومع التمدد في رأس الطفل يزداد دسر اللسان. كما أن ضعف إغلاق الشفتين وظاهرة الفم المفتوح يشاهدان عند الطفل الذي يعاني من نقص التوتر في الوجه والجسم [1] .

ج- وجود مشكلات سنية: يعاني العديد من المعوقين من مشكلات سنية تؤثر على تناولهم الطعام. فمثلا يعاني بعض مرضى متلازمة داون من تأخر في بروز الأسنان والتي تكون صغيرة وغير منتظمة [10] ، كما يعاني هؤلاء من فقد في الأسنان بسبب عدوى اللويحة السنية dental plaque ويعاني بعض مرضى الشلل الدماغي من صريف الأسنان وسوء ترصيفها malalignment وسوء إطباق الفكين بسبب دسر اللسان [3، 11] ، مما يعيق عملية المضغ ومن تناول الأغذية الصلبة ويزيد من الاعتماد على الأطعمة الطرية أو اللينة.

ويؤدي استعمال بعض الأدوية مثل Ethosuximide, diphenylhydantion لعلاج الصرع epilepsy إلى فرط التنسج اللثوي gingival hyperplasia كتأثير جانبي.

(1/533)

للأطفال واليافعين خاصة إذا استعملت هذه الأدوية لفترة طويلة. ويعيق فرط التنسج عملية المضغ وبروز الأسنان الدائمة ويؤهب اللثة للعدوى والرضح trauma [6] .

د- السلوك: توجد في بعض الأحيان صعوبة في إطعام الطفل بسبب سلوكه وقت تناول الطعام. وقد يظهر المعوق سلوكا غير لائق ومتهور، كأن يرمي الطعام أو الأدوات أو يرفض تناوله بهدف لفت الانتباه وغير ذلك. وقد يحاول المعوق التحكم بوالديه عن طريق رفضه الطعام. وسلوك الطفل غير اللائق بالإضافة إلى قصر مدى الانتباه short attention span عنده يقللان من استهلاك الطاقة والعناصر الغذائية. كما أن قلة الحركة أو النشاط الجسدي تقلل من الطاقة المصروفة وبالتالي من الاحتياجات منها. أما الأطفال الذين يتميزون بفرط الحركة فإنهم ينفقون طاقة عالية في النشاط الذي لا يتوقفون عنه. وهذه الحركة المفرطة بالإضافة إلى قصر مدى الانتباه على مائدة الطعام، يجعلان الطفل يتناول كميات قليلة منه في الوجبة، مما يتطلب إعطاء هؤلاء الأطفال وجبات صغيرة وعديدة.

هـ- الإمساك: يعتبر الإمساك مشكلة عامة عند المعوقين خاصة للذين يعانون من فرط التوتر أو نقصه. وأسباب قلة الإخراج عديدة، منها ضعف التوتر في عضلات البطن والتعب المفرط والقلق وقلة تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية أو السوائل أو نتيجة الجفاف من جراء التقيؤ أو التعرق الشديدين أو بسبب القصور في اكتساب نظام لإطراح الفضلات. والذي يعاني من الإمساك يشكو في العادة من ألم في البطن وانتفاخ فيه ومن عدم الشعور بالارتياح.

و الشهية: غالبا ما يعاني المعوق من فرط الشهية أو من سوئها. ويؤدي حدوث خلل في الجهاز العصبي المركزي إلى نقص الشهية عند بعض المرضى فلا يشعر الطفل بالجوع، وقد لا يستمتع بما يتناوله من طعام ولا يبدي أي رضى عنه مما يقلل من الكمية التي يتناولها. وعدم استجابة الطفل لا تعزز ما يبذله الأهل من جهد في إطعام الطفل مما يبعث على عدم الرضى عند الوالدين. وقد يفقد الأهل الدافع للاستمرار في مساعدة الطفل في تناول الطعام وهذا بدوره يضعف الدافع عند الطفل لتناول الأطعمة المناسبة [1] .

ومن ناحية أخرى يمكن أن يؤدي حصول خلل أو عيب تطوري في الوطاء Hypothalmus إلى عدم الشعور بالشبع وفرط الشهية عند الطفل، فيأكل الطفل بينهم وشهية كبيرة لدرجة أنه يضطر إلى سرقة الطعام أو حتى تناول طعام.

(1/534)

الحيوانات. ويستحيل تعديل سلوك هؤلاء الأطفال، لذلك تستدعي هذه الحالات اتخاذ أقصى الإجراءات للسيطرة على السمنة كأن يتم إقفال خزانة الطعام أو باب الثلاجة أو حتى غرفة المطبخ [1] .

ز- توقعات الأهل: يحتمل أن يسود الوالدان قلقا بشأن انخفاض سرعة نمو الطفل أو بشأن ما يتناوله من طعام، ويصبح اهتمام البعض أكثر مما يجب فيقودهم إلى إعطاء أغذية غير ملائمة بالخطأ، كأن يعطى الطفل البيض النيئ "كونه سائلا ذا قيمة غذائية عالية"، أو تلبية رغبته بإعطائه ما يريد من السكاكر والحلويات باستمرار. لذلك من الضروري مساعدة الأهل في إيجاد طرق أخرى للتعبير عن حبهم واهتمامهم بالطفل المعوق.

التدبير الغذائي وطرق إطعام المعوقين:

يتطلب إطعام المعوقين تعاونا وتنسيقا تامين بين المعنيين، ويحتاج إلى فريق متكامل يضم الطبيب والممرضة اللذين يقومان بالتشخيص الصحيح المبني على الفحوصات السريرية والمخبرية، ويضم أيضا اختصاصي علم النفس ومعالج النطق لتوفير المعلومات اللازمة حول مستوى التطور والمهارات الحركية الدقيقة والكبرية، وبخاصة للذين يعانون من شذوذ في التوتر الحركي، وكذلك حول العوامل الشخصية والعاطفية التي قد تؤثر على تناول الطعام. كما يضم الفريق الباحث الاجتماعي الذي يوفر المعلومات المتعلقة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي وعن مدى تفاعل الأسرة مع المعوق، والمعالج الفيزيائي الذي يقوم بتقييم التطور الحسي والحركي وبإعطاء التوصيات فيما يتعلق بأدوات الطعام اللازمة والأغذية المناسبة من حيث القوام وسبل تعديل سلوك الإطعام، وطبيب الأسنان لتصحيح بعض المشاكل السنية، وخبير التغذية الذي يستكمل تقييم الوضع التغذوي ويعمل على توفير وجبات متوازنة ومناسبة، بناء على المعلومات الطبية والنفسية والاجتماعية المتوفرة [12] . ومن الضروري أن يقوم هذه الفريق بتبادل المعلومات والخبرات ضمن برنامج محدد يفي باحتياجات المعوق، بالإضافة إلى تقديم النصح والإرشاد لأسرة المعوق ومساعدتها في تخطيط وتقديم وجبات غذائية مناسبة وفي التخفيف من التوتر الذي تعاني منه. ويجب وضع أهداف محددة قصيرة وأخرى طويلة الأمد خاصة وأن غالبية حالات التعوق تكون مزمنة. كما يجب التقييم دوريا لمعرفة مدى التقدم أو لتعديل الأهداف السابقة وذلك عن طريق إجراء الفحوصات اللازمة والقياسات

(1/535)

البشرية. ويفيد وضع الأهداف التالية والتي تنطبق على كثير من المعوقين في:

- الوقاية من سوء التغذية أو السمنة.

- تحسين نمو المعوق وتحسين وضعه التغذوي.

- تشجيع التلقيم الذاتي والتقدم فيه.

- تطوير مهارات الإطعام.

التخلص من المشكلات التي تؤثر على تناول الطعام أو الشهية أو كليهما. وقد يشمل ذلك:

- التركيز على نظافة ومعالجة أي مشكلات سنية.

- معالجة فقد الشهية "إن كان يعاني منها المعوق"، كأن يتم إعداد وجبات صغيرة وكثيرة بحيث تحتوي على أطعمة مرغوبة ومقبلات. أما إذا كان فقد الشهية بسبب تناول الأدوية، فيمكن تخفيف تأثيرها بإعطاء الوجبة إما قبل تناول العلاج أو عندما تكون درجة مفعوله أقل ما يمكن.

- التصحيح والوقاية من الاضطرابات الغذائية الناتجة عن تناول الأدوية. وقد يتطلب ذلك إجراء فحوصات سريرية وبيوكيميائية للكشف عن النقص دون السريري و / أو إعطاء بعض الإضافات الغذائية.

إجلاس الطفل عند تناول الطعام:

يجب الانتباه إلى الوضع الصحيح الذي يجب أن يكون عليه المعوق عند إطعامه، ويشمل ذلك وضع الرأس والجسم والحوض والأطراف، فالوضع الصحيح يمكن أن يخفف من بعض الحركات الشاذة وأن يزيد من القدرة على السيطرة على حركات الفم. لذلك يجب أن يكون الطفل مرتاحا في جلوسه وأن يكون وضع الحوض بدرجة قائمة مع الجسم "كما هو الحال في الوضع الطبيعي فوق كرسي مناسب" وأن ترتكز الرجلان على الأرض كما هو مبين في الشكل "أوب ".

ويجب منع الرأس من الاندفاع إلى الخلف أثناء تناول الطعام أو ما يعرف بـ "إطعام الطير" لأن هذا الوضع يشجع على الطريقة الطفولية للإطعام، إضافة إلى أنه لا يسمح بالسيطرة الطبيعية على اللسان وعملية البلع، وقد يؤدي إلى شفط الرئتين للطعام وحصول شرق choking، لذلك يجب أن يكون الرأس منتصبا أو مائلا قليلا "حوالي 5- 10 درجات فقط" "الشكل 1- ج". ويمكن منع اندفاع الرأس إلى الخلف بوضع الطفل في حضن الشخص الذي سيطعمه بحيث يكون مواجها له

(1/536)

وإسناد رأسه من الخلف كما هو مبين في الشكل [1- د] . أما الطفل الأكبر سنا فيتم تجليسه على الحضن بحيث تكون رجلاه متباعدتين ويمكن وضع حاجز بينهما كما هو مبين في الشكل [1- د] . وهذا الوضع يمنع المعوق الذي يعاني من حركات شاذة من إطباق رجليه. ويمكن استخدام مساند جانبية أو مسند خلفي "الشكل 2 - أو ا - ب" أو حزام لتثبيت الطفل ومنع وقوعه. ويجب عدم استعمال اليدين في إسناد الرأس ما أمكن لاستعمالهما في السيطرة على حركة الفكين والشفتين أثناء الإطعام "الشكل 1- د".

الأدوات المستخدمة في إطعام المعوقين:

تستخدم أدوات خاصة لمساعدة الطفل على الإطعام الذاتي [10] ويبين الشكل 2 أنواعا من الأكواب والأطباق "الصحون" والملاعق. وتستعمل أكواب مغطاة، كالتي تستعمل للأطفال، أو أكواب ذات قواعد ثقيلة كي تبقى ثابتة ولا تنسكب محتوياتها إذا كان الطفل يعاني من ضعف في التوافق الحركي. كما يمكن استعمال الكوب ذي اليدين بدلا من يد واحدة للإمساك بهما بشكل أفضل. وينبغي أن تكون الأدوات التي يستعملها المعوق غير قابلة للكسر. ويفضل استعمال الأطباق ذات الحواف العالية والمجورة لمنع فقد الطعام أثناء تناوله. وقد تكون هناك حاجة لاستعمال ملاعق ذات حجوم أو أشكال معينة. فمثلا تستخدم الملعقة ذات اليد الخشبية أو الاسفنجية للذي يعاني من ضعف في القبض، والملعقة ذات الوصلة الطويلة لمن لا يستطيع ثني كوعه.

تقييم المشكلات واقتراح الحلول:

وللتمكن من بلوغ أهداف التدبير الغذائي ينبغي تقييم المشكلات الفعلية التي يعاني منها المعوق والتي تؤثر على تناول الطعام ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها مما يسهم في نجاح تطوير أو تعديل النمط الغذائي للمعوق. وفي تعزيز محاولات الأهل لتحسين الوضع الغذائية للطفل وبلوغ القدرات الجسمية والعاطفية والعقلية الكامنة. وكما ذكر سابق فإن حل الصعوبات ليس سهلا وقد يكون معقدا ويتطلب التنسيق والتعاون بين أفراد الفريق المعنى بأمور المعوق. ويبين الجدول التالي بعض الأمثلة لتقييم بعض المشكلات الغذائية وطرق حلها [1] .

(1/537)

المراجع:

1 - Pipes PL and Gass RP 1989. Nutrition and feeding of children with developmental

delays and related problems. In: Pipes PL (ed) Nutrition in Infancy and Childhood. The Mirror/Mosby College Publishing, St. Louis.

2 - Baer MT 1983. Nutrition and developmental disabilities. In: Weininger J and

Briggs GM (ed) Nutrition Update Vol 1. John Wiley & Sons, New York.

3 - Palmer S 1978. Cerebral palsy. In: Palmer S and Ekvall S (ed) Nutrition in

Developmental Disorders. Charles C Thomas Publisher, Springfield.4 -

Cimino, J, Epel R and Cooperman JM 1985. Effect of diet on vitamin deficiencies

in retarded individuals receiving drugs. Drug-Nutrient Interactions 3: 201.5 -

Garabedian - Ruffalo SM and Ruffalo RL 1986. Drug and nutrient interactions.

Am Fam Physician 33: 165.6 -

Aimer and Kalisz K 1978. Epilepsy In: Palmer S and Ekvall S (ed) Nutrition in

Developmental Disorders. Charles C Thomas Publisher, Springfield.7 -

Luoma PV and Sotaneimi EA 1985. Serum low-density Hpoprotein and high

density Hpoprotein cholesterol and Hver size in subjects on drugs inducing hepatic microsomal enzymes. Eur J Clin Pharmacol 28: 615.8 -

Okuda J and Sorrentino D 1988. Bile acid secretion and pool size during

phenobarbital induced hypercholeresis. Proc Soc Exp Biol Med 197:202.9 -

Palmer S 1978. Down's syndorme. In: Palmer S and Ekvall S (ed) Nutrition in

Developmental Disorders. Charles C Thomas Publisher, Springfield.10 -

Palmer S and Horn S 1978. Feeding problems in children. In: Palmer S and Ekvall

S (ed) Nutrition in Developmental Disorders. Charles C Thomas Publisher, Springfield.11 -

Taft LT 1983. The physically handicapped, child. In: Barness LA (ed) Advances in

Pediatric Nutrition. Vol 30. Yearbook Medical Publishers, Inc., Chicago.12 -

Wodarski LA 1990. An interdisciplinary nutrition assement and intervention

protocol for children with disabilities. J Am Diet Assoc 90: 1563.

(1/542)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الغذاء والتغذية

الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية

مقدمة

...

الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية:

الدكتور عبد الرحمن عبيد مصيقر

مقدمة:

أصبحت الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية diet-related chronic diseases من الأسباب الرئيسية للمراضة morbidity والوفيات morrtality في معظم الدول العربية. ومن أهم الأمراض، أمراض القلب التاجية Coronary heart diseases والحوادث المخية الوعائية "السكتات" stroke، وفرط ضغط الدم hypertension والداء السكري diabetes وبعض أنواع السرطان كسرطان القولون colon cancer وسرطان الثدي breast cancer، والسمنة obesity ولقد كان الاعتقاد السائد أن هذه الأمراض تنتشر عادة بين المجتمعات المتقدمة أو الغنية، ولكن العديد من المؤشرات يبين أن انتشار الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية آخذ في الازدياد في بعض المجتمعات النامية وحتى بين الطبقات الفقيرة من السكان. ويرجع ذلك بصورة كبيرة إلى التغير السريع الذي حدث في أنماط استهلاك الطعام والحياة. فعندما تزداد القوة الشرائية ينقص تناول الحبوب والبقوليات والخضار في هذه المجتمعات، ويزداد تناول الدهنيات "خصوصا تلك التي من أصل حيواني" والسكر والأطعمة الحيوانية كاللحوم والألبان. بالإضافة إلى ذلك فإن حركة الفرد تقل بشكل كبير، فهو يعتمد في تنقله على السيارة، كما يزداد الاعتماد على الأجهزة الحديثة في المنزل، وتطول فترة مشاهدة التلفزيون، وكل هذه العوامل تساهم في تخفيض النشاط الحركي اليومي Daily physical activity، مما يسبب بدوره سرعة الإصابة بهذه الأمراض. كما يجب ألا نغفل التغيرات الاجتماعية والبيئية الأخرى، مثل الضغوطات، والإجهاد النفسي في العمل والحياة اليومية، وارتفاع تناول المشروبات الكحولية في بعض البلدان العربية، وازدياد نسبة المدخنين خاصة بين الشباب والمراهقين، والتلوث البيئي، وتعتبر هذه من عوامل الخطر الرئيسية لبعض هذه الأمراض. ويستعرض هذا الفصل أهم الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية وعوامل الخطر المؤدية إليها وبعض الإجراءات الوقائية لتقليل الإصابة.

(1/543)

الأمراض القلبية الوعائية

تعريف المرض

...

الأمراض القلبية الوعائية:

1- تعريف المرض:

الأمراض القلبية الوعائية cardiovascular diseases هي السبب الرئيسي للوفيات في معظم الدول العربية، وتعتبر القاتل الأكبر في هذه المجتمعات. ولم يقتصر انتشارها على الفئات المترفة من المجتمع، بل أصبحت الفئات الفقيرة والمحرومة تعاني من هذه الأمراض نتيجة عدة عوامل بيئية واجتماعية وغذائية. وتشمل الأمراض القلبية الوعائية مجموعة من الأمراض، أهمها مرض القلب التاجي coronary heart disease وهو عبارة عن قصور دوران الدم في مناطق معينة من عضلة القلب، مما يؤدي إلى الإفقار ischemia والإفقارالقلبي يمكن أن يكون بشكل ذبحة صدرية angina أو احتشاء في عضلة القلب myocardial infarction وهناك المرض المخي الوعائي cereberovascular disease، وهو عبارة عن قصور دوران الدم في الدماغ، وتكون أولى مظاهره في شكل فقد الإحساس والوعي أو السكتة الدماغية stroke. والنوع الرابع هو المرض الوعائي المحيطي peripheral vascular disease وهو يسبب ألما أثناء المشي أو الجهد، وقد يؤدي إلى بتر الطرف. وجميع هذه الأنواع الأربعة من الأمراض القلبية الوعائية تحدث نتيجة تصلب الشرايين أو التصلب العصيدي atherosclerosis [1] .

ويعتبر تصلب الشرايين السبب الرئيسي لمرض القلب التاجي، وكلمة atherosclerosis بالأصل مؤلفة من كلمتين في اللغة اليونانية، athero وتعني عصيدة و sclerosis وتعني صلب وهكذا يعني التصلب العصيدي، أي الطبقة التي تشبه العصيدة الملتصقة داخل الشرايين [2] .

والشرايين هي الأوعية الدموية التي تحمل الدم من القلب إلى أعضاء الجسم الأخرى وهي دائما تحمل دما نقيا مؤكسدا، ما عدا الشريان الرئوي الذي يحمل الدم غير المؤكسد للرئتين لتقوما بتنقيته. ويضخ القلب الدم في الشرايين تحت

(1/544)

ضغط كبير، ولذلك فإن الشرايين هي أنابيب قوية الجدران مقواة بألياف ماطة وعضلات مرنة. ويلعب انقباض الشرايين وانبساطها الدور الأساسي في تنظيم ضغط الدم وتوزيع الدم على مختلف أعضاء الجسم. وعندما يفقد الشريان مرونته ويصبح صلبا فإن انبساطه وانقباضه مع كل نبضة من نبصات القلب لا يتم بصورة مرضية، حيث أن هذه الشرايين المتصلبة لا تستطيع أن تزيد من كمية الدم التي تحملها في حالة ازدياد النشاط أو عمل أحد أعضاء الجسم، وبذلك يحدث قصور في الدورة الدموية [3] .

وعادة تحدث الأزمة القلبية عندما يتم ترسب تدريجي للدهن على البطانة الداخلية للشريان، وبالتالي تحدث زيادة في سمك وخشونة هذه الطبقة، وتترسب المواد الدهنية بشكل غير متجانس على طول الشريان، مما يؤدي إلى تكون لطع هلامية متفرقة، وبذلك تفقد البطانة الداخلية للشريان ملاستها ونعومتها، ويضيق قطاع الشريان الذي يحتوي على هذه اللطع نظرا لنتوئها داخل مجراه. وتحدث الذبحة الصدرية angina pectoris نتيجة عدم قدرة الشرايين التاجية على زيادة كمية الدم اللازمة لعضلة القلب، وذلك راجع إلى ضيق أو تقلص شريان أو أكثر من الشرايين التاجية، وعند ذلك يشعر المريض بضيق في الصدر أو ألم في منطقة القفص الصدري، وقد ينتشر هذا الألم إلى الكتفين والذراعين ويزداد مع زيادة المجهود، مما يضطر المريض إلى التوقف عن بذل هذا المجهود، أو المشي لفترة قليلة للراحة، ويزول هذا الألم تدريجيا وقد يستمر نصف دقيقة إلى حوالي ربع ساعة، وتكرار هذه الأعراض مع شدتها قد تكون مؤشرا لحدوث الجلطة [3 و4] .

(1/545)

2- انتشار المرض في الوطن العربي:

تكاد تكون المعلومات المتوفرة عن المراضة والوفيات من الأمراض القلبية الوعائية في البلدان العربية شحيحة، ومعظم البيانات المتوفرة من الوفيات في المستشفيات. وبصفة عامة فإن نسبة معدل الوفيات من الأمراض القلبية الوعائية عالية جدًّا في دول المنطقة وأصبحت هذه الأمراض السبب الرئيسي للوفاة في معظم الدول العربية، وقد وصلت نسبة الوفاة إلى حوالي 3% من مجموع الوفيات الكلي في كل من دول الخليج العربي ومصر والأردن. ويشكل مرض احتشاء القلب نسبة عالية من مجموع هذه الوفيات [1] .

(1/546)

3- عوامل الخطر:

يقصد بعوامل الخطر risk factors العوامل التي تساعد على الإصابة بأمراض القلب والشرايين. وكلما ازداد عدد هذه العوامل في الفرد ازدادت الفرصة بإصابته بأمراض القلب الوعائية. وأهم هذه العوامل كثرة تناول الدهون وارتفاع ضغط الدم، والإصابة بداء السكري، والحياة الخاملة sedentary lifestyle والتدخين، وتعاطي الكحول، وقلة تناول الأغذية الغنية بالألياف الطبيعية، والسمنة.

أ- تناول الدهون والكوليسترول: يوجد اتفاق عام على أن زيادة تناول الدهون، خاصة الحيوانية المنشأ، تلعب دورا مهما في الإصابة بأمراض القلب الوعائية. وهناك فئتان من الدهون. الأولى يمكن تسميتها دهون تساهم في إحداث تصلب الشرايين، والأخرى قد تكون واقية منه. ويعتقد أن الحموض الدهنية المشبعة saturated fatty acids مسؤولة بشكل خاص عن زيادة كوليسترول الدم فهي تزيد نشاط التجلط وتكدس الصفيحات platelets aggregation، وهي آليات ضرورية لإحداث الخثار thrombosis الذي يسهم في حدوث تصلب الشرايين. والدهون المشبعة موجودة في الأغذية الحيوانية مثل الزبدة والسمنة البلدية، وهناك مصادر حيوانية شائعة للدهون المشبعة مثل صفار البيض والكريم والجبنة والآيس كريم "المثلجات" ومنتوجات الألبان واللحوم الحمراء. وتحتوي بعض الزيوت النباتية على نسبة عالية من هذه الدهون وهي زيت النخيل palm oil، وزيت جوز الهند coconut oil، كما أن عملية هدرجة الزيوت النباتية الأخرى، مثل ما هو حادث في إنتاج المرغرين margarine تزيد مقدار الحموض الدهنية المشبعة في الدهون التي كانت من قبل غير مشبعة [1] .

أما الحموض الدهنية غير المشبعة unsaturated fatty acids، فيعتقد أنها لا تسبب خطورة بل تساعد على تقليل احتمال الإصابة بالنوبات القلبية عند تناولها باعتدال. وتنقسم هذه الدهون إلى مجموعتين رئيسيتين، الأحادية غير المشبعة.

(1/546)

monounsaturated fatty acids والدهون المتعددة غير المشبعة polyunsturated fatty acids. وحتى الآن فإن هناك الكثير من الجدل حول دور هذه الدهون في تخفيض مستوى الكوليسترول في الدم، ولكن يستخلص من بعض الدراسات أن الدهون غير المشبعة قد تخفض مستويات كوليسترول الدم، بخاصة في حالة إحلالها محل الدهون المشبعة. كما وجد أن استهلاك الدهون المتعددة غير المشبعة يترافق مع إنقاص خطر احتمال التعرض لتصلب الشرايين، لأنه يخفض مستويات كوليسترول الدم ومستويات البروتينات الشحمية الضارة [1 و5] .

ويعتبر الكوليسترول من أكثر المواد الدهنية التي لها علاقة بأمراض القلب. والكوليسترول جزء مهم من مكونات جدار الخلايا، وهو يصنع في الكبد ويدخل في تركيب بعض الهرمونات الهامة. ولا يعتبر الغذاء المتناول المصدر الأساسي للكوليسترول، بل يستطيع الجسم تصنيعه. وينتقل الكوليسترول في الجسم بواسطة الدم داخل جزيئات تعرف بالبروتينات الشحمية lipoprotein. وهناك نوعان من هذه البروتينات الشحمية، البروتينات الشحمية ذات الكثافة المنخفضة low- density lipoprotein "LDL" وتسمى بالكوليسترول الضار، حيث يؤدي ترسبها في الشرايين إلى تضييق وتصلب الشرايين، والبروتينات الشحمية ذات الكثافة العالية hight density lipoprotein "HDL"، وتسمى بالكوليسترول المفيد، تقوم هذه بنقل الكوليسترول من الشرايين وغيرها إلى الكبد حيث يتخلص منه. ويساعد هذا في إزالة بعض التغليف الدهني داخل الشرايين وبالتالي تقليل فرصة الإصابة بتصلبها [2، 6] .

وهناك مكون دهني آخر مهم وهو ثلاثي الغليسريد triglyceride، وهو أكثر أنواع الدهون شيوعا في غذاء الإنسان وفي جسده. ويتألف من مكونين، الغليسرول glycerol والحموضالدهنية ويعتبر ثلاثي الغليسريد أهم مصادر الطاقة في الجسم. والارتفاع الشديد في مستوى هذا المكون الذهني يزيد من احتمال إصابة الشخص بالتهاب بالنكرياس، إضافة إلى ازدياد احتمال تعرضه للإصابة بجلطة في القلب أو الدماغ [6] .

ويتضح مما سبق أنه يجب عدم الاعتماد على قياس نسبة الكوليسترول في الدم فقط، بل معرفة مستوى الكوليسترول الضار والمفيد، وكذلك ثلاثي الغليسريد. ويفضل ألا يزيد مستوى الكوليسترول الكلي على 200 مليغرام لكل 100

(1/547)

مليلتر من الدم، كما يجب ألا يزيد الكوليسترول الضار عن 160 ولا يقل الكوليسترول المفيد عن 40 مليغرام في كل 100 مليلتر دم. أما الغليسريدات الثلاثية فيجب ألا تزيد عن 175 مليغرام في كل 100 مليتر دم، والجدول 1 يوضح المستويات الطبيعية وغير الطبيعية لدهون الدم.

ب- فرط ضغط الدم Hypertension: يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة المجهود الذي يبذله القلب لضخ الدم إلى جسم الإنسان، كما أن الشرايين بدورها تزيد من مقاومتها لتتحمل زيادة قوة اندفاع الدم. وهذه العملية تؤثر سلبا على القلب والشرايين، واستمرارها يؤدي إلى تضخم القلب وازدياد ضيق الشرايين الدقيقة نتيجة لزيادة ثخانة جدران هذه الشرايين وفقدها لمرونتها. بالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع ضغط الدم يساعد على ترسب الدهون وبعض المواد الأخرى على الجدران الداخلية للشرايين، مما يؤدي إلى ضيقها [4] . وفي دراسة حديثة في البحرين وجد أن نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم تبلغ 3 أمثالها عند المصابين باحتشاء القلب، مقارنة بالأشخاص الأسوياء [7] .

ج- السكري diabetes mellitus: يعتبر الداء السكري من عوامل الخطر المهمة للإصابة بأمراض القلب التاجية، وتشير الدراسات في بعض الدول العربية إلى أن نسبة المصابين بالداء السكري عالية عند المرضى المصابين بأمراض القلب [8] عند مقارنتهم بمرضى آخرين. ويساعد السكر على سرعة تصلب وضيق مجرى الشرايين في الأطراف، مما يؤدي إلى تعطيل سريان الدورة الدموية فيها. وهذا الضيق يساهم في تراكم الدهون على جدران الشرايين مسببا انسدادها أحيانا. ومن مضاعفات الداء السكري كذلك ارتفاع ضغط الدم.

د- التدخين smoking: تشير بيانات منظمة الصحة العالمية أن وباء التدخين في الدول النامية آخذ في الانتشار وبشكل سريع. ولقد كان التدخين في السابق مقتصرا على البالغين خاصة الرجال، أما حاليا فإن نسبة المدخنين من المراهقين والنساء قد ازدادت بشكل ملحوظ. وتتراوح نسبة المدخنين الذين تزيد أعمارهم على 15 سنة في الوطن العربي من 10% إلى 20% [9] . ولقد تأكد بوضوح أن احتمال الإصابة بالأمراض القلبية التاجية يزيد بنسبة 70% بين المدخنين عن الأشخاص الذين لا يدخنون. ويقلل التدخين من كمية الأكسجين الموجودة بالدم، مما يضطر إلى زيادة عمل القلب. ويلحق أول أكسيد الكربون الموجود في دخان

(1/548)

السجائر الضرر في جدران الأوعية الدموية من الداخل فيجعلها خشنة، يمكن أن تتراكم عليها الرواسب الدهنية. وإلى جانب ذلك فإن السموم الموجودة في الدخان تجعل كريات الدم الحمراء تلتصق بعضها ببعض مكونة كتلا لا تستطيع المرور في أصغر الأوعية الدموية، مما يقلل عمليا من كمية الدم والأكسجين في الجسم. كذلك فإن النيكوتين الموجود في السجائر يزيد من سرعة ضربات القلب، وتصبح عضلته أكثر احتجاجا للأكسجين الذي تقل نسبته عند المدخنين. أما درجة الخطر الذي يتعرض له القلب ونظام الدورة الدموية، فيرتبط ارتباطا مباشرا بعدد السجائر التي يدخنها المرء يوميا، وعدد السنوات التي دخن فيها، وما إذا كان يسحب الدخان إلى داخل الجسم أم لا [10]

الجدول 1- جدول يبين القيم الطبيعية وغير الطبيعية لدهون الدم

المصدر: مرجع رقم [6] .

ملاحظة: * مل= ملي لتر

* تحسب قيمة الكوليسترول الضار L.D. L بالمعادلة التالية

الكوليسترول الضار L. D. L = الكوليسترول المفيد H. D. L الغليسريدات الثلاثية / 2.2.

(1/549)

هـ- تعاطي المشروبات الكحولية alcoholism: إن تناول المشروبات الكحولية يزيد من ارتفاع ضغط الدم ومن مستوى الغليسريد الثلاثي في الدم ويزيد بالتالي من نسبة الوفيات من أمراض القلب [5] .

و الرياضة أو النشاط البدني Exercise: إن الحياة الخاملة وقلة الحركة أصبحت سمة من سمات نسبة كبيرة من المجتمعات العربية، خاصة الغنية منها. فاستخدام السيارة في التنقل حتى إلى أقرب المسافات، واستخدام الأجهزة الكهربائية في المنزل مثل المكنسة والغسالة وغيرها، بالإضافة إلى الاعتماد على الخادمة في تدبير شؤون المنزل، وقضاءه فترة طويلة في مشاهدة التلفزيون، كل هذه العوامل خلقت نمطا خاملا من الحياة تكاد تنعدم فيه الحركة. كما أن ممارسة الرياضة مقتصرة على فئة محدودة، غالبا ما تكون من الشباب الذكور. وإذا استثنينا طبيعة العمل والتي غالبا ما تكون غير اختيارية، فإن نسبة الإصابة بأمراض القلب تقل بدرجة كبيرة عند الأشخاص الذين يزاولون النشاط الرياضي مقارنة بأولئك الذين لا يزاولون هذا النشاط.

