الحاوي في الطب
(الْجُزْء الْخَامِس عشر) (الْحمى المطبقة والأمراض الحادة)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(4/341)
(فارغة)
(4/342)
(الْحمى المطبقة وَهِي الدموية) (والأمراض الحادة والحادثة عَن السدد القوية الَّتِي هِيَ من جنس حمى يَوْم وَلَا) (عفن مَعهَا وَسَقَى المَاء الْبَارِد وتقدمات الحميات الدائمة اسْتَعِنْ بالغب) (والمحرقة يَنْبَغِي أَن نرد تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة إِلَى هُنَا وَلَا نَتْرُك فِي بَاب الغب إِلَّا) (الغب الدائرة)
3 - (جَوَامِع البحران)
قَالَ: الغب اللَّازِمَة هِيَ المحرقة والمطبقة هِيَ حمى الدَّم وهما جَمِيعًا ينقضيان فِي الْأُسْبُوع الأول.
لى: ج يعد الْحمى المطبقة الْمُسَمَّاة سونوخس ضربا من ضروب حميات الصَّفْرَاء لِأَنَّهُ يرى أَن)
الدَّم إِذا عفن فَهُوَ صفراء. وَيجب فِي الْحق أَن يعدها نوعا على حِدته لِأَن بَين الدَّم إِذا عفن وَبَين الصَّفْرَاء إِذا عفنت بوناً بَعيدا وَقد نجد الحميات المحرقة أَشد حرارة وأيبس وأنشف من المطبقة كثيرا وَبَينهمَا أَيْضا من الْفرق أَن المحرقة لَهَا فترات مَا بعض الْأَوْقَات لَازِمَة للنوائب فَأَما المطبقة فَلَيْسَ فِيهَا ذَلِك لَكِن إِمَّا أَن تبقى بِحَالِهَا إِلَى أَن تَنْقَضِي وَإِمَّا أَن تزداد شدَّة إِلَى شدتها دَائِما إِلَى أَن تَنْقَضِي وَإِمَّا أَن تزداد خفَّة إِلَى أَن تَنْقَضِي وَذَلِكَ الْوَاجِب لِأَن هَذِه الْحمى لما كَانَت من عفن الدَّم وَهُوَ على كثرته وغزارته وحصوله فِي جَوف العوق وَبعده من التَّحَلُّل وَجب أَولا أَن لَا تكون لَهَا فترات لِأَن الفترة إِمَّا أَن تكون إِذا ابتدأت مَادَّة الْحمى وَلَا تزَال مَوْجُودَة إِلَى أَن تعود فتجتمع الْمَادَّة أَيْضا ثَانِيَة وَكَثْرَة الدَّم وحصوله فِي جَوف الْعُرُوق يمنعان من ذَلِك ثمَّ تكون حَالهَا فِي اطباقها على قدر عفن الدَّم فَإِنَّهُ إِذا كَانَت العفونة فِيهِ قَوِيَّة حَتَّى أَنه لَا يفئ التنفس بهَا لم تزل تزداد وَإِن كَانَت العفونة يفئ بهَا التنفس لم تزل على حَال وَإِن كَانَت العفونة ضَعِيفَة لم تزل متناقصة وَهَذَا إِنَّمَا يكون بِحَسب العفن فِي الْأَبدَان.
3 - (سَبَب الحميات)
لي: الحميات المطبقة تكون من عفن الدَّم دَاخل الْعُرُوق وَمن عفن الصَّفْرَاء. وَقد قَالَ ج: فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من كتاب البحران: أَنه لَا يُمكن أَن يفرق بَينهمَا فِي الْيَوْم الأول وَلَا فِي الثَّانِي وَلَا فِي ذَلِك أَيْضا مَنْفَعَة لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحْتَاج أنم يعرف مِنْهَا أَنَّهَا من الحميات الحادة وَأَن بحرانها لَا يُجَاوز السَّابِع. وَج لَا يفرق بَين هَذِه والمحرقة بل يسميها محرقة.
(4/343)
قَالَ: وَلَيْسَ لِأَن الْأَطِبَّاء سَموهَا سونوخس وَجب أَن لَا تكون من جنس الحميات المحرقة لِأَن الدَّم إِذا عفن فَهُوَ صفراء وَقد قُلْنَا أَن بَين الصَّفْرَاء إِذا عفنت وَبَين الدَّم إِذا عفن بوناً عَظِيما وَالَّذِي أرى أَنه يُمكن أَن يعلم أَنه من أول نوبَة نوع هَذِه الحميات وَذَلِكَ أَن الْبدن يكون فِيهَا ممتلئاً وَالْعُرُوق دارة وَالْعين حَمْرَاء وَالنَّفس ضيقا والحرارة كَثِيرَة بخارية.
من الْمقَالة الثَّانِيَة من كتاب البحران قَالَ: الحميات المطبقة مِنْهَا مَا لَا يكون لَهَا من حِين تبدأ إِلَى وَقت البحران تنقص وعودة وَمِنْهَا مَا تكون تشتد غبا إِلَّا أَنه لَا يكون لَهَا فِي الْأَيَّام الَّتِي فِي مَا بَين كل نوبتين من نَوَائِب الغب نوبَة أُخْرَى كالحمى الْمُسَمَّاة المطرطاوس وَهَاتَانِ جَمِيعًا من الحميات الحادة جدا الَّتِي يَأْتِي البحران فِيهَا فِي السَّابِع وَلَيْسَ هَذِه الْحمى الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي شطر الغب بِعَينهَا لَكِنَّهَا ضرب من المطبقة يشْتَد الْأَمر فِيهَا فِي الْأَيَّام الْأزْوَاج جدا.)
من الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: يعرض فِي المطبقة وَهِي الْمُسَمَّاة سونوخس أَنه يلقى قَالَ: كثيرا مَا تورث هَذِه الحميات حميات دق ذبولية إِذا كَانَ صَاحبهَا مُحْتَاجا إِلَى شرب مَاء بَارِد فَمنع مِنْهُ وَلم يحتل لَهُ فِي تبريد بَطْنه بأضمدة بادرة تُوضَع على مَا دون الشراسيف والصدر فَإِن كَانَت هَذِه الْحمى من أورام الأحشاء وَوضع عَلَيْهَا الأضمدة المحللة فَإِنَّهُ يسْرع الْوُقُوع فِي الدق جدا.
لى: الحميات المطبقة تكون كثيرا من ورم الأحشاء إِذا ورمت ورماً حاراً.
3 - (أَصْنَاف الحميات)
من الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: الحميات الدائمة مِنْهَا مَا يكون عَن الصَّفْرَاء وَهِي صنفان: إِحْدَاهمَا تفتر غبا وَهِي المحرقة وَالثَّانيَِة هِيَ الْمُسَمَّاة سونوخس وَهِي المطبقة أَي لَيْسَ لَهَا ابْتِدَاء وفترة من أَولهَا إِلَى آخرهَا وَمِنْهَا مَا يكون عَن السَّوْدَاء وَهِي نظيرة الغب اللَّازِمَة وَمِنْهَا عَن البلغم وَهِي نظيرة البلغمية اللَّازِمَة.
قَالَ: وأصناف الْحمى المطبقة ثَلَاث: الْبَاقِيَة بِحَال والمتزايدة والمتنقصة.
قَالَ جالينوس: وَمن الحميات الدائمة الَّتِي من الصَّفْرَاء مَا تنوب فِي الْيَوْم الثَّالِث دَائِما فَقَط وَمِنْهَا مَا تكون لَهَا فِي الْيَوْم الْمُتَوَسّط بَين كل نوبتين نوبَة وَلَيْسَ هَذِه الْحمى اسْم خَاص. وَهَذِه الحميات الَّتِي لَهَا نوبَة أُخْرَى فِيمَا بَين كل نوبتين مِنْهَا مَا يجْرِي أمره على شكل النائبة سَوَاء فَتكون كنوبتين متواليتين مِنْهَا متشابهتين وَمِنْهَا مَا تكون النوبتان غير متشابهتين بل تكون النّوبَة الثَّالِثَة مثل الأولى سَوَاء وَالرَّابِعَة مثل الثَّانِيَة فَيجْرِي أمرهَا على شكل حَنى غب وَهَذِه الْحمى خَاصَّة تكون من الْمرة الصَّفْرَاء فَأَما الَّتِي نوبتاها المتواليتان متساويتين فَإِنَّهَا تكون من خلط هُوَ إِلَى البلغم أميل.
قَالَ: وَأَنا أسمي هَذِه الحميات الشبيهة وَلَا أسمي وَاحِدَة من هَاتين شطر الغب.
(4/344)
لى: تفقد فِي الحميات الدائمة أَولا يكون دوامها من أجل اتِّصَال النوائب وَيعرف ذَلِك من أدوار الحميات. وجودة الْمعرفَة بهَا تكون بِأَن تتفقد هَل ترى ابتداءها وانحطاطها محسوسا وَأَن تكون عَالما بِحَال ابْتِدَاء النوائب وانحطاطها فَإِذا حصلت ذَلِك فَإِن من الحميات الدائمة الصفراوية وَهِي المحرقة الْخَالِصَة وتنوب هَذِه وتفتر غبا وَمِنْهَا من الصَّفْرَاء الْغَيْر الْخَالِصَة حمى تنوب وَلَا تفتر غبا إِلَّا أَنه يكون بَين كل نوبتين إِلَى الْيَوْم الْمُتَوَسّط بَينهمَا نوبَة أُخْرَى. الْحمى الَّتِي تقع فِيهَا النوائب فِي الْوسط رُبمَا جرى أمرهَا على مِثَال حَال النائبة كل يَوْم حَتَّى يكون كل نوبتين)
متواليتين مِنْهَا متشابهتين وَهَذِه تكون من خلط هُوَ إِلَى البلغم أميل وَمِنْهَا مَا يكون النوبتان المتواليتان غير متشابهتين بل الَّتِي تجْرِي على حسب الغب متشابهة حَتَّى تكون الأولى مثل الثَّالِثَة وَالثَّانيَِة مثل الرَّابِعَة. وَهَذِه تكون من خلط هُوَ إِلَى الصَّفْرَاء أميل. وَحمى لَا تفتر وَلَا تغب من المطبقة وَقد شكّ فِيهَا فَزعم ج أَنَّهَا من الصَّفْرَاء لِأَن الدَّم إِذا عفن صَار صفراء وَقد قُلْنَا فِي ذَلِك أَن هَذِه ثَلَاثَة أَصْنَاف: متناقضة ومتزايدة وباقية بِحَال فَذَلِك جَمِيع الحميات الكائنة عَن الصَّفْرَاء.
وَالدَّم اللَّازِمَة سِتّ حميات فَأَما البلغمية والسوداوية فَمِنْهَا حميان لازمتان إِحْدَاهمَا تشتد ربعا وَقَالَ ج: إِنَّه قَلما تكون وَالْأُخْرَى تشتد كل يَوْم وَهِي البلغمية اللَّازِمَة وَالْغِب الْمُفَارقَة.
قَالَ: وَإِن فِي أَمر سونوخس لعجباً فَإِنَّهَا رُبمَا بقيت بِحَال وَاحِدَة سَبْعَة أَيَّام.
من جَوَامِع الحميات غير الْمُنْفَصِلَة: الحميات الْحَادِثَة عَن ورم الأحشاء كلهَا غير مُفَارقَة.
من الثَّالِثَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: تحدث حمى الكائنة عَن السدد إِذا كَانَت قَوِيَّة حمى دائمة مطبقة طبيعتها حمى يَوْم لِأَنَّهُ لَا عفن مَعهَا وَلَيْسَت ثَابِتَة فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
قَالَ: وَلَا تفارق حمى يَوْم فِي الْحَقِيقَة والطبع بل فِي الِاسْم لِأَنَّهَا تبقى لابثة أَيَّامًا بِحَال لَا تنوب وَلَا تنحط.
قَالَ: وَقد سميت سونوخس إِلَّا أَن من الحميات المطبقة حمى أُخْرَى تسمى سونوخس الْفرق بَينهَا وَبَين هَذِه عَظِيم لِأَن تِلْكَ تكون عَلَامَات العفوية فِيهَا ظَاهِرَة وَتَكون عِنْد مَا تعفن الأخلاط فِي الْعُرُوق كلهَا على السوَاء وَأما هَذِه فَلَا علاما للعفوية مَعهَا الْبَتَّةَ بل هِيَ من جنس حمى يَوْم إِذا لم تتحلل الأخلاط الَّتِي ثارت لانسداد المجاري وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ مَا يتَحَلَّل من البخار من الْبدن قَلِيلا جدا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا جرت بِهِ الْعَادة وَجب أَن يسخن وتجتمع فِيهِ أخلاط ويحم.
قَالَ: وَلَيْسَ من هَاتين الحميين تحدث فِي الْأَبدَان الْبَارِدَة القضيفة وَإِنَّمَا تحدث فِي الْأَبدَان الرّطبَة الْكَثِيرَة اللَّحْم وَالدَّم لِأَن السدد لَا تفي بتوليد الْحمى دون أَن يكون مَا يتَحَلَّل من الْبدن كثيرا غَايَة الْكَثْرَة وعفونة الأخلاط لَا يُمكن أَن تَنْتَشِر فِي الْأَبدَان الْبَارِدَة
(4/345)
المزاج فِي جَمِيع الْعُرُوق الَّتِي فِيمَا الحالبين والإبطين انتشاراً سَوَاء سَرِيعا وكل شَيْء يعفن يحْتَاج أَن يكون حاراً رطبا وَأَن يَنْقَطِع عَنهُ التَّحَلُّل فَيبقى لَا يتنفس وَلذَلِك لَا تحدث المطبقة فِي الْأَسْنَان والأمزجة الْبَارِدَة طبيعياً كَانَ ذَلِك المزاج أَو مكتسباً وَكَذَا لَا تحدث هَذِه الحميات فِي الْأَبدَان القضيفة وَلَا فِي الْأَبدَان المتخلخلة)
لَكِن أَكثر مَا تحدث فِي الْأَبدَان الْكَثِيرَة الدَّم المتكاثفة أَو فِي الَّتِي هِيَ مَمْلُوءَة فضولاً حارة وَهِي متكاثفة.
قَالَ: وَكَذَا نبض من تصيبه هَذِه الْحمى الَّتِي هِيَ من جنس حمى يَوْم مستو عَظِيم جدا قوي لَا صلب وَلَا لين بل على الْحَال الطبيعية وَتَكون سرعته وتواتره بِقِيَاس عظم الْحمى فِي أحد الجنسين.
وَقَالَ: قد حم فَتى حمى مطبقة بِلَا عفن وَآخر حمى مطبقة مَعَ عفن فَأَما الَّذِي بِلَا عفن فَإِنَّهُ ابتدأت بِهِ السَّاعَة الثَّالِثَة من ذَلِك ورأيته فِي السَّاعَة الثَّالِثَة من النَّهَار فَوَجَدته محموماً حمى حارة غَايَة الْحَرَارَة إِلَّا أَن نبضه كَانَ مستوياً مسرعاً عَظِيما جدا متواتراً قَوِيا وَكَيْفِيَّة حرارة حماه كَذَلِك لَا تلذع الْبدن وَلَا تَأْكُله وَلَا تؤذيه بل كَانَت بخارية على أَنَّهَا كَانَت كَثِيرَة قَوِيَّة وَكَانَ بَوْله قَرِيبا من الْبَوْل الطبيعي وَعرفت أَنه كَانَ قطع الرياضة ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ ارتاض قبل يَوْم الْحمى بِيَوْم رياضة قَوِيَّة وَلم يستمرئ طَعَامه جيدا وحم وَكَانَ أَحْمَر اللَّوْن وَالْبدن كثير اللَّحْم وَكَانَ يَحْكِي عَن نَفسه أَنه يجد مس الامتلاء فأخرت فصده فِي وقتي ذَلِك لأنظر إِلَيْهِ بالْعَشي هَل تفارق الْحمى فَلَمَّا كَانَ بالْعَشي كَانَت بِحَالِهَا فحدست أَنَّهَا سونوخس حدثت من أجل عدم التَّحَلُّل لِكَثْرَة اللَّحْم وَكَثْرَة الدَّم وَمَكَثت الْحمى لَيْلَتهَا كَذَلِك وَلم تفصل من الْغَد من تواني الْأَطِبَّاء فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّة الْيَوْم الثَّالِث والحمى بِحَالِهَا اشْتَدَّ قلقه فَبعث إِلَيّ فَوجدت الْحمى بِحَالِهَا والنبض كَمَا ذكرت وَلم أجد فِي النبض وَلَا فِي الْبَوْل وَلَا فِي كَيْفيَّة الْحَرَارَة شَيْئا يدل على عفن ففصدته وأخرجت الدَّم إِلَى أَن غشي عَلَيْهِ لِأَنِّي علمت قِيَاسا وتجربة أَن هَذَا أبلغ الْأَشْيَاء المطبقة مَتى كَانَت الْقُوَّة تحْتَمل وَأول منفعَته أَن الْبدن يَنْقَلِب إِلَى ضد المزاج الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ لغَلَبَة الْبرد عَلَيْهِ فِي وَقت الغشي وَلَيْسَ يقدر على شَيْء أبلغ نفعا من هَذَا فِي هَذِه الْمَوَاضِع ثمَّ لَا بُد أَن يتبع هَذَا الغشي فِي هَذِه الْأَبدَان لطلاق الطبيعة أَو قيء الصَّفْرَاء أَو تظهر بعد ذَلِك فِي الْبدن كُله ندواة وعرق على الْمَكَان وتطفأ الْحمى وتخمد وَكَذَا كَانَت فِي الْفَتى ثمَّ إِنِّي غذوته بعد الفصد بساعتين غذَاء يَسِيرا وألزمته السّكُون وعدت فِي السَّاعَة الْخَامِسَة من النَّهَار وَكَانَ يعرق فِي النّوم وَيمْسَح عرقه وَلَا يشْعر فَأمرت أَن لَا يتوانى فِي مسح عرقه وعدت بالْعَشي فَكَانَ على مِثَال ذَلِك فأنبهته وغذوته بِمَاء الشّعير وأدخلته الْحمام من غَد هَذَا الْيَوْم وغذوته.
قَالَ: والفتى الآخر تَعب نَهَاره كُله ثمَّ صب عَلَيْهِ مَاء وَتَنَاول شَيْئا يَسِيرا من طَعَام وحم بِاللَّيْلِ)
ورأيته فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَكَانَ فِي سَائِر حالاته كالمتقدم إِلَّا أَن العلامات الدَّالَّة على
(4/346)
العفن كَانَت بَيِّنَة فِيهِ ففصدته وأخرجت دَمه إِلَى أَن غشي عَلَيْهِ ثمَّ انتظرت بِهِ وقتاُ صَالحا وغذوته فِي أول الْأَمر بِمَاء الْعَسَل ثمَّ بِمَاء الشّعير وَلما رَأَيْت الْحمى بعد الفصد ثَابِتَة على حَال حدست أَنَّهَا سونوخس عفونية إِلَّا أَنِّي أردْت أَن أحقق مَعْرفَتهَا هَل تنوب غبا فِي الْيَوْم الثَّالِث وَكَانَ الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي أَن تنوب فِيهِ السَّاعَة السَّابِعَة فَلم تزد لَكِن كَانَت منتقصة فِي الْيَوْم الثَّالِث بكرَة وَكَانَت فِي نصف هَذَا الْيَوْم أبين تنقصاً فَعلمت أَنه سونوخس منتقصة فغذوته فِي هَذَا الْوَقْت فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الْخَامِس ظهر نقصانها جدا وبحسب نُقْصَان الْحمى كَانَ نضج الْبَوْل فحكمت أَنَّهَا تَنْقَضِي فِي السَّابِع فَكَانَ كَذَلِك.
قَالَ: وَقد رَأَيْت هَذِه الْحمى تتناقص مُنْذُ أَولهَا إِلَى آخرهَا مَرَّات ورأيتها تتزايد وَبَعضهَا بَاقِيَة بِحَال وَاحِدَة وَرَأَيْت بَعْضهَا تظهر مَعهَا عَلَامَات العفوية أول يَوْم وَبَعضهَا فِي الثَّالِث وَأكْثر ذَلِك فِي الرَّابِع إِذا لم يفصد الْمَرِيض عرق.
قَالَ: وَلَيْسَ أحد يحم من قبل سدة بِلَا عفوية فيتقدم فِي الفصد فتنقلب حماه إِلَى العفوية أصلا وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يخرج الدَّم إِلَى حُدُوث الغشي أَن ساعدت السن وَالْقُوَّة فَإِن لم تساعد إِحْدَاهمَا فَأخْرج أَولا مِقْدَار مَا تحمله واستدرك مَا ترَاهُ يحْتَاج إِلَى إِخْرَاجه فَإِنَّهُ مَتى لم يفصد من تصيبه هَذِه الْحمى وَقع فِي غَايَة الْبلَاء وأشرف على الْخطر إِلَّا أَن يطْمع بِفضل من قوته فيتخلص برعاف قوي أَو عرق كثير.
قَالَ: فِي هَذِه الحميات إِذا حدثت خلوا من عفونة فَهِيَ على مثل مَا قُلْنَا من جنس حمى يَوْم وَمَتى كَانَت مَعهَا عفونة مُنْذُ أول أمرهَا أَو فِي آخِره فَإِنَّهُ إِن كَانَت العفونة حدثت فِي الْعُرُوق كلهَا وخاصة فِي كِبَارهَا حدثت عَنْهَا حمى مطبقة فَإِن كَانَت العفوية إِنَّمَا هِيَ فِي عُضْو وَاحِد حدثت بنوب وأدوار.
لى: انْظُر فِي هَذَا فَإِن هَذَا يدل على أَن الحميات الَّتِي من عفن أورام الأحشاء غير دائمة. وَقَالَ فِي كتاب البحران قولا كَأَنَّهُ يُنَاقض هَذَا بل اعْتمد على هَذَا القَوْل فَإِنَّهُ لَا تكون حمى مطبقة من ورم عُضْو مَا لَكِن إِذا كَانَت جَمِيع الأخلاط الَّتِي فِي الْعُرُوق قد سخنت بِالسَّوِيَّةِ وَلم يقل فِي كتاب البحران: إِنَّه يكون من ورم الأحشاء حمى مطبقة بل قَالَ: أَنه يكون من أورامها حميات محرقة هَذَا القَوْل يذهب على شدَّة حَرَارَتهَا لَا على دوامها.)
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن لَا تقتصر على ذكر النافع جدا مرّة أَو مرَّتَيْنِ.
أَقُول: إِن من حم من سدد فَأخْرج مِنْهُ بِقدر مَا تحْتَمل قوته لِأَن الْحَرَارَة قد كثرت واحتقنت فِيهِ. فَإِن لم تفعل فَإِنَّهَا ستختنق طَبِيعَته وَتصير إِلَى الغشي لَا محَالة إِلَّا أَن اتّفق لَهُ فضل قُوَّة فينجو من الْمَوْت بعرق أَو رُعَاف.
قَالَ: وَصَاحب هَذِه الْحَال تظهر فِيهِ عَلَامَات الامتلاء بِحَسب التجويف فيحمر لَونه وينتفخ بدنه.
(4/347)
قَالَ: وَهَذَا الامتلاء يكون بِسَبَب صِحَة الْقُوَّة لِأَنَّهُ إِنَّمَا هُوَ لِكَثْرَة الدَّم وَغَلَبَة الطبيعة قيام لطبيعة عَلَيْهِ وتنفيسها لَهُ لم يكن بُد من أَن يعفن وَلذَلِك صَار الْأَصْلَح أَن يقْصد إِلَى إِخْرَاج الدَّم لتنقى الطبيعة وَالْعُرُوق حافظة لمزاجها الطبيعي المعتدل بِبَقَاء التَّحَلُّل والتنفس لَهَا فتقوى على قهر بَاقِي الْخَلْط وإصلاحه وَالْقِيَام عَلَيْهِ لِئَلَّا يعفن كَمَا لم تزل تفعل ذَلِك.
قَالَ: فَهَذِهِ الْحمى إِن دبرهَا طَبِيب جَاهِل زَادهَا بِتَرْكِهِ استفراغ الدَّم لِأَنَّهُ إِن لم يستفرغ بَقِي عدم التَّحَلُّل والتنفس بِحَالهِ لِكَثْرَة الدَّم وَلم يعفن سَائِر أَبْوَاب العلاج شَيْئا لِأَنَّهُ إِن ذهب بِبرد ويطفئ فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ ينفع قَلِيلا فِي أول الْأَمر إِن ذهب يحقن فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ ينفع قَلِيلا فِي أول الْأَمر فَإِنَّهُ بِبرْدِهِ يحقن وَيحبس الامتلاء فِي جَوف الْبدن لِأَن الْأَشْيَاء الَّتِي تستفرغ الامتلاء كلهَا حارة فَإِن أردْت إِن تحلل الامتلاء بهَا فِي حرارة الْحمى وَإِن اطفأت الْحمى حصرت الامتلاء وأوقفته.
قَالَ: فَلَا تدع الفصد وَلَا تنظر فِي الْأَيَّام لَكِن فِي الْقُوَّة فَإِذا كَانَت الْقُوَّة ثَابِتَة فافصد فِي السَّادِس وَالسَّابِع فَقَط بل وَسَائِر الْأَيَّام وَإِن اضطررت فِي وَقت مَا إِلَى علاج مَرِيض مُمْتَنع من الفصد بجهله وفزعه وَجَهل من الْأَطِبَّاء وَلم يكن لَك بُد من علاجه فاسقه المَاء الْبَارِد بعد أَن تستقصي النّظر وَتعلم هَل يضرّهُ أم لَا وَكم مِقْدَار ضَرَره فَإِن رَأَيْت مضرته يسيرَة فاسقه مَاء بَارِد بَالغ الْبرد ومكنه أَن يشرب مِنْهُ مَا أحب أَو أَزِيد من ذَلِك بعد أَن كَانَ مُعْتَادا لَهُ وَقت الصِّحَّة وَإِن رَأَيْت المَاء الْبَارِد يضرّهُ ضَرَرا عَظِيما فتوقه وَاسْتعْمل بدله أَشْيَاء تفتح السدد وتستفرغ الامتلاء وتطفئ حرارة الْحمى.
ومضار المَاء الْبَارِد إِذا شرب فِي غير وقته وبأكثر مِمَّا يَنْبَغِي أَنه يمْنَع الأخلاط اللزجة الغليظة الَّتِي قد أورثت السدد والورم الْحَار والحمرة أَو ورماً صلباً إِن كَانَ فِي الْبَطن مرار إِن ترق وتلطف وتتحلل فَيكون الشَّارِب لَهُ سَاعَة يشربه يجد لَهُ رَاحَة عَظِيمَة لتطفئه الْحمى لَكِن لِأَنَّهُ)
يبْقى السَّبَب قَائِما ثَابتا لَا بُد أَن يثبت حمى أُخْرَى وَرُبمَا كَانَت أصعب وَأَشد من الأولى من أجل مَا يحدثه المَاء الْبَارِد من التقبض والتكاثف فِي الْبدن وَهَذِه إِحْدَى مضاره وَهِي مضرَّة عَظِيمَة لَا يَنْبَغِي أَن يتهاون بهَا وَله مضرَّة أُخْرَى وَهِي أَنه إِن كَانَ فِي الْبدن عُضْو ضَعِيف من الأَصْل أَو لسَبَب عَارض ضره المَاء الْبَارِد فقد رَأَيْت من أضرّ بمريئه حَتَّى مَنعه الازدراد إِلَّا بكد. وَآخر أضرّ بمعدته أَو بكبده أَو بالقولون أَو برئته أَو بحجابه وأضرار بكلاه ومثانته فضعف الْعُضْو الَّذِي أضرّ بِهِ عَن فعله الْخَاص بِهِ وَقوم آخر لما شربوه فِي غير وقته وبأكثر من مِقْدَاره ضَاقَ نفسهم على الْمَكَان وتشنجوا ولحقتهم رعشة وَبِالْجُمْلَةِ فَيضر فِي جنس العصب كُله.
قَالَ: وَلَا تجبن لما قلته عَن سقيه فِي مَوْضِعه فقد رَأَيْتنِي وَأَنا اسقيه فانفع بِهِ وَلَا أضرّ بل إياك أَن تسقى من فِي أَعْضَائِهِ الشَّرِيفَة ورم رخو أَو صلب وَلَا من فِي بدنه سدد وأخلاط غَلِيظَة. فَأَما مَتى رَأَيْت عَلَامَات النضج بَيِّنَة وَلم يكن ورم فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن تتفقد وَاحِدَة وَهُوَ أَن لَا تكون وَلم يكن فِي الْبدن عُضْو شرِيف بَارِد المزاج يبلغ من برودته أَن يضر بِهِ المَاء الْبَارِد وَإِن كَانَ يخالطه ورم حَار فَلَا تسقه المَاء الْبَارِد حَتَّى تَنْتَهِي عَلَامَات النضج.
(4/348)
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فالحميات المطبقة مِنْهَا نوع يتَوَلَّد عَن سدد مَعَ عفونة تكون فِي الْعُرُوق كلهَا فَمَتَى مَا ظَهرت فِي هَذِه عَلَامَات تدل على نضج الأخلاط فَاسق المَاء الْبَارِد بِثِقَة واتكال فَإِن طبيعة الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة إِذا تقوت بِالْمَاءِ الْبَارِد قويت على نضج الأخلاط واجتذبت بَعْضهَا واغتذت بِهِ وَدفعت الْبَاقِي وأخرجته عَن الْبدن بالعرق أَو بإسهال أَو ببول أَو نَحْو ذَلِك وَإِن كَانَ الْمَرِيض مُعْتَادا لشرب المَاء الْبَارِد فَذَلِك يزِيد فِي ثقتك لِأَنَّك قد علمت بالتجارب أَن أحشاؤه كلهَا مُحْتَملَة للْمَاء الْبَارِد لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِيهَا مَا ينكأه المَاء الْبَارِد لَكَانَ ذَلِك فِي حَال الصِّحَّة فَإِذا كَانَ فِي وَقت الصِّحَّة لم يضرّهُ فَفِي وَقت الْحمى لَا يضرّهُ. إِذا كَانَ كثير مِمَّن لم يعْتد شرب المَاء الْبَارِد ثمَّ اضْطر الْأَمر بِسَبَب حمى محرقة إِلَى شربه فشربه لم يضرّهُ ذَلِك فكم بالحرى لَا يضر من اعتاده لَا سِيمَا وَإِنَّمَا يشربه فِي وَقت هيجان حرارة كَثِيرَة تحول بَينه وَبَين الْأَعْضَاء عَن الضَّرَر لِأَن مَا فِي دَاخل الْأَعْضَاء وحولها قد التهب كُله فَيعْمل فِي المَاء الْبَارِد قبل لِقَائِه الْأَعْضَاء بل يلقاها وَهُوَ بَاقٍ على حَاله وَلذَلِك صَار المَاء الْبَارِد رديئاً للأبدان القليلة الدَّم وَاللَّحم لِأَن برودته تصل إِلَى الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة سَرِيعا وَلِهَذَا صَاحب حمى دق لَا يصلح لَهُ المَاء الْبَارِد الْبَالِغ الْبرد)
وَلَا بِمِقْدَار كثير وَأما صَاحب الْحمى المطبقة فأعظم علاجه الفصد وَالْمَاء الْبَارِد إِلَّا أَن الفصد ينفع فِي كل وَقت بعد مساعدة الْقُوَّة وَالْمَاء الْبَارِد لَا يصلح فِي كل وَقت لَكِن عِنْدَمَا يظْهر فِي النبض وَالْبَوْل عَلَامَات النضج بَيِّنَة قَوِيَّة وَتَكون الْحمى أعظم مِمَّا كَانَت قبل ذَلِك فَانْظُر قبل الفصد فِي الْأَشْيَاء الَّتِي مَضَت والأشياء الَّتِي لَا بُد ضَرُورَة أَن تتبع من ذَلِك أَنه إِن كَانَت تخمة قد تقدّمت فَلَا بُد أَن تُؤخر الفصد إِلَى أَن يستمرئ طَعَامه وَتخرج فضلته عَن الْبدن وَإِن كَانَ قد حدث شَيْء يستفرغ من الْبدن فَانْظُر فَإِن رَأَيْته كَافِيا تركت الفصد وَإِن كَانَ نَاقِصا أخرجت بِقدر مَا ينقص كَمَا يكون ذَلِك بالطمث والبواسير وتفقد الْهَوَاء وَسُرْعَة تحلل ذَلِك الْبدن وَغير ذَلِك فَإِن الْهَوَاء الْحَار وَالْبدن المتحلل يعين على كَثْرَة الاستفراغ من الْبدن وَهَذِه كلهَا تدل على أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يكثر خُرُوج الدَّم وَكَذَا من فَم معدته سريعة الْحس أَو ضيقَة أَو ضَعِيفَة أَو يتَوَلَّد فِيهَا مرار كثير فِي فمها.
قَالَ: وأضداد هَذِه توجب إِخْرَاج الدَّم الْكثير. فَهَذَا تَمام مَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِي إِخْرَاج الدَّم وَسقي المَاء الْبَارِد.
لى: أَنا أرى أَن الحزم أَلا يخرج الدَّم الْكثير ضَرْبَة أَن يعرض الغشي لَكِن يخرج فِي الأولى بتوسط وَفِي الثَّانِيَة إِن رَأَيْت أَنه يحْتَاج إِلَى زِيَادَة وَلم تَرَ الْحمى انحطت وَلَا حدث برد الْبدن والعرق بعده وانطلاق الْبَطن أخرجت أَيْضا فَإِنَّهُ لَا يضر وَهُوَ أسلم وَالْوُقُوف على مِقْدَار مَا يحْتَاج إِلَيْهِ دفْعَة أَمر عسر.
قَالَ ج: الحميات الكائنة عَن السدد لِأَن الْقُوَّة فِيهَا على الْأَكْثَر قَوِيَّة والاستفراغ الْكثير فِيهَا مَأْمُون الْعَاقِبَة بعيدَة عَن الْخطر فَأَما حَيْثُ تكون الأخلاط قد فَسدتْ وامتنعت العفونة فَإِن استفراغ
(4/349)
لى: لِأَن هَذِه تحْتَاج إِلَى أَن تنضج فِي زمَان طَوِيل وَيَنْبَغِي أَن تكون قوته بَاقِيَة ثمَّ قَالَ جالينوس بعد ذَلِك: أَنه مَتى كَانَت الْقُوَّة غير قَوِيَّة فَأخْرج الدَّم فِي مَرَّات وَمَتى كَانَت قَوِيَّة فَلَا تتَوَقَّف عَن إِخْرَاج مَا تحْتَاج إِلَى إِخْرَاجه.
3 - (جَوَامِع الْعِلَل والأعراض)
الدَّم يعرض مِنْهُ حمى لَا إِذا حمى فَقَط بل وَإِذا عفن وكلتاهما مطبقة اسْتَعِنْ بالرابعة من تَدْبِير الأصحاء أَو بِبَاب الإعياء الورمي مِمَّا أخرجناه نَحْو ذكر الإعياء الورمي.
الْحَادِيَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء: إِذا كَانَت حمى مطبقة من عفن والهواء شَدِيد الْبرد وَالْمَرِيض لَا ينْتَفع بِهِ بل يَحْتَرِق جدا وَلَا يبلغ الْهَوَاء أَن يُطْفِئ عَنهُ فَلْيقل طمعك فِيهِ فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك لم تتبين عَلَامَات النضج وَالْقُوَّة ضَعِيفَة فَهُوَ ميت ضَرُورَة.
3 - (الْمقَالة الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ)
3 - (الغشي الْحَادِث من كَثْرَة استفراغ الْبدن) فِي الْحمى الكائنة من كَثْرَة الدَّم الملتهب إِذا كَانَت الْقُوَّة الحيوانية قُوَّة نَافِع جدا بتبريده للبدن وإطفائه الْحمى من سَاعَته.
قَالَ: وَيَنْبَغِي بعد أَن تبرد الْبدن وتطفئ حرارة الْحمى بعد الغشي أَن تغذوه بأغذية رطبَة بعد سُكُون الغشي مثل مَاء كشك الشّعير لِأَن جَمِيع التَّدْبِير المرطب يُوَافق المحمومين وَإِن احتجت أَن تصب على رَأسه دهناً استعملته بِلَا فصل قبل تنَاول الْغذَاء.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: مَتى لم يكن مَعَ الْحمى حَال يَضرهَا شرب المَاء الْبَارِد فاسقه لِأَنَّهُ يعظم نَفعه لَهُ وَيشْرب مِنْهُ دفْعَة مَا أمكن أَن تمده بِلَا أَن يقطع نَفسه ويشربه حَتَّى يحضرهُ. فَأَما السكنجبين الْمبرد فَإِنَّهُ يصلح أَيْضا وَلَو كَانَ هُنَاكَ ورم فِي الْبَطن لِأَنَّهُ لَا يسقى مِنْهُ شَيْء كثير جدا يسخن فِي الْمعدة قبل أَن يبلغ الْموضع الوارم فَإِن هُوَ بلغ الْموضع وَهُوَ بَارِد فحاله خلاف حَال المَاء لِأَنَّهُ يقطع ويلطف وَلَا يجمع ويكثف كَفعل المَاء.
الأولى من الْفُصُول: عد المحرقة واللثقة والطريطاوس فِي الحميات اللَّازِمَة.
قَالَ: كَانَ رجل من الفلاسفة وَقع فِي حمى يحْتَاج فِيهَا إِلَى شرب المَاء الْبَارِد فَامْتنعَ مِنْهُ وَزعم أَنه يعلم أَنه إِن شربه عرض لَهُ التشنج لِأَنَّهُ قد كَانَ رأى رجلا حَاله كحاله فِي المزاج والسحنة شربه فتشنج مِنْهُ وَكَانَ هَذَا الرجل غير مُعْتَاد لشرب المَاء وَكَانَ منهوك الْبدن وفم معدته ضَعِيفا حَتَّى أَنه إِن كَانَ حمل عَلَيْهَا فضلا قَلِيلا أَصَابَهُ لوقته فوَاق.
قَالَ جالينوس: وَقد أصَاب هَذَا الرجل فِي امْتِنَاعه من المَاء الْبَارِد وبرأ وَلَكِن وَإِن كَانَ هَذَا لم يحْتَمل شرب المَاء الْبَارِد لحَال عَادَته وطبيعته فَأَنا اسقي مَرِيضا آخر مَاء بَارِدًا فِي الْغَايَة على)
الثِّقَة والاتكال مَتى كَانَت حماه محرقة خَالِصَة وَلم يكن فِي أحشائه شَيْء من ورم.
لى: أَكثر مَا يَنْبَغِي أَن يتوقى فِي الأورام عِنْد سقِِي المَاء الْبَارِد ورم فَم الْمعدة أَو الْمعدة نَفسهَا أَو الكبد ثمَّ فِي غير هَذِه.
(4/350)
قَالَ: وَكنت أَسْقِي إنْسَانا آخر مَاء بَارِد وَأَنا لست فِي غَايَة الثِّقَة بتخلصه إِلَّا أنني كنت أعلم أَنه إِن لم يشرب مَاء بَارِد مَاتَ لَا محَالة وَإِن شرب رَجَوْت لَهُ رَجَاء كثيرا أَن يسلم وَبِاللَّهِ مَا مَاتَ أحد مِمَّن رَجَوْت لَهُ السَّلامَة من هَؤُلَاءِ بل سلمُوا جَمِيعًا.
لى: هَؤُلَاءِ هم الَّذين بهم حمى محرقة خَالِصَة وَفِي أحشائهم ورم صَغِير وَضعف إِن لم تكن لَهُم فِي صحتهم عَادَة بِشرب المَاء الْبَارِد.
الثَّالِثَة من ابيذيميا قَالَ: الحميات الَّتِي لَا يكون فِيهَا اخْتِلَاف النّوبَة وَالْبرد بَين ظَاهر لَكِنَّهَا بِحَالِهَا إِلَى وَقت البحران أَو تزيد أَو تنقص فَهِيَ المطبقة على الْحَقِيقَة وَالَّتِي لَا تقلع حَتَّى ينقى الْبدن مِنْهَا وَلها مَعَ ذَلِك ابْتِدَاء نَوَائِب محسوسة وانحطاطات فَهِيَ المفترة وَهِي المتوسطة بَين تينك فَيُقَال بِالْقِيَاسِ إِلَى المطبقة مفترة وبالقياس إِلَى النائبة أَنَّهَا دائمة.
وَشطر الغب من القدماء من يعدها فِي المفترة وَمِنْهُم من يعدها فِي المطبقة والبلغمية. وَالَّتِي تنوب كل يَوْم أَكثر الحميات النائبة دُخُولا فِي النائبة لِأَنَّهُ ينقى الْبدن مِنْهَا. وَالرّبع أَكثر الحميات دُخُولا فِي نقاء الْبدن مِنْهَا وَلَا تكَاد تَجِد مِنْهَا وَلَا تكَاد تَجِد ربعا لَازِمَة لَا ينقى الْبدن مِنْهَا إِلَّا بأدوار وَالْغِب متوسطة بَين هَاتين.
قَالَ ج: قد قَالَ أبقراط: إِن شطر الغب حادة قتالة وَقد قَالَ: الحميات الَّتِي تقلع سليمَة فَكيف يجوز لقَائِل متتبع لبقراط أَن يَقُول إِن هَذِه الْمُفَارقَة وَشطر الغب فِي كَلَام جالينوس وَاحِدَة وَهِي الَّتِي تكون فِيهَا كزاز واقشعرار.
الْيَهُودِيّ: سونوخس بدن صَاحبهَا منتفخ أَحْمَر ممتلئ العوق ونبضه كنبض من استحم وتحمر أَعينهم وتصدع رؤوسهم ويعتريهم سبات ويثقل عَلَيْهِم الْكَلَام.
لى: إِذا فاتك الفصد فِي هَذِه الْحمى فَاسق حماض الأترج والحصرم وَتَمْرًا هندياً فَإِنَّهَا بعفن الدَّم قَالَ: إِذا كَانَت الْحمى دائمة كَانَ مَعهَا مَعَ ذَلِك أَعْرَاض المحرقة من شدَّة الْحَرَارَة واللهيب فَهَذِهِ هِيَ الْمُسَمَّاة شُعْبَة برسام وَهُوَ الْمَرَض الحاد فَانْظُر إِلَى الْقُوَّة والأعراض وَأَيَّام البحران والعلامات الجيدة والردية وعلامات الْمَوْت.)
قَالَ الْيَهُودِيّ فِي 3 (الحميات الحادة) عَلَيْك بِمَاء حماض الأترج لم يكن بِهِ سعال فَإِنَّهُ يَنُوب عَن العلاج الْقوي ويطفئ وَيبْطل أصل العفونة.
الطَّبَرِيّ: من
(4/351)
فَإِذا ضربت بِيَدِك على بَطْنه سَمِعت كصوت الطبل وَإِن لَان بَطْنه وَلم تذْهب النفخة وَظهر بِهِ ورشكين فَلَا تعالجه واهرب من علاجه وَإِن كَانَت هَذِه الْحمى من ورم الأحشاء فاقصد ذَلِك الورم.
اهرن قَالَ: الحميات المطبقة الَّتِي تشتد مِنْهَا من حِين تَأْخُذ دَائِما هِيَ حمى سوء لَا محَالة محرقة وَالَّتِي تنتقص من حِين تَأْخُذ دَائِما هِيَ حمى سوء لَا محَالة محرقة وَالَّتِي تنتفض من حِين تَأْخُذ دَائِما سليمَة لِأَن هَذِه تدل على أَن التَّحَلُّل والنضج أَكثر من العفن وَبِالْعَكْسِ وَالَّتِي تبقى بِحَالَة وَاحِدَة متوسطة بَين ذَلِك وَهَذِه أَعنِي حمى الدَّم تعرض على الْأَكْثَر لأبناء أَربع سِنِين إِلَى عشر وللذين يكثرون الأغذية والأشربة وَالْبَوْل أَحْمَر غليظ والنبض لَيْسَ بالحاد كَمَا فِي الصَّفْرَاء وَلَيْسَ مَعَ هَذِه الْحمى من الكرب والحدة والتلهب مَا فِي الغب.
قَالَ: والحمى الكائنة من سخونة الدَّم دَاخِلَة فِي حمى يَوْم مَا لم تعفن وَلَا تعفن أَن تدوركت بالفصد وَسَقَى المَاء الْبَارِد بعد انهضامها.
لى: أَوْمَأ إِلَى أَن المَاء الْبَارِد إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي هَذِه الحميات بعد الهضم وَيحْتَاج أَن يستقصي فِي)
ذَلِك.
علاج سونوخس قَالَ: علاجها قريب من علاج الغب ويفصد فِيهَا الْعُرُوق وَيخرج دم كثير ويسقى صَاحبهَا بعد ظُهُور النضج فِي المَاء من المَاء الْبَارِد أَكثر مِمَّا يسقى فِي الغب وَلَا تسقه قبل النضج لِأَن سقِِي المَاء الْبَارِد قبل النضج يُطِيل مُدَّة النضج ويعسر حل السدة الَّتِي فِي المجاري والمسام فَيكون العفن بذلك أقوى لِأَن العفن لَا يضعف إِلَّا بالتنفش وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن تعنى بتفتيح المسام والمجاري لتنفش العفونة وَيظْهر الهضم وَلذَلِك يسقى الْأَشْيَاء الملطفة الجلاءة إِذْ هِيَ لَطِيفَة لَا تورث سدداً كَمَاء كشك الشّعير وَمَاء القرع وَمَاء الْعَسَل وَمَاء الإجاص وَمَاء الرُّمَّان وَإِذا ولت هَذِه الْحمى وَبقيت مِنْهَا بَقِيَّة أخرجت بالأفسنتين والرازيانج وَمَاء الْعَسَل للْوَاحِد سَبْعَة بِقدر مَا يغذو ويلطف مَعَ ذَلِك وَيفتح السدد وَيَنْبَغِي إِن يسقى مَاء الْعَسَل من يجد فِي معدته حموضة وَلَا يسقى مَاء الشّعير. وَبِالْعَكْسِ من كَانَ حَار المزاج فِي الصِّحَّة يتجشأ جشاء دخانياً فاسقه مَاء الشّعير وَلَا تسق مَاء الْعَسَل وَلَا مَاء الشّعير فِي أَيَّام البحارين فَيكون البحران أسْرع وَيكون التَّدْبِير فِي غلظه ولطافته بِقدر قرب الْمُنْتَهى وَبعده.
لى: انْظُر فِي أَمر المَاء الْبَارِد وَمَا الْحَاجة إِلَيْهِ بعد النضج وَمَا الْخَوْف مِنْهُ قبله وَهُوَ لَيْسَ بغليظ وَلَا مولد للسدد فَإِنَّهُ يتَبَيَّن فِيهِ مَا ذكرنَا إِلَّا لَا يخْشَى مِنْهُ إِلَّا تضيق المجاري بالبرد فَقَط.
وَيَنْبَغِي أَن تنظر هَل سقيه أَشد ضَرَرا أم يكون من تَركه من شدَّة الالتهاب ويستقصي ذَلِك إِن شَاءَ الله.
أَبُو هِلَال الْحِمصِي قَالَ: حميات الدَّم خطرة جدا لِأَن العفن فِي خلط يضر وَيحْتَاج إِلَيْهِ ويضعف بنقصانه وفساده.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: الَّذِي يحْتَاج من المحمودين إِلَى الفصد من بَوْله غليظ أَحْمَر أَو أسود أَو دموي كريه الرّيح وعينه حَمْرَاء وعروقه دارة وتدبيره فِيمَا تقدم مولد للدم. قَالَ: وَمَتى لم يكن الفصد فَاسْتعْمل التطفئة وَإِذا لم يكن ورم الكبد وَلَا فِي الْحجاب والأمعاء فاسقه المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يطفئه ويطفئ الْحمى مَعَه.
قَالَ: وَمن الحميات الدائمة حمى شَدِيدَة الالتهاب وَمَعَهَا عَطش شَدِيد ويبس اللِّسَان وسواده وَمِنْهَا فاترة لَا عَطش فِيهَا وَلَا سَواد لِسَان وَهَذِه تكون من عفن البلغم المالح وَهِي ردية.)
وتحتاج إِلَى التَّدْبِير المعتدل فِي الْحر وَالْبرد.
مَجْهُول قرصة للحمى الدموية: يُؤْخَذ طباشير وصندل وَورد وعصارة السماق وعصارة عِنَب الثَّعْلَب مجففة وعصارة الخس وَورد وَلبن الخس أَجود يتَّخذ أقراصاً ويسقى بِرَبّ الحماض.
(4/352)
(سونوخس)
3 - (عَلَامَات سونوخس)
حمرَة الْوَجْه وَالْعين وانتفاخهما ورطوبة الْجلد وسخونته وضربان الرَّأْس وَثقله وامتلاء النبض وَالْبَوْل الأرجواني.
قَالَ:
3 - (علاجها)
بالفصد والتبريد وخل خمر ودهن الْورْد على الرَّأْس إِن سهر والشبت الْمبرد فِي الْأَحَايِين بِالْمَاءِ وَنَحْو ذَلِك من التبيريد بِمَاء الشّعير وَنَحْوه. قَالَ فَإِن أَصَابَهُ فِي هَذِه الْحمى سبات وانتبه بِكَثْرَة تقلبه على الْفراش وانتفخ بَطْنه
(4/353)
شَمْعُون قَالَ: إِذا فصدته فضع على رَأسه خل خمر وَمَاء ورد ودهن وضمد بَطْنه بأضمدة بَارِدَة.
من الاختصارات قَالَ:
3 - (العلامات الَّتِي تظهر مَعَ الدموية)
ورم الحنك واللوزتين وسيلان الدُّمُوع وَثقل الرَّأْس وَحُمرَة الْوَجْه وخاصة فِي الوجنتين وَظُهُور قَالَ: وَإِذا عَالَجت بِمَا يَنْبَغِي من فصد وإسهال فاسقه المطفئة مثل التَّمْر الْهِنْدِيّ وَنَحْوه واسقه الْأَشْيَاء المزة فَإِن الْأَشْيَاء المزة تُطْفِئ لَهب الدَّم بقمعها الصَّفْرَاء جدا. ً الْمقَالة الأولى من مسَائِل ابيذيميا قَالَ: وَكَانَت الْحَرَارَة دائمة لِأَنَّهُ لم يكن يتَحَلَّل من الْبدن شَيْء أَو قَلما كَانَ يتَحَلَّل.
لى: على مَا رَأَيْت بالتجربة: الْحمى من عفونة الدَّم وكثرته قد تنْتَقل إِلَى سرسام وليثرغس فَإِن رَأَيْت عَلَامَات الجدري فإليه تنْتَقل وَإِن رَأَيْت ثقلاً ووجعاً فِي الرَّأْس والرقبة ودام أَيَّامًا فستنتقل إِلَى السرسام الَّذِي تسميه الْعَامَّة برساماً.
من الْمقَالة الثَّانِيَة من مسَائِل ابيذيميا قَالَ: يدل على حَرَكَة المرار إِلَى فَوق انعقال الْبَطن.
لى: رَأَيْت ذَلِك صَحِيحا لِأَنَّهُ مَتى انعقلت الطبيعة مَعَ هَذِه العلامات حدث سرسام لَا محَالة وَبلغ من انعقاله أَنه يسخن بالأدوية فَلَا تسهل الطبيعة الْبَتَّةَ وَلَا أعرف دَوَاء أبلغ فِي الْمَنْع من السرسام من إسهال المرار بِقُوَّة فَإِن فِي ذَلِك مَنعه من الصعُود إِلَى الرَّأْس وجذبه إِلَى أَسْفَل. لى: يحول هَذَا إِلَى تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة.
3 - (جَوَامِع الْعِلَل والأعراض)
قَالَ: فِي الحميات المطبقة لِأَن الْمَادَّة محصورة فِي جَوف الْعُرُوق فَيَنْبَغِي أَن تفصد ليقل وَينْقص العفن وليخف على الطبيعة جلّ مَا يثقلها ويخف عَلَيْهَا أَيْضا إنضاج مَا بَقِي وإحالته إِلَى الْجَوْدَة وَالْمَنْفَعَة قَالَ: وَلَا تسقه إِذا كَانَت معدته أَو كبده ضَعِيفَة مَاء بَارِد جدا وَلَو كَانَت حماه محرقة جدا لِأَنَّهُ يخَاف أَن يبرد مزاجها أَيْضا فَيفْسد الهضم وَتسقط الْقُوَّة وتمتنعان من فعلهمَا لِأَن جَوْهَر القوى إِنَّمَا هُوَ الْحَرَارَة.
لى: رَأَيْت أَنه يَنْبَغِي أَن يقدم عَلَيْهِ إِذا كَانَ الْخطر عَظِيما فَإِن ذَلِك يُمكن أَن يتلاحق من كَانَت بِهِ حمى من عفونة دم بِمَاء بَارِد.
قَالَ: وَزعم ج: إِن علاج حميات الدَّم شَيْئَانِ: الفصد وَالْمَاء الْبَارِد.
وَقَالَ ابْن ماسويه: حميات الدَّم أقل الحميات وأسرعها فِي ذَلِك وعلامتها حمرَة الْوَجْه وَأَن تكون العينان ناتئتين حمراوين ظاهرتي الْعُرُوق والصدغ منتفخ وَالْبدن أَحْمَر ممتلئ واللمس حَار رطب شَبيه ببدن من استحم والنبض عَظِيم لين وَالْبَوْل أرجواني وَمن خَاصَّة هَذِه الْحمى أَن يُصِيب من تَأْخُذهُ الربو لِأَن الدَّم يرق فتمتلئ الْعُرُوق وَالْعُرُوق
(4/354)
حول الْقلب كَثِيرَة فتسخن بِكَثْرَة سخونة الدَّم وتضيق بامتلائها فَتحدث تتَابع النَّفس وَهَذَا هُوَ الربو وَلذَلِك تسمى الربوة.
قَالَ ابْن ماسويه: لَا يَنْبَغِي أَن يخرج الدَّم فِي هَذِه الْحمى فِي الصعُود والانتهاء لِأَن خلقا مَاتُوا لذَلِك وَذَلِكَ أَن الْقُوَّة تكون حِينَئِذٍ ضَعِيفَة وَلَا فِي الِابْتِدَاء فضلا عَمَّا سواهُ إِذا كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة. قَالَ: وَإِذا لم يكن فِي هَذِه الْحمى فصد فَاسق المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يُطْفِئ لهيبها الْبَتَّةَ بعد أَن لَا يكون فِي شَيْء من الأحشاء ورم وَلَا فِي عُضْو شرِيف بَارِد المزاج من آلَات الْغذَاء فَإِن كَانَت الْعَادة قد جرت بِهِ فافعله بعد أَن تسهله قَلِيلا قَلِيلا بِمَاء الْفَوَاكِه.
قَالَ: وَبعد ذَلِك شَيْء كتبناه فِي الْأَمْرَاض الحادة. 3 (الحميات المذيبة للبدن) الْمقَالة الثَّانِيَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: مَتى كَانَت الْحمى من الحميات المذيبة للبدن وَهِي الَّتِي يظْهر فِيهَا الْبَوْل الدهني وَالْبرَاز الزُّبْدِيُّ فَإِن ظهر دَلِيل وَاحِد وَلَو خسيساً من دَلَائِل النضج فاسقه المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يعظم نَفعه إِن شَاءَ الله.
الثَّانِيَة من كتاب الأخلاط فِي صب الدّهن على رَأس المحموم قَالَ: الْحمى المحرقة الَّتِي تحْتَاج فِيهَا إِلَى فصد إِلَى أَن يحدث الغشي افصده واغذه بِسُرْعَة اغذيه بِسُرْعَة أغذية رطبَة وَلَكِن بعد سُكُون الغشي وَإِن احْتَاجَ أَن تصب على رَأسه دهناً فافعل ذَلِك على الْمَكَان قبل تنَاول لى: على مَا رَأَيْت فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة وحيلة الْبُرْء: المطبقة ضَرْبَان يكون فِيهَا الْوَجْه وَالْبدن قد انخرطا بِسُرْعَة أَو هَذَا يكون لرقة الْخَلْط وَضعف الْقُوَّة وتخلخل الْبدن فَلَا تفصد فِيهَا وَمن شَأْنهَا أَن يتقدمها أَسبَاب بادية توجب ذَلِك وَالضَّرْب الآخر يتقدمه التَّدْبِير الامتلائي وَيكون الْوَجْه فِيهِ منتفخاً محمراً سميناً غير منخرط وَهَذِه تكون من عفن الدَّم أَو من كثرته فافصد فِيهَا أَولا فَأَما الأولى فعلاجها التغذية والتبريد والترطيب.
لى: ملاك الْأَمر فِي شرب المَاء الْبَارِد على شدَّة الْقُوَّة وَأعظم ضَرَره عِنْد سُقُوط الْقُوَّة أَعنِي عِنْد ضعف الْحَرَارَة الغريزية لِأَنَّهُ إِن كَانَت الْحَرَارَة الغريزية ضَعِيفَة كالحال فِي المنهوكين فَرُبمَا أطفأها الْبَتَّةَ وَحدثت من سَاعَته قشعريرة ونافض لَا يسخن مَعَه أَو يسخن بكد ومضرته هَهُنَا أَشد مِنْهُ فِي الأورام لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ إِنَّمَا يبطئ بالنضج وَبِالْجُمْلَةِ لَا تسق رجلا منهوكاً نَاقص الْقُوَّة مَاء بَارِد فَإِنَّهُ أردأ مَا يكون فَإِن اضطررت للهيب شَدِيد فقليلاً قَلِيلا وَقد رَأَيْت امْرَأَة كَانَت قد ضعفت وَلَيْسَ بهَا حمى شَدِيدَة جدا فساعة تشرب مَاء بَارِد شَدِيد الْبرد تقشعر مِنْهُ ثمَّ تحم بعده حمى شَدِيدَة جدا وبمقدار سرعَة سُكُون النافض تكون قُوَّة الْحَرَارَة الغريزية وَإِن صادفت مَعَ سونوخس غثياناً ولذعاً فِي فَم الْمعدة فَلَا تفصد حَتَّى تصلح حَال فَم تخمة الْمعدة لِأَنَّك لَا تأمن أَن يقوى الغثي والهيضة بعد الفصد وَإِن صادفت تخمة فَلَا تفصد حَتَّى ينزل الطَّعَام لِأَنَّهُ يحدث اخلاطانية. وَيَتْلُو هَذَا فِي الرداءة أَن يسقى من كبده ضَعِيفَة فِي حَال صِحَّته وَوَجهه دَائِما يتهبج فَإِنَّهُ يخَاف عَلَيْهِ الاسْتِسْقَاء. وَمن معدته بَارِدَة أَيْضا يضرّهُ لِأَنَّهُ يبردها جدا وَلَيْسَ يُمكن استدراكه.
(4/355)
لى: رَأَيْت كثيرا مِمَّن يحم وَتظهر فِيهِ عَلَامَات الدَّم ثمَّ تَنْقَضِي فِي نوبَة وَاحِدَة فَلهَذَا لَا أسْرع إِلَى الفصد إِلَّا بعد أَن يَصح أَنَّهَا قد بقيت أَكثر مِمَّا يحم حمى يَوْم. وَمِمَّنْ كَانَ كَذَلِك)
أَحْمد بن سادان.
الثَّانِيَة من كتاب الْفُصُول: مَتى زَاد إِنْسَان فِي أكله وقلل من تَعبه ثمَّ حم حمى مَعَ حمرَة فِي لَونه وانتفاخ فِي بدنه وعروقه كَانَ حدسنا أَنَّهَا حمى امتلائية صَوَابا فَإِذا استفرغناه فقد صَحَّ حدسنا.
لى: هَذَا فِيهِ بَاب من 3 (الاحتراس فِي الحميات المطبقة) الَّتِي شفاؤها استفراغ الدَّم إِلَى أَن يعرض الغشي.
اغلوقن: المطبقة إِن لم يُجَاوز مُنْتَهَاهَا السَّابِع وَنَحْوه فلطف التَّدْبِير جدا وَمَا تجَاوز فغلظ تَدْبيره قَلِيلا ثمَّ لطفه نَحْو الْمُنْتَهى فَإِذا انحطت غلظه قَلِيلا ثمَّ لطف نَحْو الْمُنْتَهى وَليكن ذَلِك بتدرج وَأما إِخْرَاج الدَّم فَاسْتَعْملهُ مَتى كَانَت الْحمى عَظِيمَة وَرَأَيْت الْحمرَة فِي الْبدن أَزِيد مِمَّا كَانَت فِي الصِّحَّة وأحس فِي بدنه ثقلاً وكلالاً وعروقه دارة ممتلئة فَعِنْدَ ذَلِك فَأخْرج من الدَّم إِلَى أَن يمْنَع الْقُوَّة وَليكن تدبيرك بِمَا يرطب واغذه بِمَاء كشك الشّعير إِلَّا من كَانَ مِنْهُم يحمض فِي معدته وبماء الْعَسَل إِلَّا من كَانَ يَسْتَحِيل إِلَى الصَّفْرَاء وبنقيع الْخبز وَإِن كَانَت شَدِيدَة اللهب والاحتراق فَأول مَا ترى فِيهَا عَلامَة النضج فثق واسق الْمَادَّة الْبَارِد.
(4/356)
جَوَامِع اغلوقن قَالَ: لَيْسَ يكَاد يكون فِي المطبقة نافض يعْتد بِهِ وَلَا عرق فَإِن كَانَ مَعَه فِي بعض الْأَحَايِين ذَلِك فَذَلِك أَنه مركب مَعَ أُخْرَى تَدور. وَغَايَة مَا يكون فِي المطبقة تقبض وَبرد الْأَطْرَاف فِي الِابْتِدَاء قَلِيلا قَلِيلا. قَالَ: وَلِأَن الْخَلْط مَحْصُور فِي هَذِه الأجواف من الْعُرُوق فابدأ أَولا بالفصد ليخف عَن الطبيعة بعض الْخُف فتقدر على إِحَالَة الْبَاقِي ونضجه.
لى: الفصد وَاجِب فِي ابْتِدَاء جَمِيع الحميات المطبقة وَلَا يكون لَهَا نضج إِلَّا أَنه إِذا كَانَ مزاج الكبد والمعدة حاراً بالطبع ملتهباً فَلَا تتَوَقَّف عَن سقِِي المَاء الْبَارِد إِن لم يكن ورم وَإِذا كَانَا باردين فتوق ذَلِك غَايَة التوقى لنه يكسبهما بلية عَظِيمَة يضعف أَو يبطل بِهِ فعلهمَا الْبَتَّةَ.
جَوَامِع اغلوقن: الشُّرُوط الَّتِي تحْتَاج إِلَيْهَا فِي سقِِي المَاء الْبَارِد: الأول أَن يكون الْمَرَض قد نضج وَالثَّانِي أَن تكون الْعَادة فِي الصِّحَّة جرت بِهِ وَالثَّالِث أَلا يكون الْبدن ضَعِيفا قَلِيل الدَّم وَالرَّابِع أَن لَا يكون فِي عُضْو قريب من الْمعدة ورم يحْتَاج أَن ينضج وَالْخَامِس أَن لَا يكون شَيْء من هَذِه بَارِد المزاج.)
أَقْرَاص رَأَيْتهَا للعبادي كَانَ يُبرئ بهَا الحميات الحارة من يَوْمهَا: ورد أَحْمَر مطحون عشرَة شمام وصندل أصفر ثَلَاثَة بزر الخس وبزر الْخِيَار وطباشير من كل وَاحِد خَمْسَة دَرَاهِم الشربة مثقالان بأوقية مَاء ورد مبرد.
جَوَامِع اغلوقن: الحميات المطبقة تعدم ثَلَاث خلال: نافض وعرق وإقلاع وَهَذَا الْفرق بَينهمَا وَبَين المفترة وَإِنَّمَا تكون كَذَلِك لِأَنَّهَا محصورة دَاخل الْعُرُوق وَأكْثر مَا يعرض فِيهَا برد الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن فِي بعض الْأَوْقَات وَذَلِكَ يكون أَيْضا إِمَّا لِأَنَّهَا مركبة من مطبقة ودائمة أَو لِأَن فِي بعض الأحشاء ورماً فيميل الدَّم إِلَيْهِ.
لى: يَنْبَغِي أَن يسقى مَاء الشّعير وَقَبله باعتين هَذَا القرص وَهُوَ قرص مركب من طباشير وَورد وبزر خس وبزر خِيَار وبزر قرع معجونة بلعاب بزر قطونا. وَكَانَ رجل يسقى كافوراً وطباشير فِي هَذِه الحميات فَكَانَ عجيباً. وَمحل الكافور من الْبدن مَحل ريح الشمَال من الْعَالم وَهُوَ يبرد ويجفف بِقُوَّة وَلذَلِك يضاد العفن جدا فاعتمد عَلَيْهِ فِي هَذِه الحميات واسق طباشير درهما ودانقا مِنْهُ كل يَوْم قبل مَاء الشّعير بِوَقْت صَالح.
الْمقَالة الثَّانِيَة من كتاب البحران: أنزل أَن شَابًّا قَوِيا مرض مَرضا يَجِيء بحرانه فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول لَا يتَأَخَّر فامنعه من شرب مَاء الْعَسَل وكل شراب ومره يتحامى شرب المَاء مَا أمكن وَأنزل أَن بحران هَذَا الْمَرِيض يكون فِي السَّابِع فَعِنْدَ ذَلِك غلظ التَّدْبِير قَلِيلا واسقه مَاء الْعَسَل أَو نَحوه. وَأما غَيره من أشباهه مِمَّا يُوَافق طَبِيعَته وَيظْهر لَك من حالاته وبحسب سؤالك إِيَّاه عَن معدته أقوية تحْتَمل أَن تلبث طَويلا بِلَا غذَاء ويسرع إِلَيْهِ الضَّرَر عِنْد ذَلِك ويضعف بِسُرْعَة فتفقد مزاجه فَإِن من النَّاس من يتَحَلَّل بدنه سَرِيعا فَلَا يُمكنهُ أَن يلبث وقتا طَويلا بِلَا غذَاء وَإِن كَانَ قبل ذَلِك قَوِيا جلدا فَإِن علمت أَنه يعرض لَهُ فِي معدته ألم إِذا أمسك عَن الطَّعَام فأعطه مَاء الشّعير بعد أَن تسقيه كل يَوْم شَيْئا يَسِيرا بِقدر مَا لَا تَخْلُو أوعيته من الْغذَاء جدا فَإِذا جَاوز الْيَوْم السَّابِع فَلَا تغذه وَقبل السَّابِع فانقص من مِقْدَار مَا كنت تغذوه بِهِ وَإِن كنت تتَوَقَّع بحراناً فِي الثَّالِث أَو الرَّابِع فَلَا تخف من الضَّرَر الَّذِي يعرض لَهُ فِي معدته إِذا خلت وَلَا من لهيب بدنه بِسُرْعَة الاستفراغ فَإِن كَانَ الْمَرِيض مَعَ أَنه شَاب قوى مقرا بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يلبث وقتا طَويلا بِلَا غذَاء وَرَأَيْت بدنه لَيْسَ من الْأَبدَان الَّتِي تتحلل سَرِيعا وَلم يكن مَرضه مِمَّا يحْتَاج إِلَى سكنجبين وَمَاء الْعَسَل فامنعه من الْغذَاء إِلَى السَّابِع فَإِن توقعت البحران بعد السَّابِع إِلَى)
الْحَادِي عشر فَلَيْسَ يُمكن تَركه بِلَا غذَاء فغذه بشراب وَحده أَو بِغَيْرِهِ.
قَالَ: مَتى كَانَ مُنْتَهى الْمَرَض يتَأَخَّر إِلَى الرَّابِع عشر فَيجوز أَن تغذوه بصفرة بيض ويسير من فتات خبز نقي.
لى: على مَا رَأَيْت فِي الْعَاشِرَة من حِيلَة الْبُرْء: إِذا كَانَت معدته يتَوَلَّد فِيهَا مرار كثير ويصدع فاخلط فِي مَاء الشّعير مَاء حب الرُّمَّان الرطب أَو الْيَابِس فَإِنَّهُ يقمع المرار ويطيل لبث مَاء الشّعير فِي معدته من غير أَن يفْسد أَو يحمض فيتغذى بِهِ أَولا فأولاً وَلَا يطفو أَيْضا فِي فمها وَلَا يكربه الْبَتَّةَ.
الْمقَالة الأولى من كتاب الْأَمْرَاض الحادة قَالَ أبقراط: الْعَوام لَا تعرف فِي الْأَمْرَاض الحادة أفضل الْأَطِبَّاء من أخسهم لِأَن جَمِيعهم يصف مَاء الشّعير وَمَاء الْعَسَل
(4/357)
وَالْفرق بَين من يضع هَذِه الْأَشْيَاء فِي موضعهَا وَفِي حَدهَا وَبَين غَيره كثير جدا.
قَالَ أبقراط: كشك الشّعير بِالصَّوَابِ اختره على جَمِيع الأغذية فِي الْأَمْرَاض الحادة وَأَنا أَحْمد من اخْتَارَهُ لِأَن فِيهِ لزوجة مَعهَا ملامسة واتصالاً وليناُ وزلقاً ورطوبة معتدلة وتسكيناً للعطش وَسُرْعَة انغسال وَلَيْسَ فِيهِ قبض وَلَا تهييج رَدِيء وَلَا ينْفخ الْبَطن لِأَنَّهُ قد انتفخ وَربا فِي الطَّبْخ غَايَة مَا يُمكن فِيهِ.
قَالَ ج: هِيَ الحميات الَّتِي هِيَ أَكثر الْأَمر دائمة وَتَكون حَرَارَتهَا نارية عَن عفن الأخلاط: وكشك الشّعير قد اجْتمع فِيهِ سَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الْعلَّة لِأَنَّهُ يبرد ويرطب وَهَذَا هُوَ مُقَابلَة الْحمى بضدها وَهُوَ سريع الانحدار وَالدَّم الْمُتَوَلد مِنْهُ بَارِد رطب فَلذَلِك يُطْفِئ حِدة الْحمى ويستفرغ الفضول وَإِن كَانَت الكبد ضيقَة المجاري لم يسدها لَكِن نقاها ويغذى ويلين الصَّدْر وَلَا يلتزق بالمرئ كالأشياء اللزجة ويجلو البلغم من الْمعدة وَلَا يغثى وَلَا يُرْخِي الْمعدة وَفِيه مَعَ مَا فِيهِ من فَضَائِل الْأَشْيَاء المرطبة أَنه برِئ من الْآفَات الَّتِي تكون فِيهَا وَلِأَنَّهُ يسكن الْعَطش ويعظم نَفعه فِي الْأَمْرَاض المحرقة المجففة للبدن فَهُوَ فِي هَذَا الْموضع أَنْفَع من مَاء الْعَسَل وَإِن احْتَاجَ العليل إِلَى انطلاق الْبَطن فَإِنَّهُ يسهل بِهِ خُرُوجه وغسله عَن الأمعاء وَلَا يحدث فِي الْبَطن لذعاً وَلَا نفخة وَلَا يشد الْبَطن وَلَا الْبَوْل بل يدره وَيفتح مجاري الْعُرُوق وَلَا يُطلق الْبَطن بلذع مهيج رَدِيء لِأَنَّهُ لَو فعل ذَلِك لَكَانَ حاداً بل يفعل ذَلِك باعتدال وجلاء حسن متوسط وَمَتى أجيد طبخه لم)
ينْفخ الْبَتَّةَ.
قَالَ: الْأَطْعِمَة القابضة تضيق مجاري الْغذَاء والفضول وتمنع التَّحَلُّل الْخَفي وَلَيْسَ تحْتَاج فِي الْأَمْرَاض الحادة إِلَى ذَلِك بل إِلَى الضِّدّ أَعنِي أَن تكون مجاري الفضول والتحلل الْخَفي مَفْتُوحَة.
قَالَ: من أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة من يحْتَاج أَن يسهل أَو يفصد أَو يسكن عَنهُ وجع بِهِ فَلَا تعطه من كشك الشّعير دون أَن تفعل بِهِ ذَلِك. وَمن بِهِ مرض حاد لَا يحْتَاج إِلَى فصد وَلَا إسهال وَلَا بِهِ عرض آخر يخَاف مِنْهُ الْأَلَم فأعطه كشك الشّعير وَأما من كَانَ يخَاف عَلَيْهِ أَنه يحْتَاج إِلَى إسهال أَو يهيج بِهِ شَيْء يؤلمه فأعطه كشك الشّعير لِأَنَّهُ سريع الانغسال وَمن لم يحْتَج إِلَى دَوَاء أَو حقنة أَو نَحْو ذَلِك فَإِن احْتَاجَ إِلَى كشك الشّعير مرَّتَيْنِ لحفظ قوته فِي الْيَوْم فأعطه فَأَنت مُصِيب فِي ذَلِك ولتكن كميته بِحَسب كمية الْبدن وَمن كَانَ مُعْتَادا أَن يَأْكُل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ فلست بمخطئ أَن تعطيه فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ. وَمن كَانَت عَادَته أَن يَأْكُل فِي الْيَوْم مرّة ثمَّ رَأَيْته يحْتَاج أَن يَأْخُذ مرّة أُخْرَى من مَاء الشّعير فدرجه إِلَيْهِ على هَذَا الْمِثَال: أعْطه مِنْهُ بالْعَشي قَلِيلا وزد فِيهِ قليلاُ قَلِيلا حَتَّى يُسَاوِي مَا تعطيه بِالْغَدَاةِ. وَإِنَّمَا يدبر بِهَذَا التَّدْبِير من كَانَ مَرضه هادئاً سَاكِنا.
لى: قد ذكرنَا كَيفَ يسقى أَصْحَاب الشوصة مَاء الشّعير فِي بَابه.
(4/358)
قَالَ: من كَانَ من المرضى يَأْتِي بحرانه فِي السَّابِع إِلَى التَّاسِع فأعطه مَاء الشّعير وَبعد أَن يَجِيئهُ البحران فالأجود أَلا تغلظ التَّدْبِير يَوْمَيْنِ بعده لتأمن أَن يكون ذَلِك سَببا لاخْتِلَاف النّوبَة وَليكن تحذرك بِقدر الاستفراغ الَّذِي إِن كَانَ قَلِيلا فتحذر ولطف التَّدْبِير وبالضد. وَالتَّدْبِير الْمُتَوَسّط أَن يعْطى بعد البحران بِالْغَدَاةِ مَاء الشّعير وَفِي آخر النَّهَار الْأَطْعِمَة اللطيفة الْخَفِيفَة يَوْمَيْنِ بعد قَالَ: وَهَذِه الْأَطْعِمَة: السّمك الصخري وصفرة الْبيض النيمرشت والفراخ والفراريج وَخص الديوك وَنَحْوهَا.
قَالَ: فَمَتَى ابتدأت حمى العليل قريب الْعَهْد بِالطَّعَامِ وَلم ينحذر بَطْنه فَلَا تعطه كشك الشّعير قبل أَن ينحدر بَطْنه. اسْتَعِنْ بِبَاب ذَات الْجنب فَإِن فِيهِ أَمْثِلَة جياداً.
قَالَ: الْغذَاء إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض لبَقَاء الْقُوَّة الحيوانية بِحَالِهَا فَمَتَى اضطررت إِلَيْهِ فِي حفظ الْقُوَّة فقدمه لِأَنَّك إِن لم تفعل ذَلِك هلك العليل فَإِذا فعلت ذَلِك لم يضرّهُ طول الْمَرَض فَإِن أمكنك وساعدتك الْقُوَّة فَلَا تغذ العليل فَإِن الْغذَاء لَا ينْتَفع بِهِ فِي الْمَرَض إِلَّا أَن يكون غذَاء)
دوائياً مثل مَاء كشك الشّعير فَمَتَى احتملت الْقُوَّة إِلَى أَن تبقى إِلَى حُدُوث البحران فَلَا تسْتَعْمل الْأَشْرِبَة فَإِن من المرضى يُمكنهُ أَن يبْقى إِلَى الْخَامِس وَالسَّابِع بِلَا غذَاء سوى السكنجبين وَمَاء الْعَسَل وَأما أَصْحَاب الْأَبدَان القوية الَّتِي لَا يتَحَلَّل مِنْهَا شَيْء وسخنة أبدانهم صلبة وعروقهم وَاسِعَة وقوتهم الحيوانية قَوِيَّة فيمكنهم أَن يبقوا إِلَى السَّابِع بِلَا غذَاء وَأما الضعيفو الْقُوَّة كالمشايخ والكثيري التَّحَلُّل كالصبيان فَلَا يُمكنهُم أَن يمسكوا عَن الْغذَاء فَلذَلِك أحمل النَّاس على الْإِمْسَاك عَن الْغذَاء الكهول ثمَّ البالغون من الشَّبَاب إِذا كَانَت أبدانهم صلبة قَوِيَّة التَّحَلُّل وَاسِعَة الْعُرُوق والهواء بَارِد وَالتَّدْبِير قبل ذَلِك غليظ.
وَلَا تعط كشك الشّعير وَفِي الْبَطن أثقال محتبسة فَإِن كَانَت أثقال محتبسة وَعَهده بِالطَّعَامِ قريب فاحقنه إِن كَانَ قَوِيا أَو احمله شيافة حَتَّى تخرج الأثقال ثمَّ أعْطه بعد ذَلِك كشك الشّعير إِن احْتَاجَ إِلَى ذَلِك وَاجعَل وَقت إِعْطَاء الْغذَاء بَعيدا من النّوبَة مَا أمكن.
قَالَ أبقراط: إياك أَن تغذو وَالْقَدَمَانِ باردتان لَكِن غذه وهما حارتان وَهَذَا هُوَ وَقت الانحطاط. وَاسْتعْمل أَولا مَاء الكشك فَإِنَّهُ أخف على الطبيعة وأسهل عَلَيْهَا وَأكْثر ترطيباً حَتَّى إِذا قويت وَرَأَيْت أَن تنعش الْقُوَّة فَاسْتَعْملهُ أغْلظ ثمَّ اسْتعْمل الكشك نَفسه مطبوخاً وَكَذَا دَرَجه فِي كمية مَا تُعْطِي.
قَالَ: وَإِذا رَأَيْت الْمَرَض أخف فأعط قبل مَاء الشّعير مَاء الْعَسَل. وَاسْتدلَّ على يبس الْمَرَض الَّذِي فِي جَمِيع الْعُرُوق بيبس اللِّسَان وقحل الْجلد. وعَلى الَّذِي فِي الكبد بيبس الثّقل وَشدَّة الْعَطش. وعَلى الَّذِي فِي الرئة بثقل النَّفس وتأخره. فَفِي هَذَا أعْط مَاء الْعَسَل قبل مَاء الشّعير ليرطب يبس الْمَرَض ويوهن عاديته.
(4/359)
قَالَ حنين: نَحن نعطي بِحَسب بِلَادنَا هَذِه الجلاآت فَاعْلَم أَن إِعْطَاء مَاء الشّعير أول الْأَمر خير من أَن تَحْمِي العليل من كل شَيْء حَتَّى أَنه إِذا كَانَ يَوْم الْخَامِس وَالرَّابِع وَبَان لَك أَن قوته لَا تبقى إِلَّا بغذاء أَعْطيته حِينَئِذٍ وَقد قرب بحرانه لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تكون قد أضعفت العليل وصميته حَيْثُ لم تحتج إِلَيْهِ واضطررت أَن تغذوه حِين يضرّهُ الْغذَاء وَيطول مَرضه وَذَلِكَ كُله يُؤْتى من الْجَهْل بمنتهى الْمَرَض فَانْظُر مَتى علمت أَنه يحْتَمل أَن يبْقى حَتَّى يَأْتِي الْمُنْتَهى فاحمه الْبَتَّةَ وَمَتى علمت أَن قوته تنْحَل أَن لم تعطه شَيْئا فأعطه بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِحَسب الْقُوَّة وَطول الْمُنْتَهى وَأعْطِ بَعْضًا من أشربة وبعضاً من مَاء الشّعير وبعضاً من كشكة وَلَا تعط مَاء الشّعير وَلَا)
الْأَشْرِبَة إِلَّا بعد أَن تكون قد علمت بِمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ أَن احْتَاجَ حقنة أَو فَتِيلَة أَو تسكين وجع أَو نَحْو ذَلِك.
قَالَ: فَالَّذِينَ يحْمُونَ العليل فِي الْأَيَّام الأول ثمَّ يعطونه الأغذية والأشربة بعد ذَلِك يعظم خطاؤهم عَلَيْهِ وخاصة الَّذين يُعْطون بعد ذَلِك الأغذية مثل الكشك نَفسه فَأَما من يعْطى مَاء الشّعير فخطاؤه أقل وَكَذَا من يعْطى الْأَشْرِبَة خطاؤه أقل إِلَّا إِنَّهُم يلحون أَن لَا يُعْطوا الأغذية أَنْفسهَا إِذا رَأَوْا الْقُوَّة قد خارت وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا كَانَ تدبيرهم ونظرهم فِي مُنْتَهى الْمَرَض فأسقطوا الْقُوَّة مُنْذُ أول الْأَمر لاستعمالهم خلاء الْعُرُوق فَلَمَّا علمُوا أَن الْمَرِيض لَا يحْتَمل أَن يبْقى أَقبلُوا يغذونه الْآن فينقلونه ضَرْبَة من حمية تَامَّة إِلَى اسْتِعْمَال الأغذية وَهَذَا الِانْتِقَال يضر الأصحاء جدا فضلا عَن المرضى. وَلِهَذَا براهين ذَكرنَاهَا فِي بَاب الْعَادَات وتدبير الأغذية.
قَالَ: فَلَيْسَ يَنْبَغِي إِذا أَن يسْتَعْمل خلاء الْعُرُوق بِغَيْر ترك الْغذَاء كثيرا فِي غير وقته وَلَا إِعْطَاء قَالَ: وَليكن إعطاؤك الْغذَاء بِحَسب الْحَال وَالْقُوَّة والمزاج وَالْوَقْت وبحسب خصب الْبدن أَيْضا واجمع من ذَلِك كُله شَيْئا يعْمل عَلَيْهِ وَقد بَينا ذَلِك.
قَالَ: فَأَما الْقُوَّة فَإِنَّهَا إِذا كَانَت ضَعِيفَة احْتَاجَت أَن تغذى قَلِيلا قَلِيلا مَرَّات كَثِيرَة وَيكون ذَلِك أوكد إِن كَانَ حَال الصِّحَّة مُعْتَادا لِأَن يتغذى مرَّتَيْنِ فِي الْيَوْم. فَأَما شدَّة الْقُوَّة فَيجوز مَعهَا أَن تثقل الْغذَاء وَأَن تَجْعَلهُ مرّة وخاصة إِن كَانَت الْعَادة جرت بِأَنَّهُ يَأْكُل مرّة فِي الْيَوْم وَكَذَا سرعَة الانحلال ورقة الأخلاط تدل على التغذية وبالضد.
قَالَ: وَإِذا لم تقف بِالْحَقِيقَةِ على مِقْدَار مَا تَقْتَضِي الْقُوَّة من الْغذَاء فَكُن إِلَى النُّقْصَان أميل مَا دَامَ الْمَرَض لم ينضج وَالْمَرِيض مُحْتَمل لِأَن الزِّيَادَة يحدث مِنْهَا ضَرَر لَا تلْحقهُ وَأما النُّقْصَان فَإِن رَأَيْت الْقُوَّة قد خارت وأمكنك أَن تغذي فغذه فَإِن كثيرا من المرضى يغذون يَوْم الْحمى وَمن غَد خبْزًا منقعاً فِي شراب وَمَاء أَو يحسون بعض الأحساء مِمَّن يُمكن فيهم أَن يبقوا بِلَا غذَاء إِلَى أَن يَجِيء البحران ثمَّ يمتنعون عَن الْغذَاء بعد وَهَؤُلَاء لَو لم يُعْطوا ذَلِك لَكَانَ خيرا لَهُم وَلَكِن هَذَا التَّدْبِير على حَال وَإِن لم يكن جيدا أَجود من أَن تجيعهم أَيَّامًا وتغذيهم بِقرب الْمُنْتَهى قبل النضج وَذَلِكَ إِن هَؤُلَاءِ يموتون على الْأَكْثَر إِلَّا أَن يكون
(4/360)
الْمَرَض على غَايَة السَّلامَة فَأَما الْغَلَط الْكَائِن من الْغذَاء فِي الِابْتِدَاء فَإِنَّهُ أسهل خطراً. يحققه الْإِمْسَاك عَن الْغذَاء فَأَما هَهُنَا فَلَا يُمكن قَالَ: فَمن أعظم الْأَشْيَاء نفعا أَن لَا يمْنَع العليل مَاء الشّعير أَو بعض الأحساء فِي الْأَيَّام الأول من)
مَرضه وَأَنت مزمع بعد أَيَّام أَن لَا تعطيه مِنْهَا وَبِالْجُمْلَةِ انْظُر مِقْدَار الْقُوَّة فِي مَرضه وَاجعَل التَّدْبِير عِنْد الْمُنْتَهى.
قَالَ ابقراط: وَالَّذين يدبرهم الْأَطِبَّاء بِالْمَنْعِ من الْغذَاء فِي الْأَيَّام الأول وإعطائهم بعد فكثيراُ مَا يَجدونَ ينزل من الرَّأْس وَمن نواحي الصَّدْر أخلاط نِيَّة مرارية ويعرض لَهُم سهر يمْنَع الْمَرَض النضج ويشتد قلقهم ويتبرمون وتختلط عُقُولهمْ ويعرض لَهُم أَن يرَوا كاللمعان ويمتلئ السّمع أصواتاً وتبرد أَطْرَافهم وَتَكون أبوالهم غير نضيجة وبزاقهم رَقِيقا مالحاً يَسِيرا منصبغاً بلون خَالص ويعرض لَهُم عصر فِيمَا يَلِي الرَّقَبَة واضطراب وينجذب نفسهم إِلَى فَوق ويعظم وتلطأ أصداغهم وَرُبمَا حدث صغر نفس وَكَانَ أردأ ويطرحون ثِيَابهمْ عَن صُدُورهمْ ويرتعش أبدانهم وتختلج مِنْهُم الشّفة السُّفْلى فَكل هَذِه الْأَعْرَاض تعرض لمن دبره الْأَطِبَّاء تدبيراً ردياً مِمَّن يحمونه فِي الْأَيَّام الأول ثمَّ ينقلونه إِلَى تنَاول أَطْعِمَة بَغْتَة فِي الْيَوْم الثَّالِث أَو الرَّابِع أَو الْخَامِس أَو السَّادِس أَو قبل أَن يَنْتَهِي مَرضه.
قَالَ: فَيعرض من الِامْتِنَاع من الْغذَاء أَن تنصب إِلَى نواحي الصَّدْر أخلاط مرارية ويعرض سهر والسهر يمْنَع من النضج وَأما الخور فَيعرض من الْمَنْع من الْغذَاء أَو من تنَاول الْغذَاء بعد ذَلِك بِكَثْرَة لثقل الْمعدة بِهِ وَتعرض لَهُم مرَارَة الْفَم واختلاط الْعقل من الصَّفْرَاء واللمع لارْتِفَاع البخارات وَأما برد الْأَطْرَاف فَإِنَّهُ يعرض مَتى أصَاب الْمعدة كرب بِسَبَب انصباب المرار إِلَيْهَا بِسَبَب جوع طَوِيل.
قَالَ: والأطباء الَّذين يجوعون الْمَرِيض فِي الْأَيَّام الأول ثمَّ ينقلونه بعد ذَلِك بَغْتَة إِلَى الأغذية فِي وَقت يَنْبَغِي أَن يلطف تَدْبيره فَيمْنَع النضج لِأَن الْبَوْل فِي الْوَقْت الَّذِي يخف فِيهِ الْبدن إِذا لم يسق فِيهِ مَاء الشّعير أَو مَاء الْعَسَل أَو سكنجبينا يغلب عَلَيْهِ المرار كَأَنَّهُ لَا يمازجه شَيْء آخر وَلَا ينقي وَأما فِي الْوَقْت الَّذِي ينْقل فِيهِ الْمَرِيض فنقلته إِلَى اسْتِعْمَال الأغذية فَلِأَن الْمعدة تثقل فَتَصِير أَيْضا الْقُوَّة الحيوانية مُشَاركَة لفم الْمعدة فِيمَا يحل بهَا لهَذَا السَّبَب يصير البزاق رَقِيقا مالحاً يَسِيرا منصبغاً ويعرض لَهُم الْعرق نَحْو الصَّدْر ويصيبهم اضْطِرَاب وَسُوء نفس لِأَن الْمَرَض يلبث غير نضيج بِسَبَب الْأَمريْنِ جَمِيعًا: الْجُوع الطَّوِيل وَتَنَاول الأغذية فِي غير وقته وَيتبع عدم النضج الْعرق والبزاق الْمَوْصُوف هَذَا فِي ذَات الْجنب فَأَما سوء التنفس فَيعرض عِنْد تنَاول الْأَطْعِمَة والغذاء فِي غير وقته ويطرح عَنْهُم الثِّيَاب للكرب وَتعرض الرعشة لضعف الْقُوَّة واختلاج الشّفة السُّفْلى)
لشدَّة ألم فَم الْمعدة وَمَتى ظَهرت هَذِه العلامات قبل ظُهُور النضج فَإِنَّهَا تدل على اخْتِلَاط عقل شَدِيد وعَلى موت فِي اكثر الْأَمر وَمَتى ظَهرت بعد ذَلِك دَلَائِل النضج فَإِنَّهَا تدل على البحران.
(4/361)
قَالَ: من بِهِ مرض حاد فَإِن كَانَ قد نضج مَرضه فليعط مَاء الشّعير فَإِن كَانَ لم ينضج فَلَا تعطه إِلَّا الْأَشْرِبَة إِلَّا أَن يعرض لَهُ بعض الْأَعْرَاض الدَّالَّة على سُقُوط الْقُوَّة قبل استفراغ الْبَطن المفرط أَو لذع فِي الأمعاء والمعدة وَنَحْو ذَلِك من سهر أَو غم أَو تحلل خَفِي وَبِالْجُمْلَةِ شَيْء يسْقط الْقُوَّة وَلَا سِيمَا إِذا كَانَت مَوَاضِع مَا دون الشراسيف مِنْهُ جافة يابسة مَهْزُولَة وَيَنْبَغِي أَن لَا تنسى وتغلطك أَمر الشراسيف فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ ورم فَوق يجذب الشراسيف إِلَى فَوق قريب مِنْهُ تمددها وانجذابها إِلَى فَوق وَبَين هَذَا وَبَين ذَلِك فرق وَذَلِكَ أَن هَذَا إِذا كَانَ من أجل ورم احْتَاجَ إِلَى تَدْبِير لطف وَإِذا كَانَ من أجل هزالها ونحافة الْجِسْم كُله وَكَثْرَة تحلله احْتَاجَ إِلَى تغذ بِمَاء الشّعير مرَارًا كَثِيرَة قَلِيلا قَلِيلا.
لى: الْفرق بَين هذَيْن أَلا يكون فِي الْبَطن ريح وَلَا حرارة وَلَا ورم وَلَا عَطش وَلَا التهاب وَأَن يكون جَمِيع الْبدن ضامراً ضئيلاً وتتقدم العلامات والأسباب الدَّالَّة على انحلال الْبدن فجملة تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة أَن تنظر فِي الْقُوَّة وَالْمَرَض فَمَا أمكن أَن يَنْتَهِي وَالْقُوَّة بَاقِيَة أخذت بِالْجُمْلَةِ فِي اسْتِعْمَال الحمية الصعبة وَمَا لم يُمكن أَن يبْقى أعطهم الأحساء والأغذية اللطيفة ثمَّ لطف التَّدْبِير نَحْو الْمُنْتَهى لِئَلَّا يمْنَع البحران وَمَا شَككت فِيهِ اسْتعْملت التَّوَسُّط وملت إِلَى تقليل الْغذَاء لِأَنَّهُ يمكنك أَن تلْحقهُ إِن حدث حَادث يدل على ذَلِك ويستدل مَعَ هَذَا كُله بالأسباب الملتئمة كالأمزجة وَالسّن وتخلخل الْبدن وَنَحْوه ولطف التَّدْبِير بعد البحران بيومين أَيْضا لتأمن العودة.
قَالَ: وَإِذا انْتَقَلت من حمية إِلَى اغتذاء أَو من اغتذاء إِلَى حمية فبتدرج فِي ذَلِك مَا أمكنك وساعدتك الْقُوَّة فَلَا تسْتَعْمل الأغذية والأحساء قبل النضج إِلَّا عِنْد ضَرُورَة سُقُوط الْقُوَّة. 3 (مَاء الْعَسَل) مَتى كَانَ بِإِنْسَان حمى حادة وقوته ومرضه يَنْتَهِي إِلَى الْخَامِس فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ مَاء الْعَسَل وَهُوَ مُوَافق فِي هَذِه الْأَمْرَاض جدا وانتفاع أَصْحَاب هَذِه الأمزجة الحادة بِهِ أقل وَذَلِكَ أَنه يَسْتَحِيل فيهم إِلَى الصَّفْرَاء إِلَّا أَن يسْبق فَيخرج بالبراز وَالْبَوْل فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يجب أَلا يضرهم بل يَنْفَعهُمْ نفعا عَظِيما وَذَلِكَ أَنه يخرج مَعَه البرَاز وَهُوَ يبْقى فِي بطُون من بهم ورم فِي أحشائهم فَلَا يخرج مَعَه وَيزِيد فِي الورم وضرره لَهُم أعظم جدا. وَإِن أعْطى مِنْهُ أَصْحَاب الأمزجة الصفراوية وَهُوَ ممزوج حَتَّى صَار كَالْمَاءِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يهيج الْعَطش وَلَا يُولد المرار.
قَالَ: إِن المَاء يبطئ فِي مَا دون الشراسيف زَمَانا طَويلا فَيَنْبَغِي أَن يهرب من اسْتِعْمَاله خَاصَّة فِي الْأَمْرَاض الحادة وَالْعَسَل يَسْتَحِيل إِلَى المرار واسق شراب الْعَسَل الْكثير المَاء لِأَنَّهُ يكون حِينَئِذٍ مدراً للبول ومنفذاً للْمَاء لَا الْعَسَل فيعطش.
قَالَ: وَلَا تسْتَعْمل مَاء الْعَسَل فِي الحميات الذوبانية وَذَلِكَ أَنه من أعظم الْأَشْيَاء لَهُم مضرَّة وَهَذِه هِيَ الحميات الَّتِي يكون فِيهَا برازه زبدياً وشيئاً مرارياً لَكِن اسْتعْمل فِي هَذِه مَاء الشّعير إِلَى أَن تظهر وَلَو عَلامَة وَاحِدَة خسيسة فِي الْبَوْل تدل على نضج فَحِينَئِذٍ فاسقه المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ
(4/362)
قَالَ: اسْتِعْمَال مَاء الْعَسَل فِي الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي الْقُوَّة فِيهَا قَوِيَّة والانتهاء يَأْتِي قبل انحلالها وَلَيْسَ فِي الأحشاء ورم وَفِي ذَات الْجنب صَوَاب وَلَا يحدث عَنهُ كَبِير خطأ فَأَما مَاء الشّعير فَاسْتَعْملهُ فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تذيب الْبدن فَقَط لِأَن فِي هَذِه لَا يحْتَمل العليل أَن يغذى بِمَاء الْعَسَل حَتَّى يَجِيء البحران وَأما فِي سَائِر الْأَمْرَاض فالأصلح أَن يدبر بِمَاء الْعَسَل فَقَط يَعْنِي بِسَائِر الْأَمْرَاض: الحميات الحادة الَّتِي يَجِيء بحرانها فِي الرَّابِع وَالْخَامِس فالقوة قَوِيَّة وَلَيْسَ فِي الطحال والكبد ورم حَار. وَإِنَّمَا يطعن من يطعن فِي مَاء الْعَسَل بِأَنَّهُ يسْقط الْقُوَّة وَهَذَا كذب لكنه لَيْسَ يزِيد فِيهَا كثير زِيَادَة لِأَنَّهُ مركب من مَاء كثير وَعسل يسير وَالْمَاء لَا يغذو الْبَتَّةَ وَلِهَذَا يسْتَعْمل حَيْثُ تكون الْقُوَّة قَوِيَّة على أَنه قد يغذو وَيُقَوِّي قَلِيلا وَذَلِكَ لَو أَن مَرِيضا كَانَ من شَأْنه أَن يَمُوت فِي الرَّابِع وَلَا يطعم شَيْئا الْبَتَّةَ اسْتعْمل مَاء الشّعير أَو مَاء الْعَسَل فقد يبْقى بِهِ إِلَى السَّادِس وَالسَّابِع إِلَى أَن يسهل مَاء الشّعير بَطْنه إسهالاً كثيرا فَإِنَّهُ تسْقط قوته وَمَا لَا يطْبخ جيدا يسهل أَكثر وَمَا أجيد طبخه يسهل أقل جدا ويغذو أَكثر.
قَالَ: وَإِن شرب مَاء الْعَسَل بعد مَاء الشّعير نفخ وآذى وَقل الِانْتِفَاع بِهِ وَإِن قدم مَاء الْعَسَل أَولا)
لم يضر بل رُبمَا نفع نفعا عَظِيما إِلَّا أَن مَاء الْعَسَل أسْرع اسْتِحَالَة ونفوذاً وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يقدم أَولا الأسرع اسْتِحَالَة. 3 (السكنجبين) الْقَلِيل الحموضة الْمَعْمُول من مَاء الْعَسَل وَقَلِيل من الْخلّ فيغذو وَيفْعل أَفعَال مَاء الْعَسَل وَلَا يهيج مرار وَلَا يضر الأحشاء.
قَالَ: وَاحْذَرْ السحج فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة لِأَنَّهُ إِن حدث سحج لم تبرز الفضول لشدَّة الوجع وعادت إِلَى أعالي الأمعاء وهاجت بخارات فِي الرَّأْس ردية ونفخاً فِي الشراسيف.
قَالَ: وَلِأَن مَعَ السحوج حِينَئِذٍ وجعاً شَدِيدا وقياماً متواتراً وَهَذَانِ يسقطان الْقُوَّة جدا والحذر مِنْهُ وَاجِب.
قَالَ: وَقد يحدث السحج عَن إكثار السكنجبين وَفِيه هَذِه الْمضرَّة فَقَط.
قَالَ: السكنجبين لَا يصلح لمن هُوَ فِي أمراض حادة وَإِنَّمَا يعْطى الْأَشْرِبَة فَقَط لِأَنَّهُ يسحج سَرِيعا لجلاء أمعائهم وَلَا يغذى إِلَّا يَسِيرا كَمَاء الْعَسَل وَلَا ينقص عَن تغذية مَاء الْعَسَل وَإِنَّمَا يصلح لمن يسْتَعْمل شَيْئا من كشك الشّعير وَلَا يَنْبَغِي أَن يعْطى مَعَ مَاء الشّعير لَكِن إِذا كَانَ بِالْغَدَاةِ يعْطى مَاء الشّعير بعده بساعتين فَإِنَّهُ فِي هَذِه الْمدَّة يبلغ من نَفعه مَا يحْتَاج إِلَيْهِ ويسقى بالْعَشي بعد أَن يكون الحساء والكشك قد نفذا عَن الْبَطن لِأَن اجْتِمَاع مَاء الشّعير مَعَه يحدث قلقاً واضطراباً وَفَسَادًا. وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى اسْتِعْمَال السكنجبين وَهُوَ: أخلاط خل قَلِيل بِمَاء الْعَسَل مَتى كَانَ الْعَسَل يعطش العليل ويسخنه ويهيج أحشاءه. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يلقى على مَاء الْعَسَل خل يسير ويطبخ حِينَئِذٍ فَإِن ضَرَره إِذْ ذَاك يقل. قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فالخل يحِيل الصَّفْرَاء إِلَى طبيعة البلغم.
وَأما المَاء فَلَا يسْتَعْمل وَحده فِي الْأَمْرَاض
(4/363)
الحادة لَكِن يسقى مَا بَين الْأَشْرِبَة إِذا أفرط على العليل الْعَطش فَإِنَّهُ فِي هَذَا الْوَجْه ينفع وَأما وَحده فَلَا لِأَنَّهُ ينْفخ ويعطش ويميل إِلَى الصَّفْرَاء إِذا كَانَت غالبة. وَقد ذكرنَا علله فِي بَاب المَاء يَنْبَغِي أَن يعلم إِن هَذَا فِي شرب المَاء الْقَلِيل لِأَن الَّذِي يسقى لينقل المزاج ضَرْبَة وَلِأَنَّهُ لَا يغذو الْبدن الْبَتَّةَ فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل السكنجبين وَمَاء الْعَسَل وَالْخمر الْأَبْيَض فِي الْأَمْرَاض الحادة وَلَا يسْتَعْمل المَاء وَحده لَكِن فِيمَا بَين الْأَشْرِبَة إِذا عرض للْمَرِيض عَطش.
قَالَ: وَإِذا خفت صداعاً واختلاطاً فتجنب الْخمر غير المائي الْبَتَّةَ وامزج قَلِيل الْخمر المائي)
بِكَثِير من المَاء بِمِقْدَار مَا ينفده وَلَا يكون مَاء صرفا.
قَالَ ابقراط: يعْطى 3 (كشك الشّعير) من مَرضه هادئ وَمن كَانَ مَرضه أخوف وحاله أردأ فتعطيه مَاء الشّعير بعد النضج وَكَذَا الْحمام.
الأولى من كتاب الفضول: التَّدْبِير الْبَالِغ فِي اللطافة رَدِيء فِي جَمِيع الْأَمْرَاض المزمنة وَالتَّدْبِير الَّذِي يبلغ الْغَايَة القصوى من اللطافة فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة رَدِيء إِذا لم يحْتَملهُ الْمَرِيض.
قَالَ ج: الْمَرَض الَّذِي فِي الْغَايَة القصوى من الحدة يحْتَاج إِلَى التَّدْبِير الَّذِي فِي الْغَايَة القصوى من التَّدْبِير واللطافة الَّذِي هُوَ الْغَايَة القصوى من الطافة هُوَ ترك الطَّعَام الْبَتَّةَ والاقتصار على مَاء الْعَسَل إِلَى أَن يَجِيء البحران وَالتَّدْبِير الَّذِي لَيْسَ فِي الْغَايَة تنَاول كشك الشّعير.
قَالَ: وعرضنا فِي التَّدْبِير فِي الْأَمْرَاض أَلا تنقص الْقُوَّة نُقْصَانا بَينا فادحاً ويحفظها بِحَالِهَا لَا أَكثر.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَيَنْتَهِي الْمَرَض فِي الرَّابِع فامنعه الطَّعَام الْبَتَّةَ فَإِن هَذَا التَّدْبِير هُوَ الَّذِي فِي الْغَايَة من اللطافة وَإِذا كَانَت الْقُوَّة أَيْضا قَوِيَّة وَيَنْتَهِي فِي السَّابِع فاقتصر على مَاء الْعَسَل فَإِن هَذَا هُوَ التَّدْبِير اللَّطِيف إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي أقصاها فَأن لم تثق بِالْقُوَّةِ فَاسْتعْمل مَاء الشّعير فَأن هَذَا التَّدْبِير لَيْسَ فِي الْغَايَة من اللطافة. وَأما تنَاول كشك الشّعير فَلَيْسَ بلطيف على الْإِطْلَاق وَلَا هُوَ تَدْبِير غليظ أَيْضا كمن تنَاول الْبيض والسمك وَنَحْوه. فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي تَنْتَهِي سَرِيعا جدا فَاسْتعْمل فِيهَا التَّدْبِير اللَّطِيف جدا. قَالَ: وَأعظم الْخَطَأ يَقع على من يلطف التَّدْبِير لِأَن التَّدْبِير لَا يحْتَمل فِيهِ حُلُول الْخَطَأ وَإِن كَانَ قَلِيلا فَأَما التَّدْبِير الغليظ فَهُوَ أَكثر احْتِمَالا للغلط وأجود التَّدْبِير فِي الْأَمْرَاض الَّتِي فِي الْغَايَة القصوى من الحدة وَهِي الَّتِي تَنْتَهِي فِي الرَّابِع وَقَبله: التَّدْبِير الْبَالِغ فِي اللطافة وَهُوَ الِاقْتِصَار على مَاء الْعَسَل والقليل من مَاء الشّعير لِأَن مُنْتَهى هَذَا الْمَرَض يكون فِي هَذِه الْأَيَّام لحدتها وتلطيف الْغذَاء وَالتَّدْبِير عِنْد المنتهي أوجب وتوق تَغْلِيظ التَّدْبِير فِي المنتهي جدا لِأَن الحميات من الأورام الحارة حِينَئِذٍ فِي غَايَة الْعظم والجيد أَلا تشغل الطبيعة عَن انضاج الْعلَّة فِي ذَلِك الْوَقْت بانضاج الْغذَاء.
(4/364)
وَأما الْمَرَض الَّذِي يتَأَخَّر منتهاه فَلَنْ يُمكن أَن تسْتَعْمل فِيهِ تلطيف التَّدْبِير فِي الْغَايَة لِأَنَّك إِذا)
فعلت ذَلِك قتلت العليل فَلهَذَا يَنْبَغِي أَن يكون اغلظ بِقدر مَا انحط من الْمَرَض من الحدة. وَأما الْمَرَض الَّذِي يتَأَخَّر منتهاه فغلظ فِيهِ التَّدْبِير فِي أول الْأَمر بِحَسب ذَلِك فَإِذا قرب المنتهي فلطف التَّدْبِير وَإِنَّمَا يُمكن أَن تسْتَعْمل تلطيف التَّدْبِير بِحَسب الْقُوَّة لِأَن الْقُوَّة إِذا لم تساعد احتجنا أَن نغذي الْمَرِيض وَلَو فِي وَقت النّوبَة فضلا عَن غَيره.
قَالَ ج: الْغَرَض الَّذِي يقْصد فِي الْغذَاء أما فِي كُلية الْمَرَض فِي المنتهي وَالْقُوَّة فبحسب هذَيْن اجْعَل الْغذَاء وَأما فِي الْجُزْئِيَّة فَلَا تعط وَقت النّوبَة وَلَا بِالْقربِ مِنْهَا. وَفِي الدائمة تحر أخف الْأَوْقَات الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ فِي خلال الْكَلَام: إِن الْعِلَل الحادة إِذا كَانَت فِي الصّبيان لم تحْتَمل من المدافعة بالغذاء مَا يحْتَملهُ غَيرهم وأحمل النَّاس للمدافعة بالغذاء الَّذين هم فِي ابْتِدَاء الشيخوخة وَأما الَّذين هم فِي غايتها فَلَا وبعدهم الكهول ثمَّ الشَّبَاب وَمن حرارته الغريزية كَثِيرَة فَهُوَ أقل احْتِمَالا لترك الْغذَاء فِي أَي شَيْء كَانَ فَيَنْبَغِي أَن يكْتَسب من هَذَا أَيْضا دَلِيل على غذَاء العليل والأغذية المرطبة توَافق جَمِيع المحمومين وخاصة الصّبيان لِأَن الْحمى مرض حاد يَابِس وَالشَّيْء الْخَارِج عَن الطَّبْع يَنْبَغِي أَن يُقَابل بالضد وَالصبيان إِلَى ذَلِك أحْوج لرطوبة أمزجتهم لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون مَا يخلف عَلَيْهِم شَبيه مَا حللته الْحمى من أبدانهم ولكثرة مَا يتَحَلَّل مِنْهُم.
قَالَ: الدّلَالَة على مِقْدَار الْغذَاء وكمية مَا يعْطى مَرَّات يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ من الْقُوَّة وَحَال الْبدن ثمَّ يضم إِلَيْهِ حَال الزَّمَان وَالْعَادَة لِأَنَّهُ أَن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة والأخلاط فِي بدنه أما ردية وَإِمَّا نَاقِصَة فأغذه قَلِيلا فِي مَرَّات كَثِيرَة أما قلته فلضعف الْقُوَّة فَإِن الْقُوَّة الضعيفة لَا تحْتَمل طَعَاما كثيرا.
وَأما فِي مَرَّات كَثِيرَة فَلِأَن حَال الْبدن تحْتَاج إِلَى غذَاء كثير لِأَن رداءة الأخلاط تحْتَاج إِلَى تَبْدِيل مزاجها وقلتها تحْتَاج إِلَى الزِّيَادَة فِيهَا. وَإِن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة وَلَيْسَت الأخلاط نَاقِصَة وَلَا ردية الْكَيْفِيَّة فغذه قَلِيلا ومرات قَليلَة لِأَن الْقُوَّة ضَعِيفَة وَالْبدن لَا يحْتَاج ضَرُورَة إِلَى الزِّيَادَة وَأولى الْأَشْيَاء يَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل ذَلِك إِذا كَانَ الْبدن مَعَ ضعف الْقُوَّة ممتلئاً كثير الأخلاط فَإِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَحَال الْبدن حَال نقص فأعطه طَعَاما كثيرا فِي مَرَّات كَثِيرَة لِأَن حَال بدنه حَال تحْتَاج إِلَى كَثْرَة طَعَام وقوته تفي بإنضاج ذَلِك فَإِن منعتك نَوَائِب الْحمى فِي كَثْرَة الْأَوْقَات فأعط قدر مَا يتهيأ لَك من الْأَوْقَات. وَإِذا كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَالْمَرَض من امتلاء فأعطه طَعَاما ومرات قَليلَة لِأَنَّهُ أَن كَانَ الشَّيْء الَّذِي ينضج قَوِيا فَإِن حَال الْبدن حَال لَا يحْتَاج إِلَى غذَاء. وَهَكَذَا)
خُذ الِاسْتِدْلَال من حَال الْمَرَض وَالسّن وَالْعَادَة وَالْوَقْت وَنَحْوهَا.
أما الصَّيف فَيجب بِحَسبِهِ أَن تُعْطى العليل مرَارًا كَثِيرَة قَلِيلا قَلِيلا لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى زِيَادَة فِي الْغذَاء لِكَثْرَة مَا يتَحَلَّل مِنْهُم فِي الصَّيف أَكثر والأصحاء فِي الشتَاء لِأَن قوتهم ضَعِيفَة. وَأما فِي الشتَاء فأعطه غذَاء كثيرا فِي مَرَّات قَليلَة أما كثيرا فَلِأَن الْقُوَّة فِيهِ تكون أقوى وَأما
(4/365)
مَرَّات قَليلَة فَلِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى غذَاء لقلَّة التَّحَلُّل مِنْهُ. وَأما فِي وسط الرّبيع فَلْيَكُن الْغذَاء قَلِيلا لِأَن أَكثر الْأَمْرَاض فِي هَذَا الْوَقْت تحدث عَن امتلاء لِأَن الكيموسات الجامدة تنْحَل فِيهِ. وَأما الخريف فَأن حَاله كَحال من فِي بدنه أخلاط ردية وَلِهَذَا يحْتَاج أَن يغذي غذَاء كثيرا حميدا جيد الْخَلْط كثيرا إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَإِن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة فأعطه مَرَّات كَثِيرَة مِقْدَار مَا يجْتَمع لَهُ مِنْهَا أَن يكون كثيراُ. وعَلى هَذَا فقس فِي سَائِر الْأَشْيَاء الملتئمة وَضم ذَلِك إِلَى العرضين الْأَوَّلين وَذَلِكَ إِن كل وَاحِد من هَذِه الْأَشْيَاء أما إِن يزِيد فِي الْقُوَّة أَو ينقص مِنْهَا أَو يزِيد فِي الكيموسات أَو ينقص مِنْهَا أَو يصيرها إِلَى حَالَة ردية.
قَالَ: أثقل مَا يكون الطَّعَام على الْأَبدَان فِي الصَّيف والخريف وأخفه فِي الشتَاء وَالربيع.
قَالَ ج: الرّبيع إِلَى الشتَاء فِي ذَلِك والخريف إِلَى الصَّيف فِي ثقل الطَّعَام على الْبدن بِحَسب ذَلِك قلل الْغذَاء للْمَرِيض فِي الصَّيف والخريف الَّذِي يغذي فِيهِ العليل وَإِذا كَانَ بخلط فَلَا يُمكن. لي قد يُمكن وَهُوَ أَن يغذي بعد انْقِضَاء النّوبَة بساعتين وَيتبع ذَلِك أَيْضا.
من مقَالَة جالينوس فِي الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: مَا كَانَ من الْأَمْرَاض يَأْتِي منتهاه قبل أَن ينهك الْقُوَّة فَإِن ابقراط لَا يغذوه الْبَتَّةَ حَتَّى يَأْتِي المنتهي إِلَّا أَن يعرض لَهُ عَارض من الْأَعْرَاض الَّتِي تهد الْقُوَّة فيغذي فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي لَا يَأْتِي مُنْتَهَاهَا إِلَّا بعد مُدَّة طَوِيلَة وَيعلم إِن الْمَرِيض لَا يتَحَمَّل الْجُوع إِلَى وَقت المنتهي فَإِن ابقراط يرى أَنه أَن لم يغذ فِي هَذِه الْأَمْرَاض قبل المنتهي سَقَطت قوته وَفِي هَذِه الْأَمْرَاض يَنْبَغِي أَن يفكر الطَّبِيب مُنْذُ أول الْمَرَض أينبغي أَن يقْتَصر على مَاء الشّعير أَو مَاء الْعَسَل أَو لَا يَكْتَفِي بذلك من أجل سُقُوط الْقُوَّة لطول وَقت المنتهي حَتَّى يحْتَاج أَن يخلط فِيهِ مثل مَاء كشك الشّعير.
قَالَ: فَإِن اسْتِعْمَال الْغذَاء فِي الْمَرَض الَّذِي لَا بُد من اسْتِعْمَاله قبل المنتهي فِي أول الْأَمر خير من قَالَ: وَقد يسْتَعْمل فِي هَذِه الْأَمْرَاض أَي هَذِه رَأَيْت اسْتِعْمَاله صَوَابا مُنْذُ أول الْمَرَض إِلَّا أَن يكون جَوْفه مملوءاً من الطَّعَام وَهُوَ يحْتَاج إِلَى فصد أَو إِلَى إسهال وحقنة فَإِنَّهُ إِذا كَانَ مُحْتَاجا)
إِلَى بعض هَذِه فَيَنْبَغِي أَن تفعل بِهِ ذَلِك أَولا ثمَّ يغذى وَإِن كَانَ فِي جَوْفه طَعَام فانتظر هضمه على الِاسْتِقْصَاء ثمَّ اغذه.
قَالَ: وَيَأْمُر بترك الْغذَاء فِي أَوْقَات النوائب وَهَذَا يَقُوله فِي الْأَمْرَاض الحادة.
قَالَ: وَأنزل إِن عليلاً سيأتيه البحران لَا محَالة فِي الرَّابِع أَو الْخَامِس وَمَعَهُ من الْقُوَّة مَا
(4/366)
يحْتَمل أَن يبْقى بِلَا غذَاء خَمْسَة أَيَّام فَلَا تخور قوته جدا أَقُول: إِن ابقراط قَالَ: إِن لم يحدث على هَذَا الْمَرِيض حَادث يهد قوته من سهر شَدِيد أَو استطلاق بطن أَو غير ذَلِك لم تعطه مَاء الْعَسَل وَلَا سكنجبيا وَلَا مَاء الشّعير لَكِن تَدعه خاوياً إِلَى أَن يجوز مُنْتَهى مَرضه.
لى: يسقى مَاء قَلِيلا قَلِيلا إِن عَطش.
قَالَ: وَإِن كَانَت قوته فِيهَا بعض الضعْف فاسقه مَاء الْعَسَل. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَتى كَانَ يتَوَقَّع لَهُ بحران فِي السَّابِع وقوته قَوِيَّة تفي بِالْبَقَاءِ وَلَا تسْقط إِلَى السَّابِع فَإِن ابقراط يرى أَنه يَكْتَفِي بِمَاء الْعَسَل.
قَالَ: وَقد يسقى السكنجبين كثيرا على أَنه دَوَاء لَا لِأَنَّهُ غذَاء وَكَذَلِكَ قد يسقى مَاء الشّعير قَالَ: فبقراط كثيرا مَا يمْنَع الْمَرِيض مَاء الشّعير ويقتصر بِهِ على المَاء فَقَط إِلَى الْمُنْتَهى لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْمُنْتَهى يَأْتِي فِي الرابوع الأول أَو بعده بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَأَما إِذا علم أَن منتهاه لَا يَأْتِي إِلَّا فِي السَّابِع أَو التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر أَو الرَّابِع عشر فَإِنَّهُ يغذوه بِمَاء الشّعير وَأما بكشكة فيحسيه مِنْهُ كل يَوْم إِلَى الْيَوْم الَّذِي تكون فِيهِ نوبَة الْحمى أَو الْيَوْم الأول أَو الثَّانِي إِن كَانَ جَوْفه مملوءاً طَعَاما أَو ثقل طَعَام وَذَلِكَ أَنه مَتى كَانَ فِي جَوف العليل ثقل طَعَام فاستفرغ وَمَتى كَانَ فِي الْمعدة طَعَام فاترك حَتَّى ينحدر وَكَذَا إِن كَانَ يحْتَاج إِلَى أَن يفصد أَو يستفرغ بالإسهال فَلَا نغذه حَتَّى تسْتَعْمل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. فَأنْزل أَن العليل الَّذِي يتَوَقَّع بحرانه فِي التَّاسِع أَو فِي الْحَادِي عشر أَو الرَّابِع عشر يحْتَاج إِلَى شَيْء من هَذِه. أَقُول: أَنا نغذوه مُنْذُ أول الْأَمر بكشك الشّعير بعد أَن نَنْظُر فِي قوته فَإِن كَانَت قَوِيَّة اقتصرنا بِهِ على مَائه وَإِلَّا أعطيناه ثقله أَيْضا مَعَ المَاء.
وَينْقص من الْغذَاء إِذا قرب الْمُنْتَهى وَلَا يغذى الْبَتَّةَ فِي يَوْم البحران إِلَّا يَوْم البحران إِلَّا أَن يرهق أَمر شَدِيد من غشي أَو سُقُوط قُوَّة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: وأبقراط قد يمْنَع كثيرا من المرضى إِذا كَانَت قوتهم قَوِيَّة من الْغذَاء لَا إِلَى الرَّابِع وَلَكِن إِلَى السَّابِع إِذا علم أَن قواهم تفي بِأَن تبقى إِلَى أَن يَأْتِي الْمُنْتَهى وَأما أَنا فَأرى أَن تجويعه خَمْسَة أَيَّام)
تجويع كثير.
لى: جالينوس يرى أَن من لم يَأْته البحران إِلَى السَّابِع فَإِنَّهُ يحْتَاج أَن يغذى بِحَسب قوته وَأَن الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَن يعْطى إِلَّا المَاء فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك إِلَى الرَّابِع وَأَكْثَره إِلَى الْخَامِس. هَذَا إِن كَانَت قوته قَوِيَّة.
لى: فَأنْزل أَن عليلاً يَأْتِي بحرانه فِي الرَّابِع عشر وَأَنه فِي الْيَوْم الأول فِي بَطْنه طَعَام فَيَنْبَغِي أَن لَا يعْطى شَيْئا الْبَتَّةَ حَتَّى ينزل مَا فِي بَطْنه مَعَ ذَلِك مُحْتَاجا إِلَى فصد أَو حقنة أَو تسكين وجع شَدِيد فَإِنَّهُ لَا يعْطى شَيْئا الْبَتَّةَ حَتَّى يعالج بِمَا يَنْبَغِي وَلَا يعْطى أَيْضا فِي أَيَّام نوبَة الْحمى إِن كَانَت عَظِيمَة شَيْئا وَيُعْطى فِي سَائِر الْأَيَّام كل يَوْم سكرجة مَاء الشّعير
(4/367)
إِن كَانَت قَوِيَّة إِلَّا أَن يعلم أَنه إِن كَانَ يعْطى كشك الشّعير فَإِنَّهُ على حَال فِي تَدْبِير لطيف لَا يبلغ جملَة مَا ينَال فِي مَرضه كُله إِلَى أَن يَأْتِيهِ البحران مَا يُعْطِيهِ الْأَطِبَّاء الْآن فِي يَوْم وَاحِد وَذَلِكَ أَنا نجدهم كثيرا مَا يحسون العليل قدحاً ملأى من مَاء الشّعير ثمَّ الأحساء الْمُخْتَلفَة المتخذة من الْحِنْطَة وَنَحْوهَا ثمَّ خصى الديوك وأجنحتها والشفانين وفراخ الْحمام وَشَيْء من سمك.
قَالَ: فجملة مَا يُعْطِيهِ ابقراط فِي الْأَمْرَاض الحادة لَا يبلغ مَا يعطونه هَؤُلَاءِ فِي يَوْم وَاحِد فَإِن الَّذِي يُعْطِيهِ ابقراط الكشك كل يَوْم ثمَّ تذْهب لَهُ أَيَّام لَا يُعْطِيهِ مِنْهَا الْأَيَّام الأول وَإِن كَانَ فِي جَوْفه طَعَام أَو يحْتَاج إِلَى علاج وَمِنْهَا أَيَّام النوائب وَمِنْهَا الْأَيَّام الَّتِي تقرب من الْمُنْتَهى فَإِن ابقراط قد قَالَ: من كَانَ مُنْتَهى مَرضه مُتَقَدما فدبره باللطيف بدءاً وَمن مُنْتَهى مَرضه يتَأَخَّر فغلظ تَدْبيره مُنْذُ أول الْأَمر لتبقى قوته فَإِذا حضر الْمُنْتَهى أَو قبله بِقَلِيل فلطف تَدْبيره فأبقراط ينقص مَا يعْطى من مَاء كشك الشّعير مَتى قرب الْمُنْتَهى فَإِذا كَانَ الْمُنْتَهى وَنَحْوه يمْنَع مِنْهُ الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَإِذا انحط الْمَرَض أعْط كشك الشّعير فَإِنَّهُ صَوَاب وَإِن كَانَ العليل قبل ذَلِك لَا يسقى وَلَا مَاء الشّعير.
قَالَ: وأبقراط يرى أَن أعظم الْأَشْيَاء خطأ مَعَ منع الْمَرِيض من الْغذَاء فِي أول مَرضه ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة ثمَّ غذاه بعد وَقد قرب من الْمُنْتَهى لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن يمْنَع من الْغذَاء من كَانَت قوته لَا تفي بِالْبَقَاءِ إِلَى الْمُنْتَهى وَمن تفي فَيَنْبَغِي أَن يمْنَع مِنْهُ إِلَى أَن ينضج مَرضه فِي الرَّابِع كَانَ أَو فِي الْخَامِس أَو السَّابِع فَهَذَا رأى أبقراط.
لى: لَا يمْنَع مَاء الْعَسَل وَالْمَاء وَنَحْوه وَرُبمَا منع من مَاء الشّعير على حسب الْقُوَّة.)
قَالَ وأبقراط قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يحذر قبل الْمُنْتَهى جَمِيع الأغذية خلا الكشك من الشّعير ويطرح كشك الشّعير أَيْضا عِنْد الْمُنْتَهى.
قَالَ: فجملة رأى أبقراط إِمَّا أَن يغذوه إِلَى أَن ينضج مَرضه أَو يغذوه من أول الْأَمر. وَأعظم الْخَطَأ عِنْده أَن يمْنَع العليل الْغذَاء فِي الْأَيَّام الأول حَتَّى إِذا قرب الْمُنْتَهى وقوته قد سَقَطت غذوه مِثَال: مَتى كَانَ الْمَرَض تَأتي نهايته فِي الْخَامِس فَمنع العليل من الْغذَاء إِلَى الثَّالِث ثمَّ غذى فِي الرَّابِع عظم ضَرَره.
قَالَ: وَالَّذِي يُرِيد أبقراط فِي هَذَا الْمَرَض أَنه إِذا كَانَ الْمَرِيض قَوِيا فَلَا تغذه الْبَتَّةَ حَتَّى يَنْتَهِي مَرضه وَإِن لم يكن اغتذى فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث بِمَاء الشّعير وقلل مِنْهُ فِي الرَّابِع وَأمْسك فِي الْخَامِس الْبَتَّةَ.
الْيَهُودِيّ: الْأَمْرَاض الحادة هِيَ الْحمى الدائمة الَّتِي أعراضها أَعْرَاض الصَّفْرَاء الصعبة من شدَّة التلهب والحرارة والعطش وَسَوَاد اللِّسَان.
وتدبيره هَؤُلَاءِ: الْجُلُوس فِي بَيت مُقَابل الشمَال
(4/368)
وتنصب اجاجين المَاء وَالْخضر والرياحين المبردة ويلبس قَمِيصًا مصبوغاً بصندل وكافور وَمَاء ورد وَيجْعَل على معدته وجنبيه صندل وكافور وَمَاء ورد ويسقى غدْوَة مَاء الشّعير وَنصف النَّهَار مَاء القرع وبالعشي لعاب بزر قطونا وَإِن كَانَ صداع وسهر فانطل واسعط بدهن النيلوفر وَليكن سَائِر التَّدْبِير بِحَسب ذَلِك وتفقد علاماته الجيدة والردية والهضم فِي الْبَوْل.
الطَّبَرِيّ: ابتدئ فِي أول الْأَمر فِي الْأَمْرَاض الحادة بِإِخْرَاج الفضول لِأَنَّهُ إِن مَضَت أَيَّام لم يُمكن ذَلِك لضَعْفه ويفرش فِي الْبَيْت رياحين وأجاجين مَاء مبردة مَا أمكن.
لى: اجْتمعت الْكتب الحديثة أَن الْمَرَض الحاد هُوَ الغب الْمُسَمَّاة المحرقة إِذا بَقِي الْخَلْط خَالِصا وَقد ذكر صدر من علاجه فِي بَاب الغب فاقرأه من هُنَاكَ وَكَذَلِكَ فِي الحميات المطبقة.
اهرن: أَنا لَا نسقي مَاء الشّعير فِي الْأَمْرَاض الحادة من يحمض مَاء الشّعير فِي معدته.
لى: رَأَيْت بالتجربة أَكثر هَذِه الْعِلَل الَّتِي تسميها الْعَامَّة برساما ويسميها الْأَطِبَّاء سرساما تبتدئ بثقل الرَّأْس ووجعه بِشدَّة وكسل وفتور وتمط يَتلون فِي الْبدن كُله وَحُمرَة فِي الْوَجْه والعنق وَحمى لينَة وَيبقى كَذَلِك يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة وَإِلَى خَمْسَة وَإِلَى سَبْعَة ثمَّ من ذَلِك يخْتَلط الْعقل وَيرى كَالسَّكْرَانِ ويسود لِسَانه وَلَا يطْلب مَأْكُولا وَلَا مشروبا مُدَّة مَا يقدر سرعَة دُخُوله فِيهِ وبطؤه)
وبقدر حِدة حماه وغلبتها. وَرَأَيْت أَجود مَا يمْنَع بِهِ هَذَا: إسهال الصَّفْرَاء بِقُوَّة. وَاعْلَم أَن الطبيعة يعسر انحلالها فِي هَذَا الْوَقْت أَكثر لِأَن حَرَكَة المرار فِيهِ إِلَى الرَّأْس فَيجب أَن يسقى فِيهِ خيارشنبر بِاللَّيْلِ وَيتبع سحرًا بطبيخ اهليلج وَلَا يُفَارق الرَّأْس خل خمر ودهن ورد وَمَاء ورد وَالْأنف الصندل والكافور. والفصد فِيهَا عَجِيب النَّفْع. والنطل على الرَّأْس. وَرَأَيْت أَن امتناعهم عَن المَاء مَعَ شدَّة الْحَرَارَة ويبس اللِّسَان إِنَّمَا يكون لاختلاطهم فَلهَذَا أرى أَن يوجروا كل سَاعَة مَاء بَارِد ويذكروا شربه لِئَلَّا تشتد حرافة المرار وخاصة فِي من كَانَ لِسَانه مِنْهُم أيبس وَدَلَائِل الْوَجْه عَلَيْهِ أغلب. فَإِن الصَّحِيح إِذا لم يشرب ثَلَاثَة أَيَّام حم واحتدت أخلاطه وزادت الْمقَالة الثَّانِيَة:
3 - (الْأَعْرَاض المقوية للسرسام)
اخْتِلَاط الْعقل الدَّائِم والحمى اللَّازِمَة.
السَّادِسَة قَالَ: ينفع فِي الْمَرَض الحاد إِذا كَانَ مَعَه ثقل فِي الرَّأْس عقر الْأنف لخرج مِنْهُ دم فَإِن كَانَ بِهِ طحال فاعقره فِي الْجَانِب الْأَيْسَر.
لى: يعقر الْأنف وتفصد الْجَبْهَة أَو الصدغان السرسام بعد الفصد من الْيَد.
السَّادِسَة: ينْتَفع بالرعاف الفرط من بِهِ ورم حَار فِي دماغه وَحمى محرقة.
لى: السرسام الْحَار هُوَ ورم حَار فِي الدِّمَاغ وَأَكْثَره دموي وَلَا يكون للنبض وَلَا للْمَاء فِيهِ تِلْكَ الْحَرَارَة وَمَعَهُ ذُهُول وسبات أشبه ليثرغس وَالْفرق بَينهمَا شدَّة الْحمى وَسَوَاد اللِّسَان وَمَا كَانَ مِنْهُ صفراوي فَيكون فِيهِ عَبث وسهر وهذيان. وَقد يكون الذهول والسبات فِيهِ أقل.
قَالَ: وَمن جَاوز الْخمسين فَلَا يكَاد يتَخَلَّص من السرسام الْحَار إِذا عرض لَهُ لِأَنَّهُ غَرِيب فِيهِ لَا يعرض إِلَّا من مَادَّة قَوِيَّة.
(4/369)
من الْأَمْرَاض الحادة: يمسك فِي الْفَم لعاب بزر قطونا ولعاب سفرجل وكثيراء وَرب السوس ويدلك بِخرقَة كتَّان حَتَّى يتنفط ويدلك بِهَذِهِ الألعبة أَو يمسك فِي الْفَم البقلة الحمقاء وبزرها أَو يمسك نوى الإجاص أَو قضيب من قضبان الخس أَو حب رمان حامض أَو دقاق المشمش.
اغلوقن قَالَ: مِمَّا يَنْبَغِي أَن تهمل تغذية العليل لِأَن تغذيته تثبط النضج وتؤخره وتلطيفه يضر بِالْقُوَّةِ.
قَالَ: وَضبط الْأَمر يعسر شأوه لِأَن الحمية بِحَسب نَفعهَا فِي سرعَة النضج يكون مبلغ إضرارها)
بِالْقُوَّةِ بل رُبمَا كَانَ أَكثر. والغذاء بِحَسب زِيَادَته فِي قُوَّة الْمَرِيض يكون مبلغ تعويقه وتثبيطه للنضج.
لى: أَنا أرى للطبيب إِذا كَانَ مقصر الْعلم بِهَذَا أَو كَانَ الْأَمر غامضاً أَن يغذي العليل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَأَخّر النضج خطر فِي سُقُوط الْقُوَّة لِأَنَّهُ قد يُمكن مَعَ شدَّة الْقُوَّة أَن يتَأَخَّر النضج ويتحلل الْمَرَض.
قَالَ: فَأَما الحميات الدائمة لى: هَذِه هِيَ الْأَمْرَاض الحادة فَمَا كَانَ مِنْهَا لَا يُجَاوز السَّابِع فلطف التَّدْبِير فِي الْغَايَة إِن كَانَت الْقُوَّة وَالسّن تحْتَمل ذَلِك وَمَا كَانَ يُجَاوز السَّابِع وَالْقُوَّة قَوِيَّة فدبره تدبيراً أغْلظ حَتَّى إِذا قرب الْمُنْتَهى لطف التَّدْبِير وَبعد ذَلِك دبره تدبيراً أغْلظ. فَأَما إِخْرَاج الدَّم فَاسْتَعْملهُ مَتى كَانَ الْمَرَض عَظِيما وَرَأَيْت الْحمى فِي الْبدن أَزِيد مِمَّا كَانَت فِي الطَّبْع وَكَانَ يحس العليل بثقل فِي بدنه وَالْعُرُوق دارة ممتلئة فاستفرغ الَّذين هم فِي هَذِه الْحَال إِلَّا أَن يعوق الْقُوَّة وَالسّن وَالزَّمَان فَأَما الأغذية المرطبة وَالتَّدْبِير المرطب فنافع لجَمِيع المحمومين. وخاصة الحميات الحادة فغذ أَصْحَاب هَذِه الْحمى بكشك الشّعير إِلَّا من كَانَ مِنْهُم يحمض ذَلِك فِي معدته وبماء الْعَسَل إِلَّا من كَانَ مِنْهُم يَسْتَحِيل فِيهِ إِلَى المرار وبالخبز المغسول أَو بالخبز المنقوع بِالْمَاءِ المصبوب عَنهُ المَاء ثَلَاث مَرَّات.
لى: هَذَا هُوَ المغسول.
قَالَ: وَمَتى كَانَت الْحمى شَدِيدَة الْحَرَارَة والتلهب فَأول مَا ترى فِيهِ علام النضج فاسقه المَاء الْبَارِد وَليكن ذَلِك بِحَسب الْقُوَّة وَالْوَقْت وَالْعَادَة وَالسّن فعلى هَذَا التَّدْبِير تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة الساذجة الَّتِي لَا أَعْرَاض مَعهَا فَأَما الَّتِي مَعهَا أَعْرَاض فَلْيَكُن استفراغك فِي تدبيرك بعد ذَلِك الْعرض لِأَنَّهُ لَا يُمكن الفصد لَو كَانَ الامتلاء ظَاهرا مَعَ الْحمى إِذا كَانَ هُنَاكَ عصر فِي فَم الْمعدة أَو تشنج أَو زمَان حَار أَو بَارِد كَمَا يُمكن ذَلِك لَو لم تكن هَذِه.
لى: انْظُر فِي بَاب الفصد.
فليغريوس: لَا شَيْء أصلح فِي الْأَمْرَاض الحادة من شراب الخشخاش وشراب الخشخاش يهيأ من خشخاش أسود.
الساهر قَالَ علاج الْأَمْرَاض الحادة: إِذا كَانَ الْمَرَض الحاد من عفن استفرغت الْبدن بالفصد وحفظت الْقُوَّة ثمَّ أسهل بالفواكه والبنفسج والترنجبين والخيارشنبر واسق مَاء الشّعير أَو مَاء)
الرُّمَّان والإجاص وَإِن كَانَ بهم عَطش شَدِيد واسق مَاء القرع وَمَاء الرُّمَّان يسقون مِنْهُ
(4/370)
أَنْصَاف النَّهَار وَعند الْعَطش وينامون بِاللَّيْلِ على لعاب بزرقطونا والرجلة أَو بِمَاء الْجلاب أَو بِمَاء الرُّمَّان وسكر طبرزد فَإِن اخْتَلَط الْعقل فضع على الهامة خرقَة قد غمست فِي مياه الْبُقُول الْبَارِدَة مثل مَاء البقلة الحمقاء وَعصى الرَّاعِي وَالْخلاف والورد ونبرد بالثلج وتغمس فِيهَا خرق وتوضع على الهامة والجبهة ويضمد أَيْضا بثقلها بعد أَن يبرد الرَّأْس وَإِن سهر فاسعطه بدهن قرع وبنفسج وبابونج وَإِن عرض صداع فعالجه بِمَا تعالج بِهِ الصداع الْحَار وَاحْذَرْ صب الْمِيَاه على الرَّأْس مَتى كَانَت بِهِ نزلة أَو سعال أَو كَانَ فِي رَأسه ثقل وتمدد لِأَن ذَلِك يدل على كَثْرَة بخارات فِي رَأسه بل كَبه فِي هَذِه الْحَال على الْمِيَاه الَّتِي قد طبخ فِيهَا البابونج والبنفسج وَنَحْوهمَا فَإِن الانكباب على هَذِه يبلغ مَا تُرِيدُ من النطول ويحلل أَيْضا تِلْكَ البخارات. وَإِن لم يكن شَيْء من ذَلِك فانطل على الرَّأْس وَإِن كَانَ الرَّأْس شَدِيدَة الْحَرَارَة فألق فِيمَا تنطل بِهِ قشور خشخاش وشعيراً مرضوضاً. وتوق حلب اللَّبن على الرَّأْس مَتى كَانَ ثقيلاً فَإِن خطأه لَا يتلافى لِأَنَّهُ قد يعرض من ذَلِك فِي الْأَكْثَر ورم وَيصير سَبَب الْمَوْت لِأَنَّهُ مَتى صَارَت مَادَّة كَثِيرَة فِي الرَّأْس ثبتها فِيهِ وثبطها وَلَا تدع الْبَطن يحتبس بالمأكولات والحقن والفتل وَإِن عرض قيء فأعطهم مَا ينفع الْقَيْء وضمد الْمعدة بأضمدة قَوِيَّة كاصنداين والورد وَالْعود ومياه الْفَوَاكِه والأطراف القابضة والباردة كالخلاف والآس وَإِن عرض ذرب فَاسق سويق الشّعير بالصمغ المقلو مِثْقَالا أَو مَاء الشّعير بالأقراص الحماضية وغذهم الكشك بِمَاء الرُّمَّان والسفرجل واطل الْبَطن باللخالخ وَإِن عرض خفقان الْفُؤَاد فبرد وَرطب وَأكْثر من سقِِي مَاء القرع والأضمدة المبردة الَّتِي فِيهَا كافور على الصَّدْر والمعدة والصلب وَبرد مَوضِع المضجع جهدك فِي هَذِه الْحَال أَكثر وَإِن بَقِي فِي عروقهم بعد الانحطاط شَيْء من عفن فَاسق مَاء الْبُقُول إِمَّا مَاء الْبُقُول وَإِمَّا مَاء الهندباء وَحده أَو مَاء رازيانج قَلِيل إِن احتجت إِلَيْهِ. أَو عِنَب الثَّعْلَب إِن كَانَت الْحَرَارَة زَائِدَة.
قَالَ أَيُّوب الأبرش فِي كِتَابه فِي الْبَوْل: إِذا دَامَ ضررها بالدماغ تعطلت الْأَفْعَال النفسية وَلذَلِك يعْدم النَّفس وَيَمُوت. وَرَأَيْت أَكثر المبرسمين إِنَّمَا يموتون من عدم النَّفس لِأَنَّهُ يصعب عَلَيْهِم كالحال فِي السكتة وَلذَلِك تراهم مستلقين وَترى حُلُوقهمْ تَجف وَذَلِكَ رَدِيء جدا لِأَنَّهُ يخنقهم وَيَنْبَغِي أَن تسقيهم سَاعَة سَاعَة وتقطر الرطوبات اللزجة قَلِيلا قَلِيلا فِي حُلُوقهمْ وتمرخ صُدُورهمْ وأعناقهم وأكتافهم ليسهل النَّفس لذَلِك مَا أمكن فِيهِ أَن يسهل.)
الْكَمَال والتمام: قَالَ: كنت لَا أسْقى مَاء الشّعير إِلَّا بعد تليين الْبَطن وَكنت إِذا رَأَيْت الْعَطش المنجح قَالَ: إِذا أردْت أَن تبطل نفخة مَاء الشّعير فألق فِيهِ شَيْئا من خل خمر وخاصة للحرور.
(4/371)
أَبُو جريج الراهب قَالَ: لعاب بزرقطونا أَن سقى المبرسم سكن عطشه ولهبه ونفعه جدا.
روفس فس كتاب المالنخوليا: بِأَن من مُشَاركَة الرَّأْس للمعدة أَشْيَاء مِنْهَا أَن المرئ ينْبت من الرَّأْس وَمِنْهَا أَن عصباً يَجِيء إِلَى المرئ والمعدة لَهُ مِقْدَار وَمِنْهَا أَن فَم الْمعدة يتَّصل بالحجاب الْفَاصِل وَهَذَا الْحجاب كثير العصب وَأَن الضَّرْبَة على الرَّأْس تقيئ مِنْهَا المرار.
ثمَّ قَالَ: لَا شَيْء أصلح فِي علل الرَّأْس الَّتِي عَن الْمعدة من الْقَيْء والإسهال.
وَأَنا أَحسب السرسام إِنَّمَا يكون لِكَثْرَة المرار فِي الْمعدة وتأذي الدِّمَاغ بذلك حَتَّى أَنه يمْتَنع من أَفعاله لذَلِك وَإِنَّمَا يَمُوت المسرسم بالاختناق وَلَا أَدْرِي شَيْئا أفضل فِيهِ من الإسهال الذريع للمرار الْأَصْفَر فَإِنَّهُ يمْنَع من حُدُوثه. وَيَنْبَغِي أَن تبتدئ أول مَا ترى أعراضه فَإِنَّهُ فِيهِ من الفصد بل رُبمَا كَانَ الفصد فِيهِ ردياً لِأَنَّهُ يَجْعَل الْبدن أَشد يبساً وحرافة وأصعب.
الْإِسْكَنْدَر: اسْقِ فِي الْأَمْرَاض الحادة رب الخشخاش الْأسود فَإِنَّهُ ينيم ويطفئ ويبرد وَهُوَ مُوَافق جدا.
ابْن ماسويه قَالَ فِي الْأَمْرَاض الحادة أَعنِي الحميات اللَّازِمَة: أبدأ بالفصد مَا أمكنت الْقُوَّة وَفِيمَا لم تمكن أسهل بالفواكه ثمَّ أفرغ إِلَى المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يُطْفِئ لهيب الْحمى الْبَتَّةَ. واسقه كشك الشّعير إِن كَانَت الطبيعة لينَة بسكنجبين أَو بشراب الريباس أَو بحماض الأترج أَو مَاء الرُّمَّان المز. فَإِن الْأَشْيَاء الحامضة تُطْفِئ لهيب الْمعدة وَاجعَل الطَّعَام الماش والعدس والبقول. فَإِن كَانَت الطبيعة يابسة فاسقه مَاء الشّعير بحلاب وبنفسج. وَإِن كَانَت الْحَرَارَة كَثِيرَة لهبة فاسقه فِي الْيَوْم وَاحِدَة مَاء تمر هندي وَنَحْوه ولين الطَّبْع بشيافة أَو حقنة لينَة إِن دعت الْحَاجة إِلَيْهَا. إِن عرض صداع وَلم يكن سعال وَلَا تحلب من الرَّأْس إِلَى الصَّدْر فانطل الرَّأْس بطبيخ الْورْد الْيَابِس والبنفسج وَالشعِير المقشر وقشور الخشخاش وبزر الخس. وَإِن لم يكن صداع فاحلب عَلَيْهِ لبن ضَأْن.
قَالَ: وَإِن لم يكن السهر شَدِيدا فطبيخ الْورْد والبنفسج وَالشعِير يُجزئهُ إِن ينطل بِهِ الرَّأْس وَلَا يحْتَاج إِلَى غَيره فَإِن كَانَ عديماً للنوم فألق مَعَه قشور الخشخاش وبزر الخس وقشور اليبروج)
وَنَحْوهَا فَإِن النطول يجلب النّوم ويسكن الصداع فَإِن لم يسكن الصداع بالنطول فاحلب اللَّبن عَلَيْهِ. إِن كَانَ ضَعِيفا فلبن النِّسَاء وَإِن كَانَ قَوِيا فلبن الماعز أَولا ثمَّ انطل بعد ذَلِك واسعطه بدهن النيلوفر والبنفسج وخبص الرَّأْس بثقل النطول.
قَالَ: وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك إِذا كَانَ الصداع من بخار حريف يَابِس فَإِن كَانَ الرَّأْس مملوءاً بخاراً قَالَ: ويستدل على ذَلِك بالثقل فِي الرَّأْس والجبهة وبالخفة والطيران فَإِن الثّقل مَعَ الصداع يدل على كَثْرَة البخار الرطب والخفة والطيران بِلَا ثقل يدل على كَثْرَة البخار الرطب والخفة والطيران بِلَا ثقل يدل على قلَّة البخارات وَحِينَئِذٍ تشجع وَاسْتعْمل هَذِه الْأَشْيَاء من السعوط والتخبيص والنطول.
لى: النّوم أدل من هَذِه كلهَا ويبس الْعين والمنخر.
(4/372)
قَالَ: وَإِذا كَانَ الصداع مَعَه بخارات كَثِيرَة فَلَا تسْتَعْمل ذَلِك لَكِن اسْتعْمل كب الرَّأْس على مياه حارة مطبوخة برياحين فَإِنَّهُ يحلل ذَلِك وَلَا تقرب الدّهن إِذا كَانَ فِي الرَّأْس ثقل أَو سبات وضع الْأَطْرَاف فِي المَاء الْحَار مُدَّة طَوِيلَة وادهن خرز الصلب فَإِن المرضى سيحسون بالحرارة تنزل فِي خرز الظّهْر ويسكن الصداع على الْمَكَان فَإِن لم يحسوا بذلك فَشد الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ حَتَّى توجعا. وَإِن اضطرك الْأَمر لصداع صَعب فَشد الخصيتين أَيْضا وضع فِي مبدأ الصداع خل خمر ودهن ورد وَمَاء ورد على الرَّأْس لِأَنَّهُ يُقَوي وَيمْنَع الْمَادَّة. فَإِن طَال الصداع وَأَرَدْت سكونه فَقَط لَا أَن تدفع عَن الرَّأْس شَيْئا فضع عَلَيْهِ مَاء البقلة الحمقاء والقرع ودهن النيلوفر وخبص الرَّأْس بورق الْخلاف والخطمى ولعاب بزرقطونا ودهن البنفسج. وَإِن كثر السهر فضمد الْجَبْهَة وأطعمه الخس المسلوق.
قَالَ: وليناموا على لعاب بزرقطونا وَإِن أَصَابَهُ خفقان وغم فضع على معدته ضماداً متخذاً من رماد وخل وخطمى وصندل وكافور وَمَاء ورد واسقه ربوباً بَارِدَة واحقنه بدهن ورد واسقه مَاء الْورْد وَمَاء بزرقطونا وَنَحْوه فَإِنَّهُ يسكن التهاب الْبَطن فَإِن كَانَ فِي اللِّسَان خشونة شَدِيدَة فادلكه بِخرقَة وألعقه اللعابات اللينة الْبَارِدَة وَمَاء الرُّمَّان الحلو وَإِن لم يُمكنهُ أَن يَأْكُل مزورة فأعطه سويق الشّعير ينقع فِي مَاء حَار وقتا طَويلا لِئَلَّا ينْفخ ثمَّ اسْقِهِ مَاء الثَّلج.
لى: الْخبز المغسول غَايَة الْغسْل جيد فِي هَذَا الْوَقْت. وَإِن كَانَت الْحَرَارَة شَدِيدَة وَهُوَ ضَعِيف فأعطه بدل الْغذَاء وَبدل مَاء الشّعير مَاء الرُّمَّان المز فَإِنَّهُ يقوم لَهُ مقَام الْغذَاء والدواء وَإِن كَانَ)
أقوى قَلِيلا فانقع خبْزًا فِي مَاء بَارِد ليغلظه واسقه هَذَا المَاء مَعَ مَاء الرُّمَّان فَإِنَّهُ يُطْفِئ وَيُقَوِّي الطبيعة جدا وَلَيْسَ لَهُ ثقل وَلَا غلظ الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَإِذا كَانَ بِهِ سبات أَو استسقاء يحول بَينه وَبَين فتح عَيْنَيْهِ فَلَا تجْعَل حِينَئِذٍ على رَأسه دهناً وَلَا غَيره وَلَكِن أوجره فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ من مَاء الْخبز وَالرُّمَّان الَّذِي وصفت فَإِنَّهُ وصفت فَإِنَّهُ يُقَوي الطبيعة ويبرده.
لى: وَيَنْبَغِي فِي هَذَا الْوَقْت وَهُوَ أصعب الْأَوْقَات الَّذِي قد تَجِد فِيهِ الْمَرِيض كالميت أَن يتَعَاهَد بايجار المَاء فِي حلقه فَإِنَّهُ يعطش جدا وَلَا يُمكنهُ أَن يَسْتَسْقِي فَيكون ذَلِك سَببا لشدَّة هيجان الْحَرَارَة وَالْمَوْت ويقلب وَيُسَوِّي رَأسه بشكل يسهل تنفسه مَعَه ويتعاهد ذَلِك كُله كل سَاعَة وَيجْعَل شيافه ليخرج الثّقل إِن كَانَ محتبساً وتضمد كبده بِخرقَة منقوعة فِي صندل وَمَاء ورد وكافور ويتعاهد حلقه لِئَلَّا يجِف. وَإِن رَأَيْت حمرَة غالبة فِي الْعين وَالْوَجْه فَخدش أَنفه ليسيل الدَّم مِنْهُ فَإِنَّهُ جيد. وَرَأَيْت وضع الضماد على الكبد مبرداً ومغيراً للْمَاء وَقد كنت أَضَع مِنْهُ على كبد أبي حَازِم فَيُصْبِح المَاء أَبيض وعَلى كبد ابْن المنجم وَالْمَاء أَحْمَر فَيُصْبِح من الْغَد أَبيض وَهُوَ عَجِيب فِي ذَلِك. وَرَأَيْت المستعدين للمرض الحاد يتخلصون من الْوُقُوع فِيهِ بِأَن يباكروا شَيْئا من سويق الشّعير أَو مَاء الشّعير فِي
(4/373)
الْأَزْمِنَة الحارة وَالْمَاء الْبَارِد على الرِّيق وَرب الريباس والحامض وَنَحْوه وإدمان تليين الطبيعة.
قَالَ: وَإِذا كَانَ العليل يَنْقَلِب إِلَى الجوانب وانتفخ بَطْنه حَتَّى صَار إِذا ضرب سمع مِنْهُ صَوت كصوت الطبل وَلَا يسكن هَذَا الانتفاخ بِحل الطبيعة فَإِنَّهُ ميت فاهرب من علاجه وخاصة إِن ظهر ورشكين كمد وَاسع يَأْخُذ الْبدن ويتسع وَقد تكون هَذِه الحميات مَعَ ورم فِي الْجوف وَمَعَ الجدري.
لى: اسْتَعِنْ بِالْكتاب.
قَالَ: وَإِذا خَرجُوا من الْعلَّة وَبقيت فِي الْبدن بقايا حرارة فأعطه هَذِه الأقراص: طباشير وَورد وبزر البقلة الحمقاء وبزر القثاء وبزر القرع الحلو وكثيراء وَرب السوس ونشا تجمع بلعاب بزرقطونا وتسقى بِالْمَاءِ الْبَارِد ممزوجاً بِمَاء الْخِيَار إِن كَانَت الْحَرَارَة كَثِيرَة. وَإِن كَانَت أقل فبماء الهندباء.
لى: إِن كَانَت الشَّهْوَة سَاقِطَة فأعط جوارش المحمومين الَّذِي فِي بَاب الْمعدة.)
قَالَ ج فِي الأولى من الْأَمْرَاض الحادة: اخص العلاجات بالحمى الحادة التيريد والترطيب وَإِن أمكنك فاستفرغ عفونة الأخلاط وأنضج مَا يُمكن فِيهَا النضج.
لى: يحْتَاج فِي هَذِه التطفئة وَهِي فِي هَذِه سليمَة والاستفراغ والتبريد والترطيب فِي الحادة جدا فَإِذا لم يُمكن الاستفراغ واستفرغت فأكب عَلَيْهَا بالتبريد والترطيب فَإِنِّي لم أر علاجاً أقوى مِنْهُ. وَأفضل مَا فِيهِ أَنَّك إِن أَخْطَأت كل الْخَطَأ فَإنَّك آمن من قتل العليل وَأعظم خطأه طول مَرضه وَأَن تجْعَل حماه طَوِيلَة إِلَّا أَنَّهَا سليمَة. وَأما تلطيف تَدْبيره فِي الْغَايَة فخطأه قتل العليل فَلذَلِك لَا شَيْء أصلح لمن لَا يعرف هَذَا أَن يكثر من التبريد والترطيب فَإِن الْحمى تنطفئ ضَرُورَة وأبلغ مَا يكون فِي ذَلِك أَن يسقى العليل بِالْغَدَاةِ مَاء الشّعير فَإِذا انهضم وفقد جشاؤه سقى أَيْضا ويسقى مَتى عَطش مَاء القرع أَو مَاء الْبِطِّيخ الْهِنْدِيّ أَو مَاء خِيَار وسكر وَإِن لم يحضر شَيْء من هَذِه فليتخذ فقاع من خبز سميذ ساذج ويحمض ويسقى مِنْهُ مَتى عَطش ويسقى مَاء الْفَوَاكِه ومياه الْبُقُول وَمَاء البقلة الحمقاء وَمَاء الخس فِي غَايَة النَّفْع والأفيون نَافِع أَيْضا فِي هَذِه الْعِلَل إِذا سقِِي مِنْهُ بِقدر لِأَنَّهُ يجمد الدَّم وينيم فتهدأ الْحَرَارَة الْبَتَّةَ وَلَا يُفَارق كبده لعاب ضماد الصندلين وَلَا مضجعه التبريد والترطيب والرياحين الْبَارِدَة ويسقى لعاب بزرقطونا بحلاب وَمَاء الرُّمَّان المنقوع فِيهِ خبز السميذ وَمَتى عَطش سقِِي فقاع الشّعير بِلَا ملح وَلَا ابزار حامض فَإِنَّهُ عَجِيب فِي التطفئة وَبِالْجُمْلَةِ اجْتهد أَن تغمر تِلْكَ الْحَرَارَة بالرطوبة. هَذَا فِي الْعِلَل المحرقة الشَّدِيدَة الحدة المختلطة الدَّلَائِل.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة: مَتى كنت أزمعت على أَن تستفرغ العليل فَلَا تسْقط شَهْوَته وقوته بتلطيف التَّدْبِير.
وَقَالَ: الحميات المطبقة يسْتَدلّ على يبسها وحرها وحدتها بِمِقْدَار يبس اللِّسَان وقحل جَمِيع الْجلد.
(4/374)
الثَّانِيَة: تمدد الشراسيف إِلَى فَوق يكون بِسَبَب ورم فِي الْبَطن ويبس فِي الْبدن مفرط والغلظ فِيهِ عَظِيم لِأَن الأول يحْتَاج أَن يلطف تَدْبيره وَالثَّانِي يحْتَاج إِلَى مَاء الشّعير مَرَّات كَثِيرَة فِي الْيَوْم قَلِيلا قَلِيلا. ج: مَتى احتجت أَن تَسْقِي العليل سكنجبينا وَمَاء الشّعير فابدأ بالسكنجبين ثمَّ بعد ساعتين لى: افصد فِي الْأَمْرَاض الحادة جَمِيع من رَأَيْت بَوْله أَحْمَر غليظاً وَلَا تفصد من رَأَيْت بَوْله أشقر)
نارياً فَإِن علته تزداد حِدة كالحال فِي الرجل الْبَغْدَادِيّ وَخلق كثير غَيره وتفقد النبض مَعَ ذَلِك وامتلاء الْبدن وَالتَّدْبِير وَإِذا كَانَت هُنَاكَ عفونة شَدِيدَة ملتهبة وامتلاء قَلِيل فَلَا تفصد وخاصة إِن كَانَت الْحمى قد التهبت فَأَما قبل الالتهاب فَهُوَ أقل ضَرَرا وَإِذا فصدت فزد بالعناية فِي التطفئة والتبريد لِأَنَّهُ إِن كَانَت حرارة شَدِيدَة تزيد بالفصد وَنَحْوه.
اربياسيوس: إِذا كَانَ من بِهِ مرض حاد ضَعِيف الْقُوَّة فَإِنَّهُ يقويه جدا أَن ينقع خبز السميذ وَفِيه حرارة فِي المَاء ويسقى من ذَلِك المَاء بعد أَن يبيض فَإِنَّهُ عَجِيب فِي التقوية.
من كتاب كرناهات ينْسب إِلَى ج قَالَ: من كَانَت بِهِ حمى حادة فأسهل بَطْنه وَمَعَ ذَلِك فَلَا تقطع الإسهال عَنهُ حَتَّى يضمر وَجهه قَلِيلا وتلين حماه وَتذهب خشونة لِسَانه ويسكن عطشه فَإِن سكن حِينَئِذٍ وَإِلَّا فاقطعه.
لى: قد جعل جالينوس مِقْدَار يبس الْبدن وَحَاجته إِلَى الترطيب لَازِما ليبس اللِّسَان فبقدر ذَلِك فَلْيَكُن تدبيرك فِي كَثْرَة ترطيب العليل فَإِن رَأَيْته مفرط اليبس فَعَلَيْك بِمَاء القرع وَالْخيَار والألعبة وَالْمَاء وترطيب الْبدن والمعدة وخاصة بِمَاء الشّعير والبقول والاغذية المرطبة فَإِذا كَانَ مَعَ حمرَة فِي اللِّسَان فَإِنَّهُ يدل على حرارة كَثِيرَة وَإِذا كَانَ مَعَ سَواد فعلى أَكثر وَإِذا كَانَ مَعَ بَيَاض الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة: مَتى لم تكن مَعَ الْحمى حَال يضر من اجلها المَاء الْبَارِد مضرَّة عَظِيمَة فَشرب المَاء الْبَارِد يعظم نَفعه وَذَلِكَ أَنه يجمد الْحمى ضَرْبَة والمقدار الَّذِي يشرب مِنْهُ بِمِقْدَار مَا يُمكن العليل أَن يتجرعه من غير أَن يستنشق الْهَوَاء.
لى: وَالْأَحْوَال الْمُوجبَة أَلا يشرب المَاء هِيَ أورام دموية أَو بلغمية أَو سوداوية فِي الْجوف فَأَما الْحمرَة فَلَا بل شرب المَاء الْبَارِد دَوَاء أَو أخلاط فجة فِي الْعُرُوق أَو دبيلة أَو شَيْء ينْتَظر نضجه كَيفَ كَانَ أَو عضوا بَارِد المزاج لَهُ فعل عَظِيم فِي الْبدن فَإِن فِي هَذِه كلهَا يضر المَاء الْبَارِد أما فِي الَّذِي ينْتَظر النضج فيبطئ بِهِ أَو يُمكن أَن يكون قد بدا النضج فقصر بِهِ عَن تَمام الْفِعْل وَأما فِي الآخر فبأن ينشب الْعُضْو فِي أَفعاله وَرُبمَا قبل العلاج وَرُبمَا لم يقبل.
وَقَالَ: بعد ذَلِك أَن السكنجبين إِنَّمَا يسقى مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير وَمَا يشرب مِنْهُ فِي كل مرّة أَكثر شَيْء أَربع أولق. فَأَما المَاء الْبَارِد إِذا اسْتعْمل لتطفئة الْحمى فَلِأَنَّهُ يمْلَأ مِنْهُ الْمَرِيض دفْعَة.
(4/375)
لى: يُمكن أَن يسقى ثَلَاثَة أَرْطَال فِي مرّة وَاحِدَة وَوجه منفعَته أَن يخصر الْمَرِيض ويبرد ويطفأ لهيبه فَإِنَّهُ يتبع ذَلِك جمود الْحمى وعرق سابغ وانطفاء الْحمى الْبَتَّةَ.)
لى: على مَا رَأَيْت لجورجس واستصوبته: بَارِد فِي ابْتِدَاء الْأَمْرَاض الحارة الحادة بالإسهال الْقوي قبل سُقُوط الْقُوَّة فَإنَّك تكسر عاديتها بذلك وتمنع حدتها وصولتها فَإِن تَأَخّر عَن ذَلِك الْوَقْت فَلَا يُرْجَى للعليل خلاص إِلَّا أَن يرطب ويبرد أَكثر ويفرط فِي المطفئات حَتَّى يغمر الْحمى بهَا ويبدل المزاج مَا أمكن.
وَالتَّدْبِير الَّذِي دبره جورجس هُوَ مَاء الشّعير وتليين الطبيعة بالترنجبين وَالْمَاء الْبَارِد وطبيخ الإجاص ويسقى مَاء القرع ولعاب بزرقطونا ولب الْخِيَار والأطلية الْبَارِدَة والنطولات وَالَّذِي أَمر أَن يقْتَصر بِهِ ماؤ الإهليليج الْأَصْفَر والسقمونيا والترنجبين.
من مسَائِل الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: من كَانَت علته شَدِيدَة من يبس أعْطى قبل مَاء الشّعير شرابًا مرطباً وَهُوَ الْجلاب وَالْعلَّة الْيَابِسَة يسْتَدلّ عَلَيْهَا يبس اللِّسَان وقحل جَمِيع الْجلد.
أصلح الْأَوْقَات للغذاء الْوَقْت الَّذِي تكون فِيهِ نواحي الصَّدْر والبطن فِي غَايَة الهدوء والسكون وَقلة الْحَرَارَة وشرها بالضد. وَذَلِكَ يكون فِي وَقت النوائب فَأَما وَقت الانحطاط وَمَا بعده فالبطن فِيهِ غَايَة السّكُون.
الثَّانِيَة من تَفْسِير السَّادِسَة من ابيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ بالعليل حمى محرقة وعطش شَدِيد وَهُوَ مُعْتَاد لشرب المَاء الْبَارِد فاسقه فِي وَقت الانحطاط وَوقت الْمُنْتَهى وامنعه فِي الِابْتِدَاء والتزيد.
لى: يَعْنِي الْجُزْئِيَّة.
الرَّابِعَة من تَفْسِير الثَّانِيَة أَخبث الْأَمْرَاض وشرها وأقتلها الحميات المطبقة الَّتِي لَا تفتر الْبَتَّةَ.
الثَّانِيَة من تَفْسِير الأولى: إِنَّمَا لم يكن سرسام فِي تِلْكَ الْحَال لِأَنَّهُ لم يعرض لأهل ذَلِك الْبَلَد إِن سخنت رؤوسهم وَقد بَينا أَن السرسام إِنَّمَا يكون إِذا سخنت الْمَوَاضِع الَّتِي فِي الدِّمَاغ. وَمَتى شخص المبرسم وتقيأ مرَارًا احمر فَإِنَّهُ إِن كَانَ ضَعِيفا مَاتَ من سَاعَته أَو يَوْمه وَإِن كَانَ قَوِيا مَاتَ بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَإِنَّهُ مَتى كَانَ يُرِيد أَن يحدث بالمبرسم ذَلِك فَإِنَّهُ يَدُوم مَعَه وجع شَدِيد فِي الرَّأْس والرقبة مَعَ ثقل شَدِيد دَائِم.
الثَّالِثَة من تَفْسِير الثَّانِيَة: يبس الْبَطن مَعَ غَلَبَة المرار على الْبدن يدل على ميل المرار إِلَى فَوق.
لى: يدل على ميله إِلَى سطوح الْبدن وَإِلَى الْعُرُوق وينذر على إِلَّا أَكثر بسرسام وَقد رَأَيْته فِي غير مَا مَرِيض.
الْأَمْرَاض الحادة لج قَالَ: تَغْيِير التَّدْبِير إِنَّمَا يضر من لم ينحط مَرضه وَلم يَأْته البحران قبل تَغْيِير)
تَدْبيره فَأَما من انحط مَرضه وانتقص بِوَجْه من الْوُجُوه فاستعمال كشك
(4/376)
الشّعير فِيهِ صَوَاب فضلا عَن مَاء الشّعير وَإِن كَانَ العليل قبل ذَلِك مُمْتَنعا من الْغذَاء صَار بعد الانحطاط يحْتَاج إِلَى تغذية وإنعاش فَأَما قبل فتحتاج أَن لَا تثقل الطبيعة.
من الْعَادَات: بِأَن من كَلَامه أَن سقِِي المَاء الْبَارِد فِي جَمِيع الأورام الَّتِي فِي الْجوف وَفِي جَمِيع الحميات قبل النضج خطأ وَلَو كَانَ العليل مُعْتَادا لَهُ وَكَذَلِكَ الاستحمام.
من مسَائِل الْأَمْرَاض الحادة: لَا تسْتَعْمل الْأَشْيَاء القابضة كالكمثرى والسفرجل فِي الْأَمْرَاض الحادة إِلَّا أَن يكون بالمريض غشي أَو ذرب لِأَن هَذِه تضيق منافذ الْغذَاء والمسام والأصلح فِي هَذِه الْأَمْرَاض أَن تكون هَذِه مفتحة.
من مسَائِل الْفُصُول الحميات الدائمة ثَلَاث: المحرقة وَهِي الَّتِي تشتد غبا وَلَا تفارق واللثقة وَهِي الَّتِي تشتد كل يَوْم وَلَا تفارق وَشطر الغب.
لى: فَأَما سونوخس فَأَنا نسميها مطبقة لَا دائمة. واللثقة مَعهَا رُطُوبَة كَثِيرَة جدا. والحمى الَّتِي تقلع على أَي حَال كَانَ فَإِن كَانَت تنوب بِشدَّة شَدِيدَة فَهِيَ أسلم من الَّتِي تطبق لَا تكون إِلَّا لورم عَظِيم جدا أَو عفونة كَثِيرَة فِي كل الْعُرُوق متمكنة كَثِيرَة. فَإِذا فَارَقت كَيفَ كَانَ فَلَيْسَ هَذَانِ الشيئان الراديان موجودين فِيهَا.
من كتاب العلامات: من أَكثر من شرب الْخمر أَو السهر أَو التَّعَرُّض لشمس حارة وَقع فِي السرسام سَرِيعا.
ابْن ماسويه فِي كتاب العلامات: عَلَامَات سونوخس حمرَة الْوَجْه وَالْعين ونتوءه وامتلاء الْعُرُوق مِنْهُ وامتلاء جَمِيع الْبدن حَتَّى كَأَنَّهُ قد خصب والكسل والصداع وَشدَّة اللهيب وَيكون ملمسه حاراً ندياً كملمس من خرج من الْحمام ونبض عريض لين.
لى: الملمس كملمس المستحمين خَاص بِهَذِهِ فافصد فِي هَذِه فَأَما المحرقة فَإِنَّهَا يابسة قشفة وَلَا تحْتَاج إِلَى فصد وخاصة فِي أول الْأَمر بل إِلَى تطفئة شَدِيدَة بَالِغَة ثمَّ تعله إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ فَأَما فِي أول الْأَمر فَإِنَّهُم يلتهبون من الفصد.
تجارب المارستان: يطرحون بزرقطونا كثيرا فِي مَاء ويسقونه صَاحب الْعلَّة الحادة دَائِما إِذا لم يكن سهل الطبيعة وَإِذا رَأَوْا الْبَوْل بطيء النضج حافظاُ للحمرة ضمدوا الكبد بالصندلين لِأَنَّهَا شَدِيدَة الْحَرَارَة حِينَئِذٍ جدا وَاتَّقوا تضميدها وَفِي معدته شَيْء.)
لى: على مَا رَأَيْت فِي جَوَامِع الْعِلَل: أَصْحَاب السرسام والأمراض الحادة لَا يجوعون لبُطْلَان حس الْمعدة أَو ضعفها لسوء حَال الدِّمَاغ وَقد ينْحل من أبدانهم شَيْء كثير وَلذَلِك يجب أَن يغذوا وَإِن لم يشتهوا لِئَلَّا تسْقط قوتهم وخاصة من كَانَ التَّحَلُّل مِنْهُ اكثر لِأَن الْأَعْضَاء الْأُخَر مِنْهُم صَحِيحَة فَهِيَ دائمة الجذب من الكبد والكبد تجذب من الْمعدة والمعدة لَا تحس بذلك لفساد مزاج الدِّمَاغ لِأَن حسها إِنَّمَا هُوَ من العصب السَّادِس فَإِن لم تَجِد فِي الْمعدة مَا تجذبه تسْقط الْقُوَّة بدوام التَّحَلُّل وَقلة الِاخْتِلَاف.
(4/377)
لى: إِذا رَأَيْت القحل واليبس شَدِيدا فِي الْأَمْرَاض الحادة فَاسق العليل قبل مَاء الشّعير الْجلاب وأكب عَلَيْهِ بِمَاء الْبِطِّيخ وَالْخيَار ولعاب بزرقطزنا وَمَاء البقلة الحمقاء فَإِنَّهَا عَجِيبَة جدا مَا لم لى: مَاء القرع إِذا طين وعصر وَشرب سكن الْعَطش والحرارة والسعال والحمى المحرقة ويلين الطبيعة.
بولس قَالَ: إِن بقيت الْحمى المطبقة إِلَى الثَّالِث وَلم يظْهر فِي الثَّالِث نضج مستحكم ورأيتها فِي عظمها بِحَالِهَا أَو أعظم فِي الثَّالِث فَلَيْسَ لَهَا بحران فِي السَّابِع. وَإِن كَانَ فِي الرَّابِع أَيْضا كَذَلِك وَلم ينخرط الْوَجْه فَهَذِهِ لَا تبحر وَلَا فِي الرَّابِع عشر فِي الْأَكْثَر.
فِي الْحمى المحرقة قَالَ: يتبع هَذِه أَن يكون اللِّسَان يَابسا غليظاً أسود وعطش شَدِيد ولهيب وسهر وصداع واختلاط حرارة نارية وَبَوْل مرى وعلاجها أَن يستفرغ المرار وتطفأ واستفرغه بالإسهال وتطفئه بِالْمَاءِ الْبَارِد كَمَا نعالج نَحن أبدا من بِهِ حمى محرقة بِالْمَاءِ الْبَارِد وتغذيه بِمَاء الشّعير وَالْحمام مُوَافق مَتى كَانَت بِهِ حمى محرقة بِلَا ورم حَار فِي بعض الْأَعْضَاء. وَإِذا لم يكن فِي الْوَجْه حمرَة فَقَط وَإِن ظَهرت عَلَامَات النضج كَانَت مُوَافَقَته اكثر.
من كتاب لروفس فِي علاج الحميات قَالَ: صَاحب حمى قوسوس لَا يحم بالحمام وَلَا يَتَحَرَّك إِلَّا للبول والخلاء وَلَا يطلع فِي مَوْضِعه شمس.
لى: إِن سقيت فِي حمى دَائِرَة مَاء بترداً فِي مثل الغب الشَّدِيدَة فَلَا تسق فِي الِابْتِدَاء الجزئي بل فِي الانحطاط وتصور هَذِه كَحال الورم فَإِن رَأَيْت دَلَائِل الدَّم ظَاهِرَة فَاعْلَم أَن مَا فِي الْعُرُوق من جنس الفلغموني فيفش ليقل مِقْدَار العفن وَيجوز أَن يكون التَّدْبِير بعد ذَلِك فِيهِ لطافة لِئَلَّا تمتلئ الْعُرُوق سَرِيعا سَرِيعا وَلِئَلَّا يتَأَخَّر النضج. فَإِذا رَأَيْت قحلاً ويبساً وحدة غالبة فَاعْلَم أَن مَا فِي الْعُرُوق من جنس الْحمرَة فَلَا تفصد لَكِن أقبل على الترطيب خَاصَّة والتبريد مَا أمكن وَلَا)
تنْتَظر فِي هَذِه نضجاً وتوق الترطيب فَإِن هَذِه لَيست من جنس مَا ينضج بل مَا فِي الْعُرُوق وَرطب بدنه فَبِهَذَا يكون الْخَلَاص.
لى: على مَا رَأَيْت فِي ابيذيميا: أَن سقِِي المحموم مَاء بَارِدًا فِي ابْتِدَاء النّوبَة وصعودها تطول وتخبث وَفِي الانحطاط لَا.
قَالَ ج فِي اخْتِصَار حِيلَة الْبُرْء: وَأَصْحَاب الْحمى المحرقة يسقون المَاء الْبَارِد شَيْئا كثيرا مِنْهُ تزيد علتهم. فَأَما أَصْحَاب الدق والمتهيئون لَهُ فيسقون مِنْهُ الْيَسِير بعد الطَّعَام.
لى: على مَا قَالَ ابْن ماسويه: إِذا رَأَيْت الثّقل فِي الرَّأْس والامتلاء كثيرا فَاسْتعْمل الإكباب على أبخرة الخشخاش وَإِيَّاك وصب المَاء حَيْثُ سبات وَثقل فِي الرَّأْس وَاحْذَرْ الدّهن غَايَة الحذر فِي هَذَا الْوَقْت وصب المَاء الْحَار على الْأَطْرَاف وَإِن أصَاب العليل فِي الْمَرَض الْحَار خفقان فضمد معدته بِمَاء الْورْد وخل وخطمى وكافور.
(4/378)
لى: اسْتعْمل هَهُنَا الثَّلج شرابًا وضماداً ج: الْعنَّاب يُطْفِئ حِدة الدَّم الحريف العدس المقشر إِذا قسطا فِي كِتَابه فِي علل الدَّم: إِذا كَانَ الدَّم كثير الكمية فعالجه بالفصد أَولا والإقلال من الْغذَاء والرياضة المعتدلة وَليكن الفصد من امتلاء الْعُرُوق والحجامة للساقين والأخدعين وَقلة الْغذَاء تحد الدَّم على الاكثر فَلْيَكُن مَعَ قلته مَا يُطْفِئ ويبرد.
وعلاج الْحمى الدموية: الفصد أَو سقِِي المَاء الْبَارِد.
الْيَهُودِيّ: قد تسمى هَذِه الْحمى مسمنة لِأَن بدن صَاحبهَا يغلظ وعروقه تمتلئ وَالْبَوْل أَحْمَر غليظ كدر فَإِذا كَانَت مَعَ هَذِه أَعْرَاض الصَّفْرَاء قَوِيَّة ظَاهِرَة فَلْيَكُن إقدامك على الفصد أقل واسق رب الريباس وَنَحْوه بعد تليين الطبيعة وأقراص الكافور ونومه على لعاب بزرقطونا.
(4/379)
(فِي حمى غب) (والمحرقة ولسونوخس فِيهَا ذكر ولدلائل السرسام. اقْرَأ من بَاب جمل) (الحميات حَال حمى البلغمية المضاهية للغب.) 3 (معرفَة حمى غب) قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّالِثَة من كتاب البحران: إِذا أردْت أَن تعرف الْحمى أَنَّهَا غب بِأَن تنظر هَل تنوب فِي الثَّالِث كثر خطأك لِأَنَّهُ مُمكن أَن تكون غبين فتنوب إِحْدَاهمَا كل يَوْم وَأَن تكون حميين فتنوب غبا.
قَالَ: مَتى حدثت حمى فِي صيف فِي بدن حَار المزاج وَالسّن وَالتَّدْبِير قَلِيل الطَّعَام كثير التَّعَب والسهر وَسَائِر مَا يُقَوي هَذَا فَإِنَّهُ يكَاد لَا يحصل لنا بعد أَنَّهَا غب إِذْ كَانَ تتولد فِي الصَّيف جميات دائمة ومحرقة وغب.
قَالَ: 3 (الْفرق بَين الغب والمحرقة) أَن الصَّفْرَاء تَنْتَشِر فِي الْبدن كُله وَلذَلِك يتقدمها نافض ويتبعها قيء صفراوي وَتَكون آثَار الصَّفْرَاء فِيهَا محصورة فِي الْبَوْل والعرق بَيِّنَة وَأما المحرقة الَّتِي لَا تفارق فَإِن الصَّفْرَاء فِيهَا محصورة فِي جَوف الْعُرُوق مَعَ الدَّم وَبِهَذَا تخَالف الغب وَإِن كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل لَهما وَاحِدًا.
فَأَما حمى الغب فتتحرك الصَّفْرَاء فِيهَا حَرَكَة قَوِيَّة حَتَّى تَنْتَشِر وتنبث فِي جَمِيع الْأَعْضَاء وَلذَلِك تعين على نفضها بِقُوَّة حركتها وَشدَّة بردهَا وَهَذِه هِيَ الْعلَّة فِي سُكُون الْحمى وإقلاعها بعد الْعرق والقيء وَأما المحرقة فَكل وَاحِدَة من نَوَائِب الْحمى لَا تنقص حَتَّى تنقلع وتنقى نقاء تَامّ لِأَن الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْحمى لَيْسَ ينتقص وَيخرج عَن الْبدن إِلَّا أَن فِي هَذِه الحميات أَيْضا إِذا تحركت الصَّفْرَاء حَرَكَة أقوى حَتَّى كَأَنَّهَا تغلي وتفور وَكَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة بعض الْقُوَّة دفعتها فبرزت وانتشرت فِي الْبدن كُله ويتقدم نوبتها نافض ويتلوها انْقِضَاء الْحمى.
قَالَ: قد بيّنت أَن النافض يكون عَن السَّبَب الْحَار أَيْضا وَأما حمى الغب إِذا كَانَت مُتَوَلّدَة عَن الصَّفْرَاء إِذا تحركت وانتشرت فِي الْبدن فَوَاجِب أَن يَأْتِي فِي أَولهَا نافض قوي. وَبَين نافضها ونافض الرّبع من الْفرق أَن نافض الغب يحس فِيهِ كَأَن الْجلد يغرز بالإبر وينخس وَفِي الرّبع يحس فِيهِ بِبرد شَبيه بالبرد الْعَارِض فِي الشتَاء عِنْد برد الْهَوَاء.)
قَالَ: فحمى الغب لَا يُمكن أَن تكون إِلَّا وَمَعَهَا نافض قوي يحس الْإِنْسَان فِيهِ كَأَن لَحْمه ينخس بالإبر وَيكون النافض فِيهَا قَوِيا من أول الْأَمر بِخِلَاف نافض الرّبع الَّذِي إِنَّمَا يقوى أَولا أَولا مَتى امتدت أَيَّامهَا.
(4/380)
لى: رَأَيْت أَن فِي أَكثر الْأَمر يقوى النافض فِي الغب فِي النّوبَة الْوَاحِدَة مشبهاً بِحَال كل مرض وَذَلِكَ أَن نافض كل غب يكون فِي أول أَيَّام الْحمى.
لى: رَأَيْت أَن فِي أَكثر الْأَمر يُقَوي النافض فِي الغب فِي النّوبَة الْوَاحِدَة مشبهاً بِحَال كل مرض وَذَلِكَ أَن نافض غب يكون فِي أول أَيَّام الْحمى أقوى وَكلما أمعنت نقص مِقْدَاره وَكَذَا فِي النّوبَة الْوَاحِدَة فَإِنَّهُ أول مَا يَبْتَدِئ يكون قَوِيا النافض فِي أول الْحمى غير قوي ثمَّ يُقَوي أَولا أَولا مَا امتدت الْأَيَّام كَذَا فِي النّوبَة الْوَاحِدَة يكون فِي أَولهَا قَلِيل الْقُوَّة ثمَّ يكون أقوى مَا يكون فِي آخرهَا حَيْثُ تُرِيدُ أَن تبتدئ الْحَرَارَة ونافض الغب بِالْعَكْسِ.
قَالَ: حمى الغب وَإِن كَانَت تجْعَل النبض فِي أول نوبتها يظْهر فِيهِ صغر وإبطاء وتفاوت فإبطاؤه وتفاوته نَاقص عَن الْكَائِن فِي الرّبع نُقْصَانا كثيرا جدا وَلَيْسَ يخرج عَن الْحَال الطبيعية فِي الصغر والإبطاء مستوياً منتظماً على الِاسْتِقْصَاء وَذَلِكَ أَنَّك لَا تَجِد فِيهِ اخْتِلَافا فِي نبضة وَاحِدَة وَلَا فِي نبضات كَثِيرَة على أَن هَذَا لَا يكَاد يُوجد فِي أول شَيْء من الحميات.
قَالَ: فَلَيْسَ تخفى هَذِه الْحمى حِين تبتدئ على من رَآهَا مَرَّات كَثِيرَة ثمَّ يتَبَيَّن أمرهَا جيدا فِي لى: ينظر فِي ذَلِك فِي نُسْخَة أُخْرَى وَأَنا أظنها مَقْطُوعَة وَتصير إِلَى الْعظم والشدة سَرِيعا وبحسب ذَلِك تغير وَلَيْسَ تُوجد فِيهِ العلامات الَّتِي تدل على الْمَرَض لى: أفهم الْحمى.
قَالَ: ويعرض فِي هَذِه الْحمى عَطش وَلَهَب وَلَا تلبث إِلَّا الْيَسِير حَتَّى يَنْتَهِي مُنْتَهَاهَا وتجد الْحَرَارَة منتشرة فِي الْبدن كُله بالسواء وَلَا تَجِد فِي الصَّدْر فضل حرارة على الْأَطْرَاف وَإِذا وضعت يدك على الْبدن كُله لقيتك أَولا حرارة كَثِيرَة كَأَنَّهَا ترْتَفع من بخار ثمَّ لَا تلبث أَن تخور فتقهرها يدك وَلَيْسَت كحرارة الْحمى المحرقة الخبيثة فَإِن فِي تِلْكَ إِذا وضعت يدك على الْبدن كلما لَبِثت عَلَيْهِ كَانَت أحر وَأَشد أَذَى لليد وأخبث.
قَالَ: ثمَّ إِن الْوَقْت الَّذِي يشرب فِيهِ الْمَرِيض المَاء فيحصر فتراه حِين يشربه يرْتَفع من بدنه بخار لَا يلبث ينفذ من الْجلد ينذر بعرق ويتقيأ مرَارًا أصفر وَرُبمَا اخْتلف اخْتِلَافا مرارياً وبال بولاً)
مرارياً فَفِي هَذَا الْوَقْت يعْذر الطَّبِيب فِي هَذَا الْعلم أَن يعرف هَذِه الْحمى أَعنِي الغب الْخَالِصَة وَذَلِكَ أَنه يَبْتَدِئ فِيهَا عرق كثير بخاري حَار كالعرق الَّذِي يعرقه الْإِنْسَان فِي الْحمام.
لى: ينظر فِي نُسْخَة أُخْرَى أَحْسبهُ يحْتَاج إِلَى الْحمام وَيكون ذَلِك الْعرق مستوياً فِي الْبدن كُله وَيصير النبض فِي مثل هَذِه الْحَال الَّتِي يكون عَلَيْهَا نبض الصَّحِيح فِي حَال الرياضة أَو فِي حَال لى: تحصل من هَذَا أَن يكون سَرِيعا عَظِيما مستوياً ثمَّ من بعد هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا يسكن تزيد النّوبَة الْوَاحِدَة وتقلع إقلاعاً تَاما وَلَيْسَ يجوز مِقْدَار طول نوبَة هَذِه الْحمى الْخَالِصَة الَّتِي كلامنا فِيهَا اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة فإمَّا فِي أَكثر الْحَالَات فَرُبمَا كَانَ مقدارها سبع سَاعَات فَقَط أَو أقل من هَذِه بِقَلِيل أَو أَكثر.
(4/381)
قَالَ: فَإِن أَنْت لم تعلم مَعَ هَذِه العلامات وتعرف الغب بِأول نوبَة فَأَنت حمَار.
قَالَ: فَإِن رَأَيْت بَوْله يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة والحمرة الناصعة وَرَأَيْت قوامه معتدلاً ثمَّ رَأَيْته لَا يلبث أَن تحدث فِيهِ غمامة طافية فَلم تعلم مَعَ هَذَا أَيْضا أَن هَذِه الْحمى غب خَالِصَة وَأَنَّهَا لَا تجَاوز الدّور الرَّابِع حَتَّى تَنْقَضِي فَأَنت صَخْرَة. فَإِن كَانَ الْبَوْل أَشد صفرَة وَلم يظْهر فِي الدّور الأول غمامة وَلَا فِي وسط المَاء وَلَا فِي أَعْلَاهُ فَهَذِهِ الغب تتطاول إِلَى أَن يَأْتِي عَلَيْهَا سَبْعَة أدوار ثمَّ تَنْقَضِي وأسهل مَا يكون من حمى الغب وأسلمه مَا اجْتمعت فِيهِ العلامات الَّتِي ذَكرنَاهَا وَرَأَيْت مَعَ ذَلِك فِي الْبَوْل ثقلاً راسباً أَبيض أملس مستوياً فِي أول نوبَة من الْحمى فَإِن الغب إِذا كَانَت على هَذِه الصّفة لَا تجَاوز الدّور الثَّالِث حَتَّى تَنْقَضِي.
قَالَ: وسأجمل عَلَامَات الغب فَأَقُول: إِنَّهَا تبتدئ بنافض وَتجْعَل النبض على مَا وصفت قبل إِلَّا أَنَّهَا لَا تلبث أَن تتزيد وَتصير إِلَى مُنْتَهَاهَا بِسُرْعَة فِي جَمِيع العلامات الَّتِي ذكرت ثمَّ تَنْقَضِي على النَّحْو الَّذِي ذكرت وتحتاج فِي تولدها إِلَى أَن يكون الزَّمَان حاراً يَابسا صيفاً وَالسّن والمزاج وَالتَّدْبِير مولداً للمرار وَيكون الْوَقْت الْحَاضِر قد جَاءَ فِيهِ حميات غب كَثِيرَة.
قَالَ: وَالله تَعَالَى الْمُسْتَعَان أَنا كُنَّا نحتاج لتعرف حميات الغب إِلَى عَلَامَات أَكثر من هَذِه.
قَالَ: فَبِهَذَا الطَّرِيق تعرف الْحمى اللَّازِمَة الْمُنَاسبَة لهَذِهِ وَهِي الَّتِي تشتد غبا وَلَا تقلع وَلَيْسَ يعسر تعرفها على من قد ارتاض فِي تعرف المقلعة رياضة جَيِّدَة فِي أول نوبَة فَأَما فِي النّوبَة الثَّانِيَة فَلَا يعسر على من لَيست لَهُ رياضة بَالِغَة.
قَالَ: وَذَلِكَ أَن المحرقة الْخَالِصَة وَهِي الغب اللَّازِمَة مَعهَا جَمِيع عَلَامَات الغب وَلَا فرق بَينهمَا إِلَّا)
أَنَّهَا لَا تبتدئ بنافض وَلَا تقلع إقلاعاً بَينا.
لى: فَإِن حَرَارَتهَا أَشد وَالْكرب والعطش فِيهَا أقوى وَلَيْسَ مَعهَا عرق وَالْبَوْل فِيهَا أَشد حِدة والنبض أسْرع وَهِي أسْرع حَرَكَة وَأَشد حِدة وَأعظم أعراضا.
قَالَ: وَلَا يكون فِي المحرقة نافض وَلَا عرق إِلَّا أَن يَأْتِي البحران.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن ترتاض أَولا فِي تعرف الحميات المفردة الْخَاصَّة ثمَّ تنظر فِي المركبة.
قَالَ: الْحمى الَّتِي تتولد من الصَّفْرَاء من غير آفَة تكون فِي شَيْء من الْأَجْسَام.