وتدل الدراسات أن التمارين الرياضية تساعد على تنشيط الدورة الدموية، كما وجد أنها تساعد على نمو شعيرات دموية جديدة في عضلات الجسم المختلفة، بما فيها عضلة القلب، مما يزيد من كمية الدم المتدفق لهذه العضلة، والذي تتضح أهميته على وجه الخصوص عند الأشخاص المصابين بضيق في الشرايين التاجية، حيث أن نمو شعيرات جديدة حول الشريان المصاب بالضيق يعوض عن بعض النقص في كمية الدم المغذي لضعلة القلب [4] . ويساعد القيام بالتمارين الرياضية كذلك على تخفيض كمية الدهون في الدم والجسم، وتؤدي هذه التمارين إلى انخفاض مستوى الكوليسترول الضار في الدم وارتفاع مستوى الكوليسترول المفيد.

ز- السمنة obesity: إن العلاقة بين الإصابة بالسمنة وأمراض القلب ما زالت غير واضحة. فالدراسات التي أجريت في العديد من الدول أعطت نتائج متضاربة فهناك دراسات وجدت أن السمنة تعتبر أحد عوامل الخطر في الإصابة بأمراض القلب، بينما لم تجد دراسات أخرى مثل هذه العلاقة. ويعتقد أن السمنة تؤثر على الإصابة بأمراض القلب بطريق غير مباشر حيث أنها مرتبطة بارتفاع ضغط الدم وداء السكري وزيادة تراكم الشحوم في الجسم، وهذه الأعراض المرضية تعتبر من عوامل الخطر المهمة للإصابة بأمراض القلب التاجية.

(1/550)

ح- العمر والجنس والأصل الأثني anthroplogy: من المعروف أن خطر الإصابة بالأمراض القلبية يزداد مع تقدم عمر الإنسان، ولكن الخطر أقل بالنسبة للنساء اللواتي لم يصلن بعد إلى فترة انقطاع الطمث أو ما يسمى بسن اليأس مقارنة بالرجال. وبعد انقطاع الطمث يكاد الخطر يتساوى مع الرجال. وتشير العديد من الدراسات أن نسبة الوفيات من أمراض القلب تبلغ الضعف إلى ثلاثة أضعاف عند الرجال مقارنة بالنساء "خاصة قبل سن الخمسين".

وتختلف نسبة الإصابة بمرض القلب التاجي بالنسبة للأشخاص المنتمين إلى أصول أثنية. فمثلا وجد أن الأفراد من أصل آسيوي الذين يعيشون في بريطانيا أكثر عرضة للإصابة بمرض القلب التاجي من البيض. وينبغي عدم خلط هذا الأمر مع خطر الإصابة بمرض القلب المرتبط بالجذور الثقافية، فمثلا الياباني الذي يعيش في اليابان معرض للإصابة بهذا المرض بشكل أقل من الأميركي، ولكن إذا انتقل هذا الياباني إلى الولايات المتحدة الأميركية واعتمد على النظام الغذائي ونمط الحياة السائدين هناك، فإن احتمال إصابته بمرض القلب قد يكون أكبر من الشخص الذي عاش طول حياته في الولايات المتحدة [2] . وقد بينت بعض الإحصائيات في دول الخليج العربي أن الهنود والباكستانيين الذين يعيشون في هذه الدول أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من السكان المحليين [8] .

ط- قلة تناول الأغذية الغنية بالألياف الغذائية والأسماك: تعتبر الدراسات المتعلقة بدور الأغذية الغنية بالألياف الغذائية في تقليل الخطر بالنوبات القلبية قليلة وبعضها لم يجد علاقة ذات دلالة إحصائية. ولكن بصفة عامة وجد أن الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه والبقوليات يساعد على تقليل نسبة الكوليسترول في الدم، وقد يكون ذلك راجع إلى انخفاض تناول الدهون واللحوم عند هؤلاء الأفراد. أما بالنسبة للأسماك فلقد وجد أن زيت السمك والمسمى أوميغا- 3 يساعد على تقليل نسبة الغليسريد الثلاثي في الدم ويقلل من فرصة حدوث الخثار thrombosis وقد يساعد ذلك على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب [5] .

ي- الوراثة heredity: أوضحت بعض الدراسات أن هناك عوائل تتوارث فيها الإصابات بالنوبات القلبية، خاصة إذا كان الشخص المصاب من الأقارب من الدرجة الأولى "الأب أو الأم" وأصيب قبل سن الستين [11] . كما وجد أن هناك أسرا لديها استعداد وراثي لارتفاع الكوليسترول والدهون في الدم، وهذه قد تكون أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب إذا توافرت عوامل خطر أخرى مساندة.

(1/551)

4- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

تتضمن الأسس الأولية للوقاية من الأمراض القلبية الوعائية والسيطرة عليها الأمور التالية.

- المحافظة على الوزن المناسب للطول وذلك باتباع حمية غذائية في حالة الإصابة بالسمنة.

- الإقلال من تناول الأغذية المملحة قد الإمكان مثل المخللات، والإقلال من استخدام الملح في الطعام، بحيث لا تزيد كمية الملح المتناولة عن 3 غرامات في اليوم.

- الإقلال من تناول الأغذية الغنية بالدهون خاصة الحيوانية المنشأ، والتي توجد في اللبن الكامل الدسم ومنتوجات الألبان واللحوم الحمراء وجلد الدجاج وبعض الحلويات المحلية مثل البقلاوة والكنافة. ويجب ألا تزيد الطاقة التي توفرها الدهون عن 30% من الطاقة المستهلكة.

- استخدام الزيوت النباتية في الطبخ بدلا من الدهن الحيواني، ومن أفضل الزيوت النباتية زيت الزيتون وزيت الذرة وزيت عباد الشمس، ولا يستخدم زيت النخيل أو زيت جوز الهند لكثرة احتوائهما على الدهون المشبعة.

- الإكثار من تناول السمك بدلا من اللحوم والدجاج.

- الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الطازجة والأغذية الأخرى الغنية بالألياف الطبيعية، مثل الخبز الأسمر والكورن فليكس المحضر من الحبوب الكاملة.

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.

- الامتناع عن التدخين ومحاولة عدم مخالطة الأشخاص الذين يدخنون، لأن التعرض إلى دخانهم قد يسبب نفس خطر التدخين.

- الإقلال من تناول المواد السكرية والحلويات قدر الإمكان حتى لا تساهم في زيادة الوزن.

- مزاولة التمارين الرياضية الخفيفة بانتظام بمعدل 3 إلى 4 مرات في الأسبوع ولحوالي ربع إلى نصف ساعة.

(1/552)

فرط ضغط الدم

تعريف المرض

...

فرط ضغط الدم:

1- تعريف المرض:

يعتبر فرط "ارتفاع" ضغط الدم hypertension من المشكلات الصحية المزمنة والتي لها علاقة وطيدة بأمراض القلب والكلى، وبفضل تحسن وسائل الكشف والمعالجة في الدول المتقدمة فإن نسبة انتشاره قد انخفضت، أما في الدول النامية فإن انتشاره لا يزال في ازدياد [1] . ويعتمد ضغط الدم على قوة عضلة القلب وقدرتها على الانقباض المستمر، وعلى كمية الدم الموجودة في الجهاز الدوراني، فإذا انخفضت هذه الكمية بدرجة كبيرة، مثل حالات النزيف الحاد، فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم. كما يعتمد ضغط الدم على قطر الشعيرات الدموية، حيث أن ضيقها يؤدي إلى زيادة مقاومة الدم القادم إليها من الشريان مما يساعد على ارتفاع ضغط الدم [12] .

ويعبر عن ضغط الدم برقمين، الرقم الأعلى ويمثل ضغط الدم عند انقباض البطين الأيسر ودفع الدم بقوة إلى الشرايين ويسمى بالضغط الانقباضي systolic , والرقم الأسفل ويمثل ضغط الدم عند انبساط البطين الأيسر ويسمى بالضغط الانبساطي diastllic وضغط الدم الانبساطي الذي يتراوح بين 90 و 104 مليمترات زئبق يعتبر خفيفا، وبين 105 و 114 مليمتر زئبق يعتبر معتدلا، وأية قيمة تتجاوز 115 مليمتر زئبق تعتبر خطيرة. وأحيانا يكون ضغط الدم الانقباضي وحده عاليا، فعندما يكون الضغط الانقباضي أعلى من 160 مليمتر زئبق ويكون الضغط الانبساطي أقل من 90 مليمتر زئبق فإن هذا يعتبر فرط ضغط الدم الانقباضي المنعزل [1، 12] .

وهناك نوعان أساسيان من ارتفاع ضغط الدم، الأول يسمى فرط ضغط الدم الأولي primary أو الأساسي essential، وهو ضغط دم عال ليس له سبب واضح، وينطبق هذا الوصف على 95% تقريبا من كل المصابين بارتفاع ضغط الدم. والنوع الثاني يسمى بارتفاع ضغط الدم الثانوي secondary ويحدث عند المصابين بأمراض الكلى وضيق الشريان وبعض أمراض الغدد الصماء [113] . والعلاج المفضل لفرط ضغط الدم الأولي ليس صيدلانيا بل إنه غذائي بالدرجة الأولى.

وارتفاع ضغط الدم لا يؤدي في الغالب إلى أي أعراض تذكر قبل بدء حدوث مضاعفاته، مما يؤكد أهمية الكشف الدوري على الضغط وخصوصا مع تقدم السن "بعد الأربعين". ومن الأعراض التي تستلفت الانتباه صداع في مؤخرة الرأس أو في جانبيها في آخر النهار أو ليلا مع ثقل في الرأس وضعف في التركيز، وقد يحدث شعور بالغثيان. والأعراض الحقيقية لارتفاع ضغط الدم تظهر مع مضاعفاته، وقد تكون واحد من ثلاثة: "1" هبوط بعضلة القلب يسبب لهاثا غير طبيعي أو تصلبا بشرايين القلبن "2" تصلب بشرايين المخ يسبب أعراضا عصبية كثقل مؤقت في الحركة أو الكلام أو اختلال في توازن الجسم، "3" نزيف مفاجئ في المخ أو قصور في وظائف الكلى [13] .

(1/553)

2- انتشار المرض:

يعتقد أن نسبة تتراوح ما بين 10% و 20% من البالغين في معظم أنحاء العالم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وغنى عن القول إنه ليس كل من لديه ارتفاع في ضغط الدم يتعرض لحالة مرضية خطيرة، إلا أنه كما ارتفع ضغط الدم وزادت مدته رجح احتمال حدوث الأمراض القلبية [14] .

والإحصائيات عن الإصابة بارتفاع ضغط الدم في الوطن العربي محدودة. وتبلغ نسبة الإصابة عند البالغين بصفة عامة في مصر حوالي 20% [3] . ويبين الجدول 2 معلومات عن انتشار فرط ضغط الدم في المجتمع المصري حسب فئة العمر، ونجد أن نسبة الإصابة تتبع نمط سكان البلاد المتقدمة، أي أن ارتفاع ضغط الدم يزداد بزيادة العمر. وفي الكويت يبلغ انتشار ارتفاع ضغط الدم 16% عند النساء و 32% عند الرجال [1] . أما في البحرين فلقد وجد أن ارتفاع ضغط الدم كان 17% عند النساء و 9% عند الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و 79 سنة [7] .

الجدول 2- انتشار ارتفاع ضغط الدم في مصر حسب العمر

(1/554)

3- عوامل الخطر:

أ- السمنة: أوضحت الدراسات الوبائية أن هناك علاقة وطيدة بين السمنة وارتفاع ضغط الدم، ولقد وجد أنه كلما نقص الوزن قلت فرصة الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ولا يعرف حتى الآن هذه العلاقة [15] . كما تبين أن الأشخاص الذين تتجمع عندهم الدهون في الجزء العلوى من الجسم يكونون أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم ضغط الدم مقارنة بأولئك الذين تتجمع عندهم الدهون في الجزء السفلي [16] .

ب- الغذاء: يعتبر الغذاء أهم عامل بيئي يؤثر على ارتفاع ضغط الدم، ولكن هناك عدة مشكلات عند ربط الغذاء ضغط الدم، وهذه يمكن تلخيصها كالتالي [16] .

- الاختلاف في طرق قياس ارتفاع ضغط الدم.

- عدم دقة قياس المكونات الغذائية المتناولة.

- تاثير العوامل الاجتماعية والبيئية الأخرى.

- احتمال وجود اختلافات وراثية للاستجابة لبعض العناصر الغذائية.

وتشير الدلائل إلى وجود ترابط إيجابي بين تناول الملح وبين ضغطي الدم الانقباضي والانبساطي، ومع ذلك فلا يوجد حتى الآن برهان مباشر على أن الحد من الصوديوم في مطلع الحياة يقي من ارتفاع ضغط الدم فيما بعد [1] . إن صعوبة ربط ارتفاع ضغط الدم بكثرة تناول الملح راجح إلى التذبذب اليومي في كمية الملح التي يتناولها الإنسان وكذلك في كمية تصريفه.

وهناك معادن أخرى لها علاقة بضغط الدم وأهمها البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم والكلور. فلقد تبين أن زيادة تناول البوتاسيوم له علاقة بإنقاص ضغط الدم، حيث وجد أن الشعوب التي تتناول كمية قليلة من الملح ولديها إصابات منخفضة بارتفاع ضغط الدم، تتناول عادة كميات عالية من البوتاسيوم. وفي درسة أخرى وجد أن الكالسيوم والمغنيزيوم لهما تأثير مخفض لضغط الدم ويعتقد بعض الباحثين أن نسبة الصوديوم إلى البوتاسيوم والكالسيوم والمغنزيوم قد تكون مهمة في حدوث ارتفاع ضغط الدم [15] . أما الكلور فيعتقد أنه مرتبط بالصوديوم، فقد اكتشف حديثا أن الكلور يتعاضد مع الصوديوم في رفع ضغط الدم [1] .

(1/555)

ومن الأغذية التي لها علاقة بضغط الدم الدهون، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الدهون المتعددة اللا تشبع أو الأحادية اللا تشبع قادرة على تخفيض ضغط الدم، وحتى الآن فإن الآلية التي يتم بموجبها هذا الانخفاض غير معروفة. كما يعتبر تعاطي المشروبات الكحولية وبكميات كبيرة عاملا مساعدا لارتفاع ضغط الدم. أما النسبة لبعض المنبهات مثل الكافيين، فلقد وجد أنها ترفع ضغط الدم من 5 إلى 15 مليمتر زئبق في المدى القصير لهؤلاء الذين لا يتناولون القهوة بانتظام، أما إذا استمر تناول القهوة طويلا فإن هذا التأثير لا يكاد يرى [1] .

ج- التدخين: يزيد التدخين من ارتفاع ضغط الدم الانبساطي وقد يكون ذلك من العوامل التي تزيد من معدل الإصابات بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرابين.

د- النشاط البدني: هناك علاقة بين زيادة النشاط البدني وانخفاض ضغط الدم، وبصفة عامة فإن النشاط الرياضي له تأثير كبير على الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم مقارنة بالأشخاص ذوي الضغط السوي NORMOTENSIVE وقد يكون هذا التأثير نابعا من انخفاض الوزن نتيجة ممارسة الرياضة، ولو أن ارتفاع ضغط الدم يمكن خفضه دون إنقاص الوزن. وعند النساء السمينات وجد أن مستوى الأنسولين ينخفض مع التمارين الرياضية، وهذا الانخفاض مرتبط بانخفاض ضط الدم [15] .

هـ- عوامل أخرى: من الأسباب المهمة لارتفاع ضغط الدم بين المصريين الإصابة بالبلهارسيا التي تؤثر على الكلى بطريقة أو بأخرى، مما يجعل مشروع القضاء على البلهارسيا أمرا ملحا في مصر، كما وجد أن تناول بعض أقراص منع الحمل "خصوصا عند السيدات المعرضات للإصابة بارتفاع ضغط الدم" يساهم في زيادة ضغط الدم، والعادة أن تختفي هذه الزيادة تدريجيا عند التوقف عن تناول الأقراص [13] .

(1/556)

الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه

...

4- الأسس الدولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

تتضمن الأسس الأولية من مرض ضغط الدم والسيطرة عليه الأمور التالية.

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.

- التوقف عن التدخين والابتعاد قدر الإمكان عن مخالطة المدخنين.

- الإقلال من إضافة الملح إلى الطعام ومن تناول الأغذية المملحة كالمخللات والأغذية الحريفة والبطاطس المقلية والأجبان والمعلبات الغذائية، ويفضل أن يكون تناول الملح ما بين 2 إلى 3 غرامات في اليوم.

- في حالة السمنة يجب تخفيف الوزن باتباع نظام غذائي تحت إشراف أخصائي التغذية.

- ممارسة التمارية الرياضية بمعدل 3 إلى 4 مرات في الأسبوع، ومن أفضل التمارين المشي والجري الخفيف والسباحة، ويمكن إجراء التمارين لمدة ربع إلى نصف ساعة.

- الإكثار من تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم والبوتاسيوم، ومن الأغذية الغنية بالكالسيوم اللبن خالي الدسم والجبن قليل الدسم والسمك. أما البوتاسيوم فيوجد في الموز وعصير البرتقال والمشمش المجفف والجزر المطبوخ والتمر والسبانخ والطماطم.

- الإقلال من تناول الدهون المشبعة والكوليسترول، وهي بمعظمها موجودة في الأغذية الحيوانية المنشأ كاللبن كامل الدسم والزبدة والأجبان واللحوم الحمراء وصفار البيض والكبد.

- الإقلال من شرب الشاي والقهوة قدر الإمكان.

- الابتعاد عن التوترات والضغوطات النفسية.

- استشارة الطبيب لوصف نوع الأدوية المناسبة.

(1/557)

السكري:

1- تعريف المرض:

الداء السكري Diabetes mellitus من أقدم الأمراض التي عرفها الإنسان. فلقد عرفته الحضارات الفرعونية كما عرفته الحضارات الإغريقية والآشورية والبابلية. وقد وجد في مخلفات أوراق البردي التي كتبها المصريون القدماء في القرن السادس عشر قبل الميلاد ببردية إيبرز Ebers، وهي تحتوي على وصفة يعتقد أنها استخدمت لعلاج داء السكري. كما وصفه الأطباء العرب وكتب عنه ابن سينا قبل ألف عام "1 و17".

والداء السكري مرض استقلابي "أيضي" مزمن يتصف بزيادة في مستوى سكر الدم. وهناك نوعان من السكري [3، 17] : النمط الأول "TYPE I" وهو السكري

(1/557)

المعتمد على الأنسولين insulin- dependent diabetes mellitus "IDUM" والذي يستلزم العلاج بالأنسولين، وعادة ما يصاب به صغار السن والمراهقين. ومعظم هؤلاء المصابين ممن لا تستطيع أجسامهم إنتاج كميات كافية من الأنسولين يصبحون معتمدين على الأنسولين طوال حياتهم. والنمط الثاني type II"" هو السكري غير المعتمد على الأنسولين non- Insulin- dependent diabetes mellitus "Niddm" والذي لا يستلزم العلاج بالأنسولين، وعادة يحدث بعد سن الأربعين وغالبا عند الأشخاص البدينين. ويبدو أن هذا النمط مرتبط ارتباطا طرديا بالعوامل الغذائية، وتستخدم الحمية الغذائية في علاجه وأحيانا يستعمل الأنسولين بالإضافة إلى الحمية.

وتتلخص أعراض المرض في الشعور بالعطش الشديد "العطاش polydipsia" نتيجة ارتفاع الضغط التناضجي osmotic pressure الواقع على الكلي بسبب خروج كميات كبيرة من الماء مع البول من أجل تخفيفه من السكر الذي فيه، مما يسبب تجفافا شديدا لأنسجة الجسم المختلفة، والتي تصبح بالتالي متعطشة للماء. ويزداد إدرار البول عند المريض بشكل غير طبيعي، فيخرج البول بكميات كبيرة ويصحب ذلك الإحساس بالإعياء ونقص في القدرة والكفاءة البدنية مع خمول ونقص واضح في الوزن، رغم أن الشهية للطعام تكون طبيعية. وقد يحدث زيغ مؤقت في إحدى العينين وتنميل في الأطراف خصوصا في الأصابع والأقدام، وأحيانا يمتد هذا التنميل إلى الشعور بألم في المفاصل [3، 17] . وقد لا تظهر هذه الأعراض عند مرضى السكري من النمط الثاني، وغالبا ما يكتشف المرض عن طريق الصدفة عند عمل فحص طبي شامل أو عمل تحاليل للدم لأغراض صحية أخرى [3] .

وللمحافظة على مستويات السكر تقوم غدة البنكريات بإفراز هرمون الأنسولين إلى مجرى الدم، حيث يستطيع خفض مستوى السكر في الدم بسبب قدرته على إحداث تغييرات طبيعية معقدة في تركيب أغشية خلايا الكبد والعضلات، مما يجعلها تسهل عبور ونفاذ جزيئات السكر إلى الداخل ومن ثم حرقها وتوليد الطاقة منها. وبهذه الطريقة ينقص تركيز السكر في الدم بسبب سحبه إلى داخل هذه الخلايا. ولأسباب غير معروفة يتوقف البنكرياس كليا أو جزئيا عن إنتاج الأنسولين، وفي هذه الحالة يتراكم السكر في الدم دون احتراق مما يدفع الكبد إلى حرق مخزونه من السكر لإمداد الجسم بحاجته من الطاقة. وتمتد عملية الاحتراق إلى

(1/558)

أنسجة وخلايا العضلات ومنها إلى الشحوم المترسبة تحت الجلد، وتكون النتيجة فقدان الوزن بشكل ملحوظ والإصابة بالضعف والهزال [17] .

2- تشخيص المرض:

يشخص السكري بعدة طرق [17] .

أ- فحص البول: ويعتبر من أسهل وأسرع الاختبارات لتشخيص السكري، والمعروف أن البول الطبيعي لا يحتوي سكرا تحت الظروف العادية، فإذا لم يظهر السكر في البول بعد عدة تحليلات تأكيدتة، يمكن استبعاد التشخيص نهائيا. أما إذا وجد السكر في البول فيجب إجراء فحص السكر في الدم.

ب- فحص الدم. إذا وجد السكر في البول فليس هذا دليلا قاطعا أن الشخص مصاب بالسكري، فهناك بعض الأشخاص لديهم قدرة أكبر على استخلاص السكر من الدم وطرحه في البولن بالرغم من أن مستويات السكر في دمهم عادية. والشخص الطبيعي الصائم يتراوح تركيز السكر في في دمه إلى 80- 110 مليغرام بعد الإفطار. ومع ذلك ففحص الدم على هذا النحو غير مؤكد أيضا. ويجري تحليل دم خاص يعرف باسم اختبار تحمل السكر بالفم OGTT"" وفيه يعطى المريض محلولا سكريا على هيئة مشروب في الصباح بعد صيام ليلة واحدة، وبعدها يتم قياس كمية السكر في كل من الدم والبول كل نصف ساعة ولمدة 3 ساعات متواصلة، ومن خلال النتائج يستطيع الطبيب أن يحدد وجود المرض ودرجة الإصابة.

3- مضاعفات المرض:

تكمن المشكلة الكبيرة في الداء السكري في مضاعفاته، سواء على صحة المصاب أو على الهدر المادي للسلطات الصحية لعلاج المرض. وهناك مجموعة كبيرة من المضاعفات التي تحدث لمرضى السكري الذين يهملون العلاج، وتتفاوت شدة هذه الأعراض بين المرضى وفقا لعدة عوامل، كالعمر ودرجة تقدم المرض وطرق العلاج المتبعة. والمعروف أن مضاعفات الداء السكري الطويلة الأمد هي تسارع حدوث تصلب الشرايين أو المرض القلبي الوعائي، وارتفاع ضغط الدم، وحدوث العمى، والتهابات حوض الكلى وهبوط عمل الكلية القصور الكلوي"،

(1/559)

وتلف الأعصاب، وبالأخص أعصاب العين والعضو التناسلي الذكري والأطراف، وازدياد خطر حدوث التشوه الخلقي Malformation في أجنة الحوامل المصابات بالداء السكري، وأخيرا الموت المبكر. وكثيرا ما تحدث الغيبوبة السكرية diabetic coma نتيجة ارتفاع مفاجئ لمستوى السكر في الدم لدرجة لا يستطيع الدماغ أن يتحملها، بالإضافة إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة مادة الأسيتون في الدم، مما يؤدي إلى حدوث القيء وصعوبة التنفس ثم فقدان الاتزان والإصابة بالإغماء. وقد تحدث الغيبوبة نتيجة انخفاض سكر الدم بشدة تحت معدله الطبيعي، مما يعطل وظائف المخ، وهذه الحالة تسمى نقص سكر الدم hypoglycemia [17] .

أما بالنسبة للتكاليف المادية فيعتقد أن مرض السكر يسبب عبئا ماديا كبيرا على الخدمات الصحية ولا توجد إحصائيات كافية عن ذلك في الوطن العربي. وفي مصر وجد أن تكلفة علاج مرضى السكر تقدر بـ 74 مليون دولار أميركي في السنة، بالإضافة إلى 12 مليون دولار أميركي نتيجة التغيب عن العمل وانخفاض الإنتاجية [18] .

4- انتشار المرض:

تفيد البيانات الإحصائية في بعض الدول العربية أن الداء السكري منتشر في هذه الدول انتشارا كبيرا يعادل بل قد يفوق معدلاته في الدول المتقدمة. ويشكل الداء السكري لوحده حوالي 2% من الوفيات الكلية في عدد كبير من البلدان العربية، هذا ناهيك عن تداخله مع أسباب وفيات أخرى، مثل مرض القلب الوعائي وارتفاع ضغط الدم.

وتختلف نسب انتشار الداء السكري حسب طريقة التشخيص، وبصفة عامة وجد أن نسبة السكري في الدول العربية تتراوح من 6% إلى 20% للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 15 سنة. ولقد سجلت أعلى النسب في دول الخليج العربي، فمثلا وجد أن 26% من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 59 سنة في الكويت مصابون بالداء السكري [1، 21] .

5- عوامل الخطر

أ- الوراثة. تلعب العوامل الوراثية دورا هاما في السكري، سواء المعتمد على الأنسولين أو غير المعتمد عليه. وبصفة عامة فإن الأفراد المنحدرين من أسر.

(1/560)

كان قد أصيب أحد افرادها بالسكري هم أكثر عرضة للإصابة بهذا الداء. وتدل العوامل التالية على وجود خطر أكبر لإصابة الفرد بالسكري غير المعتمد على الأنسولين، كأن يكون قريبا من الدرجة الأولى لمريض بالسكري غير المعتمد على الأنسولين، أو أن يكون عضوا في أسرة ذات تاريخ عائلي قوي بهذه الحالة، أو قد يكون أنجب طفلا يزن أكثر من 4 كيلو غرامات، أو يكون من جماعة أثنية ينتشر بينها مرض السكر على نطاق واسع، أو أن يكون من ذوي الوزن المفرط، أو سيدة تتناول موانع الحمل عن طريق الفم [19] .

ب- السن والجنس: في معظم البلدان الصناعية المتقدمة تزيد الإصابة بداء السكري تدريجيا خلال حياة البالغين، وعادة ما تسجل الإصابة والانتشار أعلى معدلاتهما في الأعمار المتقدمة. بيد أن هذه العلاقات النموذجية قد تتغير بسبب الظروف البيئية، حيث نجد في المجتمعات التي تنتشر فيها السمنة المفرطة أن الإصابة أعلى كثيرا في العقدين الرابع والخامس عما هي بين المسنين. وفي المجتمعات التي لا تعاني من نقص المواد الغذائية، عادة ما نجد السكري أكثر شيوعا بين النساء عنه بين الرجال [19] . وبصفة عامة فإن الداء يزداد حدوثا عند الأشخاص الذين تعدوا الأربعين عاما بخاصة الإناث.

ج- تكرار الحمل: من المعتقد على نطاق واسع أن الحمل يزيد من خطر الإصابة بداء السكري. ورغم أن المرض كثيرا ما يكتشف أثناء الحمل، إلا أن أغلب الشواهد توحي بأن تكرار الحمل والولادة ليس عامل خطر يؤدي إلى الداء السكري [19] .

د- السمنة: يترافق النمط الثاني من السكري بالسمنة في أكثر الأحيان، ويعتقد أن السمنة تحدث مقاومة لعمل الأنسولين. وقد يرجع ذلك لعدة عوامل، منها زيادة تكدس الدهون في الجسم، وزيادة في تناول الطاقة، وتركيب الطعام خاصة الطعام الغني بالدهون، وقل النشاط البدني [20] . وتشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص المصابين بالسمنة، والذين تتكدس الدهون في القسم الأعلى من أجسامهم، هم أكثر عرضة للإصابة بالسكري من أولئك الذين تتكدس الدهون عندهم في الطرفين السفليين [1] . ويمكن القول بصفة عامة إن مرض السكري شائع بين جميع الفئات السكانية البدينة التي لا تمارس نشاطا بدنيا، ومن النادر أن نجده بين النحفاء بغض النظر عن أجناس هؤلاء.

(1/561)

هـ- التغير السريع في نمط الحياة والغذاء: أظهرت الدراسات الحديثة أن المجتمعات التي حدث لها تغير سريع في نمط الحياة والغذاء وأصبحت تحاكي المجتمعات الغربية في هذين النمطين، تكون أكثر عرضة للإصابة بالداء السكري، ولقد تبين أن نسبة انتشار هذا الداء عند هذا المجتمعات قد تفوق تلك الموجودة في المجتمعات الغربية. ولا يعرف حتى الآن السبب الأساسي لحدوث هذه الظاهرة، ولكن يعتقد أن التحسن في مستوى المعيشة وارتفاع طول فترة الحياة وتحسن التغذية والسيطرة على الأمراض المعدية، ساهم في زيادة انتشار داء السكري في هذه الدول [20] .

و قلة النشاط البدني. يبدو أن قلة النشاط البدني يعتبر عامل خطر مهم لحدوث السكري غير المعتمد على الأنسولين، فعدم إجراء التمارين الرياضية، قد يؤثر على التفاعل بين الأنسولين ومستقبلاته Receptors، وبالتالي يؤدي إلى حدوث داء السكري [20] .

ز- سوء التغذية malnutrition: وجد أن نقص التغذية مترابط مع نوع من داء السكري يختلف في أعراضه عن النوعين المعروفين، وأطلق عليه اسم السكري المرتبط بسوء التغذية "Mrda" malnutriton related diabetes mellitus وهو منتشر في العديد من الدول النامية [20] .

ح- العدوى الأخماج" infections: تدل الدراسات الوبائية على أن العداوي الفيروسية تلعب دورا في الإصابة بالنوع الأول من داء السكري. ومن هذه العداوي الحصبة الألمانية والنكاف.

ط- الكحول: يمكن أن يزيد الكحول بطريق غير مباشر من خطر الإصابة بمرض السكري عن طريق إحداث التهاب بنكرياسي حاد أو مزمن أو راجع، وعن طريق زيادة السمنة وإحداث تليف كبدي "داء سكري كبدي المنشأ" "19] .

ي- اختلال التوازن الغذائي: سبق وأن ربط بين نقص الألياف في الطعام وانتشار الداء السكري، ولكن يعتمد ذلك على عوامل كثيرة. ومن الصعب الربط بين تناول الألياف وانخفاض السكر في الدم، وبالمثل لم يتأكد بعد في الدراسات على المجتمعات البشرية وجود علاقة بين استهلاك السكروز "سكر القصب sucrose" وانتشار مرض السكر "19".

ك- الأدوية والهرمونات: هناك العديد من الأدوية والهرمونات التي تؤثر على

(1/562)

استقلاب المواد الكربوهيدارتية، ومن بينها بعض الأدوية المدرة للبول، وموانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم.

ل- الاضطرابات البنكرياسية: تؤدي الاضطرابات الالتهابية والورمية لغدة البنكرياس، وكذلك استئصال البنكرياس pancreatectomy الجزئي أو الكلي إلى عجز مطلق في إفراز الأنسولين insulin ومن ثم إلى الإصابة بالداء السكري.

6- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

تتضمن الأسس الأولية للوقاية من الداء السكري والسيطرة عليه الأمور التالية:

- تناول 5 إلى 6 وجبات صغيرة في اليوم بدلا من وجبتين أو ثلاث كبيرة، وهذا يعتبر مهما للأشخاص المصابين بالسكري المعتمد على الأنسولين.