لى: يُرِيد ورماً فِي الْأَعْضَاء إِن كَانَت تتولد والمرة الصَّفْرَاء بَاقِيَة دَاخل الْعُرُوق فَهِيَ حمى قَالَ: لَا فرق بَين الغب اللَّازِمَة والدائرة إِذا كَانَتَا من خلط صفراوي خَالص إِلَّا أَن فِي الدائمة عفن الصَّفْرَاء فِيهَا دَاخل الْعُرُوق.
قَالَ: وَلَا يكون مَعَ الَّتِي العفن فِيهَا دَاخل الْعُرُوق الْقَيْء.
(4/382)
قَالَ فِي قَول ج: لَا يُمكن أَن تتقدم فتعلم أَمر هَذِه الْحمى إِنَّمَا يُرِيد الْعرق أَنه لَا يُمكن أَن تعلم أَنَّهَا من عفن الدَّم أَو من عفن الصَّفْرَاء.
فِي قَول ج قَالَ: اللَّازِمَة مِنْهَا مَا يحس بانحطاط وفترة وَإِن كَانَ غير نقي وَلَا كَامِل وَمِنْهَا مَا لَا يحس مِنْهُ بذلك. قَالَ: وَهَذِه أَيْضا حمى محرقة إِنَّهَا أحد من الَّتِي يحس فِيهَا الفترة.
قَالَ: وَلَا يُمكن فِي الْيَوْم الأول وَلَا فِي الثَّانِي أَن تتقدم فتعلم أَمر هَذِه الْحمى وَلَا تنْتَفع بمعرفته لَو كَانَ إِلَيْهِ لَو كَانَ إِلَيْهِ سَبِيل وَيَكْفِيك أَن تعرف جنس هَذِه أَنَّهَا إِنَّمَا من الصَّفْرَاء وَأَنَّهَا محرقة ملهبة وَأَنَّهَا حارة جدا وَلَيْسَ لِأَن الْأَطِبَّاء سَموهَا سونوخس يجب أَن يكون جِنْسهَا غير جنس الحميات المحرقة وَهِي ثَلَاثَة أَصْنَاف: لابثة بِحَال فِي وَقت البحران ومتزيدة ومنتقصة.
قَالَ: وَهَذِه كلهَا يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الْأُسْبُوع الأول وَالَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ أَن تعرف مِنْهُ وَإِن كَانَت الْحمى غبا خَالِصَة فَإِن انقضاءها وبحرانها لَا يُجَاوز سَبْعَة أدوار.
لى: تفقد هَذِه الْأَشْيَاء وَالْحَال فِي أَوْقَات النوائب فَإِن بَين الحميات فِيهَا فرقا كثيرا من ذَلِك أَن ابْتَدَأَ الغب لَا يشبه ابْتِدَاء الغب لَا يشبه ابْتِدَاء الرّبع فِي صغر النبض لِأَن النبض فِي ابْتِدَاء الغب عَظِيم سريع بِالْإِضَافَة إِلَى نبض الرّبع وتخالف البلغمية فِي الصعُود مُخَالفَة بَيِّنَة فَإِن الغب تبادر بالصعود والبلغمية يبطىء صعودها وفترات الغب نقية وفترات البلغمية غير نقية وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يخص كل وَاحِدَة مِنْهَا فِي زمَان ليَكُون ذَلِك أعون على أَن لَا يفوتك تعرفها وَلَو اشتبهت عَلَيْك)
فِي بعض أَوْقَاتهَا وتفقد مَعَ ذَلِك زمَان النّوبَة كلهَا فَإِن الغب أقصرها والبلغمية أطولها وَالرّبع متوسطة فَإِنَّهُ على هَذِه الْجِهَة لَا يُمكن أَن يفوتك مَعْرفَتهَا من أول نوبَة.
قَالَ: أنزل أَنه ابتدأت نوبَة مَعهَا نافض ثمَّ التهبت حمى حادة محرقة فِيهَا كرب وعطش وَبَلغت مُنْتَهَاهَا بِسُرْعَة ثمَّ إِنَّهَا سكنت مَعَ قيء وعرق ونقي الْبدن مِنْهَا أَقُول: إِن هَذِه لَا يُمكن إِن تكون إِلَّا نوبَة غب.
قَالَ: أَكثر مَا يعرض من الحميات الكائنة من الصَّفْرَاء. قَالَ: وَأكْثر مَا يعرض من الحميات الحادة من العفن والأورام الحارة.
جَوَامِع البحران قَالَ: الغب تطول مُدَّة نوبتها وتقصر بِسَبَب مِقْدَار الْمرة الصَّفْرَاء وبسبب كيفيتها وبسبب حركتها أَيْضا وبحسب قُوَّة الْمَرِيض وَمِقْدَار حسه وسحنته فِي السخافة والكثافة.
لى: إِذا كَانَت الْمَادَّة أغْلظ كَانَت حركتها أَبْطَأَ وَإِذا كَانَت قُوَّة الْمَرِيض أَكثر وبدنه أقل حسا الْحمى الغب تعرف أما من الْأَسْبَاب الَّتِي تجمع مادتها أَو الْأَسْبَاب الَّتِي تثبت نوعها أما الْأَسْبَاب الَّتِي تجمع مادتها فزمان الصَّيف والبلد الْحَار والهواء والمزاج الْحَار وَالتَّدْبِير المولد للمرار وَنَحْو ذَلِك وَأما الْأَسْبَاب المثبتة لنوعها فالنافض فِي أَولهَا مَعَ نخس شَبيه بنخس الإبر والاستفراغ بعْدهَا بالقيء وَالِاخْتِلَاف والعرق وَقلة اخْتِلَاف الْعرق وعظمه
(4/383)
وتواتره وقوته واستواؤه وَإنَّهُ وَإِن كَانَ يعرض صغر وَاخْتِلَاف فِي النبض فِي أول النّوبَة فَإِنَّهُ يذهب سَرِيعا جدا بِالْإِضَافَة إِلَى حمى الرّبع.
قَالَ: وتعرف الغب اللَّازِمَة أَن تَجِد الْأَسْبَاب الجامعة لمادتها المقومة لنوعها ثمَّ لَا تفتر وَلَا تبتدىء بنافض وَلَا تقلع باستفراغ محسوس.
من الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ الحميات مُفْردَة كَانَت أَو مَعَ ورم بعض الأحشاء إِذا لم تعالج على مَا يَنْبَغِي آلت إِلَى ذبول سريع وخاصة من يحْتَاج إِلَى شرب المَاء الْبَارِد فَمنع مِنْهُ وَلم يتلطف لَهُ مَعَ شَيْء آخر مِمَّا يوضع من المبردات على مَا دون الشراسيف والصدر فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك ضمد لعِلَّة فِي بَطْنه بالأضمدة المحللة أسْرع إِلَى الْوُقُوع فِي الذبول.
لى: الحميات المحرقة القوية الدائمة كثيرا مَا تحدث عَن ورم فِي الأحشاء.
الْمقَالة الثَّانِيَة نافض الغب ينبئك أَن السَّبَب الْفَاعِل لَهُ تلذيع ونخس الْأَعْضَاء الحساسة.
قَالَ: الْحمى الكائنة من الصَّفْرَاء إِذا تحركت وَجَرت فِي الْأَعْضَاء الحساسة يكون ابْتِدَاؤُهَا مَعَ)
نافض وَيكون فِيهَا التهاب واحتراق وانقضاؤها وانحطاطها يكون عَن خُرُوج مرّة صفراء من الْبدن إِمَّا بقيء أَو ببول أَو ببراز أَو بعرق أَو بهَا جَمِيعًا وأطول مَا تكون نوبتها اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة مستوية وَتسَمى غبا خَالِصَة ويعين على تولدها اجْتِمَاع جَمِيع الْأَسْبَاب المولدة للصفراء.
وَطول نوبتها فِي الْأَكْثَر أقل من هَذِه الْمدَّة. وتختلف بِقدر طول النّوبَة وقصرها فَإِن المرار إِذا كَانَ أَكثر كَانَت النّوبَة أطول وبالضد وَإِن كَانَ رَقِيقا كَانَت أقصر وبالضد. وَإِذا كَانَت قُوَّة الْبدن أقوى كَانَت النّوبَة أقصر وبالضد. وَالْبدن مَتى كَانَت سحنته سخيفاً كَانَت أقصر وبالضد مَتى كَانَ كثيفاً.
قَالَ: وفترات هَذِه الْحمى نقية لَا تتبين فِي الْعُرُوق. والعلامة الدَّالَّة على العفونة الْبَتَّةَ لَا فِي اللَّيْل وَلَا فِي النَّهَار الَّذِي يَتْلُو النّوبَة ثمَّ أَن تِلْكَ الْعَلامَة أعنى عَلامَة العفن فِي الْعُرُوق تظهر ظهوراً أَكثر عِنْد آخر ذَلِك النَّهَار وَاللَّيْل ثمَّ تظهر أَكثر فِي النَّهَار وَاللَّيْل الَّذِي تكون فِيهِ النّوبَة تظهر عِنْد ابْتِدَاء النّوبَة وتتزيد ظهوراً مَعَ تزيد النّوبَة إِلَى أَن تبلغ مُنْتَهَاهَا ثمَّ وَقت المنتهي تصير أخف مِمَّا كَانَت عِنْد التزيد وَتصير أقل وأخف عِنْد الانحطاط وَهَذِه هِيَ الغب الْخَالِصَة.
قَالَ: وَالِاخْتِلَاف يَقع فِي طول نوبَة الحميات النائبة لكمية الْخَلْط وكيفيته وَحَال الْموضع الَّذِي تعفن فِيهِ وَطَرِيق حركته من ذَلِك أَن الحميات النائبة غبا مَا كَانَ مُدَّة
(4/384)
نوبتها قَصِيرا وابتداؤه وانقضاؤه بعرق واستفراغ محسوس كَانَت غبا خَالِصا فَإِن نقصت خلة من ذَلِك فَلَيْسَتْ غبا خَالِصَة فَإِن كَانَت مَعَ ذَلِك أطول نوبَة مِمَّا ذكرنَا فَاعْلَم أَنه غب طَوِيلَة النّوبَة أولى الغب بِأَن تسمى عندنَا طَوِيل النّوبَة الْحمى الَّتِي تلبث نوائبها أَرْبعا وَعشْرين سَاعَة وَتسَمى زَائِدَة الطول جدا الَّتِي تنوب ثَلَاثِينَ سَاعَة وستاً وَثَلَاثِينَ سَاعَة وَأَرْبَعين وتقلع وَكَانَ ج يُسَمِّي مَا كَانَت تنوب مُدَّة وتقلع مثلهَا غبا.
من جَوَامِع الحميات: 3 (نوبَة الغب الْخَالِصَة) أطول مَا تكون اثْنَتَا عشرَة سَاعَة.
التَّاسِعَة من حِيلَة الْبُرْء: قد رَأينَا كثيرا مِمَّن شرب فِي حمى محرقة مَاء بَارِدًا كثيرا بعد نضج الأخلاط نضجاً معتدلاً فأقلعت عَنهُ الْحمى على الْمَكَان.
لى: انْظُر فِي بَاب الحميات المطبقة لتَمام معرفَة شرب المَاء الْبَارِد.
من الْعَاشِرَة: كَانَ فَتى يَابِس المزاج عضله حم فِي صميم الصَّيف حمى محرقة فَلَمَّا شرب فِي وَقت النّوبَة مَاء بَارِد قدر قوطولين تقيأ من سَاعَته مرَارًا أَحْمَر مشرقاً جدا بعد قَلِيل قَامَ مرَارًا وَلما شرب أَيْضا بعد طَعَامه مَاء بَارِد انصرفت الْحمى وَإِنَّمَا أثبتنا مِنْهَا هَذَا لتعلم أَن الْحمى المحرقة قد يسقى فِيهَا المَاء الْبَارِد.
الرَّابِعَة من الْعِلَل والأعراض: شرب رجل فِي وَقت تزيد الْحمى وَالْمَرَض من المَاء الْبَارِد مِقْدَارًا كثيرا فِي حمى محرقة فَلم يسكن عطشه إِلَى أَن مَاتَ.
الْخَامِسَة مِنْهُ: مَتى كَانَت الغب الْخَالِصَة كَانَ النافض فِيهَا أقوى والنافض فِي المحرقة دَلِيل على أَن المرار قد خرج من الْعُرُوق وانتشر فِي العضل. وَإِذا دَفعته الطبيعة هُنَاكَ فَلَيْسَ يُمكن أَن يبْقى فِي اللَّحْم لكنه يعرق بعده وتقلع الْحمى.
قَالَ: والحمى فِي ذَلِك الْيَوْم عِنْد كَون النافض تكون أَشد وَأقوى ثمَّ تنقص عِنْد الْعرق والقيء وَالْبرَاز المرى لِأَن الَّتِي خرجت تستفرغ الْبدن فَإِن كَانَ النافض فِي المحرقة وَالْقُوَّة ضَعِيفَة وَلم تنتقص بذلك الْحمى فَإِنَّهُ دلَالَة الْمَوْت لِأَن الطبيعة قد رامت دفع الْخَلْط فَلم تقو عَلَيْهِ وَمَتى كَانَ النافض كَانَت مدَّتهَا أقل.
3 - (جَوَامِع الْعِلَل والأعراض)
بحران الحميات المحرقة وَالْغِب يكون بالعرق مَتى كَانَ المرار رَقِيقا فِي الْغَايَة وبالاختلاف مَتى كَانَ فِي غَايَة الْغَلَط وبالقيء مَتى كَانَ متوسطاً بَينهمَا.
الْمقَالة الأولى من جَوَامِع البحران قَالَ: الحميات مِنْهَا عَظِيمَة جدا إِلَّا أَنَّهَا سليمَة بِمَنْزِلَة الغب.
الْمقَالة الثَّالِثَة: الغب يكون فِيهَا نافض كَأَنَّهُ ينفض الْبدن وينخسه وتلقحه حمى حادة تسرع الصعُود وقيء مرار واختلافه وعرق واللون الْأَصْفَر.
الثَّالِثَة من الْأَمْرَاض الحادة: الِانْتِفَاع بالحمام فِي من بِهِ حمى محرقة إِنَّمَا يكون إِذا لم
(4/385)
يكن هُنَاكَ ورم حَار لَكِن مرار صرف يغلي فِي جَمِيع الْبدن وَكَانَت عَلامَة النضج قد ظَهرت فَإِن الِانْتِفَاع حِينَئِذٍ بالاستحمام يكون أَكثر كثيرا وَأما المحرقة الكائنة عَن بلغم عفن فالحمام مضاد لَهُ جدا لِأَن الْخَلْط البلغمي لَا ينْحل بالحمام كَمَا ينْحل المرار لغلظه ولزوجته وَيحْتَاج أَن ينضج فِي مُدَّة طَوِيلَة.
لى: هَذَا يُزَاد فِي البلغمية وَإِنَّمَا يَعْنِي بالمحرقة الَّتِي عَن البلغم المالح أَن من حميات البلغم حاراً جدا وَهُوَ الْكَائِن من بلغم مالح.
الأولى من الْفُصُول: الْمَشَايِخ لَا يكادون يحْمُونَ بحمى محرقة فَإِن حموا هَلَكُوا لِأَن ذَلِك فيهم لَا يكون إِلَّا من غَلَبَة الْعلَّة غَلَبَة قَوِيَّة جدا.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: الحميات الحارة الردية تكون إِمَّا عِنْدَمَا تعفن الأخلاط فِي الْعُرُوق أَو تعفن فِي جَمِيع الْبدن.
قَالَ: الحميات الَّتِي تنوب غبا وينقي الْبدن مِنْهَا لَا خطر فِيهَا الْبَتَّةَ وَلَو كَانَت نوائبها فِي غَايَة الشدَّة والطول وَإِن كَانَت الغب مُدَّة نوائبها أقل من اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة فَلَيْسَ إِنَّمَا هِيَ سليمَة من الْخطر لَكِنَّهَا مَعَ ذَلِك سريعة الِانْقِضَاء وَإِن كَانَت مُدَّة نوائبها أطول من اثْنَتَيْ عشرَة فَهِيَ أطول من الْخَالِصَة بِحَسب فضل طول نوبتها على نَوَائِب الغب الْخَالِصَة وَبِالْجُمْلَةِ فالحميات الَّتِي تفارق حَتَّى ينقى مِنْهَا الْبدن تدل أَنَّهَا لَيست من الورم وَلَا من عفونة خبيثة فَهِيَ لذَلِك كَيفَ كَانَت سليمَة.
قَالَ: وَالْغِب المحرقة هِيَ أسخن الحميات سخونة.
قَالَ: وَإِذا كَانَ بِإِنْسَان حمى محرقة فَعرض لَهُ نافض انْحَلَّت بِهِ حماه.)
قَالَ ج: النافض يكون من صفراء تتحرك فِي أجسام حساسة متحركة سريعة وَمن أَصَابَهُ ذَلِك فِي حمى محرقة فَبين أَن بَطْنه سينطلق ويصيبه عرق وقيء مرار فَلِأَن المرارالذي هُوَ المولد للحمى يستفرغ وينقى الْبدن مِنْهُ بِأَن تِلْكَ الْحمى تنْحَل وتنقضي. وَمن أَصَابَهُ نافض فِي المحرقة مَرَّات كَثِيرَة فَلم تنْحَل بِهِ حماه وقوته ضَعِيفَة فَإِنَّهُ عَلامَة الْمَوْت. وَإِن كَانَت قوته قَوِيَّة فَإِنَّهُ عَلامَة لى: بِخِلَاف مَا فسر جالينوس هُوَ أولى بذلك لِأَن النافض فِي المحرقة إِنَّمَا يكون عِنْدَمَا ينتشر المرار وَيخرج من جَوف الْعُرُوق إِلَى اللَّحْم فَإِذا تبع ذَلِك إقلاع الْحمى دلّ على أَن الطبيعة قد دَفعته وأخرجته عَنْهَا ونقيت الْعُرُوق وَإِذا لم تقلع بِهِ الْحمى وَلم تخف لَكِنَّهَا بقيت بِحَالِهَا أَو ازدادت وخاصة إِن زَادَت فَيدل على أَن المرار لكثرته ورداءته قد انْتَشَر بِذَاتِهِ وفاض فِي الْبدن كُله فَإِذا كَانَ هَذَا مَعَ قُوَّة قَوِيَّة فَهُوَ مخوف لِأَنَّهُ مرض فِي غَايَة الْقُوَّة وَإِذا كَانَ مَعَ قُوَّة ضَعِيفَة فمهلك لِأَن الطبيعة لَا يُمكنهَا مقاومته لقُوته وغلبته وكثرته.
(4/386)
قَالَ: المحرقة تكون إِذا غلبت الصَّفْرَاء وغلبت مَعَ الدَّم فِي جَوف الْعُرُوق وَأما الغب فَإِذا كَانَ فِي اللَّحْم.
قَالَ: وَالْغِب الْخَالِصَة هِيَ تكون الْغَالِب فِيهَا الصَّفْرَاء الْمَحْضَة ونوائبها لَا تجوز اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة وَيكون فِيهَا قيء مرار واختلافه وتنحط بعرق وتبتدئ هَذِه لَا محَالة بنافض وَهَذِه لَا تجَاوز الْبَتَّةَ أَرْبَعَة عشر يَوْمًا. وَإِن كَانَت أَكثر خلوصاً من هَذِه وَأَشد حِدة قصرت عَن هَذَا وَإِن كَانَت أقل خلوصاً وَأَشد إدماناً من الغب الْخَالِصَة جَاوَزت عَن ذَلِك بِمِقْدَار ذَلِك فِيهَا.
قَالَ: وَمن أَصَابَهُ قبل النّوبَة نافض نقي بدنه من تِلْكَ النّوبَة فَإِن كَانَ ذَلِك فِي كل يَوْم فَإِنَّهُ ينقى مِنْهَا فِي كل يَوْم وَإِن كَانَ ذَلِك فِي أَيَّام مَعْلُومَة فَإِنَّهُ ينقى فِي تِلْكَ الْأَيَّام لِأَن النافض يكون من الْمقَالة السَّادِسَة قَالَ: من عرضت لَهُ فِي الْحمى المحرقة رعشة فَإِن اخْتِلَاط الذِّهْن يحل الرعشة عَنهُ وَيَنْبَغِي أَن يجرب وَلم يرضه جالينوس.
السَّادِسَة من الْفُصُول: كَانَ يُصِيب رجلا فِي الصَّيف فِي كل سنة غب فَكنت استفرغه فِي الرّبيع صفراء فَكَانَ يسلم.
من الْمَوْت السَّرِيع قَالَ: الْعرق الْبَارِد مَعَ الْحمى الحادة دَلِيل على الْمَوْت وكل حمى مطبقة تشتد كل ثَلَاثَة أَيَّام فعظيمة الْخطر فَإِن أقلعت كَيفَ كَانَ فَهُوَ أسلم وَإِن عَادَتْ بِلَا عِلّة مَعْرُوفَة دلّت على شدَّة تكون.)
قَالَ: وَإِذا كَانَ بِإِنْسَان حمى مقلقة وانقلبت عينه أَو أَنفه أَو شفته أَو حاجباه أَو لم يبصر أَو لم يسمع فالموت مِنْهُ قريب وَإِذا عرض تشنج فِي الحميات المطبقة وَذهل الْعقل دلّ على الْمَوْت وَإِذا عرض نفس شَدِيد فِي الْأَمْرَاض الحادة دلّ على شدَّة تكون.
من كتاب العلامات قَالَ: عَلامَة الْحمى المحرقة الْمُسَمَّاة قرسيس أَن يكون ظَاهر الْبدن حاراً جدا وباطنه محترقاً غَايَة الاحتراق وَيكون النَّفس حاراً جدا وَالْبدن كُله وجعاً مسترخياً وَفِي الصدغ وَالرَّأْس ضَرْبَان وَالْوَجْه كُله أَحْمَر والأظفار حمر والعينان غائرتان ويشتاق إِلَى الْبَارِد وبصاقه زبدي ويجف لِسَانه وَيَأْخُذهُ رُعَاف ويستطلق بَطْنه صفراء مَحْضَة كَثِيرَة وسهر وَيكون اللِّسَان خشناً وَرُبمَا أسود وتمتد الشراسيف وَإِن أزمنت علته اسْتطْلقَ بَطْنه صفراء مَحْضَة وَجل مَا يعرض فِي الصَّيف وللصبيان عِنْد نَبَات الْأَسْنَان.
قَالَ: والعارض للصبيان يكون أقل يبساً وقحلاً من اجل رطوبتهم وَرُبمَا عرض مَعَه سبات إِلَّا أَن تنفسهم يكون أَشد الْحَرَارَة وَالْعين غائرة جدا ويكثرون التقلب وَإِن الزموا الثدي لم يرضعوا ويحمض البن فِي أَجْوَافهم وتستطلق بطونهم.
(4/387)
الرَّابِعَة من طيماوس: حمى الغب مشبهة للمحرقة فِي كل أعراضها خلا أَن الصَّفْرَاء فِيهَا تستفرغ بعرق وَغَيره فِي انحطاط النوائب وَلَا يُوجد هَذَا فِي المحرقة.
لى: والمحرقة لَا نافض لَهَا وَلَا نوبَة وَهِي أَشد كَيْفيَّة حرارة وأعراضها أقوى من أَعْرَاض الغب وَإِن كَانَا من نوع وَاحِد.
الأولى من تَفْسِير الثَّانِيَة من ابيذيميا: قَالَ: فِي الْحمى المحرقة تكْثر الصَّفْرَاء فِي الْعُرُوق وخاصة فِي مَا يَلِي الكبد مِنْهَا وَفِي الْمعدة وَفِي الغب تكْثر فِي اللَّحْم الَّذِي فِي الْبدن كُله.
لى: فالإسهال إِذا فِي المحرقة بِمَا يخرج الصَّفْرَاء فِي غَايَة النَّفْع.
قَالَ: والحميات المحرقة لَا تكَاد تكون من احتقان الفضول الَّتِي من جنس المرار وَإِنَّمَا تكون من الْحَرَارَة الَّتِي فِي الأوعية والأحشاء إِذا احتدت والتهبت وَذَلِكَ يكون إِمَّا عِنْد التهاب الْهَوَاء وَشدَّة حرارته أَو عِنْد رياضة أَزِيد من الْمِقْدَار أَو هم شَدِيد أَو تردد فِي شمس مُدَّة طَوِيلَة أَو اسْتِعْمَال أَطْعِمَة حارة جدا أَو أدوية.
الثَّانِيَة من الثَّانِيَة قَالَ: الحميات المحرقة الْخَالِصَة يعرض فِي أَولهَا رُعَاف وَآخِرهَا نافض وعرق يكون بِهِ البحران.)
فِي الثَّالِثَة من ابيذيميا: كَلَام هَذَا محصوله أَن الغب والمحرقة المرار فيهمَا غَالب على الْبدن جدا. والمرار يلين الْبَطن إِن انصب إِلَيْهِ وَلَكِن إِنَّمَا تكون الطبيعة يابسة لِأَن حَرَكَة المرار إِمَّا إِلَى فَوق أَو إِلَى سطوح الْبدن وَفِي الْعُرُوق وَلَا ينصب إِلَى الْبَطن.
لى: فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يستفرغ بِمَا يسهل الصَّفْرَاء بِأَن تجْعَل حَرَكَة المرار فِي ضد الْجِهَة الَّتِي مَال إِلَيْهَا. يحول هَذَا الْبَاب إِلَى بَاب الإسهال فِي ابْتِدَاء الحميات.
قَالَ: وَجُمْلَة فَإِن اعتقال الْبَطن مَعَ غَلَبَة المرار يدل على ميل المرار عَن الْبَطن إِلَى أعالي الْبدن أَو سطوحه.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة من ابيذيميا: الْعَطش غير مفارق للحمى المحرقة إِلَّا أَن يكون مَعهَا سعال قَلِيل فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يكون أسهل وأسكن إِلَّا أَن يكون لِلْعِلَّةِ الَّتِي قد ذكرت فِي كتاب الْفُصُول وَإِنَّمَا يسكن الْعَطش والسعال الْقَلِيل الْيَسِير الَّذِي يتَوَلَّد بَين مُدَّة طَوِيلَة لِأَنَّهُ يُحَرك أَعْضَاء الْحُلْقُوم حَرَكَة يسيرَة يجتذب إِلَيْهَا رطوبات فيقل جفاف الْفَم ونواحيه بِمَا يجتذب من اللَّحْم الرخو. وَأما السعال الْقوي فَإِنَّهُ يزِيد فِي الْعَطش لِأَنَّهُ يُحَرك حَرَكَة صعبة جدا فيسخن بذلك الصَّدْر والرئة إسخاناً شَدِيدا.
قَالَ: وَاعْلَم أَن هَذَا السعال الْكَائِن بِالْعرضِ لَا السعال الْخَبيث الرَّدِيء فَإِنَّهُ قد يكون من السل وَنَحْوه سعال خَفِيف إِلَّا أَنه رَدِيء فَافْهَم هَذَا السعال الْحَادِث بِعَارِض سهل الزَّوَال حدث فِي آلَات النَّفس.
(4/388)
قَالَ: وَأكْثر مَا رَأَيْت هَذَا السعال يحدث فِي هَذِه الحميات إِذا كَانَ سَبَب الْحمى تعباً تَعبه الْمَرِيض فِي طَرِيق كثير الْغُبَار وَأما فِي الشتَاء فِي هَوَاء شَدِيد الْبرد وَذَلِكَ انه قد يحدث عَن هذَيْن للحلقوم خشونة.
لى: تفقد لون اللِّسَان فِي الحميات المحرقة وَذَلِكَ أَنه يدل على الْخَلْط المحصور فِي الْمعدة وَالْعُرُوق لِأَن بخارها يصْبغ اللِّسَان وبحسب لون اللِّسَان يكون الْخَلْط فَإِن كَانَ لم يزل عَن لَونه كَبِير زَوَال فَإِن الْحمى لينَة وَإِن كَانَ قد اسود ويبس جدا فَإِن ذَلِك من إبلاغ اليبس والحرارة فانياً من رطوبات الْبدن حَتَّى أَنه قد صعد مِنْهُ دُخان أسود.
وَشدَّة حمرَة اللِّسَان فِي الحميات المحرقة تدل على غَلَبَة الدَّم. وصفرته على الصَّفْرَاء وميله إِلَى الْيَهُودِيّ: الغب الْخَالِصَة تبتدئ باقشعرار أَو بنافض شَدِيد الْحَرَكَة كثير الرعدة قَلِيل الْبرد يَجِيء)
هَذَا الاقشعرار بَغْتَة وَيذْهب بَغْتَة لِأَن نافضها يدل على الْبرد وخلط رَقِيق.
علاج الغب: يجب أَن تقطع مَادَّة هَذِه الْحمى لِأَنَّهَا أسْرع شَيْء انتقالاً إِلَى الْأَمْرَاض الحادة فأسهل باهليلج أصفر وزن خَمْسَة دَرَاهِم وسقمونيا دانق.
الطَّبَرِيّ: إِذا أقلعت حميات الغب وقويت الشَّهْوَة واعتدل النّوم فأطعمه دَرَّاجًا وفروجاً.
اهرن: حمى غب لَازِمَة تشبه سونوخس إِلَّا أَنَّهَا أَشد حرارة وَأكْثر عطشاً وأحرق وَأحد وَلَيْسَ فِي سونوخس عَطش شَدِيد مثل مَا فِي هَذِه.
قَالَ: إِذا رَأَيْت النافض ملتهباً سَرِيعا وَيَجِيء بَغْتَة ويسكن بَغْتَة وَلَيْسَ ببارد وَلَكِن ناخس فَإِنَّهُ نافض الغب وَلَيْسَ لهَذَا النافض برد الرّبع والبلغمية وَقد يكون فِي صُعُوده عَطش وهذيان.
وَجَمَاعَة دَلَائِل الغب النافض الَّذِي ينخس الْمُبْتَدِئ بَغْتَة لَا قَلِيلا قَلِيلا وَسُرْعَة التلهب بعد ذَلِك وشدته وحدته والعطش والهذيان وَالْكرب وقيء الصَّفْرَاء واختلافها وتمكث فِي الْأَكْثَر أقل من اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة وَلَا تجَاوز اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة وتنحط بعرق وَالزَّمَان والمزاج وَالتَّدْبِير وَحَال الحميات الْحَادِثَة فِي ذَلِك الزَّمَان ونافض الغب قصير الْمدَّة بِالْإِضَافَة إِلَى نافض البلغمية وَالرّبع.
لى: اجْمَعُوا أَن نافض البلغم أبرد وأطول وأعسر سخونة ونافض الغب أقصر مُدَّة وَلَا برد مَعهَا قَالَ: عالج الغب اللَّازِمَة والنائبة فِي ابتدائها إِذا كَانَ الْمَرِيض قَوِيا بالإسهال فَإِنَّهُ لَا شَيْء خير للعفونة من أَن تخرج وتفتح السدد وَاجعَل نفضك للخلط بالأشياء الْبَارِدَة لِئَلَّا تزيد فِي حَرَارَتهَا فَخذ أَرْبَعَة مَثَاقِيل اهليلج أصفر مسحوق وسقمونيا دانق وَعشرَة دَرَاهِم سكر طبرزد فاسقه بِمَاء بَارِد فَإِنَّهُ يخرج فضل الْمرة وَمَا قد عفن مِنْهُ وَيمْنَع مَا بَقِي أَن يعفن الْبَتَّةَ وَإِن عفن عفناً يَسِيرا وَلَا تكَاد تشتد الْحمى بصاحبها بعد الإسهال فَإِن لم يقدر على الإسهال لعِلَّة مَا فأعطه مَاء الشّعير بكر وَإِن كَانَ بَطْنه يَابسا فأعطه ترنجبينا كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم بِمَاء بَارِد وأعطه نَقِيع الإجاص وَالتَّمْر الْهِنْدِيّ وسكراً وترنجبينا كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم
(4/389)
مَتى اشتدت الطبيعة يَوْمَيْنِ فَلَا تدع أَن تسهله بِمَا وصفت من هَذِه فَأَنت تُعْطى مَاء الشّعير وَإِن لم تَجِيء الطبيعة بِهَذِهِ فاحقنه بحقنة ملينة ولطف أغذيته.
لى: والإسهال بالإهليلج مكرب فِي الِابْتِدَاء فِيمَا قَالَ فعد دوراً أَو دورين أَو صابر فِيهَا فِي اللَّازِمَة فغذا جَاوز ذَلِك فبالأشياء الْأُخَر إِلَّا أَن يكون قَوِيا وَبرد أمكنته ومضجعه بِقدر الحدة والحرارة والعطش وَأكْثر من المبردات والفواكه الْبَارِدَة والرياحين وَإِن اشْتَدَّ السهر فانطل على)
رَأسه واسعطه بالبنفسج ودهن القرع وَاللَّبن ولين خشونة لِسَانه بالألعبة وَإِن رَأَيْت الهذيان شَدِيدا فَأكْثر من حلب اللَّبن على الرَّأْس والنطول عَلَيْهِ والسعوط وأطعمه الخس واطل بِهِ الْجَبْهَة وَإِن كثر الْقَيْء وَالْمَشْي فِيهِ فأعطه أَقْرَاص طباشير ممسكة وشراب الرُّمَّان وَإِن كثرت الحدة وَالْكرب فِي الْمعدة فاطلها بأضمدة مبردة.
قَالَ: وَاعْلَم أَن كثيرا مَا تنْتَقل الغب بعد دورين أَو ثَلَاثَة وَتصير إِلَى الْمَرَض الحاد الَّذِي يُسمى السرسام.
لى: يَعْنِي تصير غبا لَازِمَة وَذَلِكَ يكون إِذا قصر فِي الاستفراغ والتطفئة وَكَانَ الْبدن مستعداً لذَلِك.
اهرن: فَلَا يُفَارق العليل الحمية والعلاج بالمبردات قبل أَن تجوز مُدَّة سَبْعَة أدوار وَإِن هِيَ تركته فَإِنَّهُ كثيرا مَا تخف أَو تذْهب فِي الرَّابِع فَأَما أَن تخف فَفِي الْأَكْثَر.
قَالَ: وَفِي يَوْم الدّور فَلَا تعالجه بِشَيْء أَكثر من أَن تسقيه مَاء الكشك أَو مَاء الكعك أَو مَاء الرُّمَّان وأشباهه وَلَا تلين الْبَطن يَوْم الدّور إِلَّا لضَرُورَة فَإِن فِي يَوْم الدّور التَّوَقُّف عَن العلاج أَحْمد. وَصَاحب حمى غب يجد قبل الدّور فِي ليلته شدَّة وأحلاماً ردية ويجد فِي يَوْم الرَّاحَة خفاً وراحة وَبعد الدّور السَّابِع بِثَلَاثَة أَيَّام أعْط الدراج ومح الْبيض والسمك الصغار فَإِن بَقِي بعد الدّور السَّابِع شَيْء من الْحمى فَاعْلَم أَن ذَلِك بقايا بلغمية وَتَكون لينَة قَليلَة الْحَرَارَة فأعطه مَاء الرازيانج والكرفس مغلي مصفى وشيئاً من عصير الغافث وعَلى هَذَا فعالج الغب اللَّازِمَة غير أَنه يَنْبَغِي أَن يكون التَّدْبِير فِيهَا ألطف وَاجعَل علاجك بالأدوية وَإِذا رَأَيْت الهضم فِي المَاء تَاما جيدا فَتقدم واسقه المَاء الْبَارِد مَا أَرَادَ وَلَا تجبن وأعطه مِنْهُ مَا أَرَادَ بِقدر مَا لَا يعطش فَإنَّك تُطْفِئ بذلك حرارة الْحمى والاحتراق الَّذِي دَاخل الْعُرُوق وَأما قبل أَن ترى النضج فِي الْبَوْل فاجتنب المَاء الْبَارِد وخاصة كثرته فَإِنَّهُ لَا يُؤمن من كثرته أَن يصير سدة وورماً فِي الكبد.
3 - (علاج الْحمى)
الْإِسْكَنْدَر: ينفع من الْحمى اللهيبة الْورْد وكل شَيْء يعْمل مِنْهُ فَإِنَّهُ ينخس الْحمى نخساً.
قَالَ: وَمَاء الشّعير نَافِع من الحميات خَاصَّة فِي اللهيبة فَإِن اشْتَدَّ اللهيب والسهر فاسقه شراب خشخاش لِأَنَّهُ يُطْفِئ الْحمى الْبَتَّةَ ويجلب النّوم.
شَمْعُون قَالَ: مَعَ الغب برد قَلِيل وحرارة كَثِيرَة وعطش والتهاب وضجر واستثقال الْكَلَام وَحب الْوحدَة ومرارة الْفَم وصداع وَرُبمَا برد الْأَطْرَاف مَعَه وَإِذا شرب المَاء ارْتَفع من جلده بخار كثير حَار وقيء وفواق قَلِيل ثمَّ تشتعل.
(4/390)
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تستنظف مَا يسيل فِي هَذِه الْحمى مِمَّا يسيل وَتجْعَل أطعمتهم حامضة مطفئة.
الاختصارات: قوسيس الْمُسَمَّاة المحرقة وَالْغِب الدائمة وَإِن كَانَتَا من عفن الصَّفْرَاء دَاخل الْعُرُوق فالفصل بَينهمَا أَن الْحَرَارَة تكون فِي قوسيس أَكثر ذَلِك فِي الْأَعْضَاء الَّتِي حول الْقلب وَفِي الغب الدائمة تكون فِي جَمِيع الْبدن أَو بِالْقربِ من السوَاء وَأَصْحَاب الغب يحبونَ الْخلْوَة وَألا يتكلموا وتقل شهوتهم ويصيبهم سهر وَثقل فِي الرَّأْس وَرُبمَا بردت أَطْرَافهم فِي أَولهَا ويصغر النبض فِي المبدأ ويعظم جدا فِي الْمُنْتَهى.
قَالَ: احذر فِي مبدأها اسْتِعْمَال الْأَشْيَاء الحارة لِئَلَّا يحدث ورم فِي الكبد والباردة لِئَلَّا تطول مُدَّة هَذِه الْحمى.
لى: أَنا أَقُول: أَنه إِن كَانَ فِي الْحمى من الْعظم مَا لَا يُطَاق وَلَا تؤمن مضرتها فطول مُدَّة الْحمى بعد تطفئتها بِالْمَاءِ الْبَارِد أصلح من احْتِمَال عظمها وخطرها كَمَا قَالَ ب: كثيرا آمُر حِين أرى حمى عَظِيمَة جدا أَنه يطول مَرضه بِأَن يسقى المَاء الْبَارِد وَمِثَال حماه فَإِن ذَلِك أصلح وَأمكن استدراكاً من عظم تِلْكَ الْحمى فَكَأَنَّهُ انذر بِهِ لما سقَاهُ المَاء الْبَارِد وَسكن عظم الْحمى ومعرتها وَبقيت بقايا أخلاط مكتنزة تلافاها من بعد مَا تخشى من عظمها وخطرها أَكثر كثيرا من تلبدها بعد سقِِي المَاء الْبَارِد. 3 (الحميات المحرقة صنفان) إِحْدَاهمَا قَوِيَّة يكون الْعَطش فِيهَا غَالِبا والرعاف وعزوب الذِّهْن وَسُرْعَة الْإِتْلَاف وتتولد عَن اجْتِمَاع المرار الناصع الصّرْف فِي مَوَاضِع من الْمعدة وخاصة فِي مَا يَلِي فمها وَفِي جَانب الكبد المقعر وَالْأُخْرَى يكون الْعَطش والالتهاب والأعراض الْأُخْرَى فِيهَا أخف وَإِن كَانَت شدَّة الْعَطش لَازِمَة لكل حمى محرقة لِاجْتِمَاع المرار فِي الْمعدة.
قَالَ: وتولدها يكون من مرار يخالطه رُطُوبَة رقيقَة.
لى: من هَهُنَا تعلم انه لَا شَيْء أبلغ فِي علاج هَذِه الحميات من الْقَيْء والإسهال الصفراوي لتنقى مِنْهَا الكبد والجداول والمعدة.
قَالَ: تعرف صعوبة الْحمى المحرقة من الأرق والقلق وَذُهُول الذِّهْن.
قَالَ: توَافق المحرقة قرانيطس فِي الْمَادَّة الَّتِي مِنْهَا تكون وَهُوَ المرار الصّرْف الناصع الْأَحْمَر لَكِن فِي الحميات المحرقة يكون هَذَا المرار محصوراً فِي الْعُرُوق وخاصة الَّتِي فِي الْمعدة والكبد والرئة وَفِي السرسام يكون فِي الدِّمَاغ لابثاً ثَابتا فَأَما إِن لم يكن ثَابتا لَكِن جَارِيا فِي عروقه فَقَط فَإِن اخْتِلَاط الْعقل إِنَّمَا يكون فِي وَقت نِهَايَة النوائب.
لى: الْفُصُول المقومة للحمى المحرقة شدَّة الْعَطش ودوامه والحرارة واللهيب. وعَلى مَا رَأَيْت بالتجربة وَمَا رَأَيْت فِي هَذَا الْكتاب فِي الحميات الدائمة: إِذا دَامَ الثّقل والوجع فِي
(4/391)
الرَّأْس والعنق يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة وَخَمْسَة واكثر ويحيد الْبَصَر عَن الضَّوْء وتدر الدُّمُوع وَيكثر التثاؤب والتمطى والسهر الشَّديد ويجد مس الإعياء الشَّديد فَإِنَّهُ ينْتَقل العليل بعد ذَلِك إِلَى السرسام فَيقدر كَالسَّكْرَانِ وَلَا ينتبه لطعام وَلَا لشراب إِلَّا أَن يَجِيئهُ البحران فَإِن كَانَ الثّقل فِي الرَّأْس أَكثر من الوجع وَلم يكن سهر نوم وَكَانَت الْحَرَارَة اسكن والنبض عريض غير سريع انْتقل إِلَى ليثرغس فَمَتَى رَأَيْت هَذِه العلامات فافصد فَإِنِّي قد خلصت جمَاعَة بِهِ وَتركت مُتَعَمدا جمَاعَة أستبرئ بذلك رَأْيِي فسرسموا كلهم وَقد يكون هَذَا فِي الحميات الدموية فَإِذا رَأَيْت فِي الْحمى عَلَامَات الجدري فَاعْلَم أَنه تنْتَقل إِلَيْهِ وَإِن رَأَيْت هَذِه العلامات فإليه تنْتَقل.
لى: بالتجربة إِذا رَأَيْت الثّقل والوجع فِي الرَّأْس دَائِما فأيقن بحدوث السرسام.
3 - (الْمقَالة الثَّانِيَة من مسَائِل ابيذيميا قَالَ:)
3 - (الْأَعْرَاض المقومة للحمى المحرقة)
)
الْعَطش المتدارك وحس الْحَرَارَة المؤذية. والأعراض الَّتِي تكون فِي الْأَمْرَاض على الْأَكْثَر شَدِيدَة: الْعَطش وإفراطه وَشدَّة الْحَرَارَة وتعديها وَالْكرب. والأعراض الْحَادِثَة فِيهَا اخْتِلَاط الذِّهْن والسهر وَلَيْسَت أبدا وَلَا فِي الْأَكْثَر لَكِن إِذا كَانَت خبيثة.
الْمقَالة الرَّابِعَة من جَوَامِع الْعِلَل والأعراض: إِذا كَانَ سَبَب النافض حاراً كَانَ أَشد تحريكاً ونفضاً للبدن وَلذَلِك نافض الغب أَشد من نافض البلغمية.
لى: التحريك فِي الغب أَشد وَالْبرد فِي البلغمية أَكثر.
اربياسيوس: إِذا لم يكن فِي عُضْو من الْأَعْضَاء الرئيسية ورم حَار أَو ورم بَارِد صلب وَلَا كَانَ فِي الْبدن عُضْو رَئِيس بَارِد المزاج أَو ضَعِيف وَظَهَرت عَلَامَات النضج فثق بسقي المَاء الْبَارِد خَاصَّة إِن كَانَ مُعْتَادا لَهُ.
وَقَالَ: عَلَامَات الْحمى المحرقة اللَّازِمَة: خشونة اللِّسَان وسواده واللذع فِي الْبَطن والسواد والصفرة فِي البرَاز والعطش والسهر والاختلاط.
قَالَ: وَلَا يسلم من حمى قوسيس إِلَّا بِإِحْدَى خلتين إِمَّا بِأَن تخرج الصَّفْرَاء من الْبدن وَإِمَّا أَن تكسر حدتها بسقي المَاء الْبَارِد وَيكون غذاؤه مَاء الشّعير.
اغلوقن قَالَ: أول الْأَشْيَاء أَن تنظر فِي الغب من ابتدائها هَل هِيَ خَالِصَة أم غير خَالِصَة فَإِن الْخَالِصَة تَنْقَضِي أَكثر شَيْء فِي سَبْعَة أدوار وَأما المشوبة فقد رَأَيْت حمى نابت غبا من أول الخريف إِلَى الرّبيع وَلما طَالَتْ لم يحتم العليل فَعظم طحاله وترهل وَكَانَت سحنته وتدبيره بلغمياً وَكَانَت النّوبَة تقيم عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة وَلم يكن يشبه نافضها نافض الغب لَكِن قشعريرة وَلم يكن فِيهَا عَطش وَلَا كرب وَلَا قيء مرار وَلَا عرق فَانْظُر وَيكون عَمَلك
(4/392)
بِحَسب الدَّلَائِل وَيظْهر فِي الغب الْخَالِص فِي الثَّالِث أَو فِي الرَّابِع مَا يدل على النضج.
جَوَامِع اغلوقن: وَالْغِب غير الْخَالِصَة تبتدئ بنافض شَدِيد مرعد وَالرّبع والبلغمية لَا.
الساهر: أسهل فِي الطبيعة بِمَا يسهل الصَّفْرَاء وَلَا تسخن واسق مَاء الشّعير يَوْم الرَّاحَة وَيَوْم الدّور مَاء الرُّمَّان.
لى: إِن أمكنك أَن تَسْقِي مَاء الشّعير بالبعد عَن الدّور جَازَ فَإِن كنت بِالْقربِ من النّوبَة واحتجت أَن تَسْقِي شَيْئا فَذَلِك.
ابْن ماسويه فِي الحميات: أَصْحَاب الغب يضجرون من الْكَلَام إِذا كلموا ويسهرون ويحسون)
بغليان ونخس فِي أكبادهم.
وَقَالَ: احذر فِي هَذِه اسْتِعْمَال الْأَشْيَاء المسخنة لِئَلَّا تحدث ورماً.
لى: فِي الكبد فَيقْتل.
قَالَ: وَلَا تسرف فِي التبريد فتطفينها بل تعالج بحذر كثير ولين الْبَطن فِي الِابْتِدَاء بأَشْيَاء لينَة وَبعد النضج باهليلج وأفسنتين وَلَا تسهل الْبَطن يَوْم الدّور بل أرحه ذَلِك الْيَوْم واسقه مَاء الشّعير مَعَ الْأَشْيَاء المزة إِذا أمكن وَلَا تسق بِقرب الدّور لِأَنَّهُ يتقيأه العليل وَيزِيد فِي رداءة الْحمى لَكِن قبل الدّور أَو بعده على حسب مَا يُمكن من الْوَقْت.
قَالَ: وَإِن امْتنع العليل من أَخذ مَاء الشّعير فاسقه مَاء القرع يَنُوب عَن مَاء الشّعير وغذه بالبقول اللينة فَإِنَّهَا تلين الْبَطن وتقمع الصَّفْرَاء وَاجعَل بَين مَاء الشّعير والدور أَقَله ساعتان أَو ثَلَاث أَو أَربع فَإِن الأجود أَن تَجِيء الْخَلَاء اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يعرض فِي ابْتِدَاء النّوبَة غشي فَإِن ذَلِك فبادر قبل النّوبَة بِقَلِيل أَو وَقت النّوبَة قبل الْعشي فأعطه لباب خبز بِمَاء الرُّمَّان. فَإِذا حدث فِي هَذِه الْحمى يرقان فَاسق السكنجبين وَمَاء الشّعير وشيئاً من الْبُقُول اللينة وشيئاً مِمَّا يدر الْبَوْل وضمد الكبد أبدا بأَشْيَاء بَارِدَة وَإِن حدث بعد نضج الْحمى فَإِنَّهُ بحران فاسقه المدرة للبول وَلَا تخف واحمه وأطعمه سمكًا صخرياً وأكحله بِمَاء ورد وخل وبماء الكزبرة فَإِن لم ينفع فَعَلَيْك بِبَاب اليرقان فعلاجه هُنَاكَ.
تياذوق: ينفع من الْحمى اللهيبة طباشير نواة وكافور قِيرَاط يسقى بِمَاء الرُّمَّان المز فَإِنَّهُ جيد وللطباشير خاصية فِي تسكين الْحمى فاعتمد عَلَيْهِ فِيهَا وعَلى الكافور وَأكْثر مِنْهُ فِي الأقراص الوردية والطباشير. وضمد الْمعدة والكبد بالبقول والرياحين الْبَارِدَة. وَإِن صعد الْحر إِلَى الرَّأْس جَوَامِع اغلوقن: الْعَلامَة الدَّالَّة على أَن الغب تطول وَلَيْسَت خَالِصَة هُوَ أَن النافض يعسر التهابها وتلتهب قَلِيلا ثمَّ تبرد وتطول مُدَّة النافض وَإِذا التهبت أَيْضا لم تكن شَدِيدَة الْحَرَارَة وَقلة الْعَطش وَلَا يتَبَيَّن فِي الْبَوْل فِي الثَّالِث وَالرَّابِع نضج لِأَن الغب الْخَالِصَة لَا بُد أَن يكون فِي الرَّابِع فِيهَا أثر النضج وَأَن يكون الْوَجْه وَالْبدن غير منخرط.
(4/393)
قَالَ: وَالْغِب الْخَالِصَة أطول نوبتها اثْنَتَا عشرَة سَاعَة وتنقضي فِي سَبْعَة أدوار فَإِن نقصت عَن اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة نقصت فِي أقل من سَبْعَة أدوار وَإِن زَاد فبقدر ذَلِك تَدور دوراً أَكثر حَتَّى أَن الَّتِي نوبتها أَربع وَعِشْرُونَ سَاعَة رُبمَا زَادَت أَرْبَعَة أشهر.)
لى: جربت فَرَأَيْت من أبلغ الْأَشْيَاء فِي الحميات الحادة إِذا كَانَت الحدة شَدِيدَة أَن يسقى العليل مَعَ الْفجْر مَاء اجاص وَتَمْرًا هندياً كل يَوْم ثمَّ يسقى بِالْغَدَاةِ مَاء الشّعير فَإِن كَانَت الطبيعة يابسة لم تخله حَتَّى ينَام على لب خِيَار شنبر تسقيه ثمَّ تبكر بِمَاء الشّعير وَإِن كَانَ بِهِ سعال وَلم يكن هذيان سقيت مَكَان مَاء الإجاص طبيخ سبستان وعناب وأصل السوس ثمَّ سقيت غدْوَة مَاء الشّعير فَإِنِّي رَأَيْت هَذَا أَجود تَدْبيره.
بولس: أَن النبض فِي سونوخس ألزم للنظام وَأعظم وَأَقل سرعَة وحرارتها أقرب إِلَى البخارية والعطش واللهيب فِيهَا أقل مِنْهُ فِي المحرقة.
لى: وَإِذا رَأَيْت حمى مطبقة يشبه حَالهَا حَال حمى يَوْم عِنْد صعُود النّوبَة فَتلك سونوخس فَاسْتَعِنْ بِالتَّدْبِيرِ والمزاج وَحَال الْوَجْه وَالْبدن وامتلاء الْعُرُوق.
قَالَ: وَأما المحرقة فالأعراض فِيهَا يبس اللِّسَان وسواده ولذع فِي الْبَطن وَشدَّة الْعَطش وبراز أصفر اللَّوْن وسهر واختلاط الْعقل.
لى: وَشدَّة اللهيب وَالتَّدْبِير والمزاج الصفراوي. وَمَتى رَأَيْت حمى مطبقة يشبه حَالهَا حَال نِهَايَة الغب فَتلك المحرقة.
3 - (العلاج لبولس وأربياسيوس)
أما سونوخس فالفصد إِلَى أَن يعرض الغشي فَإِن لم يفصد خيف هَلَاكه فَإِن لم يُمكن فالتطفئة إِن لم يكن ورم فِي عُضْو رَئِيس دموي أَو بلغمي أَو سقيروس. فَأَما الْحمرَة فَلَا تمنع فِيهَا من شرب المَاء الْبَارِد. فَأَما إِن كَانَ عُضْو رئيسي بَارِد المزاج أَو مستعداً للضعف أَو يبرد بِسُرْعَة فَلَا تسق المَاء الْبَارِد وَإِن كَانَ مُعْتَادا لَهُ فَأَما المحرقة فإمَّا أَن تسهل الصَّفْرَاء أَو تسْتَعْمل تطفئة قَوِيَّة وَذَلِكَ يكون بِالْمَاءِ الْبَارِد فَاسق المَاء الْبَارِد أبدا فِي المحرقة وغذاؤه مَاء الشّعير وَالْحمام يُوَافقهُ بعد النضج. وَأما المحرقة الَّتِي لورم فِي الْبَطن حَار أَعنِي الْحمرَة.
لى: المحرقة تكون عَن حمرَة وَأما إِذا كَانَ فلغمونيا فَإِنَّهُ تكون تِلْكَ الْحمى سونوخس.
قَالَ اسْتعْمل فِي هَؤُلَاءِ أضمدة بَارِدَة بِأَن تلقى عصير الحصرم والخس على البقلة الحمقاء ودقها واعصرها وبردها على الثَّلج واصبغ فِيهِ خرقَة كتَّان بطاقتين وَضعه على الْعُضْو وَمَتى فتر غَيره حَتَّى يحس بِبرْدِهِ فِي ذَلِك الْموضع من الْعُضْو وَلَا تفعل ذَلِك فِي الِابْتِدَاء لَكِن فِي الصعُود عِنْد التلهب والحرارة واجتنب الْحمام فَإِن رَأَيْت أَنه لَا يطفأ فَعَلَيْك بِالْمَاءِ الْبَارِد والأشياء الْبَارِدَة من أغذية وأدوية وهواء.
(4/394)
لى: وَإِن كَانَ الورم فلغمونيا فافصده ثمَّ اسْقِهِ مَاء الشّعير وسكنجبينا ودع المَاء الْبَارِد حَتَّى يظْهر النضج وَهَذَانِ صنفان من الْحمى المطبقة يكونَانِ لورم يؤول إِلَى الدق سَرِيعا المحرقة مِنْهُمَا أَن تبالغ فِي تطفئتها وتبريدها.
جورجس: تحفظ فِي الغب واحرص أَلا تنْتَقل إِلَى حمى حادة فَإِن ذَلِك شَأْنهَا إِذا لم تطفأ وأجود علاجها إِذا كَانَ العليل قَوِيا أَن يسقى عشرَة دَرَاهِم من اهليلج أصفر مَعَ ثَلَاثَة دَرَاهِم ترنجبين وَثَلَاثَة طساسيج سقمونيا وَعشرَة دَرَاهِم سكر طبرزد فَإنَّك تقطع مَادَّة الْحمى وتأمن أَن تنْتَقل إِلَى الْمَرَض الحاد. فَإِن كَانَ ضَعِيفا أَو لم يُمكن هَذَا فَعَلَيْك بالإجاص والترنجبين يسقى بِمَاء بَارِد والحقن اللينة وَلَا تدع طَبِيعَته يابسة الْبَتَّةَ وبادر فِي الْمَرَض الحاد بالإسهال والفصد قبل سُقُوط الْقُوَّة وَإِن تَأَخّر عَن وَقت الِابْتِدَاء فَخذ حِينَئِذٍ فِي التطفئة والمداراة إِلَى أَن تَنْتَهِي إِن شَاءَ الله.
اغلوقن قَالَ فِي علاج حمى الغب: اجْتهد فِي هَذِه الْحمى فِي ترطيب الْبدن وتبريده مَا أمكن وتسهيل سبل الْبدن فِي استفراغها بالبول والإسهال والعرق وبالقيء إِن جَاءَ شَيْء إِلَى الْمعدة.)
لى: عَلامَة سيلانه إِلَى الْمعدة الغثي فَإِن غثي فليقيأ وَإِلَّا فَلَا لِأَن انجراره إِلَى الْمعدة لَيْسَ بجيد.
قَالَ: وَلَا تحمه حَتَّى ينضج واحمه بعد النضج فَإِنَّهُ يَنْفَعهُ جدا إِذا كَانَ مَاء عذباً وَليكن استفراغه بأَشْيَاء لينَة بَارِدَة فَإِذا ظهر النضج فأعط افسنتينا منقوعاً فِي مَاء الْعَسَل وَيحْتَاج من الْحمام إِلَى ترطيبه فَقَط وقلل من سخونته بِمِقْدَار مَا يسهل منافس الْبدن وَالشرَاب لَا تسقه حَتَّى تنضج ثمَّ اسْقِهِ المائي مِنْهُ وغذه الْبُقُول وأغذية مبردة مرطبة وغذ أَصْحَاب الغب الْخَالِصَة مِنْهَا أَكثر مَا يُمكنهُم استمراؤه وجنبهم التوابل والأشياء الحارة فالتدبير للمحرقة هُوَ أَن يقْتَصر فِي الْخَالِصَة مِنْهَا على مَاء كشك الشّعير إِلَى مَجِيء البحران فَأَما غير الْخَالِصَة فاصرف عنايتك كلهَا إِلَى معرفَة قدر قلَّة خلوصها لِئَلَّا تزيد فِي الْمَرَض بالغذاء وَلَا تقتل العليل بلطافة التَّدْبِير فَتسقط الْقُوَّة وَاجعَل فِي الأغذية مَا يلطف ويسخن بِقدر مَا يحْتَمل وأسهل بالمسهلات اللينة.
قَالَ بولس: وَإِن احتجت إِلَى الفصد فَلَا تدع وَاسْتعْمل الْقَيْء بعد الطَّعَام فَإِنِّي أعرف من حم من غب مِمَّا زجه لبلغم خرج مِنْهَا فِي مرّة وَاحِدَة بقيء بعد الطَّعَام.
قَالَ: وَمن أوفق مَا سقِِي هَؤُلَاءِ مَاء الشّعير قد طرح فِيهِ فلفل وسنبل الطّيب والسكنجبين نَافِع أَيْضا لَهُم وَمن تطاولت بِهِ فَلَا شَيْء أبلغ لَهُ من الْقَيْء بعد الطَّعَام.
الثَّالِثَة من تَفْسِير السَّادِسَة: تقرح الشفتين فِي الْحمى دَلِيل على أَنَّهَا حمى غب حارة محرقة وَلكنهَا مفترة.
(4/395)
اغلوقن قَالَ: إِن كَانَ العليل من حم من غب يشتاق إِلَى الْحمام وَكَانَت عَادَته فِي صِحَّته قد جرت بِهِ فَأذن لَهُ فِيهِ يَوْم الرَّاحَة.
الأولى من ابيذيميا من تَفْسِير الأولى قَالَ جالينوس: المحرقة لَيست تكون عِنْد اجْتِمَاع المرار فِي أَي عُضْو كَانَ لَكِن عِنْد اجتماعه فِي الْمعدة وخاصة فِي فمها وَفِي الْموضع المقعر من الكبد.
الثَّانِيَة من تَفْسِير الأولى قَالَ: الحميات الَّتِي تنوب فِي الْيَوْم الثَّالِث جِنْسَانِ مِنْهَا مَا يقْلع حِين ينقى الْبدن مِنْهَا وَمِنْهَا مَا لَا يقْلع وَفِي كل وَاحِد مِنْهُمَا صنفان آخرَانِ وَمن الَّتِي تقلع وينقى الْبدن مِنْهَا مَا لَا تجَاوز نوبَته اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة وَتَكون فِي الْأَكْثَر أقل وَيكون فِيهَا قيء مرار وَفِي ابتدائها نافض.
لى هَذِه لَا تجَاوز سَبْعَة أدوار وَفِي الْأَكْثَر تَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة وَمِنْهَا مَا تمتد نوبَته أَكثر من اثْنَتَيْ)
عشرَة سَاعَة.
لى: على مَا بَان من كَلَامه: هَذِه تكون من مرار غليظ يبطئ نضجه وَرُبمَا امتدت وطالت أدواراً كَثِيرَة وَأما الَّتِي لَا تقلع وَلَا ينقى الْبدن مِنْهَا فَهِيَ حمى تَنْتَهِي بقشعريرة ثمَّ تسخن وَإِذا ظَنَنْت أَن الْحمى فِي تزيد عاودته بَغْتَة بنفض وقشعريرة وَرُبمَا كَانَ ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا وَتَكون النّوبَة من غَد أخف وَلَا يكون فِيهَا هَذَا الكرب والقشعريرة وَتَكون فِي الْيَوْم الثَّالِث على الْمِثَال فِي الْيَوْم الأول فِي عظم النّوبَة ومعاودة القشعريرات فَهَذِهِ المطريطاوس وَمِنْهَا حمى تنوب ثمَّ تكون فِي الْيَوْم الثَّانِي اخف وَالْبدن غير نقي مِنْهَا ثمَّ تنوب فِي الثَّالِث بِلَا قشعريرة وَلَا برد فَتكون بنوبة كالأولى.
قَالَ ج: وَهَذِه الْحمى من مرار تعسر حركته ويبطئ نضجه.
لى: وَفِي هَذَا نظر لِأَن هَذِه المحرقة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تكون جِهَة نوبتها على هَذَا وَلَيْسَ لَهَا سخونة ذَات قدر يعْتد بهَا.
وَقَالَ ج: أَنا أسمي هَذِه الَّتِي تَنْقَضِي نوبتها فِي اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة فَمَا دون ذَلِك غبا خَالِصَة وَأما الَّتِي تفضل نوبتها على اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة إِلَّا أَنه على حَال وَقت نوبتها أقصر من وَقت مفارقتها الْبدن فَإِنِّي أسميها غبا مُطلقًا وَأما الَّتِي وَقت مفارقتها أقصر من وَقت أَخذهَا فَإِنِّي أسميها متطاولة وَأما الَّتِي تكون فِيهَا قشعريرة وكرات وعودات فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام وَتَكون فِي الثَّانِي نوبتها خَفِيفَة فشطر الغب والمجانية للغب وَأما الَّتِي لَا تقلع الْبَتَّةَ وتنوب غبا من غير أَن تكون فِيهَا هَذِه الكرات بِلَا قشعريرة فالشبيهة بالغب.
من فُصُول ايبيذيميا قَالَ: المحرقة المرار فِيهَا مُجْتَمع فِي الْعُرُوق الَّتِي فِي فَم الْمعدة وَفِي الْعُرُوق الَّتِي فِي تقعير الكبد وَفِي الرئة أَيْضا وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون أَكثر تبريدك لهَذِهِ الْمَوَاضِع.
من
(4/396)
3 - (كتاب أزمان الْأَمْرَاض)
كل حمى كَانَ دورها فِي أَربع وَعشْرين فَهِيَ بلغمية وَمَا كَانَ فِي ثَمَان وَأَرْبَعين سَاعَة فغب وَمَا كَانَ فِي اثْنَتَيْنِ وَسبعين سَاعَة فربع.
لى: مَتى تمت نوبَة وابتدأت أُخْرَى فِي هَذِه الْمدَّة فَهِيَ من الْجِنْس الَّذِي ذكرنَا فَلذَلِك يُمكن أَن قَالَ: وَصَاحب الغب تبتدئ بِهِ السخونة وتتوقد دَاخل بدنه وَهُوَ بعد بَارِد الْأَطْرَاف.
ابْن ماسويه قَالَ: الغب الدائمة إِنَّمَا يبْقى مِنْهَا فِي الْيَوْم الَّذِي تنوب فِيهِ الْبدن بخارات كَثِيرَة لَا ينقى الْبدن والعرق من حرهَا وَأما أَن يكون شَيْئا يسْتَحق حمى فَلَا.
لى: كَذَا رَأَيْت هَذِه.
الْمقَالة من مسَائِل ابيذيميا قَالَ: إِنَّمَا يلْزم المحرقة الْعَطش بِكَثْرَة المرار الْمُجْتَمع فِي فَم الْمعدة وتقعير الكبد.
ابْن ماسويه قَالَ: أسهل فِي أَوَائِل هَذِه بِمَاء الْفَوَاكِه وَإِن كَانَ ضَعِيفا يغشى عَلَيْهِ أَو تشتد حرارته وهذيانه فاسقه فِي وَقت الدّور مَاء رمان مَعَ مَاء الشّعير لِئَلَّا يَسْتَحِيل بالسكر وَلَا تسقه مَاء الشّعير يَوْم الْحمى قبل الدّور إِلَّا أَن يكون فِي الْوَقْت طول لِئَلَّا يقذفه فَيكون سَببا لطول الْحمى وشدتها.
(4/397)
(الحميات الَّتِي عَن الأورام) والقروح اسْتَعِنْ بِبَاب جمل الحميات وبباب الأورام الْبَاطِنَة وحول جملَة التَّدْبِير لحمى مَعَ ورم إِلَى هَهُنَا.
قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من كتاب البحران: يَنْبَغِي إِذا أردْت أَن تقف على الحميات الَّتِي من الأورام المركبة أَن ترتاض فِي تعرف الْمُفْردَات مِنْهَا أَولا فَإِن للحادثة عَن ورم الدِّمَاغ صُورَة غير صُورَة الْحمى الَّتِي تحدث عَن ورم الرئة وكل وَاحِدَة من هَذِه لَهَا صُورَة غير صُورَة الْحمى الْحَادِثَة عَن ورم الكبد فَكَذَلِك الْحمى الْحَادِثَة عَن ورم صفراوي لَهُ صُورَة الورم الْحَادِث عَن الدَّم.
قَالَ: وَمن ذَلِك أَن الْحمى المحرقة الخبيثة تحدث عَن ورم صفراوي يكون فِي الرئة أَو فِي الكبد أَو فِي الْمعدة.
قَالَ: وتعرف هَذَا من الْكتب الْمَخْصُوصَة بتعرف علل الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة وَنَحْوهَا فَإِن نقل جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى مَعْرفَته فِي هَذَا الْبَاب لَا يُمكن لطوله.
لى: نَحن نروم أَن ننقل دَلِيل الحميات فَقَط إِلَى هَذَا الْموضع.
لى: الحميات الَّتِي مَعَ الأورام إِمَّا أَن تحدث مَعَ ورم فِي غشاء الدِّمَاغ أَو فِي الدِّمَاغ نَفسه وصورتهما جَمِيعًا صُورَة وَاحِدَة ويلزمهما جَمِيعًا فَسَاد الْأَفْعَال النفسانية إِلَّا انه إِن كَانَ الورم حاراً كَانَ مَعَه سهر وصداع وهذيان واختلاط وقلق وَسَائِر عَلَامَات قرانيطس وَتَكون هَذِه الْحمى حادة قَوِيَّة وَالْعين وَالْوَجْه أحمرين وَهِي الَّتِي تسمى قرانيطس وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ مَعهَا سبات وَضعف فِي الحركات وتغميض الأجفان وَتَكون الْحمى هادئة لينَة كَأَنَّهَا مندفنة وَسَائِر عَلَامَات ليثرغس وَلَا يكون فِيهِ ورم سوداوي وَقد يغلب عَلَيْهِ سوء مزاج بَارِد يَابِس لَيْسَ مَعَه حمى وَهُوَ الْمُسَمّى الشخوص فَأَما أَسْفَل من هَذَا الْعُضْو فَلَا يكَاد يكون حاراً وَمَعَ هَذَا وجع فِي الْأذن شَدِيد وهذيان واختلاط فِي بعض الْأَحْوَال وَدون هَذَا الورم فِي النغانغ إِذا كَانَ حاراً ويعرض مَعهَا ضيق فِي
(4/398)
المبلع وامتلاء فِي الْوَجْه وَلَا يخفى ذَلِك وَأما الورم الْحَار فِي المري فبحدث مِنْهُ وجع بَين الْكَتِفَيْنِ وألم عِنْد الْمبلغ والمري وَسَائِر العلامات وَأما الورم الْحَار فِي الْمعدة فليزمه الْعَطش وَفَسَاد الهضم ووجع فِي نواحي الْمعدة. قد يكون مَعَ حمى المري وفم الْمعدة هذيان وَأما ورم فِي الرئة فَيكون مِنْهُ حمرَة الوجنتين وضيق النَّفس وَحمى حادة وعطش)
شَدِيد وَحب الْبُرُودَة وَنَحْو ذَلِك فَهُوَ ذَات الْجنب وَأما الورم فِي الْحجاب فَهَذَا يعرض فِيهِ هذيان وضيق النَّفس وَهُوَ الَّذِي يُسمى سرساماً وَأما الورم فِي بعض نواحي الصَّدْر فكله ألم يضر النَّفس ويغيره ويصلب النبض لِأَنَّهَا أغشية وأعضاء عصبية وَكَذَلِكَ فَم الْمعدة والمري وَأما الورم فِي غلاف الْقلب ونواحيه فعلاماته عظم الْحمى والعطش المتدارك. فَإِن تبعه موت سريع فَإِنَّهُ فِي الْقلب وَإِلَّا فِي نواحيه. وَأما الورم فِي الكلى فَيكون مِنْهُ نافض على غير تَرْتِيب وحميات أَيْضا مختلطة ووجع فِي الْقطن ولهيب فِي الْبَوْل مَعَه وجع فِي الْأَكْثَر. وَأما الورم فِي المثانة فَيكون مَعَه اخْتِلَاط وهذيان شَدِيد وَحمى شَدِيدَة الْحَرَارَة جدا واحتباس الْبَوْل. وَإِمَّا أَن يكون فِي الرَّحِم فَيكون مَعَه كَمَا مَعَ المثانة هذيان وصلابة فِي النبض ووجع الْعَانَة والقطن وَفَسَاد الطمث وَأما الورم من حمرَة وَيكون فلغمونيا فعلى قدر قُوَّة أَعْرَاض الْحَرَارَة اعرف ذَلِك ويتبعه فِي الْأَكْثَر استسقاء وَيكون فِي ابْتِدَائه وجع تَحت الشراسيف فِي الْأَيْمن وسعلة خَفِيفَة وضيق وَنَحْو ذَلِك مَذْكُور فِي بَاب الكبد وَرُبمَا ظهر للحس وَأما من ورم الطحال فَيكون مَعَه وجع الطحال وتنوب أَكثر ذَلِك ربعا وَفَسَاد اللَّوْن قد يظْهر أَيْضا فِي الْأَكْثَر للحس وَتَكون هَذِه الأورام فِي الْأَكْثَر صلبة وَفِي الْأَقَل فلغمونيا. وَأما من ورم اللَّحْم الرخو فِي جَمِيع الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا غدد كالأربية والإبط والعنق وَنَحْوهَا فَهَذِهِ ظَاهِرَة. هَذِه جملَة يعْمل عَلَيْهَا ليتم بعد إِن شَاءَ الله. 3 (أَعْلَام الحميات) الحميات الَّتِي مَعَ أورام تَجِد فِيهَا أعلاماً تدلك على الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا الورم وأعلامها تدلك على الْعلَّة الَّتِي مِنْهَا حدث ذَلِك الورم وتمثل الْجنب وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَابه.
قَالَ: إِذا كَانَ الْخَلْط الَّذِي مِنْهُ يتَوَلَّد الورم تهيج عَنهُ الْحمى خلطاً مُفردا كَانَت صورته صُورَة وَاحِدَة من الحميات العفونية بل كَانَت أحد مِنْهَا فَأَشَارَ فِي هَذَا الْموضع إِلَى الْحمى الْحَادِثَة عَن الأورام دائمة أبدا حادة.
قَالَ: الْحمى المتولدة عَن فلغموني وَهُوَ ورم حَار كثير الْمِقْدَار حمى لينَة سليمَة وَهِي أشبه الحميات بحمى يَوْم الْعَارِضَة من ورم اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي الحالب وَغَيره مِمَّا أشبهه فَإِن هَذَا الورم يكون من دم صَحِيح إِلَّا أَنه إِذا عفن مَال إِلَى الصَّفْرَاء لِأَن الدَّم إّن عفن فقد سخن سخونة مَال بهَا إِلَى الصَّفْرَاء.
قَالَ: كل حمى تكون من ورم عُضْو مَا فطبيعتها تدل على الحميات الثَّلَاث: الغب أَو الرّبع أَو البلغمية وأسقطنا الدَّم إِذا كَانَ عفن الدَّم هُوَ الصَّفْرَاء فَإِن كَانَت مُفْردَة لم تخف
(4/399)
عَلَيْك وَإِن كَانَت مركبة لِأَن الورم الَّذِي حدثت عَنهُ الْحمى مركب فَإنَّك تعرفها من معرفَة مفرداتها.
جَوَامِع البحران قَالَ: الحميات الَّتِي من عِلّة عُضْو مَا تحدث مَعهَا ثَلَاثَة أَجنَاس من الْأَعْرَاض: أَعْرَاض الْعلَّة وأعراض الْعُضْو العليل وأعراض الْخَلْط الْفَاعِل لِلْعِلَّةِ نَحْو ذَات الْجنب فَإِنَّهُ يكون مَعهَا أَعْرَاض الْعلَّة وأعراض الْعلَّة هَهُنَا هُوَ أَن الْحمى تكون يَوْمًا وَيَوْما لَا وَتَكون حارة. وَمن أَعْرَاض الْخَلْط الْفَاعِل نوع مَا ينفث.
الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: الحميات الكائنة عَن أورام يصلب النبض فِيهَا وخاصة إِن كَانَت عَظِيمَة.
قَالَ: أَكثر مَا تحدث حميات الدق الذبولية من حميات الورم فِي الْمعدة أَو الكبد إِذا لم تعالج كَمَا يَنْبَغِي بالتبريد والأضمدة المبردة فَإِن ضمد بأضمدة اعْتَادَ الْجُهَّال اسْتِعْمَالهَا فِي هَذَا الْموضع كالضماد الْمُتَّخذ من الْخبز وَالْعَسَل فَهُوَ أَحْرَى أَن يَقع فِي الذبول سَرِيعا.
من الْجَوَامِع غير المفصلة قَالَ: الحميات الْحَادِثَة عَن ورم الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة كلهَا دائمة وَتَكون عَن)
تِلْكَ الأخلاط الَّتِي تحدث عَنْهَا سَائِر الحميات وَمَا كَانَ مِنْهَا عَن ورم صَغِير كَانَت أعراضه ضَعِيفَة وَمَا كَانَ مِنْهَا عَن ورم بِمَا يبرز من الْبدن كالحال فِي ذَات الْجنب.
من كتاب ج أَعنِي الْجَوَامِع المفصلة قَالَ: الحميات الَّتِي عَن الورم تَجِد مَعهَا الوجع فِي تِلْكَ الْأَعْضَاء والأعراض الدَّالَّة على عِلّة ذَلِك الْعُضْو الَّذِي فِيهِ الورم.
لى: انْظُر لم صَار الفلغموني الْحَادِث فِي الأربية إِذا كَانَ من سَبَب باد كَانَت حميات يومية وَهل الْكَائِن من ورم الكبد بِسَبَب باد كَانَت يومية أَيْضا أم لَا وَهل الْحَادِث من متقادم تتبعه حمى يومية أَيْضا أم لَا فَأَما صَاحب الْجَوَامِع فَقَالَ: الْحمى فَقَالَ: الْحمى الَّتِي تحدث عَن الورم إِنَّمَا تحدث من أجل عفونة الْخَلْط الَّذِي فِي الورم إِلَّا أَنه مَتى كَانَ مَا يتَأَدَّى من ذَلِك الْعُضْو إِلَى الْقلب إِنَّمَا هِيَ الْحَرَارَة المتولدة فِي الْعُضْو من العفونة لَا من شَيْء من العفن نَفسه فالحمى يومية.
وَإِن كَانَ مَا ينْتَقل إِلَى الْقلب لَيْسَ هُوَ حرارة فَقَط لَكِن عفونة لَكِن عفونة أَيْضا فالحمى عفنية.
الْعَاشِرَة من الْحِيلَة قَالَ: الحميات الَّتِي تكون عَن الأورام هِيَ من حميات العفن تشملها وَالَّتِي لَا ورم مَعهَا جنس وَاحِد وَهِي حمى عفن وَإِذا حدث فِي الْمعدة أَو الكبد أَو الرئة أَو جداول الْعُرُوق الَّتِي بَين الكبد والمعدة أَو فِي المعي أَو فِي الْأَرْحَام أَو فِي الكلى ورم حَار وَلم تستنتق الْحمى فَتقْتل بشدتها وعظمها لَكِن بقيت مُدَّة ثمَّ دقَّتْ ولزمت فَإِنَّهُ مِنْهَا دق وذبول بِأخرَة.
وَيكون عَنهُ دق لِأَن هَذِه الْحمى لعظمها تقتل قبل أَن تستحكم الدق وَيلْزم الحميات الْحَادِثَة عَن علل الْحجاب صلابة النبض وانجذاب المراق إِلَى فَوق انجذاباً كثيرا
(4/400)
ويعرض لصَاحِبهَا ضَرَر مَعَ عسر نفس مختلط مشوش وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يتنفس مرّة تنفساً صَغِيرا متواتراً زَمَانا طَويلا وَرُبمَا يتنفس تنفساً بطيئاً جدا ثمَّ يعود فيتنفس دفْعَة نفسا شَبِيها بتنفس الصعداء ويستنشق الْهَوَاء فِي مرَّتَيْنِ متواليتين وَيخرج الْهَوَاء فِي مرَّتَيْنِ متواليتين وَخرج الْهَوَاء ويتنفس مرَارًا بصدره جملَة فتراه يشيل أكتافه شيلاً شَدِيدا يظْهر للحس وَرُبمَا تنفس فِي الندرة فِي غَايَة التنفس وَغَايَة الْعظم وَذَلِكَ عِنْد مَا يشْتَد بِهِ اخْتِلَاط الذِّهْن فلكثرة هَذِه العلامات يسهل تعرف هَذِه الْعلَّة.
لى: الحميات الْعَارِضَة من علل الْأَعْضَاء إِنَّمَا هِيَ أمراض تَابِعَة للمرض الَّذِي فِي ذَلِك الْعُضْو وَلَيْسَت بِنَفسِهَا أمراضاً فعلاجها علاج ذَلِك الْعُضْو لِأَن فِي قلع الْعرض قلع الْمَرَض التَّابِع لَهُ وَلذَلِك إِنَّمَا نذْكر هَهُنَا صُورَة هَذِه الحميات فَأَما علاجها فَلِكُل وَاحِدَة مِنْهَا بَاب على حِدة وَإِنَّمَا ذكرنَا صورها لتعرف هَذِه من غَيرهَا وَلَا تشتبه عَلَيْك فتظن بالحمى الَّتِي إِنَّمَا هِيَ عرض أَنَّهَا)
مرض وتقصد إِلَيْهَا نَفسهَا فَأَما الَّتِي هِيَ مرض فَإِنَّمَا تقصد إِلَى الشَّيْء الَّذِي يعرض عَنهُ.
نذكرها فِي أول الْبَاب ثمَّ نذْكر عَلَامَات نوع نوع من حميات الأورام يَنْبَغِي أَن تنظر فِي جمل الحميات فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نذْكر الأورام مَعَ الحميات فَإِن هُنَاكَ خلتين نافعتين إِحْدَاهمَا أَن الحميات إِذا كَانَت مَعَ أورام وَكَانَت الْقُوَّة مَعهَا سَاقِطَة كَانَت مهلكة لِأَن سُقُوط الْقُوَّة توجب تغذيته فِي أَوْقَات النوائب والغذاء يزِيد فِي الورم فَإِن المَاء الْبَارِد يزِيد فِيهَا ويمنعها من النضج وَالثَّانيَِة أَن كثيرا من الْأَطِبَّاء يضعون على بطُون هَؤُلَاءِ أضمدة مرخية فتؤديهم إِلَى الدق والذبول وَأَنه يحْتَاج أَن تبرد هَؤُلَاءِ وَإِن كَانَ يضر بالورم إِذا خفت ذَلِك.
لى: ينظر فِي الْمقَالة الْحَادِيَة عشر فَإِن فِيهَا كلَاما فِي حميات الأورام جيدا انْظُر فِي جمل الحميات وموضعه حَيْثُ ابْتَدَأَ بقانون حميات العفن وَفَوق ذَلِك وأسفل حَيْثُ للأورام ذكر وتتفقد ذَلِك وَترد جملَته إِلَى هَهُنَا على مَا يجب.
3 - (سَبَب الحميات المحرقة)
الْمقَالة الْخَامِسَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: الحميات المحرقة أَشد مَا تكون بِسَبَب الْمعدة والكبد إِذا حدث فيهمَا أورام حارة من جنس الْحمرَة وَمن هذَيْن يعرض فِي الْأَكْثَر الْوُقُوع فِي الدق.
قَالَ: وَإِذا دَامَ اخْتِلَاف الدَّم الصديدي الَّذِي عَن ضعف الكبد تَبعته حميات العفن يستهين بهَا الْجُهَّال وَهِي حميات ردية.
قَالَ: فَأَما سوء المزاج الْحَار فِي الكبد الضعيفة فتتبعه حمى حادة قَوِيَّة وَذَهَاب الشَّهْوَة وعطش وقيء أخلاط ردية.
لى: يكون من الكبد ثَلَاث حميات: عَن الورم وَعَن سوء المزاج الْحَار وَعَن ضعف جوهرها عَن توليد الدَّم لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يفْسد الدَّم الَّذِي فِي الكبد ويعفن.
قَالَ: وَيحدث عَن احتباس الطمث حميات محرقة وَمَعَهَا عَلَامَات قد ذكرت فِي بَاب احتباس الطمث فاعرفه فَإِذا رَأَيْت حمى محرقة وَالْبَوْل أسود أَحْمَر كَأَنَّهُ مخلوط بفحم فسل عَن الطمث فَإِنَّهُ يكون عَنهُ حميات محرقة وَرُبمَا كَانَ الْبَوْل مَعهَا كَذَلِك.
(4/401)
الْمقَالة الأولى من تقدمة الْمعرفَة: مكث الْبَطن ونواحيه فِي وَقت: النّوبَة على حرارته والازدياد فِي ذَلِك وَبرد الْأَطْرَاف دَلِيل على عظم الورم الْحَار الَّذِي فِي الأحشاء لِأَن الدَّم ينجذب حِينَئِذٍ إِلَيْهِ لعظمه وحرارته فتبرد الْأَطْرَاف.)
الثَّانِيَة من تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة: الحميات لَا تكون عَن الأورام الرخوة والصلبة المتحجرة وَإِنَّمَا تكون عَن الفلغمونية والحمرة فِي الأحشاء خَالِصَة كَانَت أَو غير خَالِصَة على مِقْدَار ذَلِك.
الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ: نَوَائِب الْحمى فِي ذَات الْجنب وَفِي قرانيطس فِي الْأَكْثَر غب وَفِي السل وَجَمِيع الخراجات الَّتِي فِيهَا مُدَّة فِي الْمعدة أَو الكبد فَفِي كل يَوْم وَلَا سِيمَا بِاللَّيْلِ وَفِي من بِهِ ورم فِي طحاله ربع.
الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: الحميات الَّتِي تفارق وينقى مِنْهَا الْبدن نقاء تَاما كَيفَ مَا تكون نوبتها فَإِنَّهَا لَيست من ورم عفونة خبيثة.
لى: هَذَا يدل على أَن الحميات الَّتِي من الأورام لاينقى الْبدن مِنْهَا نقاء تَاما.
قَالَ أبقراط: إِذا كَانَت حمى لَا تفارق وَظهر الْبدن بَارِد وباطنه يَحْتَرِق وَمَعَهُ عَطش فَذَلِك قَاتل لِأَن ذَلِك يدل على أَن ورماً عَظِيما جدا حاراً فِي الْبَطن فَمن كل هَذِه الشَّهَادَات يتَبَيَّن أَن حميات الأورام لَازِمَة.
الْمقَالة الرَّابِعَة فِي الْفَصْل الَّذِي أَوله التشنج والأوجاع الْعَارِضَة فِي الأحشاء فِي الثُّلُث الْأَخير من الْمقَالة الرَّابِعَة: إِذا كَانَت الْحمى عَن وجع عُضْو مَا أَو ورم فِيهِ فالحمى عرض لَازم لذَلِك الْمَرَض لَا مرض. 3 (الْحمى عرض لَا مرض) الْمقَالة السَّابِعَة قَالَ: القدماء كَانُوا يسمون الْحمى الَّتِي عَن ورم فِي ذَات الْجنب وَنَحْوه من الأورام عرضا لَا مَرضا وَكَانُوا ينسبون الْعلَّة إِلَى ذَلِك الْعُضْو لَا إِلَى الْحمى فَيَقُولُونَ ذَات الْجنب وقرانيطس وَلم يَكُونُوا يسمون محموماً إِلَّا من كَانَت علته الأولى هِيَ الْحمى كالعفن فِي دَاخل الْعُرُوق وخارجها وَمَا أشبههَا من الحميات الَّتِي لَيست أعراضاً عَن علل أُخْرَى.
قَالَ: وأصناف هَذِه الحميات الَّتِي هِيَ أمراض لَا أَعْرَاض: حميات يَوْم والحميات الَّتِي من عفن فِي دَاخل الْعُرُوق وخارجها أَو جَمِيع لحم الْبدن وَحمى انقياليس وَهِي الَّتِي يجْتَمع فِيهَا حس الْبرد وحس الْحر فِي موَاضعهَا بِأَعْيَانِهَا وأوريدوس وَهِي الَّتِي بَاطِن الْبدن فِيهَا حَار وَظَاهره بَارِد ولعرس وطيقورس: وَهِي الَّتِي مَعهَا رُطُوبَة كَثِيرَة ولومورس وَهِي الوبائية.
الْخَامِسَة عشرَة من النبض قَالَ: الحميات الكائنة عَن ورم دَاخِلَة فِي حميات العفن ونبضها نبض حمى العفن أَعنِي أَن يكون صَغِيرا فِي الِابْتِدَاء سريع الانقباض عِنْد الْمُنْتَهى وتخص هَذِه لى: اسْتَعِنْ بِهَذِهِ الْمقَالة أَو بِبَاب النبض.
السَّادِسَة عشرَة قَالَ: مَتى حدث فِي الأربيتين ورم حَار تبعه حمى بِسوء قيء على
(4/402)
الْمَكَان لِأَنَّهُ ينحدر إِلَيْهِمَا من نَاحيَة الكلى عرق ضَارب وعرق غير ضَارب لَهما مِقْدَار ويتغير النبض وَتصير صلباً لِأَن عَلَيْهِمَا غشاء وَهُوَ عصبي.
الأولى من السَّادِسَة من ابيذيميا قَالَ: يعرض من ورم الرَّحِم الفلغموني حميات حارة جدا حَتَّى يسود اللِّسَان فِيهَا كالفحم وَتَكون حميات مطبقة وَذَلِكَ أَن فِي الرَّحِم عروقاً كَثِيرَة عَظِيمَة جدا بِقِيَاس الْأَعْضَاء الَّتِي تجيئها الْعُرُوق فَمَتَى حدث فِيهَا فلغموني كَانَت حماه من عفن الدَّم وارتفع إِلَى الرَّأْس مِنْهَا بخار كثير وَكَانَ مِنْهُ ثقل وصداع فِي اليافوخ.
السَّابِعَة من السَّادِسَة: الحميات الَّتِي تكون بعد اخْتِلَاف الدَّم ردية لِأَنَّهَا تنذر بورم حَار عَظِيم فِي الأمعاء.
لى: أما حَار فللحمى وَأما عَظِيم فَلِأَنَّهُ لَو كَانَ يَسِيرا لَكَانَ مَعَ الإسهال لَا تكون حمى الْبَتَّةَ للاستفراغ الدَّائِم فَأَما إِذا كَانَ فَلِأَن دَمًا كثيرا حاراً محتبساً فِي الورم.
الْخَامِسَة من السَّادِسَة: الحميات الَّتِي تكون عَن ورم حَار فِي الرَّحِم تكون محرقة قَوِيَّة جدا يسود مَعهَا اللِّسَان ويختلط مَعهَا الذِّهْن.) 3 (حمى ورم الْمعدة) تنوب كل يَوْم وتقلع.
الطَّبَرِيّ قَالَ: إِذا كَانَت سونوخس عَن ورم دموي فِي بعض الْأَمَاكِن فافصد للورم لمَنعه وإنضاجه فَإِن فِي سكونه سكونها.
اهرن: الأورام الَّتِي تعرض عَنْهَا الحميات أورام حارة فَانْظُر قدر الْحمى وَقدر الورم وطبيعة الْعُضْو واكتسب من ذَلِك كُله أَدِلَّة واعمل بِحَسب ذَلِك على مَا فِي بَاب كل عُضْو مِمَّا يعالج بِهِ وابدأ بالفصد وَبِمَا يذهب بالورم الَّذِي هُوَ سَبَب الْحمى فَإِن لم تقدر على ذَلِك فأطفئ الْحَرَارَة وأعراضها بالمطفئة وَغَيرهَا بِقدر مَا يجب.
قَالَ بولس: الحميات الْعَارِضَة عَن ورم الْأَرْحَام حميات حارة وَمَعَهَا وجع فِي الرَّأْس وَفِي عصب الْعُنُق وَثقل فِي الْعين واسترخاء فِي المعصمين والأصابع والعنق وَفَسَاد الْمعدة وانضمام فِي الرَّحِم وَصغر النبض متدارك.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: الَّذين بهم حمى عَن حمرَة فِي الْجوف والمعدة والأمعاء عطشهم كثير وحماهم شَدِيدَة وقواهم سَاقِطَة يَأْكُلُون كل ثَلَاثَة أَيَّام وَالَّذِي يخرج من بطونهم شَدِيد النتن.
الْمقَالة السَّادِسَة من مسَائِل ابيذيميا قَالَ: الْحمى الكائنة عَن فلغموني فِي الرَّحِم واحتباس الطمث سونوخس لِأَنَّهَا تكون لعفن الدَّم فِي عروق الرَّحِم وَيكون غَايَة الْقُوَّة والاحتراق.
وَقَالَ: رَأَيْت فَتى يحم حميات مُخْتَلفَة تنوب مرّة ربعا وَمرَّة سدساً وَمرَّة غبا وَمرَّة كل يَوْم مَعَ نافض وقشعريرة وَكَانَت حماه لينَة فَبَال بعد شهر مُدَّة وَكَانَ يشكو فِي قطنه وجعاً فِي تِلْكَ الحميات فَلذَلِك إِذا رَأَيْت حميات مختلطة فسل عَن وجع الْقطن فَإِن لم يكن وَإِلَّا كَانَ كَثْرَة بَوْل ودرور فَإِن ذَلِك على الْعَادة احتراق الأخلاط فتؤول إِلَى الرّبع وَإِن رَأَيْت ذَلِك وخاصة كَثْرَة
(4/403)
الْبَوْل الْخَارِج عَن الْعَادة فَإِن ذَلِك الْفَتى كَانَ يشكو ذَلِك فَإِنَّهُ لخراج فِي الكلى.
انطيلس قَالَ: الحميات الْعَارِضَة عَن الدبيلان أَكْثَرهَا لينَة وَمَعَهَا نافض لَيْسَ ببارد وحميات مختلطة وخاصة إِن كَانَ الورم فِي العمق.
ابْن ماسويه: اجْعَل عنايتك فِي الحميات الورمية بذلك الْعُضْو لِأَن الْحمى عرض. قَالَ: والحمى الكبدية رُبمَا كَانَت لينَة إِذا كَانَ الورم بلغمياً وحادة إِذا كَانَ الورم حاراً. والطحالية لَيست بحارة. وَالَّتِي مَعَ ورم الكلى لينَة مَعَ قشعريرة مُخْتَلفَة مختلطة. والدماغية صعبة ملتهبة. وَالَّتِي)
مَعَ ورم الرئة بِقدر الورم إِن كَانَ حاراً فحار جدا وَإِن كَانَ ورماً بلغمياً فساكن. وَالَّتِي مَعَ ورم الْحجاب وَالْجنب صعبة.
لى: الحميات الكائنة عَن ورم الكلى مختلطة تشبه الَّتِي تؤول إِلَى الرّبع وَيفرق بَينهمَا بثقل الْقطن وخاصة إِذا انبطح وبكثرة الْبَوْل ووجع هُنَاكَ وَلَا تكون بعد حمى أُخْرَى وخاصة غب وَألا يصغر النبض فِي مبدأها جدا فَإِن تِلْكَ عَلَامَات تؤول إِلَى الرّبع وَلَيْسَت إِذا صلبت أَيْضا قَوِيَّة الْحَرَارَة جدا.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة من ابيذيميا قَالَ: الورم فِي الدِّمَاغ وَأمه والحنجرة والمري والصدر والرئة وَالْقلب قتال وَأما الْأَعْضَاء الَّتِي دون الكبد فَمَا أقل مَا تهْلك وخاصة إِن عولجت بِالصَّوَابِ.
وتقعير الكبد أقل خطراً فِي ذَلِك من حدبتها.
الْخَامِسَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: الْحمى الَّتِي عَن ورم المري إِن كَانَ الورم حمرَة أَو فلغمونياً فمعه عَطش شَدِيد وَلَيْسَت حرارة الْحمى بِقدر الْعَطش والوجع بل أقل كثيرا وتجد فِي ذَلِك الْموضع من المري أَو مَا يبلعه يقف عِنْده سَاعَة ثمَّ ينزل وَكَانَت الْحمى أَلين كثيرا.
قَالَ: ويصيبه نافض وحميات مختلطة وَقد كَانَ إِنْسَان يعسر عَلَيْهِ البلع وَيقف فِي مَوضِع من مرئيه مَعَ حمى مختلطة ونافض فحدست أَن فِي مرئيه خراجاً عسر النضج ثمَّ نضج وتقيأ مُدَّة.
بولس: قَالَ: الحميات الكائنة مَعَ ورم حَار فِي الْبَطن يعرف ذَلِك من شدَّة الوجع والحرارة فِي ذَلِك الْعُضْو مَعَ حمى وعطش وَدَلَائِل الْحمى المحرقة فتوق الْحمام فِي هَذِه الْبَتَّةَ وَاسْتعْمل مَاء بَارِدًا شَدِيدا لبرد فِي وَقت التزيد لَا فِي الِابْتِدَاء بل ضع على الْموضع أضمدة مبردة وَتُؤْخَذ إِذا افترت وَيُوضَع بدلهَا.
3 - (من كتاب الذبول)
إِذا كَانَ عُضْو مَا فِيهِ ورم حمرَة فأعطه أغذية بَارِدَة وضمد الْعُضْو بضمادات بَارِدَة بِالْقُوَّةِ مبردة بالثلج وَمَتى فترت غيرت حَتَّى يحس العليل بِبرد ذَلِك الْموضع شَدِيدا فِي الْعُضْو يسكن الْعَطش.
(4/404)
لى: رَأَيْت مَعَ جَمِيع الخراجات الْعِظَام فِي بَاطِن الْبدن وَظَاهره حميات وَتَكون عظمها وإطباقها بِحَسب شدَّة حرارة الْخراج وَعظم مِقْدَاره وقربه من الْقلب فَإِذا عدمت هَذِه كَانَ مِنْهَا حميات مختلطة وقشعريرة على غير نظام.
لى: وَقد رَأَيْت خراجاً فِي السَّاق عَظِيما جدا أحدث حمى مطبقة بِحَال وَاحِدَة أَشد مَا يكون إحراقاً سِتَّة أَيَّام إِلَى أَن نضج ذَلِك الْخراج ثمَّ سكن.
جَوَامِع اغلوقن: الحميات الكائنة عَن ورم حَار فِي عُضْو مَا تكون دائمة إِلَّا انه تهيج وتفتر بنوائب إِمَّا بنوائب الغب أَو بنوائب الرّبع أَو بنوائب كل يَوْم.
فِي النبض الْكَبِير قَالَ الْأَعْضَاء الَّتِي فِيهَا عروق كبار ضوارب تحدث عَن أورام فِيهَا حمى حادة أسْرع مَا يكون فَأَما الَّتِي الْغَالِب عَلَيْهَا طبيعة العصب فَإِنَّهُ يحدث عَن ورمها تشنج وَنَحْوه لَا حميات.
لى: فَلم يحدث عَن ورم الدِّمَاغ والمثانة وَالرحم إِحْدَى الحميات.
(4/405)
(الأهوية والبلدان) (والمجالس والوباء والموتان والأزمان وتدبير الْبدن بِحَسب الْأَزْمِنَة والملابس.) 3 (قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من كتاب أَيَّام البحران:) 3 (شُعَاع الْقَمَر يعفن الْأَبدَان الْميتَة) ويؤثر تَأْثِيرا فِي من أَطَالَ النّوم فِيهِ حَتَّى أَن ألوانهم تحول إِلَى الصُّفْرَة وتثقل رؤوسهم.
جَوَامِع الحميات: الْهَوَاء الْحَار إِذا استنشق اسخن الْقلب ثمَّ جَمِيع الْبدن. مزاج الْهَوَاء الْحَار يحدث فِي الْأَبدَان عفونة وخاصة فِي الرّطبَة.
الْأَبدَان الَّتِي تَتَغَيَّر عَن حُدُوث الوباء سَرِيعا هِيَ الملوءة أخلاطاً ردية وَالَّتِي لَا تنْحَل فضولها على مَا يَنْبَغِي لِكَثْرَة الرَّاحَة والدعة وَالَّتِي تسرف فِي الْجِمَاع وَفِي كَثْرَة دُخُول الْحمام وَمِنْهَا مَا يعسر تغيره وَهِي الَّتِي لَا فضول فِيهَا وَلَا سدد وتستعمل الرياضة وَالتَّدْبِير الْجيد أَن يفصد.
قَالَ: إِذا حدث فِيهَا وباء فالأبدان الرّطبَة تذعن لَهُ وتواتيه وتوافقه. وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَن تَجف والباردة الْيَابِسَة تمانعه وتخالفه وَيَنْبَغِي أَن تحفظ على مَا هِيَ عَلَيْهِ. وَأما سَائِر الْأَبدَان فَمَا كَانَ مِنْهَا ممتلئاً فَيَنْبَغِي أَن تستفرغ بالفصد وَمَا كَانَ فِيهِ أخلاط ردية فبالإسهال وَمَا كَانَ فِيهِ سدد
3 - (جَوَامِع الْعِلَل والأعراض:)
3 - (الْهَوَاء الْحَار) 3 (يجتذب الدَّم إِلَى ظَاهر الْبدن) أَولا ويحمر اللَّوْن فَإِن أفرط حلل الْحَرَارَة الغزيرة وصفر اللَّوْن والهواء الْحَار يحقن الْحَرَارَة الغريزية فَإِن أفرط أطفأها.
الأولى من تَدْبِير الأصحاء: الْهَوَاء الْجيد صَالح مُوَافق لجَمِيع النَّاس.
لى: كَأَن قَوْله هَذَا يُنَاقض قَوْله فِي مَوَاضِع أخر وَذَلِكَ أَنه يَقُول بعد أَن الْأَبدَان المائلة عَن الِاعْتِدَال يُوَافِقهَا الْهَوَاء المضاد لَكِن يَنْبَغِي أَن يُزَاد فِي قَوْله جَمِيع النَّاس المعتدلين لِأَن المعتدلي الطَّبْع يوافقهم الْهَوَاء المعتدل وَيبقى لَهُم اعتدالهم لِأَن الْحَال الطبيعية تحفظ الشَّيْء الشبيه بهَا وَأما الْأَبدَان الْخَارِجَة عَن الِاعْتِدَال فالهواء المشاكل لَهَا يحفظها على حَالهَا والمضاد ينقلها عَن حَالهَا.
لى: يَنْبَغِي أَن نتم النّظر فِيهِ.
قَالَ: الْهَوَاء الْجيد هُوَ الَّذِي فِي غَايَة الصفاء والنقاء وَإِنَّمَا يكون هَكَذَا إِذا لم يكدره
(4/406)
بخار)
الآجام والبحيرات والخنادق وَنَحْوهَا الَّتِي يرْتَفع مِنْهَا بخار منتن وَلَا مجاري أقذار مَدِينَة عَظِيمَة وَلَا عفونة بقول أَو حبوب أَو جيف وَلَا يكون غائراً محتقناً بالجبال الَّتِي لَا تتحرك وَلَا تهب فِيهَا فَيكون كالمتقرح العفن وَأما اخْتِلَاف الْهَوَاء فِي الْحر وَالْبرد واليبس والرطوبة فَإِنَّهُ غير مُوَافق للنَّاس كلهم لِأَن الْأَبدَان المعتدلة يُوَافِقهَا الْهَوَاء المعتدل وَالَّتِي تفرط فِيهَا بعض الكيفيات فتنتفع بالهواء المضاد.
لى: كَأَن جالينوس يحْسب أَن الْهَوَاء الْجيد إِنَّمَا جيدا بِسَبَب غير الكيفيات وَكَذَا الرَّدِيء فَيكون ذَلِك الْهَوَاء الَّذِي هُوَ عِنْده جيد على مَا قَالَه مُوَافقا لجَمِيع النَّاس وبالضد وَفِي هَذَا نظر وَشك.
الثَّانِيَة من الأخلاط يَنْبَغِي للطبيب أَن يسْأَل أهل كل بلد عَن الْأَعْرَاض الَّتِي تعتادهم إِذا كَانَ مزاج الْبَلَد كمزاج فصل من فُصُول السّنة فَإِن الْأَمْرَاض الْخَاصَّة بذلك الْفَصْل خَاصَّة بذلك الْبَلَد وَإِذا كَانَ الْبَلَد يسخن ويبرد فِي يَوْم وَاحِد حدثت فِيهِ أمراض خريفية وَمَا كَانَ من الرِّيَاح يتَوَلَّد من لجج الْبَحْر فَهُوَ أَجودهَا كلهَا والمتولد من بخارات الْمَعَادِن وَالْآجَام والغياض ردية.
قَالَ: الْبلدَانِ الحارة الْيَابِسَة يضر بهَا الصَّيف وَكَذَا فِي جَمِيع الكيفيات الْأُخَر. وَأما أهل بلد قرانون فَإِن الحميات تكْثر فِيهَا فِي الخريف وَمن لم يحم مِنْهُم لَا بُد أَن يسترخي بدنه بِسَبَب عفونة آجام قريبَة مِنْهُم وتحدث بهم اليرقان والأطحلة من أمراض الخريف إِذا كَانَ الصَّيف ربيعياً لم تكن الحميات حارة جدا وَلَا يابسة وَلَا لَهَا خشونة على اللِّسَان بل تكون أحسن حَالا وَأكْثر عرقاً وَإِذا كَانَ الرّبيع شتوياً عرض السعال وَذَات الْجنب والخناق. إِذا تقدم الشتَاء فِي آخر الخريف حدثت الْأَمْرَاض الشتوية إِذا أفرط زمَان التَّقَدُّم فَإِنَّهُ يرجع بعد إِلَى حَاله فِي الْأَكْثَر وَتَكون الْأَمْرَاض مختلطة بِحَسب ذَلِك وَإِن صادفت برودة الزَّمَان بدناً بلغمياً كَانَ سَببا لحدوث الصرع والسكتة والفالج وَنَحْوه وَإِن صادفت الْحَرَارَة بدناً مرارياً أحدثت الْجُنُون والحمى المحرقة وَنَحْوه.
الْجنُوب تثقل السّمع وَالْبَصَر وَالرَّأْس وترخي وتكسل وتهيج القروح العفنة وتثير العفن.
قَالَ: وَمَتى هبت الشمَال فتوقع السعال ووجع الْحلق ويبس الطبيعة وعسر الْبَوْل.
قَالَ أبقراط: الحميات تتبع عدم الْمَطَر وكثرته. قَالَ ج: يَعْنِي أَن الحميات قد تكون عِنْد كَثْرَة الْمَطَر وَعند عَدمه أَيْضا وَأَنا أَحسب أَنه يُرِيد أَن الحميات تكون عِنْد كَثْرَة الْمَطَر وتقل عِنْد قلته.)
قَالَ ج: الْحمى تحدث فِي حَال الْهَوَاء الْحَاء وَالرّطب واليابس وَلَا تحدث فِي حَال الْهَوَاء الْبَارِد إِلَّا فِي الْأَقَل وَانْظُر حرارة الْهَوَاء وبرودته وَعدم الْمَطَر وَكَونه مَعَ الشمَال وَمَعَ الْجنُوب فَإِن ذَلِك أَمر عَظِيم.
(4/407)
لى: مَا ذكره جالينوس فِي تَفْسِير هَذَا الْكَلَام فَبين وَالَّذِي يُرِيد بِهِ عِنْدِي أَن ضمك الِاسْتِدْلَال مِثَال ذَلِك: أَن الرّبيع إِذا كَانَ جنوبياً كَانَت الْأَمْرَاض الربيعية أَكثر وَأقوى وبالضد عِنْد انقلابات الزَّمَان بَعْضهَا إِلَى بعض قد تحدث الْأَمْرَاض وَعند تغير الْوَقْت عَن طَبِيعَته الْخَاص بِمِقْدَار عَظِيم يُغَيِّرهُ. وانقلاب الْأَزْمِنَة بَعْضهَا إِلَى بعض على تدريج طَوِيل وثيق جدير فِي الصِّحَّة.
وَالْبدن المعتدل بالهواء ينْتَفع بالهواء المعتدل وَالْخَارِج عَن الِاعْتِدَال ينْتَفع بالهواء المضاد ويعظم ضَرَره بالموافق.
والشتاء لما كَانَت الْأَبدَان فِيهِ لَا تتعب بِالْأَعْمَالِ وَلَا بالتردد فِي الشَّمْس وَلَا يَأْكُلُون الْفَوَاكِه بل الْأَطْعِمَة الجيدة النضيجة تحفظ الصِّحَّة والخريف لأَنهم يَتَرَدَّدُونَ فِيهِ فِي الشَّمْس ويأكلون الْفَوَاكِه تبرز فِي الْأَبدَان الجرب المتقشر والقوابي والسرطانات وأوجاع المفاصل والنقرس وَيحدث فِيهَا الحكاك عِنْد تغير الْهَوَاء من الْحَال الشمالية إِلَى الجنوبية وَذَلِكَ أَن الجنوبية ترطب هَذِه وَلَا تنشف مَا يتَحَلَّل مِنْهَا وَكَذَا فِي أَحْوَال الشمَال وتهيج أوجاع المثانة والجنبين والصدر والسعال وَمن بِهِ سعال من أجل قَصَبَة الرئة فَإِنَّهُ يحس بِتَغَيُّر الْهَوَاء إِلَى الشمَال سَرِيعا.
قَالُوا: وَتغَير الْهَوَاء رُبمَا كَانَ حَافِظًا لنوائب مَعْلُومَة فَيَنْبَغِي أَن تتفقد ذَلِك وَرُبمَا كَانَ هبوبه بأدوار فَإِذا تفقدت ذَلِك قدرت أَن تعرف كَيفَ يتَغَيَّر الْهَوَاء ويتغير الْأَبدَان بتغيره فيستدل مرّة من تغير الْأَبدَان على تغير الْهَوَاء وَمرَّة من تغير الْهَوَاء على تغير الْأَبدَان إِذا كَانَت السّنة رطبَة كلهَا أَو يابسة كلهَا أَو حارة أَو بَارِدَة فَإِن الْأَمْرَاض الكائنة فِيهَا تطول وتزمن وَتبقى قَوِيَّة لَازِمَة كَانَت كَثِيرَة أَو وَاحِدَة وَيَنْبَغِي أَن تنظر إِلَى الْأَمْرَاض من أَي الْمِيَاه أَو أَي الأهوية تحدث وتتفقد ذَلِك وَتَحفظه فتعلم من ذَلِك مَا يحدث بسهولة فِي كل وَقت وَاعْلَم من كل زمَان حَال الْأَزْمِنَة الَّتِي بعده بِأَن تتفقد ذَلِك.
لى: مِثَال ذَلِك: أَنَّك إِذا تفقدت صيفة بهَا حَال مَا فَوجدت الخريف بعْدهَا بِحَال مَا مَتى وجدت الصَّيف بِتِلْكَ الْحَال ظَنَنْت أَن الخريف بِتِلْكَ الْحَال.
من كتاب مَا بَال: اختناق الْهَوَاء وخثورته فِي الْبلدَانِ الْبَارِدَة فِي الشتَاء أَشد وَأكْثر مِنْهُ فِي)
الْبلدَانِ الحارة لِأَن هواءها لَا ييبس بالشمس كَمَا يجِف فِي الْبلدَانِ الحارة.
وَقَالَ: عِنْد الوباء يكثر الرسد.
قَالَ: إِذا كَانَ الصَّيف مطيراً جنوبياً كَانَ ردي الخريف والشتاء.
قَالَ: السّنة الْكَثِيرَة الأبخرة والرطوبات أَكثر أمراضاً إِذا كَانَ الشتَاء جنوبياً وَالربيع
(4/408)
شمالياً والصيف حاراً جدا. وَمَتى مَا كثرت الْمِيَاه كثر الموتان فِي الغلمان وهاجت قُرُوح فِي الأمعاء وَحمى مُثَلّثَة طَوِيلَة.
الأولى الْمَرَض الْوَافِد هُوَ الَّذِي يعرض فِي وَقت وَاحِد لناس كثير فِي بلد مَا فَإِن كَانَ غير قتال سمي مَرضا وَافد وَإِن كَانَ قتالاً سمي مَوتَانا.
لى: أول مَا يوضع فِي هَذَا الْبَاب تَدْبِير الْبدن المعتدل فِي الصَّيف والشتاء وَالربيع والخريف المعتدل ثمَّ الْخَارِج عَن الِاعْتِدَال فِي الْخَارِجَة عَن الِاعْتِدَال كَمَا يَنْبَغِي من التَّقْسِيم وَهُوَ مقَالَة وَاحِدَة وَالثَّانيَِة فِي الوباء وَنَحْوه.
الأولى من الْفُصُول: الْأَبدَان فِي الصَّيف تحْتَاج الْغذَاء الْأَقَل وَفِي الشتَاء وَالربيع تحْتَاج إِلَى غذَاء أَكثر لِأَن الأجوف فِيهَا تكون أسخن لبرد الْهَوَاء وانضمام سطوح الْبدن ولطول النّوم.
قَالَ: والتجربة تشهد بِأَنا نحتاج إِلَى أَن نتناول فِي الشتَاء وَالربيع طَعَاما أَكثر لأَنا إِن تناولنا طَعَاما يَسِيرا غلب الْبرد على أبداننا ونالنا بِسَبَب ذَلِك ضَرَر فَإِن أكلنَا طَعَاما كثيرا لم يعرض لنا شَيْء من ذَلِك وَلَا عرض لنا امتلاء وَالسَّبَب أَن الْحَرَارَة الغزيرة فِي الشتَاء أَكثر فَلهَذَا يكون هضمه للغذاء وإخراجه للفضول فِي جَمِيع النَّافِذ أَجود لِأَن اندفاع الفضول يكون بِحَسب قُوَّة الْحَرَارَة الغريزية وتعمل أَيْضا لَحْمًا ودماً أَكثر فتحتاج لذَلِك إِلَى مَادَّة أَكثر وَأَنت ترى الْبَوْل فِي الشتَاء يكون الرسوب فِيهِ أَكثر وَمِقْدَار الْبَوْل والهضم فِي الْمعدة فِيهِ يزِيد زِيَادَة صَالِحَة على مَا فِي الصَّيف.
قَالَ: وَجُمْلَة فَإِن حَال الْبدن فِي الشتَاء على أفضل الْأَحْوَال والهضم فِي الْمعدة وَالْعُرُوق على أفضل مَا يكون فَإِذا لم يكن الْغذَاء فِي الشتَاء كثيرا برد الْبدن جدا وقهر الْهَوَاء الْبَارِد الَّذِي ينشفه وَإِذا كثر غذاؤه سخن ونمت حرارته وَلَا يضر فِيهِ امتلاء لبرد الزَّمَان فَإِذا جَاءَ الرّبيع احْتِيجَ إِلَى الفصد لِأَن الدَّم الَّذِي كَانَ متداخلاً لَا تسعه حِينَئِذٍ الْعُرُوق لِأَنَّهُ يرق فَتحدث)
ضَرُورَة الأورام والأمراض.
قَالَ: يَنْبَغِي أَن تجْعَل الْغذَاء فِي أول الرّبيع كالشتاء وَفِي آخِره كالصيف وتزيد فِي ذَلِك وتنقص بِحَسب ميل البيع فِي طبعه إِلَى الشتَاء والصيف.
لى: الشتَاء يفعل فِي أبداننا أفضل الهضم وَكَثْرَة اللَّحْم وَالدَّم وَجمع الدَّم وحصره حَتَّى لَا يتَأَذَّى بكثرته ويصلب أبداننا وَيُقَوِّي الْقُوَّة.
وَالربيع يحل الأخلاط قَلِيلا ويبسط الدَّم والأخلاط وينشرها فِي الْبدن. والصيف يحلل الأخلاط ردية ومراراً وَيجْعَل دماءنا ردية.
الثَّانِيَة من الْفُصُول: الصَّيف تنقص فِيهِ الْأَمْرَاض لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو أَن تكون الْقُوَّة فِيهِ قَوِيَّة أَو ضَعِيفَة فَإِن كَانَت قَوِيَّة حلل الأخلاط فبرأ سَرِيعا وَإِن كَانَت ضَعِيفَة حلل مَعَ تَحْلِيل الأخلاط الْقُوَّة فَمَاتَ.
والشتاء لَا تنْحَل فِيهِ الْأَمْرَاض بِسُرْعَة لعدم التَّحَلُّل من خَارج والمرضى لَا يموتون فِيهِ لشدَّة الْقُوَّة فتطول الْأَمْرَاض.
(4/409)
الثَّانِيَة: تغير أزمنة السّنة عَن طبائعها يزِيد الْأَمْرَاض وَالْوَقْت الْوَاحِد إِذا تغير تغيراً شَدِيدا أورث أمراضاً.
قَالَ: صَاحب المزاج الْحَار الرطب ينْتَفع بالصيف لرطوبته وَفِي الشتَاء لحرارته وَكَذَا فَافْهَم فِي سَائِر المزاجات.
لى: هَهُنَا يُوهم أَن جالينوس يُنَاقض وَذَلِكَ أَنه يَقُول: الأمزجة يَنْبَغِي أَن تحفظ صِحَّتهَا بأشباهها مِمَّا يحفظ عَلَيْهِم الطَّعَام الْيَابِس يحفظ الصِّحَّة على أهل المزاج الْيَابِس أَكثر مِمَّا يحفظ عَلَيْهِم الطَّعَام الرطب فِي حَال صحتهم وَإِذا كَانَ ذَلِك فَيجب أَن يكون الْهَوَاء الْحَار يحفظ الصِّحَّة مَتى تشبه بالمغتذى فَمَا كَانَ أقرب إِلَى طبع المغتذى كَانَ أسْرع تشبهاً بِهِ وأخف على الطبيعة وَأما الْهَوَاء فَإِنَّهُ كالدواء المضاد لِأَن الْهَوَاء إِنَّمَا يُطْفِئ فضول الْحَرَارَة الدخانية المكتنزة فِي الْقلب وَذَلِكَ هُوَ الْحَاجة إِلَى التنفس فينتفع إِذا بالمضادة لِأَن صَاحب المزاج الْحَار الْيَابِس إِذا استنشق هَوَاء حاراً يَابسا لم تنطفئ بِهِ عِنْدَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
قَالَ: والأمزجة والأسنان كل وَاحِد مِنْهُمَا بالهواء الْمُوَافق والأمراض تهيج عِنْد الْهَوَاء المضاد.
قَالَ: فحال الشَّيْخ فِي الصَّيف أَجود وَكَذَا فِي سَائِر الْأَسْنَان وَكَذَا الْحَال فِي الْبلدَانِ وَبِالْجُمْلَةِ)
صَاحب المزاج المعتدل يحْتَاج إِلَى الِاعْتِدَال من هَذِه وَأما سَائِر الأمزجة فالمزاج المضاد من الْوَقْت والبلد يَنْفَعهُ.
قَالَ أبقراط: إِذا كَانَ فِي يَوْم مرّة حر وَمرَّة برد فتوقع أمراضاً خريفية بِسَبَب اخْتِلَاف المزاج فَإِنَّهُ شَبيه باخْتلَاف مزاج الخريف وَلَيْسَت الْأَزْمِنَة عِلّة الإحداث بل الأمزجة.
الْجنُوب يحدث ثقل السّمع وغشاوة الْبَصَر وَثقل الرَّأْس وكسلاً واسترخاء فَعِنْدَ قُوَّة هَذِه الرّيح ودوامها تعرض هَذِه. وَالشمَال يحدث سعالاً وجنوناً وبطوناً يابسة وعسر بَوْل واقشعرار ووجع الأضلاع ووجع الصَّدْر. وَعند دوَام هَذِه الرّيح تحدث هَذِه للمرضى أَكثر وللأصحاء دون ذَلِك إِلَّا من كَانَ مستعداً وَإِنَّمَا يكون ذَلِك من الْجنُوب لرطوبته وحره وَإِنَّمَا يمْلَأ الرَّأْس ويرخي الأعصاب لذَلِك. فَأَما الشمَال فَإِنَّهُ يخشن آلَات النَّفس والبطن لِأَنَّهُ يجفف الْبدن كُله ويضر بالمثانة بِبرْدِهِ فتضعف فَيحدث لذَلِك عسر الْبَوْل.
قَالَ: إِذا كَانَ الصَّيف كالربيع فِي الحميات عرقاً كثيرا لِأَن الْعرق لَا يكون إِلَّا أَن يكون الْهَوَاء حاراً رطبا فَإِن كَانَ يَابسا قلله فَإِذا اجْتمع الْبدن وَلِأَن الْهَوَاء لَيْسَ بيابس لَا ينشفه سَرِيعا أَولا فيكثر الْعرق.
الحميات فِي الْهَوَاء الْحَار الْيَابِس أقل مِنْهَا فِي الْهَوَاء الرطب إِلَّا أَنَّهَا أحد لِأَن الْهَوَاء الْحَار الْيَابِس يحلل الأخلاط فتقل وَمَا يبْقى يمِيل إِلَى المرار وَحَيْثُ الْكَيْفِيَّة. فَأَما فِي حَال الْهَوَاء
(4/410)
الرطب لِأَن الأخلاط لَا تنْحَل فتطول الْأَمْرَاض إِلَّا أَنَّهَا تكون أقل حِدة لِأَنَّهَا تميل إِلَى البلغمية. فَلذَلِك الحميات فِي الصَّيف العديم الْمَطَر أقل لَكِنَّهَا أحد وَأَقل عرقاً وأسرع انْقِضَاء وَفِي الْمَطَر أَكثر وأطول إِلَّا أَنَّهَا أقل حِدة وَأسلم.
3 - (أزمان السّنة والحمى)
إِذا كَانَت أزمان السّنة حافظة لطبائعها حَسَنَة النظام كَانَت أمراضها لَازِمَة للنظام والبحران وبالضد.
الخريف أَكثر الْأَزْمِنَة أمراضاً وأمراضه قاتلة فِي الْأَكْثَر. وَالربيع أصح الْأَوْقَات وَأقله موتا.
قَالَ ج: إِذا كَانَت الْأَزْمِنَة بَاقِيَة على مَا يَخُصهَا فِي طبائعها فالربيع أعدلها بِقِيَاس سَائِر الْأَزْمِنَة لِأَنَّهُ فِي غَايَة الِاعْتِدَال إِذا. فَأَما الخريف فقد اجْتمعت فِيهِ خلال ردية لِأَنَّهُ يكون فِي يَوْم وَاحِد حر وَبرد لِأَنَّهُ يَتْلُو الصَّيف فَيلقى الْأَجْسَام وَقد احترقت وَكثر المرار فِيهَا وضعفت مَعَ ذَلِك بِكَثْرَة التَّحَلُّل وحارت قواها ويوافيها الخريف مَعَ ذَلِك فيحصر بِبرْدِهِ الكيموسات الردية أَن تتحلل كَمَا كَانَت تتحلل فِي الصَّيف وَهَذِه كلهَا أَسبَاب الْأَمْرَاض الردية ويعين على ذَلِك أكل النَّاس الْفَوَاكِه.
قَالَ: الخريف ضار لأَصْحَاب قرحَة الرئة وَأَصْحَاب الدق جَمِيعًا جدا مَتى كَانَ الشتَاء قَلِيل الْمَطَر شمالياً وَالربيع مطيراً جنوبياً حدث فِي الصَّيف ضَرُورَة حميات حارة ورمد وَاخْتِلَاف دم. وَأكْثر مَا يعرض اخْتِلَاف الدَّم للنِّسَاء ولأصحاب الطبائع الرّطبَة.
قَالَ: وَقد يَكْتَفِي فِي الْأَمْرَاض العفن بالرطوبة فَإِن ساعدتها مَعَ ذَلِك الْحَرَارَة أفرطت وأسرعت الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن كَثْرَة الْمَطَر فِي الْأَكْثَر إِلَى حميات طَوِيلَة واستطلاق الْبَطن وعفونات وخاصة إِن ساعدتها حرارة وَبِالْجُمْلَةِ فاحتباس الْمَطَر أصح وَأَقل موتا من كثرته.
وَمَتى كَانَ الشتَاء جنوبياً دفيئاً وَالربيع شمالياً قَلِيل الْمَطَر فَإِن النِّسَاء اللواتي يلدن يتَّفق ولادهن فِي الرّبيع يسقطن من أدنى سَبَب واللواتي يلدن أَطْفَال ضعافاً مسقامين إِمَّا أَن يلدوا سَرِيعا وَإِن بقوا كَانُوا مسقامين عمرهم. وَأما سَائِر النَّاس فَيعرض لَهُم اخْتِلَاف دم ورمد يَابِس ويعرض للكهول نزلات مهلكة.
لى: وَقد تركنَا أَيْضا الْعِلَل الَّتِي أوردهَا جالينوس فِي ذَلِك لأَنا نحتاج أَن نوسع هَهُنَا بإحكام فِيهَا إِذا كُنَّا على أَن نؤلف كتابا فِي الأهوية والبلدان قانونياً على مَا أَشَارَ بِهِ وفننه جالينوس لِأَنَّهُ لم يَقع إِلَيْنَا على هَذَا الْكتاب ولعلنا نؤلفه وَنحن نَفْعل ذَلِك.
قَالَ: فَإِن كَانَ الصَّيف قَلِيل الْمَطَر شمالياً والخريف مطيراً جنوبياً عرض فِي الشتَاء صداع شَدِيد وسعال وبحوحة وزكام وَعرض لبَعض النَّاس السل. وَلم نذْكر أَيْضا مَا ذكر فِي عِلّة هَذَا)
وَسَببه.
(4/411)
قَالَ أبقراط: فَإِن كَانَ الخريف شمالياً يَابسا بعد الصَّيف الْقَلِيل الْمَطَر الشمالي كَانَ مُوَافقا لمن طَبِيعَته رطبَة وللنساء. وَأما سَائِر النَّاس فَيعرض لَهُم رمد وحميات حادة وزكام مزمن وَمِنْهُم من يعرض لَهُم وسواس سوداوي وَإِنَّمَا تعرض فِي الخريف أَكثر أمراض الصَّيف لِأَنَّهُ إِذا جَاءَ الخريف بعد الصَّيف بقيت الصَّفْرَاء الَّتِي تولدت فِي الصَّيف فِي الْبدن لَا تتحلل لَيْسَ كالصيف الجاءي بعقب الرّبيع الَّذِي يحلل لِأَن الخريف أبرد من الصَّيف فَيبقى فِي الخريف أَكثر أمراض الْمرة وَهِي الصيفية وتزيد لِأَنَّهُ يدْفع الأخلاط الَّتِي كَانَت تتحلل فِي الصَّيف بِبرْدِهِ إِلَى بَاطِن الْبدن وَلذَلِك تعرض فِيهِ حميات الصَّيف كلهَا وحميات ربع لِأَن الصَّفْرَاء الَّتِي تحترق فِي الصَّيف تصير سَوْدَاء فِي الخريف وحميات مختلطة لاخْتِلَاف مزاج الْوَقْت ويعظم الطحال من أجل السَّوْدَاء وَالِاسْتِسْقَاء من أجل الطحال وَمن يخَاف عَلَيْهِ السل وَأمره بعد مختل فَإِنَّهُ ينْكَشف أمره فِي الخريف خَاصَّة ليبس ذَلِك الْوَقْت وبرده وَاخْتِلَاف مزاجه وتقطير الْبَوْل لِأَن المثانة تبرد مرّة وتسخن أُخْرَى فينصب إِلَيْهَا من الْبدن أخلاط أحد وأردى وَلَا سِيمَا أَن عرض برد كثير.
وزلق الأمعاء يكون لاندفاع الفضول الحارة إِلَى دَاخل الْبدن وَكَذَا عرق النسا. والذبحة الْعَارِضَة فِي الخريف مرارية والربيعية بلغمية. وَكَذَا إيلاوس يكون من امْتنَاع نُفُوذ الفضول إِلَى أَسْفَل فَذَلِك وَاجِب فِي الْوَقْت الْبَارِد الْيَابِس الْمُخْتَلف المزاج لِأَن الأخلاط فِي الصَّيف رقيقَة سريعة الجرية والخريف يغلظها ويميلها إِلَى بَاطِن الْبدن والصرع يعرض لاخْتِلَاف الْحر وَالْبرد فَلَا شَيْء أعون على حُدُوث نَوَائِب الصرع لمن كَانَ متهيئاً لَهُ من اخْتِلَاف الْهَوَاء فِي الْحر وَالْبرد فِي الخريف مر فِي أَنْصَاف النَّهَار وَبرد فِي أَطْرَافه. وَالْجُنُون يعرض لرداءة الأخلاط المرارية. قَالَ: وَأما الشتَاء فَيعرض فِيهِ ذَات الْجنب وَذَات الرئة والزكام والبحوحة وأوجاع الْجنب وَالظّهْر والسدد والسكات والصرع.
قَالَ ج: افهم هَهُنَا أَن أول الشتَاء يُشْرك آخر الخريف فِي أمراضه أما مرض آلَات النَّفس فَمن أجل الْبرد الَّذِي ينالها وَكَذَلِكَ الزُّكَام والبحوحة من أجل الْبدن لِأَنَّهُ لَا يمكننا أَن نمتنع من اخْتِلَاف الْهَوَاء الْبَارِد فِي النَّفس ويعرض وجع الظّهْر وَنَحْوه من أجل وجع العصب من الْبرد والسكات والتمدد من امتلاء الدِّمَاغ من البلغم. وَإِذا كَانَ فصل مَا خَارِجا عَن طَبِيعَته إِلَّا أَنه مضاد للَّذي تقدم وَهُوَ أَيْضا خَارج عَن طَبِيعَته فَإِنَّهُ لَا يحدث ضَرَرا بل ينفع ويعدل مَا كَسبه)
الْفَصْل الْمُتَقَدّم.
مِثَال ذَلِك: أَنه إِذا كَانَ الشتَاء جنوبياً وَالربيع شمالياً فَإِنَّهُ لَا يحدث أمراضاً بل يعدل مَا رطب الشتَاء وَإِذا كَانَ الشتَاء بَارِدًا يَابسا وَالربيع مفرط الرُّطُوبَة لم تهج أمراض رطبَة مثل مَا لَو كَانَ الشتَاء أَيْضا بَارِدًا لِأَن الْأَبدَان تحْتَاج أَن تعتدل أَولا ثمَّ تخرج عَن الِاعْتِدَال فقس أبدا
(4/412)
حَال زمانين وَثَلَاثَة ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة أَرْبَعَة فَإِنَّهُ مَتى اتّفقت أزمنة أَكثر على طَبِيعَته كَانَ ذَلِك أقوى وأغلب.
السَّادِسَة من الفضول قَالَ: الرّبيع فِيهِ أمراض مزمنة لِأَن الأخلاط تذوب وتتسع فِيهِ وتندفع إِلَى الْأَعْضَاء الضعيفة. وَأما الخريف فتهيج فِيهِ الْعِلَل لرداءة الأخلاط ولسوء التَّدْبِير فِي الصَّيف وَأكل الْفَوَاكِه.
الْمقَالة الأولى من طبيعة الْإِنْسَان: الشتَاء يكون فِيهِ البلغم وَيعلم ذَلِك من أَن النَّاس يستبرؤن ويتقيؤن أَشْيَاء بلغمية وألوان الأورام خَاصَّة فِي هَذَا الْوَقْت إِلَى الْبيَاض والأورام الْحَادِثَة فِيهِ بلغمية.
وَأما الرّبيع فتتقوى فِيهِ القوى وَيكثر فِيهِ الدَّم لِأَن الْبرد يسكن والأمطار تتواتر وَكَثْرَة الدَّم عَن الأمطار وحر النَّهَار.
قَالَ: وَذَلِكَ شَيْء يكون فِي الرّبيع وَالدَّلِيل على كَثْرَة الدَّم فِي الرّبيع أَن النَّاس يعرض لَهُم فِي الرّبيع والصيف اخْتِلَاف الدَّم والرعاف وأبدانهم تكون شَدِيدَة الْحَرَارَة والحمرة وَأما الصَّيف فيسخن فِيهِ الدَّم ويقوى فِيهِ المرار ويمتد ذَلِك إِلَى الخريف فَإِذا كَانَ الخريف قل الدَّم لِأَن طبيعة هَذَا الْوَقْت مضادة للدم بالطبع وَأما المرار فيغلب فِي الْبدن فِي الصَّيف والخريف وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن النَّاس قد يتقيؤن حِينَئِذٍ فِي هَذَا الْوَقْت المرار من أنفسهم والأدوية المسهلة تستفرغه وَأما البلغم فيوجد فِي الصَّيف فِي غَايَة الضعْف.
قَالَ: والسوداء تكْثر فِي الخريف وتقوى فِي الْغَايَة وَفِي الشتَاء لِكَثْرَة الأمطار ولطول اللَّيْل وَقلة حر النَّهَار ولكثرة برد النَّهَار يكثر البلغم.
الثَّانِيَة: إِذا فسد الْهَوَاء فَاجْعَلْ الْمَكَان الْمُحِيط بِهِ مضاداً فِي كيفيته إِمَّا بالأسخان أَو بالتبريد أَو بالترطيب. قَالَ: وَتقدم إِلَى النَّاس إِلَّا يُغيرُوا تدبيرهم إِذا كَانَ لم يحدث ذَلِك عَلَيْهِم لتدبيرهم بل للهواء وتغيره فَانْظُر أَلا تقضف الْأَبدَان وتضعفها جدا لَكِن انقص من الْغذَاء قَلِيلا قَلِيلا وَاجعَل مَا يدْخل الْبدن من الْهَوَاء فِيهِ أقل مَا يكون وَذَلِكَ يكون بترك الْأَشْيَاء الَّتِي تحوج إِلَى الِاسْتِنْشَاق)
وبنقصان الْغذَاء قَلِيلا قَلِيلا.
الثَّانِيَة من طبيعة الْإِنْسَان: اسْتعْمل الْأَطْعِمَة فِي الشتَاء أَكثر من سَائِر أَوْقَات السّنة وَأما الشَّرَاب فَلْيَكُن صرفا قَلِيل المَاء وَقَلِيل الْمِقْدَار فِي نَفسه أَيْضا وَاجعَل الْأدم شواء وقلايا وَأَشْيَاء مجففة لِأَن هَذَا التَّدْبِير يَجْعَل مزاج الْبدن يَابسا فِي الْغَايَة فغذا جَاءَ الرّبيع فزد فِي كمية الشَّرَاب وكمية المزاج بِالْمَاءِ وانقص من الطَّعَام قَلِيلا وَاجعَل أَيْضا مَا هُوَ غذَاء أرطب وانتقل من الشواء إِلَى الطبيخ والبقول إِلَى أَن يَجِيء الصَّيف فَاسْتعْمل حِينَئِذٍ الْأَطْعِمَة الرّطبَة والبقول السليقة وَيكثر الشَّرَاب والمزاج وَتجْعَل الأغذية قَليلَة الْغذَاء وينتقل
(4/413)
ودبر الْأَبدَان الرّطبَة تدبيراً أجف فِي سَائِر أَوْقَات السّنة وَكَذَا فَافْهَم فِي الكيفيات الْأُخَر.
قَالَ بواس: وَيسْتَعْمل الأصحاء فِي السّنة فِي الْأَشْهر الشتوية الْقَيْء لِأَن البلغم حِينَئِذٍ أَكثر مِنْهُ فِي الصَّيف والأمراض الْعَارِضَة فِيهِ تحدث فِي نواحي الرَّأْس والمواضع الَّتِي فَوق الْحجاب فَأَما فِي الصَّيف فأسهل لِأَن الْغَالِب على الْبدن حِينَئِذٍ المرار وَيحدث فِيهِ ثقل فِي الْبَطن والركبتين والمغص فَيجب أَن يبرد الْبدن ويحط مَا يرْتَفع مِنْهُ إِلَى أَسْفَل.
قَالَ ج: إِذا أردْت أَن تستفرغ الْبدن كُله فافعل ذَلِك فِي الصَّيف من فَوق وَفِي الشتَاء من أَسْفَل كَمَا قيل فِي الْفُصُول.
وَإِذا أردْت أَن تمنع الْفضل من الرئة فاستفرغ من ضد الْجِهَة فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تستفرغ المرار فِي الصَّيف بالإسهال ليمنع من طفوه فِي الْمعدة والبلغم فِي الشتَاء من فَوق ليمنع أَن يبْقى فِي الأمعاء مِنْهُ شَيْء.
بونيوس فِي العلاج: الْمَوَاضِع الْقَرِيبَة من حر الْبَحْر أصح من غَيرهَا فِي الْأَكْثَر وَكَذَا الَّتِي فِي الْجبَال والمائلة إِلَى الْجنُوب وَإِلَى الْمغرب فَإِنَّهَا وبئية والمواضع الجبلية الْعَالِيَة أصح من غَيرهَا وَاجعَل أَبْوَاب المساكن وكواها شرقية لِأَن الرِّيَاح الَّتِي تهب من الشرق أصح من غَيرهَا وحرارة الشَّمْس تلطف الْهَوَاء الغليظ الكدر وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تعنى ببسط ضوء الشَّمْس فِي الْمسكن كُله فَإِنَّهُ يلطف هواءها الغليظ وَتَكون مُرْتَفعَة وَلَا يكون الْمسكن مُقَابل الْجنُوب لِأَنَّهَا ريح حارة رطبَة مُخْتَلفَة الطَّبْع تهيج أمراضاً كَثِيرَة وَيَنْبَغِي أَن تعنى فِي الصَّيف بِأَن يكون بِقرب الْمنَازل مَاء عذب نظيف كثير فَإِن البخار الْكثير العذب الرطب المتصاعد مِنْهُ الْكثير يطفىء حرارة الصَّيف ويرطب اليبس ويضاد النارية مضادة كَافِيَة.)
قَالَ: وَلَا يكون قيام هَذَا المَاء فِي مَكَان فِيهِ قذر وَبَوْل بل يكون مَاء نظيفاً كثيرا.
لى: هَذَا مُمكن إِن يكون أَيْضا برك فِي الْبَيْت فَأَما هُوَ فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ النقائع الْكِبَار.
الِانْتِقَال من مَكَان جيد إِلَى مَكَان رَدِيء يمرض سَرِيعا ولانتقال من رَدِيء إِلَى جيد لَا يمرض.
الْمَوْت السَّرِيع: قد يعرض فِي السنين الْكَثِيرَة الرُّطُوبَة حمى وحرارة مزمنة واستطلاق ونزف دم الْحيض والقروح والعفن والصرع والقلاع وَفِي السنين الْيَابِسَة أوجاع الرجلَيْن والمفاصل والسل وعسر النَّفس وأوجاع الأمعاء.
وَأما فِي أول الصَّيف فَأن الصّبيان يصحون وَيصِح الشُّيُوخ فِي القيظ والخريف. والشباب فِي الشتَاء وَقد تكْثر الْأَمْرَاض خَاصَّة فِي نيسان فَأَنَّهُ رُبمَا عرضت أمراض مُخْتَلفَة شَدِيدَة.
قَالَ: وَأما الرِّجَال وَالصبيان فَإِذا غلت دِمَاؤُهُمْ لى: يعْنى رقت وانبسطت كالحال فِي
(4/414)
الرّبيع اعتراهم فِي الْمرة استطلاق والقروح الردية والحمرية والتنفط والسعال وتقشر الْجلد والقوابي والتشنج والجرب والعطش فَهَذِهِ الْأَعْرَاض الْعَارِضَة فِي نيسان.
قَالَ: وَأما القيظ فتعرض فِيهِ حمى غب ومطبقة ويبس الْجلد والرمد وأوجاع الْأذن والقيء وَمَشى الْمرة فَأَما فِي الخريف فتعرض الرّبع والسعال والأطحلة وَالِاسْتِسْقَاء وزلق الأمعاء وعسر الْبَوْل ووجع الْوَرِكَيْنِ والسدد والخوانيق وَذَات الْجنب وَذَات الرئة وإيلاوس والسكتة والصرع فَأَما الشتَاء فَيعرض ذَات الْجنب وَذَات الرئة والسعال ووجع الظّهْر والبهر وعرق النسا وَحمى البلغم والفالج والسكتة.
من كتاب العلامات: الصَّيف تكون الأخلاط فِيهِ ردية مرارية وخاصة فِي آخر الصَّيف وَابْتِدَاء الخريف وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يحسن التَّدْبِير فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ.
الْخَامِسَة عشرَة من النبض: فِي الوباء الْمُفْسد للقلب يلْزم حمى كالدق لَا يحسها أَصْحَابهَا ونبضهم لَيْسَ بِبَعِيد عَن الطبيعي أَو هُوَ كَمَا هُوَ وَلَيْسَ بطبيعي على الْحَقِيقَة لَكِن قد اتّفق فِي الْقلب سوء مزاج مُخْتَلف يجْتَمع فِي جملَته إِن يكون النبض بِتِلْكَ الْحَال وحالهم مَعَ هَذَا ردية ويموتون وهم بِهَذِهِ الْحَال وتنفسهم رُبمَا كَانَ منتنا وَيَمُوت أَكثر من تنفسه منتن لِأَن ذَلِك دَلِيل على عفن فِي الْقلب وَمِنْهُم من يحس بحماه وَلَكِن لَا تثبت فِي جرم الْقلب بل فِي بَطْنه.
لى: أَي يثبت فِي الْهَوَاء الَّذِي هُنَاكَ وَلم يصر جرم الْقلب إِلَى سوء مزاج بعد وَحَال هَذَا كَحال حمى يَوْم عِنْد حمى دق.)
وَقَالَ: الحميات الوبئية تحير الْأَطِبَّاء لِأَن العليل لَا يحس فِيهَا بحرارة وَلَا فِي نبضه وَلَا فِي مَائه مَا يدل على خُرُوج عَن الطبيعة وَإِن وجد شَيْئا من الإعياء وَالْكرب ذهب عَنهُ بالحمام وهم مَعَ ذَلِك يموتون سَرِيعا فَلهَذَا تحير الْأَطِبَّاء فِيهَا إِلَّا أَن الْعَامَّة قد يعلمُونَ بالتجربة أَن ينْظرُوا إِلَى النَّفس فَإِن كَانَ منتنا علمُوا أَن الْحَال ردية ويتفقدون مَعَ ذَلِك لون الرِّيق فَإِن كَانَ لَونه بلون مَا يدل على الْفساد قضوا أَن حَاله هَذِه من وباء وَيَنْبَغِي للطبيب أَن يتفقد فِي أَفْوَاههم فَأَنَّهُ يرى فِي أَفْوَاه بَعضهم شَيْئا كلون الورم الْمَعْرُوف بالحمرة والورم الْمَعْرُوف بالنملة وتراه متشققاً قطعا قطعا فِي أول مرضهم وصدورهم إِذا لمست حارة وأبوالهم كَثِيرَة خاثرة وَقد تكون أَيْضا رقيقَة مائية وَفِي الْأَكْثَر تكون على الْحَال الطبيعة فَإِن رَأَيْت فِي بعض أبوالهم تعلقاً أَو رسوباً ردياً أَو سوداوياً أَو باذنجانياً أَو متشوشاً ملقى بعضه على بعض كالدقيق الَّذِي ينصب على الطابق فَإِن ذَلِك كُله رَدِيء.
قَالَ: فبهذه يَنْبَغِي أَن تعرف وَتعلم هَل فِي بدن الْمَرِيض اخْتِلَاف مَا فَقَط أم ابْتِدَاء مرض بِهِ وتأتى مَعَه حمى دقيقة وَمَعَ هَذِه العلامات فقد يفرق بَين هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ.
لى: يعْنى بَين من بِهِ فَسَاد وبئى وَبَين من بِهِ سوء مزاج يحدث بِهِ حمى دقيقة أَو بِهِ دق خَالِصَة بِلَا وباء.
(4/415)
قَالَ: وَرُبمَا عرض للعليل فِي عقب الاستحمام فِي الْحمام وَذَلِكَ أَن أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة يصيبهم بعد ذهَاب الشَّهْوَة وعطش شَدِيد وشوق إِلَى المَاء الْبَارِد وَتصير أَعينهم حارة ملتهبة وَرُبمَا بقيت هَذِه الْآثَار بعد الْحمام فِي أَعينهم فَإِذا رَأَيْت ذَلِك فَاعْلَم علما يَقِينا أَنه قد أَصَابَهُ وباء.
الأولى من ابيذيميا: الْأَحْوَال الْأَرْبَع الَّتِي وصفهَا أبقراط من أَحْوَال الْهَوَاء هِيَ الَّتِي تعرض أَكثر مِمَّا يعرض سَائِر أَصْنَاف الوباء وفيهَا كِفَايَة لمن أَرَادَ أَن يَجْعَلهَا مِثَالا.
وَقَالَ: يَنْبَغِي مَتى حدث فِي الْهَوَاء حَال مَا إِن تنظر فِي أَمر الْبَلَد والمزاج فَإِنَّهَا تعين إِذا اتّفقت مَعَ الْهَوَاء الْحَادِث وتضاده إِذا خَالَفت الْبلدَانِ الْمُسْتَقْبلَة المستترة عَن الشمَال وَمُدَّة عقبه وبالضد.
قَالَ: وَانْظُر فِي كل حَادث للهواء فِي حَال الْأَبدَان ثمَّ ضاده بالغداء وَالتَّدْبِير والرياضة.
قَالَ: والأبدان الْخَارِجَة عَن الِاعْتِدَال يمرضها الْهَوَاء الشبيه بِهِ اسرح وَأما المصاد لَهَا فَإِنَّهُ كادواء لَهَا وَأما الْأَبدَان المعتدلة فحالات الْهَوَاء الْخَارِجَة عَن الِاعْتِدَال يضر بالأبدان المعتدلة مضرَّة عَظِيمَة كَمَا يضر الْأَبدَان الْمُوَافقَة لَهَا الْغَيْر المعتدلة كَمَا أَنه لَيْسَ الْبَتَّةَ حَال خَارِجَة عَن الِاعْتِدَال)
فَإِنَّهُ يَضرهَا غَايَة الْمضرَّة وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَبدَان من ذَاتهَا مشرفة على الْوُقُوع فِي مرض من جنس سوء المزاج الَّذِي بهَا فَإِذا أعانها على ذَلِك سوء مزاج الْهَوَاء استولى عَلَيْهَا سَرِيعا فَأَما الْأَبدَان الَّتِي مزاجها ضد مزاج الْهَوَاء الْحَادِث فَإِنَّهَا تصير إِلَى حَال أَجود لِأَنَّهَا تمنعها مِمَّا هِيَ مشرفة على الأولى من الثَّانِيَة من ابيذيميا: الصَّيف المطير الجنوبي الدَّائِم يحدث القروح الْمُسَمَّاة حمرَة والصيف الْحَار العديم الرّيح الرّطبَة يحدث حمرَة.
قَالَ أبقراط: أحد مَا تكون من الْأَمْرَاض وأقتلها فِي الخريف وَذَلِكَ أَن مُنْتَهى هيجانها بالْعَشي فِي أَكثر الْأَمر لِأَن مَحل الْعشي من الْيَوْم كالخريف من السّنة وَفِي الخريف تتكون وتهيج الديدان فِي الْبَطن ووجع الْفُؤَاد.
الأولى من الثَّالِثَة: الْهَوَاء الْمُحِيط بالمواضع الَّتِي فِيهَا كرنب كثير وَجوز وسواخط وشمشار يفْسد.
لى: تفقد ذَلِك فِي سَائِر الْأَشْجَار كالأبهل وَنَحْوه.
الثَّالِثَة من الثَّانِيَة: الِاخْتِلَاف الَّذِي فِيهِ أَشْيَاء من جنس وَاحِد يذوب مشبه أَن يكون غير مفارق للحمى الوبئية فَإِن جَمِيع من حم فِي الْبَاء كَانُوا يَخْتَلِفُونَ شَيْئا من
(4/416)
جنس مَا يذوب والامتناع من الطَّعَام أَيْضا كثيرا مَا يعرض لَهُم وَمن لم يَأْكُل هلك وَمن قهر نَفسه وَأكل سلم.
الأولى من السَّادِسَة: حميات الوباء خَارج الْبدن لَيْسَ بِهِ كثير حرارة والعليل يَحْتَرِق احتراقاً حَتَّى كَأَنَّهُ فِي اللهيب وَلَا يقدر أَن يلقِي عَلَيْهِ ثوب رَقِيق وَإِذا لمسته وجدته لَيْسَ بحار.
الْخَامِسَة من السَّادِسَة: الْهَوَاء الْبَارِد يشد الْبَطن لِأَنَّهُ يكثر الْحَرَارَة الغريزية فِي الْبَطن فيجود تَنْفِيذ الْغذَاء ودرور الْبَوْل وَلِأَنَّهُ يشد عضل المقعدة وينفض الثفل إِلَى فَوق ويجعله بطيء الْقبُول لما ينحدر.
السَّادِسَة من السَّابِعَة: إِذا تحركت الشمَال بعد الْجنُوب كثرت النزلات من الرَّأْس وَكَثُرت علل الْحلق والصدر وَسَائِر مَا يحدث عَن نَوَازِل الرَّأْس لِأَن الْجنُوب تملأ الرَّأْس وتسخنه فَإِذا جَاءَت الشمَال بعقبة وصل الْبرد إِلَى مسامه وعصره وتسيل مِنْهُ مواد إِلَى مَا تَحْتَهُ من الْأَعْضَاء.
قَالَ: الْهَوَاء الَّذِي فِي الْبيُوت أَشد غلظاً وَأَشد جمعا وأرخى للبدن وَأكْثر عفونة من الْهَوَاء المكشوف للسماء وخاصة مَا كَانَ مِنْهُ أَعلَى موضعا وَأكْثر هبوباً للرياح.
قَالَ: الْهَوَاء الغليظ لَا ترى الْكَوَاكِب الصغار فِيهِ ويغلظ الْهَوَاء من أَنه لَا يَتَحَرَّك وَمن أَن بخارات)
غَلِيظَة تختلط بِهِ وَلَيْسَ الْهَوَاء الغليظ هُوَ الْهَوَاء الرطب يكون غير متشابه الْأَجْزَاء فَيكون مِنْهُ شَيْء رَقِيق بَاقٍ بِحَالهِ وَشَيْء قد ساخ فِيهِ بخار رطب وَأما الْهَوَاء الغليظ فقد خالط ذَلِك الغلظ كُله باستواء.
قَالَ: أبقراط يَأْمر أَن يتفقد الْهَوَاء دَائِما وَينظر مَا يحدث عَنهُ من الرِّيَاح والسكون والرمد وَالْحر وَالْبرد والرطوبة واليبس.
قَالَ: إكثار أكل الكراث والثوم والأطعمة الحريفة يُورث فِي الصَّيف مغصاً لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل إِلَى المرار وَالْبدن يغلب عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْت المرار. وَأما الشتَاء فَلِأَن البلغم هُوَ الْغَالِب فِيهِ على الْبدن فَإِن هَذِه الْأَطْعِمَة مَعَ أَنَّهَا لَا تحدث مغصاً قد تكون سَببا لنفع عَظِيم ينَال الْبدن مِنْهُ فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَنَّهَا تسخن الأخلاط الغليظة اللزجة الَّتِي تكْثر فِي الشتَاء وتغلب على الْأَبدَان.
قَالَ ج فِي بعض كتبه: يَنْبَغِي للطبيب أَن يتفقد تغير الْهَوَاء وهبوب الرِّيَاح دَائِما.
الأولى من الأهوية والبلدان: يَنْبَغِي أَن تعلم الأَرْض أجرداء هِيَ أم عديمة المَاء أم شعراء أم غائرة حارة شامخة بَارِدَة ثمَّ تنظر بعد هَذَا فِي غذَاء أهل ذَلِك الْبَلَد والأشياء الَّتِي يعمهم تدبيرها والأمراض الَّتِي تعتريهم وَهِي الْمُسَمَّاة البلدية والرياح الْبَارِدَة الَّتِي تهيج عَن بطيحة أَو عَن مَوضِع بِتِلْكَ الْبِلَاد فتهيج مِنْهُ الرِّيَاح والبحار وَالْجِبَال والمعادن مِنْهُ.
قَالَ: وتتفقد من الْبِلَاد هَل أَهلهَا يكثرون الْأكل ويكثرون الشَّرَاب وَكَيف حَالهم فِي الدعة والكبد وعاداتهم وأمورهم أَيْضا قَالَ
(4/417)
ج: الفحص عَن أغذيتهم من أوفق شَيْء يسْتَدلّ بِهِ.
قَالَ: فَإِن الطَّبِيب إِذا تفقد هَذِه الْأَحْوَال من الْبَلَد الَّذِي يدْخلهُ لم يخف عَلَيْهِ مَا يحدث على أَهلهَا من الْأَمْرَاض إِذا كَانَت الْمَدِينَة بارزة للجنوب مستورة عَن الرِّيَاح الْبَارِدَة وَهِي الشمالية كَانَت أمياهها حارة مالحة ورؤوس سكانها رطبَة بلغمية وبطونهم كَثِيرَة الِاخْتِلَاف دائمة.
قَالَ ج: ذَلِك لِأَن الْجنُوب تملأ الرَّأْس ويسيل مِنْهُ إِلَى معدهم فينقص هضمهم وتختلف بطونهم وأبدانهم تضعف لِأَن دوَام الرِّيَاح الجنوبية يُرْخِي ويضعف ويغشى الْبَصَر ويثقل السّمع ويكسل ويرهل وَلَيْسَ شهوتهم للطعام وَلَا هضمهم لَهُ يجيد لِكَثْرَة مَا يسيل من البلغم إِلَى معدهم وَلَا للشراب وَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَيْضا أَن يكثروا من الشَّرَاب لِأَن الْخمار شَدِيد الْأَذَى لَهُم لضعف رؤوسهم لِأَن الْخمار إِلَى الرؤوس الضعيفة أسْرع وَأوحى لِأَن من كَانَ رَأسه ضَعِيفا رطبا لَا يتَمَكَّن من كَثْرَة الشَّرَاب لِأَن ذَلِك يزِيد الدِّمَاغ ضعفا فَلَا يقدر على التملؤ مِنْهُ وأعمارهم)
قَصِيرَة وأخلاقهم سَيِّئَة والقروح الْعَارِضَة لَهُم عسرة بطيئة الْبُرْء رطبَة رهلة ويعرض للنِّسَاء النزف بهَا أَعنِي كَثْرَة الْحيض ويكن مسقامات أبدا وَلَا يحملن إِلَّا بعسر فَإِن حبلن اسقطن فِي الْأَكْثَر وَلَيْسَ ذَلِك من قبل طبيعتهم لَكِن من كَثْرَة أمراضهم واما الرِّجَال فَيعرض لَهُم اخْتِلَاف دم وبواسير ورمد رطب وَهُوَ البُخَارِيّ الدخاني الْقصير الْمدَّة ويعرض لمن جَاوز الْخمسين الفالج كثيرا.
قَالَ ج: أَكثر مَا ينحدر بطُون هَؤُلَاءِ النِّسَاء يمر من الْبَطن إِلَى جَمِيع الْبدن فِي الْعُرُوق فَإِن أَكثر مَا فِي الْعُرُوق يصير إِلَى الْأَرْحَام لِأَن الدَّم ينتقص مِنْهَا فِي كل شهر.
قَالَ: والربو يكثر فِي هَذِه الْمَدِينَة وَفِي صبيانهم خَاصَّة وَكَذَا الصرع والكزاز وَذَلِكَ كُله لِكَثْرَة البلغم فِي الرَّأْس لِأَنَّهُ إِن نزل إِلَى الرئة كَانَ مِنْهُ ربو وَإِن بَقِي كَانَ مِنْهُ صرع ويعرض لرجال هَذِه الْمَدِينَة لين الْبَطن وَاخْتِلَاف الدَّم والحمى الَّتِي فِيهَا برد وحر فِي حَال وَحمى طَوِيلَة شتوية وَحمى ليلية وبواسير وَاخْتِلَاف الدَّم إِذا كَانَ البلغم النَّازِل من الرَّأْس مالحاً.
سكان الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة قبالة الْجنُوب يعرض لَهُم لين الْبَطن وَاخْتِلَاف الدَّم والحمى الَّتِي يعرض فِيهَا حر وَبرد مَعًا وَحمى شتوية طَوِيلَة وَحمى لَيْلَة وبواسير.
قَالَ: الذرب يحدث لَهُم إِذا لم يكن البلغم النَّازِل من رؤوسهم لذاعاً وَيحدث لَهُم اخْتِلَاف دم إِذا كَانَ مالحاً وانتياليس إِنَّمَا يعرض لَهُم لِأَن البلغم الَّذِي قد عفن يحدث مَعَه سخونة وَالَّذِي لم يعفن يحدث مَعَه برودة فَيكون فِي حَال حر وَبرد.
قَالَ ب: وَلَا يعرض لهَؤُلَاء ذَات الْجنب وَلَا ذَات الرئة وَلَا حميات محرقة وَلَا شَيْء من الْأَمْرَاض الحارة للين بطونهم.
(4/418)
قَالَ ج: لِأَن فضول أبدانهم تستفرغ كل يَوْم وَقد يعرض لَهُم رمد غير شَدِيد وَلَا طَوِيل أما الرمد فبسبب رُطُوبَة رؤوسهم وَأما غير شَدِيد وَلَا طَوِيل فبسبب تحلل عيونهم وَسَائِر أبدانهم وتحلل الفضول مِنْهَا سَرِيعا قَالَ: إِلَّا أَن يكون مَعَ هبوب الْجنُوب يتَغَيَّر الْهَوَاء مَعَه إِلَى الْبرد فيحتقن كثيرا من ذَلِك وَيطول ذَلِك الرمد.
قَالَ: وَإِذا أَتَى على هَؤُلَاءِ خَمْسُونَ سنة عرضت لَهُم نَوَازِل كَثِيرَة من الدِّمَاغ فيفشو فيهم الفالج وَمن عرض لَهُ ذَلِك مِنْهُم كَانَ الفالج فِي جَمِيع بدنه وَلَا سِيمَا إِذا أَصَابَت رؤوسهم حرارة بَغْتَة أَو برودة شَدِيدَة. وَالْمَدينَة الْمَوْضُوعَة قبالة الرّيح الْبَارِدَة أَعنِي الشمالية المستورة عَن غَيرهَا)
من الرِّيَاح الحارة تكون رياحها البلدية أبدا هَذِه حَالهَا وعرضها شمَالي كثير وَهَذِه ضد تِلْكَ الْمَدِينَة الأولى لِأَن تِلْكَ جنوبية.
لى: التَّغَيُّر الأول يعرض للبلد من الْعرض فَيكون لذَلِك شمالياً أَو جنوبياً والشمالية بَعْضهَا شمَالي بِالْإِضَافَة إِلَى بعض الْهَوَاء يكون شمالياً أَو جنوبياً أَولا بِالْعرضِ وَالثَّانِي بالاستتار عَن الْجنُوب أَو عَن الشمَال.
قَالَ: 3 (سكان الْمَدِينَة الشمالية) أقوياء وسوقهم دقيقة اضطراراً.
قَالَ ج: أما سكان الْمَدِينَة الجنوبية فَإِن أبدانهم إِلَى الضعْف والتخلخل مَا هِيَ والسكان فِي الشمالية بالضد لأَنهم أصحاء أشداء وسوقهم دقيقة نحيفة وصدورهم عريضة لِأَن بطونهم حارة لتكاثف الْحَرَارَة لبرد ظَاهر أبدانهم فَلذَلِك تتوسع الصَّدْر وينحف مَا بعد عَن الْقلب لى: لِأَن الْحَرَارَة فِي هَؤُلَاءِ لَا تنبسط فِي الْأَطْرَاف لَكِن تتعقد فِي وسط الْبدن وبطونهم السُّفْلى يابسة جاسئة والعالية لينَة لِأَن أهل الْبَلَد الجنوبي أَصْحَاب بلغم فطبائعهم تلين وَهَؤُلَاء بطونهم الْعَالِيَة لينَة لِأَن فِي معدهم صفراء كَثِيرَة.
قَالَ: ورؤوسهم صَحِيحَة صلبة شَدِيدَة اليبس لقلَّة الفضول فِيهَا وَيكون الفتق فيهم كثيرا وَكَذَلِكَ انْشِقَاق الْعُرُوق لِأَن أبدانهم صلبة فَإِذا وَثبُوا وحملوا شَيْئا كثيرا ثقيلاً ينشق مِنْهُم الصفاق وَالْعُرُوق لِأَن صفاقاتها لَيست هوائية لينَة ويصيبهم ذَات الْجنب والأمراض الحادة كثيرا ليبس بطونهم.
قَالَ: ويعرض لَهُم النفخ فِي كل عِلّة وَسبب هَذَا صلابة أبدانهم وتمددها فلتمددها تَنْقَطِع مِنْهُم الْعُرُوق والعضلات ولكثافة سطوح أبدانهم لَا تتحلل وتنفش تِلْكَ الرطوبات فتتنفخ وخاصة إِن كَانَ ذَلِك فِي نواحي صُدُورهمْ وتنقطع عروقهم بِسَبَب برد مَائِهِمْ لِأَن المَاء الْبَارِد يمدد جدا ويكثرون الْأكل وَلَا يكثرون الشَّرَاب.
(4/419)
لى: أَنه لم يُعْط الْعلَّة فكأنهم لم يَأْكُلُون كثيرا.
وَقَالَ: أَنهم يشربون قَلِيلا لِأَن أكلهم كثيرا وقلما يجْتَمع أَن يَأْكُل الْإِنْسَان وَيشْرب كثيرا وَالْعلَّة عِنْدِي فِي كَثْرَة الْأكل برد الْبَلَد وَفِي قلَّة الشّرْب تنشقهم الْهَوَاء الْبَارِد وَقلة الْعرق كالحال فِي)
قَالَ: وَلَا يعرض لَهُم الرمد سَرِيعا فَإِن عرض تصدعت أَعينهم لِأَن الرمد إِنَّمَا يقل فيهم لبرد بِلَادهمْ كَمَا أَنه يكثر فِي أُولَئِكَ لحر بِلَادهمْ وكما أَن أُولَئِكَ أَعنِي أَصْحَاب الْبِلَاد الجنوبية يسلمُونَ مِنْهُ لسخافة أَعينهم ولين بطونهم.
قَالَ: فَكَمَا أَنه لَا يعرض الرمد فِي الشتَاء إِلَّا للقليل من النَّاس فَإِن كَانَ شَدِيدا مؤلماً وَذَلِكَ يكون لضيق مسام صفاق الْعين وكثافتها من شدَّة الْبرد فَلَا تخرج مِنْهَا الفضول حَتَّى أَنَّهَا رُبمَا تصدعت لِكَثْرَة احتقان الرطوبات فِيهَا ولجسأ الطَّبَقَات لشدَّة الْبرد فَأَما الْأَبدَان اللينة فعلى خلاف ذَلِك لِأَن مسامها وَاسِعَة وطبقاتها مواتئة للامتداد.
لى: فَهِيَ بعيدَة من جِهَتَيْنِ أَن الامتلاء لَا يجْتَمع فِيهَا شَدِيدا لسعة المسام وَأَنه إِن اجْتمع فَإِن الطَّبَقَات مواتئة للامتداد. وبالضد فِي الْبلدَانِ والأزمان الْبَارِدَة.
قَالَ: ويعرض للشباب فِي الصَّيف رُعَاف شَدِيد كثير لِأَن الدِّمَاء فِي أبدانهم كَثِيرَة لبرد الْبَلَد فَإِذا جَاءَ الصَّيف تحللت وصعدت نَحْو الرَّأْس وفجرت الْعُرُوق.
قَالَ: وَلَا يعرض لَهُم الصرع فَإِن عرض كَانَ قَوِيا شَدِيدا لِأَن هَؤُلَاءِ أصحاء الرؤوس يابسها والفضول فِيهَا قَليلَة وَيكون الصرع فِيهَا دَلِيلا على عِلّة فِي غَايَة الْقُوَّة حَتَّى أمكنه إِن ظهر أَن يقهر مثل هَذِه الرؤوس.
قَالَ: وأعمارهم أطول. قَالَ ج: لقُوَّة أبدانهم وصحتها وَلَا سِيمَا الرَّأْس والبطن لِأَنَّهُ أَكثر مَا تعرض لَهُم الْأَمْرَاض الحادة والأمراض الحادة تعرض للأبدان القوية والقروح فِي أبدانهم سريعة الْبُرْء غير مؤلمة لِأَنَّهَا لَيست رطبَة وليبس أبدانهم لَا ينصب إِلَيْهَا شَيْء لصلابة أبدانهم وأخلاقهم خبيثة سبعية لأَنهم أَصْحَاب مرّة صفراء وأبدانهم قحلة وبلادهم بَارِدَة.
قَالَ: فَهَذِهِ الْأَمْرَاض تعرض فِي رِجَالهمْ وَهِي أمراضهم البلدية لِأَن أبدانهم لَا تنقى من الفضول وَالنِّسَاء أَيْضا لَا ينقين بالطمث وَالنِّسَاء عواق لِأَن برد هَذِه الْمَدِينَة وتنفسه يمْنَع الطمث من أَن يجْرِي مجْرَاه فَلَا ينقى النِّسَاء على مَا يَنْبَغِي وَلِأَن المَاء الْبَارِد فِي الْأَكْثَر بطيء النضج والبطيء النضج هُوَ الَّذِي لَا يسخن سَرِيعا وَلَا يبرد سَرِيعا فَيفْسد الطمث.
قَالَ: وَمن اشْتَمَلت من هَؤُلَاءِ عسر ولادها ليبس بدنهَا وصلابته وَلَا يعرض لَهُم إِسْقَاط إِلَّا قَلِيلا لِأَن أرحامهن جافة قَليلَة البلغم ولقوة أبدانهن وَرُبمَا أسقطن من شدَّة برد المَاء للذعه الْجَنِين ويقل لبنهن ويغلظ للبرد. وَقد يعرض لَهُنَّ كزاز وَأكْثر مَا يعرض لَهُنَّ
(4/420)
السل بعقب الْولادَة)
لِأَنَّهُ من شدَّة الْأَمر عَلَيْهِنَّ فِيهِ وصلابة أبدانهن وعروقهن وَقلة مواتاتهن للامتداد تَنْقَطِع فِي صدورهن عروق وَرُبمَا انْقَطَعت عروق الْأَرْحَام وَرُبمَا انْقَطع شَيْء من العصب فَيعرض كزاز.
قَالَ: ويعرض لصبيان هَذِه الْمَدِينَة لذكورهم المَاء فِي الْخصي وَيذْهب عَنْهُم إِذا كبروا وَكَذَا يعرض للجواري المَاء فِي بطونهم وَيذْهب إِذا كبرن.
قَالَ: وَالِاسْتِسْقَاء يعرض فِي الْبلدَانِ الرّطبَة كثيرا وَأما هَذَا الْبَلَد فيابس لَكِن الصّبيان مزاجهم فِيهِ رطب ومياههم تجَاوز الِاعْتِدَال فَلذَلِك يصيبهم ذَلِك فَإِذا شبوا قويت حرارتهم وانفشت هَذِه الرطوبات.
لى: لما كَانَ ماؤهم شَدِيد الْبرد لم تنفش مِنْهُم رطوبات.
قَالَ: ويبطئ إِدْرَاك فتيانهم لبرد الْبَلَد وهبوب الرّيح الْبَارِدَة.
قَالَ: وَهَكَذَا حَال الْبلدَانِ الْمَوْضُوعَة على سمت الفرقدين والموضوعة على سمت القطب الجنوبي الَّتِي تهب فِيهَا الرِّيَاح الَّتِي فِي الْغَايَة من الْبرد واليبس وَهِي الشمالية وَالَّتِي فِي الْغَايَة من الْحر والرطوبة وَهِي الجنوبية.
لى: أوضاع المدن الَّتِي اخْتِلَاف مَا بَينهَا كثير جدا من المضاد أَربع: الْمَوْضُوعَة قبالة القطب الجنوبي على سمت القطب أَو مَا يَلِي إِلَى نَاحيَة الْمشرق الشتوي وَإِلَى أول حد الْمشرق الشتوي وَهُوَ حَيْثُ مطلع الجدي وَأما إِلَى نَاحيَة الْمغرب وَإِلَى حَيْثُ يغرب الجدي وَهَذَا الْحَد كُله هُوَ من سمت القطب الجنوبي وَإِلَى مدَار الجدي كُله فَهَذِهِ المدن المكشوفة لهَذِهِ الْجِهَة المستترة عَن سواهَا تهب عَلَيْهَا الرِّيَاح الجنوبية الْخَالِصَة وَغير الْخَالِصَة. فَأَما الْخَالِصَة فَمَا هَب مِنْهَا من سمت القطب نَفسه وَغير الْخَالِصَة فَمَا مَال عَن القطب نَحْو الْمشرق أَو الْمغرب الشتوي وَهَذِه هِيَ المدن الَّتِي ذَكرنَاهَا أَولا وبقدر ميلها عَن مُقَابلَة القطب الجنوبي يكون نقصانها عَن ذَلِك ودخولها فِي المدن الْأُخَر الَّتِي نذْكر.
وَالْمَدينَة الْمَوْضُوعَة سمت القطب الشمالي إِلَى أَوَاخِر المطلع وَالْمغْرب الصيفي وَهُوَ مدَار السرطان وَهَذِه الْمَدِينَة الثَّانِيَة وتطلع عَلَيْهَا ثَلَاث ريَاح: شمالية خَالِصَة وَهِي الَّتِي تطلع من سمت القطب نَفسه والأخريان المائلتان إِمَّا نَحْو الْمشرق وَإِمَّا نَحْو الْمغرب وتختلف هَذِه الْبلدَانِ من ميلها نَحْو الْمشرق وَالْمغْرب وَهُوَ الْبَلَد الثَّانِي. والبلدان الْمَوْضُوعَة قبالة مشرق الشَّمْس هِيَ)
من حد مغرب الْمِيزَان إِلَى حد مغرب الجدي والسرطان.
فَأَصْدقهَا طبعا وأعدلها هَوَاء الْمَوْضُوع على سمت مطلع الْحمل وَمَا مَال مِنْهَا إِلَى نَاحيَة السرطان أَو الجدي فَيدْخل بِقدر ذَلِك فِي طبائع تِلْكَ الْبلدَانِ فالموضوعة سمت مشرق الشَّمْس هُوَ الْمَوْضُوعَة هَذَا الْحَد إِلَّا أَنَّهَا مكشوفة للمشرق مستورة عَن الْمغرب وَهِي
(4/421)
ضد المغربية والبلدان الْمَوْضُوعَة قبالة مغرب الشَّمْس وَهُوَ منحد مطلع الْحمل إِلَى حد مطلع الجدي والسرطان وَأصْدقهَا طبعا وأعدلها فِي هَذَا الْموضع على سمت الْمِيزَان وَإِنَّمَا نقُول هَذَا وَمَا مَال مِنْهَا إِلَى نَاحيَة السرطان والجدي فَيدْخل بِقدر ذَلِك فِي طبائع تِلْكَ الْبلدَانِ فالموضوعة سمت مغرب الشَّمْس هِيَ مَوْضُوعَة على هَذَا الْحَد إِلَّا أَنَّهَا مكشوفة للمغرب مستورة من الْمشرق وَهِي ضد المشرقية والشمالية ضد الجنوبية فَأَما المشرقية فتوافق الشمالية فِي أَشْيَاء والجنوبية فِي أَشْيَاء لِأَنَّهَا بَينهمَا وَكَذَا المغربية وتخصها فِي نَفسهَا أَشْيَاء أُخْرَى والمشرقية هِيَ الْمَدِينَة الثَّالِثَة فَهَذَا أصل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
فَأَما أبقراط فَيَضَع ذَلِك بِحَسب الْفلك الْخَارِج المركز للشمس فالمدينة الأولى المسامتة لخط الاسْتوَاء وَالثَّانيَِة المسامتة لما تسامت اخْتِلَافا فِي الطَّبْع وَذَلِكَ أَن الْبلدَانِ تخْتَلف طبائعها من أجل الْعرض اخْتِلَافا كثيرا جدا حَتَّى تتضاد وَلَا تخْتَلف من أجل الطول الْبَتَّةَ فالأجود أَن تفهم أَولا مَا قلت أَولا بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ مَا قَالَ.
قَالَ أبقراط: كل مَدِينَة مَوْضُوعَة بِإِزَاءِ مشرق الشَّمْس فَإِنَّهَا أصح لِأَن الْحَرَارَة والبرودة فِيهَا أقل.
لى: افهم هَهُنَا على قَوْله لِأَن الْبلدَانِ الَّتِي تَحت خطّ الاسْتوَاء شَدِيدَة الْحَرَارَة فَيجْعَل حد غَايَة الْحر فِيهَا من القطب الجنوبي. وَأما حد غَايَة الْبرد فَإلَى حَيْثُ يكثر عرضهَا فِي الشمَال مَا أمكن وَالَّذِي بَين هَذِه فِي الْوسط إِذا كَانُوا مكشوفين للمشرق وهم أهل الْبَلَد وَالَّذِي نريده الْآن وَلَيْسَ وَاعْلَم أَن الْحر وَالْبرد علته الأولى اخْتِلَاف الْعرض وَأما الْأُخْرَى فالارتفاع والانخفاض أقواها ثمَّ الاستتار والانكشاف وَالْجِبَال المحرقة يشْتَد حماها بالشمس أَو مَوَاضِع ثلوج كَثِيرَة تهب عَلَيْهَا دَائِما ريَاح تَجِيء إِلَى بلد فَإِنَّهَا تبرده أَو ريَاح أضداده هَذِه وَسَائِر ذَلِك مِمَّا سَنذكرُهُ.
قَالَ أبقراط: أمراضهم تكون أقل وأضعف ومياههم نميرة لَطِيفَة صَافِيَة وَذَلِكَ أَن انكشافهم لمشرق الشَّمْس مِمَّا لَا يدع الْهَوَاء أَن يغلظ وَذَلِكَ لسرعة مبادرة الطُّلُوع عَلَيْهِم فَإِن الْهَوَاء إِنَّمَا)
يغلظ فِي الأسحار لفقد الْحَرَارَة: فَإِذا أسْرع طُلُوع الشَّمْس على الْبلدَانِ فرق ذَلِك الْهَوَاء قبل أَن يتلبد ويمازج المَاء وَغَيره وبالضد.
قَالَ: وكل مَدِينَة على سمت الْمغرب تكون رُطُوبَة هوائها بَاقِيَة فِيهَا كثيرا.
قَالَ: وبشرة وُجُوه هَؤُلَاءِ حَسَنَة لينَة وألوانهم نيرة مضيئة إِن لم يعرض دونه عَارض وأصوات رِجَالهمْ صَافِيَة حَدِيدَة وَلَا يصلعون سَرِيعا وَلَا يحتدبون وَهِي أصح المدن مَاء وهواء والعشب والنبات فِي هَذِه أصح من غَيرهَا وَأَهْلهَا أفضل أبداناً وأنفساً.
قَالَ: وَهَذِه الْمَدِينَة فِي خاصتها تشبه فصل الرّبيع فِي اعتداله.
(4/422)
قَالَ: وَكَذَا أَمر كل مَدِينَة مَوْضُوعَة فِي سمت الرِّيَاح الْيَسِيرَة الْحَرَارَة.
قَالَ: وَنسَاء هَذِه الْمَدِينَة يعلقن كثيرا مشقة لاعتدال حالهن.
الرَّابِعَة: كل مَدِينَة مَوْضُوعَة سمت الْمغرب الشتوي فَهِيَ مستترة من الرِّيَاح الشرقية وتهب عَلَيْهَا الرِّيَاح الحارة الْوَارِدَة من نَاحيَة الفرقدين من نَاحيَة الاسْتوَاء.
قَالَ: فَتكون هَذِه الْمَدِينَة كَثِيرَة الْأَمْرَاض لَا محَالة وَهِي شَرّ المدن لاخْتِلَاف هوائها وتشبه الخريف.
لى: تفقد أبدا كل مَدِينَة مستورة عَن أَي الرِّيَاح ومكشوفة بهَا.
قَالَ: مياه هَذِه الْمَدِينَة غير صَافِيَة لِأَن أشجارها تطول جدا فيخالط الْهَوَاء الغليظ المَاء فيكدره ويفسده وَلَا تشرق الشَّمْس فِي هَذِه الْمَدِينَة فِي أول طُلُوعهَا حَتَّى ترْتَفع وَتَعْلُو فيمكث هواؤها زَمَانا طَويلا كدراً وتهب فِيهَا فِي أَيَّام الصَّيف عِنْد الأسحار ريَاح بَارِدَة وتبرد صدر نهارهم فَإِذا كَانَ آخر نهارهم أسخنت الشَّمْس أَهلهَا اسخاناً شَدِيدا لِأَنَّهَا يطول زمَان طُلُوعهَا عَلَيْهِم حَتَّى تغرب وَيكون رِجَالهمْ صفراً ويمرضون ضروب الْأَمْرَاض وَلَا يسلمُونَ مِنْهَا وأصواتهم ثَقيلَة إِلَى البحوحة من أجل غلظ الْهَوَاء ورطوبته وكدرته لِأَن الرُّطُوبَة تبح الصَّوْت ونهارهم مُخْتَلف رَدِيء وخاصة فِي زمَان الخريف بِكَثْرَة اخْتِلَاف تغير الْهَوَاء مَا بَين السحر إِلَى نصف النَّهَار.
الثَّانِيَة من الأهوية والبلدان قَالَ: إِذا غلب على مزاج الْبدن الْحَرَارَة والرطوبة عرض عفن كثير وَلَا سِيمَا إِذا لم تهب ريح تحسن لَكِن يكون الْهَوَاء حِينَئِذٍ جنوبياً سَاكِنا وعلامته الغلظ والكدرة مَعَ الْحَرَارَة.)
إِذا كَانَت الْمِيَاه فِي الخريف يسيرَة وَفِي الشتَاء كَثِيرَة فَلَا يكون الصحو كثيرا وَلَا الْبرد فَوق الْمِقْدَار فِي الشتَاء وَكَانَت فِي الرّبيع الْمِيَاه معتدلة وَفِي الصَّيف أَيْضا كَانَت السّنة صَحِيحَة سليمَة جدا اضطراراً.
قَالَ: إِذا كَانَ الشتَاء يَابسا شمالياً وَالربيع كثير الأمطار جنوبياً عرض فِي الصَّيف الْحمى والرمد وَاخْتِلَاف الْأَعْرَاض اضطراراً لِأَنَّهُ إِذا دخل الْحر بَغْتَة وَالْأَرْض ندية من كَثْرَة أمطار الرّبيع والهواء جنوبي قد امْتَلَأت الرؤوس وَيكون الْبَطن لينًا ويهيج العفن والحميات بِمن كَانَ مرطوباً.
فَأَما النِّسَاء وَمن هُوَ فِي مزاجه رطب فَيعرض اخْتِلَاف الْأَعْرَاض.
قَالَ: الضّر فِي هَذَا الْحَال يَقع على أَصْحَاب الطبائع البلغمية لِأَن أَصْحَابهَا لَا يصبرون على هَذِه الْأَزْمَان الردية الرّطبَة الحارة فَأَما الَّذين مزاجهم يَابِس فَلَا يدْخل عَلَيْهِم من هَذِه الأمزجة ضَرَر لكِنهمْ يَنْتَفِعُونَ بهَا لأَنهم يرطبون ويرجعون إِلَى الْحَرَارَة والرطوبة الطبيعية وَأَصْحَاب الأمزجة الرّطبَة جدا يعرض لَهُم فِي الْأَزْمِنَة الحارة الرّطبَة اخْتِلَاف الْأَعْرَاض أَكثر مِمَّا يعرض لجَمِيع النَّاس.
(4/423)
فَإِن جَاءَ فِي هَذِه السّنة فِي وَقت طُلُوع الْكَوَاكِب مطر وشمال كثير رُجي أَن تنْحَل الْأَمْرَاض وَيكون الخريف صَحِيحا وَإِلَّا فَشَا الْمَوْت فِي الصّبيان وَفِي النِّسَاء ضَرُورَة وَيكون فِي الْمَشَايِخ أقل لِأَن الصّبيان وَالنِّسَاء مزاجهم رطب وَيَنْبَغِي لمن خيف عَلَيْهِ الْمَرَض فِي ذَلِك الْوَقْت أَن يبرد بدنه وَيحسن تَدْبيره.
قَالَ: وَمن ينج من الْمَوْت من النِّسَاء وَالصبيان يَقع فِي حمى الرّبع وَمن الرّبع فِي جمع المَاء الْأَصْفَر لِأَن الحميات تحرق فيهم فَتَصِير سَوْدَاء والحمى الرّبع إِذا تطاولت آلت لي المَاء الْأَصْفَر.
فَإِذا كَانَ الشتَاء جنوبياً مطيراً دفيئاً وَالربيع شمالياً بَارِدًا فالحوامل يسقطن فِي الرّبيع واللواتي يلدن مِنْهُنَّ يلدن أطفالاً ضعافاً. فإمَّا أَن يموتوا وَإِمَّا أَن يعيشوا مسقامين لعلل قد فسرت فِي كتاب الْفُصُول.
قَالَ: وَأما سَائِر النَّاس فَيعرض لَهُم فِي هَذَا التَّغَيُّر اخْتِلَاف الْأَعْرَاض ورمد يَابِس ونوازل من الرَّأْس إِلَى الرئة فَأَما النِّسَاء وَأَصْحَاب الأمزجة الرّطبَة فَيعرض لَهُم اخْتِلَاف الْأَعْرَاض لِأَن البلغم الْمُجْتَمع فِي رؤوسهم قي الشتَاء ينزل إِلَى بطونهم. وَأما أَصْحَاب الصَّفْرَاء فَيعرض لَهُم رمد. وَأما الشُّيُوخ فتعرض لَهُم نَوَازِل فِي عصبهم فَرُبمَا مَاتُوا فَجْأَة وَرُبمَا جف مِنْهُم الْجَانِب الْأَيْمن لِأَن الشتَاء الجنوبي لايصلب الْأَبدَان فَيدْخل الرّبيع بِبرد فيحفظ مَا فِي الرؤوس وَلَا يحلله فَإِذا جَاءَ)
الصَّيف عظم التَّغَيُّر فَلذَلِك يعرض مَا ذكرنَا.
وَمَا كَانَ من الْبلدَانِ تجاه الْمشرق ورياحه سليمَة ومياهه عذبة فَإِن الْمَدِينَة قَلما يَضرهَا تغير الْهَوَاء لجودة هوائها واعتدال سكانها.
كل مَدِينَة لَيست تجاه الْمشرق وَيشْرب أَهلهَا مَاء مالحاً وبطائحها ورياحها غير سليمَة فَإِن تغير الْهَوَاء يعظم ضَرَره فِيهَا لِأَن أبدانهم تسرع إِلَى قبُول الْآفَات.
إِذا كَانَ الصَّيف يَابسا شَدِيد الْحر ذهبت الْأَمْرَاض سَرِيعا فَإِن كَانَ كثير الأمطار طَالَتْ الْأَمْرَاض آلت القروح فِيهِ إِلَى الآكلة كثيرا لِأَن أخلاط الْبدن تكون قد عفنت جدا ويعرض زلق الأمعاء ولين الْبَطن وَالْمَاء الْأَصْفَر وَذَلِكَ يكون لِأَن الْبَطن يكون سهلاً جدا وَلَا يجِف ويدوم فَإِذا كثر الِاخْتِلَاف برد الْبدن كُله واستسقاء وزلق الأمعاء ولين الْبَطن تعرض من دوَام سيلان الرطوبات من الرَّأْس.
إِذا كَانَ الصَّيف كثير الأمطار جنوبياً والخريف كَمثل مَا كَانَ الشتَاء ضَرُورَة سقيماً تعرض للمبلغمين والشيوخ وَأَبْنَاء أَرْبَعِينَ سنة حمى لهبة محرقة ويعرض لأَصْحَاب الصَّفْرَاء ذَات الْجنب ووجع الرئة.
قَالَ ج: هَذَا الْكَلَام مضاد للعيان وَلما يظْهر دَائِما وَلقَوْله فِي كتاب الْفُصُول وَذَلِكَ لِأَن فِي الْأَزْمِنَة الحارة الرّطبَة تعفن الأخلاط فَإِذا كَانَ الصَّيف والخريف حارين رطبين ثمَّ
(4/424)
دخل الشتَاء فَيجب أَن يعرض للنَّاس وجع الرَّأْس وَمرض الدِّمَاغ الْمُسَمّى سقاقلوس وسعال ونوازل وسل وزكام وَهَذَا القَوْل كذب على أبقراط.
قَالَ: إِذا كَانَ الصَّيف يَابسا جنوبياً والخريف كثير الأمطار شمالياً عرض للنَّاس فِي الشتَاء وجع الرَّأْس وسقاقلوس فِي الدِّمَاغ وسعال ونوازل وبحوحة وزكام والسل أَيْضا لبَعْضهِم.
قَالَ: الصَّيف الْيَابِس الجنوبي يكون إِذا لم يكن مطر وَلم تهب مَعَ ذَلِك ريَاح والرؤوس فِي ذَلِك حارة غير رطبَة فَإِذا كَانَ الخريف بعد ذَلِك بَارِدًا رطبا بِقدر انْتفع بِهِ بعض النَّاس لِأَنَّهُ يرد مزاج الدِّمَاغ إِلَى الِاعْتِدَال وَإِن كَانَ مفرطاً فِي الْبرد والرطوبة أضرّ بِبَعْض النَّاس لِأَن الرؤوس تكون سخيفة من الصَّيف الجنوبي فَإِذا أقبل الشتَاء أَصَابَهُم فِيهِ علل بَارِدَة وَمَا ذكر كُله وَأما سقاقلوس فِي الدِّمَاغ فَإِنَّهُ لإفراط العفونات فِي الدِّمَاغ يخرج عَن الِاعْتِدَال خُرُوجًا كثيرا.
وَإِذا كَانَ الصَّيف شمالياً يَابسا صَحَّ أَصْحَاب البلغم وَالنِّسَاء وَعرض لأَصْحَاب الصَّفْرَاء رمد)
يَابِس وحميات حارة مزمنة وَمرَّة سَوْدَاء لِأَن صفراءهم تحترق وَكَذَا دِمَاؤُهُمْ.
الصَّيف أَكثر أمراضاً من الشتَاء والخريف من الرّبيع وَذَلِكَ أَنه يكون يكثر فِيهِ المرار وتضعف الْأَبدَان بِكَثْرَة مَا ينفش مِنْهَا وَيكثر النَّاس أكل الْفَوَاكِه وَشرب المَاء.
قَالَ: ودع الكلى والبط والإسهال والقيء فِي تغاير الْفُصُول القوية.
قَالَ: كل مَدِينَة فَإِنَّهَا تهب عَلَيْهَا الرِّيَاح الْمُقَابلَة لَهَا فَإِن المدن الجبلية تَتَغَيَّر من أجل الْجبَال وَلَو لم يكن بَينهَا إِلَّا غلوة وَاحِدَة لِأَن الْجَبَل رُبمَا يستر بعض النواحي عَن قَرْيَة وينكشف عَن مَدِينَة فتخالف الْقرْيَة الْمَدِينَة.
قَالَ: وَالِاخْتِلَاف الْعَظِيم يكون للعرض كالحال فِي بِلَاد التّرْك والنوبة.
الثَّالِثَة: المدن المعتدلة فِي الْحر وَالْبرد يكثر فِيهَا الْحَيَوَان والنسل ويزكو النَّبَات وَتَكون شَهْوَة الباه فيهم غالبة وتعظم جثث الْحَيَوَان وَتَكون حَسَنَة.
لى: إِذا كَانَت الْبِلَاد مستوية لَيست كَثِيرَة الانخفاض وَلَا الِارْتفَاع كَانَ تغاير الْفُصُول فِيهَا يَسِيرا وبالضد فَإِن الْمَوَاضِع الشامخة يشْتَد فِيهَا الْبرد فِي الشتَاء والغائرة تكون كنينة. فَأَما فِي الصَّيف فالغائرة تكون رمدة والمرتفعة طيبَة لِكَثْرَة هبوب الرِّيَاح.
والبلدان الرّطبَة الْبَارِدَة المزاج تصير أبدان أَهلهَا عَظِيمَة شحمية لَا يتَبَيَّن لَهُم عرق وَلَا مفصل.
الْبلدَانِ الواغلة فِي الشمَال لَا تكَاد تبلغ إِلَيْهَا الرِّيَاح الجنوبية إِلَّا وَقد ضعفت وبالضد. الْبلدَانِ الْبَارِدَة تجْعَل أَهلهَا أَشْجَع اضطراراً والبلدان المعتدلة تجعلهم أهل توان وكسل وَخَوف.
أهل الْبلدَانِ الشامخة الجبلية أحسن وَأقوى من أهل الْبلدَانِ الغائرة لأَنهم يشربون مياهاً طيبَة صَحِيحَة ويتنسمون هَوَاء صافياً نقياً وتهب عَلَيْهِم ريَاح كَثِيرَة وَالشَّجر النَّابِت فِيهَا أقوى وَأَصَح وَسكن الأغوار تهب عَلَيْهِم ريَاح حارة مَا لَا تهب الْبَارِدَة
(4/425)
وَيَشْرَبُونَ مياهاً فاترة وأجسامهم صغَار ضِعَاف فَإِن كَانَت مِيَاههمْ مَعَ ذَلِك قَائِمَة كَانَ أشر وَإِن كَانَت لَهُم أَنهَار جَارِيَة فَهُوَ أَجود. فَأَما أَن يشْربُوا من النقائع والبطائح والسباخ فَإِنَّهُم يكونُونَ صفراً مطحولين عِظَام الْبُطُون. 3 (تغير الْهَوَاء فِي الْبلدَانِ الشاهقة) عِنْد الْفُصُول تكون أظهر وَأقوى وَفِي الْبلدَانِ الغائرة أَضْعَف ومياه الْبلدَانِ الغائرة أردأ.