- يجب أن تكون كمية الكالوري المتناولة تتناسب مع الوزن المثالي للجسم، فإذا كان المصاب سمينا فيجب أن يتبع نظاما غذائيا خاصا لإنزال الوزن.

- الإقلال من تناول الدهون fats حيث لا تزيد عن 30% من مجموع الطاقة الحرارية، ويجب أن يكون الغذاء قليل الكوليسترول وقليل الدهون المشبعة

- تناول الأغذية الغنية بالبروتين باعتدال، بحيث لا تزيد كمية الكالوري الناتجة عنها عن 15% من مجموع الكالوري التي يتناولها المريض.

- الإقلال من تناول الأغذية التي تحتوي على السكريات المصنعة، والاعتماد على السكريات ذات المنشأ الطبيعي كتلك الموجودة في الفواكه والخضراوات والحبوب.

- الإقلال من تناول الأغذية المملحة ومن استخدام الملح في الطعام، ويجب ألا يزيد تناول الملح في اليوم عن 3 غرامات.

- تناول أغذية غنية بالألياف الطبيعية تساعد على تخفيض نسبة السكر في الدم، مثل الخضراوات والحبوب الكاملة ونخالة القمح.

- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، كالمشي والجري الخفيف لمدة ربع إلى نصف ساعة في اليوم وبمعدل 3- 4 مرات في الأسبوع، وذلك يساعد على تخفيض الاحتياج إلى كمية الأنسولين.

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.

- التوقف عن التدخين والحرص على عدم مخالطة المدخنين.

(1/563)

السرطان:

1- تعريف المرض:

يعتبر السرطان cancer ثاني مرض مسبب للوفاة بعد مرض القلب في الدول المتقدمة. ويتزايد انتشار حالات السرطان في الكثير من الدول النامية بسبب التغيرات الاجتماعية والبيئية والغذائية التي حدثت خلال العقدين الماضيين. كما أن ازدياد مأمول الحياة life expectancy في العديد من الدول النامية ساعد على ظهور السرطان بين أفرادها.

والسرطان هو مجموعة من الحالات تتضمن نموا غير منضبط لخلايا آتية من أي نسيج في الجسم تقريبا. ويبدأ السرطان عندما يحدث تغير في أحد الخلايا التي تقوم بالتكاثر بطريقة غير طبيعية وسريعة. وتقوم هذه الخلايا السرطانية بمهاجمة الأنسجة السليمة وتحطيمها. ويعتمد نوع الأنسجة التي يهاجمها السرطان ومقدار التلف الذي يسببه لها على نوع الخلية السرطانية وطريقة انتشارها. فانتشار السرطان إلى مساحات واسعة في الجسم distance site يسمى بالنمو الثانوي أو النقائل metastasis وانتشاره في أماكن محددة local site يسمى بالغزو أو الاجتياح invasion [22] .

والعادة أن يطلق الجسم عدة علامات تحذيرية warning signs للتنبيه بالإصابة بالسرطان، وبأن هناك خطأ ما في الجسم. ومن أهم هذه العلامات التغير في عادة التغوط والتبول بشكل محلوظ، فالمعروف أن عادة التغوط والتبول تتأثر بالتغير في نمط الحياة والغذاء المتناول وبالضغوطات النفسية والاجتماعية. ومن الخطأ احتساب أي تغير في التغوط أو البول إنذار سرطاني. ولكن عند عدم وجود أي ضغوطات نفسية واستمرار نمط الحياة، فإن حدوث التغير في التغوط والبول يجب أن يؤخذ بجدية ويستوجب الرجوع إلى الطبيب لمعرفة أسباب هذه التغيرات. ومن العلامات التحذيرية الأخرى وجود جروح تأخذ وقتا أطول عند اندمالها. وهنا بجب التنبيه إلى أن اندمال الجرح يعتمد على عدة عوامل مثل عمر الشخص، حيث كبار السن تأخذ جروحهم فترة أطول للاندمال، وقوة الدورة الدموية وحالة الجلد. ولكن أهم عامل هو أن الشخص يعرف المدة التي تندمل فيها جروحه عادة، وبالتالي عندما تكون هذه الفترة أطول من المعتاد فإنها تكون موضع شك [22] . كذلك فإن النزف أو الخراج بدون أسباب واضحة، قد يعني أن هناك خللا ما ويجب مراجعة

(1/564)

الطبيب لمعرفة سبب هذا الخلل. كما أن فقدان الشهية للطعام المستمر وسوء الهضم المتواصل أو بحة الصوت أو السعال أو اضطرابات وصعوبة البلع ووجود الدم في البول أو البراز وبشكل واضح، كل هذا تعتبر علامات يجب الانتباه إليها [22، 23] .

2- انتشار المرض:

إن أقدم المعلومات عن انتشار السرطان المرتبط بالغذاء مصدرها مصر، والتي كان معلوما فيها منذ عام 1924 أن سرطان أعضاء الجهاز الهضمي يبلغ 4.4% من كل أنواع السرطان في البلد، وفي عام 1982 ارتفعت النسبة إلى 9.4% ويعتبر سرطان الجهاز الهضمي، وخاصة سرطان القولون والأمعاء والمعدة والمريء، الأكثر انتشارا في الدول العربية، ويشكل سرطان الثدي نسبة لا بأس بها عند النساء وانتشاره آخذ في الازدياد. وباستثناء الوفيات الناتجة عن الحوادث والإصابات، فإن السرطان يعتبر السبب الثاني للوفيات بعد أمراض القلب في نسبة كبيرة من الدول العربية، مثل دول الخليج والأردن وتونس. فمثلا في دول الخليج كان السرطان السبب السادس للوفيات قبل عقدين من الزمان، وأصبح الآن السبب الثالث للوفيات بعد أمراض القلب والحوادث. ويبين الجدول 3 أنواع من السرطانات السائدة في ثلاث دول عربية هي الإمارات العربية المتحدة والعراق والسعودية. ويلاحظ أن هناك اختلافا في عدد الإصابات في السرطان بين المواطنين الوافدين إلى دولة الإمارات، حيث تكاد تبلغ نسبته في سرطان الجهاز الهضمي الضعف عند المواطنين مقارنة بالوافدين. كما نجد عدة اختلافات في نسب انتشار بعض أنواع السرطان بين هذه الدول، وهذا راجع إلى عدة عوامل أهمها كفاءة عملية التشخيص والعوامل البيئية.

3- عوامل الخطر:

من الصعوبة تحديد عوامل الخطر للسرطان وذلك لتنوعه، فالسرطان قد يصيب أي جزء من الجسم. وقد يكون سبب الإصابة في كل جزء يختلف عن الآخر. فمثلا سرطان الرئة كثيرا ما يرجع سببه للتدخين. وسرطان القولون قد تلعب التغذية دورا هاما في حدوثه. ويمكن القول إن التغير في نمط الحياة والتغذية والعوامل البيئية تلعب دورا كبيرا في تطور حالات السرطان، وهذه العوامل أغلبها يمكن السيطرة عليها، مثل الغذاء والتدخين وشرب الكحول والتعرض الزائد لأشعة

(1/565)

الشمس والتعرض لمخاطر التلوث البيئي. وتدل أغلب الدراسات أن حوالي 35% من إصابات السرطان سببها التغذية، يأتي بعد ذلك التدخين 30% ثم مخاطر المهنة والكحول والتلوث [22] .

وبالنسبة لدور التغذية فلقد اقترحت عدة آليات ممكنة لإحداث السرطان [1] .

- وجود مواد تسبب السرطان "مسرطنات" carcinogens في الأطعمة، وهي قد توجد فيها طبيعيا أو قد تكون ملوثات مقصودة أو قد تنتج من طبخ أو حفظ الطعام.

- تلعب بعض المواد الغذائية دورا في تنشيط المسرطنات أو تعطيلها، ومثال ذلك تعويق جذور الأكسجين، ونواتج الأكسدة الفائقة peroxidation للدهون، أو وجود مادة بيتاكاروتين التي تحاصر المسرطنات.

- تشكيل المسرطنات بيولوجيا في الكائن الحي، ومثال ذلك تحويل حمض الصفراء إلى مواد كيميائية تحرض نشوء الأورام من قبل جراثيم قولونية تأثرت بالغذاء.

- تعزيز تحريض نشوء الأورام السرطانية بكثرة تناول الدهون مثلا، أو تثبيطه بتناول الأغذية التي تحتوي على فيتامين A.

- قد يسبب اختلال توازن المغذيات في الجسم إضعاف المناعة، وبالتالي يتأثر رفض rejection الجسم للخلايا السرطانية رفضا مبكرا، أو تتأثر قدرة الخلايا على تصليح الحمض النووي الدنا "DNA" المتأذى.

وسنحاول هنا أن نركز على عوامل الخطر الغذائية لبعض أنواع السرطنات السائدة في المجتمع العربي.

أ- سرطان المريء والفم والبلعوم: تشير الدراسات في الدول المتقدمة إلى أن المشروبات الكحولية لها علاقة بسرطان البلعوم والمريء والجزء العلوي من الحنجرة، كما أن التدخين له تأثير سرطاني على هذه الأجزاء من الجسم. وتوجد مؤشرات تبين أن سرطانات الفم والبلعوم تزداد عند الأشخاص الذين لا يولون عناية بنظافة فمهم وأسنانهم. ومن الدراسات الترابطية correlation اتضح أن هناك ترابطا إيجابيا بين سرطان البلعلوم وبين قلة تناول بعض الأغذية والمغذيات، مثل العدس والخضراوات الخضراء والفواكه الطازجة والبروتين وفيتاميني C, A والريبوفلافين وحمض النيكوتيك والمنغنيز والكالسيوم والزنك والموليبدين. بالإضافة إلى كثرة

(1/566)

تناول بعض الأغذية المخللة والمملحة، وبعض الأغذية التي يستخدم فيها العفن mouldy foods والتي تحتوي على جذر "nitroso" No كما وجد أن كثرة استهلاك الأغذية والسوائل الحارة جدًّا له علاقة بهذا النوع من السرطان [24] .

الجدول 3- التوزيع النسبي للإصابة بأنواع السرطان في بعض الدول العربية

المصدر: محمد مدحت جابر "1988". مرض السرطان في دول الخليج العربي، رسائل جغرافية، قسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة الكويت.

ب- سرطان المعدة: يوجد أعلى معدل لسرطان المعدة في اليابان وبعض دول آسيا وأميركا الجنوبية، والمعدل أقل في الدول الغربية. وسرطان المعدة قد تكون له علاقة بالأغذية المدخنة smoked والمملحة salted والتي تساعد في تشكيل طليعة precursor مادة النتروزامين nitrosamine التي يعتقد أن لها تأثيرا سرطانيا على خلايا الجسم. وكذلك قلة تناول الفواكه والخضراوات. حيث أن هذه الأغذية لها تأثير مثبط inhibitor لمادة النتروزامين [24] .

ج- سرطان القولون: أوضحت الدراسات الوبائية أن الأغذية الفقيرة بالألياف الغذائية والغنية بالدهون تشكل عامل خطر لسرطان القولون. ويعتقد أن الحموض الدهنية المشبعة saturated fatty acids هي المسؤولة عن حدوث هذا النوع من السرطان. وفي دراسات أخرى وجد أن المشروبات الكحولية، وخاصة البيرة، تلعب دورا في تطور هذا النوع من السرطان [24] .

د- سرطان الكبد: تعتبر المشروبات الكحولية السبب الرئيسي لحدوث هذا

(1/567)

النوع من السرطان في الدول المتقدمة بالأخص. أما في بعض الدول النامية مثل جنوب شرق آسيا فإنه يعتقد أن التلوث بذيفان الأفلاتوكسين Aflatoxin هو العامل الرئيسي لظهور سرطان الكبد [24] . ويجب التنبيه هنا أن مشكلة التولث بهذا الفطر منتشرة بشكل مقلق في الدول العربية. فمثلا في إحدى الدراسات وجد أن 17% من قول التدميس في مصر ملوث بذيفان الأفلاتوكسين بأنواعه المختلفة. وفي السودان تم تحليل دماء 252 طفلا ودلت النتائج أن نسبة التلوث عالية، خاصة عند أولئك الذين يعانون من سوء التغذية المتمثل بالكواشركور. وعند فحص البول وجد أن الأفلاتوكسين موجود في دم 23% من الأطفال الذكور و 17% من البنات، كما دلت دراسات أخرى على تلوث لبن "حليب" الأم بسموم هذا الفطر في السودان [25] وفي دولة الإمارات العربية [26] .

هـ- سرطان الرئة: يعتبر سرطان الرئة أكثر السرطانات انتشارا في معظم دول العالم، خاصة عند الرجال، وبدأت نسبته في الزيادة عند النساء في الآونة الأخيرة. والتدخين هو عامل الخطر الأول لهذا النوع من السرطان، كما أنه يزداد عند الأشخاص الذين يعملون في مهن خطرة مثل أولئك الذين يتعرضون لمادة الأسبستوس asbestos ويعتقد أن قلة تناول الخضراوات بخاصة الغنية بمادة الكاروتين، وزيادة تناول الدهون والكوليسترول، يلعبان دورا في الإصابة بسرطان الرئة. ولكن ما زالت الدراسات متضاربة في نتائجها بخصوص دور الغذاء في هذا النوع من السرطان [24] .

و سرطان الثدي عند النساء: تشير الدراسات أن التغذية لها دور هام في حدوث سرطان الثدي عند النساء. فهناك برهان قوي على الرابطة بين حدوث سرطان الثدي وتناول الدهون. ووجد أن الحموض الدهنية المتعددة غير المشبعة من نوع أوميغا- 3 الموجودة في زيت السمك قد تحمي من السرطان وتنقص من معدلات نمو الأورام. وذكرت بعض الدراسات أن هناك ترابطا إيجابيا بين زيادة الوزن وزيادة خطر سرطان الثدي [1] .

ز- سرطان البروستاتة عند الرجال: تعتبر الدهون عامل خطر لحدوث هذا النوع من السرطان، وتبين أن تناول أغذية غنية بفيتامين A وبيتاكاروتين له مفعول مثبط لحدوث سرطان البروستاتة. ويمكن القول بصفة عامة إن الأغذية الغنية بالألياف مثل الفواكه والخضروت وتلك الغنية بفيتامين A, E, C, تلعب دورا في

(1/568)

الوقاية من بعض أنواع السرطانات، بخاصة تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي. أما الأغذية المحفوظة والمعالجة بالخل وبالملح أو بالدخان، فإنها تعتبر عوامل محفزة لحدوث السرطان, ويضح الجدول 4 أهم الأغذية التي تحفز أو تقي من بعض أنواع السرطانات.

الجدول 4- العلاقة بين الغذاء وبعض أنواع السرطان

تزيد من حدوث السرطان

تقل من حدوث السرطان

4- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

تضمن الأسس الأولية للوقاية من مرض السرطان والسيطرة عليه الأمور التالية:

- الاعتدال في تناول الأغذية المشوية والمملحة والمخللة والمدخنة لأنها قد تحتوي على بعض المواد المسرطنة.

- الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الطازجة والحبوب الكاملة.

- الإكثار من تناول الأغذية التي تحتوي على فيتامين A و C و E وكذلك مادة السلينيوم، وجميع هذه العناصر لها قدرة على مقاومة السرطان. ويوجد فيتامين E بكثرة في القمح، أما السلينيوم فهو موجود بكثرة في اللحوم والأسماك.

(1/569)

- الإقلال من تناول الأغذية بالدهون، سواء كانت مشبعة أو غير مشبعة

ويجب ألا تزيد نسبة الطاقة الحرارية للدهون في الغذاء اليومي عن 30% من مجموع الكالوري المتناول.

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.

- الامتناع عن التدخين وعدم مخالطة المدخنين

- اتباع نظام غذائي لتخفيف الوزن "في حالة السمنة".

- التنويع في الغذاء قدر الإمكان وعدم الاعتماد على نوع واحد من الغذاء بصورة مستمرة.

- الإقلال من تناول الأغذية المصنعة وتلك التي تحتوي على ألوان اصطناعية قدر الإمكان.

- عدم تناول الأغذية وهي ساخنة جدًّا بل الانتظار حتى تدفأ قليلا.

(1/570)

السمنة

تعريف السمنة

...

السمنة:

1- تعريف السمنة:

السمنة obesity وزيادة الوزن overweight من الأعراض المرضية التي أصبحت شائعة في المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء. وقد لا تعتبر السمنة مرضا بحد ذاتها، ولكنها عامل خطر رئيسي ومهم للعديد من الأمراض، ويمكن تعريف السمنة ببساطة بأنها زيادة غير طبيعية في دهون الجسم قد لا تكون في جميع أجزاء الجسم أو في مواضع محددة فيه [27] . إلا أن الثقافات المختلفة لها آراء مختلفة بشأن من يعتبر سمينا أو نحيفا، وفي المجتمعات العربية نلاحظ أن زيادة الوزن "وليس الزيادة المفرطة في الوزن" تعتبر مقبولة عند الجنسين، وأن الكثير من الأشخاص الذين يمكن أن نطلق عليهم رشيقي القوام في المجتمعات الغربية قد يعتبرون نحيفي القوام في المجتمعات العربية. لذا فإنه من المهم عند دراسة الوزن والسمنة مراعاة اتجاهات الناس ومعاييرهم. ولا يوجد حتى الآن معيار متفق عليه عالميا للوزن السوي للبالغين، كما أن جميع الطرق في قياس السمنة لها مؤيدوها ومعارضوها.

(1/570)

2- طرق قياس السمنة:

هناك عدة طرق لقياس السمنة، إلا أن ثلاث طرق هي الأكثر شيوعا.

أ- قياس الوزن بالنسبة للطول: وفي هذه الحالة يعتبر الشخص سمينا إذا كان الوزن يزيد على 120% مما يعتبر وزنا سويا لطول معين. ويعيب هذا المقياس عدموجود مقاييس خاصة للوزن والطول للمجتمع العربي، وعادة ما يتم استخدام المقاييس الأميركية والتي لا تتناسب مع المجتمعات العربية. كما أن هناك الكثير من الانتقادات حول صحة هذا المقاييس لأنها مأخوذة أصلا من شركات التأمين التي قد لا تراعي الدقة في القياس.

ب- قياس ثخن طيات الجلد skinfold thickness: وتقوم هذه الطريقة على قياس ثخن طيات الجلد في أجزاء معينة من الجسم، ثم باحتساب معادلات معينة يمكن معرفة كمية الدهون المتراكمة في بعض أجزاء الجسم. وهي طريقة عملية أكثر لقياس السمنة، إلا أنها تتطلب تدريبا خاصا وأجهزة قد لا تكون متوفرة للعديد من الباحثين.

ج- قياس منسب كتلة الجسم body mass indes: وهو من أكثر القياسات شيوعا، وذلك لسهولة إجراءه. ويعرف هذا المنسب بأنه حاصل قسمة وزن الجسم "بالكيلو غرام" على مربع الطول "بالأمتار" ووحدته كيلو غرام بالمتر المربع. وبناء على هذا القياس تم تقسيم أوزان الأشخاص إلى أربع فئات كالتالي:

ولقد أوضحت الدراسات أن هناك علاقة إيجابية بين منسب كتلة الجسم ودهون الجسم، ولكن هذه العلاقة لا تميز بين دهن الجسم وبين كتلة الجسم الخالية من الدهون [1] ، فالذين يتمتعون ببنيان عضلي مفرط قد يصنفون على أنهم سمان. ومن الأمور التي يجب الانتباه إليها أن هذا التقسيم في منسب كتلة الجسم لا يصلح للأطفال والمراهقين، بل للأشخاص البالغين الذين تعدوا الثامنة عشرة. وحديثا قام بعض الباحثين باستحداث معايير قياسية لمنسب كتلة الجسم منذ العام الأول وحتى سن الشيخوخة، وهذه المقاييس وإن كانت أجريت في مجتمعات غربية، إلا أن استخدامها أفضل من استخدام تقسيم الأربع فئات الذي ذكرناه سابقا، وللمزيد من الاستفاضة يمكن الرجوع إلى الدراسات التي قام بها مست must وزملاؤه حول منسب كتلة الجسم [28] .

(1/571)

3- الأخطار المنسوبة للسمنة:

يمكن اعتبار السمنة مخزنا لمجموعة كبيرة من الأمراض المزمنة وبعض الاضطرابات المرضية. فلقد وجد أن السمنة تزيد من خطر الموت المبكر خصوصا عندما تكون مصاحبة للداء السكري وارتفاع الكوليسترول في الدم أو لارتفاع ضغط الدم. والسمنة عامل خطر لحدوث تصلب الشرايين وبعض أنواع السرطان كسرطان الثدي والبروستاتة، وارتفاع ضغط الدم والداء السكري وبعض الاضطرابات المعدية المعوية ومنها الحصاة الصفراوية. وفي دراسة في إيطاليا عن علاقة السمنة بالأمراض المزمنة تمت على أكثر من 72 ألف شخص تزيد أعمارهم على 14 سنة، وجد أنه كلما ازداد منسب كتلة الجسم ازداد احتمال الإصابة بالداء السكري وارتفاع ضغط الدم، واحتشاء عضلة القلب وأمراض القلب الأخرى، والتهاب القصبات "الشعبة التنفسية" وزيادة حدوث الربو asthma، والتهابات الكبد والتهابات المفاصل. وقد كان الأشخاص الذين تساوى أو تعدى منسب كتلة الجسم عندهم 30 كيلو غرام في المتربع المربع الأكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض [29] .

وأوضحت دراسات أخرى أن السمنة في نصف الجسم الأعلى "أي ارتفاع نسبة الخضر إلى الورك" يصحبها ازدياد عوامل خطر الإصابة بمرض القلب الوعائي والذي غالبا ما يصاحبه ارتفاع مستوى الدهن في الدم والداء السكري وارتفاع ضغط الدم. أما الدهن المفرط الموزع في الطرفين السفليين وفي الوركين "وهو أكثر شيوعا بين الإناث" فهو لا يزيد من خطورة الإصابة بمرض القلب الوعائي على ما يبدو. وفي دراسات أخرى وجد أن نسبة الخضر إلى الورك wist- hip ratio قد تساعد على التكهن بأمراض القلب أفضل من استخدام أي مؤشر آخر، وهناك توجه قوي في استخدام هذا المعيار لقياس احتمالات خطر الإصابة بالأمراض المزمنة بدلا من منسب كتلة الجسم [1، 30] .

(1/572)

4- انتشار السمنة في المجتمعات العربية:

أجريت العديد من الدراسات عن مدى انتشار السمنة عند البالغين بالذات في بعض الدول العربية، وتشير النتائج إلى حقائق مذهلة، حيث أن معدل انتشار السمنة "باستخدام الطول والوزن أو منسب كتلة الجسم" يفوق المعدل في الكثير من الدول المتقدمة، وهذا مؤشر خطير يوحي بأن الأمراض المزمنة سوف تكون هي الأخرى في ارتفاع خاصة وأن متوسط عمر الفرد في الدول العربية آخذ في الازدياد، بصفة عامة فإن السمنة أكثر شيوعا عند النساء مقارنة بالرجال. وفي دراسة في الكويت على 9000 ذكر و 9500 أنثى، وجد أن أسرع معدل لازدياد انتشار السمنة بين الإناث هو بين سن المراهقة وسن الأربعين، أما في الذكور فأسرع ازدياد هو بين سن التاسعة والعشرين والأربعين، ويشاهد نقصان معدل السمنة في الذكور والإناث الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة [1] .

وتوضح الدراسات أن أعلى نسبة للسمنة بين النساء في الوطن العربي سجلت في مصر وبعض دول الخليج العربي. فمثلا وجد أن 62% من النساء في مصر مصابات بالسمنة [1] ، وتتراوح النسبة في دول الخليج العربي بين 54% في سلطنة عمان إلى 68% في البحرين. ويوضح الجدول 5 معدل انتشار السمنة عند النساء في بعض الدول العربية، ونلاحظ من هذا الجدول اختلاف المعايير المستخدمة في قياس السمنة مما يجعل عملية المقارنة بين هذه الدول أمرا صعبا، ولكن هذا لا يعني أن المشكلة ليست ذات شأن بل من الواضح أن المشكلة ملحة ومقلقة في نفس الوقت.

* يرجع ارتفاع نسبة السمنة عند النساء في بعض الدول العربية إلى أن عينة البحث شملت النساء المتزوجات وهؤلاء يكن أكثر عرضة للإصابة بالسمنة من العازبات وهذا يشمل سطنة عمان والبحرين.

(1/573)

5- أسباب السمنة:

أ- قلة النشاط الجسدي: إن قلة الحركة أو عدم ممارسة الرياضة يعتبر أحد الأسباب المهمة في تفشي السمنة بين المراهقين والبالغين، خاصة في المجتمعات الغنية، حيث لا يقوم الشخص بأي نوع من النشاط الجسدي، وحيث تتوفر كل الوسائل الحديث التي تساعد على الخمول وقلة الحركة كالسيارة، والجلوس وراء المكاتب وأمام التلفزيون، ووجود الخادمة التي تقوم بكل الجهود الذي يجب أن تقوم به ربة الأسرة. وبالرغم من أن السمين ليس بالضرورة شخصا يتناول طعاما أكثر من الشخص السوي، إلا أن غالبا ما يكون ذا نشاط جسدي محدود أو معدوم، وبالتالي فإنه يخزن كمية أكبر من الطاقة في جسمه على شكل دهون نتيجة عدم تصريفها من خلال الحركة والرياضة اليومية [31] .

ب- الإفراط في تناول الطعام: يرتبط هذا العامل ارتباطا وثيقا بالعامل السابق، وهو قلة النشاط البدني، فغالبا ما يكون الميزان الغذائي مختلا عند السمان. ويزداد الوزن عندما يتجاوز مدخول الطعام إنفاق الطاقة، وهذا يعني أن المدخول قد ازداد على حاجة الجسم إليه، أو أن انفاق الطاقة قل دون أن يصاحبه نقص مماثل في مدخول الطاقة. ولقد تبين أن اختلال التوازن بين إنفاق الطاقة ومدخولها يؤثر في بعض الأفراد ولا يؤثر في آخرين، مما يدل على أن سبب السمنة يشتمل أيضا على عوامل أخرى [1] .

وتوضح التحاليل الكيميائية للأطعمة الشائعة في بعض الدول العربية على ارتفاع نسب الدهون والمواد النشوية فيها، وهذا عامل مساعد على زيادة الوزن وقد بينت الدراسات أن الأغذية الغنية بالدهون هي الأساس في زيادة الوزن وليس المواد النشوية. فالدهون لها قدرة أكبر على التخزين في الجسم من المواد النشوية، وبعض المواد النشوية الغنية بالألياف قد تحد من كمية الطاقة المتناولة لأنها تملأ المعدة وتعطي إحساسا بالشبع [24] .

ومن العوامل المهمة التي تؤثر على زيادة تناول الطعام مكان التناول، فالذهاب إلى المطاعم ودكاكين الوجبات السريعة والجو المحيط بها، سواء بالتقاء أفراد الأسرة بعضهم ببعض أو مع الأصدقاء، يساهم في استهلاك مقادير أكبر من الطعام. ولقد أصبح تناول الطعام خارج المنزل، خاصة عند المراهقين، سمة من سمات الحياة العصرية التي يعيشونها، وأصبحت تجارة الوجبات السريعة تجارة.

(1/574)

رابحة في جميع الدول العربية.

ج- الوراثة: لا يزال هناك الكثير من الجدل حول دور الوراثة في الإصابة بالسمنة، وربط الوراثة بالسمنة ليس بالأمر السهل استنتاجه. ويعتقد بعض الباحثين أن الوراثة المكتسبة هي العامل الأساسين حيث يولد الطفل في أسرة لها تفضيل خاص للطعام وتقوم بتحضير أطعمة دسمة وغنية بالكالوري، وبذلك يتعود الطفل على التلذذ وكثرة تناول الطعام [32] . ولكن بعض الدراسات بينت أن هناك ارتباطا بين الوراثة والسمنة، خاصة عندما يكون الأبوان أو أحدهما سمينا.

ومن النظريات السائدة عدد وقدرة الخلايا الدهنية على تخزين الدهون. فلقد لوحظ زيادة عدد الخلايا الدهنية عند الشخص عندما تبدأ السمنة منذ الصغر، وأن تخزين الدهون في الأشهر الأولى من الحياة يظهر بصورة مبدئية بزيادة في حجم الخلايا الدهنية، ومع نهاية السنة الأولى فإن حجم الخلايا يكاد يكون قد تضاعف مع تغير بسيط في عددها سواء عند الطفل السمين أو السوي. ولكن في الأطفال الأسوياء، فإن حجم الخلايا يكاد يكون قد تضاعف مع تغير بسيط في عددها سواء عند الطفل السمين أو السوي. ولكن في الأطفال الأسوياء، فإن حجم الخلايا الدهنية يقل بعد العام الأول، أما في الأطفال السمان، فإن حجم الخلايا الدهنية يبقى كما هو خلال فترة الطفولة. ويتكاثر عدد الخلايا الدهنية خلال سنوات النمو حتى يبدأ بالتوقف خلال فترة المراهقة، ولكن عدد الخلايا الدهنية في الطفل السمين يزداد بسرعة أكبر من الطفل السوي [27] .

ومن العادات المنتشرة في المجتمعات العربية تغذية الأطفال الرضع بكميات كبيرة من الطعام تمشيا مع الاعتقاد الشائع بأن الطفل الممتلئ "السمين" هو أكثر صحة من الطفل الاعتيادي الوزن، وبهذا السلوك فإن الأسرة تهيئ لأبنائها الاستعداد للإصابة بالسمنة.

د- تكرار الحمل والولادة: إن خصوبة المرأة العربية بصفة عامة عالية، وهذا يعني كثرة الحمل والإنجاب. ومن الملاحظ أن المرأة الحامل في المجتمعات العربية تكتسب وزنا إضافيا كبيرا يفوق المتفق عليه أثناء الحمل، وذلك نتيجة قلة النشاط البدني وكثرة تناول الطعام. ونجد كذلك أن الأم المرضع وخاصة في فترة النفاس تتناول أغذية خاصة، عادة ما تكون غنية بالدهون، بالإضافة إلى جلوسها وعدم حركتها في هذه الفترة مما يساعد وبشكل كبير في زيادة الوزن. كما أن انخفاض نسبة الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن طبيعيا ساعد في عدم التخلص من الدهون المتراكمة في الجسم، حيث أن الإرضاع يساهم في صرف الطاقة

(1/575)

من الجسم. وبتكرار الحمل والولادة فإن الدهون تتراكم في جسم الأم محدثة سمنة قد تكون شديدة في بعض الأحيان [31] . ولقد بينت دراسة حديثة في قطر أنه كلما ازداد عدد الأبناء ارتفعت نسبة السمنة عند الأمهات [33] .

هـ- العمر والجنس: إن الطاقة المبذولة energy expenditure تقل مع تقدم العمر، وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي في زيادة الوزن مع تقدم السن، وليست الزيادة في تناول الطعام، حيث تبين أنه لا يوجد تغير ملحوظ في كمية الطعام الذي يستهلكه الشخص البالغ على مدى عمره [27] . أما بالنسبة للجنس فالمعروف أن الإناث لهن قدرة على تخزين الدهون أكثر من الذكور، وتدل معظم الدراسات البشرية "الأنثروبومترية" على أن نسبة الدهن عند البنات والنساء أعلى منها عند الأولاد والرجال.

و العوامل النفسية: يعتقد أن الشخص السمين يتفاعل داخليا وخارجيا مع إغراءات تناول الطعام بشكل مختلف عن الشخص السوي. والجو النفسي والاجتماعي المحيط بالشخص السمين له تأثير كبير على سلوك الطعام لديه مقارنة بالشخص السوي. فلقد وجد أنه عندما لا يكون الغذاء مغريا dull، ولا الجو المحيط مشجعا، فإن السمين يتناول قليلا من الطعام. أما الشخص السوي فيرتبط سلوكه الغذائي بحالته الجسمانية physical state سواء كان جائعا أم لا، ويكون تاثير المحيط الخارجي عليه قليلا [32] . وقد يكون أحد اسباب السمنة الاضطرابات النفسية، فالفشل في تحقيق الطموحات والإكتئاب أو المعاملة السيئة للأبناء من جانب الأسرة قد تدفع الشخص إلى الإقبال على الطعام بشكل كبير للهروب من هذه المتاعب، أو كنوع من التعويض لتحقيق الإشباع النفسي.

ومن العوامل المهمة في الإصابة بالسمنة عند تلاميذ المدارس والمراهقين الفراغ والملل في الإجازة الصيفية. فعدم وجود برامج ترويحية واجتماعية لهؤلاء الشباب يدفعهم إلى الجلوس في المنزل ومشاهدة التلفزيون، مما يقلل من حركتهم، وكثيرا ما يقوم هؤلاء بتكرار تناول الأطعمة لتمضية الوقت. لذا نلاحظ أن نسبة كبيرة من طلبة المدارس، وبخاصة الفتيات، يزداد وزنهم في العطلة الصيفية ثم يبدأ الوزن بالنقصان مع الانخراط في العمل المدرسي.

ز- العوامل الاجتماعية: يعتبر تناول الطعام أحد النشاطات الاجتماعية الممتعة لجميع الناس، وفي الوطن العربي ترتبط المناسبات الاجتماعية والدينية ارتباطا وثيقا

(1/576)

بتناول الطعام. فهناك ولائم في الزواج والعزاء والأعياد وشهر الصيام وغيرهاز وفي الحقيقة فإن الإسراف في تناول الطعام في هذه المناسبات وخاصة في شهر رمضان قد لعب دورا كبيرا في زيادة الوزن عند نسبة كبيرة من البالغين، ويرجع ذلك إلى نوعية الأغذية التي تقدم في هذا الشهر حيث تكون غنية بالدهون والمواد السكرية، وكذلك إلى قلة الحركة والخمول. ويجب ألا يقع اللوم على شهر رمضان بل على التطبيق والممارسات الخاطئة.

ومن الجوانب الاجتماعية المهمة المرتبطة بالسمنة في المجتمعات العربية التفضيل الذي يوليه الرجال للبنت أو المرأة المكتنزة مما يجشع المرأة على زيادة وزنها. وقد يعترض البعض على أن هذا المفهوم الجمالي لجسم المرأة كان في العهد الماضي وأن التوجه الجديد لهذا الجيل هو المرأة الرشيقة القوام، ولكن ما زالت الشواهد تبين أن السمنة البسيطة ما زالت مطلوبة، وتشير عدة تقارير أن المجتمع العربي ما زال يفضل هذا التركيب الجسمي، ويوضح أحد التقارير أن كلمة "صحة" للمرأة تعني أنها ممتلئة بالإضافة إلى حالتها الصحية الجيدة [32] . وقد أجريت دراسة في سلطنة عمان حول الاعتقاد الشائع أن المرأة المملوءة القوام مرغوبة أكثر عند الرجال، وتبين أن حوالي 40% من النساء اللاتي شاركن في الدراسة يؤيدون هذا الاعتقاد [34] .

ح- عوامل فيزيولوجية: هناك بعض الاضطرابات الفيزيولوجية والهرمونية التي قد تؤدي إلى حدوث السمنة. ومثال ذلك اضطراب الغدة الدرقية، ولكن هذه الحالات عادة ما تكون نادرة ولا يمكن اعتبارها سببا مهما في الإصابة بالسمنة.

(1/577)

الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه

...

6- الأسس الأولية للوقاية من السمنة والسيطرة عليها:

تتضمن الأسس الأولية للوقاية من السمنة والسيطرة عليها الأمور التالية:

- معرفة الوزن المناسب للطول باستخدام الجداول القياسية حتى يمكن حساب عدد الكيلو غرامات الزائدة.

- البدء بتطبيق برنامج غذائي متوازن وقليل الكالورين ويفضل ألا يقل البرنامج عن 1000 كالوري خاصة عند المراهقين والشباب.

- تجنب استخدام قوائم الأنظمة الغذائية الموجودة في الكتب والمجلات التجارية لتخفيف الوزن، ويجب أخذ البرنامج الغذائي من مصادر متخصصة "أخصائي تغذية أو طبيب متخصص في مجال التغذية". كما أن مراكز

(1/577)

الرشاقة في العديد من الدول العربية لا توفر قوائم صحية للحمية، ولا يوجد بها متخصصون في التغذية، فيفضل عدم الاعتماد على هذه المراكز في التغذية.

- بعد استشارة الطبيب وأخذ الفحوصات المخبرية المطلوبة يجب مزاولة التمارين الرياضية مثل التمارين الهوائية والمشي أو السباحة. ويفضل ممارسة الرياضة بعد ساعتين على الأقل من تناول الوجبة الرئيسية. ويمكن مزاولة التمارية من 3 إلى 5 مرات في الأسبوع، وبمتوسط نصف ساعة إلى ساعة واحدة، وإن كان ذلك يتوقف على الحالة الصحية ومقدار الزيادة في الوزن.

- الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية كالخضراوات والفواكه "خاصة غير السكرية" ونخالة القمح والحبوب الكاملة، فهذه الأغذية بالإضافة إلى أنها قليلة الكالوري تحتاج مدة أطول للهضم وتعطي إحساسا بالشبع.

- تفضيل تناول 5 وجبات صغيرة في اليوم بدلا من تناول وجبتين أو ثلاث وجبات كبيرة في اليوم.

- الإقلال من تناول الأغذية الدهنية ومن استخدام الدهون بأنواعها في الطبخ.

- الإقلال من تناول الأغذية التي تحتوي على سكريات مصنعة كالحلويات والشوكولاته والفواكه المعلبة والمربى والمشروبات الغازية وغيرها.

- لتقليل الدهون في الطعام يمكن سلق أو شوي اللحوم بدلا من قليها في الدهن، كما يجب إزالة جلد الدجاج لاحتواءه على نسبة عالية من الدهون والكوليسترول، وعند تحضير اللحوم يجب إزالة كل الشحوم المرئية.

- تناول المشروبات كالقهوة والشاي وغيرها بدون سكر، وإن كان لا بد فيمكن استخدام بدائل السكر بين فترة وأخرى، ولكن ليس بصورة مستمرة.

- التذكر بأن المكسرات والبذور seeds غنية بالدهون فلا نفرط في تناولها

- الابتعاد عن البدع والاعتقادات الغذائية الخاطئة المتعلقة بالسمنة.

- عدم اللجوء إلى العمليات الجراحية في استئصال الدهون من الجسمن لأن هناك العديد من المضاعفات الصحية قد تحدث نتيجة هذه العمليات.

- عدم استخدام الأدوية المقللة للشهية فهذه قد تكون لها مضاعفات صحية غير مرغوبة.

(1/578)

النقرس:

1- تعريف المرض:

داء النقرس gout عبارة عن مرض ينتج من اختلال استقلاب مركبات البورين purine في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة حمض اليوريك uric acid في الدم وترسب ملحه الصوديومي في المفاصل والغضاريف وأطراف العضلات، ويسبب حدوث التهابات في المفاصل. وتظهر أول الأعراض على شكل آلام شديدة في الإصبع الكبيرة في القدم. وتظهر نوبات المرض في البداية في مفصل واحد، ولكن قد يمتد الألم بعد ذلك إلى مفاصل أخرى. وقد تستمر نوبة الألم في البداية إلى بضعة أيام، ولكن المدة تزداد بعد ذلك لتستمر عدة أسابيع عند المرضى الذين لا يسعون للعلاج. وبدون أخذ التدابير الواقية فإن نوبات الألم تتكرر لعدة مرات في السنة [35] .

وتكون المفاصل المصابة بالنقرس مبعثا لألم أكثر من تلك المتورمة والمصابة بالتهاب المفاصل أو التهاب عظام المفاصلن ومرد ذلك إلى شدة الالتهاب وحدته، وهذا في حد ذاته مؤلم جدا. ويرافق الالتهاب الحاد ضغط جسدي وتهيج كيميائي لأطراف الأعصاب الحساسة الموجودة عند المفاصل المصابة، وتصبح الأوعية الدموية في المنطقة المصابة أكثر نزا، مما يؤدي إلى ازدياد درجة سيل الدم فيها، فكريات الدم تحاول إصلاح الضرر ولكنها في الوقت نفسه تسبب ورما أكبر يزيد من الألم [36] .

ويكون مصدر حمض اليوريك إما خارجيا exogenous عن طريق الغذاء الغني بمادة البورين، أو داخليا endogenous عن طريق تحلل البورين الموجود في الخلايا [37] . وللجسم عدة طرق يتخلص بواسطتها من هذا الحمض، إذ قد يتم ذلك عن طريق التبول أو التغوط أو عن طريق التعرق. ويعتقد الكثير من الباحثين أن ضررا يلحق بكليتي المصاب بالنقرس، مما يعطل قدرتهما على التخلص من الحمض ويؤدي بالتالي إلى تراكم كميات كبيرة منه في الجسم [36] .

وعادة تظهر الأعراض بعد سنوات طويلة من ارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم، وإذا زاد معدل الحمض عن 6 مليغرامات في كل 100 مليلتر دم في الرجال وعن 5 مليغرامات في كل 100 مليلتر دم عند النساء يعتبر الشخص مصابا بداء النقرس.

(1/579)

ومن الممكن أن تقود الإصابة بالنقرس إلى مشكلات في عمل الكلى، ذلك لأن الكلى هي المكان الأول لتجمع جزيئات حمض اليوريك مما يؤدي إلى تعطيل عملها وتشويه أنسجتها، كما قد يؤدي إلى ترسيب حصى في الكلى مشابهة تقريبا لأية حصوات أخرى [36] .

2- أسباب المرض:

أ- الوراثة: إن هذا المرض وراثي بالدرجة الأولى، فلقد أوضحت الدراسات أن الأفراد المصابين بداء النقرس عادة ما يكون أفراد عائلتهم إما مصابين بهذا الداء أو يوجد عندهم ارتفاع في نسبة حمض اليوريك في الدم، كما يكون لديهم استعداد لتخليق حمض اليوريك بدرجة أكبر من الأشخاص الآخرين. وهناك نوعان من داء النقرس، النقرس الأولى primary وهو يوجد عن الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لزيادة نسبة حمض اليوريك في الدم، والنقرس الثانوي secondary وهو يوجد عند الأشخاص المصابين بأمراض في الدم تساعد على زيادة إفراز حمض اليوريك في دمهم.

ب- الجنس: يعتقد أن حوالي 90% من المصابين بداء النقرس هم من الرجال بخاصة بعد سن الأربعين، وعادة تصاب المرأة بالنقرس بعد انقطاع الطمثن ولكن تبقى الغالبية العظمى من المرضى من الرجال.

ج- السمنة: وجد أن الأشخاص السمان يكونون أكثر عرضة للإصابة بداء النقرس مقارنة بالأشخاص الأسوياء.

د- الإصابة بأمراض أخرى: تبين أن الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم والسكري ومرض القلب الوعائي واضطرابات الغدة الدرقية يكون عندهم استعداد في زيادة إفراز حمض اليوريك أو تعطيل عمل الكلية لإفراز هذا الحمض في البول [35] .

هـ- تناول المشروبات الكحولية: تساعد المشروبات الكحولية على ارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم.

و تناول بعض الأدوية: تساعد بعض الأدوية على زيادة إفراز حمض اليوريك.

ز- كثرة تناول الأغذية الغنية بمركبات البورين: يتفق العديد من الباحثين على أن دور الغذاء أصبح أقل أهمية مقارنة بالعوامل الأخرى خاصة الوراثية، ولكن

(1/580)

ينصح بتقليل الأغذية الغنية جدًّا بمركبات البورين، لتقليل نسبة حمض اليوريك في الجسم.

3- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

تتضمن الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه الأمور التالية:

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.

- التخلص من الوزن الزائد باتباع حمية غذائية تحت إشراف اختصاصي تغذية.

- الإقلال من تناول الأغذية الغنية بالبورين مثل المخ والكبد والكلى وسمك السردين المعلب وخلاصات اللحم meat extracts والعدس والفول الجاف.

- تناول كميات كافية من الخضراوات والفواكه لأنها تساعد على تخفيض حموضة البول وبالتالي تقليل إمكانية تكوين حمض اليوريك.

- الحرص على تناول مقاديركبيرة نسبيا من السوائل والماء التي تساعد على تخفيف البول ومنع تكوين حصارة الكلى المترسبة من حمض اليوريك.

- وجوب احتواء الغذاء على كميات كافية من المواد النشوية وكميات منخفضة من الدهون قدر الإمكان.

- تجنب الإجهاد والضغوطات النفسية قدر الإمكان فهي تساهم في حدوث نوبات الألم.

- التأكدمن نوعية الأدوية المتناولة واستشارة وإبلاغه عن الإصابة بداء النقرس

(1/581)

تشمع الكبد:

1- تعريف المرض:

إن حالة "تشمع "تليف" الكبد liver cirrhosis هي الحالة التي يتكون فيها نسيج ليفي في الكبد تاركا فيه ندبا وفشلا failure في القيام بوظائفه الحيوية المتعددة [38] ، وهو مرض شائع في المناطق الحارة والمعتدلة على السواء. إن حدوث تشمع الكبد ومدته ليست ثابتة وإنما متغيرة، وقد يحدث التشمع بصورة تدريجية، ومن النادر أن يحدث بصورة حادة، ومن عوارضه الحبن ascitis وفقدان الشهية وفقدان شديد في الوزن وتورم في الساقين وقيء الدم hematemesis، وإذا لم يعالج المريض فقد تقود هذه الأعراض إلى انسداد الدورة الدموية الوريدية، خاصة في المريء والمعدة، وقد يحدث نتيجة ذلك نزف شديد قد يؤدي إلى الموت [38، 39] .

2- أسباب المرض:

أ- الالتهابات الفيروسية: إن الفيروسات قد تسبب تشمعا "تليفا" مزمنا للكبد، وأهم أنواع الفيروسات هي الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد الوبائي وخاصة من نوع B و C.

ب- داء البلهارسيا: تسبب البلهارسيا المعوية 75% intestinal schistosomiasis من حالات تليف الكبد البلهارسي و 25% تسببه البهارسيا البولية urinary، وعند وصول بويضة البلهارسيا إلى الكبد فإنها تسكن في أوعية الكبد الدموية ثم تسبب التهابا حولها ينتهي بحدوث التليف.

ج- تعاطي المشروبات الكحولية: أثبتت الدراسات أن نسبة الإصابة بتليف "تشمع" الكبد تزيد باطراد مع تناول المشروبات الكحولية. فزيادة تعاطي الكحول "إيثانول ethanol"" يزيد من تراكم الدهون في الكبد وتبدأ الخلايا بالتفكك بسبب السمية المباشرة للكحول على خلايا الكبد. ويعتقد أن تناول 60 غراما من الكحول يوميا عند الرجال وحوالي 20 غرام عند النساء ولفترة طويلة كاف لإحداث تليف الكبد.

د- سوء التغذية: عندما تكون تغذية الفرد سيئة فإن احتمال إصابة الكبد بالتليف يزيد، ويعتقد أن نقص التغذية خاصة في البروتينات يعلب دورها ههـ- وجود ذيفانات في الطعام. تبين أن وجود بعض الذيفانات toxins في الطعام يساهم في حدوث تليف الكبد، وأهم هذه الذيفانات الأفلاتوكسين aflatoxin والذي سبق الإشارة إليه كسبب للإصابة بسرطان الكبد كذلك.

و أسباب أخرى: هناك عدة أسباب أخرى قد تساعد في الإصابة بتليف الكبد مثل التليف المراري وانسداد أوردة الكبد نتيجة أمراض القلب واختلال الجهاز المناعي والإصابة بمرض الزهري.

(1/582)

3- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية

- تناول أغذية عالية الكالوري قد تصل إلى أكثر من 2000 كالوري في اليوم وذلك بزيادة تناول المواد النشوية.

- في حالة حالة عدم حدوث السبات الكبدي فإنه ينصح بتناول غذاء غني بالبروتين وبمعدل 1.2 غرام لكل كيلو غرام من وزن الجسم.

- تناول غذاء معتدل في الدهون.

- وجوب احتواء الغذاء اليومي على كميات كافية من فيتامينات B وفيتامين A.

- محاولة تجنب تناول الأغذية المخللة.

(1/583)

تخلخل العظام:

1- تعريف المرض:

إن تخلخل العظام osteoporosis هي حالة مرضية سببها نقص في كتلة العظم دون أي تغيير في تركيبه أو شكله، أي أنها حالة من ضمور العظم تصيب الهيكل العظمي المحوري axis skeleton كالفقرات والأطراف بشكل أشد من سائر الهيكل، مما يجعلها عرضة للتكسر. ويصيب هذا المرض المسنين، وخاصة الإناث منهم [36، 38] وهو يعتبر المسؤول الأول عن انكسارعنق الفخذ hip fracture عند المسنين في الدول المتقدمة، حيث يلعب دورا في هشاشة العظام وبالتالي سهولة تكسرها [24] .

إن كثافة العظام تزداد في جميع أجزاء الهيكل العظمى خلال الطفولة والمراهقة حتى تصل إلى ذروتها في سن العشرين، وبعد ذلك تنقص بعد انقطاع الطمث عند المرأة وبعد عمر 55 سنة عند الرجل. وتفقد المرأة في الدول المتقدمة حوالي 15% من كتلة عظامها خلال العشر سنوات الأولى بعد انقطاع الطمث، وبمعدل سنوي يتراوح بين 0.5 و 2% وتختلف كثافة العظام من شخص إلى آخرن ولكن عندما تكون نسبة الكثافة أثل من الحد الأدنى لسن الشباب يعرف الشخص بأنه مصاب بتخلخل العظام. لذا فإن الأشخاص الذين يبلغون متوسط العمر وكثافة عظامهم عند نهاية الحد الأدنى، يكونون أكثر عرضة للإصابة بتخلخل العظام مع تقدم عمرهم مقارنة بالأشخاص الذين كانت نسبة كثافة عظامهم عالية [24] .

(1/583)

وقد لا تكون هناك أعرضا أو علامات، وقد يشكو المريض من ألم في الظهر والتحدب بدرجات متباينة، مع حدوث تغيرات مميزة في العظام والفقرات، كما يمكن مشاهدة هذه التغيرات في الفحوص الشعاعية للمريض [38] .

2- أسباب المرض:

أ- قلة تناول الكالسيوم. يلعب الكالسيوم دورا مهما في تكوين العظام ويعتبر نقص الكالسيوم من الأسباب الرئيسية المؤثرة على كثافة العظام وبخاصة أثناء فترة النمو الحرجة كسن المراهقة.

ب- نقص إفراز هرمون الاستروجين. يقل إفراز هرمون الأستروجين عند المرأة بعد انقطاع الطمث، ولقد وجد أن قلة إفراز هذا الهرمون له علاقة بتخلخل العظام.

ج- قلة الحركة. يعتقد أن النشاط البدني يعلب دورا في تقوية العظام وتقليل فرصة تعرضها للتخلخل. والملاحظة أنه كلما كبر الشخص قلت حركته وأداؤه للتمارين الرياضية، وهذا عامل مساعد لحدوث تخلخل العظام.

د- عوامل غذائية أخرى. وجد أن الأغذية الغنية بالبروتين والملح تساعد على زيادة فقد كثافة العظام لأنها تجبر الجسم على فقد الكالسيوم.

هـ- الجنس. تبين أن المرأة أكثر عرضة للإصابة بتخلخل العظام من الرجل، وذلك راجع إلى أن ذروة تكوين كثافة العظام تكون أقل، ولأنها تتعرض لفقدان سريع في كثافة العظام بعد الطمث، ولأنها تعيش أطول من الرجل.

و التدخين. تبين أن التدخين يساعد على فقدان الكالسيوم الموجود في العظام.

ز- تعاطي المشروبات الكحولية. تكون كثافة العظام أقل عند الأشخاص الذين يتعاطون المشروبات الكحولية بكميات كبيرة، كما أن معدل فقدان كثافة العظام يكون أسرع، وذلك قد يكون عائدا إلى تأثير الكحول على استقلاب metabolism الهرمونات.

3- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:

- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.

- التوقف عن التدخين وعدم مخالطة المدخنين قدر الإمكان.

(1/584)

- تناول أغذية غنية بالكالسيوم وفيتامين D، وفيتامين C. ويوجد الكالسيوم بكثرة في منتجات الألبان والأجبان وبعض الخضراوات، أما فيتامين D فيوجد بكثرة في زيت السمت واللبن المدعوم بفيتامين D، أما فيتامين C وهو مهم لامتصاص الكالسيوم، فيوجد في الجوافة والفواكه الحمضية وبعض المشروبات المدعومة به.

- تحديد كمية الأغذية الغنية قدر الإمكان بمادة الفوسفور، حتى لا يؤثر ذلك على امتصاص الكالسيوم. ومن الأغذية الغنية بالفوسفور اللوز والمشمش المجفف والمخ "النخاع" والحبوب الكاملة والسمك والكلى والكبد والمكسرات.

- عدم الإفراط في تناول الأغذية الغنية بالبروتين، فزيادة تناول البروتين عن حاجة الجسم يزيد من إفراز الكالسيوم في البول.

- الإقلال من تناول الملح والأغذية المملحة، فهذه تجبر الكلية على زيادة إفرازها وبالتالي زيادة إفراز الكالسيوم.

- مزاولة التمارين الرياضية الخفيفة كالمشي والهرولة والسباحة قدر الإمكان.

- الإقلال من تناول المنبهات خاصة القهوة والشاي.

- تناول غذاء متوازن وعدم زيادة مقدار الكالوري المقرر في اليوم.

(1/585)

تسوس الأسنان:

1- تعريف المرض:

يقصد بتسوس الأسنان dental caries عملية مرضية "باثولوجية" موضعية ذات مصدر خارجي، تظهر بعد ظهور الأسنان وتصحبها ليونة في النسيج الصلب للسن وتتطور لتصل إلى إحداث تجويف فيه. ويختلف مظهر الإصابة باختلاف موضعها إما في الثقوب والتشققات، أو في الأسطح الملساء، أو في الأسطح الملاطية للجذور المعرضة. ويبدو أن العملية المرضية ليست واحدة في الحالات الثلاث [1]ويمكن إجمالا اعتبار التسوس نتيجة تنازع قوتين متعارضتين، إحداهما تساعد على إتلاف السن، والأخرى تقاوم الإصابة، وترتبط مقاومة التسوس بالتركيب الذاتي للسن وتكوينه وبالوسط الفمي وبعوامل أخرى. ولمظهر سطح الأسنان

(1/585)

والعمليات الفيزيولوجية الداخلية أثر كبير على قابلية السن لمقاومة ظهور التسوس وتطوره. وأثبتت التجارب أن المينا "وهي الطبقة الخارجية من السن" تقاوم بطريقة أحسن وأفضل عندما تكون غنية بالفلوريد. ومن جانب آخر قد يؤثر اللعاب على الوسط الفمي، وخاصة عن طريق قدرته الملطفة، وكميته ومدى تركيزه بأيون الهيدروجين، والإنزيمات اللعابية والأجسام المضادة، والمواد ذات الوزن الجزيئي المرتفع التي تسهم في تكوين الرواسب على الأسنان [41] .ومن مضاعفات

complicatios تسوس الأسنان عجز السن عن أداء وظيفتها، وهي قضم ومضغ وطحن الطعام، مما يؤدي إلى سوء الهضم الذي بدوره يؤدي إلى التهابات معدية نتيجة تعذر المضغ الجيد للطعام في الفم والذي يعد أول مرحلة من مراحل هضم الطعام. ويؤدي تعذر المضغ الجيد للطعام إلى الامتناع عن تناول الكثير من الأغذية المفيدة للجسم كبعض أنواع الخضراوات والفواكه، وهذا قد يساهم في حدوث نقص في بعض العناصر الغذائية. ويساعد تسوس الأسنان على حدوث التهابات اللثة والفم والكلى والمفاصل واللوزتين ورائحة الفم الكريهة [42] .وعادة ما يقاس تسوس الأسنان بمقياس يرمز له بـ

DMF وهو يمثل عدد الأسنان المنخورة decayed والمفقودة missed والمحشوة filled. ويوصي بإجراء تقصيات صحة الفم للأطفال عند عمر 12 سنة و 15 سنة. ولعمر 12 سنة أهمية خاصة باعتباره العمر الذي يغادر فيه الأطفال المدرسة الابتدائية، وهذا يمثل في معظم البلدان آخر سن يمكن منها بسهولة الحصول على عينة موثوق بها من خلال النظام المدرسي، ولهذا السبب اختير هذا العمر عالميا كسن لرصد تسوس الأسنان لغرض المقارنات الدولية ورصد اتجاهات المرض. أما في سن 15 سنة فيمكن مقارنة المعطيات الخاصة بهذا العمر مع معطيات الأطفال من سن 12 سنة، وذلك لتقدير مدى التزايد في انتشار ووخامة تسوس الأسنان. وعمر 15 سنة مهم لتقييم مؤشرات أمراض ما حول الأسنان لدى المراهقين [43] .2- انتشار المرض:تسوس الأسنان من أكثر أمراض الصحة العامة انتشارا في الدول العربية، خاصة بين الأطفال. وتشير الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية أن نسبة انتشار تسوس الأسنان آخذة في التزايد في هذه الدول، فمثلا ارتفع معدل

DMF عند الأطفال في الأردن من 0.2 إلى 2.7 خلال الفترة 1966- 1981، وفي لبنان.

(1/586)

ارتفع المعدل من 1.2 إلى 2.6 خلال الفترة 1961 - 1974 وفي المغرب كان المعدل عاليا أصلا في عام 1970 "2.6" وارتفع إلى الضعف "4.5" في عام 1980 ويبين الجدل 6 نسبة انتشار التسوس باستخدام معدل DMF عند الأطفال عند عمر 12 سنة في مجموعة من الدول العربية، ونلاحظ بصفة عامة أن انتشار التسوس أعلى في المناطق الحضرية مقارنة بالريفية، ويرجع ذلك غالبا إلى نوع الغذاء المتناول، ونجد أن أعلى معدل للتسوس عند هذه الفئة من الأطفال كان في المغرب وأقل معدل كان في الصومال.الجدول 6- انتشار تسوس الأسنان عند الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 12 سنة في المناطق الريفية والحضرية في بعض الدول العربية3- أسباب تسوس الأسنان:أ- المكروبات. إن الدور الذي تقوم به المكروبات الموجودة بالفم في تسوس الأسنان ما زال غامضا. ويعتقد أن بعض أنواع الجراثيم تقوم بتحويل السكر في الفم إلى حموض تتسبب ببطء في إذابة طبقة المينا

Enamel مما ينتج عنه ظهور تشققات صغيرة. وبمجرد حدوث تشقق في طبقة المينا تقوم الجراثيم بالمرور من خلال هذه الطبقة وتبدأ في تحطيم طبقة العاج التي توجد تحتها. ووصول الجراثيم إلى طبقة العاج يعني أن السن قد أصبحت في حالة تسوس، وإذا لم تعالج هذه

(1/587)

الحالة فإن الجراثيم تصل إلى لب السن وتحدث به التهابا يسمى بالالتهاب اللبي الذي يسبب ألما شديدا في الأسنان [38] .ب- مكونات الطعام. يؤثر الغذاء على الأسنان بطريقتين، الأولى عند بداية تكوين الأسنان قبل ظهور الأسنان الدائمة، والطريقة الثانية موضعية أي بعد ظهور الأسنان الدائمة، وفي هذه الحالة فإن نوع الغذاء، خاصة ذلك الذي يحتوي على السكر، يعتبر أهم عامل وبالرغم من القول الشائع إن المواد النشوية تسبب التسوس إلا أن ذلك يعتمد على نوع المواد النشوية. فمثلا الرز والبطاطس والخبز لها تأثير قليل على حدوث التسوس وكذلك الفواكه الطازجة، ولكن إضافة السكر إلى هذه الأغذية يزيد من قابليتها لإحداث التسوس. وأثبتت العديد من الدراسات الوبائية أن كمية وتكرار تناول الأغذية السكرية لها علاقة بتطور التسوس، فكلما ازداد وتكرر تناول هذه الأغذية ازداد احتمال التسوس. ووجد بصفة عامة أن ظهور التسوس يقل بشكل كبير عندما تكون كمية السكر التي يتناولها الطفل أقل من 30 غرام في اليوم، ويزداد حدوث التسوس بشكل ملحوظ عندما تزيد الكمية عن 45 غراما في اليوم. ويعتقد أن السبب المهم في انتشار تسوس الأسنان عند الأطفال في الدول النامية هو زيادة تناول الحلويات وقلة تناول الخضراوات والفواكة الطازجة [24] .ج- حالة السن البنيوية والصحية. وهذه تشمل صلابة وقوة أنسجة السن ودرجة الكالسيوم ونوعيته. وكل هذا يؤثر في درجة اختزان المواد الغريبة لأنسجة السن كالحموض. فإن كانت بنية السن غير جيدة وأنسجتها طرية غير صلبة فإنها تساعد على حدوث التسوس. وكذلك ملامسة وخشونة عاج السن. ووجود حفر وشقوق بهن فكلما كانت ملساء وقليلة الشقوق أو عديمة الشقوق قل احتمال حدوث التسوس [44] .د- حالة اللثة والفم المرضية. تساعد التهابات الفم واللثة على تسوس الأسنان حيث تعري جذور الأسنان نتيجة ضمور وتراجع اللثة، وبذلك تصبح السن حساسة للبرودة والسخونة وللسوائل الحمضية وحتى للمس الفرشاة، مما يجعل المريض يهمل تنظيف أسنانه للآلام التي يسببها استعمال الفرشاة، فتتراكم فضلات الطعام على أسنانه وتبدأ عملية التسوس [44] .هـ- شكل ومكان السن بالفك. عموما تكون الأسنان الأمامية "القواطع

(1/588)

والأنياب" أقل عرضة للإصابة بالتسوس من الأسنان الأخرى، فالتسوس يحدث بصورة أكبر عندما تكون هناك انحناءات وحفر وشقوق في السن وبصورة أقل في السطوح الملساء. كذلك يتم التسوس في الأماكن البعيدة عن التنظيف بالفرشاة أو باللسان كالمناطق الوجودة بين الأسنان [44] .و تكوين اللعاب. إذا كان اللعاب لزجا وكميته قليلة وضعيف القلوية فإنه يساعد على التسوس، أما إذا كان غزيرا وقوامه مائي فهو يساعد على تنظيف وغسل الأسنان، فيزيل الفضلات من الفم بسرعة وسهولة [44] .4- الأسس الأولية للوقاية من المرض والسيطرة عليه:- الحرص على تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم والفوسفور وفيتامين

D، خاصة عند الأطفال والمراهقين. ومن أفضل مصادر الكالسيوم اللبن ومنتجاته، أما الفوسفور فهو موجود في العديد من الأغذية مثل الحبوب واللحم. أما فيتامين D فهو موجود في زيت السمك والحليب المدعوم بفيتامين D والكبد.- الإقلال من تناول المواد السكرية، وعند تناولها يفضل أن يكون ذلك مع الوجبة وليس بين الوجبات، حيث أن تناول الأغذية الأخرى مثل اللحوم والخضراوات يساعد على تنظيف الأسنان من السكريات الملتصقة بها.ويمكن استخدام بدائل السكر في تحليله بعض الأطعمة، ولكن لا ينصح باستخدام هذه البدائل بصورة مستمرة.- تناول الفواكه والخضراوات الطازجة يوميا، فهي تساعد على تنظيف الأسنان كما أنها تحتوي على سكريات طبيعية.- الاهتمام بتنظيف الأسنان بعد كل وجبة، وغسل الفم والأسنان بالماء والمضمضة عند تناول أي أغذية سكرية بين الوجبات مثل المشروبات الغازية والحلويات.- الحرص على تناول أغذية غنية بفيتامينات

A, و B المركبة و C، وذلك لأن فيتامين A مهم لتكوين طبقة المينا، وكذلك فيتامين C مهم لعمل وتطور هذه الطبقة بالإضافة إلى أهمية لصحة اللثة. وفيتامينات B المركبة تساعد على صيانة وتكوين الأنسجة في الفمن ويبدو أنها تساعد على ترمم ونمو الأنسجة في اللثة. وأحسن مصادر فيتامين A الجزر والكبد والمانغو والباباي

(1/589)

والحليب المدعوم بهذا الفيتامين وتوجد فيتامينات B المركبة بكثرة في الكبد والحبوب الكاملة القمح ومنتجات الألبان. ومن أحسن مصادر فيتامين C الجوافة والفواكه الحمضية والطماطم والفلفل الأخضر والأناناس والباباي- تناول مقادير كافية من الأغذية الغنية بالبروتين، فهو مهم لتصنيع المينا وعاج الأسنان. ومن أفضل مصادر البروتين اللحوم والأسماك والدجاج ومنتجات الألبان والمسكرات.- الحرص على تناول أغذية تحتوي على عنصر الفلور، ويعتبر الفلور أهم عامل لمقاومة تسوس الأسنان بخاصة عند نمو الأسنان، وتقوم بعض الدول بإضافة الفلور إلى الماءن ولكن ذلك لا يطبق في معظم الدول العربية، كما أن الدراسات أثبتت أن المياه المعبأة في الزجاجات "أو ما يسمى بالمياه المعدنية" لا تحتوي على نسبة كافية من الفلوريدن والاعتماد على هذه المياه في الشرب قد يساهم في تسوس الأسنان عندما يكون الغذاء المتناول فقيرا في عنصر الفلور.- في حالة المرأة الحامل يجب الاهتمام بالغذاء الكامل الذي يحتوي على العناصر الرئيسية للجسم ولنمو الأسنان.- استعمال معجون الأسنان الذين يحتوي على الفلرو وذلك للمساعدة في الحصول على نسبة كافية من الفلور.5-

Sharpnel, W. S. et al "1992": Diet and coronary heart disease. Med J. Aust.. 156 "supplement" May, S9-S19.6- حسان شمسي باشا "1991": الدهون، الكوليسترول والقلب، مكتبة السوادي للتوزيع، جدة.