من سكن أَرضًا مَهْزُولَة نحيفة قَليلَة الْمِيَاه كَانَت طبائعهم وأمزاجهم يابسة وَحَيْثُ أَرض سَمِينَة لينَة كَثِيرَة الْمِيَاه مُرْتَفعَة يكون هواؤها فِي الصَّيف حاراً وَفِي الشتَاء بَارِدًا وَتَكون الْأَزْمِنَة فِيهَا مُوَافقَة صَالِحَة وَيكون أَهلهَا سماناً وضعافاً.
من الْمسَائِل: الرِّيَاح تَتَغَيَّر إِمَّا للجهة كالشمال فَإِنَّهَا بَارِدَة والجنوب حارة وَأما الشرقية والغربية فمعتدلتان وَإِمَّا للمواضع الَّتِي تمر بهَا وَالَّتِي تنشأ مِنْهَا فَإِنَّهَا بِحَسب طبائع تِلْكَ الْأَمْكِنَة تكتسب طبائعها.
المدن تخْتَلف إِمَّا لمقابلتها الْجِهَات كمقابلتها للمشرق أَو الْمغرب أَو الْجنُوب أَو الشمَال أَو بِسَبَب مقابلتها لريح من الرِّيَاح.
الأرضون يخْتَلف فعلهَا فِي الْأَبدَان لثلاث: لكمية الْأَشْجَار وللارتفاع والانخفاض ولكمية الْمِيَاه. فالأرض الْكَثِيرَة الْمِيَاه ترطب وبالضد والكثيرة الْأَشْجَار أسخن وأرطب لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الستْرَة والمكشوفة بالضد والعالية بَارِدَة والمنخفضة حارة.
لى: وتختلف الأَرْض أَولا من أجل الْعرُوض ثمَّ من أجل الرِّيَاح ثمَّ من أجل التربة أَن تكون صخرية أَو طينية أَو معدنية ثمَّ بِسَبَب وضع الْبحار وَالْجِبَال وَنَحْو ذَلِك.
(4/426)
وَالْمَدينَة الْمَوْضُوعَة قبالة القطب الجنوبي المستورة عَن سَائِر الْجِهَات مزاجها حَار لِأَنَّهُ تهب فِيهَا ثَلَاث ريَاح جنوبية: الهابة من المحور الجنوبي وَهِي الْجنُوب الْخَالِصَة وَالْأُخْرَى تهب مائلاً عَن القطب إِلَى نَاحيَة الْمشرق قَلِيلا وَتسَمى النعامى وَالثَّالِثَة المائلة عَن القطب إِلَى الْمغرب قَلِيلا وَتسَمى الهيرة وَكلهَا حارة رطبَة وَلذَلِك صَار مزاج الْمَدِينَة حاراً رطبا.
لى: يَعْنِي أَن هَذِه هِيَ أحر وأرطب من سَائِر المدن المساوية لَهَا فِي الْعرض وَسَائِر الْحَالَات ثمَّ هبوب الرِّيَاح.
الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة تِلْقَاء القطب الشمالي المستترة من سَائِر النواحي مزاجها بَارِد يَابِس ويهب فِيهِ ثَلَاث ريَاح: شمالية الهابة من المحور الشمالي وَهِي الشمالية الْخَالِصَة والمائلة عَن القطب إِلَى نَاحيَة الْمشرق وَهِي القشع والمائلة إِلَى نَاحيَة المغربوهي الجريباء حُدُود الشمَال من الْمشرق الصيفي الْمغرب الصيفي.) 3 (سكان الْمَدِينَة الشمالية) يغلب عَلَيْهِم اليبس وطبائعهم يابسة عسرة الانحلال. حُدُود الْمشرق فِي مَا بَين الْمشرق الصيفي إِلَى الْمشرق الشتوي.
الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة قبالة الْمشرق تهب فِيهَا ثَلَاث ريَاح: الهابة من الْمشرق الصيفي وَتسَمى السفع والهابة من الْمشرق الشتوي وَهِي الأزيب والهابة من الْموضع الْمُتَوَسّط من هَذِه وَهِي الصِّبَا معتدلة وأكثرها اعتدالاً الصِّبَا وَهَذِه الثَّلَاث الرِّيَاح معتدلة وأكثرها اعتدالاً الصِّبَا والهابة من الْمشرق الصيفي لِأَنَّهَا تميل إِلَى الشمَال فَهِيَ مائلة إِلَى الْبرد واليبس عَن الِاعْتِدَال بِقدر ميلها لِأَنَّهَا نَحْو الْمغرب وَهَذِه الْمَدِينَة معتدلة إِلَّا أَنَّهَا أميل إِلَى الْحَرَارَة مائلة قَلِيلا وماؤها جيد وهواؤها لطيف.
الرِّيَاح الَّتِي تهب فِي الْمَدِينَة الَّتِي قبالة الْمغرب ثَلَاث: الهابة من الْمغرب الصيفي وَتسَمى محوة والهابة من الْمغرب الشتوي وَتسَمى حيزبون والهابة الْوُسْطَى وَهِي الدبور وَهَذِه الرِّيَاح معتدلة وأعدلها الدبور وأيبسها محوة وأبردها الحيزبون لِأَنَّهَا مائلة إِلَى الشمَال.
الرِّيَاح المشرقية والمغربية وَإِن كَانَت معتدلة فالمشرقية أميل إِلَى الْحَرَارَة واليبس والمغربية إِلَى الْبرد والرطوبة.
لى: لِأَن هَذَا مشرق صَاف قَلِيل الرُّطُوبَة بِسُرْعَة إشراق الشَّمْس عَلَيْهِ وإذهابها لغلظ هَوَاء الأسحار وبالضد والرياح المشرقية والمغربية وَإِن كَانَت على طول وَاحِد فَإِنَّهَا يلْزمهَا مَا ذكرنَا لِأَن الرّيح المشرقية تَجِيء من هَوَاء قد لطفته الشَّمْس إِلَى هَوَاء لم تلطفه بعد والمغربية بالضد.
إِذا كَانَ الْبَلَد جبال ثلجية هبت ريَاح بَارِدَة فِي الشتَاء مَا دَامَ الثَّلج بَاقِيا فَإِذا ذهب الثَّلج لم تهب فِيهِ ريَاح وَصَارَ رمداً كبلاد طرسوس.
لى: هَذَا لم تكن لَهُ ريَاح أُخْرَى تهب.
الْبلدَانِ المشرفة جدا والغائرة جدا يكون تغاير الْأَزْمِنَة فِيهَا عَظِيمَة قَوِيَّة وَكَذَا فِي الْبلدَانِ الْمُخْتَلفَة الْحَالة الَّتِي بَعْضهَا عَال وَبَعضهَا منخفض وَلها جبال مُخْتَلفَة الْوَضع.
والبلدان الْيَابِسَة أَهلهَا أَكثر فهما وَأكْثر جلدا وبالضد.
اسْتَعِنْ بالمقالة الثَّامِنَة من هَذِه الْمسَائِل.
من الأولى من الأغذية قَالَ: اجْعَل الأغذية بِحَسب مزاج الْبِلَاد والأوقات وَاحْذَرْ فِي الخريف)
الْأَطْعِمَة الَّتِي تولد دَمًا سوداوياً وَالَّتِي تجفف وتستعمل فِي الشتَاء بِثِقَة واتكال وَكَذَا فَاسْتعْمل فِي الصَّيف الْأَطْعِمَة المبردة. وَأما الرّبيع فَاسْتعْمل فِيهِ الأغذية المعتدلة.
الأولى من المزاج قَالَ: شَرّ حالات الْهَوَاء الْحَار الرطب وَبِه يكون الوباء أَكثر كَمَا ذكر أبقراط: أَنه جَاءَ مطر جود ودام فِي الصَّيف كُله.
قَالَ: وَلَيْسَ شَيْء من أَوْقَات السّنة الطبيعية حاراً رطبا وَلَا الرّبيع لِأَن الرّبيع معتدل وَالْوَقْت الْحَار الرطب إِنَّمَا هُوَ الَّذِي تغلب عَلَيْهِ الْحَرَارَة مَعَ الرُّطُوبَة كالحال الَّتِي وصفهَا أبقراط.
(4/427)
قَالَ: جَاءَ مطر جود فِي وَقت حر شَدِيد.
قَالَ: وَمَتى كَانَ تغير الزَّمَان فِي فصل وَاحِد كَانَت بلية الوباء أقل وَمَتى كَانَ فِي أزمنة كَثِيرَة كَانَت البلية فِي الْغَايَة إِلَّا أَن يكون تغيرها إِلَى الضِّدّ.
قَالَ: فَفِي حالات الْهَوَاء الْحَار الرطب تكون العفونات على أعظم مَا تكون وَفِي الْحَالَات الْبَارِدَة الْيَابِسَة لَا تكون عفونته فَلذَلِك الشمَال تبقى الْأَجْسَام سليمَة من العفن والجنوب تعفن سَرِيعا.
قَالَ: وَجَمِيع مَا يقْصد بِهِ النَّاس لِئَلَّا يعفن إِنَّمَا يبردونه ويحفظونه كَمَا يفعل باللحموم بالخل وَالْملح والوضع فِي الْهَوَاء الْبَارِد.
الثَّانِيَة من المزاج قَالَ: الْحَرَارَة الغريزية فِي الشتَاء كَثِيرَة والحرارة الغربية كَثِيرَة فِي الصَّيف وَمن الغربية تكون العفونات وَمن الغريزية الهضم.
الْيَهُودِيّ قَالَ: إِذا كثر الْمَطَر فِي القيظ هاج الجدري والحصبة وَإِذا ظهر نَاحيَة بَنَات نعش مثل الْبَرْق كَانَت السّنة وبئية.
قَالَ: وَقت الوباء دع الْأَطْعِمَة الرّطبَة وافصد وَاحْذَرْ الامتلاء وَالشرب وَكَثْرَة الْجِمَاع وَكَثْرَة النّوم وأسهل بالمطبوخ وكل الْأَطْعِمَة السريعة الهضم اللطيفة وَالْجُلُوس فِي الْحمام وتعاهد السكنجبين والجلاب والطين الأرمني بِالْمَاءِ والخل ومص الرُّمَّان والإجاص وَمر أَن يرش فِي الْبَيْت خل وحلتيت وَاجعَل طَعَامك عدساً وقرعاً وماشاً وَنَحْوه فَإِن هَذَا أَمَان من الطَّاعُون.
قَالَ ج: أَنه لما حدث الوباء لم يتَخَلَّص أحد إِلَّا أَصْحَاب الصَّيْد لإدمانهم الرياضة.
الطَّبَرِيّ: إِذا حدث فِي أيلول نيران فِي السَّمَاء فاجتنب حِينَئِذٍ الْأَطْعِمَة والأشربة الغليظة والرطبة قَالَ الْجِمَاع وإدمان التَّعَب واشرب مسهلاً وَأكْثر دُخُول الْحمام وأطل فِيهِ واشرب الشَّرَاب الريحاني وشم أَنْوَاع الطّيب فَإِن ذَلِك يدْفع الْفساد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالضَّرَر عَن الدِّمَاغ وَالْقلب.)
وَحكى عَن بعض كتب الْهِنْد انه يَنْبَغِي أَن يجْتَنب فِي الصَّيف المالح والخريف وَيتْرك الرياضة ويؤكل الشَّيْء الْخَفِيف الحلو الدسم وَيجْعَل مَسْكَنه بَارِدًا وَيكسر شرابه بِمَاء كثير ويغتسل بِمَاء بَارِد لِأَن الْبدن فِي هَذَا الْفَصْل ضَعِيف ونار الْمعدة قَليلَة.
لى: ينظر فِي الحلو والحامض وَالدَّسم.
وَقَالَ: الأَرْض القاع القليلة النَّبَات وَالْمَاء صَحِيحَة والكثيرة النَّبَات وَالْمَاء والأمطار أَرض موت ووباء وأمراض والمتوسطة بَين ذَلِك متوسطة فِي ذَلِك.
أَبُو هِلَال الْحِمصِي قَالَ: المرضى من الوباء يَنْبَغِي أَن يقلل طعامهم وشرابهم لِأَن ذَلِك الطَّعَام
(4/428)
قَالَ ابْن ماسويه: مِمَّا يصلح الْهَوَاء الرَّدِيء وهواء الْبَيْت الَّذِي يصطلى فِيهِ وَيكسر عَادِية الوباء الدُّخان. وَيذْهب رداءته الْعود الْهِنْدِيّ وَحده والعنبر والمسك والصندل والقسط الحلو والميعة والكندر فَإِن هَذِه تصلح الْهَوَاء الغليظ. وَمِمَّا يذهب رداءة الْوقُود أَن يطْرَح على النَّار الْجَمْر قطع سفرجل طري وَيتْرك حَتَّى يَحْتَرِق.
لى: واطرح على الْجَمْر قشور رمان وآس ورش عَلَيْهِ الْخلّ وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: ولتكن المساكن الصيفية أَبْوَابهَا أبدا قبالة الشمَال والشتوية قبالة الْمشرق والبلدان الْبَارِدَة لتكن أَبْوَابهَا أبدا قبالة الْمشرق وَأما الْبلدَانِ الحارة فقبالة الشمَال.
شَمْعُون: قَالَ: إِذا كَانَ الوباء فاكنس الْبَيْت كل يَوْم وليرتش بخل وحلتيت ويؤكل كل يَوْم خبز بخل وحلتيت.
من اختيارات حنين قَالَ: شرب المَاء الْبَارِد ضَرْبَة الْكثير مِنْهُ يُطْفِئ الْحَرَارَة الْحَادِثَة من الوباء وَإِن شرب قَلِيلا قَلِيلا لم ينفع بل أهاج الْحَرَارَة.
قَالَ روفس: لم أر أحد شرب هَذَا الدَّوَاء إِلَّا وَسلم من الوباء وَهُوَ: أَن يُؤْخَذ من الصَّبْر جزءان وَمن المر جُزْء وَمن الزَّعْفَرَان جُزْء يسحق وَيُؤْخَذ مِنْهُ كل يَوْم قَلِيل بأوقيتين من شراب ريحاني.
السَّادِسَة من مسَائِل ابيذيميا قَالَ: يكون الْهَوَاء المكشوف أفضل إِذا كَانَ سَاكِنا ومداً لَا يَتَحَرَّك فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ الْمَوَاضِع الْعَالِيَة أفضل لِأَنَّهُ على حَال تقع فِيهَا حَرَكَة.
من كتاب ارخيجانس قَالَ اسقلبياذس: إِن أهل النّوبَة يهرمون فِي ثَلَاثِينَ سنة لِأَن أبدانهم تَجف من شدَّة حرارة الشَّمْس وحرارتهم تنفش وَأهل الْبلدَانِ الْبَارِدَة لَا يهرمون فِي مائَة سنة لِأَنَّهُ لَا)
تَجف أبدانهم وحرارتهم لَا تنفش لَكِن تبقى دَاخِلا قَوِيَّة كامنة فِي أبدانهم مكتنزة.
من كتاب روفس فِي التَّدْبِير قَالَ: الموتان يَنْبَغِي أَن يبرد الْبدن فِي المَاء الْبَارِد وتترك الْأَعْمَال والتعب وَكَثْرَة الْأكل وَالشرب.
قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي أَن يكن فِي الْمَدِينَة الضيقة الْأَسْوَاق والمغمة بل ينْتَقل عَنْهَا. من كِتَابه فِي المالنخوليا قَالَ: الرّبيع يثور فِيهِ الدَّم ويتعكر لِأَن مَا فِيهِ من الْأَنْفَال تهيج مَعَه كَمَا تثور مياه الْعُيُون فِي ذَلِك الْوَقْت وَلذَلِك يُبَادر فِيهِ بالفصد لِأَنَّهُ يخرج دَمًا ردياً يثور ويومن بِهِ من هيجان الْعِلَل ويهيج فِيهِ المالنخوليا وَإِن كَانَ الدَّم سوداوياً لِأَنَّهُ يصعد إِلَى الدِّمَاغ والبثور والدماميل والأورام والخراجات والصداع وَالْعُرُوق الَّتِي فِي الصَّدْر وَنَفث الدَّم ويهيج فِيهِ السعال وتسوء فِيهِ حَال أَصْحَاب السل ويموتون فِيهِ كثيرا ويعرض فِيهِ الفالج والسكتة كثيرا ووجع المفاصل والخوانيق تكون فِي هَذَا الْفَصْل قاتلة
(4/429)
سَرِيعا تبادر القروح إِلَى العفن. وَأكْثر مَا تعرض هَذِه الْأَعْرَاض لمن يكْتَسب فِي شتوته دَمًا ردياً كثير الفضول فَيظْهر فعل تِلْكَ الفضول فِي الرّبيع حَتَّى يسخن الدَّم وينتشر.
لى: وَقد يعرض مثل هَذِه الْأَعْرَاض فِي الرّبيع لمن يشْتَد حزنه أَو يحتد مزاجه لعَارض من عوارض النَّفس لِأَن دَمه يهتاج ويزداد تثوراً ورداءة.
قَالَ: الخريف مُفسد للهضم.
قَالَ: وَالربيع فصل صَحِيح وَلَكِن هَذِه الْأَشْيَاء إِنَّمَا تعرض فِيهِ لسخونة الدَّم لمن دَمه رَدِيء.
من مسَائِل ابْن ماسويه قَالَ: السّنة الَّتِي تكون فِيهَا الضفادع أَكثر تكْثر فِيهِ الْأَمْرَاض لِأَنَّهَا تكون سنة رطبَة وَإِذا كَانَ الصَّيف والخريف كثيري الجنائب والأمطار كَانَ الشتَاء ممرضاً لَا يقتل والأبدان فِيهَا فضل كثير وَإِذا كَانَ الشتَاء جنوبياً وَالربيع شمالياً حدثت فِيهِ أمراض وَإِذا كَانَ الشتَاء شمالياً وَالربيع جنوبياً كَانَ فِي الصَّيف حميات ورمد. إِذا كَانَ الصَّيف يَابسا جدا والخريف مطيراً حدث فِي الشتَاء صداع وبحة وسعال.
من آخر الْمقَالة الأولى من طبيعة الْإِنْسَان جملَة مَا قَالَه فِي عِلّة تولد الأخلاط فِي الْأَزْمِنَة قَالَ: الشتَاء لطول اللَّيْل وَقصر النَّهَار وَضعف سُلْطَان الشَّمْس تضعف فِي الْمرة.
قَالَ: وَإِن كَانَ الهضم فِي الشتَاء جيدا فخارج الْأَبدَان يبرد وخاصة إِذا لم يكن متدثراً وَكَانَت نواحي الْبَطن مكشوفة. فَأَما الرّبيع فيكثر فِيهِ الدَّم لِأَن الرُّطُوبَة غريزة يسخن بِالزَّمَانِ وَالدَّم)
يكثر مَعَ كَثْرَة الْمَطَر وحر النَّهَار. وَأما الصَّيف فلطول النَّهَار يكثر الْحر ويشتد وَيكثر المرار وَأما الخريف فيوافق برده احتراق الصَّيف فَيصير مَا احترقت بَارِدَة وَقد كَانَت يابسة وَلذَلِك يقل الدَّم فِيهِ ويضعف.
3 - (جَوَامِع الحميات الْمفصل)
قَالَ: يعسر فعل الوباء فِي الْأَبدَان الَّتِي لَا فضول فِيهَا وَفِي المستعملة الرياضة ويسرع فِي الْأَبدَان الرّطبَة والممتلئة والرديئة الأخلاط.
قَالَ: الْبدن الْحَار الرطب يؤاتي الوباء جدا فَيَنْبَغِي أَن تخففها جهدك وَالْبدن الْبَارِد الْيَابِس يمانع الوباء فاحفظه فِي تِلْكَ الْحَال على مزاجه وَأما الممتلئ فافصده والرديء الأخلاط أسهله وألزمه غذَاء يُولد ضد تِلْكَ الأخلاط ليتخلص من الوباء.
لى: حر الْبَلَد وبرده مَعْرُوف حسا ورطوبته ويبسه يعرف من قرب نبع المَاء وَبعده وَمن طبيعة الأَرْض أحجرية هِيَ أم طينية وَمن كَثْرَة الْأَنْهَار والبحيرات والنقائع الجنائب والأمطار وَالْبرد يعين الرُّطُوبَة وَالْحر يعين اليبس وَأما وَمد الْمَدِينَة وصحتها فتعرفان من ارتفاعها وانخفاضها وَمن انكشافها واستتارها وَمن كَثْرَة هبوب الرّيح وقلته وَأما جودة أبحرها وأرضها وردائتهما فَيعرف من طبائع الأَرْض أمعدنية هِيَ أم لَا وَمن النقائع الْكَثِيرَة أَيْضا هَذَا كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا أردْت أَن تعرف حَال الْمَدِينَة من الْجبَال فتحر فِي الْمَدِينَة أَعلَى
(4/430)
مَكَان ثمَّ اصعده وتفقد مَا الجوانب الَّتِي تستتر عَنْهَا وَمِقْدَار مَا تظن أَنه يَمْتَد ظلّ تِلْكَ الْجبَال.
بولس وأريباسيوس قَالَا: الْأَمْرَاض الْمُشْتَركَة تكون إِمَّا لهواء رَدِيء مُشْتَرك أَو لأغذية ردية أَو لخصب كثير يتوسع فِيهِ الْأكل أَو لجرب أَو لسفر وتعب يعم جمعا من النَّاس أَو مَا يشربونه فَإِن التَّعَب المفرط إِذا أستريح مِنْهُ يمرض.
لى: رَأَيْت نَاسا سافروا سفرا متعباً فِي صيف فحين رجعُوا مرضوا كلهم أمراضاً حارة إِلَّا من كَانَ مِنْهُم مبلغماً مرطوباً.
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ يَنْبَغِي أَن تضَاد الْحَال الْحَادِثَة فِي الْهَوَاء فَمَا كَانَ من الْأَبدَان مزاجه يضاد ذَلِك الْحَادِث فَإِنَّهَا لَا تحْتَاج إِلَى ذَلِك فَإِذا اشْتَدَّ حر الْهَوَاء فبرد الْأَبدَان وخاصة الحارة بالمسكن والغذاء وَترك التَّعَب وبالنوم وَإِذا يبس فرطبها بِالْمَاءِ وَالشرَاب وَكَذَا فِي الكيفيات الْأُخْرَى قَالَ: يعرض مَعَ الطَّاعُون الوبائي اخْتِلَاط الْعقل وَبرد الْأَطْرَاف وَاخْتِلَاف المرار ونزفه ووجع الْبَطن)
وتمدده وبراز مري وَنفخ وأبوال مائية رقيقَة ومرارية وسدد ورعاف وحرارة فِي الصَّدْر وكرب وَسَوَاد اللِّسَان وعطش وَسُقُوط الشَّهْوَة وَأَشْيَاء أُخْرَى رَدِيئَة فَيَنْبَغِي إِذا تغير مزاج الْوَقْت أَن يُقَاوم وتضاد فَالْزَمْ الْأَبدَان المفرطة الرُّطُوبَة فِي حَال الْهَوَاء الرطب الْقَيْء والفصد الرياضة وإدرار الْبَوْل والإسهال وَإِذا كَانَ بالبطن الْأَعْلَى كرب وحرارة شَدِيدَة فِي الصَّدْر فضمده بالمبردات وَشرب المَاء الْبَارِد مِقْدَارًا كثيرا ضَرْبَة لتسكن الْحَرَارَة وَلَا يشرب مِنْهُ قَلِيلا قَلِيلا لِأَنَّهُ يهيج الْحَرَارَة أَكثر وَإِن بردت الْأَعْضَاء فَاسْتعْمل الدثار والدلك عَلَيْهَا لينجر الدَّم إِلَيْهَا.
قَالَ: وَيُؤْخَذ من الصَّبْر جزءان وَمر جُزْء وزعفران جُزْء ويسحق وَيُعْطى كل يَوْم مَعَ شراب ريحاني.
فَزعم روفس: أَنه لم ير أحدا شرب هَذَا الدَّوَاء فَمَاتَ فِي الوباء وَأما جالينوس فَذكر أَن شرب الطين الأرمني وَشرب ترياق الأفاعي ينفع من العفونات الوبئية نفعا عَظِيما وَإِن لم ينْتَفع بِهِ هلك.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة من ابيذيميا قَالَ: فِي حَال الْهَوَاء الوبائي احذر الْإِكْثَار من الطَّعَام وَلَا تحْتَمل الْعَطش وَلَا تتعب.
من فُصُول ابيذيميا بِحَسب مَا يكون عَلَيْهِ حَال الْهَوَاء الْمُحِيط بِنَا يكون تغير الأخلاط والأرواح الَّتِي فِينَا فَمَتَى كَانَ الْهَوَاء نيراً صافياً كَانَت صَافِيَة وَمَتى كَانَ كدراً ضبابياً كَانَت كَذَلِك.
لى: قد تفقدت ذَلِك فَوجدت الخريف الْيَابِس يُولد جدرياً وحميات حارة إِذا كَانَ مزاج الْهَوَاء الْمُحِيط بِنَا رطبا منع الْأَبدَان أَن تتحلل من مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الْبَلَد الْقَرِيب من الْبَحْر يعتدل مزاجه أَكثر مِمَّا يبعد مِنْهُ لِأَن الْقَرِيبَة من البحران كَانَت شمالية
(4/431)
بَارِدَة كَانَ مَا يَلِي الْبَحْر مِنْهَا أعدل لِأَنَّهُ يكون منخفضاً متطامناً فَيصير لذَلِك أسخن. فَإِن كَانَ من الْبلدَانِ الحارة مثل مصر والنوبة فَإِن الَّذِي يَلِي من الْبَحْر يكون أبرد لِأَنَّهُ فِي الصَّيف تبرده الرِّيَاح الشمالية الَّتِي تهب إِلَيْهِ من الْبَحْر فَيكون لذَلِك أبرد فَقرب الْبَحْر من الْبَلَد يَجعله أعدل من تِلْكَ مُسَاوِيا لَهُ فِي سَائِر الْأَحْوَال خلا الْقرب من الْبَحْر. وَمن مزاجه حَار رطب فَقل مَا تضره الْجنُوب.
لى: يتَبَيَّن من الْفَصْل الَّذِي أَوله الأجواف فِي الشتَاء وَالربيع أسخن مَا تكون إِن اسْتِدَامَة الصِّحَّة فِي فصل الخريف يكون بترطيب الْبدن مَا أمكن وَأَن أمراضه خريفية لَا امتلائية وَذَلِكَ أَن جالينوس قَالَ هُنَاكَ: أَن الدَّم فِي الخريف فِي الْبدن أقل مَا يكون. وَأما أمراض الرّبيع فبالضد)
أَكْثَرهَا امتلائية لِأَن الدَّم فِي الشتَاء أَكثر مَا يكون فِي الْبدن لكنه متداخل فَإِذا سخن فِي الرّبيع ثار وهاجت لذَلِك أمراض. ج: الطين اللاني جيد للوباء يسقى بشراب رَقِيق ممزوج إِذا لم تكن حمى فَلَا يشربه أحد إِلَّا تخلص.
بولس عَن روفس قَالَ: إِذا تَغَيَّرت أزمنة السّنة وحدست أَن يكون وباء فتفقد حَال الْأَبدَان فِي مزاجها وَفِي تدبيرها وانح نَحْو مضادة الْهَوَاء الَّذِي تغير فَإِن رطب الْهَوَاء فِي الْوَقْت الَّذِي يكون فِيهِ يَابسا يجفف الْأَبدَان بإسهال الْبَطن وإدرار الْبَوْل والفصد والقيء وَإِذا كَانَ فِي الوباء تَجِد للإعياء لهباً وكرباً وحرارة يسيرَة فِي الصَّدْر فَاجْعَلْ على الصَّدْر أَشْيَاء تبرده وَيشْرب دفْعَة مَاء بَارِد كثيرا ليطفئ بذلك الالتهاب وَلَا يتجرعه قَلِيلا قَلِيلا فَإِنَّهُ يهيج الْحَرَارَة وَإِن بردت الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن فادلك الْبدن ودثره ليجذب الْحَرَارَة إِلَى خَارج. ج قَالَ: وَهَذَا الدَّوَاء ينفع من الوباء مَا شِئْت صَبر مر زعفران جُزْء جُزْء يسحق وَيُعْطِي كل لوم أُوقِيَّة مَعَ اوقية شراب ريحاني. قَالَ روفس: لم يمت أحد شربه. وَأما جالينوس فَذكر هَذَا الذّكر بِعَيْنِه فِي الطين الأرمني. وَشرب الترياق الْكَبِير عَظِيم النَّفْع من عفونات الوباء جدا.
لى: يَنْبَغِي أَن تعلم هَذِه الْأَدْوِيَة وَلَا يَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل فِي كل حَال يحدث.
الأولى من جَوَامِع الحميات: الْأَبدَان صنفان مِنْهَا مَا يَسْتَحِيل عِنْد الوباء سَرِيعا وَهِي المملوءة أخلاطاً ردية والعادمة للتحلل الْكَثِيرَة الرَّاحَة والبطالة المسرفة فِي الْجِمَاع وَالْحمام وَمِنْهَا مَا يعسر تغيره واستحالته وَهِي النقية من الفضول المستعملة للرياضة الَّتِي تنْحَل فضولها ومجاريها مفتحة. فالهواء يمرض الْبدن: إِمَّا أَن يبرده أَو يسخنه أَو يرطبه أَو
(4/432)
يجففه أَو يعفنه فأسرع الْأَبدَان إِجَابَة للهواء الحارة الرّطبَة وأعسرها إِجَابَة الْبَارِدَة الْيَابِسَة ولتحفظ حِينَئِذٍ هَذِه بِحَالِهَا فتجفف الأولى مَا أمكن وَأما الْأَبدَان الممتلئة فالتستفرغ بالفصد والرديئة الأخلاط بالإسهال والمسددة بتفتيح السدد.
مسَائِل السَّادِسَة من ابيذيميا قَالَ فِي حَال الموتان الَّتِي تسْقط فِيهَا الشَّهْوَة جدا جدا يبقون يَأْكُلُون وَمن تشجع وَحمل نَفسه مِنْهُم واجتهد فِي ذَلِك تخلص وَنَجَا وَمن فشل وَلم يجْتَهد نَفسه على أكل هلك.
مسَائِل السَّابِعَة من السَّادِسَة: إِذا قل الْمَطَر احتد الدَّم جدا حَتَّى أَنه يفتح الْعُرُوق ويجلو الرمد)
الْيَابِس.
لى: كَانَ عندنَا فِي سنة خريف وَكَانَ شَدِيد الْحر يابسه ودام على ذَلِك فَمَا يبْقى صبى إِلَّا جدر الرِّجَال. وَيَنْبَغِي أَن تعلم أَن الزِّيَادَة فِي طبيعة الْفَصْل الممرضة وباء وبالضد والممرضة الصَّيف والخريف وَمَتى زَاد برد الخريف وَكَانَ مطره أسْرع فَهُوَ أقل ضَرَرا لتسكينه حِدة المرار وبالضد وَمَتى امْتَدَّ طيب الرّبيع وبرده ورطوبته أَيَّامًا كَثِيرَة كَانَ أقل الْأَمْرَاض الصيفية أَعنِي الحميات والحدة وَمَتى امْتَدَّ الشتَاء كَانَ أَجود وَأما الصَّيف والخريف فَمَتَى امْتَدَّ اعني رادت طبيعتها هَاجَتْ الْأَمْرَاض.
الثَّالِثَة من الأخلاط قَالَ: يتَوَلَّد فِي الْبدن من رَوَائِح الحمئة حَال عفونة وَمن هَوَاء الآجام فَرُبمَا تولدت عفونة ويتولد مِنْهَا دَائِما ضَرُورَة غلظ الرّوح وَيتبع ذَلِك غلظ الأخلاط.
الحميات تحدث فِي حَال الْهَوَاء الْبَارِد أقل مِنْهَا فِي سَائِر الْأَحْوَال فَأكْثر مَا تحدث فِي حَال الْهَوَاء الْحَار الْيَابِس ثمَّ فِي الْحَار الرطب وَيكون مَا يحدث فِي حَال الْهَوَاء رطبَة لينَة هادئة كَثِيرَة الْعرق والعارض فِي حَال الْهَوَاء الْبَارِد: الفالج والسكتة والسعال وأوجاع المفاصل والمثانة وَلَا يعرض فِيهِ حمى إِلَّا أقل من ذَلِك.
بولس: إِذا سخن الْهَوَاء ويبس فَاتخذ مسَاكِن يجْرِي فِيهَا المَاء واترك الْحَرَكَة وأطل الرَّاحَة وَأَقل الطَّعَام وَأكْثر الشّرْب من المَاء الْبَارِد وَإِذا برد فَأوقد نيراناً قرب المساكن كَمَا فعل أهرن.
الْخَامِسَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: أبدان من مرض من وباء تكون كَأَنَّهَا قد يَبِسَتْ.
لى: حُدُوث الوباء فِي الخريف على الْأَكْثَر يدل على أَنه إِنَّمَا يحدث من يبس وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِنَّمَا يحدث فِي الْأَكْثَر إِذا كَانَ الخريف حاراً أَو تَأَخّر الْمَطَر فَلهَذَا أرى ترطيب الْأَبدَان فِي الخريف لِأَنَّهُ بذلك تنكسر حِدة المرار.
شرك الْهِنْدِيّ قَالَ: الْبرد يُقَوي الْبدن ويشد ويصحح الذِّهْن ويطيب النَّفس.
الْبيُوت المصهرجة الطرية وريح الدهم وَنَحْوهَا مِمَّا يقتل.
(4/433)
الْكِنْدِيّ فِي الأبخرة الْمصلحَة للهواء: كَمَا أَن ثبات الْأَبدَان بِحَالِهَا غير متعفنة يكون بالأدوية الفاعلة لذَلِك كالترياق والمثروديطوس وَنَحْوهَا من المقوية لآلات الْحَيَاة ويبادر النَّاس فِي الوباء إِلَى أَخذهَا فتصلح أبدانهم كَذَلِك يصلح الْهَوَاء بالأبخرة المضادة للعفن الَّذِي فِيهِ العطرية الدهنية لِأَن العفن للمائية والحرارة الضعيفة فالحرارة القوية والقابضة مَانِعَة من العفن مِنْهَا: عنبر لبان ميعة)
سندروس كندر مصطلى علك القرنفل البطم لاذن عسل راتينج عود صندل أصفر قسط سك زعفران آبنوس عرعر سَاج تنكار طرفاء غَار أشنة اذخر سعدى أبهل وزنجبيل راسن شابابك بنك. فبعض هَذِه مسخنة للجو وَبَعضهَا يُولد فِيهِ قبضا وَبَعضهَا برودة وَكلهَا تمنع العفن وَالَّذِي ينفع الْهَوَاء الْحَار الْيَابِس الأبخرة الدهينة كاللبان والميعة والسندروس والكندر والمر والمصطلى وَالصَّبْر وعلك القرنفل والراتينج فَهَذِهِ كلهَا يصلح هَوَاء القشف الْحَار والطيوب تصلح العفن المنتن والقابضة تصلح الشَّديد الرُّطُوبَة كالطرفاء والسعدى والحارة اللطيفة تصلح الغليظ كالزنجبيل وَيَنْبَغِي أَن تتحرى فِي طُلُوع الشَّمْس وانتصاف النَّهَار وغروبها وَنصف اللَّيْل لِأَن فِي هَذِه الْأَوْقَات يسيل الْهَوَاء وَقد يضاد الْهَوَاء المفرط الرُّطُوبَة بالنيران الْكَثِيرَة واليابس بالمياه وكل كَيْفيَّة بضدها. وَزَعَمت الْهِنْد أَن الكور يمْنَع من العفن فِي الْهَوَاء وَإِن شرب منع من العفن دخنة جَيِّدَة يبخر بهَا مرَّتَيْنِ بهَا مرَّتَيْنِ فِي الْيَوْم تصلح الْهَوَاء: كافور صَاف وحرف أَبيض وصمغ الخضراء وأصطرك وأظفار وأسارون ولبان وعود هندي وزعفران بِالسَّوِيَّةِ يتَّخذ بَنَادِق ويبخر بهَا. وَيُزَاد حرد بودار.
التَّذْكِرَة: إِذا قل الْعرق فِي إبانه فاستفرغه.
ارخيجانس: أهل النّوبَة يهرمون فِي ثَلَاثِينَ سنة وَأَرْبَعين سنة لِأَن أبدانهم يابسة من شدَّة حر الشَّمْس ببلدهم. وَأهل جرمانيا تَأتي عَلَيْهِم مائَة سنة لِأَن حرارتهم كامنة فِي أبدانهم لبرد بلدهم وكثافة أبدانهم.
اراساليون وبولس عَن ج: لبس الثَّوْب الَّذِي يحمى يكرب فِي الصَّيف وَالَّذِي لَا يدفأ فِي الشتَاء يضر الْبدن لِأَنَّهُ يعاون الْحر وَالْبرد.
جورجس إِذا هبت الصِّبَا فِي كانون أَيَّامًا كَثِيرَة وتكدر الْهَوَاء وَكلما ظَنَنْت أَنه يكون مطر يَتَنَاثَر من السَّمَاء كالغبار فقد فسد مزاج الْهَوَاء فِي الشتَاء وَإِن كَانَ الرّبيع قَلِيل الْمَطَر شَدِيد الْبرد وهبت جنوب أَيَّامًا ثمَّ صفا بعد ذَلِك الْهَوَاء نَحْو عشرَة أَيَّام وَكَانَ بِاللَّيْلِ برد شَدِيد وبالنهار حر وَفِي الْهَوَاء غمَّة وحرارة فقد بَدَت العفونات والجدري وَإِذا كثر فِي الصَّيف الْمَطَر وكدر الجو واغبرت الْأَشْجَار وَلَا يكون حاراً كَمَا يَنْبَغِي وَترى فِي نصف الخريف نيران فِي السَّمَاء من الْمغرب فَإِنَّهَا عَلَامَات وباء عَظِيم فَإِذا تغير الْهَوَاء فِي الْيَوْم مَرَّات إِلَى الْحر
(4/434)
وَالْبرد وطلعت الشَّمْس صَافِيَة يَوْمًا بشمال وَبرد وكدرة وَيَوْما بجنوب وحر فَإِنَّهَا عَلَامَات الوباء فَيَنْبَغِي أَن)
يجْتَنب الامتلاء وَالشرَاب الْكثير والتعب الْكثير والباه وافصد وأسهل المرطوب ويتعرق فِي الْحمام ويشتم الشَّرَاب الريحاني وَيُعْطى من يحم جلاب وكشك الشّعير وَيشْرب الطين الأرمني.
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
(الْجُزْء السَّادِس عشر)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(4/435)
(فارغة)
(4/436)
(فِي حميات الدق والذبول والنافض والحميات الَّتِي لَا تسخن غَيرهَا)
(4/437)
(فارغة)
(4/438)
(فِي حميات الدق والذبول) (والحميات الَّتِي تذيب الْبدن وَجَمِيع أَصْنَاف الذبول) (حميات الدق) لي أَن هَذِه الحميات لَا تبتدئ ابْتِدَاء لِأَنَّهُ لَا تسخن الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة ابْتِدَاء بل لَا بُد من أَن يتقدمها حميات إِمَّا يومية إِذا كَانَ الْبدن مستعداً لَان يسخن مِنْهَا سخونة تكتسب أعضاؤه الْأَصْلِيَّة مِنْهَا سوء مزاج وَهَذِه الْأَبدَان هِيَ المرارية أَو من حميات عفن أَو من حميات الورم فِي بعض الأحشاء فَإِن هَذِه يُمكن أَن تكتسب مِنْهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة حمى دق أَو من تَدْبِير لطيف جدا كَمَا يعرض لمن نصب وتعب بالسهر فِي الْعُلُوم وَكَانَ بدنه مستعداً لذَلِك وَلِصَاحِب السهر وَقلة الْغذَاء وَأخذ الْأَدْوِيَة الحارة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ مُمكن أَن تكتسب الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة من هَذِه الْأَسْبَاب سوء مزاج فَإِن لم تكن حمى حَتَّى تكون إِذا ابتدأت بِهِ الْحمى كَانَت قريبَة من الدق وانتقلت إِلَيْهِ سَرِيعا.
3 - (الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات)
3 - (حمى دق تكون من سخونة جرم الْقلب) لي اكْتُبْ جرم الْقلب سوء مزاج حَار وَذَلِكَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ينتشر مِنْهُ الْحَرَارَة فِي الْبدن.
قَالَ ج: الدق لَا تبتدئ ابْتِدَاء بل يتقدمها حميات غَيرهَا. النبض الصلب بحمى دق أَكثر مِنْهُ فِي غَيرهَا من الحميات.
قَالَ: وتتولد حمى دق على وَجْهَيْن: فِي الْأَكْثَر يكون بعقب حميات عفنة محرقة طَال لبثها حَتَّى أفنت على طول الْمدَّة رُطُوبَة جرم الْقلب أَو بعقب سهر أَو غم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يجفف تجفيفاً قَوِيا. وَالْأولَى من هَاتين لَيست من حميات الدق فَقَط لَكِنَّهَا مَعَ ذَلِك من جنس الذبول. فَأَما الثَّانِيَة الَّتِي يبْقى مَعهَا من رُطُوبَة جرم الْقلب بَقِيَّة صَالِحَة قَالَ: وَهَذِه الَّتِي تبتدئ ابْتِدَاء من غير أَن تتقدمها حمى أُخْرَى وَيكون ابْتِدَاء حدوثها ابْتِدَاء حمى يَوْم أما بعقب غم أَو سهر أَو)
غضب أَو إعياء شَدِيد أَو حر شَدِيد ألف فَلَيْسَ مِمَّا يعسر علاجها مَا دَامَ لم تصر إِلَى حد الذبول وَمَا صَار إِلَى حد الذبول لقلَّة معرفَة الْأَطِبَّاء فَلَا يُمكن مداواته فضلا عَن أَن يسهل إِذا كَانَ قد صَار إِلَى حد الذبول على الْحَقِيقَة والكمال. وَلَيْسَ هُوَ بعد فِي أوائلها لِأَن الذبول ينَال الْقلب فِيهِ مَا ينَال فَتِيلَة السراج إِذا احترقت احتراقاً شَدِيدا فَإِنَّهَا تتفتت وَيذْهب اتصالها وَلَا يُمكن ردهَا إِلَى حَالهَا بالزيت إِذا صب عَلَيْهَا فَهَذَا حَال الذبول الْعَارِض عَن الحميات. فَأَما الْعَارِض بِسَبَب خمود الْحَرَارَة الغريزية كالعارض للشَّيْخ الفاني من غير حمى وَقد يحدث أَيْضا للصبيان وَغَيرهم فضلا عَن الكهول فَإِنَّهُ من يرد ويبس وَبِغير
(4/439)
حمى. والذبول الْكَائِن عَن حميات لَيْسَ الْعَارِض فِيهِ يبس فَقَط بل يبس مَعَ حرارة وَهَذِه الْحَرَارَة أَيْضا تنطفئ بِفنَاء الرطوبات وَيرجع الْبدن إِلَى جفاف وَبرد.
قَالَ: وتعرف حمى الدق الَّتِي يعرض فِيهَا ذبول كامن من أسهل الْأَشْيَاء لثباتها وَذَلِكَ أَنَّك ترى الْعَينَيْنِ غائرتين جدا كَأَنَّهُمَا فِي حفرتين لِأَن رطوبتهما قد فنيت حَتَّى ترى الْعِظَام الَّتِي تتصل بهَا الجفنان ناتئة وَترى فِي الْعين رمصاً يَابسا وحالات من اليبس كَحال من سَار فِي غُبَار نَهَاره كُله فِي شمس حارة وَتذهب عَن الْوَجْه والعينين نضارة الْحَيَاة وَترى جلدَة الْوَجْه يابسة مفرط وخاصة جلدَة الْجَبْهَة حَتَّى تُوجد ليبسها صلبة ممتدة وَلَا يكَاد يقدر أَن يشيل جفْنه على مَا يَنْبَغِي لَكِن ترَاهُ كالناعس وعَلى الْأَكْبَر يرى مغمض الْعين كَأَنَّهُ نَائِم وَلَيْسَ مَا يعرض لَهُ من ذَلِك بنوم بل عجز وَضعف عَن الانتباه ويجف لحم صدغيه ويلطأ ويغور وَلَا يبْقى مِنْهُ إِلَّا الْجلد والعظم وَإِن عري توهمت أَنه لم يبْق من أمعائه وَلَا من احشائه شَيْء وَترى مَا دون الشراسيف منجذباً إِلَى نَاحيَة الصَّدْر انجذاباً شَدِيدا وَإِن لمسته وجدت الْجلد قحلاً جدا فَإِن مددت مِنْهُ موضعا وجدته كالجلد المدبوغ ونبضه متواتر دَقِيق ضَعِيف صلب وحرارته أول وضعك يدك عَلَيْهِ ضَعِيفَة ثمَّ تتبين بعد ذَلِك حدتها وخاصة أَن أطلت وضع يدك عَلَيْهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهَا من الْبَيَان بِحَال لَا تخفى فَأَما الذبول الَّذِي هُوَ بعد فِي ابْتِدَائه فَهُوَ الَّذِي قد نفدت مَعَه الرُّطُوبَة ألف المبثوثة كالظل وَهِي الرُّطُوبَة فِي خلل الْأَجْزَاء وَقد أشرفت على النفاد والرطوبة الماسكة للأجزاء بَاقِيَة فَإِن الْحمى الَّتِي مَعَ هَذِه متوسطة بَين الَّتِي مَعَ الذبول الصَّحِيح وَبَين الَّتِي إِنَّمَا بدا فِيهَا الذبول ابْتِدَاء وَهِي ابْتِدَاء حميات الدق وَهِي أسهلها علاجاً لِأَنَّهُ إِذا لم تفن الرطوبات الَّتِي فِي خلل الْأَجْزَاء مبثوثة كالظل فَإِن الْحمى دق لم يحدث مَعهَا ذبول فَإِذا شارفت هَذِه)
الرطوبات الفناء فقد قاربت الْحَال الذبول الصَّحِيح فَإِذا فنيت وَأَقْبَلت الْحَرَارَة تفنى الرطوبات الماسكة للأجزاء فَهَذَا الذبول.
قَالَ: وَالْأَمر فِي حميات الدق كلهَا إِذا جَازَت ابتداءه صَعب.
قَالَ: وَلَا يجب أَن تتعرف ابتداءها الْأَيَّام بل بكيفية الْحَال وَهُوَ أَلا تكون الرُّطُوبَة قد نفدت وَلَا الْقُوَّة ضعفت وَفِي هَذَا الْوَقْت تكون هَذِه الْحمى سهلة العلاج وَتَكون سهولته بِحَسب قربهَا من الْحَال الطبيعية وعسره بِحَسب قربهَا من حَال الذبول الصَّحِيح وَهَذِه الْحمى سريعة الْبُرْء إِلَّا أَن يُخطئ الطَّبِيب. 3 (مَرَاتِب حمى دق) لي قد بَان من كَلَام جالينوس أَن حمى دق لَهَا ثَلَاث مَرَاتِب أولاها مَا دَامَت مبتدئة وَهِي أَن تكون الرطوبات وَالْقُوَّة بَاقِيَة وَهِي سهلة العلاج. وَالثَّانيَِة أَن تكون الرطوبات وَالْقُوَّة قد فنى مِنْهَا شَيْء وَلم تنفذ كلهَا وَهَذِه بِحَسب قربهَا وَبعدهَا من الطَّرفَيْنِ تكون سلامتها ورداءتها. وَالثَّالِثَة أَن تكون الرُّطُوبَة كلهَا فنيت وَالْقُوَّة قد بطلت وَظَهَرت عَلَامَات الذبول.
(4/440)
قَالَ: وَأَنا أصف دَلَائِل الدق المبتدئة السهلة الْبُرْء.
قَالَ: وَهَذِه الْحمى إِذا كَانَت وَحدهَا سهل تعرفها وَإِن كَانَت مَعَ حمى عفن عسر الْوُقُوف عَلَيْهَا. فضع أَنَّهَا بَدَت مُفْردَة مَعَ بعض الْأَسْبَاب الَّتِي ذَكرنَاهَا يَعْنِي سهراً أَو جوعا أَو تعباً أَو حمى يَوْم وَأَنه ظهر فِي أول يَوْم من الْحمى جَمِيع الدَّلَائِل الدَّالَّة على حمى يَوْم فَإِذا كَانَ ذَلِك وَرَأَيْت الْحمى. قد دَامَت إِلَى الْيَوْم الثَّانِي لَا تسكن وَلَا تقلع وَلَا تشتد وتقوى وَرَأَيْت الْبدن أَزِيد يبساً وجفوفاً وَقد أَقبلت إِلَى الدق فَإِن بقيت كَذَلِك إِلَى الْيَوْم الثَّالِث لم تزيد الْحمى وَلم تنقص تزيداً أَو تنقصاً ذَا قدر لَكِن رَأَيْت بقايا تِلْكَ الْحمى اليومية امتدت ودامت مَعَ يبس وجفوف وَوجدت الْحَرَارَة فِي أول اللَّمْس هادئة لينَة وَإِذا طَال لبث كفك على الْبدن احتدت ألف هـ ولذعت وَوجدت يبساً فالحمى دق وَأقوى العلامات وأبعدها من الشَّك هُوَ أَنه بعد أَن تنَاول العليل الْغذَاء العليل بساعة أَو ساعتين يتَوَهَّم عَلَيْهِ جَمِيع من مَسّه أَنه قد حدث فِي حماه تزيد حَتَّى يكون من أناله ذَلِك الْغذَاء غير بعيد من أَن يلام على أَنه غذاؤه فِي وَقت النّوبَة وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لَكِن هَذَا غير مفارق لجَمِيع من بِهِ الدق أَن يكون إِذا تنَاول الْغذَاء تلتهب الْحَرَارَة وتقوى وتتزيد نبضه عظما وَسُرْعَة حَتَّى يظنّ بِهِ من رَآهُ أَنه قد حدث لَهُ نوبَة من غير)
تضاغط أعنى بِقَوْلِي تضاغط إِذا لم يكن مَعَ النّوبَة اقشعرار وَلَا برد فِي الْأَطْرَاف وَلَا حَال تشبه بالميل إِلَى النّوم وَلَا كسل وَلَا اخْتِلَاف أصلا فِي الْحَرَارَة والنبض وَلَا ضعف وَلَا شَيْء من أشباه هَذِه الْأَعْرَاض لَكِن يصير النبض سَرِيعا أسْرع وَأعظم مِمَّا كَانَ يصير فِي غير من هَذِه حَالَة إِذا إغتذى.
وَقد يكون فِي بعض الْحَالَات حمى غير دق وتزيد الْحَرَارَة من غير تضاغط وَالْفرق بَينهَا وَبني الدق أَن تِلْكَ تعرض فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَهَذِه إِنَّمَا تعرض بعقب وَقت الْغذَاء وَلَيْسَ لحمى الدق فِي وَقت من الْأَوْقَات نوبَة لَكِنَّهَا دائمة مُتَّصِلَة كسونوخس إِلَّا أَنَّهَا وَإِن كَانَت دائمة مطبقة فَإِنَّهَا تنفصل من سونوخس
(4/441)
بالحرارة وَذَلِكَ أَن الْحَرَارَة فِي سونوخس كلهيب النَّار والنبض أعظم مَا يكون وأسرعه وأشده تواتراً فَأَما الدق فَلَا تلقى الْيَد مِنْهَا حرارة كَثِيرَة وَيكون النبض اصغر وَأَشد تَفَاوتا من نبض سونوخس بِحَسب نُقْصَان حرهَا عَنْهَا ويعم جَمِيع أَصْنَاف حمى الدق أَن تكون ضَعِيفَة وَتبقى مستوية دَائِما مُنْذُ أَولهَا إِلَى آخرهَا بِحَال وَاحِدَة.
قَالَ: ويخص مَا يكون من حميات الدق الَّتِي مَعهَا ذبول أَن تكون يابسة فَإِنَّهُ قد تكون حميات من الدق لَا يبس مَعهَا وَلَا تنْتَقل إِلَى الذبول.
لي هَذَا القَوْل بِالْإِضَافَة إِلَى الَّتِي مَعهَا ذبول فَأَما جَمِيع أَصْنَاف الدق فمعها يبس وتنتقل إِلَى الذبول إِن دَامَت.
قَالَ: فحميات الدق تخَالف الحميات المطبقة لما وَصفنَا وَأُمِّيًّا الحميات الَّتِي يكون فِي ابتدائها تضاغط فَأن بهيج ذَلِك بأصحاب الدق بعقب الْغذَاء ولهؤلاء بِخِلَاف ذَلِك وَالْأَمر يزْدَاد عِنْد أَخذه الْغذَاء ثَانِيَة. عنْدك بَيَانا إِذا تفقدت كم يَدُوم التَّغْيِير الْحَادِث بعد الْغذَاء من الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَن تِلْكَ الْحَرَارَة إِنَّمَا تدوم بدوام ذَلِك الْغذَاء من الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَن تِلْكَ الْحَرَارَة إِنَّمَا تدوم بدوام ذَلِك الْغذَاء واتصال بِالْقَلْبِ وترطيبه إِيَّاه من يبسه ثمَّ أَن الْحَال بعد ذَلِك تعود إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ أَولا قبل تنَاول الْغذَاء فَإِن غذوته فِي غير ألف هـ الْوَقْت الَّذِي غذوته فِي الْيَوْم الْمَاضِي رَأَيْت هَذَا الشَّيْء يكون بعقب الْغذَاء أَيْضا.
قَالَ: وَيُشبه أَن تكون الْعلَّة فِي هَذَا السَّبَب كالعلة فِي سخونة حِجَارَة النورة وَالْحِجَارَة المحماة فَإِنَّهَا تسخن عِنْد مَا يصب عَلَيْهَا المَاء وَذَلِكَ يكون فِي مَا يسْبق إِلَى الْوَهم لِأَن الْحَرَارَة الَّتِي فِيهَا حرارة مَعَ يبس فَإِن أَصَابَت جوهراً رطبا اغتذت مِنْهُ.)
قَالَ: وَهَذَا بحث طبيعي وَيدل على أَن حمى الدق الَّتِي مَعَ الذبول مَعهَا يبس شَدِيد أَنَّهَا لَا تكَاد تعرض لمن بدنه رطب لَكِن لمن بدنه يَابِس وخاصة إِن كَانَ مَعَ ذَلِك حر أَو تَعب أَو سهر أَو اهتم وقلل الْغذَاء فَإِن هَؤُلَاءِ يعرض لَهُم دق من أدنى غضب أَو هم وخاصة فِي الصَّيف.
قَالَ: فَأول ابْتِدَاء حمى دق الْوَقْت الَّذِي تنحط فِيهِ حمى يَوْم وتقلع ثمَّ لَا تنحط الْحمى انحطاطاً كَامِلا ويتزيد مَعَ ذَلِك اليبس تزيداً بَينا فَذَلِك أول وَقت تَزُول فِيهِ الْحمى عِنْد حد حمى يَوْم وَتدْخل حمى دق وتتبين وحد هَذِه الْحمى واستحكامها فِي الثَّالِث إِذا لم تحدث لَهُ فِي هَذِه الْمدَّة نوبَة أُخْرَى وَلَا أقلعت الْحمى واليبس بتزيد فمعلوم أَنَّهَا حمى دق وَأَنَّهَا ستؤول إِلَى ذبول سَرِيعا أَن لم تعالج. وحد انقلاب هَذِه الْحمى إِلَى الذبول هُوَ أول مَا يصير النبض صلبا ضَعِيفا وَقد كَانَ صَغِيرا متواتراً لِأَن الضعْف والصلابة فِي النبض من طبع هَذِه الْحمى لِأَن ضعفه من سوء المزاج الْحَادِث بِالْقَلْبِ وصلابته من اليبس وَمَتى كَانَ هَذَانِ العارضان قد عرضا للقلب وَجب أَن تكون الْحمى حمى ذبول وَيَقَع فِيهَا بعقب حميات محرقة وَأكْثر من يوقهم فِيهَا الْأَطِبَّاء لخطائهم فِي علاجهم وخاصة أَن احتاجوا إِلَى شرب مَاء بَارِد فمنعوا وَلم يتلطفوا فِي غَيره من الْأَشْيَاء المبردة الَّتِي تُوضَع على الصَّدْر وَمَا دون الشراسيف وَإِن كَانَ مَعَ أَنه لم يضمده بأضمدة بَارِدَة ضمده بآضمدة حارة محللة كالمتخذة من خبز وَعسل وَأَنه أَحْرَى بِأَن يصير إِلَى الذبول سَرِيعا مُفْردَة كَانَت حماه أَو من ورم حدث فِي الْمعدة أَو الكبد فَإِن الذبول أَكثر مَا يحدث إِنَّمَا يحدث عَن أورام هَذِه الْأَعْضَاء إِذا لم تعالج بصواب حَتَّى أَن قوما ظنُّوا أَنه لَا يُمكن أَن يكون الذبول إِلَّا من قبل الأورام وَلم يعلمُوا أَنه لن يحدث ذبول وَلَا دق عَن ورم عُضْو من الْأَعْضَاء أصلا دون أَن تنَال الْقلب آفَة وَهَذِه الآفة رُبمَا كَانَت من الْقلب نَفسه كالعارض من غضب وهم قوى دَائِم تطول مدَّته وَرُبمَا عرضت من الحميات المحرقة المفردة أَو الَّتِي مَعَ ورم الرئة والصدر وخاصة عِنْد تولد مُدَّة بَين الرئة والصدر وقرحة فِي الرئة وَبِالْجُمْلَةِ من كل ورم فِي عُضْو خطير يطول لبثه مَعَ يبس الْبدن وخاصة فِي الْقلب وَقد يحدث ذبول من ورم قولون وَمن ورم المريء وورم الكلى. وَرَأَيْت ذَلِك أَيْضا بِقوم كَانَ بهم اخْتِلَاف الدَّم من روم كَانَ بهم فِي أمعائهم وَمن زلق الأمعاء وَمن الذرب المزمن إِذا عرض لَهُم من أول الْأَمر وَمن بعد أَن تتمادى بهم الْعلَّة حمى رقيقَة ضَعِيفَة وَبِالْجُمْلَةِ فَمَتَى كَانَ جرم الْقلب ليسبق إِلَيْهِ يبس ثمَّ قبل حرارة الْحمى قبولاً
(4/442)
يعسر مَعَه انحلالها وَلِهَذَا صَار من أعظم عَلَامَات الدق أَن تُوجد)
الشرايين اسخن من الْمَوَاضِع الَّتِي حولهَا من الْبدن وَلَيْسَ يعرض ذَلِك فِي سَائِر الحميات وَهَذَا الْعَارِض يتَبَيَّن جدا عِنْد دُخُول الْحمام وتخلخل بدنه وتسخيفه بِأَيّ تسخيف كَانَ حَتَّى يندى بدنه ويتحلل بعض حرارته فَأَنَّهُ بعد ذَلِك تُوجد الْحَرَارَة فِي مَوَاضِع الْبدن كلهَا معتدلة خلى الشرايين فَإِن الْحَرَارَة فِيهَا لَا تُوجد فِي تِلْكَ الْحَال نقصت شَيْئا عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ قبل ذَلِك وَتَكون لذَلِك الْحَرَارَة أَجود عِنْد انبساط الْعُرُوق والانبساط أَيْضا لَا يتَغَيَّر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قبل التَّحْلِيل لَكِن يبْقى بِحَالهِ. فحمى الدق مَتى كَانَت مُفْردَة ذبولية كَانَت أَو غَيرهَا فتعرفها سهل فَإِن تركبت مَعَ حمى أُخْرَى صَعب ذَلِك وَيجب أَن يعول فِي مَعْرفَتهَا على جودة الْمعرفَة بِصُورَة الدق المفردة وَصُورَة سَائِر الحميات فَإِنَّهَا لَا تخفى عَلَيْك من بعد ذَلِك.
ثمَّ تمثل بمثال الْمَرْأَة الَّتِي كَانَت بهَا حمى الدق وَحمى تنوب مرَّتَيْنِ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الحميات المركبة.
لَا تكون فِي الدق ابْتِدَاء نوبَة بعد الأولى وَلَا تزيد وَلَا نِهَايَة وَلَا انحطاط.
قَالَ: حمى دق تحدث بعقب حميات العفن أَو غَيرهَا إِذا طَالَتْ وَإِذا كَانَت سخنة جدا وتحدث بعقب الطَّوِيلَة وخاصة إِن كَانَت سخنة جدا الذبولية فَأَما مَا يحدث بعقب الحميات الَّتِي لم تطل مدَّتهَا أَو لم تكن شَدِيدَة الاحتراق فالدق الْمُبْتَدِئ فَإِن تزيد صَار بعد إِلَى الذبول.
من جَوَامِع أَصْنَاف الحميات: الدق تحدث بعقب حميات محرقة حدثت مَعَ أورام أَو بِغَيْر أورام أَو بعقب حمى يَوْم حدثت عَن سهر أَو نَحوه مِمَّا يجفف المزاج وَلها ثَلَاث مَرَاتِب: مبتدئة وَهِي دق مُرْسلَة وَحدهَا مَا لم يكن غور الرطوبات غورا بَينا. والذبولية ألف هـ وَحدهَا ظُهُور عَلَامَات الذبول لَيْسَ كلهَا وَلَا فِي الْغَايَة من الْقُوَّة. ومفتتة وَهِي ظُهُور عَلَامَات الذبول قَوِيَّة مجتمعة.
والذبول إِمَّا أَن يكون مَعَ حرارة فَتكون مَعَه الْحمى الْمَعْرُوفَة بالذبولية وَهِي الصِّنْف الثَّانِي من حميات الدق أَو مَعَ برودة فَيكون إِمَّا طبيعياً كَمَا يحدث للشيوخ على طول الزَّمَان أَو يحدث
3 - (عَلَامَات حمى الدق)
أَن تكون من سَبَب باد وَأَن تبقى مُقِيمَة لَا تقلع وَلَا تزيد وَأَن يكون الْبدن جافاً والحرارة فِيهَا حِدة وتتزيد بعد الطَّعَام وَيكون الشرايين أحر من سَائِر الْبدن.
لي هَذَا الدق الْكَائِن من حمى يَوْم فَأَما الكائنة عَن المحرقات فَلَيْسَتْ بِسَبَب باد.
ويعم حمى الدق أَن الْحَرَارَة فِيهَا رقيقَة لَازِمَة مُتَسَاوِيَة أبدا. ويخص الذبول مَعَ ذَلِك جفوف الْبدن فِي الْغَايَة وصلابة النبض وَضَعفه.
(4/443)
عَلَامَات وُقُوع حمى يَوْم إِلَى حمى دق أَن تكون بعد اثْنَتَيْ سَاعَة صعوبة وَشدَّة فِي الانحطاط وَلَا يستفرغ شَيْء من الْبدن وَلَا يندى فضاً عَن الْعرق وتدوم الْحمى وَلَا تتزيد وَلَا تنقص فَهَذَا ابْتِدَاء الدق فَإِذا بقيت كَذَلِك إِلَى الْيَوْم الثَّالِث وَظهر جفاف فِي الْبدن فَذَلِك تزيد الدق. فَإِذا ظَهرت صلابة النبض مَعَ ضعفه وجفاف فِي الْبدن فِي الْغَايَة فَهُوَ الذبول.
التَّاسِعَة فِي حِيلَة الْبُرْء قَالَ: أَصْحَاب الدق لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى شرب المَاء الْبَالِغ الْبرد وَلَا إِلَى مِقْدَار كثير مِنْهُ لِأَنَّهُ يضر بأعضائهم الْأَصْلِيَّة لنحافتهم وَقلة مُهِمّ ودمهم.
الْعَاشِرَة قَالَ: حمت امْرَأَة بِسَبَب سهر وغم وطالب بهَا الْحمى وانتقلت إِلَى الدق مركبة مَعَ حمى عفن فَلم تكن مداواتها إِلَّا أَن تسقى مَاء بَارِدًا بِمِقْدَار معتدل فِي الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي لِأَنَّهَا كَانَت مُعْتَادَة لَهُ فِي الصِّحَّة.
قَالَ: وَآخر كَانَت هَذِه حَالَة كنت اسقيه مَاء الْعُيُون بَارِدًا فِي غَايَة الْبرد قوانوسين وَمرَّة قوانوساً لِأَن هَؤُلَاءِ لَا يحْتَملُونَ أَن يشْربُوا مَاء بَارِدًا فِي غَايَة الْبرد دفْعَة وَاحِدَة إِلَّا أَنه ينْتَفع بِهِ بِهَذَا الْقدر لِأَن الْبدن لم يبس غَايَة اليبس.
قَالَ: والجهال من الْأَطِبَّاء يَدْعُو سقِِي المَاء الْبَارِد فِي حِينه فَإِذا ذبل الْبدن أَو وَقع فِي الدق الْخَالِص سقوه حَيْثُ لَا ينْتَفع بِهِ. 3 (التحفظ من الدق) ويستعان بِبَاب التحفظ فِي بَاب جمل الحميات.
ألف هـ الْأَبدَان المرارية النحيفة الْيَابِسَة مستعدة للوقوع فِي الحميات مَتى امسكت عَن الطَّعَام وَالْحمام وأسرفت من الرياضة والسهر وَنَحْو ذَلِك فَإِن هِيَ حمت وَأَمْسَكت عَن الطَّعَام لتأنى جهال الْأَطِبَّاء إِذا وَقعت فِي الدق وخاصة إِن كَانَت قبل أَن تحم قد جَفتْ ويبست يبساً شَدِيدا لأسباب تعرض لَهُم من ذَلِك أَو إمْسَاك عَن الْغذَاء وَأَشد من ذَلِك أَن ضمد جهال الْأَطِبَّاء بطونهم بالأضمدة المحللة المتخذة من الدَّقِيق وَالْمَاء وَالزَّيْت لورم يحسونه هُنَاكَ وَقد قُلْنَا فِي ذَلِك مَا يجب أَن يُقَال حَيْثُ ذكرنَا الاختراس من هَذِه الحميات فِي بَاب جمل الحميات فَمَتَى رَأَيْت بدنا مزاجه هَذَا طبعا أَو اكتساباً أغْنى أَن يسخن ويبيس جدا ويضعف ويذبل ويحم حمى حادة حارة قَوِيَّة وَرَأَيْت قوته ضَعِيفَة وَجَسَده ذابلاً فاسقة مَاء الشّعير ثمَّ أعْطه خبْزًا مبلولاً بشراب أَبيض مائي ممزوج بمزاج معتدل وَإِن كَانَ مَاء الشّعير يطفو فِي فَم الْمعدة ويحمض فاخلط فِيهِ مَاء حب الرُّمَّان أَو اجْعَلْهُ حساء إِن كره مَاء الشّعير وَإِن كَانَ قد بلغ الْأَمر بِهِ إِلَى الغشي فَإِنَّهُ كثير مَا يكون ذَلِك إِذا أَمْسكُوا عَن الطَّعَام مُدَّة طَوِيلَة فَلَا تهب وأوجره مَاء الشّعير ثمَّ شرابًا أَبيض بِمَاء ممزوج بِهِ مزاجاً معتدلاً وغذه كل يَوْم مرّة أَو مرَّتَيْنِ على مَا ترى من قوته وَلَا تنظر إِلَى النّوبَة بل إِن احتجت فاغذه وَلَو فِي انْتِهَاء النّوبَة فضلا عَن مبدأها
(4/444)
وانحطاطها وَإِنَّمَا يضْطَر إِلَى ذَلِك إِن كَانَ العليل يغشى عَلَيْهِ إِن لم يغذ فَإِن لم يغش عَلَيْهِ وَلم يطرك شَيْء إِلَى تغذيته فتغذ إِذا انحطت حماه وَلَا تنْتَظر تَمام انحطاطها لِأَن الْأَبدَان المرارية لَا تنقى من الْحمى ليبسها واشتعالها وَإِن كَانَ الْمَرِيض فِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة يشْتَد عَلَيْهِ الْأَمر ويضعف ويذبل فغذه قبل ابْتِدَاء النّوبَة أَو حِين يَبْتَدِئ الدّور وَرُبمَا احتجت أَن تغذي العليل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ قبل الدّور بساعتين وَبعده أَيْضا كَذَلِك فَلْيَكُن الْهَوَاء الْمُحِيط بِهِ بَارِدًا واسقه مَاء بَارِدًا قَلِيلا من غير اسراف فِي كيفته وَلَا فِي كميته وضع على بطونهم الأضمدة المبردة حَيْثُ ترى الْحَرَارَة أَكثر فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك احتملوا الْحمى بسهولة وقورا عَلَيْهِم ثمَّ لم تلبث ألف هـ حماهم فيحتملون فضل الْغذَاء والاستحمام وتدبير النَّاقة ويبرأون فَهَذِهِ جملَة تَدْبِير جالينوس لهَذِهِ الحميات وَهَذَا أوجه الاحتراس من الْوُقُوع فِي هَذِه الحميات الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي الحميات المحرقة الْمُخْتَلفَة أَو الدق فلتضع الْآن أَن بَعضهم وَقع فِي حمى دق.)
الْهَوَاء الْبَارِد قَالَ ج: أول مَا يسْتَعْمل الْهَوَاء الْبَارِد لتبريد الْقلب وَيَنْبَغِي أَلا تدفئ الْبدن وَلَا تدثر وَإِن كَانَ شتاء وَيتْرك يتنفس من هَوَاء بَارِد فَإِنَّهُ ملاكه.
قَالَ: فالدق الَّذِي تكون الآفة فِيهِ إِنَّمَا نَالَتْ الْقلب تَنْشَق الْهَوَاء الْبَارِد وَهُوَ أَجود أدويته لِأَنَّهُ يصل إِلَيْهِ بِسُرْعَة ويبرده كَمَا أَن الدق الَّذِي ابتداؤه من الْمعدة إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يقْصد فِيهِ لما يرطب ويبرد الْمعدة بالأطعمة والأشربة لِأَن الطَّعَام وَالشرَاب يلقى الْمعدة وقوته بَاقِيَة بِحَالِهَا وَالْقلب لَا يلقاه الطَّعَام وَهُوَ بَاقٍ بِحَالهِ بل يلقى الْهَوَاء وَهُوَ حَافظ لأكْثر أَحْوَاله.
قَالَ: وَأما الكبد فانتفاعها بِالطَّعَامِ وَالشرَاب انْتِفَاع لَيْسَ بالدون.
قَالَ: ويعم جَمِيع أَصْنَاف الدق من أَيْن كَانَ ابتداؤه مداواته بِمَا يبرد ويرطب مِمَّا يُؤْكَل وَيُوضَع خَارِجا.
قَالَ: وَأكْثر مَا تكون حميات الدق وحميات الذبول عِنْد الْحر واليبس فِي الْقلب أَو فِي الْمعدة أَو الكبد وَكَثِيرًا مَا تكون تَابعا لسوء مزاج يَابِس من الرئة غير أَن الرئة عُضْو لَيْسَ بمستعد لِأَن يكون مِنْهُ أَمْثَال هَذِه الحميات لِأَنَّهُ عُضْو رخو رطب. وَقد تكون هَذِه الحميات تَابِعَة لآفة تنزل فِي الصَّدْر لي إِلَّا أَنه ورم حَار أَو لسوء مزاج حَار يَابِس أَو لجداول الْعُرُوق المنتسجة بَين الكبد والمعي أَو بالمعي الصَّائِم أَو يَقُولُونَ أَو بالأرحام أَو بالكلى أما الآفة تنزل بالحجاب فَلَا أعلم أَنِّي رَأَيْت حمى ذبول تتبعها وَأما الدق فقد رَأَيْتهَا مرّة وَاحِدَة تبعه آفَة نَالَتْ الْحجاب وتمت واستحكمت. وَرَأَيْت مرَارًا شَتَّى الآفة النَّازِلَة بالحجاب قَلِيلا مَا يُمكن مَعهَا أَن يستحكم الدق لِأَن أَمْثَال هَذِه الْعِلَل يتبعهَا عسر تنفس واختلاط عقل فَيَمُوت الْمَرِيض فِي الْأَكْثَر بِسَبَب مَا يعرض لَهُ من ذَلِك.
قَالَ: قد وصفت أَمر الْهَوَاء الْحَار والبارد وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب جمل الحميات عِنْد تَدْبِير الْأَبدَان المرارية وَقد وصفت هُنَاكَ كَيفَ يَنْبَغِي أَن يكون الْبَيْت الَّذِي تأويه فَخذه من هُنَاكَ.
(4/445)
ألف هـ قَالَ: والهواء أَكثر مَا ينفع بِهِ فِي الدق وَمَتى كَانَت هَذِه الْحمى حَادِثَة عَن آفَة نزلت بِالْقَلْبِ نزلُوا أولياً وَقد ينْتَفع بِهِ مَنْفَعَة لَيست يسيرَة فِي سَائِر الحميات الدقيقة. لِأَن الْقلب فِي هَذِه الحميات أَيْضا يعرض لَهُ سوء مزاج شَبيه بِسوء مزاجه إِذا حلت بِهِ الآفة أَولا وَلَا يُمكن أَن يعرض لَهُ شَيْء من الحميات الْأُخَر فصلا عَن حمى الدق والذبول دون أَن يعرض للقلب سوء)
مزاج. فَأَما إِذا كَانَت الآفة عَن الرئة فَإِنَّهَا أحْوج إِلَى الْهَوَاء الْبَارِد من سَائِر الْأَعْضَاء. وَقد حصل أَن الْهَوَاء الْبَارِد نَافِع فِي جَمِيع الدق.
قَالَ: وَهَؤُلَاء يَحْتَاجُونَ إِلَى أدوية تُوضَع من خَارج الْبدن وَأَن تكون مبردة بِلَا قبض شَدِيد لِأَن القابضة لَا تعرض بتبريدها إِلَى عمق الْبدن لِأَنَّهَا تقبض ظَاهر الْجلد وَلَا تصل إِلَى عمقه والأجود أَن يكون مبرداً لطيفاً جدا وَلَكِن هَذَا الدَّوَاء عسر لِأَن جوهراً بَارِدًا جدا يكون فِي غَايَة اللطافة مُتَعَذر الْوُجُود.
لي كَأَن جاليوس هَهُنَا لم يعرف الكافور.
قَالَ: الْخلّ هُوَ من جَمِيع المبردات الَّتِي يعرفهَا النَّاس وَقد يخالطه شَيْء من حرارة وَلَيْسَ هُوَ بصادق الْبرد وَهُوَ يجفف مَعَ هَذَا وَأرى أَن جالينوس لم يذكر الكافور إِمَّا لِأَنَّهُ لم يكن يعرفهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ يجفف بِقُوَّة قَوِيَّة وَلِهَذَا لَا يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل وَحده حَيْثُ يحْتَاج إِلَى تبريد وترطيب بل يخلط مَعَه المَاء الْبَارِد حَتَّى يصير فِي حد مَا يُمكن شربه وَلَكِن إِذا كَانَ لَا يُمكن أَن يُوجد شَيْء مِمَّا يداوى بِهِ فِي الْغَايَة من اللطافة مَعَ الْبُرُودَة فقد يَنْبَغِي على حَال أَن يحتال لتركيب أدوية صَالِحَة لهَذَا الشَّأْن مثل القيروطي المتخذة بالشمع الْمُصَفّى وزيت الأنفاق الْمشْربَة بِالْمَاءِ.
لي هَذَا القيروطي أَن اتَّخذت بدهن بنفسج أَو دهن خلاف أَو دهن نيلوفر فقريب أَن يكون مِمَّا يطْلب وخاصة دهن النيلوفر فَإِنَّهُ بَارِد لطيف جدا فليستعمل.
قَالَ: وَلَا تتْرك هَذَا الضماد على الْبدن إِلَى أَن يسخن سخونة ظَاهِرَة لَكِن يبرد ويبدل تبديلاً متواتراً.
ضماد آخر: يُؤْخَذ
دَقِيق الشّعير فيخلط بعصارة الحماض ثمَّ تبل فِيهِ خرقَة بطاقتين وتوضع على الْبَطن وَهِي مبردة غَايَة التبريد وتبدل مَتى فترت. وَإِن شربت القيروطى خلا وَمَاء وَنَحْوه كَانَ أبرد.
لي احسب أَن هَذَا يبلغ حَيْثُ تُرِيدُ وَأَن شِئْت شربت لعاب برز قطوناً أَو مَاء ألف هـ عِنَب الثَّعْلَب وَنَحْوه وبرده على الثَّلج وَضعه وارفعه وَبدل خرقه دَائِما فَإِن شِئْت فضع عَلَيْهِ قَالَ: وضع هَذِه الْأَدْوِيَة على الْموضع الَّذِي هُوَ أول عُضْو نزلت بِهِ الآفة والموضع الَّذِي ترى الْحَرَارَة فِيهِ أَزِيد لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن لَا يبرد الْعُضْو الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى تبريده مَعَ الْعُضْو الَّذِي يحْتَاج إِلَى ذَلِك لِأَنَّهُ إِذا لم تحرز ذَلِك لم تأمن أَن ترفع الضماد الْمبرد قبل أَن يعْمل عمله
(4/446)
خوفًا من أَن تكون قد بردت مَعَ الْعُضْو الَّذِي تُرِيدُ عضوا آخر تخَاف مضرته وبالضد تبرد عضوا لَا تحْتَاج إِلَى تبريده وَأَنت لَا تَدْرِي. وَإِنِّي لأعرف من عولج بدواء مبرد وضع على مَا دون الشراسيف مِنْهُ فَأَصَابَهُ من سَاعَته ضيق النَّفس وَكَذَلِكَ قوم وضع على صُدُورهمْ هاج بهم السعال فَلَمَّا قلع الضماد عَادوا إِلَى الْحَال الطبيعية فاستقص على أَي مَوضِع تضع فَإِن أردْت أَن لَا تبرد كثيرا فَاجْعَلْ أدويتك أقل تبريداً. 3 (الْحمام اللمسلولين) قَالَ: إِن الْأَشْيَاء المبردة بَعْضهَا يفعل ذَلِك بجوهرها وَبَعضهَا بِالْعرضِ كالحمام وَالْحمام أَحدهَا إِذا اسْتعْمل كَمَا يَنْبَغِي برد هَؤُلَاءِ بِالْعرضِ ورطبهم بالجوهر وَعظم نَفعه لَهُم.
قَالَ: فالنافع لهَؤُلَاء من الْحمام أَن يدخلُوا فِي مَاء بَارِد فَقَط وَلَكِن لِأَن أبدانهم نحيفة ضَعِيفَة لَا يَنْبَغِي أَن يدخلُوا المَاء الْبَارِد فَقَط إِلَّا بعد أَن تسخن أعضاؤهم سخونة معتدلة لِأَن لَا يُؤمن من دُخُولهمْ المَاء الْبَارِد أَن تنْقَلب طبائعهم دفْعَة إِلَى الْبرد وَلَكِن إِذا كَانَ لَا طَرِيق لَهُم سواهُ وَكَانَ مَا يخْشَى من هَذَا أقل مِمَّا يخْشَى من وقوعهم فِي الذبول الَّذِي لَا خلاص مِنْهُ لِأَن الذبول المستحكم كالهرم الَّذِي لَا يُمكن دَفعه.
وَمن بردت أعضاؤه الْأَصْلِيَّة من اسْتِعْمَال المَاء الْبَارِد أَو أحشاؤه فممكن أَن يتلافى بالعلاج وَقد قُلْنَا أَن الذبول المستحكم لَا حِيلَة فِي برئه وَإنَّهُ لَو أمكننا أَن نبرئه لأمكن أَن ندفع الْهَرم فَأَما من دَافع بأصحاب الدق وَلم يعالجهم بالحمام وَلَا بِسَائِر مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فقد أسلمهم إِلَى الْهَلَاك وَقطع رجاءهم.
3 - (علاج الذبول)
مَا عولج بِهِ فَإِن عيشه يكون كعيش الشُّيُوخ لِأَن الذبول الْكَائِن مَعَ حمى رُبمَا انْتقل بالعلاج إِلَى ألف هـ الذبول الْمُسَمّى شيخوخة.
لي هَذَا الذبول الثَّانِي يكون عِنْد انطفاء الْحَرَارَة الْبَتَّةَ وَحُصُول سوء مزاج بَارِد يَابِس فَأَما الأول فَإِن مَعَه حرارة إِلَّا أَنه سريع الذّهاب والانتقال إِلَى النَّوْع الثَّانِي.
قَالَ: فَإِن دَبرته أمكن أَن يعِيش شهوراً كَثِيرَة قَالَ: وَقد دبرت مَتى كَانَت هَذِه حَاله بتدبير النافهين فحفظته سِنِين كَثِيرَة.
قَالَ: وَقد ذكرت تَدْبِير الَّذِي يحْتَاج هَؤُلَاءِ إِلَيْهِ بِالْقُوَّةِ حَيْثُ ذكرت تَدْبِير سوء المزاج الْعَارِض فِي الْمعدة وَفِي كتاب تَدْبِير الأصحاء حَيْثُ ذكرت تَدْبِير الْمَشَايِخ فاعرفها هُنَاكَ.
3 - (علاج حميات الدق)
قَالَ: قد علمتك أَشْيَاء كَثِيرَة من علاج الدق مِمَّا قد جربتها وَأَنا أعلمك هُنَا حَال الْحمام: إِن أَصْحَاب الدق لَيْسَ انتفاعهم من الْحمام بِالْمَاءِ الْحَار بل بالبارد وَبعد أَن يكون
(4/447)
الْحمام قد هيأ أبدانهم وعدها لقبُول الِانْتِفَاع بِالْمَاءِ الْبَارِد حَتَّى تصير أبدانهم بِهَذِهِ السخونة فِي حد أبدان الأصحاء المخلصين للاستحمام بِالْمَاءِ الْبَارِد.
قَالَ: وَأما فلَان الطّيب فَإِنَّمَا يجزع من اسْتِعْمَال الْحمام فِي الدق لِأَنَّهُ يرى أَن الْحَرَارَة ضارة لَهُم وَأَنه يَنْبَغِي أَلا يغمس أحد منهوك الْبدن فِي مَاء بَارِد فَيسْقط الْحمام إِذن عِنْده وَلم يعلم أَن الْحمام يَجْعَل الْبدن المنهوك مُحْتملا للْمَاء الْبَارِد إِذا غمس فِيهِ بعد أَن يكون قد سخن سخونة تَجْعَلهُ فِي حد الْأَبدَان الخصبة الصَّحِيحَة المحتملة لذَلِك فَإِنَّهُ يقوى بهَا وَلَو احتملت المَاء الْبَارِد لنفعها.
وعساه أَيْضا رأى حمى بِوَاحِد واثنين مِمَّن بِهِ حمى دق وَحمى عفونة وَهُوَ لَا يعلم أَن حماه مركبة فَلَمَّا رأى الْحمام قد ضرهم ذمه.
قَالَ: وَأما أَنا فَأَقُول: إِن جَمِيع من تصيبه حمى دق وخاصة من وَقع مِنْهُم فِي ابْتِدَاء الذبول إِذا كَانَت حماهم بسطة غير مركبة مَعَ شَيْء من حميات العفن أَو حميات الورم فأدخلهم الْحمام بِثِقَة وَلَكِن يكون بِلَا تَعب ينالهم كَمَا وصفت فِي تَدْبِير من يغلب على معدته سوء مزاج يَابِس فَيحمل الْمَرِيض إِلَى الْحمام وَهُوَ مِنْهُ على فرَاشه فَإِذا صَار إِلَى الْبَيْت فليلق هُنَاكَ على مقرمة مهيأة مسخنة بعد نزع ثِيَابه وَيحمل بَين أَرْبَعَة فَإِن كَانَ هَذَا الْبَيْت الأول صَالح الْحَرَارَة فلتنزع ثِيَابه هُنَاكَ وَإِلَّا فَفِي ألف هـ الْأَوْسَط وَليكن الْأَوْسَط معتدلاً ويسكب على الْبدن فِي الْبَيْت الْأَوْسَط دهن وَهُوَ مفتر سَاعَة يدْخل وَهُوَ على مقرمة مَحْمُول ويسوى على بدنه بالدلك الْيَسِير فَإِذا فعل ذَلِك بِهِ مضى بِهِ إِلَى الْبَيْت الْحَار ليَكُون لبثه فِي كل بَيت وليلبث فِي الْبَيْت الأول بِقدر مَا يقلب على الْفراش إِلَى المقرمة وَأما فِي الثَّانِي فَيقدر مَا يخلع ثِيَابه ويمرخ بالدهن وَفِي الثَّالِث بِقدر مَا يمْكث فِي الأبزن وَهُوَ على المقرمة وَذَلِكَ بِأَن يرخى جوانبها فِي الآبزن مِقْدَارًا معتدلاً وَلَا يصب عَلَيْهِ المَاء وَلَا على رَأسه لَكِن يغمس رَأسه وبدنه فِيهِ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وترخى المقرمة حَتَّى تنغمس فِيهِ وَيصب فِي بيُوت الْحمام كلهَا مَاء حَار متوسط صبا كثيرا لتَكون كلهَا مرطبة غير مجففة فَإِذا خرج من آبزن المَاء الْحَار غمس فِي المَاء الْبَارِد دفْعَة بِسُرْعَة لَا فِي وَقت طَوِيل ويلقى عَلَيْهِ سَاعَة خُرُوجه من المَاء الْبَارِد منديل ثمَّ يلقى عَلَيْهِ آخر ويسار بِهِ إِلَى فرَاش)
فَيلقى عَلَيْهِ وينشف عرقه بمناديل لينَة بِلَا شدّ الْيَد عَلَيْهِ ثمَّ يمسح بدنه بدهن ويلبس ثِيَابه وَيحمل على سَرِيره وفراشه إِلَى بَيته ويغذى وَيُدبر مَعَ هَذَا تَدْبِير علاج من أَصَابَهُ سوء مزاج بَارِد يَابِس لي غذاؤهم يَنْبَغِي أَن يكون بَارِدًا رطبا مثل كشك الشّعير يسقاه مبرد وخبز مبلول بِمَاء بَارِد وَلَا تكون هَذِه الْأَطْعِمَة صَادِقَة الْبُرُودَة بِالْفِعْلِ كبرودة مَاء الثَّلج وَمَا يشرب لِأَن الطَّعَام الْبَارِد يبْقى فِي الْمعدة زَمَانا طَويلا بَارِدًا. فَأَما مَا يشرب فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ بَارِدًا يصلح وَينفذ أَيْضا عَن الْمعدة سَرِيعا وَالطَّعَام الْبَارِد يُطِيل البث فِي الْمعدة فَإِن كَانَت الْحمى قد طَالَتْ وأزمنت فاسقه لبن الأتن وَاحْذَرْ أَن يتجبن فِي معدته.
قَالَ وَذَلِكَ رُبمَا خبرك بِهِ عَن نَفسه إِن كَانَ عَارِفًا بطبيعته وَرُبمَا احتجت أَن تتعرف
(4/448)
ذَلِك أَنْت مِنْهُ وَذَلِكَ إِن تتوقى تجبنه بِأَن تستعمله قَلِيلا بعد قَلِيل. وممكن أَن تدفع هَذَا الْعَارِض بِأَن تجْعَل مَعَه عسلاً أَو مَاء الْعَسَل قَلِيلا لِأَن الْعَسَل وماءه يَسْتَحِيل إِلَى المرار سَرِيعا وَيجْعَل الْحمى ألف هـ أَشد يبساً وحدة فاحذره مَا أمكن. وَالْملح الْمَأْكُول يمْنَع أَيْضا تجبنه أَن طرح فِيهِ قَلِيلا.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تعطيه مَا يمْنَع التجبن مِمَّا لَا يسخن وتسقه ذَلِك قَلِيلا قَلِيلا فَإِنَّهُ أَحْمد الْأَشْيَاء.
قَالَ: وَأدْخل الأتان عَلَيْهِ واسقه سَاعَة يحلب وتفقد النبض بعد سَاعَة فَإِن فسد وجدت النبض كنبض من عرض لَهُ ضغط فِي معدته لي احسبه يُرِيد هَهُنَا تجبناً قَالَ: وَإِن انهضم نعما وجدت النبض أعظم وَأقوى فيمكنك عِنْد ذَلِك أَن تزيد فِي السقية الثَّانِيَة فِي الْمِقْدَار نصف قوانوس ثمَّ تزيد أَيْضا نصفا آخر حَتَّى يصير إِلَى الْمِقْدَار المعتدل على مَا أعلمتك فِي مداواة سوء المزاج الْيَابِس فِي الْمعدة فَعَلَيْك بِقِرَاءَة ذَلِك الْموضع فَإِن العلاج مُشْتَرك لَهما وَلَكِن بِحَسب حرارة الدق صرنا فِي علاجه نحتاج إِلَى أَشْيَاء أبرد إِلَى اسْتِقْصَائِهِ كَيْلا ينَال الْبدن مضرَّة من مداواته بأَشْيَاء قَوِيَّة.
فَمن وَقع من أَصْحَاب الدق فِي ذبول فَلْيَكُن استحمامه على مَا وصفت وَأما من بِهِ دق وَلم يلْحقهُ ذبول فعلاجه بِمَا أَقُول يُمكن: أَن يدْخل الْحمام من غير حمل على مقرمة بل على محفة ثمَّ يمشي إِلَى المَاء الْحَار ويطيل فِيهِ الْمكْث وَمن كَانَ مِنْهُم شَدِيد الضعْف فَلَا يدْخل حَوْض المَاء الْبَارِد بل يصب عَلَيْهِ مِنْهُ خَارِجا بعد صب مَاء فاتر وَليكن قدر برودته كبرودة مَاء المصانع)
أَعنِي فِيمَا بَين الْبُرُودَة الْمُؤَلّفَة والفتورة المرخية وَلَا يكون كأحدهما فَإِن فعلت هَذِه الْأَشْيَاء بِصَاحِب الدق نجته وَإِن وَقع فِي شَيْء مِنْهَا خطأ فسد ذَلِك كُله وَلَو كَانَ الْخَطَأ قَلِيلا وَمن برأَ من أَصْحَاب الذبول بِمَا ذكرنَا برأَ برءاً تَاما فَإِنَّمَا يبرأ من الذبول فِي لَحْمه فَقَط وَأما من يَبِسَتْ أعضاؤه الْأَصْلِيَّة فَغير مُمكن أَن يبرأ تَاما وَهَذَا لَا بُد أَن يَمُوت أَو يَقع فِي الذبول الْبَارِد لِأَن الْحمى تفنى أَولا الرُّطُوبَة الخاصية بالأعضاء المشاكلة لَهَا الَّتِي تغتذي مِنْهَا فتنتقل من هَذِه الرُّطُوبَة الَّتِي فِي اللَّحْم الْمُحِيط بِلِيفٍ الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَبِمَا فِيهَا من جنس الأغشية ثمَّ تَأْخُذ بعد ذَلِك فِي نفس الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
قَالَ: تحلل الْبدن بالذوب إِلَى بَاطِنه وبالتحلل الْخَفي فَمَتَى كَانَ الْبدن رطبا كَانَ مَا يذيبه مِنْهُ إِلَى بَاطِنه ظَاهرا للحس كثيرا وبالضد أَن كَانَ الْبدن عضلانياً يَابسا عديم الشَّحْم على مَا تَجدهُ يكون فِي اللَّحْم ألف هـ الَّذِي يلبث فَإِن الرُّخص يسيل مَه شَيْء كثير واليابس يتَحَلَّل مِنْهُ أَكثر مِمَّا يسيل.
قَالَ: وَمن أعظم الدَّلَائِل على أَخذ الحميات الدق الحادة فِي إذابة الْأَعْضَاء مَا يسيل فِي البرَاز من الدهنية وَالدَّسم وَهَؤُلَاء إِن لم يُبَادر بالعلاج وَقَعُوا فِي الذبول وَحِينَئِذٍ لَا يسيل مِنْهُم شَيْء لِأَن مَا كَانَ يذوب قد ذاب وَخرج وَلَيْسَ يذوب من جور العضل والليف شَيْء.
(4/449)
وعلاج الْحمى الَّتِي تذيب الْبدن هَذَا التَّدْبِير: يسقى المَاء الْبَارِد والأغذية المبردة المرطبة وَمَاء الْعَسَل أرداً مَا يكون لَهُم.
الثَّالِثَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ ج:
شرب مَاء الْعَسَل فِي غَايَة المضادة لأَصْحَاب الحميات الَّتِي يذوب فِيهَا الْبدن وَأما شرب المَاء الْبَارِد فعلى ضد ذَلِك وَذَلِكَ أَنه ينفع غَايَة النَّفْع لَهُم وَهَذِه الحميات يحدث عَنْهَا برَاز زبدي دهني دسم.
وَقَالَ: إِذا رَأَيْته قد اخْتلف برازاً زبدياً الْغَالِب عَلَيْهِ المرار فحماه ذوبانية فاحذر مَاء الْعَسَل واسقه مَاء الشّعير وارصد أَن ترى ظُهُور دَلِيل وَاحِد وَلَو خسيس يظْهر فِي الْبَوْل يدل على النضج فالماء الْبَارِد يَنْفَعهُ فِي ذَلِك الْوَقْت.
من كتاب الذبول قَالَ: حميات الدق البسيطة أَي الَّتِي بِلَا حمى عفن فالحمام نَافِع لَهُم جدا فِي جَمِيع الْأَوْقَات فَإِن كَانَ مَعهَا حمى عفن فَإِنَّهُ يضرّهُ قبل أَن تنضج العفونة فَإِذا نَضِجَتْ فَلَا.
قَالَ: وَكَذَلِكَ شرب المَاء الْبَارِد مَعَ العفن بلية عَظِيمَة.
قَالَ: وَالْحمام لَا خطر فِيهِ إِذا اسْتعْمل على مَا ذكرنَا فِي هَذِه الحميات إِلَّا أَن يتخوف فِي وَقت مَا من ضعف القوى بلية تحدث.
قَالَ: وَقد قلت فِي كتاب أَصْنَاف الحميات: إِن بَعْضهَا أَعنِي حمى يَوْم تشارك حَتَّى دق فِي الْجِنْس وَإنَّهُ لَا يُمكن الِاسْتِدْلَال عَلَيْهَا فِي أول حدوثها على الْحَقِيقَة لَكِن إِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهَا فِي الْيَوْم الثَّانِي أَو الثَّالِث لَا محَالة فساعة تعرف يَنْبَغِي أَن يسقى صَاحبهَا مَاء بَارِد وَذَلِكَ أَن شرب المَاء الْبَارِد فِي هَذَا الْوَقْت لَا خطر فِيهِ. لِأَن الْقُوَّة حِينَئِذٍ قَوِيَّة وَالدَّم غزير فِي الْبدن بل إِذا طَالَتْ ضعفت الْقُوَّة وَقل الدَّم فالماء الْبَارِد حِينَئِذٍ ضار لَهُم يقرع الْعُضْو الَّذِي مِنْهُ ابتدأت الْحمى فَإِن كَانَ ذَلِك الْعُضْو هُوَ الْقلب فَرده إِذا عرض سَرِيعا مَا يسْقط الْقُوَّة هَذَا إِذا كَانَت رطوبته بعد بَاقِيَة. وَإِن كَانَ اليبس قد غلب عَلَيْهِ جدا فقد تحولت الْعلَّة إِلَى الذبول الْبَارِد وَهُوَ الشيخوخة.
ألف هـ قَالَ: وَكَذَا
الأضمدة المبردة يجب أَن تُوضَع سَاعَة تتبين أَن الْحمى حمى دق على الْعُضْو الَّذِي يظنّ أَنه مِنْهُ الْحمى الدق الْقلب كَانَ أَو الكبد أَو غَيرهمَا ولتكن مبردة بالثلج وتبدل مَتى سخنت ليحس العليل بِبرْدِهِ وأصلاً إِلَى العمق ويسكن عَنهُ اللهيب والعطش. وَرُبمَا كَانَ الْحمام أَنْفَع من اسْتِعْمَال الْأَدْوِيَة المبردة لِأَنَّهُ ي رطب إِذا كَانَ يبس الْحمى غَالِبا أما على جَمِيع الْبدن أَو على الْعُضْو الَّذِي هُوَ أصل الْحمى.
(4/450)
قَالَ: وَأولى الْأَعْضَاء بِأَن تحدث عَنهُ حمى الدق إِذا سخن مزاجه الْقلب وَالثَّانِي بعده الكبد وَلَيْسَ يكون الدق من الكبد نَفسهَا لَكِن لِأَن الْقلب يُشَارِكهُ ثمَّ الْمعدة ثمَّ جَمِيع الْأَعْضَاء الَّتِي يُمكن الْقلب أَن يسخن عَنْهَا.
قَالَ: وَأولى الْأَعْضَاء بَان يسخن الْقلب عَنهُ الرئة إِلَّا أَنا لَا نجد ذَلِك يعرض عَنهُ كَمَا يعرض عَن سَائِر الْأَعْضَاء وَالسَّبَب فِي ذَلِك رُطُوبَة الرئة وبرودتها بِالنَّفسِ فَلهَذَا لَا يسهل أَن يصير منزلَة المستوقد للحمى.
قَالَ: وَمن شَأْن الدق أَن يحدث على الْأَمر الْأَكْثَر بِسَبَب الأحشاء إِذا لحج فِيهَا مرَارًا اصفر وورم حَار فطالت لذَلِك الحميات فَإِنَّهَا لم تطل لم يكْتَسب الْقلب سوء مزاج حَار.
قَالَ: وَالْحمام نَافِع فِي الدق فِي جَمِيع الْأَوْقَات إِذا كَانَ مُفردا بسيطاً فَإِن كَانَ مَعَ الورم الْمُسَمّى حمرَة فَإِنَّهُ يحْتَاج أَن يبرد الْبدن أَولا بالأغذية والأشربة والضمادات.
قَالَ: فَإِذا لم يكن مَعَ الدق عِلّة أُخْرَى سوى اليبس فَإِن الْحمام ينفع مَعَ حرارة كَانَ أول مَعَ برودة. وَأما إِن كَانَت مركبة مَعهَا الْحمرَة أَو الفلغموني أَو كَانَت فِي الْبدن أخلاط عفنة لم تنضج فَصَارَ الْحمام ضاراً. وَالضَّرَر الْحَادِث عَنهُ إِنَّمَا هُوَ لهَذِهِ الْعِلَل لَا يسبب الدق لِأَن الْحمى من طَرِيق مَا هِيَ حمى تطفأ فِي جَمِيع الْأَوْقَات بِشرب المَاء الْبَارِد وَينْتَفع فِيهَا بِهِ فَاسْتعْمل الْحمام إِذا كَانَت الدق مُفْردَة فَإِن كَانَت مَعهَا أورام أَو حمى عفن فدع الْحمام وَاسْتعْمل المَاء الْبَارِد جدا فِي وَقت مُنْتَهى الْمَرَض وَاسْتَعْملهُ فِي وَقت وَاحِد بَغْتَة وَهُوَ بَارِد جدا فَأَما فِي ابْتِدَاء الْمَرَض فَلَا تسْتَعْمل ذَلِك إِلَّا إِن تضطرك إِلَيْهِ عَادَة الْمَرَض فِي وَقت صِحَّته وَكَانَ لَا يحْتَملهُ احْتِمَال الْعَطش وَقد تعود الْبَارِد. وضمده من خَارج بالأشياء المبردة بدل المَاء الْبَارِد فَإِن لم ينْتَفع بالضماد فاسقه حِينَئِذٍ المَاء الْبَارِد.)
لي لَيْسَ كَمَا يسقى عِنْد مَا يُرِيد التطفئة بل قَلِيلا قَلِيلا بِقدر مَا لَا بُد مِنْهُ فَأَما ذَلِك الْكثير بَغْتَة فَفِي ذَلِك الْوَقْت الَّذِي ذكر فَقَط.
قَالَ: وأطعمه حساء طرياً مغسولاً بِمَاء بَارِد وضع عَلَيْهِ من خَارج ألف هـ عصارة الخس والهندباء وأجود مَا تَفْعَلهُ لذَلِك أَن تعصر الحصرم وتصب مَاؤُهُ على البقلة الحمقاء وتدقها وتعصرها ثمَّ تبرد المَاء بثلج ثمَّ تخلط بِهِ شَيْئا من مَاء الشّعير وتنقع فِيهِ خرقَة وتضمد بِهِ الْموضع وَإِذا فترت رفعت وبدلت هَكَذَا دَائِما حَتَّى يحس الْمَرِيض بالبرد فِي بَاطِن يَده ويسكن عطشه.
وَكَثِيرًا مَا يخلط بِهِ دهن ورد وَيفْعل ذَلِك خَاصَّة إِذا علمنَا أَن فِي مَا دون الشراسيف ورما حاراً.
قَالَ: وَإِذا كَانَ فِي بدنه مثل هَذِه الْحَرَارَة الشَّدِيدَة أَو ورم فَلَيْسَتْ حماه دقا خَالِصَة لِأَن الْخَالِصَة لَا يحدث فِيهَا ابْتِدَاء نوبَة وَلَا تزيد وَلَا مُنْتَهى وَلَا انحطاط فَإِن وجدت فِي الدق فِي بعض الْأَوْقَات تزيداً أَو ابْتِدَاء نوبَة فابحث فَإِن كَانَ فِي الْبدن أخلاط تعفن أَو مَوضِع فِيهِ ورم فَلَيْسَتْ بدق خَالِصَة فَلْيَكُن علاجه بِحَسبِهِ. وَأما الذبول المخشف فَلِأَن حُدُوثه عَن حميات محرقة فَإِن مَنعه أَن يحدث يكون بالعلاجات المبردة المستعملة من خَارج الْعُضْو العليل وبالتي تتَنَاوَل عَن دَاخل. فَأَما الشيخوخة الْحَادِثَة عَن الْمَرَض فَإِن كَانَ ذَلِك قد استحكم فَلَا برْء لَهُ وَإِن كَانَ فِي الْحُدُوث بعد فَاسْتعْمل فِيهِ تَدْبِير النَّاقة من تغذية الْبدن وَغير ذَلِك مِمَّا قد ذَكرْنَاهُ فِي حِيلَة الْبُرْء فَأَما هَهُنَا فَأَقُول: إِن علاج الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة إِذا جَفتْ
(4/451)
بتغذية الْبدن فَإِن الْغذَاء ينفذ إِلَى الْأَعْضَاء الَّتِي هُوَ أحْوج أَكثر. والعضو الْيَابِس مَا دَامَت فِيهِ حرارة فَإِنَّهُ يجذب فَإِذا برد لم يجذب وَصَارَ كالميت.
قَالَ: فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون الْغذَاء الَّذِي يتغذى بِهِ صَاحب الذبول سهل الانجذاب ليتم بِهِ تَقْصِير جذب الْأَعْضَاء والغذاء الَّذِي هُوَ كَذَلِك اللَّطِيف الْحَار وَهَذِه الأغذية أَكْثَرهَا قَليلَة الْغذَاء وَهَؤُلَاء يَحْتَاجُونَ إِلَى مَا يغذى غذَاء كثيرا إِلَّا أَن هَذِه لزجة غَلِيظَة بطيئة النّفُوذ وَلَا يُوجد غذَاء يَفِي بالغرضين. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن تروم وجود مَا شَأْنه أَن يفعل هذَيْن بِمِقْدَار الطَّاقَة بِأَن تركب. وَأفضل الأغذية فِي هَذِه الْعلَّة اللَّبن وخاصة أَن امتص من ثدي امْرَأَة وَإِلَّا فلبن الأتن وَهُوَ حَار. وَلَيْسَ ينفع هَذَا نفس الذبول الْبَارِد فَقَط لَكِن ولانجمادى والمخشف وَفِي هذَيْن)
الصِّنْفَيْنِ اسْتعْمل من الأغذية الْبَارِدَة فِي الذبول ألف هـ الْبَارِد مَا كَانَت لَهُ حرارة وَأما الْعَسَل فَمن انفع الْأَشْيَاء فِي الذبول الْبَارِد وأضره فِي الْحَار وَمن يتخوف عَلَيْهِ أَن يَقع فِي الذبول الْبَارِد فَإِنَّهُ انفع الْأَشْيَاء لَهُ. وَأما من يتخوف عَلَيْهِ أَن يَقع فِي الذبول الْحَار الخشف فَمن أضرّ الْأَشْيَاء فَأَما أَصْحَاب الذبول الانجمادي فأعطهم الْعَسَل إِذا لم تمنع من ذَلِك حَال الْمعدة بعد أَن تغليه من سَائِر الأغذية أَو وَحده. وَأما الْحمام فنافع على مَا وَصفنَا وَاسْتَعْملهُ فِي أوقاته فِي إِنْفَاذ الْغذَاء وترطيب الْبدن وَلَا تستعمله سَاعَة يَأْكُل لِأَنَّهُ يمْلَأ الْبدن خلطانياً وَلَا بعد الهضم بِمدَّة طَوِيلَة لِأَن حِينَئِذٍ تسْقط الْقُوَّة وَاسْتَعْملهُ فيهم بعد الهضم.
فَأَما الشَّرَاب فينفع فِي الذبول الْبَارِد جدا وَأما فِي الْحَار فاهرب مِنْهُ. وَأما فِي الأنجمادي فمتوسط لِأَن هَذِه الْعلَّة متوسطة مركبة فَمرَّة يغلب فِيهَا على الْبدن الْبرد وَبطلَان النبض وَبِالْجُمْلَةِ خَواص الغشي وَمرَّة يغلب فِيهَا الْحَرَارَة والنبض الشبيه بنبض أَصْحَاب الذبول المخشف فَيَنْبَغِي أَن يكون تغيرك لعلاجها بِمَنْزِلَة تغيرها فَإِذا حدث الغشي سقيته الْخمر وأعطيته أغذية سريعة الهضم وكثفت بدنه وَجمعته وَإِذا زَالَ ذَلِك كُله وَرجعت عَلَامَات الذبول المخشف فعلت ضد ذَلِك فبردته ورطبته.
من كتاب سوء المزاج الْمُخْتَلف قَالَ: حمى دق لَا يحسها صَاحبهَا لِأَن المزاج الرَّدِيء فِيهِ قد استولى على الْبدن كُله واستوى فِيهِ والحس إِنَّمَا يكون بالتغاير.
الْخَامِسَة عشرَة من النبض قَالَ: مَا يخص الدق أَلا يتَبَيَّن للحمى ابْتِدَاء وَلَا صعُود وَلَا انحطاط لَكِن يكون أبدا بِحَال وَاحِدَة وَألا يحس أَصْحَابهَا بِأَنَّهُم محمومون ونبضهم وَإِن لم يبْق لَهُم فِيهِ عظم فَإِنَّهُ يكون فِيهِ سرعَة لِأَن سرعَة النبض خَاص لجَمِيع الحميات.
الأولى من السَّادِسَة: الحميات المحرقة الَّتِي يغلب فِيهَا على الثّقل مرّة صفراء أَو دسومة فَإِن لم تدركها بغاية الترطيب والتبريد أوقعت إِنْسَان فِي الدق.
الْيَهُودِيّ قَالَ: كل حمى تبقى أسبوعاً خُفْيَة فاترة لَازِمَة شَيْئا وَاحِدًا لَا تزيد وَلَا تنقص فَهِيَ دق فَإِن تمت أسبوعين فقد تشبثت وَإِن بقيت ثَلَاثَة أسابيع بِهَذِهِ الْحَال فقد رسخت وتمكنت.
(4/452)
قَالَ: رطبهم بِكُل حَال وانطل على رؤوسهم واجتهد أَن يَنَامُوا بعد الْغذَاء واسعط بدهن بنفسخ وقرع.)
وَقَالَ: كل حمى تبقى عشْرين يَوْمًا لَا تفترا فَإِنَّهَا تبقى سنة.
قَالَ: جهال الْأَطِبَّاء ألف هـ إِذا رَأَوْا هَؤُلَاءِ تهيج بهم حرارة إِذا أكلُوا حسبوا أَن الْأكل يفعل ذَلِك فيمنعونهم الْأكل فيهلكونهم.
قَالَ: وَهَؤُلَاء يحْمُونَ من الطَّعَام وَلَا يحْمُونَ من المَاء.
الطَّبَرِيّ: عَلامَة الدق أَن تبقى الْحمى بِحَالِهَا ويهيج مَعهَا سعال فَإِذا غارت الْعين أَو تفتحت عِنْد النّوم واخضر اللَّوْن مَعَ غَيره ولطئ الصدغ جدا وامتدت جلدَة الْجَبْهَة وَثقل الجفن وخلت عروقه من الدقم فاهرب من علاجه.
وينفع حمى الدق إِذا لم يكن هُنَاكَ شَيْء آخر من عفن اللَّبن الرائب الْمُصَفّى من الزّبد لبن الْبَقر عشرَة دَرَاهِم وزد حَتَّى يبلغ ثَلَاثِينَ درهما مَعَ أَقْرَاص الطباشير وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك فِي الْبدن عفونة فاسقة مَاء الشّعير مَعَ السراطين ويغتذي بالبقول ويستنقع فِي آبزن مَاء عذب قد طبخ فِيهِ خس وقرع ويمرخ بدنه بقيروطي بعد ذَلِك وبدهن بنفسخ وَيُعْطى تيناً وَعِنَبًا أَبيض وَيلْزم الدعة.
اهرن: هَذِه الْحمى لَا تحْتَاج إِلَى نفض كَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ الحميات وَلَا إِلَى مَا يلطف وَيفتح السد كَمَا يحْتَاج فِي بعض حمى يَوْم لَكِن إِلَى مَا يبرد حرهَا ويرطب يبسها لِأَنَّهَا سوء مزاج حَار يَابِس بِلَا مَادَّة وَأما المرطبات كَمَاء الشّعير وَلبن الآتن والفواكه الْبَارِدَة الرّطبَة وَالْغسْل الدَّائِم بِالْمَاءِ العذب الفاتر والمرخ بالدهن والأغذية الرّطبَة السريعة الهضم فَإِنَّهَا إِن كَانَت مبتدئة بَرِئت سَرِيعا وَإِن كَانَت بَالِغَة احتجت أَن تديم ذَلِك وتصبر عَلَيْهِ حَتَّى تَبرأ وَلَا تمل وَلَا تضجر من طول العلاج وَأعظم علاجه أَن يكون الْهَوَاء الْمُحِيط بِهِ طيبا وَتجْعَل حوله المَاء والرياحين الْبَارِدَة.
الْإِسْكَنْدَر: من كَانَ بِهِ دق بِلَا ورم أَو ورم حَار فاسقه المَاء الْبَارِد فِي الْغَايَة وَمن كَانَت بِهِ عفونة حميات بلغمية أَو ورم بَارِد فَلَا تسقه مَاء بَارِدًا لَكِن دبره تدبيراً معتدلاً. وَإِذا كَانَت الْقُوَّة جَيِّدَة والهضم كَذَلِك وَالْبدن لحمى والدق ملتهبة جدا بِقدر مَا يُمكن فِيهَا وتولدت عَن حميات وَأَسْبَاب جَارة فَلَا تعطه مَاء بَارِدًا كثيرا لِأَنَّهُ يُطْفِئ الْحَرَارَة الغريزية وَيصير الْمَرِيض إِلَى الذبول فَإِن كَانَت حرارته غير ملتهبة فاسقه بِرِفْق قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ: وَمن لم تستطع أَن تسقيه مَاء بَارِدًا وحرارته شَدِيدَة فضمده بقيروطى دهن ورد مشوبة بِمَاء الشّعير أَو بِبَعْض مَا ألف هـ أشبهه أَو مَاء بَارِد وَلَا تَدعه يطول مكثه عَلَيْهِ حَتَّى يسخن كثيرا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يرخى الْمعدة ويضعف الْقُوَّة لَكِن بدله أَو برده وأعده فَإِنَّهُ عَجِيب فِي)
إطفاء الْحَرَارَة وَالْمَنْع من الذبول وَلَا تسرع إِلَى تضميد الصَّدْر حَتَّى ترى الْحَرَارَة غَالِيَة جدا فَحِينَئِذٍ ضمده وامسح عَنهُ إِذا اسْتَغْنَيْت قَلِيلا قَلِيلا وتفقد لِأَنَّهُ يضر بِالنَّفسِ إِذا برد الصَّدْر جدا.
(4/453)
الاختصارات قَالَ: اسْقِهِ لبن الآتن مَا دَامَ لَا يَسْتَحِيل إِلَى عفن فَإِن اسْتَحَالَ فأسهله ثمَّ اسْقِهِ والضعفاء اِسْقِهِمْ مَا يمْنَع الاستطلاق فَإِن منع وَإِلَّا فَاسق مَعَ هَذَا قرص طباشير وَورد وبرز حماض مقشر وبلوط مشوى وَحب الآس يَجْعَل أقراصاً ويعطون مِنْهُ مَتى سهلت الطبيعة وَمَتى لم تسهل فأعطهم مَعَه أقراصاً مبردة فِيهَا لب خِيَار شنبر ولعاب بزر قطونا.
ابْن ماسوية: الدق قد يحدث عَن الْهم والسهر والحميات المزمنة إِذا أفنت الرطوبات تطاولها وَمن التَّعَب المفرط والأطعمة الحارة وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع مَا يسخن الْبدن ويجففه والمعتدل الْبدن النحيف والحار المزاج الَّذِي بِهِ سعال يَابِس مزمن.
وعلاج الدق قَالَ: إِذا لم تكن مَعَ حمى أُخْرَى أَعنِي حمى عفن فَكَانَ الْبدن نقياً لَا حمى بِهِ حارة قَوِيَّة فَاسق لبن الآتن ولتكن فتية شهباء واعلفها العشب كورق الأسفيوس ولسان الْحمل والكزبرة والهندباء وَالشعِير الْأَبْيَض وتسقى المَاء المبارد العذب فَإِن ذَلِك ينفع جدا وأطعمه الْبُقُول الْبَارِدَة وَالشرَاب من الرُّمَّان المر وَأَجْلسهُ فِي آبزن قد طبخت فِيهِ بقول ورياحين بَارِدَة ويمرخ بدهن نيلوفر وَخلاف وبنفسج بعد الْخُرُوج من المَاء لتحفظ فِي الْبدن رُطُوبَة المَاء وَإِن كَانَت قوته قَوِيَّة فاحلب اللَّبن على بدنه فاخلط فِي هَذَا الآبزن اللَّبن مَتى كَانَت قوته لَيست بقوية قبل دُخُول الآبزن أَو لبن الْمعز وَلَا تطل لبثه فِيهِ فَإِنَّهُ يضعف بل يدْخل فِيهِ وَيخرج وَلَا تسْتَعْمل الدّهن قبل الآبزن وَمَا أمكن أَن تسقيه اللَّبن وتجلسه فِي الآبزن فافعل وَإِن كَانَت مَعَ حرارة وعفن فَاسق بدل اللَّبن مخيضاً قد استقصى نزع زبده جدا وَإِن كَانَت اشد فرائب الْبَقر ويسقى أَولا عشرَة دَرَاهِم إِلَى أَن يبلغ ثَلَاثِينَ درهما ويسقى مَعَه أَقْرَاص طباشير الْكثير البزور الْبَارِدَة مثل هَذَا: طباشير وَورد وبزر القرع وبزر الْخِيَار وبزر البقلة الحمقاء وبزر الخس يعجن بلعاب بزر قطونا فَإِن كَانَت هُنَاكَ حرارة ألف هـ فدع اللَّبن وَخذ فِي مَاء الشّعير وَإِن كَانَ مَعَ سعال ويبس فِي الرئة فاسقه سرطانات وَخذ سرطانات نهرية تقطع أيديها وأرجلها وتغسل بِمَاء بَارِد ورماد وملح قَلِيل خمس مَرَّات حَتَّى تذْهب عَنْهَا الزهومة ثمَّ تغسل بِمَاء بَارِد وَحده ثمَّ ترض وتطبخ مَعَ مَاء الشّعير وَإِن حدث سعال فَاتخذ أَقْرَاص طباشير وَورد وبزر قرع حُلْو وبزر)
القثاء وبزر البقلة الحمقاء ونشا وَرب السوس ولعاب حب السفرجل ويعجن بلعاب بزر قطونا.
ويبرد مَضْجَع العليل ويلبس ثوبا مصندلاً ويرش المَاء فِي الْبَيْت ويفرش بالأوراق الْبَارِدَة وَإِن حدث غشى فالطخه بِمَاء الْورْد والصندل والتفاح والكافور واسقه إِن اضطررت مَاء لحم مَعْمُول من لحم الجدي وَمَاء التفاح وشراب التفاح وشراب يسير فَإِن هَذَا يُقَوي المرضى جدا إِذا سَقَطت قوتهم من الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام.
قَالَ: وَمن رَأَيْته من المسلولين قد ضعفت قوته الْبَتَّةَ وأعضاؤهم قد ذبلت وبليت حَتَّى أَن الْعُرُوق تظهر ظهوراً بَينا وَترى خَالِيَة من الدَّم وَعِظَام ساعديه قد رقت وبليت فاجتنب علاجه وَإِن لم يكن قد بلغ ذَلِك فعالجه واجتهد أَلا تنْحَل طَبِيعَته فَإِن انْحَلَّت فاسقه مَاء الشّعير وصمغاً وَهَذِه الأقراص: طين ارمني وشاه بلوط وطباشير وبزر حماض مقشر وَورد
(4/454)
وأمير باريس يجمع بِمَاء السفرجل ويسقى بِمَاء الرُّمَّان الحامض ويبيت بالْعَشي على بزر قطونا مقلوا زنة دِرْهَم واسقه سوبق مَاء التفاح والسفرجل فِي شرابه وأطعمهم العدس المقشر بِمَاء السماق والسفرجل واسقهم سويق الغبراء وَحب الرُّمَّان وَإِن الجئت فاسقهم الْقرظ والطراثيث والسماق والسفرجل إِن لم يكن سعال فَإِن كَانَ سعال فالقابضات الأول بِلَا عفوصة وَلَا حموضة وأعطه رب السوس فَإِنَّهُ لَا يضر السعال.
3 - (علاج الدق الَّذِي لَا حرارة مَعَه)
بَوْل هَؤُلَاءِ أَبيض وأمارات الْبرد ظَاهِرَة ويحتاجون أَن ترطب أبدانهم وتسخن لَكِن يَنْبَغِي أَن تبدأ بالمعتدلة مِنْهَا أَولا وَلَا تبادر أَولا بالقوية الْحَرَارَة فَيهْلك العليل بتغيير المزاج ضَرْبَة فاسقه أَولا عسل الأترج المربى وَعسل الشقاقل ثمَّ عسل الزنجبيل وإسفيذباجا بِلَحْم الضَّأْن وبشراب معتدل لِئَلَّا يصيبهم صداع ويقعدون فِي آبزن قد طبخ فِيهِ مرز نجوش وورق الأتراج وبخره بِالْعودِ النى فَإِذا قووا قَلِيلا فأعطهم الترياق والمثرود يطوس ودواء الْمسك وَلَا يقربون الْحمام فَإِذا قووا فأدخلهم الْحمام وأطعمهم اسفيذباجاً مطيباً بسنبل وزنجبيل واسقهم الرَّأْس والأكارع والبزور والحمص وَالْحِنْطَة وَسمن الْبَقر فِي كل أُسْبُوع يحقن بِهِ عِنْد النّوم وَإِذا حقن ذَلِك الْبدن بدهن سوسن مَعَ شمع أَو دهن نرجس أَو دهن خيرى وليبكر بِالْغَدَاةِ على بيض نيمبرشت وَقَلِيل من خبز وشراب وينتظر قَلِيلا وَيدخل الْحمام وينام ثمَّ يَأْكُل.
لي النّوم بعد الْحمام يهزل الْجِسْم وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يَأْكُل بعقب الْحمام ثمَّ يَأْكُل اسفينباجا من لحم حمل وَيشْرب شرابًا بِمَاء مسخن فَهَذَا تَدْبيره إِلَى أَن يسمن وَيرجع إِلَى صِحَّته.
الْإِسْكَنْدَر من الكناش الصَّغِيرَة قَالَ: يَنْبَغِي أَن نجيد الْفرق بَين المبتدئة والذبول لِئَلَّا تمسك عَن قَالَ: وَمَا لَا يبرأ هُوَ أَن تتَعَلَّق الْحمى برطوبات الْعِظَام وتدق فَهَذِهِ لَا تَبرأ الْبَتَّةَ.
تياذوق: يحْتَاج المسلول إِلَى الجوارشات المعمولة من طباشير وَورد وسفرجل ومصطكي وكروياً وقرنفل وصندل وكافور ويطلى عِنْد النّوم بأطلية وَيقْعد فِي لبن الْغنم أَو يلقى زعفران عشرَة دَرَاهِم فِي المَاء ويصفى وَيجْلس فِيهِ.
لي رَأَيْت عددا رقت عظامهم فَلم يبرأ وَاحِد مِنْهُم.
إِذا صَار الْبدن كالخرقة ومشط الْكَفّ ظَهرت عِظَامه بقيت الْعُرُوق خَالِيَة من اللَّحْم حواليها حَتَّى كَأَن الْجلد قد جف عَلَيْهَا ولطأت الأصداغ وَغَارَتْ الْعين جدا فَلَا تعالجه فَإِن اضطرت فاحذر أَن تنْحَل طباعهم وقوهم بالمرق الْمُتَّخذ من لحم جدي أَحْمَر وَمَاء التفاح وشراب وخبز سميذ لِأَنَّهُ يُقَوي جدا وأطل الْبدن كُله بالطيب.
بولس وأريباسيوس: إِذا رَأَيْت فِي الْحمى يخرج من برازه كالمرة الصَّفْرَاء إِلَّا أَن لَهُ
(4/455)
ثخناً ولزوجة دهنية وَمَعَهُ نَتن وَرُبمَا كَانَ أَشد حمرَة وَاللَّحم والشحم يذوبان مَا دَامَ ذَلِك فَهَذِهِ الْحمى ردية جدا وَتسَمى المذيبة وَعَلَيْك بسقى المَاء الْبَارِد غير المفرط الْبرد وَاعْتمد حِينَئِذٍ على المَاء)
الْبَارِد والأضمدة المبردة على الصَّدْر والبطن كُله والأغذية المبردة وَاسْتعْمل غَايَة التبريد والتقوية.
من مقَالَة جالينوس فِي الذبول قَالَ: الذبول فَسَاد الْحَيَوَان من قبل اليبس وَيكون مَعَ حرارة وَمَعَ برودة وَهُوَ حِينَئِذٍ مركب من يبس وحر أَو يبس وَبرد فَأَما الذبول الْيَابِس الْبَسِيط فَإِنَّهُ يكون من عدم الْغذَاء والمركب مَعَ برد فَكَمَا يعرض للشيوخ والحادث ألف هـ مَعَ حرارة فكالحادث مَعَ الحميات الحارة والذبول غير مفارق للشيخوخة والشيخوخة إِنَّمَا هِيَ غَلَبَة اليبس وَأما حفظ الْبدن من الشيخوخة فممتنع والبرهان أوردهُ فِي الْمقَالة وَلم استحسنه أَنا.
قَالَ: ومقاومة الْبدن كَيْلا ييبس سَرِيعا وتمتد بِهِ الرُّطُوبَة مُدَّة طَوِيلَة فممكن وَهَذَا الْجُزْء من الطِّبّ هُوَ الْمُسَمّى تَدْبِير الشيخوخة.
وَالْغَرَض فِيهِ مدواة جرم الْقلب لِئَلَّا يجِف سَرِيعا والشيوخ يَنْبَغِي لَهُم إِذا استحموا وأكلوا أَن يَنَامُوا على فرش لينَة فَإِن هَذَا التَّدْبِير أصوب من تَدْبِير الْمَشَايِخ لِأَن الاستحمام وَالنَّوْم على الْفرش اللينة من الْأَشْيَاء المرطبة وخاصة هِيَ بالغذاء أَكثر ترطيباً من ترطيب جَمِيع الْأَشْيَاء وَذَلِكَ أَن الْغذَاء من بَين جَمِيع التَّدْبِير المرطب يبين لَك ترطيبه للبدن من يَوْمه وترطيبه لَهُ بِأَن يرطب نفس جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَيزِيد فِي الرُّطُوبَة الَّتِي بهَا التحام أَجْزَائِهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل إِلَى جَوْهَر هَذِه الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة أَعنِي الْقلب والكبد وَنَحْوهمَا. فَأَما سَائِر التَّدْبِير المرطب كالحمام وَنَحْوه فَإِنَّمَا يودع الرُّطُوبَة إِلَى الْخلَل الَّذِي بَين الْأَجْزَاء ويرطب الْبدن بالرطوبة المنبئة فِي لي وَإِن قصر عَن هَذَا فَيَنْبَغِي أَن تَجف هَذِه الرُّطُوبَة أَو تبطل وممكن فِي وَقت من الْأَوْقَات أَن يكون تزيد الرُّطُوبَة المبثوقة فِي خلل الْأَعْضَاء تترطب مِنْهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة كَمَا أَنه قد تَجف عَن ذهَاب هَذِه الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
قَالَ: والكبد وَالْقلب لَا يعدمان الرُّطُوبَة إِلَّا أَن ينقص الدَّم فِي الْبدن نُقْصَانا مفرطاً جدا وَهِي إبطاء الْأَعْضَاء جفافاً فَأَما الكبد فَلِأَنَّهَا مبدأ الدَّم وَأما الْقلب فلقوته الجاذبة لَا يُمكن أَن يعْدم الْغذَاء إِلَّا وَقد عَدمه جَمِيع الْبدن فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يظنّ أَن حَال الْقلب والكبد فِي الْأَبدَان الَّتِي قد نحلت وقصفت لَيست مُتَسَاوِيَة بِحَال الْأَعْضَاء بل تعلم أَنَّهَا اخصب أبدا وأرطب من سَائِر الْأَعْضَاء وَلَو أَنَّك قتلت حَيَوَانا جوعا وشرحته لوجدت قلبه وكبده قريبتين من الْحَال الطبيعية فِي الرُّطُوبَة وَسَائِر أَعْضَائِهِ جافة يابسة صلبة.)
قَالَ: والذبول الَّذِي يكون الْقلب فِيهِ بَارِدًا لَا حمى مَعَه وَيدل على ذَلِك صغر النبض وتفاوته وَكَذَلِكَ النَّفس فَإِنَّهُ صَغِير متفاوت وَلَا يخرج حاراً كالحال الطبيعية وَلَا فِي نواحي الصَّدْر والمجسة حرارة فبذلك ألف هـ يعلم أَنه لَا حمى بهم.
قَالَ: وَإِنَّمَا فيهم من دَلَائِل الحميات صلابة النبض وصلابة النبض فِي هَؤُلَاءِ عَن شدَّة
(4/456)
اليبس وَلَيْسَ مَعَه تَوَاتر. فَأَما فِي الذبول المخشف الَّذِي يحدث عَن الحميات المحرقة فَإِن الْهَوَاء الْخَارِج بِالنَّفسِ يكون حاراً ويستند العليل خُرُوجه وَأكْثر مَا يُصِيبهُ ذَلِك الْأَبدَان الحارة الْيَابِسَة والنبض مِنْهُم صلب متواتر صَغِير. وَأما الذبول الْحَادِث عَن الْحمى الإغمائية فَإِنَّهُ يحدث إِذا عرض غشى فيخلص من الْخطر اللَّاحِق بِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت ثمَّ بقيت مِنْهُ بَقِيَّة.
لي احسب أَنه يتَخَلَّص من الغشي بشراب قوي يسقى ثمَّ تبقى بِهِ من الْحَرَارَة بَقِيَّة أَو يكون يُرِيد أَنه يبْقى مِنْهُ الْحَال الغشية حَتَّى تصيبه الْحمى فِي الْأَحَايِين. وَأما الذبول الْبَارِد الَّذِي حَاله حَال الشيخوخة فَيعرض عَن الحميات الَّتِي يبرد فِيهَا الْبدن على غير مَا يَنْبَغِي بالأشربة والأضمدة الَّتِي تُوضَع على مَا دون الشراسيف لبرد الْقلب إِذا اسْتعْمل بِشدَّة الْبرد أَو فِي غير الْوَقْت الَّذِي يجب.
قَالَ: وَمن توهم أَنه يُبرئ الذبول الْبَارِد وَقد كَانَ فَإِنَّهُ جَاهِل بِنَوْع هَذِه الْعلَّة.
الْبدن إِنَّمَا يقصب ويهزل إِمَّا لقلَّة رطوبته الَّتِي هِيَ الأخلاط أَو لذوبان الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة الْعَهْد بالجمود كالشحم وَاللَّحم الرخو أَو ليبس الرُّطُوبَة المبثوثة فِي خلل الْأَعْضَاء أَو لفقد الرُّطُوبَة الَّتِي بهَا التحام أَجزَاء الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فَلَا برْء لهَذَا. وَأما الصِّنْف الأول فعلاجه سهل وَلَا خطر فِيهِ. وَالثَّانِي علاجه اعسر والخطر فِيهِ اشد وَهِي وَيبرأ بِالسَّبَبِ المضاد وَهُوَ الترطيب. والذبول الَّذِي مَعَ برد يحْتَاج إِلَى إسخان والأغمائي إِلَى تبريد. وَإِنَّمَا يعالج الذبول قبل أَن يستحكم.
لي يحْتَاج أَن يعرف الْفرق بَين الذبول المستحكم الَّذِي لَا يبرأ وَغَيره فاطلب ذَلِك من الحميات والمعدة وَنَحْوهَا ورده إِلَى هُنَا بشرح ثمَّ نَنْظُر نَحن فِيهِ ونشرحه بِمَا عندنَا.
وَالْحمام ينفع الذبول مَعَ حركان أَو مَعَ برد إِذا كَانَ بسيطاً وَلم يكن مَعَ حميات عفن وَلَا ورم وَإِذا كَانَ مَعَهُمَا فقد قُلْنَا فِي بَاب الدق فَأَما اليبس الْعَارِض للبدن فالحمام انفع لِأَشْيَاء لَهُ.
الْخَامِسَة من الْفُصُول قَالَ: اللَّبن جيد للدق والسل اعني بالدق مَا يذوب بِلَا قرحَة الرئة.
قَالَ: فليسقوا إِن تكن حماهم شَدِيدَة أَو مَا دون شراسيفهم منتفخ أَو بهم عَطش شَدِيد أَو)
أبدانهم مرارية وَمَا يبرز مِنْهُم بالبراز وَالْبَوْل ألف هـ يشْهد بذلك.
من
3 - (الْمقَالة فِي الذبول)
يسْتَدلّ على الذبول الدَّائِم الَّذِي يكون من الْقلب بصغر النبض وتفاوته وَكَذَلِكَ بصغر النَّفس وتفاوته وبخروجه من الْفَم غير حَار فَهَذِهِ عَلَامَات الذبول بِلَا حمى وَلَيْسَ ملمس صُدُورهمْ بحار ونبضهم صلب.
لي يَنْبَغِي أَن يحذر من تبريد الْقلب بأضمدة وَكَذَلِكَ بالأغذية الْبَارِدَة والهواء فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى
3 - (جَوَامِع الحميات غير المفصلة)
لَا تطلب زِيَادَة السخونة فِي الدق فِي حَال الْغذَاء
(4/457)
كَمَا يَأْكُل العليل من ساعتك لَكِن بعد قَلِيل حَتَّى يَأْخُذ الْغذَاء ويصل إِلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي ذَلِك الْوَقْت تكون السخونة.
قَالَ ج فِي مَوَاضِع كَثِيرَة وَفِي التَّاسِعَة من عمل التشريح: أَن الْحَيَوَان الْقَرِيب الْعَهْد بالولاد تَجِد قحفه مملوءاً من الدِّمَاغ والهرم أَو المهلوس قحفه شَيْئا كثيرا فَارغًا. وَله كَلَام يُوهم أَن الذبول والشيخوخة يبس الدِّمَاغ والأعصاب وَيقدر ذَلِك يكون بطؤه وتأخره فَلْتنْظرْ فِي ذَلِك وتتفقد فِي تَدْبِير الْمَشَايِخ.
لي للدق مَرَاتِب أولاها أَن تَجِد حمى يَوْم لَا تقلع لَكِن تخف حَرَارَتهَا وَتبقى على ذَلِك ثَلَاثًا أَو أَرْبعا وَيظْهر على الْبدن جفاف وتدوم الْحمى دقيقة لينَة وَهَذَا يحدث ابْتِدَاء بالذين مزاجهم حَار يَابِس من سَبَب باد وَإِن كَانَت الْحَرَارَة تهيج إِذا اغتذوا فقد صَار أبين وعلاجها أسهل بالترطيب والغذاء والضماد والهواء مَا أمكن فَإِن امتدت أَيَّامًا كَثِيرَة أَكثر من هَذِه وَعلمت أَنَّهَا دق بِأَن تهيج الْحَرَارَة بعد الْغذَاء فَإِنَّهَا فِي هَذَا الْحر مَا دَامَ النبض لم يضعف ويصلب ويدق فَإِذا كَانَ كَذَلِك وَظَهَرت اليبوسة والضعف على الْبدن أَكثر كثيرا فَذَلِك هُوَ ابْتِدَاء الذبول ويعالج فِي هَذَا الْوَقْت ويكب على العلاج فَإِنَّهُ يبرأ فَإِن كَانَت هَذِه الْحَال الَّتِي يصير النبض كوتر الْعود فِي الدقة والصلابة وتغور الْعين وَيذْهب اللَّحْم فَهُوَ ابْتِدَاء الذبول. وَإِذا دق الْعظم ولصق الْجلد بالعظم وَصَارَ الْبَطن خَالِيا لاصقاً بِالظّهْرِ فَلَا تعالجه الْبَتَّةَ.
التَّاسِعَة من حِيلَة الْبُرْء: إِنَّمَا يعرض للأبدان القليلة الدَّم القضيفة.
لي أرَاهُ إِنَّمَا يَعْنِي:)
الْأَبدَان القضيفة الواسعة الْعُرُوق وَلَا تقع فِي الدق وَإِن الْوَاقِعَة فِي الدق القضيفة القليلة الدَّم. ج: البقلة الحمقاء تبرد فِي الثَّالِثَة وترطب فِي الثَّانِيَة فَلهَذَا لَا مثل لَهَا فِي النَّفْع ألف هـ حَيْثُ تَجِد لهيباً وتوقداً مَتى وضعت على فَم الْمعدة وعَلى الشراسيف.
لي اعْتمد من الأضمدة عَلَيْهَا واعتصرها ولتكن عصارتها معدة عنْدك واخلطها بلعاب بزر قطونا وضمد بهَا.
بولس: من نوع يدل على ذوبان الْبدن فتفقد فِي الحميات المحرقة وَفِي الدق فَإِن رَأَيْت برازاً لَيْسَ من جنس مَا يُؤْكَل وَيشْرب لكنه اخْتِلَاف يشبه الصَّفْرَاء إِلَّا أَنه منتن وَهُوَ أَشد حمرَة من الصَّفْرَاء وَله ثخن ولزوجة وَرُبمَا كَانَ فِيهِ دسم فَاعْلَم أَن الْأَعْضَاء والشحم تذوب وَتخرج وَإِن توانيت عَنهُ أدّى إِلَى ذبول سَرِيعا فَإِن خرج فِي البرَاز قطع من الْأَعْضَاء فَتَدَاركهُ بِأَن تسقيه مَاء الثَّلج وتضمد صَدره وشراسيفه بأضمدة بَارِدَة وغذه بأغذية بَارِدَة.
لي رَأَيْت الحذاق إِذا لم يُمكنهُم سقى اللَّبن واحتاجوا إِلَى غذَاء لَهُ لزوجة وتماسك قَلِيل والتزاق بالأعضاء الْأَصْلِيَّة وَزِيَادَة فِيهَا طبخوا فِي مَاء الشّعير سرطانات وأعصاب الأكارع والسرطانات عَجِيبَة فِي الترطيب ويطعمون السراطين والسمك كباباً
(4/458)
فَإِنَّهُ يغذوهم غذَاء فِيهِ رُطُوبَة ولزوجة بَاقِيَة وأطراف الجداء والجداء اسفيذباج والأدمغة والأعضاء العضلية.
الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: إِذا حدثت دق بعد حميات قَوِيَّة جدا طَوِيلَة الْمدَّة فَإِنَّهَا دق مبتدئة غير مستحكمة فَإِن لم تعالج صَارَت إِلَى الذبول من تَفْسِير يحيى لطونون: الذبول ثَلَاثَة أَصْنَاف: من حميات حادة دَامَت وأورام جَاوَرت الْقلب حَتَّى جففته على طول الْمدَّة ثمَّ ينْتَقل اليبس مِنْهُ إِلَى جَمِيع الْأَعْضَاء. وَالثَّانِي: أَن يكون محموماً يلْزمه غشي فيضطر الطَّبِيب إِلَى أَن يسْقِيه الْخمر فيفلت من الْمَوْت السَّرِيع بِإِذن الله وَيبقى بِهِ يبس بِالْقَلْبِ. وَالثَّالِث: إِذا أفرط فِي تَدْبِير عليل كَانَ بِهِ سوء مزاج حَار فِي حمى أَو غَيرهَا يسقى مَاء بَارِدًا وَأَشْيَاء مبردة فيتخلص من الْحَرَارَة وَيبقى اليبس فَيصير بِهِ سوء مزاج يَابِس كمزاج الشُّيُوخ.)
(4/459)
(الْحمى البلغمية والنائبة) (كل يَوْم والمضاهية) للبلغمية وَهِي الغشية وعلاج البلغمية من الثَّانِيَة من كتاب البحران قَالَ: قد بيّنت فِي غير هَذَا الْكتاب أَن النائبة فِي كل يَوْم إِنَّمَا تكون من بلغم يكثر ويغلب على الْبدن فَأَما البلغمية فَلَا يتقدمها نافض لَا فِي أول أَيَّامهَا وَلَا إِذا تمادت ألف هـ لكنه إِنَّمَا يعرض لصَاحِبهَا أَن تبرد أَطْرَافه وَظَاهر بدنه وَأما النائبة كل يَوْم فَالْفرق بَينهَا وَبَين الغب سهل لِأَن هَذِه لَيْسَ تبتدئ من أول يَوْم بنافض فَإِذا تمادت بهَا الْأَيَّام عرض لَهَا فِي أول نوبتها برد فِي ظَاهر الْبدن وأطرافه لَا نافض صَحِيح.
لي يَقُول انه لَا يعرض فِي الْأَيَّام من هَذِه الْحمى نافض وَلَا برد فِي الْأَطْرَاف وَيُوجد فِي النبض اخْتِلَاف وَيفْسد نظامه فِي أَوَائِل نوبَة هَذِه وَلَا يُوجد فِي تزيدها فِي السرعة والعظم وَالْقُوَّة مَا يُوجد فِي الغب وَلَا قَرِيبا مِنْهُ وَلَا يحس العليل فِيهَا بتلهب شَدِيد وَلَا يضْطَر إِلَى أَن ينْكَشف ويلقى عَنهُ ثِيَابه وَلَا تنفس تنفساً عَظِيما متواتراً وَلَا ينْفخ فَيخرج مِنْهُ هَوَاء حَار كتلهب النَّار وَلَا يكثر بِطَلَب الْبَارِد لَكِن الْعَطش فِي هَذِه الْحمى أقل مِنْهُ فِي جَمِيع الحميات وَالْبَوْل فِي أول يَوْم مِنْهَا مثل مَا يكون فِي الرّبع وَلَا تكَاد تعرف فِي الْأَيَّام الْأَوَائِل إِذا طَالَتْ الْأَيَّام وَلَيْسَ يشكل تَفْصِيل البلغمية من الغب لقلَّة تشابههما بل هَذِه إِلَى الرّبع أقرب إِلَّا أَن بَينهَا أَيْضا فرقا وأكبر الْفرق بَينهمَا فِي النبض وَإِنَّمَا يقف عَلَيْهِ الطَّبِيب وقوفاً صَحِيحا فِيمَن قد عرف نبضه قبل ذَلِك وَبَينهمَا أَيْضا فرق فِي النافض فِي الْأَسْبَاب الْخَارِجَة الَّتِي عَنْهَا تحدث وَذَلِكَ أَن البلغمية تحْتَاج من الْغذَاء وَلِهَذَا أَكثر مَا تعرض البلغمية للصبيان وَلَا تكَاد تكون هَذِه الْحمى إِلَّا وَمَعَهَا ألم فِي فَم الْمعدة والكبد ويتقدمها تخم كَثِيرَة وبطء هضم وجشاء حامض وَإِذا تقدّمت الْحمى فَلَا بُد من أَن ينتفخ ويعظم مَا دون الشراسيف أَكثر مِمَّا كَانَ فِي وَقت الصِّحَّة وَكَثِيرًا مَا تَجدهُ قد رق وتمدد وَترى لون الْمَرِيض بَين الصُّفْرَة وَالْبَيَاض وَإِن كَانَت النّوبَة فِي حَال الِانْتِهَاء.
لي قَوْله وَإِن كَانَت فِي حَال الِانْتِهَاء لِأَن فِي هَذَا الْوَقْت يكون اللَّوْن فِي الحميات أَحْمَر ويعين على حدوثها الشتَاء والبلد والمزاج الرطب فَبِهَذَا يفرق بَين النائبة وَغَيرهَا وَأما الدائمة فَلَيْسَ يتَعَذَّر مَعْرفَتهَا فِي أول يَوْم على من يرتاض فِي تعرف النائبة رياضة جَيِّدَة وَأما فِي الْيَوْم الثَّانِي فَهُوَ يعرفهَا ويميزها وَإِن لم يرتض فِي ذَلِك. والحمى الدائمة الْمُنَاسبَة لَهَا هِيَ الَّتِي تنوب كل يَوْم وَلَا)
تقلع.
قَالَ: إِذا رَأَيْت جَمِيع عَلَامَات ألف هـ النائبة فِي كل يَوْم مَوْجُودَة وَلم تقلع فيهي بلغمية
(4/460)
قَالَ: وَإِذا كَانَت لَا تقلع هَذِه الْحمى فَإِن البلغم فِيهَا مَحْصُور فِي الْعُرُوق وَلَا فرق بَينهَا وَبَين النائبة إِلَّا فِي هَذِه.
لي على مَا ذكر جالينوس: 3 (تفقد أَوْقَات النّوبَة) والفترة فَإِن كل وَاحِدَة مِنْهَا مُخَالفَة فِي ذَلِك الْوَقْت لِلْأُخْرَى فَإِن البلغمية تخَالف الغب وَالرّبع وَذَلِكَ أَن أزمان فتراتها لَيست بنقية فِي صعودها فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شدَّة عظم الْحَرَارَة واللهيب وَإِن تخَالف الغب فِي أَن صعودها يبطئ جدا وبكد مَا يبلغ مُنْتَهَاهَا بِخِلَاف الغب وَمَا أشبه ذَلِك فتفقد هَذَا ليَكُون أَن خَفِي عَلَيْك الْأَمر فِي وَقت استدركته فِي الْوَقْت الثَّانِي وتفقد طول أزمان النوائب فَإِن البلغمية أطولها وَالْغِب أقصرها وَالرّبع متوسطة بَينهمَا فَإِنَّهَا كَذَلِك لَا تكَاد تفوتك الْمعرفَة بهَا مُنْذُ أول نوبَة.
فليغريوس: فِي رسَالَته فِي النقرس: لَا تكْثر من الطَّعَام فتكثر فِيك الرطوبات ويجتذبها الرَّأْس ثمَّ ينزل مِنْهُ إِلَى الْمعدة بلغم عفن وَيبقى فِيهَا فيورثك أقصار سوس.
لي جملَة سَبَب هَذِه الْحمى عَن الْمعدة وَجل أضرارها بهَا وأجود علاجها تقويتها وتنقيتها من جوامح البحران: 3 (الْحمى البلغمية النائبة) كل يَوْم تعرف من الْأَسْبَاب الجامعة لمادتها وَمن الْأَسْبَاب المقوية لنوعها والجامعة لمادتها: الشتَاء والبلد وَالسّن والمزاج وَالتَّدْبِير المولد للبلغم كالنهم وَكَثْرَة الْحمام بعد الطَّعَام وَسن الصّبيان وَضعف فَم الْمعدة. والمقوية لنوعها فالبرد والقشعريرة قبلهَا وَاخْتِلَاف النبض وَخُرُوجه عَن النظام وانتفاخ الجنبين واللون الْحَائِل إِلَى الصُّفْرَة وَالْبَيَاض وَابْتِدَاء النّوبَة بالغشي.
قَالَ: وتعرف البلغمية اللَّازِمَة أَنَّك تَجِد المقوية لنوعها والجامعة لمادتها ثمَّ تجدها لَا تفتر وَلَا تبتدئ نوبتها بِبرد وَلَا تقلع باستفراغ محسوس.
من الْمقَالة الثَّالِثَة من أَصْنَاف الحميات قَالَ: لَا يكون فِي الْحمى النائبة كل يَوْم قيء وَلَا بَوْل مراري كَمَا يكون فِي الغب لي إِذا كَانَت خَالِصَة.
قَالَ: 3 (من الحميات الْخَالِصَة المفردة) حمى تكون من بلغم قد عفن تَدْفَعهُ الطبيعة فتجريه فِي أَعْضَاء حساسة وَابْتِدَاء هَذِه الْحمى يكون مَعَ برد فِي الْأَطْرَاف وَشَيْء هُوَ بالاقشعرار أشبه مِنْهُ بالنافض ويعسر اسْتِيلَاء الْحَرَارَة بعد الْبُرُودَة فتطول مُدَّة ألف هـ تزيد نوبَة الْحمى إِلَى أَن تبلغ مُنْتَهَاهَا وَذَلِكَ أَن الْخَلْط الَّذِي يتَوَلَّد مِنْهُ هَذِه الْحمى هُوَ فِي مزاجه بَارِد رطب وَفِي قوامه لزج. فَلذَلِك هُوَ بطيء الِاشْتِغَال بطيء الْحَرَكَة وَيمْتَنع من النّفُوذ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة من المجاري فيضغط ويثقل الْقُوَّة أَحْيَانًا فَيجْعَل النبض مُخْتَلفا وَتَكون النبضات الصغار الضعيفة مِنْهُ أَكثر وَذَلِكَ يكون فِي ابْتِدَاء النّوبَة وَأول تزيدها. وَلَيْسَت حَرَارَتهَا كحرارة الغب الَّتِي كَأَنَّهَا نَار نقية لَا تخالطها كدورة دخانية كَأَنَّهَا نَار مشتعلة فِي حطب رطب دخاني
(4/461)
ضبابي وَلذَلِك يكون الاستفراغ فِيهَا يَسِيرا وَطول النّوبَة أطول من الغب وفترتها غير نقية وَلَكِن تبقى فِيهَا العلامات الدَّالَّة على العفن فِي حرارة الْبدن وَفِي النبض وعلامة العفونة فِي الْعُرُوق فِي ابْتِدَاء نوائبها وتزيدها على أبين مَا يكون. إِلَّا أَنه وَإِن كَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ على حَال مَتى كَانَت هَذِه الْحمى خَالِصَة فَإِن فترتها عِنْد كثير من النَّاس تكون نقية يَعْنِي مِمَّن لَا يحسن يستقصي جس الْعُرُوق وتعرف الْحمى.
قَالَ: وَنحن أَيْضا نقُول: أَن نوبتها نقية إِذا لم يحْتَج إِلَى استقصاء الْكَلَام وَتعين على تولد هَذِه الْأَسْبَاب الجامعة للبلغم.)
قَالَ: إِذا أَنْت وضعت يدك على من بِهِ حمى بلغمية أحسست أَولا بحرارة هِيَ إِلَى البخار أقرب لَا حِدة مَعهَا فَإِذا كال لبث كفك وجدت اللذع يتزيد قَلِيلا قَلِيلا وفيهَا مَعَ ذَلِك اخْتِلَاف حَتَّى أَنه يخيل إِلَيْك كَأَنَّهَا تنفذ بالمصفاة أَو بالمنخل وَأَقل الْأَسْبَاب بِهَذَا أَن الْخَلْط لغلظه ولزوجته لَا يلطف ويرق على اسْتِوَاء بل يعرض فِيهِ كَمَا يعرض فِي الرطوبات اللزجة إِذا طبخت من النفاخات فَإِذا تفطرت تِلْكَ النفاخات ارْتَفع مِنْهَا البخار فَلَا يكون من ذَلِك مُتَسَاوِيا فِي كل مَوضِع.
جوامح البحران قَالَ: الحميات مِنْهَا يسيرَة الْمِقْدَار إِلَّا أَنَّهَا خبيثة ردية كميات البلغم.
الثَّالِثَة من الأخلاط قَالَ: الْحمى البلغمية النائبة كل يَوْم لَا تكون قَوِيَّة وَلَا تبتدئ بنافض ذِي قُوَّة وَيكون صعودها نَحْو الْمُنْتَهى بطيئاً والقيء وَالْبرَاز فِيهَا بلغمي واللون أَبيض رهل.
لي رَأَيْت الْعِمَاد فِي هَذِه الحميات على مَا يَدُور الْبَوْل الغليظ الْكثير إِذا أمكن فِيهَا ذَلِك وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع الحميات المزمنة كالأنيسون والنانخواة والكندر والأشق والشاهترج والغافث والشكاعي والباداورد والرازبانج يخْتَار مِنْهَا بِحَسب ألف هـ احْتِمَال الْحمى.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: الْحمى النائبة فِي كل يَوْم رُبمَا ابتدأت من غير أَن يكون مَعهَا برد بَين وَرُبمَا ابتدأت مَعَ برد محسوس وتنتهي فِي مُدَّة أطول من مُدَّة الغب لي وَمن مُدَّة المطيريطس.
قَالَ: وَفِي هَذِه الحميات شَيْء يُوجد فِي تِلْكَ يَعْنِي فِي المطيرايطس وَيظْهر فِي هَذِه كثيرا وَهُوَ أَنَّهَا فِي صعودها تقف مُدَّة بِحَالِهَا لَا تزيد ثمَّ تبتدئ بعد ذَلِك بالتزيد وَكَذَلِكَ انحطاطها فَإِنَّهَا رُبمَا تقف فِيهِ فِي بعض النَّاس سَاعَة وَفِي بَعضهم ساعتين ثمَّ تنقص.
ابْن ماسوية: اسْتعْمل فِي هَذِه الْقَيْء وَقت الدّور بسكنجبين وَمَاء حَار وَلَا تسْتَعْمل فِيهَا الدّهن الْبَتَّةَ إِلَّا أَن يكون صداع شَدِيد واختلاط واسقه عِنْد شدَّة النافض مَاء الأنيسون حاراً وَاجعَل تَحْتَهُ طستاً فِيهِ طبيخ الشيح والفودنج.
الأولى من ابيذيميا قَالَ ج: الحميات النائبة كل يَوْم أَو كل لَيْلَة بلغمية.
(4/462)
الرَّابِعَة من الثَّالِثَة: الحميات الليلية والنهارية هِيَ من جنس النائبة كل يَوْم يَعْنِي بالليلية الَّتِي تنوب كل لَيْلَة والنهارية الَّتِي تنوب كل يَوْم وَلَا تنوب إِلَّا بِالنَّهَارِ.
الأول من السَّادِسَة من ابيذيميا: قَالَ جالينوس: النافض الْقوي الشَّديد الْبرد يعرض من البلغم الْقوي الشَّديد الْبرد الْمُسَمّى الزجاجي وَمن الْخَلْط السوداوي.)
قَالَ: إِلَّا أَن النافض البكائن عَن الزجاجي والخلط السوداوي تعسر سخونة الْبدن مَعَه.
قَالَ: ونوائب الْحمى الكائنة عَنهُ تكون فِي كل يَوْم.
لي قد اتّفقت الْكتب على أَن البلغمية لَيْسَ لَهَا نافض وجالينوس يَقُول هَهُنَا هَذَا القَوْل وَقد قَالَ فِي كتاب الحميات مَا قد كتبناه عَنهُ فَلَيْسَ الْوَجْه إِلَّا أَن الحميات البلغمية وَإِن كَانَ يجمعها أَن تنوب فِي كل يَوْم فَإِن مِنْهَا مَا لَا يكون من بلغم مائي وَمن بلغم حُلْو قريب من الدَّم وَمن بلغم مالح وَيُمكن أَن يكون النافض لَيْسَ فِي ذَلِك فَأَما فِي الْكَائِن الزجاجي فَالْقَوْل فِيهِ مَا قَالَ جالينوس.
الْيَهُودِيّ: البلغمية أبدا صَاحبهَا مصفار مخضار وتبدأ بِبرد شَدِيد كثير الرعدة لَا يدْفع صَاحبهَا ويظن أَنه جَالس فِي ثلج وَأَن الثِّيَاب الَّتِي عَلَيْهِ مبلولة وتصطك أَسْنَانه ويصفر ويخضر لَونه: وَلَا يفهم كَلَامه من شدَّة النفض والرعدة وَالْمَاء يرى يَوْمًا أَبيض وَمن غَد أَحْمَر ألف هـ غليظاً كثير الثفل. وإقلاعها فِي الْأَكْثَر ألف هـ مِنْهَا لَازِمَة فعالجه بِهَذَا العلاج بِعَيْنِه إِلَّا أَنَّك تَجْعَلهُ أَشد اعتدالاً فَمن ذَلِك السكنجبين وَمَاء الْعَسَل وَمَاء الرازيانج وأعطه خبْزًا أَحْيَانًا بِعَسَل وَأَحْيَانا بسكنجبين وبكامخ الشبث وَفِي الأحيان بمرقة فِيهَا صعتر وأنجدان وَإِن ضعف فأعطه لحم الفراريخ والدراج.
لي يكون فِي ابْتِدَاء هَذِه الْحمى ثقلة ونعاس وَذَلِكَ خَاص بِهَذِهِ الْحمى.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: يَنْبَغِي أَن تنْتَظر بِهَذِهِ الْحمى نضج البلغم ثمَّ تستفرغ بالإسهال فَإِن كَانَ كثير فاستفرغ مِنْهُ شَيْئا ثمَّ انضج الْبَاقِي فَإِن الطبيعة تقوى بعد ذَلِك على الْبَاقِي فَإِن لم تقو فأسهل أَيْضا قَلِيلا وَلَا تسرف فِي الإسهال وخاصة قبل النضج الْبَالِغ لِأَنَّهُ يضر العليل لَكِن قَلِيلا قَلِيلا قَالَ: وأسهل من بِهِ هَذِه بالمسهل الْمُتَّخذ من غاريقون وسقمونيا وعصارة الْورْد وَالْعَسَل فَإِنَّهُ يخرج البلغم وَلَا يسخن.
من كتاب شرك قَالَ:
3 - (علاج الْحمى البلغمية بالقيء)
فَإِنَّهُ أفضل علاجها.
قَالَ: وَلَا تقيئه فِي عنفوان حماه فَإِنَّهُ يخَاف عَلَيْهِ أَن ترم معدته لَكِن بعد السَّابِع.
لي إِذا لم يجِئ المحموم الْقَيْء بسهولة فَلَا يتَكَلَّف بالعنف فَإِن يخَاف من ذَلِك بلَاء وَأما إِن جَاءَ بسهولة أَو جَاءَ من نَفسه فَلَا خوف فِيهِ الْبَتَّةَ.
شَمْعُون: البلغمية تشتد على الْأَيَّام وينتفخ فِي ابتدائها الْبَطن وتبرد الْأَطْرَاف وَمَعَهَا برد بطئ لَا يكَاد يسخن وَلَا يحس. برعدة شَدِيدَة بل بِبرد طَوِيل ويتهيج الْوَجْه وتوجع الْمعدة وَلَا يعرق ويهذي ويعتريه السعال وَيَنْبَغِي أَن ينفض عَنهُ البلغ ثمَّ يسقى المدرة للبول.
قرص جيد لَهَا: أنيسون واسارون وافسنتين وبزر فكرس وسنبل وغافت دِرْهَم دِرْهَم صَبر دِرْهَم وَنصف الشربة دِرْهَم بِمَاء الجلنجبين فاتراً.
من الاختصارات قَالَ: يكون مَعَ هَذِه وجع الْمعدة والقيء البلغمي وتهيج الْوَجْه وَرُبمَا غلظ مَعهَا الطحال وَلَيْسَت فترتها نقية وأفواهم لثقة سهكة وَالْبَوْل يكون فِي الِابْتِدَاء أَبيض لطيفاً وَمَعَهَا وجع الْمعدة واللون الْأَصْفَر وأبداً بعلاجها بإسهال الْبَطن بِنصْف رَطْل من مَاء لبلاب مَعَ عشرَة دَرَاهِم من فانيذ وَخَمْسَة دَرَاهِم من سِتِّينَ يَوْمًا وَفِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَفِي أَكثر.
قَالَ: وأسهلهم بحب الصَّبْر وشحم الحنظل مَرَّات ثمَّ أعطهم أَقْرَاص الأفسنتين وأقراص السنبل.
الطَّبَرِيّ قَالَ: يحدث فِي أول مَا تَأْخُذ حمى البلغم برد لِأَن البلغم لم يعفن بعد وبأخرة يحدث برد دون ذَلِك لِأَن البلغم قد عفن وَيكون صعُود الْحَرَارَة فِيهَا بطيئة وينفع فِيهَا القي قبل سَاعَة النّوبَة بطبيخ الحبق وبزر الكرفس وَلَا تسْتَعْمل فِيهِ الدّهن لِأَنَّهُ يسد المنافس وَيمْنَع البلغم من التَّحَلُّل وينفع مِنْهَا طبيخ النانخواة والصعتر وَالزَّبِيب يسقى بِهِ قدر حمصة من الترياق وَيدخل الْحمام ويتوقى الْأَشْيَاء الغليظة وينفع فِيهَا الْحمام وَشرب الْخمر.
لي
3 - (عَلَامَات البلغمية)
النفاض الشَّديد الْبرد حَتَّى يظنّ أَنه جَالس فِي ثلج وتبطئ السخونة وَيطول وَقتهَا وَإِذا سخن لم تكون سخونته شَدِيدَة وَلَا عطشه والنبض صَغِير فِي ابتدائها ويوافق مزاجها فِي الْأَكْثَر الْبَلَد والمزاج وَالتَّدْبِير وَحَال الحميات الْوَارِدَة فِي ذَلِك الْوَقْت وَضعف فَم الْمعدة.
اهرن قَالَ: يكون فِي البلغمية نافض حَتَّى كَأَنَّهُ جَالس فِي ثلج وَعند الانحطاط يكون عرق يسير بِالْإِضَافَة إِلَى عرق الغب وينفث بلغماً ويبيض الْوَجْه والشفة.
3 - (علاجها)
لَا يلطف تدبيرها فِي أول الْأَمر إِلَّا أَنه يكون ألطف من تَدْبِير الرّبع وأسهله فِي
(4/463)
الِابْتِدَاء بحب الصَّبْر والمصطي مرَّتَيْنِ فِي الْجُمُعَة وَبِمَا يدر الْبَوْل ليخرج البلغم فِي الْبَوْل وَالْبرَاز واحقنه بِمَاء الشبث والبابونج والتين وَالْعَسَل وَالْملح والدهن وَإِذا ظهر الهضم فِي الْبَوْل فأعطه جلنجبينا كالجوزة بِمَاء الْأُصُول قدر خَمْسَة أساتير وبالسكنجبين إِن كَانَ أَحْمَر قَلِيلا ومرخ ظَهره وَرَأس معدته بدهن الناردين أَو دهن بابونج أَو دهن الرازقى أَو بِبَعْض الأدهان الحارة وخاصة فَم الْمعدة إِن كَانَ يجد طعماً رديئاً فِي فِيهِ وثقلاً فِي معدته وَفِي فِيهِ وأعطه أَقْرَاص الأفسنتين فَإِذا ظهر النضج حسنا فاسقه دَوَاء الكبريت والترياق وَسَائِر مَا يسقى لحمى الرّبع وتفقد فِي هَذِه الْحمى حَال الْمعدة والكبد وأصلحهما وقوهما جهدك فَإِنَّهُمَا تفسدان فِيهِ وتضعفان وَمَا كَانَ (سقط: بَاقِي الصفحة) لب القرطم لِأَن شَأْنه إسهال البلغم. فَإِن دعت الْحَاجة لحدة فِيهَا إِلَى مَاء الشّعير فَاجْعَلْ مَعَه سكنجبينا عسلياً أَو طبيخ ألف هـ الرازبانج والكرفس وَإِن حمض مَاء الشّعير فِي معدته فَلَا تسقه وَلَا تسقه فِي هَذِه الْحمى الْأَشْيَاء الحامضة كالتمر الْهِنْدِيّ والإجاص وَنَحْوه وَلَا تسعطه بدهن وَلَا تحلب على رَأس إِلَّا من ضَرُورَة شَدِيدَة وَيكون غذاؤه أضلاع السلق وَمَاء الحمص وقلله وَإِن اشْتَدَّ الْبرد عَلَيْهِ فاسقه مَاء سخناً قد طبخ فِيهِ انيسون وفودنج وبزر الكرفس ومصطكى فَإِنَّهُ يمْنَع النافض فِي هَذِه وَفِي الرّبع وأكبه على طبيخ الْإِذْخر والنمام والشبث والمرزنجوش والعاقر قرحاً فَإِنَّهُ يمْنَع النافض وَعَلَيْك بالسكنجبين وَاحْذَرْ المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يغلظ الأخلاط وَيمْنَع النضج وَيطول الْحمى واسقه المَاء الْحَار دَائِما فَإِنَّهُ نَافِع جدا وَذَلِكَ أَنه يسيل مَا فِي الْمعدة من البلغم وينضج الَّتِي مِنْهُ وَيقطع عطشه لإذابته الرطوبات الجامدة الَّتِي فِي معدته فَإِن لم يجِئ الْقَيْء من نَفسه فاسقه نَقِيع الفجل والشبث واللوبيا فعلى هَذَا دبرهم إِلَى)
(4/464)
(سقط: من بداية الصفحة)
أَرْبَعَة عشر يَوْمًا فَإِن جَاوَزت فَاسق طبيخ الرازيانج والكرفس وأقراص الْورْد وَإِن طَالَتْ فزد فِيهِ الغافث والشكاعى والباداورد وأسهلهم بحب الصَّبْر والمصطكي وَالْملح الْهِنْدِيّ وَيكون الصَّبْر مغسولاً وَإِن عرض تهيج فِي الْوَجْه وورم فِي الْأَطْرَاف فَاسق دَوَاء الكركم ودواء الْقسْط وَلَا تعط فروجاً وَلَا غَيره إِلَّا أَن تَجِد ضعفا ودبر بِالتَّدْبِيرِ اللَّطِيف إِلَى سَبْعَة أَيَّام فَإِن رَأَيْت أَن الْحمى لَيست تنقص فغلظ قَلِيلا إِلَى أَرْبَعَة عشر لتحفظ الْقُوَّة وَاعْتمد فِيهَا بعد النضج والنفض على هَذِه الأقراص انيسون صَبر أَرْبَعَة أَرْبَعَة اسارون ساذج افسنتين سنبل لوز مر مقشر بزر كرفس من كل وَاحِد دِرْهَم عصارة غافث ومصطكي ثَلَاثَة ثَلَاثَة يقرص وَيُعْطى درهما بسكنجبين عَسَلِي فَإِن لم تكن خَالِصَة وخالطها شَيْء من هَذَا فبحسب ذَلِك اجْعَل تدبيرك واخلط فِيهِ سكنجبيناً سكرياً وَمَاء الهندباء وَمَاء الرازيانج وأقراص الطباشير وَإِن كَانَ مَا يخالطها سَوْدَاء فزد فِي المسخنات الملطفات واسق أَقْرَاص الأفسنتين بطبيخ الْأُصُول ودواء الكبريت والكمون وَنَحْوه.
الْمقَالة الأولى من مسَائِل ابيذيمياً: النائبة كل يَوْم طَوِيلَة قتالة والنهارية اخبث من الليلية لِأَنَّهَا تريح الْبدن ومادتها لَا تنْحَل سَرِيعا ألف هـ فيجتمع على الطبيعة الدَّوَام وَطول الْمدَّة وَإِذا كَانَت بِالنَّهَارِ دلّ على غلبتها إِذا كَانَت فِي وَقت تحلل الْبدن وَيصير فِي غذَاء الْمَرِيض بِاللَّيْلِ فَيصير أردأ.
اريباسيوس قَالَ: يكون فِي انتهائها برد أَكثر من النفض وتعسر سخونته وصعودها وتطول مُدَّة صعودها وَلَا يكون مَعهَا لهيب شَدِيد وَلَا نفس متواتر وَالْبَزَّاز بلغمي يطول صعودها أَيْضا بضد حمى الصَّفْرَاء وَكَذَلِكَ الْقَيْء ولون الْوَجْه أَبيض أصفر فيرهل وَلَا يعرق فِي الْأَيَّام الأول إِلَّا الْأَقَل مِنْهُم وَأَقل من ذَلِك الْعرق وَلَا يبْقى انحطاطها وَالْبَوْل أما رَقِيق أَبيض أَو غليظ أَحْمَر وعلاجها إسهال البلغم بِرِفْق والقيء والتقطيع بسكنجبين وتلطيف التَّدْبِير. 3 (من جَوَامِع اغلوقن) تحْتَاج هَذِه الْحمى والمطرطيوس أَن تسْتَعْمل فِيهِ السّكُون
(4/465)
وخاصة قرب الْمُنْتَهى لتنضج الْخَلْط وَلَا ينتشر وَمن أردأ الْأَشْيَاء الْأَطْعِمَة الغليظة لِأَنَّهُ لَا يهضمها وَتصير بلغماً وتطول الْحمى واعن باستفراغ البلغم فِي هَذِه الْحمى.
الساهر قَالَ: لين الْبَطن فِي هَذِه بِمَاء اللبلاب وَالسكر أَو بأوقية جلنجبين وَثَلَاث وراق من الترنجبين تمرس فِي نصف رَطْل من المَاء الْحَار ويسقى وَيُعْطى بالغدوات جلنجبين بِمَاء حَار فَإِن كَانَ فِي مَائه انصباغ فاسقه جلنجبينا سكرياً وَبعد ذَلِك بساعتين مَاء الشّعير وَاحْذَرْ المَاء الْبَارِد فِي هَذِه الْعلَّة لِأَنَّهُ يغلظ الْمَادَّة وَيزِيد فِي كميتها وَاسْتعْمل المَاء الْحَار لِأَنَّهُ يلطف الْمَادَّة ويذيبها وأكبه فِي وَقت النافض على بخار طبيخ المرزنجوش والفودنج والنمام والعاقر قرحا وَبعد أَرْبَعَة عشر يَوْمًا اسْتعْمل مَاء الرازيانج وكرفساً إِن احتجت إِلَيْهِ وَهَذَا إِذا لم تكن حِدة وَكَانَت مَادَّة كَثِيرَة وَإِن لم تحتج فاقتصر على جلنجبين وقرص ورد واستفرغ الْبدن بعد الْعشْرين بدواء الْقَيْء الْقوي وَمَتى رَأَيْت المَاء فِيهَا قد احتد وانصبغ فافصد.
لي غَرَض هَذِه الْحمى استفراغ البلغم بالقيء والإسهال وإنضاج مَا تَقِيّ مِنْهُ بِالتَّدْبِيرِ اللَّطِيف وتنقيه مَا فِي الْعُرُوق مِنْهَا بالبول فَإِنَّهُ لَا شَيْء أَجود للبلغم من كَثْرَة درور الْبَوْل إِلَّا أَنه يجب أَن يتوقى ذَلِك إِذا كَانَ مَعَ حرارة وحدة. 3 (حميات ابْن ماسوية) قَالَ: إِنَّه يحدث فِي أَولهَا برد ثمَّ تبطئ السخونة ألف هـ وَإِذا لمسه لامس احس بحرارة رطبَة لذيذة سَاكِنة وَإِذا أطلت اللَّمْس أحسست بحرارة رَدِيئَة وَيحدث مَعهَا وجع الْمعدة والغشي كثيرا واللون الْأَبْيَض الْأَصْفَر والرجيع الرَّقِيق البلغمي ولثق الْفَم وسهوكته وَقلة الْعَطش وَالْبَوْل فِي أَولهَا أَبيض رَقِيق فَإِذا نَضِجَتْ صَار أَحْمَر غليظاً ونوبتها فِي الْأَكْثَر بالعشيات وبالصبيان والشيوخ وَالنِّسَاء وَأَصْحَاب كَثْرَة الشَّرَاب والفواكه.
علاجها يسقى نصف رَطْل من مَاء اللبلاب وَخَمْسَة دَرَاهِم من لب القرطم وَعشرَة دَرَاهِم من فانيذ وَإِن شِئْت فأسهله بأوقيتين من جلنجبين ثَلَاث أَوَاقٍ من ترنجبين وَإِن اضطررت فِي هَذِه الْحمى إِلَى مَاء الشّعير لحدة فِيهَا فَاجْعَلْ فِيهَا طبيخ الكرفس أَو الرازيانج أَو سكنجبينا معسلاً وَإِن حمض مَاء الشّعير فِي معدته فاسقه مَاء الْعَسَل وَلَا تمنع الْقَيْء فِي هَذِه الْحمى فَإِنَّهُ جيد إِلَّا أَن يسرف وَاجعَل غذاءه مَا يدر الْبَوْل والعرق وَإِن هاج صداع فأكبه على طبيخ المحللات وَلَا تنطله وَلَا تدهنه وَإِذا ابتدأت النّوبَة اسْقِهِ مَاء حاراً قد طبخ فِيهِ انيسون وفودنج وبزر كرفس ومصطكي وأكبه على مَاء مغلي بِمَاء اذخر وبابونج وفودنج ومرزنجوش ونمام وشبث وعاقر قرحا فَإِنَّهُ يمْنَع النافض ويسرع الصعُود وأفعل هَذَا فِي الرَّابِع وَاحْذَرْ فِيهَا المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يطول الْحمى إِن لم يكن البلغم غليظاً فالسكنجبين جيد لَهُ لِأَنَّهُ يخرج البلغم إِلَّا فَعَلَيْك بِمَا ينضج كالنوم وَترك الْغذَاء ثمَّ السكنجبين واسق فِيهَا المَاء الْحَار فَإِنَّهُ يجلو البلغم وَيقطع الْعَطش الْمُتَوَلد فِي هَذِه الْحمى واحتل الْقَيْء فَإِن لم يجِئ من نَفسه فاجعله بالمقطعات وتؤخر الْغذَاء عَن وَقت الدّور واسق سكنجبينا فَإِن جَاوز الْأَرْبَعَة عشر يَوْمًا فَاسق حِينَئِذٍ مَاء الرازيانج والكرفس وأقراص الْورْد والجلنجبين مَعهَا فَإِن
(4/466)
طَال أَيْضا فَاسق مَا هُوَ أقوى وَهُوَ: عنصلان عشرَة عشرَة سنبل أَرْبَعَة دَرَاهِم انيسون مصطكي أَرْبَعَة أَرْبَعَة غافث خَمْسَة دَرَاهِم بإداورد خَمْسَة شكاعي أَرْبَعَة تطبخ بِثَلَاثَة أَرْطَال مَاء ويصفى إِذا بلغ رطلا ويمرس فِيهِ خَمْسَة دَرَاهِم من جلنجبين ويسقى فِي ثَلَاثَة أَيَّام كل يَوْم بِخَمْسَة دَرَاهِم من جلنجبين وَإِن طَال أَيْضا فانقض الطبيعة بحب يتَّخذ من أيارج وعصارة غافث وملح هندي وَتَربد واسق من طبيخ النانخواة والغافث وبزر الرازيانج وبزر كرفس وَورد.)
طبيخ نَافِع للحمى المزمنة وَالْبرد الصعب: صعتر نانخواة كزبرة يابسة ألف هـ فودنج زنجبيل تين زبيب منزوع الْعَجم منقى ثلث رَطْل وَقد يسكن الْحمى مَاء الجرجير إِذا شرب مِنْهُ ثَلَاث أَوَاقٍ والعاقر قرحا إِذا طبخ فِي الدّهن ومرخ بِهِ وَإِن كَانَت الْقُوَّة مُمكنَة وَالشرَاب بِمَاء مغلي وَالْحمام جيد فِي هَذِه الْحمى وَلَا تعطه فروجاً حَتَّى تنحط الْحمى إِلَّا أَن ترَاهُ قد ضعف فَإِن طَال الْأَمر فَاسق الأقراص والمعجونات الَّتِي تسقى فِي الاسْتِسْقَاء مثل دَوَاء الْملك ودواء الْقسْط وأدهن الإسهال بِالصبرِ والإيارج والمدرة للبول.
وَهَذِه قرصة جَيِّدَة صفتهَا: انيسون ساذج اسارون افسنتين لوز مر غافث يقرص بِمَاء كرفس ويسقى بِمَاء طبيخ الْأُصُول وتستعمل هَذِه بِقدر السخونة وانحراف عَنْهَا بِقدر الْحَرَارَة فِيهَا وَقلة خلوصها فَإِن كَانَت مختلطة بالصفراء فمل إِلَى السكنجبين وَمَاء الشّعير وأقراص الْورْد والجلنجبين: إِن اخْتلطت بِالسَّوْدَاءِ فَحِينَئِذٍ تشجع وَأعْطِ دَوَاء الكبريت والترياق والفلافل والكموني وطبيخ النانخواة والفودنج وَمَا أشبه ذَلِك.
تياذوق قَالَ: حمى البلغم تكون بِبرد شَدِيد حَتَّى يخيل إِلَيْهِ أَنه جَالس فِي ثلج وَيطول ذَلِك وَلَا لي حمى البلغم كَمَا ذكر فَلذَلِك تصطك الْأَسْنَان وَإِذا أزمنت وَأَقْبل الْوَجْه والأطراف مَعهَا تهبج فَعَلَيْك بأدوية حارة مقطعَة كاميروسيا ودواء اللك واللوز والمر وَنَحْوه.
ابْن سرابيون: أَن أسرف الْقَيْء فِيهَا واحتجت تسكينة فسكنه بالمصطكي وَالْعود والقرنفل وَنَحْوهَا وَلَا تسق فِيهَا مَاء الْفَوَاكِه الْبَارِدَة وَإِن ترهل الْوَجْه والأطراف فَاسق مَدَرَة للبول مَعَ غافث وأفسنتين فَإِن اضطررت فدواء الكركم ودواء اللك والأميروسيا وأنفع مِنْهَا لذَلِك هَذَا القرص: صفة أَقْرَاص تصلح لحمى بلغمية مزمنة تحدث مَعَ نفضة شدية وتهيج الْوَجْه والأطراف: يُؤْخَذ انيسون أَرْبَعَة ساذج افسنتين سنبل لوز مر مقشر ثَلَاثَة ثَلَاثَة صَبر أَرْبَعَة عصارة غافث ثَلَاثَة بزر كرفس دِرْهَم يعجن بِمَاء الكرفس ويسقى بِمَاء الرازيانج والكرفس أَو بطبيخ بزريهما أَو بسكنجبين.
(4/467)
لي على مَا رَأَيْت: لَا شَيْء أبلغ فِي قلع البلغمية من الْقَيْء لكنه يضعف ألف هـ الْمعدة)
جدا والمعدة تضعف فِي هَذِه الْحمى. والإسهال وَإِن كَانَ نَافِعًا فِي هَذِه الْحمى فَلَيْسَ بالبالغ فَلَا شَيْء أصلح من الْجُوع الطَّوِيل وَالنَّوْم عَلَيْهِ والرياضة وإدرار الْبَوْل لِأَن بِهَذِهِ ينضج بعض البلغم ويستفرغ بعضه.
من الرَّابِعَة من الْعِلَل والأعراض: لست أسمي النافض حس الْبرد الشَّديد فِي الْبدن بل أسمي بِهِ مَا يحدث النفضة والرعدة.
لي فَلذَلِك نقُول أَنه لَيست مَعَ حمى بلغمية نافض وَمَعَ الصَّفْرَاء ذَلِك لِأَنَّهُ قد صَحَّ بالتجربة أَن الْحس بالبرد واصطكاك الْأَسْنَان يكون فِي جَمِيع حميات البلغم وَإِن كَانَ برده فِي أَوَائِل الحميات لَا يبلغ هَذَا فَلَيْسَتْ عِلّة بلغمية قَوِيَّة.
من جَوَامِع الحميات: الْحَادِثَة عَن عفونة بلغم مِنْهَا مَا يكون من بلغم زجاجي ويتقدمها أبدا نافض وَمِنْهَا مَا يكون من بلغم مالح ويتقدمها اقشعرار وَمِنْهَا مَا يكون من بلغم حامض ويتقدمها برد وَمِنْهَا مَا يكون من بلغم حُلْو وَلَيْسَ يتقدمها من هَذِه شَيْء.
جَوَامِع اغلوقن: يفرق بَين البلغمية وَالرّبع بِأَنَّهُ لَا يكون فِي انحطاط البلغمية عرق وَلَا ينقى الْعرق فِي حَال الفترة وَلَا تحْتَاج إِلَى دَلِيل لَازم للبلغمية أخص من فقد الْعرق.
قَالَ: وَهَذِه الْحمى لِأَنَّهَا لَازِمَة أَكثر الْأَوْقَات وَلِأَن فَم الْمعدة يضعف مَعهَا وَيحدث غشي وَقلة شَهْوَة واستمراء فَتسقط الْقُوَّة وخلطها غليظ لَا ينضج سَرِيعا وَتسقط الْقُوَّة قبل ذَلِك.
جورجس: إِذا صاعدت الْقُوَّة فِي ابْتِدَاء البلغمية فَخذ صبرا عشرَة مَثَاقِيل ومصطكي مِثْقَالا وإهليلجا أصفر أَرْبَعَة مَثَاقِيل وتربداً مِثْقَالا واجعله حبا واسقه مِنْهُ مثقالين. وَإِن شِئْت فاسقه نَقِيع الصَّبْر بنقيع الشاهترج والباداورد ثمَّ إِذا نفضته فألزمه أَقْرَاص الْورْد وَبعدهَا إِن طَالَتْ فأسهل أَيْضا واسق أَقْرَاص الغافث وقو الْمعدة مَا أمكن.
اغلوقن قَالَ: اسْقِ فِيهَا سكنجبينا فِي الْأَيَّام الأولى وَمَا يدر الْبَوْل باعتدال وَاجعَل جملَة تَدْبيره بِمَا فِيهِ فضل لطافة وَعند المنتهبى فأدم الْعِنَايَة بِفَم الْمعدة فَإِذا انْتَهَت فالقيء بالفجل بعد التملؤ من الطَّعَام والإسهال بِمَا يخرج البلغم وواتر ذَلِك.
جَوَامِع اغلوقن قَالَ: فِي أول البلغمية إِلَى أَن يجوز ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة أَيَّام لَا يسقى سكنجبينا وَلَا يسقى شَيْئا يُطْفِئ شَدِيدا ليذوب البلغم بحرارة الْحمى فَإِن الْحمى إِذا واظبت كل يَوْم إذابته ثمَّ أعْط سكنجبينا وَنَحْوه ولتعن بالمعدة وَبعد الِانْتِهَاء اسهل البلغم وقيء مَرَّات ألف هـ)
متتابعة.
3 - (جَوَامِع الحميات غير المفصلة)
لَا يَخْلُو صَاحب البلغمية من ألم فِي الْمعدة والكبد.
ابْن ماسوية قَالَ: فِي حمى البلغم لطف التَّدْبِير إِلَى السَّابِع إِن نقصت نُقْصَانا كثيرا فَمر على ذَلِك وَإِن لم تناقص فغلظ التَّدْبِير بِحَسب مَا ترى لِأَنَّهَا مزمنة وَلَا يَنْبَغِي أَن تسْقط الْقُوَّة.
(4/468)
لي 3 (فِي المارستان) يسْتَدلّ على البلغمية بالنافض الَّذِي تصطك فِيهِ الْأَسْنَان وَالَّذِي يَقُول جالينوس فِي النافض أَنَّهَا فِي البلغمية وَالرّبع ضَعِيفَة يَعْنِي الارتعاد. فَأَما الْبرد فَهُوَ فِيهَا قوي.
لي إِذا رَأَيْت بلغمية نقية الفترات فثق بِأَنَّهَا قَصِيرَة الأمد لِأَن هَذِه تكون لقلَّة البلغم ورقته وسخافة الْبدن فَإِن رَأَيْت مَعَ ذَلِك عرقاً فثق بذلك أَكثر.
الأولى من اغلوقن: نافض البلغمية ابرد من كل نافض والنبض فِيهَا أَبْطَأَ مِنْهُ فِي جَمِيع الحميات ويبلغ من نفع الْقَيْء الَّذِي بعد التملؤ فِيهَا أَن خلقا برؤوا مِنْهَا باستعمالهم ذَلِك مرّة وَاحِدَة فَقَط وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الغب غير الْخَالِصَة بِالِانْتِفَاعِ بالقيء. الكبريت ينفع من الْحمى البلغمية الْخَالِصَة.
ابْن ماسوية: الْخَرْدَل نَافِع مِنْهَا إِذا كَانَت مزمنة وَمن جَمِيع الْأَمْرَاض المزمنة البلغمية والخل يضاد البلغم.
روفس: أَقْرَاص الغافث نافعة من الْحمى المزمنة.
ابْن ماسوية: أَقْرَاص الْورْد ثَلَاثَة دَرَاهِم عصارة الغافث دِرْهَمَانِ ورق افسنتين رومي دِرْهَم وَنصف وشكاعي دِرْهَم باداورد دِرْهَمَانِ إهليلج أصفر بِلَا نوى أَرْبَعَة أسود ثَلَاثَة كشوث أَرْبَعَة تَرَبد عشرَة غاريقون ثَمَانِيَة يعجن بِمَاء الرازيانج أَو بِمَاء الهندباء ويسقى بِأحد هذَيْن الماءين بِقدر مَا ترى فِي كل خَمْسَة أَيَّام دِرْهَمَانِ وَنصف حَتَّى تنقلع.
إِسْحَاق: هَذِه طَوِيلَة غير سليمَة تتولد عَن عفن البلغم وَإِذا تمادت أَيَّامهَا فَاسْتعْمل سكنجبينا والأضمدة المقوية لفم الْمعدة كاللاذن وَالسكر وقصب الذريرة والزعفران والورد بِمَاء الآس والنمام وَرُبمَا خلط مَعهَا النضوح الْمُعْتق أَو ميسوسن على قدر احْتِمَاله للحرارة وتبل بهَا قطنة وَتجْعَل على فَم الْمعدة ويقياً بالفجل وسكنجبين فينفع مِنْهُ ويستفرغ بالتبريد وَالْملح الْهِنْدِيّ والبورق)
الأرمني ولباب القرطم.
من تذكرة عَبدُوس لنافض ألف هـ البلغمية: ايرسا مِثْقَال يشرب بِمَاء حَار أَو مِثْقَال من الْقسْط أَو غاريقون أَو يدهن الْبدن بدهن الْقسْط أَو دهن السوسن أَو دهن المر أَو دهن القيصوم.
قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء: قد تبتدئ الْحمى فِي الْبدن عَن بلغم خام كثير جدا وَفِي معدهم ضعف قد ضرتهم التخم وَغَيرهَا وَمن هَذَا حَاله فَإِن بَطْنه منتفخ وبدنه ولونه يتَغَيَّر مرّة إِلَى بَيَاض وَمرَّة إِلَى كمودة رصاصية ونبضه صَغِير مُخْتَلف وَيحْتَاج إِلَى استفراغ إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن فصده وَلَا إسهاله لِأَنَّهُ من غير أَن يفعل بِهِ ذَلِك يعرض لَهُ غشي وخمول فَلهَذَا علاجه عسر لِأَنَّهُ مَعَ الْحَاجة إِلَى الاستفراغ لَا يُمكن استفراغه فَأَما أَنا فَلم أقدر لَهُم على شَيْء من الإستفراغ خلا الدَّلْك فنبتدئ من أول الْمَرَض بدلك الفخذين والساقين وَيكون الدَّلْك من فَوق إِلَى أَسْفَل بمنديل خشن ليخشن الْجلد ويتحلل مَا فِيهِ ثمَّ أدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ من فَوق إِلَى أَسْفَل وابدأ من الْمَنْكِبَيْنِ فَإِذا رَأَيْت الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَقد سخنت
(4/469)
سخونة شَدِيدَة وَخفت أَن يُصِيبهُ مثل مَا يُصِيب صَاحب الإعياء من مس التقرح الْعَارِض فِي الإعياء أقصد إِلَى ذَلِك الصلب وَإِذا سخن أَيْضا فادلك بدهن على الْعُضْو بمبلغ مَا تحْتَاج إِلَيْهِ من السخونة بذلك الدّهن ثمَّ ابتدئ آخر فامرخه بدهن لَا قبض فِيهِ أَو بدهن البابونج إِن كَانَ شتاء فَإِن لم يحضر فاغل الدّهن فَإِنَّهُ يكْشف ويؤذي ثمَّ أدلكه أَيْضا يَابسا حَتَّى يحدد مس الإعياء ثمَّ عد إِلَى الدّهن على مَا فعلت سَوَاء لَا تخَالف افْعَل ذَلِك نهارك كُله فِي بَيت مضيء صافي الْهَوَاء لَيْسَ بندى وَلَا مفرط فِي الْحر وأنفع الْأَدْوِيَة لَهُ مَاء الْعَسَل الْمَطْبُوخ فِيهِ زوفا وَلَا تعطهم طَعَاما وَلَا يكثرون من الشَّرَاب وَاقْتصر بهم فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة الأول على مَاء الشّعير وَحده ويدلكون دَائِما وَلَا يقطع عَنْهُم الدَّلْك إِلَّا فِي الْوَقْت الَّذِي يَأْخُذهُمْ فِيهِ النّوم فَإِن الدَّلْك الْكثير يجلب النّوم وَلَا تَأذن لَهُم فِي النّوم الطَّوِيل لَكِن تَجْعَلهُ معادلاً لليقظة لأَنهم يَحْتَاجُونَ إِلَى النّوم بِقدر حَاجَة إِلَى الْيَقَظَة لِأَنَّهُ فِي النّوم الطَّوِيل تنضج تِلْكَ الأخلاط وَفِي الْيَقَظَة تتحلل وَمن مَرضه من خلط خام فَهُوَ يحْتَاج إِلَى ذَلِك فَإِن لَهما إِذا تداولا ألف هـ الْمَرِيض بمقادير مُتَسَاوِيَة نفعا عَظِيما ونبض هَؤُلَاءِ وَإِن كَانَ فِي الْغَايَة من الصفر والضعف وَكَانَ مَعَ هَذَا شَدِيد الِاخْتِلَاف فالبنية عَظِيمَة جدا وَيَنْبَغِي أَن تفعل مَا قلته فَقَط وَإِن كَانَ فِي النبض قُوَّة وَعظم يسير وجدته لَا ضغط فِيهِ وَلَا اخْتِلَاف فتفقد مَا فِي)
الْبَطن من الْفضل ثمَّ احقن مَعَه مَتى كَانَ الْفضل لَيْسَ يخرج من نَفسه خُرُوجًا جيدا وَهَذَا الْفضل يكون فِي الْعُرُوق الأول من عروق الكبد إِلَى أَن تنحدر من الكبد إِلَى الأمعاء وَمَاء الْعَسَل يستفرغ هَذِه الفضول جدا فَإِن رَأَيْت الإستفراغ جيدا فَوق مَا يَنْبَغِي فاطبخ مَاء الْعَسَل أَكثر فَإِنَّهُ إِذا طبخ أَكثر كَانَ إسهاله أقل وغذاؤه أَكثر وَإِن كَانَ ينحدر أَكثر فَلَا تسق مَاء الْعَسَل لَكِن مَاء الشّعير فَإِن دَامَ الانحدار فاقطع مَاء الشّعير واغذه بحساء متخذ من الخندروس لِأَنَّك إِن لم تفعل ذَلِك تبعه غشي وتفقد النبض دَائِما فَإِنَّهُ رُبمَا اسْتَحَالَ بَغْتَة إِلَى ضعف أَو إِلَى اخْتِلَاف أَو إِلَى صغر فَإِن رَأَيْت ذَلِك فغذه على الْمَكَان خبْزًا مبلولاً بشراب ممزوج بعد أَلا يكون فِي الْبَطن ورم وَلَا فِي الكبد فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي الْمعدة أَو الكبد ورم وَالْبدن مَمْلُوء من مثل هَذِه الأخلاط فَلَيْسَ فِي العليل رَجَاء بعد أَن يكون نبضه قد تغير هَذَا التَّغْيِير فَتقدم وعرفهم أَنه يَمُوت فَأَما من يطْمع فِي برئه وهم من تصيبه هَذِه الْعلَّة من غير أَن يكون بهم ورم فَإِن استنكفت مداواته من أول يَوْم فقبيح أَن يغشي عَلَيْهِ وَأَنت تتولى تدبره مُنْذُ أول أمره وَلم تنذر بِهِ أَو تأهبت لمَنعه من الْحُدُوث فَإِن عالجته فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة الأول بِمَا وَصفنَا وَلم يعرض لَهُ مَكْرُوه فتمم التَّدْبِير على ذَلِك إِلَى السَّابِع لَا تزد على مَاء الْعَسَل وَحده مطبوخاً فِيهِ زوفا فَإِن من بِهِ هَذِه الْعلَّة يصبر على الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام زَمَانا طَويلا لِأَن بدنه يغتذي بِتِلْكَ الأخلاط الخامة المجتمعة إِذا نَضِجَتْ فَإِن تهَيَّأ أَن تكون تِلْكَ الأخلاط الخامة مَعَ تهولها فَاسِدَة فَسَادًا لَا يُمكن مَعَه أَن تنضج فَلَيْسَ يُرْجَى الْمَرِيض أَيْضا فَأَما من يُرْجَى فاغذه إِلَى التَّاسِع بِمَاء الْعَسَل وَإِن
(4/470)
اضطررت على مَا قُلْنَا فماء الشّعير فَإِن أَبَت نَفسه مَاء الشّعير فحسو خدوس مَعَ خل فَإِن الْخلّ لَا يضر من علته هَذِه الْعلَّة.
فَإِن أحسست فِي وَقت مَا أَن الأخلاط الخامة عَظِيمَة جدا فاسقه مَكَان مَاء الْعَسَل سكنجبينا دَائِما وَإِن كرهه. وَأكْثر مَا ألف يدلك على برد الأخلاط ويهولها النبض الصَّغِير المتفاوت البطيء وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَإِن لون الْبدن يتَغَيَّر مَعَه على الْمَكَان إِلَى مَا وَصفنَا قبل ذَلِك وَعَسَى أَن يظنّ أَنه لَا يُمكن أَن يكون فِي الْحمى نبض متفاوت بطيء وَكَونه من صَحِيح مَوْجُود بالحس. وَإِن كَانَ الْوَقْت صيفاً وَالْمَرِيض مُعْتَادا لشرب المَاء الْبَارِد فَمن الْوَاجِب إِن كَانَ الصَّيف شَدِيد الْحَرَارَة وَكَانَ مُعْتَادا لشرب المَاء الْبَارِد كَمَا ذكرنَا أَن تسقيه سكنجبينا بِمَاء بَارِد وَإِن كَانَ شتاء فاسقه بِمَاء حَار من كَانَ مُعْتَادا للْمَاء الْحَار أَو الْبَارِد وَكَذَلِكَ أَيْضا إِن)
كَانَ حر الصَّيف مفرطاً فاسقه بِالْمَاءِ الْبَارِد بعد أَلا يكون فِي أحشائه ورم أَو شَيْء مستعد لقبُول الآفة سَرِيعا. وأمام الْحمام فَفِي غَايَة المضادة لَهُم وَكَذَلِكَ الْهَوَاء الْحَار غَايَة الْحَرَارَة والبارد غَايَة الْبُرُودَة وَلِهَذَا لَيْسَ يَنْبَغِي أَن تدخله الْحمام وَاجعَل فرَاشه فِي الصَّيف فِي مَوضِع ريح طيب وَفِي الشتَاء فِي مَوضِع دفئ فَإِن الْأَمريْنِ إِذا فرطا ضاران لَهُ لِأَن الْحمام والهواء الْحَار إِذا فرطا ذَابَتْ الأخلاط المجتمعة فيهم وانصبت فِي الْبدن كُله فَلَا يُؤمن أَن يصير إِلَى الرئة وَالْقلب وَأَن يرْتَفع فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى الدِّمَاغ والأجود والأصلح أَن تبقى هَذِه الأخلاط لابثة فِي الكبد أَو فِي عروقها الأول. فَأَما الْهَوَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ يَجْعَل أخلاطه عسرة النضج. وَإِن كَانَ فِي الكبد سدة يسيرَة زَاد فِيهَا وَإِن لم يكن وَلَدهَا إِذا غلظ الأخلاط وَمنع النّفُوذ ولحج بِسَبَب غلظه.
فَهَذَا تدبيرهم إِذا توليت أَمرهم مُنْذُ أول يَوْم فَإِن لم تحضرهم إِلَّا بعد أَن يغشى عَلَيْهِم فَانْظُر فَإِن لم يكن فِي شئ من الْمَوَاضِع الَّتِي ذكرتها لَك ورم فأطعمه خبْزًا يَسِيرا مَعَ نوع من أَنْوَاع الشَّرَاب الَّذِي ينفذ سَرِيعا ثمَّ ادلكه بِسُرْعَة على مَا وصفت قبل فَإِن كَانَ الزَّمَان حاراً فاسقه فِي الْمرة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَهُوَ حَار فَإِن شرب الْحَار أفضل من الْبَارِد فِي جَمِيع المداواة الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا الدَّلْك لِأَن الْحَار يعين على نضج الأخلاط الخامة وَيَنْبَغِي أَن تلطف تَدْبيره مَا أمكن كفعلك فِي المحموم بِمَا يلطف من غير أَن يسخن وَالشرَاب المائي نَافِع لهواء مُنْذُ أول الْأَمر وَإِن كَانَت حماهم قَوِيَّة وَمَا أقل مَا تعرض القوية فِي هَذَا الْموضع. فَإِن اتّفق أَن يَكُونُوا شُيُوخًا فَهُوَ أُخْرَى أَن يَنْفَعهُمْ فَإِن الشَّيْخ إِذا أَصَابَته هَذِه الْعلَّة فاسقة بعد الطَّعَام شرابًا وخاصة إِن كَانَ الْوَقْت فِيمَا بَين نَوَائِب الْحمى معتدلاً.
الحميات الْحَادِثَة عَن مثل هَذِه الأخلاط تنوب كل يَوْم ألف هـ وخاصة نَحْو الْمسَاء وبالليل وَلَا تنوب بِالْغَدَاةِ نصف النَّهَار. الْعِلَل والأغراض قَالَ: إِذا عفن البلغم الزجاجي كُله تبع نافضة فِي كل يَوْم حمى.
قَالَ فِي كتاب أَصْنَاف الحميات: النائبة كل يَوْم تحدث فِي الأمزجة البلغمية وَالزَّمَان
(4/471)
وَالْمَكَان والأسنان الرّطبَة الْبَارِدَة كالنساء والمشايخ وَالصبيان وَمَعَ إكثار الْأَطْعِمَة والخفض والدعة وَلَا يقيء مرَارًا وَلَا يخرج مِنْهُ بالبراز مرار وتتولد من البلغم إِذا عفن.
قَالَ: وَهَذِه الْحمى تكون إِذا كَانَت خَالِصَة من بلغم تَدْفَعهُ الطبيعة فتجريه فِي الْأَعْضَاء)
الحساسة. وابتداؤها يكون من برد فِي الْأَطْرَاف هُوَ بالإقشعرار أشبه مِنْهُ بالنفض ويعسر اسْتِيلَاء الْحَرَارَة بعد الْبرد فَيطول مِنْهُ تزيد نوبَة الْحمى إِلَى أَن تبلغ مُنْتَهَاهَا لبرودة الْخَلْط ولزوجته فَلذَلِك تبطئ الاشتعال وَالْحَرَكَة وَيمْتَنع من النّفُوذ فِي مجاري كَثِيرَة فيضغط بلضيقة الصغار فِيهِ أَكثر وَذَلِكَ فِي أول النّوبَة.
(عِلّة فترات الْحمى البلغمية الْغَيْر نقية)
الَّتِي تكون من أجلهَا فترات الْحمى البلغمية غير نقية ونوبتها كل يَوْم قَالَ: والحمى الكائنة فِي بلغم لَا يستفرغ مِنْهَا الْبدن لغلظة وبرده وَصَارَ يبْقى مِنْهَا فِي الْبدن بقايا كَثِيرَة فتسرع كدور النّوبَة النائبة لِأَن العفونة بَاقِيَة كَثِيرَة.
قَالَ: وَهَذِه الْحمى طَوِيلَة الْمدَّة وَلَيْسَ مَتى كثر البلغم فِي الْبدن تتبعه هَذِه الْحمى لَكِن إِذا عفن.
قَالَ: وَإِذا كَانَ البلغم العفن هُوَ البلغم المالح فصاحبه لَا يُصِيبهُ نافض بل يقشعر قبل حماه.
قَالَ: إِذا عفن البلغم الحلو فَإِنَّهُ لَا يكون مِنْهُ نافض الْبَتَّةَ والنافض إِنَّمَا يكون إِذا عفن البلغم الحامض أَو الزجاجي وَيكون فِي الزجاجي الْبرد أَشد لِأَنَّهُ أبرد.
لي هَذَا ينْتَفع بِهِ إِذا رَأَيْت النّوبَة نوبَة البلغم والنافض مُخْتَلف فَلَا تتوهم أَنه مركب لَكِن تعلم أَنه قد يكون من هَذِه مُفْردَة مثل هَذِه الحميات.
قَالَ ج: قد يتَوَهَّم فِي هَذِه الحميات أَنَّهَا مركبة لِأَن النافض فِي حمى البلغمية سَببه غير السَّبَب الَّذِي يكون بِهِ الْحمى الحادة لِأَن نافضة مِمَّا لم يعفن من البلغم وصالبه مِمَّا قد يغفن فِي الغب فالصفراء هِيَ سَبَب النافض والصالب.
الِاخْتِلَاف فِي النبض فِي هَذِه الْحمى يبْقى مُدَّة طَوِيلَة وَيكون فِي الْأَسْنَان والأمزجة والأوقات البلغمية وَالتَّدْبِير الرطب وَكَثْرَة الْحمام وَالْأكل وَضعف فِي الْمعدة وانتفاخ الجنبين واللون الْأَصْفَر الْأَبْيَض وَابْتِدَاء النّوبَة بالغشي. البلغمية الدائمة تكون من عفن ألف هـ البلغم دَاخل الْعُرُوق وَهِي تخف فِي أَوْقَات. فترات الْمُفَارقَة طَوِيلَة الْمدَّة. هَذِه الْحمى تَنْقَضِي إِمَّا بإسهال أَو بقيء أَو بعرق. حمى بلغم وَإِن كَانَت يسيرَة الْمِقْدَار فِي كَيْفيَّة الْحَرَارَة فَإِنَّهَا ذَات خطر الِابْتِدَاء والانتهاء والانحطاط الجزئي يطول فِي البلغمية بِالْإِضَافَة إِلَى أجمعها. البلغمية لَا يعرف آخر مُنْتَهَاهَا مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ.
جَوَامِع البحران غير الْمفصل: البلغم العفن لَا يلذع الْأَعْضَاء الحساسة فضل لذع
(4/472)
فَلذَلِك لَا)
يحدث مَعَه نافض لَكِن برد فِي ظَاهر الْبدن وأطرافه فَأَما إِن كَانَ ينتفض نفضاً شَدِيدا كَمَا يحدث عَن المرار فَلَا لِأَن المرار شَدِيد اللذع للأعضاء الحساسة. خَاصَّة نافض البلغمية أَن برد ظَاهر الْبدن والأطراف وَلَا يرعد وتعسر سخونته وَيطول مكثه وزمان تزيده.
ابْن ماسويه: يرد هَذِه يكون بِلَا نخس بل كَأَنَّهُ قَائِم فِي ثلج.
3 - (دَلَائِل البلغمية)
يكون فِي ابتدائها برد وتبطء سخونتها وصعودها فَإِذا صعدت كَانَت مؤدية لِأَن الطبيعة تقَابل الْبرد بِمَا تقابله من الْحر وَصغر النبض وبطئه واختلافاً مَعَ سَعَة فِيهِ تزيد فِي عرض وَيكون مَعهَا غثى إِذا أمعنت ووجع الْمعدة ولون أصفر أَبيض وتهيج وَعظم طحال ودورها فِي الْأَكْثَر عشَاء ويخالط رجيعهم بلغم وخاصة إِن لم يكن حَار المزاج وَلَا تنقى فتراتها وآخذها ثَمَان عشرَة سَاعَة وفترتها سِتّ سَاعَات وَلَيْسَت نقية وقيء بلغم وأفواههم رطبَة والعطش قَلِيل والنضج عديم وتصحح أمرهَا عنْدك السن والمزاج وَالْوَقْت وَالتَّدْبِير البلغمي وَكَثْرَة دُخُول الْحمام بعد الطَّعَام.
قَالَ: وَيكون من البلغمية محرقة والمحرقة مَا كَانَ لهيبها حول الْقلب أَكثر مِنْهُ فِي جَمِيع الْبدن.
قَالَ: وَيكون ذَلِك من بلغم عفن مالح.
قَالَ: أبدأ فِيهَا إِذا كَانَت الْقُوَّة بتليين الْبَطن بِنصْف رَطْل من مَاء اللّبَاب وَخَمْسَة دَرَاهِم من لب القرطم وَعشرَة من الفانيذ وَإِن اضطررت إِلَى مَاء الشّعير فاسقه مَعَ السكنجبين العسلى وطبيخ الكرفس والرازيانج وَأَن كَانَ مَاء الشّعير يحمض فِي معدته فاسقه بدله مَاء الْعَسَل وَلَا تمنع الْقَيْء فِي هَذِه الْحمى وخاصة فِي المبدأ فَإِن الْحمى إِنَّمَا تنقص وتنقضي بذلك فَإِن كثر حَتَّى يضعف فاسقه بالميبة وَرب الرُّمَّان بالنعنع وَلَا تعالجه بالعلاج الرطب لِأَنَّهُ يطول الْحمى إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة وَلَا تدهن رَأسه وَلَا تنطل عَلَيْهِ وَلَو لحقه صداع إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة وأكب رَأسه حِينَئِذٍ على طبيخ مرزنجوش ألف هـ ونمام وَطَعَامه فَلْيَكُن سلق مَعَ زَيْت وَحب الرُّمَّان وَلَا يكثر الطَّعَام فتطول الْحمى وَلَا يلطغه جدا لِأَنَّهَا طَوِيلَة وَإِن صَعب الْبرد فاطلبه فِي بَاب النافض فَإِن لم تكن الْمَادَّة كَثِيرَة الغلظ فالسكنجبين نَافِع وَإِن كَانَت غَلِيظَة فضار وَاحْذَرْ المَاء الْبَارِد لِأَنَّهُ يغلظ الْمَادَّة فَيطول الْحمى وَالْمَاء الْحَار نَافِع جدا ويسكن الْعَطش فِيهَا فَإِن لكم يجِئ الْقَيْء فاستدعه بالعجل والشبث والسكنجبين وَبعد الْقَيْء أعْطه طبيخ الأنيسون)
ومصطكي ونعناً وصير طَعَامه فِي وَقت سُكُون الْحمى ولتكن معدته خَالِيَة فِي وَقت النّوبَة وَيكون بَين الطَّعَام والدور مَا أمكن من الطول وَغير مَاءَهُ بسكنجبين على قدر الْحَاجة إِلَى أَرْبَعَة عشر يَوْمًا فَإِن جَاوَزت فَاسق مَاء الرازيانج والكرفس وأقراص الْورْد والجلنجبين وطبيخ الغافث وَالْأُصُول والبزور وَإِن أزمنت فطبيخ الصعتر والزنجبيل والفوذنج والورد نَافِع. وَالْحمام نَافِع فِي هَذِه الْعلَّة إِذا كَانَت الْقُوَّة مُمكنَة وَشرب بِمَاء حَار وَلَا
(4/473)
يطعم فروجاً حَتَّى تَنْتَهِي الْحمى إِلَى أَن تضعف جدا ولطف التَّدْبِير إِلَى السَّابِع أَو إِلَى الرَّابِع عشر فَإِن لم تنقص فغلظ التَّدْبِير لتبقى الْقُوَّة وَإِن ظهر فِي الْوَجْه تهبج فأعطه دَوَاء الْقسْط. وَهَذِه قرصة نافعة: أنيسون ساذج اسارون افسنتين سنبل دِرْهَم دِرْهَم صَبر أَرْبَعَة غافث ثَلَاثَة بزر كرفس دِرْهَم عصارة أفسنتين دِرْهَم يتَّخذ قرصاً بِمَاء الكرفس ويسقى بِمَاء الرازيانج والكرفس وَجُمْلَة الملطفة إِلَّا أَن الْحَرَارَة كَثِيرَة فَعِنْدَ لَك اسْتعْمل من الملطفة مَا لَا يسخن كالسكنجبين وَنَحْوه. وَإِذا كَانَت بَارِدَة خَالِصَة فأقدم على الدَّوَاء الكبريت والترياق والفلافلى والكمونى والنانخواة وَحده والفودنج والأنيسون.
قَالَ فِي أزمان الْأَمْرَاض: هَذِه رُبمَا ابتدأت مَعَ برد وَرُبمَا ابتدأت بِلَا برد محسوس وصعودها أطول من صعُود الغب وَيكون فِي الغب وَقت التزيد وَقْفَة على حَال وَاحِدَة ثمَّ تتزيد حَتَّى تبلغ نهايتها وَكَذَلِكَ يكون لَهَا فِي التنقص وَقْفَة ثمَّ تَأْخُذ فِي التنقص حَتَّى يَنْتَهِي تنقصاً. الْيَهُودِيّ قَالَ: صَاحب هَذِه أبدأ مصفار مخضار لِأَنَّهُ لَا ينقى مِنْهَا ومبدأها بِبرد كثير الرَّعْد لَا يدفأ بدثار وَلَا غَيره ويظن أَنه جَالس فِي ثلج لشدَّة الْبرد وَكَأن ثِيَابه مبلولة وتصطك أَسْنَانه حَتَّى لَا يفهم كَلَامه من النافض والرعدة وَيطول مكث الْبرد والرعد وَيبدأ يسخن بعد كد رويداً ألف هـ رويداً ثمَّ يطول لبث حرهَا وَمَعَهَا غثى شَدِيد وقيء وَيكثر النّوم وتعتريه شَهْوَة الطَّعَام عِنْد ترك الْحمى وَالْبَوْل أَبيض رَقِيق وَمن غَد أَحْمَر غليظ كثير الثفل وَجُمْلَة يَتلون مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا.
واللازمة يعرض لصَاحِبهَا مَعَ شدَّة الْحَرَارَة أَن يكون مجسته ندية وَيكثر بصاقه ويعتريه نِسْيَان وسبات وَلَا يعطش الْبَتَّةَ وبوله خاثر أَحْمَر.
علاجهم قَالَ: اِسْقِهِمْ على نَحْو مَا ترى مَاء الشّعير مَعَ فلفل أَيَّامًا ثمَّ أسهلهم بعد أَيَّام بحب الصَّبْر وشحم الحنظل وعلك الرّوم والخربق واسقه بِالْغَدَاةِ قرصين من أَقْرَاص الأفسنتين بِمَاء الكرفس وبالليل قرصين من أَقْرَاص السنبل إِذا طَالَتْ فألزمهم الْقَيْء بِالْغَدَاةِ وَلَا تطعمهم حَنى تَنْقَضِي الْحمى ويسقى فِي وَقت النافض مَاء حاراً ويتعرقون بِمَاء التِّين الْمَطْبُوخ فَإِذا نقص النافض)
تقيأوا ذَلِك المَاء وَلَا ينَام فِي وَقت النافض.
ابيذيميا: الحميات الَّتِي تنوب فِي كل دور من أدوار الْفلك مرّة بِاللَّيْلِ نَائِب أَو بِالنَّهَارِ فَإِنَّهَا بلغمية.
من كناش غَرِيب تَدْبِير للحمى الكائنة من بلغم غليظ لزج مزمنة: عصارة غافث ثَلَاثَة دَرَاهِم راوئد صيني مِثْقَال زراوند طَوِيل أنيسون بزر رازيانج بزر كرفس دِرْهَم من كل وَاحِد سنبل الطّيب مصطكي لَك مغسول من كل وَاحِد دِرْهَم وَنصف ورد منزوع الأقماق جنطيانا رومي من كل وَاحِد ثَلَاثَة دَرَاهِم يقرص ويسقى مِنْهُ دِرْهَم بِهَذَا الطبيخ: أصُول أذخر سَبْعَة دَرَاهِم قشور أصل الكرفس أنيسون والرازيانج والكرفس عشرُون أفسنتين أَرْبَعَة حشيش غافث أَرْبَعَة بزر الرازيانج بزر الكرفس أنيسون بزر الكشوث من كل وَاحِد مِثْقَال
(4/474)
مصطكي سنبل الطّيب من كل وَاحِد دِرْهَم زَيْنَب منزوع الْعَجم ثَلَاثُونَ درهما يطْبخ بِخَمْسَة أَرْطَال مَاء حَتَّى يبْقى رَطْل وَربع ويسقى مِنْهُ قرصة بِعشْرين درهما من هَذَا المَاء وادلك فقار الظّهْر والموضع الَّذِي يبرد بِأَن تُؤْخَذ ميعة سَائِلَة خَمْسَة دَرَاهِم قسط مر دِرْهَم تذاب الميعة مَعَ عشرَة دَرَاهِم من دهن زنبق ويلقى عَلَيْهِ قسط مر ويدهن بِهِ.
لي هَذَا الْقَرْض جيد إِذا أزمنت الْحمى وغلظت الأحشاء وَمَتى غلبت الْبُرُودَة فَاسق الْحمى الْأُصُول والبزور وَإِن كَانَ مَعَ حر فماء الهندباء.
جورجس: إِن كَانَت الْقُوَّة فِي هَذَا مُحْتَملَة فاقطع السَّبَب المهيج للحمى وعلاجه الفاخر حب الصَّبْر ومصطكي وتريد إهليلج يسهل بهَا ونقيع الصَّبْر وَنَحْو ذَلِك ثمَّ بأقراص الغافث ألف هـ وأقراص الْورْد وقوّ الْمعدة بدهن ناردين وَغَيره.
البحران: 3 (الْفرق بَين البلغمية وَالْغِب) سهل لِأَن هَذِه لَا تبتدئ نوائبها بنافض فَإِذا تمادت بهَا الْأَيَّام عرض فِي بعض نوبتها برد فِي ظَاهر الْبدن وأطرافه لَا نافض صَحِيح وَاخْتِلَاف النبض شَدِيد وَيفْسد نظامه فِي وَأول النّوبَة وَيبقى من ذَلِك اخْتِلَاف صدراُ فِي التزيد أَيْضا وَلَا يُوجد فِي النبض سرعَة وَعظم وَلَا الْقُوَّة الْمَوْجُودَة فِي الغب وَلَا الالتهاب وَلَا الْعَطش وَلَا طرح الثِّيَاب وتواتر النَّفس والنفخة الحارة وَطلب الْبَارِد لَكِن الْعَطش فِيهِ أقل مِنْهُ فِي جَمِيع الحميات وَالْبَوْل فِيهِ مُنْذُ أول يَوْم كبول الرَّابِع وَلَا يكَاد الْمَرِيض يعرق فِي الْأَيَّام الأول فَإِذا تطاولت الْأَيَّام فقد يكون ذَلِك وَهِي إِلَى الرّبع أقرب وَالْفرق بَينهمَا أَكْثَره فِي النبض وَإِنَّمَا يُوقف عَلَيْهِ وقوفاً صَحِيحا من معرفَة النبض فِي الصِّحَّة وَبَينهمَا فرق فِي النابض وَفِي الْأَسْبَاب الَّتِي من خَارج وَذَلِكَ إِن فِي هَذِه يكون المزاج رطبا وَالتَّدْبِير فيهم وَأكْثر من تعرض لَهُم الصّبيان وَلَا يكَاد يتَّفق إِلَّا مَعَ ألم فِي الْمعدة أَو فِي الكبد وتتقدمه تخم كَثِيرَة وإبطاء فِي الهضم وجشاء حامض وَإِذا ابتدأت هَذِه الْحمى فَلَا بُد أَن ينتفخ ويعظم مَا دون الشراسيف أَكثر مِمَّا كَانَ فِي الصِّحَّة وَكَثِيرًا مِمَّا كَانَ فِي الصِّحَّة وَكَثِيرًا مَا ترفق وتتمدد. وَيكون لون الْمَرِيض بَين الصُّفْرَة وَالْبَيَاض ويعين على حدوثها الْوَقْت والبلد الرطب.
لي لم يذكر غير هَذَا وَيَنْبَغِي أَن نتممه نَحن بِأَحْسَن مَا يكون: البلغمية الدائمة مُنَاسبَة للفترة إِلَّا أَنَّهَا لَا يتَقَدَّم نوائبها برد كَمَا يتَقَدَّم فِي المقلعة وَلَا يعقبها عرق وَلَا قيء والخلط الْفَاعِل لَهما وَاحِد إِلَّا أَنه فِي الْمُفَارقَة منتشر فِي الْبدن كُله وَفِي الدائمة هُوَ مَحْصُور فِي جَوف الْعُرُوق وكلتاهما طويلتان.
قَالَ: وَمن البلغم الزجاجي الشَّديد الْبرد تكون النّوبَة إِذا عفن كل يَوْم ونافض البلغمية إنمايكون بَارِدًا لَا مرعداً وطويلاً وتعسر سخونة الْبدن مَعَه.
فليغريوس فِي شِفَاء الأسقام: انفض فِي البلغمية بحب القوقايا ثمَّ عَلَيْك فِيهَا وَفِي مَا طَال من الحميات بدواء الفودنج فَإِنَّهُ يسخف الْبدن كُله ويطرد الْحمى الْبَتَّةَ بعد الِانْتِهَاء.
(4/475)
أطهور سفس: إِذا شَرط إِذن حمَار وَشرب من الدَّم الَّذِي يسيل ثَلَاث قطرات أَو أَربع بآوقيتين من مَاء نفع من حمى البلغم ألف هـ وَذَلِكَ قبل وَقتهَا بساعة.
جَوَامِع اغلوقن: نافض الْحمى البلغمية يكون تَارَة كبرودة الثَّلج غير مفتر كَمَا يكون نافض الغب ونافض الغب لَا يحس بالبرد مَعَه وَإِنَّمَا هُوَ لذع فَقَط يُوجد على الْأَكْثَر فِي الْحمى)
البلغمية فَم الْمعدة يعتل لِأَن البلغم هُوَ فضل الطَّعَام الَّذِي يستمرثه الْمعدة والبلغمية لَيْسَ فِي انحطاطها عرق للزَّوْجَة البلغم وغلظه ويستدل عَلَيْهَا من السن والمزاج وَالْوَقْت والبلد والشدة الْمُتَقَدّم والراحة والتخم وَالْحمام الْكثير بعقب الطَّعَام وتوجع الْمعدة وَقلة الْعَطش ورطوبة اللِّسَان وَالْبدن كُله وفترتها لَا تنقى وحرارتها رطبَة وَمَعَ رطوبتها حرارة بِسَبَب اللعفونة وحرارتها تتبين بعد مُدَّة طَوِيلَة بالملمس والنبض أَصْغَر كثيرا من النبض الرَّابِع وَلكنه أَشد تواتراً وتواتره إِنَّمَا أَتَى من كَثْرَة صغره وصغره إِنَّمَا أَتَى من ثقله على الْقُوَّة لِكَثْرَة مِقْدَاره وَذَلِكَ أَن الَّذِي يفوت النبض من كبره لَا بُد أَن يسترجع بالتواتر وَالْبَوْل فِيهَا مرّة أَبيض رَقِيق وَمرَّة أَحْمَر غليظ كدر وفيهَا قيء بلغمي دَائِم وَلَا تكون فتراتها بعرق وَلِهَذَا لَا يَنْفِي الْبدن فتراتها كَمَا يَنْفِي فِي الغب وَالرّبع وَتعرض كثيرا للشيوخ وَالصبيان لِكَثْرَة الرُّطُوبَة فيمَ إِمَّا للشيوخ فلقلة هضمهم وللصبيان لنهمهم وتضعف مَعهَا الْمعدة لِأَن الْمعدة تضعف لغَلَبَة البلغم وَهَذِه الْحمى تكون عَن كَثْرَة البلغم وَلَا تكَاد تكون فتراتها نقية وَرُبمَا كَانَت فِي الندرة نقية وَذَلِكَ إِذا كَانَ قَلِيلا رَقِيقا وَالْبدن مَعَ ذَلِك متخلخل والنبض فِيهَا أَصْغَر مِنْهُ وَالْغِب كثيرا جدا إِلَّا أَنه أَشد تواتراً مِمَّا فِي الغب لما ذكرنَا وَأما فِي الإبطاء فنبض البلغمية كنبض الرّبع وَلَا يعطش فِيهَا كثير الْعَطش أَو لَا يكَاد يعرض لِأَنَّهُ لَا حر فِيهَا وَلَا يبس مثل الغب وَلَا يبس كالربع بل مَعهَا ضد ذَلِك أَعنِي الْبُرُودَة والرطوبة لِأَن لَهَا بردا وَالْبَوْل مرّة رَقِيق أَبيض وَمرَّة ثخين أَحْمَر كدر ورقته بِسَبَب السدد وبياضه لغَلَبَة البلغم وَضعف الهضم وثخونته وغلظه فِي وَقت آخر فَلِأَن الطبيعة إِذا دفعت تِلْكَ السدد خرج ذَلِك المحتبس وَيكون قد عفن بطول مقَامه وللطبخ فاكتسب حرارة توجب حمرَة وَهَذِه الْحمى خطرة لطولها غير مريحة وَلِأَنَّهَا تضعف فَم الْمعدة فَيحدث لذَلِك غثي وَسُوء هضم وَقلة شَهْوَة وَفَسَاد الاستمراء فَكل هَذِه يضر بِالْقُوَّةِ وَمِقْدَار مَا يرى من حَرَكَة الْحمى فِيهَا كَذَا يكون قصر مدَّتهَا وبالضد. وَلَا يُطلق ألف هـ فِيهَا الْحمام قبل النضج لِأَنَّهُ يحل الْمَادَّة وَلَا تنْحَل عَن الْبدن فَتحدث سدة وتفسد أَيْضا الأخلاط غير الْفَاسِدَة فَإِذا نضجن فَاسْتعْمل الْحمام وَالشرَاب بعد النضج ينْتَفع بِهِ فِي هَذِه الْعلَّة من وُجُوه: فِي النائبة كل يَوْم بعد أَن تجوز ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة أَو أَكثر فابدأ بسقي مَا يلطف الْمَادَّة ويخرجها وَلَا تسقه من أول يَوْم لِأَن الحمي إِذا واظبت أَيَّامًا كَانَ الإستفراغ بعد ذَلِك أسهل لِأَن الْخَلْط يرق أَكثر مِنْهُ فِي الِابْتِدَاء واستفرغ الأخلاط فِيهَا بسكنجبين وبالمدرة للبول فَإِذا بلغت هَذِه مُنْتَهَاهَا فاعتن بالمعدة وخاصة بفمها)
وَليكن ذَلِك بِكَثْرَة الاستفراغ للبلغم وتقطيعه وبأضمدة تقوى الْمعدة وَيَنْبَغِي أَن تضعها موضعهَا وَإِلَّا ضرت.
(4/476)
الطيرى: هَذِه تهبج الْوَجْه وتنفخ الطحال وَلَا يقرب فِيهَا دهن فَإِنَّهُ يفْسد تحليلها بل المَاء الْحَار يحللها.
ابْن سرابيون: لَا يسْقِي فِيهَا مَاء بارداَ فَإِنَّهُ يطولها بل اسْقِ مَاء حاراً فَإِنَّهُ ينقص مدَّتهَا ويسكن الْعَطش وَلَيْسَ مَعهَا فِي الِابْتِدَاء عرق لغلظ البلغم فَإِذا ظهر عرق فقد قرب انتضاؤها وَاسْتعْمل فِيهَا المسخنة بِحَسب مَا ترى.
قَالَ: واستفرغهم بحب الصَّبْر وقيئهم واسقهم مَاء الْأُصُول وَغلظ التَّدْبِير إِلَى الْمُنْتَهى فَإِنَّهَا طَوِيلَة ثمَّ لطفه عِنْد الْمُنْتَهى فَإِن حدث فِي الْوَجْه ترهل فاسقه أقراصاً معمولة من البزور الَّتِي تسقى لوجع الكبد والفوة واللك وودواء الكركم فَإِن طَالَتْ بِأخرَة فَاسق طبيخ البزور الحارة وأعطه الكموني والترياق وَإِن زكنت إِن هَذِه الْحمى عَن احتراق دم فافصده وَإِن كَانَ أسود فَأخْرجهُ بِلَا زحمة وَإِن كَانَ أَحْمَر رَقِيقا فاحبسه لِئَلَّا تضعف الْقُوَّة وَلَا ينْتَفع العليل بِهِ وَإِذا ظهر النضج فأسهل بخربق أسود وأسطو خودوس وَالْحجر الأرمني والبسبايج والأفيثمون وَقبل ذَلِك فَاجْعَلْ الأغذية ملطفة قَلِيلا محللة للنفخ وَإِن لم تلين الْبَطن تَلْيِينًا معتدلاً بالأغذية فلينها بالشيافات والحقن اللينة وَلَا يستحم البته قبل النضج وَيسْتَعْمل الدَّلْك والقيء وَعند الْمُنْتَهى فلطف التَّدْبِير وَاسْتعْمل السّكُون فَإِذا انحط فأعط دَوَاء الحلتيت واعتن فِي آخرهَا بالطحال والكبد بأقراص مُوَافقَة لَهَا وبدواء الكركم وَإِن طَالَتْ جدا وَظهر أَنَّهَا ممازجة للبلغم فَاسق هَذَا الْمَطْبُوخ بعد النضج بِزَمَان طَوِيل: ناتخواة زنجبيل كرفس أنيسون سنبل يطْبخ ويسقى مَاؤُهُ.
الخوز قَالَت: أَجود مَا يَقع فِي ألف هـ مَاء الْأُصُول للحميات الْإِذْخر لِأَنَّهُ يُقَوي الْمعدة والأفسنتين.
بختيشوع: 3 (أَجود الأغذية للبلغمية) مَاء حمص بكمون وزيت وشبث. قسطاً من كِتَابه فِي البلغم قَالَ: شرب المَاء الْحَار وَحده فِي ابتدائها خير من أَن ينضج بسكنجبين وَيَنْبَغِي أَن يشرب السكنجبين بِمَاء حَار غدْوَة فَإِذا بَدَت النّوبَة وأحس بهَا فليشرب مَاء حاراً وَحده فَإِذا نقص البد وسخن الْبدن وَجَاء الكرب شررب السكنجبين بِمَاء بَارِد ويغذى ببوارد متخذة من سلق ومرى وخل وزيت مغسول وَبعد النضج يسقى أَقْرَاص الْورْد مَعَ السكنجبين ويسقى شرابًا ريحانياً بعد الطَّعَام بمزاج للْوَاحِد خَمْسَة دَرَاهِم وتلين طَبِيعَته إِن احْتَاجَ بأيارج وأغاريقون ويخص فِي هَذِه الْحمى الكرفس المربى والكشوث والهندباء والرازيانج.
(4/477)
(الرّبع وَالْخمس) (وَالسُّدُس والسبع والحميات الْمُخْتَلفَة اسْتَعِنْ بَابا النافض) الثَّانِيَة من بالبحران: قد بيّنت فِي كتاب غير هَذَا أَن الرّبع يكون إِذا كثرت السَّوْدَاء وغلبت فِي الْبدن ونافض الرّبع يحس فِيهِ بِبرد قوي كبرد الشتَاء وَلَيْسَ تبتدئ من أول يَوْم بنافض قوى لكنه يُقَوي ويتزيد بِحَسب تزيدها على الْأَيَّام وَلَيْسَ يُوجد فِي نافضها الْبدن يحس بنخس لَكِن بِشَيْء كبرد ورض يصل مِنْهُ ألم إِلَى الْعِظَام فقد سمع أَصْحَاب هَذِه الْحمى يَشكونَ الوهن فِي عظامهم والرض فِي لحومهم والنبض فِي أول نوائبها ذُو صغر ضعف والإبطاء والتفاوت فِي حَال عَظمَة وَلَا تُوجد فِي غَيرهَا من الحميات حَتَّى أَنه يخيل إِلَيْك أَن الْعرق مشدود يجذب إِلَى دَاخل وَيمْنَع أَن يرْتَفع وَيبعد فِي هَذِه الْحَال عَن الْحَال الطبيعية بعدا أَكثر حَتَّى أَنه يَجْعَل نبض الشَّبَاب كنبض الشَّيْخ الْكَبِير جدا.
وَقَالَ: قد قلت أَنه لَيْسَ يشبه شَيْء من هَذِه الْحمى فِي ابتدائها ابْتِدَاء الغب لَا نافضها وَلَا نبضها والآن كنت عرفت نبض الْمَرِيض فِي صِحَّته فَلَيْسَ يحْتَاج فِي الدّلَالَة على الرّبع إِلَى عَلامَة أخري الْبَتَّةَ لِأَن انقلاب النبض فِي ابْتِدَاء هَذِه الْحمى إِلَى التَّفَاوُت والإبطاء يكون مفرطاً جدا.
وَقد حضرت قوما كنت أعرف نبضهم فِي حَال الصِّحَّة حموا حمى ربع فَقضيت عِنْدَمَا جستت الْعرق على الْمَكَان أَنه لَا يُمكن أَن يكون هَذَا الِابْتِدَاء لغير الرّبع وَكَانَ كَذَلِك فَأَما أَنْت فَإِن خالطك ألف هـ شكّ فَاسْتَعِنْ بالأشياء الْأُخَر وبالنظر فِي الْوَقْت فَإِن الخريف الْبَالِغ فِي الْبرد واليبس الْمُخْتَلف المزاج يعين على هَذِه والمختلف المزاج هُوَ أَن يكون اللَّيْل فِيهِ شَدِيد الْبرد)
وَالنَّهَار شَدِيد الْحر وبالنظر فِي الْبَلَد وَالتَّدْبِير والحميات المارضة وَانْظُر هَل فِي الطحال غلظ وَهل كَانَت عرضت لَهُ قبل ذَلِك حميات مختلطة وَهل الْحَال فِي تزيد حماه وبلوغه مُنْتَهَاهَا بضد الْحَال فِي الغب فِي حَرَكَة الْحَرَارَة الغريزية ضد مَا يجْرِي عَلَيْهِ الْأَمر فِي الغب وَمن لم يفرق بَين الغب وَبَين الرّبع فِي أول يَوْم فَلَيْسَ من الطِّبّ فِي شَيْء.
قَالَ: فَبِهَذَا الطَّرِيق تعرف الرّبع الْخَالِصَة الدائرة فَأَما اللَّازِمَة الْمُنَاسبَة لَهَا أَعنِي الَّتِي تشتد ربعا وَلَا تقلع فَإِنَّهُ لن يعسر تعرفها من أول نوبَة على من ارتاض فِي تعرف الدائرة رياضة جَيِّدَة فَأَما فِي النّوبَة الثَّانِيَة فَلَيْسَ يعسر ذَلِك على من لَيست لَهُ رياضة محكمَة فضلا عَن غَيره.
(4/478)
قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّك إِذا رَأَيْت عَلَامَات الرّبع وَلم تقلع علمت أَنَّهَا لَازِمَة وَذَلِكَ أَنَّك تَجِد جَمِيع علاماتها ثَابِتَة خلا أَنه لَا نافض فِيهَا وَلَا يعقبها عرق قَالَ: مَتى كَانَت الْحمى تتولد من السَّوْدَاء ثمَّ كَانَت تِلْكَ السَّوْدَاء متحركة فِي جَمِيع الْبدن فالحمى ربع خَالِصَة دَائِرَة إِن كَانَت محصورة فِي جَوف الْعُرُوق فَهِيَ ربع لَازِمَة وَلَا فرق بَينهَا وَبَين الدائرة إِلَّا فِي هَذِه الْحَالة.
لي وتفقد أزمان النوائب فَإِن بَينهَا فِي ذَلِك الْوَقْت فرقا كَبِيرا من ذَلِك أَن ابْتِدَاء الغب يُخَالف ابْتِدَاء الرّبع فِي النبض جدا وتخالف البلغمية فِي الصعُود وَذَلِكَ أَن صعودها أقصر وقتا من وَقت صعُود البلغمية وَنَحْو ذَلِك وَمَا يخص حماه فِي كل وَقت ينْقل إِلَى هَذَا الْموضع وتفقد جملَة زمَان النّوبَة فَإِن الغب أقصرها وَالرّبع أطولها والبلغمية فِيمَا بَينهمَا فعلى هَذَا لَا يفوتك مَعْرفَتهَا فِي أول يَوْم.
3 - (جَوَامِع البحران)
تعرف حمى ربع من الْأَسْبَاب الَّتِي تجمع مادتها وَمن الْأَشْيَاء الَّتِي تثبت نوعها أما من الجامعة مادتها فالبلد الْبَارِد الْيَابِس ورقت الخريف وَسن الكهول وَالتَّدْبِير ألف هـ المولد للسوداء والمزاج السوداوي وَضعف الطحال وَأما المقومة لنوعها فالنافض مَعَ التكسير الشَّديد الَّذِي كَأَنَّهُ يرض الْعِظَام والنبض المتفاوت وَالصَّغِير البطيء جدا الْبَاقِي على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة فِي الِابْتِدَاء وَعظم الطحال والحميات المختلطة.
لي من هَهُنَا تعلم أَن الرّبع طَوِيلَة الِابْتِدَاء بِالْإِضَافَة إِلَى الغب لِأَن هَذَا النبض إِنَّمَا يكون فِي الِابْتِدَاء.
قَالَ: تعرف 3 (الرّبع اللَّازِمَة) من دُخُول الْأَشْيَاء الجامعة لمادتها والأسباب الجامعة لمادتها الْأَسْبَاب المقومة لنوعها ثمَّ لَا تفتر وَلَا تبتدئ بنافض وَلَا تقلع باستفراغ محسوس.
من الثَّانِيَة من الحميات: نافض الرّبع كَأَنَّهُ ينفض الْأَعْضَاء.
لي يُرِيد أَن نافض الرّبع يبرد الْأَعْضَاء بِخِلَاف الغب الَّتِي تنخس وَلَا تبرد وَلَا فترات الرّبع يكون فِيهَا الْبدن نقيا كَالصَّحِيحِ والنافض يعرض مَعَه شَبيه بِمَا: يعرض لمن أَصَابَهُ برد شَدِيد من برد الْهَوَاء لَا يشبه بِمَا يعرض إِذا وضع على القرحة دَوَاء حَار وكما يعرض فِي حر الشَّمْس وَيجب ضَرُورَة أَن تتقدم الرّبع مَا يجمع السَّوْدَاء.
قَالَ: وَقد تطول نوبَة الغب شَبِيها بطول نوبَة الرّبع وَرُبمَا كَانَت أطول مِنْهَا وَهِي بعد ربع خَالِصَة.
قَالَ: وتقصر الرّبع بعد وتطول بِحَسب حَال الْخَلْط فِي الرقة والغلظ وَالْكَثْرَة والقلة وَحَال الْبدن فِي السخافة والكثافة وَالْقُوَّة والضعف.
قَالَ: والخلط السوداوي إِن لم يعفن ويتحرك حَرَكَة شَدِيدَة حَتَّى يمر بالعضل المكلبس على الْبدن لم يحدث دور ربع
(4/479)
لي على مَا رَأَيْت فِي الثَّالِثَة من تقدمة الْمعرفَة: إِذا رَأَيْت بعض الحميات النائبة قد خلطت فِي نوائبها وخشيت أَن تنْتَقل إِلَى ربع فانفض الْبدن بِمَا يستفرغ سَوْدَاء مَرَّات ولطف بِمَا لَا يسخن)
كالسكنجبين الْمَعْمُول بالبسبايج والأفيثمون والخربق الْأسود وَالْحجر الأرمني.
من أزمان الْأَمْرَاض: الرّبع قَلما تكون مطبقة وَفِي الْأَكْثَر تكون نائبة وفتراتها نقية.
لي من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لما حم اوديمس وَلم اكن أعرف نبضة حدست من نبضه أَن حماه ربع وَلَو كنت قد عرفت مِقْدَاره فِي حَال الصِّحَّة لأثبت الْقَضَاء عَلَيْهِ لكنه عل حَال بِأَن فِي الْحس شَيْئا ألْقى فِي نفس أَنَّهَا حمى ربع وَكَانَ كَذَلِك وَاتفقَ الْأَطِبَّاء على أَن يَأْخُذ ألف هـ الترياق سحرًا فِي الْيَوْم الَّذِي يتَوَقَّع لَهُ النّوبَة وَكَانَت تَجِيء فِي السَّاعَة فَقلت أَن الترياق بِضعْف حماه لِأَن مَرضه لم ينضج وَإِن اسْتعْمل الترياق وَنَحْوه فِيمَن فِي بدنه اخْتِلَاط رَدِيئَة غير نضيجة وخاصة فِي ابْتِدَاء الشتَاء أمكنه أَن يشوش تِلْكَ الأخلاط وَلم يُمكنهُ أَن ينضجها ويفشيها فَسَقَاهُ الْأَطِبَّاء مِنْهُ مَرَّات فأفسدت حماه ونابت أُخْرَى أَيْضا ربع الرَّابِعَة من طيماوس: حمى ربع تكون من سَوْدَاء وَلذَلِك تحْتَاج إِلَى مُدَّة من الزَّمَان طَوِيلَة حَتَّى تنضج فَإِن حرك قبل النضج بالأدوية المحركة نَحْو دَوَاء الحلتيت وَنَحْوه تحريكاً صَار أَشد أردأ مِمَّا كَانَ فَإِن أحسن التَّدْبِير حَتَّى ينضج نضج على طول الْمدَّة وتدبيره إِن يَعْنِي بِالْمَشْيِ المعتدل وَالرُّكُوب والاستحمام والأغذية السريعة الهضم الجيدة الْخَلْط وَاحْذَرْ أَن يُصِيبهُ حر أَو سهر وَأَشد مِنْهَا التخم وَفَسَاد الهضم وَالْجِمَاع فدبره هَكَذَا إِلَى أَن ينضج.
لي قد ذكرت مَا يَعْنِي بالدواء المحرك فِي الإسهال فِي ابْتِدَاء الحميات وَهِي الْأَدْوِيَة المضادة للسوداء بالطبع لَا مِمَّا يسخن بِقُوَّة وكد كالحلتيت وَنَحْوه فَإِن هَذَا مَتى استعملته قبل النضج جعلت الْحمى مضاعفة.
الأول من السَّادِسَة من أبيذيميا: حميات الرّبع إِذا ابتدأت ولزمت نظامها فَإِنَّهَا تحدث حميات مختلطة.
السَّادِسَة من السَّادِسَة من أبيذيميا قَالَ: مت لم يكن خطأ من الْمَرِيض وَلَا من الطبي وَلَا من خَارج فَلَا يطول الرّبع أَكثر من سنة.
من الثَّانِيَة من المجونات: مر أَرْبَعَة فلفل أَبيض دَار فلفل اثْنَان اثْنَان أفيون جندبادستر قردمانا أَرْبَعَة أَرْبَعَة سكبينج دِرْهَم يقرص ويسقى قرص فِيهِ أَبُو لوسين ويسقى للحميات الطَّوِيلَة وَالرّبع آخر: حلتيت وفلفل وَمر وورق الذاب بِالسَّوِيَّةِ يعجن وَيسْتَعْمل كَالَّذي قبله.
الْيَهُودِيّ: الرّبع تبتدئ بِبرد شَدِيد وبطؤ السخونة ثقيل على الْبدن وَالْعِظَام قوى التمطئ)
والتثاؤب فالعرق فِيهَا قَلِيل.
(4/480)
قَالَ: احمه قبل النّوبَة بساعتين ثمَّ أطْعمهُ إِن شَاءَ طَعَاما يَسِيرا ثمَّ أعْطه الدَّوَاء فَإِنَّهُ يعرقه عرقاً كثيرا فتقلع حماه.
الطبرى: مَا كَانَ مِنْهَا بعقب غب فَهُوَ من احتراق صفراوي وبعقب بلغم قعن احتراقه. وَقد يكون عَن احتراق دم غليظ وبعقب امتلاء فَيخرج الدَّم من الدموية وَيسْتَعْمل الإسهال فِي الصفراوية وَيسْتَعْمل الحتيت والفلفل فِي البلغمية.
من بعض كتب الْهِنْد: ينفع الرّبع أَن يبخر بِجُزْء السنانير وَأَن يهجم عَلَيْهِ قوم بسيوف وَترسل حيات منزوعة الأنياب ويتملؤ من الطَّعَام ويتقيأ.
ألف هـ لي جَمِيع عَلَامَات الرّبع تقدم الحميات المختلطة والأمراض السوجاوية وَالزَّمَان والمزاج وَالتَّدْبِير المشاكل لذَلِك وَحَال الحميات الْوَارِدَة فِي ذَلِك الْوَقْت والنافض البطيء السخونة والثقيل المكثر للطعام الثقيل النافض وَأَن يسخن بكد طَوِيل فَإِذا سخنت امتدت السخونة وَشدَّة أهرن: هَذِه طَوِيلَة فأعطه أَولا فِيهَا أغذية فِيهَا الغلظ كَاللَّحْمِ خلا الغليظ مِنْهُ وَجَمِيع الْأَطْعِمَة الغليظة فَلَا تعطه مِنْهَا شَيْئا بل المتوسطة فَإِذا رَأَيْت النضج بَدَأَ فِي الْبَوْل فلطف التَّدْبِير قَلِيلا قَلِيلا وَلَا تعالجه بالأدوية الحارة فِي الِابْتِدَاء طَمَعا فِي أَن تفتح السدد فَإنَّك لَا تفتحها وتشتد الْحمى بذلك فَإِذا انهضم نعما فأعطه الترياق والفلافلى والسجرتيا وجوارش الكموني والأنجدان ودواء الكبريت.
وَإِن رَأَيْت أَن السَّوْدَاء الَّتِي عَنْهَا الْحمى كَانَت عَن احتراق دم فافصد فِي أوائلها الباسليق أَولا من الْيَد الْيُسْرَى وَكَذَلِكَ من كَانَت بِهِ من احتراق صفراء.
لي هَؤُلَاءِ يجب أَن يسهلوا بِمَا يخرج الصَّفْرَاء الْمُحْتَرِقَة والسوداء.
قَالَ: وَقد يكون ذَلِك الْفضل الْأسود من احتراق بلغم.
قَالَ: ويعالج من بِهِ ربع مُلَازمَة بالأدوية المعتدلة فِي الْحر وَالْبرد الملطفة كالسكنجبين والجلنجبين وَمَاء الرازيانج والكرفس وَمَاء الْأُصُول والأغذية المعتدلة الَّتِي فِيهَا برد لِأَن مَعَ هَذِه الْحمى حرارة أَكثر لِأَنَّهَا دَاخل الْعُرُوق وخاصة إِن أعَان على ذَلِك الزَّمَان والمزاج وَأما المفترة وَهِي مَا كَانَ مِنْهَا خَارج الْعُرُوق فامرخ صَاحبهَا بعد الهضم بآدهان حارة ملطفة فَإِن اسْتَطَعْت أَن لَا تُؤْكَل صَاحبهَا يَوْم النّوبَة شَيْئا فافعل وَمَعَ ذَلِك فقيئة أَحْيَانًا قبل الطَّعَام بفجل وسكنجبين وَنَحْوه)
وَأَحْيَانا بعد الطَّعَام. وَإِن رَأَيْت فِي الْبَوْل هضماً تَاما فَعَلَيْك بأدوية حارة إِلَّا أَن يكون الزَّمَان والمزاج حارين جدا وعالج النائبة فِي كل خمس بعلاج حمى الرّبع فَإِنَّهَا من جِنْسهَا وعلاجهما وَاحِد وألح عَلَيْهِ بِمَا يدر الْعرق كالحمام وَلَا يكثر صب المَاء بل يتعرق ومرخه بأدهان حارة لَطِيفَة وعالج المختلطة الَّتِي لَا يعرف لَهَا وَقت نوبَة وَلَا تلْزم بعلاج الرّبع وبالفصد خَاصَّة إِن ساعدت الْقُوَّة.
لي رَأَيْت ألف هـ عُمُوم ربع لَا تنفض البته بل تبتدئ بحرارة شَدِيدَة فَقَط وأحسب أَن هَذِه ربع لَازِمَة.
(4/481)
الْإِسْكَنْدَر: الرّبع تكون من صفراء محترقة وَمن بلغم مالح يَابِس وَمن سَوْدَاء خَالِصَة وَمن عكر الدَّم وَمن ورم الطحال.
قَالَ: فعالج الرّبع التيى من احتراق صفراء بِمَاء يبرد ويرطب وخاصة إِن شهِدت لَك الْأَسْبَاب الملتهبة وأعطه بطيخاً وخوخاً وهندباء وخساً وَجُمْلَة فعالجه بعلاج الغب.
وَقَالَ: وَقد أَخطَأ جالينوس إِذْ عالجها كلهَا بِمَا يسخن.
قَالَ: وَالرّبع الَّتِي من برودة فابدأ قبل وَقت النافض بِمَا يدْفع النافض ويعرق فَإنَّك توهن النافض والصالب يضعف إِذا ضعف النافض وأسهله وَأعْطِ الَّذِي من احتراق صفراء شراب الْورْد وبفلفل وبسقمونيا على مَا فِي الصّفة وَهُوَ أَن تطبخ عصارة الْورْد الْعَسَل والأغاريقون مِقْدَار أوقيتين برطل ثمَّ يداف فِيهِ نصف أوقيه من سقمونيا وَمثله من الفلفل وَيُؤْخَذ من دِرْهَمَيْنِ إِلَى ثَلَاثَة فَإِنَّهُ يتقيأ نعما وَلَا حرارة شَدِيدَة لَهُ.
قَالَ: وَإِن اسْتعْمل فِي الرّبع فِي وَقت النافض مَا يقيئ بِقُوَّة أوهن النافض والصالب وَأَبْرَأ العليل وأعطه مَا يقيئه فِي ذَلِك فَإِنَّهُ يسهل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ينصب إِلَى الْمعدة فِي الْوَقْت أخلاط كَثِيرَة.
شربة جَيِّدَة تسقى للربع الْبَارِدَة وللحمى البلغمية قبل أَن يَجِيء بساعة وينام فيعرق وَتذهب الْحمى بِإِذن الله تَعَالَى: أفيون عَتيق سَبْعَة زعفران خَالص حَدِيث أَرْبَعَة قنة وَمر من كل وَاحِد أَرْبَعَة سليخة الطّيب وحلتيت من كل وَاحِد اثْنَان جندبادستر وسنبل من كل وَاحِد سَبْعَة قسط ثَلَاثَة فلفل أَرْبَعَة عشر عسل بِقدر مَا تعجن بِهِ وَيُعْطى مِنْهُ كالباقلى الْعَظِيمَة بِمَاء فاتر فَإِنَّهُ عَجِيب.)
قَالَ: وَهَذِه تريح مِنْهَا فِي شربتين أَو ثَلَاث أَو أَربع.
قَالَ: وَالْحِجَارَة الأرمنية تَنْفَع نفعا عَظِيما فِي ذَلِك وَإِن غسلت وأسهلت وَإِلَّا فتت ويخلط بقرنفل وبسقمونيا والشربة من الْجَمِيع اثْنَا عشر قراطاً.
شَمْعُون قَالَ: انفض عَنْهُم السَّوْدَاء بالإسهال مَرَّات وافصد البالسليق من الْيُسْرَى وَإِن كَانَ الدَّم أسود فأكثره ثمَّ استفرغ بعد بِمَا يسهل وَلَا يَأْكُل يَوْم الْحمى شَيْئا.
الاختصارات: ألف هـ هَذِه الْحمى يتقدمها على الْأَكْثَر حميات أخر ثمَّ مختلطة وَذَلِكَ أَنَّهَا تكون من احتاق الأخلاط الثَّلَاثَة أَعنِي من نشيط الدَّم أَو بلغم أَو صفراء فَأَما الطبيعة فَلَيْسَ تكَاد تعفن وَمَتى تقدم الرّبع حمى دموية وَكَانَ مزاجه دموياً والنبض والعرق يَشْهَدَانِ بذلك فَإِن الرّبع من احتراق الدَّم وَإِن تقدمته الغب وَشهِدت سَائِر العلامات وَكَانَ مَعهَا عَطش ونبض أسْرع وَبَوْل لطيف أشقر فالربع من احتراق الصَّفْرَاء وَإِن كَانَت تقدّمت حميات بلغمية وَشهِدت الْأَشْيَاء الْأُخَر من التَّدْبِير الآخر وَنَحْوه وَكَانَ الْبَوْل كدراً أَبيض والعطش قَلِيلا فالربع من البلغمية فاقصد الْخَلْط الَّذِي بِأَن لَك أَن الرّبع تولدت عَنهُ من بسيطة فَإِن كَانَ الدَّم
(4/482)
فافصده واسقه سكنجبينا وَإِن كَانَت بلغمية فأسهله بلغماً ولطف التَّدْبِير وصومه يَوْم الْحمى وَبعد النضج اسْتعْمل أدوية حارة كدواء الحتيت وينفعه الْقَيْء.
قَالَ: صفة الرع مجربة إِذا طَالَتْ: نانخواة وستبل الطّيب وجبق جبلى من كل وَاحِد عشرَة أنيسون كرويا من كل وَاحِد سَبْعَة دَار فلفل ثَلَاثَة زنجبيل أَرْبَعَة حلتيت مَا هِيَ زهرَة خَمْسَة سليخة ثَمَانِيَة يعجن بِعَسَل الشربة مِثْقَال بِمَاء الكرفس والرازيانج.
قَالَ: وأسهله فِي كل خمس لَيَال مرّة بِهَذَا الْحبّ: أفيثمون تَرَبد من كل وَاحِد عشرَة كرويا أنيسون من كل وَاحِد سَبْعَة نانخواة أغاريقون أَبيض من كل وَاحِد ثَمَانِيَة بزر كرفس رازيانج من كل وَاحِد ثَلَاثَة بسبايج سِتَّة ملح هندي خَمْسَة أيارج فيقرا خَمْسَة عشرَة درهما يتَّخذ حبا بِمَا النعنع ويحبب الشربة دِرْهَم وَنصف بِمَاء فاتر من أول اللَّيْل.
قالي يحيى بن عبد الله: جربت تَعْلِيق عظم الْخِنْزِير فِي عنق من بِهِ الرّبع فابرأه.
من اختيارات حنين: صَاحب الرّبع لَا يستفرغ استفرغاً قَوِيا ضَرْبَة والحتليت من أَجود شَيْء فِي هَذِه الْعلَّة ولتكن طبيهته أبدا لينَة وَإِن أَعْطَيْت فلفلاً كل يَوْم كَانَ صَوَابا أغلوقن: إِذا فصدت فِي الرّبع فَوجدت الدَّم أَحْمَر رَقِيقا فاحبسه من ساعتك وَإِن كَانَ أسود)
غليظاً فَأكْثر من إِخْرَاجه وَأعْطِ دَوَاء الحتليت وَنَحْوه بعد إسهال السَّوْدَاء مَرَّات.
جَوَامِع أغلوقن: الرّبع لَا تكَاد تحدث ابْتِدَاء إِلَّا إِذا كَانَ طحال ألف هـ عَظِيم أَو يغذي بأغذية تولد أخلاطا سوداوية كَثِيرَة يعجن الطحال عَن جذبها واشتداد النافض فِيهَا ينذر بِخَير لِأَنَّهُ يدل عل أَن الْخَلْط قد نضج لِأَنَّهُ من أول الْأَمر لَا يكون شَدِيدا إِلَّا أَن الْخَلْط بعد لَا يكون قد نضج فَلَا يبرز مِنْهُ شَيْء إِلَى العضل فَإِذا نضج برز مِنْهُ شَيْء كثير فَاشْتَدَّ النافض واستفرغ مِنْهُ شَيْء كثير كل نوبَة.
الساهر قَالَ: اصرف عنايتك فِي الرّبع إِلَى الكبد وَالطحَال لِئَلَّا يصلبا وَلَا تعطهم زهومة ثَلَاثَة أسابيع لتقصر مُدَّة الْحمى وَبعد ذَلِك أطْعمهُم فروجاً وَبعد الْأَرْبَعين أطْعمهُم لَحْمًا وَيَوْم الدّور يَصُوم وَيدخل الْحمام من غَد ويقيأ فِي هَذَا الْيَوْم فَإِن طَال فاسقه مَا يعرق وَمَا يدر الْبَوْل.
ابْن ماسويه فِي الْحمر الربه: إِذا سخنت فحرارتها شَدِيدَة وَلَا يكون فِيهَا عرق غزير.
قَالَ: قَالَ: انْظُر أَيَّة حمى تقدّمت الرّبع وَأي الدَّلَائِل ظَاهِرَة فِي اللَّوْن وَالْبَوْل ثمَّ افصد إِلَى استفراغ ذَلِك الْخَلْط فَإِن كَانَ الدَّم فافصد الباسليق واسق رب الريباس وَنَحْوه وَكَذَا فافعل بالباقية وصومه يَوْم الدّور وَإِن كَانَت عَن احتراق صفراء فأسها باهليلج واسقه مَاء الشّعير وسكنجبيناً ورمانا وقيئة فِي النّوبَة بسكنجبين وبالماء الْحَار واعتن بالكبد وَالطحَال لِئَلَّا
(4/483)
يحدث بهما ورم وَإِذا طَال ذَلِك فالأقراص الجيدة والأضمدة من الأقراص الَّتِي هَذَا مثالها: عصارة الغافث سقولوقندريون لَك زراوند طباشير بزر خِيَار بقلة حمقاء هندباء كرفس قشور كبر ويسقى سكنجبينا وَإِن كَانَت من احتراق بلغم فاسقه الأطبخة الحارة المدرة للبول المتخذة من الأنيسون ونانخواة وفودنج وَيسْتَعْمل الْقَيْء قبل النّوبَة وَفِي وَقتهَا ثمَّ يَصُوم بَقِيَّة يَوْمه.
دَوَاء نَافِع من الرّبع بعد النضج: نانخواة فودنج سنبل من كل وَاحِد عشرَة فلفل ثَلَاثَة زنجبيل أَرْبَعَة حلتيت خَمْسَة أنيسَة سَبْعَة يسقى مِثْقَالا بِمَاء الْأُصُول.
حب آخر يسقى بِاللَّيْلِ فيسهل وَيبْطل اتلحمى: أفيثمون وبسبايج وأيارج فيقرا من كل وَاحِد عشرَة أغاريقون ثَمَانِيَة ملح هندى خَمْسَة نانخواة ثَلَاثَة الشربة دِرْهَمَانِ قبل الْيَوْم.
معجون للربع والبلغمية إِذا طالتا: مر سَبْعَة عشر سنبل ثَلَاثَة عشر ألف هـ أنيسون فلفل نانخواة أفيثمون من كل وَاحِد عشرَة بطراساليون خَمْسَة عشر فقاح الْإِذْخر ميعة حلتيت قسط أغاريقون عَاقِر قرحا من كل وَاحِد خَمْسَة يعجن بِعَسَل عَتيق أَو بِعَسَل الرنجبيل وَيُؤْخَذ)
مِنْهُ كالجوزة.
مَا بَال قَالَ: دع يَوْم النّوبَة الرّبع النّوم الْأكل وَعَلَيْكُم بالرياضة وَالْحَرَكَة وادخله الْحمام إِذا انْقَضتْ النّوبَة فَإِن هَذَا يعين على سرعَة تحلل الفضول.
ابْن سرابيون: إِذا ظهر غَلَبَة الدَّم فافصد الباسليق فَإِن كَانَ الدَّم أَحْمَر فاحبسه من ساعتك لِئَلَّا تسْقط الْقُوَّة والحمى طَوِيلَة وَلَيْسَ بسوداوي فَلَا ينْتَفع بِخُرُوجِهِ.
جَوَامِع اغلوقن: شدَّة النافض فِي الرّبع إِذا لم يكن فِي الِابْتِدَاء فَإِنَّهُ ينذر بِأَنَّهُ كُله قد نضج فِي أول الْأَمر دلّ على كَثْرَة الْخَلْط وَإِحْدَى العلامات الَّتِي تكون فِي انحطاط الرّبع وَلَا تكون فِي انحطاط البلغمية وخاصة فِي الِابْتِدَاء وَتَكون فِي الغب أَكثر وأغزرها فِي الرّبع ونقاء الْعُرُوق فِي الانحطاط فرق بَينهَا وَبَين البلغمية.
جورجس: فِي ابْتِدَاء هَذِه أسهل السَّوْدَاء بِقُوَّة ثمَّ الزمه أَقْرَاص الحلتيت ثمَّ عاود الإسهال والأقراص إِلَى أَن يبرأ.
لي وَإِن كَانَت تقلب من الغب فأسهل بِحَسب ذَلِك وَجُمْلَة فَإِن علاج الْحمى الْقَبْض المتدارك والأدوية المبدلة للمزاج فِي خلال ذَلِك.
اغلوقن: الرّبع لَيست تحدث ابْتِدَاء لَكِن تحدث على الْأَكْثَر عَن نقلة حميات أخر يتقدمها وَلَا أعلم أَنِّي رَأَيْتهَا ابتدأت بنافض شَدِيد لَكِن يشْتَد النافض فِيهَا ويضعف على طول الْأَيَّام إِنَّمَا ينضج الرّبع بعد أَن ترى النافض قد لِأَن بعد الشدَّة وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن صغر النافض فِي أول الْأَمر إِنَّمَا يكون لقلَّة مَا يَجِيء إِلَى العضل من الْفضل الَّذِي مِنْهُ الْحمى ثمَّ
(4/484)
يكثر مَجِيئه الْبَتَّةَ حَتَّى يمعن الْحمى لِأَنَّهُ يرق ويتعود النّفُوذ وَالْقَبُول فيكثر ويعظم النافض فَإِذا لِأَن النافض بعد فَإِنَّهُ يدل على أَن الْفضل قد قل فَلَيْسَ ينصب مِنْهُ إِلَّا قَلِيل فِي العضل.
قَالَ: عالج هَؤُلَاءِ فِي أول الْأَمر بالرفق وَلَا تسق شَيْئا من الْأَدْوِيَة القوية لي يَعْنِي الحارة وَلَا ترم الاستفراغ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن ترى الدَّم كثيرا غَالِبا جدا فافصد الباسليق من الْيُسْرَى فَإِن لم يكن فالأكحل فَإِن رَأَيْته أسود ألف هـ غليظاً وَأكْثر مَا تَجِد هَذَا فِي أَصْحَاب الأطحلة فَأخْرج مِنْهُ شَيْئا كثيرا وَإِن كَانَ رَقِيقا صَالحا ناصعاً فتوقف واغذه بِمَا لَا ينضج بل بِمَا يحلل النضج ولين الْبَطن بأغذية وأدوية لينَة وامنع من الْأَطْعِمَة الْكَثِيرَة الأغذاء وَالشرَاب الْأَبْيَض الرَّقِيق وَيسْتَعْمل السّمك المالح والخردل وليأخذ فِي الْأَيَّام الأول الفلافلى والكموني أَو فلفلاً بِمَاء الْعَسَل)
وَلَا تلطف تدبيرهم فَإِن رَأَيْت الِانْتِهَاء فلطف تَدْبيره وَاسْتعْمل بعد ذَلِك مَا يدر الْبَوْل بِقُوَّة فَإِذا ظَهرت عَلَامَات النضج فاستفرغ بِمَا يخرج الْخَلْط الْأسود بِقُوَّة مَرَّات مُتَوَالِيَة وقيئهم على التملؤ وَأَرْدَفَ ذَلِك بالخربق المغرز فِي الفجل وأطعمه الفجل: فَمن لم يُمكنهُ الْقَيْء فإسهاله أبلغ وَأكْثر وَبعد ذَلِك أعْطه ترياقاً ودواء الحلتيت وَلَا تعط هَذَا قبل الِانْتِهَاء فَإِنَّهَا تشدد الْحمى وتجعلها مضاعفة.
لي صديقان أخبراني أَن رجلَيْنِ ابتدأت بهما حمى الرّبع دون تتقدمها حمى أُخْرَى.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة: لما سقى أوذيمش الشَّاعِر ترياقاً فِي أول حماه صَارَت الرّبع الَّتِي كَانَت بِهِ ثَلَاث حميات ربع والأدوية الحارة تفعل هَذَا إِذا أخذت فِي أول أدوار الْحمى.
جَوَامِع اغلوقن: الْغذَاء فِي الرّبع يكون ندبا مرطباً ليعلو ويقهر يبس ذَلِك الْخَلْط وَأَن يحل النفخ أَو مَا لَا ينْفخ لِأَنَّهُ تتولد عَن الْخَلْط الْأسود ريَاح فِي الْمعدة وَتَحْت الطحال فَإِن انضمت هَذِه إِلَى تِلْكَ الْحَال زَادَت جدا وتلين الْبَطن باعتدال ولتخرج الْفضل دَائِما وَيسْتَعْمل المعجونات وَلَا تدمنها فتزيد فِي الْحَرَارَة وتحلل لطيف الْخَلْط وتفشه وتنزل غليظه وَيسْتَعْمل الْمَشْي والدلك بالأدهان المرخية لتتوسع مسامه وَلَا تسْتَعْمل الْحمام أصلا إِن أمكن ويقل مِنْهُ لي خَاصَّة من هوائه الْحَار وَذَلِكَ أَنه يذيب هَذَا الْخَلْط وَلَا يبلغ إِلَى أَن يحلله وَبعد النضج واتر الإسهال للسوداء لِأَنَّهُ قد تهَيَّأ لِلْخُرُوجِ ويسقى الحلتيت والترياق ليلطف ويحلل. لي وَيَنْبَغِي أَن تعتمد فِي الرّبع على إِخْرَاج السَّوْدَاء وترطيب الْبدن بعد ذَلِك وعد فِي ذَلِك مَرَّات فَإِنَّهُ ملاكه.
الثَّانِيَة من المعجونات قَالَ: وعد تُرِيدُ سقيه المعجونات الحارة النافعة من حمى الرّبع فَاحم الشَّارِب لَهُ قبل نوبَة الْحمى بساعتين ويتناول طَعَاما وشرباً قَلِيلا ألف هـ وَيَأْخُذ الدَّوَاء وينام فَإِنَّهُ يعرق عرقاً كثيرا وتقلع حماه.
لي وينفع مِنْهُ فِي هَذَا الْوَقْت النّوم وَالشرَاب. وَفِي الرّبع لَا يكَاد يكون عرق كثير لِأَن
(4/485)
الْخَلْط قَلما يصير إِلَى العضل وَلذَلِك نافضها أَيْضا يكون فِي عضل العليل بِخِلَاف نافض الغب فَإِنَّمَا يكون مائلة إِلَى خَارج وناحية الْجلد وَلذَلِك يكثر فِيهَا الْعرق أَيْضا.
ابْن ماسويه: إِن طَالَتْ الرّبع فصومه يَوْم الدّور فَأَما مَا لم تطل فَلَا لِأَنَّهُ يزيدها حراقة وقيئه بعد نَزعهَا كل يَوْم بسكنجبين واعتن بالكبد لِأَنَّهُ سَبَب الاحتراق وبالطحال لِأَنَّهُ الْقَابِل واسقه مَا يستفرغ السَّوْدَاء: إهليلج أسود أفيثمون بسياج سنا أفسنتين حجر اللازورد ملح هندي)
أغاريقون شَحم حنظل.
مسيح: اسْقِ فِي هَذِه دَوَاء الحلتيت وَنَحْوه ظُهُور الانحطاط وتوقه قبل ذَلِك وعالج الْخمس وَمَا فَوْقه بعلاج الرّبع وزد فِي التقطيع والإسخان فَإِنَّهُ إِنَّمَا يكون من ماد أغْلظ.
يختيشوع: إِذا طَالَتْ الرّبع فاحجم أخدعيه وبخره بالذريرة وحسه المَاء الْحَار مَتى اقشعر وعرقه وألزمه الْحمام واسقه أفيثمونا ويتمرخبزنبق أَو خيرى.
لي وبدهن بابونج وَسَائِر مَا يسخن جيد للنافض والمتطاولة وألزمه حلتيتاً درهما مَعَ خَمْسَة دَرَاهِم سكرا كل يَوْم نوبَة أبقراط فِي تَدْبِير الْأَمْرَاض دَوَاء جيد للربع: بزر بنج وشيرج قِيرَاط قِيرَاط حلتيت مثل نصف الباقلى واسقه بشراب صرف وينفع أَن يَأْكُل ثوماً وَعَسَلًا وَيشْرب سكنجبيناً عسلياً طَعَاما ويقيأ ويستحم وَيَأْكُل فِي الْعشَاء شَيْئا يَسِيرا ويستحم من غَد بِمَا كثير عذب حَار ويتعرق بعد ذَلِك بالثياب وَيَأْخُذ مثل لوزة بشراب فَإِن غثت نَفسه تقيأ فَإِن عاود فليعاود هَذَا التَّدْبِير وَيشْرب الدَّوَاء الأول على الرِّيق.
قسطاً فِي الْمرة السَّوْدَاء: من الرّبع ضرب يُسمى المنعكسة وَهِي الَّتِي تنوب يَوْمَيْنِ وتريح يَوْمًا.
وَرُبمَا نابت ثَلَاثَة مُتَوَالِيَة وَعند ذَلِك يتَّصل.
قَالَ: أول مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من تَدْبِير الرّبع تلطيف التَّدْبِير فِي يَوْم النّوبَة وَلَا يَأْكُل حَتَّى تمْضِي النّوبَة وَفِي الْيَوْم الثَّانِي دُخُول الْحمام وَفِي الثَّالِث الْقَيْء وَذَلِكَ أَن يَوْم ألف هـ النّوبَة ينصب إِلَى الْمعدة من خلط الْحمى فَلَا يَنْبَغِي أَن تشاغل الطبيعة بالغذاء عَن مقاومة ذَلِك وَالْيَوْم الثَّانِي يحْتَاج إِن تصلح تَعب النّوبَة بالحمام لتريح الْبدن وتنشطه وَلما كَانَ الْحمام يصب الفضول إِلَى الْمعدة ويرقق الأخلاط وَجب الْقَيْء فِي الْيَوْم الثَّالِث. والأدوية الحارة مثل دَوَاء الكبريت والترياق الحلتيتي عَظِيمَة الْخَطَأ فِي أول الْأَمر فَإِذا رَأَيْت الْحمى قد تضاعفت فنابت يَوْمًا آخر بعقب هَذِه الْأَدْوِيَة فَذَلِك مُنْتَهى وَيَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل إِذا طَالَتْ وبع ظُهُور دَلَائِل النضج.
قَالَ: سَمِعت أَنَّهَا أَقَامَت اثْنَي عشرَة سنة وَرَأَيْت من أَقَامَت عَلَيْهِ أَربع سِنِين وَهَؤُلَاء هم الَّذين المرار الْأسود فيهم فِي غَايَة الغلظ فليبدأوا هُنَاكَ فِي أَخذ اللحلتيت وَأَقل مَا يُؤْخَذ مِنْهُ نصف دِرْهَم ثمَّ يُزَاد قَلِيلا قَلِيلا وجوارش الفلافلى أَحْمد مَا يعالج بِهِ فِي هَذَا الْموضع وَشرب المَاء الْحَار بسكنجبين وفصد الْعرق مرّة بعد مرّة إِذا كَانَ المحموم شَابًّا وبدنه ممتلئاً فَإِنَّهُ رُبمَا اكْتفى بِهِ وَحده وَقد أقلعت بِهِ الْحمى المضاعفة غير مرّة. فَأَما الكهول وَنَحْوهم فالإسهال أوفق)
لَهُم والحقنة اللينة إِن شَاءَ الله عز وَجل.
(4/486)
3 - (فِي الرّبع وَمَا ينفع من السَّوْدَاء) أفاريقون إِن شرب بزره بِالشرابِ ذهب بِالربعِ. ومرق اليوك الهرمة مَعَ بسبايج وقرطم على مَا د: الكبريت نَافِع من الرّبع.
ابْن ماساويه قَالَ د: زعم قوم أَنه إِن شرب أَرْبَعَة أصُول من لِسَان الْحمل بِأَرْبَع أَوَاقٍ وَنصف من شراب ممزوج نفع من الرّبع. د: الْحَيَوَان الْمُسَمّى فسافس إِن أَخذ مِنْهُ سَبْعَة أعداد وَجعلت فِي باقلاة وشربت قبل أَخذ الرّبع قلعتها. د: الشونيز تَنْفَع مِنْهَا.
ابْن ماسويه:
الجاوشير ينفع من البلغمية. والخردل ينفع من حمى الرّبع.
إِسْحَاق: لَا تحرّك الْبدن فِي ابْتِدَاء هَذِه بالأدوية القوية وَلَا تستفرغه استفراغاً قَوِيا إِلَّا إِن تحْتَاج إِلَى استفراغ دم فأقصده وَأخرجه على قدر الْقُوَّة وَلَا تغذه الأغذية المنفحة كالحبوب والمولدة للكيموس الغليظ كلحم الْبَقر والجبن والميبسة كالكواميخ والشواريز وَاقْتصر بِهِ على مَا خف من اللحوم وَلم يكن لَهُ غلظ وَلَا لزوجة وَاجعَل الطبيعة دَائِما لينَة بالأغذية والأدوية القليلة الْقُوَّة كالزبيب والشاهترج والتين وَنَحْو ذَلِك ألف هـ وَلَا تمنعهم الْمَشْي وامنعهم الْحمام فِي المبدأ وَلَا تلطف غذاءهم فِي أول الْأَمر لِأَنَّهَا من الْعِلَل المزمنة الطَّوِيلَة الْمدَّة فَمَتَى لطفت الْغذَاء لم تبلغ الْمُنْتَهى إِلَّا وَقد خارت قوته وَإِذا شارفت مُنْتَهَاهَا فَلَا تحرّك الْبدن بالإسهال وَلَا غَيره.
وَاسْتعْمل إدرار الْبَوْل فَإِذا انحطت فَاسْتعْمل مَا يسهل السَّوْدَاء وأعطهم بعد هَذَا المعجون فِي الْوَقْت بعد الْوَقْت وَهُوَ: حلتيت مر فلفل ورق السذاب بِالسَّوِيَّةِ يعجن بِعَسَل منزوع الرغوة والشربة دانقان بسكنجبين وأعطه فِي آخر الْعلَّة ترياقاً وَاحْذَرْ هَذِه الْأَدْوِيَة وَنَحْوهَا فِي الصَّيف وَفِي الْبَلَد الْحَار. وَفِي الشتَاء إِذا كَانَ النافض فِي هَذِه الْحمى قد تناهى فاطبخ جلابا بفودنج نهري واسقه مِنْهُ فِي حمى ربع.
من الْكَمَال والتمام عصارة ورق البنطافلن مَعَ شراب الْعَسَل وفلفل تَنْفَع إِذا شربت. من أَصْنَاف الحميات قَالَ تتولد الرّبع من عفن السَّوْدَاء وَكَذَلِكَ تتولد فِي سنّ الكهول والخريف وَمَا شَاءَ كل ذَلِك من الْأَطْعِمَة وَالتَّدْبِير والنافض الْمُتَقَدّم فِي الرّبع يحس بِهِ كَأَنَّهُ يبرد الْأَعْضَاء.
فِي الْعلَّة فِي نقاء فترات الرّبع قَالَ: اشتعال هَذِه لغلظها وبردها ويبسها يبطئ كَمَا تبطئ حمى الْحِجَارَة فَإِذا اشتعل وَحمى اشتعاله لم يبْق مِنْهُ شَيْء لِأَنَّهُ يكون قد عملت فِيهِ الْحَرَارَة وَلذَلِك يكون الاستفراغ مِنْهُ أَكثر مِمَّا يكون من البلغمي وفترته تكون بَان تبقى بَقَاء
(4/487)
صَحِيحا وَكَذَلِكَ أَيْضا نافضها شَبيه بِمَا يعرض لمن أَصَابَهُ برد شَدِيد ويتقدم هَذِه الْحمى تَدْبِير سوداوي وَطول نوبتها كطول نوبَة الغب وَرُبمَا كَانَت أطول وَهِي ربع خَالِصَة. لي يُرِيد أَن طول نوبتها لَا يَنْبَغِي أَن توهمك أَنَّهَا مركبة. قَالَ: وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَت من الْخَلْط أبرد وَالْحَال فِي طول النّوبَة وقصرها على قِيَاس مَا ذكرت فِي الغب وَلَيْسَ تحدث هَذِه الْحمى من هَذِه الأخلاط دون أَن تعفن.
من جَوَامِع البحران: نافض الرّبع لَهُ ثقل وتكسر الْبدن كالرض. وَالرّبع تعرض فِي الخريف والبلد)
والهواء والمزاج وَالسّن السوداوي وَمَعَ ضعف الطحال ونافضها مَعَ رَضِي الله عَنْهُم قوي ونبضه متفاوت جدا وفتراته طَوِيلَة وَله استفراغ فِي الانحطاط بَين. وَرُبمَا تبعه عظم الطحال وَبعد حميات مُخْتَلفَة والنبض فِي الرّبع صَغِير ألف هـ بطيء متفاوت وَضَعِيف مُخْتَلف فِي ابْتِدَاء النّوبَة وَيبقى كَذَلِك مُدَّة طَوِيلَة. الرّبع الدائمة تكون من عفن السَّوْدَاء دَاخل الْعُرُوق وتخف فِي أَوْقَات فترات الْمُفَارقَة وَالرّبع اللَّازِمَة مِنْهَا والمفارقة طَوِيلَة الْمدَّة. وَهَذِه تَنْقَضِي مَعَ من جَوَامِع الحميات: البحران الْمفصل النافض فِي الرّبع لَا يكون فِي الْأَيَّام الأول من أَخذهَا قَوِيا لَكِن مَتى امتدت الْأَيَّام تتزيد وَلَا يكون لنافضها نخس شَبيه بنخس الإبر وَيكون مَعَه غَلَبَة من برد تبلغ الْعِظَام حَتَّى يخيل إِلَيْهِم أَنَّهَا ترض.
لي خَاصَّة نافض الرّبع أَن يكون ضَعِيفا فِي الْأَيَّام الأول وَيكون مَعَ برد غائض ثقيل.
ابْن ماسويه: برد السَّوْدَاء يخيل إِلَى صَاحبهَا أَنه قَائِم فِي الثَّلج. عَلَامَات الرّبع: لَا تكَاد تعرض ابْتِدَاء ويتقدمها حميات مختلطة ويبطئ صعودها فَإِذا صعدت كَانَت شَدِيدَة الْحَرَارَة وبطيئة الْبرد ونوبتها أَربع وَعِشْرُونَ سَاعَة وَإِن اخْتَلَط بهَا البلغم طول دورها وَإِن اخْتلطت بهَا الصَّفْرَاء قصرته وَاسْتدلَّ بِسَائِر الْأَشْيَاء إِذا عرضت فِي الْأَزْمِنَة الْبَارِدَة طَالَتْ وينقى الْعرق مِنْهَا جيدا وَالْبَوْل إِن كَانَ تقدمها غب وَكَانَ المزاج إِنَّمَا يتَوَلَّد سَوْدَاء لاحتراق صفراء فعلى حسب ذَلِك وبالضد ويعظم مِنْهُ الطحال ويكمد اللَّوْن ويقحل الْجلد ويستدل عَلَيْهِ بِالسِّنِّ وَالتَّدْبِير والأطعمة الْمُوجبَة لذَلِك نافض الرّبع يتعب جدا لِأَنَّهُ بكد مَا يسخن فَإِذا سخنت كَانَت شَدِيدَة الْحر.
قَالَ: اسْتدلَّ قبل من أَي ضرب هَذِه الْحمى فَإِنَّهَا إِن كَانَت من سَوْدَاء عَن احتراق الدَّم ويستدل على ذَلِك بِالزَّمَانِ والمزاج ويتقدمها حمى سونوخس وَنَحْو ذَلِك وَحُمرَة اللَّوْن وَالْبَوْل مَعَ غلظ وَظُهُور الدَّم فَعِنْدَ ذَلِك فاحكم بذلك وعالج بِحَسبِهِ وَإِن تقدم غب والمزاج وَالْوَقْت صفراوي وَالْبَوْل أصفر رَقِيق وَفِي الْفَم طعم مر وَمَعَهُ لهيب وعطش وَبَوْل رَقِيق فَهُوَ من احتراق الدَّم أَو صفراء وَكَذَا فاستدل على البلغم.
فَإِن كَانَت من احتراق الدَّم وَرَأَيْت الدَّم ظَاهرا فاقصد الباسليق واسقه طبيخ الْعنَّاب
(4/488)
وَالْخيَار شنبر فَإِن طَالَتْ الْحمى فصومه يَوْم الدّور ومره بالقيء فِي ذَلِك الْوَقْت بسكنجبين. وَإِن كَانَت من احتراق صفراء فاقصد ألف هـ أَيْضا واسق طبيخ الإهليلج وَمَاء الإجاص)
وَالتَّمْر الْهِنْدِيّ وألن الطبيعة بالدواء واحقن واعتن بالكبد وَالطحَال بسكنجبين ولطف التَّدْبِير ثَلَاثَة أسابيع فَإِنَّهَا رُبمَا قلعت بذلك وَبعد الْأَرْبَعين أطْعمهُ لَحْمًا وَلَا تسْتَعْمل الأقراص فِي أول الحميات تكثف الْموَاد بل بعد الاستفراغ.
وَإِن كَانَت من احتراق بلغم فأعطه جلنجبينا مَعَ مَاء الكرفس وَمَاء الرازيانج مغلي بزوفا واسقه إِن كَانَ الْبَطن يَابسا مَعَ لب القرطم وَالسكر وَاسْتعْمل طبيخ الصعتر والنانخواة والفودنج والكرفس والأنيسون وأسهله مَرَّات بِمَا يخرج السَّوْدَاء بعد النضج وَلها فِي الْخَواص أَشْيَاء تَنْفَع مِنْهَا من الْمُقَابلَة للأدواء يسقى فِي الرّبع قبل الدّور بساعتين قرصة من هَذَا بعد دُخُول الْحمام.
وَإِن أحب أَن يكون قد أَخذ قبل الدّور بِعشر سَاعَات طَعَاما معتدلاً وَشَرَابًا جيدا وَقَبله بِخمْس سَاعَات فَإنَّك إِذا سقيته أنامه نوماً مُسْتَغْرقا وعرقه كثيرا وأبرأه: فودنج بستاني أَربع درخميات بزر الأنجرة عشرُون درخمياً فلفل عشرُون حَبَّة مر مِثْقَال أفيون درخمي يتَّخذ أقراصاً بِخَمْر. كل قرص من أَربع أَبُو لسات والشربة وَاحِدَة.
الْيَهُودِيّ: تبدأ هَذِه بِبرد شَدِيد وإبطاء حَرَكَة وإبطاء سخونة مَعَ تمط كثير ثقيل وتثاؤب شَدِيد الْقَبْض على اللَّحْم والعظم وَلَا يكون الْبَتَّةَ فِي ابْتِدَاء هَذِه الْحمى نافض شَدِيد الرعدة وتصعد سخونتها قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يكَاد يتبعهَا عرق.
قَالَ: عالج هَؤُلَاءِ بسقي هَذَا الطبيخ: يُؤْخَذ عشرَة مَثَاقِيل أهليلج أسود وَعشرَة أفيثمون وَعشرَة زبيب منزوع الْعَجم خربق أسود وسنا دِرْهَمَانِ من كل وَاحِد يغلى بأَرْبعَة أَرْطَال مَاء حَتَّى يصير رطلا ويصفى ويداف أغاريقون دِرْهَم وَنصف ويسقى وصومه يَوْم الْحمى وَإِن أكل فقيئه وَإِذا تَمَادى الزَّمَان فأعطه شَيْئا من حلتيت بِاللَّيْلِ قدر حمصة واجهد أَن يعرق بعد أَخذه بِأَن تكبه على طبيخ الفودنج ثمَّ يلتف وينام ألف هـ وَقد يسهلون بحب شَحم الحنظل والخربق الْأسود واحمه الْأَطْعِمَة النافخة وانطه مِنْهَا مَا يسهل وَفِيه كَيْفيَّة دوائية لَا غَلِيظَة وَلَا مائية.
فَأَما المطبقة فافصده واسقه بعد الإسهال والقيء كل يَوْم درهما من قرص الغافث والأفسنتين من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة: لما دارت المحرقة على أوديمس أَرْبَعَة أدوار وَصَحَّ عِنْده أَنَّهَا ربع أُشير عَلَيْهِ أَن يَأْخُذ فِي يَوْم النّوبَة سحرًا ترياقاً فعرفته أَن الترياق يُضَاعف حماه لِأَن أخلاطه لم تنضج وَأَنه فِي الشتَاء وَلَيْسَ يُمكن الترياق فِي مثل هَذَا الْوَقْت من أَوْقَات الْحمى وَمثل هَذَا)
الزَّمَان أَن تنضج الأخلاط لَكِن يُمكن أَن تسوسها وَشرب الترياق فتقدمت النّوبَة
(4/489)
واشتدت وطالت وَلما أعَاد شربه مَرَّات ابتدأت بِهِ حمى أُخْرَى من حميات الرّبع أَيْضا ثمَّ أُخْرَى فَحصل عَلَيْهِ ثَلَاث حميات ربع.
لي المبدلة للمزاج إِنَّمَا تحْتَاج اسْتِعْمَالهَا بعد أَن يكون مَا تُرِيدُ أَن تبدل مزاجه قد قلت كميته لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يقوى على تَبْدِيل ذَلِك المزاج فَأَما إِن حاولت أَن تبدل مزاجاً كثيرا فِي الْغَايَة لم تقو على تَبْدِيل ذَلِك من مزاجه وَإِن كَانَت هَذِه الْحمى الْفَاعِل لَهَا الْحَرَارَة والهيولى سَوْدَاء فَمَتَى كَانَت الهيولى متمكنة كَثِيرَة وَكَانَ الْحر أقوى أمكن أَن يعْمل مِنْهَا أَكثر لِأَنَّهُ لَا يفقد وجود الْفَاعِل والمنفعل وَضعف الْمَادَّة يكون على ضَرْبَيْنِ: أما أَن يستفرغ وَإِمَّا أَن تحللها الْحَرَارَة فَلذَلِك صَارَت هَذِه الْأَدْوِيَة تسقى فِي آخر الْأَمر لِأَن الْمَادَّة حِينَئِذٍ قَليلَة فتقوى هَذِه على تَبْدِيل المزاج إِلَّا أَنه لَيْسَ من الرَّأْي أَن تدع الاستفراغ إِذا أمكن وتسلم التَّحْلِيل لِأَن الْمدَّة تطول بِهِ وَلَو أَن إنْسَانا استفرغ السَّوْدَاء مَرَّات إِذا صَحَّ عِنْده حمى ربع ثمَّ أَخذ الْأَشْيَاء المبدلة للمزاج لَكَانَ قد اقتصد فِي الطَّرِيق أَكثر مِمَّا ينْتَظر فِيهَا أَن تَجف الْمَادَّة بالنضج وَفِي الْأَكْثَر تَنْقَطِع الْحمى الْبَتَّةَ من غير أَن تحْتَاج إِلَى المبدلة للمزاج بالاستفراغ فَقَط وَقد رَأَيْت من سقى مسهلاً أَقَامَهُ خَمْسَة عشر مَجْلِسا فَلم تنب حماه بعد ذَلِك وَكَانَت ربعا.
قَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: قد أبرأت خلقا بِأَن أسهلتهم أَولا ثمَّ سقيتهم عصارة الأفسنتين ثمَّ سقيتهم ألف هـ الترياق قبل الدّور بساعتين فبرؤا فِي شربتين أَو ثَلَاث.
قَالَ ج فِي الأهوية والبلدان: الرّبع إِن تطاولت وَآل الْأَمر إِلَى الاسْتِسْقَاء وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَت الرّبع إِنَّمَا حدثت عَن طحال عَظِيم أَو عملت طحالاً ثمَّ دَامَت مَعَ ذَلِك فَأَما من حَيْثُ هِيَ ربع فَهِيَ أسلم الحميات وأخفها على الْبدن لِأَنَّهَا تريحه طَويلا وَيكون بهَا التَّخَلُّص مَرَّات من الصرع والوسواس وَغير ذَلِك من أَمْثَالهَا.
جورجس قَالَ: الرّبع لَا تبتدئ بنافض شَدِيد الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَبعد الِانْتِهَاء اسْقِ تريلقاً عزْرَة ودواء الكبريت والفلافلي والكموني والحلتيتي فَإِن هَذِه نافعة بعد الِانْتِهَاء.
قَالَ: وَإِن رَأَيْت قوته قَوِيَّة فاستفرغه بالحبوب بعد الِانْتِهَاء والقيء بعد الطَّعَام نَافِع.
البحران قَالَ: كَيفَ تعرف الرّبع من أول نوبَة وَقد قلت فِي ذكر الغب إِن الغب والنافض فِي هَذِه)
لَا تشبه الغب فَأَقُول: إِن كنت عرفت نبضه فِي صِحَّته جسسته قبل أَن تبتدئ النّوبَة لم تحتج إِلَى عَلامَة أُخْرَى غير النبض حَتَّى نقضي بِأَنَّهَا ربع وَذَلِكَ أَن انقلاب النبض فِي هَذِه دفْعَة إِلَى التَّفَاوُت مَعَ ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي انتهائها والإبطاء يكون مفرطاً جدا.
وَقد حضرت أَقْوَامًا كنت أعرف نبضهم فِي حَال صحتهم ابتدأت بهم نوبَة ربع فَقضيت أَنَّهَا ربع وَلم أخطئ فِي ذَلِك فَإِن كنت غير حَافظ من أَمر النبض بِهَذِهِ الْمقَالة فاستدل بِالزَّمَانِ والمزاج وَمَا تقدم من التَّدْبِير وَعظم الطحال وبالحميات المختلطة وَهل تَنْقَضِي فِي
(4/490)
زمَان طَوِيل وَهل الْبَوْل أَبيض رَقِيق مائي فَهَذِهِ تكون فِي هَذِه الْحمى على الْأَكْثَر.
قَالَ: وَمن لم يقدر أَن يفرق بَين الغب وَالرّبع من أول نوبَة فَلَيْسَ من الطِّبّ فِي شَيْء.
قَالَ: وَالرّبع الدائمة من جنس الْمُفَارقَة وأعراضها إِلَّا أَنه لَا يتقدمها نافض وَلَا يتلوها عرق والخلط الْفَاعِل لَهما وَاحِد إِلَّا أَن فِي المقلعة يكون منتشراً متحركاً فِي الْبدن كُله خَارِجا عَن الْعُرُوق وَفِي الدائمة تكون ثَابِتَة مُخَالطَة للدم وكلتاهما طويلتان ونافض الرّبع يجمع الْأَمريْنِ كثيرا شَدِيد الْبرد طَوِيلَة وعسرة السخونة وَالرّبع مَا لم يَقع فِيهَا خطأ من الطَّبِيب وَالْمَرِيض لَا تجَاوز سنة.
قَالَ فِي تقدمة الْمعرفَة ألف هـ: نِسْبَة الدّور الرَّابِع من الرّبع إِلَى الدّور السَّابِع كنسبة الْيَوْم لي على هَذَا الْقيَاس أَعنِي قِيَاس البحران يَنْبَغِي أَن تنذر فِي حمى الرّبع.
قَالَ: بحران الرّبع يكون فِي الأدوار لَا فِي الْأَيَّام وَالرّبع يكون كثيرا بعقب الحميات المختلطة لِأَنَّهُ يبْقى من الحميات الْمُتَقَدّمَة أَو اللَّازِمَة أَو المحرقة بقايا محترقة فَإِن لم تنفضها الطبيعة أَو الطَّبِيب عَن الْبدن كُله عفن فَكَانَت مِنْهُ حمى وانحل بعضه بالعرق وَبَقِي بعضه لِأَن هَذَا الْخَلْط لَيْسَ هُوَ مستوياً فِي جَمِيع الْبدن لكنه بقايا فِي مَوَاضِع دون مَوَاضِع تكون مِنْهُ حميات لَا نظام لَهَا حَتَّى إِذا دارت أدواراً كَانَ ذَلِك سَببا لِاجْتِمَاع تِلْكَ الفضول واستوائها فَعِنْدَ ذَلِك يحدث ربع مستوية كنظامها.
الْفُصُول: الرّبع الصيفية اقصر والخريفية أطول وخاصة إِن اتَّصَلت بالشتاء وَلَيْسَ الرّبع فَقَط لَكِن جَمِيع الحميات تقصر فِي الصَّيف لِأَن الأخلاط تكون منحلة منتشرة.
اختيارات حنين: صَاحب الرّبع لَا يستفرغ استفراغاً شَدِيدا إِلَّا أَن تكون للدم كَثْرَة مفرطة.
فَحِينَئِذٍ فاقصده وَدبره بِمَا لَا ينفع بل بِمَا يلين باعتدال فَإِن لم ينجح فيستعمل الحقن بأَشْيَاء)
حريقة والسمك المالح والخردل وَالشرَاب الْأَبْيَض فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام وَاحْذَرْ دَوَاء الفلافلي والكموني وَإِن أَخذ فِي كل يَوْم فلفلاً وَحده فصواب والحلتيت أَجود مَا اسْتعْمل فِي هَذِه الْعلَّة.
الْمسَائِل الطبية: تسْتَعْمل فِي الرّبع الرياضة وَترك النّوم يَوْمهَا وتستعمل دُخُول الْحمام لِأَنَّهُ يسخن ظَاهر الْبدن فينقل قوتها فِي الْبَاطِن وَوضع الْأَطْرَاف فِي المَاء الْحَار فِيهَا وَجَمِيع الحميات جيد لِأَنَّهُ يعين على تَحْلِيل بَقِيَّة الْمَادَّة فِي آخر النّوبَة.
فليغريوس فِي شِفَاء الْأَمْرَاض: انفض الرّبع بالأفيثمون.
اطهورسفس: عظم الْإِنْسَان بعلق على صَاحب الرّبع فينفع.
فِي مداواة الأسقام: لَا تقرب فِي الرّبع الْحمام وَلَا تسهله بدواء إِلَّا بعد الِانْتِهَاء وَخذ قبل ذَلِك أغذية ملينة ومدرة للبول ويستحم وأدوية حارة بعد ذَلِك وَأما فِي أول الْأَمر فَلَا.
(4/491)
جَوَامِع اغلوقن: نافض الرّبع لَا غرزان مَعَه لَكِن مَعَه فِي الْعِظَام كالثقل والوجع ويشتد نافضها مَا امتدت بهَا الْأَيَّام لِأَنَّهُ لم يرق الْخَلْط السوداوي بعد فَإِذا مرت بهَا الْأَيَّام رق فانصب ألف هـ مِنْهُ على الْأَعْضَاء الْكَثِيرَة الْحس شَيْء كثير فَاشْتَدَّ النافض وَهُوَ عَلامَة جَيِّدَة فِي هَذِه الْحمى لِأَنَّهُ ينذر بالنضج وحميات الرّبع تحدث بعقب الحميات المختلطة. لِأَن الْخَلْط الْأسود يكون من احتراق الدَّم وَإِذا احْتَرَقَ الدَّم صَارَت طَائِفَة مِنْهُ صفراء وَيكون مِنْهَا غب وَمَا لم يستحكم حرقه فحمى دم سخن وَمَا استحكم حرقه حمى ربع فَيكون من هَذِه الْجِهَة حميات مختلطة لَا يُوقف عَلَيْهَا. وَرُبمَا ابتدأت ابْتِدَاء وَذَلِكَ يكون عِنْد ضعف الطحال عَن جذب السَّوْدَاء لعِلَّة تخصه وَلِأَنَّهُ يغتذى أطْعمهُ مولدة للسوداء بِأَكْثَرَ مِمَّا يقدر الطحال على جذبه. الدَّالَّة على الرّبع مِنْهَا مَا هُوَ فِي الطَّبْع كالسن والمزاج وَالْوَقْت الْبَارِد وَمِنْهَا مَا هِيَ خَارِجَة عَن الطَّبْع وَهَذِه إِنَّمَا هِيَ من الْمُتَقَدّمَة للحمى كالتدبير المولد للسوداء والحميات المختلطة وصلابة الطحال وَأما الْحَاضِرَة مَعَه فكالنافض الَّذِي مَعَه تكسر وَثقل ونبض بطيء جدا وتفاوت وَاخْتِلَاف فِي ابتدائها وَأما فِي صعودها وانتهائها فحرارة غير كَثِيرَة كحرارة الغب وَلَا ضَعِيفَة كثيفة كحرارة البلغمية والنبض فِي مُنْتَهى هَذِه إِذا قيس إِلَى نبض الغب كَانَ بطيئاً متفاوتاً صَغِيرا وَالْبَوْل منتن غير نضيج وَمَعَهُ عَطش أقل مِمَّا فِي الغب وَأكْثر مِنْهُ فِي البلغمية وَذَلِكَ أَن الْعَطش فِي هَذِه إِنَّمَا يحدث عَن اليبس فَقَط وَأما فِي وَقت الانحطاط فالعرق الْكثير وَهَذِه العلامات أَيْضا تفرق بَين هَذِه وَبَين البلغمية لِأَن البلغمية لَا يكون فِيهَا عرق والعرق فِي هَذِه أقل مِنْهُ فِي الغب وَالْبَوْل فِيهَا فِي)
وَقت دون وَقت بِحَال دون حَال إِلَّا أَنه كَيفَ كَانَت فَهُوَ غير نضيج لِأَن الْخَلْط السوداوي لَا يَحْنَث من أول الْأَمر إِلَى النضج لِأَنَّهُ غليظ عسر الاستحالة وَالْبَوْل فِيهَا كثير التَّغْيِير غير نضيج فِيهَا أجمع.
الرّبع بِقدر مَا ترى من حَرَكَة الْحَرَارَة فِيهَا يكون قصر مدَّتهَا وبالضد مَتى رَأَيْتهَا قَليلَة الْحَرَارَة سَاكِنة فَهِيَ طَوِيلَة الْمدَّة وَإِذا رَأَيْتهَا كَثِيرَة الْحَرَارَة شَدِيدَة النافض وغزارة الْعرق وَقصر النّوبَة فِيهَا ينذر بِنَقص مدَّتهَا فاستخرج بِهَذَا الْبَاب أزمان الحميات.
قَالَ: إِذا كَانَ الدَّم فِيهَا غَالِبا ظَاهرا فافصد الباسليق من الْيُسْرَى وَإِن ألف هـ كَانَ أسود فَأكْثر مِنْهُ وَإِن كَانَ أَحْمَر فاقطع وَلَا تسهله حَتَّى ينضج فَإِنَّهُ لَا يخرج الْخَلْط السوداوي من غير نضج لغلظه فَإِذا نضج فَاسق خربقاً أسود وأفيثموناً.
غذ صَاحب الرّبع بِمَا يُولد دَمًا رَقِيقا رطبا وَيحل النفخ وَيُطلق الْبَطن لِأَن رقة الْخَلْط ورطوبته يقهر غلظ السَّوْدَاء ويعدله وَلِأَن الْخَلْط السوداوي مَعَه ريَاح فِي الْبَطن والأمعاء. وَأما تليين الْبَطن فليدفع الفضول أَولا فأولاً وَإِن لم تلين الأغذية طَبِيعَته فالشياف والحقن الليلية واستفرغ بِمَا يلين من طَعَام وَنَحْوه مُنْذُ أول الْأَمر وَإِذا نضج فأعطه المالح ودواء
(4/492)
الحلتيت والترياق وأسهل بالأدوية القوية والحقن القوية لِأَن الْخَلْط غليظ لَا يُجيب إِلَّا بِالْقُوَّةِ واترك الْحمام أصلا أَو قلله لِأَنَّهُ ينشر الأخلاط وَلَا يقوى على استفراغها لغلظها وَلَا بعد النضج فيتولد من ذَلِك سدد ورداءة أخلاط. د: دبر حمى ربع بتدبير فِيهِ غلظ فَإِذا شارفت الْمُنْتَهى فلطف التَّدْبِير وَاسْتعْمل السّكُون لِئَلَّا تتعوق الطبيعة عَن عَملهَا لِأَن الْحَرَكَة والغذاء يعوقها عَن ذَلِك وَاسْتعْمل المسهلة للسوداء ويواظب على ذَلِك لِأَن الْخَلْط قد تهَيَّأ لِلْخُرُوجِ.
يُؤْخَذ جندبادستر حاتيت طيب قرنفل دَار صيني شونيز مر ثَلَاثَة من كل وَاحِد عسل اللبني من كل وَاحِد ثَلَاثَة أفيون سذاب يَابِس فلفل من كل وَاحِد دِرْهَم عسل النَّحْل مَا يجمعها الشربة نصف مِثْقَال. لم يشربه أحد ثَلَاث مَرَّات وعاودته الْحمى الرّبع.
لي اسْقِ إِذا بَدَت هَذِه مطبوخاً يخرج السَّوْدَاء وَهُوَ: إهليلج أسود خَمْسَة عشر درهما تَرَبد بسبايج من كل وَاحِد أَرْبَعَة خربق أسود دِرْهَمَانِ يطْبخ بأَرْبعَة أَرْطَال مَاء بعد أَن ينقع لَيْلَة حَتَّى يبْقى رَطْل ويلقى فِيهِ كَمَا ينزل عَن النَّار خَمْسَة دَرَاهِم أفيثمون أقريطي ويمرس فِيهِ)
ويصفى وَيجْعَل فِيهِ من أغاريقون مِثْقَال يسقى هَذَا مَرَّات فَإِنَّهُ يخرج السَّوْدَاء وَلَا تطول الْحمى الْبَتَّةَ وَإِن احْتَاجَ إِلَى الفصد فأبدأ بِهِ وَإِن سخنه هَذَا الإسهال فَكف أَيَّامًا وعاوده وَقد سقى فِي الرّبع بحضرتي اصطماخيقون وَكَانَت قد دارت دورات قَليلَة فأسهل خَمْسَة عشر مَجْلِسا فَلم تعاوده الْبَتَّةَ وَمَا للحميات أفضل من الاستفراغ لِأَنَّهَا نَار ملتهبة من فضل فَإِن لم تَجِد فضلا انصرفت وَإِلَّا مكثت مُتَعَلقَة بِالْفَضْلِ حَتَّى ينْحل قَلِيلا وَفِي ذَلِك مَا ألف هـ يوهن الْقُوَّة وينهكه فَيقْتل.
لي رَأَيْت فِي مَوَاضِع أَنه يَنْبَغِي أَن يسهل صَاحب الرّبع بمرق الديك الْهَرم والبسبايج وبفروج والبسبايج واسقه البسبايج بِاللَّيْلِ وَاجعَل لَهُ جوارشاً فِيهِ بسبايج وَذَلِكَ بِأَن إسهالك إِيَّاه قَلِيلا
(4/493)
النافض والحميات الَّتِي لَا تسخن وَفِي الإقشعرار وَمَا يدل عَلَيْهِ وَفِي الَّتِي يسخن فِيهَا بَاطِن الْبدن ويبرد ظَاهره وبالضد وَفِي الَّتِي تجمع فِيهَا السخونة والبرودة فِي حَال وَاحِدَة وَفِي الحميات المجهولات اسْتَعِنْ بالبلغمية.
قَالَ ج فِي الثَّانِيَة من البحران: لَيْسَ السَّبَب الْبَارِد يحدث نافضاً فَقَط بل الْحَار والحاد فَإِن من وضع على قرحَة دَوَاء حاراً حاداً لذعه جدا وينتفض صَاحبهَا ويرتعد وَمن بدنه مَمْلُوء فضولاً دخانية وَدخل الْحمام يقشعر بدنه ويرتعد وَكَذَا يجد المحموم والمتخم تخمة قَوِيَّة وكل من بدنه مَمْلُوء وسخاً حاراً أَن دخل الْحمام أَو سخنته الشَّمْس إسخاناً قَوِيا أَو تحرّك حَرَكَة مَا فِيهَا أدنى قُوَّة يقشعر وَكَذَا من نضج على بدنه مَاء حَار يقشعر فَإِن لبث بعد ذَلِك فِي ذَلِك الْموضع أَو فِي تِلْكَ الْحَال صَار إِلَى نافض ورعدة لِأَن الفضول الَّتِي كَانَت سَاكِنة تتحرك حَرَكَة أقوى فِي الْحمام وَعند الْحَرَكَة القوية فَإِذا تحركت ونفذت فِي الْأَعْضَاء الحساسة قسراً غرزتها ونخستها وأحدثت بذلك نافضاً ورعدة.
الثَّانِيَة من الحميات قَالَ: قد رَأينَا مرّة حدث عَن البلغم نافض لَا تعقبه حمى ورأينا ذَلِك كَانَ مرّة وَاحِدَة ثمَّ انْقَضى ورأينا مرّة أُخْرَى دَار أدواراً كَثِيرَة وَكَانَ دَائِما أَيَّامًا كَثِيرَة وَلم يكن شَدِيد الْقُوَّة. قَالَ: وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَ فِي الْبدن كُله فضول بلغم وَلم تكن عفنت بعد فَإِنَّهُ إِذا عفن فَلَا بُد أَن يحدث مَعَ النافض حمى. والحميات الْحَادِثَة عَن هَذِه الْحَال طَوِيلَة شكلها شكل حمى يَوْم.
انقياليس وَمن هَذَا الْجِنْس انقياليس وَهُوَ أَن يحس الْإِنْسَان فِي حَال وَاحِدَة بَحر وَبرد وشبيه بلغم حامض أَو زجاجي يشوبه شَيْء من عفن وَأما من يُصِيبهُ حمى من بلغم مالح فَإِنَّهُ لَا يُصِيبهُ نافض. لَكِن يقشعر فَقَط فِي أول النّوبَة فَأَما الزجاجي والحامض فَإِنَّهُمَا يتحركان ويجريان فِي الْأَعْضَاء الحساسة.
لي أَي يجريان ألف هـ فِي العضل الملبس على الْبدن وَذَلِكَ يكون بِدفع الطبيعة لَهُ كَمَا تقذف سَائِر
(4/494)
الفضول وَقد ذكرنَا هَذَا فِي غير مَوضِع. من ذَلِك قَوْله: المرتان تحدثان النافض الَّذِي لَا حمى مَعَه فَإِن كَانَ لَهما عفن يسير أحدثتا الْحمى الَّتِي يحس صَاحبهَا بنافض وصالب مَعهَا فَإِن كَانَت العفونة كَثِيرَة أعقب النافض صالباً وَلَا يكَاد يكون من البلغم الحلو إِذا عفن نافض قبل الْحمى.
قَالَ: وَلَيْسَ بِبَعِيد أَن يتَوَهَّم متوهم أَن هَذِه الحميات مركبة لِأَن الشَّيْء الَّذِي يعْمل النافض فِيهَا غير الشَّيْء الَّذِي يحدث الْحمى إِلَّا أَن الْكَلَام فِي ذَلِك بحث طبيعي زعم. اسْتَعِنْ لتعرف سَبَب النافض فِيهَا من الْأَسْبَاب الحارة بالخامسة من الْعِلَل والأعراض وجوامع ذَلِك لِأَن الفضلات الحارة تلدغ العضل إِذا مرت بِهِ وَيكون ذَلِك بِحَسب حدتها وَحسب سرعَة حركتها وَحسب كَثْرَة حس الْبدن.
الْخَامِسَة من الْعِلَل: النافض يكون من حرارة أَو برودة. وَالَّذِي من حرارة إِن كَانَ من جنس الْهَوَاء فَإِن التبريد دواؤه وَإِن كَانَ هَذَا الْحَار رطبا تبعه حمى ودواؤه الاستفراغ وَالَّذِي من برد فَإِنَّهُ إِن كَانَ من جنس الْهَوَاء فدواؤه الإسخان فَقَط وَإِن كَانَ رطبا فَمرَّة يَكْفِيهِ النضج وَحده أَو مَعَ استفراغ أُخْرَى وَمرَّة بهما جَمِيعًا.
وَقَول من قَالَ: إِن النافض لابد أَن يتبعهُ حمى بَاطِل والنافض بِلَا حمى يتبعهُ حمى لَيْسَ قوته كقوة النافض الْمُتَقَدّم حميات الغب وَالرّبع والكائن بِهِ بحران المحرقة. وَمن شَأْن هَذَا النافض أَن يكون عِنْد التملؤ من طَعَام وشراب وَلَا يرتاض ويستحم كثيرا بعد الطَّعَام وَأَن يكون طَعَامه أبرد فِي كيفيته. فَإِن حُدُوث النافض الَّذِي لَا يسخن بِهِ أسهل وأهون وأسرع.
قَالَ: وَمُدَّة النافض تكون بِحَسب قوته فَمَتَى كَانَ أقوى كَانَت مدَّته أقل.
جَوَامِع الْعِلَل: الشَّيْء الْكَائِن مِنْهُ نافض قد يكون خلطاً رطبا وَيكون خلطاً هوائياً وَهَذَانِ)
الخلطان يكونَانِ إِمَّا حارين وَإِمَّا باردين فَإِن كَانَ هوائياً وَكَانَ حاراً كهواء الْحمام وَالشَّمْس الْمُحدثين للنافض فشفاؤه التبريد. وَإِن كَانَ بَارِدًا كريح الشمَال فشفاؤه الإسخان وَإِن كَانَ خلطاً رطبا حاراً فشفاؤه الاستفراغ وَإِن كَانَ بَارِدًا فشفاؤه الإسخان وَإِن كَانَ قَلِيل الإنضاج وَكَانَ كثيرا فاستفرغ أَكْثَره ثمَّ انضج مَا بَقِي.
قَالَ: والنافض إِذا كَانَ من سَبَب حَار كالمرة ألف هـ الصَّفْرَاء تَبعته حمى وَإِن كَانَ من سَبَب بَارِد كالكائن من سَوْدَاء تَبعته حمى والكائن من بلغم إِن عفن كُله كَانَ مَعَه حمى كل يَوْم وَإِن عفن بعضه وَبَعضه لَا كَانَ عَنهُ انقياليس وَهِي الَّتِي تَجْتَمِع فِيهَا حرارة وبرودة فِي حَال فَإِن لم يعفن الْبَتَّةَ لم تكن تلْحقهُ حمى.
قَالَ: من النافض صنف يتبعهُ الْمَوْت وَهُوَ الَّذِي من ضعف الْقُوَّة. والنافض مركب من شَيْئَيْنِ: من الانتفاض والرعدة والرعدة تكون من شدَّة الْقُوَّة الدافعة الَّتِي فِي العضل وَلذَلِك مَتى كَانَ سَبَب النافض حاراً كَانَت الرعدة أَشد لِأَن السَّبَب الْحَار أَكثر حَرَكَة وَلذَلِك هُوَ أَزِيد أَذَى وَالدَّم يرجع إِلَى قَعْر الْبدن فِي النافض.
(4/495)
من الرَّابِعَة من حفظ الصِّحَّة: الفضول المائلة إِلَى الْحر العفنة والمالحة إِذا تحركت حَرَكَة ضَعِيفَة أحدثت إعياء وَإِن كَانَت كَثِيرَة أحدثت نافضاً بِلَا حمى تتبعه. وعلاج هَذِه الفضول إِن تحيلها وتفرغها إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن فِي كل فضلَة أَن تستحيل إِلَى الشَّيْء الْجيد أَعنِي الدَّم وَهَذِه يَنْبَغِي أَن تستفرغ فَمَتَى كَانَت الفضلة بعيدَة من طبيعة الْبدن فِي الْغَايَة فَلَا يُمكن أَن يَسْتَحِيل بل يجب أَن يستفرغ بِسُرْعَة وَمَتى كَانَت قريبَة من الطبيعة فأنضجها.
لي إنضاج هَذِه الْحمى يكون على مَا وَصفه ج فِي بَاب الْحمى العتيقة الَّتِي من بلغم وَهُوَ بِالنَّوْمِ الزَّائِد وتقليل الْغذَاء وَاسْتِعْمَال الرياضة والدلك حَتَّى يتفرغ مِنْهَا أَيْضا شَيْء وينضج الْبَاقِي وَأما استفراغها فَيكون بالقيء والإسهال وإدرار الْبَوْل والرياضة والدلك بعده وَلَا تمنع من تُرِيدُ إنضاج الكيموسات من الشَّرَاب لِأَنَّهُ أبلغ فِي إنضاجها وَهُوَ يدر الْبَوْل مَعَ ذَلِك والعرق وبجلب النّوم وَذَلِكَ يحْتَاج إِلَيْهِ ليستفرغ جله وينضج الْبَاقِي بِالسُّكُونِ وَالنَّوْم واستعن بِبَاب الإعياء حَيْثُ عَلَيْهِ هَذِه الْعَلامَة وبباب الغشية الَّتِي من البلغم فِي بَاب جمل الحميات واستعن بالرابعة من تَدْبِير الأصحاء وَمن حَيْثُ على الْحَاشِيَة تَدْبِير الأخلاط الخامة وَعَلِيهِ هَذِه العلامات ... أَو بالمقابلة الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء نَحْو نصفهَا.)
لي رَأَيْت الْعِمَاد فِي قلع النافض الَّذِي لَا يسخن على الْأَدْوِيَة ألف هـ الَّتِي تدر الْبَوْل الغليظ الْكثير وَالتَّدْبِير اللَّطِيف نَحْو الأنيسون والنانخواه والمر والأشق والأبهل والوج والبطراس اليون.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: لنفرياس من الحميات المحرقة الخبيثة الرَّديئَة. والنافض يحل الْحمى المحرقة وَإِن لم يحلهَا أنذر بِالْمَوْتِ. وَمن أَصَابَهُ نافض فِي كل يَوْم من أَيَّام حماه فَإِن حماه تَنْقَضِي فِي كل يَوْم. لِأَن النافض إِنَّمَا يكون عِنْدَمَا ينبث المرار وينتشر فِي الْبدن كُله وَلذَلِك يستفرغ وينتقص عَن الْبدن فبالواجب صَارَت الحميات الَّتِي يتقدمها نافض ينقى الْبدن مِنْهَا وَإِن كَانَ النافض يعرض غبا أَو ربعا فَإِن الْحمى تَنْقَضِي فِي ذَلِك الْيَوْم.
الْخَامِس من الْفُصُول: النافض أَكثر مَا يَبْتَدِئ من الظّهْر من أَسْفَله ويرتقي إِلَى الرَّأْس لِأَن هَذَا الْموضع أبرد مزاجاً وَأكْثر عصباً وَأَقل دَمًا وَأَشد تكاثفاً ومقدم الْبدن أَكثر عروقاً ودماً وَأَشد تخلخلاً فَلذَلِك يَبْتَدِئ النافض من الظّهْر أَكثر وخاصة فِي النِّسَاء لِأَنَّهُنَّ أبرد.
لي لَيْسَ لنفورياس وَهِي الَّتِي يحس فِيهَا بَحر وَبرد مَعًا هِيَ من الحميات المحرقة لَكِن من المحرقة القتالة نوع حَالهَا هَذِه الْحَال وَهُوَ أَنه يحس فِيهَا بَاطِن الْبدن يَحْتَرِق وَظَاهره بَارِد فَإِن ذَلِك فِي كتاب سوء المزاج الْمُخْتَلف.
(4/496)
قَالَ: النافض قَلما يكون أَلا تتبعه حمى وَقد يكون أَلا تتبعه حمى فِي الْأَقَل للمدمن الْخَفْض والدعة والسكون والأطعمة المولدة للبلغم الغليظ.
من كتاب العلامات: حمى لوناس تكون مَعَ سبات شَدِيد ويبرد الْجَبْهَة والساق وَالْيَد وَالرجل ويسخن الْبَطن والصدر ويشتهي الْهَوَاء الْبَارِد وتحتبس بطونهم ويبولون بولاً لطيفاً.
وَحمى تسمى اريطاروس وَسمي بِهَذَا الِاسْم لِأَن أَصْحَابهَا يشبه ألوانهم ألوان من بِهِ يرقان ويعرض فِيهَا عرق كثير غليظ أصفر ويجف اللِّسَان ويسود ويشتد الْعَطش ويثقل الرَّأْس وينحف الْبدن وَهِي من جنس المحرقة. وَمن انعقل بَطْنه مِنْهُم اشْتَدَّ وَجَعه حَتَّى أَنه لَا يقدر أَن يضطجع على جنبه لَكِن يضطجع على قَفاهُ ويجد وجعاً فِي عُنُقه وضيق نفس وَإِن اسْتطْلقَ بَطْنه خرجت مِنْهُ فضول غَلِيظَة لزجة كالمخاط. وَمن الْأَطِبَّاء من قَالَ اساليوس قَلما يكون من تخم وتبدأ بِبرد ويعرض مِنْهَا أورام فِي الأرية ويعرض للنِّسَاء من وجع الرَّحِم وَقد يكون حمى أُخْرَى تسمى مرموس يعرض لَهَا برد كالثلج وَأُخْرَى ألف هـ تسمى ليفورس يعرض مِنْهَا أَن)
يتنفط الْبدن من شدَّة الْحمى وَأُخْرَى تسمى البطروس يعرض مِنْهَا وجع فِي المفاصل وَالْعِظَام جدا.
الثَّالِثَة من أبيذيميا: مَا يدل عَلَيْهِ النافض فِي الِابْتِدَاء غير مَا يدل فِي الِانْتِهَاء وَمَتى بَقِي الْبرد مَعَ النّوبَة من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَإِنَّهُ دَلِيل رَدِيء وَكَذَا مَتى كَانَ ظَاهر الْبدن بَارِدًا وباطنه محترقاً.
لي وَكَذَا كَونه قبل النضج مُنْذُ أول الْأَمر فِي الحميات الْمُحْتَرِقَة فَأَما كَونه فِيهَا بعد النضج فيذر ببحران وعرق.
السَّادِسَة من السَّادِسَة: النافض الْقوي الشَّديد يتبعهُ خُرُوج الفضول عَن الْبدن إِمَّا بعرق وَذَلِكَ اهرن: علاج صَاحب الْحمى الَّذِي يجد حرا فِي جَوْفه وبرداً فِي ظَاهر بدنه بِمَا ذكرت لَك من علاج حمى بلغمية.
لي وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَابه غير أَنه يكثر لَهُ من المروخ والإسخان والتعريق واسقه الأقراص وَمَا يدر الْبَوْل.
لي وعلاج هَذِه الْأَدْوِيَة اللطيفة الحارة كالفودنج والفلافلي وبالقيء والإسهال وَمسح الْجِسْم بأذهان لَطِيفَة وَقد كَانَ يَجِيء صَبيا نافض فيتقيأ إِذا جَاءَهُ مَا فِي جَوْفه ويشتد عَلَيْهِ وجع بَطْنه وظهره فسقيته مَاء حاراً شَدِيدا جرعاً جرعاً فسكن عَنهُ وجع بَطْنه وظهره واعتراه النّوم وسخنت حماه بسهولة وعرق وَيَنْبَغِي أَن يسقى فِي النافض الشَّديد المَاء الْحَار ويكبه على بخاره فَإِن ذَلِك يسهل سخونته وخاصة إِن شكا عِنْد النافض وجع الْجوف فَلَا تغفل عَن المَاء الْحَار.
الْإِسْكَنْدَر حب يسقى قبل النافض: ميعة مر أفيون جاوشير فلفل بِالسَّوِيَّةِ يعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ قدر باقلاة قبل السَّاعَة الَّتِي تعلم أَن النافض تَجِيء فِيهَا وَلَا يسقى حَتَّى يرقد على
(4/497)
سَرِيره وَيجْعَل حوله نَار أَو دثرة فَإِنَّهُ ينيمه ويعرقه فَإِنَّهُ تخف لذَلِك الحميات الطَّوِيلَة البلغمية وينقضي أمرهَا. آخر مثل ذَلِك: أغاريقون جُزْء أفيون ثلث جُزْء اسْقِهِ بِعَسَل وَمَاء فاتر سَاعَة آخر: أفيون جاوشير جندبادستر دوقو حلتيت اسحقه بِعَسَل وأعطه مِنْهُ فِي الرّبع والبلغمية قبل وَقت النافض فَإِنَّهُ ينيم ويحرك الْعرق.
لي يعْطى ترياق الْأَرْبَعَة وترياق العقارب المعمولة بمر وميعة وحلتيت وجندبادستر وأفيون.
قَالَ والأدهان فلتكن قوتها بِقدر قُوَّة العليل فَإِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة ألف هـ والنافض)
شَدِيدا فادهنه بأدهان شَدِيدَة الْحَرَارَة الَّتِي يُمكن أَن تحيل تِلْكَ الْبُرُودَة إِلَى الْحَرَارَة وَإِن رَأَيْته ضَعِيفا والنافض خَفِيفا فاطله بالخفيفة والقوية وَهِي عَاقِر قرحاً ونطرون وفلفل وفودنج بِالسَّوِيَّةِ يطْبخ بالزيت ويدهن بِهِ الْأَطْرَاف وَالظّهْر فَإِنَّهُ دهن ينفع لمن بِهِ نافض شَدِيد وَبرد عَظِيم دَائِم لِأَنَّهُ يحيله إِلَى الْحَرَارَة ودفء عشر حبات من فلفل وَدِرْهَم لبان بأوقية دهن وَاسْتَعْملهُ وَهُوَ دون ذَلِك وَله فِي الْخَواص أَمْثِلَة. والقيء جيد فِي وَقت النافض لِأَنَّهُ ينقي الْمعدة مِمَّا ينصب إِلَيْهَا فِي ذَلِك الْوَقْت ويوهن الْمَادَّة ويقللها فينتفض النافض والحمى مَعًا فتستدعيه بِالْغسْلِ وَالْمَاء فِي وَقت النافض فَإِنَّهُ نَافِع.
شَمْعُون: عَلَيْك فِي هَذَا بِمَا ينْقض البلغم وَبِمَا يدر الْبَوْل بِقُوَّة كحب الصَّبْر ونقيعه وأعطه أَحْيَانًا جوارش الكمون.
حب ينفع من الْحمى البلغمية والنافض الَّذِي لَا يسخن: برز كرفس ثَمَانِيَة دَرَاهِم فلفل سَبْعَة أنيسون أَرْبَعَة جندبادستر مر أفيون جُزْء من كل وَاحِد والجزء دِرْهَم وبحسب الشربة نصف دِرْهَم قبل وَقت الْحمى واسقه طبيخ الزوفا أَيَّامًا فَإِنَّهُ عَجِيب. ويسقى للنافض الدَّائِم وَمَا من جنسه من الحميات العتيقة دَوَاء الكبريت وشخزنايا.
السَّادِسَة من السَّادِسَة: النافض مِنْهُ شَدِيد يسخن بِسُرْعَة وَمِنْه شَدِيد يسخن بإبطاء وَمِنْه يسير سريع السخونة وَمِنْه يسير بطيء السخونة وَالْأول يكون من السَّوْدَاء. وَالثَّانِي من بلغم زجاجي. وَالثَّالِث من بلغم مالح. وَالرَّابِع من بلغم غليظ غير شَدِيد الْبرد.
الرَّابِعَة من جَوَامِع الْعِلَل: إِذا كَانَ سَبَب النافض حاراً فالانتفاض يكون أَشد وَلِهَذَا نافض الغب أَشد من نافض البلغمية. والنافض مركب من رعدة وَمن حس الْبرد فالرعدة تشتد بِسَبَب المحرك وَالْبرد بِسَبَب الْخَلْط وَلذَلِك نافض الغب أَشد من نافض البلغمية.
أوريباسيوس الْجُلُوس فِي الزَّيْت المسخن جيد للنافض الَّتِي لَا سخونة مَعهَا والنافض
(4/498)
الَّذِي لَا يسخن يكون من البلغم الزجاجي ويعالج بالمسخن والمقطع والفلافلي والفودنج ودواء الحلتيت.
الساهر علاج انقياليس: هَذِه تحدث من بلغم زجاجي وعلاجها بالقيء بفجل ولوبيا وشبث وفودنج وَمَا أشبه ذَلِك ألف هـ وَبِالْجُمْلَةِ وكل مَا يجلو البلغم عَن الْمعدة ويدر الْبَوْل مثل مَاء الرازيانج والكرفس والسكنجبين والسنبل والأنيسون ويسقي نَقِيع الصَّبْر والإيارج فيقرا وعلاج ليفوريا قَالَ: هَذِه الْحمى يكون من صفراء غير خَالِصَة فليعالج فِي الِابْتِدَاء بسكنجبين)
وجلنجبين ونقيع الصَّبْر وَلَا تسْتَعْمل الْأَشْيَاء الْبَالِغَة الْحر وتوقها لِئَلَّا تصير مَعهَا حمى أُخْرَى.
من الْكَمَال والتمام للبرد الشَّديد فِي ابْتِدَاء الحميات: يُؤْخَذ دهن شبث ويداف فِيهِ مر وفلفل وعاقر قرحاً وَيمْسَح بِهِ الْبدن.
قَالَ ابْن ماسويه فِي الحميات: النافض الْكَائِن فِي الغب بوخز ونخس بِلَا برد شَدِيد وَأما فِي حميات البلغم والسوداء فيحس فِيهَا بِبرد دَاخل وَبرد ظَاهر صَادِق كَأَنَّهُ برد الثَّلج حَتَّى كَأَنَّهُ جَالس فِي ثلج.
ابْن ماسويه قَالَ: اقياليس هِيَ الَّتِي فِيهَا حر دَاخل وَبرد ظَاهر وَتَكون من بلغم زجاجي وبولهم أَكثر بَيَاضًا من بَوْل أَصْحَاب النائبة كل يَوْم وَأَغْلظ من ذَلِك ونبضهم أَبْطَأَ وَأعْرض وَرُبمَا نابت هَذِه كل يَوْم وَرُبمَا نابت غبا وَرُبمَا نابت ربعا فَلَا تلْتَفت إِلَى أدوارها وتختلف أَيْضا بطول نوبتها فَمن أَربع سَاعَات إِلَى أَربع وَعشْرين سَاعَة وطولها عشرُون يَوْمًا وَفِي الْأَكْثَر أقل من ذَلِك لِأَنَّهَا تنضج سَرِيعا وَجَمِيع الحميات الَّتِي تنوب خمْسا وسدساً وَمَا وَرَاء ذَلِك فَتكون من البلغم الغليظ. فَأَما ليفوريا فيبرد فِيهَا بَاطِن الْبدن ويسخن ظَاهره وتحدث عَن الصَّفْرَاء غير الْخَالِصَة واعتن فِي انقياليس بالمعدة بالقيء وأعطه الْجلاب وَمَا يدر الْبَوْل كالسكنجبين وَمَاء الرازيانج والسنبل والأنيسون والقيء بالشبث والفوتنج وَنَحْوه ويسقى نَقِيع الصَّبْر والفيقرا والكمون وَحب الأيارج ويحقن بِمَا يحدر البلغم وَالطَّعَام مَاء الحمص والمري والكمون وأصول السلق وَحب الأرياج والهليون وَبِالْجُمْلَةِ اسْتِعْمَال الجلاءة للمعدة المدرة للبول المسهلة للبطن.
وعلاج ليفوريا فِي المبدأ بسكنجبين وجلنجبين وبآخرة بسكنجبين مَعَ نَقِيع الصَّبْر بِمَاء الرازيانج والكرفس والمصطكى وَاسْتعْمل المسخنة فِي هَذِه أقل من انقياليس.
قَالَ ج فِي آخر الرَّابِعَة من الْعِلَل والأعراض: أَنا نسمي النافض لَيْسَ الْحس بالبرد الشَّديد بل مَا يحدث فِي الْبدن من الرعدة والنفضة.
بولس قَالَ: الْبرد والنافض الْعسر السخونة أَو الَّذِي لَا يسخن يكون من بلغم بَارِد
(4/499)
كثير فاربط أَولا الْأَطْرَاف ألف هـ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة ثمَّ ادهن بدهن البابونج أَو الْحِنَّاء أَو السوسن فَإِن كفى وَإِلَّا فاخلط بهَا فلفلاً وقسطاً أَو عَاقِر قرحاً أَو فوذنجاً أَو بورقاً أَو قافلو أَو جندبادستر واخلط بِهِ شَيْئا من شمع لِئَلَّا يسيل بسهولة عَن الْبدن وَإِن كَانَ الْأَمر أَشد حَتَّى لَا يسخن بِهَذِهِ)
أَو حدث لَك فِي عُضْو وَاحِد فضع عَلَيْهِ ضماد الْخَرْدَل والزفت وأعطه دَوَاء الحلتيت أَو من الحلتيت نَفسه قدر بندقة بشراب الْعَسَل أَو بصمغ المحروث وَإِن دهنت الْبدن قبل الدوز بِبَعْض هَذِه الأدهان فَأَما إِن يذهب الْبرد الْبَتَّةَ أَو يوهنه والنافض الْكَائِن للبحران المزمع فَلَا تقاومه والكائن من عرق تقدم فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى علاج لِأَنَّهُ لَا يبطئ بل يسكن سَرِيعا. والأدهان الَّتِي ذكر دهن قد فتق فِيهِ عَاقِر قرحاً وقسط.
لي من مسَائِل أبيذيميا: إِن النافض الشَّديد ثَلَاثَة أَنْوَاع وفسرها ثمَّ قَالَ: إِن النافض الغب لَيست فِي نَحْو هَذِه الْبَتَّةَ وَلَيْسَ فِيهَا برد وَلَا تصطك مِنْهَا الْأَسْنَان وَإِنَّمَا هِيَ رعدة فَقَط عديمة الْبرد الشَّديد.
من سوء المزاج الْمُخْتَلف: النافض الَّتِي لَا تلحقها الْحمى إِنَّمَا يعرض للأبدان الَّتِي قد تقدم تدبيرها بالخفض والدعة والاستكثار من الأغذية البلغمية حَتَّى يتَوَلَّد فِيهَا الْخَلْط الزجاجي وَأما انقياليس فَإِنَّهَا مركبة من هَذِه الْحمى وَمن الَّتِي يلْحق نافضها سخونة.
مُفْرَدَات ج: إِنِّي سحقت قيصوماً وانقعته فِي زَيْت وطبخته قَلِيلا ودهنت بِهِ بدن صَاحب النافض قبل الْوَقْت الَّذِي يَبْتَدِئ بِهِ النافض خفت حَتَّى لَا يقشعر إِلَّا قَلِيلا جدا والفودنج النَّهْرِي إِن طبخ بِزَيْت وَذَلِكَ الْبدن بذلك الزَّيْت دلكا شَدِيدا قبل وَقت النافض أبْطلهُ وَكَذَلِكَ إِن شربت مِنْهُ يَابسا بِمَاء الْعَسَل.
لي إِذا كَانَ الْبرد فِي حمى قَوِيا فَإِنَّهُ يدل على أَن خلطها غليظ بَارِد جدا وَلِهَذَا يحْتَاج إِلَى أدوية ملطفة مسخنة كالحلتيت والمر والسذاب والفودنج والثوم والفلف وَالشرَاب الْعَتِيق فَإِنَّهَا تلهب الْبدن حرارة لَطِيفَة وتلطف ذَلِك الْخَلْط ويسرع إقلاع الْحمى بهَا. الْقسْط يدلك بِهِ بدهن من يَأْخُذهُ النافض قبل وَقت النّوبَة. والعاقر قرحاً إِن دلك بِهِ الْبدن بِزَيْت قبل النافض أبْطلهُ. د دهن بِلِسَان يبطل النافض إِن مرخ بِهِ قبل وقته. المر ألف هـ إِن شرب مِنْهُ كالنبقة قبل النافض بساعتين أبْطلهُ الفلفل إِن سحق ومرخ بدهن قبل النافض أبْطلهُ. أغاريقون إِن شرب قبل النافض أبْطلهُ. زراوند مدحرج يبطل النافض إِن شرب والفودنج أَيْضا القلهمان قَالَ: السكبينج الْأَصْبَهَانِيّ ينفع من النافض. الفلاحة: بزر الفجل ينفع من النافض جدا وَحمى الرّبع.)
الْعَاشِرَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: النافض يكون عِنْد مَا تتحرك الأخلاط اللذاعة نَحْو العضل الملبس على الْبدن. وبقدر كثرتها أَو بردهَا أَو رداءتها أَو سرعَة حركتها وَضعف الْقُوَّة يكون النافض. وأضداد هَذِه تخفف فَأَما القشعريرة فَإِنَّهَا تكون عِنْدَمَا تضعف كَيْفيَّة الفضول وتقل كميتها أَو تسكن مُدَّة حركتها وخاصة إِن كَانَت الْقُوَّة مَعَ ذَلِك قَوِيَّة فَإِن ازدادت هَذِه قلَّة أَو قلَّة رداءة كيفيته أَو بطء حَرَكَة وَالْقُوَّة قَوِيَّة لم تكن قشعريرة لَكِن تكسر فَقَط.
(4/500)
لي أعرف فضل النافض على القشعريرة فِي هَذِه ليَكُون دَلِيلا لَك على حَال الأخلاط المولدة للحمى.
الْإِسْكَنْدَر من كتاب الْمعدة: القشعريرة والنافض يكونَانِ من خلط ني أَو من يبس أَو من قلَّة غذَاء أَو من غَلَبَة مرار أَو من ورم فِي الْبَطن.
لي وَمن مُدَّة وَمن خلط لذاع ينخس شَيْئا بِسُرْعَة وَيَنْبَغِي أَن يحذر هَذَا كُله.
مسيح إِذا عفن البلغم الزجاجي كُله وَلَا يكَاد يكون ذَلِك إِلَّا فِي الندرة كَانَ النافض مَعَ برد مفرط بِمرَّة وَأكْثر مَا يعفن بعضه ويتولد عَنهُ حر وَبرد فِي حَال وَاحِدَة وعلاجها علاج البلغمية إِلَّا أَنه يجب أَن يكون بأَشْيَاء أقوى تقطيعاً وتلطيفاً.
لي بِحَسب شدَّة برد النافض مل إِلَى التقطيع والإسخان. وَلَقَد حَدثنِي أَبُو الْحسن أَنه كَانَ بِرَجُل نافض شَدِيد يكَاد أَن تَنْقَطِع أوصاله ويصيح وَسَأَلَ أَن يمسك عُنُقه ومفاصله. وَلَا يكون بعقبه حمى وَأَنه خرج مِنْهَا فِي مَرَّات.
قسطا فِي كِتَابه فِي البلغم يعالج النافض الْعَارِض من حر وَبرد مَعًا وَيكون من البلغم عفن وَغير عفن فَلذَلِك يحْتَاج إِلَى تبريد وتلطيف كالسكنجبين بِمَاء الرُّمَّان ويحذر الأغذية اللزجة فِي هَذِه الْعلَّة كل الحذر ويغذى بخل وزيت وخبز مغسول بسكنجبين وجلاب ومص الْبُقُول كالهندباء والكرفس. والنافض الَّذِي لَا يسخن يعالج بالسفرجل المسهل والتمري ثمَّ بالكموني وَالشرَاب الصّرْف المسخن أَو الممزوج بِمَاء حَار. والأغذية الحارة الجلاءة كالعسل والفانيز ألف هـ وَالزَّبِيب والتين واللوز والجوز والفستق.
فِي الْحمى الَّتِي يعرض فِيهَا حر وَبرد مَعًا انقياليس وليفوريا وطيفورس وَالَّتِي ظَاهر الْبدن بَارِد وباطنه حَار وَالَّتِي لَهَا أدوار غَرِيبَة.
ورق البنج إِذا شرب مِنْهُ أَو من الأقراص المعمولة مِنْهُ بِمَاء الْعَسَل نفع من الْحمى الَّتِي يعرض فِيهَا)
حر وَبرد مَعًا.
سيساليوس جيد للحمى الَّتِي يعرض فِيهَا حر وَبرد مَعًا.
قَالَ ج فِي الْعِلَل والأعراض: إِن البلغم
(4/501)
الزجاجي إِذا عفن بعضه وَبَقِي بعضه لم يعفن حدثت عَنهُ الْحمى الْمُسَمَّاة انقياليس.
من أَصْنَاف الحميات: هَذِه الْحمى من شكل الْحمى الَّتِي يكون فِيهَا بلغم بعضه قد عفن وَبَعضه لم يعفن.
وَقَالَ إِذا جرى الصِّنْف الحامض والزجاجي من البلغم فِي الْأَعْضَاء الحساسة كَانَ مِنْهُ النافض لَا تلْحقهُ حمى فَإِن شَأْنهمَا شَيْء من عفن كَانَ مِنْهُ انقياليس وَإِن كَانَ عفنه أَكثر تَبعته حمى ابْن ماسويه فِي الحميات: الْحمى الَّتِي يعرض فِيهَا حر وَبرد مَعًا تكون من البلغم الزجاجي إِذا عفن بعضه وَالْبَوْل فِي هَذِه الخمى إِلَى الْبرد أميل مِنْهُ فِي البلغمية الْخَالِصَة بِسَبَب فضل برد هَذَا الصِّنْف من البلغم على ذَلِك وَكَذَلِكَ النبض فَإِنَّهُ أَبْطَأَ وَأعْرض. وأدوار هَذِه الحميات تخْتَلف وَرُبمَا كَانَت غبا وَرُبمَا كَانَت كل يَوْم وكل ثَلَاثَة أَيَّام. وبقاؤها عشرُون يَوْمًا أَو زِيَادَة قَليلَة. وَفِي الْأَكْثَر تَنْقَضِي قبل الْعشْرين لِأَن الطبيعة تنضجه سَرِيعا ونوبتها من أَربع سَاعَات إِلَى أَربع عشرَة سَاعَة وَرُبمَا زَاد وَرُبمَا نقص.
والحميات الَّتِي تَدور فِي سبع وَخمْس وَغير ذَلِك فَهِيَ من بلغم غليظ وسوداء وَيخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف الْخَلْط. وَأما ليفوريا فتبرد فِيهَا الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن ويحترق الْجوف مَعَ عَطش شَدِيد وخشونة اللِّسَان وَصغر النبض وَهِي ضد انقياليس لِأَن فِي هَذِه يلتهب الْخَارِج ويبرد الدَّاخِل والحرارة فِي هَذِه مائلة إِلَى ظَاهر الْبدن. فَأَما الَّتِي يَحْتَرِق بَاطِن الْبدن ويبرد ظَاهره فَإلَى دَاخل ميل الْحَرَارَة فِيهَا وَيكون من الصَّفْرَاء الغليظة غير الْخَالِصَة. فِي انقياليس اعتن بالمعدة بالقيء وَبِمَا يجلوها وبإدرار الْبَوْل كالسكنجبين والسنبل والأنيسون والكرفس وَنَحْوه ويقيأ بعد الطَّعَام بفجل وَنَحْوه ألف هـ ويسقى من بعده نَقِيع الصَّبْر وجوارش الكموني وَحب الإيارج نَافِع جدا فِي هَذِه. والحقن الَّتِي بشبث وقنطوريون ولب القرطم وَالطَّعَام مَاء حمص ومرى وكمون وأصول السلق وهليون وَجُمْلَة تسْتَعْمل المدرة للبول والمسهلة باعتدال والجلاءة الْمُقطعَة. وَأما ليفوريا فعالج فِي الِابْتِدَاء بسكنجبين وجلنجبين وبآخرة نَقِيع الصَّبْر ونقيع الإيارج والمدرة للبول وَيكون مَا تستعمله فِيهَا أقل حرارة مِنْهَا فِي انقياليس.)
أبيذيميا قَالَ: والحميات المختلطة تكون عَن الأخلاط الْمُخْتَلفَة.
جورجس الخمسية تكون من خلط سوداوي أبرد قَلِيلا وعلاجها كالربع بِالصَّوْمِ والقيء بعد الطَّعَام والترياق الْكَبِير نَافِع وَالْحمام لَا تسْتَعْمل فِيهِ المَاء لَكِن حرارة فَقَط وتدبير الرّبع تَدْبيره.
جَوَامِع اغلوقن: طيقورش وَهِي الَّتِي تلتهب الدَّاخِل وَالْخَارِج بَارِد وَهِي أطول مُدَّة من شطر الغب.
ابْن سراييون فِي انقيالوس: ألزمهُ الْقَيْء وإدرار الْبَوْل بالكرفس وأعطه جلنجبينا وسكنجبينا ونقيع الصَّبْر وإيارج فيقرا فِي الأحيان وَحب الصَّبْر وَحب الْغَار واحقن بِمَاء فِيهِ حِدة لينحل ذَلِك البلغم عَن الْمعدة.
وَأما ليفوريا فأعط فِي الِابْتِدَاء جلنجبينا وسكنجبينا وبآخره نَقِيع الصَّبْر وإيارجا وَمَاء الرازيانج والهندباء والكرفس وأقراص ورد وكل مَا انْقَضتْ حرارته فَاسْتعْمل أَشْيَاء أسخن وَمُدَّة نوبَة هَذِه من أَربع سَاعَات إِلَى عشْرين وتلبث من عشْرين إِلَى أَرْبَعِينَ وَقد تطول أَيْضا وَهِي من بلغم زجاجي إِذا عفن وَأما النافض بِلَا حمى فَإِنَّهُ من بلغم زجاجي غير عفن وَقد كثر فِي الْبدن.
(4/502)
قَالَ ديسقوريدوس: شراب الْعَسَل يذهب النافض المزمن دهن البلسان إِذا دهن بِهِ أبطل النافض. د: الجاوشير إِذا سقِِي بِمَاء الْعَسَل يُوَافق النافض والحميات الدائرة الزراوند المدحرج ينفع من النافض والحميات الدائرة. دهن القيصوم يسكن النافض المر إِن شرب مِنْهُ مِقْدَار باقلاة بِقَلِيل مَاء قبل وَقت النافض بساغتين سكنها الإيرسا ينفع من الْبرد والنافض طبيخ السذاب الرطب والشبث ينفع من النافض إِذا شرب.
ديسقوريدس: العاقر قرحاً إِن جعل فِي زَيْت وتمسح بِهِ قبل وَقت النافض نفع من النافض والقشعريرة الكائنة ألف هـ بأدوار.
جالينوس: الفلفل إِن جعل فِي دهن وتمسح بِهِ نفع من النافض. طبيخ الفودنج ينفع مِنْهُ إِذا شرب. د الفودنج النَّهْرِي يسخن ويجفف جَمِيع الْبدن وَكَذَلِكَ يسْتَعْمل للنافض بِأَن يسقى مِنْهُ بِمَاء)
قَالَ جالينوس: الْقسْط إِن لطخ بِهِ مَعَ زَيْت قبل النافض أبْطلهُ. د: القيصوم يعْمل مِنْهُ مَعَ زَيْت مسوح جيد للنافض.
وَقَالَ ج: أَطْرَافه إِن طبخت ودهن بِهِ فِي زَيْت أَو أنقعت فِيهِ ودلكت بِهِ قبل النافض خفف النافض حَتَّى لَا يقشعر إِلَّا يَسِيرا جمة الشبث وبزره إِذا طبخا وشربا سكنا النافض ودهن الشبث يُوَافق النافض بحرارته. د: الزَّيْت الَّذِي يطْبخ فِيهِ فودنج يُخَفف النافض.
بولش لبن التِّين الْمُسَمّى بالجميز مَتى تمسح بِهِ نفع من النافض دهن الْغَار ينفع من الاقشعرار جدا الأغاريقون إِذا شرب قبل الدّور أبطل النافض. أغاريقون يبطل النافض الَّذِي يكون بأدوار.
لي مِمَّا يبطل النافض أَو يخففه: إِن نكب فِي وقته على مَاء حَار ويطرح عَلَيْهِ كسَاء ليعرق الْعرق لِكَثْرَة البخار طول ذَلِك الْوَقْت. د وَج النافض الْكَائِن بأدوار إِنَّمَا يكون من أخلاط غَلِيظَة لزجة.
ابْن ماسويه الْأَدْوِيَة الَّتِي تَنْفَع من برد الحميات البلغمية: إِن يسْقِي فِي وَقت الْبرد مِثْقَال ايرسا مسحوق مَعَ مَاء حَار وَكَذَلِكَ الْقسْط مِثْقَال أَو يدهن بدهنه. وعيدان بِلِسَان وَحب بِلِسَان إِذا شربا ولطخا بدهن سوسن أَو بدهن الْحل ودهن بِهِ الْبدن. والمر إِذا شرب مِنْهُ مِثْقَال بِمَاء الْعَسَل سكن النافض ودهن القيصوم إِذا دهن بِهِ الْبدن والجاوشير إِذا شرب أَو دهن بدهنه للنافض والحاشا مَتى شرب مِنْهُ دِرْهَمَانِ أبطل النافض.
(4/503)
من التَّذْكِرَة: للنافض ترْبط الْأَطْرَاف فِي مَوَاضِع كَثِيرَة وتدهن بدهن البابونج ودهن الْحِنَّاء ودهن الإيرسا فَإِن أردته أقوى فَاجْعَلْ فِيهِ فلفلاً وجندبادستر وقاقلة.
وازفى مَجْهُول قَالَ: اسْقِ للنافض حب المنتن مثقالين فَإِنَّهُ يذهب بِهِ الْبَتَّةَ. أَو هَذَا: سكبينج جاوشير أنجدان كرماني بزر كرفس فلفل مِثْقَال من كل وَاحِد بزر بنج زراوند زعفران جندبادستر مر فربيون زنجبيل نانخواه من كل وَاحِد دانقان بزر حرمل عَاقِر قرحاً مِثْقَال مِثْقَال يدق ويعجن بالعسل الشربة مثل البعرة بِمَاء سخن ينفع من النافض وَالرِّيح.
مطبوخ للحميات العتيقة خَاصَّة للبرد الصعب: كسبرة ورد مر من كل وَاحِد دِرْهَمَانِ بزر كرفس صعتر فَارسي من كل وَاحِد ثَلَاثَة ينفع ألف هـ من النافض برطل مَاء حَار يَوْمًا)
وَلَيْلَة وَيشْرب غدْوَة ثَلَاث أَوَاقٍ وتعاد الْأَدْوِيَة فِي كل يَوْمَيْنِ فَإِذا أحس بِبرد الْحمى فيشرب طبيخ الشبث حاراً وَالْملح والسكنجبين ويتقيأ للبرد الشَّديد الْحَادِث فِي الحميات أَو يُؤْخَذ شبث مر فلفل عَاقِر قرحاً يطْبخ بدهن الْحل وَيمْسَح بِهِ الْبدن.
الْعِلَل والأعراض: الْأَسْبَاب المعنية على حُدُوث النافض والقشعريرة خَمْسَة أَسبَاب: كَثْرَة الأخلاط الرَّديئَة فِي الْبدن وَالثَّانِي حدتها وَالثَّالِث سرعَة حركتها وَالرَّابِع سرعَة قبُول الْبدن للآفات وَالْخَامِس كَثْرَة حسه وكل سَبَب يحدث عَنهُ أَذَى فقد يجوز أَن يحدث عَنهُ نافض لَا يَخْلُو أَن يكون إِمَّا حاراً وَإِمَّا بَارِدًا فَإِن كَانَ بِلَا مَادَّة وَذَلِكَ أَنه يعرض من المَاء الْبَارِد إِذا رش على الْبدن نافض ويعرض من شرار النَّار إِذا وَقعت على الْبدن انتفاض والصفراء قد تحدث النافض والأخلاط الردية إِذا كَانَت فِي الْبدن وَكَانَت قَليلَة أحدثت التمطى وَإِن كَانَت كَثِيرَة أحدثت إعياء وَإِن كَانَت أَكثر أحدثت قشعريرة وَإِن كَانَت أَكثر أحدثت نافضاً والنافض إِمَّا أَن يكون من سَبَب حَار وَإِمَّا من سَبَب بَارِد وَالسَّبَب الْحَار إِمَّا أَن يكون بِلَا مَادَّة كالنافض الْحَادِث من الشَّمْس وَالْحمام وَقد قُلْنَا إِذا هَذَا يكون إِذا كَانَ فِي الْبدن أخلاط ردية وشفاء هَذَا النافض يكون بالتبريد وَإِمَّا أَن يكون مَعَ مَادَّة كالنافض الْحَادِث عَن الصَّفْرَاء فشفاؤه الاستفراغ. والكائن عَن برد إِن كَانَ بِلَا مَادَّة كَالرِّيحِ الشمَال وَالْمَاء الْبَارِد فشفاؤه الإسخان وَإِن كَانَ مَعَ مَادَّة كالكائن فِي حمى بلغم فشفاؤه إِن كَانَ قَلِيلا الإنضاج وَإِن كَانَ كثيرا الاستفراغ وَرُبمَا احْتَاجَ إِلَى الاستفراغ ثمَّ إِلَى إنضاج مَا بَقِي. والنافض يكون إِمَّا من سَبَب حَار وَيلْحق ذَلِك لَا محَالة حمى أَو من سَبَب بَارِد فَذَلِك السَّبَب يكون إِمَّا من مرّة سَوْدَاء أَو من بلغم زجاجي وَإِذا كَانَ من مرّة سَوْدَاء فَإِنَّهُ يلْحقهَا لَا محَالة حمى ربع وَإِذا كَانَت من بلغم زجاجي فَإِنَّهُ إِن كَانَ قد عفن كُله حدث بعد النافض حمى كل يَوْم وَإِن كَانَ لم يعفن مِنْهُ شَيْء لم يتبع نافضها حمى وَإِن كَانَ بعضه عفن وَبَعضه لم يعفن حدثت انقيالوس.
وأجناس النافض ثَلَاثَة: الَّذِي تتبعه حمى وَالَّذِي لَا تتبعه حمى وَالَّذِي يتبعهُ الْمَوْت. وَالَّذِي يتبعهُ الْمَوْت يكون من سُقُوط الْقُوَّة الطبيعية وَالْقُوَّة إِذا قهرت النافض حللته وأخرجته
(4/504)
بالعرق فَإِن قهر النافض الطبيعة كَانَ مهْلكا لضعف الْحَرَارَة الغريزية. إِذا كَانَ سَبَب النافض حاراً كَانَت الرعدة أَشد لِأَن السَّبَب الْحَار أَكثر حَرَكَة. وَالسَّبَب المؤذي إِذا كَانَ متحركاً كَانَ أَدَاة أَشد وأزيد وَإِذا كَانَ السَّبَب بَارِدًا كَانَ الانتفاض أقل لضد تِلْكَ الْعِلَل. وَالْبرد مَعَ النفض يعرض فِي)
الرّبع والبلغمي وَفِي كل نافض يهرب الْحَرَارَة الغريزية إِلَى قَعْر الْبدن وَلذَلِك يقل الدَّم فِي ظَاهر الْبدن.
ألف هـ ابْن ماسويه: إِذا كَانَ البلغم غير عفن سابحاً فِي الْبدن كُله حدث النافض بِلَا حمى.
قَالَ: إِذا صَعب برد البلغم فِي الرّبع وَغَيره من نَحوه فاسقه مَاء سخناً قد طبخ فِيهِ أنيسون وفوذنج ومصطكى وَأدْخل تَحْتَهُ مَاء مغلي فِيهِ فوذنج وإذخر وَمر زنجوش وشبث وَتَمام أَو مَاء دَوَاء للنافض والحمى المزمنة: صعتر نانخواه كزبرة ورد فوذنج زنجبيل زبيب منزوع الْعَجم يطْبخ من كل وَاحِد خَمْسَة مَثَاقِيل برطلين من مَاء حَتَّى يصير رطلا ويسقى ثلث رَطْل. ويسكن النافض إِن شرب مَاء الجرجير ثَلَاث أَوَاقٍ وَإِن دهن بدهن قد طبخ فِيهِ عَاقِر قرحاً فِي وَقت الْبرد فَإِنَّهُ يسكنهُ وَلَا ينَام عِنْد النافض فَإِنَّهُ يزِيد بل يَتَحَرَّك وَيذْهب وَيَجِيء.
فِي كتاب ج فِي أزمان الْأَمْرَاض: إِنَّه مَعَ برد الْبدن يَبْتَدِئ النبض يصغر وينتفض إِلَى دَاخل وَذَلِكَ أَن الدَّم يغور نَحْو العمق.
قَالَ الْكِنْدِيّ: الْمَشَايِخ لَا يكون لَهُم حمى صالب لقلَّة أكلهم وبردهم وَضعف حرارتهم.
قَالَ ج فِي سوء المزاج الْمُخْتَلف: النافض بِلَا حمى لَا بُد من أَن يكون قد تقدمه التَّدْبِير المفرط فِي الْخَفْض والسدد حَتَّى اجْتمع فِيهِ بلغم زجاجي وَلذَلِك زعم الْأَطِبَّاء القدماء: أَنه لَا يكون نافض لَا يلْحقهَا حمى لِأَن النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان لم يَكُونُوا مفرطين فِي التَّدْبِير هَذَا الإفراط.
ابيذيميا مَتى بَقِي الْبرد فِي الْحمى من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَإِنَّهُ دَلِيل رَدِيء وَكَذَا مَتى كَانَ الْبَاطِن يَحْتَرِق وَالظَّاهِر شَدِيد الْبرد فرديء.
دهن للنافض: يذاب خَمْسَة دَرَاهِم ميعة فِي عشرَة دَرَاهِم زنبق قد ألقِي مِنْهُ فِي الرطل أُوقِيَّة قسط مر يسحق كالغبار ثمَّ يمرخ بِهِ فقار الظّهْر والموضع الَّذِي يحس فِيهَا بِبرد كَثِيرَة.
البحران: النافض يكون عَن سَبَب حَار. من ذَلِك أَن من وضع على مَوضِع قرحَة دَوَاء حاراً لذع لذعاً شَدِيدا ينتفض ويرتعد. وَمن بدنه مَمْلُوء أخلاطاً دخانية وَدخل الْحمام أَو سخنته الشَّمْس يقشعر ويرتعد وَكَذَا المحموم والمتخم تخمة قَوِيَّة. وكل من بدنه مَمْلُوء أخلاطاً حارة إِن دخل الْحمام أَو سخنته الشَّمْس إسخاناً قَوِيا أَو تحرّك حَرَكَة قَوِيَّة يقشعر. فَإِن لبث مُدَّة انتفض وارتعد لِأَن الفضول الَّتِي كَانَت سَاكِنة تتحرك حَرَكَة أقوى فَإِذا تحركت ونفذت فِي)
الْأَعْضَاء الحساسة فيتيسر غورها ونخستها فأحدثت بذلك ألف هـ نافضاً ورعدة وَكَذَا من ينضح على
(4/505)
بدنه مَاء حاراً يجد أَولا كالنخس من الإبر ثمَّ يرتعد لشدَّة ذَلِك النخس فَأَما الآخر فَإِنَّهُ يجد بردا صَادِقا وَلَا يحس بِقَبض الْجلد كَالْبردِ الَّذِي يجده فِي الشتَاء عِنْد شدَّة الْبرد.
من الحميات: قد رَأينَا نافضاً بِلَا حمى يَدُور على نَوَائِب لَازِمَة للنظام وَغير لَازِمَة للنظام وَإِذا دَامَت هَذِه أحدثت حمى لَا محَالة لِأَن النافض من بلغم لم يعفن وَإِذا عفن تَبعته حمى من جنس النائبة كل يَوْم وَكَانَت طَوِيلَة مزمنة وَقَالَ: إِذا جرى الصِّنْف الحامض والزجاجي من البلغم فِي الْأَعْضَاء الحساسة كَانَ مِنْهُ نافض لَا يلْحقهُ حمى وَإِن شابه شَيْء من عفن كَانَ مِنْهُ انقيالوس وَإِن عفن أَكثر تَبعته حمى حارة.
من جَوَامِع البحران: النافض يكون من سَبَب حَار كالصفراء من دَاخل وَالْمَاء الْحَار من خَارج وَمن سَبَب بَارِد كبرد الْهَوَاء من خَارج والخلط البلغمي من دَاخل.
من جَوَامِع الحميات الْغَيْر المفصلة: النافض يكون عَن الأخلاط بِسَبَب الْحَرَارَة لَيست وَاحِدَة لِأَنَّهُ يعرض مِنْهَا إِن تلذع الْأَعْضَاء الحساسة وتؤذيها فتغور لذَلِك الْحَرَارَة الغريزية إِلَى دَاخل فَلذَلِك يعقب اللذع والنخس برد لِأَن الْحَرَارَة إِذا غارت إِلَى دَاخل بردت الظَّاهِر وَدَلِيل ذَلِك أَن النَّاس يَحْتَاجُونَ فِي وَقت النافض إِلَى دثار أَكثر لِأَن الْحَرَارَة تغور إِلَى دَاخل وَلذَلِك يتزيد النافض إِذا نَام صَاحبه وينفع إِن يغطى عِنْد النافض فَإِنَّهُ يخففها. والنافض عَن الْحَرَارَة إِنَّمَا يكون بِالْعرضِ لِأَنَّهُ ينخس الْأَعْضَاء ويؤذيها فتغور الْحَرَارَة ويبرد لذَلِك ظَاهر الْبدن جدا. وَأما الْخَلْط الْبَارِد فَإِنَّهُ يبرد بِالْعرضِ والجوهر وَإِنَّمَا يبرد الْأَطْرَاف أسْرع لبعدها من الْقلب.
ابيذيميا: النافض أَكثر مَا يَبْتَدِئ فِي الشتَاء من أَسْفَل الصلب ثمَّ يترقى فِي الظّهْر إِلَى الرَّأْس والنافض إِلَى النِّسَاء أسْرع مِنْهُ إِلَى الرجل لبردهن ويبتدئ من الظّهْر أَكثر لِأَنَّهُ أبرد من الْبَطن وَيكون من جَمِيع ظَاهر الْأَعْضَاء إِلَى الْأَطْرَاف أسْرع بِحَسب مَا هِيَ أبعد من الْقلب. الْحمى ينفع من النافض الَّذِي لَيْسَ مَعَه حمى وَلَا ورم فِي الْبدن.
قَالَ: النافض الشَّديد الَّذِي يكون بِسُرْعَة خير من الْكَائِن بِشدَّة وَيطول مقَامه فِي النّوبَة ألف هـ قَالَ: النافض الْقوي الشَّديد يكون عَن البلغم الْقوي الْبرد وَهُوَ من الزجاجي أَو عَن مرّة سَوْدَاء.)
لي وَيكون مَعَ هَذَا الْبرد الشَّديد الصعب فَأَما فِي الغب فالارتعاد من غير برد شَدِيد.
قَالَ: وَقد يعرض النافض إِذا تفتحت الْجِرَاحَات وَعند الكي والبط وَعند وضع دَوَاء حَار على القرحة وَعند الحميات وَعند البحران وَفِي الْحمام وَالشَّمْس.
النافض الَّذِي لَا يكون من أجل سَبَب خَارج يَبْتَدِئ كُله من الْقطن وَالظّهْر.
ابيذيميا: النافض الشَّديد يخرج من الفضول عَن الْبدن والنافض أَكثر مَا يَبْتَدِئ فِي النِّسَاء من أَسْفَل الصلب ثمَّ يترقى من الظّهْر إِلَى الرَّأْس وَهِي أَيْضا فِي الرِّجَال يَبْتَدِئ من
(4/506)
خلف أَكثر مِمَّا يَبْتَدِئ من قُدَّام مثل مَا يَبْتَدِئ من الصاعدين إِلَى الفخذين وَالْجَلد أَيْضا فِي مقدم الْبدن متخلخل وَيدل على ذَلِك الشّعْر.
قَالَ جالينوس: كل نافض فَإِنَّهُ يَبْتَدِئ مَعَ برد محسوس وَالْبرد إِلَى مَا يَلِي الظّهْر أسْرع وَتلك النواحي أَيْضا مَعَ ذَلِك إِلَى أَن يحس بِمَا يعرض لَهَا من الْبرد أسْرع فبالواجب يَبْتَدِئ النافض من الظّهْر وَهُوَ إِلَى النِّسَاء أسْرع لبردهن ثمَّ إِن النافض إِذا ابْتَدَأَ من تِلْكَ النواحي يترقى إِلَى أصل العصب ويتصل بعد بِجَمِيعِ الْبدن لمواصلته النخاع وَأما مقدم الْبدن فَلَيْسَ يَبْتَدِئ مِنْهُ القشعريرة شرب الشَّرَاب بِمثلِهِ مَاء يذهب بالقشعريرة لِأَنَّهُ يعدل الأخلاط ويجودها.
جَوَامِع اعلوقن: النافض إِن كَانَ مَعَه مس برد فَهِيَ نافض بلغم وَإِن كَانَ مَعَه مس تكسر الْعِظَام فنافض ربع وَإِن كَانَ مَعَه غرزان ووخز فنافض غب.
من الْعِلَل والأعراض: النافض الَّذِي لَا يلْحقهُ حمى لَا يكون أبدا فِي الْقُوَّة مثل نافض الغب وَالرّبع وَالَّذِي بِهِ تتحلل الْحمى المحرقة.
قَالَ: وَمن شَأْن هَذَا النافض الَّذِي تتبعه حمى أَن يحدث عَن التملؤ والاستحمام بعد الْأكل وَتقدم أَطْعِمَة بلغمية وَلَا يرتاض وَالَّذِي يرعد من نافض ويهز ويحرك فَلَيْسَ أصلا من خلط بَارِد وَكلما كَانَ النافض أقوى كَانَت مُدَّة بَقَائِهِ أقل. وَإِنَّمَا يعرض برد ظَاهر الْبدن عِنْد النافض لِأَن الدَّم وَالروح يميلان إِلَى دَاخل وَكَذَلِكَ أَيْضا يكون الْبُرُودَة فِي الْأَطْرَاف أَكثر.
الطَّبَرِيّ: نافض البلغمية وَالرّبع يزْدَاد مَتى أمعن لِأَن الْخَلْط لَا يكون فِي أول الْأَمر قد استحكم عفنه فَإِذا أمعن استحكم عفنه وَصَارَت ألف هـ كيفيته لذاعة مؤذية.
لي فِي هَذَا الْكَلَام إصْلَاح وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ معنى فَقَط.
من أقرابادين ابْن سرابيون: للنافض والحمى مَعَ برد وعرق كثير فِي أَوَاخِر الحميات: أُوقِيَّة)
فوذنج يطْرَح فِي قدر بِثُلثي رَطْل مَاء ويغلى حَتَّى يبْقى أوقيتان ويسقى أَيَّامًا فَإِنَّهُ عَجِيب (الْحمى الوبئية) (أولويوس وَهِي الوبئية اسْتَعِنْ بِبَاب الوباء ورده إِلَى هَهُنَا وَفِيه شَيْء من) (الْخَامِسَة عشرَة من النبض) قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات: الْحمى الوبئية كلهَا تكون من العفونة.
من كتاب العلامات: 3 (الْحمى الوبئية أردى الحميات) كلهَا عَامَّة وَهِي قَوِيَّة يعرض مَعهَا تنفس عَال شَدِيد وإعياء وَغشيَ واسترخاء الْبدن وسعال يَابِس وبثر أشقر وأحمر وقيء السَّوْدَاء واختلافها وَاخْتِلَاف زبدي كثير وَهِي تقتل سَرِيعا وَهِي قَوِيَّة من أول أمرهَا وَمَعَهَا
(4/507)
ضيق نفس ونبض صَغِير كثيف مُخْتَلف ويتقلب صَاحبهَا تقلباً شَدِيدا ويرتعد فِي الرَّابِع وَتظهر بِهِ بثور شقر وحمر ثمَّ تغيب سَرِيعا وَتذهب ويعرض فِيهَا سعال يَابِس ووجع فِي الشراسيف وقيء صفراء وَرُبمَا تقيأ سَوْدَاء وَرُبمَا اخْتلف.
وَحمى لوموروس رُبمَا تشتد بِاللَّيْلِ ويعرض مَعهَا سهر وَسُقُوط الشَّهْوَة ووجع الْقلب وَبرد الْأَطْرَاف وَبَوْل قَلِيل أَحْمَر منتن وقلاع فِي الْفَم وقروح وَعظم الطحال ويزمن وَيطول وَيصير كَأَنَّهُ
(4/508)
(الحميات المركبة) 3 (والمطريطاوس والليلية والنهارية وَشطر الغب اسْتَعِنْ بِبَاب الغب بِمَا قَالَ اغلوقن فِي) 3 (الغب الْغَيْر الْخَالِصَة) قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من كتاب البحران: مَتى كَانَ الْمَرَض مُفردا وَلم يعرفهُ الطَّبِيب مُنْذُ أول يَوْم فقبيح جدا رَدِيء بل إِن كَانَ مركبا من مرضين أَو ثَلَاثَة فَلَيْسَ يقبح بالطبيب وَلَا يضرّهُ أَن يحْتَاج لتعرف الْمَرَض الْمركب فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث.
لي أفهم من قَوْله الْمَرَض أَي حمى يَنْبَغِي أَن تروض نَفسك أَولا فِي تعرف الْأَمْرَاض المفردة من نفس طبيعة الْأَمْرَاض لَا من الْأَشْيَاء الَّتِي تتفق من خَارج ثمَّ تنظر فِي مَا يحدث فِيهَا كثيرا فمثال ذَلِك إِن نظرت لتعرف الغب إِلَى أَن تنوب فِي الْيَوْم الثَّالِث فَإِنَّهُ إِن كَانَ بالعليل حمى غب فَإِنَّهُ يكون لَهَا كل يَوْم نوبَة فَلذَلِك لَا يَنْبَغِي أَن تقتصر على ذَلِك دون النّظر ألف هـ فِي نفس طبائع الْحمى فَإِن أَصْنَاف الْحمى لَا تتشابه إِلَّا فِي ابْتِدَاء نوبتها وَلَا فِي تزيدها وَلَا فِي مُنْتَهَاهَا وَلَا فِي انحطاطها وَلَا فِي الْأَعْرَاض الَّتِي تلحقها. وَلَو كَانَت الغب والبلغمية لَا توجدان مفردتين فِي حَال لما كَانَ إِلَى التَّفْرِقَة بَينهمَا سَبِيل لكنه لما كَانَ كل وَاحِد من الغب والبلغمية تُوجد خَالِصَة لم يعسر إِذا عرف طبعها مُفْردَة إِن يفرق بَينهمَا وَذَلِكَ أَن البلغمية تنوب كل يَوْم والغبان اللَّتَان يَنُوب كل وَاحِد مِنْهُمَا كل يَوْم تشتبهان.
قَالَ: 3 (جَمِيع الحميات المفردة فِي ثَلَاثَة أَجنَاس) كل جنس مِنْهَا يَنْقَسِم لنوعين وَذَلِكَ إِنَّهَا إِمَّا أَن تكون دائمة مطبقة وَإِمَّا دَائِرَة وَكَذَلِكَ كل الحميات الدائمة والمفارقة فِي أول النّوبَة لِأَن بَعْضهَا يعرف فِي أول النّوبَة وَبَعضهَا فِي أول التزيد وَبَعضهَا فِي الْمُنْتَهى وَبَعضهَا فِي الانحطاط أَو فِي وَقت الفترة. وَمَتى كَانَ الْمَرَض مركبا فَلَيْسَ بسهولة مَعْرفَته كسهولة معرفَة المفردة لكنه يحْتَاج إِلَى فطنة ورياضة وَأَنا أصف لَك أبلغ الطّرق فِي رياضتها يَنْبَغِي أَن ترتاض فِي تعرف الْمُفْردَات حَتَّى تعرفها بسهولة وَسُرْعَة ثمَّ تديم النّظر فِي المركبة.
قَالَ: والحميات المركبة قِسْمَانِ إِمَّا أَن تتركب فِيهَا الْأَصْنَاف الَّتِي ذَكرنَاهَا يتركب بَعْضهَا مَعَ بعض أَعنِي الرّبع وَالْغِب والنائبة كل يَوْم من غير أَن يكون فِي الْبدن ألم يَعْنِي ورماً حاراً أَو نَحوه مِمَّا يُولد حمى أَو يكون عُضْو حدث فِيهِ ورم فتتولد عَنهُ حمى وكل وَاحِد من هذَيْن الْقسمَيْنِ يحْتَمل أَن يَنْقَسِم قسْمَة أُخْرَى وَذَلِكَ أَن جِهَة تركيبها لم تخل أَن تكون على الْمُجَاورَة أَو الممازجة فرض نَفسك فِي معرفَة التَّرْكِيب على جِهَة الْمُجَاورَة ثمَّ رضها فِي تركيب الممازجة.
(4/509)
لي قد أغفل جالينوس هَهُنَا ذكر حمى الدق وَقد ذكر فِي مَوَاضِع أَنه قد تتركب حميات الدق فعلى حسب هَذَا يجب أَن تكون الْقِسْمَة للحميات إِمَّا مَعَ ورم وَنَحْوه أَو بِلَا ورم وَقد تتركب الحميات الَّتِي لَا ورم مَعهَا فضروب تركيب الحميات ثَلَاثَة وكل وَاحِدَة من هَذِه إِمَّا أَن يكون تركيبها على الممازجة أَو الْمُجَاورَة.
قَالَ: فَأَقُول أَن الحميات الَّتِي تتركب على الْمُجَاورَة رُبمَا كَانَت من نوع وَاحِد وَرُبمَا كَانَت مُخْتَلفَة وَذَلِكَ أَنه قد تتركب غب وَربع أَو غب وبلغمية أَو ربع وبلغمية وَقد تتركب ربعان مَعًا أَو غبان مَعًا أَو بلغميتان وَرُبمَا تركبت ألف هـ الحميات الدائرة مَعَ اللَّازِمَة الَّتِي من جِنْسهَا ونوعها وَالَّتِي لَيست من جِنْسهَا وتعرف تركيب الدائرة مَعَ اللَّازِمَة عسر جدا. 3 (الحميات الَّتِي عَن الأورام) تتركب غير هَذَا التَّرْكِيب وَذَلِكَ أَنه قد يحدث الورم فِي عضوين كالطحال والكبد وَيحدث كل وَاحِد مِنْهُمَا حمى غير الَّتِي يحدثها الْأُخْرَى وَرُبمَا حدث فِي الْعُضْو الوتحد ورم مركب كالحمرة والفلغموني أَو فلغموني وأوذيما أَو فلغموني وسقيروس وَيَنْبَغِي أَن تروض نَفسك فِي تعرف المفردة من الحميات الْحَادِثَة عَن الأورام وسأعطيك قانوناً فِي تعرف هَذِه أَيْضا إِن الْحمى المركبة المخالطة غَيرهَا الْمُخْتَلفَة الْأَمر فِي جَمِيع الْوُجُوه قد يعسر تعرفها فِي أول مَا تحدث وَلَيْسَ هُوَ وَإِن كَانَ عسراً غير مُمكن وأكثرها تعرف فِي الْيَوْم الثَّانِي أَو فِي الثَّالِث وأقصاه الرَّابِع.
أَقُول: إِن حمى ابتدأت وَمَعَهَا اقشعرار وَهِي مَعَ ذَلِك مُخْتَلفَة الْأَمر فِي جَمِيع الْوُجُوه أَعنِي فِي النبض وَفِي الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْبدن كُله حَتَّى توهم أَنَّهَا قد قربت من منهاها وَأَنَّهَا قد توسطت فِي التزيد ثمَّ يعود فِيهَا القشعريرة وَيعود النبض فَيصير أَصْغَر مِمَّا كَانَ وأضعف وَأَبْطَأ وَأَشد تَفَاوتا وتجد الْحَرَارَة تفارق الْأَطْرَاف وتكثر فِي الْبَطن والصدر.
أَقُول: إِن هَذِه دَلَائِل الْحمى المركبة من النائبة كل يَوْم وَالْغِب الْمُفَارقَة وتركيبها على الممازجة وَهِي الْمَطَر يطاوس وَالْجُمْهُور يعرفهَا فِي يَوْم الثَّالِث وَهَذِه الْحمى يكون تركيبها باختلاط حمى الغب الدائرة بالبلغمية اللَّازِمَة.
وَأما تركيب الغب والبلغمية على الْمُجَاورَة فعلى أَرْبَعَة أنحاء وَذَلِكَ أَنه إِمَّا أَن تتركب الغب الدائرة مَعَ البلغمية الدائرة أَو غب لَازِمَة مَعَ بلغمية لَازِمَة أَو غب لَازِمَة مَعَ بلغمية دَائِرَة أَو غب دَائِرَة مَعَ بلغمية لَازِمَة.
لي وَكَذَلِكَ التَّرْكِيب بالممازجة يركب الْأَرْبَعَة التركيبات قَالَ جالينوس: وَلَا يُمكن أَن يعرف على استقصاء وَاحِد مِنْهَا فِي أول يَوْم وَلَيْسَ يعسر تعرفها فِي الْيَوْم الثَّانِي ومعرفتها فِي الثَّالِث أَكثر كثيرا وأؤكد حَتَّى أَنه لَا يحْتَاج إِلَى انْتِظَار الرَّابِع.
وضع أَن نوبَة ابتدأت فِي الْيَوْم الأول مَعَ نافض ثمَّ التهبت حمى حادة محرقة فِيهَا كرب وعطش وَبَلغت منهاها بِسُرْعَة والنبض مستو عَظِيم سريع قوى ألف هـ متواتر والحرارة مستوية فِي جَمِيع حالاتها ثمَّ سكنت بقيء ويعرق وأقلعت إقلاعاً تَاما أَقُول إِن هَذِه النّوبَة لَا يُمكن أَن
(4/510)
تكون إِلَّا لغب. وَأَقُول إِنَّه إِن كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي نوبَة حمى بلغم وَقد وَصفنَا علاماتها فَيَنْبَغِي أَن تنظر فِي أَوْقَات النوبتين لتتقدم فتعلم كَيفَ تكون الْحَال فِي الْيَوْم الثَّالِث لِأَنَّك إِن قدرت أَن نوبَة)
الغب تَأتي فِي أول سَاعَة من الْيَوْم الثَّالِث وَأَن نوبَة البلغمية تَأتي فِي الْحَادِيَة عشرَة علمت أَن ابْتِدَاء كل وَاحِدَة مِنْهُمَا يكون أبين وَإِن قدرت إِن ابْتِدَاء النوبتين يكون جَمِيعًا فِي وَقت وَاحِد علمت أَنه لَا بُد أَن تكون النّوبَة مختلطة وَمن أحسن أَن يُمَيّز فَهُوَ يرى شَيْئا كَأَنَّهُ ممزوج من دور غب وَمن حمى بلغم تنوب كل يَوْم ثمَّ يَصح لَك تمييزها فِي الْيَوْم الرَّابِع على أَن أمرهَا قد كَانَ مَعْرُوفا بَينا فِي الْيَوْم الثَّانِي عِنْد من لَهُ دربة وَمَتى كَانَ التَّرْكِيب من دَائِرَة ولازمة كَانَ الْوُقُوف عَلَيْهِ أصعب وَمن هَذَا ظن قوم أَنه لَا يكون هَذَا لَا يكون هَذَا التَّرْكِيب لأَنهم ظنُّوا أَنه يلْزم من قَالَ بِهَذَا التَّرْكِيب أَن يَقُول أَن الْإِنْسَان مَحْمُوم فِي حَال وَاحِدَة إِن من يعرف طبائع الْحمى بِالْحَقِيقَةِ يعلم أَن هَذَا التَّرْكِيب يكون. فَإِنِّي قد رَأَيْت امْرَأَة تأخذها فِي الْأَيَّام الْأزْوَاج نوبَة وقشعريرة مَعهَا جَمِيع المارات الَّتِي لأنطرطاوس وتأخذها فِي الْأَيَّام الْأَفْرَاد أما فِي أول النَّهَار فحمى أَضْعَف كثيرا من الْحمى الَّتِي كَانَت قبلهَا فِي الْيَوْم الزَّوْج حَتَّى توهم المتوهم أَن هَذِه الْحمى الكائنة فِي أول النَّهَار فِي الْيَوْم الْفَرد إِنَّمَا هِيَ الْحمى المركبة الكائنة فِي الْيَوْم الزَّوْج كرت فِي الْيَوْم الْفَرد كَمَا من عَادَتهَا أَن تكر وَأما نَحْو السَّاعَة الثَّامِنَة من النَّهَار فَكَانَت تأخذها حمى مَعهَا نافض قوي وَجَمِيع إمارات الغب ثمَّ كَانَت صولة هَذِه الْحمى تنكسر نَحْو السَّاعَة الثَّالِثَة من اللَّيْل بعرق وقيء مراري صفراوي ويمتد بقاياها إِلَى السَّاعَة الثَّانِيَة من النَّهَار من الْيَوْم الزَّوْج فَإِذا شارفت هَذِه النّوبَة الإقلاع تبعها أَيْضا من الرَّأْس النّوبَة الْأُخْرَى الَّتِي مَعهَا قشعريرة وَاخْتِلَاف الَّتِي قلت أَنَّهَا كَانَت تَأتي فِي الْأزْوَاج كَانَت تلبث هَذِه الْحمى النَّهَار كُله من حَيْثُ تحفز مرّة وتبطئ مرّة وتكر مرّة وَتظهر ثمَّ تكر مَا كَانَت تَنْتَهِي منهاها فِي وَقت غرُوب الشَّمْس ثمَّ كَانَت تبتدئ تنحط نَحْو السَّاعَة الرَّابِعَة من اللَّيْل ثمَّ مَعَ الصُّبْح أَيْضا وَقد بقيت من الْحمى الْمُتَقَدّمَة بَقِيَّة كَثِيرَة تتزيد الْحمى زِيَادَة لَيْسَ فِيهَا اخْتِلَاف وتتصل تِلْكَ الْحَرَارَة ألف هـ وتزيد إِلَى تِلْكَ السَّاعَة الثَّانِيَة فَإِذا ظَنَنْت أَنَّهَا قد بلغت منهاها وَتبين ذَلِك تبِعت هَذِه الْحمى نوبَة أُخْرَى هِيَ بِالصِّحَّةِ نوبَة غب فَلَمَّا تفقدت أَمر هَذِه الْمَرْأَة فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي سنح لي فِي الْيَوْم الثَّانِي أَن حماها مركبة من الأنطريطاوس وَمن غب ثمَّ صحت عِنْدِي مَعْرفَتهَا أَكثر مِمَّا كَانَت كَثِيرَة فِي الْيَوْم الثَّالِث ورجوت أَن تَنْقَضِي أدوار إِحْدَى الحميين وَهِي الغب سَرِيعا وتطول المركبة فَكَانَ كَذَلِك وَتبين عِنْد انْقِضَاء الغب الْخَالِصَة أَن الَّذِي بَقِي من حماها الأنطريطاوس وَكَانَ ابْتِدَاء دورها فِي الزَّوْج وتكر فِي الْفَرد كراً قَلِيلا لَكِن هَذَا التَّرْكِيب وأشباهه لَا يصل إِلَيْهِ)
الْيَسِير من الْعلم. فَأَما من رأى فِي الْيَوْم الأول نوبَة غب خَالِصَة ثمَّ رأى فِي الْيَوْم الثَّانِي مثل الأول علم أَنَّهُمَا غبان وعَلى هَذَا الْمِثَال قد تكون ثَلَاث حميات غب وبلغمية وَربع وَلَيْسَ أَخذهَا كل يَوْم بمغلط لمن عرف طبعها وَقد يُمكن أَلا يَخْلُو بدن مَرِيض من الْحمى فِي حَال وَتَكون حماه حميات كَثِيرَة مقلقة كلهَا لَكِن نوائبها تسبق قبل انحطاط الَّتِي تنحط وَأكْثر مَا
(4/511)
يعرض هَذَا فِي الحميات الطَّوِيلَة النّوبَة لِأَن الْحمى إِذا كَانَ قدر النّوبَة فِيهَا اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة فَلَا بُد أَن تكون مركبة من جميات كَثِيرَة وَإِلَّا لم تتصل وَلم تدم.
قَالَ وَرَأَيْت فَتى ابتدأت بِهِ حمى فِي آخر الخريف نَحْو السَّاعَة الْخَامِسَة ثمَّ عرق عِنْد الْعشَاء الْآخِرَة عرقاً يَسِيرا ثمَّ ابتدأت بِهِ نَحْو السَّاعَة السَّابِعَة من اللَّيْل قبل أَن تقلع عَنهُ الْحمى إقلاعاً تَاما ابتدأت تَأْخُذهُ حمى أُخْرَى بنافض يسير وعرق فِي الْيَوْم الثَّانِي قَلِيل وعاودته الْحمى أَيْضا نَحْو السَّاعَة الْعَاشِرَة ثمَّ عرق أَيْضا فِي اللَّيْل على مِثَال مَا كَانَ عرق ثمَّ فِي الْيَوْم الثَّالِث ابتدأت تَأْخُذهُ نَحْو السَّاعَة الثَّانِيَة حمى مَعهَا نافض قبل أَن تقلع بقايا الْحمى الَّتِي كَانَت قبلهَا تفقدت جَمِيع شَوَاهِد هَذِه الْحمى فسنح لي أَنَّهَا مركبة من ثَلَاث حميات كلهَا غب. وَذَلِكَ أَن الْحمى ابتدأت فِي أول يَوْم فِي السَّاعَة الْخَامِسَة وَالَّتِي ابتدأت بعْدهَا فِي السَّاعَة السَّابِعَة من اللَّيْل وَالَّتِي ابتدأت فِي السَّاعَة الْعَاشِرَة من الْيَوْم الثَّانِي كَانَت فِي النبض وحرارة الْحمى مثل حمى الغب وَكَانَ فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا نافض وعرق لكنه لم تقلع وَاحِدَة مِنْهُمَا من قبل أَن النّوبَة الثَّالِثَة لَهَا كَانَت تَأتي قبل إقلاعها وَلَو تَأَخَّرت نوبَة الْحمى الثَّانِيَة نَحْو ثَلَاث سَاعَات أخر أَو أَربع لكَانَتْ الْحمى ستقلع ألف هـ حَتَّى يَخْلُو مِنْهَا الْبدن فَتبين لي فِي أَمر هَذِه الْحمى أما فِي الْيَوْم الثَّانِي فَإِنَّهَا مركبة من حميات تقلع وَأَنَّهَا غب وَفِي الْيَوْم الثَّالِث يتَبَيَّن لي أَن نوائبها كَانَت تتقدم وَذَلِكَ أَن نوبَة الْحمى فِي الْيَوْم الثَّالِث ابتدأت فِي السَّاعَة الثَّانِيَة لَا فِي الْخَامِسَة كَمَا ابتدأت فِي أول يَوْم وَكَانَت عَلَامَات الغب كلهَا فِي هَذَا الْيَوْم الثَّانِي أبين مِمَّا كَانَت فِي الْيَوْم الأول ثمَّ تفقدت سَائِر النوائب فَوَجَدتهَا جَمِيعهَا تتقدم بساعتين أَو ثَلَاث سَاعَات حَتَّى أَن النّوبَة الْمُنَاسبَة للنوبة الأولى دارت فابتدأت فِي الْيَوْم الْخَامِس مَعَ طُلُوع الشَّمْس وَفِي الْيَوْم السَّابِع قبل ذَلِك الْوَقْت بِمِقْدَار صَالح نَحْو السَّاعَة التَّاسِعَة من اللَّيْل فَرَأَيْت أَن النّوبَة الَّتِي بعْدهَا ابتدأت فِي السَّاعَة الْخَامِسَة ثمَّ فِي السَّاعَة السَّابِعَة ثمَّ ابتدأت النّوبَة الْعَاشِرَة من أول مرض فِي السَّاعَة الثَّامِنَة وعَلى هَذَا قِيَاس نَوَائِب هَذِه الْحمى فَإِن نَوَائِب الحميين الْأُخْرَيَيْنِ أَيْضا من بعد الدّور السَّابِع كفت عَن)
التَّقَدُّم وَجعلت تتأخر. وَعند ذَلِك ظهر عِنْد من ظن أَن حمى هَذِه انطريطاوس أَنه قد غلط وَذَلِكَ أَن طول النوائب تنقصت حَتَّى صَار مقدارها ثَمَان سَاعَات وَكَانَت النوائب أَيْضا لَا تبتدئ كَمَا كَانَت تبتدئ على طَرِيق التَّقَدُّم. لَكِنَّهَا تتأخر بساعتين فَجعلت النوائب تنقلع إقلاعاً تَاما ثمَّ أَن طول نوائبها أَيْضا تنقص قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى انتقصت كل وَاحِدَة من الحميات الثَّلَاث وَكَانَت أول حمى انقصت مِنْهَا أقلهَا ثمَّ انْقَضتْ مُنْذُ أول الْأَمر ثَلَاث حميات كلهَا غب.
قَالَ: وَجُمْلَة أَقُول: أَنَّك إِن رضت نَفسك فِي تعرف الحميات المفردة على الِاسْتِقْصَاء حَتَّى تعرفها مُنْذُ حدثت بسهولة وَسُرْعَة مُنْذُ أول الْأَمر فِي الْيَوْم الأول فَإِنَّهَا مَتى تركبت عرفتها مُنْذُ أول يَوْم أَو فِي الثَّانِي أَو فِي الثَّالِث وأقصاه الرَّابِع وَأَنا لم أصل إِلَى معرفَة هَذِه الثَّلَاث الحميات إِلَّا لمعرفتي بطبيعة الغب لِأَن الَّذِي يعرض فِي تعرف الحميات كَمَا
(4/512)
يعرض فِي تعرف النَّاس فَأَنا لَا نكاد ننكر من اعتدنا وأطلنا مَعْرفَته مَعَ أول يَوْم وُقُوع بصرنا عَلَيْهِ. فَأَما من رَأَيْنَاهُ مرّة أَو مرَّتَيْنِ فَأَنا رُبمَا شككنا فِي أمره وَأما تركيب الغب والبلغمية فَرُبمَا شككنا فِي أمره.
الَّتِي بِلَا ورم ثَلَاثَة: الغب والبلغمية وَالرّبع وَإِن أَنْت رضيت نَفسك فِي تعرفها مُفْردَة لم يعسر عَلَيْك مَعْرفَتهَا مركبة.
والحميات الْحَادِثَة مَعَ ورم هِيَ من الحميات المركبة ألف هـ وَذَلِكَ أَنَّك تَجِد فِيهَا أعلاماً تدلك على الْموضع الَّذِي فِيهِ الورم وإعلاماً تدلك على الْعلَّة الَّتِي حدث مِنْهَا ذَلِك الورم وَقد أفردنا فِي الحميات الَّتِي مَعَ الورم بَابا.
قَالَ: 3 (تركيب الحميات) 3 (تكون على ثَلَاث: مجاورة ومشاركة وممازجة.) لي الممازجة إِن يتداخل وَقت النوبتين بعضه فِي بعض والمجاورة أَن يكون بَين أَوْقَات النوبتين زمَان بَين نَحْو سَاعَة وَأكْثر والمشاركة أَن يتقارب زَمَانا حَتَّى يتماسا مثلا.
الْمقَالة الأولى من الحميات قَالَ: كَانَت امْرَأَة بهَا حمى دق وَحمى أُخْرَى تنوب عَلَيْهَا فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مرَّتَيْنِ فَعمى ذَلِك على الْأَطِبَّاء لأَنهم علمُوا أَنه لَا يكون فِي الدق ابْتِدَاء نوبَة محسوساً وَلَا تزيد وَلَا مُنْتَهى وَلَا انحطاط كَأَنَّهُ لَا يُمكن أَن تتركب دق مَعَ حمى أُخْرَى. فَأَما أَنا فَإِنِّي عرفتها مُنْذُ الْيَوْم الأول من علتها لِأَنِّي وجدت بَين النوبتين أَعنِي الَّتِي كَانَت تكون بِالنَّهَارِ وَالَّتِي كَانَت تكون بِاللَّيْلِ أجزاءها قَصِيرَة الْمدَّة وَكَثِيرًا مَا كنت أَجدهَا تنْحَل وتنقضي مَعَ مَا فِي الْبدن بخار تحلل انْقِضَاء بَيْننَا حَتَّى كَانَ الْبدن إِذا لمس وجد معتدل الْحَرَارَة. فَأَما الدَّلَائِل الَّتِي كَانَت تظهر فِي الشرايين فقد وصفتها فِي بَاب الدق فَإِنَّهَا كَانَت تبقي وتدوم فَلَا يبرد الْعرق كَمَا تبرد سَائِر الْأَعْضَاء وَلَا تنتقص بِسُرْعَة حركتها وتواترها. فَلذَلِك أَنا أَقُول أَنه لَا يَنْبَغِي أَن تعتمد على النّظر فِي الأدوار وتناسب النوائب لَكِن فِي نفس طبيعة الْحمى حَتَّى تكون مَعْرفَتهَا بالحمى من نَفسهَا كَمَا يعرف النَّاس بصورهم.
الثَّانِيَة من الحميات: لي على مَا رَأَيْت هُنَاكَ من الحميات اللَّازِمَة الَّتِي لَا تقلع إقلاعاً تَاما وَتَكون فِي الْيَوْم الثَّالِث فِيمَا بَين كل نوبتين مِنْهَا نوبَة وَهِي متشابهة الأدوار وَغير متشابهة وَهِي من الحميات الحارة. وَقد وَصفنَا أمرهَا فِي بَاب الحميات المركبة وَهِي عِنْدِي من الحميات المركبة لَا البسيطة.
لي قد قَالَ فِي آخرهَا أَنَّهَا تكون من خلط هُوَ إِلَى البلغم أميل.
قَالَ فِي انقياليس: والحميات البلغمية الْقَرِيبَة مِنْهَا: أَنَّهَا لَيست ببعيدة أَن تكون مركبات لَا مُفْرَدَات لِأَن السَّبَب الْفَاعِل لَهَا للنافض غير الَّذِي يُولد النافض لِأَن المولدة هُوَ مَا لم يعفن قَالَ: وَالْكَلَام فِي هَذَا بحث طبيعي لي يَنْبَغِي أَن تعلم أَن بَين هَذِه وَبَين النائبة كل
(4/513)
يَوْم فرقا وَهُوَ على مَا حدست على جالينوس إِن فِي الْبدن فِي هَذِه بلغماً عفناً وبلغماً ألف هـ غير عفن فَأَما فِي تِلْكَ فَإِن البلغم كُله عفن أَعنِي فِي النائبة كل يَوْم. وَيَنْبَغِي أَن نعد هَذِه نَحن حَيْثُ شِئْنَا فِي المفردة أَو فِي المركبة ويخبر بالقصة فِيهِ.)
قَالَ: مَتى خالط البلغم العفن الصَّفْرَاء أحدثا حمى يكون مِنْهَا فِي أحد الْيَوْمَيْنِ نوبتان إِلَّا أَن يكون ابْتِدَاء النوبتين متضامتين فتمتزجان ويتولد مِنْهُمَا حمى لَا تحفظ طبيعة الغب الْخَالِصَة وَلَا البلغمية الْخَالِصَة.
قَالَ: والحادث من تركيبها أَربع حميات: حمى غب دائمة مَعَ حمى بلغمية دائمة وَحمى غب دَائِرَة مَعَ بلغمية دَائِرَة وغب دَائِرَة مَعَ بلغمية دائمة وَحمى غب دائمة مَعَ بلغمية دَائِرَة. وَهَذِه التركيبات الْأَرْبَع صنفان: أما أَن تنضم النوبتان فيعسر تعرفها أَو تكون بَين ابتدائها نوبَة فيسهل تعرفها إِلَّا أَنه قد يفوت كثيرا ذَلِك لِأَن البلغمية وَإِن كَانَت مُفَارقَة لَا ينقي الْبدن مِنْهَا فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تعتمد فِي التعرف على طبيعة الْحمى كَمَا وَصفنَا فِي كتاب البحران.
لي يَنْبَغِي أَن ينظر فِي أدوار الحميات لَعَلَّه قد يتَّفق أَن تكون من بعض هَذِه التركيبات حمى مطبقة.
ثمَّ تمثل جالينوس أَمْثِلَة محصولها هَذِه الْجمل: إِذا رَأَيْت حمى فِي انتهائها وَفِي انحطاطها قشعريرة حدثت أَو نافض أَو ضغط وتقبض وَصغر النبض وَسَائِر ذَلِك مِمَّا يدل على ابْتِدَاء الحميات فَاعْلَم أَنه قد ابتدأت نوبَة ثَانِيَة وتفقد وَقت الِابْتِدَاء فِي النّوبَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة لتعلم أمتقدم هُوَ أم مُتَأَخّر أم هُوَ بِحَال أم هُوَ يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر أم على تشبه أم على غير تشبه وَحَال النوائب وَمَا يظْهر من النضج لتعلم من ذَلِك أَي الحميين قد تنقضت وأيها لم تَنْتَهِ وَمَتى تَنْتَهِي وَمَتى تفارق الْبَتَّةَ بِمَا يظْهر لَك من عَلَامَات النضج.
البحران انطريطاوس قَالَ: رُبمَا كَانَت الصَّفْرَاء فِي هَذِه أغلب فَتكون لذَلِك أَعْرَاض الغب أقوى وَرُبمَا كَانَ البلغم أغلب فَتكون أعراضها أقوى وَرُبمَا كَانَت متساويتين وَهِي فِي الْخَالِصَة مِنْهَا وَإِذا كَانَت فِي الغب كَانَ الإقشعرار غَالِبا حَتَّى يكَاد يكون فِيهَا نافض وَتَكون النّوبَة أسخن وَأَشد تلهباً وإحراقاً وأسرع انْتِهَاء وَيظْهر فِيهَا قيء مرار وَاخْتِلَاف أَو عرق. وَإِذا كَانَت البلغمية أغلب كَانَ الإقشعرار أقل والتضاغط فِي النبض أَكثر وأطول مُدَّة والانتهاء أَبْطَأَ والعطش واللهيب أقل وَلَا يكون قيء وَلَا اخْتِلَاف مرار وَلَا رشح عرق وَإِذا كَانَت متكافيتين وَهِي الْخَالِصَة كَانَ الِابْتِدَاء بالاقشعرار لِأَن الإقشعرار ألف هـ هُوَ متوسط بَين النافض الَّذِي يكون من الغب وَبرد الْأَطْرَاف الْكَائِن من البلغمية وَيكون التزيد بِسَبَب الصَّفْرَاء من أجل أَنَّهَا تحرّك وتحث سرعَة السخونة والانتهاء وَسبب البلغم يمْتَنع ويتبين مرّة بعد مرّة كَأَن بَين)
الْأَعْرَاض مجاذبة فَفِي هَذِه المجاذبة رُبمَا بردت الْأَطْرَاف حَتَّى توهم أَنه قد حدثت نوبَة أُخْرَى وَرُبمَا يسخن الْبدن دفْعَة حَتَّى تظن أَن الْحمى قد بلغت النِّهَايَة ثمَّ لَا يلبث أَن يعود الإقشعرار وَلَا يزَال كَذَلِك إِلَى أَن تبلغ الْحمى منهاها وَيكون الْوَقْت للمنتهي أقل من البلغمية وَأَبْطَأ من الغب.
(4/514)
قَالَ: فَأَما التَّرْكِيب الَّذِي يتركب من غب لَازِمَة وبلغمية دَائِرَة فَإِنَّهُ تكون إمارات الصَّفْرَاء ظَاهِرَة فِي الْوَقْت الأطول فَأَما الْقُوَّة فعلى حسب الْخَلْط وَأما تركيب الغب الْمُفَارقَة مَعَ البلغمية الْمُفَارقَة فَإِن الْبدن ينقى مِنْهَا فِي يَوْم نوبَة الغب وتبتدئ نوبَة البلغمية بقشعريرة أَكثر لِأَنَّهَا مُفَارقَة.
لي جالينوس إِنَّمَا ذكر مَا ذكر من هَذِه التراكيب ليثبت بِهِ حجَّته على أَن أنظم اسيطاوس يَعْنِي شطر الغب هِيَ الَّتِي تكون من البلغمية اللَّازِمَة وَالْغِب الدائرة وَأَنَّهَا حمى دائمة وَأَنَّهَا لَا تَجْتَمِع الَّتِي وصف أبقراط إِلَّا بِهَذَا التَّرْكِيب أَعنِي تركيب البلغمية الدائمة مَعَ الغب الدائرة.
وَإِذا تركبت الغب الْمُفَارقَة مَعَ البلغمية الْمُفَارقَة نقي الْبدن مِنْهَا وابتدأت نوبَة النافض ونوبة بقشعريرة وَكَانَ الْأَمر فِيهَا وَاضحا وَإِذا تركبت غب وبلغمية لازمتان لم يكن لَهَا اقشعرار الْبَتَّةَ لِأَن الحميات الدائمة لَا نافض مَعهَا وَلَا قشعريرة.
قَالَ: وَذكر هَذَا التَّرْكِيب بأدوار الحميات أولى وَلَا يعسر على من أَرَادَ أَن يسْتَخْرج ذَلِك من الأنطريطاوس قَالَ فِي الْجَوَامِع الْغَيْر المفصلة: إِن هَذِه تكون إِذا تركبت البلغمية اللَّازِمَة بالغب الدائرة تركيباً على المخالطة لَا على الْمُجَاوزَة بِأَن يخالط المرار البلغم وَلذَلِك يكون فِي ابْتِدَاء هَذِه الْحمى اضْطِرَاب شَدِيد فِي وُجُوه شَتَّى وَاخْتِلَاف فِي النبض وقشعريرة وَاخْتِلَاف فِي الْحَرَارَة حَتَّى تفارق الْأَطْرَاف الْبَتَّةَ وتكثر فِي الْبَطن والصدر وَاخْتِلَاف فِيهَا أَيْضا فِي الْوَقْت حَتَّى إِنَّهَا رُبمَا ظننا أَنَّهَا قد انْتَهَت ثمَّ إِن القشعريرة وَصغر النبض ألف هـ وإبطاؤه وتفاوته وَضَعفه يعود.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: ابْتِدَاء النّوبَة فِي هَذِه الحميات يكون كثيرا مَعَ قشعريرة وَتظهر فِيهِ جَمِيع الدَّلَائِل الَّتِي تخص ابْتِدَاء الحميات.
لي حَرَكَة النبض إِلَى دَاخل أَي سرعَة الانقباض وميلان الدَّم إِلَى بَاطِن الْبَطن.
قَالَ: خلا النافض فَقَط وَرُبمَا توهمنا أَن فِيهَا نافضاً وَذَلِكَ أَن الإقشعرار الشَّديد يُمكن أَن يتَوَهَّم أَنه نافض يسير. فَأَما أَن يكنْ فِيهَا نافض خَالص كالحادث فِي الغب وَالرّبع فَلَيْسَ تَجدهُ يحدث فِي هَذِه الْحمى وَلذَلِك سمينا مَا يحدث مِنْهُ فِي هَذِه قشعريرة. وَإِذا سكن الإقشعرار)
وَبَان الِاضْطِرَاب أَعنِي اخْتِلَاط الْحَرَارَة بالبرودة وسخونة الْبدن رجعت من الرَّأْس القشعريرة. وَرُبمَا كَانَ ذَلِك مرَّتَيْنِ وَفِي بعض النَّاس ثَلَاث مَرَّات. ثمَّ انبساط الْحَرَارَة مِنْهَا فِي جملَة الْبدن يعسر وَيطول وَقتهَا وَلَا ينقي الْبدن مِنْهَا عِنْد الانحطاط وَلَا يكون انحطاطها مَعَ عرق محسوس وَتركهَا مَعَ عرق بعيد جدا وانحطاطها طَوِيل مثل صعودها فَإِنَّهُ يكون قَلِيلا قَلِيلا. وَرُبمَا وقفت فِي الانحطاط وقتا بعد وَقت فَتثبت بِحَالِهَا سَاعَة ثمَّ أَقبلت تنحط كالحال عِنْد الصعُود. وَذَلِكَ أَن صعودها أَيْضا بِهَذَا النَّوْع يكون أَعنِي أَنَّهَا رُبمَا بقيت فِي الْوَقْت بعد الْوَقْت بِحَالِهَا لَا تزيد سَاعَة ثمَّ تَأْخُذ أَيْضا تتزيد وَلَيْسَت أَنَّهَا
(4/515)
تبقى بِحَالِهَا لَا تتزيد لَكِن تحدث فِيهَا أَحْوَال الِابْتِدَاء مثل عود الإقشعرار وَالِاضْطِرَاب.
قَالَ: فَهَذِهِ حَالهَا فِي الْيَوْم الأول. فَأَما فِي الْيَوْم الثَّانِي فَإِنَّهُ تكون نوبَة مَعَ قشعريرة بِمَنْزِلَة الأول إِلَّا أَنَّهَا لَا تعود عودات بِمَنْزِلَة مَا فعلت فِي الْيَوْم الأول. فَإِن عرض ذَلِك وَكَانَ بِالْقربِ من هَذَا الْيَوْم فَكَانَ مرّة وَاحِدَة فَقَط لَا مَرَّات وَكَانَ مَعَ ذَلِك يَسِيرا قصير الْمدَّة وَتَكون مُدَّة الصعُود أيسر وأقصر من الْيَوْم الأول ثمَّ يكون فِي الْيَوْم الثَّالِث حَالهَا شَبيهَة بِحَال الْيَوْم الأول وَفِي الْيَوْم الرَّابِع كالثاني وعَلى هَذَا يكون فِي جَمِيع أَيَّامهَا الْأُخَر.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة من أبيذيميا قَالَ: شطر الغب من الحميات اللَّازِمَة بِكَلَام أَكثر مِمَّا تقدم فِي ذَلِك مِنْهَا.
أهرن قَالَ: وَقد تتركب الحميات الَّتِي من الصَّفْرَاء دَاخل الْعُرُوق بالحميات الَّتِي من العفن خَارج ألف هـ الْعُرُوق فَيَجِيء مِنْهَا ضروب مُخْتَلفَة يعسر تعرفها وَيحْتَاج أَن يسْتَدلّ عَلَيْهَا بِحسن الْمعرفَة بالمفردة.
قَالَ: وَأكْثر مَا يعرض من المركبات شطر الغب.
قَالَ: وَإِذا كَانَت البلغمية فِي هَذِه أغلب طَالَتْ مُدَّة النافض وَظَهَرت أَعْلَام البلغمية أَكثر فَكَانَ تَركهَا وصعودها أَبْطَأَ وَإِذا غلبت الْمرة كَانَ نافضها أقل مِنْهُ فِي هَذِه بردا وَأكْثر مُدَّة وَأَشد والعرق فِيهَا أَكثر وَكَذَلِكَ الْعَطش وأعراض الغب.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: عجبا لِجَالِينُوسَ كَيفَ سقى مَاء الشّعير وفلفلاً فِي هَذِه الْحمى لِأَن هَذَا خطأ بَين لِأَن الفلفل يلهب الْحمى وَمَاء الشّعير يُولد البلغم أَكثر.
لي يَنْبَغِي أَن يعالج بالأشياء الملطفة غير المسخنة بعده كالكرفس والشبث وَنَحْو هَذَا.)
قَالَ شَمْعُون: الأنطريطاوس ينقع فِيهَا السّكُون والتكميد على المراق والحقن اللينة وَمَا يسهل الْبَطن إسهالاً لينًا وَمن الْأَدْوِيَة مَا يقطع وَيفتح ويدر الْبَوْل والقيء بعد الطَّعَام.
الْمقَالة الأولى من مسَائِل أبيذيميا قَالَ: الْأَعْرَاض الْخَاصَّة بانطريطاوس إِنَّهَا دائمة وتتزيد وَفِي هَذَا الْيَوْم تطول مُدَّة قشعريرة فِيهَا وتتكرر مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا وَيكون تزيدها مُخْتَلفا حَتَّى يسخن مَوَاضِع الْبدن والاقشعرار لابث فِي أَمَاكِن وَأما فِي الْيَوْم الآخر فَتكون حمى يسيرَة وَلَا يكون فِيهَا اقشعرار لَكِن لَا يكَاد يسخن وَلَا يبلغ منهاها إِلَّا بكد وَمِمَّا يَخُصهَا أَيْضا أَن نوائبها تزداد حِدة مَتى انْتَهَت إِلَى منهاها.
قَالَ: شطر الغب قتالة جدا أَكثر من سَائِر الحميات لِأَنَّهُ قد اجْتمع لَهَا أَنَّهَا حادة وَأَنَّهَا طَوِيلَة وَأَنَّهَا دائمة.
الثَّالِثَة قَالَ: شطر الغب الَّتِي البلغم غَالب عَلَيْهَا أردأ حميات شطر الغب وأقتلها وأطولها.
قَالَ: وَتعلم أَن البلغم فِي هَذِه الْحمى أغلب إِذا كَانَ شدتها تكون فِي الْأَيَّام الْأزْوَاج.
(4/516)
لي هَذَا صَحِيح لِأَنَّهُ إِذا كَانَت فِي الْأزْوَاج شدَّة والأزواج شَدِيدَة لِأَنَّهَا تقع فِي يَوْم تفارق الغب فِيهِ يدل على قُوَّة البلغمية.
الساهر قَالَ: هَذِه الْحمى تشتد يَوْمًا وتخف يَوْمًا فَعَلَيْك بالإسهال والقيء بِمَا يخرج الْمرة والبلغم وَليكن ذَلِك بِحَسب ألف هـ حَال الْحمى فِي ذَلِك فَإِذا مضى لَهَا أسبوعان فأسهل بالإهليلج وَاسْتعْمل الأقراص بعد عشْرين يَوْمًا وَاسْتعْمل الْحُبُوب إِذا مضى لَهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا.
لي هَذِه الْحُبُوب القوية الْحَرَارَة المتخذة من النانخواه والكندر والساذج والرازيانج وبزر الكرفس والفوة أَو نَحْوهَا.
ابْن ماسويه قَالَ: هَذِه من البلغمية الدائمة وَالْغِب الدائرة فَلذَلِك تشتد يَوْمًا وتجف آخر فَهَذِهِ الْخَالِصَة وَغير الْخَالِصَة مِنْهَا كل مَا يُمكن أَن يكون تركيب الغب والبلغم اللَّازِم فِي الدائرة. وعلاجها بِقدر غَلبه الْخَلْط وَفِي آخر الْأَمر يحْتَاج فِي قلعه إِلَى المدرة للبول وَيكون أَيْضا بِحَسب الْخَلْط الْغَالِب.
لي على مَا فِي كتاب الحميات: أَجود طَرِيق تعرف بِهِ الدق المركبة مَعَ حمى أُخْرَى أَن تَجِد العليل قد لَزِمته حرارة شَدِيدَة وَلَا تنحط وتجد فِي بعض الْأَحَايِين يلْزمه التضاغط الْخَاص بابتداء النوائب وَإِن لم يكن هَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ يكون أبدا تجيئه حرارة أَزِيد من مِقْدَار تِلْكَ اللَّازِمَة بِمِقْدَار)
بَين من غير أَن يكون بعقب غذَاء ثمَّ تَنْقَضِي هَذِه الْحَرَارَة الثَّانِيَة بعرق أَو بِغَيْر عرق فَتبقى تِلْكَ الأولى بِحَالِهَا. وَإِن أردْت أَن تستظهر أَيْضا فِي ذَلِك تفقدته فِي وَقت انصراف تِلْكَ الْحَرَارَة فَإِن سخن فالحمى دق. ونبضها أَيْضا يبرد وَلَا ينحط فَإِن كَانَ الْعرق نَفسه أسخن من سَائِر جسده فالحمى دق لَا محَالة وَمَعَهَا حمى تنوب. وَيَنْبَغِي أَن تنظر هَل يتركب الدق مَعَ الحميات المركبة فَإِن الْأَمر فِي تعرفها حِينَئِذٍ أعْسر. وَلم يذكر جالينوس ذَلِك فَيَنْبَغِي أَن تبحث عَنهُ وتحرره وتكتبه فِي الْجَامِع مَعَ البلغمية الدائرة.
الثَّانِيَة من الأولى من أبيذيميا قَالَ: شَرّ الحميات الأنطريطاوس وأجلبها للأمراض الطَّوِيلَة والسل وَنَحْوهَا من الْأَمْرَاض المزمنة.
الثَّالِثَة من الأولى: الْحمى الَّتِي تَأْخُذ فِي النَّهَار زَائِدا وتفتر بِاللَّيْلِ تسمى نهارية وَالَّتِي بالضد تسمى ليلية.
قَالَ ج: إِنَّهَا لَيست قتالة جدا لَكِنَّهَا لَيست بهَا مُؤنَة خطيرة. والنهارية أطول من الليلية وَرُبمَا مَالَتْ إِلَى السل وَهِي شَرّ من الليلية لِأَنَّهُ يضْطَر أَن يَجْعَل تَدْبِير العليل فِي غذائه وَغير ذَلِك بِاللَّيْلِ وَلِأَنَّهُ بِالنَّهَارِ الَّذِي هُوَ ضِدّه يتَحَلَّل الْبدن بانبساطه وَيكون بدنه من أجل النّوبَة منقبضاً متكافئاً وعيشه نكراً ردياً.
من فُصُول أبيذيميا عمل حنين: شطر الغب أما فِي يَوْم استصعابها فَلَا يزَال مَعهَا اقشعرار مُدَّة طَوِيلَة من وَقت ألف هـ ابتدائها وَرُبمَا
(4/517)
كَانَ الإقشعرار فِيهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا وَرُبمَا كَانَ الإقشعرار فِيهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا وَرُبمَا كَانَ الْبدن مُخْتَلفا بنافض يعرض فِيهِ بَين مدد قصار كَثِيرَة وَأما فِي يَوْم هدوءها فَتكون الْحمى فِيهَا أنقص وَلَا يكون فِيهَا نافض وَلَا تكسر إِلَّا أَن الْحمى لَا تكَاد تصير إِلَى حد الصالب وَلَا يَنْتَهِي منهاها إِلَّا بعد كد وَكلما تمادت توائبها تزيدت حدتها إِلَى بُلُوغ الْمَرَض منتهاه.
مَجْهُول: صَاحب شطر الغب يقيء بعد الطَّعَام فِي يَوْم لَا يحم أَو بعد الْحمى ويسقى مَاء الشّعير إِن كَانَت حِدة فِي غير يَوْم حماه مَعَ سكنجبين عَسَلِي فَإِن احْتمل فطبيخ الفوذنج مَعَ السكنجبين والأفستين ويسقى بعد أسبوعين مَاء الْأُصُول مَعَ جلنجبين عَسَلِي وَإِن كَانَت حِدة فماء الرازيانج والهندباء مَعَ جلنجبين سكري وأقراص الْورْد.
جَوَامِع أغلوقن قَالَ: الأفسنتين جيد لهَؤُلَاء لِأَنَّهُ يدر الْبَوْل وَيُقَوِّي الْمعدة وَلَا يسقوه قبل السَّابِع)
وَبِالْجُمْلَةِ قبل النضج لِأَنَّهُ يخوف أَلا يسهل بل يبلد الأخلاط بِقَبْضِهِ ويجففها بمرارته لَكِن أسهلهم باللبلاب والبسبايج وَشَيْء من سقمونيا وقيئهم بعد الْأكل لِأَنَّهُ أصلح لَهُم وأسهل. وَإِن كَانَ الدَّم أغلب فاقصد وَإِن غلب البلغم فَأَقل الْغذَاء وأكب على الْقَيْء وإدرار الْبَوْل والإسهال وَإِن كَانَت الصَّفْرَاء أغلب فمل إِلَى التطفئة وَلَا تدخل الْحمام قبل النضج وَإِن كَانَت قَوِيَّة فاغذه يَوْمًا وَيَوْما لَا وكمد مراقه بِمَا ينضج ويرخي وفم معدته بِمَا يقوى والغذاء نظيف مقطع وَاعْتمد على مَا يدر الْبَوْل وَلَا يسخن.
(4/518)
(أَمْثِلَة من قصَص المرضى وحكايات لنا نَوَادِر) يرد إِلَى هَهُنَا مَا فِي مسَائِل أبيذيميا وَمَا فِي أبيذيميا وَإِيَّاك والتواني فِي ذَلِك فَإِن فِيهَا نفعا عَظِيما جدا وخاصة من الْمسَائِل فَإنَّا قد جَمعنَا هَذِه الْأَمْثِلَة هَهُنَا وأردنا أَن نجمع مسَائِل أبيذيميا إِلَيْهَا ثمَّ نقيس عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله عز وَجل.
كَانَ بِأبي عبد الله بن سوَادَة حميات مختلطة تنوب مرّة فِي سِتَّة أَيَّام وَمرَّة غبا وَمرَّة ربعا وَمرَّة كل يَوْم ويتقدمها ألف هـ نافض يسير وَكَانَ يَبُول مَرَّات كَثِيرَة فحكمت أَنه لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون هَذِه الحميات تُرِيدُ أَن تنْقَلب ربعا وَإِمَّا أَن يكون بِهِ خراج فِي كلاه فَلم يلبث إِلَّا مديدة حَتَّى بَال مُدَّة فأعلته أَنه لَا تعاوده هَذِه الحميات وَكَانَ كَذَلِك وَإِنَّمَا أضلني فِي أول الْأَمر غَرِيب القَوْل بِأَن بِهِ خراجاً فِي كلاه أَنه كَانَ يحم قبل ذَلِك حمى غب وحميات أخر فَكَانَ الظَّن بِأَن تِلْكَ الْحمى الْمُحْتَرِقَة من احتراقات تُرِيدُ أَن تصير ربعا مَوضِع قوي وَلم يشك أَن فِي قطنه الْبَتَّةَ ثقلاً يقلق مِنْهُ إِذا نَام وأغفلت أَيْضا أَن أسأله عَن ذَلِك وَقد كَانَ كَثْرَة الْبَوْل يُقَوي ظَنِّي بالخراج فِي الكلى إِلَّا أَنِّي كنت لَا أحكم أَن أَبَاهُ كَانَ ضَعِيف المثانة يَعْتَرِيه هَذَا الدَّاء وَهُوَ أَيْضا قد كَانَ يَعْتَرِيه هَذَا الدَّاء فِي صِحَّته فَيَنْبَغِي لنا أَن لَا نغفل بعد ذَلِك بغاية التَّقَصِّي وَلما بَال الْمدَّة أكببت عَلَيْهِ بِمَا يدر الْبَوْل حَتَّى صفا الْبَوْل من الْمدَّة ثمَّ سقيته بعد ذَلِك الطين الْمَخْتُوم والكندر وَدم الْأَخَوَيْنِ فتخلص من علته وبرأ برءاً تَاما سَرِيعا فِي نَحْو شَهْرَيْن وَكَانَ الْخراج صَغِيرا ودلني على ذَلِك أَنه لم يشك إليَّ فِي الِابْتِدَاء بثقلفي قطنه لَكِن بعد أَن بَال مُدَّة فَقلت لَهُ: هَل كنت تَجِد ذَلِك قَالَ: نعم فَلَو كَانَ كثيرا لقد كَانَ يشكو ذَلِك وَأَن الْمدَّة فنيت سَرِيعا فَدلَّ ذَلِك على صغر الْخراج فَأَما غَيْرِي من الْأَطِبَّاء فَإِنَّهُم كَانُوا بعد أَن بَال مُدَّة أَيْضا لَا يعلمُونَ حَاله الْبَتَّةَ. 3 (قصَّة علك الحاسب) جَاءَنِي علك الحاسب فَشَكا إِلَى أَن بِهِ قولنجا وَلم يفصح الْوَصْف فأشرت عَلَيْهِ بالمري فَأَخذه فَكُن عَنهُ ثمَّ أَنه عَاد إِلَيْهِ الوجع فِي بَطْنه أَيَّامًا مَعَ احتباس الطبيعة ثمَّ أَصَابَهُ بعقبه سحج سوداوي مَاتَ مِنْهُ وَهُوَ غَائِب عني فَيَنْبَغِي أَن تعلم أَنه قد يهيج بِقوم وجع فِي بطونهم شَدِيد من مدَار رَدِيء تنصب إِلَى معاهم فَيعرض مِنْهُ مثل القولنج وَلَيْسَ بِهِ فَيُصِيبهُ بعقبه سحج شَدِيد رَدِيء وخاصة أَصْحَاب الطبائع السوداوية وَكَذَلِكَ كَانَ علك الحاسب فَهَؤُلَاءِ أسهلهم بدواء لين ثمَّ اِسْقِهِمْ واحقنهم بالمغريات إِن شَاءَ الله تَعَالَى. 3 (قصَّة ابْن عمرويه) كَانَ هَذَا رجلا مستعداً للسرسام جدا وَكَانَ قد أَصَابَهُ قبل قدومي سرسام فتخلص مِنْهُ بِأَن مَال ألف هـ الْفضل إِلَى أُذُنه فتولدت فِيهَا نواصير وَكَانَ فصد فِي ابْتِدَاء هَذِه
(4/519)
الْعلَّة فأزمنت هَذِه الْمدَّة فِي أُذُنه بِسوء علاج الْأَطِبَّاء فَلَمَّا انْعَقَدت الْمدَّة بَعْضهَا على بعض فِي سماخه حدث لذَلِك خراج فِي أصل أُذُنه كَمَا نفعله نَحن بالفصد ليخرج الْخراج فِي أصل الْأذن إِذا أزمنت قرحَة الْأذن فَخرج الْخراج فِي أصل أُذُنه وقاح فصلحت أُذُنه بعلاج فِي آخر الْأَمر ثمَّ أَنه ترك فِيهِ بقايا من الْخَلْط الرَّدِيء الَّذِي لم ينق من مَرضه الأول باستفراغ قوي لكَي يمِيل الْمَادَّة إِلَى الْأذن فَقَط فَأكل رؤوساً فأفرط وأفرط فِي التَّعَب فهاجت بِهِ حمى لَازِمَة وغثى وكرب ويبس الطبيعة فسقى الْفَوَاكِه والأشياء اللينة فتقيأها وسرت إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فَإِذا قد هاج بِهِ صداع شَدِيد وانحراف عَن الضَّوْء ودموع كَثِيرَة وَحُمرَة فِي الْعين ففصدته وَلم أخرج كثيرا من الدَّم للتوقف وَسبب الْعَامَّة وعزمت على أَن أَلين الطبيعة من غَد فخف أَكثر مَا بِهِ يَوْمه ذَلِك ولاحت أَعْرَاض سرسام وَكنت أَخَاف أَن يسرسم ثمَّ إِنِّي سقيته دَوَاء قَوِيا يسهله ليوقف أَيْضا لَا لغيره وسبقته الخيارشنبر وَنَحْوه فَلم يغنه الْبَتَّةَ. وَأمرت أَن يحقن وَأخر ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام وَلم أره فِي هَذِه الْأَيَّام فَرَجَعت وَقد غلظت علته جدا وخلط وَكَانَ المَاء أشقر وَالْوَجْه منتفخاً فَأَرَدْت أَن أفجر دَمًا من أَنفه فتوقفت أَيْضا من أجل الْعَامَّة والرعاع لِأَنَّهُ لم يكن قبلي طَبِيب يرجع إِلَيْهِ الْبَتَّةَ فَلم يكن عِنْدِي فِيهِ إِلَّا مَاء الشّعير فسقيته ذَلِك طَمَعا فِي أَن تلين الطبيعة فَلم تلن وأمرته أَن يسقى مَاء القرع ولعاب بزر قطوناً فقصر فِي ذَلِك كُله فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع من هَذَا الْيَوْم غلظ أمره وَظَهَرت العلامات الرَّديئَة وصغرت إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَكَانَ لِسَانه شَدِيد السوَاد والخشونة وَمَات يَوْمه)
ذَلِك فِي الْوَقْت الَّذِي أنذرت بِمَوْتِهِ. وَكَانَ الْجُهَّال من الْأَطِبَّاء يتوهمون أَنه حدثت بِهِ لقُوَّة من رُطُوبَة لشدَّة صغر الْعين الْيُمْنَى وتشنج هَذِه النَّاحِيَة.
جَاءَنِي رجل يشكو إِلَى خفقان فُؤَاده فَوضع يَدي على يَده الْيُسْرَى فأحسست شريانه ألف هـ الْأَعْظَم ينبض نبضاً لم أر مثله قطّ عظما وَهولا ثمَّ مد يَده الْيُسْرَى ليريني باسليقه فَإِذا شريانه ينبض فِي مأبض الْعَضُد نبضاً أعظم مَا يكون ظَاهرا للحس جدا جدا يشيل اللَّحْم حَتَّى يَعْلُو وينخفض دَائِما شيلاً قَوِيا ظَاهرا وَزعم أَنه فصد الباسليق فَلم ينْتَفع وَأَنه إِذا أكل أَشْيَاء حارة نفعته فتحيرت فِي أمره مُدَّة ثمَّ أَشرت عَلَيْهِ بعد أَن بَان لي بدواء الْمسك وقدرت فِي هَذَا الرجل أَن حَاله فِي النبض حَال أَصْحَاب الربو فِي النَّفس فَإِن هَؤُلَاءِ على عظم انبساط صُدُورهمْ مَا يدخلهَا من الْهَوَاء إِلَّا قَلِيل.
حدث لمُحَمد بن الْحسن حكة وبثور ثمَّ خرجت بثور فِي أحليله خَارِجا عَن الكمرة فَخفت أَن يحدث ذَلِك بِهِ دَاخِلا فَكَانَ على مَا ظَنَنْت حدث بِهِ ذَلِك وَخرجت قبل بَوْله مُدَّة.
قَالَ: كَانَ بالقطان الطَّوِيل الْعَظِيم اللِّحْيَة وجع فِي معدته مزمن فأشرت عَلَيْهِ بشراب قوي صرف فَلَمَّا شربه انحط ذَلِك الوجع إِلَى سرته وَاحْتبسَ بَوْله ومثانته مَمْلُوءَة فبوله بعض المبولين وَأَنا لَا أعلم فأسرف فِي ذَلِك مرّة بعد مرّة أَعنِي إِدْخَال المبولة فَجعلت مثانته بِحَالَة حَتَّى كَانَ بَوْله يخرج بِلَا إِرَادَة وَكَانَ فِيمَا يخرج خلط أَبيض خام فقدرت أَنه ذَلِك الَّذِي نزل وَكَانَ سَببا لحقن الْبَوْل ثمَّ أَصَابَهُ استرخاء فِي رجلَيْهِ جَمِيعًا فَلَمَّا بعث إليَّ جِئْته والأطباء يدهنون رجلَيْهِ جَمِيعًا
(4/520)
بالأدهان الحارة فحدست أَن مثانته ألمت وألم باشتراكها الأعصاب الجائية إِلَى الرجلَيْن لِأَن أعصابها قريبَة بَعْضهَا من بعض وَأَن هُنَاكَ ورماً فِي منابت تِلْكَ العصب فضمدت قطنه فَلم يلبث إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى حرك رجلَيْهِ شَيْئا شَيْئا إِلَى غَايَة مَا كتبت هَذِه الْقِصَّة.
كَانَ بِأبي الْحسن الْخياط عِلّة حارة فَخرج مِنْهَا بعلاجي لَهُ ثمَّ شكا إليَّ ضعف الْمعدة فسقيته أَقْرَاص الْورْد السنبلية فَحم على الْمَكَان حمى حادة فتلافيت ذَلِك من بعد.
هاج بِرَجُل كَانَ مَعنا فِي طريقنا حِين قدمنَا وَهُوَ أَبُو دَاوُد الَّذِي كَانَ يَقُود الْحمار رمد فَلَمَّا بَدَأَ أَشرت عَلَيْهِ أَن يفصد فَلم يفعل وَاحْتَجَمَ وَأخذ دهن ورد كَانَ مَعَه فقطره فِي أُذُنه قدر أُوقِيَّة وأسرف وَأَنا أنهاه عَن ذَلِك أَشد النَّهْي حَتَّى ضجرت وَلم يقبل مني فَلَمَّا كَانَ من غَد ذَلِك الْيَوْم اشْتَدَّ الْأَمر بِهِ حَتَّى لم أر مدا أغْلظ مِنْهُ قطّ وَخفت أَن تَنْشَق طَبَقَات عَيْنَيْهِ وتسيل ألف) هـ لِأَنَّهُ لم يبْق من الْقَرنِي شَيْء إِلَّا مِقْدَار العدسة لعلو ورم الملتحم. فَلَمَّا أجهده الْأَمر فصدته وأخرجت لَهُ من الدَّم ثَلَاثَة أَرْطَال أَو أَكثر من ذَلِك فِي مرَّتَيْنِ ونقيت عينه من الرمص ودبرته بالأبيض فَنَامَ من يَوْمه وَسكن وَجَعه وبرأ من الْغَد الْبَتَّةَ حَتَّى تعجب النَّاس مِنْهُ.
كَانَ بِخَالِد الطَّبَرِيّ عِلّة حادة من تَعب أَصَابَهُ فسقيته مَاء الشّعير وَنَحْوه حَتَّى طفئت بعض الانطفاء فهاج بِهِ وجع فِي نَاحيَة الخاصرة والحالب أقلقه فَتوهم الْأَطِبَّاء أَنه قولنج وَأَرَادُوا أَن يسقوه الجوارشات الحارة لأَنهم قدرُوا أَن مَاء الشّعير أضرّ بِهِ على أَنه قد كَانَت بمعدته بَقِيَّة من الْعلَّة الحادة فجسست الْموضع فَوَجَدته حاراً صلباً ثمَّ سَأَلته هَل يحس فِيهِ بضربان فَقَالَ: شَدِيد. فحدست أَن بِهِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَة ورماً حاراً ففصدته الإبطي وأخرجت لَهُ قَرِيبا من مِائَتي دِرْهَم فِي مرّة ثمَّ سقيته مَاء عِنَب الثَّعْلَب والهندباء ولب الْخِيَار شنبر أَيَّامًا فبرأ. فحين فصدت خف مَا بِهِ بوقته ذَلِك وَكَانَ حدسي أَن مَادَّة الْعلَّة طفئ بَعْضهَا وانتقل بَعْضهَا إِلَى ذَلِك الْموضع لِأَنَّهُ لم يكن فِيهَا استفراغ ظَاهر.
كَانَ بالعبادي جارنا على حارة ثمَّ ثقلت ودام المَاء على ضبعه أَيَّامًا كَثِيرَة وَكَانَ يخف حينا ويثقل حينا وَالْمَاء لَا يُفَارق ضبعه والحمى تقلع وتعاود ففصدته بعد مُدَّة وفجر الباسليق وأسرف الفاصد فِي إِخْرَاج الدَّم فأبيض بَوْله يَوْمه ذَلِك وبرأ برءاً تَاما.
ابْنة أبي الْحسن بن عبدويه شربت لبن اللقَاح على الْعَادة بِلَا مشورتي وَكَانَت إِذا انفخها اللَّبن أخذت دَوَاء الْمسك وَلم يتَقَدَّم لَهَا لَا فصد وَلَا مسهل فحمت حمى مطبقة وَظهر بهَا إمارات الجدوى فَحدث جدري على جدري أَربع مَرَّات وَحين بدا الجدري وفوضت إِلَى تدبيرها بادرت إِلَى الْعين فقويتها بالكحل الْمَعْمُول بِمَاء الْورْد فَلم يخرج فِي عينيها شَيْء الْبَتَّةَ على أَنه قد كَانَ حولهما أَمر عَظِيم جدا فَعجب لذَلِك الْعَجَائِز اللواتي كن حولهَا من سَلامَة عينيها وألزمتها مَاء الشّعير وَنَحْوه مُدَّة وَلم تَنْطَلِق طبيعتها كَمَا تكون بعقب هَذِه الْعلَّة وَبَقِي بهَا بقايا حمى حارة فحدست أَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ لِأَن ألف هـ الْخَلْط الْبَاقِي لم يخرج بالإسهال على الْعَادة فَلم يُمكن أَن أستفرغها ضَرْبَة لضعف الْقُوَّة فألزمتها النقوع سحرًا
(4/521)
وَمَاء الشّعير ضحوة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَكَانَ يقيمها مجلسين كل يَوْم فنقيت التقاء التَّام وَظهر النضج التَّام فِي المَاء بعد الْأَرْبَعين وَصَحَّ الْبُرْء بعد الْخمسين.
ابْن عبد ربه كَانَ الْأَطِبَّاء يتوهمون لغلظ بدنه أَنه مرطوب جهلا مِنْهُم بِالْفرقِ بَين الْبدن اللحيم)
وَالْبدن الشحيم وَكَانَ بهيج بِهِ شَيْء من وجع المفاصل ثمَّ سقط فقصدته مَرَّات وألزمته المسهلة كل أُسْبُوع مرّة بِمَا يخرج الصَّفْرَاء لِأَن ذَلِك الْخَلْط إِنَّمَا كَانَ صديداً حاراً وَجعلت أغذيته الحامض والتفه والقابض ومنعته الحلو والحريف وَالدَّسم فجف مَا بِهِ وَلم يعرض لَهُ إِلَّا مَا لَا بَال كَانَ بِابْن إِدْرِيس الْأَعْوَر حمى شطر الْعِنَب الحدة فِيهَا كَثِيرَة وَقد أزمنت وَالطّيب يسْقِيه أَقْرَاص الطباشير فأشرت عَلَيْهِ أَن يشرب مَاء الشّعير بعد السكنجبين وَأَن يُؤَخر الْغذَاء فِي كل يَوْم إِلَى وَقت الْخُف من الْحمى وَأَن يتقيأ فِي وَقتهَا إِن أمكن وحددت لَهُ هَذَا من التَّدْبِير فاستصعب ذَلِك فَقلت لَهُ: لَيْسَ لَك تَدْبِير هَذَا فدبر بِهِ أَيَّامًا وَأَنا غَائِب عَنهُ فلقيني بعد عشرَة أَيَّام وَقد كمل خُرُوجه عَنْهَا الْبَتَّةَ.
كَانَ بِابْن عبد الْمُؤمن الصَّائِغ غرب فأشرت عَلَيْهِ أَن يحك الشياف الَّتِي ألفتها ويقطرها فِي المأق فَفعل ذَلِك فبرأ بِهِ وَأَنا أعلم أَن ذَلِك برأَ لَكِن لم يبرأ صَحِيحا بل ضم الناصور ويبّسه فَأَما التحام فَلَا لِأَنِّي قد جربت ذَلِك مرَارًا. 3 (كَلَام فِي النَّوَادِر) وَهُوَ الَّذِي بَعَثَنِي على تأليف هَذَا الشياف.
كَانَ بِامْرَأَة جعدوية أَعنِي حيدرة عِلّة حادة وَكنت أُشير عَلَيْهَا إِذا جَاءَنِي مَاؤُهَا بِمَا يُوَافِقهَا فَجَاءَنِي رسولها يَوْمًا فَقَالَ: قد ظهر بهَا وجع وورم فِي ثديها فأشرت عَلَيْهِ أَلا يبرده الْبَتَّةَ وَأَن يدلكه. وأعلمته أَن ذَلِك انْتِقَال باحوري وَخفت الْعلَّة لذَلِك وأعلمته أَنه إِن سكن هَذَا الوجع بَغْتَة من غير استفراغ عَادَتْ الْعلَّة. فمالت ألف هـ الْمَرْأَة فِيمَا احسب إِلَى الرَّاحَة فبردت أطرافها فسكن ذَلِك الوجع والورم وعادت الْعلَّة والاختلاط بِأحد مَا كَانَ وأشره ثمَّ أَشرت عَلَيْهِ بِأَن تكب على التطفئة والتبريد واستفرغتها فبرأت.
كَانَ الْحسن البواب قد حدث عَلَيْهِ نوبَة عِلّة حارة جدا وَقد كَانَ حَار الكبد فَانْدفع إِلَى يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ الْفضل حَتَّى عفتنا وسكنت الْحمى على تِلْكَ الْحَالة فقصده بعض الْأَطِبَّاء فَعَادَت عَلَيْهِ علته بِشَيْء من الحدة والحرارة فانحلت قوته وَمَات بعد ثَلَاثَة أَيَّام.
الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَ بهَا إِلَيْنَا أَبُو عِيسَى الْهَاشِمِي النّحاس كَانَت شحيمة رطبَة جدا. حدث بهَا فِي الْولادَة فالج ثمَّ صرع وَلم يُمكن من أمرهَا ليبين بل كَانَت دَلَائِل صَحِيحَة ساذجة بَعْضهَا شربات قَوِيَّة أخرجت البلغم وأمرتها بعد ذَلِك أَن تلْزم ترياق الْأَرْبَعَة وَأَعْطَاهَا الصيدلاني بدل)
ذَلِك انقرديا فبرأت برءاً تَاما عجيباً مِنْهُ وَسَائِر الْأَطِبَّاء.
جارنا الْبَزَّاز فِي درب الثّقل كَانَ بِعْ صرع مُنْذُ صباه وَكَانَ نحيفاً فحدست أَن علته
(4/522)
لَيست من كَثْرَة بلغم فقيأته مَرَّات ثمَّ سقيته شربة تخرج السَّوْدَاء بِقُوَّة فَلم يصرع ثَلَاثَة أشهر وجاءنا جيران الدَّرْب يشكروننا ثمَّ إِنَّه أكل سمكًا وَشرب شرابًا كثيرا فصرع تِلْكَ اللَّيْلَة فَأَعَادَ الشربة بعد الْقَيْء على مَا كَانَ فعل. فصلحت أَيْضا حَاله وَبَقِي يتَعَاهَد الْقَيْء وَتلك الشربة لَا يُنكر من نَفسه شَيْئا إِلَى أَن خرجنَا من بَغْدَاد. وَكَانَ ق أسهل فِي المارستان بشربات فَلم يَنْفَعهُ ذَلِك شَيْئا.
وراق نظيف المصروع تفرست فِيهِ فَرَأَيْت ودجيه ممتلئين وَوَجهه شَدِيد الْحمرَة والانتفاخ وَكَانَ عبلاً أَحْمَر الْعين ممتلئ الْبدن. أمرت الطَّبِيب المقرى بفصده الصَّافِن فقصده الباسليق وأسرف عَلَيْهِ فَلم يصرع سنة.
جَاءَنِي رجل قد تقيأ بعقب سكر مفرط قدر رطلين من الدَّم فَوجدت عَيْنَيْهِ محمرتين وبدنه ممتلئاً فقصدته وأمرته بِلُزُوم القوابض فصح.
كَانَ رجل ينفث بالسعال دَمًا ألف هـ مُنْذُ سنتَيْن كَثِيرَة فَأكل يَوْمًا عصافير مقلوة بِزَيْت فنفث بعْدهَا بِيَوْم ثَلَاثَة أَرْطَال دم كَدم المحاجم عجراً كبارًا وخفيف عَلَيْهِ ورأيته بعد ذَلِك سالما إِلَّا من السعال الرَّقِيق الَّذِي لم يزل بِهِ وأشرت عَلَيْهِ أَن يَجْعَل غذاءه سمكًا طرياً فاحتبس مِنْهُ بَغْتَة مَا كَانَ ينفث.
جَاءَنِي رجل من أهل دَار الْأَمْوَال وَقد بدا بِهِ دَار الثَّعْلَب فِي رَأسه قدر إِصْبَعَيْنِ فأشرت عَلَيْهِ أَن يدلكه بِخرقَة حَتَّى يكَاد يدمي ثمَّ يدلكه ببصل فَفعل وأسرف فِي ذَلِك مَرَّات كَثِيرَة حَنى تنفط. فَأَمَرته أَن يطلي عَلَيْهِ شَحم الدَّجَاج فسكن اللذع ثمَّ تجَاوز. فنبت شعره فِي نَحْو امْرَأَة الْقصار وَكيل ولد سعيد بن عبد الرَّحْمَن كَانَت إماراتها إمارات مستسقية وَلم يُمكن أَن يثبت فِي النّظر إِلَيْهَا فسقيتها مَاء الفلافل حينا ودواء الكركم حينا فَبَيْنَمَا هِيَ تَغْتَسِل يَوْمًا ارتكنت على إجانة فَسَالَ من قبلهَا قدر عشْرين رطلا مَاء أصفر وَخفت واستراحت مُدَّة ثمَّ بعد ذَلِك استقصيت خَبَرهَا وَصحت علتها وَكَانَت بهَا عِلّة فِي الرَّحِم عالجتها بعد وَكَانَت تتوهم أَن بهَا حبلاً وَلم يكن ذَلِك. فَيَنْبَغِي أَن تعلم وتتفقد فَإِن من علل الرَّحِم عِلّة تشبه الاسْتِسْقَاء.) 3 (رجل من بني سوَادَة) حم مَعَ خلفة صفراوية فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِع مَعَ الصُّبْح بَال دَمًا وَاخْتلف مرّة أَخْضَر مَعَ دموية تشبه غسالة اللَّحْم الطري وَسَقَطت قوته وأنكرنا ذَلِك لِأَن علته كَانَت سَاكِنة هادئة ثمَّ انْتَقَلت فِي لَيْلَة وَاحِدَة إِلَى مثل هَذِه الحدة والشدة وتوهمنا أَنه سقِِي شَيْئا فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْعَصْر بَال بولاً أسود وَاخْتلف أَيْضا مرَارًا أسود وَمَات صَبِيحَة الْيَوْم السَّادِس وَكَانَت بِهِ حصبة رَدِيئَة مائلة إِلَى دَاخل.
جَاءَتْنِي امْرَأَة تبول بولاً أسود كالمري وَزَعَمت أَنه كَانَ لَهَا وجع فِي صلبها وَأَن ذَلِك
(4/523)
الوجع قد سكن مُنْذُ أَقبلت تبول هَذَا الْبَوْل وَكَانَت قد نالته عشرَة أَيَّام حِين جَاءَتْنِي وَكَانَت بهَا حمى ليلية كل لَيْلَة بنافض وَالْمَرْأَة سوداوية فأشرت عَلَيْهَا بِمَا يدر الْبَوْل.
امْرَأَة أُخْرَى أَصَابَهَا قولنج يسير فسقيت شهرياران وسقيت بعده دَوَاء فِيهِ حرارة كَثِيرَة وَكَانَ الوجع فِي الرَّحِم وَإِنَّمَا احْتبست الطبيعة مَعَه لوجع ورم فِي الرَّحِم يضيق على الْأَعْوَر ويشتد مِنْهُ الوجع إِذا نزل الثفل وامتنعت الطبيعة من إبراز الثفل لذَلِك فَلَمَّا سقيتها ألف هـ هَذِه الْأَدْوِيَة جرى من قبلهَا شَيْء يشبه المشيمة فَأمرت الْقَابِلَة أَن تتفقد صلابته وتجسه فَكَانَ رخواً عديم الْحس فَأمرت أَن يشد بالفخذين بعد يَوْمَيْنِ فَأمرت أَن يقطع مَا لم يحس مِنْهُ وَنَشَأ شَيْء آخر فَقطع ثَلَاث مَرَّات ثمَّ بَرِئت.
جَاءَنَا الشَّيْخ المسلول مَا زَالَ ينفث دَمًا كثيرا مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ إِن الْأَمر اشْتَدَّ بِهِ فسقى بَنَادِق مَانِعَة من السعال فجف عَلَيْهِ كل مَا كَانَ بِهِ وبرأ برءاً تَاما ثمَّ مَاتَ وَلم أكن متفقداً لحاله فِي هَذِه الْأَيَّام. فَيَنْبَغِي أَن يمْتَنع عَن الْمَانِعَة للنفث إِلَّا حَيْثُ ينحدر مَا لَهُ من الرَّأْس وَيَنْبَغِي أَن يمْنَع من التضميد للبطن فِي الحصبة والجدري فَإِنَّهُ يضيق النَّفس على الْمَكَان وَيُورث إسهالاً رديئاً وبل أَلد ومثاله ابْن السوادة.
أبيذيميا الْمَرِيض الأول من الْمقَالة الأولى: هَذَا حم حمى حارة قَوِيَّة الْحَرَارَة يَوْمه كُله ثمَّ عرق فِي لَيْلَة عرقاً كثيرا فَلم تنقص عِنْد ذَلِك الْعرق وَلم يُخَفف عَنهُ شَيْئا من حماه لَكِن كَانَت لَيْلَة كلهَا وَفِي يَوْمه الثَّانِي اشْتَدَّ مَا بِهِ من هَذِه الْأَعْرَاض أَكثر ثمَّ حمل شياقه عَشِيَّة هَذَا الْيَوْم فَنزل مِنْهُ برَاز وَخفت ليلته أجمع ونهار يَوْم الثَّالِث إِلَى نصفه. فَلَمَّا كَانَ فِي آخر هَذَا الْيَوْم هَاجَتْ الْحمى مَعَ عَطش شَدِيد وجفوف الْفَم وعرق لَا تخف بِهِ الْحمى أصلا وتخبط وهذيان وبال)
فِي هَذِه اللَّيْلَة بولاً أسود. وَفِي الْيَوْم الرَّابِع اشْتَدَّ أَيْضا جَمِيع مَا كَانَ بِهِ أَكثر وبال بولاً أسود ثمَّ كَانَ لَيْلَة صبيحتها الْيَوْم الْخَامِس وَإِلَى انتصاف الْخَامِس أخف فَلَمَّا كَانَ بعد انتصافه قطر من مَنْخرَيْهِ قطرات دم يسير أسود وبال بولاً فِيهِ تعليقات مثل الْمَنِيّ مُخْتَلفَة الشكل مستديرة وَغير ذَلِك وَلم يكن يرسب وصعب أَيْضا كل مَا بِهِ لَيْلَة صبيحتها السَّادِس وَبَردت فِيهَا أَطْرَافه حَتَّى لم تسخن إِلَّا بكد وَقل ونومه وبال بولاً أسود. فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة السَّادِس انسكب وعرق عرقاً بَارِدًا ثمَّ اخضرت أَطْرَافه نَحْو انتصاف النَّهَار وَمَات. وَكَانَ عرقه فِي مَرضه كُله بَارِدًا وَنَفسه عَظِيما متفاوتاً بَانَتْ دَلَائِل الرداءة فِي هَذَا الْمَرِيض فِي ليلته الأولى وَذَلِكَ أَنه كَانَ يعرق فِيهَا أجمع فَلَا تخف حماه بذلك.
وَقد قَالَ بقراط: إِن الْأَشْيَاء الَّتِي تكون بهَا البحران إِذا كَانَت ثمَّ لم يكن لَهَا بحران فإمَّا أَن تدل على الْمَوْت وَذَلِكَ إِذا كَانَت مَعَ دَلَائِل مهلكة أَو على طول الْمَرَض ألف هـ وَذَلِكَ إِذا كَانَت مَعَ دَلَائِل السَّلامَة. وكما أَن حمى هَذِه إِنَّمَا لم تخف بالعرق لَكِنَّهَا كَانَت فِي الثَّانِي أقوى وَأَشد فَلَمَّا بَال فِي الْيَوْم الثَّالِث بولاً أسود حقق دَلِيل الرداءة. وَذَلِكَ أَنه ظهر بعد الشَّيْء الَّذِي بِهِ يكون البحران عَلامَة أُخْرَى قاتلة أَيْضا أكدت الأولى وَشهِدت لَهَا أَعنِي
(4/524)
الأولى أَنَّهَا لم تخف بالعرق وَتبع أَيْضا الأرق والاختلاط والعطش. فَلَمَّا كَانَ الرَّابِع وَاشْتَدَّ مَا بِهِ أَكثر وبال بولاً أسود أَيْضا صَحَّ مِنْهُ شَيْئَانِ: أَحدهمَا أَن مَرضه يصعب فِي الْأزْوَاج لِأَنَّهُ كَانَ قد صَعب فِي الثَّانِي. وَالثَّانِي أَن مَوته يكون فِي الْأزْوَاج وَالرَّابِع ينذر بالسادس وَالسَّابِع إِلَّا أَنه إِذا كَانَت الحدة شَدِيدَة والدلائل مهلكة مَال إِلَى السَّادِس. فَلَمَّا كَانَ فِي السَّادِس وَجَاء بِهِ مَعَ أَعْرَاض صعبة فَمَاتَ فِيهِ وحقق أَن بحرانه مَال إِلَى السَّادِس بَال بَوْله فِي الثَّالِث وَالرَّابِع بولاً أسود فَإِن هَذَا يدل إِلَى غَايَة الْخبث والرداءة والحدة لِأَنَّهُ يدل إِذا كَانَت الصعوبة والشدة قويتين متصلتين وَالدَّلِيل على الحدة قوي. فَلَمَّا تبع ذَلِك أَن قطر من مَنْخرَيْهِ دم يصير أسود فِي الْخَامِس حقق ضعف قوته وَلَو كَانَت قوته أقوى وأعراضه الرَّديئَة أخف لقد كَانَ مَوته يتَأَخَّر فِي الثَّامِن وَنَفسه كَانَ الدَّلِيل على اخْتِلَاط الذِّهْن على مَا قيل فِي أبيذيميا وعرقه الْبَارِد فِي طول مَرضه كَانَ تنقص بِهِ قوته وَلَا ينقص مَرضه والخف الَّذِي كَانَ يجده فِي خلال ذَلِك دَلِيل على أَنه يَنْبَغِي أَن لَا تثق بالراحة الْحَادِثَة بِلَا نقص وبحران أَو بِسَبَب لَهُ كَائِن فَإِن الشدَّة تعود فِي مثلهَا سَرِيعا.
قد ذكر علل مَا فِي هَذِه الْقِصَّة غير الْبَوْل الَّذِي فِيهِ تعلق يشبه الْمَنِيّ وَكَانَ مَا فِيهِ مُوَافقا لما فِي)
كتاب تقدمة الْمعرفَة والبحران وأيامه بَقِيَّة أبيذيميا عِنْد هَذِه الغب اللَّازِمَة.
الْحسن الجهبذ كَانَت بِهِ عِلّة شكّ فِي أول أمرهَا أَنَّهَا ذَات الْجنب ثمَّ صَحَّ ذَلِك وَلم يقْصد وَكَانَ مَرضه حاداً ونفثه زبدي أَبيض ورأيته فِي الْحَادِي عشر وأطرافه مثل الثَّلج لَا تسخن بحيلة وَلم تظهر بِهِ فِي مَا قبل ذَلِك حمى فَإِن خَبره كَانَ يخْشَى مُنْذُ الْيَوْم التَّاسِع بل كَانَ بَارِد الْبدن وَكَانَت عَيناهُ جامدتين وَأَرَادَ الفصد ألف هـ فِي هَذَا الْيَوْم فَلَمَّا جسست عرقه رَأَيْته منقبضاً قحلاً فنهيته عَن ذَلِك وَكَانَ بزاقه قد تلزج وَصَارَ كَمَا فِي كتاب الْأَمْرَاض الحادة فحدست أَنه يبْقى مُدَّة يَوْم فَمَاتَ بعد سبع سَاعَات أَو ثَمَان. 3 (أَبُو الْحسن بن عبد ربه) وَكَانَ يُصِيبهُ أغْلظ مَا يكون من الزُّكَام وَأَشد مَا رَأَيْت مثله وَمَا هُوَ أقل مِنْهُ يبْقى على من يُصِيبهُ السّعر وَالْأَكْثَر وَينزل إِلَى صَدره حَتَّى بنفث بالسعال فَكَانَ يسكن عَنهُ نصف يَوْم حَتَّى لَا يجد مِنْهُ شَيْئا الْبَتَّةَ ويهيج بِهِ وجع المفاصل فَيَنْبَغِي أَن تعلم أَن الْأَمر على مَا ذكر جالينوس أَن دفع الْفضل لَيْسَ إِنَّمَا يكون من المجاري الغشائية بل باتصال الْأَعْضَاء وَإِنَّمَا كَانَ يسكن عَنهُ كَانَ بِرَجُل من الجلة بِبَغْدَاد وجع الورك سقَاهُ الطَّبِيب حب المنتن والشيطرج لبياض مَا بِهِ وَغلظ بدنه وتدبيره فازداد وَجَعه وَاشْتَدَّ مَا بِهِ حَتَّى تهَيَّأ لَهُ أَن يَسْتَوِي بحقنة فَزَاد شرا فاستغاثني فقيأته على الامتلاء مَرَّات ثمَّ بعد ذَلِك طليت وركه بالخردل حَتَّى تنفط وخف وَجَعه وَنقص حَتَّى ذهب أَكْثَره ثمَّ حقنته بحقنة مسحجة فبرأ.
(4/525)
أُخْت الْوراق كَانَ بهَا وجع الورك والنسا فوصفت لَهَا حقنه قَوِيَّة فَأَرَادَتْ شَيْئا سهلاً فأمرتها أَن تحتقن بِمَاء السّمك المالح فَفعلت وبرأت بعد أَن أسحجتها.
وَهَكَذَا كَانَ ابْن خَلِيل لم يحقن بل كَانَ قد عرج من وركه فَشرب شَحم حنظل كثيرا وبرأ.
أَبُو عمر بن وهيب أَصَابَهُ وجع فِي كبده وحم وَظهر بِهِ يرقان غليظ جدا حَتَّى كَانَ عينه قِطْعَة عصفر فِي الْيَوْم الْخَامِس وَاحْتبسَ بَوْله فِي التَّاسِع وَكَانَ لَا يَبُول إِلَّا شَيْئا يَسِيرا نزراً مِقْدَار ثَلَاث قطرات كَأَنَّهُ مَا فِي جَوف المرارة وَاخْتلف اخْتِلَاف السَّوْدَاء أسود وَكَانَ بَوْله فِي الْخَامِس أسود ثمَّ صَار أَحْمَر عَلَيْهِ زبد أصفر. فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة رَعَفَ من المنخر الْأَيْمن رعافاً صعباً ثمَّ مَاتَ فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشر وَلم يزل صَحِيح الْعقل ثَابتا وهاج بِهِ فَوَافَقَ وزكام وَكَانَ ورم كبده ظَاهرا للحس.)
أَبُو نصير كَانَ نصف بدنه حاراً بالطول وَنصف بدنه الآخر بَارِدًا كالثلج وَلَا نبض لَهُ فِي النّصْف الْبَارِد وَله نبض سريع فِي الثَّانِي وَقد تشنجت أوتار عُنُقه وماؤه أَبيض ألف هـ كَالْمَاءِ الْجَارِي وعينه الَّتِي فِي الْجَانِب الْبَارِد قد صغرت وتقلصت جدا جدا.
(4/526)
(الغشي وعلاجه) (وَمَا ينذر بِهِ وَحفظ الْقُوَّة وعلامات صِحَة الْقُوَّة وضعفها اسْتَعِنْ بِبَاب الْقلب) قَالَ ج فِي الثَّالِثَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء: فِي الغشي ضروب يكون من كَثْرَة خلط بَارِد وَمِنْه مَا يكون عَن الْمعدة وإعطاؤنا العليل فِي هَذِه الْعلَّة الطَّعَام وَالشرَاب لَيْسَ مداواة بِسَبَب الْخَلْط.
لي قد ذكر علاج هَذَا فِي بَاب الحميات الَّتِي مَعَ أَعْرَاض وَهِي الْحمى الَّتِي تبتدئ مَعَ خلط ني كثير فِي الْبدن فاقرأ ذَلِك الْبَاب فَإِن فِيهِ علاج ضَرْبَيْنِ من الغشي وَهَذِه جملَة مَا قَالَ هُنَاكَ أَعنِي فِي الثَّانِيَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء.
قَالَ: من أَصَابَهُ غشي فاسقه شرابًا سريع النّفُوذ جدا وَذَلِكَ أَنَّك إِنَّمَا تُرِيدُ أَن ينفذ ذَلِك الْغذَاء الَّذِي تغذيه مَعَه سَرِيعا فِي الْبدن وَذَلِكَ يكون فِي الشَّرَاب الْأَصْفَر الرَّقِيق الْعَتِيق الريحاني الَّذِي إِذا ذقته وجدت حرارته تنفذ فِي بدنك سَرِيعا وَلَا يَنْبَغِي أَن تبلغ إِلَى أَن يصير مرا وخاصة غم كَانَ الغشي من الصَّفْرَاء فَإِن الشَّرَاب المر لَيْسَ يُولد الدَّم الْجيد فِي الْغَايَة وَلَا هُوَ جيد الْغذَاء وَلَا يستلذ فَيضر بالمعدة ويؤذيها. فأفضل أَنْوَاع الشَّرَاب للغشي مَا كَانَ فِي الأَصْل قَابِضا وَكَانَ لم يبْق فِيهِ من الْقَبْض شَيْء يحس بِهِ لعتقه وَكَانَت الْحَرَارَة فِيهِ ظَاهِرَة بَيِّنَة غَايَة الظُّهُور فَإِن هَذَا الشَّرَاب يفعل فِي هَؤُلَاءِ جَمِيع مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه لذيذ الشَّرَاب سريع النّفُوذ. 3 (حفظ الْقُوَّة) قَالَ: يَنْبَغِي أَن تحفظ جَوْهَر الرّوح وجوهر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة مَا أمكن بحالهما الطبيعية قَالَ: فَإِن سُقُوط الْقُوَّة يحدث من تَحْلِيل جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فِي الْأَمْرَاض المزمنة وَرُبمَا عرض لَهُ الذوبان فِي الْأَمْرَاض الحادة سَرِيعا. وَأما الرّوح فَإِنَّهُ يتَغَيَّر إِمَّا لأخلاط رَدِيئَة أَو فَسَاد الْهَوَاء أَو السمُوم أَو وجع أَو عوارض النَّفس أَو لِأَن جَوْهَر الرّوح يُكَلف جدا أَو لِأَن الْأَجْسَام المحيطة فِي التنفس بِهِ تسخف أَو من قبل امْتنَاع النَّفس أَو من قبل الْغذَاء. وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تعنى بالهواء الْمُحِيط فِي كيفيته وبالغذاء إِذا أردْت أَن تحفظ الْقُوَّة ألف هـ سليمَة. واحفظ فَم الْمعدة فَإِنَّهُ يعرض من قبله الغشي.
(4/527)
3 - (الغشي) قَالَ: أَسبَاب الغشي تِسْعَة: أَحدهَا كَثْرَة الأخلاط النِّيَّة فِي الْبدن وَهَذِه تحدث الغشي لأسباب: مِنْهَا أَن الْبدن لَا يغتذى وَأَن الْحَرَارَة الغزيرة تختنق والمزاج الطبيعي يتَغَيَّر بِهَذِهِ الأخلاط لِأَن هَذِه الأخلاط النِّيَّة لَا تغذي الْبدن حَتَّى تنضج ولكثرتها لَا يُمكن أَن تنضج لِأَنَّهَا قاهرة ثَقيلَة على الْقُوَّة وَلِأَنَّهَا تسد التَّحْلِيل وتمنعه بخنق الْحَرَارَة الغريزية.
وَالثَّانِي أَن يكون من رقة الأخلاط وإفراط التَّحْلِيل من الْبدن وَهُوَ ضد هَذَا. والغشي يكون هَهُنَا من كَثْرَة مَا يتَحَلَّل من الْبدن وَقد ذكرنَا علاج هذَيْن فِي بَاب الحميات الَّتِي مَعهَا أَعْرَاض.
وَيكون الغشي من الوجع الشَّديد والأرق والاستفراغ المفرط. وَكَثِيرًا مَا يكون عِنْد اخْتِلَاط الْعقل وَمن سوء مزاج الْأَعْضَاء النفيسة وَمن سوء مزاج النفيسة يكون إِمَّا أَن يحتقن فِيهَا خلط رَدِيء وَإِمَّا سوء مزاج بِلَا مَادَّة.
قَالَ: فالغشي الْكَائِن عَن الوجع يَنْبَغِي أَن يقطع كَونه يقطع الوجع وَإِن كَانَ السَّبَب الْمسكن للوجع مِمَّا يسكنهُ بِأَن يقطع السَّبَب الْفَاعِل للوجع فافعله دَائِما وَإِن كَانَ إِنَّمَا يخدر الْحس فافعله عِنْد الضَّرُورَة.
لي الغشي يعالج فِي وَقت النّوبَة بِدَفْعِهِ لَا بقلع السَّبَب فَلذَلِك يعالج الغشي كُله بالطيب وَمَا جرى مجْرَاه وَأما فِي وَقت السّكُون فتعمد إِلَى قطع السَّبَب الْفَاعِل لَهُ.)
قَالَ ج فِي الثَّالِثَة من الأخلاط: أَن الْأَشْيَاء الَّتِي تنثر على الْبدن وتستعمل فِي الغشي الَّذِي يحدث بِسَبَب الْمعدة أَو الْقلب وَلم يذكر مَادَّة هَذِه الْأَشْيَاء وَهِي عِنْدِي القابضة الطّيبَة الرّيح وَأَن يطلى بهَا خير عِنْدِي وَيُزَاد بهَا تَقْوِيَة الْمعدة وَمنع التَّحَلُّل.
قَالَ: وعلامة حُدُوث الغشي ندى بَارِد يظْهر على الْبدن وَصغر النبض.
الغشي الْكَائِن يعقب الاستفراغ من خلط يجب أَن يستفرغ إِذا كَانَت الْقُوَّة الحيوانية مِمَّا يمسكنه الاستفراغ غير مخوف بل نَافِع مَأْمُون كالغشي الْكَائِن بعقب استفراغ الدَّم فِي الْحمى اللَّازِمَة.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: يسْتَعْمل فِي الغشي الْأَطْعِمَة ألف هـ القابضة لِأَنَّهَا تقَوِّي الْبَطن وفم الْمعدة وتشد المجاري وتمنع الاستفراغات وَجَمِيع التَّحَلُّل.
الْمقَالة الثَّالِثَة قَالَ: سُقُوط الْقُوَّة يعرض إِمَّا لترك الْغذَاء أَو للذع فِي فَم الْمعدة شَدِيد أَو تغير مزاج بَغْتَة أَو ضعف يعرض فِي إِحْدَى المبادئ. وأسرعها فِي إِسْقَاط الْقُوَّة وَالْمَوْت والهلاك ضعف قُوَّة الْقلب ثمَّ الدِّمَاغ ثمَّ الكبد. أَو ألم الْأَعْضَاء الْمُشَاركَة لهَذِهِ الْقُوَّة فَإِن فَم الْمعدة يُشْرك الْقلب بالمجاورة ويشرك الدِّمَاغ بالعصب فضرره يضر بِهَذَيْنِ وتخلخل الْبدن يسْرع حُدُوث الغشي وكثافته تبطئ بِهِ. وَيَنْبَغِي أَن يَأْخُذ الطَّبِيب نَفسه بتعرف حُدُوث الغشي وَسُقُوط الْقُوَّة قبل أَن يحدثا.
(4/528)
قَالَ: وَإِذا عرض سُقُوط الْقُوَّة والغشي بِسَبَب شدَّة الوجع وحدة الْمَرَض فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى الاستفراغ فِي الْأَكْثَر لَا إِلَى الْغذَاء وَلذَلِك كثير من هَؤُلَاءِ إِن غذوا أضرّ بهم أضراراً شَدِيدَة.
وَمن عرض لَهُ بِسَبَب الاستفراغ وخلا الْعُرُوق وَاحْتَاجَ إِلَى التغذية فَإِن دبر تدبيراً لطيفاً أضرّ ذَلِك بِهِ إِلَّا أَن هَذَا الْإِضْرَار أقل ثباتاً من الأول. وَمن الْقَبِيح أَن لَا يعلم الطَّبِيب هَل سُقُوط الْقُوَّة من أجل الخوى أَو من أجل الوجع وَذَلِكَ أَنه إِن عرض سُقُوط الْقُوَّة بِسَبَب الخوى والطبيب يمْنَع من الأغذية ثمَّ أذن لَهُ فِيهِ بعض العواد وَيقبل مِنْهُ العليل وَنَفسه انْتَعش من سَاعَته كالميت الَّذِي يحيي كَانَ ذَلِك سبة على الطَّبِيب.
لي لَيْسَ ضرب من الغشي إِلَّا وَهُوَ يحْتَاج وقته ذَلِك إِلَى التغذي وَإِن كَانَ صعباً وَإِلَى مَا ينعش مثل أراييح الطّيب والأغذية ثمَّ التغذي بِمَا ينفذ ويغذي سَرِيعا فَإِذا اندفعت النّوبَة قصد حِينَئِذٍ فِي دفع السَّبَب فَرُبمَا احْتِيجَ أَن يدْفع بالتغذية وَرُبمَا دفع بالاستفراغ فتفقد هَذِه الْحَال عِنْد سُقُوط الْقُوَّة لِئَلَّا تغذو من لَا يحْتَاج إِلَيْهِ.)
وَقد يكون غشي من فضل ينصب إِلَى الْمعدة فتفقد ذَلِك تُعْطِي عَلامَة وعلاجاً لذَلِك الْوَقْت إِن شَاءَ الله عزّ وجلّ.
الأولى من الْفُصُول: لي أرى أَن الغشي من انحلال الْقُوَّة الحيوانية يحْتَاج إِلَى مَا يغذو وَمَا ينْحل بِسُرْعَة فَلذَلِك أبلغ الْأَشْيَاء الطّيب ألف هـ وَالشرَاب وَمَاء اللَّحْم وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا شَيْء يغذو الْبدن أسْرع من الَّتِي بِالرِّيحِ ثمَّ بالأشياء المرطبة السريعة النَّفاذ فَإِن كَانَت مَعَ ذَلِك جَيِّدَة للمعدة كَمَاء اللَّحْم الَّذِي يطيب بالقرنفل والمسك وَنَحْوه كَانَ فِي الْغَايَة من تَقْوِيَة الْقُوَّة.
قَالَ أبقراط: من احْتَاجَ بدنه إِلَى تَقْوِيَة سريعة جدا فأبلغ الْأَشْيَاء لَهُ مَا يشم. وَمن احْتَاجَ إِلَى مَا يرد قوته وَاحْتمل أَن يكون الزَّمَان أطول قَلِيلا وَلم يحْتَج إِلَيْهِ على الْمَكَان لَكِن بعد سَاعَة فالخمر وَمَاء اللَّحْم. وَأَبْطَأ من هَذِه الْأَجْسَام فغذ هَذِه الأغذية الصلبة.
لي على مَا رَأَيْت فِي الْفَصْل الَّذِي فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من الْفُصُول الَّذِي يُقَال فِيهِ شرب الشَّرَاب يشفي من الْجُوع إِذا كَانَ الغشي رُبمَا عرض لاستفراغ شَدِيد والعهد بِالطَّعَامِ بعيد فإياك أَن تجترئ أَن تُعْطِي شرابًا خَالِصا فَإِنَّهُ يعرض مِنْهُ التشنج والاختلاط وَلَكِن يُجزئ أَن يحسوا أَولا حسا من مَاء اللَّحْم وخبز سميد فَإِن لم يتهيأ لسرعة الْحَاجة فَاجْعَلْ الشَّرَاب فَاجْعَلْ الشَّرَاب فِي هَذَا الحساء وَلَا تسق خَالِصا فَإِن اضطررت فامزجه واسق مِقْدَارًا قَلِيلا وَإِذا ثبتَتْ الْقُوَّة وأمهلت أدنى مهل فَعَلَيْك بالحسو إِذا رَأَيْت ذَلِك.
وَمن يصبهُ غشي شَدِيد مَرَّات كَثِيرَة بِلَا سَبَب ظَاهر مثل حمى أَو استفراغ وَنَحْوه فَإِنَّهُ يَمُوت الْخَامِسَة من الْفُصُول قَالَ: الغشي لَازم لكل استفراغ مفرط.
(4/529)
السَّادِسَة مِنْهُ: مَتى نَام العليل وعينه لَا تنطبق من غير استفراغ كثير دلّ على ضعف الْقُوَّة وَالْقُوَّة إِذا ضعفت لم تنطبق لَا الْعين وَلَا الْفَم.
وَمن كتاب الذبول: 3 (جملَة علاج الغشي) يسقى الْخمر والأغذية السريعة الهضم وَالطّيب وروايح الأغذية وتكثيف ظَاهر الْبدن بالمبردات والمطفئات.
من امتحان الطَّبِيب: قَالَ: رُبمَا حضر بعض جهال الْأَطِبَّاء مَرِيضا سَاقِط الْقُوَّة قد يكون من ضروب لَكِن أَشَارَ أَن يطعم الْمَرِيض الْبيض وَالْخبْز المنقوع فِي الشَّرَاب وَنَحْوهَا فَإِذا حضر طَبِيب عَالم منع العليل من لَك كُله وَأمره أَن يمسك ألف هـ عَن الطَّعَام الْبَتَّةَ فَإِذا فعل العليل ذَلِك تراجعت قوته فَعلم النَّاس حِينَئِذٍ أَنه لَو كَانَ أكل مَا أَمر بِهِ الْجَاهِل لَكَانَ يختنق.
قَالَ: وَحَضَرت مرضى كَثِيرَة هَذِه حَالهم فَلم أقتصر على أَن منعتهم الطَّعَام لَكِن استفرغتهم فَرَجَعت إِلَيْهِم قواهم والاستفراغ فِي هَذَا الْموضع يخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف حالات المرضى لِأَن سُقُوط الْقُوَّة لَيْسَ يعرض من سَبَب وَاحِد بِعَيْنِه لكنه يعرض كَمَا وصف أبقراط من أَسبَاب كَثِيرَة وَقد شفينا مَرَّات كَثِيرَة مِنْهُ بالإسهال وبدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وبإدرار الْعرق أَو بِالْمَنْعِ عَن الطَّعَام.
قَالَ وَإِنِّي لأعرف عدَّة من المرضى داويتهم من هَذَا الْعَارِض مُدَّة طَوِيلَة وَأعرف آخَرين كَانَ قد عرض لَهُم الغشي فضلا عَن نُقْصَان الْقُوَّة داويتهم مِنْهُ بِالْمَنْعِ من الطَّعَام الْبَتَّةَ وبدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَرُبمَا أمرت بدلك الْبدن كُله فبرؤوا بِهِ. وَقوم آخَرُونَ حَضرتهمْ وهم أصحاء كاملو الْقُوَّة قد عزموا على الاقتصاد فأعلمتهم أَنهم إِن فصدوا غشي عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ إِن شربوا دَوَاء استفرغوا بِهِ واستعملوا ضماداً محللاً.
وجالينوس يَقُول هَهُنَا أَنه يَنْبَغِي أَن تكون عَارِفًا بِالْبدنِ لِأَن من الْأَبدَان وَالْأَحْوَال حالات لَا يسْتَعْمل فِيهَا استفراغ الْبَتَّةَ فَتسقط قوتها بِهِ وأبدان إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يكون عَمَلك بِحَسب ذَلِك فسقوط الْقُوَّة هَذِه حَالَة. وَأما الغشي فَإِنَّهُ فِي وَقت النّوبَة لَا بُد من إنعاش الْقُوَّة بالطيب وَالشرَاب وتكثيف الْبدن حَتَّى إِذا ذهبت النّوبَة فَيَنْبَغِي أَن تعالج إِن كَانَ عَن امتلاء باستفراغ ذَلِك الْخَلْط لجملة الْبدن.
نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لما غشي على الْمَرْأَة الَّتِي خرج مِنْهَا فِي الْحمى رطوبات كَثِيرَة أمرت النِّسَاء اللواتي حولهَا أَلا يصحن بالطلاء لَكِن أمرتهن بذلك يَديهَا ورجليها وفم معدتها كالعادة فِي من أُغمي عَلَيْهِ وَضربت أَنا يَدي إِلَى دهن ناردين بِطيب فَجعلت أمرخ بِهِ فَم معدتها وَأمرت)
أَن تسخن يداها ورجلاها ويدنى من خياشيمها الْعطر وَلما فعلنَا ذَلِك أفاقت سَرِيعا.
من الفصد قَالَ: عَلامَة شدَّة الْقُوَّة الطبيعية خصب الْبدن وَكَثْرَة لَحْمه وَدَمه وَحسن
(4/530)
لَونه.
وعلامات ضعفها بالضد. وعلامات قُوَّة الْقُوَّة النفسانية جودة الْأَفْعَال الإرادية وخفة الحركات عَلَيْهَا واحتماله ألف هـ لَهَا. وعلامات قُوَّة الْقُوَّة الحيوانية قُوَّة النبض وتعرف ذَلِك من كتاب النبض.
من كتاب الامتلاء قَالَ: لَيْسَ كَثْرَة الدَّم تتبعه شدَّة الْقُوَّة لكنه قد يكون فِي حَال الدَّم كثيرا وَالْقُوَّة ضَعِيفَة وَالدَّم قَلِيلا وَالْقُوَّة قَوِيَّة لِأَن الْقُوَّة لَيست تزيد ضَرُورَة بِزِيَادَة الدَّم وَلَا تنقص بنقصانه.
لي الدَّم كمية أَن نقص عَنْهَا ضعفت الْقُوَّة لَا محَالة وكمية فِي حَال الِاحْتِمَال إِن كثر عَلَيْهَا ثقل على الْقُوَّة. وَالنُّقْصَان وَالزِّيَادَة على هَاتين الْحَالَتَيْنِ يتبعهَا ضعف الْقُوَّة وقوتها وَأما فِي الْأَحْوَال الْأُخْرَى فَلَا لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن تكون الْقُوَّة مثقلة بِكَثْرَة الدَّم فتقوى باستفراغه لِأَنَّهَا تخف وتنتعش وَيُمكن أَن يكون الدَّم معتدلاً بِمِقْدَار مَا هُوَ للقوة فِي النِّهَايَة من الْمُوَافقَة فَإِذا ازْدَادَ على مِثَال ذَلِك: الْأَشْيَاء المتغيرة عَن اعْتِدَال مَا كعين المَاء وَنَحْوهَا فَإِن الْحَال هُوَ فِيهَا.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة من أبيذيميا قَالَ: لَيْسَ كل عُضْو يُمكن أَن تعرف مِنْهُ حل الْقُوَّة كَالْعَيْنِ يكون بصرها حادة وأجفانها مَفْتُوحَة وبالضد وألوان الْعين وحجبها وحركتها تدلك على حَال الْقُوَّة دلَالَة صَحِيحَة فَإِن الْعين منتفخة الحجم السمينة الخصبة الْحَسَنَة اللَّوْن الصقلية اللَّوْن البراقة دَلِيل على صِحَة الْقُوَّة وَالْعين الكدرة السمجة اللَّوْن بالضد.
الطَّبَرِيّ قَالَ: الغشي الَّذِي يكون مَعَ الغثيان أقصد للغثى بالأشربة والأشياء المسكنة للعثى وَالَّذِي من كَثْرَة الْعرق رش على وَجهه مَاء بَارِدًا وانطل بدنه بِمَاء بَارِد وَمَاء الآس والتفاح والسفرجل واجعله فِي بَيت بَارِد. وَمَا كَانَ من اختناق الرَّحِم فعلاجه هُنَاكَ. وَمَا كَانَ من نزف الدَّم أَو ورم فِي الْجوف فعالج ذَلِك الورم فَأَما فِي الْوَقْت نَفسه فَيقبض الْأنف ليحتبس النَّفس سَرِيعا ويرش المَاء ويهيج العطاس وتشد الْأَطْرَاف وتدلك بالمنادل.
لي للغشي الشَّديد الْمُتَوَاتر يسْقِي الْخمر مَعَ الْمسك ويسقي أَقْرَاص الْمسك وصفتها: تُؤْخَذ قاقلة وكبابة وعود نيئ وقرنفل ورامك دِرْهَم دِرْهَم وَمن الْمسك من حَبَّة إِلَى حبتين إِلَى قِيرَاط فِي الشربة إِذا كَانَ الغشي شَدِيدا وَالْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ ويسقي مِنْهُ زنة دِرْهَم بالمطبوخ)
الريحاني.
وَقد يعرض لقوم عِنْد تَأْخِير الْغذَاء وَعند التُّخمَة ألف هـ الدخانية فِي أول نَوَائِب الحميات لذع فِي فَم الْمعدة وَيكون مِنْهُ غشي وعلاجه الْقَيْء والإسهال بالأيارج والأفسنتين أَو بالإهليلج الْأَصْفَر وَنَحْوه ممازج مَعَه.
اهرن: للغشي ينضح على الْوَجْه مَاء بَارِد أَو تطلى المفاصل بالنضوح والميسوسن: وضع عَلَيْهِ كعكاً قد أنقع فِي ميسوسن ونضوح.
(4/531)
من جَوَامِع النبض على رَأْي ج قَالَ: الْقُوَّة تزيد بالأغذية المعتدلة وَالسُّرُور.
لي الْقُوَّة تزيد بالغذاء وَالشرَاب وَالطّيب والراحة وَالسُّرُور وَقلة مَا يضجر والتنقل فِي مَا يسره.
الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف النبض قَالَ: الْأَشْيَاء الَّتِي تحلل الْقُوَّة: الصَّوْم وَالْغَم والاستفراغ المفرط والوجع وأضدادها تقوى.
قَالَ: وخاصة أوجاع الْمعدة وَمَا فِيهَا من التقلب مِمَّا يتبعهُ الغشي وَسُوء المزاج الْقوي الْحَادِث يحلل الْقُوَّة أَيْضا.
أَبُو هِلَال الْحِمصِي قَالَ: الْقُوَّة تقوى بإكثار الدَّم وَيكون ذَلِك بالأطعمة والأشربة الحميدة إِذا أَخذ مِنْهَا دون الشِّبَع لكَي تقوى ويستولي عَلَيْهَا الهضم اسْتِيلَاء شَدِيدا وَاسْتِعْمَال النّوم والراحة وَالسُّرُور وَالطّيب وَترك الْحَرَكَة الشَّدِيدَة والهم والصياح وَغير ذَلِك مِمَّا يستفرغ ويحلل بولس: الغشي الشَّديد الْمُتَوَاتر الَّذِي لَا يفتر لَا علاج لَهُ لِأَنَّهُ يكون من عَارض عرض فِي الْقلب نَفسه.
قَالَ: وَأما الَّذِي يكون لمشاركة الْقلب لعضو آخر مثل الدِّمَاغ أَو الكبد أَو فَم الْمعدة فَإِنَّهُ قد يكون مَعَ الغشي سُقُوط الْقُوَّة بَغْتَة وَصغر النَّفس والنبض وَبرد الْأَطْرَاف وعرق مُنْقَطع فِي بعض الْجَسَد فَإِذا كَانَ الغشي شَدِيدا فَلَا علاج لَهُ وَإِن كَانَ ضَعِيفا فقد ينْتَفع بالعلاج إِن كَانَت الْقُوَّة متماسكة.
قَالَ: فَإِذا حدث الغشي فَيَنْبَغِي أَن تدلك الْأَطْرَاف وتمرخ وَتجْعَل مَوضِع العليل بَارِدًا غَايَة الْبرد وتحرى أَن تمسك النَّفس وَتَذَر عَلَيْهِ كندراً وَنَحْوه من الْأَشْيَاء القابضة وتضمد الْأَطْرَاف الْبَارِدَة إِلَى مَوَاضِع الآباط والأرابي بالخردل والعاقر قرحاً والأذاراقي وتغذى بِخبْز مبلول بِالشرابِ وَالْمَاء الْمبرد بالثلج وتغذى بالطير والفراريج بَارِدَة كلهَا. وَتجْعَل على الْجَبْهَة وَالرَّأْس)
الأدهان القابضة وطبيخ الْورْد قد حل فِيهِ صمغ وتضمد مَا دون الشراسيف بالوردة ودهن الكركم والطراثيث وأطراف الْفَوَاكِه القابضة والشب.
قَالَ: وَإِذا كَانَ مَعَ الغشي حرارة والتهاب فَاسْتعْمل الْأَشْيَاء الْبَارِدَة القابضة مثل رب الحصرم لي وَرب حماض الأنرج قد ألْقى فِيهِ ورقة فَإِنَّهُ عَجِيب.
للغشي علاجان: أَحدهمَا فِي حَال النّوبَة تِلْكَ السَّاعَة. وَالْآخر فِي حَال الْغَيْبَة وغرضه قطع سَبَب الغشي. فَأَما فِي حَال النّوبَة فينفع رش المَاء منع النَّفس وَألقى ودلك الْمعدة والأطراف.
والروائح الطّيبَة الغذائية وَالْخمر وَالْمَاء وَمَاء اللَّحْم والنداء بِصَوْت عَال وصب المَاء الْبَارِد دفْعَة على جَمِيع الْبدن واطله كُله بالطيب. وَأما الَّذِي يكون فِي قطع السَّبَب فَإِنَّهُ
(4/532)
يكون من أَشْيَاء كَثِيرَة فاطلب مَا كَانَ لَهُ بَاب فِي بَابه مثل الْكَائِن عَن اختناق الْأَرْحَام والكائن عَن امتلاء والكائن عَن وجع عُضْو مَا فَإِن هَذَا الْبَاب إِنَّمَا يَخُصُّهُ علاج الغشي سَاعَة النّوبَة فَقَط وَمَا لَيْسَ لَهُ بَاب يَخُصُّهُ.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: من غشي عَلَيْهِ من اخْتِلَاف أَو استفراغ مَا فرش عَلَيْهِ مَاء بَارِدًا وادلك فَم معدته وقيّئه وَعصب يَدَيْهِ وساقيه وحلها مرَارًا كَثِيرَة وادلكها دلكا رَفِيقًا.
قَالَ: الَّذين يصيبهم الغشي من ألف هـ فضول تجْرِي إِلَى معدم فَلَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْبَيْت الَّذِي هم فِيهِ لَا آس وَلَا ورق الْكَرم وَلَا ورد فَإِنَّهُ يضرهم جدا لي ينظر فِي هَذَا.
قَالَ: من غشي عَلَيْهِ من امتلاء فلتدلك أعضاءه كلهَا واللثة ومنابتها ويدفأ ويقل الطَّعَام وَالشرَاب ويدع الْحمام وَيسْتَعْمل السكنجبين قَالَ: وَمن غشي عَلَيْهِ لضعف فَم معدته فضع عَلَيْهِ أضمدة تبرد وتقوى تتَّخذ من الصَّبْر والمصطكي والزعفران وَالْعود والسفرجل وَالشرَاب.
وَمن غشي عَلَيْهِ من أخلاط رَدِيئَة فِي الْمعدة فقيئه أَولا واستفرغه واسقه مَاء فاتراً ودهناً فَإِنَّهُ يتقيأ فأعطه أضداد تِلْكَ الأخلاط. وَمن غشي عَلَيْهِ من حرارة شَدِيدَة وَطول مكث فِي الْحمام فجرعه مَاء بَارِدًا بعد أَن يقوى وادلك الْمعدة وَبعد لَك أطْعمهُم واسقهم شرابًا وَمَاء.
قَالَ: وَأما من غشي عَلَيْهِ من سدد فِي الْأَعْضَاء الرئيسة فأعطهم السكنجبين والأغذية اللطيفة وتدلك الساقان وتعصبان وَخير من ذَلِك أَن در بَوْلهمْ ويعطوا الشَّرَاب الْأَبْيَض. وَأما من غشي عَلَيْهِ لفصد أَو خراج بط أَو اخْتِلَاف بَغْتَة فليشموا أَشْيَاء طيبَة ويرش عَلَيْهِم المَاء حَتَّى يفيقوا فَإِذا أفاقوا حسوا حساء خَفِيفا سريع الهضم.)
لي مَاء السفرجل وَالرُّمَّان وَنَحْوه لَيْسَ بجيد حَيْثُ تُرِيدُ أَن ينفذ الْغذَاء سَرِيعا لِأَنَّهُ يحبس ذَلِك. وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْقَيْء والإسهال بعد أَن يكون قد أطعمته لقماً مَعَ مَاء وشراب.
واجتنب أَن تقوى الْمعدة وفيهَا شَيْء من الأخلاط لابث. وَمن غشي عَلَيْهِ من إيلاوس فعلاجه بالتكميد ودلك الْأَطْرَاف وَكَذَلِكَ اختناق الْأَرْحَام والقولنج. وَأما من يغشي عَلَيْهِ من نهوك من طول الْمَرَض فاسترد قوته بالغذاء وَالشرَاب الطّيب.
جَوَامِع اغلوقن قَالَ: والغشي يعرض فِي الهيضة والذرب وَفِي سحج الأمعاء وزلقها والنزف من الْقبل والدبر والقيء والنفث وَفِي الرعاف وَفِي النّفاس. وَرُبمَا جلب الغشي التُّخمَة الغليظة وخاصة مَتى عرض مَعهَا إسهال مفرط وَالْعلَّة الْمُسَمَّاة بوليموس وَفِي اختناق الرَّحِم وامتلائه وأورامه وَقد يتَقَدَّم والغشي الفالج والسكتات والصرع والجمود وَالسكر والذبول. وَقد يعرض كثيرا فِي ابْتِدَاء نَوَائِب الحميات وخاصة ألف هـ مَتى كَانَ الْبدن فِي غَايَة اليبس والجفاف أَو كَانَ فِيهِ امتلاء مفرط. ويعرض أَيْضا فِي ابْتِدَاء الْحَرَكَة الخبيثة ويعرض لمن أفرط عَلَيْهِ برد الْأَطْرَاف وَفِي ابْتِدَاء النّوبَة وفيمن يعرض لَهُ ورم عَظِيم فِي كبده أَو مريه أَو معدته فَرُبمَا عرض لَهُ الغشي فِي ابْتِدَاء نَوَائِب حماه وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي الْبدن فضل من أخلاط
(4/533)
كَثِيرَة خامة وَيكثر حُدُوث الغشي فِيمَن كَانَت معدنه ضَعِيفَة أَو تصل إِلَيْهَا أخلاط لذاعة كَثِيرَة جدا. وَقد عرض الغشي أَيْضا من عوارض النَّفس وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك للمشايخ والضعفاء أَو عرق يعرقه أَو عِنْد انفجار الخراجات الْعَظِيمَة وخاصة إِن جرت الْمدَّة إِلَى معدته أَو صَدره أَو كلاه وَكَذَلِكَ إِذا أفرط المسهل والقيء وأفرط استفراغ مَا طبيعي أَو غير طبيعي. فَإِن مَاء الاسْتِسْقَاء يحدث الغشي ويعرض أَيْضا بِسَبَب وجع عَظِيم فِي قولنج وَغَيره وَمن خراجات العصب وإفراط الْبرد دفْعَة وَالْحر وانحلال الْقُوَّة.
قَالَ: فَمن أَصَابَهُ غشي من هيضة أَو ذرب وَبِالْجُمْلَةِ من شَيْء من الاستفراغ الَّذِي يكون دفْعَة فأنضج عَلَيْهِم المَاء الْبَارِد وَشد مناخرهم وادلك فَم معدهم وهيج الْقَيْء بريشة وَشد أَطْرَافهم إِذا كَانَ الاستفراغ من أَسْفَل فاليدين خَاصَّة شدهما شداً شَدِيدا وأرخ شدّ الرجلَيْن قَلِيلا وَبِالْعَكْسِ فِي الْقَيْء والرعاف وَنَحْو ذَلِك برد الْجِرَاحَات وَعَلَيْك بِالشرابِ الممزوج بِالْمَاءِ الْبَارِد فِي مداواة كل غشي من استفراغ وخاصة فِي الْكَائِن من أَشْيَاء تنصب إِلَى الْمعدة بعد أَن تتفقد أَلا يكون هُنَاكَ ورم حَار فِي الأحشاء أَو حمى محرقة لم تنضج أَو صداع شَدِيد أَو)
اخْتِلَاط وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَضرهَا الشَّرَاب. وَإِن اضطررت إِلَيْهِ لعظم الغشي فأقدم عَلَيْهِ بسقيه صرفا أَو ممزوجاً بِمَاء بَارِد على قدر الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر واختر من الْخُمُور مَتى كَانَ استفراغ الدَّم الغليظ الْأسود وَمَتى كَانَ الاستفراغ والغشي عَن الْمعدة من قيء فالأصفر والريحاني الْقوي الْحَرَارَة وَعَلَيْك إِن كَانَ استفراغ دَائِم بِمَنْع ذَلِك الاستفراغ. فَمن أَصَابَهُ الغشي لذرب الْبَطن فالحمام أوفق الْأَشْيَاء لَهُ. وَمَتى كَانَ لنزف دم فأردأ الْأَشْيَاء لَهُ. وَكَذَلِكَ من أَصَابَهُ من الْعرق فالحمام رَدِيء لَهُ جدا لِأَن هَذَا يحْتَاج إِلَى مَا يفِيض ألف هـ جلده وَلَا يسقى شرابًا الْبَتَّةَ وَلَا يُحَرك على الْقَيْء أصلا بِوَجْه من الْوُجُوه وَيجْعَل مضجعه أَن يكون لينًا ويكسب الْموضع رَوَائِح طيبَة قابضة كالورد وَالْخلاف وورق الْكَرم. فَأَما الَّذين يعرض لَهُم الغشي بِسَبَب امتلاء فَلَيْسَ يكون تَدَارُكه على هَذَا النَّحْو بل يكون بِأَن تدلك رِجْلَاهُ ويداه دلكا كثيرا جدا ويسخن ويشد وَيمْنَع الشَّرَاب وَالطَّعَام وَالْحمام ويقتصر بِهِ على مَاء الْعَسَل قد طبخ فِيهِ فوذنج وسكنجبين وَلِهَذَا علاج الغشي الَّذِي عَن الرَّحِم خلا السكنجبين واقصد فِيهِ بالشدو والدلك إِلَى الرجلَيْن خَاصَّة وَسَائِر علاج اختناق الرَّحِم.
وَأما الَّذِي بِسَبَب فَم الْمعدة فضمدها بالقصب والسراب وَسَوِيق الشّعير والمصطكي والزعفران والسنبل وَإِن كَانَ مَعَ لهيب شَدِيد فَاجْعَلْ مَعهَا الحصرم والورد وليشرب المَاء الْبَارِد وَلَا تسقه إِلَّا مَعَ لهيب شَدِيد.
وينفع من يُصِيبهُ الغشي بِسَبَب ضعف الْمعدة شدّ الْأَطْرَاف نفعا عَظِيما فَإِذا أقبل العليل بِهَذِهِ العلاجات فبادر لمن كَانَ بِهِ تلهب فِي الْمعدة إِلَى الْحمام.
(4/534)
وَمن كَانَ يجد بردا فِي معدته أعْطه الفلافل والفلفل وشراب الأفسنتين.
وَمن كَانَ يُصِيبهُ الغشي لأخلاط رَدِيئَة تلذع فَم معدته فاسقه مَاء وزيتاً وقيئه فَإِن عسر عَلَيْهِ الْقَيْء فأسخن أَولا الْمعدة ونواحيها وكفيه وقدميه فَإِن لم يقيء شَيْئا فاسقه الدّهن العذب مسخناً. فَإِن تقيأ مَعَه وَإِلَّا فَانْظُر هَل يلين بَطْنه فَإِن لم يلن فَحَمله شيافة فَإِنَّهُ يصلح حَاله بذلك فَإِذا أقبل فاسقه طبيخ الأفسنتين بِمَاء الْعَسَل واسقه بعد ذَلِك الشَّرَاب واحتل فِي تَقْوِيَة فَم معدته بالأضمدة والأغذية والأفسنتين جيد مقو وضمد بِمَ لَكِن يَنْبَغِي أَن تفعل ذَلِك بعد أَن يكون قد نقيت الْمعدة من تِلْكَ الأخلاط فَأَما مَا دَامَت فِيهَا تِلْكَ الأخلاط فَلَا ترم شَيْئا يقبض بل عَلَيْك بالتسخين فَقَط بالنطول والدهن الَّذِي قد طبخ فِيهِ أفسنتين وبسقي مَاء الفسل والزوفا)
والسكنجبين والفلفل والفلافلي والكموني وبالحمام. واقصد التلطيف والتقطيع.
وَأما الغشي الَّذِي يكون من الْبرد الشَّديد الْكَائِن من بوليموس فاحتل للتسخين بِكُل وَجه فَاسق لهَذِهِ الْعلَّة ألف هـ الشَّرَاب بِالْمَاءِ الْحَار والأغذية الحارة وأسخن أَطْرَافه بِالْمَاءِ وادلكها.
وَأما الغشي الَّذِي يكون من شدَّة الْحر فبالأشياء الَّتِي تبرد وتوقى فِي العاجل. وَفِي حَال النّوبَة انْضَحْ عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد واجعله فِي هَوَاء بَارِد وروحه وادلك فَم معدته وهوعه ثمَّ اسْقِهِ وأطعمه.
فَأَما مَا يعرض من سَبَب ورم عَظِيم فِي الأحشاء أَو بِسَبَب برد غَالب يعرض فِي ابْتِدَاء النوائب فقوه بدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ دلكا شَدِيدا وسخنها وشدها وَتقدم إِلَيْهِ فِي الْيَقَظَة والإمساك عَن كل طَعَام وشراب وأجود الْأَشْيَاء أَن تعلم لتقدمة الْمعرفَة أَن الغشي حَادث بِهِ فتدارك قبل ذَلِك بِفعل هَذِه الْأَشْيَاء قبل أَن تعرض لَهُ النّوبَة. وَكَذَلِكَ من عرض لَهُ بِسَبَب نحافة الْبدن فَتَدَاركهُ قبل ذَلِك بالتغذية وغمز الْيَدَيْنِ والقدمين وَيكون الْغذَاء سريع الانهضام مقوياً للمعدة طيب الرَّائِحَة فَإِن كَانَ الغشي شَدِيدا فاسقه مَعَ ذَلِك فِي ذَلِك الْوَقْت شَيْئا من الشَّرَاب لَكِن اخلط فِي الْغذَاء أَشْيَاء قابضة مثل الكمثرى والسفرجل.
قَالَ: فَأَما مَتى جَاءَ الغشي فِي وَقت النّوبَة فاسقه شَيْئا من الشَّرَاب بِالْمَاءِ الْحَار فَأَما من يُصِيبهُ الغشي بِسَبَب سدد فِي عُضْو نَفِيس فاسقه السكنجبين وشراب الزوفا والفوذنج بِمَاء الْعَسَل وَجَمِيع الأغذية الَّتِي فِيهَا تلطيف وتقطيع. وتضرهم الأغذية الغليظة جدا وَمَا يدر الْبَوْل جيد لَهُم. فَإِن بَان لم الِانْتِفَاع بِهَذِهِ فأعطه من الشَّرَاب الْأَبْيَض ويستدل على السدد من اخْتِلَاف النبض مَعَ عدم دَلَائِل الامتلاء لِأَن الِاخْتِلَاف يعم السدد والامتلاء فَأَما من غشي عَلَيْهِ بِسَبَب برد المَاء وبط دبيلة فآشمه الْأَشْيَاء الطّيبَة الرَّائِحَة ثمَّ رَوَائِح الأغذية الطبية وغذه ثَانِيَة بعد إِفَاقَته بالأغذية السريعة الهضم. فَأَما من غشي عَلَيْهِ من هم وَغَضب فاسترد قوته بالروائح وسد أَنفه ثمَّ ابعثه على الْقَيْء وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يقوى فِي العاجل من يُصِيبهُ الغشي من جراحه أَو وجع المفاصل أَو الْغَضَب فِي وَقت النّوبَة ثمَّ تقصد بعد ذَلِك قصد الْعلَّة فتعالجها.
(4/535)
فَأَما الغشي الْعَارِض فِي القولنج وخاصة فِي إيلاوس فشفاؤه يكون بالتكميد خَاصَّة ودلك الْأَطْرَاف.
فَأَما الغشي الْعَارِض بِسَبَب ضعف بعض القوى الثُّلُث أَو كلهَا فاقصد ألف هـ لتقوية ذَلِك)
الأَصْل.
فِي دَلَائِل ضعف القوى ويستدل على ضعف القوى الحيوانية بالنبض وعَلى ضعف قوى الكبد من البرَاز الشبيه بِمَاء اللَّحْم ثمَّ يغلظ بِأخرَة فَيصير كَعَكرِ الزَّيْت وعَلى ضعف الدِّمَاغ بالقوى النفسانية.
من جوامعه قَالَ: الغشي يحدث عَن أَرْبَعَة أَسبَاب كُلية: الامتلاء والاستفراغ وَتغَير المزاج بَغْتَة والوجع.
قَالَ وَأما الامتلاء فَإِنَّهُ يثقل على الْقُوَّة وينهكها وَهَذَا الامتلاء يكون إِمَّا فِي الْمعدة وَإِمَّا فِي الْعُرُوق وَإِمَّا فِي الدِّمَاغ بِمَنْزِلَة مَا يعرض فِي السكتة والصرع.
وَأما الاستفراغ فنحو الذرب وقروح الأمعاء والهيضة والرعاف ونزف الدَّم وَنَحْوه وَالثَّانِي قَالَ: الشَّرَاب يَنْبَغِي أَن يكون فِي الغشي مسخناً ليسرع نُفُوذه ويخلط فِيهِ خبز ليَكُون أغذى وَأبقى وَلَا ينفش سَرِيعا.
من كتاب قسطاً فِي علل الدَّم: قَالَ الْقَيْء ورش المَاء وتحريك الْبدن وهزه جيد لجَمِيع أَجنَاس الغشي والتطيب وينفع مِنْهُ التعطيس بسحاة تدخل فِي الْأنف أَو الكندس قَالَ: وَمن لم يعطس بالكندس فِي وَقت الغشي فقد صَار فِي حد الْمَوْت وَمثل هَذِه الْحَال من الغشي الصعب الَّذِي لَا يتَنَبَّه بالتعطيس فليسرع قبل الْيَأْس مِنْهُ بِأَن تحشى منخراه بالمسك ينْفخ فِيهِ مَرَّات كَثِيرَة شَيْئا كثيرا ويطلى الرَّأْس بالغالية.
لي على مَا رَأَيْت فِي كتاب ابْن ماوسيه وشرك: إِذا هاج الغشي بالمحموم أَو غَيره من تحلل أَو إمْسَاك عَن الطَّعَام فالبسه المصندلات فَإِنَّهُ أصلح شَيْء ورش عَلَيْهِ المَاء وروحه بالمراويح وَاتخذ لَهُ هَذَا الطبيخ فَإِنَّهُ يُقَوي العليل جدا جدا إِذا كَانَ قد ضعف بِسَبَب الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام أَو ضعف لِكَثْرَة التَّحَلُّل وَصفته: إِن يُؤْخَذ اللَّحْم الْأَحْمَر من الجدي وأضلاعه فنقطعه قطعا صغَارًا ثمَّ تقليه فِي قدر نظيفة قلياً رَقِيقا مَعَ شَيْء من ملح يسير حَتَّى يُرْخِي مَاؤُهُ فَإِذا أرْخى مَاءَهُ فصفه وألق عَلَيْهِ نصفه مَاء تفاح وتطيب الْجَمِيع بشراب ثمَّ فت فِيهِ شَيْئا من خبز واسقه إِيَّاه فَإِنَّهُ يسْرع تغذيته.
من كتاب قسطاً فِي الفصد قَالَ: جودة الْأَفْعَال الإرادية تدلك على قُوَّة الدِّمَاغ والعصب وَأَكْثَره على قُوَّة الْقلب والهضم والاغتذاء على قُوَّة الكبد وَالْعُرُوق وتدلك على حَال الْقلب سحنة)
الْبدن فِي سمنه وهزاله وجودة لَونه وردائته.
ابْن سراييون من غشي عَلَيْهِ ألف هـ لاستفراغ فرش عَلَيْهِ مَاء بَارِدًا وادلك أَطْرَافه وادلك طرف أَنفه وفم معدته وحركة للقيء. وَمن كَانَ بِهِ إسهال فَشد أَطْرَافه بعد ذَلِك وَإِن أفرط فحمه بِمَاء
(4/536)
حَار حَتَّى يَنْقَطِع الإسهال وَمن غشي عَلَيْهِ لتحلل قُوَّة فأجلسه فِي هَوَاء بَارِد طيب الرَّائِحَة واعبث بِأَنْفِهِ أَو اقبض على أبدانهم مَا أمكن.
وَمن غشي عَلَيْهِ من الامتلاء فادلك يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ ويشدان ويسخنان وامنعه وَالشرَاب وَالْحمام واسقه مَاء الْعَسَل قد طبخ فِيهِ فوذنج وَكَذَلِكَ فافعل فِي اختناق الْأَرْحَام لَكِن لَا تعط فِيهِ سكنجبياً وَإِن كَانَ الغشي لضعف الْمعدة فضمدها بالطيوب والقوابض واسق مَا يقوى فمها وادلكهم قبل وَقت النوائب بِمَا يُقَوي الْمعدة حَتَّى إِذا انْحَلَّت ففتش عَن السَّبَب وقاومه.
فَإِن حدث الغشي عَن الْحمام فاسقه المَاء الْبَارِد وروحه بالمراوح وادلك معدهم واسقهم شرابًا ممزوجاً بِمَاء بَارِد.
وَإِن كَانَ الغشي يحدث فِي ابْتِدَاء دور الْحمى لورم عَظِيم فِي الْبَطن وتبرد مَعَه الْأَطْرَاف فادلك أَطْرَافه دلكا شَدِيدا جدا وامنعه النّوم والغذاء وَالشرَاب.
وَإِن كَانَ الغشي يحدث قبل النّوبَة لضعف فبادر فاغذه قبل الْوَقْت بِخبْز مَعَ شراب وَمَاء وَليكن قَلِيلا وَإِيَّاك أَن تعطيه شَيْئا عسر الهضم.
وللغشي الْحَادِث عَن سَبَب سدة فِي الأحشاء أَو غَيرهَا اسْقِ سكنجبياً وَمَاء الْعَسَل والفودنج فَإِذا سقوا ذَلِك فاسقهم شرابًا أَبيض.
فَإِن كَانَ لسَبَب استفراغ مُدَّة أَو دم كثير فآشمه الطّيب وحسه الإحساء السريعة الهضم فَإِن حدث الْأَمر لغشي فَاسْتعْمل الْقَيْء واشمه الطّيب بعده وادلك آنافهم وأفواه معدهم.
فَأَما من غشي عَلَيْهِ لسَبَب كَثْرَة الْعرق فبكل مَا يمْنَع الْعرق وتقوى الْقُوَّة بالشم وَغَيره.
عَليّ بن ربن قَالَ: مَاء الْورْد جيد لمن غشي عَلَيْهِ أَن يتجرعه مَرَّات بَالغ فِي ذَلِك.
لي على مَا رَأَيْت صَنْعَة عَجِيبَة تكون عتيدة لتصرف إِلَيْهَا يدك بِسُرْعَة مَتى حدث غشي عَن إسهال مفرط أَو غَيره: يُؤْخَذ من مَاء السفرجل الحامض زنة رَطْل فيروق أَيَّامًا حَتَّى يسكن ثقله وشراب ريحاني وسكر طبرزد رَطْل يطْبخ الْجَمِيع حَتَّى ألف هـ يصير فِي قوام الْجلاب وَيُؤْخَذ عود صرف وسك ومصطكي فَيدق ويعلق مِنْهَا نصف أُوقِيَّة فِي هَذِه الأرطال فِي صرة)
فَإِذا صَار فِي قوام الْجلاب رفع وَعند الْحَاجة إِلَيْهِ يسحق خَمْسَة دَرَاهِم كعك ويسقى بِهِ سَرِيعا.
الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الْأَمْرَاض قَالَ: قَوْله تَعَالَى: الْقُوَّة الحيوانية بالطيبة الرّيح. وَقَالَ: أقوى الأمزاج قُوَّة حيوانية وأصبرهم على ترك حسم الْغذَاء فِي الْأَمْرَاض أَصْحَاب الْأَبدَان الصلبة وَالْعُرُوق الواسعة لِأَن التَّحَلُّل مِنْهُم قَلِيل وبالضد فأصحاب الْأَبدَان الرّطبَة تسْقط
(4/537)
قوتهم فِي الْأَمْرَاض وَعند ترك الْغذَاء سَرِيعا فَأَما المتناهون فِي الشَّبَاب فاحمل النَّاس لذَلِك وأشدهم قُوَّة وَكَذَلِكَ فِي الْأَزْمَان الحارة مِنْهَا بِسُقُوط الْقُوَّة وبالضد.
عَلامَة حُدُوث الغشي انْتِقَال الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن فيصفر اللَّوْن ويصغر النبض وَرُبمَا عرق عرقاً بَارِدًا ويصغر التنفس وَيَأْخُذ الْبَصَر يضعف ويتجلله ظلمَة ويهيج الْقَيْء فَمن هَذَا يكون حُدُوثه فِي زمَان قَلِيل وَهِي صفرَة اللَّوْن وَالْعين وظلمة الْبَصَر فَإِن هَذِه كلهَا تحدث الغشي وَمِنْهَا مَا يكون بعد الغشي بِوَقْت صَالح وَهِي صغر النبض وَالنَّفس والندى الْبَارِد فَلذَلِك إِذا رَأَيْت هَذِه فَخذ فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الاستعداد لَهُ فَإِن كَانَ استفراغ فبادر فاقطعه وَخذ أَولا فِي مَا يشم ثمَّ رش المَاء ثمَّ فِي الدَّلْك لفم الْمعدة ثمَّ فِي سقِِي الأحساء وَالشرَاب وَإِن كَانَ مَعَ غشي فقيئه.
الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ: أما تعرف قُوَّة الْمَرِيض فَلَيْسَ بَين الْأَطِبَّاء فِي تعرفها وَالْوُقُوف عَلَيْهَا اخْتِلَاف كاختلافهم وصعوبة الْأَمر عَلَيْهِم فِي تعرف الْمُنْتَهى لَكِن قد يُمكن أَن تعرف قُوَّة الْمَرِيض فِي أول دخلة تدْخلهَا عَلَيْهِ من نبض عرقه خَاصَّة وَسَائِر مَا وَصفه أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة. لي هَذَا هُوَ سهولة الحركات والاستلقاء الْمَحْمُود والسحنة الجيدة.
لي على مَا رَأَيْت فِي اغلوقن وَغَيره فِي الغشي الَّذِي يعرض للمفصود: يَنْبَغِي أَن تسْأَل المفصود ل هُوَ مِمَّن يعرض لَهُ ذَلِك الْأَمر أم لَا وتعرف ذَلِك أَنْت أَيْضا من مزاجه وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك لأَصْحَاب الْمعد الضعيفة وَالْعُرُوق الضيقة والأبدان الَّتِي الْمرة ألف هـ الصَّفْرَاء كَثِيرَة الْغَلَبَة جدا وَلمن لم يعْتد الفصد والمحمومين وَمن بِهِ قبل ذَلِك لذع فِي فَم معدته فسل عَن ذَلِك وتفقده فَإِذا مَا جَاءَك أول الغشي فاقطع الاستفراغ لِئَلَّا يكون مِنْهُ شَيْء صَعب فَإِذا غشي عَلَيْهِ فرش المَاء على وَجهه وادلك فَم معدته وألقمه كرة خرق وقيئه بريشة فَإِذا تقيأ فبادر فامزج شرابًا بِمَاء بَارِد واسقه فَإنَّك تمنع مَا ينصب إِلَى الْمعدة. فَإِن كفى وَإِلَّا فأعد ذَلِك وامزج بِهِ مَاء الرُّمَّان وشيئاً من كعك وادن من أَنفه الطّيب وضمد بِهِ.)
وينفع من الغشي أَن يصاح بِهِ بِصَوْت شَدِيد فِي أُذُنه مَرَّات إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ وَإِن جَاءَ غشي شَدِيد حَتَّى أَن العليل لَا يفِيق مِنْهُ نصف سَاعَة وَنَحْوهَا فافتح فَمه وأوجره شرابًا ريحانياً لطيفاً قد مزج بِهِ شَيْء من التفاح وَنَحْوه وَشَيْء من كعك قَلِيل مَرَّات كَثِيرَة وَصَحَّ بِهِ وهزه ورش عَلَيْهِ المَاء وَإِن كَانَ الْأَمر صعباً فدف فِيهِ شَيْئا من دَوَاء الْمسك وَقرب الْمسك إِلَى أَنفه فَإِن أَفَاق فاغذه وَبرد بدنه وطيبه لِئَلَّا يعود عَلَيْهِ وشجعه وقوِ قلبه فَإِن لم يفق فأوجره مَرَّات كَثِيرَة من ذَلِك الشَّرَاب والكعك وَصَوت بِهِ وَمد يَده وصب على صَدره المَاء الْبَارِد وعَلى رَأسه وَوَجهه وأوجره دَوَاء الْمسك مَعَ الشَّرَاب فَإِن لم يفق فَهُوَ ميت.
وَإِذا لم يتقيأ فِي الغشي وَلم يكن مَعَه غشيان فَإِنَّهُ غشي رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَنه غشي قلبِي لَا من الْمعدة وَلَا يكون فِي الفصد ذَلِك. وَمن كَانَت آفته عسرة فَلَا تسقه الشَّرَاب بِمَاء
(4/538)
بَارِد بل بِمَاء سخن فَإِنَّهُ لَا يصلح إِلَّا بِهِ وَيصْلح بالبارد وَلمن قد غثيت الْمعدة نَفسهَا وتقيأ وأفاق. يُرِيد أَن يمْنَع حُدُوثه مرّة أُخْرَى.
لي فالأسباب الَّتِي تسْقط الْقُوَّة: الاستفراغ من الدَّم والإسهال والمدة. وَالْمَاء وَنَحْوهَا مثل الْعرق والتحلل الْخَفي والجوع والسهر والوجع والتعب والغثي وَالْكرب وَسُوء المزاج فِي الْأَعْضَاء التناسلية.
لي يَنْبَغِي أَن نفرق بَين الغشي القلبي والمعدي وَنَنْظُر هَل الَّذِي يعرض بعقب الفصد أقلبي أم معدي والمعدي مَعَه كرب وقيء وغثي والقلبي لَيْسَ مَعَه ذَلِك لَكِن مَعَه برد الْبدن جدا والأطراف.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة من تَفْسِير الثَّالِثَة: إِن الأخلاط ألف هـ الَّتِي تفعل الغثي هِيَ الَّتِي تفعل الكرب إِذا كَانَ مقدارها أقل وكيفيتها أقل رداءة.
فِي الغشي مَعَ الخفقان وَهُوَ رَدِيء وَذَلِكَ يدل على أَنه غشي قلبِي ضَرُورَة.
الخوز والطبري قَالَا: مَاء الْورْد نَافِع للمغشي عَلَيْهِ إِذا تجرعه مَرَّات.
بولس من غشي عَلَيْهِ فرش عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد وامسك أَنفه وادلك فَم معدته وقيئه فَإِن كَانَ الغشي لاستفراغ فامنع مِنْهُ واسقه شرابًا ممزوجاً وَانْظُر مَا سَببه أبدأ فضاده.
الثَّالِثَة من الأخلاط قَالَ: لاستلقاء هُوَ ضعف الْقُوَّة الَّتِي فِي العصب والعضل فِي الْعلَّة حَتَّى يكون الْإِنْسَان ملقى على قَفاهُ أَو وَجهه أَو جنبه لَا حَرَكَة بِهِ أَو يَتَحَرَّك بِجهْد وَشدَّة وَيكون)
لسببين: إِمَّا لرقة الأخلاط وَكَثْرَة التَّحَلُّل مِنْهَا وعلامة هَؤُلَاءِ الانخراط وَإِمَّا لِكَثْرَة الأخلاط الغليظة فِي الأحشاء والخام فِي جَمِيع الْبدن وَهَؤُلَاء منتفخة أبدانهم وَقد ثقلوا فِي الْغَايَة القصوى بِسَبَب كَثْرَة الأخلاط حَتَّى إِنَّك إِن دلكت شَيْئا من أعضائهم أَو أسخنته لم تحمر بل تبقى رصاصية كمدة وَهَذَا لَا يحْتَاج أَن يغذى وَالثَّانِي يحْتَاج أَن يغذى غذَاء متواتراً قَلِيلا قَلِيلا كل سَاعَة وَيكون مرطباً وَأما أُولَئِكَ فيحتاجون إِلَى مَا ينضج لي على مَا ذكر فِي حِيلَة الْبُرْء.
قَالَ: ضعف الْقُوَّة إِنَّمَا يكون على الْأَكْثَر عَن نُقْصَان الأخلاط.
لي الْقُوَّة النفسانية افهمها المحركة بِإِرَادَة لَا السياسية فَإِن هَذِه أَعنِي السياسية تقوى فِي الْأَكْثَر بقلة الأخلاط كالحال فِي المبطونين أَصْحَاب الدق.
لي إِذا لم يكن للغشي سَبَب بادٍ وَكَانَ ذَلِك شَدِيدا متداركاً وَكَانَ مَعَه اخْتِلَاج الْقلب فَإِنَّهُ غشي قلبِي.
القثاء ينعش المغشي عَلَيْهِ إِذا شمه.
روفس الخس نَافِع من الغشي الْحَار.
(4/539)
(تعرف النضج) وَمَا ينذر بِهِ والإعانة عَلَيْهِ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ فِي جَمِيع الْأَعْضَاء والخراجات نذْكر هَهُنَا أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز والنفث وَغير ذَلِك نوردها حَتَّى إِذا فَرغْنَا رددنا إِلَيْهِ من كل عِلّة وَمَوْضِع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَن نرد إِلَيْهِ جملا يكون بِهِ هَذَا الْموضع قانون تعرف النضج وَمَا ينذر بِهِ إِن شَاءَ الله الْمقَالة الأولى من كتاب البحران قَالَ الْكَلَام فِي 3 (أَمر النضج) قِسْمَانِ أَحدهمَا وجود النضج وَعَدَمه وَالثَّانِي فِيمَا ينذر بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا والنضج هُوَ أَن ألف هـ تستحوذ الطبيعة على الْخَلْط الْفَاعِل لِلْعِلَّةِ وتحيله لِأَن الطبيعة لَا تحيل كل ذَلِك الْخَلْط وَلَا بُد أَن تكون لَهُ فضول تدفعها الطبيعة فَتكون هَذِه الفضول هِيَ الدَّالَّة على عمل الطبيعة وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تطلب النضج فِي كل عِلّة من الْمَوَاضِع الَّتِي تلِيق بهَا مِثَال ذَلِك أَنا نطلب تعرف النضج فِي علل آلَات النَّفس من النفث وَفِي علل آلَات الْغذَاء من البرَاز وَفِي علل الكبد وَالْقلب وَالْعُرُوق من آلَات الْبَوْل وَفِي علل الدِّمَاغ من المخاط وَمَا يسيل مِنْهُ وَمن الحنك وَفِي علل الْعين من الرمص وَسَنذكر من كل وَاحِد من هَذِه هَهُنَا جملَة بِقدر الْحَاجة.
3 - (عَلَامَات النضج)
إِذا ظَهرت مُنْذُ أول الْمَرَض فَإِن الْمَرَض يكون قَصِيرا وبالضد.
قَالَ: وَمَتى كَانَ دَلِيل من دَلَائِل النضج قبل الدّور الثَّانِي من أدوار الْمَرَض فَإِن ذَلِك الْمَرَض سليم قصير.
وَقَالَ: لَا يجوز أَن تحدث عَلامَة مَا دَالَّة على النضج فَلَا تدل على خير عَظِيم.
قَالَ: وَإِذا ظهر فِي مرض عَلَامَات النضج فَإِن الْمَرَض سليم.
لي بِمِقْدَار تقدم النضج وتأخره يكون قصر وَطول الْوَقْت الَّذِي من ابْتِدَاء الْمَرَض إِلَى انتهائه.
لي جملَة مَا ينذر بِهِ لنضج السَّلامَة وَقصر وَقت الْمَرَض وَلَا يدل فِي حَال على شَرّ الْبَتَّةَ وَلَو كَانَ الشَّرّ مُشْتَمِلًا ثمَّ حدثت بِهِ عَلامَة وَاحِدَة وَلَو ضَعِيفَة من عَلَامَات النضج مَا ينقص من ذَلِك الشَّرّ بِقدر قُوَّة تِلْكَ الْعَلامَة.
وَقَالَ: عَلامَة النضج مَتى ظَهرت وَلَو فِي أول سَاعَة دلّت على خير عَظِيم.
(4/540)
فِي تعرف النضج قَالَ: لِأَن الحميات مرض يكون فِي الْعُرُوق الضوارب وَاجعَل دليلك على النضج فِيهَا من الْبَوْل. فَأَما فِي ذَات الْجنب فاطلب النضج فِيهَا من النفث وَلِأَن مَعهَا حمى فضم إِلَى ذَلِك النّظر فِي الْبَوْل أَيْضا. وَمَتى كَانَ الْمَرَض فِي الْبَطن فَإِن لم تكن مَعَه حمى فَانْظُر إِلَى مَا يبرز من الْبَطن فَقَط فَإِن كَانَ مَعَه حمى فَانْظُر فِي الْبَوْل أَيْضا.
أَكثر النضج يكون بِأَن تظهر أَفعَال الْحَرَارَة الغريزية أما فِي الْبَوْل وَإِمَّا فِي النجو وَإِمَّا فيهمَا أَنه)
يعرض فِي الْحمى شبه مَا يعرض فِي الأورام الَّتِي تتقيح فَذَلِك أَن فِي الأورام فِي حَال تولد الْمدَّة يكون الوجع والحمى على أَكثر مَا يكون فِيهَا كَذَلِك الْحمى فِي حَال نضوج الكيموس الْفَاعِل لَهَا.
يَنْبَغِي أَن تعلم أَن حَال الثفل الراسب الْأَبْيَض الْمَحْمُود وَحَال الْمدَّة الْبَيْضَاء الثخينة غير المنتنة من الْخراج فَكَمَا أَن هَذَا كَمَال نضج الْخراج فَكَذَلِك هَذَا كَمَال نضج مَا فِي الْعُرُوق وسنرد إِلَى هَهُنَا من أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز والنفث مِمَّا يدل على النضج مِمَّا ترَاهُ ألف هـ كَافِيا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيكون ذَلِك فِي موَاضعه.
الثَّانِيَة قَالَ: النضج المستحكم يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض.
جَوَامِع البحران قَالَ: كل عَلَامَات دم النضج إِذا كَانَ فِي اللَّوْن فَهُوَ أَهْون وأيسر شرا من أَن يكون فِي القوام كالبول الْأَبْيَض فَإِنَّهُ خير من الرَّقِيق. الأولى من البحران نَحْو آخرهَا.
قَالَ: عَلَامَات النضج لَا تَجْتَمِع مَعَ عَلَامَات الْهَلَاك فَأَما مَعَ عَلَامَات الْخطر فَرُبمَا اجْتمعت.
الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: الأورام والخراجات إِذا غلبت فِيهِ الطبيعة الْخَلْط ولدت الْمدَّة الجيدة. وَإِذا كَانَ الْفضل فِي الْعُرُوق فعلامته غَلَبَة الثفل الراسب الحميد فِي الْبَوْل.
لي هَذَا يكون إِذا كَانَت الْقُوَّة الْمُغيرَة قَوِيَّة بَاقِيَة بِحَالِهَا فَإِذا كَانَت الْغَلَبَة للطبيعة كَامِلَة فِي الخراجات كَانَت الْمدَّة الْبَيْضَاء الثخينة المستوية الملساء غير المحببة وَلَيْسَت رائحتها كريهة فَإِذا لم تكن للطبيعة غَلَبَة كَامِلَة كَانَت كَثِيرَة الْأَصْنَاف فَرُبمَا كَانَ أَبيض إِلَّا أَنه رَقِيق أَو منتن وَرُبمَا كَانَ أَخْضَر كمداً فَهَذِهِ كلهَا تدل على أَن العفن أغلب من النضج.
لي إِزَالَة العفن إنضاج الشَّيْء الْخَارِج من الطبيعة والنضج إِحَالَة الشَّيْء الطبيعي للشَّيْء الْخَارِج عَن الطبيعة.
(4/541)
(الرسوب فِي الْبَوْل) قَالَ: فَأَما الرسوب الحميد فَهُوَ الْأَبْيَض الأملس المستوي غير الكريه الرَّائِحَة وأردأه ضد ذَلِك فِي جَمِيع الْحَالَات وَمَا بَينهمَا فبقدر ذَلِك قربه وَبعده مِنْهُمَا وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب الْبَوْل.
من جَوَامِع البحران: لَيْسَ عدم النضج من الدَّلَائِل على مثل مَا عَلَيْهِ وجود النضج من الدّلَالَة على السَّلامَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن بعد النضج أَن يَمُوت كَمَا ذكر ج وَيُمكن إِذا لم يكن نضج أَن تطول الْعلَّة وتبرأ بالتحلل قَلِيلا قَلِيلا لَكِن عدم النضج مَعَ ضعف الْقُوَّة مهلك. فَأَما مَعَ جودة الْقُوَّة فدون ذَلِك.
الثَّانِيَة من الأخلاط: إِذا كَانَت فضلَة مَا محتبسة على نضج تِلْكَ الْعلَّة. وَمن الدَّلِيل على عدم النضج فِي علل الصَّدْر والرئة عدم النفث. وعَلى النضج النفث فَإِن كَانَ حميدا فعلى كَمَال الْخَيْر وَكَذَلِكَ مَتى كَانَ فِي الكبد ورم فِي حدبتها فَلم يستفرغ شَيْئا من تِلْكَ الفضول فَذَلِك دَال على أَن ذَلِك إِمَّا أَن يكون لَيْسَ مِمَّا لَا ينضج الْبَتَّةَ أَو مَا قد ينضج فِيمَا بعد فَإِن كَانَ مِمَّا لَا ينضج فَلَيْسَ ينضج بعد وَكَذَا تفقد فِي علل الدِّمَاغ مَا ألف هـ يسيل من المنخرين والحنك فَإِن احتباس النُّزُول مِنْهَا دَلِيل على عظم النضج فَإِذا نَضِجَتْ استفراغ جَمِيع مَا فِيهَا وسال الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة: الدَّلِيل على نضج ذَات الرئة تغير البزاق ونفثه وكثرته وسهولته والتغير يكون عَن الْحَال الَّتِي فِي ابْتِدَاء الْمَرَض وانبعاث النفث بِكَثْرَة لَيْسَ يدل على النضج فَقَط لَكِن وعَلى شدَّة الْقُوَّة. فَإِن النضج قد يكون نضجاً وَلَا ينقص أَكْثَره لضعف الْقُوَّة أَو لغلظ الْمَادَّة وَقد يكون جيدا وَلَا يكون نضجاً.
الأولى من 3 (الْأَمْرَاض الحادة) جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة أعْسر نضجاً واستفراغاً وعلامة الحادة فِي ذَات الرئة وَذَات الْجنب عدم النفث أَو قلته وَفِي عِلّة الكبد وَالطحَال والأمعاء ونواحيها اعتقال الطبيعة وَأَن يبرز شَيْء قَلِيل بعسر أَو يكون شَدِيد اليبس متغيراً وعَلى الحميات يبس اللِّسَان وسواده وقحل الْجلد وَكَذَا فِي الرمد وَفِي القروح الْخَارِجَة مَتى رَأَيْتهَا جافة قحلة لَا يسيل مِنْهَا شَيْء وَكَذَا فِي الرمد إِذا رَأَيْته جافاً يَابسا وَفِي علل الدِّمَاغ إِذا رَأَيْت الفضول لَا تجْرِي من المنخرين وَبِالْجُمْلَةِ فالدليل على جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة احتقان الفضول فِيهَا وامتناعها من الْخُرُوج.
(4/542)
وَقَالَ: النضج على ضَرْبَيْنِ: أما نضج إِلَى الدَّم أَو انطباخ الفضول المرارية ورقتها كالحال فِي الْمدَّة وَإِذا قُلْنَا فِي المرار والأخلاط المرارية إِنَّهَا نَضِجَتْ فَإِنَّمَا نُرِيد بذلك إِن انْتَقَلت من رداءة طبيعتها إِلَى مَا هُوَ أصلح بِغَلَبَة الطبيعة لَهَا فَإِن الْعَادة قد جرت أَن تسمى مَا قهرته الطبيعة نضجاً وَإِن كَانَ لم يسْتَحل إِلَى مَا يغذو الْبدن وقلله مَا عدا الطبيعة فَهُوَ غير نضج وعَلى هَذَا الْمِثَال يُقَال للورم إِذا مد أَنه قد نضج على أَنه لَيْسَ شَيْء من الْأَعْضَاء يغتذى من الْمدَّة كَمَا يغتذى من الأخلاط النِّيَّة والبلغم إِذا كمل نضجها فَمَتَى سَمِعت نضجاً للأخلاط النِّيَّة والبلغمية فَإِنَّمَا تَعْنِي بِهِ النضج إِلَى الدَّم وَأما المرتان فَإِن قيل فيهمَا نضج فَإِنَّمَا يَعْنِي غَلَبَة الطبيعة لَهما وَإِن كَانَ لَا يَسْتَحِيل مِنْهُمَا شَيْء إِلَى مَا يغذو كَمَا يَسْتَحِيل الدَّم فِي الأورام إِلَى الْمدَّة لَا إِلَى مَا يغذو فَأَما العفونات فَإِنَّهَا إِنَّمَا تستحيل بحرارة غريزية كالحال فِي أجسام الْمَوْتَى.
وَقد نقُول: فِي الْبَوْل نضج وَهُوَ غير نضيج على أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يغتذى الْبدن من الْبَوْل النضيج لَكِن على معنى قهر الطبيعة للخلط. وَكَذَا يَقُول فِي الْخَلْط السَّائِل من الزُّكَام والرمد وصديد القروح والأورام أَنَّهَا نضيجة وَغير نضيجة وَكَذَا إِذا قُلْنَا فِي خلط مراري أَنه قد نضج فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي أَنه قُم أحالته ألف هـ الطبيعة إِلَى أَجود مَا يُمكن فِيهِ.
(4/543)
(اسْتِحَالَة الأخلاط) (على ثَلَاثَة ضروب) أما اسْتِحَالَة تَامَّة إِلَى مَا يشبه الْبدن وَهَذَا مَا تستحيل إِلَيْهِ الأخلاط المؤاتية بالحرارة الغريزية كاستحالة البلغم إِلَى الدَّم. واستحالة إِلَى حَال هِيَ أقرب من طبيعة الْبدن وَهَذَا يكون فِيهِ الْفَاعِل وَهُوَ الْحَرَارَة الغريزية لَا عِلّة فِيهِ إِلَّا أَن الْخَلْط غير مؤات وَالثَّالِث لِأَن الْخَلْط غير مؤات وَالْفَاعِل حرارة غير مُوَافقَة وَهِي العفونة.
الثَّالِثَة من الْأَمْرَاض الحادة: النضج فِي علل الصَّدْر والرئة يكون مَعَ ابْتِدَاء النفث وَذَلِكَ أَنه بعد ابْتِدَاء النفث لَا يُمكن أَن تتزيد أعراضهم وَلَا تشتد وَكَثِيرًا مَا تنقص عِنْد حُدُوث النفث.
الأولى من الْفُصُول قَالَ: مَا دَامَ فِي ذَات الْجنب لَا ينفث شَيْئا والسعال يَابِس فدعم النضج فِي الْغَايَة وَإِذا نفث شَيْئا رَقِيقا فَذَلِك نضج خَفِي ضَعِيف. فَإِذا غلظ قَلِيلا فعلامة نضج ظَاهر فَإِذا استحكم وهدأت الْأَعْرَاض فَذَلِك نضج كَامِل.
قَالَ: والنضج أبدا يدل على سرعَة البحران ووثاقة الصِّحَّة. وَالْبَوْل النضيج يدل على نضج مَا فِي الْعُرُوق وَالْبرَاز النضيج وَهُوَ المستوى المعتدل الَّذِي لَا يسيل وَلَا يتحجر الَّذِي إِلَى الصُّفْرَة غير الشَّديد النتن الْمَوْصُوف فِي بَاب البرَاز يدل على نضج مَا فِي الْمعدة والأمعاء. والنفث الَّذِي إِلَى الغلظ وَلَيْسَ بغليظ جدا الْأَبْيَض الأملس الْأَجْزَاء المستوى فِي جَمِيع الْأَيَّام يدل على نضج مَا فِي الصَّدْر والرئة والسهل الْخُرُوج.
من
3 - (أزمان الْأَمْرَاض)
يسْتَدلّ على النضج من الفضول الَّتِي تجْرِي من الْأَعْضَاء العليلة. مِثَاله القروح مَا دَامَ يجْرِي مِنْهَا صديد رَقِيق كثير فالنضج لم يكن وَالْعلَّة بعد انتهائها. فَإِذا قلت كمية مَا يجْرِي وَغلظ بعض الغلظ فبمقدار ذَلِك يكون النضج. وَكَون النضج هُوَ انْتِهَاء الْعلَّة.
قَالَ: وَلَيْسَ يشك أحد إِذا رأى الْغذَاء لم يتَغَيَّر إِن الْمعدة لم يكن فِيهَا نضج وَلَا إِذا رأى الْبَوْل رَقِيقا أَن الْعُرُوق لم يكن فِيهَا نضج وَلَا إِذا كَانَ مَا ينفث رَقِيقا أَن الْعلَّة بعد فِي الِابْتِدَاء وَلم ينضج. وَكَذَلِكَ أَيْضا فِي الرمد مَا دَامَ يجْرِي من الْعين صديد رَقِيق فَإِنَّهُ لم ينضج فَإِذا قل مِقْدَاره وَغلظ أدنى غلظ فقد بدا النضج وَذَلِكَ تزيد الْعلَّة فَإِذا غلظ غلظاً شَدِيدا ألف هـ والتصقت الأجفان فقد كمل النضج وانتهت الْعلَّة وَيدل على قهر الأخلاط. فَأَما دَلَائِل النضج فَأن يكون مَا يستفرغ أغْلظ وَأَقل حِدة وكمية. وَإِن استفرغ مَعَه خلط كَانَ أصح فِي الدّلَالَة على النضج.
(4/544)
الثَّالِثَة من أبيذيميا: الْهَوَاء الْبَارِد الرطب يُؤَخر النضج ويجعله عسراً. وَيَنْبَغِي أَن تعنى بتفقد عَلَامَات النضج وَكَونه. أما علاماته فَتكون من الفضول البارزة عَن الْعُضْو العليل. فَأَما إِحْدَاث النضج فَيكون بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء الَّتِي تسخن إسخاناً معتدلاً من الْأَطْعِمَة والأشربة والنطول والدلك وَالْحمام باعتدال. إِنَّمَا يكون النضج فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تكون مَعهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة قد اكْتسبت فِيهَا سوء مزاج لِأَن النضج إِنَّمَا يكون للأخلاط عَن مزاج الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فَإِذا كَانَت الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة قد فسد مزاجها فَإِن ذَلِك الْمَرَض حِينَئِذٍ رَدِيء مُتَمَكن وَلَا يبرأ حَتَّى يعود مزاج الْأَعْضَاء إِلَى اعتداله الْخَاص من الْحَار والبارد.
لي لَا تطلب النضج فِي حمى دق بل فِي البلغمية.
الأولى من مسَائِل الثَّالِثَة من أبيذيميا: يعين على النضج جَمِيع مَا يسخن إسخاناً معتدلاً من الْأَشْرِبَة والأطعمة والأضمدة والنطول والموضع الْحَار والدلك المعتدل والاستحمام المعتدل.
قَالَ نَوْعَانِ: كلي وجزئي فالكلي هُوَ الَّذِي ينضج فِيهِ جَمِيع مَادَّة الْمَرَض وَيكون مِنْهُ بحران تَامّ كَامِل والجزئي هُوَ الَّذِي لَا ينضج فِيهِ مَادَّة الْمَرَض وَيكون مِنْهُ بحران نَاقص مثل مَا حدث بفلان من خراج فِي أصل الْأذن ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك وَذَلِكَ أَن مَا فِي الْعُرُوق كُله لم يكن ينضج.)
فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَاكِرًا هَذَا لِأَنَّهُ قد يحدث فِي بعض الْأَوْقَات نضج فِي بعض الْأَعْضَاء وَجُمْلَة الْمَرَض لم ينضج.
والنضج فِي الفتيان وَمَا قرب من أسنانهم أسْرع وبالضد وَكَذَا بالأمزجة الحارة والمهن والبلدان.
لي على مَا رَأَيْت فِي: الفضول الَّتِي تبرز من الْبدن الَّتِي تسمى غير نضيجة نَوْعَانِ: مِنْهَا مَا لم ينضج وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَنه من جنس مَا لم ينضج كالبول والنفث الرَّقِيق الْأَبْيَض وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بنضيج وَفِيه دلَالَة على أَنه من جنس مَا لم ينضج كالبول والنفث الْأسود وَهَذَا رَدِيء لِأَنَّهَا تدل على أَن النضج غير صَالح وبهذه الْحَال يُقَال للنفث الْأسود فِي ذَات ألف هـ الْجنب أَنه غير نضيج.
(4/545)
(أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية والجزئية)
(تعرف النضج وحركتها والمسمى مِنْهَا حاد وَغير حاد ومزمن وتعرف) (هَل بَدَت بالعليل نوبَة حمى أَو تبدو وتعرف عظم الْمَرَض وصغره وسحنة) (الْمَرِيض) قَالَ ج فِي الأولى من البحران:
3 - (أَوْقَات الْأَمْرَاض أَرْبَعَة)
ابْتِدَاء وتزيد وانتهاء وانخطاط. وتحديد هَذِه الْأَوْقَات لَا يكون بِعَدَد الْأَيَّام لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون أَوْقَات أمراض تَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة أَيَّام مُتَسَاوِيَة لأوقات أمراض تَنْقَضِي فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الْمثل لِأَن ابْتِدَاء الأول يَوْم وصعوده يَوْم وانتهاؤه يَوْم وانخطاطه يَوْم فِي الْمثل وَابْتِدَاء الآخر عشرَة وَكَذَا جَمِيع أوقاته مثلا.
قَالَ: كثير من الْأَطِبَّاء ينظر لتعرف أَوْقَات الْحمى الْكُلية إِلَى تقدم النوائب فَقَط. وَهَؤُلَاء يلْزمهُم تَقْصِير فِي الْمعرفَة بِقدر مرتبَة الْأَمر الَّذِي لم ينْظرُوا فِيهِ من هَذِه الْأُمُور إِنَّمَا يُمكن أَن يحدس حدساً صَحِيحا مقرباً على تعرف أَوْقَات الْمَرَض من أَن تجمع النّظر فِي هَذِه كلهَا أَعنِي النّظر فِي تقدم النوائب وتأخرها وطولها وقصرها وسهولتها وصعوبتها وَفِي نَظَائِر هَذِه الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا فِي وَقت الفترة.
لي نَظَائِر هَذِه الْأَشْيَاء يُرِيد بهَا أَن تنظر فِي وَقت فَتْرَة الْحمى إِلَى طول الفترة وَتنظر حَال الْبدن فِي الْخُف والثفل.
قَالَ: فَأَما تقدم النوائب فَقَط فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة كَافِيَة على أَن الْمَرَض متزيد لِأَنَّهُ قد تكون حميات تتقدم نوائبها أبدا إِلَى أَن تَنْقَضِي ربعا وغباً ونائبة فِي كل يَوْم وَتسَمى حميات مُتَقَدّمَة الدوار وحميات مُتَأَخِّرَة الأدوار إِلَّا أَن التزيد فِي هَذِه النوائب فِي التَّقَدُّم أَو فِي التَّأَخُّر على قِيَاس مَا سلف يدل على الْوَقْت وَذَلِكَ أَن تزيد التَّأَخُّر يدل على انحطاط وتزيد التَّقَدُّم على التزيد.
وَأما التَّقَدُّم والتأخر بمقادير مُتَسَاوِيَة فَلَا يدل وَلَا على وَاحِد من الْوَقْتَيْنِ.
لي مِثَال ذَلِك أَن حمى غب كَانَت أدوارها تتقدم على كل دور سَاعَة فَصَارَت تتقدم على كل دور ساعتين فَهَذَا يدل على التزيد وبالضد.
وَأما إِذا كَانَت تتقدم كل ألف هـ دور سَاعَة إِلَى انْقِضَائِهَا أَو تَأَخّر عَنْهَا فِي كل دور سَاعَة على وَاحِد من الْوَقْتَيْنِ.
قَالَ: وَقد يَنْبَغِي أَلا تقتصر على النّظر فِي: هَل تقدّمت النّوبَة الثَّانِيَة فَقَط دون أَن تنظر
(4/546)
أَيْضا هَل مِقْدَار لبثها مسَاوٍ للنوبة الأولى وَمِقْدَار عظمها وحالها فِي السَّلامَة وَانْظُر فِي هَذِه الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا فِي وَقت سُكُون الْحمى وَعظم نَوَائِب الْمَرَض وتعرفه من طبيعة الْمَرَض وَمن الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لَهُ. أما من نفس طبيعة الْمَرَض فبأن تنظر إِلَى الْأَشْيَاء الَّتِي باجتماعها يكون.)
مِثَال ذَلِك: إِن كَانَ الْمَرَض ذَات الْجنب نظرت فِي الْأَرْبَعَة الَّتِي باجتماعها تكون ذَات الْجنب.
وَهِي وجع فِي الأضلاع ناخس وَحمى حادة وسعال وضق نفس.
فَأَما
3 - (الْأَعْرَاض اللاحقة)
للمرض فبأن تنظر هَل النّوبَة طَوِيلَة الْمكْث أَو قَوِيَّة خبيثة أَو بِخِلَاف ذَلِك وَهل زمن الفترة أطول أَو أَكثر وَالْبدن فِيهِ أَشد التهاباً أَو أقل أَو تسكن فِي وَقت الفترة جَمِيع أَعْرَاض الْحمى أَو تبقى فَإِنَّهُ إِن وجد على أردأ الْحَالَات فِي هَذِه الأنحاء اجْمَعْ فالمرض فِي التزيد وبالضد فَأَنا أَقُول: إِن النّوبَة تقدّمت عَن الْوَقْت الَّذِي كَانَت تَجِيء فِيهِ وطالت أَكثر واشتدت وخبثت وَوجدت مَعهَا أَعْرَاض كَثِيرَة رَدِيئَة وَقصر زمَان الفتور وَكَانَ الْبدن فِيهِ مَعَ لَك ملثاثاً وَغير نقي وأعراض الْحمى بَاقِيَة. أَقُول إِن هَذَا الْمَرَض يتزيد وبالضد. فَأَقُول إِن النّوبَة إِذا تَأَخَّرت وطولها يقصر أَو خبثها يقل وأعراضها فقدت وزمان الفترة طَال وخف فِيهِ الْبدن وَلَو تُوجد فِيهِ أَعْرَاض الْحمى فَهَذَا يدل على انحطاط الْمَرَض فَإِن وجدت هَذِه الْأَحْوَال قد صَارَت فِي نوبتين فَذَلِك يدل على أَن الْمَرَض قد انْتهى.
قَالَ: وَانْظُر فِي الفترة كَيفَ حَالهَا وَأحب إِذا كَانَ زمَان الانحطاط أقصر جُزْءا من زمَان جملَة الْحمى فَتَصِير عَلَامَات تزيد الْمَرَض أَن تتقدم نوائبه وَيطول لبثها وتشتد وعلامات انحطاطه أَن تتأخر نوبَة الْحمى وَيقصر لبثها وتضعف أحوالها بِالْإِضَافَة إِلَى النّوبَة الأولى. وَأما مُنْتَهى الْمَرَض فعلاماته بَقَاء النوائب على حَال وَاحِدَة على أَنه كثيرا مَا لَا يُوجد فِي الْأَمْرَاض زمَان يكون فِيهِ نوبتان من ألف هـ نَوَائِب الْحمى على هَذِه الصّفة لَكِن تكون فِي النّوبَة الرَّابِعَة فِي الْمثل عَلامَة النّوبَة بعد مَوْجُودَة ثمَّ تُوجد فِي النّوبَة الْخَامِسَة عَلَامَات الانحطاط وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَ وَقت الْمُنْتَهى سريع الْمُرُور حَتَّى لَا يعرف وَقت حُضُوره لَكِن يحْتَاج فِي صِحَة تعرفه إِلَى دَلَائِل زمَان الانحطاط.
لي يُرِيد أَنه لَا يُمكن أَن يعلم أَن الْمُنْتَهى قد كَانَ بِنَفسِهِ لسرعة مروره لَكِن يعلم أَنه قد كَانَ لظُهُور زمَان الانحطاط فَيعلم من أجل الانحطاط أَن الْمُنْتَهى قد كَانَ. قَالَ: وَرُبمَا كَانَ مثل هَذَا قَالَ: وَرُبمَا اشْتَمَلت النّوبَة الأولى من الْحمى على ابْتِدَاء الْمَرَض وَشدَّة منتهاه حَتَّى يكون ابْتِدَاء نوبَة الْحمى ابْتِدَاء جملَة الْمَرَض وتزيدها تزيده وانتهاؤها انتهاؤه ثمَّ تظهر فِي النّوبَة الثَّانِيَة)
عَلَامَات الانحطاط ظهوراً بَينا. مِثَال ذَلِك قَالَ: وَمِمَّا يعين على تعرف أَوْقَات الْمَرَض نوع الْمَرَض وَالزَّمَان والبلد والمزاج. مِثَال ذَلِك: أَن المحرقة وَالْغِب وَذَات الْجنب وَذَات الرئة أَوْقَاتهَا قَصِيرَة فَأَما الرّبع والبلغمية والصرع وعرق النسا ووجع المفاصل والكلى فأوقاتها طَوِيلَة وَإِذا كَانَت الرّبع فِي الصَّيف كَانَت على الْأَكْثَر قَصِيرَة والخريفية طَوِيلَة
(4/547)
خَاصَّة إِن اتَّصَلت بالشتاء وَجمع الْأَمْرَاض انقضاؤها فِي الصَّيف أسْرع وَفِي الشتَاء أَبْطَأَ. وَإِذا كَانَ هَذَا تبين ابتدائها.
لي يُرِيد فِي مِقْدَار الْوَقْت الَّذِي يخص بِالِابْتِدَاءِ وَهُوَ من حِين يَبْتَدِئ الْمَرَض إِلَى وَقت التزيد وَقد يكون فِي الصَّيف أقصر وَفِي الشتَاء أطول كَذَا فعلى قِيَاس الِابْتِدَاء يكون سَائِر الْأَوْقَات.
قَالَ: فَإِذا أَنْت ألفت الدَّلَائِل من جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء كَانَ حدسك فِي تعرف أَوْقَات الْأَمْرَاض مقرباً غَايَة التَّقْرِيب وَلَا يكون بعد كلَاما تَاما على استقصاء دون أَن تضم إِلَى هَذِه دَلَائِل النضج. 3 (مُدَّة الِابْتِدَاء) بِحَسب مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ هن حِين تنكر العليل حَاله تنكراً ظَاهرا لِاسْتِحَالَة شكّ فِي ذَلِك إِلَى حِين ترى أعراضه الَّتِي أنكرها تتزايد تزايداً ظَاهرا.
وحد الصعُود مُنْذُ هَذَا الْوَقْت إِلَى حِين ترى هَذِه الْأَعْرَاض قد بقيت بِحَالِهَا.
وحد الِانْتِهَاء مَا دَامَت ألف هـ هَذِه بَاقِيَة بِحَالِهَا.
وحد الانحطاط مُنْذُ تَأْخُذ هَذِه فِي النُّقْصَان إِلَى أَن يبطل ابْتِدَاء كل وَاحِد من هَذِه الْأَوْقَات بالتدقيق يكون فِي زمن لَا عرض لَهُ فَإِذا ضممت إِلَى هَذِه الدَّلَائِل النضج كَانَ معرفتك بأوقات الْأَمْرَاض معرفَة يَقِين.
عَلَامَات النضج مُنْذُ أول الْأَمر تدل على أَن الْمَرَض يكون قَصِيرا وبالضد.
قَالَ: تعرف أول الْمَرَض وَآخره من طبيعة الْمَرَض وَالْوَقْت وأدوار نَوَائِب الْحمى وَمَا يظْهر بعد حُدُوثه.
لي الَّذِي يظْهر بعد حُدُوثه هِيَ عَلَامَات النضج وَعَدَمه وأدوار الْحمى تدل على طبيعة الْحمى وَلَعَلَّ لَهُ فِي تكراره معنى.
قَالَ: جَمِيع الْأَعْرَاض فِي أول الْمَرَض وَآخره تكون أَضْعَف وَفِي منتهاه أقوى مَا يكون.
مَتى ظهر دَلِيل من دَلَائِل النضج قبل الدّور الثَّانِي من أدوار الْمَرَض فَإِنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض)
مِثَاله: إِذا حدث فِي غب فِي الْيَوْم الثَّانِي غمامة بَيْضَاء ملساء حميدة فَتلك الغب قَصِيرَة الْمدَّة جدا وَإِذا لم يكن للمرض نَوَائِب مثل حمى المطبقة وظهورها قدر زمَان دور أَو دورين يدل على مِثَال ذَلِك. وَأما فِي الحميات الطَّوِيلَة كالربع والبلغمية فَلَا يَنْبَغِي أَن يطْلب ذَلِك فِيهَا فِي أول دور وَلَا فِي الْخَامِس مثلا لِأَن على قدر مَا يسْرع كَذَلِك قصرهَا. والنضج فِي الْعُرُوق وَفِي آلَات النَّفس من النفث.
لي وَفِي كل عُضْو فِي مَا يصيل من فضوله مِثَاله: أَن عَلَامَات نضج الدِّمَاغ مِمَّا يسيل من الْأنف. ونضج علل الْعين من الرمص وَنَحْو ذَلِك. وَأكْثر عمل النضج يكون فِي أَن تبين عمل الْحَرَارَة أما فِي اللَّوْن. وَإِمَّا فِي الثخن وَإِمَّا فيهمَا.
(4/548)
قَالَ: لِأَن الحميات مرض يكون فِي الْعُرُوق الضوارب وَغير الضوارب فَاجْعَلْ دليلك عَلَيْهِ من النضج فِي الْبَوْل وَفِي ذَات الْجنب من النفث وَلِأَن فِيهَا حمى فضم إِلَيْهَا النّظر فِي الْبَوْل وَمَتى كَانَ الْمَرَض فِي الْبَطن فَإِن لم يكن مَعَه حمى فَانْظُر فِي آلَات الْبَوْل أَيْضا.
انْقِضَاء ابْتِدَاء يكون مَعَ ظُهُور عَلَامَات النضج الزَّمَان الَّذِي يبين ظُهُور عَلَامَات النضج إِلَى مُنْتَهى الْمَرَض فَهُوَ زمَان التزيد والصعود ثمَّ الْمُنْتَهى بعد هَذَا وَهُوَ أقوى أَجزَاء الْمَرَض كلهَا وأصعبها وأحرها وَقت الانحطاط.
قَالَ: وَإِذا أَنا ذكرت فِي كَلَامي ابْتِدَاء الْمَرَض فَافْهَم مِنْهُ جَمِيع الزَّمَان الَّذِي بَين أول نقطة لَا عرض لَهَا كَأَن فِيهَا الْمَرَض وَبَين أول ظُهُور النضج: وَهَذَا الْوَقْت هُوَ الْوَقْت كُله الَّذِي لم يكن فِيهِ بعد نضج لِأَن تعرف هَذَا الِابْتِدَاء هُوَ الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة لِأَنَّهُ يدل على أُمُور ألف هـ عَظِيمَة من أَمر الْمَرَض.
قَالَ: وَأَنا أجمل قولي فَأَقُول: يسْتَدلّ على أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية من الْأَمْرَاض أَنْفسهَا أَولا كم يكون مِقْدَار زمانها ثمَّ من أَوْقَات السّنة وَقِيَاس الأدوار بَعْضهَا إِلَى بعض ثمَّ مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا من العلامات الَّتِي تظهر بعد. وَأَشْرَفهَا عَلَامَات النضج الَّتِي بهَا يعرف حد الِانْتِهَاء وانقضاؤه على الصِّحَّة والحقيقة ثمَّ تتقدم فتعلم من قبل الِابْتِدَاء مَتى يكون الِانْتِهَاء بحدس مقرب يقرب من الْحَقِيقَة غَايَة الْقرب وكما أَن تعرف الِابْتِدَاء على الصِّحَّة وَالِاسْتِقْصَاء لَا يكون حَتَّى يَبْتَدِئ وَقت التزيد كَذَلِك لَا يلتئم تَحْدِيد وَقت التزيد على الصِّحَّة وَالِاسْتِقْصَاء دون أَن يَبْتَدِئ وَقت الْمُنْتَهى وَيَنْبَغِي أَن ترتاض أَولا فِي تعرف وَقت الْمُنْتَهى حِين يَبْتَدِئ ثمَّ ترتاض فِي)
أَن تتقدم فتعلم: مَتى يكون قبل أَن يكون.
لي يَقُول أَنه كَمَا أَن وَقت الِابْتِدَاء إِنَّمَا صَحَّ عنْدك حِين ظَهرت عَلَامَات النضج الدَّالَّة على أول التزيد كَذَلِك تعرف وَقت التزيد بِالصِّحَّةِ حِين تبتدئ العلامات الدَّالَّة على الِانْتِهَاء وَهِي كَمَال عَلَامَات النضج وبلوغ أَعْرَاض الْمَرَض غَايَته. وَإِذا تدربت فِي هَذِه دربة كَافِيَة أمكن أَن تحدس بعد على الْأَوْقَات قبل حُضُورهَا.
قَالَ: وَقد وصف أبقراط عَلَامَات الْمُنْتَهى قَالَ: إِن جَمِيع الْأَعْرَاض والنوائب فِي أول الْمَرَض وَآخره وأضعف مَا تكون وَفِي منتهاه أقوى مَا تكون.
وَقَالَ مَتى كَانَ الْمَرَض فِي غَايَة الحدة فَإِن الأوجاع الَّتِي فِي غَايَة القصوى فِي الشدَّة تَأتي فِيهِ سَرِيعا.
لي لج بعد هَذَا كَلَام رَأَيْت أَن إِثْبَات هَذِه الْجُمْلَة هَهُنَا أولى وَهُوَ هَذَا: الْأَمْرَاض الحادة إِمَّا أَن تكون لَهَا نَوَائِب أَو لَا تكون لَهَا نَوَائِب فالتي لَا نَوَائِب لَهَا الْحَد الْأَقْصَى من تزيد الْمَرَض وَهُوَ الِانْتِهَاء هُوَ أدل وَإِن كَانَ مِمَّا يَنُوب فاعرف الِانْتِهَاء من قِيَاس النوائب بَعْضهَا بِبَعْض.
(4/549)
قَالَ ج: إِذا رَأَيْت النوائب تتقدم وتطول أَكثر مِمَّا كَانَت وتشتد وتزداد فالمرض فِي صعُود. وَإِن كَانَت حَال النوائب بالضد فقد انحط الْمَرَض. وَرُبمَا رَأَيْت للمرض نوبتين هما أعظم جَمِيع نَوَائِب الْمَرَض قد تَسَاويا فتعلم أَنَّهُمَا مشتملتان على مُنْتَهى الْمَرَض. وَرُبمَا رَأَيْت نوبَة وَاحِدَة أعظم من كل نوبَة أَتَت قبلهَا وَتَأْتِي بعْدهَا فَيكون مُنْتَهى ألف هـ الْمَرَض فِيهَا وَحدهَا وَلَيْسَ يكَاد يتَّفق فِي الْأَمْرَاض الحادة أَن يلبث مُنْتَهى الْمَرَض ثَلَاث نَوَائِب. وَأما فِي الْأَمْرَاض المزمنة فقد يلبث مُنْتَهى الْمَرَض أَكثر من ثَلَاث نَوَائِب كثيرا فَبِهَذَا الطَّرِيق قف على أَوْقَات الْمَرَض الْكُلية فِي حَال كَونهَا وَإِذا كَانَت وفرغت وَإِذا قرب كَونهَا.
قَالَ: ويستدل عَلَيْهَا بطرِيق آخر يحْتَاج إِلَى أَن يقدم قبله لتصح أَشْيَاء من أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز كَمَا تقدمنا فخبرنا بِهِ فِي البزاق.
لي قد بَين جالينوس فِي مَا مضى من كَلَامه الدّلَالَة على النضج من البزاق الدَّال على أَمر آلَات النَّفس. وتزيد أَن نبين ذَلِك فِي البرَاز لِأَنَّهُ دَال على حَال الْمعدة والأمعاء وَهُوَ الَّذِي يسميها الْبَطن الْأَسْفَل لِأَنَّهُ يُسمى مَا دون الْحجاب الْبَطن الْأَعْلَى. ونريد أَن نبين ذَلِك أَيْضا فِي الْبَوْل لِأَنَّهُ يدل على حَال الْعُرُوق وَمَا جانسها وَنحن نذْكر جمل ذَلِك.)
أما حَال النفث فَمَا يخص مِنْهُ ذَات الْجنب فِي بَاب ذَات الْجنب. وَمَا هُوَ عَام فَفِي بَاب تقدمة الْمعرفَة. ألف هـ وَأما البرَاز فَفِي بَاب تقدمة الْمعرفَة لي وَأما الْبَوْل فَفِي بَاب على حِدة نجود فهم هَذِه ليجود فهم مَا يَجِيء بعد بِأَن يتقدمه هَذَا.
لي بِمِقْدَار تقدم النضج وتأخره يكون طول الْوَقْت وَقصر الْوَقْت الَّذِي بَين الِابْتِدَاء والمنتهى وَلَا يدل على وَقت الانحطاط ذَلِك الدَّلِيل لِأَن النضج لَا يكون إِلَّا وَقد ذهب الِابْتِدَاء وَلَا يكمل غلا وَقد جَاءَ الِانْتِهَاء وَلَيْسَ يدل كَون النضج ضَرُورَة على أَنه يكون ضَرُورَة بحران لِأَنَّهُ لي أزمان الْأَمْرَاض فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الَّتِي يكون الْفَاعِل لَهَا سوء مزاج مَعَ خلط مُتَعَلقَة بنضج ذَلِك فَإِن نضجه أول الانحطاط. وَفِي الَّتِي هِيَ من سوء مزاج فَقَط فانتهاؤها الْوَقْت الَّذِي تكون فِيهِ تِلْكَ الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لذَلِك السوء المزاج فِي عنفوانها فأزمان الْأَمْرَاض هَهُنَا مُتَعَلقَة بِهَذَا الْوَقْت. فَأَما الَّتِي فِي انْتِقَاض الِاتِّصَال فَإِن ابتداءها هُوَ أعظم أَوْقَاتهَا وَمَا بعد ذَلِك انحطاطه كُله وَمن أجل مَا ذكرنَا مَتى كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل أعْسر نضجاً كَانَ ذَلِك الْمَرَض أطول مُدَّة وعسر نضج الْخَلْط يكون إِمَّا لبعده من الطَّبْع كأصناف الكيموسات الردية الَّتِي لَا تجيب إِلَى النضج ليبسه كالسوداء أَو لبرده كالبلغم. وَلذَلِك صَارَت حميات الرّبع والنائبة كل يَوْم أطول زَمَانا لِأَن هذَيْن الخلطين لَا ينضجان إِلَّا فِي مُدَّة طَوِيلَة فَأَما حمى الدَّم فَإِنَّهَا أقصر وقتا من حمى الصَّفْرَاء لِأَنَّهَا أقرب نضجاً لَا لرقة الدَّم لَكِن لقُرْبه من الطَّبْع.
(4/550)
لي على قدر طول النّوبَة يكون زمَان الْمَرَض الكلى فِي الْأَكْثَر فَمَتَى رَأَيْت النّوبَة قَصِيرَة فَإِن جملَة أَوْقَات ذَلِك الْمَرَض يكون قَصِيرا على الْأَكْثَر إِلَّا أَن تحدث حَال أُخْرَى وبالضد وَإِن رَأَيْت وَقت النّوبَة أطول وأعسر كالابتداء والصعود فَإِن ذَلِك بِعَيْنِه يكون فِي وَقت الكلى فِي الْأَكْثَر أطول وأعسر.
الْحَرَكَة الَّتِي فِي الْغَايَة لَا تطول مدَّتهَا أَكثر من أَرْبَعَة أَيَّام وَالَّتِي تتحرك حَرَكَة دون هَذِه الْحَرَكَة فِي السرعة تَنْقَضِي فِي أُسْبُوع وعَلى قدر ضعف حَرَكَة الْحمى يتَأَخَّر وَيطول وَقتهَا.
لي وعَلى قدر تَأَخّر النضج فِي المَاء يطول الْوَقْت فِي الحميات السليمة أما غير السليمة فَلَيْسَ تَأَخّر النضج فِي المَاء دَلِيل على طول وَقتهَا بل إِن هَذَا الْمَرَض لَا يَسْتَوِي فِي أزمانه بل يقتل فِي بعض أوقاته.
مِثَال ذَلِك قَالَ: انْزِلْ إِنَّك رَأَيْت مَرِيضا عَلَامَات السَّلامَة فِيهِ قَوِيَّة وحماه تتحرك حَرَكَة سريعة)
فَبَال ألف هـ بولاً حسن اللَّوْن معتدل الغلظ أَقُول إِن الطَّبِيب يعلم أَن انْتِهَاء هَذَا الْمَرَض يكون فِي الرَّابِع وخاصة أَن ظَهرت فِي بَوْله غمامة طافية أَو مُتَعَلقَة وَأكْثر من ذَلِك إِن كَانَت راسبة.
وَانْزِلْ أَن مَرِيضا آخر حماه ضَعِيفَة الْحَرَكَة وبوله فِي أول يَوْم من مَرضه مائي إِن هَذَا الْمَرَض يطول إِلَّا أَنه لَا يُمكن فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض تعرف مِقْدَار تطاوله وَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك حَاجَة ضَرُورِيَّة لِأَنَّك قد علمت أَنَّك تحْتَاج أَن تدبر العليل تَدْبِير من لَا يَأْتِيهِ البحران إِلَّا بعد أَيَّام كَثِيرَة فَإِن تفقدت بعد ذَلِك العلامات الَّتِي تظهر كلما مَضَت للْمَرِيض أَرْبَعَة أَيَّام قدرت أَن تتقدم فتعلم مَتى يكون مُنْتَهى الْمَرَض بِالْحَقِيقَةِ.
لي يَعْنِي عَلَامَات النضج فقد اسْتَفَدْت من هَذَا الْمِثَال أَن تعلم فِي الْيَوْم الأول مِقْدَار طول الْوَقْت الأول فِي الْمَرَض أَعنِي ابتداءه بحدس مقرب وَهَذِه الدّلَالَة فِي الْيَوْم الثَّانِي تكون أبين وَبعد أَن تميز أَكثر مِمَّا ميزت فِي الْيَوْم الأول وَذَلِكَ أَن الْحمى وَالْبَوْل أَن بقيا على حَالهمَا قدرت أَن تعلم أَن الْمَرَض لَا يَأْخُذ فِي الصعُود قبل السَّابِع فضلا عَن أَن تَقول أَنه لم يَأْخُذ فِي الصعُود بعد وَإِذا كَانَ الْمَرَض على هَذَا من الْحَال فوقت الِابْتِدَاء فِيهِ طَوِيل جدا. وَأما الْأَمْرَاض الحادة جدا فوقت الِابْتِدَاء فِيهَا قصير جدا وَذَلِكَ أَنَّك إِن رَأَيْت فِي أول يَوْم من الْمَرَض عَلامَة النضج قد ظَهرت فِي الْبَوْل فقد خرج ذَلِك الْمَرَض عَن حد الِابْتِدَاء حَتَّى يكَاد المتوهم أَن يتَوَهَّم أَنه لم يكن للمرض الِابْتِدَاء الْبَتَّةَ إِلَّا أَن هَذَا محَال لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يصير الْمَرَض إِلَى نِهَايَة دون أَن يكون الْمَرَض قد ابْتَدَأَ وتزيد إِلَّا أَنه رُبمَا كَانَت هَذِه الْأَوْقَات قَصِيرَة حَتَّى أَن الْمَرَض يبلغ نهايته فِي الْيَوْم الأول فَلذَلِك لَيْسَ يَنْبَغِي لَك إِذا كَانَ الْمَرَض حاداً جدا أَن تطلب أَن تتقدم وَتعلم مَتى يكون انْقِضَاء ابْتِدَائه لَكِن ترْضى بِأَن تعرفه فِي حَال ظُهُوره ثمَّ تعرف معرفَة شافية الْوَقْت الَّذِي يَنْقَضِي فِيهِ الِابْتِدَاء أَو يَبْتَدِئ التزيد فِي حَال حُضُوره لِأَن تعرف ابْتِدَاء الْمَرَض كُله وتزيده إِذا كَانَ على هَذِه الْحَال من
(4/551)
الحدة وتعرف ابْتِدَاء النّوبَة الأولى وتزيدها وَاحِد مُشْتَرك. فَإِن قيل: كَيفَ يُمكن أَن تعلم الْمَرَض فِي الْيَوْم الأول قد بلغ منتهاه قُلْنَا إِنَّه لَا يُمكن ذَلِك أَو يكون أَولا بعلامات النضج عَارِفًا. فَإِن الَّذِي يعرض فِي نضج الكيموسات يشبه مَا يعرض للأعضاء الوارمة.
وَقَالَ أبقراط: إِن الوجع والحمى يعرضان فِي وَقت تولد الْمدَّة أَكثر مِمَّا يعرضان إِذا تولدت فَكَمَا)
أَنه بعد مَا ينضج الورم حمى صعبة متناهية الشدَّة كَذَلِك لَيْسَ يُمكن بعد أَن ينضج الورم أَن يرسب فِي الْبَوْل ثفل حميد ألف هـ أَن تكون للحمى صولة. فَأَما إِن لم يكن الرسوب فِي أَسْفَل لَكِن إِنَّمَا كَانَت مَعَ أَنَّهَا حميدة إِمَّا طافية وَإِمَّا مُتَعَلقَة فَلم يَأْتِ بعد مُنْتَهى الْمَرَض وَأكْثر من ذَلِك إِذا لم يظْهر شَيْء من هَذِه الْبَتَّةَ بعد إِلَّا يكون الْمَرَض من الْأَمْرَاض الَّتِي للصفراء فِيهَا قُوَّة قَوِيَّة جدا فَمن تفقد بعناية جَمِيع العلامات الَّتِي ذكرنَا كثيرا لم يخف عَلَيْهِ وَقت من أَوْقَات الْمَرَض لكنه إِن كَانَ الْمَرَض حاداً عرف كل وَقت من أوقاته فِي حَال حُضُوره على الْحَقِيقَة وَالِاسْتِقْصَاء وَتقدم فَأَنْذر قبل حُدُوثه بِقَلِيل أَنه يحدث عَن قريب فَإِن كَانَ الْمَرَض طَويلا علم مَتى يكون كل وَاحِد من أوقاته قبل حُدُوثه بِزَمَان طَوِيل بالحدس وَكلما تَمَادى بِهِ الزَّمَان وَقرب حُضُور وَقت كَانَت تقدمة الْمعرفَة مِنْهُ أبين وأوضح وَبِالْجُمْلَةِ فقد يَنْبَغِي أَن تعلم أَنه مَا لم يظْهر عَلامَة بَيِّنَة تدل على النضج فَذَلِك الْوَقْت كُله إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاء الْمَرَض وتقدر أَن تخبركم بَقِي إِلَى أَن تظهر تِلْكَ العلامات الْبَيِّنَة الدَّالَّة على النضج من قبل طبيعة ذَلِك الْمَرَض وحركته وَمن قبل أَوْقَات السّنة والبلد وَالسّن والمزاج ذَلِك أَنه إِن كَانَ الْمَرَض فِي طَبِيعَته طَويلا كالحمى النائبة فِي كل يَوْم ورأيتها تتحرك مَعَ ذَلِك حَرَكَة بطيئة وَكَانَت حَرَارَتهَا مدفونة مغمورة وَالْوَقْت شتاء والبلد بَارِد وَالسّن والمزاج باردين احْتِيجَ فِي ظَاهر العلامات الدَّالَّة على النضج إِلَى زمَان طَوِيل وَيَنْبَغِي أَن تعد ذَلِك الزَّمَان كُله ابْتِدَاء الْمَرَض.
فَأنْزل أَن الْحمى النائبة كل يَوْم حدثت فِي الشتَاء فِي بدن من هَذِه حَاله وَكَانَ الْبَوْل مَعَ ذَلِك رَقِيقا أَبيض. أَقُول: أَنه لَا تظهر عَلَامَات بَيِّنَة تدل على النضج فِي هَذَا الْمَرَض فِي الْيَوْم السَّابِع وَلَا فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر فضلا عَمَّا قبله.
وعلامات النضج التَّام: الثفل الراسب الأملس الْمُتَّصِل وعلامات النضج الْخفية الضعيفة انْتِقَال المَاء من المائية إِلَى الصُّفْرَة القليلة. وَإِن انْتقل الْبَوْل أَيْضا من حَال الرقة إِلَى التئور ثمَّ بَقِي بِحَالهِ بعد أَن يبال فَلم يتَمَيَّز فَذَلِك من عَلَامَات النضج الضَّعِيف الْخَفي. وَالْبَوْل أَيْضا الْأَصْفَر المشبع إِذا كَانَ رَقِيقا فَهُوَ من هَذَا الْجِنْس.
وَلَيْسَ تدل وَاحِد من هَذِه العلامات على أَن وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض قد انْقَضى لِأَنَّهُ يحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى عَلامَة بَين من هَذِه العلامات وَهِي غمامة بَيْضَاء مستوية مُتَّصِلَة إِمَّا طافية وَإِمَّا مُتَعَلقَة. والغمامة الَّتِي لَوْنهَا أَحْمَر قانٍ والثفل الراسب الَّذِي لَونه هَذَا اللَّوْن وَالْبَوْل الَّذِي لَا ثفل لَهُ)
إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن فَإِن النفث الْمُسَمّى بزاقاً هَذَا هُوَ العديم الْحمرَة والصفرة والزبدية واللزوجة ألف هـ والاستدارة السهل الْخُرُوج وَقد وصفناه فِي بَاب ذَات الْجنب نَظِير الثفل
(4/552)
الراسب فِي الْبَوْل بِأَن لَا ينفث الْمَرِيض شَيْئا الْبَتَّةَ لَكِن يسعل سعالاً يَابسا نَظِير الْبَوْل الْبعيد فِي الْغَايَة من النضج الْمُسَمّى مائياً. فَإِن انْتَقَلت الْحَال من أَلا ينفث شَيْئا الْبَتَّةَ إِلَى أَن ينفث إِلَّا أَنه رَقِيق غير نضيج فَهَذِهِ النقلَة نقلة خَفِيفَة ضَعِيفَة جدا وَلم ينقص الْوَقْت الأول أَعنِي ابْتِدَاء الْمَرَض.
وانقضاء هَذَا الْوَقْت وانتقال الْمَرَض إِلَى التزيد هُوَ أَن يَبْتَدِئ الْمَرِيض ينفث شَيْئا يَسِيرا نضيجاً ثمَّ إِنَّه من ذَلِك لَا يزَال إِلَى وَقت الْمُنْتَهى بتزيد نفثه كَثْرَة وحسناً وسهولة فَإِذا نفث شَيْئا مستحكم النضج كثيرا وَلم يكن عَلَيْهِ فِي نفثه مؤونة فَذَلِك النفث وَقت الْمُنْتَهى فَإِذا رَأَيْت مَا ينفث على هَذِه الْحَال من النضج وسهولة الْخُرُوج إِلَّا أَن مِقْدَاره نَاقص عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَلم يبْق من الوجع شَيْء فوقت الْمُنْتَهى قد انْقَضى. فلينزل أَن مَرِيضا بِهِ ذَات الْجنب لَيْسَ ينفث شَيْئا ويبول بولاً رَقِيقا إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن. ولينزل أَنا وجدنَا نَحْو الْيَوْم الْحَادِي عشر قد بَدَأَ ينفث إِلَّا أَن الَّذِي نفثه رَقِيق غير نضيج أَقُول: إِنَّه لَا يشك أَن مَرضه فِي الِابْتِدَاء وَلَكِن قد يظنّ جَاهِل أَنه قد انْتقل فِي الْحَادِي عشر من ابْتِدَاء مَرضه إِلَى صُعُوده وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لكنه لِأَن الْحَادِي عشر مُنْذر بالرابع عشر دلّ على أَن التزيد لَيْسَ يكون فِي الرَّابِع عشر فتفقد الْحَال فِي الرَّابِع عشر وَانْظُر هَل هِيَ مُوَافقَة للمتقدم فَدلَّ عَلَيْهِ الْحَادِي عشر ثمَّ تفقد بعده السَّابِع عشر لِأَن السَّابِع عشر مُنْذر بالعشرين.
فَأنْزل أَنه ينفث فِي السَّابِع عشر شَيْئا يَسِيرا نضيجاً أَن هَذَا ابْتِدَاء مَرضه وَقد انْقَضى انْقِضَاء بَينا وَمَضَت من الصعُود طَائِفَة على قدر قُوَّة النضج وَلَكِن لِأَنَّهُ لم تكن عَلَامَات النضج بَيِّنَة كَامِلَة فِي السَّابِع عشر لَيْسَ يدل على أَن مَرضه انْتهى منتهاه فِيهِ فتفقد الْعشْرين فَإِن وجدت فِيهِ دلَالَة على نضج تَامّ فمرضه حِينَئِذٍ قد انْتهى انْتِهَاء بَينا وَيُمكن أَن ينحط انحطاطاً بَينا فِي بعض أَيَّام البحران التالية للعشرين.
مُنْتَهى الْمَرَض الْبَين أَوله عِنْد ظُهُور النضج الْكَامِل. وَآخره عِنْد كَون البحران فَإِن ج قَالَ فِي انكسار الْمَرِيض: إِنَّه لما ظهر النضج الْكَامِل فِيهِ فِي السَّابِع وَالْعِشْرين ثمَّ بحرانه فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ ألف هـ وَأَن جَمِيع هَذَا الْوَقْت كَانَ وَقت الْمُنْتَهى. ووعد أَن يبين هَذَا بِكَلَام أسْرع فَائِدَة وأشرح مِمَّا بَينه فِيمَا مضى.)
قَالَ: حد انْقِضَاء الِابْتِدَاء ظُهُور عَلَامَات النضج الْبَين.
لي وحد انْقِضَاء الصعُود كَمَال النضج. وحد انْقِضَاء الْمُنْتَهى أول البحران للتام وَهُوَ أول الانحطاط.
لي العلامات الَّتِي تدل على أَن الِابْتِدَاء قد انْقَضى هُوَ النضج الْبَين والعلامة الَّتِي تدل على شَيْء يَنْقَضِي هُوَ طبيعة الْمَرَض وَالْوَقْت الْحَاضِر وَالسّن وَمَعَ ذَلِك على استظهار والبلد وَالتَّدْبِير فِي الصِّحَّة.