(1/590)

المراجع:1- منظمة الصحة العالمية/ المكتب الإقليمي لشرط البحر المتوسط "1990" الاضطرابات الغذائية السريرية الناجمة عن الرخاء في بلدان إقليم شرق البحر المتوسط، الإسكندرية.2- ألف، رامي "1992": الكوليسترول والحد من مخاطره، ترجمة مركز التعريب والبرمجة، الدار العربية للعلوم، بيروت.3- يوسف رياض "1991": قلبك وشرايين الحياة، مؤسسة أخبار اليوم، القاهرة4- عبد الحي العوضي وأنور جمشير "1991": قلبك عنوان صحتك، وزارة الصحة، البحرين.5-

sharpnel, ws. et al "1992" diet and coronary herat disease, med J. aust. 156 "supplement" may, s9. - s 19.6- حسان شمسي باشا "1991" الدهون، الكوليسترول والقلب، مكتبة السوادي للتوزيع، جدة

(1/590)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الغذاء والتغذية

قياس الحالة التغذوية في المجتمع

مقدمة

...

قياس الحالة التغذوية في المجتمع:

الدكتورة وفاء موسى

مقدمة:

إن قياس الحالة التغذوية في المجتمع يهدف إلى الحصول على معلومات كافية تساعد في التعرف على المشكلات التغذوية التي تؤثر على الصحة العامة، وكذلك التعرف على أسباب هذه المشكلات وذلك للمساعدة في اتخاذ التدابير الوقائية والسيطرة على هذه المشكلات.

ولكي نتعرف على المعلومات المطلوب الحصول عليها لقياس الحالة التغذوية والغذائية لا بد أن نتفهم العوامل التي تؤثر على الحالة التغذوية للفرد في المجتمع "الشكل1". ويبين نموذج العوامل السببية للحالة الغذائية ما يلي:

1- تتوقف الحالة التغذوية، بصرف النظر عن المرض، على ما يتناوله الفرد من غذاء.

2- يتوقف استهلاك الغذاء للفرد داخل الأسرة على الغذاء المتاح للأسرة وعلى الوعي الغذائي لاختيار الطعام.

3 يتوقف الغذاء المتاح للأسرة على وفرة الغذاء في المجتمع والعلاقة بين أسعار الغذاء وبين الدخل وعلى إنتاج المحاصيل الغذائية.

4 تتأثر العلاقة بين أسعار الغذاء وبين الدخل بالتوازن بين إنتاج الغذاء وبين كل من مخزون الغذاء والواردات الغذائية، وفي بعض الحالات المساعدات الغذائية.

5- يتأثر الإنتاج المحلي للغذاء بالطقس بالإضافة إلى عدد كبير من العوامل المرتبطة بعضها ببعض في داخل البلد أو خارجه.

(1/593)

الشكل1- نموذج العوامل السببية للحالة التغذوية*

"*" المصدر: WHO Techn. Rep. Ser. No. 593 "1976".

(1/594)

6- يتوقف الانتفاع بالغذاء على الحالة الفيزيولجية والمرضية لجسم الإنسان الذي يتأثر بدوره بصحة البيئة وسهولة الحصول على ماء مأمون، وعلى مدى تعرض الفرد للإصابة بالأمراض المعدية والطفيليات في المجتمع.

مما سبق يمكن تلخيص المعلومات المطلوبة لقياس الحالة التغذوية في المجتمع كما يلي:

أولا: قياس الحالة التغذوية والصحية للفرد والمجتمع

ويتم ذلك بعدة طرق أهمها ما يأتي:

1- القياسات الجسمية "الطول، الوزن، محيط الذراع، ثخن الجلد".

2- الكشف السريري clinical وملاحظة علامات سوء التغذية malnutrition "" "العين، الجلد.... الخ"

3- الفحوص المخبرية ومقارنتها بالمعدلات الطبيعية.

4- الفحوص البيوفيزيائية biophysical مثل تشخيص الرخد rickets بالأشعة أو اختبار التلاؤم للظلام dark adaptation test أو ما يسمى بالعشى night blindness في حالات نقص فيتامين A الخ.

ثانيا: قياس العوامل المؤثرة والمحددة للحالة التغذوية والصحية للفرد والمجتمع وأهم هذه العوامل ما يلي

1- توفر الطعام المتاح للفرد في المجتمع ويقاس بالميزان الغذائي للدولة food balance sheet

2- قياس الاستهلاك الغذائي للفرد أو الأسرة. ويقاس بعدة طرق تتراوح بين الوزن الدقيق لاستهلاك الغذاء في اليوم "قياس كمي" أو تذكر الغذاء للمستهلك خلال 24 ساعة بالمعايير والمكاييل المنزلية "شبه كمي" أو قياس تكرار استهلاك الغذاء خلال فترات محددة بالتاريخ الغذائي diet history & foof frequency "قياس نوعي".

3- العوامل البيولوجية الديموغرافية biodemographic كالسن والجنس وعدد الأطفال وحجم الأسرة ونوعها والفترة بين حمل وآخر والحالة الفيزيولوجية مثل الحمل والرضاعة.

4- الأمراض المعدية والطفيلية مثل الإسهال والحصبة ودودة الصفر Ascaris والبهارسيا schistosoma.

5- العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية كالدخل والمهنة والتعليم والعادات والتقاليد والمعتقدات.

6- توفر الخدمات الصحية في المجتمع.....الخ

(1/595)

التقصيات "المسوحات" التغذوية والترصد الغذائي والتغذوي

أولا: التقصيات التغذوية في المجتمع

...

التقصيات "المسوحات" التغذوية والترصد الغذائي والتغذوي:

إن قياس الحالة التغذوية في المجتمع يتطلب الحصول على أنواع مختلفة من المعلومات السابق ذكرها. وهذه المعلومات يمكن جمعها في إطار التقصيات التغذوية، التي تجري مرة واحدة أو مرات متكررة في فترات محددة، أو في إطار نظام الترصد الغذائي والتغذوي الذي يعني الحصول على المعلومات بصفة مستمرة.

أولا: التقصيات التغذوية في المجتمع

تكون التقصيات "المسوحات" التغذوية تقصيات عرضية لاستنباط معدلات انتشار أمراض سوء التغذية ومسبباتها cross sectional prevalence surveys تقصيات طولية longitudinal surveys لتتبع الحالة بصفة مستمرة. وكلها تهدف إلى:

- التعرف على أنواع أمراض سوء التغذية المنتشرة في المجتمع سواء بسبب النقص أو الزيادة، وما هي الفئات المصابة وأماكن تجمعهان ثم أسباب انتشار هذه الأمراض.

- التعرف على الإمكانات المتاحة في المجتمع "قوى بشرية، غذاء، موارد مالية، مستويات التعليم، البنية الأساسية" وذلك لتخطيط الحلول الممكنة. لحل المشكلة أو المشكلات.

- تحديد المعطيات الأساسية للحالة التغذوية base- line nutriton and health data التي يمكن على أساسها تقييم الحالة التغذوية بصفة دورية لاكتشاف نجاح أو فشل برامج التدخل أو الإصلاح التغذوي nutriton intervention programmes

قبل البدء في إجراء التقصي التغذوي لا بد من إجراء التقييم الأولى initial assessment للحالة التغذوية. وأهم مصادر المعلومات للتقييم الأولى.

(1/596)

- الإحصاءات البيولوجية المتعلقة بالصحة والغذء والحالة الاقتصادية، على المستوى القومي أو للمنطقة التي سيجري بها التقصي، عن طريق النشر أو الاتصال الشخصي.

- نتائج التقصيات التغذوية السابقة على المستوى القومي أو في منطقة التقصي سواء بالنشر أو الاتصال الشخصي.

- بيانات الميزان الغذائي للدولة التي تبين مدى توفر الأطعمة المختلفة المكونة للغذاء ومحتواه من الطاقة والمغذيات المختلفة على مستوى الفرد. إن بيانات الميزان الغذائي لسنوات متتباعة تبين الاتجاه ومدى تطور وفرة الغذاء سواء بالنقص أو بالزيادة.

1- التخطيط للتقصيات "المسوحات" التغذوية:

إن الوقت والجهد اللذين يبذلان للتخطيط السليم للتقصيات التغذوية [1، 3] يوفران كثيرا من الوقت والجهد أثناء التنفي ويساعدان على إنجاح التقصي وتجنب المشكلات، وبناء على أهداف التقصي على الإمكانات المتاحة من القوى البشرية والمالية والوقت يمكن تحديد النقاط التالية:

- نوع التقصي، عرضي لمرة واحدة أو مرات متكررة أو طولي لفترة محددة.

- نوع الطرق المستخدمة لجمع المعلومات، هل يكتفى بالمقاييس الجسمية أو الفحوص السريرية أو المخبرية أو كلها مجتمعة. وهل ستصحبها قياسات الاستهلاك الغذائي.

- المجموعات التي ستفحص هي جميع فئات سكان المنطقة أو أعمار معينة.

- المكان الجغرافي لإجراء التقصي.

في هذه المرحلة تعد الخطة المبدئية للتقصي وتحدد فيها النقاط السابقة، كذلك يحدد فيها إن كان التقصي سيجري لمرة واحدة أو عدة مرات على فترات محددة أو سيكون أساسا لقيام نظام التوحيد التغذوي.

2- التدابير السابقة لإجراء التقصي التغذوي:

يفترض القيام بتدابير سابقة لإجراء التقصي التغذوي pre-survey arrangements حتى يأتي هذا التقصي مكتملا. ومن هذه التدابير التعرف على ميدان التقصي والتخطيط الفني والتقصي الاسترشادي.

(1/597)

أ- التعرف على ميدان التقصي:

- الاتصال بالمجتمع المحلي الذي سيجري به التقصي approach to local people

- عادة تستغرق عملية الاتصالات عدة شهور حتى يتم التفاهم مع المسؤولين الرسميين والمعنيين بأهداف التقصي، وكذلك مع المسؤولين المحليين سواء شعبيين أو سياسيين أو دينيين أو كل هؤلاء.

- في وقت محدد لا بد أن يقوم أحد المسؤوليين عن تنظيم التقصي بزيارة ميدانية للتعرف على المسؤولين في المجتمع المحلي ولجمع المعلومات الأولية عن أنماط سوء التغذية والعادات الغذائية ونمط الحياة في المجتمع بصفة مبدئية. كذلك توفير أماكن إقامة الباحثين وسبل المواصلات.

- بلغة مبسطة مفهومة يجب أن يشرح أحد المسؤولية عن التقصي التغذوي أهداف التقصي وأهميته لرفع المستوى الصحي والتغذوي للمجتمع المعني ومن الأهمية بمكان أن تكتسب ثقة القادة المحلليين ويتم إقناعهم الكامل بأهداف التقصي ليقنعوا باقي أفراد المجتمع بالتعاون مع المسؤولين عن التقصي.

- للوصول إلى التعاون الكامل مع أفراد عينة التقصي، وخاصة في التقصيات التي تتطلب الحصول على عينات من الدم أو التقصيات الطولية أو المتكررة بصفة دورية، يجب تقديم نوع من الحوافز لا تتعارض مع أهداف التقصي مثل علاج المرضى بلا مقابل أو إهداء الأطفال هدايا بسيطة نافعة.

- يجب التعرف على أوقات تواجد أفراد عينة التقصي في منازلهم أو الأماكن المناسبة لتجمعهم حتى يمكن إعداد برنامج زمني واقعي لإجراء الأنشطة المختلفة للتقصي.

ويمكن القول إنه بدون مشكلة المجتمع community participation من الصعب أن يتم إنجاز التقصي بنجاح.

- مشاركة الباحثين المحليين من العاملين في الحقل الصحي أو الزراعي. يجب أن يشارك الباحثون المحليون في جمع مراحل التقصي التغذوي بدءا من التخطيط ثم التنفيذ ثم المشاركة فيما يترتب على نتائج التقصي من برامج لرفع المستوى التغذوي في المجتمع.

- دراسة جدوى feasibiltiy تنفيذ التقصي. إن المعلومات التي تجمع أثناء التعرف

(1/598)

على ميدان التقصي field reconnaissance سوف تساعد في التعرف على مدى ملاءمة الخطة المبدئية للتقصي التغذوي مع الواقع ومدى إمكانية تنفيذها بصورتها الحالية أو بعد تعديلها.

ب- التخطيط الفني technical planning:

بناء على أهداف التقصي وعلى المعلومات التي تم جمعها أثناء التعرف على ميدان التقصي يمكن البدء في التخطيط الفني ويشمل التخطيط الفني إختيار طر التقصي selection of methods، والاسترشاد الإحصائي statistical guidance واختيار الأجهزة والمعدات selection of equipments وتكوين فرق المسح التقصي" وتنسيقها organization of survery teems ثم تدريب أعضاء فرق التقصي والتأكد من تقييس المفاهمي والطرق الفنية للتقصي training and standardization ويجب أن يكون للتقصي قائد أو مشرف team leader or survey director ينسق بين الطرق المختلفة التي يشملها التقصي، كذلك يساعد على توحيد القياسات integration of varios methods emplyed and standardization

ج- التقصي الارتيادي pilot survey:

لا بد من إجراء تقص ارتيادي في إطار التخطيط الفني حتى يمكن التأكد من ملاءمة الخطة المبدئية للمسح والتأكد من كفاءة المشاركين في التقصي، كذلك التحقق من كفاءة تصميم استمارات التقصي. وبناء على نتائج التقصي الارتيادي يمكن أن تعدل الخطة أو الاستمارات أو يعاد تدريب الباحثين.

ويوضح الشكل 2 تتباع الخطوات الهامة في تخطيط التقصيات التغذوية

(1/599)

الشكل2- تتابع الخطوات الهامة لتنفيذ التقصيات "المسوحات" التغذوية"*

* المصدر: Jelliffe et al.1989 مرجع رقم "3".

(1/600)

ثانيا: الترصد الغذائي والتغذوي

إن الترصد الغذائي والتغذوي food and nutrition surveillance آلية يتم بواسطتها الحصول على المعلومات المتعلقة بوضع الغذاء والتغذية في بلد ما بصفة مستمرة، للتمكم من رصد حالة السكان التغذوية في مناطق في مناطق البلد المختلفة رصدا دقيقا، حتى يمكن اتخاذ التدابير المناسبة كلما دعت الضرورة لذلك.

ويشكل نظام الترصد التغذوي مطلبا أساسيا للسياسة أو الاستراتيجية الوطنية للتغذية، ولا يمكن بدونه تقنين هذه السياسة أو الاستراتجية. ويستعمل هذا النظام بعض المؤشرات indicators المختارة مسبقا، ويعالج المعلومات بناء على نمط سابق التحديد " [4] .

ومع أن المؤشرات الصحية، مثل معدلات الوفيات "mortality rates ومعدلات المراضة morbidity rates، لرصد الوضع الصحي للبلد هو الآن ممارسة عامة، إلا أن الترصد الغذائي والتغذوي لا يعتبر ممارسة وطيدة حتى الآن في معظم البلدان النامية. ومع هذا فإن عددا من بلدان إقليم شرق المتوسط يبحث بجدية الحاجة إلى مثل هذا النظام كمتطلب أساسي للسياسة الوطنية للغذاء والتغذية [4] .

ويخدم نظام الترصد الغذائي والتغذوي الأهداف الآتية [5] :

- تحديد السياسة الغذائية والتخطيط للأمد المتوسط والطويل policy and planning in the medium to long tirm.

- الإنذار المبكر والتدخل للوقاية من المجاعات timelly warning add intervenrton for famine prevention.

- إدارة وتقييم البرامج programme manageement and evaluation.

1- المبادئ الاساسية لنظام الترصد الغذائي والتغذوي [6] :

- يجب أن يتأسس نظام الترصد الغذائي الترصد الغذائي والتغذوي ليخدم المتطلبات من المعلومات اللازمة لاستتباب برامج التدخل لرفع المستوى الغذائي والتغذوي، سواء كانت هذه البرامج مخططة للأمد الطويل أو للإنذار المبكر أو لإدارة وتقييم البرامج.

- إن نظام الترصد الغذائي والتغذوي يجب أن يستخد أنسب المؤشرات الحساسة. ولكي تكون المؤشرات ذات قيمة يجب أن تكون لها الخصائص التالية:

(1/601)

- متخصصة في الأمر المطلوب قياسه specific to what is intented for measurement

- حساسة للتغيير sensitive to change

- يمكن تقسيمها تحت المستوى الوطني تبعا للمناطق الجغرافية، والحالة الاقتصادية والاجتماعية، كذلك تبعا للسن والجنس.

- بسيطة ويسهل الحصول عليها، كما يسهل تفسيرها لغير المتخصصين.

2- الهيكل التنظيمي [4] :

- استخدام النظام المتاح في المجتمع لجمع المعلومات، مثلا من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية أو ما يماثلها في المجتمع.

- وحدة الترصد التغذوي المركزية وأهم وظائفه ما يلي:

- أنها تخدم كحلقة الاتصال بين آلية التخطيط وآلية التنفيذ.

- التخطيط لنظام الترصد الغذائي التغذوي.

- إدارة وتنفيذ النظام في الأماكن المختلفة.

- القيام بمعالجة المعلومات data processing، وتفسير النتائج interpretaion، وتقديم التقارير إلى المستويات الأعلى والأدنى reporting to higher and lower levels of the hietachy

3- الخطوات الأساسية لتصميم نظام الترصد:

يبين الشكل 3 تتباع المعلومات من السكان إلى مستوى صانعي القرار [6]

(1/602)

أ- ملخص الخطوات الأولية قبل البدء في تنفيذ نظام الترصد [6,4]

ويشمل القياسات الأولية "التقييم المبدئي" initial assessment للتعرف على:

- نوع وحجم وتوقيت المشاكل التغذوية.

- الفئات المعرضة للخطر at risk وخصائصها.

- أسباب حدوث سوء التغذية.

- مصادر المعلومات التي يمكن أن يبنى عليها نظام الترصد.

ب- تصميم العينة:

إن العينة العشوائية المتعددة الطبقات stratifed multistage random sample هي نسب أنواع العينات لاختيار الواحدات التي تجمع من خلالها البيانات في نظام الترصد التغذوي.

ج- تصميم التقارير:

تصمم التقارير التي سترفع من وحدات جمع البيانات حتى تصل إلى الوحدة المركزية لنظام الترصد، وعلى أساسها تصمم الاستمارات التي تجمع فيها البيانات. وهذه الطريقة تساعد في الاقتصار على جمع المعلومات المطلوبة ذات القيمة للتعرف على الحالة التغذوية واتخاذ القرار.

د- تصميم نظام جمع البيانات "المعطيات":

يجب أن تستخدم في هذا النظام كل الإمكانات المتاحة التي أصلا تجمع بيانات ثم تضاف إليها أو تعدل البيانات المطلوبة لنظام الترصد التغذوي. وعلى سبيل المثال تستخدم مراكز الرعاية الصحية الأولية "PHC" في جمع البيانات المتعلقة بالصحة، وتستخدم مراكز وزارة الزراعة في جمع البيانات المتعلقة بالغذاء.

وللتأكد من إمكانية جمع البيانات بانتظام يجب تحفيز المجتمع للمشاركة

Community participation.

هـ- تصميم جدول زمني لجمع البيانات وإصدار التقارير:

يجب أن يكون الجدول واقعيا ومتمشيا مع الإمكانات المتاحة حتى لا تتراكم البيانات دون إصدار التقارير، وحتى لا تتراكم التقارير دون اتخاذ القرار.

و تنفيذ العمليات في الميدان:

(1/603)

- تدريب العاملين.

- تأمين الحصول على الأجهزة والإمدادات.

- المراقبة والتحكم في جودة البيانات supervision and qualty control

- اتخاذ التدابير لسرعة نقل البيانات arrangements for data transit

ز- معالجة البيانات data processing:

يجب أن يشمل الناتج من البيانات والذي سيسجل في التقارير النقاط التالية:

- وصف الحالة التغذوية والغذائية الراهنة.

- توضيح الاتجاهات نحو الأحسن أو الأسوأ.

- التنبؤ بالتغيرات الممكن حدوثها في المستقبل.

- توضيح العوامل المختلفة المحددة للحالة التغذوية.

إن البيانات الموضحة في التقارير يجب ألا تختفي في وحدة معالجة البيانات Processing unit بل يجب أن تستمر في الاتجاهين من القاعدة إلى الوحدة المركزية وبالعكس، كما هو موضح في الشكل 4.

ويجب أن لا يغيب عن البال أن الترصد التغذوي ليس قليل التكلفة ولا بسيطا جدا، إذا ما أجري بجدية لغرض محدد. فهو يتطلب جهدا ضخما مستمرا على مدى الزمن لإرساء قواعده وتطويره حتى يصبح جاهزا للعمل تماما.

وقد تمضي سنوات عديدة بين لحظة وصول أول مجموعة من المعطيات وبين الوقت الذي يعمل فيه النظام على الوجه الأكمل كنظام معلومات بين القطاعات للغذاء والتغذية. وهناك ما يبرر الجهد اللازم لإنشاء نظم معلومات تغذوية، حيث أنه الخطوة الأساسية الأولى نحو إرساء أساس راسخ للوقاية. ولا يمكن تنفيذ سياسة وطنية للتغذية من دون نظام تغذوي [4] .

(1/604)

طرق قياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع

أولا: القياسات الجسمية

...

طرق قياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع:

تشمل طرق قياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع، المقاييس الجسمية والكشف السريري والفحوص المخبرية والفحوص البيوفيزيائية.

أولا: القياسات الجسمية

إن استخدام الجسمية للتعرف على الحالة التغذوية للفرد والمجتمع يعني قياس كتلة الجسم وأبعاده المختلفة التي ثبت أن لها علاقة وثيقة بالحالة التغذوية للفرد. فمثلا في مراحل النمو المختلفة للأطفال، نجد أن نمو الطفل إنما يعبر عن الصحة. إن النمو يعني الازدياد التدريجي في حجم الجسم وأعضائه، فإذا كان الطفل ينمو جيدا فمن المرجح أنه يتمتع بالصحة وأنه يتناول غذاء كافيا. وإذا لم يكن النمو جيدا فلا بد أن هناك سببا لذلك، ربما المعاناة من مرض أو عدم الحصول على طعام كاف، ويتوقف نمو الطفل قبل شهور من ظهور علامات سوء تغذية malnutrition واصحة عليه. لذلك فإن استخدام النمو كمؤشر للحالة التغذوية يعتبر مؤشرا دقيقا يساعد على الاكتشاف المبكر لسوء التغذية.

وتتفاوت الطرق المختلفة للقياسات المستخدمة في قياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع كثيرا في عددها ودرجة تعقيدها تبعا للهدف من استخدامها. فمثلا القياسات التي تستخدم لتقدير تركيب الجسم estimating body composition تكون معقدة ولا لزوم لها إلا في الأبحاث الدقيقة. أما في التقصيات التغذوية التي تجري على المجتمعات في الميدان، فيجب أن نستخدم فيها أقل عدد من القياسات وأبسطها والتي تحقق الهدف المطلوب وتكون نتائجها مفهومة للعاملين في مجال التغذية في أي مكان في العالم.

ولقياس الحالة التغذوية في المجتمع غالبا ما نركز جهودنا على الفئات الأكثر تعرضا لأمراض سوء التغذية، لأنها تمثل المرآة التي تنعكس عليها الحالة التغذوية للمجتمع ككل. فمثلا في المجتمعات التي تتعرض لأمراض سوء التغذية الناتجة عن

(1/605)

نقص الغذاء، يكون الأطفال في سن ما قبل المدرسة، ولا سيما أقل من ثلاث سنوات من العمر، أكثر الفئات تعرضا للإصابة بسوء التغذية. ولذلك نختار هذه الفئة ونجري عليها القياسات الجسمية، لا سيما الوزن والطول. أما المجتمعات التي تكون معرضة للإصابة بأمراض سوء التغذية الناتجة عن الوفرة diet related chronic non communicable diseases فإنها تصيب البالغين من السيدات والرجال وهناك كثير من دول المنطقة يتعرض أطفالها لنقص التغذية وكبارها لزيادة التغذية، لذلك فإنه من الواجب أن تشمل عينة التقصي التغذوي الأطفال الذين هم دون ست سنوات وأمهاتهم في أي مجتمع من المجتمعات.

1- فوائد القياسات الجسمية:

- طريقة عملية لاكتشاف ووصف المشكلة التغذوية في المجتمع.

- أفضل بديل لقياس القصور في المجتمع سواء من جهة الغذاء أو صحة البيئة وما يتبع ذلك من الأمراض المعدية وأمراض سوء التغذية:

- نستطيع من خلالها التنبؤ prediction على مستوى الفرد ومستوى المجتمع بما يمكن أن يحدث في المستقبل من أخطار على الصحة وضعف الأداء الوظيفي functional impairments ومعدلات الوفيات.

- في بعض الأحيان تكون أحسن مؤشر أثري impact indicator للدلالة على نجاح أو فشل برامج تحسين الحالة التغذوية في المجتمع.

2- طرق القياسات الجسمية:

تشكل القياسات التالية أسهل وأسرع القياسات وأكثرها تداولا إذا توفر لها عاملون مدربون يتبعون الإجراءات المعيارية standard procedures.

- حجم وكتلة الجسم ويمثلها الوزن.

- القياسات الطولية وأهمها الطول.

- تكوين الجسم ومخزونه من الطاقة والبروتين ويمثلها ثخن الجلد ومحيط الذارع.

أ- الوزن:

إن قياس الوزن weight كأداة لتقييم الحالة التغذوية للفرد والمجتمع هو أكثر الطرق شيوعا. ويتعين أن تكون الموازين المستخدمة في الميدان قوية التحمل،

(1/606)

دقيقة في حدود المطلوب "0.1 كيلو غرام". ويجب أن نتأكد من سلامتها مرتين على الأقل خلال يوم العمل باستخدام كتل معروفة الوزن خصيصا لهذا الغرض. كما يجب التأكد قبل الوزن أن يكون المؤشر عند علامة الصفر.

يفضل استعمال الميزان ذي الذراع beam balance، ولكن هناك ميزان سولتر الزمبركي Salter scale الذي يقيس حتى 25 كيلو غرام ويناسب الأطفال في سن ما قبل المدرسة في الميدان لسهولة حمله ونقله وتوفر رباط خاص يحمل منه الطفل. من الهام جدًّا أن يكون للميزان أداة لقفلة locking devece قبل نقله حتى لا يتلف مع الحركة. وهناك أيضا موازين إلكترونية دقيقة ولكن مرتفعة الثمن، يمكن نقلها وتصلح للعمل في المجتمع. إن المزيان ذا الذراع أو الميزان الإلكتروني يتطلب أن يرتكز على سطح مستو مثل منضدة أو قاعدة خشبية متحركة الأرجل تصنع محليا خصيصا لهذا الغرض. أما ميزان سولتر فيمكن تعليقه على حامل حديدي متحرك أو عصا يحملها إثنان أو غصن شجرة مثلا. أما للبالغين فيستخدم الميزان ذو الذراع إذا كان المسح يقام في مكان تجمع بالميدان، مثل مدرسة أو مركز صحي. أما إذا كان من منزل إلى منزل فيستخدم ميزان زمبركي أو إلكتروني مثل ميزان الحمام الذي يسهل حمله.

إن الطريقة الأمثل لوزن الشخص هو أن يكون بلا ملابس أو حذاء أو حلى "في حالة السيدات"، ولكن غالبا ما يتعذر ذلك في دول المنطقة، لذا يبقى غالبا على الملابس الداخلية معروفة الوزن وتطرح من الوزن الكلي. ويفضل بالنسبة لتلاميد المدارس والبالغين ألا يقاس الوزن بعد تناول وجبة ثقيلة.

ب- الطول:

يستخدم للأطفال الكبار والبالغين مقياس للطول length على هيئة عمود ملحق بالميزان، وهذا يناسب العمل في أماكن التجمع. أما في العمل المتنقل من منزل إلى منزل فيستخدم المقياس الخشبي الذي يصلح للكبار والصغار لأنه مكون من جزئين، جزء للأطفال ويمكن إضافة جزء آخر إليه لإطالة المقياس ليناسب الكبار. وبعد خلع الحذاء يقف الشخص على أرض مستوية معتدلا أمام المقياس، بحيث تكون قدماه ملتصقتين، وتكون مؤخرة رأسه وظهره وعقبه "كعبه" ملامسة للقائم الخشبي، كما يكون رأسه في وضع رأسي سليم، بحيث يكون المستوى الأدنى للحجاج orbit في نفس المستوى الأفقي للقناة الخارجية للأذن. ويجب أن

(1/607)

تكون الذراعان في وضع طبيعي، متدليتين، وملامستين للجسم، وتحرك الرأسية head piece إلى أسفل حتى تلامس أعلى الرأس. وإذا كان الشعر سميكا، يجب أن يؤخذ ذلك في الاعتبار، ويجب ألا يقل الطول عن مترين ويقيس حتى حدود 0,5 سنتيمتر. [1,3,7S] .

أما للأطفال أقل من سن سنتين فيقاس الطول والطفل مستلق على ظهره على مقياس الطول الموضوع على سطح مستو، ويثبت الرأس بحيث ينظر الطفل إلى أعلى وتكون ركبتاه ممدودتين وملامستين للمقياس بواسطة الضغط بيد المساعد أو بيد الأم. وتكون القدمان في وضع رأسي يكون زاوية قائمة مع الساق. يحرك الجزء الخاص بالقدم foot piece حتى يلامس القدم ويقرأ الطول إلى أقرب 0,1 سنتيمتر. إن الحصول على طول دقيق للطفل في الميدان يستلزم منتهى الدقة ومساعدة الأم أحيانا. وهناك كثير من الأجهزة المتطورة مثل مقياس infantomter ولكنها لا تصلح للميدان، ويمكن استخدامها في المراكز الصحية المتطورة.

ج- محيط الذراع:

يقاس دائما محيط الذراع اليسرى في منتصف المسافة بين أخرم عظمة الكتف acromion of the scapula وعظمة المرفق "الزج olecranon of the ulna" الشكل 5"، وذلك لتفادي تغير محيط الذراع الأيمن من تضخم العضلات تبعا للنشاط من شخص لآخر. كذلك لأن المعايير المرجعية reference standards قيست على الذراع اليسرى. وعند تحديد نقطة القياس، تكون الذراع في وضع زاوية قائمة عند المرفق. أما عند القياس فتكون الذراع متدلية بجانب الجسم كما هو مبين في الشكل، وتقارن القياسات بالمعايير المرجعية. ويقل محيط الذراع عن المعدلات المثالية في حالات سوء التغذية الناتج عن نقص البروتين والكالوري، ويزيد في حالات البدانة. ويشترط أن يكون الشريط المستخدم من مادة لا تتمدد مثل الفولاذ الذي لا يصدأ stainless steal [3] .