قَالَ: والعلامات الْخَاصَّة لانقضاء ابْتِدَاء عَلَامَات النضج: يَنْبَغِي أَن تنظركم الْبعد بَين العلامات الْحَاضِرَة الَّتِي تدل على أَنه لم يكن نضج بعد وَبَين عَلَامَات النضج الْبَين الَّذِي
(4/553)
ترجو أَن يكون وَكم مِقْدَار سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وَهل يتوقد ويشتعل أَو هُوَ خامد كَأَنَّهُ شَيْء مندفن مغمور وَمن أَنْفَع الْأَشْيَاء فِي هَذَا بل مِمَّا لَا بُد فِيهِ أَن تعلم مقادير تفاضل عَلَامَات النضج وَخلاف النضج بَعْضهَا على بعض فَإِن العلامات الَّتِي تدل على أَنه لم يكن النضج بعد مُخْتَلفَة جدا وَبَينهَا تفاضل كثير وَالْفضل فِي عَلَامَات النضج أَكثر فَإِن دَامَت العلامات الدَّالَّة على عدم النضج أَرْبَعَة أَيَّام مُنْذُ أول الْمَرَض كَانَ وَقت الِابْتِدَاء مثل ذَلِك الْوَقْت طَويلا فَإِن ظَهرت فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام من الْمَرَض العلامات الدَّالَّة على أَنه قد كَانَ نضج يسير فَإِن ذَلِك الْمَرَض طَوِيل إِلَّا أَنه لَيْسَ مثل الأول. وَإِن كَانَت العلامات الَّتِي تدل على خلاف النضج يسيرَة فَمَا بَقِي من وَقت الِابْتِدَاء يسير. وَانْظُر مَعَ هَذَا فِي العلامات كلهَا الَّتِي ذكر أبقراط أَنَّهَا تدل على طول الْمَرَض كَقَوْلِه: الْعرق الْبَارِد إِذا كَانَ مَعَ حمى حادة دلّ على موت وَإِن كَانَ مَعَ حمى هادئة دلّ على طول مرض. وَذَلِكَ أَن هَذِه العلامات إِن ظَهرت فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض والنضج لم يكن فَإِنَّهَا تزيد فِي طول الِابْتِدَاء وَيكون كَذَلِك التزيد أطول أَيْضا وَكَذَلِكَ الْمُنْتَهى على حسب ذَلِك يكون بعد زمَان طَوِيل أَيْضا. وعَلى حسب ذَلِك أَيْضا انْقِضَاء الْمَرَض. فقد تبين أَنَّك إِن تفقدت الْأَمر بِحَسب مَا يجب قدرت فِي الْأَيَّام الأول أَن تعرف مِقْدَار وَقت الِابْتِدَاء ومقادير مَا بعده من أَوْقَات الْمَرَض بحدس مقرب ثمَّ تزداد عنْدك وضوحاً إِذا نظرت فِي كل أَرْبَعَة أَيَّام تمر للْمَرِيض ألف هـ وَالْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض إِذا ظَهرت لَك فِيهَا عَلَامَات تدل على النضج الْخَفي تدل دلَالَة بَيِّنَة على مَا بَقِي من وَقت الِابْتِدَاء وَبعد أَن تعلم أَن جَمِيع الْوَقْت الَّذِي يظْهر فِيهِ)
شَيْء من العلامات الدّلَالَة على النضج فَهُوَ أول وَقت من أَوْقَات الْمَرَض وَذَلِكَ أَنَّك إِذا نظرت فِي هَذَا الْوَجْه لم يعسر عَلَيْك إِذا تعرفت كم تبَاعد الْمَرَض عَمَّا ظهر لَك فِي أول يَوْم مِنْهُ أَن تقيس عَلَيْهِ فتعرف فِي كم يَوْم يَنْقَضِي مَا بَقِي إِلَى أَن يظْهر النضج الْبَين ثمَّ مُنْذُ ذك الْوَقْت يَبْتَدِئ يتزيد الْمَرَض فِيهِ. قَالَ وَمن أَجود الْأَشْيَاء فِي الْمعرفَة بأوقات الْأَمْرَاض أَن تعرف نوع الْمَرَض مُنْذُ أول حُدُوثه وسأبين ذَلِك.
لي يَعْنِي أَنَّك إِذا علمت أَن الْحمى غب من أول يَوْمه فقد اسْتَفَدْت أمرا عَظِيما من الْمعرفَة الْمقَالة الثَّانِيَة: الحميات المحرقة والمطبقة الحادة جدا لَا تجَاوز الْأُسْبُوع الأول وَالْغِب الْخَالِصَة لَا تجَاوز الدّور السَّابِع. والبلغمية وَالرّبع تطاولان لازمتين كَانَتَا أَو نائبتين.
لي احسب أَن مُدَّة اللَّازِمَة من هَذِه أقصر أَيْضا من هَذِه الدائرة.
قَالَ: والكيموس المولد للحمى إِن كَانَ بلغماً فَإِن الْحمى تطول وَإِن كَانَ سَوْدَاء فأطول فَإِن كَانَ صفراء كَانَت قَصِيرَة. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْأَعْضَاء الَّتِي فِيهَا أورام فَإِن الورم إِن كَانَ سريع الْحَرَكَة والعضو حاراً سخيفاً عَظِيم الْخطر فَإِن الْمَرَض قصير وَإِن كَانَ
(4/554)
بطيء الْحَرَكَة فِي عُضْو بَارِد كثيف يسير الْخطر فالمرض طَوِيل. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْخَلْط الَّذِي مِنْهُ الورم فَإِنَّهُ إِن كَانَ أبرد وأعسر حَرَكَة فَهُوَ أطول. فَمن عرف أَوْقَات الْأَمْرَاض معرفَة يَقِين حصلت فِيهِ قُوَّة عَظِيمَة على تقدمة الْمعرفَة بِمَا يكون وَتصل إِلَى وَمَعْرِفَة أَوْقَات الْأَمْرَاض فِي الْوَقْت الْحَاضِر من طبيعة الْمَرَض وَقِيَاس الأدوار.
قَالَ: الغب اللَّازِمَة والدائرة قصيرتان وخاصة فِي الصَّيف. والبلغميتان طويلتان إِلَّا أَنَّهُمَا أقل طولا من الربعيتين اللَّازِمَة والدائرة قَالَ: وَإِذا كَانَت الحميات دائمة فالمرض حاد. . 3 (تعرف حَرَكَة الْمَرَض) تعرف حَرَكَة الْمَرَض بِمِقْدَار أزمان أَجزَاء نوبَة الْحمى فَإِن لكل وَاحِد من النوائب أَرْبَعَة أَجزَاء.
وَقد تكون ألف هـ حمى تَنْقَضِي فِيهَا هَذِه الْأَجْزَاء كلهَا بِسُرْعَة. وَقد تكون أُخْرَى تبطئ فِيهَا تقضي هَذِه الْأَجْزَاء كلهَا وَتَكون أُخْرَى يسْرع فِيهَا بعض هَذِه الْأَجْزَاء وتبطئ بعض وَإِن كَانَت الْحمى تَنْقَضِي فيهاجميع هَذِه الْأَجْزَاء بِسُرْعَة ونوائباً لَا محَالة تقلع فَذَلِك أَنه لَا يُمكن أَن يكون جَمِيع أَجزَاء التزيد تَنْقَضِي بِسُرْعَة وَتبقى دائمة فَلَا بُد من أَن يطول أحد أَجْزَائِهَا أَو جزءان مِنْهَا. فَأَما سونوخس فأوقات ابتدائها لَيْسَ مِنْهَا طَوِيل كلهَا منتهي.
فَأَما الحميات اللَّازِمَة الَّتِي لَهَا فتور فِي وَقت مَا فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمُنْتَهى أطول من سَائِر أَجْزَائِهَا فحركة كلهَا سريعة وَإِن كَانَ وَقت الْمُنْتَهى مِنْهَا أقصر أَجْزَائِهَا فحركتها بطيئة.
لي جَمِيع هَذِه الحميات بِقدر بُلُوغ النّوبَة الْمُنْتَهى فِي السرعة تكون حِدة حركتها وبالضد.
وَذَلِكَ أَن الْحمى المحرقة أسْرع حَرَكَة من سونوخس لِأَنَّهَا فِي الْمثل كَأَنَّهَا كلهَا منتهي. والبلغمية أطول أَجْزَائِهَا الصعُود وَالرّبع أطول أَجْزَائِهَا الِابْتِدَاء. وَالْغِب مجانسة لسونوخس فَإِن أطول أَجْزَائِهَا الِانْتِهَاء.
جَوَامِع البحران قَالَ: أَوْقَات الْمَرَض كُلية تعرف من أَرْبَعَة أَشْيَاء من نوع الْمَرَض وَمن الْأُمُور الملتئمة وَمن حالات النوائب وَمن الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر بعد.
نوبَة الْحمى تدل على حَال الْمَرَض بأَرْبعَة أَشْيَاء: بتقدمها عَن الْوَقْت وتأخرها وبمقدارها.
لي يَعْنِي بِهِ عظم النّوبَة وصغرها وَعظم النّوبَة وصغرها يكون لعظم أَعْرَاض الْحمى وصغرها أَعنِي بالأعراض هَهُنَا الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لَا الْأَعْرَاض الغريبة فَإِن النخس فِي الأضلاع والسعلة وضيق النَّفس أَعْرَاض ذَات الْجنب لَازِمَة وبقدر عظمها يكون عظم ذَات الْجنب وبالضد.
وَأما الْعَطش والسهر والهذيان فَغَرِيبَة. فَإِن ظَهرت فِي ذَات الْجنب دلّت على رداءتها لَا على عظمها وَإِن لم تظهر دلّت على سلامتها لَا على صغرها. فَلذَلِك تكون
(4/555)
فِي الْحمى أَعْرَاض لَازِمَة تدل على عظمها وصغرها مثل كَيْفيَّة الْحَرَارَة وكميتها. وأعراض غَرِيبَة تدل على خبثها وسهولتها. كالهذيان والسهر والقلق وَنَحْو ذَلِك. وَالثَّالِث طولهَا وقصرها وَالرَّابِع حَالهَا.
لي يَعْنِي بِحَالِهَا كيفيتها فِي الْأَعْرَاض الغريبة الَّتِي قد ذكرت فَاعْلَم أَن كمية الْمَرَض تعلم من أعراضه اللَّازِمَة. وكيفيته من أعراضه الغريبة.)
قَالَ: ألف هـ النّوبَة إِذا تقدّمت دلّت على التزيد وَإِن تَأَخَّرت دلّت على الانحطاط.
وَإِن لَزِمت وقتا وَاحِدًا وَكَانَ ذَلِك قبل تزيد الْأَعْرَاض دلّت على المنتهي.
لي: وَإِن كَانَ بعد تزيد الْأَعْرَاض مَعَ تزيدها دلّت على الِانْتِهَاء كُله كَأَنَّهُ فِي الْمثل إِذا لَزِمت الْحمى وقتا وَاحِدًا تنوب فِيهِ وَكَانَت الْأَعْرَاض فِي كل نوبَة يظْهر مِنْهَا شَيْء لم يكن أَو يزيدها مَا كَانَ مِنْهَا ظَاهرا عَظِيما فَإِن هَذَا وَقت الِابْتِدَاء وَإِن كَانَت فِي الْحَال الَّتِي تلْزمهُ وقتا آخر لَا تظهر الْأَعْرَاض الَّتِي لم تكن وَلَا تزيد الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة عظما فَإِن ذَلِك المنتهي.
لي افهم هَهُنَا من تزيد الْأَعْرَاض على مَا فِي الْبَاب الَّذِي تَحْتَهُ.
قَالَ: وَأما مِقْدَار نوبَة الْحمى فَيدل على وَقت الْمَرَض فَإِن النّوبَة الثَّانِيَة إِن كَانَت أعظم من الأولى دلّت على التزيد وَإِن كَانَت أَصْغَر فعلى الانحطاط. وَإِن كَانَت مُتَسَاوِيَة فَهِيَ تدل أما قبل أَن يتَبَيَّن النضج فعلى ابْتِدَاء. وَأما إِذا ظهر النضج وَبَان فعلى الِانْتِهَاء.
لي افهم من تزيد الْأَعْرَاض فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه وَأما طول النّوبَة فَإِنَّهَا كلما طَالَتْ دلّت على التزيد ونقصانها على الانحطاط وبقاؤها على حَال وَاحِدَة على الِانْتِهَاء.
لي: يَنْبَغِي أَن يدل على طول هَذِه النّوبَة وقصرها وَقُوَّة تقدمها وتأخرها وَقُوَّة عظمها وصغرها وَقُوَّة خبثها وسلامتها وَقُوَّة بَقَاء الفترات فِي قِيَاس بَعْضهَا بِبَعْض ثمَّ تعْمل بِحَسب ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يتَّفق فِي الْأَكْثَر أَن تَجْتَمِع هَذِه كلهَا فِي الدّلَالَة على شَيْء كَمَا فعل جالينوس فِي تمثيله فِي أول كتاب البحران لَكِنَّهَا تتضاد فِي الدّلَالَة فَتكون مثلا النّوبَة تتقدم والعظم ينقص والفترات تكون إبْقَاء وبالضد وَكَذَا لَا بُد من أَن ترى قوى بَعْضهَا بِبَعْض وتحتاج لذَلِك أَن تعرف مِمَّا يكون تقدم النّوبَة وَمِمَّا يكون طولهَا وَمِمَّا يكون عظمها وَأَنت تَجِد ذَلِك فِي بَاب أدوار الحميات وَفِي قَالَ:
الْأُصُول فِي تعرف الْحمى الَّتِي يرجع إِلَيْهَا فِي تعرف أَوْقَات الْحمى أَرْبَعَة: نوع الْمَرَض والأشياء المجتمعة مثل الْوَقْت وَالسّن وَالتَّدْبِير. والأعراض الَّتِي تحدث من بهد هَذِه هِيَ عَلَامَات النضج وَإِلَّا نضج وَحَال النوائب بَعْضهَا عِنْد بعض وَفِي الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرنَا.
قَالَ بعض النَّاس: يسْقط من هَذِه الْأُصُول النّظر فِي أَمر النّوبَة وَيجْعَل بدلهَا فِي أَمر الفترة فَينْظر فِي تقدم ألف هـ سُكُون الْحمى وتأخره فِي طول الفترة وقصرها وَفِي بَقَاء الفترات وتلونها.
لي كل فَتْرَة تتقدم وَقتهَا تدل على انحطاط الْمَرَض وكل فَتْرَة تتأخر وَقتهَا تدل على
(4/556)
تزيد الْمَرَض وَإِذا قل مكثها يدل على تزيده وَإِذا طَال مكثها على تنقصه. وكل فَتْرَة تكون حَال الْمَرِيض فِيهَا رَدِيئَة تدل على تزيد وَالَّتِي حَاله فِيهَا صَالِحَة تدل على انحطاط. وكل فَتْرَة يبْقى فِيهَا شَيْء من أَعْرَاض الْحمى الَّتِي حدثت فِي وَقت التزيد تدل على التزيد وبالضد.
وَقَالَ: الحميات الَّتِي لَا فترات لَهَا يَنْبَغِي أَن تتفقد هَذَا مِنْهَا فِي أَوْقَات الْخُف.
لي الْأَشْيَاء الَّتِي تتفقد من النّوبَة أَرْبَعَة: وَقت ابتدائها وَطول مكثها وَمِقْدَار عظمها وحالها. فَالْأولى يسهل مَعْرفَتهَا أَعنِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة وَطول مدَّتهَا. والأخريان يعسر قَالَ: وَمِقْدَار عظم الْحمى يعرف من تزيد الْأَعْرَاض المثبتة لنوعها بِمَنْزِلَة مَا نجد ذَلِك فِي أَعْرَاض ذَات الْجنب وَهِي الْحمى الحادة والسعال وضيق النَّفس والوجع فِي الأضلاع فَإِنَّهُ يقدر عظم هَذِه يكون عظم ذَات الْجنب. وَحَال الْحمى أَعنِي كيفيتها فتعرف من الْأَعْرَاض الغريبة من الْمَرَض بِمَنْزِلَة مَا نجد يعرض فِي ذَات الْجنب من الأرق والسهر الشَّديد وَذَهَاب شَهْوَة وَشدَّة الْعَطش فَإِن هَذِه كلهَا إِذا كثرت فِي ذَات الْجنب دلّت على أَنَّهَا أردأ.
العلامات الدَّالَّة على تزيد الْمَرَض تقدم نوبَة الْحمى وَطول مكثها وَمِقْدَار عظمها وحدوث الْأَعْرَاض الغريبة فِيهَا وَتَأَخر سكونها وَقصر وَقت الفترة وَقلة خف الْبدن فِيهِ وَألا يكون نقياً.
والعلامات الدَّالَّة على انحطاط الْمَرَض تَأَخّر النّوبَة وقصرها وخفتها ولينها وَتقدم سكونها وَطول وَقت الفترة وسهولته وبراءته من الْأَعْرَاض.
والعلامات الدَّالَّة على منتهاه أَن يَدُوم الْأَمر بِحَالَة وَاحِدَة فِي وَقت دُخُول النّوبَة ومدتها وعظمها والأعراض الْحَادِثَة مَعهَا وفترتها.
(4/557)
(حركات الْأَمْرَاض) قَالَ: حركات الْأَمْرَاض حركتان: إِحْدَاهَا كُلية وتعرف بطبيعة الْمَرَض وَهَذِه الْحَرَكَة من ابْتِدَاء الْمَرَض وتزيده ومنتهاه وانحطاطه. وَالْأُخْرَى جزئية تعرف بنوبة الْمَرَض وتزيدها ومنتهاها وانحطاطها.
3 - (أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية)
لَا يَخْلُو أَن تتحرك حَرَكَة حادة مُتَسَاوِيَة أَو حَرَكَة بطيئة مُتَسَاوِيَة. لي وَإِمَّا أَن يَتَحَرَّك بعض أَجْزَائِهِ حَرَكَة سريعة وَبَعضهَا حَرَكَة بطيئة وَمَا كَانَ من الحميات فِي الصَّيف فَإِن مدَّته تكون أقصر وَإِن كَانَ من جنس الرّبع لِأَن الصَّيف يلطف الأخلاط الغليظة ألف هـ وَمَا كَانَ من الحميات فِي الخريف فَهُوَ أطول مُدَّة من الصَّيف. وَالَّتِي فِي الشتَاء أطول من الَّتِي فِي الخريف.
الْحمى مِنْهَا مَا يَتَحَرَّك مُنْذُ أول أمرهَا حَرَكَة مبادرة وَمَعَ تقدم فِي الْوَقْت وَزِيَادَة فِي الْمِقْدَار وَطول اللّّبْث وَشدَّة مبادرة إِلَى التزيد فِيهِ وَهَذِه تدلك على أَن الْمَرَض قصير وَكَذَلِكَ أجزاؤه أَعنِي ابتداءه وتزيده ومنتهاه وانحطاطه. وَمِنْهَا بضد هَذِه فتدل على أَن الْمَرَض طَوِيل الْمدَّة وَكَذَلِكَ أجزاؤه الْأَرْبَعَة.
لي أَكثر مَا تتبين بلادة الْمَرَض بعد الِابْتِدَاء فَأَما فِي وَقت الِانْتِهَاء فَلَا يكون ذَلِك مِنْهُ عَظِيما وَلَو كَانَ فِي غَايَة البطء. للنضج ثَلَاث مَرَاتِب: إِحْدَاهَا النضج الضَّعِيف الْخَفي وَالثَّانيَِة النضج الْبَين الَّذِي بِهِ تَجِد مبدأ الْمَرَض وَالثَّالِثَة التَّام الَّذِي بِهِ تَجِد التزيد.
لي: افهم من قَوْله بِحَدّ آخر.
قَالَ: والأمراض هَهُنَا مَا يتَغَيَّر دَفعه وَفِي مثل هَذِه يَنْبَغِي لنا أَن نجد ابْتِدَاء الْمَرَض من تزيده.
لي ج يَقُول: إِن الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي يكون فِيهَا تغير دَفعه أَي بحران فَإنَّا نَعْرِف ابتداءها من ظُهُور عَلَامَات التزيد فَإِنَّهُ إِذا ظَهرت عَلَامَات التزيد علمنَا أَن الْوَقْت الَّذِي مضى كَانَ ابْتِدَاء لِأَنَّهُ لَا يُمكن فِي هَذِه الْأَمْرَاض لضيق أَوْقَاتهَا أَن تَتَغَيَّر النوائب وَلَا يُمْهل لذَلِك.
قَالَ: وَمِنْهَا مَا يَنْقَضِي ويتحلل أَولا أَولا وَفِي مثل هَذِه يَنْبَغِي أَن نَعْرِف تزيد الْمَرَض وحركات نَوَائِب الْحمى على مَا ذكرنَا فِي كميتها وكيفيتها. وَقد تكون نَوَائِب كَثِيرَة مُتَسَاوِيَة فِي الْأَمْرَاض المزمنة. لي أما الَّتِي هِيَ أحد فَرُبمَا لم نر إقلاع نوبتين متساويتين لَكِن تكون عَلَامَات التزيد
(4/558)
ظَاهِرَة فِي نوبَة مَا وعلامات الانحطاط ظَاهِرَة فِي الَّتِي تتلوها.)
تعرفنا لوقت الْأَمْرَاض فِي نوبَة مَا دَامَت هُوَ ذَا يكون بعد وَيكون من المقايسة بَين النّوبَة والنوبة فَأَما إِذا كَانَت وفرغت فَإنَّا نتعرفها بِأَنَّهُ إِن كَانَ الْحَاضِر وَقت التزيد علمنَا أَن الِابْتِدَاء وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض فِي الْأَمْرَاض المزمنة طَوِيل نَحْو مَا يكون من حمى البلغم ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا وَفِي الْأَمْرَاض الحادة وَرُبمَا لم يتم يَوْمًا وَاحِدًا بل تكون أَوْقَات الْكُلية هِيَ الْأَوْقَات الْجُزْئِيَّة وَمَا كَانَ على هَذِه الحدة ألف هـ فَلَيْسَ فِيهِ سَابق علم لَكِن تعرف فَقَط إِذا كَانَ النفث يَسِيرا نضيجاً. فَإِن كَانَت الْأَعْرَاض قَائِمَة بعد فَهُوَ وَقت التزيد وَإِن كَانَت سكنت فَهُوَ وَقت الانحطاط. وَحمى الدَّم المطبقة وَحمى الغب اللَّازِمَة وَهِي المحرقة تنقضيان فِي الْأُسْبُوع الأول. 3 (الْمَرَض الحاد) الثَّانِيَة من البحران قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي إِلَى الرَّابِع هُوَ الَّذِي يَنْقَضِي فِي الْغَايَة القصوى من الحدة وَالَّذِي يَنْقَضِي إِلَى السَّابِع فحاد جدا وَالَّذِي يَنْقَضِي إِلَى الرَّابِع عشر حاد جدا بقول مُطلق وَالَّذِي يَنْقَضِي إِلَى الْعشْرين حاد على الْمجَاز. فَأَما المجاوز الْعشْرين إِلَى الْأَرْبَعين فتسمى منتكسة وَهِي الَّتِي فِيهَا نكسة ثَانِيَة وَيكون ابْتِدَاء مرض آخر فَيكون مِنْهَا جَمِيعًا مرض حاد وينقضي فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
قَالَ: وَقد رَأَيْت الحميات الدائمة الَّتِي لَا تقلع إقلاعاً صَحِيحا تطاولت إِلَى الْأَرْبَعين وَلَيْسَ يبلغ مرض حاد إِلَى الْأَرْبَعين الْبَتَّةَ إِلَّا أَن يكون منتكساً أَو منتقلاً من حِدة إِلَى إبطاء.
والأمراض الَّتِي تنْتَقل من سرعَة الْحَرَكَة إِلَى إبطاء فَسمى منتقلة وَرُبمَا كَانَ الْمَرَض فِي أَوله سريع الْحَرَكَة ثمَّ انْتقل فَصَارَ بطيء الْحَرَكَة.
أبقراط جعل حد الْأَمْرَاض الحادة بقول مُطلق أَرْبَعَة عشر يَوْمًا والمنتكسة من الْأَرْبَعين إِلَى السِّتين على حسب مَا يَقع بعده من النقلَة فِي الْحَرَكَة بطئها أَو سرعتها.
قَالَ: وَمن الْأَمْرَاض أمراض تبتدئ تتحرك حَرَكَة ضَعِيفَة كَأَنَّهَا مدفونة بعد الرابوع الأول وَقَبله تتحرك حَرَكَة الْأَمْرَاض الحادة وَهَذِه تتجاوز الرَّابِع عشر إِلَى الْعشْرين وَجُمْلَة فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن تعرف حِدة الْمَرَض من سرعَة الْحَرَكَة ألف هـ وصعوبته وَعظم الْخطر فِيهِ مَعَ سرعَة الْحَرَكَة.
لَيْسَ كل مرض قصير الْمدَّة مَرضا حاداً وَإِلَّا فحمى يَوْم مرض حاد وَلَكِن الْمَرَض الحاد عِنْد أرخيجانس هُوَ الَّذِي يَتَحَرَّك بِسُرْعَة وَفِيه خطر. وَفِي قَول أبقراط هُوَ الَّذِي يكون الْحمى فِيهِ)
دائمة وَلذَلِك يَجِيئهُ البحران سَرِيعا ويبادر إِلَى نهايته بِسُرْعَة فَلذَلِك تكون حركته خبيثة.
وكل مرض حاد فَهُوَ لَا محَالة قصير وَلَيْسَ كل مرض قصير بحاد. وكل مرض بطيء طَوِيل فَإِن الحميات المزمنة أَبْطَأَ حَرَكَة من الحميات المحرقة وَهِي أقصر مُدَّة مِنْهَا.
(4/559)
جَوَامِع أَيَّام البحران لطول الْأَمْرَاض علامتان: عدم عَلامَة النضج أَو تَأَخره وَظُهُور العلامات الدَّالَّة على أَن الْمَرَض يطول وَهِي عَلَامَات كَثِيرَة فَمَتَى اجْتمعت هَذِه كَانَ الْمَرَض فِي غَايَة الطول وبالضد. وَإِن كَانَت فِيهِ عَلامَة وَاحِدَة كَانَ متوسطاً فِي الطول.
لي يَنْبَغِي أَن تَجْتَمِع بعده العلامات كلهَا إِلَى هَذَا الْموضع. 3 (الْجَوَامِع غير المفصلة) جَوَامِع أَيَّام البحران فِي معرفَة حَرَكَة الْمَرَض قَالَ: حَرَكَة الْمَرَض لَا تخفى إِذا تفقدت تزيد الْأَعْرَاض وتزيد النضج فِي وَقت وَقت فَإِنَّهُ بِحَسب زِيَادَة هَذِه تكون سرعَة حركته وبالضد.
من الأولى من كتاب أَصْنَاف الحميات: حمى الدق تَجِد ابتداءها من حَال العليل لَا من تزيد الْأَيَّام وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت قوته بَاقِيَة قَوِيَّة ورطوباته مَوْجُودَة فَإِنَّهَا بعد مبتدئة فَإِذا أَقبلت الْقُوَّة والرطوبة يتَبَيَّن فيهمَا النُّقْصَان والضعف فَهِيَ فِي الصعُود. فَإِذا انحل الْبدن ولصق الْجلد بالعظم فَهُوَ النِّهَايَة والذبول.
من جَوَامِع الحميات: ابْتِدَاء حمى يَوْم يعرف بِقدر السَّاعَات وَذَلِكَ أَن تزيدها يكون فِي قدر ساعتين أَو ثَلَاث. وحميات عفن تعرف بعلامات النضج وَذَلِكَ أَنَّهَا مَا لم تطهر فِي الْبدن فَهُوَ ابْتِدَاء. وحميات الدق تعرف بِمِقْدَار بَقَاء الرُّطُوبَة فِي الْبدن وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ لم يظْهر فنَاء الرطوبات بَينا فَهُوَ بعد ابْتِدَاء الدق.
لي تحْتَاج أَن تعرف أزمان الْأَمْرَاض الكائنة وتنتفع بهَا فِي تَقْدِير الْغذَاء وترتيب العلاج وَذَلِكَ يعرف بتعرف جملَة نوع الْمَرَض أَولا ثمَّ بِسُرْعَة حركته ثمَّ بعلامات النضج وتحتاج أَن تعرف الْأَوْقَات الْجُزْئِيَّة مثل ابْتِدَاء النّوبَة وانحطاطها وَذَلِكَ يعرف من الْعَادة من تقبض النبض وغوران الْحَرَارَة إِلَى دَاخل وَبرد الْأَطْرَاف وَمَسّ التكسر والصعود من عظم النبض وانتشار الْحَرَارَة وَعظم الْأَعْرَاض والهبوط من سُكُون هَذِه بعد شدتها وإقبال النبض إِلَى الْقُوَّة وَالْحَال الطبيعية ألف هـ وَينْتَفع بِهِ فِي تَقْدِير وَقت الْغذَاء فِي أَشْيَاء أخر.)
الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: انْتِقَال النوائب من الْأَفْرَاد إِلَى الْأزْوَاج يدل على طول الْمَرَض.
وبالضد.
الأولى من تقدمة الْمعرفَة: ابْتِدَاء الْأَمْرَاض الحادة على الْأَكْثَر يبلغ إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام.
لي على مَا رَأَيْت برد الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن وتقبض الْحَرَارَة إِلَى دَاخل خَاص بابتداء النوائب.
الثَّانِيَة مِنْهُ: الْحمى تطول إِمَّا لعسر نضج الْخَلْط الَّذِي مِنْهُ الْحمى أَو لعسر برد الْعُضْو الَّذِي بِهِ الْعلَّة المهيجة للحمى. أَو لخطأ الْأَطِبَّاء والمرضى.
(4/560)
الأولى من الْأَمْرَاض الحادة: الْوَقْت الَّذِي تبرد فِيهِ الْأَطْرَاف وَتَأْخُذ الْحَرَارَة مِنْهُ نَحْو الْبَطن والصدر وَقت ابْتِدَاء النّوبَة فَإِذا بَدَت الْحَرَارَة تنبسط فِي الْأَطْرَاف فَذَلِك التزيد. فَإِذا تَسَاوَت الْحَرَارَة فِي الْأَطْرَاف والصدر والبطن فَهُوَ الْمُنْتَهى. فَإِذا انْحَلَّت الْحَرَارَة من أوساط الْبدن نَحْو أَطْرَافه فَذَلِك الانحطاط.
الأولى من الْفُصُول: الغب النائبة قَصِيرَة والبلغمية النائبة كل يَوْم طَوِيلَة. وَالرّبع أطول من النائبة كل يَوْم وَأما الحميات اللَّازِمَة فَإِن المحرقة مِنْهَا قَصِيرَة واللثقة أطول والمطريطاوس متوسطة بَينهمَا. وَاسْتدلَّ على الْوَقْت الكلى بهَا أَعنِي نوع الْمَرَض. وَاسْتدلَّ على شخص كل مرض مِنْهَا بِسُرْعَة حركتها وَسُرْعَة مَا يَأْتِي فِيهَا من الْأَعْرَاض القوية الصعبة ومبادرة النوائب فِي التَّقَدُّم وَالزَّمَان الْحَار وَنَحْو ذَلِك فَإِن هَذِه كلهَا تشهد بِسُرْعَة المنتهي وبالضد.
قَالَ ج: إِذا تقدّمت نوبَة الْحمى وطالت واشتدت أعراضها فالمرض متزيد وَمِقْدَار كل وَاحِدَة من هَذِه الثَّلَاث يدل على مِقْدَار تزيد الْمَرَض وَذَلِكَ أَن النّوبَة إِذا تقدم أَخذهَا بِمِقْدَار من الزَّمَان أَكثر وطالت أَيْضا واشتدت بِمِقْدَار أَكثر دلّت على أَن تزيد الْحمى أقوى وَأَن حَرَكَة الْمَرَض سريعة والمنتهى قريب لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون تزيد النوائب عَظِيما وَلَا يكون الْمُنْتَهى قَرِيبا وَأَن النوائب الَّتِي هِيَ ضد هَذَا وَهِي الَّتِي يكون تزيدها قَلِيلا قَلِيلا فِي كل وَاحِد من هَذِه لي أَنا أَحسب أَن أَجزَاء النّوبَة الْوَاحِدَة تدل على أَجزَاء الْمَرَض الْكُلِّي فَإِن كَانَت طَوِيلَة كَانَ الْمَرَض طَويلا وبالضد اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تحدث حَادث يُغير الْأَمر.
(4/561)
3 - (ذكر الْأَمْرَاض الحادة والمزمنة) حمى الغب والمحرقة وَذَات الْجنب والرئة والسرسام أمراض حادة. والذبحة والتشنج والهيضة حادة جدا ألف هـ وَالِاسْتِسْقَاء والوسواس والسل والدق وَالرّبع والبلغمية طَوِيلَة.
قَالَ: الرّبع الصيفية أقصر والخريفية أطول وخاصة إِن اتَّصَلت بالشتاء.
قَالَ: ابْتِدَاء الْمَرَض يُقَال على ثَلَاثَة: الْوَقْت الَّذِي لَا عرض لَهُ وَالْوَقْت الَّذِي من أول مَا يحس العليل بالحمى إِلَى أَن تظهر عَلَامَات النضج وَالثَّالِثَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض.
قَالَ: فأوقات الْمَرَض بِالْجُمْلَةِ تعرف من نوع الْمَرَض وَسُرْعَة الْحَرَكَة والأشياء المانية وَظُهُور الْأَعْرَاض كالنفث فِي ذَات الْجنب الَّذِي إِن ظهر سَرِيعا فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض يسْرع البحران وبالضد.
قَالَ: يلْزم ضَرُورَة أَن يكون طول كل مرض وقصره بِحَسب تقدم النضج وتأخره.
قَالَ فِي المقلة الثَّانِيَة: إِن الفالج من الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي لَا حمى مَعهَا.
قَالَ: وَمن الْعِلَل من الْأَمْرَاض الحادة يكون من غير حمى مثل الفالج.
لي والسكتة أحد من الفالج. واختناق الرَّحِم مرض حاد جدا. وَإِنَّمَا معنى الحاد: كل مرض قصير الْوَقْت خطير فَإِن لم يجْتَمع هَذَانِ فِيهِ فَلَا لِأَن كل حمى يَوْم قَصِيرَة الْوَقْت لَكِنَّهَا غير خطرة. والسل خطر لكنه غير قصير الْوَقْت وَإِنَّمَا يجمع الْمَرَض أَن يكون مَعَ قصره خطراً للشدة فِي الْأَعْرَاض وصعوبتها فِيهِ.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: إِذا كَانَت الْحمى حافظة للْوَقْت الَّذِي فِيهِ ابتدأت دَائِما فَإِنَّهَا أطول وَأبقى من غير الْحَافِظ. مِثَال ذَلِك أَن تبتدئ الْحمى فِي السَّاعَة الثَّالِثَة أول نوبَة وَكَذَلِكَ فِي النّوبَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَسَائِر النوائب تحفظ هَذِه السَّاعَة بِعَينهَا أَعنِي الثَّالِثَة فَإِن هَذِه الْحمى أطول من كل حمى فِي جِنْسهَا مِمَّا لَا يحفظ الْوَقْت. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن حفظ النّوبَة لوقت وَاحِد يكون إِذا كَانَ السَّبَب مُتَمَكنًا قَوِيا وَلذَلِك تطول أَكثر وتحتاج إِلَى علاج قوي وَهَذَا القَوْل فِي الِابْتِدَاء لَا فِي الْمُفَارقَة فَإِذا حفظت الْحمى السَّاعَة الَّتِي تبتدئ فِيهَا وَالَّتِي تفارق فَذَلِك أوكد لما قُلْنَا. فَإِن حفظت سَاعَة الِابْتِدَاء فَقَط وَلم تحفظ سَاعَة الْمُفَارقَة فَالْقَوْل فِيهَا مَا تقدم.
قَالَ: الْحمى الغب الَّتِي مُدَّة نوبتها أقل من مُدَّة الغب الْخَالِصَة أَعنِي أقل من اثْنَتَيْ عشرَة)
فانقضاؤها أسْرع من انْقِضَاء الْخَالِصَة بِقدر نُقْصَان نوبتها عَنْهَا وَالْغِب الَّتِي زمَان
(4/562)
نوبتها أطول من مُدَّة زمَان الغب الْخَالِصَة فانقضاؤها أَبْطَأَ بِقدر فضل نوبتها عَلَيْهَا.
لي هَذَا يصحح رَأْيِي فِي أَن النّوبَة الْوَاحِدَة تدل على زمَان الْمَرَض الكلى وعَلى ألف هـ هَيْئَة الْأَرْبَعَة الْأَزْمِنَة حَتَّى يكون حَاله فِي جَمِيعهَا مشابهاً لحَال النّوبَة الْوَاحِدَة وَإِن كَانَت الْحمى تبطئ حَتَّى تَنْتَهِي كَانَ الْمَرَض كُله بعيد الِانْتِهَاء فَكَذَا فِي سَائِر الْأَزْمَان لِأَن طول الِانْتِهَاء فِي النّوبَة الْوَاحِدَة إِنَّمَا يكون لبعد الْخَلْط عَن قبُول الْحَرَارَة والاشتعال. وَكَذَا هُوَ أبعد من النضج أَيْضا لِأَن الِانْتِهَاء للنوبة الْوَاحِدَة نضج لذَلِك الْمِقْدَار الَّذِي قد عفن فِي ذَلِك الْيَوْم وَالْقِيَاس فِيهِ وَاحِد والتجربة تشهد لَهُ أَيْضا بذلك.
الْمقَالة السَّابِعَة من الفضول الْأَمْرَاض الحادة تكون لحميات مطبقة على الْأَكْثَر.
من أزمان الْأَمْرَاض: منزلَة الْأَوْقَات من الْأَمْرَاض بِمَنْزِلَة الْأَسْنَان من الْحَيَوَان.
الْأَوْقَات مِنْهَا كُلية وَهُوَ وَقت الِابْتِدَاء الكلى والصعود والانتهاء والانحطاط. وَمِنْهَا جزئية وَهِي هَذِه الْأَوْقَات فِي النّوبَة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ أَن للنوبة ابْتِدَاء وَقت الِاضْطِرَاب وَوقت الِابْتِدَاء وَوقت التزيد وَوقت الِانْتِهَاء وَوقت الانحطاط وَوقت غب الْحمى الَّتِي عَنْهَا هِيَ فَهَذِهِ سِتَّة أَوْقَات بَيِّنَة تتبين للحس فِي غب وَذَلِكَ أَن من يحم حمى غب فَأول مَا تبتدئ يحس بقشعريرة تتزيد قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تصير نافضاً وَهَذَا الْوَقْت يُسمى وَقت الِابْتِدَاء ثمَّ أَن النافض يَبْتَدِئ ويسكن وتبتدئ الْحَرَارَة فِي الْبدن وَيُسمى هَذَا الْوَقْت وَقت الصعُود ثمَّ أَن الْحَرَارَة تلبث بِحَالِهَا مُدَّة وَتسَمى هَذِه الْحَال الِانْتِهَاء ثمَّ أَن الْحَرَارَة تقبل تضعف وينقي الْبدن مِنْهَا وَهَذَا الْوَقْت وَقت الانحطاط ثمَّ يبْقى الْبدن مُدَّة مَا إِلَى أَن تعود وَهُوَ وَقت غب الْحمى.
قَالَ فِي حمى غب: أول مَا تبتدئ فِي هَذِه الحميات القشعريرة ثمَّ يتبع ذَلِك برد الْأَطْرَاف بقشعريرة أَشد ثمَّ يعرض النافض وتبرد أَعْضَاء الْبدن كلهَا وَيصير النبض فِي ذَلِك الْوَقْت أَصْلَب مِمَّا كَانَ بالطبغ وأصغر وتتبين الشرعة فِي الانقباض بَيَانا ظَاهرا لمن كَانَ عَالما بمجة الانقباض وَذَلِكَ أَن حَرَكَة الانبساط فِي أَكثر أَمر بطيئة وخاصة فِي ابْتِدَاء الدّور وَكَثِيرًا مَا توهم أَنَّهَا مُتَسَاوِيَة للْحَال الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِيمَا قبل والسكونان فتجد أَحدهمَا وجودا بَينا هُوَ الَّذِي يكون بعد الانقباض أطول مُدَّة وَأما الَّذِي ألف هـ بعد الانبساط فتجده فِي بعض الْأَوْقَات بِمَنْزِلَة الانبساط مُسَاوِيا لما كَانَ عَلَيْهِ فِيمَا قبل وتجده فِي بَعْضهَا غير مساوٍ وَقُوَّة تبيان ذَلِك أَن يلبث)
فِي بعض النَّاس ساعتين من سَاعَات الاسْتوَاء وَفِي بَعضهم أَكثر وَفِي بَعضهم أقل غير أَن النبض بعد ذَلِك إِذا ابْتَدَأَ يعظم ويسرع فِي الْحَرَكَة ويتواتر فيزيد فِيهِ كل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة قَلِيلا قَلِيلا وَسَاعَة يعرض ذَلِك تشتد حرارة الْبدن ويتغير النبض كَمَا قلت فيحس بعض النَّاس فِي دَاخل بدنه بتوقد شَدِيد وأطرافه بعد بَارِدَة وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الِاضْطِرَاب يغلب على الْبدن فِي هَذَا الْوَقْت غَلَبَة لَيست باليسيرة فَهَذَا هُوَ الْوَقْت الثَّانِي بعد الْوَقْت الأول الَّذِي يبرد فِيهِ جَمِيع الْبدن ويتغير فِيهِ النبض إِلَى ضد مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تقدم من ذَلِك وَذَلِكَ أَن النبض فِي وَقت غب الْحمى يكون بِحَال الطبيعة.
(4/563)
قَالَ: وَالْوَقْت الأول بِالْحَقِيقَةِ فِي جَمِيع الدّور هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئ فِيهِ القشعريرة ويبرد فِيهِ الْبدن ويتغير النبض التَّغَيُّر الَّذِي وَصفنَا وَالْوَقْت الثَّانِي بعد هَذَا الْوَقْت وَقت تغير النبض إِلَى حرارة وانتشارها انتشاراً مُتَسَاوِيا وَالْوَقْت الثَّالِث الْوَقْت الَّذِي تتزيد فِيهِ هَذِه الْحَال أَعنِي الْحَرَارَة باستواء. وَالْوَقْت الرَّابِع الْوَقْت الَّذِي تبقى فِيهِ الْحَرَارَة بِحَالِهَا. وَالْوَقْت الْخَامِس الْوَقْت الَّذِي تنقص فِيهِ الْحَرَارَة ويبدو البخار من الْبدن وَيبدأ النبض يرجع فِيهِ إِلَى الْحَال الطبيعية ويطرح عَنهُ الْعظم والسرعة والتواتر والصلابة ويعرق الْبدن فِي أَكْثَرهم فِي هَذِه الْحَال.
ثمَّ الْوَقْت السَّادِس وَقت غب الْحمى وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يكون الْبدن فِيهِ نقياً لَا قَلَبة بِهِ.
قَالَ: وَقد تفهم هَذِه الْأَوْقَات بالنبض وَذَلِكَ أَن جَمِيع من يحم غبا يُصِيبهُ بَغْتَة اضْطِرَاب أَو قشعريرة فِي بدنه كُله ثمَّ يحس بعد تِلْكَ القشعريرة بِبرد قوي ويصيبه نافض ثمَّ يسكن النافض بعد ذَلِك بِمدَّة ويقل برد الْأَطْرَاف ويبتدئ يحس بتلهب فِي دَاخل بدنه بأجمعه وعطش ثمَّ بعد ذَلِك يبطل برد الْأَطْرَاف والنافض بتة ويتوقد بدنه توقداً مستوياً ويتزيد ذَلِك فِيهِ دَائِما إِلَى مُدَّة مَا تقف عِنْدهَا الْحَرَارَة وتلبث مُتَسَاوِيَة ثمَّ أَنه يحس بعد ذَلِك تنتقص الْحَرَارَة وَلَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يصير الْبدن إِلَى الْحَال الأولى الَّتِي لم يكن يحس فِيهَا شَيْئا. فَهَذِهِ هِيَ الْأَوْقَات فِي حمى غب.
قَالَ: فَمثل هَذِه الْفُصُول أَو مَا يقرب مِنْهَا يُوجد فِي جَمِيع الحميات حَتَّى أَنه يُوجد فِي المطريطاوس مَا خلا الحميات اللَّازِمَة وَذَلِكَ أَن هَذِه لَا يحس لَهَا بابتداء بَين وَلَا انحطاط بَين.
قَالَ: وَأما الحميات الَّتِي لَا تغب أَعنِي الَّتِي لَا يَنْفِي الْبدن مِنْهَا فِي فتراتها فَإِنَّهَا يجب)
ضَرُورَة مَتى كَانَ مَعَ ابْتِدَاء النّوبَة ألف هـ انقباض وأعني بالانقباض برد الْبدن وَذَلِكَ أَنه يلْحق الْبرد حَرَكَة النبض إِلَى دَاخل وصعوده لِأَن الدَّم يغور فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يكون بعد هَذَا الْعَارِض اضْطِرَاب ثمَّ صعُود ثمَّ مُنْتَهى ثمَّ انحطاط.
وَأما إِذا لم يكن فِي ابْتِدَاء النّوبَة انقباض محسوس فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يصير وَقت الِابْتِدَاء وَالِاضْطِرَاب والتزيد وقتا وَاحِدًا فَيكون الْوَقْت الَّذِي بَين ابْتِدَاء الْحمى ومنتهاها صعُودًا كُله لِأَن الانقباض إِذا لم يعرض فَمن الْبَين أَن الِاضْطِرَاب أَيْضا لَا يعرض.
وَأما الْمُنْتَهى فَلم نجده قطّ بَطل فِي مرض من الْأَمْرَاض لَكنا نجد لجَمِيع الحميات اسْتِوَاء محسوساً لابثاً على حَال وَاحِدَة وقتا مَا.
قَالَ: وَأعظم الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لابتداء النوائب وَأَشْرَفهَا الانقباض وحركة النبض إِلَى دَاخل أَعنِي سرعَة الانقباض فَإِن كَانَ نافض فصغر النبض وتفاوته وإبطاء الانبساط فَإِن هَذِه يحدث بِسَبَب الْبرد. ولاستقصاء معرفتي بِهَذِهِ الْأَشْيَاء قد منعت مرضِي كثيرا كَانَ الْأَطِبَّاء
(4/564)
قد عزموا على أَن يُدْخِلُوهُمْ الْحمام أَو يغذوهم لِأَن الْوَقْت الَّذِي تتَوَقَّع النّوبَة فِيهِ كَانَ فد حَان عَلَيْهِم من ذَلِك أَنِّي قد أحسست بِأَن الدّور قد ابْتَدَأَ لمعرفتي بِسُرْعَة الانقباض أَعنِي انقباض الْعرق فَإِنَّهُ قد يُمكن من قدر على معرفَة هَذَا النبض أَن يعرف الِابْتِدَاء دَائِما وتزيدها لِأَن الْوَقْت الَّذِي يصير النبض فِيهِ بالضد أَعنِي أَن يعظم الانبساط هُوَ المنتهي وَالْوَقْت الَّذِي يرجع النبض فِيهِ إِلَى الْحَال الطبيعية هُوَ انحطاطها. وَهَذِه الحميات إِنَّمَا يُمكن أَن تفصل فِيهَا هَذِه الثَّلَاثَة الْأَوْقَات. فَأَما الحميات المطبقة الَّتِي لَا أدوار لَهَا بِمَنْزِلَة حميات الدَّم فَلَيْسَ للحمى فِيهَا نوبَة وَلَا جُزْء من الْأَجْزَاء الَّتِي قدمنَا ذكرهَا لَكِن تعرف أَوْقَات الْمَرَض فِيهِ من جِهَة أُخْرَى غير هَذِه الْجِهَة.
لي الِاسْتِدْلَال على هَذِه بعلامات النضج وَذَلِكَ أَن هَذِه كلهَا نوبَة وَاحِدَة فَتسقط فِيهَا أزمان الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة. وَتَكون الْأَزْمَان الْكُلية هِيَ كل هَذَا الْمَرَض ويستدل عَلَيْهِ من النضج. وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ لم يتَبَيَّن نضج الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ الِابْتِدَاء لَا محَالة. وَإِذا بَان نضج ضَعِيف فَهُوَ التزيد. فَإِذا قَالَ: وَأما المطريطاوس فَإِن أَوْقَاتهَا خَمْسَة وَذَلِكَ لِأَن الْبدن لَا ينقى مِنْهَا الْبَتَّةَ. وابتداؤها وتزيدها مُضْطَرب وَذَلِكَ أَن للقشعريرة فِيهَا عودات ومنتهى طَوِيل وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَارَة تنبسط فِيهَا بكد فِي الْيَوْم الأول وَكَذَلِكَ انحطاطها طَوِيل لِأَنَّهُ يقف وقتا بعد وَقت بِحَالهِ كَمَا كَانَ عِنْد)
الصعُود بِحَالهِ حينا بعد حِين ثمَّ تصعد فَأَما فِي الْيَوْم الثَّانِي فَإِن أوقاته الطَّوِيلَة فِيهِ أقصر وَحَال الْيَوْم الثَّالِث حَال الْيَوْم الأول وَالثَّانِي كالرابع وَدَلَائِل الحميات فِيهَا مَوْجُودَة أَعنِي سرعَة الانقباض وميل الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن والقشعريرة وَالِاضْطِرَاب. وَقد يطول وَقت الصعُود والانحطاط والمنتهى وَيقصر أَيْضا بِحَسب الْأَبدَان.
لي لم يبين فيمَ ذَلِك وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن الصعُود يعسر فِي الْأَبدَان البلغمية والانحطاط فِي الْأَبدَان المرارية وبالضد فَأَما الْمُنْتَهى فَإِن طوله تَابع لطول الانحطاط وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الانحطاط عسراً طَال المنتهي فَأَما إِذا كَانَ الصعُود عسراً فَلَا لِأَن الطول كُله حِينَئِذٍ فِي الصعُود والصعود لَا يشبه الْمُنْتَهى لِأَن الْمُنْتَهى الْوَقْت الَّذِي الْأَعْرَاض فِيهِ فِي غَايَة الْعظم. فَأَما الانحطاط فَمَا لم يبن النَّقْص بَيَانا ظَاهرا فَإِنَّهُ منتهي.
(4/565)
(الْحمى النائبة كل يَوْم) قَالَ عَلَامَات الِابْتِدَاء فِي هَذِه تلبث فِي بعض الحميات مُدَّة أَكثر وَفِي بَعْضهَا أقل وَكَذَلِكَ خَواص الِاضْطِرَاب فَإِن مُدَّة لبثها فِي بعض هَذِه الحميات رُبمَا كَانَت طَوِيلَة وَرُبمَا كَانَت قَصِيرَة ومنتهاها أطول من مُنْتَهى الغب فَإِن لَهَا فِي الْمُنْتَهى والانحطاط وقفات.
لي الِاضْطِرَاب يَعْنِي بِهِ الْوَقْت الَّذِي تختلط فِيهِ الْحَرَارَة والبرودة فِي الْبدن.
قَالَ: وَأما الحميات الَّتِي تكون مَعَ برد فوقت الْبرد فِيهَا أحد أَوْقَات النّوبَة. 3 (وَقت الِابْتِدَاء) قَالَ: الورم الْحَار إِذا حصل فِي الْعُضْو من الدَّم شَيْء خَارج عَن الطَّبْع فَهُوَ ابْتِدَاء وَإِذا عفن مَا حصل واشتدت لذَلِك الْحَرَارَة كثر انصباب الدَّم وتولدت فِيهِ ريَاح نافخة فتمدد بِسَبَبِهَا وبسبب كَثْرَة الدَّم تمدد شَدِيد فَذَلِك الْوَقْت هُوَ التزيد. وَإِذا أقبل ذَلِك يَسْتَحِيل إِلَى الْمدَّة وَبَلغت الأوجاع فِي ذَلِك الْوَقْت غايتها وَهَذَا هُوَ وَقت الْمُنْتَهى فَإِذا اجْتمعت الْمدَّة وانفشت تِلْكَ الْمَادَّة حَتَّى يقل تمدد الْعُضْو وتصدده عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَذَلِك الانحطاط.
قَالَ: وَأما الحميات فَمَا كَانَ حُدُوثه بِسَبَب الورم الْحَار فأوقات تعرف بأوقات الورم وَمَا عرض مِنْهَا بِسَبَب عفونة الأخلاط بِلَا ورم فَهَذِهِ ابْتِدَاؤُهَا مَا دَامَت الأخلاط ألف هـ غير نضيجة فَإِذا بَدَأَ النضج انْقَضى وَقت الِابْتِدَاء وابتدأ وَقت الصعُود فَإِذا تمّ النضج وَفرغ كَانَ ذَلِك الْوَقْت وَقت الْمُنْتَهى. ثمَّ يتبع ذَلِك وَقت الانحطاط وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يقل فِيهِ حُدُوث الْأَعْرَاض الَّتِي يعرض فِيهَا النضج وتسكن شدتها وَتبقى مِنْهَا بَقِيَّة يسيرَة تحْتَاج إِلَى النضج.
قَالَ: والأوقات فِي القروح هَذِه الْأَوْقَات بِعَينهَا. وَذَلِكَ أَنه يخرج أَولا صديد رَقِيق مائي غير نضيج ثمَّ يجْرِي بعد ذَلِك مِنْهَا صديد أقل من الصديد الأول وَاغْلُظْ ثمَّ يستفرغ مِنْهَا بعدُ مِدّة رقيقَة ثمَّ أَن الْمدَّة تقل وتغلظ وتبيض.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الرمد فَإِنَّهُ يجْرِي من الْعين فِي أول حُدُوثه صديد رَقِيق غير نضيج ثمَّ يسيل مِنْهَا بعد ذَلِك إِذا ابْتَدَأَ النضج صديد رَقِيق أقل من الصديد الأول وَأَغْلظ فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان نقصت كثرته وَغلظ قوامه وَكَثُرت الدَّلَائِل الَّتِي تدل على النضج حَتَّى أَنه تلتصق الأجفان مِنْهُم إِذا نَامُوا من الرمص الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْعين وَهَذَا الرمص يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا كثيرا فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان وَقلت كميته دلّ على نضج الْعلَّة وَكَذَلِكَ أَيْضا الْموَاد الَّتِي تنحدر من الدِّمَاغ وتستفرغ من الحنك والمنخرين فَإِنَّهُ مَا دَامَ مبتدئاً كَانَ مَا يجْرِي مائياً كثيرا حاداً
(4/566)
وَأما فِي الِانْتِهَاء فَإِن مَا يستفرغ مِنْهَا غليظ أقل كمية وَأَقل حِدة وَإِن استفرغ مِنْهُ المخاط كَانَ ذَلِك أصح.
قَالَ: فَأَما أَنا فتارك الْقَوْم الَّذين يتنازعون فِي مَا لَا ينفع الصِّنَاعَة فيبحثون عَن الِابْتِدَاء والانتهاء الَّذِي لَا عرض لَهُ. فَأَما أَنا فَإِنِّي قد وجدت للأمراض انْتِهَاء ذَا عرض وَهُوَ جَمِيع الْوَقْت الَّذِي يحس الْمَرَض فِيهِ لابثاً بِحَالهِ لَا يتزيد وَلَا ينتقص شَيْئا محسوساً ذَا قدر.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل فِي هَذِه الْمدَّة العلاجات الَّتِي تسْتَعْمل فِي الْمُنْتَهى.)
قَالَ: ومنتهى الْأَمْرَاض يكون فِي بَعْضهَا أطول وَفِي بَعْضهَا أقصر.
قَالَ: وَرُبمَا أمكنتنا مَعْرفَته وَرُبمَا لم يمكنا معرفَة ذَلِك إِلَى أَن يجوز وَيذْهب وَبعده بِوَقْت طَوِيل.
قَالَ: وَذَلِكَ يكون بِسَبَب قصر وَقت الْمَرَض فَإِن بعض الْأَمْرَاض يُوهم أَنَّهَا سَاعَة تبتدئ تكون فِي غَايَة شدتها وانتهائها وَذَلِكَ غير مُمكن لِأَنَّك لَا تَجِد حمى الدَّم تبلغ غَايَة شدتها سَاعَة تبتدئ ألف هـ وَلَكِن لَا بُد أَن يكون ذَلِك وَلَو كَانَ أحدّ مَا يكون ثَلَاث سَاعَات أَو أَرْبعا أقل شَيْء ثمَّ إِنَّهَا مُنْذُ ذَلِك تلبث بِحَالِهَا أَو تلبث مُسَاوِيَة الْأَمر إِلَى أَن يَأْتِي البحران.
وَلَا السكتة وَهِي أَشد الْأَمْرَاض حسا حَتَّى تكون حِين تحدث فِي غَايَة الشدَّة وَإِن كَانَت تَنْتَهِي بِسُرْعَة لَكِنَّهَا لَا بُد لَهَا من مُدَّة ابْتِدَاء. وَلَا الصرع يكون كالصاعقة بَغْتَة لَكِن يَبْتَدِئ قَلِيلا ثمَّ يتزيد سَرِيعا.
قَالَ: أَقُول: إِن لكل وَاحِد من الْأَمْرَاض ابْتِدَاء إِلَّا أَنه رُبمَا كَانَ محسوساً وَرُبمَا كَانَ ضَعِيفا. والتزيد أَيْضا لَيْسَ يتَبَيَّن للحس فِي جَمِيع الْأَمْرَاض فَأَما الْمُنْتَهى فمحسوس فِي جَمِيع الْأَعْرَاض لَا محَالة.
لي هَذَا هُوَ الْمُنْتَهى الصناعي لَا الوهمي. وَأما الانحطاط فمحسوس والأمراض الحادة جدا الَّتِي يسلم فِيهَا العليل إِنَّمَا يحس فِيهَا بالانتهاء والانحطاط وَالَّذِي لَا يسلم بالانتهاء يضيق وَقت الْمُبْتَدَأ والتزيد فِيهَا.
قَالَ: وَلَا يُمكن أَن تفهم نِهَايَة الْمَرَض الْقِتَال كَمَا تفهم نِهَايَة الْمَرَض السَّلِيم وَذَلِكَ أَن الْمَرَض السَّلِيم يبلغ وقتا تكون النوائب فِيهِ بِحَالِهَا لَا تزيد ويتبين فِيهَا النضج فَيعرف أَنه مُنْتَهى صَحِيح. فَأَما الْقِتَال فلأنّ النضج لَا يظْهر فِيهِ الْبَتَّةَ فِي وَقت من الْأَوْقَات وَرُبمَا قتل الْمَرِيض قبل أَن يصير النوائب بِحَال وَاحِدَة.
قَالَ وَيَنْبَغِي أَن تجيد التفقد وَذَلِكَ أَنه قد يَنْبَغِي أَن يكون بالمريض مرضان أَو ثَلَاثَة أَحدهَا قد انْتهى وَالْآخر لَا ثمَّ يَمُوت العليل. لَا من الْمَرَض الَّذِي قد انحط لَكِن من الْمَرَض الآخر. قَالَ وَأَجد التيقن عَن ذَلِك.
قَالَ: فَإِذا كَانَ الْمَرَض لَا يظْهر فِيهِ نضج فاصرف فكرك كُله إِلَى حَال الْقُوَّة من المبادئ
(4/567)
الثَّلَاثَة وَانْظُر فِي أَعْرَاض الْمَرَض وَقس بَينهَا فَإِن رَأَيْت القوى تضعف والأعراض تزداد عظما فَاعْلَم أَنه)
لَا يكون نضج فَإِن رَأَيْت ضد ذَلِك فَاعْلَم أَنه سَيكون.
قَالَ: وَجَمِيع الْأَعْرَاض فِي الِابْتِدَاء والانحطاط أَضْعَف وَفِي الِانْتِهَاء أقوى. فَأَما فِيمَا بَين ذَلِك فحالها متوسطة.
قَالَ: وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يكون الْغَالِب فِي العلاج وَقت الْمُنْتَهى الْأَشْيَاء المسكنة. وَأما فِي الِابْتِدَاء والانتهاء فالمقاومة للمرض. وَفِيمَا بَين الطَّرفَيْنِ يكون مَا يسْتَعْمل فِي الْأَوْقَات المتوسطة.
من كتاب العلامات قَالَ: ثقل الْبدن واضطرابه ونخس فِي العضل وإعياء وتثاؤب وتمط ألف هـ ومجسة كثيفة صلبة فَإِذا كَانَت هَذِه العلامات من غير إِحْضَار وَلَا أَخذ طَعَام كثير وَلَا استحمام فَإِن نوبَته ستبتدئ.
قَالَ: فَإِذا كَانَت فِي أُولَئِكَ النّوبَة نافض فَذَلِك وَإِذا لم يكن فَأَرَدْت أَن تجس الْبدن فهيئ يدك للمس الْبدن لِأَن لَا تكون حارة وَلَا بَارِدَة فافرك أصابعك وَضعهَا على صدرك حَتَّى تستوي حَالَة كفك ثمَّ جس يَده وصدره وجنبيه ثمَّ امْكُث قَلِيلا وَأعد الجس فَإنَّك رُبمَا وَجدتهَا حارة جدا وَلَا تشك فِي أَنَّهَا حمى وَرُبمَا وَجدتهَا بَارِدَة فِي أول اللَّمْس إِلَّا أَنه لَا تظهر مِنْهَا بطول اللِّقَاء حرارة شَدِيدَة وَيظْهر كَمَا يظْهر من الْبيض السليق إِذا ألقِي فِي المَاء الْبَارِد. وَرُبمَا وجدت قَالَ: عَلَامَات ابْتِدَاء النّوبَة أَن تكون المجسة صَغِيرَة كثيفة وتبرد الْأَطْرَاف ويعرض التثاؤب والحزن والكسل ويتغير اللَّوْن وتبطئ الحركات ويثقل الْكَلَام وَتَسْتَرْخِي أجفان الْعين وَرُبمَا وَقع عَلَيْهِ سبات وتهيج القشعريرة فِيمَا بَين الْكَتِفَيْنِ والصلب وتحم الصدغ والصدر ويحس فِي الْجلد شَبيه بنخس الشوك. وتبرد أرنبة الْأنف وشحمة الْأذن والمجسة صَغِيرَة كثيفة. وَرُبمَا عرض نافض وَبرد قوي وَرُبمَا عرض سيلان الرِّيق واختلاج الصدغين وطنين الْأُذُنَيْنِ وعطاس وامتداد أَعْضَاء الْبدن كُله.
عَلَامَات الصعُود: كَثْرَة الْحَرَارَة فِي الصَّدْر والبطن واللهيب والعطش وَعظم النبض واحمرار الْوَجْه ووجع الصلب والمفاصل وَعظم النَّفس والغثي والفواق فِي الْأَحَايِين.
فَأَما الْمُنْتَهى فَأن يحم الْبدن كُله بِالسَّوِيَّةِ ويشتد النبض ويصلب ويقوى إِن لم يكن الْمَرَض رديئاً لِأَن الْمَرَض الرَّدِيء يَجْعَل النبض صَغِيرا فِي جَمِيع الْأَزْمَان وَأَن تستوي الْأَعْرَاض وَلَا تتزايد.
فَأَما الهبوط: فَأن تنقص الْأَعْرَاض أَعنِي الْعَطش والحرارة وَالِاضْطِرَاب ويترطب الْبدن قَلِيلا قَلِيلا ويشتهى الطَّعَام وَيصْلح النبض.)
(4/568)
الْخَامِسَة عشرَة من النبض فِيهِ دَلَائِل على أزمان الحميات من النبض وَقَالَ فِي ابْتِدَاء الحميات: يتَنَحَّى الدَّم عَن ظَاهر الْبدن فِي آخر الْأَمر.
وَمِمَّا لَا يُفَارق ابْتِدَاء الحميات العفونة سرعَة الانقباض ألف هـ وَهِي أصدق من جَمِيع العلامات.
أبيذيميا الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: إِذا كَانَ للهواء مزاج رطب بَارِد طَالَتْ مُدَّة الحميات وَلم تنضج إِلَّا بكد.
الثَّالَّةِ قَالَ: البرسام الْحَار مِنْهُ الْمُسَمّى قرانيطس والبارد الْمُسَمّى ليثرغس قصير الْمدَّة ذُو خطر. والورم الصلب فِي الكبد طَوِيل الْمدَّة قتال.
فِي الأولى من الثَّانِيَة قَالَ: أدوار الحميات فِي الْأَمر الْأَكْثَر تتقدم على نِسْبَة أَو تتأخر وَرُبمَا لَزِمت وقتا وَاحِدًا واللازمة وقتا وَاحِدًا تأخرها عَنهُ دَلِيل النُّقْصَان فِي الْوَقْت وبالضد. وَأما الَّتِي عَادَتهَا التَّقَدُّم والتأخر فِي الْوَقْت فَيَنْبَغِي أَن تنظر فِي نِسْبَة التَّقَدُّم إِلَى التَّقَدُّم والتأخر إِلَى التَّأَخُّر وَمن ذَلِك يتعرف هَل يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر. وَانْظُر مَعَ ذَلِك فِي طول مقَام النّوبَة فَإِنَّهُ قد يُمكن أَن يتَأَخَّر الْوَقْت وَيبقى مُدَّة أطول. وَأما صعوبة الْحمى فَتكون من أعراضها وَذَلِكَ يكون إِمَّا فِي الكمية بِأَن تحدث مَعهَا أَعْرَاض أَكثر وَإِمَّا فِي الْكَيْفِيَّة بِأَن تحدث مَعهَا أَعْرَاض أصعب وَإِمَّا فيهمَا وَإِذا كَانَ فيهمَا فقد ارْتَفع الشَّك وَإِذا كَانَ فِي أَحدهمَا فقس الْكَيْفِيَّة بالكيفية واعمل بِحَسب ذَلِك فِي جَمِيع الحميات الحادة والمزمنة والخراجات وَسَائِر الْأَمْرَاض. وَجَمِيع مَا رَأَيْت أعراضه وصعوبته أسْرع وأصغر فَهُوَ أقصر الْمَرَض وَتقدم النوائب أبدا خَاص بالحميات القصيرة النّوبَة وبالضد. وَمَتى كَانَت أَزِيد بعد مَا كَانَت أنقص دلّ على قصر الْمدَّة لِأَن ذَلِك سرعَة حَرَكَة وكل سريع الْحَرَكَة إِلَى التَّمام قصير الْمدَّة من الْحَيَوَان والنبات وَغَيره.
وَقد تتفقد جَمِيع الأدوار حَتَّى يُقَاس كل دور بِمَا تقدم وَيُؤْخَذ مِنْهُ اسْتِدْلَال. السَّادِسَة من الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ الْمَرَض لَا ينهك الْبدن وَلَا يهزل الْوَجْه سَرِيعا وَلَا يسْقط الْقُوَّة فَإِنَّهُ مرض يطول وبالضد وَلَا يهزل مادون الشراسيف سَرِيعا.
الأولى من السَّادِسَة مَا كَانَ من الحميات مَعَه نافض شَدِيد فَلَيْسَ يُمكن أَن يَقع منتهاه حَتَّى يسكن النافض.
قَالَ: ينْتَفع بِهَذَا خَاصَّة فِي تعرف مُنْتَهى الرّبع فَإِنَّهُ لَا يقْلع مُنْتَهَاهَا. والنافض الَّذِي فِيهَا لم)
ينقص شَيْئا فَلَيْسَ تبلغ الرّبع مُنْتَهَاهَا دون أَن يخف النافض وَكَذَا فِي الحميات مادامت نِيَّة البلغمية لي وَلم يذكر الغب.
الْيَهُودِيّ قَالَ: الحميات مادامت نِيَّة فجة لَا تبدل أَوْقَاتهَا فَإِذا نَضِجَتْ تَغَيَّرت أَوْقَات نوائبها.
وَأي حمى تَغَيَّرت أَوْقَات نوائبها ألف هـ سَرِيعا فَهِيَ ضَعِيفَة وبالضد.
شَمْعُون قَالَ: حمى يَوْم آخرهَا أَرْبَعَة أَيَّام وَالْغِب أَرْبَعَة عشر يَوْمًا والمحرقة شدتها فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام سبع سَاعَات إِلَى اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة ومدتها أُسْبُوع. وَالرّبع الْخَالِص مدَّتهَا
(4/569)
فصل من فُصُول السّنة والبلغمية الْخَالِصَة أَرْبَعُونَ. واللازمة مدَّتهَا عشرُون يَوْمًا. وسونوخس إِلَى أَرْبَعَة عشر يَوْمًا. والسل إِلَى الْمَوْت أَو إِلَى أشهر كَثِيرَة والمطريطاوس الْخَالِصَة الَّتِي تشتد مَا بَين أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَحمى الورم إِلَى أَن تجمع وتبرأ.
أبيذيميا الثَّانِيَة من مسائلة قَالَ: يدل على طول الْمَرَض النبض الْعَظِيم الْقوي وَالْوَجْه السمين غير الحابل والشراسيف غير الضامرة.
لي لِأَن هَذَا يدل على أَن التَّحَلُّل من الْبدن قَلِيل.
السَّادِسَة قَالَ: مادام النافض قَوِيا فَإِن الْمَادَّة الَّتِي مِنْهَا الْحمى لم تنضج وَلم تبلغ الْحمى مُنْتَهَاهَا. فَإِذا سكن بعض السّكُون دلّ على أَن مُنْتَهى الرّبع قريب.
لي لِأَن النافض إِنَّمَا يكون من ذَلِك الْخَلْط الْبَارِد النيء فَإِذا قل مِقْدَاره دلّ على قلَّة الْخَلْط وَأَنه قد تحلل أَكْثَره أَو نضج.
لي رَأَيْت أبدا طول الحميات بِحَسب طول النافض حَتَّى أَن الحميات الَّتِي لَا نافض فِيهَا أقصرها وَهَذَا الْوَاجِب لِأَن النافض إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة قبل أَن يَبْتَدِئ يسخن فَافْهَم الْمَعْنى.
اغلوقن قَالَ: إِذا رَأَيْت الْحمى اللَّازِمَة فِي الثَّالِث هيجانها أَزِيد وَلم تَرَ فِي الْبَوْل وَالْبرَاز شَيْئا من النضج فَلَا يكون فِيهَا بحران فِي السَّابِع وَنَحْوه. وَإِن كَانَت الْحَال فِي الرّبع مثل ذَلِك وَرَأَيْت الْحمى كَأَنَّهَا باطنة ومندفنة وَرَأَيْت الْوَجْه وَسَائِر الْبدن كُله غير ضامر فَاعْلَم أَن هَذِه تلبث زَمَانا أطول.
قَالَ: الْحمى الغب الْخَالِصَة لابد أَن يظْهر فِيهَا فِي الثَّالِث وَالرَّابِع دَلِيل على نضج وَأما غير الْخَالِصَة الَّتِي حدتها قَليلَة ونوبتها طَوِيلَة وفيهَا من البلغم مزاج كثير فقد رَأَيْت مَا بَقِي فضلا أَو فضلين. وَإِذا اخْتلطت الصَّفْرَاء فِي البلغمية فاحتدت قصرت مدَّتهَا. فَإِذا خالطت البلغمية)
الصَّفْرَاء طولتها.
جَوَامِع اغلوقن قَالَ: الغب أقصر من النائبة مُنْتَهى والبلغمية أطول مِنْهَا وَالرّبع أطول وَالَّتِي يجْتَمع مِنْهَا مَا فِيهَا الْحر وَالْبرد فِي حَالَة إِلَّا أَن تكون محرقة وَأبْعد مُنْتَهى. وَيقصر وَقت الْحمى فِي جَمِيع الْأَشْيَاء الحارة. وتبطئه الْبُرُودَة ألف هـ والرطوبة وَكلما كَانَت النوائب أقوى وأسرع دلّ على أَن الْمُنْتَهى أقرب وبالضد. وَدَلَائِل النضج إِذا ظَهرت تدل على قرب الْمُنْتَهى فَإِذا تَأَخَّرت فعلى بعده وَطول الْمَرَض.
قَالَ: ويستدل على جَمِيع الحميات نائبة كَانَت أَو مفترة هَل تطول أَو تقصر بالبول والرجيع وهيئة الْبدن وَمِقْدَار الْحَرَارَة وحركتها والنبض والأسباب الملتئمة فَإِنَّهُ إِن كَانَ عَلَامَات النضج فِي أَو الْعلَّة فِي الْبَوْل وَالْبرَاز فصرت وَإِن تَأَخَّرت طَالَتْ وَإِن كَانَ الْبدن غير ضامر وَلَا كثير التَّحَلُّل وَكَانَ صلباً مكتز اللَّحْم طَالَتْ وبالضد وَإِن كَانَت الْحَرَارَة شَدِيد لذاعة قصر وَإِن كَانَت سَاكِنة مندفنة طَالَتْ وبالضد وَإِن كَانَ النبض سَرِيعا عَظِيما قصر وَإِذا كَانَ صَغِيرا بطيئاً كثير الِاخْتِلَاف وَإِن كَانَ صيفاً ومزاجاً حاراً ومهنة قصر وَإِلَّا طَال ويستدل على
(4/570)
الفترة خَاصَّة بِمَنْزِلَة الغب تطول أَو تقصر مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء بالنافض من طول النّوبَة وَمن الْعرق فَإِن النافض إِذا كَانَ مَعهَا رعدة شَدِيد قصرت وَإِن طَالَتْ مدَّتهَا طَالَتْ وَإِن قصرت مُدَّة النافض قصرت الْحمى والعرق إِن كَانَ غزيراً أسْرع قلع الْحمى وبالضد.
قَالَ: حمى الرّبع خَاصَّة مَا لم يشْتَد النافض فَإِنَّهَا لم تنضج وَهِي مبتدئة. واشتداد النافض فِي هَذِه وَفِي البلغمية ينذر بالمنتهى.
قَالَ ابْن ماسويه زمَان ليفوريا عشرُون يَوْمًا.
من كتاب الْمسَائِل لِابْنِ ماسويه قَالَ: أزمان الْأَمْرَاض هِيَ فِي الْأَمْرَاض الَّتِي مَعَ مَادَّة أبين وأوضح.
الْأَمْرَاض الحادة. الْمقَالة الأولى: حِين تبرد الْأَطْرَاف وتنقبض الْحَرَارَة إِلَى الْجوف ابْتِدَاء النّوبَة وَحين تقل الْحَرَارَة فِي الْجوف وَتقبل الرجل تسخن فَذَلِك الانحطاط.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ أخف هِيَ أسر نضجاً. وبلوغها وعلامتها فِي ذَات الْجنب والرئة تَأَخّر النفث وبطؤه وعسره فَإِنَّهُ مَتى كَانَ النفث أسْرع وَأكْثر كَانَ البحران أسهل وأسرع وَفِي ذَات الكبد وَالطحَال والأمعاء والمعدة اعتقال الطبيعة حَتَّى لَا يبرز مِنْهَا شَيْء وَيكون مَا يبرز بعسر)
وَتَكون الأثفال الَّتِي تخرج يابسة صلبة متغيرة وَأما الحميات فشدة يبس اللِّسَان وقحل الْجلد وَكَذَلِكَ يكون فِي الْعين ألف هـ رمد وَلَا يسيل مِنْهَا شَيْء الْبَتَّةَ يعسر سيلانه وَعلل الدِّمَاغ أَيْضا إِذا لم تبْق بالمنخرين والحنك وَبِالْجُمْلَةِ فالدليل على الْمَرَض الجاف احتقان الفضول وامتناعها من الْخُرُوج.
لي هَذَا كُله ينذر يعسر النضج وَطول الْأَمر.
الثَّانِيَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: حد الِانْتِهَاء فِي علل الصَّدْر والرئة مَعَ النضج سَوَاء. وحد النضج مَعَ النفث لِأَنَّهُ سَاعَة تنضج هَذِه الْعِلَل تنذر بالنفث وَإِذا بدؤوا ينفثون مَا يحْتَاج إِلَى النفث لم يُمكن الْبَتَّةَ أَن يتزيد مرضهم لَا فِي جوهره وَلَا فِي الْأَغْرَاض اللاحقة لَهُ.
الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: إِذا كَانَ يحدث فِي الْبدن تغايير مُخْتَلفَة وَكَانَ الْبدن يبرد مرّة ويسخن أُخْرَى ويتلون بلون ثمَّ يُغَيِّرهُ دلّ على طول الْمَرَض لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض من أَنْوَاع مُخْتَلفَة وَكَذَا هُوَ أَبْطَأَ نضجاً.
لي فَمَتَى رَأَيْت فِي الْمَرَض أبوالا وضروباً من البرَاز والقيء والعق أَو تلون الْبدن لوناً بعد لون فَإِنَّهُ طَوِيل لِأَنَّهُ ينذر بأخلاط كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
قَالَ: الْعرق الْبَارِد ينذر بطول الْمَرَض وَأي مرض مِمَّا هُوَ حاد إِذا كَانَ مزمعاً لِأَن يطول فَإِن نوائبه تنْقَلب حَتَّى تصير الأصعب مِنْهَا فِي الْأزْوَاج.
لي على مَا قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من الحميات: الرسوب من العفن الَّذِي فِي الْعُرُوق بِمَنْزِلَة الْمدَّة من الخراجات فَكَمَا أَن تولد الْمدَّة هُوَ استتمام على الطبيعة وانحطاط الْمَرَض كَذَلِك الرسوب الحميد هُوَ دَلِيل كَمَال النِّهَايَة وَابْتِدَاء الانحطاط. واقرأه فِي كتاب الْبَوْل لتعلم ذَلِك.
(4/571)
من كتاب العلامات قَالَ: إِذا حدث فِي الْحمى الدائمة قشعريرة وَلم يعقبها عرق وَكَانَت السَّلامَة ظَاهِرَة حَاضِرَة فَإِن الْحمى الحارة تنْتَقل إِلَى المزمنة وَكَثِيرًا مَا تنْتَقل إِلَى الغب وَإِلَى البلغمية.
من كتاب الدَّلَائِل: لَا تَخْلُو حمى من الحميات بعد أَن تكون مِمَّا لَا يَمُوت العليل مِنْهَا أَن تظهر فِيهَا الْأَزْمَان الْأَرْبَعَة. أما بِحَسب مَا توجبه دَلَائِل النضج وَإِمَّا بِحَسب مَا توجبه تزيد الْأَعْرَاض وتنقصها لِأَن من الحميات المطبقة مَا لَا يتَبَيَّن أَوْقَاتهَا من الْأَعْرَاض لِأَنَّهَا تكون ألف هـ مُنْذُ ابتدائها إِلَى انْقِضَائِهَا بِحَال وَاحِدَة من مِقْدَار الْأَعْرَاض.
لي فِي هَذَا تتبين الْأَزْمَان.)
من دَلَائِل النضج قَالَ: فَأَما دَلَائِل النضج فِي هَذِه فَلَا بُد أَن تكون أَولا خَفِيفَة ثمَّ تظهر قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن تكمل فَتكون نِهَايَة الْمَرَض وَابْتِدَاء الانحطاط.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: الْمَرَض يطول إِمَّا لِكَثْرَة الْمَادَّة وَإِمَّا لغلظها وَإِمَّا لبردها.
لي وَإِمَّا لكثافة الْبدن الزَّمَان وَضعف الْحَرَارَة الغريزة فتفقد كل هَذَا ليَكُون عَمَلك بِحَسبِهِ.
لي مصلح من هَذِه الْمقَالة: إِذا كَانَ عرق كثير فِي عقب نوبَة ثمَّ رَأَيْت النّوبَة الثَّانِيَة لم تُؤثر فِيهَا ذَلِك لَكِن هِيَ على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الشدَّة والطول فَاعْلَم أَن الْمَرَض طَوِيل لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَادَّة كَثِيرَة جدا وخاصة أَن دَامَت نَوَائِب على هَذِه الْحَال.
لي جملَة أَبْوَاب معرفَة أزمان الْمَرَض: تقدم النوائب وتأخرها وطولها وقصرها وَشدَّة الْأَعْرَاض وخفتها ونقاء النوائب وخفتها وطولها ويكمل ذَلِك ظُهُور عَلَامَات النضج أَو تأخرها. وَضم إِلَيْهِ نوع الْمَرَض وَحَال الزَّمَان والمزاج وَمَا يحدث للعليل من الْعَوَارِض.
بولس قَالَ: الحميات الَّتِي تقلع أعرف أزمانها الْجُزْئِيَّة. فَإِن كَانَت أزمانها الْجُزْئِيَّة تتمّ سَرِيعا أَعنِي فِي وَقت نصف يَوْم فالمرض حاد جدا وينقضي فِي الرّبع وانقضاؤه فِي السَّابِع. وَإِن كَانَ يتَجَاوَز ذَلِك إِلَى أَن يبلغ اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة جَمِيع أزمنته فَإِنَّهُ يَأْتِي بحرانه فِي الْأَكْثَر دون الْأَرْبَعَة عشر ويبلغ الْأَرْبَعَة عشر. فَإِن امتدت الْأَوْقَات حَتَّى أَن الِابْتِدَاء وَحده أَو التزيد يَأْتِي على أَكثر فإمَّا الَّتِي لَا تقلع فاعرفه من انخراط العليل فَإِن سرعَة انخراطه تنذر بحدة وَسُرْعَة النبض وتواتره وَشدَّة الْحَرَارَة وإحراقها.
لي وَعظم الْأَعْرَاض وَسُرْعَة إِسْقَاط الْقُوَّة.
قَالَ: الَّذين يحْمُونَ بِبرد شَدِيد لَا يُمكن أَن يَنْتَهِي مرضهم وَلَا يَأْتِيهم بحران قبل أَن يَنْقَضِي ذَلِك الْبرد فَإِنَّهُ مادام النافض بِحَالَة فِي الشدَّة فَلم يحضر مُنْتَهى الْمَرَض.
قَالَ: إِذا كَانَت الْحمى المطبقة الْمُخْتَلفَة التزيد لَيست دائمة على حَال وَاحِدَة لَكِنَّهَا تربح قَلِيلا فِي الْأَحَايِين وتشتد فَإِن مدَّتهَا أطول من الْبَاقِيَة بِحَالَة وَاحِدَة وَهَذِه إِذا لم يظْهر فِي الثَّالِث نضج فِي الْبَوْل وَالْبرَاز فَإِنَّهَا تنجز فِي السَّابِع فَإِن لم يظْهر ألف هـ ذَلِك وَلَا فِي الرّبع وَبقيت بِحَالِهَا فِي الشدَّة وَلم ينخرط الْوَجْه والجسد فَإِن هَذِه تطول بصاحبها.
(4/572)
من كتاب الدَّلَائِل دَلَائِل ابْتِدَاء النّوبَة برد الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن وَصغر النبض وَضَعفه وإبطاؤه وتفاوته وتواتره فَإِن هَذِه دَلَائِل غور الْحَرَارَة إِلَى بَاطِن الْبدن. وَدَلَائِل التزيد يَبْتَدِئ الْبدن)
بالسخونة وتستولي الْحَرَارَة والعطش. والمنتهى إِن لم تستول الْحَرَارَة على الْبدن كُله بِالسَّوِيَّةِ ويعظم النبض ويتواتر ويسرع ويلين. وَدَلَائِل الانحطاط انخزال الْحَرَارَة وإقبال النبض إِلَى الصفر والتفاوت وَبَقَاء الْقُوَّة فِيهِ بل تكون الْقُوَّة أَزِيد.
قَالَ: وَأما فِي الورم الْحَار فَمَا دَامَ الْبدن لم يَأْخُذ فِي السخونة والإستحالة فَهُوَ الِابْتِدَاء. والوجع فِي هَذِه الْمدَّة أقل وتتزايد قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى إِذا أَخذ الدَّم يَسْتَحِيل وَاشْتَدَّ الوجع فَذَلِك التزيد إِلَى أَن يَنْقَضِي الوجع فقد جَاءَ وَقت النضج التَّام.
وَأما فِي الرمد فَمَا دَامَت الرطوبات لم تنضج وَلم تغلظ وَهِي كَثِيرَة وَلم يتَوَلَّد مِنْهَا بعد رمص فِي الْعين فَهُوَ ابْتِدَاء. فَإِذا بَدَأَ الرمص يتَوَلَّد وغلظت الرُّطُوبَة فَذَلِك التزيد. فَإِذا بلغت غايتها من الغلظة والقلة فَذَلِك الانحطاط.
وَأما فِي الزُّكَام فَمَا دَامَ يسيل من الْأنف رَقِيقا حاداً فَهُوَ ابْتِدَاء حَتَّى إِذا بَدَأَ الغلظة وَقلت حِدته ولذعه فَذَلِك أَكثر لِأَنَّهُ قد ابْتَدَأَ النضج فَإِذا انْتَهَت هَذِه فَهُوَ منتهي.
وَأما الحميات الورمية فزمانها يعرف من زمَان الْمَرَض. وَأما العفنية فَإِنَّمَا تتعرف من النضج فِي الْبَوْل والاستواء فِي النبض وَذَلِكَ أَن العفونة مادامت تتزيد فالنبض يزْدَاد اخْتِلَافا وبالضد والنضج مادام يتزيد فالنبض يزْدَاد اسْتِوَاء.
والأعراض المستولية على الِابْتِدَاء الجزئي هِيَ أَكثر وَأَشد اسْتِيلَاء على الِابْتِدَاء الكلى أَي من شدَّة الْحَرَارَة وَعظم الْأَعْرَاض وانقباض الْعرق وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْبَاقِيَة.
لي كَأَنَّهُ يَقُول مادام النافض قَوِيا والنبض ينْتَقل فَإِنَّهُ يدل على الِابْتِدَاء وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْبَاقِيَة لي كَأَنَّهُ يَقُول مادام النافض قَوِيا والنبض ينْتَقل فَإِنَّهُ يدل على الِابْتِدَاء وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْبَاقِيَة من شدَّة الْأَعْرَاض ولينها وَتقدم النوائب وَمن النضج فِي الْبَوْل.
لي النافض فِي أول الرّبع لين ثمَّ يصعب إِذا أمعنت الْحمى ثمَّ يلين أَيْضا وَذَلِكَ فِي وَقت نهايتها.
وَقد ذكرنَا الْعلَّة فِي بَاب الرّبع.
ألف هـ من مسَائِل الْأَمْرَاض الحادة: الْأَمْرَاض الْيَابِسَة أعْسر بحراناً ويستدل عَلَيْهَا فِي الحميات بيبس وقحل الْجلد كُله وعسر النفث وَالْبرَاز وَفِي الرمد يبيس الْعين وَقلة مَا يسيل مِنْهَا. وَفِي ذَات الْجنب والرئة بقلة النفث وعسره.
الثَّانِيَة من الأولى من أبيذيميا: الْأَمْرَاض الَّتِي تتولد فِي مُدَّة طَوِيلَة وخاصة من أَسبَاب بَارِدَة)
رطبَة لَا تتحلل سَرِيعا بل تزمن وتتحل إِن تحللت شَيْئا بعد شَيْء.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: مادامت العفونة فِي الحميات تتزيد فالنبض يتزيد اخْتِلَافا حَتَّى إِذا بَدَأَ النضج أقبل يَسْتَوِي ويزداد الاسْتوَاء مَا زَاد النضج.
قَالَ: وأوقات الحميات الَّتِي من الأورام من أَوْقَات تِلْكَ الأورام.
(4/573)
قَالَ: الْأَوْقَات الْكُلية من الْمَرَض شَبيهَة بالجزئية. فَتكون الْأَعْرَاض فِي الِابْتِدَاء كَأَنَّهَا مندفئة وَكَذَلِكَ حَال النبض والتلون فِي الْبَوْل والحرارة فِي جَمِيع الْجَسَد والأعراض الْأُخْرَى ثمَّ تقبل تتزيد قَالَ: وَالْبرَاز فِي أول الْمَرَض يكون سيالاً غير نضج ثمَّ يغلظ عِنْد النضج كالحال فِي الْبَوْل.
جَوَامِع اغلوقن: على مَا رَأَيْت تَأَخّر دَلَائِل النضج ولبث عَلَامَات الْمُنْتَهى فِي نَوَائِب كَثِيرَة تنذر بطول الْمَرَض.
قَالَ: وَطول وَقت النافض فِي الغب ينذر بطول الْمَرَض وشدته تنذر بقصره بِطُولِهِ. وَكَثْرَة الْعرق فِي الغب ينذر بقصره وقلته وإندفان الْحَرَارَة فِي الْبَاطِن ينذر بطول الحميات.
لي ليكن استدلالك بطول النّوبَة إِذا زَادَت وكيفيتها إِذا صَارَت أَكثر رداءة وثق بالتزيد لِأَن الأول يكون لِأَن الشَّيْء الَّذِي فِيهِ العفن تزداد مادته وَالثَّانِي يدل على أَنه تزداد رداءته فَأَما مَعَ تقدم النوائب وتأخرها فَلَا تثقن بِهِ وَحده الْبَتَّةَ دون الآخرين.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: لَا يُمكن أَن يَقع الْمَوْت فِي الانحطاط لكنه يُمكن أَن يكون بالمريض مرضان أَو ثَلَاثَة فينحط مِنْهَا وَاحِد أَو اثْنَان ويقتله الْبَاقِي. فأجد النّظر فِي ذَلِك وَيَأْخُذ النّظر فِيهِ أَن تنظر إِلَى حَال الْأَعْضَاء الرئيسة الثَّلَاثَة وَمَا يتَّصل بهَا وَحَال سَائِر الْأَعْضَاء وتتفقد سَائِر الْأَعْضَاء الدَّالَّة على الْأَمْرَاض باستقصاء فَإنَّك بذلك تقف على مَا تطلب.
لي مِثَال: أنزل أَن إنْسَانا بِهِ حميان إِحْدَاهمَا محرقة وَالْأُخْرَى لورم صلب فِي كبده فَفِي هَذِه الْحَال لَا تغتر بنضج الْبَوْل كَمَا لَو كَانَت الْحمى إِنَّمَا ألف هـ هِيَ بِلَا ورم لَكِن إِن ظهر النضج آخر انْزِلْ: أَن إنْسَانا ب ورم وَحمى غب ثمَّ ظهر النضج فِي الْبَوْل فَالْأَمْر فِي الْأَمر فِي الأول.
وَبِالْجُمْلَةِ فابحث أَولا عَن الْمَرَض آواحد هُوَ أم أَكثر فَإِن ذَلِك ملاك أَمرك: وَإِذا رَأَيْت عَلامَة انحطاط مَا ثمَّ لم يعقبه جفاف أَن يكون قد أَخْطَأت فِي الِاسْتِدْلَال وَإِمَّا أَن يكون الْمَرَض غير بسيط. وَإِن كَانَ يعقبه خف فَلَا تبال بِهِ وَإِن كَانَ مركبا لَا يزِيد دلّ على إِن الَّذِي لم ينحط ضَعِيف اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مبتدئاً بعد فَيثبت فِي ذَلِك.)
من مسَائِل الْفُصُول: لَيْسَ شَيْء من الحميات الدائمة أطول من اللثقة وَهِي البلغمية الدائمة ثمَّ شطر الغب.
(4/574)
لي قد تقدم الأدوار وَطول النوائب وَشدَّة الْأَعْرَاض تدل على تزيد الْمَرَض ثمَّ يدل بعد قِيَاس هَذِه الثَّلَاثَة بَعْضهَا إِلَى بعض على حَرَكَة الْمَرَض فَإِن كَانَت النّوبَة الثَّانِيَة تقدّمت قبل النّوبَة الأولى بِوَقْت كثير وطالت أَكثر من الأولى واشتدت أعراضها أَكثر فَانْظُر فِي النّوبَة الثَّالِثَة فَإِن وجدت وَقت تقدمه زَائِدا على مِقْدَار وَقت النّوبَة الثَّانِيَة أَكثر مِمَّا تقدّمت الثَّانِيَة على الأولى وطالت أَكثر من الْمِقْدَار الَّذِي فضلت الثَّانِيَة عل الأولى واشتدت أعراضها أَيْضا أَكثر مِمَّا اشتدت الثَّانِيَة بِالْإِضَافَة إِلَى الأولى فَإِن ذَلِك يدل على أَن حَرَكَة الْمَرَض سريعة بِمِقْدَار ذَلِك فَإِن كَانَت نِسْبَة النّوبَة الثَّالِثَة إِلَى الثَّانِيَة فِي هَذِه الْأَشْيَاء مُتَسَاوِيَة فَإِنَّهُ يدل على أَن حَرَكَة الْمَرَض متوسطة فِي حركته وَإِن كَانَ نَاقِصا فِي هَذِه فَإِن حَرَكَة الْمَرَض بطيئة وَلَيْسَت هَذِه الْأَشْيَاء هِيَ الْأَشْيَاء الْكُلية لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون الْمَرَض فِي جملَته متزايداً وَجُمْلَة مَا هَهُنَا هِيَ الْأَشْيَاء المتناقصة.
مِثَال ذَلِك أَن تكون النّوبَة الثَّالِثَة قد تقدّمت الثَّانِيَة لَكِن بِوَقْت أقل مِمَّا تقدّمت بِهِ الثَّانِيَة الأولى وَكَذَلِكَ تكون النّوبَة الثَّالِثَة قد طَالَتْ أَكثر من الثَّانِيَة لَكِن بِمِقْدَار ذَلِك أقل مِمَّا طَالَتْ بِهِ الثَّانِيَة بِالْقِيَاسِ إِلَى الأولى. وَكَذَلِكَ فِي شدَّة الْأَعْرَاض بالتقدم والطول والشدة وَبِالْجُمْلَةِ تدل على تزيد الْمَرَض وَنسبَة مقادير ذَلِك ألف بَعْضهَا إِلَى بعض تدل على حَرَكَة الْمَرَض.
بولس أزمان الْأَمْرَاض تعلم من أَرْبَعَة أَشْيَاء: من حَرَكَة الْمَرَض وهيئة العليل وَنَوع الْحمى وَحَال النبض. أما حَرَكَة الْمَرَض فَإِذا كَانَت أزمان الْمَرَض نوبَة وَاحِدَة مِنْهُ تتمّ فِي زمَان يسير حَتَّى يكون أقل من اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة بِكَثِير فَإِن الْمَرَض الحاد جدا وَلَا يتَجَاوَز السَّابِع وَفِي الْأَكْثَر تَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر أَو دونهَا. فَإِن ابتدأت تِلْكَ حَتَّى يكون ابْتِدَاء الْحمى وتزيدها يكون فِي أَكثر زمَان النَّهَار وَاللَّيْل فَإِنَّهُ لَيْسَ بحاد. وَأما الَّتِي لَا نَوَائِب لَهَا كالمطبقة فَانْظُر إِلَى ضمور وَجه العليل وَإِلَى سرعَة النبض وتواتره وعظمه وَشدَّة الْحَرَارَة عِنْد اللَّمْس وبقدر شدَّة هَذِه تكون حِدة الْمَرَض وبالضد.
لي جملَة هَذِه أقصر وحميات مُتَأَخِّرَة الأدوار بِسَبَب غلظ مادتها إِلَّا أَن فِي هَذِه أَيْضا إِذا قست مِقْدَار تقدمها فِي وَقت تزيد الْمَرَض إِلَى مِقْدَار مُدَّة تقدمها فِي سَائِر الْأَوْقَات لم تجدها)
مُتَسَاوِيَة بل تجدها فِي زمن الِابْتِدَاء مُتَسَاوِيَة فِي وَقت تزيده وَفِي وَقت منتهاه مُتَسَاوِيَة وَفِي وَقت انحطاطه متناقصة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْمُتَأَخِّرَة الأدوار وَذَلِكَ أَنَّك إِذا قست مِقْدَار تَأَخّر النوائب فِي وَقت التزيد إِلَى مقدارها فِي سَائِر أَوْقَات الْمَرَض لم تجدها مُتَسَاوِيَة لكنك تجدها فِي الِابْتِدَاء مُتَسَاوِيَة وَفِي تزيده منتقصة وَفِي منتهاه مُتَسَاوِيَة وَفِي وَقت الانحطاط متزيدة.
(4/575)
قَالَ: والأعراض الَّتِي تكون فِي ابْتِدَاء النوائب الْجُزْئِيَّة تجدها فِي الِابْتِدَاء الكلى أَكثر وتجد الَّتِي تكون فِي التزيد الجزئي فِي وَقت التزيد الكلى أظهر أَكثر وَالَّتِي فِي الْمُنْتَهى الجزئي فِي الْمُنْتَهى الكلى تجدها أقوى وأغلب من غَيرهَا وَالَّتِي تكون فِي الانحطاط الجزئي فَفِي الانحطاط الكلى.
قَالَ: وَالْبرَاز قد يكون أول الْمَرَض سيالاً ثمَّ يغلظ كَمَا يزِيد النضج كالحال فِي الْبَوْل.
لي مصلح على مَا فِي الثَّالَّةِ من البحران: الَّذِي يحْتَاج أَن يعرف من الْمَرَض طَبِيعَته وعظمه وزمانه وحركته وسخنته وطبيعة الْمَرَض تعرف من الْأَشْيَاء المقومة لذاته وَهِي الَّتِي تتمّ صورته كالحمى الحادة والنخس وضيق النَّفس والسعال فِي ذَات الْجنب.
وعظمه يعرف من عظم هَذِه الْأَعْرَاض فبقدرها يكون عظم الْمَرَض وَلَيْسَ عظم الْمَرَض رداءته فَإِنَّهُ يكون الْمَرَض عَظِيما وَلَيْسَ برديء وزمانه يعرف ألف هـ من نوع الْمَرَض أَولا ثمَّ من قِيَاس الأدوار والأعراض ثمَّ من عَلَامَات النضج ثمَّ من الْأَسْبَاب الملتئمة بعد كالسن والمهنة والبلد وَالزَّمَان والمزاج. وجهة حركته تعرف من شدَّة سرعَة مبادرة الْأَعْرَاض إِلَى شدَّة التزيد وبطئها.
لي جِهَة حَرَكَة الْمَرِيض فِي سرعَة مبادرته ومروره فِي الْأَوْقَات إِلَى الْأَعْرَاض اللاحقة فَلذَلِك لَيْسَ حمى مِمَّا تفتر أسْرع حَرَكَة من المطبقة من جِنْسهَا وَمن المطبقات مِمَّا ظَهرت فِيهِ الْأَعْرَاض القوية سَرِيعا فَهُوَ أسْرع حَرَكَة.
جَوَامِع اغلوقن: دَلَائِل النضج إِذا ظَهرت سَرِيعا فِي أَوَائِل الْأَمْرَاض دلّت على سرعَة انقضائه وَإِن تَأَخَّرت دلّت على بطئه. وَدَلَائِل عدم النضج تدل أبدا على طول الْمَرَض مَاتَ الْمَرِيض أَو عَاشَ.
وَقع الْفَرَاغ من إِعَادَة طبع الْجُزْء السَّادِس عشر من الْحَاوِي الْكَبِير يَوْم الِاثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من شهر جُمَادَى الآخر سنه هـ مارس سنة م ويتلوه الْجُزْء السَّابِع عشر أَوله فِي الجدري والحصبة والطواعين وَصلى الله تَعَالَى على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.)
(4/576)
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(5/5)
(فارغة)
(5/6)
(الجدري والحصبة والطواعين) (الجدري والحصبة والطواعين) الْيَهُودِيّ قَالَ: سرعَة الجدري الصغار المتقاربة خطر والكبار المبددة سليم.
قَالَ: مَتى ثار الجدري فَلَا تعالجه بالأدوية الْبَارِدَة فتخدر الْفضل لَكِن اسْقِهِ رازيانجا وكرفسا وسكراً ليخرج من الْجوف سَرِيعا. واسقه فِي الْيَوْم الرَّابِع مَاء الشّعير وَمَاء الْعنَّاب وَالسكر. وَإِن كَانَ بَطْنه يَابسا فلينه فِي أول الْأَمر بِمَاء الترنجبين وَنَحْوه. فَأَما فِي آخر الْأَمر فَلَا وَلَكِن يُخَفف طَبِيعَته مَا أمكن.
قَالَ: وغرغرة ومضمضه بِمَاء الرازيانج وسكر وَشَيْء من مَاء الزَّعْفَرَان. ويمص رماناً لِئَلَّا يخرج فِي فِيهِ وحلقه. وأكحله بِمَاء المري أَو بالكحل أَو بِمَاء الكزبرة والكافور لِئَلَّا يخرج فِي حدقته.
لى: يجب أَن يعالج أَيْضا دَاخل أَنفه لِئَلَّا يخرج فِيهِ بالماميثا والصندل والخل واستنشاق الْخلّ وَالْمَاء فِي الْيَوْم مَرَّات فَإِنَّهُ سليم وَإِن اسْتطْلقَ بَطْنه فِي آخر الْأَمر فأعطه أَقْرَاص حماض الأترج وأطعمه دَرَّاجًا بحب رمان وحصرم وَإِن شكى حلقه فألعقه ربه.
وَإِذا كَانَ السَّابِع فملحه بِمَاء وملح وَشَيْء من زعفران ثمَّ بعد ذَلِك اطله بالورد والصندل والعدس وَشَيْء من كافور وَاجعَل أغذيتهم خَفِيفَة مطفئة يابسة. وَإِن كَانَ شتاء فَلَا تُفَارِقهُ وقود الطرفاء فَإِذا نضج الجدري فنومهم على دَقِيق الْأرز ودقيق الجاورس. أودقيق الشّعير والباقلى تحشو بِهِ مضربته ومخدته فَإِنَّهُ يجِف سَرِيعا. كل جدري يكون بعقب حمى أسلم مِمَّا تَجِيء الْحمى بعده.
وعلامات الحصبة أَن يغلظ الصَّوْت وتحمر العينان والوجنتان ويجد الوجع فِي الحنجرة والصدر ويجف اللِّسَان وتتفتح الأصداغ ويحمر الْجَسَد وتدمع العينان ويهج التهوع فَإِن رَأَيْت هَذِه فَإِنَّهُ ستظهر الحصبة. والحصبة تخرج بِمرَّة والجدري شَيْئا بعد شَيْء والحصبة الخضراء والبنفسجية رَدِيئَة وخاصة إِن غَابَتْ بَغْتَة فَإِنَّهُ يغشى عَلَيْهِ وَيقتل سَرِيعا. الجدري الَّذِي يسود لَونه ويجف وَلَا يمتلئ بل يكون صلباً ثالولياً فَإِنَّهُ يُورث الغشى وَهُوَ قَاتل.
(5/7)
قَالَ: مَا كَانَ من الجدري رطبا جدا دخناه بورق الآس وعمدنا إِلَى أصُول الْقصب فحككناها بِالْمَاءِ وطليناه على القروح أَو تحك عروق الْخلاف وتطليه بِمَاء. والمرداسنج يذهب أبضاً أَثَره.
لى: وَقَالَ الطَّبَرِيّ: إِذا احْمَرَّتْ الْعين وَالْوَجْه فِي حمى الدَّم وَثقل الْبدن وَالرَّأْس واحتك المنخران)
وَجَاء العطاس وَالْغَم وَالْكرب فَإِنَّهُ يدل على جدري. فالق فِي الْعين كحلاً محكوكاً بِمَاء الْمَطَر أَو بالكزبرة أَو اعصر فِي الْعين شَحم الرُّمَّان أَو اكحل بالنفط الْأَبْيَض وَأعْطِ مَا يسْرع إِخْرَاجه تطبخ سِتَّة دَرَاهِم لَك مغسول وعدس غير مقشر سِتَّة دَرَاهِم كثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يبْقى النّصْف ويسقى مِنْهُ فَإِنَّهُ يسْرع خُرُوجه. وَيكون الْغذَاء عدساً مقلواً مقشراً بِمَاء الرُّمَّان والفاكهة القابضة.
الطَّبَرِيّ: المري مَتى اكتحل بِهِ يَوْم ظُهُور الجدري والحصبة قوى الحدقة وحفظها وأذاب غلظها.
أهرن: الطواعين ورم حَار يعرض فِي الأربيات والإبط وَيقتل فِي أَرْبَعَة أَيَّام أَو خَمْسَة والطاعون الرَّدِيء أسود والطاعون الْأَحْمَر أقل شرا على أَنه رُبمَا قتل وَلَا يكَاد ينجو من الْأسود والأخضر أحد وَكَذَلِكَ الحصبة والجدري وَسَائِر مَا يثور. وَمَا كَانَ مِنْهُ أسود أَو أَخْضَر فَإِنَّهُ فِي الْغَايَة من الرداءة. والأصفر رَدِيء وَلكنه دونهمَا. والأحمر والأبيض سُلَيْمَان.
قَالَ: والجدري والورشكين وَنَحْوهمَا تكون من الدَّم الرَّدِيء المحترق وبالمرة.
قَالَ: وَإِذا احْتمل العليل إرْسَال الدَّم فَلَا شَيْء فِي علاج الطَّاعُون أبلغ مِنْهُ ويطلى بعد بالطين الأرمني واسقه مِنْهُ بِالْمَاءِ الْبَارِد فَإِنَّهُ جيد.
(عَلَامَات الجدري والحصبة)
الْحمى الحادة من أول الِابْتِدَاء مَعَ صداع وَحُمرَة فِي الْعين وَأكْثر مَا يظْهر فِي الْيَوْم الثَّالِث من ابْتِدَاء الْحمى وَرُبمَا كَانَ من أول يَوْم وَمن الثَّانِي. وَأفضل العلامات وأدلها على السَّلامَة أَن يثور فِي الثَّالِث أَو فِي وَقت تكون الْحمى لانت وبالضد لَو ثارت فِي أول يَوْم فِي شدَّة الْحمى والوهج.
لى: حميات الجدري مطبقة وَأكْثر مَا تعرض للصبيان. وَإِذا رَأَيْته قد ظهر فَلَا تعطه شَيْئا من المطفئة لَكِن اسْقِهِ مَاء الرازيانج والكرفس حَتَّى يثور وَيخرج من الْجوف.
لى: قبل أَن يتَوَلَّد تولداً ظَاهرا وتتبين آثَار الجدري والثوران يجوز أَن يفصد ويطلى فَإِذا تمادت وَظَهَرت فَلَا.
قَالَ: وليمسك فِي فِيهِ طبيخ العدس والورد واكحل عَيْنَيْهِ بالإتمد والكافور لِئَلَّا يخرج فِي فِيهِ وحلقه وعينه وَأَنْفه. وَاتَّقِ علاج البنفسجي والأخضر فَإِنَّهُ قَاتل. وَإِذا نضج الجدري
(5/8)
فنومه على دَقِيق الْأرز ودخنه بورق الآس أَو ورق الزَّيْتُون فَإِنَّهُ يجففه وَقد يسقيهم الْحَدث من الْأَطِبَّاء اللَّبن المخيض. واعرف علاماته الرَّديئَة والجيدة من عَلَامَات الْأَمْرَاض الحادة.
الاختصارات قَالَ: الجدري والحصبة من جنس الْأَمْرَاض الوافدة ويحدثان أبدا مَعَ هبوب الْجنُوب الْكَثِيرَة وخاصة إِن هبت فِي الصَّيف وَلمن يغْفل عَن إِخْرَاج الدَّم كثيرا.
لى: على مَا رَأَيْت بالتجربة: عَلَامَات الجدري والحصبة. حمى لَازِمَة وتفزع فِي النّوم وَحُمرَة وحكة فِي الْأنف ووجع الظّهْر بِشدَّة والتثاؤب والتمطى الدَّائِم واشتعال اللَّوْن.
الساهر قَالَ: إِذا كَانَ فِي الْحمى اللَّازِمَة حمرَة فِي الْعين والوجنتين وحكة وبثور فِي المنخرين وَثقل فِي الرَّأْس فَإِن جدرياً يظْهر أَو حصبة. فَإِذا ظهر الجدري فاحتل لِخُرُوجِهِ بِسُرْعَة لِئَلَّا يَنَالهُ خفقان وَمَوْت سريع فاسقه هَذَا: يُؤْخَذ لَك مغسول خَمْسَة دَرَاهِم عدس مقشر سَبْعَة دَرَاهِم كثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم يطْبخ بِمَاء ويسقى الْمَرِيض. ويسقى عدساً مقشراً سَبْعَة كثيرا ثَلَاثَة يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يبْقى النّصْف ويسقى وَاحْذَرْ لين الْبَطن بعد الْأُسْبُوع الأول وَاجعَل الأغذية ممسكة كالعدس بِمَاء الرُّمَّان والخل. وَإِذا خرج كُله فَأوقد فِي الشتَاء الطرفاء والبلوط وَالْكَرم. وَفِي الصَّيف لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى وقود.
لى: بخر الْبَيْت بصندل وافرش أَطْرَاف الآس وَالْخلاف وورق الرُّمَّان. وَإِذا بَدَأَ يجِف فالطخه بدقيق الْأرز والجاورس مَعَ شَيْء من زعفران.)
لى: هَذَا أَظُنهُ لذهاب الْأَثر وَيجب أَن يسْتَعْمل فِي الْوَجْه أَكثر وَيجْعَل فِي الْأنف: الشمع والدهن إِن تأذى لما ظهر فِيهِ وَفِي الْفَم اللعابات. 3 (وَمِمَّا يعين على ظُهُور الجدري) خمس تينات صفر سَبْعَة دَرَاهِم من العدس المقشر ثَلَاثَة دَرَاهِم من اللك ثَلَاثَة كثيراء بزر الرازيانح دِرْهَمَانِ يطْبخ برطل وَنصف من المَاء. قَالَ: هَذَا يسْرع خُرُوجه وَيمْنَع أَن يكون خفقان وحرارة فِي نواحي الْقلب والصدر.
لى: فِي إِظْهَار مَا فِي الْجوف خَاصَّة.
من المنجح قَالَ: دَوَاء يظْهر الجدري بسهولة ويسقى فِي ابْتِدَائه خمس تينات بيض كبار وعدس مقشر سَبْعَة دَرَاهِم يطْبخ برطل وَنصف من المَاء حَتَّى يبْقى رَطْل ويداف فِيهِ زعفران ربع دِرْهَم وَيشْرب هَذَا على الرِّيق وَعند النّوم مثله.
ابْن ماسويه قَالَ: إِذا رَأَيْت الورشكين كمداً يَتَّسِع فِي الْبدن عريضاً وَالْمَرِيض يقطب وَيَأْخُذهُ كرب وينتفخ بَطْنه حَتَّى إِن ضرب كَانَ كالطبل فَإِنَّهُ ميت.
قَالَ: عَلَامَات الجدري أَن يكون مَعَ الْحمى اللَّازِمَة حمرَة فِي الْعين وَالْوَجْه وَفِي النّوم اضْطِرَاب.
قَالَ: فَحِينَئِذٍ فاقبل على الْعين فأكحلها بِمَاء ورد قد انقع فِيهِ سماق لِئَلَّا يخرج فِي الْعين شَيْء.
(5/9)
لى: اسْتعْمل شياف السماق والجلنار الْمَعْمُول بِمَاء الْورْد لكَي تقوى الْعين غَايَة الْقُوَّة وَلَا يخرج فِيهَا شَيْء الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَمن بعد خُرُوج الجدري قطر فِي الْعين كحلاً محكوكاً بِمَاء الكزبرة الْيَابِسَة المنقعة فِي المَاء السخن الْمُصَفّى مَعَ شَيْء من كافور محكوك بِمَاء الْورْد.
واحتل فِي خُرُوج الجدري بِسُرْعَة بِلَا خفقان وَلَا نخس وَلَا اضْطِرَاب بِأَن تَأْخُذ من اللك خَمْسَة دَرَاهِم وَمن العدس المقشر المغسول سَبْعَة دَرَاهِم وَمن الكثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يبْقى النّصْف ويسقى.
والغذاء ماش مقشر وَبقول. وألن الْبَطن إِلَى أُسْبُوع بِمَاء الْفَوَاكِه واسق مَاء الشّعير مَا دَامَت حِدة وَبعد الْأُسْبُوع وَفِي آخر الْأَمر احذر أَن تسقى شَيْئا يلين لِأَنَّهُ يكون فِي آخر هَذَا الْمَرَض اخْتِلَاف وقروح المعي وَاجعَل الْغذَاء عدساً مقشراً مطبوخاً بِمَاء الرُّمَّان. وَفِي الشتَاء أوقد الطرفاء والبلوط وَالْكَرم. وَإِذا بَدَأَ الجدري يخف فلطخه بدقيق الْأرز والجاورس مَعَ شَيْء من)
زعفران بِمَاء الْورْد بريشة. 3 (وَإِن خرج فِي الْأنف والفم) فقطر فِي الْأنف دهن بنفسج وموما أَبيض وكثيراء وَاجعَل فِي الْفَم لعاب بزرقطونا واسقه أَقْرَاص الحماض وغذه بالسويق ثمَّ الرُّمَّان وَلَا يَأْكُل فروجاً دون سُكُون الْحمى الْبَتَّةَ وجفوف الجدري وانتثار قشوره لَا تقربه دهناً لَا فِي أَوله وَلَا فِي آخِره فَإِنَّهُ فِي الأول يمْنَع خُرُوج الجدري وبآخره يفْسد القروح.
ابْن سرابيون قَالَ: إِذا بَدَت أَمَارَات الجدري فابدأ بالفصد وَإِن لم يتَمَكَّن فالحجامة إِن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة. فَإِن بدا فاعن بِالْعينِ. وَإِذا خرج فَاسق مَاء الشّعير مَعَ عدس مقشر مطبوخ.
قَالَ: قبل أَن يظْهر فِي الْعين جدري فقطر فِيهَا مَاء ورد قد أنقع فِيهِ سماق أَو مَاء شَحم الرُّمَّان. فَإِن ظهر فِي الْعين جدري فقطر فِيهِ كحلاً قد حككته بِمَاء الكزبرة الرّطبَة أَو بِمَاء كزبرة يابسة قد طبخت بِمَاء الْمَطَر. واسقه طبيخ اللك والعدس والتين ليسرع الْخُرُوج وَلَا تغذه بفروج وَلَا بِغَيْرِهِ مِمَّا يُشبههُ حَتَّى تبطل الْحمى الْبَتَّةَ ويخف الجدري. وَاجعَل غذاءه الماش والعدس والبقول.
3 - (أدوية مُفْردَة تذْهب آثَار الجدري)
الفجل الباقلى الطين السخيف شَحم الْحمار خشب الْخلاف المحكوك الْعِظَام البالية أصُول الْقصب المجففة أشنان مربى فِي بزر الْبِطِّيخ بزر البنج قشور الْبِطِّيخ مجففة مرداسنج مر زعفران زبد الْبَحْر بَيَاض الْبيض مَاء الشّعير دهن السوسن بورق أشق كندر صابون سكر طبرزد نشا لوز قسط حُلْو عنزروت وَكَثْرَة اسْتِعْمَال الْحمام وَشرب مَاء الرُّمَّان الحلو وإدمانه.
(5/10)
ابْن ماسويه فِي آثَار الجدري عَجِيب: بعر عَتيق أَبيض وَعِظَام محرقة عشرَة عشرَة أرز مغسول عشرَة أصُول الْقصب الْيَابِس عشرُون درهما حرف جَدِيد نشا بزر بطيخ حمص عشرَة عشرَة ترمس حب البان قسط زراوند طَوِيل من كل وَاحِد خَمْسَة تطلى بِمَاء الشّعير وَمَاء الْبِطِّيخ وَيغسل من غَد بطبيخ البنفسج وَالشعِير.
قريطن لآثار الجدري عِظَام بالية أصُول الْقصب الْفَارِسِي خزف حَدِيث الْعَهْد بلأتون نشا ترمس بزر بطيخ حمص عشرَة أرز مغسول حب البان قسط يطلى بِمَاء الْبِطِّيخ.
لى: طلاء سهل سليم: بزر بطيخ مقشر ولوز حُلْو مقشر ودقيق الْأرز وحمص وَعِظَام بالية ومرداسنج مربى يطلى بِمَاء الْبِطِّيخ أَو بِمَاء الشّعير.
لى: رَأَيْت مجدراً جعل عَلَيْهِ مَاء وملح فورم وأوجعه جدا لِأَنَّهُ كَانَ بعد فِيهِ نهوءة. والأجود أَن يجفف إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ بكافور كثير يلقى فِي مَاء الْورْد وينوم العليل على الجاورس وعَلى ورق الْخلاف وعَلى الْورْد الْيَابِس والطرى والصندل المحرق ويبخر بالورد والصندل فِي الصَّيف إِذا كَانَت حرارة شَدِيدَة بَدَلا من وقود الطرفاء وبورق الْخلاف وورق الآس.
لى: والأجود قبل خُرُوج الجدري أَن يقطر فِي الْعين مَاء الْورْد والكافور وَمَاء السماق وشحم الرُّمَّان. وَنَحْوه. وَإِن خرج فِيهَا شَيْء فالكحل المعجون بِمَاء الْورْد والكزبرة مَعَ الكافور والمرى يمْنَع أَيْضا أَن يخرج فِي الْعين شَيْء وَليكن نبطياً بِلَا خل.
لى: الدّهن يحْتَاج إِلَيْهِ ضَرُورَة إِذا صَارَت فِي مَوَاضِع الجدري خشكريشات فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ نَافِع جدا لِأَنَّهُ يُسْقِطهَا بِسُرْعَة فَأَما قبل ذَلِك فَلَا وَفِي هَذَا وَلِهَذَا بِعَيْنِه يسْتَعْمل لَا لغيره وَهَذَا بَالغ النَّفْع هَهُنَا بعد أَن تكون قد جَفتْ جفوفاً محكماً.)
لى: الجدري هُوَ بعض البحارين فَلذَلِك لَا يجب أَن يمْنَع ثورانه لِأَنَّهُ مَتى منع البحران فيخاف إِن يرجع إِلَى عُضْو شرِيف. فَلذَلِك إِذا رَأَيْت أَمَارَات الجدري فَاعْلَم أَن ميل الطبيعة إِلَى نفض الْخَلْط إِلَى ظَاهر الْجِسْم فَكُن معينا لَهَا على ذَلِك بالأشياء الَّتِي تشرب والموضع أَلا يكون بَارِدًا جدا فَإِنَّهُ يمْنَع أَن يَبْدُو لِأَنَّهُ يشد سطوح الْبدن.
وَيجب أَن تنظر لمن يكون هَذَا البحران فَإِنَّهُ يكون فِي الصّبيان خَاصَّة. فَإِذا ظهر الجدري بغد النضج وَفِي يَوْم باحوري فَإِنَّهُ صَالح وَإِن ظهر قبل النضج أَو فِي يَوْم رَدِيء فَإِنَّهُ قَاتل.
وشره مَا ثار فِي السَّادِس أَو فِي الثَّانِي وَلمن لَا تخف بِهِ الْحمى.
(5/11)
لى: النِّسَاء يستعملن فِي تجفيف الجدري ورق السوسن ورأيته يجفف تجفيفاً بَالغا. وَالْمَاء وَالْملح أبلغ مِنْهُ إِذا لم يكن يهيج العليل ويلذع الْجلد جدا وَإِن كَانَت كبارًا وَكَانَ يلذع لآن تَحْتَهُ لَحْمًا أَحْمَر فَلَا. والدهن يقْلع الخشكرشات لابد مِنْهُ. والمرهم الْأَحْمَر جيد للقروح الَّتِي تسمى أم الجدري.
وَرَأَيْت الْعَامَّة يطْعمُون العليل حِين يَبْدُو الجدري تَمرا ليسرع خُرُوجه.
لى: جربت فَلم أجد شَيْئا أشر من مَاء الثَّلج والفصد والخس وَقد بَدَأَ الجدري. وَيحْتَاج أَن يسقى مَا لَيْسَ ببارد وَيكون فِي هَوَاء غير بَارِد. وَرَأَيْت من يفعل ذَلِك يعرض لَهُ خفقان وغم شَدِيد.
ابْنة الْفَتْح كَانَ جدريها صغَارًا ثولولياً وَكَانَ مَعَه ضيق نفس وَلم يكن أسود وَكَانَ مَعَه لَهب فِي الْبَطن شَدِيد فَمَاتَتْ وَأكْثر هَؤُلَاءِ يموتون إِذا غشى عَلَيْهِم مَرَّات وَاشْتَدَّ ضيق النَّفس وَبَردت الْأَطْرَاف. وَذَلِكَ يكون إِذا انْقَلب بخار الجدري إِلَى دَاخل ورى الجدري يشبه الحصبة حَتَّى أَنه قَالَ الطَّبِيب: إِنَّه حصبة فيجدر بعد ذَلِك. وَوجدت الْفرق بَينهمَا أَن الحصبة إِنَّمَا تكون حمرَة فَقَط فِي سطح الْجلد وَلَيْسَ لَهَا عمق الْبَتَّةَ أَعنِي نتوءاً وعلواً والجدري يكون كَمَا يَبْدُو مستديراً وَله نتوء فأجد التغرس فِي ذَلِك وَمَتى اشْتبهَ عَلَيْك فَلَا تحكم إِلَّا بعد هَذِه الْحَالة بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ إِن لم يظْهر نتوء فَلَيْسَ يجب أَن تحكم بِأَنَّهُ جدري.
طلاء يذهب آثَار الجدري مجرب: دَقِيق الحمص عشرَة دَرَاهِم دَقِيق الترمس ثَلَاثَة دَرَاهِم قسط حُلْو مرداسنج مبيض دِرْهَم حجر الفلفل يطلى بِمَاء الشّعير.
إِسْحَاق بن حنين: يجب أَن يُبَادر كَمَا نتبين آثَار البثور إِخْرَاج الدَّم إِمَّا بفصد وَإِمَّا بحجامة وَيكثر إِخْرَاجه مَا أمكن حَتَّى يَعْلُو عَلَيْهِ ويسقى مَاء الشّعير أَو مَاء سويق الشّعير وَإِن كَانَ بَطْنه قد لَان لاسيما فِي الحصبة فَإِن اللين يتبعهَا كثيرا واجتنب كل حُلْو غليظ.
مسيح: دَوَاء يذهب آثَار الجدري: نشا الْحِنْطَة لوز مر مقشر من قشريه جزآن بِالسَّوِيَّةِ قسط حُلْو نصف جُزْء أصل الْقصب أَرْبَعَة أَجزَاء. بزر بطيخ غير مقشر باقلى مقشر يلبس ثَلَاثَة أَجزَاء بِالسَّوِيَّةِ شعير ثَلَاثَة أَجزَاء زعفران ثلث جُزْء كثيراء نصف جُزْء يدق وينخل بحريرة ويطلى بريشة وَيتْرك لَيْلَة وَيغسل من غَد بِمَاء قد طبخ فِيهِ بابونج وإكليل الْملك وبنفسج إِن شَاءَ الله.
دَوَاء يخرج الجدري والبثور سَرِيعا وَغير ذَلِك يُخرجهَا كلهَا إِلَى ظَاهر الْجَسَد: تين أَبيض
(5/12)
خَمْسَة دَرَاهِم زبد سَبْعَة دَرَاهِم شَحم عشرَة دَرَاهِم لَك مغسول منقى من عيدانه خَمْسَة دَرَاهِم كثيراء مثقالان زعفران خَمْسَة مَثَاقِيل يطْبخ بِثَلَاثَة أَرْطَال مَاء حَتَّى يصير رطلان ويسقى ثلث رَطْل فِي كل يَوْم ثَلَاثَة أَيَّام إِن شَاءَ الله.
لى: وجدت من العلامات الْخَاصَّة بالجدري الْحمى المطبقة ووجع الْحلق وَأَن يكون ابْتِدَاء الْحمى مَعَ وجع الظّهْر وَأَن يكون العليل وَهُوَ مستلق يُحَرك رجلَيْهِ ويرتعش ويرتعد.
يَنْبَغِي أَن ينظر فِي أَمر الفصد وتجود وقته.
جورجس قَالَ: الحصبة تكون من الدَّم الَّذِي تخالطه الصَّفْرَاء الْكَثِيرَة. والجدري من دم غلظ ورطوبة كَثِيرَة فَلذَلِك يكون الجدري مَعَ رُطُوبَة وَتَكون الحصبة قحلة يابسة وَتعرض فِي الْأَكْثَر فِي الخريف إِذا لم يكن شمالياً وَلم تكن فِيهِ أمطار لَكِن يكون فِيهِ الْهَوَاء كدراً غبارياً مظلماً وعلاماته حمى مطبقة وصداع ووجع الظّهْر وَثقل الرَّأْس وَحُمرَة الْعين ووجع فِي الْحلق والصدر ويبس فِي الْفَم وبزاق غليظ وحكة وعطاس فِي الْأنف وَيكون الْوَجْه ممتلئاً ويخبث النَّفس ويعرض الغشى وَسُقُوط الشَّهْوَة وتمدد فِي الْجَسَد وتفزع فِي النّوم وأجود مَا يكون بحران وَمَا يتَخَلَّص بِهِ)
الرعاف إِذا كَانَ مَعَ الحصبة.
والجدري الَّذِي يكون بنفسجياً أَو أسود وَيظْهر مرّة ويبطئ أُخْرَى ويعرض مَعَ ذَلِك غم شَدِيد وبحة فِي الصَّوْت وَتغَير فِي الْعقل فاهرب مِنْهُ. 3 (الجدري الْيَابِس) الَّذِي لَا يجمع رُطُوبَة لكنه ثآليل ويتشقق مِنْهُ الْجلد وَيكون ذَلِك الشق شَدِيد اليبس ثمَّ يتبع ذَلِك غم شَدِيد وَنَفس رَدِيء واختلاط عقل وَذَهَاب الصَّوْت فَإِنَّهُ قَاتل. وَقد يكون جدري كبار فِي جَوْفه جدري صغَار وَيُسمى المضاعف.
وَالَّذِي يذهب أَثَره أصُول الْقصب ونحاتة خشب الْخلاف والرمل المبيض.
لى: فِي الْمقَالة الأولى من قاطاجانس مرهم يصفه لِأَشْيَاء كَثِيرَة ثمَّ يَقُول: وللجدري فَيعلم من ذَلِك أَن جالينوس قد عرف الجدري.
وَذكره أَيْضا فِي الْمقَالة الثَّالِثَة فَقَالَ: مرهم ينفع للساعية والجدري وَهَذَا المرهم يحكيه عَن اندروماخس وَهُوَ اقدم من جالينوس. وَقد قَالَ جالينوس فِي الرَّابِعَة من طيماوس: إِن القدماء كَانُوا يوقعون اسْم الفلغموني على كل شَيْء ملتهب فبه الْحَرَارَة مثل الْحمرَة والجدري والح تستحيل إِلَى الدَّم تعفن على طول الْأَيَّام وتحتد حَتَّى تتولد
(5/13)
لى: تفقدت فَوجدت الجدري رداءته بِمِقْدَار رداءة النَّفس وبحة الصَّوْت وَأَكْثَرهم يموتون اختناقاً وَلذَلِك أرى أَن تقبل على الْحلق وتتعاهد أما فِي أول الْأَمر فبالقابضة وَفِي آخر بالملينة والمحللة.
تجارب المارستان فِي الجدري والحصبة: يفصد قبل الْيَوْم الرَّابِع وَبعده بِالْجُمْلَةِ قبل أَن يثور كُله فَإِذا ثار كُله فَلَا تحْتَاج إِلَى الفصد لَكِن تَدعه لتبقى على الْقُوَّة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تقدر أَن الْمَادَّة كَثِيرَة جدا فتفصد ليخف على الطبيعة قَلِيلا.
لى: كل من يَمُوت فِي هَذَا الْمَرَض يَمُوت لِكَثْرَة الْمَادَّة عَلَيْهِ وَأَنه لَا يكون فِي وسع الطبيعة أَن تنفض جَمِيعهَا إِلَى الْجلد وَأَنا أستحب أَن أخدش فِي ابتدائها عروق الْأنف فَإِنِّي رَأَيْت من رعف سلم مِنْهُ أَكثر لِأَنَّهُ أَكثر مَا يكون بالصبيان لَا يتهيأ الفصد.
وَإِذا رَأَيْت الخريف حاراً جدا والشتاء يَابسا فانتظر الجدري إِلَّا أَن يكثر الْمَطَر.
لى: يجب أَن تدثر صَاحب الجدري فِي وَقت خُرُوجه جدا ويوقى الْبرد بالثياب وَلَا ينشق)
هَوَاء بَارِدًا فَإِنَّهُ ملاكه. وَإِن كَانَ صيفاً فَلَا يدْخل الخيش بل يكون فِي مَكَان يعرق فِيهِ إِلَّا أَن يُصِيبهُ غشى فَإِن ناله غشى ألبس مبطنة يكون بدنه فِيهَا عرقاً ثمَّ يدْخل الخيش ويشم الصندل وَمَاء الْورْد والكافور وَلَا يبرد تبريداً شَدِيدا حَتَّى يظْهر كُله.
وَلَا يفصد بعد ظُهُوره الْبَتَّةَ إِلَّا أَن تكون الْمَادَّة كَثِيرَة جدا لِأَن الفصد لَيْسَ يجره إِلَى خَارج ويبلد عمل الطبيعة وَهُوَ بحران.
ماسرجويه: الَّذِي يمْنَع أَن يخرج جدري فِي الْعين وَإِن كَانَ قد خرج شَيْء حلله وَمنع من غَيره بالمرى الَّذِي لَا خل فِيهِ.
ابْن ماسويه: رب الريباس وَرب الحصرم وَرب حماض الأترج نافعة من الجدري والحصبة والطواعين لقمعها حِدة الصَّفْرَاء وتطفئه الدَّم.
لى:
3 - (أول مَا يبْدَأ الجدري)
وَإِذا بلغ الْعين فقطر فِيهِ الْكحل لِأَن فِي ذَلِك الْوَقْت تخَاف البثور. والأجود إِذا كَانَ مخوفا أَن يقطر فِيهِ أشياف البثور المتخذة من الْكحل والشادنة والأقاقيا والدهن الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْبَتَّةَ إِلَّا إِذا جَفتْ القروح أسقط الخشكريشة فَإِنَّهَا مَا دَامَت لَا تَجف فَإِنَّهُ أشر مَا يكون لِأَنَّهُ يمْنَع التَّحَلُّل وَيحدث خفقاناً وعشياً وَقد اتّفق على هَذَا الْحَدث من الْأَطِبَّاء.
لى: قد رَأَيْت حصبة خرجت بالمحموم بعد التَّاسِع وَلم يكن مَعهَا شَيْء من عَلَامَات الجدري والحصبة غير غم شَدِيد دَائِم كَانَ يجده المحموم عَن غير غشى فَإِذا رَأَيْت الْحمى الدائمة بكرب وقلق وغم شَدِيد دَائِم فَاعْلَم أَنه أخص العلامات بالحصبة وَحِينَئِذٍ لَا يبرد ظَاهر الْبدن الْبَتَّةَ.
(5/14)
الرَّابِعَة عشرَة من النبض قَالَ: الدَّم يتعفن فِي الأورام الحارة جدا والجدري والآكلة تعفناً شَدِيدا وَلذَلِك يبلغ من لهيبه أَن يحرق الْجلد فَيحدث مَا فِيهِ الجدري والآكلة وَنَحْوهَا.
التَّاسِعَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء قَالَ: الْفُصُول الْبَاقِيَة من الأغذية مِمَّا لَا يَسْتَحِيل إِلَى الدَّم وَتبقى فِي الْأَعْضَاء تعفن وتحتد على الْأَيَّام حَتَّى تولد الْحمرَة والجدري والساعية.
لى: ذكر ج الجدري وَترك علاجه الْخَاص لَهُ يدل على أَنه نوع من البحران.
لى: وَإِن أوجعتهم ظُهُورهمْ وَلم يكن بهم شَيْء آخر من عَلَامَات الجدري الْبَتَّةَ بل كَانَ بَعضهم بِهِ إسهال أَيْضا وماؤه أَبيض فجدر أَيْضا. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا شَيْء أخص بالجدري من وجع الظّهْر مَعَ)
الْحمى. فَإِن رَأَيْت ذَلِك فِي الخريف فثق بِأَنَّهُ سيخرج جدري دون الحصبة والحصبة لَا يكون مَعهَا وجع الظّهْر واحسب أَن ذَلِك لشدَّة تمدد الْعرق الأجوف الْمَمْدُود على فقار الصلب وَفِي الحصبة لَا يتمدد لِأَنَّهَا من رداءة الدَّم بِلَا امتلاء كثير. وَأما الجدري فَإِنَّهُ دم لَيست لَهُ كَيْفيَّة مفرطة الرداءة بِالْإِضَافَة إِلَى الحصبة.
لى: تحْتَاج أَن تجذب بِمَا يسقى لكَي يسْرع خُرُوجه وَهَذَا يجب أَن ينظر فِيهِ فَإِن كَانَ تعذر مَا يخرج لسكون حرارة فأعن على ذَلِك بالمسخنات أَو اترك المطفئة القوية. وَمَتى كَانَ اللِّسَان أسود والحرارة زَائِدَة فَلَا تفعل ذَلِك وأعن بِالْحلقِ فَإِن الخوانيق تكْثر مَعَه فغرغرة بالقوابض وَبعد إِذا اشْتَدَّ بِالْمَاءِ الْحَار وَمَاء السكر. وَقد يبخر البطيء النضج بِالْمَاءِ الْحَار والبابونج.
والجدري الَّذِي هُوَ كَأَن دَائِرَة رَأسه مدفونة إِلَى دَاخل رَدِيء قتال. وَقد رَأَيْت هَذَا النَّحْو مَرَّات وتخلص مِنْهُ من غذى وقوى.
وَلَا شَيْء خير للجفن الَّذِي يخرج عَلَيْهِ من الماميثا والحضض وَالصَّبْر والزعفران. وللعين من السماق وَمَاء الْورْد.
لى: خرج على تكيز جدري كثير رَدِيء ففصدناه قبل ضيق حلقه فَلم يبْق شَيْء من التطفئة إِلَّا فَعَلْنَاهُ بِهِ فصلح وَتوسع الْحلق وَأَقْبل من الجدري حَتَّى رجوناه ثمَّ إِنَّه هاج بِهِ ضَرْبَة وجع فِي سلقه عَظِيم جدا وأسود وَمَات من شدَّة الوجع فِي يَوْم وَاحِد وعزمت على أَن أشرط فِي ذَلِك الْموضع فَسَقَطت قوته فِي سَاعَة حَتَّى لم أرجه الْبَتَّةَ لَكِن على حَال سَالَ الدَّم من مسامه.
وَرَأَيْت جمَاعَة خرج بهم جدري حَار عَظِيم وأصابهم كلهم وجع السَّاق فِي آخر أَمرهم.
لى: اللك إِنَّمَا يسقى فِي الجدري ليقوي الكبد.
التِّرْمِذِيّ قَالَ: إِذا تفقأ الجدري فأمسحه بدهن وملح وَيقف فِي الشَّمْس سَاعَة ثمَّ يغسل بِمَاء قد طبخ فِيهِ تين وآس ثمَّ يبخر بالطرفاء ثمَّ اطله بعد ثَلَاثَة أَيَّام بطين أَبيض فِيهِ قَلِيل ملح
(5/15)
ودعه نصف يَوْم ثمَّ اغسله بِمَا غسلت. وَإِذا كَانَ فِي وَقت الجفوف فاسقه لبن الآتن قارصا فَإِذا تقرح جسده فابسط تَحْتَهُ الذريرة الْبَيْضَاء.
بختيشوع:
3 - (عَلَامَات الجدري)
حمى مَعَ حمرَة الْوَجْه والجسد وتشتد حمرَة اللثة خَاصَّة. فَإِذا بَدَأَ يبرز فَإِن كَانَ متحبياً فجدري. وَإِن كَانَ كالحصبة فحصبة وعلاجهما وَاحِد. فاسقه إِذا بَدَأَ عشرَة دَرَاهِم من الفانيذ مَعَ قِيرَاط مسك كل يَوْم إِن كَانَ كثيرا وَإِلَّا فعلى قدر ذَلِك.
فَإِذا مَضَت ثَلَاثَة فاسقة وردا زنة مِثْقَال وَمن العدس المقشر أَرْبَعَة لكا دِرْهَمَيْنِ يطْبخ بسكرجتى مَاء حَتَّى يصير نصف رَطْل ويصفى وَيجْعَل فِيهِ سكر ويسقى على الرِّيق ثَلَاثًا أَو أَكثر ثمَّ قَالَ: مَا قَالَ التِّرْمِذِيّ سَوَاء.
قَالَ: فَإِذا تفقأ قَلِيلا فَخذ درهما من سمسم ويلقى فِيهِ شَيْء من ملح الْعَجِين محرقاً وَيمْسَح بِهِ جسده وَيقف فِي الشَّمْس سَاعَة ثمَّ يغسل بِمَاء قد غلى بورق الآس أَو ورد وجلنار وَقَلِيل ملح ثمَّ يتبخر بورق الآس والطرفاء بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة من هَذَا فاطله بطين أَبيض وَشَيْء من ملح ودعه عَلَيْهِ نصف يَوْم ثمَّ اغسله بِمَا غسلت أول مرّة.
فَإِذا تقشر فَخذ أرزاً فاغسله وجففه ثمَّ اسحقه وَاجعَل فِيهِ شَيْئا من زعفران واطله ودعه نصف يَوْم فَإِذا تقرح جسده فافرش تَحْتَهُ القمحة الْبَيْضَاء.
وَإِذا بَدَأَ الْجَفَاف فمره بِشرب لبن اللقَاح قارصاً فَإِن لَان بَطْنه فماء سويق الشّعير والأرز مَعَ صمغ.
وَإِن تورم وبح صَوته. وَإِن كَانَ اليبس كثيرا وتورم فِي السَّابِع فَإِنَّهُ ميت. وَالْأسود والشديد الْحمرَة عَلامَة سوء. 3 (الجدري والحصبة وَمَا يثورهما) 3 (ويزيل أثرهما يستعان بِبَاب الْأَثر والورشكين.) بَوْل الْإِنْسَان الْمُعْتق ينفع الحصبة. د: اسْتِخْرَاج مَتى أنقع السماق فِي مَاء ورد واكتحل بِهِ فِي الجدري قوى الحدقة وَمنع أَن يخرج فِيهَا شَيْء.
دَوَاء يظْهر الجدري والحصبة وأصناف البثور إِلَى خَارج: تين حُلْو نيء وزبيب بِلَا عجم وَلَك منقى من عوده وكثيراء وزعفران وعدس بقشره يطْبخ بِالْمَاءِ ويسقى. من تذكرة عَبدُوس مَجْهُول يذهب بآثار الجدري عَجِيب: ترمس حمص أسود صدف محرق خثى الْبَقر محرقاً يعجن بِمَاء ويطلى بِهِ الْوَجْه.
أَو خُذ شعير وبعر الْغنم بِالسَّوِيَّةِ واطبخه بِمَا يغمره من مَاء حَتَّى يلين ثمَّ دقه واعجنه بخل خمر واطله على آثَار الجدري.
(5/16)
أَو خُذ المَاء الَّذِي يكون فِي خف الْجمل الَّذِي يشوى واجعله عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يسوى سطوحه ويقلع ابْن ماسويه: إِذا كَانَ مَعَ الْحمى الدموية اللَّازِمَة حمرَة فِي الْعين وَالْوَجْه وَثقل كثير فِي الْبدن وَالرَّأْس وحكة فِي المنخرين وعطاس ووجع ينخس الْبدن كُله فَهَذِهِ عَلَامَات خُرُوج الجدري فَاجْعَلْ أول عنايتك بِالْعينِ واكحلها بِمَاء السماق وبماء الْورْد لِئَلَّا يخرج فِيهَا شَيْء وَمن بعد ظُهُور الجدري فقطر فِي الْعين كحلاً محكوكاً بِمَاء الكزبرة الْيَابِسَة المنقعة فِي المَاء السخن الْمُصَفّى مَعَ شَيْء من كافور. واحتل فِي قُرُوح الجدري أَن تخرج بِسُرْعَة من غير خفقان وَلَا غشى بِأَن يسقى من اللك خَمْسَة دَرَاهِم وعدس مقشر مغسول سَبْعَة دَرَاهِم وكثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم: يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يذهب النّصْف وَصفه واسقه والغذاء مَا يغذى فِي الْأَمْرَاض الحادة ولين الْبَطن مَتى احتجت إِلَى ذَلِك إِلَى الْأُسْبُوع بِمَاء الْفَوَاكِه وَبعد الْأُسْبُوع احذر إسهال الْبَطن وَاجعَل الطَّعَام مَا يعقل الْبَطن لِأَنَّهُ يعقب إسهالاً. وَفِي الشتَاء أوقد الطرفاء وَالْكَرم والبلوط.
وَإِذا رَأَيْت الجدري قد بَدَأَ يجِف فالطخه بدقيق الْأرز والجاورس مَعَ شَيْء من زعفران بِمَاء ورد ويلطخ على الْجَسَد بريشة.)
وَإِن خرج مِنْهُ شَيْء فِي الْأنف فقطر فِيهِ شمعاً ودهن بنفسج وكثيراء وَكَذَلِكَ فِي الْفَم. وَلَا تطعمه الْفروج حَتَّى يجِف الجدري وينقى من الْحمى أصلا وَلَا تقرب من الْبدن دهناً بتة لَا فِي الْيَهُودِيّ: الورشكين الْأَصْفَر يدل على الصَّفْرَاء والأخضر وَالْأسود يدلان على شدَّة احتراق الدَّم وَهُوَ قَاتل وَكَذَلِكَ الجدري.
إِذا بَدَت الْحمى بحرارة وصداع ووجع الْحلق مَعَ سعال واحمرار الوجنة وَالْعين وعطاس وحكة فِي الْأنف وعرق الْبدن فَإِنَّهُ سيخرج فِي الْأَكْثَر يَوْم الثَّالِث إِذا لانت الْحمى. وَرُبمَا بَان من أول يَوْم وَالثَّانِي.
الحصبة أقل من الجدري والجدري أضرّ على الْعين وَالصغَار المتقاربة أردأ. واحفظ الْعين بالكحل اللين ثمَّ يكحل فِيهِ كافور.
وَفِي الْيَوْم السَّابِع ملحهم بِمَاء وملح وَشَيْء من زعفران ثمَّ اطلهم بعد ذَلِك بورد وصندل وعدس وَشَيْء من كافور. وَلَا تسق فِي أول الْعلَّة شَيْئا بَارِدًا فيبلد لبفضل ويمنعه من الْخُرُوج بِسُرْعَة لَكِن اسْقِهِ مَاء رازيانج وَمَاء كرفس وسكر ليخرج بِسُرْعَة من جَوْفه وليتمضمض بِمَاء رمان لِئَلَّا يشتكي من حلقه وفمه وَلَا يخرج فيهمَا شَيْء وَبعد أَن يُولى فَاسق أَقْرَاص حماض وبزرقطونا مقلواً. فَإِن اشْتَكَى من حلقه فأعطه الزّبد. وَفِي الشتَاء لَا يفارقهم وقود الطرفاء.
ونومهم إِذا امْتَلَأت على مضربة مخلخلة محشوة بدقيق أرز.
(5/17)
وَالَّذِي يكون من الجدري يعقب الْحمى أسلم مِمَّا كَانَ بعده الْحمى فَأَما الحصبة فَإِنَّهَا يغلظ البزاق وتحمر الْعين وَالْوَجْه وييبس اللِّسَان وتنتفخ الأصداغ ويعرض التهوغ.
والحصبة تخرج بِمرَّة والجدري شَيْئا بعد شَيْء. والبنفسجي والأخضر قاتلان وخاصة مَتى غابا دفْعَة وخاصة إِذا كَانَ مَعَ غثيان وغشى فاحذر.
والجدري الْأسود الْكثير الَّذِي يمتلئ بِهِ الْجَسَد وَهُوَ مثل الثآليل قَاتل. ويدخن الجدري الرطب بورق الآس. ويطلى آثَار الجدري بحكاك أصل الْقصب بِالْمَاءِ وحكاك عود الْخلاف والمردارسنج.
جورجس قَالَ: يكون الجدري والحصبة إِذا لم يخرج الدَّم وَفَسَد وَاحْتَرَقَ وَأكْثر ذَلِك إِذا ساعده هَوَاء جنوبي وتتقدمه حمى حادة وصداع شَدِيد مَعَ ثقل واحمرار الْوَجْه وسعلة)
ويبس اللِّسَان والريق وانتفاخ عروق الْوَجْه كلهَا وَيكون الرِّيق غليظاً لزجاً ويعرض فِي الْأنف حكة وعطاس وَحُمرَة فِي الْعين مَعَ حكتها ودمعة ويتهيج الْوَجْه ويخبث النَّفس ويهيج الغشى والغثى والقيء وَقلة الشَّهْوَة وَثقل فِي الْجَسَد كُله وغرز فَإِذا رَأَيْت هَذِه كلهَا أَو بَعْضهَا فسيظهر جدري أَو حصبة.
وَرُبمَا ظهر والحمى صعبة وَيكون أصعب وَأَشد لاشتعاله. وَرُبمَا ظهر وَقد خفت الْحمى أنظر لَا تعالج هَؤُلَاءِ بالمبردات الشَّدِيدَة فَإِنَّهُ بلَاء عَظِيم قَاتل لَكِن إِن كَانَ شتاء فاسقهم عصير الرازيانج والكرفس والجلنجبين. وَإِن كَانَ الزَّمَان حاراً فاسقه مَاء الشّعير والعدس والبطيخ وَالرُّمَّان والقرع وَنَحْوه. وليمسك فِي فِيهِ كل يَوْم عصير الرازيانج وزعفراناً وسكراً طبرزد أَو صب فِي عَيْنَيْهِ مرياً لتحفظهما واكحلهما باثمد وكافور واحمه الحموضة والملوحة لِئَلَّا يهيج بِهِ سعال وعطش وَكَذَلِكَ الْجلاب لِئَلَّا ينْطَلق بَطْنه فَإِن انْطلق فاسقه رب الآس وَرب السفرجل بِمَاء ورد وأقرصة الطباشير. فَإِن رعف فَهُوَ بحران جيد لَهُ.
وَإِذا رَأَيْت الحصبة البنفسجية والخضراء قد غَابَتْ بَغْتَة إِلَى دَاخل الْبدن فَاعْلَم أَنه سيغشى على الْمَرِيض وَيَمُوت. والجدري الصغار الْيَابِس تتشقق وتجف ويعرض مَعهَا غشى وغثى واختلاط عقل قَاتل.
وَالَّذِي يكون شَدِيد الرُّطُوبَة فنومه على فرَاش مهلهل محشو بدقيق الْأرز والجاورس ودخنه بورق الآس وورق الزَّيْتُون الْيَابِس وَإِذا جَفتْ القروح حككنا أصل الْقصب أَو عود الْخلاف بِمَاء وطلينا بمرداسنج مغسول لِئَلَّا يكون لَهَا أثر.
أطهورسفس قَالَ: وسخ الكوارات إِذا خلط مَعَ شعير وَوضع على الجدري قَبضه.
(5/18)
أهرن قَالَ: أسهلها الْأَبْيَض والأحمر وأردؤها الْأسود والأخضر ثمَّ بعده الْأَصْفَر.
وَإِذا رَأَيْت قد ثار الجدري والحصبة وَقد لانت الْحمى فَإِنَّهَا عَلامَة السَّلامَة. وَإِذا ثار فِي عنفوان الْحمى فَإِنَّهُ مهلك.
قَالَ: وَإِذا علمت أَن الجدري قد بَدَأَ يثور فإياك أَن تسقى دَوَاء بَارِدًا فَيرجع فِي الْجوف لَكِن اسْقِهِ الرازيانج والكرفس ليثور من الْجوف وليتمضمض فِي فِيهِ بطبيخ العدس وَاحْذَرْ أَلا يخرج فِي فِيهِ وحلقه فيؤذيه.
قَالَ: إِذا بلغ الجدري فنومه على دَقِيق الْأرز ودخنه بالآس وبورق الزَّيْتُون فَإِنَّهُ يجففه.)
لى: الجدري يكون من غليان يحدث للدم عِنْدَمَا يُرِيد أَن يَنْقَلِب من الطفولية إِلَى الشَّبَاب وتحدث فِيهِ الْحَرَارَة القوية السهوليه. وَهَذَا إِذا كَانَ صَاحبه حَار المزاج فَرُبمَا حدث مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَإِلَّا فَوَاحِدَة ولابد أَن يتَغَيَّر دم كل طِفْل إِلَى هَذِه الْحَال وَلذَلِك هُوَ فِي الذُّكُور أَكثر.
يَنْبَغِي أَن يحترس الصَّبِي المسنعد للجدري والحصبة فِي الرّبيع والشتاء من أَن يحم حمى حادة ويسكن دَمه ويطفأ عَنهُ مَا أمكن ويلطف غذاؤه وَيكون مِمَّا يُولد رَقِيقا ويحذر أَن تتكاثف سطوح بدنه بالدلك والرياضة وَالْحمام. فَأَما فِي الخريف والصيف فَإِن الْحَاجة إِلَى الاحتراس من ذَلِك أقل لَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يتَحَلَّل من الْبدن فِي الصَّيف شَيْء كثير وَفِي الخريف الدَّم قَلِيل. 3 (المستعدون للجدري والحصبة من الصّبيان) الْأَبْيَض والأحمر الخصيب والأصهب الشّعْر فَأَما النحيف الْأسود فبعيد مِنْهُ.
ابْن سرابيون قَالَ: إِن أجابت الْقُوَّة فَلَا شَيْء أَجود فِي الجدري من الفصد إِلَى أَن يغشى عَلَيْهِ وَإِلَّا فالحجامة. وقطر فِي الْعين مَاء السماق أَو شَحم الرُّمَّان. فَإِن بَدَأَ الجدري يظْهر فَحِينَئِذٍ فَاسق طبيخ اللك حَتَّى يظْهر كُله واسق بعد ذَلِك مَاء الشّعير وعدساً وَاجعَل الْغذَاء الماش وَنَحْوه وَفِي الشتَاء أوقد لَهُم الطرفاء وحطب الْكَرم. فَإِذا بدا يجِف فاطله بدقيق الْأرز والجاورس وأصول الْقصب الْفَارِسِي والزعفران مبلولاً بِمَاء ورد.
(5/19)
(النبض) قَالَ ج فِي الْمقَالة الأولى من
3 - (أَصْنَاف الحميات)
النبض الصلب يحدث إِمَّا من جمود حدث للبدن من برد أَو يبس أَو تمدد أَو شَيْء من جنس التشنج أَو من بعض الأورام الحارة أَو الصلبة فَقَط.
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن صلابة النبض يكون إِمَّا بِسَبَب تمدد وَإِمَّا من أجل برد ويبس.
لى: الجمود يَفْعَله الْبرد الْقوي والتمدد يَفْعَله الورم والجساءة والعلل الْمُنَاسبَة للورم الْكَائِن فِي العصب واليبس تَفْعَلهُ الستفراغات كالذرب وَاخْتِلَاف الدَّم والهيضة والجوع الطَّوِيل والحميات المحرقة وَبِالْجُمْلَةِ كل حمى تجفف الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
من كتاب العلامات: النبض الَّذِي يخص الِابْتِدَاء صَغِير متكاثف وَالَّذِي يخص الصعُود سريع مُخْتَلف عَظِيم. وَالَّذِي يخص الْمُنْتَهى فِي غَايَة الضعْف وَالَّذِي يخص الانحطاط طبيعي.
وَقَالَ إِلَّا الحميات الخبيثة فَإِن هَذِه الحميات تجْعَل النبض صَغِيرا فِي كل الْأَوْقَات.
والنبض بعد الطَّعَام أعظم وَأَشد تواتراً.
من مَنْفَعَة النبض يعرض لمن أَكثر من الطَّعَام إِذا نَام أَن يصغر الانبساط مِنْهُ ويبطئ وَيزِيد الانقباض فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَن الْحَرَارَة تَجْتَمِع دَاخل الْبدن كثيرا فيكثر فِيهِ الْهَوَاء الدخاني. وَعظم الانقباض إِنَّمَا يكون إِمَّا لِكَثْرَة الْهَوَاء الدخاني وَإِمَّا لرداءته وتتشوق الطبيعة إِلَى إِخْرَاجه وَلذَلِك يصغر الانقباض فِي الْمَشَايِخ لقلَّة الْحَرَارَة فيهم وَلذَلِك يصغر الانقباض فِي جَمِيع الْأَحْوَال والأسباب والأمزاج والبلاد الْبَارِدَة.
من الْمقَالة الأولى من النبض الْكَبِير قَالَ: الْحَرَارَة فِي الْحمى نتبين فِي مَوضِع الْعرق نَفسه إِذا مسته أَكثر مِمَّا تتبين فِي سَائِر الْجَسَد إِذا مسته.
لى: أهران قَالَ: ضَرْبَان عرق من معدته ممتلئة فِيهِ إبطاء وَضعف وضربان الْخَفِيف الْمعدة سريع قوي إِلَّا أَن يشْتَد جوعه فيضعف.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: حمى يَوْم النبض فِيهَا سريع الانبساط بطيء الانقباض.
لى: على مَا رَأَيْت فِي الاختصارات: النبض فِي مبدأ الحميات يصغر ويبطئ وَذَلِكَ لِأَن الْخَلْط الَّذِي اجْتمع إِنَّمَا هُوَ فِي ذَلِك الْوَقْت مبرد للقلب يثقل عَلَيْهِ ويمنعه من فعله كالحطب على النَّار)
قبل اشتعاله. والغذاء حِين يَأْكُلهُ الْإِنْسَان فَإِن الْغذَاء أَيْضا يبرد الْبدن أَولا
(5/20)
إِلَّا أَن يكون حاراً بِالْفِعْلِ حَتَّى إِذا أخذت تشتعل فِيهِ الْحَرَارَة وَكَانَ زَائِدا فِي النبض مَعَ تَقْوِيَة لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَالَ إِلَى جوهرية الْجَسَد فَأَما خلط الْحمى فَإِنَّهُ إِذا اشتعل يُرِيد فِي سرعَة النبض وَلَا يزِيد فِي الْقُوَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ يَسْتَحِيل إِلَى جَوْهَر الْحَرَارَة الغريزية لكنه يشعلها فَقَط.
جَوَامِع الْعِلَل والأعراض قَالَ: جَمِيع صنوف النبض يحس فِيهِ بفترة بَين نبضتين إِلَّا فِي النبض النملى فَإِنَّهُ لَا يحس فِيهِ بذلك.
أريباسيوس قَالَ: الْأَطِبَّاء يسمون النبض الصَّغِير الْمُخْتَلف المنضغط وَهُوَ لَازم لابتداء حميات العفن غير مفارق لَهَا.
من كتاب الْإِسْكَنْدَر قَالَ: لَا تجس العليل سَاعَة تدخل لِأَنَّك مهتاج قلق والعليل يرتاح لدُخُول الطَّبِيب عَلَيْهِ لَكِن اصبر حَتَّى تَسْتَقِر أَنْت ثمَّ جس وخاصة مَتى كَانَ الطَّبِيب ذَا هَيْبَة وسكرة أَو كَانَ الْعِلَل مستحياً أَو كن أَبْكَارًا أَو شَيْئا لم يصدق ذَلِك فَيَنْبَغِي أَن يُطِيل الحَدِيث وَالسُّؤَال حَتَّى يسكن ثمَّ يجس.
قَالَ: وَلَا ترفع الْيَد عَن الضَّرْب قبل اثْنَتَيْ عشرَة نبضة.
قَالَ: مجسة الْحمى يلْزمهَا التَّوَاتُر والعظم والسرعة مَعَ حرارة وانكسار فِي الْجَسَد وَلَا يسكن التَّوَاتُر إِلَّا فِي انحطاط الْحمى.
لِابْنِ ماسويه قَالَ: لَا يُفَارق نبض المحموم الِاخْتِلَاف الْكثير حَتَّى يكون حينا عَظِيما وحيناً صَغِيرا وَمرَّة شاهقاً وَمرَّة منحطاً وَمرَّة قَوِيا وَمرَّة ضَعِيفا وَمرَّة دَقِيقًا وَمرَّة عريضاً وَيكون طَوِيل الْمكْث وَالْوَقْت لابثاً أَكثر من سَائِر أَنْوَاع الِاخْتِلَاف.
من بعض الْجَوَامِع قَالَ قَالَ ج: إِن ابْتِدَاء الانبساط وانتهاء الانقباض غير محسوسين.
قَالَ: وَالْوَزْن يكون فِي شَيْئَيْنِ: إِمَّا أَن تقيس مُدَّة الانقباض إِلَى مُدَّة الانبساط والسكون إِلَى السّكُون وَإِذا تقاربت من الاسْتوَاء كَانَ مَوْزُونا وَمَتى لم تتقارب كَانَ غير مَوْزُون وَتَكون لَهُ زيادات ونقصان مُخْتَلفَة. وَإِمَّا أَن تحفظ مَا فِي ذَلِك لكل سنّ من الْأَسْنَان فَإِذا وجدت فِي سنّ قد زَالَ عَنهُ فَهُوَ غير مَوْزُون. 3 (من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة) قَالَ: لما جسست عرق الْملك رَأَيْته بَرِيئًا من كل عظم يدل على حمى.
لى: ينظر فِيهِ فَإِنَّهُ يُوهم أَن النبض فِي ابْتِدَاء الْحمى عَظِيم.
الْخَامِسَة 3 (من الْعِلَل والأعراض) من كتاب العلامات قَالَ: إِذا كَانَ النبض فِي زمَان تزيد الْحمى لَكِن يبْق
(5/21)
منضغطاً أَو يكون منضغطاً بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا يجب من حرارة الْحمى فَإِن الْحمى رَدِيئَة مخوفة.
من الْمُخْتَصر الْمَعْمُول فِي النبض على رَأْي ج قَالَ: الْوَزْن إِنَّمَا هُوَ قِيَاس زمَان الانبساط بِزَمَان الانقباض فِي الْقصر والطول وَلذَلِك لَا يحس بِالْوَزْنِ الْبَتَّةَ من لم يحس بالانقباض.
لى: جعل الْوَزْن فِي السرعة والتواتر فِي السّكُون الَّذِي بَين الحركتين.
الْمقَالة الأولى سوء من التنفس قَالَ: إِذا قست انبساط الصَّدْر الَّذِي هُوَ إِدْخَال النَّفس بانقباضه كَمَا يُقَاس فِي النبض انبساط الْعرق بانقباضه كَانَ ذَلِك وزن النَّفس كَمَا أَن ذَلِك فِي النبض وزن النبض. وَيُقَاس فِي كمية الانبساط والانقباض وَفِي كيفيته.
لى: من أحس بالانقباض والسكون الَّذِي بعده فِي الكمية وَقِيَاس الانقباض بالانبساط فِي الْكَيْفِيَّة. وَمن لم يحس بالانقباض فالوزن عِنْده قِيَاس كمية زمَان الانبساط بِقِيَاس الزَّمن الآخر الَّذِي إِلَى انبساط ثَان وَلَيْسَ هَذَا هُوَ التَّوَاتُر وَذَلِكَ أَن التَّوَاتُر إِنَّمَا هُوَ أَن يقصر الزَّمَان الَّذِي بَين انبساطين بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل ذَلِك. فَهُوَ قِيَاس زمَان سُكُون بِزَمَان سُكُون وَالْوَزْن
النبض بطيء الثَّامِنَة من جَوَامِع حِيلَة الْبُرْء قَالَ: النبض يكون فِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة فِي الحميات أَبْطَأَ وَأَشد تَفَاوتا مِمَّا لم يزل عَلَيْهِ بالطبع وَيكون ذَلِك فِيهِ ظَاهرا بَين الْقصر.
قَالَ ج: الدَّلِيل الَّذِي لَا يكذب على شدَّة الْقُوَّة النبض الْقوي المستوى وَكَذَلِكَ الْعَظِيم.
لى: النبض إِنَّمَا يخْتَلف إِمَّا لِأَن الْقلب لم يقو على حركته الَّتِي كَانَت لَهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ اضْطر إِلَى مَا هُوَ أَكثر مِنْهَا. وَفِي الْحَالة الأولى يخْتَلف بِأَن يصير أَضْعَف وأصغر من الطبيعي فافرق ببنهما بذلك وبالأحوال الْخَارِجَة أَيْضا وَاعْلَم أَن اسْتِوَاء النبض دَلِيل على اضطلاعه بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْحَرَكَة واستغنائه عَمَّا هُوَ أَكثر مِنْهَا فَلذَلِك هُوَ خَاص يحسن حَال الْقلب جدا فَإِن اختاف فَكلما كَانَت النبضات الصغار أقل فَهُوَ أَجود. فالخاص بِحسن حَال الْقُوَّة الحيوانية النبض الْقوي ثمَّ الْعَظِيم وَذَلِكَ أَنه لَا يكون مَعَ سُقُوطهَا وَإِن كَانَ قد يكون مَعَ شدَّة الْحَاجة فَمَتَى أردْت أَن تعرف حَال الْقُوَّة فتفقد الشدَّة والاستواء.
الرَّابِعَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: جست عروق رجل طَبِيب فَكَانَ فِي عروقه جَمِيع أَنْوَاع الِاخْتِلَاف الَّذِي يكون فِي نبضات كَثِيرَة وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ الجموعى الَّذِي يكون فِي انبساط وَاحِد من انبساطات الْعرق فَلَمَّا وجدت نبضه على هَذَا عجبت كَيفَ هُوَ حَيّ بعد وَسَأَلته هَل وجد عسراً فِي نَفسه فَقَالَ: لَا وَجعل يسألني: أَيَّة عِلّة يُمكن أَن يصير النبض فِيهَا بِهَذِهِ الْحَال بِلَا حمى لى: قد بَان من كَلَامه أَن الِاخْتِلَاف يكون فِي الْحمى غير مفارق.
قَالَ: فَقلت إِنَّه قد يكون ذَلِك من ضيق يحدث فِي الشريانات الَّتِي فِي الرئة.
(5/22)
قَالَ: وَهَذَا الرجل بدا بِهِ بعد ضيق النَّفس ثمَّ ضعفت قوته وانحلت وَأَخذه الغشى وَمَات كَمَا يَمُوت الَّذين بهم عِلّة الْقلب.
من الدَّلَائِل قَالَ: مَا دَامَت العفونة فِي الحميات تتزيد فالنبض يزْدَاد اخْتِلَافا فَإِذا بَدَأَ النضج بَدَأَ الِاخْتِلَاف ينتقص مَعَه حَتَّى يَسْتَوِي إِذا كمل.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لما جسست عرق الْملك فَوَجَدته بَعيدا من كل عظم يدل على حمى علمت أَنه لَا حمى بِهِ.
لى: الْعظم لَا يكَاد يُفَارق الْحمى فَلْينْظر فِيهِ فَإِن كَانَ الْكَلَام مِنْهُ فِي ابْتِدَاء الْحمى أَنه يصغر)
النبض وَلَا أَحسب ذَلِك فَإِن رَأَيْت مرَارًا كَثِيرَة قوما فَقضيت عَلَيْهِم لما رَأَيْت نبضهم قد بدا يعظم أَنهم يستحمون فحموا.
الأولى من قَالَ: الْبرد وَأكل الْأَشْيَاء المبردة بالثلج والهم والسهر وَاخْتِلَاف الدَّم يصلب النبض وَكَذَا التشنج والورم الْحَار لِأَن كل شَيْء يمدد يصلب النبض.
الْمقَالة الأولى من أغلوقن قَالَ: النبض الْعَام لجَمِيع الحميات الَّذِي لَا يفارقها أَن يكون مُخْتَلفا فِي نبضة وَاحِدَة حَتَّى يكون أول الانبساط أسْرع وَآخره أسْرع.
قَالَ: وَالدَّلِيل على السدد فِي الْأَعْضَاء الرئيسة اخْتِلَاف النبض فِي قرعات فِي الْقُوَّة والضعف والعظم والصغر من غير أَن تكون دَلَائِل الامتلاء حَاضِرَة فَإِن هَذَا الِاخْتِلَاف فِي النبض عَام للسدد والامتلاء.
وَقد يكون أَيْضا من السدد إِذا كَانَت عَظِيمَة وَمن الامتلاء الشَّديد النبض الْمَعْرُوف بالمفتر وَهُوَ الَّذِي يتَوَقَّع مِنْهُ حَرَكَة فَتكون مَكَانهَا فَتْرَة وَسُكُون.
الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: كثيرا مَا قضيت على النبض الْمُخْتَلف وَالَّذِي فِيهِ فترات أَن ذَلِك الْإِنْسَان نبضه ذَلِك بالطبع لَا من أجل مرض.
أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: فِي حمى غب إِذا برد الْبدن صغر النبض وصلب وَأَبْطَأ انبساطه وأسرع انقباضه وتفاوت سَاعَة أَو ساعتين ثمَّ يقبل يعظم ويسرع ويتواتر.
لى: قد وَقع الْإِجْمَاع وَشهِدت التجربة بصغر النبض بِالْإِضَافَة إِلَى الطبيعي فِي ابْتِدَاء الدّور فَيَقُول ج فِي نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة إِنَّه لما وجد الْملك قشعريرة وجس نبضه وجده بَرِيئًا من كل عظم يُوجب ابْتِدَاء نوبَة الْحمى. إِنَّمَا يعْنى بِهِ أَنه كَانَ أكبر من كل نبض يحس فِي ابْتِدَاء الحميات فَافْهَم من عظم كَلَامه مِقْدَارًا فَيَقُول إِنَّه كَانَ أكبر من كل عظم يكون فِي ابْتِدَاء الدّور.
وَقد قَالَ: الْعِمَاد فِي تعرف ابْتِدَاء النوائب حَرَكَة النبض إِلَى دَاخل أسْرع أَعنِي سرعَة الانقباض من صغر الانبساط.
(5/23)
يحيى النَّحْوِيّ قَالَ فِي تَفْسِيره للنبض الصَّغِير: إِن النبض إِذا صَار نملياً من عِلّة بَغْتَة كالغشي وَنَحْوه رجا أَن يثوب فَيرجع ويعظم وَإِذا صَار من عِلّة مزمنة وعَلى تدرج إِلَيْهِ أَعنِي أَنه لَا يزَال)
يصغر لم يثبت الْبَتَّةَ.
والنبض الرَّدِيء الَّذِي يَقع فِيهِ نبضات قَوِيَّة هُوَ خير من الَّذِي هُوَ كُله باستواء. والنبض الرَّدِيء الَّذِي إِذا كَانَ مستوياً كَانَ أردأ فَإِن النبض الَّذِي تقع فِيهِ نبضات قَوِيَّة خير من الَّذِي هُوَ كُله من اسْتِوَاء ضَعِيف.
قَالَ: فَإِن الِاخْتِلَاف إِنَّمَا يكون إِذا كَانَت الْقُوَّة تجاذب بعد وَلذَلِك صَار النبض الْمُسَمّى افليقوس رديئاً على أَنه فِي غَايَة الاسْتوَاء لِأَنَّهُ يدل على تَمام عمل الْمَرِيض فِي الطبيعة.
وَقَالَ: أقل مَا يكون النبض الْمُخْتَلف منتظماً لِأَن الِاخْتِلَاف يكون عِنْد اضْطِرَاب الطبيعة وَفِي الندرة يكون منتظماً.
مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي فهم الْمقَالة الأولى: حَرَكَة مضاعفة مَعْنَاهُ مثناه أَن ينقبض وينبسط كَأَنَّك لَو توهمت أَن الْيَدَيْنِ ترتفعان إِلَى الرَّأْس ثمَّ تنزل إِلَى موضعهَا ثمَّ ترْتَفع تسمى هَاتَانِ الحركتان حَرَكَة مضاعفة وَإِن توهمت حجرا يسفل أَو بخاراً يصعد لم تكن هَذِه الْحَرَكَة مضاعفة الْوَزْن بِخِلَاف التَّوَاتُر. وَإِن كَانَ الْوَزْن إِنَّمَا يعلم فِي قِيَاس زمَان انبساط الْعرق بِالزَّمَانِ الْبَاقِي كُله إِلَى أَن يعود منبسطاً ويستدل على ذَلِك بِهَذَا الْمِثَال: كَأَن زمَان الانبساط من النَّفس كَانَ بِمِقْدَار مَا يعد عشرَة وَكَانَ الزَّمَان الْبَاقِي إِلَى أَن يعود النَّفس ينبسط ثَانِيَة بِمِقْدَار مَا يعد فِيهِ بِمثل تِلْكَ الْحَال فِي الْعدَد عشْرين أَقُول: إِن نِسْبَة زمَان الانبساط إِلَى بَقِيَّة الزَّمَان كُله الَّذِي بَين تنفسين نِسْبَة الْوَاحِد إِلَى الِاثْنَيْنِ فاعمل على أَن هَذَا الزَّمَان يقصر حَتَّى يرجع إِلَى خَمْسَة عشر أَقُول: إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن يظنّ أَن هَذَا تَوَاتر لِأَن التَّوَاتُر يكون إِذا نقص هَذَا الزَّمَان بقياسه إِلَى نَفسه وَالْوَزْن إِنَّمَا كَانَ إِذا نقص هَذَا الزَّمَان بقياسه إِلَى زمَان الانبساط فاعمل على أَن هَذَا الزَّمَان بِنَفسِهِ طول مِقْدَار عشْرين عدَّة وَصَارَ الْآن خَمْسَة عشر مثل مَا قُلْنَا فِي الْوَزْن أَقُول: إِن هَذَا تَوَاتر مَا دمت أَقيس هَذَا الزَّمَان بِنَفسِهِ فَإِذا قسته بِزَمَان الانبساط كَانَ وزنا فاعمل على أَن وزن هَذَا الْعرق هُوَ أَن زمَان انبساطه ثلث زمَان الآخر حَتَّى صَار زمَان الانبساط نصفا فَإِن أَبْطَأَ وَالزَّمَان الآخر بَاقٍ بِحَالهِ أَقُول: إنالنبض قد تغير وَزنه وَلم يتَغَيَّر تواتره. وَجُمْلَة إِن التَّوَاتُر إِنَّمَا يكون لنُقْصَان يَقع فِي هَذَا الزَّمَان بقياسه إِلَى حَاله الطبيعية وَالْوَزْن إِنَّمَا يتَغَيَّر لنُقْصَان أَو زِيَادَة تقع فِي أحد هذَيْن الزمانين بِقِيَاس بَعْضهَا إِلَى بعض. قَوْله والأشياء الَّتِي يُمكن أَن يَقع بهَا الْقيَاس إِنَّمَا هِيَ من جنس وَاحِد يُرِيد بِهِ أَن يقيس زمَان الانبساط بالانقباض لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حركتان)
وتقيس السكونين أَحدهمَا بِالْآخرِ وَلَا تقاس حَرَكَة بِسُكُون وَلَا سرعَة بتواتر لَكِن الْأَشْيَاء المتجانسة.
(5/24)
السَّرِيع هُوَ إِذا كَانَ الانبساط لم ينقبض فِي مسافته وَثمّ فِي مدَّته أقل مِمَّا كَانَ قبل ذَلِك. والبطيء بالضد.
إِن أردْت فهم الِاسْم فاقصد أبدا إِلَى الطول فَإِن وجدته أَزِيد من القطرين فَهُوَ دَقِيق وَإِن كَانَ أنقص فَهُوَ عريض وَإِن كَانَ فِيهَا وَاحِد يُسَاوِيه فَلَا اسْم لَهُ فَلذَلِك لَيْسَ للْبَاقِي اسْم وَهُوَ طَوِيل عريض معتدل لِأَن الطول فِيهِ مواز للعرض. وَكَذَلِكَ الثَّالِث وَهُوَ طَوِيل عريض منخفض لِأَن الانخفاض فِيهِ مسَاوٍ للطول. وَالرَّابِع هُوَ طَوِيل معتدل مشرف لِأَن الإشراف مواز للطول وَإِنَّمَا اسْتحق اسْم الدقة إِذا كَانَ الطول زَائِد الْمِقْدَار على القطرين الباقيين.
مِثَاله الْخَامِس طَوِيل معتدل فالطول زَائِد على قطر الْعرض والسمك فَهُوَ لذَلِك دَقِيق. فَإِن قَالَ قَائِل: هلا جعل النبض الَّذِي الْعرض فِيهِ أَكثر من القطرين الباقيين غليظاً كَمَا جعل الَّذِي طوله أَكثر من القطرين دَقِيقًا فَكَانَ يكْتب على الْحَادِي عشر وَهُوَ معتدل عريض معتدل لِأَن الطول فِيهِ أَنه غليظ فَالْجَوَاب فِيهِ على رأى جالينوس لِأَن قطر الطول فِيهِ مواز لقطر السّمك فَلذَلِك لَا اسْم لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُسمى قطر الْعرض فِي هَذِه الْأَصْنَاف شَيْء باسم الْأَمَاكِن الطول فِيهِ أَزِيد من القطرين أَو أنقص مِنْهُمَا أَو ثَلَاثَة أَجزَاء وَهِي الْعَظِيم وَالصَّغِير والمعتدل وَالسُّؤَال كَيفَ لَا يُسمى الَّذِي قطر الْعرض أَزِيد من القطرين عريضاً قَائِم. وَبعده كَلَام أَحسب أَن فِي النُّسْخَة فِيهِ خطأ. ومحصوله: أَن من لم يكن يحس عِنْد الانبساط وَعند سَائِر الزَّمَان زمَان السّكُون فَإِن الْوَزْن وَالِاخْتِلَاف والتواتر والتفاوت عِنْده فِي أَجنَاس أقل. وَمن زعم أَنه يحس الانقباض والسكونين فَإِن ذَلِك عِنْده أَكثر لِأَن النبض يكون عِنْده متواتراً وَفِي السّكُون الآخر أَيْضا إِذا نقص سَرِيعا وَفِي زمَان الانقباض أَيْضا إِذا قصر وَذُو وزن وَغير ذِي وزن فِي غير هَذِه أَيْضا.
قَالَ: لَا فرق عِنْدهم بَين أَن ينبسط ويتحرك وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَكَة عِنْدهم إِنَّمَا هِيَ الانبساط فَقَط.
قَالَ: لَا يحس ابْتِدَاء الانبساط وَلَا آخر الانقباض لعِلَّة نذكرها فِي تعرف أَصْنَاف النبض وَالْعلَّة فِيهِ أَن الانبساط أَصْغَر فِي أول مَا يبْدَأ وأعظمه آخِره والانقباض أعظمه أَوله لِأَنَّهُ حِين يبْدَأ بالحركة الْمُخَالفَة وَآخره يكون قد صغر. وَيحْتَاج هَذَا الْكَلَام إِلَى تَحْدِيد السّكُون الَّذِي بعد الانقباض وَقبل الانبساط وَهُوَ السّكُون الَّذِي يكون بَين النبضتين والسكون الدَّاخِل الَّذِي لَا يحس)
كُله لِأَنَّهُ يتَّصل بِهِ آخر الانقباض ومبدأ الانبساط وَهَذَانِ غير محسوسين والمقدار الَّذِي يحس فِيهِ لَيْسَ هُوَ كُله سكوناً لَكِن مَعَه انبساط فَهُوَ مُشْتَرك بَين هذَيْن.
قَالَ: إِذا كَانَ الزَّمَان المتكرر وَاحِدًا وَإِن كَانَ أَكثر من وَاحِد لِأَن الْوَاحِد هُوَ الْمِكْيَال الَّذِي بِهِ يقدر كَأَنَّك تَقول لزمان الانقباض مثل زمَان الانبساط ثَلَاثَة أَشْيَاء وَتقول أَيْضا إِنَّه مثله مرّة وَشَيْء فَإِنَّمَا يكون الزَّمَان وَاحِد إِذا لم يكن الْأَحَد من الزمانين شبه الضعْف بل أقل وَيكون أَكثر من وَاحِد إِذا كَانَ ضعفه أَكثر. وَأما قَوْله لَا يُمكن أَن يكون أَكثر مِنْهُ
(5/25)
فيعنى بِهِ الْكسر الَّذِي مَعَ الصَّحِيح فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ جَزَاء يسير مِنْهُ وَرُبمَا بلغ إِلَى أَنه زَاد عَلَيْهِ شَيْء وَصَحَّ وَصَارَ وَاحِدًا صَحِيحا.
قَالَ: 3 (النبض المستوى الْمُطلق) فِي صنف مَا من أَصْنَاف النبض لَا يقبل الْقِسْمَة يُرِيد بِهِ لَا يكون منتظماً وَغير مُنْتَظم لِأَن كل مستو مُنْتَظم والمستوى فِي السرعة مثلا أَو فِي الْعظم مُنْتَظم أبدا فِي الشَّيْء الَّذِي فِيهِ استواؤه وَلَا غَيره وَذَلِكَ يكون غبا وَلَا غَيره.
قَالَ: فِي النبض المنتظم الأدوار الَّذِي يُمكن أَن يُسَمِّيه مستوياً مُطلقًا يعْنى بِهِ مستوى الأدوار احاد النبض وَيكون هَذَا بِالْإِضَافَة إِلَى كَثْرَة مَا فِي الأدوار من الاستواءات الَّتِي تحْتَاج إِلَى شَرط مُطلق إِذا كَانَ لَيْسَ فِيهِ الْبَتَّةَ وَلَا دور وَاحِد مُخْتَلف.
من هَهُنَا أَخذنَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لتعرف مَا فِيهِ من سَائِر المقالات من الْكتاب وَنَرْجِع إِلَى هَذِه الْعَلامَة إِذا رَجعْنَا إِلَى سِيَاق الْمقَالة الأولى وَقَوله فِي الْمقَالة الأولى وَيحْتَاج أَن يتعرف فِي جَمِيع هَذِه الاستواءات والاختلافات إِنَّمَا عَنى بِهِ مَا فِي نبضة وَاحِدَة. وَيعرف ذَلِك من أول الْمقَالة الرَّابِعَة على ورقتين فَإِنَّهُ صرح هُنَاكَ بِهَذَا. وَقَالَ فِي الْمقَالة الرَّابِعَة فِي آخرهَا: إِن أول الانبساط لَا يدْرك لِأَن الْعرق يحْتَاج أَن يشيل مَا عَلَيْهِ قبل ثمَّ يصل إِلَى الْيَد. وَلَا آخر الانقباض لِأَن فِي ذَلِك الْوَقْت يكون قد غرق فِي الْجِسْم الَّذِي حوله بعكس الانبساط لى: أما الَّذِي لَا يحس الصغر فَأول الانبساط وَأول الانقباض وَالَّذِي ذكر ج فَلَيْسَ الصغر لِأَن ذَلِك لَيْسَ مِمَّا يُمكن أَن يكون محسوساً لَكِن للموانع معنى قَوْله يتعاود مُنْفَصِل من النبض الَّذِي يَنْقَطِع بِسُكُون فَإِن هَذَا يسكن فِي أول الانبساط وَأَنت تعلم أَنه لم يتم انبساطه ثمَّ يتم انبساطه)
بعد ذَلِك وَتعلم أَنه لَيْسَ بنبضتين من أَنَّك لَا تَجِد فِي الثَّانِيَة ترْتَفع من مَوضِع عميق كحاله فِي أول ارتفاعه فَإِن أحسست الانقباض كفيت وَذَلِكَ أَنه لَا ينْقض وَلَكِن أَحسب أَن الانقباض فِي هَذَا غير مدرك لِأَن الانبساط قد صغر بتنقضه فَأَما المعاود فَإِنَّهُ يتم انبساطه كُله وَهَذَا حِين تظن أَنه يُرِيد الانقباض تجيئك قرعَة أُخْرَى أشبه بموج يَتْلُو موجاً ويشيل الْعرق من مَكَانَهُ هَذَا شيلاً آخر وَلذَلِك يدل على صِحَة الْقُوَّة وَالْآخر يدل على ضعف.
(5/26)
(فِيمَا يحدث فِي الْأَظْفَار) وبالقرب مِنْهَا والداخس وتشقق الْأَظْفَار ورضها وَمَوْت الدَّم تحتهَا والبرص فِيهَا والأصابع الزَّائِدَة والملتصقة: الدَّوَاء الْمُتَّخذ من الصَّبْر والجلنار والعفص يُبرئ الداخس.
قَالَ: 3 (إِذا كَانَ تَحت الْأَظْفَار دم) عرض من ضَرْبَة وَنَحْوهَا شققت الظفر بسكين حادة بالوارب وسيلت ذَلِك الدَّم ثمَّ أشيل الظفر بِرِفْق ثمَّ أرده ليَكُون غطاء لما تَحْتَهُ من اللَّحْم فيسكن الوجع على الْمَكَان وَبعد أَيَّام أشيل الظفر أَيْضا وأسيل الصديد ثمَّ أرده إِلَى مَوْضِعه وأعالج الْأصْبع بالتحليل والتسكين وأبطل عَلَيْهِ المَاء والدهن الفاتر وأضع عَلَيْهِ بِأخرَة الباسليقون وَلَا يَنْبَغِي أَن يعرى اللَّحْم الَّذِي تَحت الظفر فَإِنَّهُ إِن عرى يزِيد بِسُرْعَة فيبدر من ذَلِك الْموضع المكشوف فَيحدث عَنهُ من الوجع مَا هُوَ أعظم من الداخس لِأَن مَا يبدر من اللَّحْم يلقى شقّ الظفر وَإِذا سكن الوجع أصلا من الإصبع بِهَذَا العلاج فَأَنا عِنْد ذَلِك نداويها حَتَّى تَبرأ بالأدوية المحللة.
أهرن قَالَ: يكون تشقق الْأَظْفَار الْمُسَمّى أَسْنَان الفأر من حِدة الْمرة السَّوْدَاء أَو يبسها إِذا خلط الدَّم فوصل إِلَى الْأَعْضَاء وينفع مِنْهُ الفصد ثمَّ الإسهال بِمَا يخرج ذَلِك الْخَلْط.
قَالَ وينفع من صفرَة الْأَظْفَار أَن يطلى بالعفن والشبت بشحم البط. أَو يُؤْخَذ بزر الجرجير فيسحق بخل حامض نعما ويطلى على مَوضِع الصُّفْرَة من الظفر. أَو تطليه مَعَ مرَارَة الْبَقر.
بولس قَالَ: الداخس خراج يكون إِلَى جَانب الظفر وَإِذا كَانَ فِي ابْتِدَائه وَكَانَ صَغِيرا فَإِن الْعَسَل مَعَ العفص يسكنهُ وَيمْنَع أَن يجْتَمع.
وأقراص الاندرون وشماس حَتَّى إِذا استحكم الداخس فَإِن غرضنا حِينَئِذٍ أَن نفني اللَّحْم)
الزَّائِد بِمَا يلذع لذعاً شَدِيدا. وَالَّذِي يصلح للداخس وسخ الْأذن والحضض. وَإِذا جمع مُدَّة فليبط بمجسة صَغِيرَة وتسيل ويغمز ثمَّ يضمد بعدس أَو بورد رطب أَو يَابِس يبل بِمَاء ورد أَو سويق الشّعير وَنَحْوه. وَيصْلح لَهُ دَقِيق الترمس وَالْعَسَل.
وَأما الداخس المتقرح فليوضع عَلَيْهِ مرهم الزنجار وَقد خلط بمرهم إسفيذاج وعنزروت وَيجْعَل فَوْقه خرقَة قد بلت بشراب وَابْتِدَاء اللَّحْم من الظفر من كل نَاحيَة. وَمَتى مَا نخس الظفر اللَّحْم فاقطعه وعالج اللَّحْم بالأدوية الآكالة والمراهم المذيبة للحم المجففة.
(5/27)
قَالَ: ومرهم خَاص بِهَذِهِ القروح: يُؤْخَذ من الدردى المحرق والكندر بِالسَّوِيَّةِ زنجار نصفا يسحق بِعَسَل وَيُوضَع عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جيد وَأما رض الأظافير فليضمد بورق الآس وورق الرُّمَّان اللين.
وَأما موت الدَّم تحتهَا فاخلط دَقِيقًا بزفت وَضعه عَلَيْهَا. 3 (ابْتِدَاء الأظافر الوجعة) لي: اخلط كبريتاً مسخناً وشحم شجر البلوط وبقلة حمقاء والحلبة أُوقِيَّة أُوقِيَّة تافسيا أُوقِيَّة خل مَا يَكْفِيك.
آخر يقلعه بِلَا قرحَة تُؤْخَذ خمر وزرنيخ أَحْمَر وأصفر وكبريت أصفر وعلك البطم ويضمد بِهِ وَيحل فِي كل أُسْبُوع.
فَإِذا سقط الظفر فضع عَلَيْهِ شَيْئا من دهن آس فِيهِ شَيْء من دَوَاء الزرنيخ.
بولس: إِذا كَانَ الداخس رطبا متآكلاً فَاسْتعْمل فِيهِ فلعمور من زرنيخ وزاج وزنجار ونورة فَإِنَّهُ يجفف سَرِيعا. وَلَا شَيْء أبلغ فِيهِ مِنْهُ.
الاختصارات قَالَ: وَقد يحدث لرؤوس العصب الَّذِي يَنْتَهِي عِنْد الْأَظْفَار انتشار. قَالَ: فَعَلَيْك بمرهم شَحم الدَّجَاج ومخ الْبَقر والشمع وإنقاع الْيَد فِي مَاء النخالة وادهنها بدهن لى: الْعَامَّة يغمون الداخس إِذا بدا فِي دهن مسخن.
أربياسيوس مرهم جيد للداخس المستجكم: قشور الرُّمَّان الحامض وعفص وتوبال النّحاس بِالسَّوِيَّةِ يخلط بِعَسَل بِقدر مَا يخلط ويطلى عَلَيْهِ ويشد. وَلَا يلامس الْموضع مَاء وَلَا دهناً ويعاود فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ. 3 (التَّذْكِرَة للورم الْحَادِث فِي أصُول الْأَظْفَار) يوضع عَلَيْهِ حب الآس اللطاخ مطبوخ بعقيد الْعِنَب حَتَّى ينضج. فَإِن ذهب ينضج فَعِنْدَ ذَلِك بزر مر وبزرقطونا وَلبن. فَإِن انتفخ عولج بمرهم الْخلّ الْأَبْيَض ومرهم الإسفيذاج.
قَالَ: وليقشر حوالي الْأَظْفَار وتشققها ويطلى بالشراس مَعَ ملح الْعَجِين ودردى الْخمر ويطلى ببصل القار المشوى. وَالْبَيَاض الْعَارِض فِي الْأَظْفَار يطلى بزفت رطب.
المنقية لِابْنِ ماسويه: يذهب بتقشير الْأَظْفَار أَن تطلى بالشراس مَعَ شَيْء من ملح الْعَجِين ودردى الْخمر ويطلى ببصل القار المشوى مَعَ دهن حل مرَارًا.
انطليس: إِذا كَانَ فِي مَوضِع الظفر الَّذِي يَعْتَرِيه الداحس يسير مُدَّة رقيقَة مُنْتِنَة فبادر فِي الْقطع والكي لِأَن مثل هَذِه القرحة تَأْكُل الإصبع كُله وتفسده سَرِيعا.
(5/28)
قريطن للأظفار الجربة: يذيب شَحم الضَّأْن ثمَّ يوضع مِنْهُ على الظفر وشده وتحله بعد ثَلَاث فَإِذا لَان حككته ثمَّ أعدت الشَّحْم عَلَيْهِ والحك حَتَّى يَسْتَوِي.