د- ثخانة الجلد:

يمكن أن ثخن الجلد skinfold thickness في عدة أماكن، ولكن أكثر الأماكن شيوعا هو العضلة ثلاثية الرءوس triceps عند منتصف المسافة بين الأخرم acromion والزج olecranhon. ويستخدم لذلك جهاز خاص لقياس ثخن الجلد يقيس طبقتين من الجلد، وما تحت الجلد من طبقة دهنية subcutaneous fat

(1/608)

وتقارن القياسات بالمعدلات المعيارية standatds. ويكون ثخن الجلد أقل من المعدلات المعيارية في حالات سوء التغذية الناتج عن قصور البروتين والكالوري ويزيد عليها في حالات البدانة.

ويجب أن يكون جهاز قياس ثخن الجلد دقيقا ويقرأ حتى 0,1 مليمتر، ويكون له معدل ضغط ثابت بمقدار 10 غرامات في المليمتر مربع. وهناك أنواع مختلفة من الأجهزة وهي مرتفعة الثمن مثل هاربندر ولانج Harpender, Lange ولكن ظهرت حديثا أنواع قليلة التكاليف من البلاستيك [3] .

3- طرق وأدوات تسهل عملية القياسات الجسمية لقياس الحالة التغذوية:

من الأدوات التي تسهل عملية القياسات الجسمية اللوحة الجدارية للوزن مع الطول weight for height wall chart، كذلك لوحو الوزن مع السن. وعيوب هذه اللوحة أنها تكون مثبتة على الحائظ في المركز الصحي مثلا، ولا تنقل من منزل لآخر. كذلك فإنه في بعض الدول النامية تكون الموازين ومقاييس الطول غير متوفرة، لذلك فقد ابتكر شاكر Shakir في عام 1975 شريطا من مادة لا تتمدد مع الاستعمال، ملونا بالأخضر والأصفر والأحمر ويصلح لقياس محيط ذراع الأطفال من سن 12 إلى 60 شهرا. ويمكن تصنيعه محليا باستعمال جزء من فلم أشعة قديم ويلون حسب الثقافة المحلية local culture وقد بني هذا المقياس على أساس أن

(1/609)

الطفل من سن سنة إلى خمس سنوات في المجتمعات المتقدمة التي يتمتع فيها الأطفال بصحة جيدة لا يزيد محيط الذراع إلا بمقدار قليل. لذلك فإن محيط الذراع الأقل من 12,0 سنتيمترا يلون باللون الأحمر ويدل على سوء تغذية الناتج عن قصور البروتين والكالوري. ومحيط الذراع بين 12.5 و 13.5 سنتيمترا يلون اللون الأصفر ويدل على احتمال التعرض لسوء التغذية في وقت قريب إذال لم تتخذ الإجراءات الوقائية. أما محيط الذراع الأكثر من 13.5 سنتيمترا فيلون باللون الأخضر ويدل على حالة تغوية طبيعية من جهة البروتين والكالوري.

والقياس بهذه الطريقة غير دقيق لتتبع حالات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. ولكن تبرز قيمته في عملية التفرس "الفرز" screening للتعرف على حالات سوء التغذية التي يجب تحويلها على مراكز الرعاية الصحية الأولية لعلاجها وتأهيلها غذائيا nutrition rehabilitation ,ومتابعتها على لوحات النمو growth charts.

4- محدودية استخدام مؤشرات القياسات الجسمية:

إن المؤشرات المستخلصة من القياسات الجسمية لمرة واحدة يمكن أن ترشدنا إلى التعرف على الأطفال المعرضين لخطورة الموت أو المرض risk of death or morbidity ولكن هذه المؤشرات لا تعبر عن الحالة التغذوية بكل جوانبها. وهناك كثير من وظائف الجسم الحيوية مثل، النشاط، والحركة، والنمو، وصيانة وتعويض الأنسجة، وكثير من العمليات الفيزيولوجية والبيوكيميائية التي تتم في الجسم، تعتمد على إمداد الجسم بالطاقة والعناصر الغذائية المختلفة. إن هذه الوظائف لا يمكن قياسها بسهولة، لذلك فإننا نعتمد على المؤشرات الخارجية التي تدلنا على ما يجري داخل الجسم من علميات حيوية. وتعتبر القياسات الجسمية من أهم هذه المؤشرات.

لقد ثبت أنه فيما عدا حالات المجاعات، فإن القياسات الجسمية التي تقاس لمرة واحدة لا يمكن أن تدلنا على جميع الحالات المعرضة لخطر الموت أو المرض أو تفرق بينها وبين الحالات غير المعرضة للخطر في المجتمع. فمثلا إذا استخدمنا الفيصل المنخفض cut- off point، أي الفيصل الذي يميز الحالات الشديدة من النحافة وقصر القامة severely wasted and severely stunted فإنه في هذه الحالة سنفقد بعض الحالات المعرضة للخطورة دون أن نتعرف عليها. وفي هذه الحالة فإن المؤشر المستخدم يكون غير حساس insensitive. أما إذا استخدمنا الفيصل المرتفع الذي يميز الحالات التي تعاني من درجات بسيطة ومتوسطة من

(1/610)

سوء التغذية، فإن نسبة أكبر من الأطفال المعرضين للخطر سنتعرف عليها، ولكن نسبة كبيرة منهم لن تكون معرضة لخطر الموت. في هذه الحالة يكون المؤشر غير نوعي non- speciffc لذلك فإنه من المؤكد أن قدرة هذه المؤشرات الجسمية التي تستخلص من قياسات أجريت لمرة واحدة في التعرف على الحالات المعرضة للخطورة تكون محدودة، فهي غير حساسة وغير نوعية في كثير من الأحيان. لذا فإنه يفترض تتبع وزن الأطفال والحوامل بصفة دورية متكررة. ومن هذا نستنبط أن عدم زيادة الوزن لعدة مرات متتالية يكون مؤشرا أكيدا للتعرض للخطر. أي أن الطفل سيواجه المرض أو الموت في القريب العاجل إذا لم تتخد التدابير الوقائية والعلاجية.

5- اختيار القياسات المعيارية، والمؤشرات والفياصل:

- يجب أن تقارن القياسات الجسمية بالقياسات المعيارية العالمية، حتى ولو كان هناك قياسات معيارية محلية. والقياسات المعيارية العالمية الموصى باستعمالها هي القياسات التي أوصت باستخدامها منظمة الصحة العالمية [10] وهي صادرة عن المركز القومي للصحة والإحصاء في الولايات المتحدة National Centre for Health Statisitic"NCHS"، وهذه التوصية بنيت على أساس العديد من الأبحاث في الدول النامية التي أوضحت أن الأطفال الذين يتمتعون بالتغذية السليمة والرعاية الكافية لحمايتهم من الأمراض في أي مكان في العالم تتماشى معدلات نموهم مع القياسات المعيارية العالمية.

- يجب أن تقارن القياسات المستنبطة من المجتمع، محل الدراسة، بقياسات الجمهرة المرجعية reference population على أساس حساب درجات الإنحراف المعياري standdrd deviation scores "Z- scores" لا على أساس المئوية من الناصف المعياري Percentage of median كما كان يتبع في الدراسات سابقا.

ونبين فيما يلي اختيار المؤشرات والفياصل تبعا للحالات المختلفة.

أ- في حالات الطوارئ:

- في حالات الطوارئ emergency situations التي تؤثر على إمدادات الغذاء في المجتمع فإن مؤشر النحافة wasting أي الوزن بالنسبة للطول weight

(1/611)

For length height يمكن أن يتنبأ بالتعرض للخطر أكثر من مؤشر الطول بالنسبة للسن length or height for age وإذا تعذر قياس الطول، يمكن في هذه الحالة استخدام مؤشر الوزن بالنسبة للسن weight for age أو محيط الذراع.

إذا كان قياس الحالة التغذوية يتم في مخيم اللاجئين أو المتضررين، فإن جميع الأطفال دون سن الخمس سنوات يجب قياسهم. إن النحافة تدل على الحالة التغذوية الراهنة، أما التقزم "قصر القامة" فيدل على نقص في الغذاء حدث في الماضي. أما إذا صاحب قصر القامة النحافة فهذا يعني أن سوء أو نقص التغذية الذي حدث في الماضي ما زال مستمرا أو انتهى ولكن تكرر في الوقت الحالي.

- إذا كان هناك وفرة من الإمكانات للتدخل لمعالجة كل الحالات المعرضة للخطورة فإننا نستعمل الفياصل المعتادة وهي أقل من -2 ح من الناصف المرجعي "-2 SD of reference median"

أما إذا كانت الإمكانات المتحة محدودة ولا تكفي كل هذه الأعداد، فإنه في هذه الحالة يمكن أن نخفض الفيصل إلى -2.5 ح أو -3 من الناصف المرجعي علما بأن -2 تقابل 80% من الناصف المرجعي، و -3 ح تقابل 70% من الناصف المرجعي.

ب- تحري الحالات المعرضة للخطر بهدف تدخل برامج الإصلاح في الأحوال العادية، وفرز الأطفال بهدف التدخل السريع المباشر لمعالجة سوء التغذية:

القياس لمرة واحدة. إذا كان في الإمكان قياس الطول للأطفال الأقل من سنتين في العمر، يمكننا فرز الأطفال واختيار الأطفال المحتاجين إلى التدخل السريع على أساس قياس الوزن بالنسبة للطول weight- for - height واختيار الأطفال النحاف -2 ح من الناصف المرجعي، كذلك قياس الطول بالنسبة للسن لاختيار الأطفال المتقزمين stunted، أي أقل من -2 ح من الناصف المعياري للطول بالنسبة للسن. وسيستفيد كلا الفئتين من التدخل التغذوي. أما الأطفال الأكبر من سنتين، فإن اختيار الأطفال النحاف "-2 ح من الناصف المرجعي للوزن بالنسبة للطول" ضروري. وفي حالة توفر الإمكانات فإن اختيار الأطفال قصار القامة "-2 ح من الناصف المرجعي للطول بالنسبة للسن" أيضا يمكن أن يفيدهم التدخل

(1/612)

الغذائي بتحسين نشاطهم ومناعتهم للأمراض improved activity and immunity

في حالة تعذر قياس الطول، يستعاض باختيار مؤشر الوزن بالنسبة للسن للأطفال الأقل من سنتين. واختيار مؤشر محيط الذراع بالنسبة للسن للأطفال الأكبر من سنتين. وإذا كانت إمكانات التدخل التغذوي محدودة يمكن أن نخفض حد الفيصل ليكون -2.5 أو 3 ح بدلا من -2 ح من الناصف المرجعي.

القياس لمرات متكررة لبيان اتجاه نمو الأطفال. وتستخدم لهذا الغرض لوحات النمو، وهناك عدة أنواع ولكن يفضل استعمال لوحة النمو الموصى بها من منظمة الصحة العالمية، المفصلة والمختصرة تبعا لمستوى جهاز الرعاية الصحية الأولية "الشكل 6".

وجدير بالتنويه أن نوضح أن استواء خط النمو أو اتجاهه إلى أسفل يعتبر علامة خطرة ويتطلب التدخل السريع لعلاج الطفل من المرض وتحسين غذائه. كذلك نؤكد أن ازدياد وزن الطفل مع العمر أكثر أهمية من الوزن في أية مناسبة واحدة. وبنفس المعنى نؤكد أن اتجاه خط النمو أكثر أهمية من مواقع النقاط على لوحو النمو.

ولمزيد من التفاصيل عن كيفية رصد الوزن على لوحة النمو يرجع إلى الكتاب الصادر عن منظمة الصحة العالمية عن دلائل تدريب العاملين بإصحاح المجتمع في مجال التغذية "1988".

القياسات الجسمية بهدف التخطيط للأمد الطويل في المجتمع:

للأطفال- يمكن استخدام القياسات الجسمية للتعرف على المناطق المعرضة للخطر من سوء التغذية في مجتمع من المجتمعات، أو على نطاق الدولة بأكملها، وذلك بهدف التخطيط للأمد الطويل. ويمكن في هذه الحالة تقسيم المناطق حسب معدلات انتشار سوء التغذية فيها لتحديد الأولويات والمناطق المستهدفة لبرامج الإصلاح التغذوي.

(1/613)

في هذه الحالة لا بد من اختيار عينة عشوائية ممثلة للمجتمع. وتبعا للمعلومات المطلوبة ونوعية برامج الإصلاح المنتظرة يمكن أن نختار العينة من فئة العمر أقل من سنتين أو أقل من ثلاث سنوات، أو تمتد لتشمل سن ما قبل المدرسة. والمؤشر المستخدم بهدف التخطيط للأمد الطويل هو الطول بالنسبة للسن، وفي حالة تعذر قياس الطول يكون الوزن بالنسبة للسن.

وفي بعض الأحوال الخاصة، مثل التعرف على المشكلات المحيطة بالحمل والولادة، يمكن اختيار وزن الوليد أو طول الوليد birth weight or birth length، وفي جميع الأحوال فإن الفيصل -2 ح من الناصف المرجعي هو المفضل.

يتم تحليل القياسات ويقدم تقرير به معدلات الانتشار لسوء التغذية الناتج عن قصور البروتين والطاقة. وتستخدم القياسات المعيارية التي أوصت باستخدامها منظمة الصحة العالمية كما سبق ذكره، ويوصى باستعمال قيمة وحدة الإنحراف المعيارية "Z- score" كما أوضحنا من قبل ولكن يجب هنا التنويه بما كان يستعمل في السنوات السابقة من تقسيمات تنسب إلى مخترعيها مثل غوميز ووترلو، حث كانت تعتمد على مقارنة القياسات الواقعية كنسبة مئوية من القياسات المعيارية.

فتصنيف الحالة التغذوية بالوزن مقابل العمر "نمط غوميز" [11] Gomez weight - for age classifcation يعتمد على النسبة المئوية من الوزن المرجعي للسن كفيصل.

90 % أو أكثر من الوزن المرجعي للسن: طبيعي. بين 75 و90 % من الوزن المرجعي للسن: سوء تغذية من الدرجة الاولى بين 60 و 75 % من الوزن المرجعي للسن: سوء تغذية من الدرجة الثانية أقل من 60 % من الوزن المرجعي للسن: سوء تغذية من الدرجة الثالثة

ونظرا لبدء انتشار زيادة الوزن بين الأطفال في السنوات الأخيرة في بعض دول المنطقة، فقد تم تقسيم الفئة 90% فما فوق إلى:

من 90 إلى 110% من الوزن المرجعي: طبيعي

من 110 إلى 120% من الوزن المرجعي: وزن زائد 120% فما فوق من الوزن المرجعي: بدانة واعتبر هذا تحويرا لتصنيف غوميز الأصلي

(1/615)

ويحتاج الأطفال من الدرجة الثانية والثالثة إلى تدخل سريع، ومن الدرجة الأولى إلى مزيد من الاهتمام بالتغذية

كذلك نشير إلى تصنيف ووترلو Waterlow classifcation [12] ولو أنه أقل شيوعا من تصنيف غوميز، ولكن له أيضا قاعدة انتشار. وفي هذا التصنيف يستعمل مؤشرا الطول مقابل السن ومؤشر الوزن مقابل الطول في وقت واحد. وفيما يلي النمط المبسط لتصنيف ووترلو الذي يقسم الأطفال إلى 4 مجموعات هي التالي:

أما التصنيف التفصيلي لووترلو فهو كما يلي:

الطول مقابل الوزن الوزن مقابل الطول

درجة التقزم درجة النحافة

النسبة المئوية "الدرجة" 90% "صفر" 80-90 % "1" 70-80% "2" 70% "3"

95% "درجة 0"

90-95% "درجة 1" طبيعي نحافة

85-90% "درجة=2"

85% "درجة= 3" تقزم نحافة وتقزم

يحتاج وجود أطفال نحاف في المجتمع سواء كانوا متقزمين أو غير متقزمين إلى تدخل سريع، بينما يحتاج الأطفال المتقزمين إلى تدخل على الأمد البعيد.

أما التقسيمات المبنية على موقع الشخص من منحنى التوزع الاعتيادي للعينة الممثلة 100% من الجمهرة المرجعية normal distribution curve of reference

(1/616)

Population فهي غير مناسبة للاستعمال في الدول النامية إذا كانت القياسات المعيارية الدولية المستنبطة من الدول الغنية هي المستعملة، مثل NCHS WHO لأنه في هذه الحالة نجد كثيرا من الأطفال تقع أوزانهم أو أطوالهم أقل من 3% أو 5% من الشريحة المئوية الثالثة أو الخامسة 3rd or 5 th percentile وبذلك نجد مجموعة كبيرة منهم لا يمكن تصنيفها حسب درجة سوء التغذية [9] .

للبالغين. يفضل أن تحلل قياسات الوزن والطول في البالغين لقياس الحالة التغذوية في المجتمع بطريقة منسب كتلة الجسم body mass index وهي تعني: الوزن بالكيلو غرام مقسوما على مربع الطول بالمتر.

وقد أجمعت المصادر العلمية [5] على أن يكون الفيصل هو منسب كتلة الجسم 18.5 ,16 بمعنى أن منسب كتلة الجسم أعلى من 18.5 يعبر عن حالة تغذوية جيدة وبين 16 و18.5 يحتاج إلى التحري عن الاستهلاك الغذائي لمعرفة الأسباب، أما تحت 16 فيعبر عن حالة من العوز المزمن للطاقة chronic energy deficiency.

كذلك في حالات سوء التغذية الناتج عن الإفراط في استهلاك الغذاء والذي ينتج عن البدانة فقد أوصت منظمة الصحة العالمية [4] بناء على تقسيم غارو باستعمال تصنيف السمنة في البالغين تبعا لمنسب كتلة الجسم كما يلي:

تصنيف السمنة في البالغين

(1/617)

ثانيا: التقييم السريري

يهدف قياس الحالة التغذوية عن طريق التقييم السريري clinical assessment التعرف على التاريخ المرضي أو التاريخ الطبي medical history، ثم الكشف الطبي. ومن هذين المكونين يمكن التعرف على الأعراض المرضية وهي ما يحس به الشخص، ثم على العلامات الطبية وهي ما يلاحظه الطبيب أو الباحث المدرب وهذه القياسات تجري في البحوث الميدانية في المجتمع، كذلك في المستشفيات أو في المراكز الصحية. وتكون العلامات الطبية والأعراض المرضية ذات قيمة في الحالات المتقدمة من سوء التغذية. وهنا يجب التنويه أن كثيرا من العلامات الطبية لأمراض سوء التغذية تكون غير نوعية non specifc، ولذلك يجب الاستعانة بالقياسات الجسمية والفحوصات المعملية "المخبرية" والقياسات الغذائية قبل الوصول إلى تشخيص diagnosis معين [8] .

1- التاريخ الطبي:

في الطب السريري clinical medicine يؤخذ التاريخ الطبي من المريض أو من السجلات الطبية. أما في التقصيات التغذوية الميدانية، فإن التاريخ الطبي يسجل عن طريق استبيان يتم من خلال المقابلة الشخصية، سواء في المنزل أو في مكان تجمع لإجراء التقصي التغذوي.

فمثلا تدلي الأمهات بمعلومات عن أبنائهن، مثل تغذية الطفل وفطامه، الرضاعة الطبيعية أو البديلة، تاريخ إصابتهن بالأمراض المعدية، وتاريخ اللقاحات، كذلك تاريخ الإصابة بالطفيليات. ومن ضمن المعلومات القيمة التي يمكن أن تدلى بها الأمهات وزن الوليد أو طوله عند الولادة.

أما بالنسبة للإثات أو الأمهات، فمن ضمن المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها الباحث من التاريخ الطبي، السن عند الإحاضة "بدء الحيض"، وعدد مرات الحمل ومصيره، والفترة بين حمل وآخر، واستعمال وسائل تنظيم الأسرة وخاصة حبوب منع الحمل.

2- الفحص الفيزيائي:

إن الفحص الفيزيائي physical examination الهادف لاكتشاف علامات سوء التغذية، والتي عرفها جيلييف [1] "بالتغيرات التي تحدث نتيجة سوء التغذية والتي يمكن رؤيتها أو الإحساس بها في النسيج الظهاري السطحي superficial epetheliah tissue خاصة في الجلد، والعين، والشعر، والغشاء المخاطي للفم superficial epithelial tissue خاصة في الجلد، والعين، والشعر، والغشاء المخاطي للفم buccal mucosa أو في حالة الأعضاء الداخلية القريبة من السطح مثل الغدة الدرقية thyroid gland أو الغدة النكفية parotid gland".

ويمكن الرجوع إلى المراجع [1] و [3] حيث توجد قائمة تفصيلية بعلامات

(1/618)

سوء التغذية التي أوصت باستخدامها منظمة الصحة العالمية [13] ، بالإضافة إلى صور توضح هذه العلامات.

3- العوامل التي تحد من قيمة الفحص الفيزيائي:

يمكن الاعتماد في التفصيات التغذوية على باحثين مدربين لاكتشاف علامات سوء التغذية، وليس بالضرورة أن يكونوا أطباء بشرط أن يكون تدريبهم قد تم بصورة مكتملة ويكون عملهم تحت إشراف مستمر.

ويعتبر الفحص الفيزيائي طريقة غير دقيقة لقياس الحالة التغذوية وذلك للأسباب الآتية [8] :

أ- عدم نوعية علامات سوء التغذية:

ويعتبر هذا عاملا مهما يقلل من قيمة الكشف الطبي وخاصة في حالات سوء التغذية البسيط والمتوسط. فهناك بعض العلامات تنتج عن نقص أكثر من عنصر غذائي، فمثلا المث الأنفي الشفوي nasolabial seborrhea ينتج عن عوز فيتامينات البيريدوكسين والريبوفلافين أو النياسين، وتشقق الصوار "الشفاه" cheilosis والتهاب زوايا الفم angular stomatitis يمكن أن ينتجا عن عوز الريبوفلافين أو النياسين أو حمض الفوليك أو فيتامين B12. وهناك علامات أخرى يمكن أن تنتج عن عوامل غير غذائية مثل الطقس، الذي قد يسبب ما يشب بقع بيتو Bitot's spots التي تنتج عن عوز فيتامين A.

ب- تعدد علامات سوء التغذية:

في بعض الأحيان يمكن أن يعاني الشخص من عوز غذائي لأكثر من عنصر في نفس الوقت، مثل عوز البروتين مع عوز الزنك، أو عوز الريبوفلافين مع النياسين مع عوز فيتامين C. وهذا يؤدي إلى تعدد العلامات التي تؤدي إلى صعوبة التشخيص.

ج- عدم توحيد أسس التشخيص بين الفاحصين:

يتأثر تشخيص علامات سوء التغذية تبعا لتوحيد الأسس بين الباحثين. فمثلا الفاحصون قليلو الخبرة يمكن أن يشخصوا علامات بسيطة غير مؤكدة، بينما لا يشخص الفاحصون الأكثر خبرة إلا العلامات الواضحة الناتجة عن العوز الشديد.

(1/619)

ويمكن التغلب على هذا بالتدريب السليم للباحثين وتوحيد الأسس التي يستند عليها التشخيص. كذلك يمكن أن يضطرب التشخيص إذا كان المطلوب تقسيم علامات سوء التغذية إلى درجات تبعا لشدة النقص. لذلك يوصى بعدم تقسيم العلامات إلى درجات ويكتفى بالإيجاب أو النفي، إلا في الحالات التي يمكن قياسها مثل تضخم الغدة الدرقية.

د- الاختلاف في نمط علامات سوء التغذية:

لا توجد مجموعة من العلامات الموحدة لكل الأعمار في كل البلدان، لذلك يمكن أن تختلف الصورة التي تظهر بها علامات سوء التغذية نتيجة نقص عنصر غذائي معين تبعا لعوامل وراثية، ومستوى النشاط، والبيئة، والنمط الغذائي، والسن، ودرجة ومدة وسرعة حدوث سوء التغذية [8] .

هـ- تأخر ظهور علامات سوء التغذية:

لا تظهر علامات سوء التغذية إلا في مرحلة متأخرة من بدء حدوث العوز في عنصر أو أكثر من العناصر الغذائية. ففي حالة حدوث عوز في عنصر من العناصر الغذائية، أوليا كان أم ثانويا، يكون هذا العوز تدريجيا في أنسجة الجسم، وهنا يمكن اكتشافه بالفحوص المخبرية في الدم أو البول، وإذا لم يعالج يؤدي إلى تغيرات بيوكيميائية التي يمكن اكتشافها بالفحوصات المخبرية التي تبين نقصا في بعض أنشطة إنزيمات معينة أو تغيرا في مستوى نواتج عملية الاستقلاب الغذائي. أما آخر مرحلة فتكون ظهور علامات سوء التغذية التي يمكن تشخيصها سريريا.

4- تصنيف وتفسير علامات سوء التغذية:

قسمت منظمة الصحة العالمية علامات سوء التغذية الأكثر شيوعا إلى ثلاث مج موعات [8، 3"] .

المجموعة الأولى: علامات تدل على احتمال حدوث عوز في واحد أو أكثر من العناصر الغذائية.

المجموعة الثانية: علامات تدل على احتمال حدوث سوء تغذية لمدة طويلة مرافق لعوامل أخرى.

المجموعة الثالثة: علامات ليس لها علاقة بالحالة التغذوية ويجب أن تفرق

(1/620)

عن علامات سوء التغذية عند التشخيص.

ونكتفي عادة في التقصيات التغذوية بالاهتمام بالمجموعة الأولى فقط.

ولتسهيل عملية تفسير دلالة علامات سوء التغذية قسمت إلى مجاميع كل مجموعة تنتمي إلى عوز عنصر معين من العناصر الغذائية. وعموما فإنه بالنسبة لشخص ما كلما زادت علامات سوء التغذية التي تنتمي إلى المجموعة الواحدة زادت الاحتمالات بأن هذا الشخص يعاني في عوز في هذا العنصر.

وفي حالة عوز اليود هناك مشكلة صحية تغذوية تستدعي التدخل إذا كان معدل انتشار تضخم الغدة الدرقية المرئي أكثر من 10%. ولكن يفضل الاستعانة بتقديرات معدل اليود في البول. وفي حالة عوز فيتامين A، تعتبر هناك مشكلة صحية تغذوية إذا كان معدل انتشار العشى الليلي أكثر من 1% أو بقع بيتو أكثر من 0,5 % أو جفاف القرنية وتقرحها أكثر من 0.01% أو تندب القرنية أكثر من 0.05%.

(1/621)

ثالثا: الفحوص المخبرية

إن الفحوص المخبرية laboratory tests المتعلقة بالتغذية تنتمي إلى الفحوص البيوكيميائية والفحوص المتعلقة بالدمويات himatological والمتعلقة بالطفيليات parasitological، ولكننا في هذا المجال سنكتفي بالفحوص البيوكيميائية في البول والدم واستخدامها في تقييم الحالة التغذوية للفرد والمجتمع. وتبرز أهمية الفحوص البيوكيميائية، كأداة لقياس الحالة التغذوية، من الحقيقة العلمية التي تفيد أن التغيرات البيوكيميائية التي تحدث في الجسم نتيجة سوء التغذية تكون من أولى التغيرات التي تسبق حدوث أن تغيرات سريرية. [15.3] .

ويمكن تقسيم أنواع الاختبارات المعملية التي تجرى لاكتشاف حدوث نقص أو زيادة في أحد العناصر الغذائية إلى المجموعات التالية [16] :

- قياسات مستوى العنصر الغذائي في الدم.

- قياس كمية العنصر الغذائي التي تخرج في البول.

- قياس ناتج من نواتج الاستقلاب للعنصر الغذائي في البول.

- قياس ناتج من نواتج الاستقلاب غير الطبيعية التي تظهر في البول أو الدم نتيجة النقص الغذائي للعنصر.

- قياس تغيرات في مكونات الدم أو أنشطة بعض الإنزيمات التي هلا علاقة بما

(1/621)

يتناوله الفرد من العنصر الغذائي.

- اختبارات درجة تشبع الجسم من العنصر الغذائي load saturaation tests.

وكل من هذه الاختبارات التي تستخدم كمؤشرات للحالة التغذوية للفرد والمجتمع، له مزاياه وله عيوبه. لذلك فهناك مزيد من الأبحاث للتوصل إلى اختبارات مأمونة وحساسة safe and sensitive يمكن أن تشير إلى معلومات ملموسة عن علاقة الاستهلاك الغذائي بالصحة.

1- اختيار العينات:

في التقصيات الميدانية يجب الأخذ في الاعتبار نوع العينات المطلوبة للتحليل المخبري، لأن العينة يجب أن تعكس الحالة التغذوية للفرد، ولكنها في نفس الوقت يجب أن تكون سهلة المنال. ولذلك فإننا نتجه إلى قياس عينات الدم والبول. وحديثا استخدمت عينات من الشعر والأظافر [17] ، والدهون تحت الجلد، والكبد [9.18] والعظام [20] ، لقياس عوز بعض العناصر الغذائية مثل البروتين والزنك ... إلخ. ولكن للتقصيات الميدانية فإننا نكتفي بعينات الدم والبول.

من المفضل عند إجراء الفحوص المخبرية على عينات البول، أن يتم جمع البول كميا لمدة 24 ساعة، فإن ذلك يعطي تقديرات دقيقة عن عوز العناصر الغذائية، ولكن في التقصيات الميدانية فإن ذلك يكون صعب الحصول. أما البديل لذلك فهو جمع عينات عشوائية random samples من البول. إلا أن هناك كثيرا من العوامل التي تحد من قيمة هذه الطريقة، أهمها حجم العينة، والنشاط الجسماني للشخص، وكمية السوائل المستهلكة قبل الحصول على العينة، وتوقيت الحصول على العينة. وكل هذه العوامل تؤثر على مقدار تركيز العنصر الغذائي في العينة. ويمكن التغلب على هذه العوامل تؤثر على مقدار تركيز العنصر الغذائي في العينة. ويمكن التغلب على هذه العوامل إلى حد ما بالحصول على عينة من البول بعد الاستيقاط من النوم مباشرة في الصباح، وذلك لتفادي الاختلافات في النشاط الجسماني وكمية السوائل المستهلكة قبل أخذ العينة مباشرة.

ولتفادي الاختلافات في كمية البول وتأثير ذلك على تركيز العناصر الغذائية في البول، فقد أمكن أن ينسب تركيز العنصر الغذائي محل البحث إلى الكرياتينين في البول. وقد بني هذا التصرف على أساس أن كمية الكرياتينين اليومية في البول تكون إلى حد ما ثابتة، وبذلك يمكن أن ينسب تركيز العنصر الغذائي إلى بول 24 ساعة. وعموما فإن حجم أو كمية البول المستخرج واختلافاتها تمثل مشكلة في

(1/622)

البحوث الميدانية. أما في البحوث التي تتم داخل عنابر الاستقلاب الغذائي metabolic wards فإنه يمكن جمع كل كميات البول خلال 24 ساعة أو 72 ساعة، كما في حالات تقدير الميزان النيتروجيني أو ميزان الطاقة nitrogen balance or energy balance أو أي من العناصر الغذائية قيد البحث، بجانب جمع كل ما يستهلك من طعام في نفس المدة وتحليل العنصر الغذائي المطلوب.

وفي حالة استخدام عينات الدم لقياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع، فإنه يمكن استخدام الدم أو البلازما أوالمصل serum أو كريات الدم الحمراء. والحصول على عينة الدم ليس سهلا في التقصيات الميدانية، وخاصة في الدول النامية، ولا بد أن يكون مصحوبا بالدافع أو الحافر من جانب الشخص المطلوب فحصه. ولكن مخبريا فإن فحوص الدم سهلة، ولكن ما يحد من قيمتها أن تركيز العنصر الغذائي في الدم يتأثر بما استهلكه الإنسان حديثا من العنصر المدروس. ويمكن التغلب على ذلك بالحصول على عينة الدم من الشخص وهو صائم "على الريق"، أي صباحا قبل تناول أي غذاء fasting blood samples. وللحصول على عينات الدم تستعمل المحاقن الوحيدة الاستعمال disposable plastic syrinres أو أنبوبة مفرغة مثل vacutainer، ولكن هذه الأجهزة يجب أن لا تستعمل في حالة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، حيث تتقلص أوردتهم بسهولة.

ولإجراء الفحوص المخبرية خلال التقصيات الميدانية هناك مواصفات خاصة يجب استيفاؤها حتى يمكن الاستفادة من إجراء هذه التجارب [3] :

- سهولة الحصول على العينة من الشخص المفحوص مثل الطرق المكروية micromethods والحصول على عينة الجم من وخز الإصبع fnger, preck أو عينة عشوائية من البول random- specimen of urine.

- ثبات حالة العينة أثناء النقل من الميدان إلى المختبر ويفضل ألا تكون بحاجة إلى تبريد not requiring refrigeration.