لى: احسب انه من جيد العلاج للداحس حِين يبْدَأ أَن يضمد بخل ونحالة مسخنين اهرب من الرهضة وَكَانَ بعض مَشَايِخنَا يَقُول نحلاً أَن يغمس الإصبع حِين يَبْدُو الداحس فِي دهن مسخن حَتَّى يبرأ.
لى: قد أبرأت الداحس المتقرح بمرهم الجلنار فَوَجَدته جيدا.
أربياسيوس للأظافر المتقشرة: دَقِيق البلوط ودقيق الحلبة وتفسياً وزرنيخ أَحْمَر بِالسَّوِيَّةِ.
ذراريخ نصف يجمع بخل ويضمد بِهِ.
لى: هَذَا أقوى دَوَاء لقلع الْأَظْفَار.
قَالَ: وَيمْنَع من استحكام الداحس أَن يضمد بعفص وَعسل.
وَمِمَّا يجفف المتقرح مِنْهُ سَرِيعا ويبرئه: كندر وزرنيخ أَحْمَر يسحقان وَيَنْثُرَانِ عَلَيْهِ ويكبس بِهِ كبساً جيدا ويشد فَإِنَّهُ يُبرئهُ.
الثَّانِيَة من الميامير قَالَ: يمْنَع من الداحس الصَّبْر المغسول بِمَاء الأفاوية والجلنار إِذا نثر عَلَيْهِ.
لى: لم أر شَيْئا أوفق للداحس من مرهم الإسفيذاج بمرداسنج وكافور وأفيون فَإِنِّي رَأَيْت هَذَا أصلح لَهُ فِي كل أوقاته لِأَنَّهُ يسكن الوجع. وَإِذا ذهب الْعُضْو يجمع لم يمنعهُ بل يُعينهُ بالقيروطي ولزوجته. وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يجمع سكن وَجَعه ويشفيه وَكَذَلِكَ إِذا قاح فَإِنَّهُ جيد لَهُ.) د قَالَ: الكاكنج يقْلع الْأَظْفَار الَّتِي يَقع فِيهَا البرص.
قَالَ د: إِذا جففت أصُول السوسن وسحقت كَانَت نافعة للحم الَّذِي يخرج فِي أصُول الْأَظْفَار.
الحضض جيد للداحس. الزفت الرطب واليابس يقلعان الْأَظْفَار البرص إِذا خلط بالشمع وضمد بِهِ. الرازيانج قد جربناه تجربة عَظِيمَة فِي علاج الْأَظْفَار البرص يوضع عَلَيْهَا مَعَ قيروطي فيدفعها حَتَّى يسْقط.
والكندر إِذا خلط بِعَسَل أَبْرَأ الداحس. جوز السرو إِن طبخ بالخل مَعَ دَقِيق وضمدت بِهِ الْأَظْفَار البرص قلع تِلْكَ الْآثَار مِنْهَا. الحضض جيد للداحس الأقافيا جيد للداحس. والسماق إِذا تضمد بِهِ بسكنجبين أَبْرَأ الداحس الآس الْيَابِس إِذا ذَر على الداحس نفع.
برادة نَاب الْفِيل تبرئ الداحس. بزر الْكَتَّان إِذا طبخ بِمثلِهِ حرف وَسُحْقًا وعجنا بِعَسَل وضمدت بِهِ الْأَظْفَار المشققة والمتقشرة أبراهما.
لى: وينفع من جَمِيع هَذِه الألعبة والشحوم والمخاخ.
أصُول السوسن إِذا جففت وسحقت وذرت على الداحس نَفَعت جدا. الصَّبْر يدمل ابْن ماسويه قَالَ: بزر الْكَتَّان إِذا ضمدت بِهِ الْأَظْفَار المبيضة مَعَ الثوم وَالْعَسَل أصلحها.
الطَّبَرِيّ قَالَ: بزر الْكَتَّان إِن وضع على الظفر المتشنج أحل تشنجه.
(5/29)
ابْن ماسويه قَالَ: بزر الْكَتَّان إِن ضمدت بِهِ الْأَظْفَار الَّتِي فِيهَا نقط بيض مَعَ الْحَرْف والسعد ذهبت يتلك النقط.
إنطيلس قَالَ: قد يعرض فِي أَصَابِع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وخاصة فِي الْكِبَار قرحَة مُنْتِنَة تفْسد الظفر فَيَتَأَذَّى مِنْهُ إِن لم يُبَادر إِلَى الْعظم فيفسده وَإِذا وصل إِلَى الْعظم أنتن رِيحه جدا وَعرض رَأس الإصبع وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يقطع جَمِيع الظفر الْفَاسِد والعظم إِن كَانَ قد فسد ويكويه لِأَن هَذَا يدب وَيفْسد الإصبع كلهَا إِن لم يقطع ويكوى بعد ذَلِك.
قَالَ: وَقد ينْبت أَحْيَانًا من الإصبع أصْبع أُخْرَى وَرُبمَا كَانَ لَحْمًا فَقَط وَعند ذَلِك فاقطعها بِلَا حذر الْبَتَّةَ. وَإِن كَانَ فِيهَا عظم فَمدَّهَا مدا جيدا ليتبين لَك مفصلها ثمَّ اقْطَعْ الْجلد وافصلها من الْمفصل نَفسه وَكَذَلِكَ إِن كَانَ على الرسغ.
لى: لَا شَيْء أبلغ للداحس من أَن يطلى عَلَيْهِ أفيون بخل وَيُوضَع عَلَيْهِ بزرقطونا بخل ويغمس فِي المَاء الْبَارِد حَتَّى يخدره.)
مسيح طلاء نَافِع للبياض الْحَادِث فِي الْأَظْفَار: دبق زرنيج أَحْمَر بِالسَّوِيَّةِ تضمد بِهِ الْأَظْفَار للأظافير الَّتِي قد مَاتَت واسودت: قردمانا يسحق مَعَ تين سمين قد أنقع فِي خل ويضمد بِهِ إِلَى أَن يخضر بِهِ الأظافير ثَلَاثِينَ يَوْمًا ن يُعِيدهَا كأظافير الْأَطْفَال. وَكَذَلِكَ يفعل الْخَرْدَل.
من كتاب كسانوقراطس فِي الحجار: صدأ الْحَدِيد مَعَ دهن ورد جيد للداحس جدا.
لى: ورق الآس جيد يذر عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن اسْتعْمل مَعَ قيروطي وطلى عَلَيْهِ. والأقراص الَّتِي من السك الَّتِي فِي سَاق الآس أقوى كثيرا. وَكتب فِي بَاب حرق النَّار: الأقاقيا ووسخ الْأذن.
قَالَ أطهورسفس: إِنَّه ينفع من الورم الْحَادِث فِي أصُول الْأَظْفَار مَا لم تتقيح. بلبوس إِذا خلط بسويق شعير نفع مَعَ شدخ الْأَظْفَار الدبق إِذا خلط بالزرنيخ الْأَصْفَر والأحمر وَوضع على الظفر قلعه. الدردى المحرق إِذا خلط براتينج قلع الْآثَار الْبيض الْعَارِضَة فِي الْأَظْفَار.
لى: قد قيل إِن وسخ الْأذن ينفع الداحس وورق الزَّيْتُون إِذا دق وضمد بِهِ الداحس نَفعه.
لب نوى الزَّيْتُون إِذا خلط بشحم ودقيق قلع البرشة الْبَيْضَاء الْعَارِضَة فِي الْأَظْفَار الحضض يشفى الداحس. د ج: زنجار الْحَدِيد ينفع من الداحس. ج قَالَ: زعم قوم أَن رماد حوافر الْحمير إِن ذرت على القروح الَّتِي فِي أصُول الْأَظْفَار فِي الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فِي الشتَاء أبرأها.
(5/30)
د: تَمْرَة الْكَرم الْبري تبرئ الداحس إِذا خلط بالعسل. د: الكندر إِذا خلط بالعسل أَبْرَأ الداحس وبزر الْكَتَّان وحرف بِالسَّوِيَّةِ يعجن بِعَسَل وَيجْعَل على الْأَظْفَار فينفع من تشققها وتقشرها. بزر كتَّان خاصته أَن يصلح آثَار الْأَظْفَار الْبيض إِذا تضمد بِهِ مَعَ موم وَعسل: ابْن ماسويه: الكبريت إِذا تضمد بِهِ مَعَ صمغ البطم قلع الْآثَار الْبيض فِي الْأَظْفَار. د: كرفس بري يُبرئ تشقق الأظافر وتقشرها الكنيكج إِن اسْتعْمل بِقدر قلع الْبيَاض فِي الْأَظْفَار. ج: الماميران يقْلع آثَار البرص. ج: جوز السرو إِذا طبخ بالخل ودق وخلط بالترمس قلع الْآثَار الْعَارِضَة للأظفار. د: إِن تضمد بورق السماق مَعَ الْخلّ أضمر الداحس د: وَاصل السوس إِذا تضمد بِهِ بعد)
تجفيفه وسخن نفع من الداحس. د قَالَ ج: زعم ديسقوريدس أَن أصل السوس إِن جفف وسحق كَانَ دَوَاء جيدا للحم الزَّائِد فِي أصُول الْأَظْفَار لحم الزَّبِيب إِن ألصق على الْأَظْفَار المتحركة أسْرع قلعهَا. د: برادة نَاب الْفِيل إِن تضمد بِهِ أَبْرَأ الداحس.
أصل الفاشرا إِذا تضمد بِهِ مَعَ شراب سكن الداحس وَالصَّبْر يدمل الداحس المتقرح. د: عصارة حب الرُّمَّان الحامض إِن طبخ بالعسل نَافِع من الداحس. د: الشب إِن طبخ بِالْمَاءِ وصب على الْآثَار الْبيض الْعَارِضَة للأظفار نفع وَمن الداحس. د: الزفت الرطب إِذا خلط بِمثلِهِ موم قلع الْآثَار الْبيض الَّتِي فِي الْأَظْفَار. د ج قَالَ: كلا الزفتين يقْطَعَانِ الْأَظْفَار إِذا حدث فِيهَا الْبيَاض إِذا خلطا بالشمع. التِّين الْيَابِس إِن اسْتعْمل مَعَ قشر الرُّمَّان أَبْرَأ الداحس. د ج قَالَ: جريت الرازيانج فَوَجَدته يقْلع الْأَظْفَار إِذا طلى عَلَيْهَا مَعَ قبروطي يفعل ذَلِك أَو مَعَ مرهم الْخلّ ينفع الداحس. د: ابْن ماسويه للبياض الَّذِي يعرض فِي الْأَظْفَار اطله بالزفت الرطب.
وَمِمَّا يذهب بتقشرها: أَن يطلى بالشراس مَعَ شَيْء من ملح الْعَجِين ودردى الْخمر ويطلى ببصل الفار المشوى مَعَ دهن خل مَرَّات.
لى: انقلاب الْأَظْفَار وتعقفها وَيكون من السَّوْدَاء فأسهله بالأفيثمون وبمرق الديك الْهَرم وَسَائِر مَا يسهل السَّوْدَاء وغذه بالأغذية الرّطبَة.
(5/31)
إِسْحَاق يسحق الكندر وَيُوضَع على الداحس ويشد. أَو يُؤْخَذ عفص وقشور الرُّمَّان الحامض وتوبال النّحاس وتين محرق بِالسَّوِيَّةِ واعجنه بعد السحق بالعسل واطله وشده وحله فِي كل يَوْمَيْنِ مرّة وَلَا تقربه دهناً من الرطوبات. فَإِذا رَأَيْت فِي الْموضع نداوة فاسقها بقطنة مبلولة بشراب.
مَجْهُول: يُؤْخَذ خرء الديك الْأَحْمَر وَيُوضَع عَلَيْهِ ويشد حَتَّى يبرأ للبياض والتشنج فِي الْأَظْفَار: زبيب بِغَيْر عجم وتمر مقشر يمضغ عَلَيْهِ مَعَ دهن ورد ويشد.
للأظفار المسخنة يقلعها: كبريت زرنيخ أَحْمَر زفت رطب علك البطم جُزْء جُزْء مرداسنج قلقديس تُرَاب الكندر نُحَاس محرق جُزْء وَنصف يوضع عَلَيْهِ ويشد حَتَّى)
يسْقط.
وَأَيْضًا: الميويزج الجبلى مَعَ تين يوضع عَلَيْهِ.
أَيْضا: دبق وزرنيج يوضع عَلَيْهِ.
من تذكرة عَبدُوس نَافِع عِنْد الأظافير من الْأَشْيَاء الحارة: يوضع عَلَيْهِ خرء الديك الْأَحْمَر.
للقوابي الَّتِي تحدث على الْأَظْفَار: ميويزج يدق مَعَ عسل التِّين ويضمد بِهِ.
من التَّذْكِرَة للورم الْعَارِض فِي أصُول الْأَظْفَار: يَجْعَل عَلَيْهِ حب الآس مطبوخاً بخل أَو دهن الآس. فَإِن ذهب وَإِلَّا جعل عَلَيْهِ بزر مر وَحَتَّى ينضج فَإِذا بلغ جعل مَا يَفْتَحهُ خمير بملح كثير لتقشر الْأَظْفَار وتشققها: يطلى بالشراس مَعَ ملح الْعَجِين ودردى خضر أَو ببصل الفار المشوى.
لتقلص الْأَظْفَار من التَّذْكِرَة: تطبخ الحشيشة الْمُسَمَّاة صامريوما ودهن الْجَوْز ودهن السوسن وَتجْعَل عَلَيْهِ.
من الْكَمَال والتمام لوجع الْأَظْفَار تُؤْخَذ نشارة العلج وتطبخ ويضمد.
من الْكَمَال والتمام للبياض الْعَارِض فِي الْأَظْفَار: يُؤْخَذ شَيْء من بزر كتَّان وحلبة ويخلط مَعَ عسل وشمع وَيصير عَلَيْهِ.
للشظايا الَّتِي حول الْأَظْفَار: شَيْء من حرف وملح يدقان ويجعلان عَلَيْهَا.
دَوَاء يسْقط الْأَظْفَار النابتة من غير وجع: يخلط مَعَ لحم الزيب جاؤشير قَلِيل وَمن شجرته ويضمد بِهِ.
(5/32)
وللبياض نَافِع: يطلى بزرنيخ أَحْمَر وزفت أَو بشب وكبريت وَعسل وخل.
دَوَاء يسْقط الْأَظْفَار المليثة:: اجْعَل عَلَيْهَا دردى الشَّرَاب محرقاً.
وللشظايا الَّتِي حول الْأَظْفَار: مصطكى بَيْضَاء يذاب ويخلط مَعهَا ملح جريش وَيصير عَلَيْهَا.
وللبياض الْعَارِض فِي الْأَظْفَار: زفت وَجوز السرو وشمع يخلط وَيجْعَل على الأظافير.
والرازيانج مَعَ شمع ودهن ورد يسْقط الْأَظْفَار المبيضة.
قَالَ ج فِي أَصْنَاف الحميات: إِن حدثت قرحَة صَغِيرَة فِي جنب الظفر فتهاون الْإِنْسَان بإدمالها حَتَّى ينْبت فِيهَا لحم فضل ضغط ذَلِك اللَّحْم الظفر وأحدث وجعاً وَحدث مِنْهُ ورم فِي الإصبع كُله وَرُبمَا حدث فِي الزند أجمع مِنْهُ ورم.
الْيَهُودِيّ قَالَ: تشق الْأَظْفَار يُسمى أَسْنَان الفار ولسعها يكون من جِهَة السَّوْدَاء أَو ليبسها)
ويعالج بالمراهم اللينة.
وَقَالَ: إِذا أردْت قلع الظفر المجذوم فاطل عَلَيْهِ صمغ السرو وَكَثِيرًا حَتَّى يلين ثمَّ اغرز أَصله بإبرة حَتَّى يخرج مِنْهُ دم كثير وَيُوضَع عَلَيْهِ ثمَّ مدقوق يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ حلّه وأبدله الثوم فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يسْقط وينبت بدله ظفر مليح.
من محنة الطَّبِيب قَالَ: الْغَرَض فِي اللَّحْم الزَّائِد الَّذِي ينْبت فِي أصل الْأَظْفَار شَيْء وَاحِد وَهُوَ أدوية تذيبه من غير لذع.
ابيذيميا للداحس: الغفص الْفَج ينفع مِنْهُ مَعَ الْعَسَل قَالَ: العفص ينفع مِنْهُ مَعَ الْعَسَل فِي أَوَائِل الداحس مَا يحْتَاج إِلَيْهِ والداحس إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة لحم ينْبت فِي قرحَة تكون عِنْد الظفر فتوجع لذَلِك فَفِي أول نَبَات هَذَا اللَّحْم يمنعهُ العفص من النَّبَات وَأما إِذا عظم فَلَا لِأَن العفص لَا يقوى على بعض هَذَا اللَّحْم وَيحْتَاج حِينَئِذٍ إِلَى دَوَاء يَأْكُل اللَّحْم من غير لذع.
قَالَ ج فِي كتاب الأخلاط: إِذا انتفض الظفر وَصَارَ عَنهُ دم فِي اللَّحْم فَإِنِّي أشق الظفر شقاً بالوراب بسكين حارة حَتَّى يخرج ذَلِك الدَّم وادع الْموضع المشقوق من الظفر ليَكُون غطائه لما تَحْتَهُ فَإِن الوجع يسكن على الْمَكَان ويسيل صديد القرحة فِيمَا بعد بِأَن تشيل ذَلِك الظفر قَلِيلا حَتَّى يسيل مل تَحْتَهُ وَأما علاجه مُنْذُ أول الْأَمر فَإِذا سيلت الدَّم بعد الشق فاطله بالدهن المسخن ثمَّ اسْتعْمل فِيهَا بِآخِرهِ مرهم الباسليقون وَلَا تكشف عَنهُ الظفر الجرب بِسُرْعَة فَإِنَّهُ رُبمَا نبت مِنْهُ لحم زَائِد مؤلم.
قريطن قَالَ: يطلى على الظفر الجرب شَحم الضَّأْن ويشد عَلَيْهِ خرقَة ثَلَاثَة أَيَّام ويذوبه مِنْهُ فَإِذا لَان حككته ثمَّ أعدت الطلى والحل حَتَّى يَسْتَوِي.
(5/33)
قَالَ فيلغريوس قَالَ: قد شققت كم من مرّة الْأَظْفَار البرص بالنورة الَّتِي لم تطفأ وشحم الماعز يجمع وَيُوضَع عَلَيْهِ.
ادهان: دهن الشيرج جيد لمن تَنْقَطِع أظافيره وتيبس أَطْرَافه إِلَّا أَنه رَدِيء للمعدة.
ابْن ماسويه اطهورسفس قَالَ: غراء السّمك نَافِع للبياض الَّذِي يظْهر فِي الْأَظْفَار غذا طلى عَلَيْهَا.
اهرون قَالَ: تشقق الْأَظْفَار الَّذِي يُسمى أَسْنَان الفار يكون من حِدة السَّوْدَاء ويبسها إِذا كَانَ قَالَ: وينفع من صفرَة الْأَظْفَار أَن يُؤْخَذ شب وعفص وشحم بط بِالسَّوِيَّةِ يعْمل مرهماً ويطلى)
عَلَيْهِ أَو يطلى عَلَيْهِ بزر جرجير بالخل فَإِنَّهُ عَجِيب للظفر إِذا أصفر.
مَجْهُول قَالَ: تشقق الظفر يكون من حِدة السَّوْدَاء وينفعه بزر الجرجير بمرار الْبَقر.
لى: على مَا رَأَيْت لتشقق الْأَظْفَار: زفت رطب ولاذن وشمع أصفر ودهن خيري يطلى عَلَيْهِ دَائِما.
المارستان: أَخذ رجل ملحاً مسحوقاً فعجنه بالزيت نعما وَوَضعه على داحس مؤلم قد كَانَ يعالج بالبزر قطونا وَغَيره من نَحْو هَذِه مُدَّة فَلَا ينفع وَلَا يسكن الضربان وَقد كَانَ يشتعل مِنْهُ النَّار اشتعالاً فساعة وضع عَلَيْهِ هَذَا هدأه على أَنه قد كَانَ حاراً مثل النَّار وَإِنَّمَا أَظن إِنَّمَا نفع لِأَنَّهُ حلل بِقُوَّة ووسع وأراح من التمدد وَلَا يجوز ذَلِك فِي الأورام الْعَظِيمَة لِأَنَّهُ يحدث شَيْئا كثيرا
(5/34)
(تَدْبِير الناقه) (والأمراض ذَات الكرات والعودات وتقدمة الْمعرفَة بِمَا يحدث عَلَيْهِ وَالدَّلِيل) (عَلَيْهِ تستقصى دَلَائِل الْقُوَّة على العودة وَتجمع كلهَا هَهُنَا يستعان فِيهِ بِبَاب) (الذبول وعلاج الْمعدة الْيَابِسَة وتدبير الْمَشَايِخ وَبَاب الْبدن وَالتَّدْبِير للقوة) (والمنقوص للهيبة ويستعان بتقدمة الْمعرفَة وبالبحران وأيامه.) قَالَ ج فِي الثَّانِيَة من حِيلَة الْبر: الناقهون من الْأَمْرَاض المزمنة قد فنيت مِنْهُم الرطوبات الَّتِي تغتذى مِنْهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وتحتاج أَن تخلف بالغذاء وَيكون ذَلِك على تدرج فِي الْحَرَكَة بالغذاء.
وَقَالَ فِي هَذِه الْمقَالة: جَمِيع من يحْتَاج إِلَى إنعاش بدنه فَلَا يَنْبَغِي أَن يشرب شَيْئا غير الشَّرَاب بعد أَن لَا تكون بِهِ حمى وَأما غذاؤهم فَمَتَى لم يثقل فزد فِيهِ من غَد قَلِيلا وَمَتى ثقل فانقص مِنْهُ.
3 - (جَوَامِع البحران)
الْأَمْرَاض الَّتِي ينتكس فِيهَا قتالة مهلكة وَهِي الَّتِي تكون الْقُوَّة فِيهَا ضَعِيفَة وَتظهر مَعَ ذَلِك عِنْد النكسة.
3 - (عَلَامَات العطب)
فَأَما إِذا كَانَت الْقُوَّة فَإِنَّهَا تُجَاهِد الْعلَّة وَحِينَئِذٍ تظهر علامان السَّلامَة: ليَكُون توقيك على النَّاقة الَّذِي لم يصلح لَهُ البحران شَدِيدا فَإِن عَادَة هَذَا الْمَرَض أَن يعاود إِن كَانَ عَظِيما لَا محَالة وَإِن كَانَ صَغِيرا ثمَّ دبرت العليل بِالتَّدْبِيرِ اللَّطِيف وَلم تَدعه يَتَحَرَّك حركات قَوِيَّة وَلَا يستحم وَلَا يعْمل مَا يعْمل من قد صَحَّ لَهُ الْبُرْء فخليق أَلا يعاود وَإِن عاوده كَانَ ضَعِيفا.
الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: من لم يسكن حماه ببحران تَامّ خيف عَلَيْهِ أَن تعاوده وَمن سكنت عَنهُ بِلَا بحران الْبَتَّةَ عاودته لَا محَالة وَإِن كَانَ سكونها فِي يَوْم باحوري وَمن سكنت حماه بِغَيْر استفراغ وَلَا فِي يَوْم باحوري فَهِيَ أَحْرَى أَن تعاود.
لى: يَنْبَغِي أَن يطْلب هَذَا من أَيَّام البحران فتحوله إِلَى هَهُنَا وتجمعه هُنَاكَ وَهَذَا الْفَنّ كَاف.
لى: يَنْبَغِي أَن يكون انتظارك للعودة بِحَسب مَا كنت ترَاهُ من قُوَّة الْعلَّة وَقلة الاستفراغ هَذَا لفظ تَفْسِير جالينوس صَحِيح.
الثَّانِيَة من الْفُصُول. قَالَ: إِذا كَانَ الناقه لَا يَشْتَهِي الطَّعَام فَفِي بدنه أخلاط ردية
(5/35)
يحْتَاج أَن تستفرغ فَإِن لم تستفرغ لم يُمكن أَن يعود إِلَى الصِّحَّة الْكَامِلَة وَأما من يَشْتَهِي وَيَأْكُل وَلَا يقوى بِهِ بدنه وَيحمل على نَفسه فَوق طاقته فَلَا تهضمه معدته لَكِن يصير ثقلاً عَلَيْهِ وَيخرج بالثقل.
لى: هَذَا الاستفراغ فِي الْأَكْثَر يكون بالمسهل لِأَن الناقه فِي الْأَكْثَر قَلِيل الدَّم وَرُبمَا كَانَ فِي الندرة يحْتَاج إِلَى فصد وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمَرَض دموياً وَاحْتَرَقَ وَفَسَد من حرارة الْحمى وَبَقِي فِي عروقه بعد انقلاعها دم رَدِيء.
وَقَالَ: الْبدن الَّذِي فِيهِ أخلاط ردية كلما غذوته زِدْته شرا.
قَالَ: إِذا كَانَ الناقه لَا يستمرئ الطَّعَام فَفِي بدنه أخلاط ردية تحْتَاج إِلَى أَن تستفرغ فَإِن لم تستفرغ عفنت وأعادت عَلَيْهِ الْمَرَض.
لى: وخاصة إِن دخل الْحمام وارتاض وَأكل شَيْئا مسخناً وَقَالَ: إِذا كَانَ الناقه من الْمَرَض يردد الطَّعَام وَلَا يزْدَاد خصب بدنه أخلاط فَفِي بدنه أخلاط ردية أَو قوته الغاذية ضَعِيفَة جدا.)
قَالَ: وَمن كَانَ من الناقهين يزْدَاد من الطَّعَام فَلَا يتزيد بدنه بِحَسب ذَلِك فَإِنَّهُ بِآخِرهِ يؤول إِلَى أَن لَا يَشْتَهِي وَمن كَانَ لَا يَشْتَهِي فِي أول مرّة ثمَّ يشتهيه بِآخِرهِ فَإِن حَاله أَجود لِأَن الَّذِي يَشْتَهِي الطَّعَام وبدنه لَا يتزيد بِهِ آلَات الشَّهْوَة مِنْهُ صَحِيحَة وَفِي بدنه أخلاط ردية فَإِذا تَمَادى بِهِ الزَّمَان تزيدت تِلْكَ الأخلاط الردية فِي الْبدن فينال آلَة الشَّهْوَة من ذَلِك ضَرَر فَتبْطل أَيْضا وَأما الثَّانِي فَإِنَّهُ يدل على طبيعة قد أَقبلت تنضج وتهضم.
لى: من يَشْتَهِي وَلَا يتزيد بدنه يدل على أَن آلَة الشَّهْوَة مِنْهُ قَوِيَّة وَآلَة الهضم ضَعِيفَة وَإِذا تكثرت الأغذية وَبقيت فِيهِ أفسدت قُوَّة آلَة الشَّهْوَة أَيْضا وَالْآخر بالضد فَلذَلِك هُوَ أَجود وَذَلِكَ أَن الأول بِحَال سيمرض وَالثَّانِي يدل على أَن الْمَرَض قد انحسم عَنهُ.
الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: الناقه إِذا تملأ من الطَّعَام غير بعيد أَن تعرض لَهُ الْعِلَل المنلائية وخاصة إِن كَانَت قوته ضَعِيفَة فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يجمع خلطانيا سَرِيعا وَيخرج بِهِ جراحات فِي مفاصله.
من كتاب العلامات قَالَ: إِذا عَاد الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن عَاد بِلَا خلط وَمَعَ حسن التَّدْبِير فَإِنَّهُ قوى الْبدن غير نقي وَإِن عَاد بِسَبَب مَعْرُوف فَذَلِك أسلم.
3 - (عَلَامَات الانتكاس)
إِن تكون مجسة الناقه كثيفة وبدنه يَابسا قحلاً وَالْبَوْل مائياً لَا سخانة فِيهِ أَو أشقر أَو أَحْمَر أَو غير مشبه لبوله عِنْد الصِّحَّة وَضعف الْقُوَّة وشهوته نَاقِصَة وَهُوَ خَبِيث النَّفس يَأْخُذهُ الغثيان ونفخة فِي الْمعدة وَعند الشراسيف أَو عِنْد الكبد أوعند الطحال ويحمض فِي معدته مَا يَأْكُل من عِلّة من خَارج فَإِن هَذَا يدل على التنكس ويستدل عَلَيْهَا أَيْضا من قبل السهر وَالنَّوْم وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الْمَرَض برساماً أَو سباتاً أَو نَحْو هَذِه الْأَعْرَاض قَالَ وَإِن النّوم المشوش والسهر المفرط يدلان على رُجُوع الْمَرَض وَإِلَّا تقوى قوته بعد ذهَاب الْمَرَض دَلِيل على رُجُوع الْمَرَض فَإِذا كَانَ فِي السَّاعَة الَّتِي كَانَت تنوب عَلَيْهِ مِنْهَا حمى خبث
(5/36)
النَّفس وَآخر غثي فَإِن مَرضه يرجع وخاصة إِن كَانَ فِي أحشائه بَقِيَّة من ورم والعطش الْكثير جدا واللهيب يدلان على رُجُوع الْمَرَض والأمراض الكائنة فِي فصل الخريف عَادَتهَا أَن ينتكس فِيهَا العليل.
من الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة قَالَ: أبدان الناقهين فِيهَا دم جيد إِلَّا أَنه قَلِيل وَكَذَلِكَ حَال الرّوح الحيواني والنفساني فيهم وَأَنه قَلِيل بِالْإِضَافَة إِلَى الْأَبدَان الصَّحِيحَة وَيقرب تدبيرهم من تَدْبِير هَؤُلَاءِ وَهُوَ بِكُل مَا ينَال الْبدن غذَاء سَرِيعا جيدا جَدِيدا وَذَلِكَ يكون بالحالة المعتدلة والغذاء المعتدل)
والاستحمام باعتدال وَالنَّوْم فَإِذا صلحوا صلاحاً بَينا راموا بعد ذَلِك التَّصَرُّف فِي شَيْء قَلِيل من أَعْمَالهم حَتَّى يردوا إِلَى الْحَال الطبيعية التَّامَّة فَأَما الْأَطْعِمَة فَيَنْبَغِي أَن تكون من الْأَشْيَاء المرطبة السريعة الهضم الَّتِي لَيست بَارِدَة لِأَن أبدان هَؤُلَاءِ بَارِدَة تحْتَاج إِلَى إسخان قَلِيل فَإِذا تَمَادى بهم الزَّمَان فَاجْعَلْ أغْلظ وَأكْثر غذَاء وَكَذَلِكَ فافعل فِي أشربتهم.
الأولى من الثَّانِيَة من افيذيميا: الَّذين تبقى بهم بَقِيَّة من الغلظ الْفَاعِل فالعودة وَاقعَة بهم لَا محَالة إِن لم يعالجوا الْفضل بعد ذَلِك أَعنِي بعد البحران غير التَّام فَإِن عولج فَإِنَّهُ إِن كَانَت تِلْكَ الْبَقِيَّة كَثِيرَة بعيدَة من النضج جدا فَإِنَّهَا وَإِن عولجت على مَا يَنْبَغِي تعاود إِلَّا أَن تكون يَسِيرا وَإِن كَانَت غير بعيدَة من النضج فَإِنَّهُ يُمكن إِلَّا تعاود وَإِن كَانَت يَسِيرا ونضجاً فَإِنَّهُ يُمكن أَلا تعاود إِن عولج.
لى: العلاج لهَؤُلَاء هُوَ استفراغ لما بَقِي.
الأولى من السَّادِسَة قَالَ: الحميات الساكنة تطول مدَّتهَا ثمَّ يكون لَهَا تغير تسكن بِهِ سكوناً تَاما ثمَّ أَنَّهَا تعاود فتمكث مُدَّة ثمَّ يأتى فِيهَا بحران لخراج فَأَما الحميات الحارة إِذا انتقصت باستفراغ كثير قل مَا تعاود.
قَالَ: وَمن أَعْرَاض بَقِيَّة الْمَرَض الْعَطش وجفوف الْفَم وخبث النَّفس وَالِاضْطِرَاب واختلال الشَّهْوَة.
افيذيميا السَّادِسَة من السَّادِسَة الْأَمْرَاض ذَوَات الكرات وتدبيرها قَالَ: مَتى كَانَ مرض قد انْقَضى ثمَّ عاود بِلَا تعفن فِيهِ فَإِذا انْقَضى ذَلِك ثَانِيًا فَلَا تثق بذلك وَلَا تتهاون فِي هَذَا التَّدْبِير وخاصة مُدَّة من الْأَيَّام مُسَاوِيَة للمدة الأولى الَّتِي فِيهَا كَانَت العودة فَإِن عاود مَعَ ذَلِك أَيْضا فَاجْعَلْ التَّدْبِير وَالْحِفْظ أَشد وأبلغ حَتَّى يبلغ التَّدْبِير إِلَى قلب المزاج.
قَالَ: والعلل الَّتِي لَهَا خَاصَّة تَدور مَرَّات كالسدر والصرع ووجع المفاصل والكلى والكبد وَالطحَال والتنفس والشقيقة والصداع الْمَعْرُوف بالبيضة وأوجاع الْعين الَّتِي من انحدار الفضول والنوازل تعتاد للرية والمعدة من الرَّأْس وَنَحْوهَا من الْعِلَل فَمن كَانَ يبادي بِهَذِهِ فَلَا يُطلق لَهُ سُكُون الْعلَّة السعَة فِي التَّدْبِير وَلَكِن الزمه التَّدْبِير والعلاج وخاصة فِي مُدَّة الدّور وَعند وَقت الدّور فانقله من بلد إِلَى بلد مضاد لمزاج مَرضه.
(5/37)
الثَّامِنَة من السَّادِسَة قَالَ: إِذا كَانَ وَجه الناقه كُله متهيجاً فَإِن الْعَوام فضلا عَن جلّ الْأَطِبَّاء)
يعلمُونَ أَن الْمَرَض يعاود أَن لم يتحفظوا فِي التَّدْبِير.
قَالَ: وَلَكِن يَنْبَغِي للطبيب أَن يتفقد بِلُطْفِهِ الجفن الْأَعْلَى فَإِنَّهُ إِذا كَانَ فِيهِ تهيج دلّ على مَا يدل عَلَيْهِ الْوَجْه دلَالَة صَادِقَة وَإِن ذهب مَا فِي الْوَجْه مِنْهَا وَبَقِي مَا فِي الجفن فالاستدلال عَلَيْهِ كَذَلِك وَذَلِكَ أَنه يدل على ضعف الْحَرَارَة الغريزية.
قَالَ ابقراط: والأورام الَّتِي فِي طرف الجفن الْأَسْفَل إِلَى الْحمرَة مَا هِيَ وَهِي مَعَ ذَلِك صلبة سمجة جدا لحجة متمكنة تدل على عودة كَمَا يدل على ذَلِك المتهيج فِي الجفن الْأَعْلَى.
أَبُو هِلَال الْحِمصِي: الناقه يحْتَاج بِالتَّدْبِيرِ الزَّائِد فِي الدَّم وَذَلِكَ أَنه يكون بالأغذية الجيدة وَيكون قدرهَا قدرا يخف على الْمعدة والكبد وَاسْتِعْمَال النّوم وَلَا يُجَامع وَلَا يتعب وَيكثر سروره من كتاب الأجنة لأبقراط من الناقهين: من يبيض شعره وَذَلِكَ يكون لِأَن الْبدن يَخْلُو من الدَّم فيبيض لذَلِك الشّعْر وَلذَلِك إِذا كثر الدَّم عَاد أسود.
قَالَ: لِأَن الْبدن يجلو جدا أصل الشّعْر فيبيض لذَلِك.
قَالَ شرك الْهِنْدِيّ: يَنْبَغِي للناقه أَن يتَجَنَّب الْأَطْعِمَة الحريفة والغليظة المتضادة وَالْجِمَاع والمواضع الوحشة والقذرة والأراييح المنتنة والتعب فَإِن أقدم عَلَيْهَا عاودته الْحمى والعودة إِمَّا أَن تقتل سَرِيعا وَإِمَّا أَن تكون شرا من الأولى وأطول وينفع من الْحمى المعاودة الإسهال اللين.
سندهشار قَالَ: يجْتَنب الناقه الطَّعَام الثقيل وَالْمَاء الْبَارِد ونوم النَّهَار والتعب حَتَّى يرجع جِسْمه وَيقوم.
لى: قد رَأَيْت عدد ناقهين لما شربوا مَاء الثَّلج أَصَابَهُم من ساعتهم قُرَّة فحموا.
لى: افيذيميا قَالَ: العودة الْوَاجِبَة وَهِي الَّتِي كَانَت بعد بحران نَاقص فِي الْبُرْء الْوَاجِب الَّذِي كَانَ بعد بحران تَامّ.
لى: لذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون الاحتراس من الْقُوَّة فِي هَؤُلَاءِ أَشد.
لى: على مَا رَأَيْت هَهُنَا يجب أَن يكون تحرز النَّاقة من حمى بلغمية أَشد لِأَن الْبدن لَا ينقى مِنْهَا بالبحران كنقايه من الغب لَكِن تبقى مِنْهَا بَقِيَّة تحْتَاج أَن تنضج وَتخرج بالبول على طول لى: رَأَيْت نوم النَّهَار كثيرا مَا برد الْحمى على النَّاقة وَذَلِكَ بِالْوَاجِبِ لِأَنَّهُ يفتر الْحَرَارَة وَيكسر الْبدن.
السَّادِسَة من افيذيميا قَالَ: الْعِلَل الَّتِي لَا يَنْبَغِي أَن يُبدل التحفظ مِنْهَا إِذا زَالَت لِأَنَّهَا تعاود)
على الْأَكْثَر السدد ووجع المفاضل والكبد والكلى وَالطحَال والصداع والشقيقة والفضول الَّتِي اعتادت أَن تجرى إِلَى الْعين وَالْأُذن والرية والمعدة فَكل هَؤُلَاءِ لَا يَنْبَغِي أَن يُطلق لَهُم التَّدْبِير الصَّحِيح إِلَّا بعد مُدَّة أطول فَإِن عاودهم الْمَرَض مَعَ التحفظ فَإِنَّهُم يَحْتَاجُونَ
(5/38)
إِلَى استفراغ وعلاج تَامّ يقمع أصل الْعلَّة فَإِن عاودهم مَعَ إِضَاعَة التحفظ فقد يُمكن أَن يكون الْخَلْط يكفيهم.
ريباسيوس قَالَ: المَاء والدهن قد يحقن بِهِ الناقهون من مرض طَوِيل الْمدَّة إِذا صَعب عَلَيْهِم دفع الغايط لِلْخُرُوجِ وَأما الورم الرخو الَّذِي يعرض فِي أَطْرَاف الناقهين فَفِي بَاب الورم.
قَالَ حنين فِي كتاب الْمعدة: الَّذين يَأْكُلُون فيكثرون من الناقهين من مرض طَوِيل الْمدَّة تترهل أبدانهم وغلبت عَلَيْهَا الرُّطُوبَة.
من
3 - (كتاب حنين فِي تَدْبِير الناقه)
قَالَ: جَمِيع من يحْتَاج إِلَى إنعاش لَا يَنْبَغِي أَن يشرب النَّبِيذ لَكِن يَنْبَغِي أَن يكون شرابًا رَقِيقا مائياً أَبيض وَفِيه مَعَ ذَلِك قبض يسير.
مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الَّذين أنهكهم الْمَرَض الحاد قصير الْمدَّة فأنعشهم سَرِيعا فِي دفْعَة لِأَن الَّذِي فقد من أبدانهم رطوبات فَقَط وَلَا مَا بَين هَذِه الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فَأَما الَّذين نهكت أبدانهم فِي زمَان طَوِيل فأنعشهم لِأَن هَؤُلَاءِ قد فقدوا لَيْسَ الرطوبات فَقَط بل اللَّحْم والأعضاء الْأَصْلِيَّة مِنْهُم الَّتِي بهَا يكون الهضم قد ضعفت أَيْضا فَلذَلِك يَحْتَاجُونَ أَن يغذوا غذَاء قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ: على مَا يدل أَمر الناقه إِذا كَانَ لَا يقوى ويعسر رُجُوعه إِنَّه كَانَ يَشْتَهِي الطَّعَام ويشبع مِنْهُ فَإِنَّهُ يَأْكُل أَكثر مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ حَتَّى أَن يثقل عَلَيْهِ فَلَا يغتذى بِهِ فَإِن كَانَ لَا يَشْتَهِي الطَّعَام ويشبع مِنْهُ فلبقية أخلاط ردية فِي بدنه تحْتَاج أَن تستفرغ مِنْهُ لِأَنَّك إِن غذوته فِي هَذِه الْحَالة زِدْته شرا من الأغذية لِأَنَّهُ ردي الأخلاط.
قَالَ: الناقه الَّذِي لَا يقوى بالغذاء فَأَما أَن يحمل على الْبدن أَكثر مِمَّا يُطيق وَإِمَّا أَن تكون فِي وَقت أخلاط ردية وَإِمَّا أَن تكون آلَات الهضم ضَعِيفَة.
لى: يفرق بَينهمَا بِأَنَّهُ إِن أكل قَلِيلا ففسد أَيْضا فَإِنَّهُ لضعف الْآلَات أَو رداءة الأخلاط فَإِن كَانَت رداءة الأخلاط ظَهرت عَلَامَات فِي اللَّوْن وَفِي رداءة طعم الْفَم ولونه وأحواله.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: وَإِذا كَانَ للعليل بحران تَامّ وَبَين فاحترس وَخذ الْوَثِيقَة)
وَاسْتظْهر بتلطيف التَّدْبِير بعده ليومين لتأمن النوائب الغب لِأَن هَذِه أمراض أما اللَّازِمَة وَأما تشتد غبا وَذَلِكَ أَنه قد يعرض كثيرا أَن يتكل الطَّبِيب على أَن الْعلَّة قد انْقَضتْ انْقِضَاء صَحِيح فيطلق التَّدْبِير فَيصير ذَلِك سَبَب حُدُوث نوبَة أُخْرَى والأوثق فِي ذَلِك وَإِن رَأَيْت البحران قد حدث إِن تحفظ صِحَة التَّدْبِير الَّذِي كَانَ الْمَرِيض يَسْتَعْمِلهُ إِلَى أَن يجوز يَوْمَانِ بعد البحران تحفظ فيهمَا التَّدْبِير الملطف أَعنِي مَاء الشّعير وَمَا كَانَ تَدْبيره مثله وتوق أَن تغذو أَوْقَات يحم فِيهَا إِلَى وَقت كَانَت النّوبَة فِي أول النَّهَار أَنه كَانَت نوبَة وَفِي آخر النَّهَار حَتَّى إِذا مضى يَوْمَانِ غلظ تَدْبيره قَلِيلا فأعطيته بِالْغَدَاةِ شَيْئا أخف وأعطيته عِنْد إدبار النَّهَار
(5/39)
وَقت الْأَمْن من النّوبَة وانصراف الْحر الأغذية الَّتِي هِيَ أغْلظ مثل الْبيض والسمك والفراريج الجداء وَنَحْوهَا.
لى: يصدر هَذَا الْكتاب أول شَيْء بِمَا فِي صدر جَوَامِع البحران: من أول مَا يَنْبَغِي أَن تعرف من أَمر الناقه هَل بحرانه تَامّ صَحِيح لتَكون تجربتك فِيمَن لم يَصح لَهُ البحران أَكثر وَذَلِكَ الصَّدْر حق فليكتب فِي أول هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
الثَّانِيَة من الْفُصُول قَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الأغذية ثَلَاثَة فَمن احْتَاجَ إِلَى أَن يقوى بدنه سَرِيعا فاصلح الْأَشْيَاء لَهُ الشَّيْء الرطب كالأشربة والأحساء وَمن احْتَاجَ إِلَى أَن يقوى فِي أسْرع من ذَلِك فتقويته تكون بالشم نَحْو الفراريج المشوية والجداء تقرب من الْأنف والأراييح الطّيبَة وَمن احْتَاجَ إِلَى غذَاء صلب بَاقٍ فبالأغذية الجيدة الغليظة كخبز السميذ وَلحم الحملان وَإِذا كَانَ مَا ينزل من بدنه الناقه مرارياً فِي برازه وبوله فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى استفراغ وَإِن لم يكن مرارياً فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى غذَاء جيد لِأَنَّهُ يدل على أَنه لَيْسَ فِي الْبدن أخلاط ردية فَيحْتَاج إِلَى أَن ينعش وَيُزَاد فِيهِ.
ابْن سرابيون: احذر فِي النهاقين خَاصَّة من البرسام فَسَاد الأغذية والتعب وَالشَّمْس.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: إِذا كَانَ الناقه يُصِيب إعياء فِي المفاصل فَإِنَّهُ أسرف فِي الْأكل وَلَا بُد من أَن يخرج فِيهَا خراج.
الأولى من أَيَّام البحران قَالَ: من قد صَحَّ لَهُ الْبُرْء فليغذ قَلِيلا قَلِيلا.
لى: لترجع قوته وَلَا خوف عَلَيْهِ.
جَوَامِع أَيَّام البحران.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي ينتكس فِيهَا صَاحبهَا إِن كَانَت الْقُوَّة مَعهَا ضَعِيفَة وَظَهَرت فِي النكسة)
عَلَامَات التّلف كَانَت مهلكة وَإِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَظَهَرت فِي النكس عَلَامَات السَّلامَة أَقبلت الطبيعة على الفضلة الْبَاقِيَة وجاهدتها حَتَّى تنضجها وتحيلها وتقهرها إِذا كَانَ الْمَرَض الَّذِي انْقَضى سليما ثمَّ لم يكن قد تمّ انقضاؤه وَصَحَّ بحرانه بل كَانَ بحرانه نَاقِصا فَإِن التَّدْبِير اللَّطِيف يمْنَع من العودة والأمراض الَّتِي يكون انقضاؤها بغاية الْأَمْن والثقة على مَا فِي البحران فليدبر بِالتَّدْبِيرِ المنعش بِلَا خوف وخذه بركوب الْخَيل والرياضة الْخَفِيفَة جدا والغذاء قَلِيلا قَلِيلا وَدخُول الْحمام وَشرب الشَّرَاب الْمُوَافق وَلُحُوم الفراريج والسمك الرضراضي.
فِي بَاب الْمعدة لبولس فِي سُقُوط الشَّهْوَة مَعَ الْحمى وَفِي الشَّهْوَة الْكَلْبِيَّة بعد الْحمى شَيْء يحْتَاج أَن تستعان بِهِ أَو تحول فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي لَيْسَ انقضاؤها وثيقاً فليدبر تدبيراً لطيفاً مثل تَدْبيره فِي مَرضه فِي نَفسه وليمنع من كل حَرَكَة وَمن الْحمام وَالشرَاب وكل مَا يثير ويهيج عفناً وحرارة فَإِنَّهُ إِذا دبر بِهَذَا التَّدْبِير إِن كَانَ الْمَرَض غير رَدِيء وَلَا خَبِيث لم
(5/40)
يعاود وَلَو كَانَ انقضاؤه غير بَين وَإِن كَانَ خبيثاً عاود إِلَّا أَنه لَا يكون ردياً وَلَا عَظِيما فَإِن كَانَت حَالَة الناقه على مَا وَصفنَا وأهملت تلطيف تَدْبيره وخليته التَّدْبِير الَّذِي يدبر بِهِ من قد صَحَّ لَهُ الْبُرْء من الناقهين انتكس نكسة خطر وضنك.
لى: الناقه ناقهان وَاحِد قد انْقَضى مَرضه انْقِضَاء حريزاً ونقي وَصَحَّ لَهُ الْبُرْء بِأَن كَانَ بحرانه حميدا تَاما منذراً بِهِ فِي يَوْم باحوري وَنَحْو ذَلِك من شُرُوطه وَهَذَا يَنْبَغِي أَن يغذى قَلِيلا قَلِيلا وَيرد إِلَى عَادَته وَالْحمية وَالْخَوْف فِيهِ أقل وَالْآخر الَّذِي لم يكن لَهُ بحران وثيق وَهَذَا إِن كَانَت علته الْمَاضِيَة ردية خبيثة ستعاود وَلَو أَحْسَنت تَدْبيره إِلَّا أَنه لَا يعاود برداءة وخبث وَإِن أَسَأْت تَدْبيره عاودته معاودة ردية.
قَالَ: وَإِن كَانَت علته الْمَاضِيَة سليمَة فَإِن التَّدْبِير اللَّطِيف والامتناع مِمَّا يهيج الْحَرَارَة والحركات وَاجِب أَن يُجَاوز الْيَوْم الباحوري الَّذِي بعد الْيَوْم الَّذِي قد انْقَضى فِيهِ مَرضه لِأَنَّهُ فِي أَكثر الْأَمر يعاود فِي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ من أَيَّام البحران.
من كتاب ينْسب إِلَى ج فِي سياسة الصِّحَّة قَالَ: قد يعرض للناقهين ضعف فِي النبض فَعَلَيْك بِالتَّدْبِيرِ المنعش وصب المَاء الفاتر على الرَّأْس.
قَالَ: والحكة قد تعرض لَهُم أَيْضا وعلاجها المَاء الفاتر.
الْخَامِسَة من الْعِلَل والأعراض قَالَ: من كَانَ من الناقهين يتملأ من الطَّعَام بالشره وَالرَّغْبَة يعرض)
لَهُ أَن جَمِيع لَحْمه ينتفخ ويترهل بِسَبَب أخلاط نِيَّة غير نضيجة تتولد فِي بدنه.
لى: على مَا جربت: الناقهون من الْأَمْرَاض الحادة كثيرا مَا يبْقى لَهُم حمرَة فِي المَاء شَدِيدَة فَمنهمْ من يقْلع ذَلِك مَاء الْبُقُول وَمِنْهُم من يحْتَاج إِلَى أَن يسهل مَرَّات حَتَّى يبيض مَاؤُهُ وَمِنْهُم من لَا يبيض مَاؤُهُ إِلَّا بِكَثْرَة الْغذَاء وَرَأَيْت هَؤُلَاءِ يَنْتَفِعُونَ وتسكن حرارتهم بِأَن يسقوا سويقاً وسكراً كل غَدَاة وَمِنْهُم من يحْتَاج أَن يمزج لَهُ بشراب كثير ويسقى مِنْهُ يكون كل شربة مِنْهُ فيبيض عَلَيْهِ لى: فَشَكا ضعف الْمعدة فَأعْطَاهُ الطَّبِيب قرص ورد فَحم من الرَّأْس حمى حادة وَلذَلِك لَا يَنْبَغِي أَن يُفَارق نبض الناقه وبوله ومجسة بدنه حَتَّى يعود إِلَى الْحَال الطبيعية ومجسته مَا دَامَت زايلة عَن ذَلِك وَبَان من كَلَامه فِي حِيلَة البرءان الناقه يحْتَاج أَن يغذى قَلِيلا مَرَّات فِي الْيَوْم مَا أمكن ويجنب الْجُوع والسهر وَالْخَوْف وَالْغَم وَالسّفر والتعب الشَّديد وَالْحمام الْكثير.
الْعَاشِرَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: الناقه يحم من السهر والجوع وَالْغَضَب والهم.
الأولى من أَيَّام البحران قَالَ: كل عِلّة سكنت بِلَا بحران ظَاهر فتفقد تَدْبِير العليل وخذه بالتحفظ وَالْحمية الشَّدِيدَة وَلَا تَأذن لَهُ أَن يعْمل شَيْئا مِمَّا يُؤذن للصحيح فِيهِ لَا من طَعَام وَلَا من شراب وَلَا حمام وَلَا حَرَكَة وَلَا غير ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْمَرَض الَّذِي سكن يَسِيرا ثمَّ اسْتعْملت هَذَا التَّدْبِير خليق أَن يبرأ وَلَا يعاود وَإِذا كَانَ صعباً فَإِنَّهُ سيعاود وَإِن أَنْت
(5/41)
دَبرته بِهَذَا التَّدْبِير لكنه لَا يعاود بصعوبة وخطر شَدِيد فَإِن أغفلت هَذَا التَّدْبِير وَكَانَت الْعلَّة قَوِيَّة عاودت بأصعب مِمَّا كَانَت.
قَالَ: من لم يصبهُ البحران فِي يَوْم باحوري فَلَا يُطلق لَهُ التَّدْبِير الصَّحِيح.
لى: وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع أنحاء البحران حَتَّى يكون تَاما.
لى: صدر هَذَا الْكتاب أَن أول مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من تَدْبِير الناقه معرفَة البحران التَّام والناقص بِجَمِيعِ تواليه فَإِذا عرفت ذَلِك كَانَ إطلاقك لمن أَصَابَهُ بحران تَامّ كَامِل مشاكل لِلْعِلَّةِ بَين جيد الانتعاش والتغذية بِلَا خوف وَلمن لم يصبهُ وأصابه بحران نَاقص فَمَعَ توق بِحَسب ذَلِك.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة افيذيميا قَالَ: إِذا بَقِي بالعليل عَطش وجفاف الْفَم واختلال الشَّهْوَة وتقلب النَّفس فتحفظ فِي تَدْبيره فَإِن حماه ستعاود وَمن شَأْن هَذِه أَن تعاود ثمَّ تَنْقَضِي بعد ذَلِك إِذا كَانَ ذَلِك فَعَلَيْك بالاستفراغ فَإنَّك تأمن بِهِ العودة.
الأولى من الثَّانِيَة قَالَ ج: إِذا حدث خف بَغْتَة وسكنت الْحمى وَلم يكن هُنَاكَ استفراغ وَلَا)
زمَان يَجِيء فِي مثله تحلل فَاعْلَم أَن الْمَرَض يعاود بعد أَن يسكن.
قَالَ: وَقد كَانَ قوم بلغ من ثقتهم بالبراز أَن استحموا وتصرفوا وَأَنا مُقيم على أَنهم سيهلكون لِأَنَّهُ كَانَ قد ظهر بهم فِي مرضهم دَلَائِل مهلكة وَلم يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى عَادَتْ عَلَيْهِم الْعلَّة فهلكوا فَأَما من لم يكن ظهر فِي مَرضه دَلَائِل مهلكة فَإِنَّمَا ينذر ذَلِك بعودة فَقَط.
نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: وأتى مَرِيضا فِي الْيَوْم السَّادِس بحران فَأخْبرت أَنه يعاود عَلَيْهِ مَرضه فَجعل ذَلِك الطَّبِيب حرضاً على تكذيبي لَا يدْخلهُ الْحمام وَلَا يسْقِيه الشَّرَاب وَلَا يُعْطِيهِ غذَاء إِلَّا كشك الشّعير أَو حساء وَمَا شاكل ذَلِك ليكذب قولي وَلَا يعود إِلَيْهِ الْمَرَض إِلَّا أَنه على ذَلِك عَاد عَلَيْهِ فِي الثَّانِي عشر.
اربياسيوس قَالَ: الناقه مَا دَامَ على بدنه حَال من الهزال مفرطة بِالْإِضَافَة إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يقدر على احْتِمَال الْحر وَلَا الْبرد وَلَا السهر وَلَا التُّخمَة وَلكنه من أدنى سَبَب من هَذِه ينكس فَإِذا رَجَعَ بدنه إِلَى خصبه الطبيعي فقد صَارَت صِحَّته إِلَى جِهَة العتبة الْوَثِيقَة الْعسرَة الزَّوَال قد ذكر جالينوس فِي الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة: إِن الناقهين يَحْتَاجُونَ إِلَى خلاف ذَلِك إِلَّا أَنه حِينَئِذٍ لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك لَا من طَرِيق أَنه ناقه بل من طَرِيق أَن بِهِ مَعَ ذَلِك مَرضا ثَانِيًا.
مسَائِل الْفُصُول: إِذا كَانَ الناقه يَشْتَهِي الطَّعَام وَيَأْكُل إِلَى أَن يشْبع وَلَا يقوى بِهِ بدنه دلّ على أَنه يتغذى أَكثر مِمَّا يُطيق هضمه فَيقبل عَلَيْهِ وَلَا يغتذى مِنْهُ وَإِذا كَانَ الناقه لَا يَشْتَهِي الطَّعَام فَإِنَّهُ يدل على أَن بقايا أخلاط ردية فِي بدنه مُحْتَاج إِلَى أَن يستفرغ.
(5/42)
لى: الناقه إِمَّا أَن يَشْتَهِي الْغذَاء وَإِمَّا لَا وَإِذا اشْتهى فإمَّا أَن يقوى بِهِ وَإِمَّا لَا فَتكون التراكيب أَرْبَعَة يَشْتَهِي ويقوى بِهِ هَذِه هِيَ الْحَالة الجيدة ويشتهي وَلَا يقوى بِهِ هَذِه هِيَ الْحَالة الَّتِي يَأْكُل أَكثر مِمَّا يُطيق وَيسْقط قِسْمَانِ لَا يَشْتَهِي ويقوى وَلَا يَشْتَهِي وَلَا يقوى. من كَانَت شَهْوَته بعد الْمَرَض مُحْتَملَة فاستفرغه لِأَنَّك إِن غذوته فَإِنَّمَا تزيده شرا كَمَا قَالَ ابقراط قَالَ: وَفِي الاكثر إِنَّمَا يكون ذَلِك لأخلاط ردية فِي الْمعدة.
لى: تفقد ذَلِك فَإِن رَأَيْت أَن سَبَب اختلال الشَّهْوَة امتلاء الْمعدة من رطوبات ندية فقيئه وَإِن رَأَيْت سوء النّفُوذ فَأصْلح الكبد وَإِن رَأَيْت الْبدن كُله فِيهِ أخلاط ردية فاستفرغه فَإِن كَانَ عليل قوته ضَعِيفَة فقوه أَيَّامًا واستفرغه وَإِن كَانَ ناقها لَا يقوى وألزمه التفرغ لِأَنَّهُ إِن كَانَ ضَعِيفا لَا يُمكن فِيهِ أَن يستفرغ ضَرْبَة فقد رَأَيْت رجلا هَذِه حَاله وَكنت أسهله كل يَوْم بالتفرغ لِأَنَّهُ إِن)
كَانَ ضَعِيفا لَا يُمكن فِيهِ أَن يستفرغ ضَرْبَة فقد رَأَيْت رجلا هَذِه حَاله وَكنت أسهله كل يَوْم بالتفرغ مجلسين فنقي فِي عشرَة أَيَّام ثمَّ تغذى وتقوى وَإِنَّمَا يحْتَاج إِن ذَلِك فِي الْأَكْثَر إِذا لم يخرج من الْمَرَض ببحران.
لى: وَلَا يتوانى فِي أَمر الناقه إِذا كَانَ سَاقِط الْقُوَّة وخاصة إِن كَانَ أَحْمَر المَاء لِأَنَّهُ ستعود عَلَيْهِ الْحمى لَكِن استفرغه سَرِيعا وبرده وأطفئه فَإِن كَانَ حَال ناقه ضَعِيفا جدا فَعَلَيْك بالتغذية بِمَا يرطب ويبرد حَتَّى يغمر الْخَلْط المراري ويحيل كيفيته من كَانَ ينَال من الناقهين من الْغذَاء وَلَا يتزيد بدنه فَإِنَّهُ بِآخِرهِ يصير إِلَى أَن لَا يَشْتَهِي لِأَن هَذَا يدل على أَن آلَة شَهْوَته قَوِيَّة وَإِن آلَة الْغذَاء ضَعِيفَة فيتزيد على طول الزَّمَان الأخلاط الردية فِي بدنه فَيصير لَا يَشْتَهِي وَأما من كَانَ لَا يَشْتَهِي من الناقهين الْغذَاء ثمَّ استفرغوا أَو لم يستفرغوا لَكِن قل أكلهم بِإِرَادَة فَإِنَّهُم سيشتهون بعد ذَلِك لِأَن النقية من الْمَرَض تنضج وتعود الْحَال الطبيعية.
من كتاب حنين فِي تَدْبِير الناقه قَالَ: القَوْل الَّذِي ذكره جالينوس فِي الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة فِي تَدْبِير الناقهين: إِنَّمَا هُوَ فِي الناقه الَّذِي لَيست فِي بدنه بقايا من الأخلاط الممرضة بل قد نقي غَايَة النَّقَاء فَإِن هَؤُلَاءِ دَائِما يَحْتَاجُونَ إِلَى التغذية وَالتَّدْبِير المنعش فَقَط وَأما سَائِرهمْ فيحتاجون إِلَى علاج مرض أَعنِي بعض مَا يعالج بِهِ الْمَرِيض من استفراغ وَنَحْوه وَلَا يَنْبَغِي أَن يغذوا قبل ذَلِك لِأَن ابقراط قَالَ: إِن الْبدن الَّذِي لَيْسَ ينقى كَمَا غذوته زِدْته شرا.
لى: قد يكون ناقه يحْتَاج إِلَى أَن تستفرغه وتغذوه مَعًا لِأَنَّهُ يكون سَاقِط القوى رَدِيء الأخلاط وَهَؤُلَاء أصلح الْأَشْيَاء لَهُم الأغذية الدوائية كَمَاء الشّعير والسكنجبين وَنَحْوه من سَائِر الْأَشْيَاء مِمَّا يقمع الْخَلْط الرَّدِيء الَّذِي فِي أبدانهم وَإِن كَانَ هُوَ لابد مِمَّا هُوَ إغذاء من ذَلِك فمما لَا يَسْتَحِيل إِلَيْهِ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ وَإِن لم يكن فِيهِ استفراغ إِذا أَنْت دَبرته بِهَذَا التَّدْبِير أصلحت أخلاطه.
لى: مصلح.
قَالَ حنين: من الْفُصُول الَّتِي ذكرهَا ابقراط مِمَّا يَلِيق بتدبير الناقه قَوْله البقايا الَّتِي تبقى بعد البحران يجلب عودة فَإِن هَذَا الْفضل يرشد إِلَى أَن يحرز فِي تَدْبِير من لم يخرج من علته ببحران كَامِل وَلَا سِيمَا مَتى رَأَيْت مَا يبرز من بدنه بعد البحران من بَوْل أَو برَاز مرارياً فَبَقيت بِهِ أَعْرَاض مَرضه كالعطش والغثي ومرارة الْفَم وَسُقُوط الشَّهْوَة والإعياء وَنَحْوه.
(5/43)
وَقَوله الْبدن الَّذِي لَيْسَ ينقى كلما غذوته فَإِنَّمَا يزِيدهُ شرا: فَإِن هَذَا يرشد إِلَى إِن لَا تدبر)
الناقه الَّذِي لم يبْق بِالتَّدْبِيرِ المنعش فَقَط بل وبالمنقى. وَقَوله لِأَن تملأ الْبدن من الشَّرَاب أسهل من أَن تملأه من الطَّعَام فَإِن هَذَا يرشد إِلَى الأغذية الرّطبَة السريعة النّفُوذ.
وَأما قَول ج مَا يغذو الْبدن غذَاء حريزاً فيرشد إِلَى مَا لَا يَسْتَحِيل إِلَى ذَلِك الْخَلْط الَّذِي فِي بدنه وَقَوله إِذا كَانَ الناقه ينَال من الْغذَاء وَلَا يقوى بِهِ فَإِنَّهُ يحمل على بدنه مِنْهُ أَكثر مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فَأَما من كَانَ لَا يَشْتَهِي الْغذَاء فبدنه يحْتَاج إِلَى استفراغ وَقَوله من كَانَ يَأْكُل من الناقهين وَلَا يتزبد بدنه فَإِنَّهُ سيسقط شَهْوَته بعد ذَلِك وَأما من كَانَ من أول أمره لَا يَشْتَهِي ثمَّ اشْتهى فحاله أصلح واستتم مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
من بَاب الأسمان والذبول. قَالَ: الناقهون إِنَّمَا احتاجوا أَن يغذوا بأغذية لَطِيفَة رقيقَة سريعة النّفُوذ لِأَن قواهم ضَعِيفَة فَلذَلِك لَا يهضمون الأغذية القوية حَتَّى إِذا تراجعت قواهم قَلِيلا زيد فِي الغلظ بِحَسب ذَلِك.
قَالَ وَفِي الْأَكْثَر الْحَرَارَة الغريزية مُخْتَلفَة فِي أبدان الناقهين قَليلَة فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن ينعش بِمَا يقيمها من الأغذية اللطيفة المعتدلة.
لى: رُبمَا احْتَاجَ إِلَى أغذية بَارِدَة وَذَلِكَ لحسن حَال الْبدن.
من كتاب العلامات قَالَ: انْظُر فِي الناقه إِلَى مجسته وبوله هَل هما راجعان إِلَى الْحَال الطبيعية وَفِي طعم فَمه وشهوته وعطشه ونومه فَإِن وجدت ظَاهر بدنه يَابسا وَهُوَ خَبِيث النَّفس وَيَأْخُذهُ غثيان ونومه مُضْطَرب ويقلق فِي السَّاعَة الَّتِي كَانَت تنوب عَلَيْهِ فِيهَا الْحمى فَإِنَّهُ يستعان بِهِ وخاصة إِن كَانَ ناقها من مرض وَرمى وَكَانَ بِهِ بَقِيَّة مِنْهُ فِي أحشائه وَشدَّة الْعَطش والتلهب وَأَن يكون الْمَرَض فِي الخريف مِمَّا ينذر بِرُجُوع.
لى: يَنْبَغِي أَن يذكر فِي تَدْبِير كل نَاقَة مِثَالا فَنَقُول من خرج من البرسام توقى عَلَيْهِ خشونة الصَّدْر وَمن خرج من ورم فِي كبده مِمَّا يورم الكبد وَنَحْو ذَلِك فِي علل لتَكون أَمْثِلَة فَإِن تَدْبِير الناقهين هَكَذَا يجب فِي كل ناقه.
جورجس قَالَ: وَمن خرج من الناقهين من علته باستفراغ فَلَا تستفرغه وَمن انحط مَرضه أَو خرج مِنْهُ بِلَا استفراغ وَكَانَ مَرضا حاداً صفراوياً فاسقه الإهليلج والسقمونيا والترنجبين لِئَلَّا تعاود علته.
لى: الناقه يحْتَاج أَن يكثر الْأكل حَتَّى يقوى فَيرجع دَمه وَيكثر شَهْوَة الناقهين من حرارة بَاقِيَة فِي)
معدهم فَلذَلِك يَنْفَعهُمْ دَوَاء جالينوس الْمُتَّخذ من مَاء السفرجل والخل وَالسكر وَمِنْهُم من يَشْتَهِي الطَّعَام على الرِّيق وَالْمَاء الْبَارِد وتضمد معدته بالباردة وَمِنْهُم من يحْتَاج إِلَى خلنجبين وقرص وَاحِد وَنَحْو ذَلِك وَإِذا كثرت البثور على شَفَتَيْه بعد الْحمى فصد.
سرابيون قَالَ: لبَقَاء الحدة بالناقهين من حميات حارة: اسْقِ أَقْرَاص طباشير وَورد وبزر
(5/44)
البقلة الحمقاء وبزر القثاء وبزر القرع وَرب السوس شَيْئا كثيرا بِمَاء الرُّمَّان.
لى: لَا شَيْء أبلغ فِي إطفاء هَذِه الفضلات من النقوع أَو مَاء الرمانين أَو شراب الأترج وَبِالْجُمْلَةِ الْأَشْيَاء المزة فَإِن احتجت إِلَى لين فَخذ مِنْهَا مَا يلين كالنقوع وَإِن احتجت إِلَى يبس فماء حماض الأترج والريباس وَإِن احتجت إِلَى مَا يُقَوي الْمعدة فسكنجبين جالينوس الَّذِي بِمَاء السفرجل.
لى: فِي لفظ تَفْسِير جالينوس للفصل الَّذِي أَوله الناقه إِذا كَانَ لَا ينَال من الْغذَاء: أَن الناقه إِذا كَانَ لم يشته الطَّعَام فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى استفراغ لِأَن فِي بدنه أخلاطاً ردية وَسُقُوط شَهْوَة الناقه رُبمَا كَانَ لذَلِك وَرُبمَا كَانَ لشدَّة ضعفه وَقلة حرارته فافرق بَينهمَا فَإِن الأول الَّذِي تسْقط شَهْوَته بخلط ردي فِي بدنه فِي فِيهِ طعوم ردية ويعرض لَهُ عَطش وَفِي بدنه التياث ولونه رُبمَا كَانَ دَالا على ذَلِك الْخَلْط وَهَذَا الثَّانِي فَمه برِئ من الطعوم وَكَذَلِكَ سَائِر حالاته وشهوته تزداد أَولا أَو لَا مَتى أكل وَأما الثَّانِي فَلَا. د: وَقَالَ: ج إِن طبخ بسر النَّخْلَة وَشرب طبيخة مَعَ جلاب زَاد فِي الْحَرَارَة الغريزية جدا.
لى: هَذَا يحْتَاج إِلَيْهِ الناقهون.
لى: رَأَيْت السكنجبين السفرجلي جيد للناقهين يسكن عطشهم ويشهيهم الْغذَاء وَمن احْتمل فليطبخ لَهُ شراب أَبيض وَمَاء السفرجل فَإِنَّهُ جيد.
من كتاب حنين فِي تَدْبِير الْمطعم وَالْمشْرَب قَالَ: الناقه يحْتَاج إِلَى غذَاء يغذوا قَلِيله غذَاء كثيرا.
لى: الناقه إِذا تمددت معدته حم وَثقل.
من سياسة الصِّحَّة قَالَ: عَلَامَات من يعود عَلَيْهِ مرض أَن يكون يَابِس الْفَم ويعرق بِاللَّيْلِ وَفِي النّوم وَمَعَ ذَلِك تبيض شفتاه وتغور عَيناهُ.
من مسَائِل الْفُصُول: من ضمر بدنه فِي زمَان يسير فَلْيَكُن غرضك أَن ترد إِلَى الخصب فِي زمَان)
يسير وَذَلِكَ يكون بِالَّتِي تسرع الإغذاء وَيكثر وَهَؤُلَاء محتملون لذَلِك لِأَن الَّذِي نقص من هَؤُلَاءِ رطوبات وأعضاؤهم الْأَصْلِيَّة ثَابِتَة بِحَالِهَا وقواها يُمكنهَا إِحَالَة الْغذَاء وهضمه ولتكن أغذيتهم إِلَى الرطوبات مَا هِيَ مثل الأحساء وَالْخُمُور الغليظة لترجع رطوباتهم سَرِيعا فَأَما الْأَبدَان الَّتِي نهكت فِي زمَان طَوِيل وَذَلِكَ يكون بالأغذية الَّتِي هِيَ أغْلظ وَأَبْطَأ غذَاء وبمقدار أقل لِأَن الَّذِي نقص من هَؤُلَاءِ نفس جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وضعفت قواها أَيْضا لذَلِك فَهِيَ لَا تحيل الْغذَاء على مَا يجب فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يغذوا قَلِيلا قَلِيلا لترجع إِلَيْهَا قواها وَتصير قَوِيَّة على إِحَالَة الْغذَاء وَتَكون أغذية قَوِيَّة غَلِيظَة اللَّحْم وَالْخبْز النقي لِأَن الَّذِي فقدوه أَشْيَاء غَلِيظَة فيحتاجون إِلَى
(5/45)
تغير يغيرهم اللَّحْم لَهُ بَقَاء وثبات كَالَّذي انحل مِنْهُم وَمن كَانَت شَهْوَته مختلة بعد الْخُرُوج من الْمَرَض وَاجِب أَن يستفرغ لِأَنَّهُ إِن لم يستفرغ خيف أَن تحدث عودة لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يكون لبَقيَّة من ذَلِك الْخَلْط.
لى: تفقد فَإِنَّهُ قد يكون لأسباب أُخْرَى أَيْضا ثمَّ اعْمَلْ بِحَسبِهِ وَفِي الْأَكْثَر إِنَّمَا يكون كَمَا قَالَ وَيحْتَاج إِلَى استفراغ.
أَقْرَاص للناقه إِذا كَانَت هُنَاكَ بقايا حرارة وَحَال قريبَة من سوء مزاج ولين طبيعة يُؤْخَذ: طباشير وَورد مطحون وبزر الهندباء وبزر الكشوث وبزر البقلة الحمقاء وعصارة الغافت من كل وَاحِد جُزْء وَمن الكافور سدس جُزْء يعجن بِمَاء الهندباء ويسقى مِنْهُ مِثْقَال.
أَقْرَاص عَجِيبَة مبردة جدا تصلح للناقه الَّذِي فِيهِ بقايا حرارة: ورد مطحون ثَلَاثُونَ درهما بزر الهندباء وبزر القرع المقشر من كل وَاحِد سَبْعَة دَرَاهِم بزر بقلة الحمقاء خَمْسَة دَرَاهِم نشا ثَلَاثَة دَرَاهِم طباشير سَبْعَة دَرَاهِم يعجن بلعاب بزر قطونا وَيُؤْخَذ مِنْهُ قرصة بحلاب.
الأولى من أَيَّام البحران: قد يحْتَاج فِي أَن يصحح أَسمَاء انْقِضَاء الْمَرَض الَّذِي ينقضى ببحران لَا ينْحل إِلَّا أَن يكون فِيهِ بحران بَين تَامّ باستفراغ أَو خراج فَمن كَانَ بحران مَرضه بذلك فَعَلَيْك بانعاشه وَمن لم يَصح لَهُ ذَلِك لَكِن سكن مَرضه بِغَيْر استفراغ وَلَا فِي زمَان طَوِيل على طَرِيق التَّحَلُّل فَاعْلَم أَنه سيعاود فَخذه بالاحتراس ولطف تَدْبيره وَلَا تَدعه يتعب وَلَا يدْخل الْحمام وَدبره كَأَنَّهُ فِي مَرضه فَإنَّك إِذا فعلت بِهِ ذَلِك إِن كَانَ الْمَرَض الَّذِي مضى يَسِيرا فخليق أَلا يعاود وَإِن كَانَ صعباً فسيعاود لَكِن لَا يعاود بخطر وَشدَّة فَإِن أهملته وَكَانَ الْمَرَض شَدِيدا عاود بشر مِمَّا كَانَ.)
الثَّانِيَة من الْفُصُول: قَالَ حنين قَالَ ابقراط: الْأَبدَان الَّتِي هزلت فِي زمَان طَوِيل يَنْبَغِي أَن تعيدها إِلَى الخصب فِي زمَان طَوِيل وَالَّتِي هزلت هِيَ فِي زمن يسير فَفِي أزمان يسيرَة.
قَالَ حنين: لِأَن هَذِه إِنَّمَا ذاب مِنْهَا وَخرجت الرطوبات فَقَط فَأَما أعضاؤها الْأَصْلِيَّة الَّتِي يكون بهَا الهضم فباقية بِحَالِهَا فَهِيَ تحْتَمل أَن تغذى بِكَثْرَة وَأما الأولى فَإِن نفس الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة الَّتِي بهَا يكون الهضم قد ضعفت فَلَا يُمكن أَن تغذى كثيرا دفْعَة لِأَنَّهُ لَا ينهضم لضعف هَذِه الْأَعْضَاء لكنه يَنْبَغِي أَن تغذى قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تقوى وَترجع إِلَى حَالهَا.
لى: هَذَا أول فصل نحتاج إِلَيْهِ نضعه فِي تَدْبِير الناقه ثمَّ نتبعه بِسَائِر الْفُصُول ونأتي للتين الْيَابِس برد اللَّوْن الذَّاهِب من الْمَرَض المزمن. د: توق التُّخمَة فَإِن مضرتها عَلَيْهِ شَدِيدَة والأغذية الغليظة الجافية والمتفخة السريعة الْفساد وليأكل مَرَّات قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يكثر دفْعَة ويتوقى كَثْرَة شرب المَاء وَالشرَاب فَإِنَّهُمَا ضاران واختر لَهُ الْأَطْعِمَة السريعة النضج.
اركاغانس فِي الْأَدْوِيَة المزمنة قَالَ: يوقى الناقه من الْبرد لِأَنَّهُ يسْرع إِلَيْهِ لقلَّة لَحْمه
(5/46)
وَدَمه وَمن الْحر لِأَنَّهُ يحر مزاجه سَرِيعا لقلَّة رطوباته وَمن التخم فَإِن أذاها لَهُ شَدِيد جدا وَيجْعَل أطعمته سهلة الهضم ويقلل مِنْهَا.
قسطا: من ضعف من نزف دم أَو جِرَاحَة فمما يسْتَردّ بِهِ قوته الطّيب والأدهان المسخنة العطرية وَشرب مَاء اللَّحْم الْمَعْمُول بِالشرابِ الريحاني وبقشر الأترج والتفاح والسفرجل وَشرب الترياق ودواء الْمسك أَو ممزوجين وَنَحْوهَا مِمَّا يُقَوي حرارة الْقلب وَمِمَّا تسترد بِهِ قُوَّة الْمَرْأَة إِذا ولدت وَكثر نزفها: أطعمها مَا يُولد الدَّم وأحضرها نفعا الأكباد ومخ الْبيض وَالْخمر الغليظة السَّوْدَاء.
من الْكتاب الْمَنْسُوب إِلَى ج فِي العلامات قَالَ: إِذا كَانَ بَوْل الناقه يشبه بَوْله فِي الْمَرَض وَيكون لون ظَاهر بدنه كُله كلونه فِي الْمَرَض وقوته غير قَوِيَّة وَلَا يَشْتَهِي الطَّعَام وهضمه قَلِيل وَبِه غشى وخبث نفس ونفخة رَجَعَ إِلَيْهِ مَرضه وَكَذَلِكَ إِن كَانَ نَومه خلاف عَادَته فِي الصِّحَّة.
قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء: إِن بدن الناقه يعْنى بِهِ بالركوب والدلك وَالْمَشْي الْقَلِيل والاستحمام قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء الناقه إِن تَعب وسهر وَأمْسك عَن الطَّعَام مُدَّة طَوِيلَة عاودته الْحمى.
من كتاب الفصد لحنين قَالَ: أضرّ مَا يكون اخْتِلَاف الْمِيَاه والأهوية والأغذية على المعتادين)
للحمية.
من أَيَّام البحران: إِذا عاود الْمَرَض ونكس الْمَرِيض وَالْقُوَّة ضَعِيفَة والأعراض صعبة ردية فَهُوَ قتال وبالضد وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل فِي الْمَرَض الْمخوف التَّدْبِير الملطف وَفِي الْمَأْمُون التَّدْبِير المنعش وَإِذا كَانَ مشرفاً على النكسة فدبره تَدْبِير المرضى فَإِنَّهُ إِمَّا أَن تمنع نكسة وَإِمَّا أَن تجعلها قَليلَة ضَعِيفَة.
أَيَّام البحران نَفسه قَالَ ج: الْأَمْرَاض الَّتِي لَيْسَ انقضاؤها بالتحلل وَهِي الحادة الَّتِي تَنْقَضِي إِمَّا باستفراغ وَإِمَّا بخراج إِذا انْقَضى بِغَيْر ذَلِك فتوقع عودته ولطف تَدْبِير الناقه وامنعه أَن يجْرِي فِي تَدْبيره من الطَّعَام وَالشرَاب وَالْحَرَكَة وَالْحمام على مثل تَدْبِير الأصحاء فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك فخليق أَن يبرأ برءاً تَاما وَإِن كَانَ الْمَرَض عَظِيما وعاود فَإِنَّهُ لَا يعاود بِشدَّة فَإِن أهملته هَذَا التَّدْبِير وَكَانَ الْمَرَض عَظِيما وعاود قتل لِأَنَّهُ يجد وَالْقُوَّة قد خارت.
ابْن سرابيون قَالَ: الناقه يحْتَاج إِلَى الْغذَاء ليعود إِلَيْهِ جِسْمه وَدَمه لَا إِلَى الدَّوَاء والناقه مَا دَامَ على حَاله من قلَّة الدَّم وَاللَّحم لَا يحْتَمل الْحر وَالْبرد والسهر والتخمة وَلَا غير ذَلِك من نَحوه لَكِنَّهَا تنكسه من أدنى سَبَب لِأَن صِحَّته غير وَثِيقَة يحْتَاج أَن تطعم هَؤُلَاءِ الْأَطْعِمَة السريعة الاستحالة الجيدة الْخَلْط كالصغير من السّمك والفراريج.
(5/47)
قَالَ فِي الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة: إِن الناقهين فِي أبدانهم دم جيد إِلَّا أَنه قَلِيل قَالَ: وَكَذَلِكَ الرّوح النفساني والحيواني فيهم يسير وأعضاؤهم الْأَصْلِيَّة يابسة وَلذَلِك قواهم ضَعِيفَة وأبدانهم كلهَا أبرد وعلاجهم جملَة كل مَا أعَان على أَن يغذي الْبدن غذَاء سَرِيعا حَرِيرًا فَهَذِهِ جملَة وبالتفصيل بالحركة المعتدلة الْغذَاء المعتدل وَالنَّوْم والاستحمام فَإِذا صلحوا صلاحاً بَينا فليتصرفوا فِي بعض مَا كَانُوا يعتادونه وَليكن أطعمتهم من أول تدبيرهم أرطب فَإِذا امتدت بهم مُدَّة التَّدْبِير وقووا فاجعله أقوى وَأكْثر غذَاء وَأصْلح الشَّرَاب لَهُم الشَّرَاب المعتدل فِي زَمَانه الريحاني والمعتدل الطّعْم.
ابيذيميا قَالَ: إِذا بقيت من الْعلَّة بَقِيَّة فَإِن العودة حِينَئِذٍ أسْرع مَا يكون وَهِي كائنة ضَرُورَة إِن لم تعالج حَتَّى تنقى من ذَلِك الْبَقِيَّة أَو لم تكن الْبَقِيَّة قَليلَة الْمِقْدَار أَو قريبَة من النضج فَأَما إِن كَانَت كَثِيرَة بعيدَة من النضج فَلَا شكّ أَنه يعاود فَإِن كَانَ قد عولج كَانَ معاودتها أقل حِدة وَبِالْعَكْسِ.)
وَقَالَ فِي كتاب العلامات: إِذا رَأَيْت أَعْرَاض السقم قد هدأت والنوبة قد جَاوَزت وَقتهَا إِن حضرت وَلَيْسَ فِي الْعرق اخْتِلَاف وَكَانَ النّوم قبل ذَلِك طيبا وَحسن الْوَجْه قويت النَّفس فَإِن الْحمى لَا تعاود وَإِذا كَانَ المَاء غير نضيج لَا سَحَابَة فِيهِ أَو كَانَ على لَونه الَّذِي فِي الْمَرَض سَوَاء وعَلى قوامه وَقُوَّة العليل ضَعِيفَة لَا تقوى وَلَا تنهض وَلَا يَشْتَهِي الطَّعَام وَهُوَ خَبِيث النَّفس وَيَأْخُذهُ الغثيان ونفخة فِي الْمعدة وَتَحْت الشراسيف أَو الْبَطن جملَة عِنْد الكبد أَو عِنْد الطحال ويحمض الطَّعَام فِي معدته من عَارض يُوجب ذَلِك من خَارج فَإِن مَرضه يعاود. وَإِن كَانَت الْعلَّة حادة فَإِنَّهُ مَتى كَانَ النّوم غرقاً من غير اضْطِرَاب فَإِنَّهُ لَا يعاود وبالضد وَإِذا كَانَت الْقُوَّة لَا تقوى ويعسر النهوض فَاعْلَم أَن مَرضه سيعاود وخاصة إِن كَانَ بِهِ بقايا ورم فِي معدته أَو كبده أَو جَوْفه جملَة وَإِن كَانَ يعطش ويلتهب كثيرا فَإِنَّهُ يعاود وأمراض الخريف فِي الْأَكْثَر تعاود.
ابيذيميا: الْأَمْرَاض الَّتِي من شَأْنهَا أَن تعاود بأدوار مَعْلُومَة أَو غير منتظمة يَنْبَغِي أَن يحمى العليل بعد الْخُرُوج مِنْهَا فَإِن وَقع فِيهَا مَعَ الحمية فَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل التَّدْبِير المرضى لمزاج الْبدن وتنقله من ذَلِك الْبَلَد إِلَى بلد مُوَافق مِثَال ذَلِك أَن تنقل فِي عِلّة السل من الْبَلَد الْيَابِس إِلَى الْبَلَد الرطب.
قَالَ ج فِي كتاب الأخلاط: لَا الشِّبَع جيد للأبدان النَّاقِصَة والجوع لَهَا رَدِيء.
قَالَ: وَالنَّوْم أَنْفَع مَا يكون إِذا كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة وَالدَّم قَلِيلا وخاصة إِن كَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك لى: والناقه دَمه قَلِيل لَا شَهْوَة فِيهِ فَهُوَ من أجل ضعف قوته وَقلة دَمه يحْتَاج إِلَى الْغذَاء وَالنَّوْم وَلَكِن أَضْعَف الْقُوَّة لَا يَنْبَغِي أَن يشْبع بإفراط بل أقل من الشِّبَع وينام ثمَّ لَا يَأْكُل حَتَّى يقسمهُ فِي مَرَّات.
(5/48)
لى: الناقه إِذا كَانَ ينَال من الْغذَاء وَلَا يقوى بذلك بدنه فَلَا يحمل مِنْهُ على نَفسه فَوق الطَّاقَة وَإِن كَانَ ينَال من الْغذَاء بِقدر معتدل وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يقوى بدنه يحْتَاج إِلَى استفراغ.
قَالَ: من كَانَ يَشْتَهِي الطَّعَام ويرزأ مِنْهُ الْكثير وَلَا ترجع قوته إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي حَال صِحَّته فَاعْلَم أَن الطَّعَام لَا ينهضم مِنْهُ لكنه يثقل على بدنه فَأَما من لَا يشتهيه فَاعْلَم أَن فِي بدنه أخلاطاً ردية لَا يُمكن أَن يعود إِلَى حَال الصِّحَّة إِلَّا باستفراغها لِأَن الْبدن الَّذِي لَيْسَ ينقى كلما غذوته زِدْته شرا لِأَن الْغذَاء الَّذِي يرد الْبدن الْفَاسِد الأخلاط يفْسد بفسادها ويستحيل إِلَيْهَا فَيكون ذائباً زَائِدَة فِي كَثْرَة تِلْكَ الكيموسات الردية وَتبقى كيفيتها على حَالهَا وَأكْثر مَا يكون ذَلِك)
إِذا كَانَت الْمعدة مَمْلُوءَة كيموسات ردية فَعِنْدَ ذَلِك يعرض للناقه أَلا يَشْتَهِي الطَّعَام لِأَن تملؤ الْبدن من الشَّرَاب أسهل من تملؤه من الطَّعَام.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن من احْتَاجَ إِلَى زِيَادَة فِي بدنه سَرِيعا فأبلغ الْأَشْيَاء لَهُ فِي رد قوته الشَّيْء الرطب وَمن احْتَاجَ إِلَى زِيَادَة أسْرع من ذَلِك فتقويته تكون بالشَّيْء الَّذِي يسمن وَهَذِه الرطوبات تكون مِمَّا لَهَا غذَاء كالأشربة الغليظة فَإِن الْأَشْرِبَة الرقيقة الْبيض تدر الْبَوْل وَلَا تغذو الْبدن إِلَّا غذَاء قَلِيلا.
قَالَ: وَالشرَاب الْأَحْمَر الغليظ أَكثر الْأَشْرِبَة غذَاء ويملؤ الْأَبدَان الَّتِي استفرغت واحتاجت إِلَى الزِّيَادَة أسْرع مَا يكون وَلَيْسَ يخفى على من يعلم كَيفَ تكون التغذية أَن الأغذية الرّطبَة أسْرع وأسهل غذَاء للبدن وخاصة إِن كَانَت مَعَ ذَلِك حارة.
الناقه إِذا كَانَ لَا يَشْتَهِي الطَّعَام وَعلمت أَن فِي بدنه بقايا فاستفرغه لِأَن هَذِه البقايا تجلب عودة الْمَرَض لِأَنَّهَا تعفن على طول الْأَيَّام فتولد حمى لِأَن كل رُطُوبَة غَرِيبَة لَا تستحيل إِلَى طبع الْمُحِيل فَلَا بُد أَن يؤول أمرهَا إِلَى العفونة سَرِيعا ضَرُورَة فَإِن كَانَت مَعَ ذَلِك مجتمعة فِي مَوضِع حَار كَانَت عفونتها أسهل.
الْفُصُول: قَالَ إِن عَلامَة إغذاء الشَّيْء الْوَارِد على الْبدن لَهُ زِيَادَة فِي قُوَّة النبض وعظمه وَزِيَادَة قوته الإرادية للبدن وَأولى من يختبر هَذَا فِيهِ من نقصت قوته من استفراغ محسوس أَو تَعب أَو تجويع.
لى: كَذَلِك امتحن فِي الغشي إِذا كَانَ الناقه يحظى من الطَّعَام وَلَا يزِيد خصب بدنه فَذَلِك لضعف قوته الغاذية أَو لأخلاط ردية.
لى: افصل بَينهمَا باللون وَالْبرَاز وَالْبَوْل وَسَائِر الدَّلَائِل ثمَّ إِن كَانَت رداءة أخلاط مَا فاستفرغه وَإِن كَانَ ضعف الْقُوَّة الغاذية فقوها بالدعة وَالشرَاب والروايح الطّيبَة والأضمدة على الْبَطن وَالْحمام.
من كَانَ من الناقهين لَا يتزيد بدنه وَهُوَ يحظى من الطَّعَام فِي أول نقهه فَإِنَّهُ يؤول أمره إِلَى أَن لَا يحظى من الطَّعَام وَلَا يتزيد بدنه فإمَّا من يمْتَنع فِي أول أمره شَهْوَة الْغذَاء ثمَّ
(5/49)
يحظى مِنْهُ بِآخِرهِ فحاله تكون أَجود لِأَن الَّذِي يحظى من الطَّعَام وَلَا يتزيد بدنه فمعه بَقِيَّة أخلاط ردية فعلى طول الزَّمَان تعظم الرداءة حَتَّى تبلغ أَن تظهر بالشهوة أَيْضا وَأما من كَانَت شَهْوَته ضَعِيفَة فِي أول)
نقهه فَإِنَّهُ يدل على أَن طَبِيعَته كَانَت تنضج بَقِيَّة الأخلاط الردية الَّتِي كَانَت فِي بدنه وَإِنَّهَا قد عرفت مِنْهَا الْآن من أَصَابَهُ خراج أَو إعياء فِي المفاصل بعد الْحمى فَإِنَّهُ يتَنَاوَل من الطَّعَام أَكثر مِمَّا يحْتَمل الناقه فَإِنَّهُ يدل إِذا تملأ يَعْنِي بعد أَن تعرض لَهُ الامتلائية وخاصة إِن كَانَت قوته ضَعِيفَة.
قَالَ فِي تَدْبِير الناقه: غذَاء الناقه لَا يَنْبَغِي أَن يكون لرقته يتَحَلَّل وَيخرج عَن الْبدن سَرِيعا وَلَا أَن يكون لغلظه وقوته يعسر هضمه ونفوذه وَخُرُوجه بل يَنْبَغِي أَن يكون متوسطاً فِي الغلظ واللطافة.
أطهورسفس قَالَ: الْعَسَل يرد قُوَّة من قد سَقَطت مجسته لضَعْفه والشهد يرد الْقُوَّة جدا.
(5/50)
(البحران) هَل يكون أم لَا أتاما يكون أم نَاقِصا أم قَرِيبا يكون أم بَعيدا مخوفا أم سليما أم عسيراً أم سهلاً أجيداً أم ردياً أَو بِأَيّ نوع يكون وَفِي أَي وَقت ووثيق هُوَ أم غير وثيق وَإِلَّا غائلة لَهُ.
قَالَ ج فِي الْمقَالة من كتاب البحران: لَيْسَ شَيْء أدل على تعرف مَا يحدث للْمَرِيض من التَّغَيُّر إِلَى الصّلاح أَو الرداءة من الْمعرفَة بِوَقْت مُنْتَهى الْمَرَض ومنتهى الْمَرَض هُوَ أَشد أوقاته وأصعبه وَالْمَرَض يقتل إِمَّا فِي وَقت تزيده إِذا كَانَ ردياً خبيثاً أَو كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة وَإِمَّا فِي وَقت منتهاه فَأَما فِي وَقت انحطاطه فقد اخْتلف الْأَطِبَّاء فِي ذَلِك.
لى: الْمَرَض لَا يقتل فِي وَقت ابْتِدَائه لِأَنَّهُ لم يبلغ إِلَى الطبيعة بعد وَلَا فِي وَقت انحطاطه لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قد قهر وَغلب وَلَيْسَ يكون فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ موت إِلَّا لعِلَّة بادية أُخْرَى. ج: لما أَرَادَ أَن يعلم كَيفَ يتعرف البحران اضْطر فِي ذَلِك إِلَى أَن يعلم أَولا أَوْقَات الْأَمْرَاض واضطر فِي تعلم أَوْقَات الْأَمْرَاض إِلَى أَن يعلم الِاسْتِدْلَال على تعرف نوع الْمَرَض مُنْذُ أول ابْتِدَائه وَالِاسْتِدْلَال على النضج وَعَدَمه لِأَن الْأَمْرَاض مِنْهَا طَوِيلَة وَمِنْهَا قَصِيرَة لِأَن النضج لَا يكون إِلَّا بِالْقربِ من الْمُنْتَهى فَخص أَكثر الْمقَالة الأولى من كتاب البحران بأوقات الْأَمْرَاض وَالثَّانيَِة بتعرف قَالَ: عَلَامَات النضج إِذا ظَهرت مُنْذُ أول الْمَرَض دلّت على أَن الافراق يكون سَرِيعا وعلامات التّلف إِن كَانَت عَظِيمَة دلّت على أَن التّلف يكون سَرِيعا وَإِن نقصت فعلى أَنه يكون أَبْطَأَ.
3 - (عَلَامَات البحران)
لَيْسَ يجوز أَن تظهر عَلَامَات النضج إِلَّا وَهِي دَالَّة على خير عَظِيم فإمَّا الاستفراغات والخراجات والعلامات الدَّالَّة عَلَيْهَا أَعنِي على هَذِه الاستفراغات وَهِي العلامات الَّتِي تتقدم كَون البحران مذل تغير النَّفس بَغْتَة واختلاط الذِّهْن وسيلان الدُّمُوع والسدر والسبات والسهر والشعاع أَمَام الْعين وَالْكرب ووجع الْفُؤَاد والصداع والوجع فِي عُضْو مَا فَإِنَّهَا تدل على خير وَرُبمَا دلّت على بلَاء عَظِيم.
لى: تدل على بلَاء عَظِيم إِذا كَانَت قبل النضج وَكَانَت عَلَامَات الْهَلَاك مَوْجُودَة وَلَا تدل على قلَّة الِانْتِفَاع بهَا إِذا كَانَت قبل النضج وتدل على خير إِذا كَانَت بعد النضج مَعَ عَلَامَات السَّلامَة.
(5/51)
قَالَ: عَلَامَات البحران إِذا ظَهرت فَلَا بُد أَن يكون بحران إِمَّا جيد وَإِمَّا رَدِيء وَأما عَلَامَات النضج فتدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَا تدل ضَرُورَة على أَن بحراناً يكون لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يتَحَلَّل قَالَ: وَلِأَن الشَّيْء الَّذِي ينْتَفع بِهِ يحْتَاج أَن يكون مَرَّات كَثِيرَة ويؤكد مَا أَقُول أَن عَلَامَات النضج لَا يُمكن أَن تظهر فتدل على شَيْء وَأما عَلَامَات البحران فقد تظهر وتدل على شَرّ وَذَلِكَ أَن عَلَامَات البحران لَا يَنْبَغِي أَن تظهر فِي وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض وَلَا فِي صُعُوده وَإِنَّمَا يجب أَن تظهر فِي وَقت انتهائه قَالَ أَقُول أَنه لم يظْهر قطّ فِي وَقت الِابْتِدَاء.
لى: قد ذكرنَا أَنه إِن لم يكن الِابْتِدَاء فِي بَاب أَوْقَات الْأَمْرَاض عرق وَلَا قيء وَلَا اخْتِلَاف وَلَا رُعَاف فَكَانَ بِهِ بحران للمرض.
لى: أرى أَنه يُرِيد بِهِ بحراناً حميدا أَو تَاما لِأَن هذَيْن لَا يُمكن أَن يَكُونَا فِي أول هَذَا الْوَقْت فَأَما الرَّدِيء والناقص فَغير مُنكر فِي مَا أَحسب.
قَالَ: وَكَذَلِكَ العلامات الدَّالَّة على كَون البحران مثل اخْتِلَاط الذِّهْن والسهر والسبات وَشدَّة الأوجاع وَتغَير النَّفس والدموع والسدر وَنَحْوهَا أَيهَا ظَهرت من غير أَن تكون عَلَامَات النضج قد ظَهرت تدل على أَن الْمَرَض فِي غَايَة الرداءة وَلَا عَلَامَات البحران وَلَا البحران يَنْبَغِي أَن تكون فِي الِابْتِدَاء وَقبل النضج وخاصة إِن لم يكن ظهر نضج الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَأما عَلَامَات النضج فَإِن ظُهُورهَا مَتى ظَهرت وَلَو فِي أول سَاعَة من أول يَوْمه فَإِنَّهَا تدل على خير وعلامات النضج أبدا تدل على شَيْء وَاحِد بِعَيْنِه. فَأَما العلامات المنذرة بالبحران)
وضروب الاستفراغ الَّتِي بهَا يكون بحران فَلَيْسَتْ تدل على حَالَة وَاحِدَة دائمة لَكِنَّهَا رُبمَا دلّت على بحران جيد وَرُبمَا دلّت على بحران رَدِيء وَرُبمَا لم يتبعهَا بحران الْبَتَّةَ لَا جيد وَلَا رَدِيء فَإنَّك إِن رَأَيْت صداعاً واختلاطاً فِي الذِّهْن أَو تغيراً فِي النَّفس أَو كرباً أَو سباتاً فَلَيْسَ تقدر أَن تتقدم فتعلم من هَذِه العلامات شَيْئا تَاما صَحِيحا وَكَذَلِكَ إِن رَأَيْت عرقاً أَو قيئاً أَو اخْتِلَافا أَو بولاً كثيرا أَو دَمًا وَمَا يجْرِي من السفلة أَو ورماً حَادِثا عِنْد الْأذن أَو فِي غَيرهَا من سَائِر الْبدن فَإِن جَمِيع هَذِه الْأَعْرَاض قد نزل على أَن بحراناً قد يكون بِأَعْيَانِهَا فَلَا يدل على بحرانها وَذَلِكَ من وَجْهَيْن: إِمَّا بِأَن لَا يكون بحران أصلا وَإِمَّا أَن يكون بحران رَدِيء ووجع الرّقية وَثقل الصدغين والشعاع أَمَام الْعين والسدر والصداع والدموع بِلَا إِرَادَة وَحُمرَة الْوَجْه الشَّدِيدَة وَحُمرَة الْعين واختلاج الشّفة والسهر والسبات إِنَّمَا هِيَ عَلَامَات فَقَط وَقد يدل فِي بعض الْأَوْقَات على البحران وَكَذَلِكَ الربو وَغَيره من تغير النَّفس وانجذاب المراق إِلَى فَوق والفم الشَّديد والتلهب والعطش والوجع الشَّديد ووجع الْفُؤَاد وَألا يسْتَقرّ بالعليل مضجعه وَأَن يهذي ويصيح فقد تكون هَذِه أَيْضا مرَارًا كَثِيرَة دليلة
(5/52)
على بحران وَأما الْجِنْس الآخر من الْأَعْرَاض وَهُوَ الْبَوْل الْكثير والقيء وَالِاخْتِلَاف والأورام وَنَحْوهَا فقد يكون بهَا البحران وَلَيْسَ يجب ظُهُور العلامات الَّتِي ذكرنَا أَولا وَلَا الَّتِي إِنَّمَا هِيَ عَلَامَات فَقَط للبحران يَعْنِي بالصداع والاختلاط وَمَا قَالَ: وَلَا ظُهُور العلامات الَّتِي ذكرنَا أخيراً وَهِي عَلَامَات البحران عِلّة لَهُ حُدُوث بحران.
لى: قد يظْهر من قَول جالينوس فِي هَذَا الْموضع أَنه تنَاقض وَذَلِكَ أَنه قد قَالَ فِيمَا تقدم: إِن عَلَامَات البحران مَتى ظَهرت حلت فَلَا بُد من بحران.
وَقَالَ: إِلَّا أَن هَذِه الْأَعْرَاض إِنَّمَا تدل فِي بعض الْأَوْقَات على البحران وَلَيْسَ فِيهِ فِيمَا أَحسب بناقض إِلَّا أَن فِيهِ قلَّة بعض الْكَلَام وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْرَاض أَعنِي قلَّة بعض الْكَلَام وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْرَاض أَعنِي السهر والقلق وَحُمرَة الْعين وَالْوَجْه وَنَحْوهَا قد تكون مَرَّات كَثِيرَة هِيَ الْأَمْرَاض أَنْفسهَا لَيْسَ تسْتَحقّ أَن تسمى هَذِه عَلَامَات للبحران إِلَّا إِذا حدثت فِي مرض حاد فِي وَقت ينْتَظر فِيهِ البحران وَإِنَّمَا سميت هَهُنَا عَلَامَات البحران على التساهل لِأَنَّهَا تِلْكَ الْأَعْرَاض فِي النَّوْع لتدل على أَنه لَيْسَ كل كرب وصداع وربو مُنْذر ببحران أَو يكون أبدا دَائِما كَمَا أَنه كل غمامة بَيْضَاء ملساء دَالَّة على النضج وكل بَوْل مائي رَقِيق دَال على عدم النضج أبدا وَكَذَلِكَ الْقَيْء والرعاف وَالِاخْتِلَاف لَيْسَ مَتى وجدت كَانَ بهَا بحران لَكِن مَتى وجدت فِي الْمَرَض حاد على)
شَرَائِطه.
قَالَ: إِن لم تستقص الْمعرفَة بنهاية الْمَرَض لم تخل من خطأ: مرّة فِي تَدْبِير الْغذَاء للعليل وَمرَّة فِي أَن يهولك أَعْرَاض باحورية كَمَا تهول الْعَوام مِمَّا لَا يَنْبَغِي إِذا كَانَت فِي الْوَقْت الْوَاجِب أَن تهولك بل يكون بحران قد حضر وَأَنت لَا تشعر وَمرَّة تطلق الْمَرِيض وَلم يتم لَهُ التَّخَلُّص قَالَ أَصْنَاف العلامات كلهَا ثَلَاثَة: النضج وَعَدَمه وَهَذِه تظهر فِي الْبَوْل والنفث وَالْبرَاز وَهِي أبداُ ثَابِتَة بِحَالِهَا فِي جَمِيع أَوْقَات الْمَرَض: إِمَّا على النضج وَإِمَّا على عَدمه وعلامات التّلف والسلامة: وَهَذِه تظهر فِي الْبَوْل وَالْبرَاز والنفث وَفِي حالات الْبدن كُله مثل خفَّة الْمَرَض على الْمَرِيض وَحَال وَجهه ومضجعه أَو فِي الأفاعيل الطبيعية والنفسية بجودة الشَّهْوَة أَو رداءتها أَو جودة الْفِعْل أَو رداءته وَلَيْسَ جَمِيع هَذِه العلامات ثَابِتَة فِي صِحَة الدّلَالَة فِي جَمِيع أَوْقَات الْمَرَض وسنحصيها فِي بَاب تقدمة الْمعرفَة.
وعلامات البحران وَهَذِه جِنْسَانِ: مِنْهَا مَا هُوَ عَلامَة للبحران فَقَط وَمِنْهَا مَا هُوَ سَبَب لَهُ.
لى: يُرِيد بِالْأولِ مثل الكرب وَحُمرَة الْوَجْه وَبِالثَّانِي مثل الْقَيْء والرعاف وَكلهَا غير ثَابت الدّلَالَة وَلكنهَا تدل فِي الْأَوْقَات الْمُخْتَلفَة من الْأَمْرَاض على أَشْيَاء متضادة وملاك تقدمة الْمعرفَة هُوَ بِهَذِهِ العلامات وَذَلِكَ أَنَّهَا فِي وَقت وَحَالَة تدل على البحران وتفعله وَفِي وَقت آخر لَا تدل عَلَيْهِ وَلَا تَفْعَلهُ وَفِي وَقت تكون عَلَامَات ردية وَلذَلِك قَالَ أبقراط: إِن الْأَعْرَاض الَّتِي تكون فِي وَقت البحران إِذا ظَهرت ثمَّ لم يكن بحران رُبمَا دلّت على الْمَوْت
(5/53)
وَرُبمَا دلّت على أصل البحران فَأَما أُولَئِكَ فَإِنَّهُم لَا يعْرفُونَ ابْتِدَاء الْمَرَض فيهم فهم من قبل تِلْكَ لَا يحسون أَن يميزوا بَين تغير النَّفس لى: يُرِيد بِالِابْتِدَاءِ الِابْتِدَاء الصناعي الَّذِي حَده ظُهُور عَلَامَات النضج الَّذِي قد ظهر فِي بَاب أَوْقَات الْأَمْرَاض فَيَقُول: إِن الَّذين لَا يعْرفُونَ زمَان الْمَرَض لَا يعْرفُونَ بَين مَا يدل عَلَيْهِ هَذِه الْأَعْرَاض فِي وَقت دون وَقت لِأَن هَذِه الْأَعْرَاض تدل فِي زمَان دون زمَان على شَيْء دون شَيْء.
قَالَ: أما فِي الْيَوْم الأول من الْمَرَض إِنَّمَا يقْصد إِلَى أَن يعلم هَل يَأْتِي بحران الْمَرَض فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض وَفِي الْأَرْبَعَة الثَّانِيَة وَلَيْسَ يَنْتَهِي فِي الْيَوْم الأول: هَل يَأْتِي البحران فِي الرَّابِع عشر وَلَا يدْخل من هَذَا ضَرَر بَين على العليل فِي تَدْبيره كَمَا يدْخل إِذا كَانَ البحران يَأْتِي فِي الرَّابِع ودبرت العليل تَدْبِير من يَجِيئهُ البحران فِي الْأَرْبَعين فَإِن هَذَا فِي غَايَة الرداءة وكل طَبِيب لَا يتَقَدَّم)
مِنْهُ أول يَوْم أَو فِي الْيَوْم الثَّانِي فَيعرف الْمَرَض الَّذِي لَا يُمكن أَن يُجَاوز الْأُسْبُوع الأول فَإِنَّهُ يُخطئ على الْمَرِيض خطأ عَظِيما.
قَالَ: أنزل أَنَّك إِن رَأَيْت مَرِيضا لم يتَبَيَّن فِي الْيَوْم الأول من مَرضه شَيْء من عَلَامَات الْخطر فِيهِ بل ظَهرت عَلَامَات السَّلامَة وَحمى حادة سريعة الْحَرَكَة وبال بولاً حسن اللَّوْن معتدلاً فِي اللحظ أَقُول: إِن الَّذِي تفقد أَعمال الطِّبّ يعلم أَن هَذِه ثَابِتَة البحران نَحْو الرَّابِع وَلَا سِيمَا إِن ظَهرت فِي بَوْله غمامة محمودة طافية أَو مُتَعَلقَة أَو راسبة وخاصة إِن كَانَت راسبة وَكَذَلِكَ إِن كَانَت هَذِه الْحمى على حدتها خبيثة ردية أَنَّهَا تقتل نَحْو الرَّابِع والحمى الَّتِي هِيَ دون هَذِه السرعة سرعَة الْحَرَكَة تنقضى نَحْو السَّابِع وَيَنْبَغِي أَن تتعرف عَلَامَات السَّلامَة والخبث من تقدمة الْمعرفَة فَإنَّك إِن لم تقدم ذَلِك لم تقدر على مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي تَمْيِيز الحميات فَأنْزل أَيْضا أَنَّك رَأَيْت محموماً بَوْله مائي فِي الْيَوْم الأول وحركة حماه ضَعِيفَة أَقُول إِن هَذَا الْمَرَض يطول إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض أَن تعلم كم مِقْدَار تطاوله وَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك أَيْضا صَاحبه ضَرُورَة لِأَنَّك قدعلمت كَيفَ يقدر الْغذَاء فتقدره بِحَسب مرض لَا يَأْتِي بحرانه إِلَّا بعد أيامكثيرة فَإِن تفقدت بعد ذَلِك العلامات الَّتِي تظهر كل أَرْبَعَة أَيَّام.
لى: أَن تتقدم فتعلم مَتى يكون مُنْتَهى الْمَرَض بِالْحَقِيقَةِ فتعرفك الْحَال فِي الْيَوْم الثَّانِي يكون أبين وَذَلِكَ أَن الْحمى وَالْبَوْل إِن لبثا على مَا هما عَلَيْهِ قدرت أَن تعلم أَن الْمَرَض لَا يَأْخُذ فِي الصعُود قبل السَّابِع فضلا عَن أَن تَقول إِن الْمَرَض لم يَأْخُذ فِي الصعُود.
قَالَ: وَأنزل أَن مَرِيضا بِهِ ذَات الْجنب لَا ينفث شَيْئا ويبول بولاً رَقِيقا إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن فَبَدَأَ ينفث نَحْو الْحَادِي عشر إِلَّا أَن الَّذِي ينفثه رَقِيق غير نضج.
لى: هَهُنَا نُكْتَة على مَا تعلم إِلَّا أَن الَّذِي أَنه أصلح هَذَا الْموضع فَأَنا قد كتبناه على وَجهه فِي بَاب أزمان الْأَمْرَاض غير نضيج. أَقُول: إِن هَذَا الْمَرَض لَا يَنْبَغِي إِن ينْتَظر لَهُ بحران لِأَن هَذَا الْوَقْت إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاء مَرضه بعد
(5/54)
فتفقد الْحَال فِي الرَّابِع عشر وَانْظُر هَل هُوَ مُوَافق لما دلّ عَلَيْهِ الْحَادِي عشر فَإِن رَأَيْت فِي الرَّابِع عشر عَلامَة نضج أقوى بذلك وَإِلَّا فالحال قَائِمَة بِالْحَال الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ فتفقد بعد ذَلِك فِي السَّابِع عشر من قبل أَن السَّابِع عشر مُنْذر بالعشرين فَأنْزل أَنه ينفث فِي السَّابِع عشر شَيْئا يَسِيرا نضيجاً أَقُول إِنَّه قد يُمكن أَن يكون لهَذَا الْمَرَض بحران مَا فِي الْعشْرين إِلَّا أَنه لَا يُمكن أَن يكون لهَذَا الْمَرَض بحران تَامّ إِذا كَانَ هَكَذَا وَذَلِكَ)
من قبل أَنه لَيْسَ لأيام الْإِنْذَار الْمُتَأَخِّرَة مَا لأيام الْإِنْذَار الْمُتَقَدّمَة للمتقدمة من الْقُوَّة وَلَا لأيام البحران الْمُتَأَخِّرَة مَا للمتقدمة من الْقُوَّة وَلَكِن الأولى أقوى وَمن تطاول بِهِ الْمَرَض صَارَت هَذِه فِيهِ أَضْعَف فَيحْتَاج الْمَرَض إِذا كَانَ قد تطاول وَلَا سِيمَا إِن كَانَ بعد من النضج بعدا شَدِيدا أَن يحدث فِيهِ من يَوْم الْإِنْذَار تغير عَظِيم كَمَا يتَوَقَّع فِي يَوْم بحران يوثق بِهِ والتغير الْعَظِيم هُوَ إِمَّا بالبول وَإِمَّا بالنفث الَّذِي قد نضج نضجاً تَاما وَلَكِن لِأَن التَّغْيِير فِي السَّابِع عشر لم يكن تَاما فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون بحران تَامّ فِي الْعشْرين لكنه قد يُمكن أَن يكون فِيهِ تغير قوي ثمَّ يكون البحران فِي آخر الْأَيَّام الثَّالِثَة للعشرين.
قَالَ: وَجَمِيع مَا ذكرنَا يُؤْخَذ ذَلِك فِي المرضى مِثَال ذَلِك الْمَرِيض الَّذِي ذكره أبقراط فِي الثَّالِثَة من إفيذيميا واسْمه إكسير فَإِنَّهُ قَالَ: اعترته حمى حارة ووجع فِي الأضلاع فِي الْأَيْمن دَائِم وَكَانَ يسعل سعالاً يَابسا وَلَا ينفث شَيْئا وَكَانَ بِهِ عَطش وسهر وَكَانَ بَوْله حسن اللَّوْن رَقِيقا كثيرا وَهَذِه فِي الْيَوْم السَّادِس وَلم يخف وَجَعه بالتكميد وألحقه الوجع فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَن حماه تزيدت والسعال وَتغَير نَفسه ففصدته فِي الثَّامِن فَخرج مِنْهُ دم كثير على مَا كَانَ يَنْبَغِي فخف الوجع إِلَّا أَن السعال كَانَ بِحَالهِ من اليبس ثمَّ إِن الْحمى خفت فِي الْحَادِي عشر وعرق مَا يَلِي رَأسه عرقاً يَسِيرا وقدف بالسعال أرق مِمَّا يَنْبَغِي ثمَّ أَنه فِي السَّابِع عشر ابْتَدَأَ ينفث شَيْئا نضجاً يَسِيرا وخف بدنه ثمَّ عرق فِي الْعشْرين وأقلعت الْحمى وخف بدنه بعد البحران إِلَّا انه كَانَ يعطش وَكَانَ مَا يقذفه غير مَحْمُود ثمَّ عاودته الْحمى فِي السَّابِع وَالْعِشْرين وسعل وَنَفث شَيْئا نضجاً وَظهر فِي بَوْله ثفل راسب كثير أَبيض وَسكن عطشه ونام ثمَّ إِنَّه فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ عرق بدنه كُله وأقلعت حماه وَتمّ لَهُ البحران فَجَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ مَوْجُود فِي هَذَا الْمَرِيض. وَقد ذكر بَوْله مرَّتَيْنِ وَذَلِكَ أَنه كَانَ فِي الِابْتِدَاء حسنا وَهَذَا يدل على نضج خَفِي ثمَّ بَال فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين بولاً فِي غَايَة النضج فَلذَلِك أَصَابَهُ بحران نَاقص كَمَا قُلْنَا أَنه يجب أَن يكون كَذَلِك لِأَنَّهُ فِي السَّابِع عشر ابْتَدَأَ نفث نفثاً نضجاً يَسِيرا وَلم يتم لَهُ البحران يَوْم الْعشْرين لِأَنَّهُ لم يكن النضج قد استحكم لَا فِي الْيَوْم الأول وَلَا فِي الرَّابِع فَلذَلِك عاوده الْمَرَض كَمَا قَالَ أبقراط إِن البقايا بعد البحران النَّاقِص يجلب عودة ثمَّ إِنَّه فِي السَّابِع وَالْعِشْرين ظهر النضجان كَامِلين فِي الْبَوْل والنفث فَلذَلِك سكن الْعَطش وَإِنَّمَا عاودته الْحمى ثَانِيَة لِأَن الْفضل الَّذِي بَقِي بعد البحران النَّاقِص فِي الْعشْرين لما سخن وقارب نضجه ولّد الْحمى وَمِمَّا يعلم بِهِ أَن سخونته وفوراته كَانَت تعْمل)
(5/55)
الْحَرَارَة الغريزية فِيهِ لَا يعْمل حرارة طبيعة الْحمى طبيعة الْأَيَّام الَّتِي يتَبَيَّن فِيهَا الْعَمَل وَذَلِكَ أَنه ابْتَدَأَ فِي الْحَادِي عشر تغير مَحْمُود إِلَّا أَنه ضَعِيف خَفِي ثمَّ ظهر فِي السَّابِع عشر عَلامَة أبين من الأولى تدل على النضج ثمَّ أَتَى فِي الْعشْرين بحران نَاقص ثمَّ ظهر فِي السَّابِع وَالْعِشْرين النضج التَّام وَثمّ البحران فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فَكَانَ انْقِضَاء الْمَرَض فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فَكَانَ انْقِضَاء الْمَرَض فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من بعد كَمَال النضج فَخرج الْفضل الْفَاعِل للحمى بالبول وَالْفَاعِل لوجع الصَّدْر بالنفث.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تكون حَافِظًا أبدا للنضج الضَّعِيف وَعدم النضج وَكَمَال النضج فَإِن عدم النضج كَانَ فِي هَذَا العليل إِلَى الْحَادِي عشر والنضج الْخَفي كَانَ فِيهِ فِي الْحَادِي عشر والنضج الْكَامِل الْبَين فِي السَّابِع وَالْعِشْرين ثمَّ إِنَّه من بعد هَذَا الْيَوْم بسبعة أَيَّام انْقَضى الْمَرَض وَهَذَا الْوَقْت كُله كَانَ وَقت مُنْتَهى الْمَرَض.
قَالَ: وَلَو ظهر البزاق الَّذِي ظهر فِي السَّابِع وَالْعِشْرين فِي الْأَيَّام الأول من مَرضه يَعْنِي الثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع مَعَ بَوْل فِيهِ رسوب مَحْمُود لما كَانَ يتَجَاوَز الْمَرَض الْأُسْبُوع الأول كَمَا قَالَ أبقراط: قَالَ: إِذا ظَهرت عَلَامَات النضج الْبَين وَجَاء تزيد الْمَرَض فَإِنَّهُ يجوز أَن يحدث فِي هَذَا الْوَقْت بحران وَيجوز أَن يُمْهل الْمَرَض حَتَّى يَنْتَهِي برداءة الْمَرَض وَسُرْعَة حثه كَانَ عسيراً خبيثاً وَقد يكون فِي تزيد الْمَرَض لكنه لَا يكون تَاما أَيْضا وَإِنَّمَا كَانَ بعد انْتِهَاء الْمَرَض تَاما كَامِلا.
الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: الحميات المحرقة الَّتِي لَا تفتر الْبَتَّةَ الَّتِي فِي غَايَة الحدة لَا يُجَاوز بحرانها السَّابِع وَالْغِب الْخَالِصَة لَا تجَاوز سَبْعَة أدوار فَأَما البلغمية وَالرّبع فَإِنَّهُمَا طويلتان.
قَالَ: البحران إِنَّمَا يكون فِي الحميات الحادة وَفِي الأورام الحارة السريعة الْحَرَكَة الكائنة فِي أَعْضَاء خطرة وَأما حمى يَوْم والدق فَإِنَّهُمَا لَا يكون تغيرهما مَعَ بحران.
لى: وَكَذَلِكَ الرّبع والبلغمية فِي الْأَكْثَر.
قَالَ: إِن أَحْبَبْت أَن تعلم مَا يكون من التَّمْيِيز دفْعَة فَلَا بُد لَك أَن تعرف ابْتِدَاء الْمَرَض وتزيده ومنتهاه وانحطاطه فِي وَقت حُضُور كل وَاحِد مِنْهُمَا وَقبل حُدُوثه مَتى يحدث وَقبل انقضائه مَتى يَنْقَضِي.
الثَّالِثَة قَالَ: التَّغَيُّر فِي الْمَرَض سِتَّة أنحاء وَذَلِكَ أَنه إِمَّا أَن ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة دفْعَة وَإِمَّا أَن يقتل دفْعَة وَإِمَّا أَن ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا قَلِيلا وَإِمَّا إِلَى الْمَوْت قَلِيلا قَلِيلا وَإِمَّا أَن يجْتَمع فِيهِ)
الْأَمْرَانِ ويؤول إِلَى الصِّحَّة وَإِمَّا أَن يجْتَمع فِيهِ الْأَمْرَانِ ويؤول إِلَى الْمَوْت.
وأعني بِقَوْلِي ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا قَلِيلا أَي ينقص الْمَرَض شَيْئا بعد شَيْء واعني بِقَوْلِي يقتل قَلِيلا قَلِيلا أَي تنْحَل قُوَّة الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يَمُوت وأعني بقول يجْتَمع فِيهِ الْأَمْرَانِ ويؤول إِلَى الصِّحَّة أَن يَنْقَلِب الْمَرِيض دفْعَة إِلَى مَا هُوَ أمثل ثمَّ تنتقص
(5/56)
بقاياه مُنْذُ ذَلِك قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تَنْقَضِي وأعني بِقَوْلِي يجْتَمع الْأَمْرَانِ وَيَمُوت أَي ينْتَقل دفْعَة إِلَى مَا هُوَ أردى ثمَّ يزِيد قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن يقتل.
قَالَ: وَأَنا واصف أَولا التَّغَيُّر الَّذِي يكون دفْعَة إِلَى الصِّحَّة لِأَن هَذَا النَّحْو أفضل جَمِيع الأنحاء وَلذَلِك يخص باسم البحران مُطلقًا دون الأنحاء الْبَاقِيَة وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون عِنْد علته الطبيعية بِالْحَقِيقَةِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء الْخَارِجَة من الطبيعة وَأما سَائِر أنحاء التَّغْيِير فَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء يُسمى بحراناً بقول مُطلق وَذَلِكَ أَن الانقلاب إِلَى الْمَوْت الْخَبيث إِنَّمَا يُسمى بحراناً ردياً وَأما التَّغَيُّر الَّذِي يمِيل فِيهِ الْمَرَض ميلًا بَينا إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَوْت وَلَا يتم بِهِ أَخذ الْأَمريْنِ فيسمى بحراناً نَاقِصا وَأما التَّغَيُّر الَّذِي يكون قَلِيلا قَلِيلا إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَوْت فَلَا يُسمى بحراناً.
قَالَ: والتغير الْخَبيث الَّذِي يكون إِلَى الصِّحَّة لَا يكون إِلَّا باستفراغ الْبَين أَو خراج عَظِيم وكل مرض يسكن بِغَيْر هذَيْن فَإِنَّهُ يعاود أَخبث مِمَّا كَانَ ويتقدم الاستفراغ وَظُهُور الْخراج اضْطِرَاب شَدِيد وَذَلِكَ أَنه يعرض للْمَرِيض قلق وأرق واختلاط فِي الذِّهْن وسبات وَتغَير فِي النَّفس ودوار وَثقل فِي الْجِسْم وصداع وأوجاع فِي الرَّقَبَة وَفِي الْمعدة وَفِي مَوَاضِع أُخْرَى كَثِيرَة ويعرض أَحْيَانًا طنين ودوي فِي الْأذن وَيرى أَمَامه شَبِيها بالشعاع وتجري دُمُوعه بِلَا إِرَادَة ويحتبس بَوْله وتختلج شفته ويصيبه فِي عُضْو دون عُضْو رعشة ويعرض لَهُ نِسْيَان وينكر معرفَة من حضر وَمَا يرى ويصيبه نافض شَدِيد ويتقدم نوبَة حماه فِي أَكثر الْأَمر ويصيبه تلهب شَدِيد وعطش غير مُحْتَمل ويصيح ويثب كالهائم ويستقر مضجعه ثمَّ ينبعث مِنْهُ دفْعَة عرق غزير أَو قيء أَو اخْتِلَاف أَو دم أَو اثْنَتَانِ من هَذِه أَو كلهَا مَعًا وَعند هَذِه الْحَال يهول الْجُهَّال مَا يرَوْنَ وَلَا يهول الطَّبِيب إِذا كَانَ قد علم مَا تؤول الْحَال إِلَيْهِ.
تعرف البحران الْجيد والردى قَالَ: أول مَا يَنْبَغِي أَن ينظر فِيهِ النضج فَإِنِّي قد رَأَيْت مل لَا أحصيه من المرضى كَثْرَة فَلم أر احداً مَاتَ مِمَّن أَتَاهُ البحران بعد النضج وَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي النضج من فضول الْعُضْو الَّذِي فِيهِ الْعلَّة وَتجْعَل أَكثر قصدك إِلَى ذَلِك فَأول العلامات الدَّالَّة على)
جودة البحران الْحَاضِر وَأَعْظَمهَا النضج والعلامة الثَّانِيَة أَن يكون فِي يَوْم باحوري قد سبق فَأَنْذر بِهِ يَوْم إنذار مواصل لَهُ فِي وقته ثمَّ بعد ذَلِك طبيعة الْمَرَض وسجيته أَعنِي طبيعة الْمَرَض: أَن يكون حمى غب أَو محرقة أَو ذَات الْجنب أَو نائبة كل يَوْم أَعنِي بسحنته: سهلاً سليما أَو ردياً أَو خبيثاً ثمَّ بعد هَذِه أَن تكون أَيَّام البحران مشاكلة لطبيعة الْمَرَض فَإِن الْحمى إِن كَانَت محرقة فَالْوَاجِب أَن يكون أَيَّام البحران برعاف أَو يُصِيب الْمَرِيض نافض قوى ثمَّ يعرق عرقاً حاراً غزيراً شَامِلًا للبدن كُله وينقى وَيخْتَلف مرَارًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْحمى غبا فَوَاجِب أَن يكون بحرانها يَفِي مرَارًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ اخْتِلَاف مِنْهُ أَو عرق كثير فِي الْبدن كُله وَإِن كَانَت النائبة كل يَوْم فَوَاجِب أَن يستفرغ بلغماً كثيرا من الْبدن كُله وَإِن كَانَت الْحمى مَعَ ورم حَار فِي
(5/57)
الدِّمَاغ فقد يكون بحرانها بعرق مَحْمُود وخاصة إِن جرى من الرَّأْس من الْعرق شَيْء كثير حَار وعرق الْبدن كُله وَيكون فِي هَذِه الْعلَّة الرعاف بحراناً وَلَيْسَ الرعاف فِي الْحمى الَّتِي مَعَ ورم بَارِد فِي الدِّمَاغ وَلَا الْحمى الَّتِي مَعَ ورم الرئة فَأَما ذَات الْجنب فَإِنَّهَا متوسطة بَين الْحَالين وَذَلِكَ أَن انقضاءها بالرعاف أقل من انْقِضَاء الْحمى المحرقة وَالَّتِي من ورم الدِّمَاغ الْحَادِثَة وَأكْثر مَا تَنْقَضِي الْحمى المحرقة مَعَ ورم الدِّمَاغ الْحَار وَأكْثر من انْقِضَاء الْحمى الَّتِي تكون مَعَ ورم الرئة وَالَّتِي تكون مَعَ ورد بَارِد فِي الدِّمَاغ وَقد تَنْقَضِي أَيْضا الأورام الحارة فِي الكبد وَالطحَال بالرعاف إِذا كَانَ مَعهَا حمى حادة وَيكون بالرعاف أَيْضا بحران لجَمِيع الأورام الحارة الَّتِي تحدث فِي مَا دون الشراسيف إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن يكون الرعاف من الشق الَّذِي فِيهِ لورم وَقد ينْتَفع أَيْضا بالعرق الْجيد من بِهِ ورم فِيمَا دون الشراسيف فَأَما الكبد فَمَتَى كَانَ الورم مِنْهَا فِي الْجَانِب المحدب فَأكْثر مَا يكون بحرانه بِأحد ثَلَاثَة أَشْيَاء: إِمَّا بالرعاف من المنخر الْأَيْمن وَإِمَّا بعرق مَحْمُود وَإِمَّا ببول مَحْمُود. وَمَتى كَانَ فِي الْجَانِب المعقر فبحرانه يكون إِمَّا باخْتلَاف مرار وَإِمَّا بعرق وَرُبمَا كَانَ بقيء وَأما مَتى كَانَ فِي الكلى والمثانة وَجَمِيع مَا يَليهَا فبحران أوجاعها أول مَا يكون بالبول وَأما الصَّدْر والرئة وَمَا يَليهَا فبالنفث أول بحران عللها وَأما الْعرق فَلِكُل جَمِيع الحميات خَاصَّة مَا كَانَ شَدِيد الالتهاب محرقاً وَقد ينْتَفع بِهِ نفعا عَظِيما الأورام الملتهبة إِذا كَانَ بعد نضجها وَقد يكون للحمى النائبة فِي كل يَوْم قيء البلغم واختلافه وَالرّبع أَيْضا إِن استفرغ مَعهَا من الْبدن شَيْء أسود أَو أخلاط ألوانها مُخْتَلفَة وللحمى الْمُسَمَّاة اسطريطاوس إِذا كَانَ مَعهَا استفراغ مرار وبلغم وَقد يكون بحران ليثرغسوجميع علل الرَّأْس بورم يحدث فِي أصل)
الْأذن وَيكون بحران يوثق بِهِ أَيْضا بِجَمِيعِ الحميات المتطاولة بالخراجات وَذَلِكَ أَن التَّغَيُّر الَّذِي يحدث دفْعَة إِنَّمَا هُوَ خَاص بالأمراض الحادة وَانْظُر فِي هَذَا: فِي سنّ الْمَرِيض وعادته وبلده وتدبيره وَالْوَقْت فَإِن كَانَت هَذِه كلهَا تعين على توليد الصَّفْرَاء فَيَنْبَغِي أَن يكون الاستفراغ مِنْهُ: وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي غَيره فَإِن كَانَ الْغَالِب على الْبدن أخلاطاً مُخْتَلفَة فَيَنْبَغِي أَن يكون الاستفراغ أخلاطاً مُخْتَلفَة فَإِذا تفقدت هَذِه الْأَشْيَاء فتفقد مَا يؤول إِلَيْهِ الْحَال بعد حُدُوث البحران فَإِن رَأَيْت الْحمى قد أقلعت وهدأت الْأَعْرَاض وازداد لَونه حسنا وَحسن نبضه وزادت قوته علمت أَن هَذَا أفضل مَا يكون من البحران فَإِن نقص شَيْء من هَذِه العلامات فنقص ذَلِك البحران عَن لأَفْضَل البحران على حسب قُوَّة العلامات الَّتِي نقصت فَبِهَذَا الطَّرِيق يَنْبَغِي أَن تتعرف حَال البحران وَقت حُضُوره.
فِي تعرف البحران قبل حُضُوره: فَانْظُر فِي طبيعة الْمَرَض هَل هُوَ متولد عَن الصَّفْرَاء أَو عَن البلغم أَو عَن السَّوْدَاء أَو هُوَ مختلط ثمَّ انْظُر فِي الْوَقْت الْحَاضِر وَفِي سنّ العليل وَجَمِيع الْحَاضِر وَفِي سنّ العليل وَجَمِيع الْأَشْيَاء الْأُخَر ثمَّ انْظُر بعد ذَلِك فِي أدوار النوائب إِن كَانَت تنوب أَو لَا تنوب مثل سونوخس فَإِن النوائب مَتى كَانَت
(5/58)
تسرع حركتها وتتقدم أَكثر مِمَّا تقدّمت وتصعب أَكثر ثمَّ كَانَت تنوب غبا دلّت على أَن البحران يَأْتِي بِسُرْعَة وَإِن كَانَت النوائب تبطئ فِي حركتها وتبتدئ فِي وَقت وَاحِد وتنوب فِي كل يَوْم فالبحران يجْرِي فِي زمَان طَوِيل من بعد هَذِه الْأَشْيَاء فالنظر فِي النضج من أعظم العلامات وأقواها وَيَنْبَغِي أَن تتفقد خَاصَّة من أَمر النضج التَّغَيُّر الْقوي فَإِن التَّغَيُّر إِن حدث فِي يَوْم إنذار دلّ على أَن خُرُوج الْمَرِيض من علته فِي يَوْم البحران الَّذِي يتَّصل بذلك الْيَوْم من أَيَّام الْإِنْذَار.
قَالَ: وَلَيْسَ الْحَال فِي احْمَد البحران فِي مَعْرفَته قبل أَن يكون كالحال فِي سَائِر أَصْنَاف البحران وَذَلِكَ أَن البحران الردي والناقص إِنَّمَا يُوصل إِلَى مَعْرفَته بحدس مقرب فَأَما البحران الْجيد فَإِنَّهُ يعرف بِعلم ثَابت صَحِيح وَذَلِكَ أَن جَمِيع العلامات تظهر فِي الْمَرَض الَّذِي يَأْتِي فِيهِ احْمَد البحران مُنْذُ أول الْمَرَض وَهِي بعيدَة من الْخطر وَإِن كَانَت فِي غَايَة الْكَمَال من هَذِه الْحَال جَاءَ البحران فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام من الْمَرَض. 3 (البحران الْعسر الْمخوف وبالضد) قَالَ: إِنَّمَا يمكنك أَن تعلم هَل يكون البحران بِقُوَّة جهد شَدِيد أَو يكون سَاكِنا ضَعِيفا من مِقْدَار الْقُوَّة وحركة الْمَرَض وسحنته وَقد يَنْبَغِي لَك مُنْذُ أول الْأَمر أَن ترتاض فِي تعرف هَذَا على الِاسْتِقْصَاء حَتَّى يمكنك أَن تعرف ذَلِك بسهولة وسحنة الْمَرِيض تعرف من العلامات الَّتِي وصفهَا أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة وتضم إِلَيْهَا عَلَامَات النضج وَمِقْدَار الْقُوَّة وحركة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنَّك تَجِد حمى لينَة ضَعِيفَة وَهِي خبيثة مَعَ ذَلِك جدا وَقد تَجِد حمى محرقة حارة يعرض مَعهَا للْمَرِيض غم والتهاب وعطش غير مُحْتَمل وَهِي مَعَ ذَلِك سليمَة لَا خطر فِيهَا وَقد ذكرنَا حَرَكَة الْمَرَض فِي بَاب أزمان الْأَمْرَاض.
قَالَ: أَقُول: إِنَّك تقدر أَن تعلم أيسلم العليل أم يَمُوت إِذا نظرت فِي طبيعة الْمَرَض وسحنته وَفِي قُوَّة العليل وَأول مَا تتفقد من هَذِه سحنة الْمَرِيض وتقدر أَن تعلم أتكون السَّلامَة أَو الْمَوْت ببحران أَولا من حَرَكَة الْمَرِيض وَمن مِقْدَار قوته ثمَّ من طَبِيعَته وَمن الْوَقْت الْحَاضِر وَمَا أشبهه من عَلَامَات البحران.
لى: لِأَن حُضُورهَا ينذر ببحران وبالضد.
مِثَال قَالَ: أنزل أَنَّك مَتى رَأَيْت مَرِيضا قد ظهر فِي أول يَوْم من مَرضه عَلَامَات السَّلامَة فِي غَايَة الْبَيَان أَقُول إِن مَرضه يَنْقَضِي قبل الرَّابِع ونقدر أَن نعلم هَل يكون قبله بحران أم لَا من قُوَّة الْمَرَض وَضَعفه فَإِن الْمَرَض إِن كَانَ قَوِيا عَظِيما كَانَ نقصانه ببحران وبالضد وَتعلم فِي أَي يَوْم يكون البحران من حَرَكَة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت الْحمى مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة وَلم يعرض للْمَرِيض خطأ فتوقع البحران فِي الرَّابِع فَإِن كَانَت دائمة إِلَّا أَنَّهَا لَيست مُتَّصِلَة لَكِنَّهَا مِمَّا يفتر فِي وَقت فَانْظُر فِي مِقْدَار قوتها وَفِي حركتها وَذَلِكَ انه
(5/59)
يُمكن أَن يكون فِي الثَّالِث وَيُمكن فِي الْخَامِس أما فِي الثَّالِث فَإِذا كَانَ الْمَرَض عَظِيما وَكَانَت حركته سريعة وَأما فِي الْخَامِس فَإِذا كَانَ أقل عظما حركته أقل سرعَة وَذَلِكَ أَنه يجب أَن يرى فِي البحران نوبَة الْحمى وَأما إِن يَجِيء البحران فِي يَوْم الرَّاحَة فَلَا يكَاد يكون إِلَّا فِي الندرة حَتَّى أَنِّي لم أره إِلَّا مرّة فَقَط وَهَذِه هِيَ الْعلَّة كَمَا ذكرت فِي كتاب أَيَّام البحران فِي انْتِقَال البحران كثيرا على الرَّابِع إِلَى الثَّالِث إِلَى الْخَامِس وَذَلِكَ أَن الْمَرَض الَّذِي يَأْتِي فِيهِ البحران بِهَذِهِ السرعة فِي غَايَة الْجَوْدَة لَا محَالة والحمى فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الحدة لَا بُد أَن تكون إِمَّا مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة وَهِي سونوخوس وَإِمَّا أَن تكون)
غير مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة لَكِن تشتد غبا والحمى الْمُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة تعرض أقل مِمَّا تعرض الدائمة الَّتِي تنوب غبا وَإِذا كَانَت الْحمى مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة ثمَّ لم يعرض للْمَرِيض عَارض من خطأ فالبحران يَأْتِي فِي الرَّابِع لِأَن الطبيعة حِينَئِذٍ تتحرك للبحران على أدوارها الخاصية وَقل مَا يكون أَلا يعرض للْمَرِيض خطأ فَأَما الْحمى الدائمة الَّتِي تشتد غبا فَلِأَن البحران إِنَّمَا يكون مَعَ نوبَة الْحمى فَوَاجِب أَن يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الثَّالِث أَو فِي الْخَامِس وَرُبمَا أَتَى فِيهَا فِي الرَّابِع إِلَّا أَن ذَلِك يكون إِذا كَانَت النّوبَة الَّتِي أَتَت فِي الثَّالِث تبقى مِنْهَا بَقِيَّة فِي الرَّابِع وَذَلِكَ أَن النّوبَة الَّتِي تبتدئ فِي السَّاعَة الْحَادِيَة عشرَة فِي الْمثل من الْيَوْم الثَّالِث يَأْتِي البحران فِيهَا إِمَّا فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة وَإِمَّا فِي الْيَوْم الرَّابِع فِي النَّهَار.
أَقُول: إِنَّك مَتى رَأَيْت فِي أول يَوْم من أَيَّام الْمَرَض عَلامَة بَيِّنَة تدل على النضج وَإِذا كَانَت كَذَلِك فَلَا بُد أَن تكون سَائِر العلامات بعيدَة من الْخطر فَاعْلَم علما يَقِينا أَن انْقِضَاء ذَلِك الْمَرَض يكون قبل أَن يُجَاوز الرَّابِع فَإِذا نظرت مَعَ ذَلِك فِي مِقْدَار قُوَّة الْمَرَض علمت مَعَ ذَلِك هَل يكون انقضاؤه ببحران أم لَا فَإِذا نظرت فِي حَرَكَة الْمَرَض علمت مَعَ ذَلِك هَل يكون انقضاؤه ببحران أم لَا فَإِذا نظرت فِي حَرَكَة الْمَرَض علمت هَل يَنْبَغِي لَك أَن تتَوَقَّع البحران فِي الثَّالِث أَو فِي الرَّابِع أَو فِي الْخَامِس وَذَلِكَ أَنَّك إِن وجدته يَتَحَرَّك حَرَكَة سريعة جدا فتوقع البحران فِي الثَّالِث وَإِن كَانَ فِي حركته إبطاء فتوقع البحران فِي الرَّابِع ويعين على سرعَة مَجِيء البحران قُوَّة الْمَرَض وَالْوَقْت الْحَاضِر من أَوْقَات السّنة والبلد وَالسّن والمزاج وَسَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي ذَكرنَاهَا قبل إِذْ كَانَت كلهَا مِثَال ذَلِك: انه إِن كَانَ الْوَقْت الْحَاضِر صيفاً وَكَانَ الْمَرِيض شَابًّا وطبيعته الْحَرَارَة ومرضه من إقلال الطَّعَام وَكَثْرَة التَّعَب وَاسْتِعْمَال الْأَطْعِمَة والأشربة الَّتِي تولد الصَّفْرَاء كَانَت هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا مُعينَة على أَن يكون البحران فِي الْيَوْم الثَّالِث وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مزاج الْوَقْت الْمُتَقَدّم والحاضر شَدِيد اليبس وَكَانَ الْبَلَد الَّذِي مرض فِيهِ ذَلِك الْمَرِيض حاراً فَإِن رَأَيْت مَعَ هَذَا فِي هَذَا الْوَقْت مرضى كثيرين قد أَتَاهُم البحران فِي الثَّالِث كَانَ حدسك أصح وأوكد فَإِن اجْتمعت أضداد هَذِه كلهَا وَهُوَ أَن تكون حَرَكَة الْمَرَض أَبْطَأَ وقوته أَضْعَف
(5/60)
وَالْوَقْت شتاء والمزاج بلغمي وَكَذَلِكَ السن فنوع البحران مَعَ النّوبَة الَّتِي فِي الْخَامِس وَضم إِلَى ذَلِك أَن يكون قد جَاءَ مرضان كثيرا البحران فِي الْخَامِس مَعَ مَا شاكل هَذِه الْأَشْيَاء مَعَ السّكُون والدعة والإكثار من الأغذية المولدة للبلغم ثمَّ انْزِلْ انك رَأَيْت مَرِيضا آخر لم تظهر عَلامَة بَيِّنَة للنضج لَا)
فِي أول يَوْم من مَرضه وَلَا فِي الثَّانِي وَلم يظْهر فِيهِ من العلامات مَا يدل على خطر لَكِن جَمِيع مَا فِيهِ يظْهر من العلامات تدل على بعد من الْخطر فَاعْلَم أَن هَذَا يسلم إِلَّا أَنه لَا يخرج من مَرضه خُرُوجًا تَاما فَأَما فِي الرَّابِع فضلا عَمَّا قبله فَإِذا كَانَ فِي الرَّابِع فتفقد الْأَمر لغذائه وَانْظُر هَل تظهر فِيهِ عَلامَة بَيِّنَة للنضج فَإِنَّهُ إِن كَانَ ذَلِك فمرضه يَنْقَضِي فِي السَّابِع إِن لم يعرض لَهُ خطأ فِيمَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع. وتقدر أَن تعرف هَل يكون انقضاؤه ببحران لَا بِالنّظرِ فِي مِقْدَار قُوَّة فَلَا بُد أَن يكون انقضاؤه ببحران وَإِن كَانَ مَعَ قوته يَتَحَرَّك بِسُرْعَة فَهُوَ أَحْرَى أَن يكون فِيهِ بحران حَتَّى أَنه وَإِن أَخطَأ على الْمَرِيض ثمَّ لم يكن ذَلِك الْخَطَأ فادحاً جدا فقد يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع البحران فِي الْيَوْم السَّابِع فَإِن كَانَ الْمَرَض لَيْسَ بالسريع فِي حركته وَعرض للْمَرِيض خطأ فِيمَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع فَإِن البحران يتَأَخَّر إِلَى التَّاسِع.
ثمَّ أنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر سليما من الْخطر إِلَّا أَنه لم تظهر عَلامَة فِيهِ الْبَتَّةَ للنضج حَتَّى كَانَ الْيَوْم السَّابِع فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم ظَهرت أَقُول إِن هَذَا الْمَرَض إِن كَانَ قَوِيا عَظِيما وَكَانَت حركته سريعة فَإِن بحرانه بالحادي عشر أولى مِنْهُ بالرابع عشر وَإِن كَانَ مَرضه ضَعِيفا لينًا وَكَانَت حركته لَيست بالسريعة فبحرانه بالرابع عشر أولى مِنْهُ بالحادي عشر وتمييز هَذَا يكون بِسَائِر العلامات وَذَلِكَ انه إِن كَانَ الْمَرِيض شَابًّا والصفراء غالبة وَالْوَقْت وَالتَّدْبِير وَسَائِر ذَلِك مشاكل مَا قُلْنَا فبحرانه لَا محَالة يَأْتِي فِي الحاد عشر وَإِن اجْتمعت أضداد هَذِه الْأَشْيَاء فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر فَإِن اجْتمع فِيهِ بَعْضهَا وَلم يكمل ثمَّ عرض للْمَرِيض عَارض من خطأ فِيمَا بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر لم يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران فِي الْحَادِي عشر وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي البحران عِنْد مثل هَذِه الْحَال فِي الرَّابِع عشر إِذا كَانَ الْخَطَأ الَّذِي أَخطَأ على الْمَرِيض عَظِيما فَإِن لم يعرض الْخَطَأ لَكِن كَانَت فِي الْأَعْرَاض مختلطة أوجب بَعْضهَا تقدم البحران وَبَعضهَا تَأَخره احْتِيجَ أَن يكون الطَّبِيب حاد الذِّهْن كثير الرياضة حَتَّى يقدر أَن يُمَيّز أَي الصِّنْفَيْنِ أقوى فيثق بِمَا دلّ عَلَيْهِ ذَلِك الصِّنْف وَإِذا كَانَت تقدمة الْمعرفَة مشكوكاً فِيهَا على مِثَال هَذِه الْحَال فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ لَا يُمكن فِي الْيَوْم السَّابِع أَن تقف بِمَعْرِِفَة صَحِيحَة على مَا سَيكون من أَمر الْمَرِيض لَكِن قد يُمكن التيقن لذَلِك فِي الْأَيَّام الَّتِي فِيمَا بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر وَذَلِكَ أَنه إِن تزيد عظم الْمَرَض أَو سرعَة حركته فِي تِلْكَ الْأَيَّام رَأَيْت عَلامَة النضج زِيَادَة كَثِيرَة فَإِن البحران يَأْتِي فِي الْحَادِي عشر وَإِن كَانَ الْأَمر بالضد جَاءَ فِي الرَّابِع عشر.)
فَنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر سليم الْمَرَض وَرَأَيْت حَرَكَة الْمَرِيض فِي الْأَيَّام الأولى بطيئة
(5/61)
وَلَيْسَت الْحمى لهيبة وَلَا محرقة وَيظْهر فِيهِ مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على انه لم يكن نضج أَقُول: إِن هَذَا لَا يخرج من مَرضه قبل الرَّابِع عشر وتقدر أَن تميز وَتعلم هَل يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر أَو يتَأَخَّر بعده من أَوْقَات الْمَرَض كُله وَذَلِكَ أَن عَلَامَات ابْتِدَاء الْمَرَض إِن لبث زَمَانا طَوِيل مزمن وَأما عَلَامَات تزيد الْمَرَض فَإِن أَتَت فِي الرَّابِع أَو فِي السَّابِع فَيَنْبَغِي أَن تتَوَقَّع شَيْئا يحدث فِي الرَّابِع عشر وتميز ذَلِك الشَّيْء يكون فِي الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِن اتّفقت هَذِه الثَّلَاثَة الْأَشْيَاء وَهِي كَثِيرَة تزيد سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وَقُوَّة الْحمى وعلامة بَيِّنَة للنضج فَإِن البحران يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر لَا سِيمَا إِن كَانَ الْوَقْت الْحَاضِر من أَوْقَات السّنة وَالسّن والمزاج وَسَائِر الْأَشْيَاء المشاكلة لهَذَا مُعينَة على ذَلِك فَإِن ظَهرت عَلامَة النضج بَيِّنَة فِي الْحَادِي عشر وَحدهَا وَلم يتَبَيَّن للْمَرِيض زِيَادَة قُوَّة كَثِيرَة وَلَا سرعَة حَرَكَة فَلَا يكون بحرانه فِي الرَّابِع عشر لكنه إِن كَانَ الْوَقْت وَالسّن والمزاج وَسَائِر هَذِه الْأَشْيَاء مائلة إِلَى الْبرد فَلَا تطمع أَن ينقص الْمَرَض قبل الْعشْرين. فَإِن كَانَت العلامات مختلطة وَرَأَيْت عَلَامَات النضج زَائِدَة كَثِيرَة فِي الرَّابِع عشر أَيْضا فَيَنْبَغِي لَك أَن تستقصي وَالنَّظَر والتفقد فِي جَمِيع مَا يظْهر فِي الْيَوْم السَّابِع عشر فَإِن العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ وَإِن كَانَت يسيرَة فَإِنَّهَا من أصح الدلالات وتدل على أَن البحران يكون فِي الْعشْرين فَهَذِهِ صنوف البحران الحميدة وَذَلِكَ أَن كل بحران يظْهر بعد النضج التَّام والعلامات الحميدة فَهُوَ من أفضل البحران لِأَن النضج كَاف فِي الدّلَالَة على سرعَة البحران ووثاقته وَلَا يُمكن بعد ظُهُور النضج الْمُحكم أَن يمدكون بحران غير حميد والنضج الْمُحكم إِنَّمَا يكون مُنْتَهى الْمَرَض وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تصرف أَكثر همتك إِلَى تعرف مُنْتَهى الْمَرَض لِأَن البحران الأحمد يكون فِيهِ وَهُوَ عيار جَمِيع أَصْنَاف البحران وَذَلِكَ أَن البحران الْأَقْرَب مِنْهُ أبدا هُوَ احْمَد من الْأَبْعَد فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن لَا يهتم الطَّبِيب بِشَيْء أَكثر مِنْهُ بمنتهى الْمَرَض.
فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا توقعت بحرانه فِي الرَّابِع عشر فابتدأ يكون فِي الْحَادِي عشر إِمَّا لعظم الْمَرَض وَشدَّة قوته وَإِمَّا لسرعة حركته وَإِمَّا لسَبَب هيجه من خَارج.
أَقُول: إِنَّه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك البحران تَاما وَلَا مَحْمُودًا وَيجب أَن يخَاف على الْمَرِيض مِنْهُ أَشد الْخَوْف ولاسيما إِن كَانَ الْمَرَض غير معرّى من الْخطر. فَأَما إِن كَانَ الْمَرَض سليما فَأَقل مَا لَا يُؤمن عَلَيْهِ مِنْهُ أَن يكون مَعَ البحران أَعْرَاض ردية ضَعِيفَة أَو لَا يكون تَاما وَإِن تعاود الْحمى بعد)
إقلاعها فَهَذَا مبلغ قُوَّة النضج وَإِذا كَانَ النضج من أعظم الْأَشْيَاء قُوَّة فمنتهى الْمَرَض أَيْضا يدل على مثل ذَلِك من عظم الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن كل مرض يَأْتِي فِيهِ البحران فِي وَقت منتهاه فَغير مُمكن أَن يَأْتِي فِيهِ بحران فِي وَقت انحطاطه وكل مرض لَا يُجَاوز وَقت منتهاه أَو لم يَأْتِ فِيهِ بحران فَإِنَّمَا يكون انقضاؤه قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يخَاف أَيْضا على الْمَرِيض موت من بعد مُنْتَهى مَرضه على حسب مبلغ مَا أرى وَقد يظنّ بِقوم أَنهم مَاتُوا فِي وَقت الانحطاط إِلَّا أَن هَذِه كالتجربة وَالْقِيَاس فِي الْمَوْت إِن امتحنته علمت من
(5/62)
يَمُوت فِي الانحطاط إِنَّمَا يَمُوت فِي سَبَب غير ذَلِك لَا من نفس ذَلِك الْمَرَض وَجَمِيع من يَمُوت فِي الانحطاط إِنَّمَا يَمُوت فِي الانحطاط إِنَّمَا يَمُوت من خطأ يعرض لَهُ فَهَكَذَا يظْهر دَائِما بالتجربة. وَأما بِالْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون الْمَوْت وَقد نَضِجَتْ الأخلاط المولدة للمرض وقهرتها الطبيعة إِن دبره الْأَطِبَّاء على مَا يجب وَلم يخطئوا أَو يُخطئ العليل على نَفسه وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت الطبيعة قد احتملت أَشد أَوْقَات الْمَرَض وَقَامَت وجاهدت حَتَّى غلبت مَا كَانَ يؤذيها فَإِن النضج لَيْسَ بِشَيْء غير هَذَا فَلَيْسَ يُمكن بعد هَذَا أَن يُمكنهَا الْمَرَض وَإِذا كَانَت الطبيعة لَا يغلبها الْمَرَض فَلَيْسَ يُمكن بِوَجْه من الْوُجُوه أَن يعرض الْمَوْت إِذا كَانَ الْمَوْت لَيْسَ هُوَ شَيْء سوى غَلَبَة الْمَرَض على الطبيعة الْغَالِبَة التَّامَّة فَالْقِيَاس من جَمِيع الْوُجُوه يُوجب أَنه يَنْبَغِي أَن تكون أَكثر الْعِنَايَة فِي تعرف مُنْتَهى الْمَرَض مَعَ ذَلِك فَإِن تقدمة الْمعرفَة بِحَال العليل هَل يَمُوت أم لَا يُمكن أَن تعرف دون أَن يعرف أول مُنْتَهى الْمَرَض وَلَيْسَ يُمكن أَن يعرف أَي الْأَوْقَات هُوَ الْوَقْت الَّذِي يَقع فِيهِ غَلَبَة الْمَرَض للطبيعة غَلَبَة تَامَّة من لم يعلم المستأنف من أَوْقَات الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ الْمَرَض لَيْسَ بَينه وَبَين أَن يَأْتِيهِ البحران إِلَّا يَوْم وَاحِد فخليق أَن يسلم قبل أَن يغلب الْمَرَض طَبِيعَته فَإِن مَرضه لَا يَنْتَهِي قبل الْعشْرين مثلا فقد يُمكن أَن يجوز ذَلِك.
أنزل إِن مريضين فِي حَال وَاحِدَة فِي جَمِيع الْوُجُوه فَيسلم أَحدهمَا وَيهْلك الآخر لقرب وَقت مُنْتَهى الْمَرَض وَبعده وَلَيْسَ يعرف طَرِيق أَجود من هَذَا فِي تعرف مَا يؤول إِلَيْهِ حَال الْمَرِيض من الْمَوْت أَو الْحَيَاة أَعنِي أَن تزيد الْقُوَّة بِمِقْدَار زمَان الْمُنْتَهى ورداءة الْمَرَض وَلَا يُمكن لأحد أَن يعلم هَل يسلم الْمَرِيض أم يَمُوت إِلَّا بجودة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كَمَا أَنه لَا يعلم أحد هَل يقوى الْحمال على أَن يبلغ بِحمْلِهِ مَوضِع كَيْت وَكَيْت دون أَن يعلم قوى الْحمال قدر الثّقل وَبعد الطَّرِيق وَالْقِيَاس والتجربة بِأَمْر يأمران جَمِيعًا أَلا تهتم بِشَيْء أَكثر من همك بتعرف الْمُنْتَهى وَذَلِكَ انه لَا يُمكن تَقْدِير الْغذَاء وَلَا معرفَة البحران وَلَا حَال الْمَوْت والنجاة إِلَّا بِهِ.)
وَقَالَ: أَلا أَنا إِذا عرفنَا مِقْدَار قُوَّة الْمَرَض وَقُوَّة الْمَرِيض وَوقت الْمُنْتَهى وعرفنا بذلك هَل يَمُوت الْمَرِيض أم لَا قَدرنَا أَن نقيس فنعلم وَقت البحران وَذَلِكَ أَنا إِذا رَأينَا الْمَرَض بَعيدا من الْخطر وَلَيْسَ فِيهِ حَده بوهن وَلَا قُوَّة شَدِيدَة وَلم يعرض خطأ يُوجب شدَّة الْبَحْث فَلَيْسَ يكون البحران حَتَّى يَنْتَهِي الْمَرَض الْمَرَض منتهاه وَهَذَا هُوَ حد البحران وَذَلِكَ أبدا يكون بعد النضج فَإِن اضطرت الطبيعة إِلَى أَن تَأتي بالبحران قبل أَن يَنْتَهِي منتهاه إِمَّا لقُوَّة الْمَرَض وَإِمَّا لفضل حِدة وَسُرْعَة فِي حَرَكَة الْمَرَض وَإِمَّا لشَيْء يهيج فَإِن البحران الَّذِي يكون عِنْد ذَلِك ينقص فِي الْجَوْدَة عَن البحران على حسب تقدمة لوقت مُنْتَهى الْمَرَض فَإِن كَانَت الْقُوَّة لَا تبقى إِلَى وَقت مُنْتَهى الْمَرَض فَوَاجِب أَن يَمُوت الْمَرِيض وَذَلِكَ الْمَرَض الْآن مَوته لَيْسَ يجب ضَرُورَة أَن يكون بِالْقربِ من مُنْتَهى الْمَرَض. وَذَلِكَ أَنه قد يُمكن أَن يَمُوت قبل الْمُنْتَهى بِكَثِير أَو يكون فِي أول الْمَرَض فَأَما البحران فَلَا يكون إِلَّا وَقت الْمُنْتَهى أَو قبله بِقَلِيل.
(5/63)
لى: الْمَحْمُود مِنْهُ فَأَما الْمَوْت فَإِنَّهُ يكون فِي الِابْتِدَاء أَو التزيد والمنتهى.
قَالَ: لَا يبرأ أحد قطّ دفْعَة من الْمَرَض بِلَا بحران وَخلق كثير يموتون دفْعَة بِلَا بحران فِي ابْتِدَاء مَرضه إِذا كَانَ الْمَرَض خبيثاً ردياً قوي الْغَلَبَة للطبيعة فَإِن الطبيعة لِلْعِلَّةِ مقاومة.
قَالَ: وَأكْثر هَؤُلَاءِ يَمُوت فِي ابْتِدَاء نوبَة الْحمى لَا سِيمَا مَتى كَانَ سَبَب هَلَاكه كَثْرَة الْحمى وَإِنَّمَا يعرض هَذَا لمن قوته سَاقِطَة ضَعِيفَة وَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا من اصح مَا يعلم بِهِ أَن كثيرا من المرضى يموتون فِي انحطاط النوائب الْجُزْئِيَّة من النوائب وَلما رأى ذَلِك قوم ظنُّوا أَنه قد يكون الْمَوْت فِي وَقت الانحطاط الْكُلِّي وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذكرنَا وَلم يُؤْخَذ بالتجربة قطّ وَأما فِي الانحطاط الجزئي فخلق كثير يموتون وَالْقِيَاس أَيْضا يدل على ذَلِك وَذَلِكَ انه لَيْسَ يعجب أَن تقوى الْقُوَّة الضعيفة فِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي وَقت تزيدها لَان الْبدن فِي ذَلِك الْوَقْت يكون متماسكاً فَكَأَنَّهُ ينهضم فَإِذا جَاءَ وَقت الانحطاط صَار الْبدن على خلاف مَا كَانَ لَان البحران يَتَحَرَّك إِلَى أقطار الْبدن فيتحلل الْبدن ويسترخي وتنحل الْقُوَّة ويظن بهؤلاء أَن الغشي يَأْتِيهم لأَنهم يموتون بَغْتَة وَقوم مِنْهُم لَا يموتون بَغْتَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا ويبتدئ ذَلِك بهم لَا محَالة مُنْذُ وَقت مُنْتَهى النّوبَة إِلَّا أَن أَكثر النَّاس لَا يَشْعُرُونَ بذلك ويظنون بهم أَنهم انتقلوا نقلة سريعة جدا على أَكثر مَا كَانَ يتَوَقَّع بهم من وَقت الْمُنْتَهى إِلَى وَقت الانحطاط يَقُول يظنّ الْجُهَّال بهؤلاء انْتِهَاء حماهم قصير جدا وأسرع الانحطاط.)
قَالَ: إِلَّا أَن معرفَة ذَلِك من أبين الْأَشْيَاء بِقَبض الْعُرُوق: وَذَلِكَ أَن الْفرق بَين من صَار بِسَبَب الْمَوْت إِلَى حَال يحل لَك أَنَّهَا حَال انحطاط النّوبَة وَبَين من صَار إِلَى الانحطاط بِالْحَقِيقَةِ عَظِيم وَقد يغمها جَمِيعًا تحلل حرارة الْحمى بَغْتَة إِلَّا أَن السَّبَب فِي كل مِنْهُمَا ضد السَّبَب فِي الآخر وَأبْعد شَيْء مِنْهُ فَمَتَى كَانَ على الْحَقِيقَة انحطاط النّوبَة كَانَ النبض يزْدَاد دَائِما قُوَّة وَينْقص اختلافه وَيَسْتَوِي نظامه وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون تبْعَث جَمِيع حرارة الْحمى إِلَى خَارج وَمَتى كَانَ انحطاط هَلَاك كَانَ النبض يزْدَاد ضعفا واختلافاً كل الْحَالَات وَإِنَّمَا يعرض ذَلِك الانحطاط فِي تِلْكَ الْحَال لِأَن حرارة الْحمى تتحلل مَعَ سَائِر مَا يتَحَلَّل من الْبدن فَمن قبل ذَلِك يوهمك أَن الْمَرِيض أحسن حَالا مِمَّا كَانَ ثمَّ إِنَّه بعد قَلِيل عِنْد أدنى حَرَكَة تتحرك من قيام إِلَى الْخَلَاء أَو غَيره يَعْتَرِيه غشي ثمَّ يعرق عرقاً يَسِيرا لزجاً وَيَمُوت وَرُبمَا حدث لَهُ ذَلِك من غير حَرَكَة فَبِهَذَا الطَّرِيق يَمُوت المرضى بانحطاط النوائب وَأما فِي الِابْتِدَاء فَإِنَّهُ يَمُوت المرضى من ميل الأخلاط دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك عرض للطبيعة مِنْهَا شَيْء مثل مَا يعرض لمن يختنق.
وَقد يكون أَيْضا من الْمَوْت الَّذِي بِلَا بحران صنف ثَالِث يكون فِي انْتِهَاء نوبَة الْمَرَض وَيكون هَذَا فِي الْأَمْرَاض القاتلة إِذا غلبت صعوبة نوبَة الْحمى فَلذَلِك أَنَّهَا تعرض لصعوبة
(5/64)
التزيد وَبِالْجُمْلَةِ فَمَتَى غلب الْمَرَض الطبيعة حَتَّى يقهرها فَإِن الْمَوْت يكون فِي انْتِهَاء النّوبَة وَقد ينْفق أَن يَمُوت والنوبة بعد فِي تزيدها وَقل مَا يعرض ذَلِك.
فَجَمِيع الْوُجُوه الَّتِي بهَا يكون موت من يَمُوت بِلَا بحران ثَلَاثَة: أَولهَا الْمَوْت الَّذِي يكون فِي أَوْقَات نَوَائِب الْحمى وَأكْثر مَا يكون هَذَا إِذا كَانَ ورم عَظِيم فِي أحد الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة إِن كَانَ فِي وَالثَّانِي الْمَوْت الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى نَوَائِب الْحمى وَهَذَا يكون إِذا انْهَزَمت الطبيعة من شدَّة الْمَرَض.
لى: أَكثر مَا يكون هَذَا بل لَا يكون إِلَّا فِي آخر الْمَرَض الردي المزعج.
وَالثَّالِث الْمَوْت الَّذِي يكون فِي انحطاط النوائب وَهُوَ أقلهَا وَيكون من قبل انحلال الْقُوَّة وَلَا يكون فِي شَيْء من هَذِه الْوُجُوه بحران لِأَن الطبيعة لَا تروم فِي هَذِه الْأَحْوَال نقي الْمَرَض عَنْهَا الْبَتَّةَ. وَإِذا رامت الطبيعة ذَلِك ثمَّ قهرها الْمَرَض سمى بحراناً ردياً وَيكون لَا محَالة إِمَّا من استفراغ وَإِمَّا مَعَ خراج عَظِيم وتقدمة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَصْنَاف من البحران أقل صِحَة وبياناً وَيحْتَاج فطنة كَثِيرَة وحذقاً ودربة وَيَنْبَغِي أَن ترتاض أَولا فِي تعرف البحران الحميد وَمَا قاربه ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى)
البحران الردي وَذَلِكَ أَن البحران الحميد يدْرك بِعلم صَحِيح ثَابت والردي إِنَّمَا يدْرك أَكْثَره بالْحسنِ وَذَلِكَ لِأَن حَرَكَة الطبيعة محدودة على نظام إِذا كَانَت الطبيعة قَوِيَّة قاهرة لمادة الْمَرَض وأفعالها تجْرِي على مقادير حركاتها وَأما حركاتها إِذا كَانَت مَقْلُوبَة مقهورة فَهِيَ غير محدودة وَلَا منظومة فَلذَلِك لَا يَصح مَعْرفَتهَا على مَعْرفَتهَا على مَا يَنْبَغِي وَمَتى غلبت الطبيعة عَلَيْهِ تَامَّة لم يكن البحران الْبَتَّةَ فَإِن كَانَ بهَا أدنى طرف قُوَّة فَإِنَّهَا على حَالَة تنهض وتقاوم ثمَّ لَا تلبث أَن تنهزم الْعلَّة فِي نهوضها هَذَا الَّذِي يكون فِي غير وقته وَشدَّة حفز الْمَرَض إِذا كَانَ مَعَه تهيج وَحده فقد ترى الطبيعة لَا تحْتَمل شَيْئا مِمَّا هَذِه حَالهَا من الْأَمْرَاض لَكِنَّهَا تبادر إِلَى نفي مَا يؤذيها عَنْهَا كَمَا ترى الْمعدة تقذف الْأَشْيَاء الَّتِي تلذعها وتهيجها بِوَجْه من الْوُجُوه إِن كَانَ طافياً فِي أَعْلَاهَا فبالقيء وَإِن كَانَ راسباً فِيهَا فبالإسهال وَهَذَا هُوَ أعظم العلامات الَّتِي تدل على البحران الَّذِي لَا يكون فِي وقته بقيء من أَن يكون لتهيج الْمَرَض ولذعه لَا لنضوج الْخَلْط وبلوغه.
قَالَ: لأَنا نرى البحران الَّذِي يكون فِي وقته وَهَذَا البحران الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض عِنْد استحكام النضج قد يكون. فَإِن لم يكن شَيْء يهيج وَترى البحران الَّذِي يكون ويسميه أبقراط سايق اليسل وَيَعْنِي بِهِ كل بحران يكون قبل وَقت الْمُنْتَهى إِنَّمَا يكون من أجل مَا يهيج وعى حسب تقدم البحران لوقت مُنْتَهى الْمَرَض يكون نُقْصَان جودته وَكَذَلِكَ حَال
(5/65)
الْأَمْرَاض القاتلة وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تبقى إِلَى وَقت مُنْتَهى الْمَرَض أَو لَا تكَاد تبقى لَكِنَّهَا فِي أَكثر الْحَالَات تقبل فِي التزيد أَو فِي الِابْتِدَاء وَإِن تقدم فانذر بالبحران الْكَائِن فِيهَا فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِك مُنْذر بِأَنَّهُ ردي.
فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت فِي الرّبع غمامة سَوْدَاء أَو شَبِيها بذلك وَتَكون سَائِر الْأَعْلَام الَّتِي ظَهرت بِهِ ردية أَقُول: إِن هَذَا الْمَرِيض يَمُوت لَا محَالة إِلَّا أَنه إِن كَانَت نَوَائِب جملَة تَأتي الْأَفْرَاد فبحرانه يَجِيء فِي السَّابِع وَإِن كَانَت تَأتي فِي الْأزْوَاج فبحرانه يَجِيء فِي السَّادِس وَمِمَّا يصحح عنْدك الشَّيْء الَّذِي يتوقعه ويؤكده حَرَكَة المرضى وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ يَتَحَرَّك حَرَكَة سريعة فَإِنَّهُ يدل على سرعَة بحرانه وسيكون فِي السَّادِس وَإِن كَانَ يَتَحَرَّك حَرَكَة بطيئة فَإِنَّهُ يكون فِي السَّابِع فَإِن كَانَ يَوْم التزيد لم يتَقَدَّم فينذر بِشَيْء تقدمة الْمعرفَة صحيحاَ إِلَّا أَنه على حَال يَنْبَغِي أَن تنظر فِي العلامات الَّتِي أصفها وَأول العلامات وَأَعْظَمهَا الَّتِي تدل على الْأَمْرَاض الْمهْلكَة فِي دَلَائِل الْمَوْت بِلَا بحران أَن العليل يَمُوت بِلَا بحران لضعف الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن الْقُوَّة إِذا كَانَت ضَعِيفَة لم تنهضم لمقاومة الْمَرَض والعلامة الثَّانِيَة أَلا تظهر عَلامَة الْبَتَّةَ تدل على دَاء نضج وَالثَّالِثَة أَن يكون الْمَرَض قَوِيا)
خبيثاً وَلَا يكون لَهُ حَرَكَة بِسُرْعَة كل مرض يجْتَمع فِيهِ يجْتَمع هَذِه فَإِن مريضه يَمُوت بِلَا بحران وتقدر أَن تتقدم فتعلم فِي أَي يَوْم يَمُوت إِذا أَنْت نظرت فِي مِقْدَار الْمَرَض فضل الْمَرَض على الْقُوَّة وَفِي أَي يَوْم يكون النّوبَة أصعب وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ لم يبْق من الْقُوَّة إِلَّا الْيَسِير وَالْمَرَض يفضل على الْقُوَّة فضلا كثيرا علمت أَن الْمَوْت سريع وبالضد.
فَأنْزل فِي الْمثل أَن فضل الْمَرَض على الْقُوَّة كثير إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن أَن تعلم يَوْمًا وَاحِدًا تبقى الْقُوَّة أم يَوْمَيْنِ فقد يقدر عِنْد ذَلِك أَن يُمَيّز وَتعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يَمُوت الْمَرِيض من أدوار نَوَائِب الْحمى وأيها من الانحطاط وَأما فِي وَاحِد وَاحِد من المرضى فَانْظُر أَي الْأَوْقَات فِي أَيَّامه الْمُتَقَدّمَة كَانَت أثقل وأصعب عَلَيْهِ وَضم ذَلِك إِلَى مَا يَصح لَك من الْجُمْلَة.
ثمَّ أنزل أَيْضا أَنَّك قد علمت أَن العليل يهْلك إِلَّا أَن فِي قوته بَقِيَّة.
أَقُول: إِن أول مَا يعلم من هَذَا أَن الْمَوْت لَيْسَ بقريب ثمَّ من بعد هَذَا يَنْبَغِي أَن تنظر هَل يُمكن أَن يَأْتِي فِيهِ بحران رَدِيء أم لَا وتعرف ذَلِك من مِقْدَار الْقُوَّة وحركة الْمَرَض وعلامات النضج.
قَالَ: وَأَنا مذكرك بجملة مَا تخصه قد قلت: إِن أفضل البحران يكون فِي وَقت مُنْتَهى الْمَرَض.
وَأما الَّذِي يكون فِي وَقت التزيد فَإِن كَانَت حَال الْمَرَض تؤول إِلَى السَّلامَة فَإِن ذَلِك البحران يكون نَاقِصا وَلَا يوثق بِهِ إِذا كَانَت الْحَال تؤول إِلَى الْهَلَاك فَذَلِك البحران إِمَّا أَن يقتل على الْمَكَان وَإِمَّا أَن يُغير الْحَال إِلَى الرداءة تغيراً عَظِيما وَأما فِي ابْتِدَاء الْمَرَض فَلَا
(5/66)
يكون وَإِن تقدمة الْمعرفَة بالبحران الْجيد تعلم صَحِيحا وَأما سَائِر أنحاء البحران أَعنِي النافض والردي لَا سِيمَا إِن كَانَ البحران غير مُنْذر بِهِ وَقُلْنَا أَيْضا إِن هَذِه الأنحاء من البحران أَعنِي الردية والنافضة وَإِن لم يُوصل إِلَى مَعْرفَتهَا قبل حدوثها بِزَمَان طَوِيل فَإِنَّهُ قد يُوصل إِلَى ذَلِك قبل حدوثها بِزَمَان يسير وَإِن كَانَ مَعْرفَتهَا قبل حدوثها بِزَمن طَوِيل قد يُوصل إِلَى ذَلِك يكون من إرهاق الْمَرَض للطبيعة وتهييجه لَهَا وَمن الِاضْطِرَاب الَّذِي يكون دفْعَة من غير سَبَب يُوجِبهُ.
لى: يَقُول: إِذا رَأَيْت الْمَرِيض ثمَّ رَأَيْت أَن اضطراباً قد حدث فَاعْلَم أَن بحراناً كَائِن فَإِنَّهُ لَا بُد ضَرُورَة أَن يحدث قبل كَون كل بحران شَيْء فِي بدن الْمَرِيض مِمَّا ذَكرْنَاهُ من أعرض البحران مثل مَا قَالَ أبقراط: إِنَّمَا من يَأْتِيهِ البحران يصعب عَلَيْهِ مَرضه فِي اللَّيْلَة الَّتِي يَجِيء فِيهَا البحران.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنه وَإِن كَانَ الْمَرَض ينذر ببحران ثمَّ صَعب فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي ثمَّ تَأتي نوبَة الْحمى بعد ذَلِك أسْرع مِمَّا كَانَت تَأتي وَمَعَ أَعْرَاض أقوى ومنكرة لم تكن قبل ذَلِك فَلَا بُد أَن يكون)
البحران فِي تِلْكَ النّوبَة.
فِي الْوَجْه الَّذِي يكون بِهِ البحران قَالَ: وَأَنا مخلص لَك مُنْذُ الْآن كَيفَ تعلم أَن يكون البحران برعاف أَو بقيء أَو بعرق أَو نَحْو ذَلِك.
قَالَ: وتجد ابْتِدَاء كلامنا فِي ذَلِك مَا قَالَ أبقراط الْقَائِد بِنَا إِلَى كل خير فقد قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من ابيذيميا: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس والرقبة أوجاع وَثقل مَعَ حمى أَو بِغَيْر حمى فَإِنَّهُ يحدث لأَصْحَاب الورم تشنج العصب وقيء مرار زنجاري وَكثير من هَؤُلَاءِ يعالجه الْمَوْت.
وَأما فِي أَصْحَاب الحميات المحرقة: فَمَتَى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وَرَأى الْمَرِيض كَانَ بَين عَيْنَيْهِ ظلمَة وأحس فِيمَا دون الشراسيف بتمدد لَا وجع مَعَه فَإِنَّهُ يُصِيبهُ رُعَاف وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يقيء مرّة وبلغما وَأكْثر مَا يُصِيب التشنج فِي تِلْكَ الْحَال للصبيان فَأَما النِّسَاء فيصيبهن مَعَ مَا وَصفنَا أوجاع الرَّحِم وَأما الكهول وَمن قد انْحَلَّت قوته وحرارته فَيعرض لَهُم استرخاء فِي بعض أَعْضَائِهِ أَو وسواس أَو جُنُون أَو غماء.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى تطاولت الْحمى وَالْمَرَض سليم وَلَيْسَ بالمريض وجع وَلَا ورم وَلَا سَبَب غير ظَاهر فتوقع خراجاً مَعَ انتفاخ ووجع فِي أحد مفاصله
(5/67)
وخاصة فِي السُّفْلى وَأكْثر مَا يعرض هَذَا وأوجاه لمن كَانَت سنه دون الثَّلَاثِينَ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الْخراج حَتَّى تجَاوز الْحمى عشْرين يَوْمًا وقلما يعرض ذَلِك لمن كَانَ فَوق هَذِه السن وَكَانَت حماه أطول من هَذَا الْمِقْدَار وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع حُدُوث الْخراج مَتى كَانَت الْحمى دائمة ويتوقع حمى الرّبع مَتى كَانَت تقلع ثمَّ تنوب على غير لُزُوم لأدوار محدودة ثمَّ لَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يقرب الخريف فَكَمَا أَن الْخراج يعرض لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ كَذَلِك الرّبع لمن قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها وَأكْثر مَا يكون الْخراج فِي الشتَاء وَيكون لذَلِك أَبْطَأَ برءاً إِلَّا انه قَلما يعاود.
قَالَ: فَهَذَا قَوْله فِي الْخراج وَهُوَ قَول كَاف ثمَّ أتبعه بالْقَوْل فِي الاستفراغ فاقل: إِن من اشْتَكَى فِي حمى لَيست بالقتالة صداعاً وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ سواداً وأصابه مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده فَإِنَّهُ يقيء مرَارًا فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَبرد مِنْهُ فِيمَا دون الشراسيف فَإِن الْقَيْء يُصِيبهُ أسْرع. فَإِن تنَاول شَيْئا من طَعَام أَو شراب فِي ذَلِك الْوَقْت أسْرع إِلَيْهِ الْقَيْء جدا وَمن ابْتَدَأَ بِهِ أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة الصداع فِي أول يَوْم من مَرضه فَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي السَّابِع وَأكْثر أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة يَبْتَدِئ بهم الصداع فِي الثَّالِث وَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِم فِي)
الْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر وَأما من ابْتَدَأَ بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وَيرى سَائِر أمره على قِيَاس مَا تقدم فصداعه يقْلع عَنهُ فِي الرَّابِع عشر وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك للرِّجَال وَالنِّسَاء فِي حمى غب وَأما من كَانَ أحدث سنا مِنْهُمَا فقد يعرض لَهُ ذَلِك فِي حمى الغب إِلَّا أَن أَكثر مَا يعرض ذَلِك فِي الْحمى الَّتِي هِيَ أدوم وَفِي الْخَالِصَة وَالْغِب وَأما من أَصَابَهُ فِي حمى هادئة حَالَة صداع وأصابه بدل السَّوْدَاء الَّذِي يرَاهُ بَين عَيْنَيْهِ غشاوة وَرَأى قُدَّام عَيْنَيْهِ شعاعاً وأصابه بدل وجع الْفُؤَاد تمدد فِيمَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن أَو من الْجَانِب الْأَيْسَر من غير وجع وَلَا ورم فيتوقع لَهُ بدل الْقَيْء الرعاف وَأكْثر مَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الرعاف فِي مثل هَذِه الْحَال لمن كَانَ سنه دون الثَّلَاثِينَ فَأَما من قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها فالرعاف يعرض لَهُ أقل وَلمن فِي هَذِه السن الْقَيْء.
وَقَالَ أَيْضا مَتى كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد دَائِم مَعَ حمى وَكَانَ مَعَه عَلَامَات الْمَوْت فَإِن ذَلِك الْمَرَض قتال جدا فَإِن لم تكن عَلَامَات الْمَوْت وَجَاوَزَ الوجع عشْرين يَوْمًا فتوقع الرعاف أَو خراجاً فِي الْأَعْضَاء السفلية وَأما مَا دَامَ الوجع طرياً فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الرعاف والمدة وَلَا سِيمَا توقع الرعاف إِذا كَانَ الوجع فِي الصدغين والجبهة أَكثر مِمَّا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الرعاف من سنه دون خمس وَثَلَاثِينَ وَأما من كَانَ فَوق هَذِه السن فتوقع لَهُ الْمدَّة.
وَقَالَ أَيْضا: من بَال بولاً رَقِيقا زَمَانا طَويلا ثمَّ كَانَت سَائِر العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ تدل على وَقَالَ فِي بعض كتبه: إِنَّه يكون قبل النافض احتباس الْبَوْل وَإِن الْعين إِذا احْمَرَّتْ تنذر برعاف وشفته إِذا اختلجت أنذرت بالقيء.
(5/68)
وَقَوله مَتى حدث بعد الصداع سبات وصمم بَغْتَة دلّ على خراج يخرج عِنْد الْأذن وَجُمْلَة فَلَيْسَ يحْتَاج فِي تعرف طَرِيق البحران بِمَا يكون إِلَى شَيْء سوى أَن تنظر إِلَى أَي نَاحيَة تميل الطبيعة كَمَا دلّ عَلَيْهِ أبقراط فِي قَوْله: إِن وجع الْفُؤَاد والنافض ينذران بقيء وَإِن تغير النَّفس والشعاع أَمَام الْعين ينذر برعاف وَمِنْهَا مَا حدر فِيهِ الْبَوْل وَالْبرَاز فَقَالَ: وَإِذا كَانَ البرَاز كثيرا لم أر دريعاً وَإِن كَانَ الْبَوْل كثيرا جدا وَفِيه ثقل راسب كثير أَبيض وَذَلِكَ أَن هَذَا يدل على ميل الْمَرَض إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة فَإِن انْتِقَاض الْبدن من ذَلِك الطَّرِيق يكون فَإِن لم يمل الْمَرَض إِلَى تِلْكَ الْحَال فَإِن انْتِقَاض الْبدن من ذَلِك الْمَرَض يكون فِي النواحي وتطاول وَإِن كَانَت مَعَه عَلَامَات السَّلامَة فتوقع الْخراج وَاسْتدلَّ على الْخراج بميل الطبيعة إِلَى النَّاحِيَة الَّتِي يكون فِيهَا. وَذَلِكَ أَنه)
قَالَ: إِن الْخراج يكون فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَسْفَل من الصَّدْر مَتى كَانَ الورم والحرارة فِيمَا دون الشراسيف من قبل أَنه إِذا كَانَ كَذَلِك فالأخلاط المولدة لورم الرئة مائلة إِلَى أَسْفَل وَمَتى كَانَت تِلْكَ الأخلاط لَيست بمائلة إِلَى أَسْفَل وجد مَا دون الشراسيف خَالِيا من الورم والحرارة والوجع دَائِما وَعرض للْمَرِيض حينا مَا يُغير نَفسه من غير سَبَب بَين فَإِذا كَانَ ذَلِك فالخراج يخرج ضَرُورَة فِيمَا فَوق الصَّدْر اعني فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي عِنْد أصل الْأذن وَيظْهر مَعَ ذَلِك شَيْء من الْأَعْرَاض الدَّالَّة على ميل الْخراج إِلَى الرَّأْس مثل السبات والصمم بَغْتَة من غير سَبَب وَثقل الرَّأْس والصدغين وَغير ذَلِك. 3 (تَجْرِيد عَلَامَات طرق البحران) لِجَالِينُوسَ قَالَ: وَيَنْبَغِي بعد أَن تعرف أَن البحران كَائِن أَن تنظر بِأَيّ نَحْو يكون البحران على هَذَا الْمِثَال انْظُر أَولا هَل الْمَرَض حَار وَهل يكون فِيهِ البحران فِي الأدوار الأول فَإِنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك يجب ضَرُورَة أَن لَا يكون البحران بخراج لَكِن باستفراغ ثمَّ انْظُر هَل الْمَرَض بطيء الْحَرَكَة متطاول فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَذَلِك كَانَ البحران فِيهِ بخراج لَا سِيمَا إِن كَانَ بَال الْمَرِيض بولاً رَقِيقا مائياً نياً زَمَانا طَويلا لِأَنَّهُ إِن بَال بولاً ثخيناً كثيرا فِيهِ ثقل راسب مَحْمُود فالأخلق أَن ينضج الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يحدث لَهُ بحران بخراج فَإِذا ميزت هَذَا وعرفته فَانْظُر إِن كَانَ البحرا يكون باستفراغ بِأَيّ ضرب استفراغ يكون وَإِن كَانَ بخراج فَفِي أَي عُضْو يكون فَإِذا كَانَ باستفراغ فَانْظُر فِي العلامات الدَّالَّة على ضروب الاستفراغ فَإِنَّهُ إِذا ظَهرت لَك عَلَامَات ضرب مَا من ضروب الاستفراغ وَلم يظْهر ضرب غَيره كنت أَشد ثِقَة بذلك الضَّرْب وَالْوَاجِب عَلَيْك أَن قَالَ: فَإِذا رَأَيْت الْبَوْل قد احتقن والبطن قد اعتقل بِالْقربِ من وَقت البحران فتوقع نافضاً فَإِذا رَأَيْت النافض قد حضر فَانْظُر مَا يحدث بعد أعرق أم قيء أم اخْتِلَاف أم جَمِيع هَذِه فَانْظُر أَولا فِي طبيعة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمَرَض حمى محرقة خَالِصَة فقد يَصح عنْدك أَولا أَمر النافض قبل حُدُوثه وَذَلِكَ أَن كيموس الصَّفْرَاء إِذا تحرّك حَرَكَة قَوِيَّة ولد نافضاً ثمَّ
(5/69)
انْظُر هَل احْتبسَ الْبَوْل وَحده قبل النافض أَو الْبَطن أَيْضا فَإِنَّهُمَا إِن كَانَا احتبسا جَمِيعًا فالبحران لَا محَالة يكون بعرق كثير وَإِن كَانَ الْبَوْل وَحده احْتبسَ فَانْظُر قبل ذَلِك أَو نقص عَنهُ فَإِن رَأَيْته قد زَاد زِيَادَة كَثِيرَة فَاعْلَم أَن الطبيعة مائلة نَحْو هَذَا الطَّرِيق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْته قد نقص علمت أَن ميلها نَحْو الْعرق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْت مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على الْقَيْء فالبحران يكون)
بالقيء والعرق مَعًا وَإِن كَانَت العلامات الَّتِي تدل على أحد الاستفراغين أقوى من الَّتِي تدل على الآخر كَانَ البحران بذلك الاستفراغ أَكثر وَإِن كَانَت متكافية كمياتها كَانَ بهما سَوَاء. فَإِن لم تَرَ شَيْئا من عَلَامَات الْقَيْء فتوقع الْعرق وَحده وَلَا سِيمَا إِذا رَأَيْت الْمَرِيض قد اخْتَلَط وَرَأَيْت نوبَة الْحمى قد تزيدت وَظَاهر البد قد سخن واحمر أَكثر مِمَّا كَانَ يحمر وَرَأَيْت بخاراً حاراً يرْتَفع من الْبدن لم يكن يرْتَفع قبل ذَلِك وَوجدت مَعَ هَذَا نبض الْعرق مُوجبا لينًا فليقو رجاؤك للعرق فَأَما النبض الصلب فَإِنَّهُ يدل على الْقَيْء لَا على الْعرق والنبض المسرف مُشْتَرك بِجَمِيعِ أنحاء الاستفراغ وَكَذَلِكَ النبض الْقوي فَأَما مَتى كَانَ النبض عَظِيما فَهُوَ يدل على حَرَكَة الطبيعة إِلَى ظَاهر الْبدن لَا إِلَى بَاطِنه وكل وَاحِدَة من هَاتين الحركتين تكون على ضَرْبَيْنِ أما الْحَرَكَة إِلَى خَارج فبدم يجْرِي من المنخر أَو غَيره أَو بعرق وَالْحَرَكَة إِلَى دَاخل بالاختلاف.
والقيء والنبض الموجي يدلك على الْعرق والنبض الْعَظِيم يدل على الاستفراغ بِالدَّمِ وَمَتى مَالَتْ الطبيعة إِلَى دَاخل فانخفض النبض وَصغر ثمَّ لم تكن عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة فالبحران يكون إِمَّا بالاختلاف أَو بالقيء. فَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة وَالِاخْتِلَاف نَاقص فالبحران يكون بالقيء. وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة وَتبين فِي الِاخْتِلَاف تزيد فالبحران يكون بهما جَمِيعًا ونبض الْعرق فِي أَكثر حالات البحران يكون مُخْتَلفا وخاصة إِذا كَانَ مَعَ البحران جهد وخطر إِلَّا أَن ذَلِك الِاخْتِلَاف يكون على أَكثر حالاته إِذا انصب إِلَى الْمعدة مرار فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك مَعَ مَا يظْهر من العلامات الدَّالَّة على الْقَيْء يصير النبض مُخْتَلفا فِي جَمِيع حالاته لما يُصِيب رَأس الْمعدة والمري من اللذع والثقل من الشَّيْء الَّذِي سَالَ إِلَيْهَا.