- طريقة التحليل المخبري تكون بسيطة، وقليلة التكاليف، لا تتأثر بالوجبة الحديثة أو شرب الماء، وتعطي نتائج يسهل تفسيرها على درجة عالية من الحساسية والنوعية، وتفيد بمعلومات لا يمكن الحصول عليها بطريقة أخرى غير مخبرية "مثل الفحوص السريرية أو القياسات الجسمية" [21] .

- فائدة التجارب المخبرية في إجراء عملية فرز لحالات سوء التغذية في

(1/623)

المجتمع، أو للتقدير الكمي للعنصر الغذائي المدروس. أما في حالة إجراء التحاليل المخبرية في المستشفى، فيجب أن تفيد هذه الطرق في التعرف على شدة الحالة والتنبؤ بتطور الحالة مستقبليا.

ويمكن القول إن الفحوص المخبرية بصفة عامة باهظة التكاليف وتستهلك كثيرا من الوقت والجهد خاصة في الدول النامية، لذا ليس من المفضل اللجوء إليها إلا في حالة الحصول على معلومات لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى.

وهناك العديد من التقصيات التغذوية التي ترتكز على القياسات الجسمية والفحص الفيزيائي وتقدير هيموغلوبين الدم، بجانب قياس الاستهلاك الغذائي فقط. ولمزيد من التفاصيل عن الفحوص المخبرية لقياس الحالة التغذوية وأنواع الاختبارات المختلفة وطريقة إجرائها، يفضل العودة إلى المرجعين [3، 8] .

2- تفسير نتائج الفحوصات المخبرية لقياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع

إن تركيز العناصر الغذائية في جسم الإنسان يجب أن يقارن إذا أمكن بمعطيات مرجعية reference data تبعا لسن وجنس الشخص تحت الدراسة. إن هذه المعلومات المرجعية يجب أن تكون بنيت مسبقا على مجموعة من الأشخاص الأصحاء الذين يتمتعون بغذاء متوازن وكاف بالمقارنة بمجموعة من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية من عنصر معين من العناصر الغذائية موضع الدراسة. ويفيد هذا الإجراء في الوصول إلى فيصل cut- off point للعنصر الغذائي موضع الدراسة.

وفيما يلي نورد بعض الفياصل التي اتفق على تحديدها والتي تساعد على تشخيص بعض أمراض سوء التغذية المحتمل انتشارها في منطقة شرق المتوسط، والتي لا تفيد في تشخيصها القياسات الجسمية.

ا- قياس حالة الحديد iron status

مستوى هيموغلوبين الدم "غرام في الدسيلتر"

- فقر الدم anaemia

الأطفال من 6 شهور إلى 5 سنوات 11

الأطفال من 6-14 سنة 12

(1/624)

الرجال البالغون > 13

النساء البالغات "غير حوامل" >12

النساء البالغات "حوالم" >11

وقد اتفق [22] أن يعتبر فقر الدم بسيطا إذا كان مستوى هيمو غلوبين الدم أكثر من 80% من الفيصل، ومتوسطا إذا كان هيمو غلوبين الدم بين 80%، 60% من الفيصل، وشديدا إذا كان هيموغلوبين الدم أقل من 60%.

- عوز الحديد:

- يعتبر أن هناك عوزا في مخوزن الجسم من الحديد إذا كان مستوى الفريتين المصلي serum ferritin أقل من 10-12 ميكروغرام/ لتر لجميع الأعمار [22] وقد بسطت طرق التحليل حديثا وأصبح من السهل إجراء هذا القياس في معظم المختبرات بواسطة المقايسة المناعية الشعاعية RADIOIMMUNOASSAYk، أو المقايسة المناعية المرتبطة بالإنزيم - enzyme linked immunoassay.

- يعتبر أن هناك عوزا في حديد الجسم إذا كانت درجة تشبع الترانسفيرين transferrin saturation أقل من 16% للبالغين و14% للأطفال و12% للرضع، وذلك بطريقة القياس الضوئي الطيفي spectrophotometric technique.

- يعتبر أن هناك عوزا في حديد الجسم إذا ارتفع البروتوبورفيرين في كريات الدم [22، 24] الحمراء erythrocyte protopotphyrin إلى أكثر من 80 ميكروغراما في الدسيلتر في السن أقل من 4 سنوات وأكثر من 70 ميكروغراما في الدسيلتر في السن أكبر من 4 سنوات. ويتم التعرف على ذلك بأسلوب المقايسة التألقية fuorescence assay technique

ب- قياس حالة اليود iodine status:

يوجد عوز في اليود إذا كان تركيز اليود في البول أقل من 50 ميكروغراما في اليوم. وقد بنى هذا على أساس أن أقل احتياجات الفرد من اليود في اليوم تبلغ 50 ميكروغراما. فإذا كان معدل تركيز اليود في البول في اليوم في منطقة ما أقل من 25 ميكروغراما ينتظر أن تظهر حالات فدامة cretinism "قصر القامة وبلاهة" في المنطقة. ويفضل معظم الخبراء تقدير كمية اليود في البول يوميا على تقدير كمية

(1/625)

اليود مقابل كل غرام كرياتينين. ولتفادي التغير في كمية البول وتركيزه بين الأشخاص في الأوقات المختلفة، وكذلك صعوبة الحصول على عينة كمية من البول لمدة 24 ساعة، فإننا نلجأ إلى الحصول على عينات من 40 فردا على الأقل في المنطقة المطلوب قياس حالة اليود فيها، ويكون متوسط تركيز اليود في العينات العشوائية من هؤلاء الأشخاص معبرا عن حالة اليود في هذه المنطقة.

ج- قياس حالة الزنك zinc status:

في الأشخاص الذين لا يعانون من عوز الزنك، تكون قيمة الزنك في المصل أكبر من 80 ميكروغرام/ في الدسيلتر.

د- قياس حالة العوز في الفيتامينات:

فبتامينA إذا كان تركيز فيتامين A في البلازما plasma أكثر من 0.7 ميكرومول في اللتر، أو 20 ميكرو غراما في الدسيلتر لا يكون هناك عوز. ولكن كلما انخفضت قيمة فيتامين A عن 0.7 ميكرومول في اللتر، كانت شدة العوز أكبر. وقد وجد أن تركيز فيتامين A في البالغين الأصحاء يكون أعلى من 1.75 ميكرومول في كل لتر [26] . ولا يوجد دليل قاطع على المستوى الذي يعتبر عنده أن هناك فرطا في فيتامين A hyervitamminosis ولكن هناك احتمالا كبيرا أن يكون مستوى فيتامين A في البلازما أعلى من 3.5 ميكرومول/ لتر "100 ميكروغرام في الدسيلتر". والطريقة المستعملة حاليا لقياس تركيز مركبي فيتامين A الرتينول retinllوالكاروتين carotene، هي طريقة الاستشراب السائلي عالي الضغط -high pressure liquid chromatography. وحديثا استخدمت طريقة استجابة الجرعة النسبية "RDR" relative dose respinse لاكتشاف حالات عوز فيتامين A المخزون في الكبد، غلا أن هذه الطريقة لا تكون حساسة في حالات الاضطراب في الامتصاص أو في أمراض الكبد أو في حالات عوز البروتين والكالوري.

فيتامين D. تكون قيمة الفوسفاتار القولي المصلي serum alkaline phosphatas عند الأطفال الذين لا يعانون من عوز في الفيتامين D، أقل من 40 وحدة كنغ أرمسترونغ King Armstrong unit، أو أقل من 15 وحدة بودانسكي Bodansky unit.

فيتامين C. يكون معدل فيتامين C المصلي في الأشخاص الذين لا يعانون من عوز الفيتامين أكثر من 0.3 مليغرام في الدسيلتر.

(1/626)

الثيامين. يعتبر الشخص معرضا لخطر عوز الثيامين thiamin، إذا كانت كمية الثيامين في البول "ميكروغرام/ غرام كرياتينين" أقل من الموصى بها.

الريبوفلافين. يعتبر الشخص معرضا لخطر عوز الريبوفلافين إذا كان مقدار الريبوفلافين الخارج مع البول "ميكروغرام/ غرام كرياتينين" أقل من الموصى به.

النياسين. يعتبر الشخص معرضا لخطر عوز النياسين إذا كان N- ميثيل نيكوتيناميد البولي urinary N- methyl- nicotinamide "مليغرام/ غرام كرياتينين" أقل من الأرقام الآية:

البالغون من رجال ونساء غير حوامل وغير مرضعات: 0.5

الحوامل في الثلث الأول من الحمل: 0.5

الحوامل في الثلث الثاني من الحمل: 0.6

الحوامل في الثلث الثالث من الحمل: 0.8

ولجميع الأعمار تكون نسبة 2- بيريدون إلى N- ميثيل نيوكوتيناميد pyridone N methy- nictinamide ratio-2 أقل من 1.

هـ- قياس حالات الاضطرابات السريرية المتصلة

بالإفراط في الطعام وعدم توازن الغذاء

وعادة تقس نسة الدهون والكوليسترول في الدم.

(1/627)

رابعا: الفحوص بالطرق البيوفيزيائية

...

رابعا: الفحوص بالطرق البيوفيزائية

إن الفحوص البيوفيزيائية قد تفيد في بعض الأحيان في قياس الحالة التغذوية للفرد والمجتمع، ولكنها غير عملية في الميدان، وقد تكون ذات فائدة أكبر في إجراء بعض الفحوص على جزء من عينة التقصي في المستشفيات، أو مراكز البحوث. ويمكن تلخيص هذه النوعية من الفحوص كالآتي [3] .

1- القدرة على الأداء functional ability:

أ- المجهود الجسماني والمصروف من الطاقة، تبرز أهمية هذه الاختبارات لبيان تأثير الحالة التغذوية للإنسان على مقدار ما يبذله من مجهود في العمل وتأثير ذلك على معدل التنمية في المجتمع، كذلك لبيان التأثير السلبي لفقر الدم على مقدار المجهود المبذول.

ويتم قياس المصروف من الطاقة إما بأجهزة خاصة مثل مقياس التنفس

(1/627)

Respirometer، أو بالملاحظة طويلة في الميدان ومراقبة توزيع وقت الفرد بين الأعمال المختلفة، ثم حساب المصروف من الطاقة تبعا للجداول الخاصة بذلك وهناك العديد من هذه القياسات التي أجريت في المجتمعات المختلفة [30, 32] .

ب- اختبار العشى الليلي. من الثابت علميا أن العشى الليلي يعتبر أول الظواهر التي تنتج عن نقص فيتامين A [33] . ولكن إجراء هذه القياسات في الميدان وخاصة على الأطفال ليس عمليا. وقد اقترحت تجربة في السنوات الأخيرة وفيها يتم التمييز بين أسطوانات بيضاء وزرقاء وحمراء خلال مدة معينة في الضوء الخافت [34] ، ولكن هذه التجربة ما زالت موضع بحث حيث أنها قيمت من قبل أحد العلماء على أنها ليست ذات فائدة كبيرة [35] .

2- التغير في تكوين الأنسجة:

لم تنتشر طرق تحديد التغير في بنية alteration of structure الأنسجة [3] كطرق لقياس الحالة التغذوية في الميدان، لأنها تناسب أكثر مراكز البحوث أو العيادات أو المستشفيات، ونذكر منها على سبيل المثال:

أ- قياس استجابة المناعة في جسم الإنسان، تتأثر استجابة المناعة immune response بعوز البروتين والطاقة فيقل رد الفعل ضد المستضد antigen [36] .

ب- دراسة الخلايا من مسحة من الفم. وقد ثبت عدم حساسية هذه الطريقة التي تتأثر بنقص البروتين والطاقة فتزداد نسبة الخلايا المتقرنة cornified cells في النسيج الظهاري المبطن للفم في حالات عوز البروتين والطاقة. ولكن وجد أن النتائج تتأثر بارتفاع درجة حرارة الشخص أو عوز فيتامين A أو التجفاف [38] .

ج- دراسة مسحة من خلايا الملتحمة. بنيت هذه الطريقة على أساس أنه في حالة عوز فيتامين A في المراحل المبكرة التي تسبق ظهور أي علامات سريرية، تقل وقد تختفي الخلايا القدحية goblet cells من بعض أنسجة الجسم، ومن بينها الملتحمة، وتظهر مكانها خلايا ظهارية متضخمة متقرنة جزئيا partially keratinized epitheleal cells. وقد ثبت أن هذه التغيرات في الخلايا تختفي وترجع لحالتها الطبيعية بعد العلاج بفيتامين A [39، 40] . إلا أن هذه الطريقة ما زالت تنتظر المزيد من البحث، حتى يمكن تحديد حساسيتها ونوعيتها sensitivity and specificity وأيضا تحديد مدى ملاءمتها للمسوحات الميدانية [41، 42] .

(1/628)

د- دراسة خلايا جذور الشعر. اقترحت دراسة خلايا جذور الشعر hair root morphology منذ عام 1974 كطريقة تستخدم في الميدان لقياس عوز البروتين والطاقة، حيث تظهر تغيرات في خلايا جذور الشعر، وخاصة في حالات الكواشركور Kwashiorkor وكذلك اخترع جهاز بسيط لقياس مدى ضعف الشعر وسقوطه. ولكن ما زالت هذه الطريقة غير عملية لأنها غير كمية بالرغم من سهولتها.

هـ- تغير خلايا العظام وتشخيصه باستخدام الأشعة. وهذا يحدث في حالات الكساح نتيجة عوز فيتامين D، ويمكن الاستفادة منها في التأكد من تشخيص الحالات.

(1/629)

طرق قياس العوامل المؤثرة والمحددة للحالة التغذوية للفرد والمجتمع

مدخل

...

طرق قياس العوامل المؤثرة والمحددة للحالة التغذوية للفرد والمجتمع:

كما أوضحنا في مقدمة هذا الفصل فإن أهم هذه العوالم هي:

1- توافر الغذاء في الدولة، ويقاس بالميزان الغذائي للبلد food balance sheet "FBS"

2- توافر الغذاء داخل الأسرة أو الأمن الغذائي داخل الأسرة household food security، ويقاس بالطرق المختلفة للاستهلاك الغذائي للأسرة، كذلك استبيان مدى إنتاج الأسرة لغذائها.

3- استهلاك الغذاء على مستوى الفرد، ويقاس بطرق تقييم الاستهلاك الغذائي للفرد.

4- العوامل البيولوجية الديمرغرافية biodemographic factors داخل الأسرة، كالسن، والجنس وعدد الأطفال داخل الأسرة، وحجم الأسرة، والفترة بين حمل وآخر، والسن عند الإنجاب، وكذلك الحالة الفيزيولوجية مثل الحمل والإرضاع. وتقاس هذه العوامل باستبيان مفصل يكشف عن هذه الجوانب داخل العينة المختارة للتقصيات التغذوية.

5- العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية كالدخل، والمهنة، ودرجة التعليم لرب وربة الأسرة، ونوع المسكن وممتلكات الأسرة، كذلك العادات والتقاليد والمعتقدات وخاصة ما يتعلق بالغذاء وأسلوب الحياة. وتقاس هذه العوالم

(1/629)

باستبيان مفصل بجانب طرق الترصد لفترات طويلة anthropological studis rapid assessment procedures "RAP"

6- مدى الرعاية المتوفرة caring capacity للفرد داخل الأسرة والمجتمع، وتقاس هذه العوامل باستبيان مفصل بجانب طرق الترصد observation methods لمدد طويلة. كذلك دراسة تفاصيل نوعية الحياة، ومنها قياس توزيع وقت الأم "time allocation studies "دراسة أتنية وصفية ethnographic" أو ربة الأسرة بين الأنشطة المختلفة ومدى عنايتها بنظافة المنزل أو نظافة الطفل أو تغذية الطفل ... إلخ وقد أجريت مثل هذه الدراسات حديثا في القرية المصرية [31، 32، 43، 44] .

7- توفر الخدمات الصحية في المجتمع، مثل توافر وحدات الرعاية الصحية الأولية، وكذلك وفرة المياه النقية والصرف الصحي على مستوى المجتمع والأسرة، وقياس استفادة أفراد عينة المسح التغذوي من هذه الخدمات مثل اللقيح، وتنظيك الأسرة، والتوعية الصحية والغذائية، وتوفر سبل الوقاية والعلاج بالاستبيان المفصل والمقابلة الشخصية وطرق الترصد "RAP".

8- معدل الإصابة بالأمراض المعدية لما لها من علاقة وثيقة بالحالة التغذوية مثل الإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي الحادة، والإصابة بالطفليليات. وتقاس هذه الأمراض إما بالكشف الطبي أو التاريخ الطبي أو تحليل البول والبراز كما في حالة الطفيليات.

ومن الثابت علميا أن كل هذه العوامل تتداخل مع بعضها وتؤثر على الحالة التغذوية للفرد والمجتمع كما هو مبين في الشكل 7.

(1/630)

الشكل 7- أسباب سوء التغذية

المصدر: Who/ Fao/ Unicef. مرجع رقم "45"

(1/631)

أولا: الميزان الغذائي للدولة

في كثير من الدول، تجمع معلومات سنويا عن مدى توفر الغذاء على مستوى الدولة وهذا ما يسمى بالميزان الغذائي food balance. ومنذ عام 1961 أنشأت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة نظاما مبنيا على الحاسوب لجمع المعلومات عن الزراعة والغذاء من 162 دولة [46] .

ويقصد بالميزان الغذائي تقديرات تبين جميع كميات الأصناف المختلفة من الأطعمة أو مجاميع الأطعمة التي تنتج محليا في بلد من البلدان خلال فترة معينة، عادة سنة. وتضاف إلى هذه الكميات المحلية الأطعمة المستورة، ثم تحسب أي تعديلات في تقدير المخرون من الطعام خلال نفس المدة "سنة". ويطرح من هذه الكميات ما صدر من أطعمة، كذلك ما استخدم نفس المدة "سنة". ويطرح من هذه الكميات ما صدر من أطعمة، كذلك ما استخدم في الزراعة أو إطعام الحيوانات أو استعمل في الصناعة أو أي استخدامات أخرى غير الطعام، مع اعتبار الفاقد، من الأطعمة أثناء النقل والتخزين. إن الأرقام التي تنتج من هذه الموازنة تعبر عن كمية الأطعمة المتاحة للاستهلاك الآدمي، وتحسب من المعلومات المتاحة عن التعداد في الدولة والأرقام الكلية للأطعمة المختلفة الكمية المتاحة النظرية لكل فرد في الدولة من الأطعمة المختلفة. وهذه الأرقام افتراضية نظرية لأنها لا تعبر عن الاستهلاك الفعلي للأفراد ولكن تعبر عن الأطعمة المتوفرة.

ومن جدول تحليل الأطعمة المحلية "قطرية أو إقليمية" يمكن تحويل هذه الكميات من الأطعمة المختلفة إلى طاقة وعناصر غذائية مختلفة. وبذلك يمكن حساب نصيب الفرد المتاح من كل من الطاقة والعناصر المختلفة، ووفقا للتركيبة السكانية في الدولة، كما يمكن حساب متوسط احتياجات الفرد من الطاقة والعناصر المختلفة RDA" recommended dietary allowances، ثم تحسب النسبة المئوية للكمية المتاحة بالنسبة للاحتياجات الغذائية "RDA%". وهذه الأرقام تعبر عن مدى الإكتفاء الذاتي للدولة وأوجه النقص أو الزيادة في الاحتياجات.1- فوائد الميزان الغذائي:- يبين الاتجاهات في الدولة هل هي إلى الأحسن أم إلى الأسوأ على مدار السنين.- يمثل تقييما للإنتاج الزراعي والغذائي في الدولة ويبين أوجه النقص في الأطعمة المختلفة.

(1/632)

- يمكن الدولة من تقييم مدى اعتمادها على إنتاجها المحلي أو اعتمادها على الاستيراد وتأثير ذلك على ميزان المدفوعات والديون.- يساعد في وضع السياسة الغذائية والزراعية والاقتصادية لفترات قادمة.2- محدودية الميزان الغذائي:- تكون الأرقام المستنبطة تقريبية، كما أنها تعبر عن الوضع في الدولة بأكملها بغض النظر عن الاختلافات في توزيع الطعام بين المناطق المختلفة وفي الفصول المختلفة وبين الفئات المختلفة.- إن الأطعمة المنتجة في المنزل نادرا ما يمكن الوصول إليها.- إن المنتج من لبن الأم والمتاح لتغذية الأطفال لا يمكن تقديره [47] .وبالرغم من هذه المحدودية، فإن للميزان الغذائي قيمة كبيرة في إلقاء الضوء على وضع الأم الغذائي في الدولة. وهو يساعد، بجانب الطرق الأخرى المستخدمة لقياس الحالة التغذوية، على إلقاء مزيد من المعلومات عن الوضع الغذائي في بلد ما.وتستخدم بعض الدول الميزان الغذائي كبديل عن المسوح القومية للاستهلاك الغذائي

national food consumption surveys في قياس الاستهلاك الغذائي للفرد. وهذا الاتجاه يجب أن لا يستمر حيث أن كلا من الميزان الغذائي ومسوحات الاستهلاك الغذائي له أهدافه ومجاله المختلف [48] .وفي مصر قورنت أرقام الميزان الغذائي مع نتائج المسح القومي للاستهلاك الغذائي من حيث متوسط نصيب الفرد من الكالوري والبروتين الكلي والحيواني. وقد أوضحت هذه المقارنة تقاربا في أرقام الكالوري والبروتين الكي واختلافا كبيرا في ارقام البروتين الحيواني. وقد أرجع ذلك إلى الأطعمة الحيوانية المنتجة في المنزل كالدواجن والحيوانات والبيض والجبن واللبن، فكان نصيب الفرد من البروتين الحيواني من المسح القومي أكثر من ضعفي الرقم المستنبط من الميزان الغذائي "49] .

(1/633)

ثانيا: قياس الاستهلاك الغذائي للأسرة والفرد

...ثانيا: قياس الاستهلالك الغذائي للاسرة والفرديقصد بالاستهلاك الغذائي الاقتصادي مدخل

economic consumption، وهو قيمة ما يدخل المنزل من طعام لاستهلاك الأسرة، والاستهلاك الغذائي الفيزيولوجي physiological cosumption or food intake وهو ما يدخل جسم الإنسان من طعام.1- أهداف القياس وأهميته:إن إجراء الدراسات الميدانية يهدف إلى جمع المعلومات الصحيحة ليس بهدف جمع المعلومات لذاتهان بل لأن تكون الخطوة الأولى في سبيل التخطيط لسياسة غذائية متكاملة تهدف إلى إصلاح وتحسين الحالة التغذوية في المجتمع بتنفيذ البرامج التدخلية المناسبة.وتبرز أهمية دراسات قياس الاستهلاك الغذائي للأسرة والفرد في تجميع المعلومات التالية [50] :أ- استهلاك الأطعمة المختلفة للفرد والأسرة ومدى كفاية الغذاء لتغطية الاحتياجات الغذائية من الطاقة والعناصر الغذائية المختلفة، والاكتشاف المبكر للفئات المعرضة لخطر الإصابة بالأمراض الغذائية، وبذلك يتم التدخل قبل الإصابة بالأمراض فعلا.ب- توزيع الأطعمة بين فئات السن والجنس والجهد والدخل المختلفة، على مدار السنة، أي في الفصول المختلفة والمواسم والأعياد والصيام. كذلك توزيع الأطعمة المختلفة بين أفراد الأسرة، ومدى تأثير العوامل البيئية المختلفة، كارتفاع الأسعار على الاستهلاك الغذائي، ومدى تأثير العادات الغذائية على الإصابة بسوء التغذية.إن هذه المعلومات تساعد في التوصل إلى أسباب حدوث سوء التغذية، سواء بالنقص أو الزيادة وبذلك تساعد في إيجاد الحلول العملية للوقاية والعلاج.ج- التعرف على الاحتياجات الغذائية لفئات السن والجنس والجهد المختلفة، تحت الظروف المختلفة، وذلك بدراسة غذاء المجموعات التي تتمتع بصحة جيدة.د- التعرف على تطور الغذاء على مدار السنين وتأثير ذلك على الإصابة بالأمراض. ومثال ذلك ما حدث في بعض دول المنطقة من تطور نمط الغذاء إلى نمط الدول الغنية، وما صاحب ذلك من ازدياد معدل الإصابة بالأمراض غير السارية المتعلقة بالإفراط وعدم توازن القوت

diet- related chronic noncommunicable diseases، مثل السمنة والسكري وتصلب الشرايين، وما يتبعها من مضاعفات.

(1/634)

هـ- الاستهلاك الغذائي للفئات المستهدفة قبل وبعد تنفيذ البرامج التدخلية intervention programmes، مثل برامج التثقيف الغذائي، وبذلك يمكن تقييم أثر هذه البرامج وهل حققت أهدافها كاملة أو جزئيا أو لم تحقق الفائدة المرجوة منها.و إن دراسة الاستهلاك الغذائي للأسر والأفراد هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها الحصول على معلومات عن الإنتاج الغذائي على مستوى الأسرة، مثل الدواجن، والألبان، والبيض، أو من الحقل أو الحديقة. كذلك التعرف على المصادر المختلفة لغذاء الأسرة والطرق المتعددة للتصرف في الفائض وحجم الفضلات. وعلى سبيل المثال فمن خلال دراستين أجريتا في مصر إحدهما قومية والأخرى دراسة طولية على القرية المصرية [49 و51] تبين أن الأسر في القرية المصرية تحولت إلى أسر مستهلكة للطعام عن طريق الشراء أكثر منها منتجة له.2- صعوبات القياس:هناك صعوبات عديدة تحد من قيمة تقصيات الاستهلاك الغذائي منها:أ- صعوبات تتعلق بأفراد أو أسر العينة- في معظم الدول النامية يعتبر ما يتناوله الفرد أو الأسرة من غذاء من أدق الخصوصيات غير المستحب التحدث فيها مع الغرباء. لذلك فإن أخصائية التغذية التي تقوم بإجراء الدراسة والمقابلة مع ربة الأسرة لا بد أن تنشأ بينهما علاقة ودية ونوع من الألفة حتى يمكنها الحصول على المعلومات الصحيحة.وقد ثبت ذلك من إحدى الدراسات الطولية التي كانت تجرى في إحدى قرى مصر [50] وكانت تستلزم تغيير الباحثات كل ثلاثة أشهر لضمان عدم تحيز المعلومات. ولكن هذا الإجراء لم يتم لأن 25% من الأسر رفضت هذا التغيير، كما ثبت أن الأسر التي قبلت التغيير لم تعط المعلومات الصحيحة للباحثة التي استجدت عليها.- كذلك هناك صعوبة للتأكد من أن نمط الاستهلاك الغذائي للأسرة أو الفرد لن يتغير طوال مدة البحث سواء للأحسن للتظاهر أو إلى الأسوأ لطلب المعونة.ب- صعوبات فنية- تقدير الفائض والفاقد من الغذاء المستهلك.- تغير وزن الأطعمة وقيمتها الغذائية بعد الطهي.

(1/635)

- تحويل المكاييل والمعايير المنزلية التي قيس بها استهلاك الطعام إلى الوحدات القياسية للوزن مثل الغرام أو الكيلو غرام.- تقدير الغذاء المستهلك خارج المنزل.- تكرار الاستهلاك الغذائي أو تناول الطعام بين الوجبات بطريقة غير منتظمة- تكرار الاستهلاك الغذائي أو تناول الطعام بين الوجبات بطريقة غير منتظمة في كثير من أسر الدول النامية. وقد ثبت هذا في إحدى الدراسات الدقيقة التي أجريت على عينة من الأطفال في سن ما قبل المدرسة وبعد الفطام مباشرة في إحدى القرى المصرية. وكانت الطريقة المستخدمة لقياس الاستهلاك الغذائي للأطفال هي طريقة الملاحظة المستمرة مع الوزن الدقيق [52] . وقد تبين أن هؤلاء الأطفال لا يتناولون وجبات منتظمة بل تقريبا كل ساعة أو ساعتين يتناولون شيئا من الطعام، وفي معظم الأحيان تشارك الأم أيضا طفلها.ج- صعوبات إحصائية- مثل وجوب إجراء تعداد أو مسح شامل للمجتمع قبل اختيار العينة.- كذلك عدم استجابة بعض الأسر للبحث ورفضهم الاستمرار في الدراسة، مما يؤدي إلى تناقض العينة وخاصة في الأبحاث الطولية طويلة الأمد.3- طرق قياس الاستهلاك الغذائي:تختلف طرق قياس الاستهلاك الغذائي تبعا للهدف من إجراء الدراسة، وهي تختلف في أنواعها ودقتها ومدتها. وهناك اعتبارات أخرى تحدد اختيار الطريقة المناسبة للدراسة مثل:- عدد الأفراد الذين ستجري عليهم الدراسة أو حجم العينة، ودرجة فهمهم وتعاونهم ووقتهم المتاح.- الطرق المتاحة لجمع وتحليل البيانات اللازمة لتحقيق الأهداف التي سبق تحديدها.- التدريب ومدى توافر الأفراد اللازمين لإجراء الدارسة ومستوى خبرتهم ومؤهلاتهم.- كيفية ربط المعطيات الغذائية مع النتائج الطبية والمخبرية، كذلك مع نتائج البحث الاجتماعي والاقتصادي. فمثلا قياس الحالة التغذوية للفرد في المجتمع يستلزم قياس الاستهلاك الغذائي للفرد لبيان الطاقة والعناصر الغذائية المختلفة

(1/636)

التي تناولها الفرد وعلاقتها بالحالة التغذوية. ولكن بينت الدراسات في معظم الدول النامية، أن دراسة غذاء الفرد تستلزم أيضا دراسة غذاء الأسرة وذلك للأسباب التالية [50] .- يتناول أفراد الأسرة جميعهم أو معظمهم الطعام من طبق واحد.- أصناف الأطعمة المركبة مثل المحشي أو الخضار المطبوحة ... إلخ تختلف مكوناتها وطريقة إعدادها من أسرة إلى أسرة، ولذلك يلزم أثناء الدراسة التعرف على مكونات الأصناف المركبة من ربة الأسرة، وهذا يستلزم دراسة غذاء الأسرة.- عدم توفر جداول تحليل الأطعمة للوجبات المطهية أو المركبة في معظم دول المنطقة التي توفي بجميع الأصناف المستهلكة.لذلك في الحالات التي تستلزم قياس غذاء الفرد، يفضل أن يكون هذا القياس مصحوبا بقياس استهلاك الأسرة بالنسبة للوجبات المشتركة حتى يمكن الحصول على معلومات دقيقة.

(1/637)

أ- طرق قياس الاستهلاك الغذائي للأسرة:إن الطرق المستخدمة في الدول المتقدمة، حيث ترتفع نسبة التعليم، لا تناسب الدول النامية حيث تتفشى الأمية بين ربات البيوت في الطبقات محدودة الدخل. وبصفة عامة فإن

يمكن تصنيفها إلى أربع طرق رئيسية [8، 53، 54] .طريقة وزن الوجبات. يسجل الباحث ما كل ما يدخل الأسرة من طعام للاستهلاك في اليوم بالميزان أو بالمعايير المنزلية. وهذا يستلزم تواجد الباحث في أول اليوم وقبل الوجبات ليسجل وزن جميع الأطعمة. أما الطعام الفائض الذي لم يستهلك، فيجب وزنه في حالة قياس الاستهلاك الفيزيولوجي للطعام طرق قياس الاستهلاك الغذائي للأسرة

food intake. أما إذا كان الهدف من الدارسة الاستهلاك الاقتصادي economic consumption فلا يوزن الفائض، وعادة تستمر الدراسة لمدة أسبوع. ومن عيوب هذه الطريقة أنها تمثل عبئا كبيرا على الأسرة لتواجد الباحث مع كل وجبة.طريقة سجلات الطعام. وتتلخص هذه الطريقة في وزن جميع الأطعمة المختزنة بالمنزل عند بدء الدراسة وعند انتهائها، ثم تسجل جميع الأطعمة التي تدخل المنزل أثناء مدة الحصر، سواء عن طريق الشراء أو من الحديقة أو الحقل أو هدية أو أي مصدر آخر. وتحذف

(1/637)

كميات الأطعمة التي يتناولها الزوار أو تخرج من المنزل أو تطعم للحيوانات أو الفضلات. ويعتبر الناتج هو ما تناولته الأسرة أثناء الحصر الذي يستمر عادة لمدة أسبوع. وتعتبر هذه الطريقة دقيقة في الحصول على تقدير كمي لغذاء الأسرة، ولكنها لا تلائم الدول النامية حيث الأسر محدودة الدخل والثقافة، إذ تتطلب هذه الطريقة التعاون التام من ربة الأسرة. ومن عيوب هذه الطريقة أيضا أن الأسرة يمكن أن تغير من غذائها لتسهيل عملية التسجيل أو للتفاخر أو طلب المعونة.طريقة القائمة. وفي هذه الطريقة تستخدم الباحثة قائمة تحوي جميع مجموعات الأطعمة والأطعمة الرئيسية داخل كل مجموعة في استبيان معد مسبقا، ثم تسأل ربة الأسرة عن الكميات سواء بالوزن أو بالأسعار التي استهلكتها الأسرة في مدة محدودة "غالبا أسبوع". ومن مزايا هذه الطريقة مفيدة لأنها مبنية على استرجاع الغذاء السابق فهي لا تغير من العادات الغذائية والنمط المعتاد. ولكن من عيوب هذه الطريقة أنها غير دقيقة لصعوبة تذكر الطعام المستهلك لمدة أسبوع.طريقة المفكرة. يطلب من ربة الأسرة تسجيل جميع الأطعمة التي تشترى يوما بيوم أو تدخل المنزل للاستهلاك من أي مصدر لمدة أسبوع. وهي تناسب الأسرة المحدودة الدخل التي لا يوجد عندها مخزون من الأطعمة، ولكن من عيوبها أنها تتطلب ربة أسرة متعلمة، وتتطلب مجهودا كبيرا من جانب ربة الأسرة، وهي غير ملائمة للدول النامية.الطرق المولفة من عدة طرق. إن مراكز البحوث في أي بلد من البلدان يمكنها أن تطور هذه الطرق المذكورة بما يلائم طبيعة المجتمع المحلي. فمثلا أوضحت الدراسات المختلفة التي قام بها معهد التغذية في مصر في العقدين الماضيين أن طريقة وزن الوجبات، كما وصفت في المراجع، أي حضور الباحثة بنفسها وزن الوجبات أولا بأول، غير ملائمة للبيئة المصرية بتقاليدها، ومثلها كثير من دول المنطقة. وقد أمكن تحوير طريقة سجلات الطعام

inventory method بحيث يستغنى عن وزن المخزون في أول وآخر مدة البحث، ويكتفى بالحصول على الغذاء المستهلك في اليوم السابق ومصادر وكيفية التصرف في المتبقي، ثم وزن عينات من الطعام لمعرفة أوزان المكاييل والمعايير المنزلية أو كميات الطعام تبعا للكالوري. وقد أجريت تجرية دقيقة في القرية المصرية وثبت منها أن الطريقة المحورة وهي "دراسة غذاء اليوم السابق مع استخدام طريقة الوزن" مقبولة من المجتمع وأدت إلى الحصول على نفس النتائج التي تحصل عليها بطريقة "سجلات الطعام" المرفوضة من المجتمع [51] .

(1/638)

ب- :تكون قياسات الاستهلاك الغذائي للفرد هامة في حالة مقارنتها بالقياسات الأخرى التي تجري على الفرد لتقييم حالته التغذوية، مثل القياسات الجسمية أو القياسات المخبرية.وتتخلص قياسات الاستهلاك الغذائي للفرد في أربعة أنواع من الطرق الرئيسية [50] : تذكر المدخول الغذائي السابق طرق قياس الاستهلاك الغذائي للفرد

recall of past intake، تسجيل المدخول الغذائي الحالي recording of present intake، طرق كيفية qualitative methods طرق محورة من عدة طرق combinationsتذكر المدخول الغذائي السابق:ويتم هذا من خلال طريقتين:تذكر غذاء 24 ساعة السابقة. وهي طريقة تتطلب كمية أقل من الوقت والجهد والمال وتعاون أفراد العينة وباحثين متخصصين. وهي تتم بعدة أسئلة متعمقة ومفصلة عن نوعية الغذاء ومكوناته من الأطعمة المختلفة وأنواعها وكمياتها. وفي الدول النامية لا يترك ملء الاستمارة للشخص، بل لا بد من أن تقوم الباحثة بذلك بنفسها. وعند تقدير الكميات يستخدم الباحث أنواعا مختلفة من المعايير والمكاييل المنزلية مختلفة الأحجام، أو يستخد نماذج للطعام

food models لمساعدة الأشخاص على تحديد الكميات بصورة دقيقة. وإذا كانت المقابلة تجري في المنزل، يمكن الاستعانة بوزن عينان من كميات الطعام المذكورة 24- hour recall and sample weighing إن غذاء يوم واحد لا يمثل الغذاء المعتاد للشخص في بعض الأحيان، ولذلك يتغلب على ذلك بمصاحبة هذه الطريقة لطريقة التاريخ الغذائي أو بدراسة أعداد كبيرة من العينة، بحيث يمكن لحجم العينة الكبير أن يعطي صورة دقيقة للاستهلاك الغذائي في المجتمع، أو بتكرار الدراسة لعدة أيام كما في الأبحاث الطولية طويلة الأمد.التاريخ الغذائي

dietary history method إن هذه الطريقة [55] بنيت على أساس أن لكل شخص نمطا معينا ثابتا من الغذاء المعتاد عليه يوميا. وقد صممت هذه الطريقة خصيصا لقياس الغذاء خلال فترة من الوقت تجرى فيها قياسات على النمو والتطور لمجموعات معينة. وهذا أيضا بني على أساس أن التغيرات السريرية والمعملية التي تحدث نتيجة سوء التغذية تظهر بعد فترات طويلة من نمط غذائي معين وليس الغذاء الحالي.إن هذه الطريقة تتطلب باحثة عالية الخبرة والكفاءة، وفيها تحصل الباحثة على

(1/639)

النمط العام للغذاء المعتاد بجانب الطعام المتناول خلال 24 ساعة السابقة. فمثلا تسأل الباحثة الفرد قيد الدراسة "ماذا تأكل عادة في وجبة الإفطار؟ " ثم تتبعه بسؤال آخر "ماذا تناولت من طعام في وجبة الإفطار اليوم؟ ". ويستكمل باقي اليوم بهذه الطريقة.مزايا طرق تذكر الغذاء السابق:- التعاون التام من أفراد عينة البحث لأن هذه الطرق لا تستغرق كثيرا من الوقت ولا تتطلب جهدا من جانبهم.- إن التاريخ الغذائي يعطي صورة واضحة عن الغذاء السابق بينما يعطي غذاء 24 ساعة صورة عن الغذاء الحالي.عيوب طرق تذكر الغذاء السابق:- في حالة تذكر غذاء 24 ساعة يجب أن يكون لأفراد عينة البحث نمط غذائي محددا إذا كان القياس سيجري ليوم واحد كما في الأبحاث العرضانية

cross setional studies.- يجب أن يكون للمستجوب

respondent ذاكرة جيدة.- تلقي هذه الطريقة العبء الأكبر على المستفسر أو جامع البيانات

interviewer or data collector الذي يجب عليه أن يكسب ثقة المستجوب حتى يمكن أن يحصل على معلومات صحيحة، أن يتجنب الأسئلة الإيحائية avoid leading questions التي توحي بإجابات معينة، وأن يتمكن من ضبط الإجابات غير الصحيحة ويتأكد من صدق البيانات.طريقة تسجيل المدخول الغذائي الحالي:وهذه الطريقة تسجل كل ما يؤكل بالوزن أو بالمكاييل والمعايير المنزلية:طريقة الوزن. تتلخص هذه الطريقة في وزن كل ما يتناوله الفرد من طعام في كل الوجبات وبين الوجبات. أما بالنسبة للأطعمة المطهية فيجب وزن كل كمية الطعام المطهي، ثم حساب نصيب الفرد من هذا الطعام المطهي، وقبل ذلك وزن المكونات التي تكونت منها الوجبة المطهية قبل الإعداد. إن هذه الطريقة أدق من استعمال جداول تحليل الأطعمة للأصناف المطهية. وتختلف هذه الطريقة تبعا لدرجة تعليم الفرد.في حالة الأفراد المتعلمين. يمكن للباحث تدريب الفرد المدروس على

(1/640)

استعمال الميزان ويترك له ميزان غذائي 0.5 كيلو غرام وآخر 10.0 كيلو غرامات ثم يتابعه للإشراف عليه في الوزن وتسجيل البيانان.في حالة الأفراد غير المتعلمين. في هذه الحالة يجب أن يقوم الباحث أو الباحثة بوزن ما يتناوله الفرد من طعام وتسجيله. ومعنى ذلك أن تظل الباحثة عدة ساعات في المنزل مع ربة الأسرة وهذا قد يؤدي إلى رفض ربة الأسر للبحث، وقد يؤدي إلى تغيير في النمط الغذائي. وفي مصر فإن هذه الطريقة غير مقبولة من المجتمع [50] .قياس الاستهلاك الغذائي للفرد بالمعايير والمكاييل المنزلة. وهذه مثل طريقة الوزن ولكن تقدر الكميات المستهلكة من الطعام خلال مدة محددة بالمعايير والمكاييل المنزلية أو نماذج من الأطعمة

food models.الأفراد المتعلمون. إن هذه الطريقة تتطلب مجهودا أقل من جانب الفرد بالمقارنة مع طريقة الوزن. وهذه الطريقة تكون أقل دقة. ولكن التعاون من جانب الفرد يكون أكبر واحتمالات عدم الاستمرار في البحث أقل. وتبذل الباحثة الوقت والجهد في أول وآخر الدراسة مع المراقبة أثناء الدراسة. وفي آخر مدة القياس لا بد أن تزن الباحثة جميع المكاييل والمعايير التي استخدمها الفرد حتى يمكن تحويل كميات الطعام المستهلكة إلى أوزان بالغرام.الأفراد غير المتعلمين. إن هذه الطريقة غير مناسبة لغير المتعلمين، لأن الباحثة لا بد أن تقوم بالقياسات بنفسها، وفي هذه الحالة فإنه يمكنها أن تزن الأطعمة لتحصل على نتائج أدق.مزايا وعيوب طريقة تسجيل الغذاء الحالي للفرد:من مزايا هذه الطريقة أنها تعطي صورة حقيقية عن غذاء الفرد وخاصة إذا تم الوزن لمدة كاية. أما عيوبها فتتمثل بعدم إمكانية استمرارها إلا لفترة قصيرة، كما أنها تتطلب كثيرا من الجهد والوقت من جانب الفرد ومن جانب الباحثة، كما أن الفر موضع الدراسة غالبا ما يغير من نمط غذائه ربما للتفاخر أو لطلب المعونة، أو بدون قصد يلجأ إلى الأطعمة السهلة لتسهيل المجهود المطلوب منه.الطرق الكيفية:إن هذه الطرق تعطي معلومات عن كيف الأطعمة المستهلكة لا عن كمها،

(1/641)

وبذلك فهي تعطي صورة لا بأس بها عن النمط الغذائي للفرد. ويمكن تقسيم الأفراد إلى مجموعات تبعا لاستهلاكهم للأطعمة المختلفة، مثلا هناك أفراد لا يستهلكون اللحوم إلا نادرا أو يستهلكون الحبوب بكثرة وهكذا.وهناك طريقتان أساسيتان للطرق الكيفية:- من خلال استبيان به قائمة مجموعات الأطعمة الأساسية محتوية على الأطعمة المختلفة الرئيسية، يسأل الفرد عما تناوله من هذه الأطعمة في اليوم السابق في الوجبات الثلاث الرئيسية وما بين الوجبات.- استمارة بها قائمة بالمجموعات الأساسية من الأطعمة والأطعمة الرئيسية من كل مجموعة ويسأل الفرد عن عدد المرات التي تناول فيها هذه الأطعمة المختلفة في مدة محددة. وتبعا لشيوعه استعمال الطعام يمكن أن يسجل عدد مرات الاستهلاك في اليوم أو في الأسبوع أو في الشهر وأحيانا في السنة أو لا يستهلك إطلاقا.طرق مولفة من عدة طرق:لجميع طرق قياس الاستهلاك الغذائي مزايا وعيوب، ولا توجد طريقة ممتازة من جميع الوجوه. ولذلك فإن على الباحث أن يختار الطريقة التي تحقق أهداف الدراسة والتي تتمشى مع الظروف البيئية ومع العادات والتقاليد في المجتمع المحلي. وفي كثير من الأحيان تكون الطرق التي تجمع بين أكثر من طريقة أو التي استنبطت من عدة طرق. هي النسب لإجراء القياسات. وفيما يلي بعض الأمثلة [50] .- تسجيل وزن الوجبات على مستوى الأسرة مع غذاء 24 ساعة السابقة للفرد. بهذه الطريقة يمكن حساب مكونات الوجبات المركبة والأطعمة المشتراة على مستوى الأسرة مع غذاء الأفراد المستهدفين داخل الأسرة.- يعطي التاريخ الغذائي مع تسجيل الطعام اليومي فكرة جيدة عن الاستهلاك الغذائي في مدة طويلة ماضية بجانب الغذاء الحالي.- استذكار غذاء اليوم السابق مع وزن عينات من الأطعمة على مستوى الأسرة والفرد المستهدف داخل الأسرة 24-

hour recall and sample weighing- سجلات الطعام للأسرة مع استذكار غذاء اليوم السابق ووزن عينات من الأطعمة

house hold food inventory and 24 - hour recall and sample

(1/642)

Weighing. وتُسأَل ربة الأسرة عن غذاء الأسرة في اليوم السابق مع وزن عينات من الطعام للتأكد من الكميات المستهلكة. وفي نفس الوقت يسأل عن مصدر الطعام بالوزن هل هو مشترى أو معونة أو مقايضة أو من مخرون المنزل أو من الحقل، ثم تسجل الأوجه التي صرف فيها الطعام غير المستهلك. وأيضا يقاس غذاء الفرد المستهدف في 24 ساعة السابقة.- طرق كيفية مثل عدد مرات الاستهلاك من مجموعات الأطعمة المختلفة

food frequencies، خلال مدة طويلة بجانب غذاء 24 ساعة السابقة مع وزن عينات من الطعام. وبهذا يقاس نمط الغذاء لمدة طويلة بجانب الغذاء الحالي.وعلى سبيل المثال فإن معهد التغذية في مصر استنبط طريقة ملائمة للبيئة المصرية وفي نفس الوقت تعطي أكبر قدر ممكن من البيانات الدقيقة عن غذاء الأسرة والفرد [50، 56] . وهذه الطريقة تجمع بين طريقة الوزن، وطريقة غذاء اليوم السابق، وطريقة سجلات الطعام. ولكن كل طريقة من هذه الطرق حورت بحيث تلائم البيئة المصرية "دراسة غذاء اليوم السابق مع استخدام طريقة الوزن". ويمكن أن تصحب هذه الطريقة، الطريقة النوعية عن عدة مرات الاستهلاك في مدة طويلة.أما في الدول المتقدمة فقد تطورت طرق قياس الاستهلاك الغذائي إلى استعمال التليفون، والتصوير والأجهزة الإلكترونية الدقيقة لتسجيل الاستهلاك الغذائي [8] .حجم العينة ومدة الدارسة وتوقيت جمع المعلومات:أوضحت نتائج العديد من الأبحاث أن قياس الاستهلاك الغذائي لمرة واحدة لا يعطي الصورة الحقيقية للاستهلاك الغذائي من حيث الكم. فقد نجد في نفس المجموعة من الأشخاص أن استهلاك الطاقة للفرج في اليوم يكون ضعفي استهلاكها في يوم آخر لنفس الفرد. لذلك فإنه بالطرق الإحصائية الدقيقة يمكن التعرف على مدى الاختلاف في الاستهلاك للفرد الواحد في الأوقات المختلفة -

inra indiveduad variation وبذلك يمكن حساب عدد المرات والمدة الواجب جمع البيانات خلالها [51، 57] .وعلى سبيل المثال فإنه في إحدى الدراسات الطولية المتعمقة التي قام بها معهد التغذية في مصر لدراسة أثر الاستهلاك الغذائي على معدلات الأداء [31، 32] .

(1/643)

والتي تتطلب كثيرا من الدقة، أجري بحث استطلاعي على 40 أسرة وعلى 4 أفراد في كل أسرة لمدة ثلاثة أيام -يوم كل ثلاثة أيام- لكل فرد على مدى عشرة أيام. وكان الهدف هو قياس استهلاك الطاقة ومدى اختلافها بين الأفراد واختلافها في الفرد الواحد في الأوقات المختلفة [51] . وكان من نتيجة التحليل الإحصائي لهذه العينة أن تقرر أن يكون حجم العينة 100 شخص وتجمع بينهم البيانات مرتين في كل شهر على مدى 12 شهرا وخلال الأعياد وشهر الصيام. كذلك وزعت أيام القياس على أيام الأسبوع بحيث تبحث كل أيام الأسبوع وكل فصل من فصول السنة "3 شهور" وبحيث تشمل أيضا أيام البحث أول وآخر الشهر، ولا بد في هذه الحالة من الاستعانة بخبرة إحصائي متخصص.طرق التحكم في دقة وجودة قياسات الاستهلاك الغذائي:لا توجد طريقة معينة تعتبر الطريقة المثلى التي تحسب على أساسها جودة المعلومات أو القياسات في الاستهلاك الغذائي، ولكن تعتبر طريقة الوزن هي أدق الطرق المتاحة بالرغم مما قد تسببه من تغيير في النمط الغذائي وما يصحب ذلك من صعوبة في الدراسات الميدانية.وفي إحدى الدراسات الدقيقة التي قام بها معهد التغذية في مصر، وكانت دراسة طولية لمدة 12 شهرا [31، 32] تستلزم الدقة في جمع المعلومات، أجريت عدة طرق للتأكد من دقة وجودة القياسات الغذائية. وقد تبين أن بعضها غير ملائم للبيئة بينما أمكن البعض الأخر بنجاح. ونذكر فيما يلي أنواع هذه الطرق [50] .أ- طرق غير ملائمة للبيئة العربية بصفة عامة:- تغيير الباحثين كل ثلاثة أشهر

ROTATION OF DIETATIANS EVERY 3 Months- التأكد من دقة المعلومات التي يدلي بها الفرد المدروس

reliability of datd given by the respondent- طريقة وزن الوجبات مع رصد مستمر بواسطة فتيات من البيئة المحلية تم تدريبهن

observation and weighing by trained village data coddectorsب- طرق ملائمة للبيئة العربية:- التأكد من دقة المستفسر "جامع المعلومات"

interviewer rediabidity

(1/644)

- التأكد من دقة البيانات المستذكرة بمقارنتها بالبيانات المبنية على تسجيل الوزن vadidation of recadd data against weighed data للفرد والأسرة.- التأكد من دقة القياسات بمقارنة استهلاك الطاقة للفرد بطريقة الوزن بواسطة أعضاء من الأسرة تم تدريبهم مع الاستذكار لمدة 24 ساعة والاستذكار لمدة قصيرة بواسطة الباحثات "أخصائية تغذية".- التأكد من دقة القياسات بمقارنة استهلاك الطاقة للفرد بطريقة الاستذكار لمدة قصيرة مع استذكار غذاء 24 ساعة السابقة.- التأكد من دقة القياسات بالطرق الإحصائية بالحاسب الآلي.بعد استعراض الطرق المختلفة للقياسات الغذائية لا بد من اعتبار العوامل التالية قبل اختيار طريقة معينة للقياس:1- دقة الطريقة ومدى إمكان تكرارها

rediabidity and reproducibidity2- التحكم في صلاحيات القياسات

vadidity3- العبء والمجهود المطلوب من جانب الفرد المدروس

burden on respondints4- تكلفة البحث الميداني وتحليل البيانات.5 - مدى الانتفاع بالقياسات واستخدامها.تحليل قياسات الاستهلاك الغذائي:1- تحويل الكميات المختلفة من الأطعمة المختلفة إلى أوزان بالغرام.2- حساب الفقد لاستخراج الجزء المأكول. ويمكن الاستغناء عن هذه الخطوة إذا استعملت جداول تحليل الأطعمة التي حسبت عليها القيمة الغذائية للأطعمة على أساس الطعام كما يشترى، وأيضا الجزء المأكول مثل جداول منظمة الأغذية والزراعة للشرق الأدنى "1984".3- تحويل كميات الأطعمة المستهلكة إلى طاقة وعناصر غذائية. ويتم ذلك باستعمال جداول تحليل الأطعمة، وتقارن أيضا بالتحليل الكيميائي لعينات منثلة للغذاء. ويستخدم التحليل الكيميائي فقط في الأبحاث الدقيقة مثل تقدير الميزان النيتروجيني أو أبحاث الاستقلاب

metabodic studies ولا بد من تكوين البيانات بدقة مع إبراز العوامل التي تؤثر على الاستهلاك الغذائي.

(1/645)

المراجع:1 -

Jelliffe, D.B. (1966) . The Assessment of the Nutritional Status of the Community.Monograph Series No. 53 WHO, Geneva.2 -

Moussa, W.A. (1988) . Nutrition Survey Planning and Initial Assessment. In: Proceedings of the Intercountry Workshop on Nutrition Assessment in the Near East; Cairo, Egypt, 1 - 5 November 1986. Food and Agriculture Organization of the United Nations, Rome. ESN/MISC./88/2.3 -

Jelliffe, D.B.; Jelliffe, E.F.P.: Zerfas, A.: Neumann, Ch. G. (1989) . Community Nutritional Assessment with special reference to loss technically developed countries. Oxford University Press. Oxford. New York. Tokyo. 4- WHO EMRO Technical Publication No. 13. (1989) . Guidelines for the Development of a Food and Nutrition Surveillance System for countries in the Eastern Mediterranean Region.5 -

Beaton. G.: Kelly. A.: Kevany. J.: Martorell. R. and Mason. J. (1990) . Appropriate Uses of Anthropometric Indices In Children. A report based on an ACC/SCN Workshop. ACC/SCN State of the Art Series. Nutrition Policy Discussion Paper No. 7.6 -

FAO/UNICEF/WHO Expert Committee (1976) . Methodology of Nutritional Surveillance. WHO. Geneva.7 -

Darwich. O and Hussein. M.A. (1988) . Anthropometric Assessment. In: Proceedings of the Intercountry Workshop on Nutrition Assessment in the Near East, Cairo, Egypt, 1 - 5 November, 1986. FAO. U.N., Rome ESN/MISC./88/2.8 -

Gibson, R.S. (1990) . Principles of Nutritional Assessment. Oxford University Press, New York, Oxford.9 -

Waterlow. J.C.; Buzina, R.; Keller, W.; Lane. J.M. and Nichaman, M.Z. (1977) . The Presentation and Use of Height and Weight Data for Comparing the Nutritional Status of Groups of Children Under the Age of 10 years. Bulletin of the World Health Organization, 55. pp 489 - 498.10 -

WHO (1983) . Measuring Change in Nutritional Status.-Guidelines for assessing the nutritional impact of supplementary feeding programmes for vulnerable gropus. WHO, Geneva.11 -

Gomez. F., Ramos - Gaivac. E., Frank, S., Crairoto. J.M., Chavez, R. and Vasquez, J. (1956) . Mortality in second and third degree malnutrition. J. Trop. Paed., 2. 77.12 -

Waterlow. J.C. (1972) . Classification and definition of protein caloric malnutri-tion. Brit. Med. J., iii. 566.13 -

WHO (1963) . WHO Expert Committee on Medical Assessment of Nutritional Status. WHO Technical Report Series No. 258. World. Health Organization, Geneva.14 -

Dunn, J.T. and Hear. F.V. (1990) . A practical guide to the correction of iodine deficiency. International Council for Control of iodine deficiency disorders. UNICEF, WHO. Technical manual No. 3. ISBN 90 - 70785 - 05 - 6.15 -

WHO (1982) . Control of vitamin A deficiency and xerophthalmia. Report of a

joint WHO/UNICEF/USAID/Hellen Keller International/IVACG Meeting. Technical Report Series 672. WHO. Geneva.

(1/646)

16 - El - Ghorab, M. (1988) . Clinical and Biochemical assessment. In: Proceedings of the intercountry workshop on nutrition assessment in the Near East; Cairo, Egypt. 1 - 5 November 1986. FAO, Rom. ESN/MISC./88/2.17-

Smith. W.C.S., Tavendale, R. and Tanstall - Pedoe, H. (1986) . Simplified subcutaneius fat biopsy for nutritional survey. Hum. Nutr. 40. 323.18 -

Heymsfield, S.B., McManus. C, Stevens, V., and Smith, J. (1982) . Muscle mass: reliable indicator of protein energy malnutrition severity and outcome. Am. J. Clin. Nutr. 35. 1192.19 -

Heymsfield, S.B., Artreaga. C, McManus, C, Smith, J., and Moffitt, S. (1983) . Measurement of muscle mass in humans: Validity of the 24 - hour urinary creatinine method. Am. J. Clin. Nutr. 37. 478.20 -

Klepinger. L.L. (1984) . Nutritional assessment from bone. Ann. Rev. Anthrop. 13. 75.21 -

Whitehead. R.G. (1965) . Hydroxyproline creatinine ratio as an index of nutritional status and rate of growth. Lancet 2.567.22 -

DeMaeyer, E.M., Dallman. P., Gurney, J.M., Hallberg, L. Sood, SK. and Strikantia. S.G. (1989) . Preventing and controlling iron deficiency anemia through Primary Health Care. WHO, Geneva.23 -

WHO Techenical Report Series No. 405 (1968) . Nutritional Anaemias: report of a WHO Scientific Group.24 -

International Nutritional Anaemia Consultative Group, (1985) . Measurement of iron status. Washington. DC. INACG.25 -

Neumann et al (1982) . Normal values of some biochemical tests of nutritional status in children. In: reference No. 3 p 501.26 -

Wald, N. et al. (1980) . Low serum vitamin A and subsequent risk of cancer. Preliminary results of a prospective study. Lancet, 2: 813 - 815.27 -

Sauberlich HE. Dowdy RP. Skala. JH. (1974) . Laboratory tests for the assessment of nutritional status. CRS Press, Inc., Boca Raton. FL.28 -

Sauberlich HE. Dowdy RP. Skala. JH. (1974) . Interpretive guidelines for the urinary excretion of riboflavine.29 -

Sauberlich HE. Dowdy RP. Skala. JH. (1974) . Interpretive guidelines for the urinary N'methylnicotinamide.30 -

Johnson. A. and Behrens. C.A. (1982) . Nutritional criteria in Machiguenga food production decisions: linear programming anaslysis. Human Ecol. 10. 167.31 -

Galal. O.; Kirksey. A.; Harrison. G.; Jerome. N.; Dakroury. A.; Moussa. W.; Shaheen. F. and others (1987) . The Collaborative Research Support Program "CRSP" on Food Intake and Human Function. Final Report. Grant No. Dan -1309 - G - SS - 1070 - 00. U.S.AID.32 -

Kirksey. A.; Harrison G.; Galal. O.; McCabe.; Wachs, T, and Rahmanifar A. (1992) . The Human Costs of Moderate Malnutrition in an Egyptian Village. Final report to the U.S. Agency for International Development No. DAN 1309 - A - 00 -9090 - 00.33 -

Somer, A. (1982) . Field guide to the detection of and control of xerophthalmia 2nd edn. WHO, Geneva.34 -

Thornton, S.P. (1977) . A rapid test for dark adaptation. Ann. Ophth. 9. 731.35 -

Favaro. RMD., de Souza, N.V., Vannuchi, H. Desai, ID., and Dutra da Olivera, J. (1986) . Evaluation of rose bengal staining test and rapid dark adaptation test in the field assessment of vitamin A status of pre - school children in Southern Brazil.

(1/647)

Am. J. Clin. Nutr. 43. 940.36 -

Chandra, R.K. (1982) . Nutritional assessment of the individual. Nutr. Res. 2. 543.37 -

Squires. B.T. (1965) . Differential staining of fuccal epithelium smears as an indicator of poor nutritional status due to protein - calorie deficiency. J. Pediat. 66. 891.38 -

Wiersinga. A. and Korte (1970) . A cytological study of buccal smears as an indicator of nutritional status. East Afr. Med. J. 47. 14.39 -

Wittenpenn JR. Tseng SCG. Sommer A. (1986) . Detection of early xerophthalmia by impression cytology Archives of Ophthalmology 104: 237 - 239.40 -

Amedee - Manesme O. Luzeau. R. Wittepenn JR, Hanck A., Sommer A. (1988) . Impression cytology detects subclinical vitamin A deficiency. Anjerican Journal of Clinical Nutrition 47: 875 - 878.41 -

Gadomski AM, Kjolhede CL, Wittepenn J, Rosas AR, Forman MR (1989) . Conjunctival impression cytology (CIC) to detect subclinical vitamin A deficiency. Comparison of CIC with Biochemical assessments. American Journal of Clinical Nutrition 49: 495 - 500.42 -

Kjolhede CL. Gadomski AM. Wittenpenn J, Bulux J, Rosas A. Solomons NW. Brown KH, Forman MR (1989) . Conjunctival impression cytology: feasibility of a field trial to detect subclinical vitamin A deficiency. American Journal of Clinical Nutrition 49: 490 - 494.43 -

Ricci, J, Jerome, N. Aly. H., Moussa. W., Galal, O., Harrison, G. and Kirksey A. (1992) . Maternal time allocation and child food consumption in a peri - urban Egyptian Village. In: Sorkin, A (ed.) . Food Policy. Nutrition and Development. Vol. 8. Research in Human Capital and Development. Greenwich. Conn. Jal Press.44 -

Noor. E., Kirksey. A., Wacks. T.; Jerome, N.; McCabe, G.; Aly, H.; Galal. O. and Harrison. G. (1991) . Mother - Toddler interaction and care giving behaviour in an Egyptian Semirural village. Federation of American Societies for Experimental Biology. Atlanta G.A. April 21 - 25.45 -

WOH/FAO/UNICEF (1992) . Care and Nutrition: Theme paper prepared by Patrice Engle for UNICEF in preparation for the International Conference of Nutrition "ICN".46 -

Food and Agriculture Organization (1977) . FAO's Food balance Sheets. Food and Nutrition 3.4.47 -

Jelliffe, D.B. and Jelliffe, E.F.P. (1989) . Human milk in the modern world (2nd edn) . Oxford University Press.48 -

Dowler EA, OK Seo YI (1985) . Assessment of energy intake. Food policy, August, 278 - 288.49 -

ALy, H.; Dakroury, A.; Said. A.; Moussa, W.; Shaheen, F.; Ghoneme, F.; Hussanein. M.; Hathout. M.; Shehata, M. and Gomaa, H. (1981) . ARE National Food Consumption Study, Final Report, Nutrition Institute, Ministry of health.50 -

Moussa, W. (1988) . Dietary Assessment, Food Consumption Surveys. In: Proceedings of the Inter - Country Workshop on Nutrition Assessment in the Near East. Cairo. Egypt. 1 - 5 November 1986. FAO - UN Rome. (ESN/MISC./ 88/2) .51 -

Moussa, W.A. (1983) . Report on Household Food Inventory, Pilot Testing. In: Report. Phase I Research on "Food Intake and Function". Egypt Nutrition CRSP. Contract No. ADN - 1309 - G - SS - 10700 - 00. US. AID. (Nutrition

(1/648)

Institute, Perdue University. University of Arizona and University of Kansas) .52 -

Moussa W.A.; Hegazy. M.E; Weber. C. (1989) . Energy and Protein Bioavail-ability of Egyptian Rural Preschooler diets, Implication and Application. Proceedings of the 14th International Congress of Nutrition P 384. Seoul. Korea.53 -

Hartoge. A.P. and Staveren W.A. (1985) Manual For for Social Surveys on Food Habits and Consumption in Developing Countries. Pudoc Wageningen. Holland.54 -

Reh, E. (1967) . Manual on Household Food Consumption Surveys. FAO Nutritional Studies, No. 18. FAO. Rome.55 -

Burke. B.S. (1947) . The dietary history as a tool in research. Jour. Am. Diet. Assoc, 23. 1041 - 1046.56 -

Abdou, LA. and Moussa, W.A. (1975) . Study of dietary factors causing growth retardation of boys in the Egyptian village. Egypt. Journal of Nutrition, 1. 43 - 58.57 -

Balogh, M.; Kahn. A.A., Medalie. J.H. (1971) . Random report 24 - hour dietary recalls. American Journal of Clinical Nutrition 24: 304 - 310.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خلاصة القول في الختان لا يثبت فيه نص محكم

الختان {ب بدر م الطب الاسلامي} بسم الله الرحمن الرحيم   خلاصة القول في الختان 1 1. انه مفروض بالنسبة للذكور 2. مكروه بالنسبة للإ...