3 - (عَلَامَات الْقَيْء)
وجع الْفُؤَاد مَعَ صداع وَسدر وَسَوَاد يتخيل للعين واختلاج الشّفة السُّفْلى ولعاب رَقِيق كثير يتحلب من الْفَم فَإِن جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء تعرض إِذا اجْتمع فِي الْمعدة خلط من جنس الصَّفْرَاء اللذاع يجذب المرار نَفسه إِلَى دَاخل وَإِلَى اسفل من اجل ذَلِك اللذع وَلذَلِك تختلج الشّفة ويتحلب الرِّيق الرفيق ويتخيل أَمَام الْعين سَواد ويعرض السدر والدوار والصداع وَإِنَّمَا يعرض الصداع بضربين: إِمَّا لبخار يرْتَفع من ذَلِك المرار إِلَى الرَّأْس وَالْآخر مُشَاركَة الدِّمَاغ للمعدة بالعصب. وَأما العلامات الدَّالَّة على الرعاف خَاصَّة فَمِنْهَا الشعاع الَّذِي يتخيل للعين وَذَلِكَ من قبل حمرَة الدَّم وَمِنْهَا الغشاوة وَذَلِكَ لِأَن الدَّم إِذا ارْتَفع مِنْهُ شَيْء كثير دفْعَة سد طرق الرّوح.
وَمِنْهَا الدُّمُوع اكثر مَا يسيل إِلَى الْعين كَمَا يعرض فِي الرمد وَهَذِه الْعلَّة تحمر العينان مَعَ الوجنتين وَرُبمَا احمر الْأنف أَيْضا.
وَمن العلامات الخاصية بالرعاف: تمدد يعرض فِيمَا دون الشراسيف من غير وجع
(5/70)
لِأَن هَذِه الْعلَّة تدل دلَالَة قَوِيَّة على ميل الدَّم إِلَى النَّاحِيَة الْعليا وَكَذَلِكَ تغير النَّفس فَإِنَّهُ يعرض عِنْد مُرُور الدَّم فِي الصَّدْر فَإِن كَانَ تمدد مَا دون الشراسيف مَعَ وجع فَلَيْسَ يدل على رُعَاف لكنه دَال على ورم حدث فِي الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا التمدد والصداع أيضاُ وَإِن كَانَ عَلامَة مُشْتَركَة للقيء والرعاف إِلَّا انه إِن كَانَ مَعَه شَبيه باللزع دلّ على قيء وَمَتى كَانَ مَعَه شَبيه بالثفل والتمدد والضربان والحرارة دلّ على الرعاف خَاصَّة وَكَذَلِكَ الأورام الْعَارِضَة فِينَا دون الشراسيف قد تكون سَبَب الرعاف وعلامات تدل عَلَيْهِ إِذا كَانَ الْمَرَض من الْأَمْرَاض الَّتِي يكون لَهَا بحران باستفراغ وَإِذا كَانَ الرعاف من خلاف جَانب الْعلَّة فَلَيْسَ بمحمود يَعْنِي بِالْعِلَّةِ ورم مَا دون الشراسيف ونتقدم فَنَقُول: من أَي المنخرين يكون الدَّم فَإِنَّهُ مَتى كَانَت الْعلَّة فِي الْجَانِب الْأَيْمن فالبحران الحميد يكون بِدَم يخرج من الْجَانِب الْأَيْمن وَكَذَلِكَ فِي الْأَيْسَر وتعرف عَلَامَات البحران الحميد بالنضج والمنتهى فَلَيْسَ يعسر عَلَيْك أَن تنبئ بالمنخر الَّذِي يكون مِنْهُ الرعاف إِذا كنت قد عرفت أَيْضا الْعلَّة فِي الْجَانِبَيْنِ كَانَت ويقوى ظَنك بالرعاف وَالْوَقْت الْحَاضِر والمزاج وَنَحْو ذَلِك.
وعلامات الرعاف صَحِيحَة مُؤَكدَة ثمَّ من بعْدهَا عَلَامَات الْعرق وَأما الِاخْتِلَاف فَلَيْسَ لَهُ عَلامَة بَيِّنَة تخصه مثل عَلَامَات مَا ذكرنَا وَإِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ من أَن تَجِد العلامات الدَّالَّة على)
الاستفراغ وَلَا تَجِد عَلَيْهَا عَلَامَات الْقَيْء والرعاف وعَلى أَنه لَيست مَتى لم تَجِد عَلَامَات هَذِه فَلَا بُد أَن يكون اخْتِلَاف لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون البحران بِدَم يجْرِي من الرَّحِم والمقعدة وَتعلم ذَلِك أَنه يسْبق الطمث ثقل شَدِيد فِي الْبَطن ووجع وتمدد. وَأما انفتاح أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة فَإِنَّهُ إِنَّمَا يخص الَّذين بهم الدَّاء باخْتلَاف فَهَذَا طَرِيق تَمْيِيز البحران الَّذِي باستفراغ.
فَإِن كَانَ البحران يكون بخراج فالعلامة العامية الدَّالَّة على كل خراج أَن يكون الْمَرَض سليما ثمَّ لَا يَنْقَضِي الْمَرَض سَرِيعا وَلَا يَبُول بولاً كثيرا فِيهِ رسوب كثير لكنه يَبُول بولاً مائياً. وَأما العلامات الخاصية: فَمِنْهَا أَنه مَتى كَانَ الْمَرَض لم يطلّ جدا ثمَّ رَأَيْت الْمَرِيض قد تغير نَفسه بَغْتَة ثمَّ سكن ذَلِك التَّغَيُّر الَّذِي حدث فِي نَفسه سَرِيعا وأعقبه وجع وَثقل فِي الرَّأْس وسبات وصمم فَذَلِك يدل اضطراراً على أَن خراجاً يخرج فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي يَلِي الْأذن وَمَتى كَانَ الْمَرَض قد طَال جدا وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من هَذِه العلامات الَّتِي وصفناها وَظهر فِي بعض الْمَوَاضِع السفلية ثقل وتمدد والتهاب أَو وجع فتوقع حُدُوث الْخراج أَسْفَل.
الأولى من جَوَامِع أَصْنَاف البحران أَصْنَاف تغير الْمَرَض سِتَّة: أَحدهَا التَّغَيُّر الَّذِي يكون دفْعَة إِلَى الْبُرْء وَيُقَال إِنَّه بحران جيد وَالثَّانِي التَّغَيُّر الْكَائِن إِلَى الْمَوْت دفْعَة وَيُقَال لَهُ بحران ردي.
لى: إِنَّمَا يُسمى هَذَا بحراناً إِذا كَانَ مَعَ استفراغ. وَالثَّالِث التَّغَيُّر الَّذِي يكون إِلَى الْخَيْر فِي مُدَّة طَوِيلَة وَيُقَال لَهُ تحلل الْمَرَض.
(5/71)
وَالرَّابِع التَّغَيُّر الَّذِي يكون فِي مُدَّة طَوِيلَة إِلَى الْمَوْت وَيُقَال لَهُ ذبول.
وَالْخَامِس التَّغَيُّر الَّذِي يكون فِي أَوله إِلَى الْبُرْء دفْعَة وَلَا يتم بِهِ ثمَّ ينْتَقل إِلَى التَّغَيُّر الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْبُرْء قَلِيلا قَلِيلا وَالسَّادِس التَّغَيُّر الَّذِي يكون إِلَى الرداءة فَقبل أَن يتم ينْتَقل إِلَى التَّغَيُّر الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاك قَلِيلا قَلِيلا.
لى: هَهُنَا تجب الْقِسْمَة أَرْبَعَة أَقسَام أخر: أَحدهَا التَّغَيُّر الَّذِي يكون إِلَى الْخَيْر دفْعَة وَلَا يتم دفْعَة ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى الشَّرّ دفْعَة والتغير الَّذِي يكون إِلَى الْخَيْر دفْعَة وَلَا يتم ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى الشَّرّ قَلِيلا قَلِيلا. والتغير الَّذِي يكون إِلَى الشَّرّ دفْعَة ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى الْخَيْر دفْعَة وَيتم والتغير الَّذِي يكون إِلَى الشَّرّ دفْعَة وَلَا يتم ثمَّ ينْتَقل إِلَى الْخَيْر قَلِيلا قَلِيلا. وَترك ذكر هَذِه الْأَقْسَام لِأَن بَعْضهَا لَا يُمكن أَن يكون وَبَعضهَا بعيد الْكَوْن وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يضع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الصِّنَاعَة لِأَن يَسْتَوْفِي الْأَقْسَام.
لى: الْمَرَض إِمَّا أَن يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا وَإِمَّا أَن يتَحَلَّل دفْعَة وَإِمَّا أَن يتَحَلَّل انحلالاً مركبا من هذَيْن)
فَالَّذِي يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا لَا يكون انحلاله ببحران بَين وَالَّذِي يتَحَلَّل دفْعَة يكون انحلاله ببحران والمركب يتَحَلَّل ببحران نَاقص ثمَّ يستكمل الْبُرْء بالتحلل وَلَا يلْزم مثل هَذَا الْكَلَام فِي الْمَوْت وَذَلِكَ أَن الانقلاب من الْمَرَض إِلَى الصِّحَّة دفْعَة لَا يكون إِلَّا باستفراغ ظَاهر كثير فَأَما الانقلاب من الْمَرَض إِلَى الْمَوْت دفْعَة فقد يكون بِلَا استفراغ. وَقد بَين ذَلِك جالينوس وَقد غلظ صَاحب الْجَوَامِع فِي هَذَا الْموضع أَو تساهل.
البحران إِذا كَانَ فِي أول الْمَرَض فالمرض قتال وَإِذا كَانَ فِي التزيد فَهُوَ بحران نَاقص.
لى: وَغير حميد. وَإِن كَانَ فِي الْمُنْتَهى فَهُوَ تَامّ.
لى: وَسَهل وثيق أَمِين.
جَوَامِع البحران قَالَ: الْأَعْرَاض الباحورية مِنْهَا مَا يكون لسَبَب الْبَاعِث للمادة مثل انجذاب الْجَنِين إِلَى فَوق. وَمِنْهَا مَا يكون لسَبَب الْمُؤَدِّي لَهَا مثل ضيق النَّفس. وَمِنْهَا مَا يكون لسَبَب الْقَابِل لَهَا مثل عسر الْحس واختلاط الذِّهْن والوجع والطنين والدوار وظلمة الْعين. وَمِنْهَا مَا يكون لسَبَب الشَّيْء الْمَبْعُوث مثل الخيالات واللمع.
عَلَامَات البحران الْجيد: الامتزاج والنضج وَنَوع الْمَرَض وعادته وَيَوْم البحران والاستفراغ الْمُوَافق وجودة نبض الْعُرُوق وخف الْبدن.
الْحمى المحرقة والحمى الغب تنقضيان إِمَّا بعرق وَإِمَّا بقيء وَإِمَّا باستطلاق الْبَطن والمحرقة خَاصَّة رُبمَا انتقضت برعاف.
قرانيطس تَنْقَضِي إِمَّا بعرق وَإِمَّا برعاف.
الورم الْحَار يحدث فِي مراق الْبَطن يَنْقَضِي إِمَّا بعرق وَإِمَّا برعاف.
حمى الرّبع وَحمى البلغم تنقضيان إِمَّا بعرق وَإِمَّا باستطلاق الْبَطن وَإِمَّا بالقيء.
(5/72)
ورم الكبد إِذا كَانَ فِي المحدب يكون بحرانه إِمَّا بعرق وَإِمَّا بدرور الْبَوْل وَإِمَّا برعاف وَإِذا كانفي جَانبهَا المقعر فَأَما بعرق وَإِمَّا بقيء وَإِمَّا باخْتلَاف. حمى بلغم وَحمى ربع تنقضيان إِمَّا بعرق وَإِمَّا باستطلاق الْبَطن وَإِمَّا بالقيء.
سَابق الْعلم بِوَقْت البحران يدْرك من نوع الْمَرَض وَمن الْأَشْيَاء الَّتِي تدْرك باجتماعها وَمن حركات النوائب وَمن الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر فِيهَا بعد.
سَابق الْعلم بجهاد البحران يعرف من نوع الْمَرَض وَمِقْدَار عظمه وَمن حركاته.)
سَابق الْعلم بِمَا يؤول إِلَيْهِ البحران يعرف من نوع الْمَرَض وعظمه وعادته.
نوع الْمَرَض يعرف من أعراضه الخاصية بِهِ وعظمه وَعظم هَذِه الْأَعْرَاض وعادته يَعْنِي سحنته تتعرف من الْأَعْرَاض الْقَرِيبَة الَّتِي تلْحقهُ وحركته تعرف من الْجِهَة الَّتِي عَلَيْهَا يَتَحَرَّك وَمَا كَانَ من الحميات دائمة فبحرانها يكون فِي الرَّابِع وَمَا كَانَ مِنْهَا يَنُوب يَوْمًا وَيَوْما لَا فبحرانه يكون إِمَّا فِي الثَّالِث وإمافي السَّابِع وَإِمَّا فِي التَّاسِع وَإِمَّا فِي الْحَادِي عشر.
البحران يكون قبل الْمُنْتَهى إِمَّا لحدته وَإِمَّا لعظمه وَإِمَّا لشَيْء مهيج من خَارج مثل أَن يسْتَعْمل الطَّبِيب الحقن والأدوية قبل وَقت النضج مَا يؤول إِلَيْهِ حَال الْمَرِيض يعرف من قُوَّة الْمَرِيض وَوقت الْمُنْتَهى وَعظم الْمَرَض.
الَّذين تؤول حَالهم إِلَى الْمَوْت مِنْهُم من نافض الْبَتَّةَ بحران.
وَهَؤُلَاء تتقدم عَلَامَات فِي الْيَوْم التزيد فينذر بذلك الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ البحران الردي إِمَّا فِي الْبَوْل وَإِمَّا فِي النفث وَإِمَّا فِي البرَاز. وَالَّذين يموتون بِلَا بحران كَانَت عَلَامَات ذَلِك غَايَة ضعف لى: لَيْسَ شَيْء أخص بِأَن يكون الْمَوْت بِلَا بحران من ضعف الْقُوَّة. وَأَن لَا يكون الْمَرَض حاداً يَوْم يَمُوت الْمَرِيض يعرف من صعوبة الْعلَّة وَضعف قوته وَثقل النوائب وشدتها وَسَاعَة تعرف من السَّاعَة الَّتِي تكون من النّوبَة أصعب.
وَحمى البلغم يجلب الْمَوْت فِي أول نوبَة والمحرقة فِي مُنْتَهَاهَا وَبِالْجُمْلَةِ فالموت يكون فِي السَّاعَة الَّتِي قد جرت الْعَادة بِأَن تكون أصعب فِي ذَلِك الْمَرَض فِي الْمُنْتَهى كَانَ أَو فِي الِابْتِدَاء أَو الصعُود.
إِذا كَانَ البحران فِي مُنْتَهى الْمَرَض كَانَ على أفضل مَا يكون وأتمه وَإِن كَانَ فِي التزيد فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمَرَض سليما كَانَ بحراناً نَاقِصا وَإِن كَانَ الْمَرَض مخوفا كَانَ بحراناً ردياً متلفاً.
الثّقل والصداع فِي الرَّأْس إِذا عرضا لمن بِهِ ورم فِي نَاحيَة دماغه دلا على التشنج وَإِذا عرضا لمن بِهِ حمى محرقة دلا على رُعَاف أَو قيء.
عَلَامَات الرعاف: تمدد الجنبين وانجذابهما إِلَى فَوق وضيق النَّفس والصداع وظلمة الْبَصَر وصلابة النبض واللمع أَمَام الْعين.
(5/73)
عَلَامَات الْقَيْء: الصداع وخفقان الْمعدة والخيالات والظلمة واختلاج الشّفة السُّفْلى وَاخْتِلَاف النبض.)
عَلَامَات البحران الَّذِي يكون بالانتقال: الْحمى القوية والوجع اللابث وَحصر الْبَوْل والبطن واحتباس النَّفس وَصِحَّة الْقُوَّة.
الِانْتِقَال لى: الِانْتِقَال هُوَ أَن ينْتَقل الْخَلْط المولد للمرض من مَوضِع فِي الْبدن إِلَى مَوضِع وَيكون بِهَذَا الضَّرْب بحراناً فَإِن هُوَ لم يخرج عَن الْبدن يكون مِنْهُ خراجات وأورام.
الِانْتِقَال يكون إِمَّا إِلَى أَعلَى الْبدن وَإِمَّا إِلَى أَسْفَله والعلامات الدَّالَّة على النقلَة إِلَى أَسْفَل: الوجع من تِلْكَ النَّاحِيَة والالتهاب والانتفاخ الْحَادِث فِي الحالبين والوركين والدالة على الِانْتِقَال إِلَى فَوق: ضيق النَّفس الْحَادِث بَغْتَة وَثقل الرَّأْس والسمع والصمم والظلمة فِي الْعين.
العلامات الدَّالَّة على الْعرق النافض والبخار الحاد اللذاع يتصاعد من الْجِسْم وحرارة الْجلد وحمرته ونداوته والنبض الموجي.
عَلَامَات اخْتِلَاف الْبَطن حصر الْبَوْل وفقد عَلَامَات سَائِر أَنْوَاع الاستفراغ والثفل فِي الْعَانَة.
عَلَامَات الاستفراغ بالبول احتباس الْبَطن وفقد عَلَامَات سَائِر أَنْوَاع الاستفراغ والثقل فِي الْعَانَة.
عَلَامَات الاستفراغ بعروق المقعدة: فقد عَلَامَات سَائِر الاستفراغات: وَثقل ذَلِك الْموضع وَعَادَة العليل لذَلِك والوجع فِي الْقطن.
عَلَامَات الطمث: فقد العلامات والوجع والثقل فِي الْقطن.
الأولى من أَيَّام البحران قَالَ الْأَمْرَاض الَّتِي يكون انقضاؤها بالاستفراغات الظَّاهِرَة لَا بالتحلل وَهِي الْأَمْرَاض الحادة مَتى سكنت فِي وَقت مَا بِلَا استفراغ وَلَا نقلة يَعْنِي خراجاً فَمن عَادَتهَا أَن تعاود فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يَأْخُذ الْمَرِيض نَفسه بعد ذَلِك بالتحرز الشَّديد وَلَا تَأذن لَهُ فِي الْحمام وَلَا فِي حَرَكَة كَمَا يفعل الأصحاء وَلَا طَعَام وَلَا شراب كَمثل طعامهم وشرابهم فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك ثمَّ كَانَ الْمَرَض الَّذِي سكن يَسِيرا فخليق أَن لَا يعاود وَإِن عاود فخليق أَن لَا يكون عَظِيما وَإِن كَانَ الْمَرَض عَظِيما فَإِنَّهُ سيعاود وَلَو أَحْسَنت تَدْبِير العليل وَلكنه لَا يعاود بخطر وصعوبة شَدِيدَة وَلَا يَصح انْقِضَاء مثل هَذِه الْأَمْرَاض إِلَّا باستفراغ أَو انْتِقَال يكون مِقْدَاره بِمِقْدَار عظم تِلْكَ الْأَمْرَاض.
لى: تَدْبِير العليل يكون بتلطيف التَّدْبِير وَلُزُوم السّكُون وَترك كل مَا يهيج الْحَرَارَة.
عَلَامَات البحران قَالَ: يتَقَدَّم الاستفراغ وَالْخَرَاج اضْطِرَاب شَدِيد وَتغَير النَّفس وَالْعقل
(5/74)
والسدر واللمع والدموع واحمرار الْعين وَثقل الأصداغ ووجع الرَّقَبَة وَالرَّأْس وظلمة أَمَام الْعين وخفقان)
الْفُؤَاد واختلاج الشّفة السُّفْلى وانقباضها إِلَى دَاخل والرعدة الشَّدِيدَة وانجذاب مَا دون الشراسيف إِلَى فَوق وَالْكرب حَتَّى يتَبَيَّن وَيطْلبُونَ المَاء الْبَارِد ويشتكون التهاباً قَوِيا لم يكن قبل ذَلِك وَيقدم دور الْحمى وصعوبتها والسبات وَنَحْوهَا.
وَقت موت الْمَرِيض هُوَ بأيام البحران أخص وَيَنْبَغِي أَن ننقل مَا فِي البحران أَيْضا إِلَيْهِ.
لى: ابْن عمرَان بن مُوسَى الزيَادي سرسم وَيَوْم الثَّامِن زَادَت الْحَرَارَة فِي اللَّمْس وَسقط النبض الْبَتَّةَ واسبت وَكَانَ يعرق عرقاً لزجاً مُنْقَطِعًا مِنْهُ ثمَّ عرق فِي آخر النَّهَار وَأَقْبل وتخلص وبرأ فِي الْحَادِي عشر.
من جَوَامِع البحران الْغَيْر المفصلة قَالَ: إِذا كَانَت عَلَامَات البحران إِنَّمَا أَتَت بعد عَلَامَات النضج فثق بجودة عَلَامَات البحران بِقدر جودة عَلَامَات النضج وَإِذا كَانَت تَأتي قبل عَلَامَات النضج فثق برداءته بِحَسب ذَلِك.
من آخر الْمقَالة الْخَامِسَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: رَأَيْت إنْسَانا حم حمى حادة محرقة فأقلعت عَنهُ يَوْم السَّابِع بيرقان فِي جَمِيع بدنه.
الْمقَالة الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: الَّذِي ينْتَفع بِهِ من الخراجات مَا كَانَ بالبعد عَن الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة وَمَا كَانَ خُرُوجه على الْأَمر الْأَكْثَر إِلَى خَارج وَكَانَ بعد نضج الْمَرَض.
لى: عِلّة هَذَا مَا ظهر من كَلَامه: إِن الميلان إِلَى خَارج لَكِن إِذا نضج واستفرغ سَالَ إِلَى خَارج وَأما بالبعد عَن الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة فلكي إِن عَاد لم يعد إِلَى الْعُضْو الشريف وَأما بعد النضج والميلان إِلَى خَارج فَالْأَمْر فِيهِ بَين.
قَالَ فِي الحميات الإعيائية إِذا كَانَت الأخلاط بَارِدَة كَانَ البحران مزمعاً أَن يكون بالخراج فالخراج يكون فِي المفاصل الْقَرِيبَة من الْمَرَض إِلَى إعياء أَكثر وخاصة فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَعلَى مِنْهَا قَلِيلا لِأَن الأخلاط تصعد قَلِيلا بِسَبَب الْحَرَارَة لِأَنَّهَا ترق وتلطف قَلِيلا فَإِذا كَانَ اللحى فِيهِ إعياء أَكثر فتوقع الْخراج نَحْو الْأذن.
بحران الأخلاط الرقيقة الْحَرَارَة يكون بالاستفراغات وَأما الَّتِي هِيَ أبرد وَأَغْلظ فبالخراجات.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي يكون بحرانها بخراجات مَا كَانَ مِنْهَا أحد كَانَت خراجاته نَحْو الْعُلُوّ أميل وَالَّذِي هُوَ أغْلظ أخلاطاً وأبرد فخراجاته تكون نَحْو الْأَسْفَل أميل وَسَائِر الْأَشْيَاء تشهد بميل الْمَرَض إِلَى أَسْفَل أَو إِلَى فَوق أَعنِي الزَّمَان وَالسّن وَنَحْو ذَلِك قوى وَصِحَّة. وَكَون الْحَرَارَة)
الشَّدِيدَة فِي أعالي الْجِسْم أَو أسافله يدل على أَن الْخَلْط مائل نَحْو ذَلِك الْموضع يكون بالخراجات.
(5/75)
مِثَال ذَلِك: إِن سخونة الْقَدَمَيْنِ والساقين فِي الحميات أَكثر مَا يدل على ميل الأخلاط إِلَى أَسْفَل الْبدن وبالضد وَحَيْثُ بقيت أَكثر فإليه تميل الأخلاط أَيْضا وَفِيه تجدث الخراجات لذَلِك.
قَالَ: وَمن لم يكن لَهُ بحران كَامِل ثمَّ اتعب يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بعد خُرُوجه من الْمَرَض فَرُبمَا خرجت بِهِ فِيهَا خراجات وَيكون بهَا تَمام البحران وَمَتى كَانَ الْعُضْو قبل الْمَرَض تَعب أَو ارتاض فَفِيهِ وَقَالَ: فِيمَا بعد هَذَا كلَاما لم يقل فِيهِ جالينوس شَيْئا فيمَ أرى وَهَذَا كَلَام أبقراط.
السعال قد يحدث الخراجات كَمَا تحدثها الحميات وَالَّذِي أَحسب أَنه يُرِيد الفضول الَّتِي يكون مِنْهَا السعال فقد تنصب إِلَى بعض الْأَعْضَاء فَتحدث خراجات وَهُوَ أشبه أَو يَقُول إِنَّه إِذا كَانَ فِي الحميات الَّتِي يُرِيد أَن يكون فِيهَا خراج بسعال فَإِن الْخراج يمِيل إِلَى هَذِه الْأَعْضَاء.
قَالَ: الْعَوَارِض الَّتِي تجذب الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن إِذا عرضت فِي وَقت البحران تعين على تغير وعَلى حُدُوث البحران بالإسهال والقيء وَنَحْوه وَالَّتِي تجذب الدَّم إِلَى ظَاهِرَة كالسرور وَنَحْوه تعين على الْعرق وَكَذَلِكَ الْغَضَب.
إِذا غَابَتْ الأورام الَّتِي تحدث فِي أصُول الْأذن فِي الْأَمْرَاض من غير أَن تتقيح فَإِنَّهَا إِمَّا أَن تعود بأعظم مِمَّا كَانَت عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن يعود الْمَرَض وَرُبمَا صَار ذَلِك الورم إِلَى مفاصلهم وَتَكون عودته على دور مسَاوٍ لكَونه فِي الأول.
الْبَوْل الثخين: يكون بِهِ بحران الحميات الإعيائية فِي الْيَوْم الرَّابِع وَإِن كَانَ مَعَه رُعَاف فأحرى أَن يتم البحران فَإِن لم يكن من هذَيْن شَيْء فتوقع الْخراج فِي المفاصل الَّتِي تعبت. (بحارين الأورام فِي الأحشاء) الْمقَالة الأولى من تقدمة الْمعرفَة: 3 (الَّذين بهم أورام حارة) فِي الْجَانِب الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر فِيمَا دون الشراسيف مَعَ حمى حادة شَدِيدَة قد يحدث لَهُم رُعَاف فِي الرابوع الأول ويتخلصون بذلك من تِلْكَ الأورام. وَآيَة ذَلِك أَن يَجدوا صداعاً وغشاوة فَإِن ذَلِك يدل على ميل الْخَلْط نَحْو الرَّأْس والأجود أَن يكون الرعاف من الْجَانِب الَّذِي فِيهِ الْعُضْو العليل وَأما مَا خَالف ذَلِك فَإِنِّي لَا أَحْمَده.
قَالَ ج: أَكثر هَؤُلَاءِ يعرض لَهُم الرعاف فِي الْأُسْبُوع الأول وَمِنْهُم من يُصِيبهُ فِي السَّابِع وَالْحَادِي عشر وتوقعك للرعاف فِي من سنه دون الْخمس وَالثَّلَاثِينَ يكون أقوى لِأَن الدَّم فِي هَذِه السن كثير والحرارة قَوِيَّة. وَأما مَا كَانَ من الأورام لينًا مَعَه تطَأ من تَحت الْأَصَابِع إِذا غمز عَلَيْهِ فبحرانه يكون أَبْطَأَ إِلَّا أَنه أقل عَادِية من الفلغموني لِأَن هَذِه تحدث عَن البلغم فَلذَلِك قد تطول مدَّتهَا لشدَّة بردهَا لِأَنَّهَا تبطئ النضج لقلَّة حَرَارَتهَا وَأما السَّبَب فِي قلَّة الْخطر الْعَارِض فِيهَا فَلِأَنَّهُ لَا وجع مَعَه لِأَنَّهُ بالوجع تسْقط الْقُوَّة فَإِن لم يحدث للَّذين بهم فلغموني رُعَاف وَلَا سكنت حماهم وَلَا انفش الورم فَإِنَّهَا تَجْتَمِع فِي عشْرين يَوْمًا وَأما هَذِه
(5/76)
فَإِن بقيت الْحمى والورم إِلَى سِتِّينَ يَوْمًا فَإِنَّهَا تَجْتَمِع وَأما المتوسطة بَين هذَيْن وَتلك فتجتمع إِذا لم ينفش وَلم تسكن الْحمى فِي عشْرين يَوْمًا وَليكن رجاؤك للرعاف إِذا كَانَت هَذِه الأورام عالية جدا كَانَ أقوى وأسرع.
قَالَ: وجميعها إِذا أزمنت من غير أَن تنفش مِنْهَا وَبَقِي شَيْء متحجر فَلَا تتَوَقَّع الرعاف لَكِن توقع أَن يتقيح فَأَما أحمدها وأخوفها فَفِي بَاب الدبيلات.
الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي تكون عَن أخلاط حارة لَطِيفَة فبحرانها يكون بالإسهال وَأما الكائنة عَن أخلاط غَلِيظَة بَارِدَة فبالخراجات.
قَالَ و 3 (الخراجات فِي الْأَمْرَاض المزمنة) تكون فِي النواحي السفلانية لغلظ الْمَادَّة وبردها وَضعف الْقُوَّة لما ينالها من الانحلال بطول الْمَرَض وَأما الْأَمْرَاض الحادة فالخراجات تحدث فِيهَا إِلَى جَانب الْأذن وَذَلِكَ أَن الأخلاط فِي هَذِه أقل غلظاً وَالْقُوَّة أقوى وَأما المتوسطة فَتكون الخراجات فِيهَا فِي الْجَانِبَيْنِ ويستدل على أَي جَانب يكون بدلائل الْميل إِلَيْهِ.
قَالَ: وَمَتى حدث لَهُ فِي السَّابِع عرق أَو إسهال أَو رُعَاف فَكَانَت الْحَالة بعده أفضل فَذَلِك مَحْمُود وَإِن كَانَت ردية فَذَلِك ردي لِأَن الحادثات فِي أَيَّام البحران أصح وأوكد.
مَتى قدرت الْمَوْت أَو البحران الحميد فِي يَوْم مَا ثمَّ حدث قبل ذَلِك الْيَوْم حَادث فَانْظُر فَإِن كَانَ ذَلِك الْحَادِث فِي الطَّبَقَة الأولى فِي قوته فَاعْلَم أَن الَّذِي قدرت يتَقَدَّم إِلَى يَوْم آخر بِمِقْدَار قُوَّة الْحَادِث.
مِثَال فِي ذَلِك: إِن قدرت فِي عليل مَا فِي الْيَوْم السَّابِع أَنه يَمُوت فِي الرَّابِع عشر فَظهر فِي التَّاسِع رسوب أسود فَاعْلَم أَنه لَا يتَأَخَّر إِلَى الرَّابِع عشر لكنه يَمُوت فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر وبالضد.
وَإِن كَانَت دَلَائِل الْمَوْت لَهَا الْغَلَبَة حَتَّى أَنَّك علمت أَنه يَمُوت لَا محَالة ثمَّ حدث حَادث آخر جيد فَاعْلَم أَن الْمَوْت يتَأَخَّر عَن الْيَوْم الَّذِي قدرت بِمِقْدَار قُوَّة ذَلِك الْحَادِث إِلَى يَوْم آخر.
وَإِن كنت قدرت البحران الْجيد فِي يَوْم مَا وَحدث حَادث فِي الطَّبَقَة الأولى من الْجَوْدَة فَإِنَّهُ يتَقَدَّم عَن الْيَوْم الَّذِي قدرت فِيهِ.
الخراجات الْمقَالة الثَّانِيَة من الخراجات الَّتِي يكون بهَا بحران ذَات الرية وَنَحْوه فِي أَبْوَابهَا أَكثر مَا تخرج خراجات البحران فِي المفاصل لسعتها وَكَثْرَة حركتها.
قَالَ: وَالنِّسَاء اللائي يلدن فتأخذهن الْحمى بعد الْولادَة فأحسب لَهَا أَيَّام بحرانها فِي الْيَوْم الَّذِي الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: البحران يكون إِمَّا باستفراغ وَإِمَّا بخراج وَيكون فِي الندرة بنوم غرق طَوِيل ذَلِك فِي الصّبيان خَاصَّة.
قَالَ: 3 (إِذا كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد) دَائِما مَعَ حمى حادة فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك شَيْء من
(5/77)
عَلَامَات الْمَوْت فَذَلِك قتال جدا وَإِن لم تكن أَمَارَات الْهَلَاك فتوقع الرعاف إِلَى الْيَوْم السَّابِع فَإِن جَاوز السَّابِع فتوقع مُدَّة تجْرِي من المنخرين والأذنين وَإِن دَامَ الوجع إِلَى الْعشْرين فقد يكون التَّخَلُّص مِنْهُ برعاف فِي الندرة وَإِمَّا بِخُرُوج الْمدَّة من المنخرين أَو خراج فِي النواحي السفلية.
لى: من الرَّأْس فَيعرض كثيرا فِي ذَلِك الْوَقْت فليقو رجاؤك للرعاف إِن كَانَ شَابًّا وَفِي الْمدَّة إِن كَانَ كهلاً وَمن طَالَتْ حماه وَدَلَائِل السَّلامَة مَوْجُودَة وَلَيْسَ بِهِ ألم من التهاب أصلا وَلَا من سَبَب آخر بَين فتوقع خراجاً فِي مفاصله السفلية لِأَن مثل هَذِه الحميات تكون عَن أخلاط غَلِيظَة وشأن الطبيعة استفراغها ببول غليظ أَو بخراج فِي الْأَكْثَر وَرُبمَا أفرغته بالإسهال فِي الْأَقَل.
لى: يَنْبَغِي أَن يعلم أَنه قد يزِيد بِهِ فِي الحميات الَّتِي لَا تتحلل بالتحلل الْخَفي وَيَنْبَغِي أَن يكون قَالَ ج: إِذا كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة والحمى حارة فَلم يكن لَهُ بحران بخراج وَلَا استفراغ ظَاهر بَين لكنه فِي الْأَكْثَر يقتل وَفِي الْأَقَل إِذا سلم ينضج ويتحلل فِي مُدَّة من الزَّمَان طَوِيلَة وَذَلِكَ إِذا سكنت حِدة الْمَرَض وانقلبت وَإِذا كَانَت الأخلاط حارة وَالْقُوَّة قَوِيَّة لم يكن بحران الْمَرَض بخراج بل باستفراغ وَمَتى كَانَت الأخلاط بَارِدَة وَالْقُوَّة قَوِيَّة كَانَ بخراج.
لى: الْأَقْسَام من الْقُوَّة والخلط: هُوَ إِمَّا أَن تكون الأخلاط حارة وَالْقُوَّة قَوِيَّة وَهَذَا يكون بحرانه باستفراغ ظَاهر وَهَذَا أَكثر مَا يكون بالرعاف أَو الْقَيْء وَقد يكون بالإسهال وبالعرق إِن كَانَ الْخَلْط رَقِيقا. وَإِمَّا أَن تكون الْقُوَّة قَوِيَّة والأخلاط بَارِدَة وَهَذَا يكون بالخراجات على حسب غلظها ولطفها. وَإِمَّا أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة والأخلاط حارة وَهَذَا يقتل فِي الْأَكْثَر وَفِي الْأَقَل عِنْد السَّلامَة يتَحَلَّل بالتحلل الْخَفي. وَإِمَّا أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة والأخلاط بَارِدَة فَهَذَا إِمَّا أَن يقتل فِي طول الزَّمَان وَإِمَّا أَن يتَحَلَّل فِي طول من الزَّمَان وَالزَّمَان والأشياء الْأُخَر تغير بعض هَذِه الخراجات الَّتِي تحدث فِي الْأَسْنَان المتوسطة فَأَما الْأَحْدَاث فالاستفراغ بهم أخص وَأما الْمَشَايِخ فبالتحليلات.
قَالَ ج: من جَاوز الْخمس والثلاثبن فحدوث الخراجات بِهِ أقل وَأما الْمَشَايِخ فَلَا يحدث بهم ذَلِك أَو يكون أقل ذَلِك.
لى: الْمدَار على الْقُوَّة والخلط فَإِنَّهُ قد يكون شيخ قوي يحدث لَهُ استفراغ وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع)
الْخراج إِذا جَاوز الْمَرَض عشْرين يَوْمًا.
قَالَ: وتوقع الخراجات إِذا طَال الْمَرَض الْحَار وَهُوَ مجاوز الرَّابِع عشر فَصَاعِدا إِلَى الْأَرْبَعين وَكَانَت الْحمى دائمة وتوقع انتقالها إِلَى الرّبع مَتى كَانَت تنوب مختلطة النوائب وَجَاءَت على غير تَرْتِيب وخاصة مَتى كَانَ يقرب الخريف وتوقع الرّبع الكهول أَكثر مِمَّا يتَوَقَّع فِي الشَّبَاب.
قَالَ: والخراجات تكون فِي الشتَاء أَكثر وسكونها أَبْطَأَ ومعاودتها أقل لِأَن الشتَاء بِبرْدِهِ
(5/78)
يعين على ميل الأخلاط عَن الاستفراغ إِلَى الظَّاهِر الْخَاص الأخلاط الحارة إِلَى الْبُرُودَة وسكونها أَيْضا يكون لضعف التَّحَلُّل بِسَبَب برد الْهَوَاء الْمُحِيط ومعاودتها أقل لبرد الْوَقْت أَيْضا لِأَن المعاودة يحْتَاج إِلَى سَبَب محرك.
قَالَ: من كَانَ بِهِ صداع وتخييلات سود أَمَام عَيْنَيْهِ ووجع فِي الْفُؤَاد وَكَانَت حماه سليمَة فتوقع لَهُ الْقَيْء فَإِن بردت نواحي شراسيفه وأصابه نافض كَانَ الْقَيْء أسْرع إِلَيْهِ وَإِن أكل كَانَ أسْرع جدا.
قَالَ: الْمرة الصَّفْرَاء إِذا سخنت واحترقت تولد عَنْهَا بخار أسود فَإِذا صعد نَحْو الرَّأْس كَانَت تخييلات فِي الْعين وَقد يرْتَفع مثل هَذِه البخارات من الرية إِلَّا انه يكون مَعهَا وجع الْفُؤَاد لِأَن الرية لَا حس لَهَا. وَأما إِذا كَانَ فِي الْمعدة فَإِنَّهُ يعرض مَعهَا وجع فمها الَّذِي يُسمى وجع الْفُؤَاد والنافض لَيْسَ يسْرع الْقَيْء بل يكثره. وَذَلِكَ انه يهزل الْبدن وَإِن أكل أسْرع الْقَيْء لِأَن فِي معدته خلطاً مرارياً كثيرا فَيفْسد الَّذِي يَأْكُل سَرِيعا وَيكثر كميته فَيكون أعون على الْخُرُوج لِأَن الْمعدة تقبض عَلَيْهِ أَشد إِذا كَانَ كثيرا.
ثمَّ السّفر السَّادِس من الْحَاوِي للرازي يَوْم الِاثْنَيْنِ الْعَاشِر من ربيع المكرم سنة ثَلَاث وَعشْرين صَار اللَّهُمَّ كَمَا أعنت فصل على مُحَمَّد وأرواح آله وَذريته وَأَصْحَابه وأصهاره وأنصاره وتابعيهم وَتبع تابعيهم إِلَى يَوْم الدّين وَسلم وكرم وَشرف بقرار السَّمَاوَات. يتلوه بحول الله تَعَالَى فِي السَّابِع فِي الصداع.
(5/79)
3 - (الصداع) قَالَ: الصداع الَّذِي يعرض فِي أول يَوْم من الْمَرَض فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يشْتَد فِي الرَّابِع وَالْخَامِس فَإِذا كَانَ السَّابِع سكن فَأَما الْأَكْثَر مِنْهُم فيبتدئ بِهِ الصداع فِي الثَّالِث ويشتد فِي الْخَامِس وَيذْهب عَنهُ فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَمِنْهُم من يَبْتَدِئ بِهِ فِي الْخَامِس وَيذْهب عَنهُ فِي الرَّابِع عشر.
قَالَ: جَمِيع هَذِه الْأَنْوَاع من الصداع يَأْتِي بحرانها بِالْقربِ من السَّابِع من يَوْم بدأت وَأما الَّذِي بَدَأَ فِي الْخَامِس فامتد إِلَى الرَّابِع عشر فَلِأَن حرارة الْحمى لم يكن لَهَا قُوَّة وَالدَّلِيل على ذَلِك تَأَخّر الصداع إِلَى الْخَامِس.
قَالَ: وَهَذَا الصداع على هَذَا النَّحْو يعرض للمستكملين من الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيع حميات الغب لِأَن المرار فِي هَؤُلَاءِ لَيْسَ بغالب جدا فَأَما الَّذين هم دون هَؤُلَاءِ فِي السن فَيعرض لَهُم هَذَا فِي الغب الْخَالِصَة فَقَط لِأَن المرار فِي طبيعة هَذِه الْحمى غَالب جدا وَفِي المحرقة.
قَالَ: أما من أَصَابَهُ صداع فِي مثل هَذِه الحميات وأصابه مَكَان السوَاد أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة ولمع وأصابه مَكَان وجع الْفُؤَاد تمدد فِيمَا دون الشراسيف فِي الْجَانِب الْأَيْمن والأيسر من غير وجع وَلَا تلهب فتوقع لَهُ الرعاف وخاصة لمن أحدث سنا فَأَما من زاحم الثَّلَاثِينَ أَو جاوزوها فَيكون توقعك للرعاف فِيهِ أقل والقيء أَكثر لِأَن هَذِه العلامات عَظِيمَة الدّلَالَة على ميل الأخلاط نَحْو الرَّأْس.
قَالَ قد قَالَ أبقراط: إِن الرعاف يحدث بحران الأورام الحارة فِيمَا دون الشراسيف وخاصة فِيمَن كَانَ حدث السن لِكَثْرَة مَا فِي بدنه من الدَّم وَيدل على الرعاف أَو تَدْمَع الْعين والنبض يدل على الرعاف خَاصَّة جدا وتوقع الرعاف فِي الرّبيع أَكثر وَإِن كَانَ الشتَاء الَّذِي تقدم أَيْضا مائلاً إِلَى الدموية وَالسّنة أجمع مولدة الدَّم فَلْيَكُن رجاؤك لَهُ أَكثر وتوقع الْعرق عِنْد الْمَطَر ورطوبة الْهَوَاء أَكثر. فَأَما فِي حَال عدم الْمَطَر الْبَتَّةَ فَلْيَكُن رجاؤك لَهُ أقل وَإِن كَانَ أدنى مطر فِي الصَّيف فَإِنَّهُ سَيكون فِي الْحمى وَلَو كَانَ قَلِيلا.
الثَّانِيَة من البحران قَالَ: مَتى ظَهرت العلامات الباحورية نَحْو مُنْتَهى الْمَرَض دلّت على بحران وَمَتى ابتدأت فِي ابْتِدَاء الْمَرَض دلّت على اخْتِلَاط الْعقل وَالْمَوْت وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يَأْتِي بحران فِي أول الْمَرَض بالأعلام الباحورية إِذا ظَهرت فِي أول الْمَرَض لم تدل على بحران بل على شَيْء ردي جدا.)
(5/80)
قَالَ: وَمَتى احتفزت الطبيعة ليحدث البحران فأحدثت هَذِه العلامات كَانَ مَعَ ذَلِك دَلَائِل بَيِّنَة على النضج قد تقدّمت.
وَمَتى لم يكن يحفز الطبيعة ليحدث البحران برداءة الْمَرَض نَفسه وغلبته ظَهرت الْأَعْرَاض الردية من دَلَائِل النضج وَفِي أَكثر الْأَمر يَمُوت الَّذين يظْهر فيهم الْأَعْرَاض قبل النضج والأقل مِنْهُم يتَخَلَّص أما بالرعاف وَأما بنفث مُدَّة قد نَضِجَتْ نضجاً شَدِيدا.
الأولى من الْفُصُول من عَلَامَات البحران: القلق الَّذِي يَأْخُذ العليل بِلَا سَبَب مَعْرُوف والدموع وَحُمرَة الْعين وَالْوَجْه وَالْأنف وتورم أصل الْأذن والوجع فِي عُضْو والارتعاش والتمدد والخفقان فِي وَقت البحران إِن كَانَ البحران تَاما كَامِلا فَلَا تحرّك الطبيعة بدواء مسهل وَلَا بِغَيْرِهِ لَكِن دَعه وَالْعلَّة وَإِن كَانَ الاسستفراغ وَالدَّفْع نَاقِصا فأعن الطبيعة على استتمام فعلهَا لِأَن بقايا الْخَلْط الَّذِي يستفرغ يُوجب عودة الْعلَّة.
قَالَ: يحْتَاج البحران الْكَامِل إِلَى أَشْيَاء حَتَّى يكمل. الْكَائِن بالاستفراغ أفضل من الْكَائِن بالخراج وَأَن يستفرغ من الكيموس الْغَالِب وَأَن يستفرغ من نَاحيَة الْعلَّة وجانبها وَأَن يخف عَلَيْهِ الْبدن بعد وَأَن يكون بعد عَلَامَات النضج وان يكون قي يَوْم باحوري فبقدر مَا ينقص عَن هَذِه ينقص عَن أفضل البحران. 3 (تَدْبِير البحران النَّاقِص) قَالَ: إِذا رَأَيْت الاستفراغ نَاقِصا أعن الطبيعة بالمسهل أَو بِغَيْرِهِ من الاستفراغ حَتَّى يكون مَا تَفْعَلهُ الطبيعة وتفعله أَنْت بالدواء بالإسهال وافياً باستفراغ الْخَلْط المودي.
الثَّانِيَة من الْفُصُول قَالَ: لم يُشَاهد مرض قطّ يَتَحَرَّك مُنْذُ أَوله حَرَكَة شَدِيدَة قَوِيَّة جَازَ الرَّابِع عشر وَلم يحدث فِيهَا أحد فِيهَا أَصْنَاف التَّغَيُّر الْأَرْبَعَة: وَهِي البحران الْجيد التَّام أَو النَّاقِص ومدته.
قَالَ: وَمن الْأَمْرَاض أمراض يكون لَهَا فِي بعض أَيَّام البحران بحران نَاقص ثمَّ يستتم البحران فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ. إِذا عرض مرض قوي ثمَّ خف من غير أَن تكون لَهُ استفراغ مَا وَلَا ظهر فِيهِ عَلَامَات النضج وَلَا تغير بذلك الْخُف فَأَنْذر أَن الْمَرَض سيعاود شرا مِمَّا كَانَ وَإِذا ظَهرت العلامات المهولة والقلق وَقد تقدّمت عَلَامَات النضج فَلَا تخف الْبَتَّةَ بل اعْلَم أَنه سَيكون بحران جيد قريب.
الثَّالِثَة من الْفُصُول قَالَ: أَكثر الْأَمْرَاض الْعَارِضَة للصبيان يَأْتِي البحران فِي بَعْضهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَفِي بَعْضهَا فِي سبع سِنِين وَبَعضهَا إِذا شارفوا نَبَات الشّعْر فِي الْعَانَة أَو حِين يجْرِي الطمث وَإِن الرَّابِعَة من الْفُصُول حُدُوث النافض فِي الحميات الَّتِي لَا نافض فِيهَا وخاصة فِي المحرقة ينذر ببحران فَإِن كَانَ بعد النضج وَفِي يَوْم باحوري كَانَ جيدا وَإِلَّا فردياً أَو نَاقِصا أَو غير وثيق.
(5/81)
الحميات الإعيائية أَكثر مَا يكون البحران فِيهَا بخراج فِي المفاصل وَإِلَى جَانب اللحيين. كَيفَ كَانَ الإعياء حَادِثا من تَلقاهُ نَفسه أَو للحركة وخاصة الإعياء الْكَائِن من تَلقاهُ نَفسه وَمن هَؤُلَاءِ أَيْضا من كَانَ بِهِ الضَّرْب من الإعياء الْكَائِن من كَثْرَة الأخلاط وَهُوَ التمددي إِلَّا أَن الْخراج إِلَى جَانب اللحى يكون فِي التمددي أَكثر لِأَن المفاصل لم تتعب وَلم تحم بالتعب وتتسع وحرارة الْحمى تشيل الأخلاط إِلَى الرَّأْس فيقبلها اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي جَانب الْأذن. وَأما الإعياء الحركي فَإِن المفاصل تكون قد تعبت وضعفت فَفِي الْأَكْثَر تكون فِي هَذِه الْحَالة.
قَالَ: مَتى أحس مَرِيض فِي مَرضه بإعياء فتوقع لَهُ خراجاً فِي بعض مفاصله وخاصة إِلَى جَانب اللحى.
لى: لِأَنَّهُ قد قَالَ: إِن الإعياء خَاصَّة يكون الخراجات والإعياء الَّذِي يحس فِي الْمَرَض لَا يكون إعياء حركياً فكون الْخراج لذَلِك فِي هَذَا الْموضع أولى.)
قَالَ: من خرج من مَرضه ببحران غير وثيق إِن حدث فِي بعض مفاصله وجع أَو إعياء خرج فِيهِ خراج فَإِن كَانَ قد تقدم قبل مَرضه فأتعب عضوا مَا أَو أوجعهُ عُضْو مَا ثمَّ لم يكن لمرضه بحران باستفراغ فَإِن فِي ذَلِك الْعُضْو يكون خراج. وَهَذَا القَوْل إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْرَاض الَّتِي فِيهَا البحارين بالخراج.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي تجَاوز الْأَرْبَعين لَا يكون بحرانها بالاستفراغات وَلَا بالعرق لَكِن إِمَّا بالخراجات وَإِمَّا بالتحلل الْخَفي قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ: والعرق والاستفراغ يضعف مذ تجَاوز الْمَرَض عشْرين يَوْمًا ويضعف أَكثر بعد الثَّلَاثِينَ فضلا عَن الْأَرْبَعين.
قَالَ: الخراجات الَّتِي تحدث فِي الحميات إِذا لم تتحلل فِي الْأَيَّام الأول من أَيَّام البحران فالأمراض لَا محَالة تطول.
إِذا عرض اليرقان فِي الْحمى قبل السَّابِع فَهُوَ عَلامَة ردية وَلَيْسَ مَتى ظهر بعد السَّابِع فَهُوَ عَلامَة جَيِّدَة لَا محَالة لِأَن ظُهُوره قبل السَّابِع لَا يُمكن أَن يكون على سَبِيل دفع الطبيعة للمرار وقذفه إِلَى ظَاهر الْبدن فَيكون ذَلِك الآفة حلت بالكبد فَأَما الْحَادِث بعد السَّابِع فَيمكن أَن يكون لدفع الطبيعة وَيُمكن أَن يكون لآفة حلت بالكبد.
لى: يفرق بَينهمَا أَن الباحوري يكون فِي يَوْم باحوري ويتبعه سُكُون الْحمى وخفتها وَالْآخر كثيرا مَا يتبعهُ شدَّة الْحمى وصعوبتها.
قَالَ: إِذا عرض اليرقان فِي الحميات قبل السَّابِع فَذَلِك ردي لَا محَالة وَإِذا عرض بعد السَّابِع فِي التَّاسِع أَو الرَّابِع عشر فَذَلِك جيد إِلَّا أَن يكون فِي نَاحيَة الكبد صلابة.
لى: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يدل على أَنه لم يكن لبحران بل لآفة فِي الكبد.
(5/82)
قَالَ: إِن ظَهرت فِي الْبَوْل فِي الْيَوْم الرَّابِع غمامة حَمْرَاء أَو سَائِر العلامات فَإِن بحرانه يكون فِي السَّابِع.
قَالَ ج: لَيْسَ الغمامة الْحَمْرَاء بل كل دَلِيل ذِي قدر يظْهر فِي الرَّابِع لم يكن قبله مِمَّا يدل على النضج فَهُوَ يدل على أَن البحران يكون فِي السَّابِع وَإِنَّمَا ذكر الغمامة الْحَمْرَاء لِأَنَّهُ أَمر بديع لِأَن الغمامات الْحمر تطول الْعلَّة أَكثر وَإِن كَانَت سليمَة وَإِلَّا فالبيضاء أولى بذلك كثيرا. والتعلق الْأَبْيَض إِذا كَانَ الْمَرَض سريع الْحَرَكَة جدا فَإِن تغير اللَّوْن وَتغَير الْبَوْل أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا كَانَ)
دَلِيلا كَافِيا على البحران فِي السَّابِع إِذا كَانَ ذَلِك فِي الرَّابِع. ذَلِك من أَن الْبَوْل الرَّقِيق إِن غلظ فِي الرَّابِع غلظاً معتدلاً والأبيض إِن اصفر فِيهِ حَتَّى يصير اترجيا فِي مثل هَذَا الْمَرَض أَعنِي السَّرِيع الْحَرَكَة جدا فَإِنَّهُ ينذر ببحران فِي السَّابِع. فَأَي عَلامَة من عَلَامَات البحران ظَهرت فِي يَوْم من أَيَّام الْإِنْذَار فَإِنَّهَا تدل على البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ وَلَا يدل على انه يكون البحران جيدا أَو ردياً وَإِنَّمَا يدل على ذَلِك إِذا ظَهرت فِي يَوْم الْإِنْذَار عَلامَة من عَلَامَات النضج وَإِنَّمَا ذكر الْحَمْرَاء هَهُنَا دون غَيرهَا ليفهم عَنهُ أَنه إِذا كَانَ يجب فِي الْحَمْرَاء فَإِنَّهَا فِي الْبَيْضَاء أوجب وَلِأَنَّهَا أَيْضا أَمر نَادِر وَكَذَلِكَ أَيْضا إِنَّمَا يظْهر فِي الندرة.
قَالَ: وَيجب أَن يتفقد الْمَرَض كَمَا أَن الغمامة الْحَمْرَاء إِذا ظَهرت فِي الرَّابِع جَاءَ البحران فِي السَّابِع كَذَلِك إِذا ظَهرت فِي غَيره من أَيَّام الْإِنْذَار جَاءَ البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ فَإِنِّي أَنا رَأَيْت هَذِه الْعَلامَة مَرَّات كَثِيرَة ظَهرت فِي التَّاسِع فجَاء البحران فِي الرَّابِع عشر وَظَهَرت فِي الْحَادِي عشر فجَاء البحران فِي الْعشْرين فَهَذِهِ الْعَلامَة إِذا ظَهرت يَوْم من أَيَّام الْإِنْذَار غير الرَّابِع لم يكن البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ كَمَا يكون فِي الرَّابِع وَالسَّابِع وَالسَّبَب فِي ذَلِك: أَن مَا يَأْتِي بعد الرَّابِع إِلَى السَّابِع زَمَانه متساو لما مضى من الْمَرَض قبل ظُهُور الغمامة فَلذَلِك قد يُمكن أَن يدل إِذا كَانَت فِي الرَّابِع أَن البحران يكون فِي السَّابِع دلَالَة صَحِيحَة وَأما مَتى ظَهرت هَذِه الْعَلامَة فِي الْحَادِي عشر فَلَا بُد يكَاد يكون البحران فِي الرَّابِع عشر لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون فِي ثَلَاثَة أَيَّام فَقَط مستكملاً مَا بَقِي على الطبيعة وَإِنَّمَا ظهر مَا ظهر فِي أحد عشر يَوْمًا بل يحْتَاج إِلَى أَيَّام أَكثر وَلَا أقل من مِقْدَار مَا مضى على أَن هَذَا اللَّوْن مَتى ظهر دلّ على فضل تَأَخّر من انْقِضَاء الْمَرَض.
من يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي مفاصله من أجل بحران قد يتَخَلَّص من ذَلِك الْخراج ببول كثير غليظ أَبيض يبوله.
قَالَ: الْخراج يخرج فِي المفاصل فِيمَن أتعب مفاصله قبل الْمَرَض أَو فِيمَن أَصَابَهُ الإعياء فِي نفس مَرضه على أَي وَجه كَانَ أَو فِيمَن يطول بِهِ الْمَرَض من كَثْرَة الأخلاط الغليظة فِيهِ فَإِن قويت الطبيعة على نقص الْبدن وتنقيته بالبول يسلم بذلك الْمَرَض من الْخراج لاستفراغ الطبيعة بالمثانة مَا هُوَ مزمع بالتحلب إِلَى بعض المفاصل.
(5/83)
قَالَ: والحمى مَعَ إعياء من شَأْنهَا أَن تحدث الْخراج سَرِيعا وَلَا تنظر بِهِ مُدَّة أطول كَسَائِر الحميات ويعرض لصَاحب هَذِه الْحمى الْخراج عِنْد الْأذن اكثر كَمَا أَنه يعرض لصَاحب الْعِلَل)
المزمنة أَن يكون تولد الْخراج فِي أسافل الْبدن أَكثر فَأَما فِي أَصْحَاب الحميات الَّتِي بإعياء من تِلْقَاء نَفسه فلكثرة الْخَلْط فِيهِ وحرارة مُرْتَفعَة إِلَى أعالي الْبدن فَيكون الْخراج من أعالي الْبدن اعني فِي الرَّأْس إِلَّا أَن ينذر قبل الرعاف وَالْخَرَاج يمْنَع كَونه الرعاف بِمرَّة فَأَما الْبَوْل فَإِنَّمَا يمنعهُ إِذا دَامَ أَيَّامًا.
قَالَ جالينوس إِن من الْبَين أَن انْقِضَاء الْمَرَض بالرعاف يكون أسْرع مِنْهُ بالبول لِأَن استفراع الأخلاط يحْتَاج إِلَى أَيَّام.
لى: قد صَحَّ مِمَّا قُلْنَا إِن أقوى البحارين الرعاف ثمَّ الإسهال ثمَّ الْقَيْء ثمَّ الْبَوْل ثمَّ الخراجات وَرُبمَا كَانَت الخراجات أقوى من الْعرق وَرَأَيْت عداد مرضى سكنت حماهم بِأَن انْدفع الْفضل إِلَى أَيْديهم وأرجلهم ضَرْبَة حَتَّى كَأَنَّهَا صَارَت سقافلوس وعفنت وتساقط اللَّحْم فَهَذَا كُله نوع من أَنْوَاع البحران أَيْضا.
لى: يمْنَع من الخراجات فِي الإعياء الْكَائِن من تَلقاهُ نَفسه وَفِي المفاصل الَّتِي تعبت فِي الإعياء الحركي فَإِنَّمَا تكون الخراجات فِي هذَيْن من الإعياء والأمراض المتوسطة فِي الحدة والأزمان.
السَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ ج: قَالَ أبقراط: إِذا ظَهرت أَعْرَاض البحران ثمَّ لم يكن بهَا بحران دلّت على موت وَأما على بحران عسر وَقد فسر ج هَذِه الْأَعْرَاض على أَنَّهَا الاستفراغات أَنْفسهَا وَذَلِكَ أَن أبقراط قَالَ هَا هُنَا: إِذا كَانَ الْعرق يجلب نافضاً فَذَلِك ردي.
قَالَ ج فِي تَفْسِير ذَلِك: لِأَن أبقراط قد قَالَ إِن أَعْرَاض البحران إِلَى آخر الْكَلَام وَأَنا أرى أَن هَذَا غير مشاكل وَأَن أبقراط لم يرد بقوله إِذا كَانَت أَعْرَاض البحران وَإِن لم يكن بهَا بحران الاستفراغات لَكِن الْأَعْرَاض الَّتِي تتقدم كَون البحران مثل الأرق والقلق وَنَحْوه.
لى: رَأَيْت القلق وَالْكرب يتَقَدَّم البحران الْكَائِن بالقيء والرعاف أَكثر من غَيره ويتلوه الَّذِي بالعرق ثمَّ الَّذِي بالاختلاف وَأما الَّذِي ببول وخراج فَلَا. فَنَقُول: إِذا ظَهرت العلامات الباحورية ثمَّ لم يكن بعقبها الْحَرَارَة فَإِن ذَلِك إِمَّا لِأَن الْمَرَض يزِيد زِيَادَة كَثِيرَة مفرطة فَلم يظْهر ذَلِك من أجل أَن يكون بحراناً لَكِن من أجل تزيد الْمَرَض ورداءته فينذر بِمَوْت. وَإِمَّا لِأَن الطبيعة أخذت فِي المجاهدة فظهرت الْأَعْرَاض الباحورية لَيست شَيْئا أَكثر من مجاهدة الطبيعة لِلْعِلَّةِ فَلَمَّا رامت ذَلِك خارت بعد الْجهد فَلم يتبع فعلهَا استفراغ فَدلَّ ذَلِك على أَن البحران عسر لِأَن الْمَرَض قوي والطبيعة ضَعِيفَة بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا يُمكن أَن يتَعَلَّق من هَذَا الْكَلَام بِلَفْظَة مِنْهُ شُبْهَة وَهُوَ)
قَوْله وَلم يُمكن بهَا بحران لِأَن هَذَا كَأَنَّهُ على الاستفراغات أدل مِنْهُ على الْأَعْرَاض الَّتِي تتقدم لِأَن اللَّفْظ الأشكل بِهَذِهِ أَن يُقَال: وَلم يَأْتِ بعْدهَا بحران. فَإِن كَانَ أبقراط يَعْنِي بهَا هَذَا فَهَذَا أردى جدا لِأَن ذَلِك يدل على
(5/84)
أَن ذَلِك الاستفراغ إِمَّا أَن يكون لِكَثْرَة الأخلاط وَإِمَّا من غير الْخَلْط الَّذِي يجب وَإِمَّا لضعف الطبيعة وَكلهَا ردي يحْتَاج أَن يطال فِيهَا الْكَلَام ثمَّ نستقصيه فِي كتَابنَا فِي البحران.
لى: من محنة الطَّبِيب أول مَا يحْتَاج أَن تعرف: هَل يَمُوت العليل أَو يسلم فَإِن يسلم فببحران تَامّ أَو يتَحَلَّل ببحران بَين أَو ببحران نَاقص أَو يحلل ذَلِك فِي الْمَوْت ثمَّ هَل البحران يحذر مَعَ شدَّة وخطر أَولا ثمَّ فِي أَي يَوْم يكون بِأَيّ نوع يكون ثمَّ حريز وثيق هُوَ أَولا فَهَذَا من رُؤُوس تقدمة الْمعرفَة. وَيجب أَن تضع أَولا عَلَامَات النضج لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَيْهَا فِي تعرف السَّلامَة والهلاك ثمَّ عَلَامَات الْقُوَّة والضعف ثمَّ عَلَامَات السَّلامَة والهلاك ثمَّ عَلَامَات البحران والتحلل ثمَّ عَلَامَات نوع البحران. ثمَّ عَلَامَات أَي نوع يكون ثمَّ عَلَامَات أحريز هُوَ أم لَا فعلى هَذَا وَقَالَ: دعيت إِلَى عليل قد سَقَطت قوته حَتَّى أَن أَهله كَانُوا يغذونه بِاللَّيْلِ مرَّتَيْنِ فضلا عَن النَّهَار فَلَمَّا جسست نبضه قضيت أَن فِي بعض أحشائه ورما وَقد كَانَ ذَلِك الورم ظهر للنَّاس بالحدس فَأمرت أَلا يغذى الْبَتَّةَ وَأَن يتْرك قاراً هادئاً وَلَا يُحَرك بِشَيْء الْبَتَّةَ إِلَى أَن آمُرهُم بِهِ. وَمَا كنت آمُرهُم بذلك لَوْلَا أَنِّي علمت يَقِينا أَن الْمَرَض قد قرب منتهاه والبحران قد حضر وَأَنه لم يبلغ من ضعف العليل أَلا يحْتَمل أَن يقْلع عَنهُ الْغذَاء يَوْمًا وَاحِدًا وَكَانَت الْمدَّة الَّتِي أتوقع فِيهَا البحران هَذِه الْمدَّة وَلَو أَنِّي رَأَيْت طَبِيعَته مستعدة لِأَن تعْمل بحراناً باستفراغ لَكُنْت سأستفرغه فَلَمَّا كَانَ فِي لَيْلَة ذَلِك الْيَوْم اشتدت الْحمى وَاخْتَلَطَ الْعقل وأعلمتهم أَنه لَا بَأْس عَلَيْهِ وَأَنه سيعرق عِنْد انحطاط النّوبَة ثمَّ فارقته فَلم يعرق العليل تِلْكَ اللَّيْلَة وَأَقْبل اخْتِلَاط الْعقل يزِيد حَتَّى بلغ الْغَايَة. فَجَاءَنِي رجل من أَهله فِي السحر فَأَخْبرنِي بذلك وَكَانَ يؤمي إِلَى أَنِّي أَخْطَأت فِي تركي إِيَّاه بِلَا غذَاء وَإِن سَبَب شدَّة الِاخْتِلَاط إِنَّمَا كَانَ لذَلِك وَإنَّهُ يجب أَن يظل على رَأسه وتوضع عَلَيْهِ الأدهان. ففكرت: لم تَأَخّر البحران فَوجدت: أَن الْبَيْت الَّذِي كَانَ العليل فِيهِ كَانَ شَدِيد الْبرد فَأمرت أَن يُوقد فِيهِ حَتَّى يدفأ ثمَّ يصب على بطن العليل دهن جَار إِلَى أَن يَبْتَدِئ الْعرق فَإِذا برأَ امسك عَن الدّهن وتعاهدوا مسح الْعرق وأمنتهم من الْخَوْف والعرق وأعلمتهم أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يَجِيء مِنْهُ شَيْء كثير دفْعَة وَتَقَدَّمت إِلَيْهِم أَن يغذوا العليل إِذا انْقَطع)
الْعرق فَلَمَّا فعلوا ذَلِك عرق الْمَرِيض وأقلعت الْحمى وَخفت عَلامَة الورم الَّذِي فِي جنبيهفي ذَلِك الْوَقْت وَبقيت مِنْهُ بقايا عالجناها حَتَّى برأَ مِنْهَا الْبُرْء التَّام فِي ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة. وَلَو أَن غَيْرِي تولى علاج هَذَا لَكَانَ قد قَتله لِأَنَّهُ فِي ذَلِك الْوَقْت كَانَ يغذوه وَيصب عَلَيْهِ وعَلى رَأسه مَا يصب وكل هَذَا كَانَ يمْنَع الطبيعة أَن يَأْتِي البحران.
قَالَ: وَلِأَن أبقراط قَالَ: يجب أَن تستفرغ الفضول من حَيْثُ هِيَ إِلَيْهِ أميل وَكَانَت فِي هَذَا مائلة نَحْو الْجلد فاستفرغتها بالعرق.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لماجسست نبض أوديمس قلت لَهُ: إِن طبيعتك قد
(5/85)
تحرّك لدفع الْفضل وَذَلِكَ أَن النبض سريع الانبساط بطيء الانقباض وَذَلِكَ عَادَته إِذا أَرَادَ أَن يدْفع شَيْئا.
فَقَالَ: بِأَيّ نوع يكون الاستفراغ فَقلت: إِن دَلَائِل ضروب الاستفراغ مَعْدُومَة قد يُمكن أَن يكون بالإسهال: لِأَن دَلِيل الإسهال هُوَ عدم سَائِر دَلَائِل الاستفراغ.
من كتاب العلامات قَالَ: عَلَامَات كَون البحران بالعرق لين المجسة.
لى: يَعْنِي الموجي قَالَ: وعظمها قَالَ وَيكون مَوضِع الْعرق من الْبدن كَأَنَّهُ أندى وأرطب وَظَاهر الْبدن حَار جدا والمجسة سريعة جدا وَرُبمَا هدت شدَّة الْحَرَارَة ويحمر ظَاهر الْبدن وَرُبمَا عرض الارتعاش والقشعريرة والحمى بِحَالِهَا وَأَن يكون العليل جيد الْبقْعَة جيد الْأكل
3 - (عَلَامَات الِاخْتِلَاف)
القرقرة والنفخ والمغص والمجسة قَوِيَّة مَعَ صغر وَألا يكون عَادَة الْمَرِيض الْعرق وَلَا الرعاف وَلَا غَيرهمَا لَكِن الِاخْتِلَاف وَيكون سهل الْبَطن فِي الصِّحَّة وَإِن كَانَ مُعْتَادا لشرب المَاء الْبَارِد فِي الصِّحَّة فَإِنَّهُ يكون البحران بالاختلاف لَا محَالة.
(عَلَامَات البحران الْكَائِن بالبول)
إِذا رَأَيْت المثانة فِي الْمَرَض تكْثر جمع الْبَوْل والبطن لَا يكون فِيهِ الرجيع وَكَانَ العليل بطيء الْعرق قَلِيله كثيف الْبدن والمجسة صَغِيرَة وَظَاهر الْبدن جاس بَارِد وَكَانَ فِيمَا مضى يكثر الشَّرَاب والهواء بَارِد فَإِن البحران يكون بالبول.
من مَنْفَعَة النبض قَالَ: من أَصَابَهُ فِي الْأَمْرَاض الحادة بحران جيد صَار نبضه فِي غَايَة الْعظم والإشراف.
الأولى من إبيذيميا قَالَ: من أخص خَواص الْحمى المحرقة أَن يكون البحران بالرعاف.
الثَّانِيَة قَالَ: رُبمَا كَانَ فِي الْبدن خلط بلغمي فَيحدث للبدن سَبَب يحمى أَو خلط حَار فتهيج حمى وتنقضي هَذِه وتجيء بحرانها سَرِيعا إِلَّا أَنه يكون فِي هَذِه مَا يَجْعَل للخلط الَّذِي كَانَ فِي الْبدن سَببا إِلَى العفن فتهيج حمى أَيْضا ردية فيتوهم أَنَّهَا عودة فِي الأولى وَلَيْسَت كَذَلِك بل حمى أُخْرَى من جنس أُخْرَى.
لى: ميز هَذِه
3 - (عَلَامَات لأنواع الْحمى)
فَإِذا كَانَت من جنس الأولى علمت أَنَّهَا عودة مِنْهَا بِعَينهَا وَإِذا كَانَت عَلَامَات جنس آخر علمت أَن الْأَمر على مَا وصف هَهُنَا.
لى: يجب إِذا كَانَ خلط مستعد لِأَن يستفرغ وقصدت الطبيعة أَن يعين على خلط فاجتذبه إِلَى الْجَانِب الَّذِي هُوَ مائل إِلَيْهِ فَإِن كَانَ إِلَى الْبَطن فبالحقن وَإِن كَانَ إِلَى الكلى فبمَا يدر الْبَوْل وَإِن مَالَتْ إِلَى عُضْو مَا ثمَّ كَانَ خشينا اعنت على ذَلِك بدلك ذَلِك الْعُضْو وتضميده بِمَا يسخنه وتسخيفه بالأدوية الحارة.
قَالَ أبقراط: فِي الحميات المحرقة والحادة كلهَا: مَتى رَأَيْت فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وظلمة قُدَّام الْعين وَثقل فِيمَا دون الشراسيف يتمدد وَلَا وجع مَعَه فتوقع الرعاف.
قَالَ ج: تمدد الشراسيف من غير وجع يدل على حَرَكَة الأخلاط إِلَى نَاحيَة الرَّأْس
(5/86)
وَأما إِذا كَانَ مَعَ وجع فَيكون من ورم فِي الْحجاب وَلَا ينذر هَذَا الصِّنْف ببحران لذَلِك.
قَالَ أبقراط: وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيب الْمَرِيض قيء مرار وبلغم وَأكْثر مَا يُصِيب التشنج فِي تِلْكَ الْحَال للصبيان وَأما النِّسَاء فَيعرض لَهُنَّ مَعَ مَا وَصفنَا وجع الْأَرْحَام وَذَلِكَ يكون لمشاركة الرَّحِم للمعدة فِي الْأَلَم الَّذِي ناله من المرار فَأَما الكهول فَيعرض لَهُم مَا وَصفنَا إِذا عرض لَهُم استرخاء فِي بعض الْأَعْضَاء وجنون أَو عمى لفضول تنحدر إِلَى الْعين.
الثَّالِثَة من تَفْسِير الثَّانِيَة: توقع فِي كل استفراغ كَانَ قبل النضج فَخفت بِهِ الْحمى عودة وَقد يكون كثيرا فِي المحرقة أَن يرعف العليل فِي الثَّالِث فَلَا يكون بِهِ بحران ثمَّ يخْتَلف أَو يعرق فِي السَّابِع وَنَحْوه وَهَذَا أَكثر مَا يكون فِي القوية الْحَرَارَة.
قَالَ: النوائب والشدة إِذا كَانَت فِي الْأزْوَاج مُنْذُ أول الْمَرَض فَإِنَّهُ يدل أَحْيَانًا على أَنه يكون البحران خبيثاً جدا فِي الْقيَاس وَيدل أَحْيَانًا على أَن الْمَرَض يطول وَإِذا تحرّك الْمَرَض حَرَكَة قَوِيَّة فِي الرَّابِع بنوبة خبيثة يكون فِيهِ مَاتَ صَاحبه فِي السَّادِس كَمَا أصَاب ذَلِك مرضى كثيرا ذكرهم أبقراط.
قَالَ: قد تحدث أورام عِنْد الآذان وَلَا يكون بهَا بحران وَرُبمَا نَضِجَتْ هَذِه وَرُبمَا لم تنضج فَلَا تثق بهَا جمعت أَو لم تجمع إِلَّا يكون بعد النضج.
الْمقَالة الثَّانِيَة من الأولى: مَتى كَانَ الْمَرَض يَنُوب فِي الْأزْوَاج فَفِي الْأزْوَاج يَأْتِي بحرانه وَإِن كَانَ)
يَنُوب فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد وَذَلِكَ لِأَن فِي يَوْم النّوبَة يكون الأخلاط رقيقَة تغلى وتفور وَتَكون مَعَ ذَلِك لذاعة مهيجة للطبيعة فتأتي الطبيعة أَن تدفعها بالرعاف والقيء والعرق وَنَحْوه. 3 (الرعاف) الثَّانِيَة من إبيذيميا قَالَ: لَا يقطر فِي حَال من الْأَحْوَال من الْأنف فِي مرض قتال دم أَحْمَر مشرق وَلَكِن أسود شَدِيد السوَاد وَيرد مَا هَهُنَا.
لى: الأولى من الثَّانِيَة من إبيذيميا قَالَ إِذا كَانَ الْمَرَض يعرق فِيهِ الْمَرِيض مُنْذُ أول أمره فَإِن بحرانه عسر وخاصة إِن لم يكن ذَلِك بِحَسب رُطُوبَة الْهَوَاء فَإِنَّهُ قد يكون إِذا كَانَت أمطار الْعرق مُنْذُ أول الحميات. وَهَذَا أَيْضا يعسر البحران فِيهِ لَكِن أقل كثيرا مِمَّا يكون ذَلِك فِيهِ من أجل طبع الْمَرَض نَفسه وَإنَّهُ لَيْسَ يكون بحرانه جيدا الْبَتَّةَ قبل مُنْتَهى الْمَرَض. وَمَا سبق وَكَانَ قبل منتهاه كَانَ ردياً.
الْأَعْرَاض الَّتِي تكون فِي وَقت البحران إِذا ظَهرت ثمَّ لم يكن بحران فَإِنَّهُ رُبمَا دلّت على الْمَوْت وَرُبمَا دلّت على البحران بعسر. ج: يُرِيد بعسر: صعوبة البحران وَإِلَّا يكون تَاما لَكِن تبقى مِنْهُ بَقِيَّة تطول بِهِ مُدَّة الْمَرَض وَأما أَن يقْلع الْمَرَض ثمَّ يعاود سَرِيعا إِذا كَانَ البحران قبل النضج إِذا كَانَ
(5/87)
الْمَرَض عَظِيما فَإِنَّهُ يكون قتالاً فِي أَكثر الْأَمر. وَإِن كَانَ يَسِيرا: فَأَما أَن يكون بحراناً مَحْمُودًا وَإِمَّا لَا يكون تَاما.
الْأَشْيَاء الَّتِي يكون بهَا بحران جيد إِذا لم يكن بهَا بحران جيد وَكَانَ بهَا بحران ردي فَتلك عَلامَة ردية. وَذَلِكَ إِمَّا أَنه ينذر بعودة ردية وَإِمَّا بانقلاب الْمَرَض عَن طبعه إِلَى الطَّبْع الردي الخراجات: أَحْمد الخراجات الَّتِي يكون بهَا انْتِقَال الْمَرَض من عُضْو إِلَى عُضْو أَو بحران مَا كَانَ مِنْهَا بالبعد من مَوضِع الْعلَّة الَّتِي فِي أسافل الْبدن. والبحران الَّذِي يكون بِشَيْء يجْرِي وَيخرج من الْبدن كالبول وَالْبرَاز والقيء وَالدَّم والمدة من الْأذن والعرق وَنَحْو ذَلِك أفضل من الْكَائِن بالخراجات والبزاق وَالْكثير من الْأَشْيَاء الدَّاخِلَة فِي عداد مَا يسيل من الْبدن والمخاط وَنَحْوهَا من الدُّمُوع وَغَيره. وكل هَذِه وخاصة البزاق وَالْبَوْل والعرق إِذا لم يكن كثيرا لم يسْتَحق أَن يكون بِهِ البحران.
قَالَ: وَقد يكون البحران بالخراجات الَّتِي تكون تَحت الْجلد وَلَا تَجْتَمِع الْمُسَمَّاة تعقد العصب وَالَّتِي تتقيح وَتجمع من الدمامل والقروح والبثور وَنَحْوهَا من الجرب المتقشر والحكة وَسُقُوط)
الشَّهْوَة والبرص وَمَا أشبه ذَلِك.
قَالَ: وَلَيْسَ يَكْفِي فِي جودة الخراجات بِأَن تكون فِي عُضْو أخس وأسفل الْبدن وَدون الْبَطن وَفِي الْبعد عَن مَوضِع الْعلَّة لَكِن تحْتَاج مَعَ ذَلِك أَن يكون الْعُضْو الَّذِي يصير إِلَيْهِ مِقْدَار وسعة يُمكن أَن يَسعهُ ذَلِك الْفضل ويرتبك فِيهِ فَإِن فُلَانَة إِن مَال الْفضل إِلَى إبهامها فَلم يحْتَملهُ الْإِبْهَام فَعَاد رَاجعا فعاودها الْمَرَض وَكَانَ الْمَوْت.
وَرُبمَا كَانَ للحامل بالإسقاط بحران وخاصة لثمانية أشهر وللشهر الَّتِي لَا يعِيش فِيهَا الْجَنِين.
وَقد تكون الخراجات الَّتِي يكون بهَا البحران دَاخل الْبدن فَتكون دبيلات إِلَّا أَنَّهَا أردى مِمَّا فِي ظَاهر وَإِن كَانَ بهَا بحران للمرض فَإِنَّهُ رُبمَا انْدفع الْفضل إِلَى الرَّحِم وَإِلَى الأمعاء أَو الْمعدة فأحدث دبيلة وَكَانَ بِهِ بحران بالحمى إِلَّا أَن الْحَالة تكون ردية.
وَقد يكون البحران بداء الْفِيل والدوالي وَأُمُور يدوس وانتفاخ الْأَطْرَاف والورم فِي الثدي وَجَمِيع الغدد. وَيكون بالثقل فِي بعض الْأَعْضَاء كالظهر والفخذ وَنَحْوه فَإِن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ لفضل ينصب إِلَيْهِ.
وَمَا كَانَ من الخراجات الَّتِي تكون مَعَ علل السعال فَوق الْبَطن فَلَيْسَ بكامل السَّلامَة وَمَا كَانَ دون الْبَطن فسليم.
(5/88)
كَيفَ يُمكن أَن يجْرِي بالرعاف إبِْطَال دم كثير يكون ذَلِك. لِأَن الدَّم يفور ويغلي ويرتفع إِلَى الرَّأْس شَيْء كثير دفْعَة: إِمَّا أَن يتفتح أَفْوَاه الْعُرُوق وَإِمَّا أَن يَحْتَرِق. وَإِنَّمَا يكون ذَلِك لِأَن الدَّم إِذا سخن لم يَسعهُ فضاؤه لِأَنَّهُ يتَوَلَّد فِيهِ ريح قَوِيَّة جدا.
لى: وَسَائِر الإفراطات فِي الاستفراغ على نَحْو هَذَا تكون وَذَلِكَ أَيْضا يكون إِمَّا لرقة هَذَا الْخَلْط وغليانه وَإِمَّا لِأَن الطبيعة لشدَّة أَذَاهُ تَدْفَعهُ دفعا عنيفاً فَيعرض مِنْهُ مَا يعرض من البثور وَقد يكون إقلاع الحميات بقروح تخرج فِي الْبدن.
وَمَتى خرجت القروح والخراجات وَلم تسكن الْحمى فَاعْلَم أَن الْخَلْط كثير وَأَن فِي الْبدن مِنْهُ بقايا.
لى: فأعن على نفضه امْرَأَة حدث بهَا استطلاق الْبَطن باحوري ترهل فِيمَا يَلِي الخاصرة وحكة فِي ظَاهر الْبدن ثمَّ اسود ذَلِك الترهل وَمَاتَتْ وَذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ من أَن الاستفراغ كَانَ مقصراً فَلذَلِك يَنْبَغِي لَك أَلا تقطع ذَلِك مَتى ظَنَنْت ذَلِك وَإِن انْقَطع وَأَنت عَالم أَنه يحْتَاج إِلَى الزِّيَادَة)
فاستفرغه أَنْت.
قَالَ: والترهل يحدث كثيرا فِي الْبَطن إِذا انْقَطع الِاخْتِلَاف وَلم يستتم.
لى: إِلَّا أَنه رُبمَا بَادر إِلَى التقرح والرداءة وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْخَلْط ردياً وَرُبمَا لم يُبَادر وَذَلِكَ إِذا لم يكن حاراً.
قَالَ: وَحدث خراج فِي خاصرة امْرَأَة أُخْرَى حَتَّى قطعت اختلافها لِأَنَّهَا ترهلت خَاصرتهَا وَفَسَد مزاجها.
الثَّانِيَة من الثَّامِنَة قَالَ: كَانَ بمرضى اخْتِلَاف رَقِيق مائي زبدي وَكَانَت بهم حميات فَلم يكن يَنْبَغِي أَن يحبس ذَلِك الِاخْتِلَاف وَإِن كَانَ كثيرا ردياً خَارِجا عَن الطَّبْع وَقد جرب أَنه مَتى قطع مثل هَذَا الاستفراغ عرض مَعَه حمى وورم فِي الكبد خَاصَّة رُبمَا عرض فِي غير الكبد من الثَّالِثَة من الثَّامِنَة من إبيذيميا قَالَ: فِي الحميات حمرَة الْوَجْه جدا وَثقل الرَّأْس والإعياء ووجع فِي قَعْر الْعين واسترخاء إِذا كَانَ بالحامل أسقطت.
قَالَ: من يَجِيئهُ عرق كثير لَا يُمكن أَن يُصِيبهُ بحران تَامّ بالاختلاف.
قَالَ: وَذَات الْجنب رُبمَا أَتَاهُ البحران بِمدَّة تجْرِي من الْأذن من الْجَانِب العليل مَتى لم يكن الاستفراغ على مَا يَنْبَغِي فِي الكمية لَكِن أقل فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يحدث ورماً فِي المفاصل أَو يحصل فِي أحد الْجَانِبَيْنِ فِيمَا دون الشراسيف فيرم وَيعود الْمَرَض وَإِن قصر الرعاف من الْجَانِب الْأَيْسَر ثمَّ لم يخرج خراج فِي الْجَانِب الْأَيْسَر فَإِنَّهُ يرم الطحال وَإِن قصر درور الْبَوْل والرعاف من الْأَيْمن ثمَّ لم يخرج خراج فِي الْأَيْمن ورم الكبد.
قَالَ: وَإِذا حدث الورم فِي الْجَانِب الْأَيْسَر أَو الْأَيْمن أَعنِي فِي الكبد أَو الطحال عَاد
(5/89)
الْمَرَض فَإِذا رَأَيْت الطبيعة مقصرة فِي دفع مَا يَنْبَغِي فأعنها وتحر أَن يكون ذَلِك بِحَسب مَا ترى من ميلها فإمَّا بالإسهال وَإِمَّا بالبول وَإِمَّا يتهيج خراج فِي بعض المفاصل بدواء حَار تضعه عَلَيْهِ وَإِمَّا بإمالة الْمَادَّة إِلَى عُضْو أقل شرفاً كَمَا يمِيل مَادَّة الْعين إِلَى الْأنف. وَإِذا كَانَ الدّفع ضَعِيفا فاستجره إِلَى عُضْو قريب من الْعُضْو العليل وَكَذَلِكَ فاجهد فِي مَنعه مَتى كَانَ مَا يستفرغ من غير الْخَلْط الَّذِي يَنْبَغِي إِذا كَانَ الْخراج فِي مَوضِع خطير والانصباب إِلَى مَوضِع شرِيف.
الرعاف الغزير حميد جيد تكون بِهِ السَّلامَة فِي الْأَكْثَر والقليل أَعنِي قطر الدَّم من المنخرين ردي يعسر مَعَه البحران أَعنِي أَن يكون نَاقِصا أَو غير حريز.)
لى: قد ذكرت فِي غير مَوضِع أَنه ردي لَيْسَ بكامل الْجَوْدَة قَالَ: وَمن شَأْن الرعاف أَن يكون بِهِ بحران الْأَمْرَاض الحادة وَكَذَلِكَ من عَادَته أَن يكون فِي الْأَفْرَاد وَقل مَا يكون الرعاف فِي الرَّابِع فَأَما السَّابِع وَالْخَامِس فَأكْثر مَا يكون وبعدهما فِي ذَلِك الثَّالِث أَو التَّاسِع.
السَّادِسَة من الثَّانِيَة: إِذا انْطلق اللِّسَان وَتكلم العليل فِي يَوْم بحران فَهُوَ جيد لِأَن الْكَلَام لَا يكون إِلَّا وَقد قويت العضل كَثِيرَة وقوتها فِي ذَلِك الْيَوْم تنذر ببحران وَفِي سَائِر الْأَيَّام إِلَّا أَنه فِي يَوْم بحران جيد أَجود. وَإِذا كَانَت حماه لَا تهزل الْوَجْه وَلَا تغيره وَلَا تضمر مَا دون الشراسيف والنبض فِيهَا عَظِيم جدا قوي فَإِنَّهَا سليمَة إِلَّا أَنَّهَا تطول. وَمثل هَذِه قد يكون بحرانها برعاف كثير ويوجع الْوَرِكَيْنِ وَرُبمَا عرض لَهُ تشنج فينحل بِهِ لِأَن هَذَا مرض امتلائي.
لى: تحصل مَا يكون بِهِ البحران: الْقَيْء والرجيع والرعاف والمخاط والبزاق والدموع (الخراجات) والعرق وورم الغدد ووجع الورك وَالظّهْر وَالركبَة وورم فِي بعض الْأَعْضَاء واليرقان لغير اللَّوْن ووجع فِي بعض الْأَعْضَاء بِلَا ورم.
الأولى من السَّادِسَة قَالَ: مَتى كَانَت الْحمى حادة سليمَة ورجوت البحران قَرِيبا ثمَّ رَأَيْت الْبَوْل قد احْتبسَ بَغْتَة من غير أَن يتقدمه استطلاق الْبَطن فَاعْلَم أَنه سيتبعه النافض وَبِه يكون البحران لَا محَالة بعرق فَإِن كَانَ قد صَعب على العليل قبل ذَلِك ليلته أَو يَوْمه وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم باحوري قدرت أَن تتقدم بالإنذار بِثِقَة واتكال فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك النبض الباحوري فَإِن النافض يكون قَوِيا شَدِيدا.
وَمن هَذِه الْمقَالة قد يكون لوجع الْأَرْحَام بحران بوجع الورك أَو بخراج يخرج فِيهِ من أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَى عشرَة أشهر. وَأما أبقراط فَقَالَ: يكون انْقِضَاء وجع الرَّحِم بوجع الورك فِي ثَمَانِيَة أشهر وَفِي عشرَة.
قَالَ: إِن اخْتلف الْبَطن انطلاقاً كثيرا فَلَا يجب أَن تثق من احتباس الْبَوْل بِاتِّبَاع النافض فَإِن الْبَطن معتقلاً من احتباس الْبَوْل وَعلمت بِمَا تقدم أَن البحران قريب فقد يجب أَن
(5/90)
تعلم ضَرُورَة أَنه يُصِيب ذَلِك الْمَرِيض نافض يتلوه عرق. وَأَصَح مَا يكون هَذَا إِذا كَانَت الْحمى مرارية خَالِصَة. والأسباب الَّتِي تقدّمت مُوجبَة لإحداث المرار وتولده فَتكون مثلا محرقة خَالِصَة)
أهاجتها أَطْعِمَة مرارية وتعب ورياضات لِأَن بحران هَذِه قد يكون كثيرا بِأَن يخرج ذَلِك الْفضل المراري إِلَى خَارج الْبدن وَيكون لذَلِك نافض الحميات الَّتِي تبتدئ بنافض ويتبعها عرق. قَالَ مَا تحدث فِيهَا الخراجات لِأَن النافض فِي البدء والعرق فِي الانحطاط يستفرغ الفضول كالحال فِي الغب وَالرّبع فَلَا تحْتَاج الطبيعة إِذا أَن تحدث الْخراج إِلَّا أَن يكون الْفضل فِي غَايَة الْكَثْرَة.
جري الدُّمُوع بِلَا إِرَادَة فِي حمى حادة الْحَرَارَة فِيهَا أَزِيد جدا مَعَ دَلَائِل السَّلامَة يدل على الرعاف وَمَعَ دَلَائِل الْهَلَاك على الْهَلَاك.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة قَالَ: يحْتَاج حُدُوث البحران بالخراج والأورام إِلَى أَن يكون الْمَرَض عديماً للنضج وَيكون مَعَ ذَلِك سليما لِأَن الْمَرَض النضج يكون انقضاؤه باستفراغ محسوس وَالْمَرَض الْخَبيث الْقِتَال لَا يكون فِيهِ خراج باحوري الْبَتَّةَ وَمَتى بَقِي الْمَرَض مُدَّة طَوِيلَة غير نضيج ثمَّ لم يكن خبيثاً فَيَنْبَغِي أَن تتَوَقَّع حُدُوث خراج كَمَا قَالَ أبقراط فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة: أَن من يَبُول بولاً رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَسَائِر دلائله تنذر بسلامة فتوقع حُدُوث خراج.
قَالَ: وَإِذا كَانَ الْخراج مزمعاً أَن يخرج فَإِنَّهُ يخرج إِمَّا فِي الصَّدْر ونواحيه فَفِي الْجَانِب الَّذِي يحدث فِيهِ الوجع وَإِمَّا فِي الْبَطن الْأَسْفَل فَفِي الْجَانِب الَّذِي يحدث فِيهِ التمدد والترفع بِأَن يحدث بِهِ الْخراج فَتكون سحنة وَجهه على الْحَال الطبيعية وَذَلِكَ أَن مَرضه لَيْسَ بخبيث فَإِن احمر مَعَ ذَلِك وَجهه حمرَة شَدِيدَة فَإِنَّهُ إِن لم يرعف أَو رعف رعافاً قَلِيلا خرج الْخراج فِي أصل الْأذن لِأَن الْخَلْط مائل إِلَى فَوق.
قَالَ: 3 (الحميات الحادة) الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران بِسُرْعَة يكون انقضاؤه باستفراغ يقْلع بهَا الإقلاع التَّام. وَأما الساكنة فَإِنَّهَا تطول ثمَّ أَنَّهَا تسكن سكوناً غير تَامّ ثمَّ تعاود فَيَأْتِي فِيهَا البحران يَأْتِي باندفاع شَيْء يغيض وَيحصل فِي بعض الْأَعْضَاء فَيكون حِينَئِذٍ الِانْقِضَاء التَّام.
الحميات المجانسة للغب وَهِي الغب الممتدة فَإِنَّهَا تحدث أبدا فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل النّوبَة. فِيهَا للْمَرِيض صعوبة واضطراب فَاعْلَم أَن ذه مِنْهَا بِأَن ذَلِك من طبعها لِئَلَّا تظن أَنه يدل على بحران وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مَعَ سَائِر الدَّلَائِل وَأَشد النَّاس اسْتِعْدَادًا للرعاف من الْأَسْنَان الَّذين راهقوا الْحلم. وَمِنْهُم أَكثر مَا يكون فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض.
(5/91)
الْحَيَّات الإعيائية: إِن لم يكن فِيهَا بَوْل ثخين أَو رُعَاف خرجت خراجات فِي المفاصل.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة إِذا خرجت الخراجات عِنْد الْأذن ثمَّ تحللت وَلم تتقيح فتوقع عودة الخراجات.
إِن لم يكن فِيهَا بَوْل ثخين أَو رُعَاف خرجت خراجات فِي المفاصل.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة إِذا كَانَ بِإِنْسَان حمى محرقة ثمَّ خرج نَفسه بَارِدًا أَو تبع ذَلِك بخار أَو عرق أَو بخار حَار فَإِنَّهُ يَمُوت سَرِيعا.
السَّادِسَة من السَّادِسَة حَيْثُ ترى أَن الدَّم مائل إِلَى الرَّأْس والرعاف مُحْتَاج إِلَيْهِ وَقد عسر فاعقر الْجَانِب الَّذِي تزيد من المنخرين بحديدة دَاخل المنخرين حَتَّى يسيل الدَّم فَإِن القدماء كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك. وَإِذا فعل ذَلِك ثمَّ كَانَ الدَّم لَا يخرج أصلا فَإِنَّهُ مهلك فَإِن كَانَ يخرج قَلِيلا قَلِيلا فَإِنَّهُ ردي.
الْيَهُودِيّ: عَلَامَات البحران بالعرق النبض الموجي وسخونة الأوصال ونداوة الْبدن.
(عَلَامَات الْبَوْل)
ثقل فِي الْعَانَة وحرقة فِي الإحليل.
(عَلَامَات البرَاز)
ثقل فِي الْبَطن وجولان وامتداد فِي المرق.
أهرن قَالَ: مِمَّا يدل على أَن البحران ردي: أَن يكون فِي بَدْء الْمَرَض أَو فِي الصعُود قبل الهضم أَو فِي يَوْم غير باحوري. وَضعف الْقُوَّة وَقُوَّة الْمَرَض دَلِيل على أَن البحران ردي وبالضد.
الأولى من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: يعين البحران إِن رَأَيْت الفضول أَنَّهَا مَالَتْ نَحْو المعي فلتعن بالإسهال وَإِن مَالَتْ نَحْو الكلى فِيمَا يدر الْبَوْل وَإِن مَالَتْ إِلَى بعض الْأَعْضَاء فبإسخان ذَلِك الْعُضْو.
إِذا كَانَت الْحمى محرقة شَدِيدَة قَوِيَّة ثمَّ كَانَ فِي يَوْم بحران ورعاف غير غزير لَكِن قطر يسير فَإِن ذَلِك ردي لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون بِهِ بحران تِلْكَ الْحمى مَعَ عظمها لِأَن الاستفراغ يجب أَن يكون بِحَسب قُوَّة الْمَرَض فَإِن لم يموتوا سَرِيعا فَإِنَّهُ سيحدث لثم استفراغات آخر بالبطن أَو الْقَيْء أَو نَحْو ذَلِك.
إِذا حدث يرقان فِي يَوْم ردي وَلم يخف عَلَيْهِ الْمَرَض فَإِنَّهُ يدل على أَن الطبيعة لَا تقوى على الْفضل فَإِن حدث بِهِ استفراغ آخر تمّ بِهِ البحران وَإِلَّا هلك.
إِذا كَانَت الْحمى المحرقة تشتد فِي الْأزْوَاج فَإِن بحرانه ردي يَجِيء فِي السَّادِس. الْعرق الْبَارِد فِي الْيَوْم الرَّابِع يدل على الْمَوْت فِي السَّادِس. 3 (البحران فِي السرسام) يكون فِي أَكثر الْأَمر فِي الْحَادِي عشر وَذَلِكَ أَنه لَا يَبْتَدِئ السرسام ابْتِدَاء لكنه يحدث على الْأَكْثَر فِي الْيَوْم الثَّالِث وَالرَّابِع ثمَّ إِنَّه مُنْذُ ذَلِك يتم بحرانه فِي أُسْبُوع كَمَا ياتي البحران فِي الغب فِي سَبْعَة أدوار هَذَا إِذا كَانَت الْحمى المحرقة حافظة لطبائعها خَالِصَة. فَأَما إِن كَانَت غير خَالِصَة أَعنِي غير شَدِيدَة الحدة والحرارة فقد يُمكن أَن يتَأَخَّر بحران إِلَى الْعشْرين. وَذَلِكَ
(5/92)
يكون لعلل: إِمَّا لِأَن ابْتِدَاء السرسام حدث فِي السَّابِع أَو بعده أَو قبله بِقَلِيل وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَتَى قبل الْعشْرين بحران نَاقص ثمَّ فِي الْعشْرين وَإِمَّا لِأَن حمى السرسام لَيست بشديدة الحدة.
قَالَ: إِذا حدث بحران نَاقض فَلَا تثق بِهِ فِي الصِّحَّة فَلِأَن فلَانا الْمَرِيض خرجت بهم خراجات فِي أصُول الْأذن وتقيحت لَكِن مَاتُوا لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ نضج من أخلاطهم يدلك الْقدر وَلم يكن مَا فِي لى: فَلَا تثق أبدا إِلَّا بالنضج الْكُلِّي.
قَالَ: 3 (البحران فِي الصّبيان) وَمَا قرب مِنْهُم من الْأَسْنَان أسْرع.
بحران الغب الْخَالِصَة يَأْتِي فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَمُدَّة نوبتها اثْنَتَا عشرَة سَاعَة وَالرّبع مُدَّة نوبتها ثَمَانِيَة عشرَة سَاعَة وَيَجِيء بحرانها فِي أحد عشر دوراً فالنسبة بَين الاثنتي عشرَة إِلَى السَّبْعَة كَمَا بَين الثَّمَانِية عشرَة إِلَى الإحدى عشرَة والنائبة كل يَوْم بحرانهاأربعة دوراً وَالنِّسْبَة هَهُنَا مَحْفُوظَة.
قَالَ وَهَذَا بحران الخوالص مِنْهَا الَّتِي أَنَّهَا لَيست شَدِيدَة الحدة وَلَا ممزجة بِشَيْء يطيلها.
قَالَ: غير أَن الرّبع وَالْغِب إِذا أَتَى بحرانها فِي هَاتين المدتين فَإِن البحران يكون تَاما حريزاً وَأما النائبة فِي كل يَوْم فَإِن أَتَى البحران فِيهَا فِي هَذِه الْمدَّة فَإِن الْبدن لَا ينقى فِيهَا لَكِن يبْقى فِيهَا فِي الْبدن بعد ذَلِك بَقِيَّة تنضج على طول الْمدَّة وَتخرج بالبول وَالْبرَاز.
لى: على مَا رَأَيْت بالتجارب وَقد لَاحَ أَيْضا فِي هَذَا الْكتاب فِي غير مَوضِع: أقوى البحارين مَا يكون بالرعاف وَبعده الَّذِي بالإسهال ثمَّ الَّذِي بالقيء وَأما بحران الْعرق فَإِنَّهَا كثيرا مَا لَا يكون تَاما وَتَكون بِهِ عودات اللَّهُمَّ إِلَّا أَن الْكثير المفرط مِنْهُ السهك الرَّائِحَة.
الثَّانِيَة من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: قد يكون الرعاف الغزير لتخليط إِن كَانَ الْمَرَض يعد أعظم قُوَّة.)
الرعاف الغزير قد يدل على استيطال الْمَرَض.
قَالَ: وَقد يكون اعوجاج الْفَم والاسترخاء لانتقال عِلّة الدِّمَاغ إِلَى هُنَاكَ وَقد يكون ذَلِك لِأَن الْعلَّة الَّتِي فِي الدِّمَاغ غلظت وَيفرق بَينهمَا بِأَنَّهُ إِن سكنت الْأَعْرَاض الردية الَّتِي فِي أَفعَال الدِّمَاغ فَإِن الاسترخاء والتشنج إِنَّمَا كَانَ لانتقال الْعلَّة إِلَى هُنَاكَ وَإِن لم تسكن فَإِنَّهُ لرداءة الْعلَّة وقوتها أَيْضا.
قَالَ ولتكن ثقتك لذَلِك أَكثر إِذا حدث فِي يَوْم بحران.
السَّادِسَة قَالَ: مَتى كَانَت فِي حمى محرقة قد ظَهرت عَلَامَات النضج وَكنت تتَوَقَّع بحراناً قَرِيبا وَاحْتبسَ الْبَوْل وَلم تَنْطَلِق الطبيعة فَتقدم فانذر بِثِقَة وبصيرة أَنه سَيكون نافض يتلوه عرق يكون بِهِ البحران وخاصة إِن كَانَ التَّدْبِير قبل ذَلِك تدبيراً مولداً للمرار.
(5/93)
الخراجات: يمْنَع من كَونهَا النافض فَمن كَانَت حماه تنفضه فَإِنَّهُ لَا يكون لَهُ بحران بخراج. وَذَلِكَ لِأَن النافض فِي كل يَوْم يستفرغ ذَلِك الْفضل.
لى: البحرانات إِنَّمَا تكون فِي الْأَكْثَر فِي الحميات المطبقة لِأَن التَّحَلُّل لَا يكون فِيهَا فَتكون الطبيعة تدفع الْفضل فِي ضَرْبَة.
الْأَمْرَاض الحادة جدا والأمراض الَّتِي يظْهر فِيهَا النضج لَا يكون بحرانها لَكِن باستفراغ والأمراض الطَّوِيلَة السليمة يكون البحران فِيهَا إِمَّا بخراج وَإِمَّا بتحلل خَفِي إِذا كَانَ أَبْطَأَ وَأسلم اريباسيوي قَالَ: إِذا مَا عرض فِي الْيَوْم الرَّابِع قطر من دم من الْأنف أفجر عروق الْأنف وَأخرج مِنْهُ دَمًا كثيرا بِمِقْدَار الْقُوَّة فَإِن ذَلِك أصلح أَن تستفرغ من الْمَوَاضِع الَّتِي مَال إِلَيْهَا.
الأولى من أغلولق فِي آخرهَا قَالَ: الصداع علم من أَعْلَام البحران غير مفارق لَهُ إِذا كَانَ البحران يُرِيد أَن يكون بالرعاف أَو الْقَيْء.
قَالَ: وَآيَة ذَلِك أَلا يكون الصداع عرض مُنْذُ أول الْأَمر كبعض الْأَعْرَاض الَّتِي يلْزمه لكنه إِنَّمَا حدث فِي وَقت التَّغَيُّر قبل البحران.
وَالدَّلِيل الثَّانِي أَن يكون فِي الرَّأْس والرقبة وجع وَتَكون الْمَوَاضِع الَّتِي دون الشراسيف متحدبة إِلَى فَوق وَأَن يعرض للْمَرِيض عسر فِي نَفسه بَغْتَة كَأَن صَدره قد ضَاقَ فَإنَّك بعد أَن يظْهر لَك هَذِه الدَّلَائِل كلهَا إِن وجدت نبض الْعُرُوق قد عظم بَغْتَة ثمَّ بَقِي على عظمه فَلم ينخفض وَلَا ضعف فتوقع حُدُوث البحران على الْمَكَان فَإِن وجدت النبض مَعَ مَا لَا ينخفض قد زَاد)
إشرافه وقوته فتفقد عِنْد ذَلِك وَجه الْمَرِيض فَإِنَّهُ إِن وجدت فِيهِ موضعا يختلج أَو وجدت عروق الصدغين تضرب أَو رَأَيْت حمرَة زَائِدَة فِي الوجنة وَالْأنف أَو الْعين فليزدد رجاؤك قُوَّة فَإِن جرى مَعَ ذَلِك من الْعين دمع من غير إِرَادَة أَو رأى العليل بَين عَيْنَيْهِ شَبِيها باللمع والشعاع ورأيته يبْعَث بِأَنْفِهِ كَأَنَّهُ يحكه فَإِنَّهُ ينفجر الدَّم على الْمَكَان وَلَا يهولنك عِنْد ذَلِك اخْتِلَاط عقل الْمَرِيض أَو وثوبه من الْفراش. ويؤكد ذَلِك السن وَالزَّمَان وَنَوع البحران الَّذِي قد أَتَى نَاسا كثيرا ويؤكد ذَلِك إِن كَانَ الْمَرِيض قد انْقَطع عَنهُ استفراغ دموي قد اعتاده.
مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الَّذين يتخلصون بالبحران أَكثر من الَّذين يموتون إِلَّا أَن يكون الْهَوَاء وبائياً.
لى: الوباء يعسر البحران ويفسده.
الثَّانِيَة من الْفُصُول إِذا كَانَ البحران بخراجات أَو بثور أَو يرقان أَو خوانيق فَإِنَّهُ قد يكون ذَلِك فِي علل الدِّمَاغ فَانْظُر إِلَى مَا يبرز من الْبدن فِي البرَاز وَالْبَوْل والعرق والقيء فَإِن كَانَت مرارية فَإِن الْفضل لم ينْدَفع كُله فَلَا تغذ العليل دون الاستفراغ وبالضد.
لى: يكون بحران بجدري وتعفن بعض الْأَعْضَاء فَإِذا وجدت ذَلِك فِي يَوْم باحوري
(5/94)
بعد نضج وخف من العليل فَإِنَّهُ بحران لَا محَالة وَإِذا حدث فِي السَّادِس أَو قبل النضج فَإِنَّهُ ردي قتال.
من محنة الْأَطِبَّاء قَالَ: الْمَرْأَة قد يكون بحرانها بانبعاث الطمث.
وَقَالَ: كَانَ مَرِيض بِهِ ورم فِي بَطْنه وَحمى حارة وَقد بلغ بِهِ الضعْف إِلَى أَن أَهله يغذونه بِاللَّيْلِ فَلَمَّا جسست نبضه علمت أَن بِهِ ورماً عَظِيما فِي بَطْنه وَأَن مُنْتَهى مَرضه قريب جدا أمرت أَن يمسك عَن الْغذَاء وقدرت أَن يَجِيئهُ بحرانه بعد يَوْم وَعلمت أَنه لَا يَمُوت من ترك الْغذَاء يَوْمًا وَاحِدًا وأنذرت أَنه سيعرق فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي بعد ذَلِك الْيَوْم وَيبرأ فَلَمَّا كَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة قلق الْمَرِيض جدا وتوثب وَاخْتَلَطَ وَلم يعرق فَجَاءَنِي قيمه وَهُوَ يُشِير فِي كَلَامه إِلَى أَنِّي أَخْطَأت فِي الْمَنْع من تغذيته فتفكرت فِي تَأَخّر البحران فَإِذا تَأَخّر من أجل برد بَيته الَّذِي هُوَ فِيهِ فَأمرت أَن يدْخل بَيْتا دفياً فِيهِ وقود فَإِذا سخن بدنه صب على بدنه دهن حَار إِلَى أَن يَبْتَدِئ يعرق فَإِذا بَدَأَ يعرق كف عَن الصب وأعن بمسح الْعرق. وأعلمتهم أَنه لَا يَجِيء مِنْهُ شَيْء كثير وأمرتهم أَن يغذوه بعده. فعرق وَبرئ وَبقيت بَقِيَّة قَليلَة عالجتها فِي أَيَّام وَلَو أَن غَيْرِي عالجه صب على رَأسه دهن ورد وغذاه وبرده فَكَانَ يقْتله هَذَا.
يَقُول إِنَّه يكون بحران لورم الأحشاء بالعرق وَمَا أقل بحران الحميات المحرقة الورمية إِلَّا)
بالرعاف وَلَا يكَاد يَنْقَضِي بهَا أَيْضا لَكِن تبقى بَقِيَّة تتحلل أَو تنضج على الزَّمَان.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: إِذا بَادر البحران فَكَانَ قبل النضج فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يؤول إِلَى الْمَوْت وَإِمَّا إِلَى طول البحران وعسره وتعذره. فَانْظُر بعد ذَلِك فَإِن كَانَ بعد هَذِه العلامات لم ينفع الْمَرِيض وَلم يضرّهُ لَكِن بَقِي الْمَرَض بِحَالهِ فَاعْلَم أَن البحران يستعذر فَقَط وَإِن أضرّ بِهِ ضَرَرا بَينا حَتَّى سَقَطت قوته جدا أَو اخْتَلَط الْعقل أَو وَرثهُ عطشاً أَو زِيَادَة لهيب فَاعْلَم أَنه سيموت.
عَلَامَات البحران إِن كَانَت هَذِه: مثل الكرب والتوثب من الْفراش وَنَحْوه أَو أَسبَاب البحران كالقيء والرعاف.
قَالَ ظُهُور عَلَامَات البحران مثل ثقل الرَّأْس وإظلام الْعين وَعدم الاستفراغ بعده الْبَتَّةَ أَو قلته يدل على أَن الطبيعة ضعفت تجتهد أَن تعْمل بحراناً وَلَا تقوى عَلَيْهِ وَلذَلِك الْحَال ردية. فَإِن كَانَ استفراغ إِلَّا أَنه قَلِيل مثل قطر دم ضَعِيف من الْأنف أَو عرق قَلِيل فِي بعض الْأَعْضَاء فَيدل على مثل ذَلِك أَي أَن الطبيعة لَا تقوى على دفع الْعلَّة وعَلى أَن الْخَلْط حَار دموي حَتَّى تتحرك وتضطر أَن تَدْفَعهُ ثمَّ تخور وَلَا تقوى عَلَيْهِ وَعند هَذِه الْأَحْوَال فحال الْمَرِيض ردي. فَإِن ساءت حَاله بعقب هَذِه أَكثر فَإِنَّهُ ميت وَإِن لم تسؤ فَإِن مَرضه يطول.
لى: إِذا لم يكن فِي الرَّابِع أَو فِي سَائِر الْأَيَّام أَعنِي أَيَّام الْإِنْذَار دَلِيل على النضج فَإِنَّهُ لَا ينذر بِأَنَّهُ يكون النضج فِي الْيَوْم الَّذِي أنذر بِهِ أَشد تخلفاً بل قد يُمكن أَن يكون فِي ذَلِك الْيَوْم تظهر إِمَّا عَلَامَات النضج خُفْيَة وَإِمَّا صَالِحَة.
(5/95)
جَامع أغلوقن عَلَامَات البحران الَّذِي يكون بالإسهال: فقد سَائِر الاستفراغات وَثقل الْبَطن. والعلامات الَّذِي يكون بالبول: ثقل فِي السُّرَّة وَعدم سَائِر الاستفراغات. وعلامات الرعاف: احمرار الوجنة وَثقل الأصداغ وَشدَّة جَمْرَة أرنبة الْأنف.
لى: لَيْسَ يَنْبَغِي إِذا رَأَيْت النضج فِي يَوْم إنذار أَن تنْتَظر البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ لَا محَالة لَكِن إِن رَأَيْت عَلامَة بحران مَعَ ذَلِك فَإِن عَلَامَات البحران إِذا ظَهرت لم يكن بُد أَن يكون بحران جيد أَو رَدِيء.
مِثَال ذَلِك: إِن رَأَيْت رسوباً حميدا فِي الرَّابِع لَيْسَ يجب ضَرُورَة أَن يكون بحراناً فِي السَّابِع فَإِن رَأَيْت فِي الْيَوْم السَّابِع بعد ذَلِك صداعاً وَحُمرَة الْوَجْه انْتظر بحراناً حميدا وَإِن رَأَيْت رسوباً أسود فِي الرَّابِع ثمَّ رَأَيْت فِي الْيَوْم السَّادِس صداعاً وكرباً فانتظر بحراناً ردياً.)
لى: الْمَطْلُوب فِي الحميات: هَذِه: انْظُر أَولا أَهِي سليمَة أم مهلكة وَهَذَا يعرف من دَلَائِل الْهَلَاك والسلامة ثمَّ أحادة هِيَ أم طَوِيلَة وَهَذَا يعرف من نوع الْمَرَض وحركته وَقُوَّة أعراضه وَفعله فِي الْبدن ثمَّ هَل يكون لَهُ بحران أم لَا وَهَذَا يعرف بِأَن يكون الْمَرَض حاراً مزعجاً وَالْقُوَّة مِنْهُ قَوِيَّة ثمَّ مَتى يكون البحران وَيحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى معرفَة مُنْتَهى الْمَرَض وعلامات النضج وَأَيَّام البحران ثمَّ بِأَيّ نوع يكون وَيعرف ذَلِك من نوع الْمَرَض وميل الطبيعة ثمَّ أجيد هُوَ أم رَدِيء أم تَامّ أم بولس قَالَ: إِذا بَدَأَ القلق والتوثب وأعراض البحران فَانْظُر فَإِن رَأَيْت للنبض مَعَ ذَلِك لم يسْقط بل قد ارْتَفع أَكثر وَعلا وَقَوي فاحكم بالبحران أَنه سيتبع ذَلِك فَافْهَم: ذَلِك يَوْم باحوري مُنْذر بِهِ واحكم مَعَ ذَلِك أَنه جيد بَالغ.
لى: افرق بَين هَذِه الدَّلَائِل هَل هِيَ لرداءة الْمَرَض أَو للبحران من النبض والتنفس فَإِنَّهُمَا يزدادان رداءة إِذا كَانَت تخبث الْمَرَض وصلاحاً إِذا كَانَ الْمَرَض مزمعاً بالحدوث. وَفِي البحران الْجيد أَيْضا قد يسقطان مِنْهُ إِلَّا أَنه يَنُوب وَيرجع سَرِيعا وَأما فِي ذَلِك فَلَا يزَال يزْدَاد رداءة.
قَالَ: وَإِذا كَانَ فِي عُضْو فِي مرض مزمن يكثر عرقه فتوقع الْخراج فِي ذَلِك الْعُضْو.
من كتاب الدَّلَائِل: إِذا ظَهرت الدَّلَائِل للبحران قبل النضج فَإِن كَانَ مَعهَا شَيْء من دَلَائِل الْمهْلكَة فَاعْلَم أَنه سَيكون البحران قَاتلا وَإِن لم يكن مَعهَا فَانْظُر بعد البحران إِلَى مَا آلت حَال العليل فَإِن ساءت حَاله واشتدت أَعْرَاض الْمَرَض أَكثر فَاعْلَم أَنه سيموت. وَإِن لم يَنْفَعهُ ذَلِك وَلم يضرّهُ فَاعْلَم أَن مَرضه سيطول وبحرانه يتَعَذَّر لِأَن ذَلِك يدل على رداءة من الْفضل حِين حفز الطبيعة قبل الْوَقْت على كَثْرَة مِنْهُ حَتَّى أَنه لم يخف بالاستفراغ واحكم بِهَذِهِ الْحُكُومَة وَإِن ظَهرت أَعْرَاض البحران إِلَّا بالاستفراغ نَفسه.
قَالَ: والبحران إِذا لم يكن تَاما كَانَ مخوفا مثل أَن تقطر قطرات دم من الْأنف أَو عرق
(5/96)
فِي بعض الْبدن، وَذَلِكَ أَنه يدل على أَن الطبيعة قد تحركت لدفع الْخَلْط وَلم تقو عَلَيْهِ. لى: رَأَيْت مَا لَا أحصيه كَثْرَة مرضى يهيج بهم القلق وامور عَظِيمَة مهولة فَكنت أجس النبض فأجده مَعَ ذَلِك أقوى وامتن وَرُبمَا وجدته قد ذهب اختلافه فكتان يصيبهم بحران حميد وَيكون مِقْدَار الاستفراغ بِحَسب عظم الْحمى وَشدَّة القلق وَالْكرب.
الثَّانِيَة من تَفْسِير السَّادِسَة من الْمسَائِل قَالَ: فِي الحميات الغب الْخَالِصَة لَا يكَاد يتَقَدَّم البحران صعوبة فَإِن حدث فِي الندرة فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل النّوبَة جَاءَ البحران من الْغَد وَلَا سِيمَا إِن شهد بِهِ الدَّلَائِل الْأُخَر المنذرة ببحران.)
الثَّانِيَة من السَّادِسَة من إبيذيميا.
قَالَ: كل الحميات تصعب فِيهَا على العليل اللَّيْلَة الَّتِي قبل البحران إِلَّا فيالغب الْخَالِصَة وَرُبمَا كَانَ ذَلِك فِي النذرة فِي الغب وَإِذا كَانَ دلّ على بحران وخاصة مَتى شهِدت سَائِر الدلالات. د الثَّانِيَة من الأولى من إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ فِي يَوْمَيْنِ متصلين صعوبة شَدِيدَة مثلا إِن كَانَ فِي الثَّالِث أَعْرَاض صعبة ثمَّ كَانَ فِي الرَّابِع مثل ذَلِك فتوقع سرعَة البحران إِذا كَانَت الْأَعْرَاض ردية فالموت أَولا وَإِلَّا فالأفراق. وَالْمَوْت يكون فِي الْأَمْرَاض القتالة فِي الْوَقْت الَّذِي يكون البحران الْجيد فِي السليمة وَإِن كَانَت الْعلَّة تنوب فِي الْأزْوَاج فَفِي الْأزْوَاج وَإِن كَانَ فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد وَله مِثَال الْمَرِيض الأول.
الثَّالِثَة من الثَّانِيَة: لَا يُمكن أَن يكون الْعرق شَائِعا والبطن مُنْطَلقًا وَكَذَلِكَ لَا يُمكن أَن يكون البحران بالاختلاف تَاما فِيمَن يعرق عرقاً كثيرا. الْأَمْرَاض الَّتِي تسكن من غير إنذار بسكونها يعسر فِيهَا البحران.
قَالَ: أَي حمى رَأَيْتهَا تسكن بِلَا سَبَب يُوجب لَهَا ذَلِك فتوقع لَهَا المعاودة فَإِن عَادَتْ فبحرانها عسر. قد يكون لبَعض النَّاس بحران يرم مِنْهُم الطحال أَو بعض الأحشاء أَو يهيج بهم وجع المفاصل فَيكون بحراناً للحميات.
لى: رَأَيْت رجلا يَعْتَرِيه دهره وجع المفاصل فَكَانَ يُصِيبهُ زكام غليظ جدا لَا يخرج غَيره مِنْهُ فِي شهر فَكَانَ لَا ينصب مِنْهُ شَيْء إِلَى صَدره لكنه كَانَ بعد أَن يبْقى فِي رَأسه يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ينصب بعده فِي سَاعَة مفاصله حَتَّى يبرأ من زكامه برءاً تَاما الْبَتَّةَ ويهيج بِهِ وجع المفاصل بعد سُكُون الزُّكَام سَاعَة أَو ساعتين وَأكْثر بِنصْف يَوْم أَو يَوْم.
الثَّانِيَة من الثَّالِثَة: ذكر مَرِيضا احولت عينه فِي وَقت البحران ثمَّ لما ثمَّ لَهُ صلح.
قَالَ ج: هَذَا أحد الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر فِي وَقت البحران فِي الندرة.
جَوَامِع أغلوقن: إِذا رَأَيْت دَلَائِل الْقَيْء شَدِيدَة والقيء نَفسه والغشي شَدِيدا فأعن الْمَرِيض بِإِدْخَال ريشة فِي حلقه.
من فُصُول إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ قطر دم من المنخرين أَو اخْتِلَاف قَلِيل أَو عرق فِي
(5/97)
يَوْم بحران وَقد انذر بِهِ فَانْظُر فَإِن رَأَيْت الطبيعة خفت بعده وَلم تكن قد ظَهرت قبل ذَلِك عَلَامَات مهلكة فَإِن الطبيعة ضَعِيفَة وسيخلص الْمَرِيض بكد وَجهد بعد بحرانات أخر ثَانِيَة وَإِن كَانَ)
بالضد فسيهلك سَرِيعا. وَمَتى كَانَ الْبَوْل بعد البحران أَبيض رَقِيقا فِي حمى دقيقة حادة فتوقع اخْتِلَاف مرار كثير حَتَّى تسحج الأمعاء وَذَلِكَ أَن المرار لما كَانَ لَيْسَ ينقى بالبول فَهُوَ مائل إِلَى الأمعاء.
لى: إِذا حدث بحران بجدري أوجرب اَوْ يرقان أَو نَحوه مِمَّا يفِيض إِلَى الْجلد فَانْظُر فَإِن كَانَ الْبَوْل وَالْبرَاز مرارياً فَاعْلَم أَن الْبدن لم ينق فَلَا تطلق تَدْبيره فَإِن البحران غير تَامّ وبالضد.
لى: رَأَيْت خلقا كثيرا بهم حميات حادة عَظِيمَة سكنت حمياتهم دفْعَة وابيض المَاء بِلَا استفراغ وَلَا خرج فكلهم عَادَتْ عَلَيْهِم الْحمى.
مسَائِل فِي الْبَوْل من إبيذيميا لحنين قَالَ: لَا يتم البحران بِكَثْرَة الْبَوْل إِلَّا أَن يكون فِيهِ رسوب كثير فَإِن لم يكن فِيهِ رسوب وَإِن كَانَ كثيرا فَإِنَّهُ غبر تَامّ لَكِن سيعود.
لى: ليكن توقعك لِأَن الْمَرَض ينقى ببحران فِي الحميات المطبقة. وَحَيْثُ ترى الْحَرَارَة فِيهَا شَدِيدَة جدا وَالْبدن ممتلئ على غَايَة الثِّقَة وبمقدار مَا تنقص هَذِه فمل إِلَى الظَّن بِأَن الْمَرَض لى: وَإِذا قدرت بحراناً فِي مرض مَا فَلَمَّا ترى القلق والأعراض الصعبة قد جَاءَت فَانْظُر إِلَى النبض فَإِن لم تَجدهُ قد سقط مَعَ ذَلِك وَصغر وَضعف بل قوي أَكثر وَعظم فَاعْلَم أَن ذَلِك القلق لبحران مزمع. وَإِن رَأَيْت النبض سقط مَعَ ذَلِك وَضعف فَإِنَّهُ عرض ردي حدث وتحتم الأول: إِن كَانَ يَوْم بحران وَالثَّانِي إِن لم يكن.
الرَّابِعَة من مسَائِل الْفُصُول قَالَ: يتبع النافض على الْأَكْثَر إِذا حدث بعد الحميات الدائمة استفراغ إِمَّا بعرق وَإِمَّا بقيء وَإِمَّا باخْتلَاف.
جَوَامِع من أَيَّام البحران الْمفصل عَلَامَات البحران: مِنْهَا مَا يكون بِسَبَب الْعُضْو الدَّافِع بِمَنْزِلَة انجذاب مراق الْبَطن إِلَى فَوق. وَمِنْهَا مَا يكون بِسَبَب الْعُضْو الْقَابِل بِمَنْزِلَة الصداع وَحُمرَة الْوَجْه وَالْعين والاختلاط. وَمِنْهَا مَا يكون بِسَبَب الطَّرِيق الَّذِي تنفذ فِيهِ الفضول بِمَنْزِلَة ضيق النَّفس حَتَّى يرْتَفع الدَّم مِمَّا دون الشرسيف إِلَى الرَّأْس عِنْد الرعاف. وَمِنْهَا بِسَبَب طبيعة الْخَلْط نَفسه بِمَنْزِلَة الشعاع أَمَام الْعين وإظلام الْبَصَر.
لى: على مَا رَأَيْت فِي جَمِيع الْكتب بِإِجْمَاع: العلامات الَّتِي تدل على البحران نَوْعَانِ: أَحدهمَا يدل فِي أَيَّام الْإِنْذَار على الْأَيَّام المنذرة وَهِي دَلَائِل النضج مِثَال ذَلِك إِن تظهر فِي
(5/98)
الرَّابِع غمامة فتدل على بحران كَائِن فِي السَّابِع. وَمِنْهَا مَا يدل على كَون البحران حِين هُوَ مزمع أَن يكون)
لى: تحْتَاج أَن تنظر فِيمَا أصف فَإِنِّي رَأَيْت الْأَمر فِي الْمَرَض يكون فِيهِ مَا ختمت.
عَلَامَات النضج: إِنَّمَا تدل على نضج أَكثر سَيكون فِي الْأَيَّام المنذرة بهَا على أَنه يكون بحران فَإِن ظهر فِي بعض أَيَّام التَّدْبِير مَعَ النضج دَلِيل من دَلَائِل كَون البحران ضَعِيفا أَتَى البحران فِي الْمُنْذر بِهِ وَإِن ظهر ذَلِك بِلَا نضج أَتَى من الْمُنْذر بحران ردي.
لى: ظهر فِي الرَّابِع صَلَاح فِي الشَّهْوَة فتوقع فِي السَّابِع غمامة تَامَّة الْجَوْدَة وَإِن حدث فِيهِ خفَّة فِي الحركات والتقلب أَو جودة الْعقل فتوقع كَمَال ذَلِك فِي الْيَوْم السَّابِع وعَلى ذَلِك فقس مَا يحدث من الرداءة.
لى: لَا تثقن بعلامات جَيِّدَة إِلَّا بعد انْقِضَاء التزيد فثق بهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وخف من العلامات الردية وثق برداءتها مَعَ سُقُوط الْقُوَّة وَلَا تثق بهَا مَعَ تَمام الْقُوَّة إِلَّا فِي الأول لِأَنَّك فِي أول الْأَمر لَا تأمن لَعَلَّ فِي الْمَرَض فضلا لم يظْهر بعد وَفِي الثَّانِي لَعَلَّ فِي الْقُوَّة مَا يقهر مَا يظْهر.
من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: قد يُمكن أَن يحدث بعليل بحران غير تَامّ ثمَّ يَمُوت كَمَا حدث بفلان خراج فِي أصل الْأذن ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا انْدفع من الْمَرَض شَيْء إِلَى هُنَاكَ نضج وَبَقِي مِنْهُ فِي الْعُرُوق شَيْء كثير غير نضيج.
لى: تفقد هَذَا الْبَاب واحترس مِنْهُ وَذَلِكَ يكون بِأَن تخمن على مِقْدَار الْفضل فَمَتَى رَأَيْت وَقد قَالَ ج فِي الأولى من البحران: عَلَامَات النضج إِنَّمَا تدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَيْسَت تدل ضَرُورَة على أَنه يَأْتِي بحران جيد لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن ينضج الْمَرَض وينحل على الْأَيَّام فَأَما عَلَامَات البحران فَلَا بُد إِذا ظَهرت أَن يتبعهَا بحران جيدا كَانَ أَو ردياً فقد بَان من هَهُنَا أَنه لَيست الغمامة فِي الرَّابِع دَلِيلا على بحران فِي السَّابِع ضَرُورَة وَإِنَّمَا يحدس مِنْهَا على أَن بحراناً يَأْتِي. إِذا رَأينَا الْمَرَض مَعَ ذَلِك حاداً ومؤذياً ثَابتا على حِدته وأدأبه بعد الغمامة فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يجب أَن يكون انقضاؤه باستفراغ. فَأَما مَا تدل عَلَيْهِ هَذِه ضَرُورَة فحال الْمَرِيض فِي الصّلاح والرداءة فَإِنَّهُ إِن مَال فِي الرَّابِع إِلَى صَلَاح كَانَ فِي السَّابِع صَلَاح أَكثر وبالضد بعد أَن شَرط أَن الرَّابِع قد كَانَ وَقع فِيهِ الانحطاط.
جَوَامِع الانحطاط اغلوقن: الصداع الَّذِي يكون عِنْد قرب البحران يدل إِمَّا على الْقَيْء وَإِمَّا على الرعاف فَإِن عرضت مَعَه صلابة فِي النبض أَو غثي وكرب وخفقان واختلاج الشّفة وظلمة الْبَصَر وتخييلات فِي الْعين كالبق وَالشعر فَإِنَّهُ بقيء وَإِن كَانَ مَعَه فِي الْعين شبه لمع وشعاع فَإِن)
ذَلِك لحدة الدَّم المائل إِلَى الرَّأْس ويختلط مَعَه الذِّهْن لسَبَب أَن الدِّمَاغ يسخن بِالدَّمِ الْحَار السَّائِل إِلَيْهِ ويسيل من الْعين الدُّمُوع وتوجع لِأَن الْعُرُوق الَّتِي فِيهَا
(5/99)
يتمدد ويتمدد مراق الْبَطن إِلَى فَوق لسَبَب حَرَكَة الدَّم إِلَى فَوق ويضيق النَّفس بَغْتَة لِأَن الْعرق الأجوف الَّذِي مخره فِي الصَّدْر ينضج ويتمدد وَلِأَن المراق إِذا انجذب يضغط الْحجاب ويختلج الْوَجْه ويحتك الْأنف ثمَّ يرعف.
من مسَائِل إبيذيميا: قطر الدَّم من المنخربن يدل على الْهَلَاك السَّرِيع مَتى ظَهرت بعده أَعْرَاض ردية وَلم تصلح حَال العليل الْبَتَّةَ وَإِذا صلح بعده حَاله فَإِنَّهُ يتَخَلَّص بعد كد باستفراغات آخر يُصِيبهُ.
اليرقان قبل السَّابِع ردي فَإِن كَانَت بعده استفراغات آخر قَوِيَّة فَإِنَّهُ رُبمَا تخلص مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا.
الْعرق الْبَارِد فِي الرَّابِع ينذر بِالْمَوْتِ فِي السَّادِس.
الثَّانِيَة من الثَّانِيَة من إيبذيميا قَالَ شَأْن الحميات المحرقة أَن يعرض فِيهَا أَولا رُعَاف ثمَّ إِنَّه يكون بعد تَمام أَيَّام نافض وعرق وينقضي انْقِضَاء تَامّ بعد ذَلِك فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون الْعرق تَاما والبطن مُنْطَلقًا وَكَذَلِكَ لَا يُمكن أَن يكون البحران باخْتلَاف فِيمَن يعرق عرقاً كثيرا.
لى: على مَا فِي الأولى من السَّادِسَة من الْمسَائِل: إِذا رَأَيْت يرقاناً حدث أَو صفرَة غالبة فِي ظَاهر الْجَسَد فَانْظُر فَإِن ذَلِك على طَرِيق البحران فِي أَي يَوْم كَانَ وَمَتى حدث. وَمَتى رَأَيْت الْمَرِيض بالضد فَرَأَيْت مَعَ اليرقان يخرج من الْبَطن مرَارًا كثيرا يغلي غلياناً وَأَشْيَاء زبدية وحارة فَاعْلَم أَن ذَلِك حدث لغَلَبَة المرار فِي الْبدن وَعند ذَلِك فَالْأَمْر ردي إِلَّا أَن يحدث إسهال قوي مسَائِل الرَّابِعَة: إِنَّمَا يتم البحران بالخراجات يتقيح مِنْهَا فَأَما مَا حدث مِنْهَا فَلم يتقيح لكنه غَار وَعَاد دَاخِلا فَإِنَّهُ ينذر ضَرُورَة بعودة الْمَرَض وَرُبمَا عَادَتْ هِيَ أَنْفسهَا وَيكون ذَلِك على نظام أَيَّام البحران.
لى: لَا تثق بخراج لم يتقيح وَلَا يسيل مِنْهُ مُدَّة أبدا فَإِنِّي قد أطلت تجربته فَوَجَدته كلما تحلل بِلَا قيح عَاد الْمَرَض وَالْخَرَاج.
الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: قد تفقدت فَوجدت كثيرا من المرضى الَّذين يَأْتِيهم البحران بعرق يهذون أَو يرَوْنَ فِي النّوم آلَات الْحمام والسباحة فِي المَاء الْحَار أَو الْكَوْن فِي الْحمام.
تمّ السّفر السَّادِس عشر من الْكتاب الْحَاوِي لصناعة الطِّبّ على مَا جزأه مؤلفة أَبُو بكر مُحَمَّد)
ابْن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ رَحمَه الله ويتلوه فِي السّفر السَّابِع عشر فِي البحران وأيامه وَالْعلم بِهِ وأوقات الْخُف والنكر وَالْمَوْت وعلامات كل نوع مِنْهُ.
(5/100)
(البحران وَمَا يتَعَلَّق بِهِ)
(5/101)
(فارغة)
(5/102)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) (صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا) (البحران وأيامه وأوقات) (الْخُف والنكر وَالْمَوْت وعلامات كل نوع مِنْهُ) قَالَ
(جَوَامِع البحران)
تغير الْمَرَض يكون على سِتّ جِهَات: إِمَّا تغير إِلَى الصِّحَّة فِي مُدَّة سريعة وَهُوَ بحران جيد أَو تغير سريع إِلَى الرداءة وَهُوَ بحران ردى أَو تغير إِلَى الصّلاح فِي مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ تحلل أَو إِلَى الرداءة فِي مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ ذبول أَو تغير مركب من السَّرِيع والبطيء يؤول إِلَى السَّلامَة أَو تغير مركب من السَّرِيع والبطيء يؤول إِلَى الرداءة.
سَبَب هَذِه التراكيب الثَّلَاثَة أَن جَمِيع الْأَمْرَاض يكون إنحلاله وتقضيه إِمَّا دفْعَة باستفراغ وَإِمَّا قَلِيلا قَلِيلا بتحلل بهما من هَهُنَا يُمكن أَن تركب أَنْت التراكيب الْمُتَقَدّمَة مَا كَانَ انقضاؤه يتَحَلَّل بلين يتقدمه صعوبة وبالضد.
تكون حركتها فِي الْأَكْثَر يَوْمًا وَيَوْما لَا والمزمنة فِي كل أَرْبَعَة أَيَّام تزيد النوائب كالربع وَالْغِب.
3 - (عَلَامَات البحران)
تدل أبدا أَن الْمَرَض يَنْقَضِي باستفراغ دفْعَة وعلامة النضج لَا تدل دَائِما على البحران لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ انْقِضَاء الْمَرَض يتَحَلَّل وَالْيَوْم الرَّابِع ينذر بالسابع وَالْحَادِي عشر بالرابع عشر وَالسَّابِع عشر بالعشرين إِذا كَانَت الْأَمْرَاض خَفِيفَة الْحَرَكَة وانقضاؤها يكون ببحران وبالضد فان البطيئة الْحَرَكَة تَنْقَضِي بالتحلل فَهُوَ لَا يُسمى بحرانا لَكِن تحللا ونضجا.
البحران إِذا جَاءَ فِي أول الْمَرَض فالمرض قتال وَإِذا بَان تزيده فَهُوَ نَاقص عَن البحران الحميد وَإِذا كَانَ فِي الْمُنْتَهى كَانَ تَاما وَأما فِي وَقت انحطاط الْمَرَض فَلَا يكون بحرانا أصلا.
العلامات الَّتِي تتقدم البحران انجذاب الجنبين إِلَى فَوق وضيق النَّفس وعسر الْحس واختلاط الذِّهْن والطنين والدوار والظلمة فِي الْبَصَر والخيالات واللمع.
(5/103)
3 - (البحران الْجيد) يعرف من النضج وَنَوع الْمَرَض وَكَونه فِي يَوْم بحران والاستفراغ الْمُوَافق وجودة النبض وَالْحَرَكَة.
مَا كَانَ من الْأَمْرَاض مطبقا دَائِم اللّّبْث فبحرانه يكون فِي الْيَوْم الرَّابِع وَمَا كَانَ يَتَحَرَّك يَوْمًا وَيَوْما لَا فبحرانه يكون إِمَّا فِي الْيَوْم الثَّالِث وَإِمَّا فِي السَّابِع وَإِمَّا فِي التَّاسِع وَإِمَّا فِي الْحَادِي عشر.
البحران قبل انْتِهَاء الْمَرَض يكون إِمَّا لعظم مِقْدَار الْمَرَض وَإِمَّا لحدته وَإِمَّا لشَيْء يَدْعُو إِلَى ذَلِك من خَارج.
وَقت البحران فِي الْأَكْثَر إِنَّمَا هُوَ بعد وَقت الْمُنْتَهى.
البحران التَّام يكون بعد الِانْتِهَاء وَغير التَّام قبل ذَلِك وَذَلِكَ يكون إِمَّا لِأَن الْعلَّة تحث وتسرع حثا سَرِيعا وَإِمَّا لخطأ من خَارج مثل دَوَاء أَو ضماد أَو غَيره.
البحران الْجيد يُوقف عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ والردى يعلم بالحدس.
3 - (عَلَامَات تَأَخّر البحران)
عدم النضج وَضعف الْقُوَّة. فَإِذا عدم النضج مَعَ غَايَة ضعف الْقُوَّة فَأَنْذر بِالْمَوْتِ.
يَوْم الْمَوْت يعرف من ثقل النّوبَة وَشدَّة قوته وساعته تعرف من أَن الْحمى البلغمية تقتل فِي ابتدائها والمحرقة فِي انتهائها.
إِذا كَانَ البحران فِي الِانْتِهَاء كَانَ تَاما فَاضلا وَإِن كَانَ وَقع فِي التزيد: فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمَرَض سليما وَعرفت ذَلِك من الْقُوَّة فبحرانه نافض وَإِن كَانَ على غير سَبِيل السَّلامَة فبحرانه أردى البحرانات وأسرعها تلفا.
البحران: يكون إِمَّا بِشَيْء يخرج عَن جملَة الْبدن كالقيء والرعاف والعرق وَالْبَوْل وَالْبرَاز والنفث والتحلل الْخَفي وَإِمَّا بِشَيْء يسيل من مَوضِع فِي الْبدن إِلَى مَوضِع آخر مثل الخراجات
3 - (عَلَامَات الرعاف)
الصداع وضيق النَّفس وتمدد الْجَنِين إِلَى فَوق واللمع فِي الْعين وإظلام الْبَصَر.
العلامات الدَّالَّة على الْقَيْء: الصداع والخفقان والخيالات الْمظْلمَة واختلاج الشّفة السُّفْلى. الثّقل والصداع فِي الرَّأْس فِي حمى محرقة يدلان على الْقَيْء والرعاف.
عَلَامَات البحران الْكَائِن بالرعاف علاماته: تمدد الْجَنِين وانجذابهما وضيق النَّفس والصداع والظلمة فِي الْبَصَر واللمع.
عَلَامَات: كَون الْقَيْء اخْتِلَاف النبض.
عَلَامَات البحران الَّذِي يكون بانتقال الْمَادَّة من مَوضِع من الْجَسَد إِلَى مَوضِع: الْحمى القوية والوجع اللابث وَحصر الْبَوْل وَالْبرَاز واحتباس النفث وَصِحَّة الْقُوَّة.
(5/104)
الِانْتِقَال إِمَّا فِي أعالي الْبدن فعلامته ضيق النَّفس الْحَادِث بَغْتَة وَثقل الرَّأْس والسمع والشم وَإِمَّا إِلَى أَسْفَله وَيكون مَعَه وجع فِي أَسْفَل الْبدن فِي تِلْكَ النَّاحِيَة والتهاب فِي الجنبين والحالبين والركبتين.
العلامات الدَّالَّة على أَن البحران يكون بعرق: النافض والبخار الْحَار اللذاع وحرارة الْجلد وحمرته والنبض الموجى. ونداوة فِي الْجلد والنبض الصلب ينذر برعاف.
العاملات الدَّالَّة على أَن البحران يكون بانطلاق الْبَطن: حصر الْبَوْل وفقد الْأَشْيَاء الدَّالَّة على الرعاف والقيء والعرق والثقل فِي مراق الْبَطن.)
العلامات الدَّالَّة على أَن البحران يكون بالبول: احتباس الْبَطن وفقد الْأَسْبَاب الدَّالَّة على الرعاف والقيء والعرق والثقل الْحَادِث فِي الْعَانَة.
3 - (عَلَامَات البحران الْكَائِن بعروق المقعدة)
أَن يكون العليل مِمَّن يعرض لَهُ ذَلِك والثقل الْحَادِث فِي تِلْكَ النَّاحِيَة والوجع فِي الْقطن وَكَذَلِكَ الطمث والثقل فِي الْقطن يدل عَلَيْهِ مَعَ فقد جَمِيع العلامات.
عَلَامَات البحران الْكَائِن بالانتقال صِحَة الْقُوَّة مَعَ عدم النضج وَيدل على أَنه يكون إِلَى أَعلَى الْبدن بعسر الْبَوْل وَثقل الرَّأْس والسبات والصمم. وَيدل الِانْتِقَال إِلَى أَسْفَل: الوجع والورم الرخو إِذا حدث فِي أسافل الْبدن والالتهاب.
3 - (جَوَامِع أَيَّام البحران)
الْخراج الباحوري يكون فِي أَكثر الْأَمر إِمَّا فِي المفاصل وَإِمَّا فِي الْأَعْضَاء الْغَيْر الشَّرِيفَة.
البحران الْكَائِن فِي السَّابِع مَأْمُون الْعَاقِبَة حرز من الْآفَات الْعَارِضَة بعده بَين مُنْذر بِهِ جيد تَامّ والكائن فِي السَّادِس بضد هَذِه الْحَال وَلَا يَأْتِي بحران فِي الثَّانِي عشر وَلَا فِي الثَّالِث عشر.
وَمن عَلَامَات البحران: الدُّمُوع ووجع الرَّقَبَة وَثقل الصدغين وخفقان الْفُؤَاد والنافض. الرَّابِع ينذر بالسابع السَّادِس يَأْتِي فِيهِ البحران قَلِيلا من المرضى وَيكون عسرا رديا غير تَامّ وَلَا بَينا وَلَا حميدا الْعَافِيَة وَلَا سليما من الْخطر وَلَا يكون فِي الثَّالِث عشر وَالسَّادِس عشر بحران إِذا كَانَ البحران مائلا نَحْو السَّادِس عرض قبله فِي الرَّابِع صغر نفس وَبرد ورعشة وخور فِي الْقُوَّة وعرق غير مستو واستفراغ أَشْيَاء لم تنضج.
الْأَيَّام الَّتِي البحران فِيهَا كثيرا: مِنْهَا فِي الطَّبَقَة الْعليا بِمَنْزِلَة السَّابِع وَالرَّابِع عشر وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة التَّاسِع وَالتَّاسِع عشر وَالْعِشْرين. وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة بِمَنْزِلَة السَّابِع عشر وَالْخَامِس وَمِنْهَا فِي الرَّابِعَة بمنزله الرَّابِع وَالثَّالِث وَالثَّالِث وَالثَّامِن عشر وَأما الَّتِي يَجِيء البحران فِيهَا فِي الندرة فَمِنْهَا مَا فِي الطَّبَقَة الأولى كالخامس وَالسَّادِس وَمِنْهَا مَا فِي الثَّانِيَة كالثامن وَالْخَامِس عشر وَمِنْهَا فِي الثَّالِثَة كالثاني عشر.
(5/105)
الْأَيَّام الْوُسْطَى فِي مَجِيء البحران هِيَ الثَّالِث عشر وَالسَّادِس عشر.
أَيَّام البحران بعد الْعشْرين على رأى جالينوس: يَوْم الْعشْرين وَالرَّابِع وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين وَالْوَاحد وَالثَّلَاثِينَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالسَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ وعَلى رَأس أرخيجانس الْوَاحِد)
وَالْعِشْرين وَالثَّانِي وَالثَّامِن وَالْعِشْرين وَالثَّانِي وَالْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ وَالثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ وَبعد يَوْم الْأَرْبَعين على رأى أبقراط يَوْم السِّتين والثمانين وَالْمِائَة وَالْعِشْرين.
انْقِضَاء الْمَرَض إِلَى الرَّابِع يكون بِجهْد شَدِيد وَإِلَى الْأَرْبَعين متوسط فَأَما بعد الْأَرْبَعين فَلَا يكَاد يكون مَعَ الِانْقِضَاء جهد شَدِيد إِلَّا فِي الندرة.
يحْتَاج الْعلم بتقدمة الْمعرفَة بِيَوْم البحران إِلَى الْعلم بتقدمة الْمعرفَة لأبقراط واحتيال ودراية فِي مداومة الْمَرَض وَالْعلم بنبض الْعُرُوق.
وَالْخَطَأ الْعَارِض فِي أُمُور المرضى إِن كَانَ يَسِيرا حدث من أَجله فِي السَّابِع بحران غير تَامّ وَإِن كَانَ عَظِيم الْمِقْدَار حدث البحران فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر.
البحران فِي الْأَمْرَاض السَّلِيم يتَأَخَّر وَفِي القتالة يتَقَدَّم. فَيكون إِذا كَانَ الْمَرَض حاداً فِي الْخَامِس إِذا كَانَت نوائبه فِي أَيَّام أَفْرَاد. وَالْخَطَأ فِي أَمر الْمَرِيض عَظِيم. وَأما فِي السَّادِس فَيكون إِذا كَانَ الْأَمر بالضد.
إِذا تبين النضج فِي الرَّابِع جَاءَ البحران فِي السَّابِع وَإِن تبين فِي السَّابِع جَاءَ البحران فِي الرَّابِع عشر. وَإِن تبين فِي الرَّابِع عشر جَاءَ البحران إِمَّا فِي التَّاسِع عشر وَإِمَّا فِي الثَّامِن عشر وَإِمَّا فِي الْعشْرين وَإِمَّا فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين لِأَن السَّابِع عشر ينذر بِأحد هَذِه الثَّلَاثَة الْأَيَّام.
إِذا كَانَ الْمَرَض يطول وتبينت فِيهِ عَلَامَات تدل على أَنه لم ينضج أَو على أَنه يطول فان تِلْكَ العلامات مَتى انْتَهَت إِلَى السَّابِع فالمرض لَا يَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر وَإِن بقيت إِلَى الْحَادِي عشر فالمرض لَا يَنْقَضِي إِلَّا بعد الْعشْرين وَإِن بقيت إِلَى السَّابِع عشر لم ينْقض إِلَّا بعد الْأَرْبَعين.
الْأَيَّام: مِنْهَا أَيَّام بحران وَمِنْهَا أَيَّام إنذار وَمِنْهَا وَاقعَة فِي الْوسط. فَأَما أَيَّام البحران الصَّحِيحَة: فالرابع وَالسَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَالسَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ. وَأما المنذرة فالرابع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَأما الْوَاقِعَة فِي الْوسط: فالثالث وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالثَّالِث عشر وَالْخَامِس عشر الرابوع الأول وَالثَّانِي يعدَّانِ موصولين الرابوع الثَّانِي مَعَ الرابوع الثَّالِث يعدَّانِ مفترقين وَالثَّالِث مَعَ الرَّابِع موصولين وَالرَّابِع مَعَ الْخَامِس أَيْضا موصولين وَكَذَلِكَ الْخَامِس مَعَ السَّادِس موصولين اخْتلف القدماء فِي أَيَّام البحران من بعد الرَّابِع عشر فَيرى قوم أَن من بعد الرَّابِع
(5/106)
عشر هُوَ الْيَوْم السَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثُونَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَة وَالْعشْرُونَ. وَآخَرُونَ قَالُوا: إِنَّه الثَّامِن عشر وَالْوَاحد)
وَالْعشْرُونَ والاثنان وَالْأَرْبَعُونَ وَالثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ.
من أَيَّام البحران باحورية بالطبع وَهِي الرَّابِع وَالسَّابِع وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَمِنْهَا باحورية بالدور وَهِي الثَّالِث وَالْخَامِس وَالتَّاسِع وَالثَّالِث عشر. وأدوار أَيَّام البحران إِلَى الْعشْرين تكون فِي الأرابيع وَإِلَى الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من الْعشْرين فِي الأسابيع وَفِي الْعشْر العشرينات من الْيَوْم الْأَرْبَعين إِلَى السِّتين.
كَمَا أَن الْأَمْرَاض الوافدة مُخْتَلفَة قَصِيرَة بعد حميات محرقة أَو غير ذَلِك كَذَلِك قد تكون البحارين مُدَّة مَا بَين أخص الْأَيَّام. أخص الْأَيَّام الباحورية فَقَط: السَّابِع وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ والباحورية المنذرة مَعًا: الرَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر والواقعة فِي الْوسط: الثَّالِث وَالْخَامِس وَالثَّالِث عشر.
وَعدد الْأَيَّام الَّتِي قبل الْعشْرين: فالأسبوعان الْأَوَّلَانِ يحسبان مفترقين وَالثَّالِث يُوصل بِالثَّانِي وَأما بعد الْعشْرين فالأسبوعان الْأَوَّلَانِ يعدَّانِ مفترقين وينتهيان فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالثَّالِث مِنْهَا يُوصل بِالثَّانِي. وَيَنْتَهِي يَوْم الْأَرْبَعين الأدوار الثَّلَاثَة: دور النّصْف ودور الأرابيع ودور تَامّ وَهُوَ دور الأسابيع ودور أتم من هَذَا وَهُوَ دور العشرينات.
الْأَمْرَاض: مِنْهَا حاد فِي الْغَايَة القصوى وَهَذَانِ ضَرْبَان: أَحدهمَا يَنْقَضِي فِي الرَّابِع مثل الحميات المطبقة الَّتِي تَنْقَضِي فِي الرَّابِع وَمِنْهَا دون هَذَا وَهُوَ أَيْضا من الحادة فِي الْغَايَة بِمَنْزِلَة الْحمى المطبقة الَّتِي تَنْقَضِي فِي أُسْبُوع. وَمِنْهَا الحاد من غير أَن يكون فِي الْغَايَة القصوى من الحدة وَهَذِه ضَرْبَان: مِنْهَا مَا يَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَمِنْهَا فِي عشْرين وَمِنْهَا مَا تسمى منتقلة من الحادة إِلَى المزمنة فتنقضي إِلَى الْأَرْبَعين وَمِنْهَا المزمنة فَهِيَ تَنْقَضِي فِي شَهْرَيْن إِلَى سبع سِنِين إِلَى أَرْبَعَة عشر سنة.
آخر حد الْمَرَض الْمُنْتَقل من الْحَادِي يَوْم السِّتين.
الْمَرَض رُبمَا تحرّك فِي أَوله حركات سريعة ثمَّ يبطيء بِآخِرهِ وبالضد.
أَيَّام البحران عَلَامَات البحران تغير الْعقل وَالْبدن وَسدر وتكثر اللمع فِي الْعين وسيلان الدُّمُوع واحمرار الْعين وَثقل الأصداغ وتوجع الرَّقَبَة وَالرَّأْس والظلمة فِي الْعين وخيالات وخفقان الْقلب واختلاج الشّفة السُّفْلى وتقبضها إِلَى دَاخل ورعدة صعبة وانجذاب مَا دون الشراسيف إِلَى فَوق وَالْكرب حَتَّى يطْلب المَاء الْبَارِد والالتهاب بِأَكْثَرَ مِمَّا كَانَ وَتقدم دور الْحمى وطولها)
قَالَ: أَنا أسمى الِاضْطِرَاب الشَّديد السَّرِيع الَّذِي يعرض فِي الْأَمْرَاض بعده استفراغ بحرانا وَهُوَ فِي أَكثر الْأَمر يؤول إِلَى السَّلامَة وَفِي الْأَقَل إِلَى التّلف.
(5/107)
قَالَ: لم أر فِي الثَّانِي عشر وَلَا فِي السَّادِس عشر بحرانا تَاما. فَأَما فِي السَّابِع فَلَا أحصى كم رَأَيْت فِيهِ بحرانا وَأما السَّادِس فقد يكون فِيهِ بحرانا لَكِن مَعَ أَعْرَاض صعبة وخطر شَدِيد جدا وَلَا يَصح البحران الَّذِي يكون فِيهِ وَلَا يتم وَلَا يكون بَينا وبحران السَّابِع مَعَ كثرته صَحِيح سليم وَقد قَالَ غَيْرِي أَنه رأى بحرانا فِي الثَّانِي عشر إِلَّا أَنه لم يكن منذرا بِهِ إِلَى شَرّ وَكَانَ مَعَ خطر وصعوبة.
البحران غير التَّام هُوَ الَّذِي يبْقى فِيهِ من الْمَرَض بَقِيَّة وَغير السَّلِيم الَّذِي مَعَه أَعْرَاض خبيثة.
وَغير الْبَين الَّذِي لَا يكون مَعَه خراج ظَاهر وَلَا استفراغ وَالَّذِي لم ينذر بِهِ أَي لم يدل على كَونه يَوْم قبله.
تعرف أَيَّام البحران يعسر من أجل تعرف يَوْم الِابْتِدَاء وَإنَّهُ قد اخْتلف فِي أَي الْيَوْمَيْنِ هُوَ يَوْم البحران: الْيَوْم الَّذِي تكون فِيهِ الصعوبة والشدة أَو الْيَوْم الَّذِي بعده وَمن أَنه يَنْبَغِي أَن يرى الشَّيْء مرَارًا كَثِيرَة حَتَّى يَصح وَيُمكن أَن يعْمل عَلَيْهِ.
أَيَّام البحران: يُرَاد بهَا الْأَيَّام الَّتِي يكثر فِيهَا كَون البحران فَأَما مَا لَو جَازَ مَا يكون فِيهَا فِي (مَنْفَعَة الْعلم بالبحران وأيامه) قَالَ: إِذا علم البحران وأيامه لم يُطلق لمن يُصِيبهُ بحران غير تَامّ فِي غير يَوْم بحران من غير أَن ينْتَقل إِلَى تَدْبِير الأصحاء والناقهين لَكِن يبْقى على تَدْبِير المرضى فَإنَّك إِذا فعلت بِهِ ذَلِك فخليق أَن يكمل بُرْؤُهُ وَإِن لم تفعل بِهِ ذَلِك فخليق أَن تكون العودة مهلكة وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض عَظِيما وَلم يكن الاستفراغ كثيرا وَالْقُوَّة ضَعِيفَة.
الْمُتَقَدّم لجَمِيع أَيَّام البحران السَّابِع وينذر بِهِ فِي الْأَكْثَر الرَّابِع وَإِنَّمَا قَدمته لِأَن البحران يَأْتِي فِيهِ كثيرا سليما تَاما بَينا منذرا بِهِ.
الْإِنْذَار لَيْسَ يكون فِي الْبَوْل فَقَط وَلَكِن فِي النفث وَفِي البرَاز وَفِي الزِّيَادَة فِي الشَّهْوَة وَفِي زِيَادَة الْفَهم والحس وَغير ذَلِك من جَمِيع القوى.
البحران الَّذِي يكون فِي السَّابِع يكون ابْتِدَاء بِحَسب التَّغَيُّر فِي الرَّابِع وَإِن كَانَ إِلَى خير فَإِنَّهُ يكون إِلَى خير وبالضد وَأكْثر بحارين السَّابِع جَيِّدَة وَرُبمَا مَاتَ فِيهِ العليل وَتغَير فِيهِ حَال العليل إِلَى مَا هُوَ أشر ثمَّ يَمُوت فِي أحد أَيَّام البحران الَّتِي بعده.
وَأما السَّادِس فَوَجَدته كَأَنَّهُ ضد السَّابِع فِي قلَّة البحران ورداءته وَأكْثر المرضى الَّذين تَتَغَيَّر حَالهم إِلَى مَا هُوَ أشر فِي الرَّابِع يموتون فِي السَّادِس. وَإِن تغير حَالهم فِي الرَّابِع إِلَى مَا هُوَ خير تَأَخّر البحران عَنهُ إِلَى السَّابِع وَلم يَجِيء فِي السَّادِس وَإِن اتّفق أَن يكون فِي السَّادِس كَانَ مَعَه من الْخطر أَمر عَظِيم.
وَذَلِكَ أَنه يعرض لَهُ شَبيه السكتات من عدم الْحس وَالصَّوْت وَإِن عرض لَهُ استفراغ
(5/108)
أَصَابَهُ مَعَه غشي وَتغَير لَونه وَبَطل نبضه وَعرضت لَهُ رعدة وَسَقَطت قوته.
وَفِي الْيَوْم السَّابِع كلما زَاد استفراغه ازْدَادَ رَاحَة. وَإِن كَانَ فِي الْيَوْم السَّادِس عرق لم يكد يكون مستويا وَإِن خرج شَيْء بالبراز والقيء كَانَ شَيْئا مُؤْذِيًا. وَرُبمَا خرجت عِنْد الْأُذُنَيْنِ خراجات ردية ويرقان وَإِن كَانَ يَبُول لم يكن نضجا لكنه يكون سنج اللَّوْن رَقِيقا غير مَحْمُود وَلَيْسَ ينفع من الْبَوْل الَّذِي يكون فِي السَّادِس إِلَّا كثرته فَقَط.
وَهَذَا أَهْون مَا يكون فِي السَّادِس لِأَن مِنْهُم من يختنق اختناقا بِدَم مفرط يجْرِي مِنْهُ أَو بإسهال أَو قيء مجاوز للاعتدال أَو سكتات أَو جُنُون.
وَرُبمَا هلك الْمَرِيض من قبل يرقان يعرض لَهُ أَو خراج ردي حَتَّى أَنِّي أشبه السَّابِع بِالْملكِ الْعَادِل)
وَالسَّادِس بالمنقلب الجائر وَأَنا أحرد القَوْل فِي الثَّانِي عشر أَنه لَيْسَ من أَيَّام البحران.
وَأما السَّادِس فَلَا أقدر أَن أحرد القَوْل فَإِنَّهُ لَيْسَ من أَيَّام البحران لِأَنَّهُ قد يكون فِيهِ بحران كم مرّة لكني أَقُول: إِن البحران الْعَارِض فِيهِ خَبِيث ردي وَجُمْلَة أَقُول: إِن الْيَوْم السَّادِس يَوْم بحران ردي كَمَا أَن السَّابِع يَوْم بحران جيد.
وَإِن كَانَ فِي السَّادِس بحران جيد فَإِنَّهُ لَا يكَاد يتم بل تبقى مِنْهُ بَقِيَّة تعاود ويعظم الْخطر فِيهِ قبل الْكَوْن.
وَالرَّابِع عشر قريب فِي طبيعة من السَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالْعشْرُونَ قريبَة من هَذِه أَيْضا وَمن بعْدهَا الرَّابِع وَمن بعد الرَّابِع الثَّالِث وَالثَّامِن عشر وَمَتى اتّفق أَن يعرض بحران فِي الثَّامِن والعاشر كَانَ شَبِيها بالسادس فَلَا يكَاد يَنْقَضِي فِي هَذِه الْأَيَّام مرض وَإِن انْقَضى لم يَصح وعاود وَكَانَ مَعَ ذَلِك الِانْقِضَاء خفِيا غير بَين وَلَا منذراً بِهِ وَلَا يَنْقَضِي أَيْضا الْمَرَض جملَة فِي الثَّامِن والعاشر وَالثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر وَالتَّاسِع عشر. وَالْأَيَّام الَّتِي لَا يَنْقَضِي فِيهَا جملَة الثَّامِن والعاشر وَالثَّانِي عشر.
وَالْأَيَّام الَّتِي يَنْقَضِي فِيهَا وَهِي الباحورية الجيدة الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَالسَّابِع عشر وَالثَّامِن عشر وَالْعشْرُونَ.
وَالثَّالِث عشر متوسط بَين الجيدة والردية وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ ألف بالساقط كالأيام الَّتِي لَا تَنْقَضِي فِيهَا الْأَمْرَاض وَلَيْسَ باللاحق بالتاسع ودونه وَهَذِه حَال الْأَيَّام إِلَى الْعشْرين. 3 (ابْتِدَاء) عدد أَيَّام البحران لَا يعد من الِابْتِدَاء بِالْحَقِيقَةِ لِأَن ذَلِك لَا عرض لَهُ وَلَا من وَقت يطْرَح العليل نَفسه لِأَن بَينهم فِي ذَلِك تَفَاوتا كثيرا وَلِأَنَّهُ قد يعرض أَشْيَاء مَانِعَة من
(5/109)
طرح النَّفس: مثل السّفر والخدمة وَغير ذَلِك لَكِن من الْوَقْت الَّذِي يحس فِيهِ بالحمى حسا ظَاهرا إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى علم البحران فِي الحميات الحادة مثلا لنضع أَن مَرِيضا من حمى غب لَازِمَة لَا يتَبَيَّن فِيهَا عَلامَة تدل على نضج إِلَى الْيَوْم الْحَادِي عشر فَإِذا كَانَ فِي هَذَا الْيَوْم ظهر فِي الْبَوْل رسوب مَحْمُود جيد وَلم يظْهر قبل ذَلِك الْوَقْت.
أَقُول: إِن الطَّبِيب الْحقيق بِهَذَا الِاسْم يعظم رجاؤه فِي أَن البحران يَأْتِيهِ فِي الرَّابِع عشر فتبتدى حمى يَوْم الرَّابِع عشر بنافض شَدِيد وتتقدم نوبتها فَإِن هَذَا يكون على الْأَكْثَر إِذا كَانَ البحران مزمعا أَن يكون وَقد لَا تتقدم فِي الندرة وَليكن قبل ذَلِك صعوبة شَدِيدَة فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الْيَوْم الرَّابِع عشر وَيخْتَلف النبض عَن النظام وَيكون أَكثر حركاته مشرقة عَظِيمَة قَوِيَّة.
أَقُول: إِنَّه يعرض لهَذَا الْمَرِيض إِذا انْتَهَت نافض حماه عرق مَحْمُود ومستو وَيبدأ تخف أعراضه كلما ازْدَادَ عرقه ويحس نبضه ويعرق عرقا كثيرا حارا ثمَّ تسكن حماه وَقد أَتَاهُ بحران مَحْمُود لِأَن يَوْمه يَوْم يكون فِيهِ البحران الصَّحِيح التَّام وَقد ظهر فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ نضج وأنذر بِكَوْنِهِ قبل الصعوبة الَّتِي تقدّمت والنافض وَسَائِر العلامات الَّتِي تتقدم البحران. وَلَو كَانَ تَأَخّر بحران هَذَا إِلَى الْيَوْم الْخَامِس عشر لما كَانَت تَجْتَمِع لَهُ هَذِه الْفَضَائِل وَلَا يكون صَحِيحا.
وَهَذَا أجل نفع أَن يكون البحران فِي الْيَوْم الْمُعْتَاد.
وَجُمْلَة أَقُول إِنَّك مَتى وجدت جَمِيع عَلَامَات البحران الْمَحْمُود مَا خلا أَنه كَانَ فِي يَوْم باحوري نقص البحران نقصا كثيرا وَإِن كَانَت العلامات الْأُخَر لَيست على غَايَة التَّمام وَكَانَت فِي يَوْم باحوري تمّ البحران وَصَحَّ.
وَإِنَّمَا يَعْنِي بالبحران انْقِضَاء الْمَرَض وَقد يجْتَمع ليَوْم البحران أبدا أَكثر عَلَامَات الصِّحَّة وَلَا تَجْتَمِع لغيره فلنضع أَن العليل الَّذِي تمثلنا بِهِ أَنه تَأَخّر عَنهُ البحران إِلَى الْيَوْم السَّادِس عشر فَلَمَّا كَانَ فِي ليلته الَّتِي صبيحتها السَّادِس عشر جَاءَتْهُ الصعوبة وعلامات البحران فابتدأ اقشعرار صَعب وَتَقَدَّمت نوبَة الْحمى.
أَقُول إِنَّه إِذا كَانَ كَذَلِك لم يعرق العليل عرقا مَحْمُودًا وَلم تُفَارِقهُ الْحمى بِالْكُلِّيَّةِ فِي ذَلِك الْيَوْم.)
فَإِن اتّفق ذَلِك مَا لَا يكَاد أَن يكون الْعرق مستويا مَحْمُودًا تقلع بِهِ الْحمى إقلاعاً تَاما فَإِن البحران يَصح لكنه إِن زل العليل أدنى زلل عاودت حماه.
ثمَّ لنضع أَن عَلامَة البحران إِن ظَهرت فِي الْمَرِيض فِي الْيَوْم الرَّابِع كَمَا وصفناها ألف وَظَهَرت فِي الْحَادِي عشر.
أَقُول إِنَّه يتَوَقَّع البحران فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَن النذير فِي الْأُسْبُوع الثَّانِي الْحَادِي عشر وَفِي الْأُسْبُوع الأول وَالرَّابِع وكما يدل الْحَادِي عشر على الرَّابِع كَيفَ كَانَ الْحَال فِيهِ كَذَلِك يدل الرَّابِع على السَّابِع فلنضع أَن العلامات كلهَا كَانَت فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الْيَوْم
(5/110)
الثَّامِن وَأَن الْعرق ابْتَدَأَ فِي آخر تِلْكَ اللَّيْلَة ولبث الْمَرِيض نَهَار يَوْم الثَّامِن نَهَاره أجمع يعرق عرقا مَحْمُودًا وأقلعت حماه عِنْد العشى فَاعْلَم أَنِّي أَقُول إِن هَذَا لبحران جَاءَ فِي السَّابِع وَانْظُر أبدا فِي مثل هَذَا إِلَى الْمُنْذر فَإِن كَانَ الْمُنْذر أنذر بِالْيَوْمِ السَّابِع ثمَّ جَاءَ فِيهِ جملَة وَاحِدَة من خلال البحران وَتمّ كُله فِي الثَّامِن فالبحران لليوم الْمُنْذر بِهِ وَإنَّهُ تَجْتَمِع لليوم عَلَامَات كَثِيرَة من عَلَامَات البحران. وَإِن فقدت الْمُنْذر وَجَاء البحران فِي يَوْمَيْنِ فَانْظُر فَإِن كَانَت الْعلَّة تصعب وتتحرك فِي الْأَفْرَاد فالبحران للفرد وَذَلِكَ أَن البحران أبدا إِنَّمَا يكون فِي وَقت استصعاب الْحمى وَانْظُر فِي نفس البحران فَإِن رَأَيْته جيدا سليما وَشَكَكْت فِي السَّابِع وَالثَّامِن وَالتَّاسِع وَالسَّادِس فانسبه إِلَى السَّابِع وَإِن شَككت فِي التَّاسِع والعاشر فانسبه إِلَى التَّاسِع وبالضد. وَانْظُر أَيْضا من نفس طبيعة البحران وَذَلِكَ أَن لَهُ ابْتِدَاء يدل على مَجِيئه وَابْتِدَاء الاستفراغ وانقضاء الْعلَّة فاليوم الَّذِي تَجِد فِيهِ الثَّلَاثَة فَلَا وَانْظُر فِي أَي الْيَوْمَيْنِ زمَان البحران فِيهِ أطول فَإِنَّهُ بِهِ أولى فَإِن كَانَت العلامات لوَاحِد أَكثر فللذي فِيهِ عَلَامَات أقل أَيْضا شركَة فَإِن اسْتَويَا فَهُوَ لَهما.
وَرُبمَا يُجَاوز البحران الْيَوْم الَّذِي بعد الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ ابْتِدَاء العلامات إِلَى الْيَوْم الثَّالِث من يَوْم ابْتِدَاء العلامات وَإِذا كَانَ كَذَلِك فاليوم الْأَوْسَط أولى بالبحران لِأَن زمَان البحران فِيهِ كَانَ أطول. وَلَكِن لَا يجب أَن توجب لَهُ البحران كُله لَكِن تنظر مَا كَانَ الْإِنْذَار أَيّمَا كَانَ بِهِ فانسبه إِلَيْهِ فَإِن هَذَا أقوى العلامات فَإِن لم ينذر بِهِ فَانْظُر فِي سَائِر مَا وَصفنَا من حَرَكَة الأدوار وَالزَّوْج والفرد وَقِيَاس نَوَائِب الْحمى فَإِن الْحمى الأطول هِيَ يَوْم بحران وطبائع الْأَيَّام فَإِن البحران الحميد فِي الْأَيَّام الجيدة وَبِالْعَكْسِ وَعدد أَوْقَات البحران فَإِن الَّذِي يجْتَمع لَهُ وقتان مِنْهُ هُوَ لَهُ وزمان البحران أَعنِي طول لبثه فَإِن الَّذِي يلبث البحران فِيهِ أَكثر فَهُوَ لَهُ فضم هَذِه جَمِيعًا)
واستشهدها.
وَأما الْيَوْم الأول وَالْيَوْم الثَّانِي فَلَيْسَ يُمكن أَن يَكُونَا من أَيَّام البحران إِلَّا لحمى يَوْم وَذَلِكَ أَن البحران إِنَّمَا هُوَ أَن تَنْقَضِي الْعلَّة باضطراب وتعب فَإِن سمينا كل انْقِضَاء بحرانا وَإِن لم يتقدمه تَعب واضطراب فاليوم الأول وَالثَّانِي رُبمَا انْقَضى فيهمَا حمى. وَأَنا أسمي الِاضْطِرَاب الْكَائِن قبل تغير الْمَرَض إِلَى الْحَالة الجيدة أَو الردية بحرانا وَمَا كَانَ تغيره إِلَى الْأَفْضَل أُسَمِّيهِ بحرانا جيدا وبالضد وَمَا كَانَ لَا يُؤَدِّي إِلَى كَمَال الْفضل وَكَمَال الْهَلَاك أُسَمِّيهِ بحرانا نَاقِصا جدا ورديا.
وَقد قَالَ أرخيجانس: إِن البحران يكون فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين أَكثر مِمَّا يكون فِي الْعشْرين وَأَنا لم أَجِدهُ هَكَذَا وَلَا أبقراط. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي السَّابِع وَالْعِشْرين فَإِنِّي وجدت البحران يكون فِيهِ أَكثر مِمَّا يكون فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين. وَذكر أرخيجانس أَنه يكون أقل.
وَالْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أَيْضا صَالح للقوة وَيَوْم الْأَرْبَعين أقوى مِنْهُ. وَأما الْيَوْم الرَّابِع
(5/111)
وَالْعشْرُونَ وَالْيَوْم الْوَاحِد وَالثَّلَاثُونَ فالبحران يكون فيهمَا أقل مِمَّا يكون فِي الَّذِي ذكرنَا من بعد الْعشْرين وَأَقل من هَذِه كثيرا الْيَوْم السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ حَتَّى أَنه إِلَى أَن لَا يكون من أَيَّام البحران أميل. فَأَما سَائِر الْأَيَّام الَّتِي بَين الْعشْرين وَالْأَرْبَعِينَ فَلَا يكون فِيهَا بحران: وَهِي الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَالثَّالِث وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّادِس وَالثَّامِن وَالتَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ وجملتها اثن عشر يَوْمًا. وَالِاضْطِرَاب الشَّديد الْقوي يكون فِي البحارين الكائنة فِي الرَّابِع عشر وَإِلَى الْعشْرين وَمن بعد الْعشْرين إِلَى الْأَرْبَعين فَيكون أهدأ حَرَكَة وَمن بعد الْأَرْبَعين هِيَ ضَعِيفَة الْحَرَكَة جدا وَأكْثر الِانْقِضَاء يكون فِيهَا بالنضج والتحلل والخراجات وَرُبمَا كَانَ بالاستفراغ فِي الندرة وَإِذا كَانَ لم تكن مَعَه حَرَكَة شَدِيدَة.
وأبقراط يستخف بِالْأَيَّامِ الَّتِي بعد الْأَرْبَعين خلا السِّتين والثمانين وَالْعِشْرين وَالْمِائَة وَيَقُول بعد هَذَا: إِن من الْأَمْرَاض مَا يكون بحرانه فِي سَبْعَة أشهر وَفِي سبع سِنِين وَفِي أَربع عشرَة سنة وَإِحْدَى وَعشْرين سنة.
وَلَيْسَ يُمكن إحكام علم أَيَّام البحران إِلَّا بأمرين: الْعلم بِمَا قَالَ أبقراط فِيهَا وَمن أَدِلَّة الْمَرَض جَمِيعًا وَعلم النبض.
3 - (عَلَامَات السَّلامَة والنضج)
مَوْجُودَة فَأَنْذر بِكَوْن البحران فِي السَّابِع فَإِن لم تعرف عَلَامَات السَّلامَة والنضج لم يُمكن أَن تنذر بالبحران. وَإِنَّمَا قلت: إِنَّك تحْتَاج إِلَى معرفَة عَلَامَات السَّلامَة والنضج لِأَنَّك إِن رَأَيْت عَلَامَات الْخطر وَرَأَيْت بعد ذَلِك نضجا فِي الرَّابِع وَكَانَت أَيَّام الْحمى فِي الْأزْوَاج فَاعْلَم أَن البحران يكون فِي السَّادِس وَفِي الندرة أَن تجاوزه فَفِي السَّابِع. وَإِن رَأَيْت عَلَامَات السَّلامَة مَعَ النضج فِي الرَّابِع فالبحران يكون فِي السَّابِع.
وعلامات النضج لَا تَجْتَمِع مَعَ عَلَامَات الْهَلَاك وَإِن كَانَت عَلامَة الْهَلَاك قَوِيَّة فِي الرَّابِع مَاتَ فِي الْأَكْثَر فِي السَّابِع.
وَقد قلت: إِن الْمَوْت بحران ردي كَامِل وحد صِحَة ذَلِك من نوبَة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن ساعدت مَعَ هَذَا أَن تكون النّوبَة فِي الْأزْوَاج فَمَا قلت أقوى. وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأَفْرَاد لَا يَمُوت فِي السَّادِس وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الْمَرَض قَوِيا قوى الْحَرَارَة جدا والأعراض الَّتِي ظَهرت فِي الرَّابِع قَوِيَّة عَظِيمَة جدا فَلذَلِك يجب أَن تقضي معرفَة هَذِه العلامات.
قَالَ: وَقد تفقدت أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة على الِاسْتِقْصَاء فَوجدت الرَّابِع ينذر بالسابع مَا لم يَقع خطأ. يَنْبَغِي أَن تنظر أُخْرَى فِي هَذَا الْموضع.
لي وَيجب أَن تنظر فِي العلامات الدَّالَّة على انْتِهَاء الْمَرَض ونضجه وانقضائه وَطوله فَإِن رَأَيْت فِي الرَّابِع النضج عديما والمنذرة بطول الْمَرَض فَاعْلَم أَن الْمَرَض سيجاوز الْحَادِي
(5/112)
عشر وَإِن بقيت عَلَامَات النضج بعد الرَّابِع فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِن كَانَ الْمَرَض فِي السَّابِع لم ينضج وَلَيْسَت فِيهِ عَلامَة قَوِيَّة تدل على طوله فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر وَالْوُقُوف على حَقِيقَته يكون فِي الْحَادِي عشر وَذَلِكَ أَنه ينذر بالرابع عشر فَإِن رَأَيْت فِيهِ عَلامَة نضج فأيقن بالبحران فِي الرَّابِع عشر وَإِن كَانَت عَلامَة النضج ضَعِيفَة. إِلَّا أَن الْمَرَض يَتَحَرَّك حَرَكَة سريعة فخليق أَن يكون فِي الرَّابِع عشر وَإِلَّا كَانَ فِي السَّابِع عشر. فَإِن لم تكن عَلامَة النضج فِي الْحَادِي عشر فَلَيْسَ يكون فِي الرَّابِع عشر وَضم إِلَى نظرك النّظر فِي حَرَكَة الْمَرَض وسرعته وَسَائِر العلامات لتعلم مَتى يَأْتِي البحران فِي السَّابِع عشر أم فِي الثَّامِن عشر أَو بعد ذَلِك لِأَنَّهُ رُبمَا أَتَى البحران فِي السَّابِع عشر أم فِي الثَّامِن عشر أَو بعد ذَلِك لِأَنَّهُ رُبمَا أَتَى البحران فِي هَذِه الْأَيَّام وَأكْثر ذَلِك يتَأَخَّر إِلَى الْعشْرين. وَرُبمَا أَتَى فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين وينذر بهَا جَمِيعًا السَّابِع عشر وَلَا سِيمَا)
بِالْيَوْمِ الْعشْرين وَالْيَوْم الثَّامِن عشر ينذر بِالْيَوْمِ الْوَاحِد وَالْعِشْرين.
وَمَتى رَأَيْت الْمَرَض مُنْذُ أَوله مندفن الْحَرَارَة بطيء الْحَرَكَة مَعَ سَائِر العلامات الدَّالَّة على بطء الْمَرَض فَلَيْسَ يمكنك أَن تعلم مَتى يَأْتِي البحران لكنك تعلم أَنه لَا يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر وَأكْثر مِنْهُ: لَا يَأْتِي قبله فَانْظُر حِينَئِذٍ أسليم هَذَا الْمَرَض أم لَا فَإِنَّهُ مَتى اجْتمع ضعف الْقُوَّة إِلَى عَلَامَات الْهَلَاك فَإِن الْمَرِيض يَمُوت قبل أَن يطول الْمَرَض وَإِن كَانَ الْمَرَض سليما فبحرانه بعيد.
وَلَا تطمع أَن تعرف بحران الْأَمْرَاض الَّتِي يكون نَحْو الْعشْرين فِي الرابوع الأول. لَكِن بعد ذَلِك إِلَى السَّابِع يكون حدس ضَعِيف وَمن السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر يكون أقوى فَإِن رَأَيْت أَيْضا عَلَامَات النضج من الْحَادِي عشر إِلَى الْيَوْم الْعشْرين ضَعِيفَة فَإِن الْمَرَض يُجَاوز الْعشْرين واقض بِأَن الْمَرِيض لَا يَأْتِيهِ بحران قبل الْعشْرين إِن بقيت تِلْكَ الدَّلَائِل على حَال وَاحِدَة وَلم تَتَغَيَّر إِلَى سرعَة الْحَرَكَة بَغْتَة أَو قَلِيلا قَلِيلا وَلست تَدْرِي فِي أَي يَوْم يكون بعد الْعشْرين حَتَّى تنظر فِي الْأَيَّام الَّتِي من الْحَادِي عشر إِلَى الْعشْرين وَذَلِكَ أَنَّك إِذا رَأَيْت العلامات الدَّالَّة على النضج بَيِّنَة فتوقع الرَّابِع وَالْعِشْرين. فَإِن لم تَرَهَا فَإِنَّهُ يتَأَخَّر إِلَى الْأُسْبُوع الرَّابِع فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي تبقى إِلَى الرَّابِع عشر غير نضيجة وتتحرك حَرَكَة بطيئة فَلَا يجِئ بحرانها قبل الْأَرْبَعين.
وَقد قُلْنَا إِن البحران بعد الْأَرْبَعين ضَعِيف وَأَكْثَره يكون بالتحلل وَفِي الندرة يكون بالاستفراغ.
مَتى رَأَيْت مَرِيضا أَن عَلَامَات النضج فِي بَوْله وَاضِحَة فِي الْيَوْم الأول وحماه حارة وَلَيْسَ مَعهَا شَيْء من عَلَامَات التّلف فَإِن حماه لَا تجَاوز الرَّابِع وَإِذا رَأَيْت عَلَامَات التّلف كلهَا فِي الْيَوْم الأول فَلَيْسَ يجوز الرَّابِع حَتَّى يَمُوت. وَإِن كَانَت حماه حارة وَلم تظهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات النضج وَلَا من عَلَامَات الْمَوْت فَلَا يُمكن أَن يَنْقَضِي مَرضه فِي الرَّابِع وَلَا قبله ألف وفتفقد حِينَئِذٍ قبل الْحمى هَل كَمَا لم تظهر عَلَامَات النضج لم تظهر عَلَامَات طول
(5/113)
الْمَرَض أم ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض مَعَ فقد عَلَامَات النضج فَإِنَّهُ إِن عدما جَمِيعًا أَعنِي عَلَامَات النضج وعلامات طول الْمَرَض مَعَ فقد عَلَامَات النضج فَإِن مَرضه يبلغ منتهاه نَحْو السَّابِع وَإِن ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض فَإِنَّهُ يتَجَاوَز السَّابِع وَلست تقدر أَن تعلم مُنْذُ أول الْأَمر كم يَتَطَاوَل لَكِن بعد مُرُور الْأَيَّام وَلَكِن تريح من ذَلِك أَن مُنْتَهى الْمَرَض يطول فتقدر الْغذَاء بِحَسب ذَلِك.
وَالْخَطَأ الَّذِي يَقع للمرضى من الْأَطِبَّاء والأدوية وَنَحْوهَا وَمن خَارج كالفزع والهم والسهر الَّذِي عَن شَيْء يبلغهُ فَأَما الَّذِي يسهر بِلَا شَيْء بلغه فَلَيْسَ يفْسد بِظَاهِر الْحس نظام البحران. وَإِن)
الْأَمْرَاض السليمة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْخطر إِذا عرض فِيهَا عَارض من خطأ فَإِنَّمَا تطول فقد وَأما الْأَمْرَاض الخطيرة فَإِنَّهُ إِن عرض فِيهِ الْخَطَأ آلت إِلَى الْهَلَاك. والأمراض السليمة أَيْضا إِذا تكَرر الْخَطَأ مرّة بعد أُخْرَى انقلبت طَبِيعَته إِلَى الْهَلَاك.
وبمقدار الْخَطَأ الَّذِي يَقع بَين يَوْم الْإِنْذَار ويم البحران الردي يتَقَدَّم الْمَوْت كَمَا أَنه أنذر الرَّابِع بشر ثمَّ حدث بعده خطأ عَظِيم فَلَيْسَ بتأخر الْمَوْت إِلَى السَّابِع. لكنه يسْبق: إِمَّا فِي الْخَامِس وَإِمَّا فِي السَّادِس وَيعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يكون مِقْدَار حِدة الْمَرَض وَمِقْدَار الضَّرَر الدَّاخِل على الْمَرِيض من الآفة الْحَادِثَة من الْخَطَأ وَمن نَوَائِب الْحمى فَإِن كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأَفْرَاد وَالْمَرَض حَار وَالشَّيْء الَّذِي ظهر فِي الرَّابِع عَظِيم فبالحرى أَن يَمُوت فِي الْخَامِس: فَإِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج وَالْمَرَض أقل حِدة وَالْخَطَأ وَالتَّدْبِير بِالشَّرِّ قَلِيلا من فبالحرى أَن يتَأَخَّر إِلَى السَّادِس. (الْوَقْت الَّذِي يَمُوت فِيهِ الْمَرِيض) إِذا كَانَت الْمعرفَة بِالْيَوْمِ الَّذِي يَمُوت فِيهِ الْمَرِيض فَانْظُر فِي أَي وَقت من أَوْقَات نوبَة حماه تثقل على العليل علته فَإِنَّهُ مَتى ظَهرت بِهِ هَذِه العلامات حِين تبتدئ نوبَة الْحمى فَإِنَّهُ يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت من ذَلِك الْيَوْم.
3 - (العلامات)
هَذِه: أَن يبرد بدنه كُله بردا شَدِيدا. وَلَا يسخن إِلَّا بعسر وَيبقى لَونه حَائِلا زَمنا طَويلا ويصغر نبضه ويتغير حَاله إِلَى حَال أردى أَو تثقل حركته ويكسل ويسبت وَنَحْو هَذِه فَاعْلَم أَنه ميت فِي هَذَا الْوَقْت وَإِن كَانَ ابْتِدَاء الْحمى لَيْسَ بالردي وَلَا تظهر فِيهِ هَذِه العلامات فَانْظُر إِلَى الْمُنْتَهى فَإِن رَأَيْته يخْتَلط عقله عِنْد الْمُنْتَهى ويعرض لَهُ هم وسبات وغم وَلَا يُطيق احْتِمَال حماه ويلتهب التهاباً مفرطاً وتظلم عَيناهُ ويصدع ويعض لَهُ وجع فِي فُؤَاده وَأَشْبَاه هَذِه من الْأَعْرَاض فَفِي هَذَا الْوَقْت يَمُوت.
وَإِن كَانَ الِابْتِدَاء والانتهاء سليمين وَكَانَ عِنْد الانحطاط تذبل نَفسه ويصيبه عرق غير
(5/114)
مستو بَارِد فِي الرَّأْس وَحده أَو فِي الرَّقَبَة وَفِي الرَّقَبَة وَفِي الصَّدْر ويضعف نبضه ألف وويصغر وَجُمْلَة فَاعْلَم أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي أشر أَوْقَات الْحمى.
مِثَال ذَلِك أَنَّك مَتى رَأَيْت الْحمى فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث تزداد رداءة وَرَأَيْت فِي الرَّابِع رداءة استدللت على موت الْمَرِيض فِي السَّادِس ثمَّ رَأَيْت أَشد أَوْقَات النّوبَة يكون فِي السَّاعَة السَّادِسَة.
وَأَنت تصيب مَتى أحكمت هَذَا الطَّرِيق فِي الْأَكْثَر وَانْظُر مَتى لم تصح لَك العلامات فانتظر بِانْقِضَاء إِلَى يَوْم آخر وَآخر حَتَّى يَصح عنْدك.
قَالَ: الأسابيع أقوى أَيَّام البحران وَبعدهَا الأرابيع.
أبقراط يعد الْأُسْبُوع الثَّالِث يَوْم الْعشْرين وَيجْعَل السَّابِع عشر ينذر بِهِ وَيخرج الثَّامِن عشر والواجد وَالْعِشْرين من أَيَّام البحران.
وَأما من حسب أَيَّام الأسابيع تَامَّة فَإِن الثَّامِن عشر عِنْده ينذر بالحادي وَالْعِشْرين وَيخرج السَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ من أَيَّام البحران. وَقد صَحَّ بالتجربة أَن البحران يكون كثيرا فِي السَّابِع عشر ويكن مَعَ ذَلِك صَحِيحا وَكَذَلِكَ فِي الْعشْرين.
الْأَطِبَّاء لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَيَّام البحران إِلَى الرَّابِع عشر ويختلفون فِيمَا بعد لأَنهم لم يتفقدوا التجربة كثيرا لكِنهمْ عمِلُوا بِالْقِيَاسِ فعدوا الأسابيع بأيام تَامَّة فَلذَلِك عدوا الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين بالثامن وَالْعِشْرين من أَيَّام البحران القوية وَالثَّامِن عشر يدنو بِهِ على أَنه نصف الْأُسْبُوع الثَّالِث وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ على أَنه آخر يَوْم من الْأُسْبُوع السَّادِس إِلَّا أَنَّك إِذا تفقدت بالتجربة)
رَأَيْت الطَّرِيق الَّذِي سلكه أبقراط الصَّحِيح لِأَنَّك إِذا تفقدت وقست بالتجربة الْيَوْم السَّابِع عشر وَهُوَ أول يَوْم وَقعت فِيهِ الْخلاف بِالْيَوْمِ الثَّامِن عشر وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين بالثامن وَالْعِشْرين وَالْوَاحد وَالثَّلَاثِينَ بِالثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بالخامس وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ بِالثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ وجدت الْأَيَّام الْمُنَاسبَة للسابع عشر أقوى والأمراض فِيهَا أظهر والتجربة تشهد دون الآخر وَلَا يكَاد يكون فِي غير الْمُنَاسبَة للرابع بحران حَتَّى أَنه قد يكون البحران فِيهِ حِينَئِذٍ وَلَا يكون فِي أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ.
وَقد ذكر أبقراط فِي مرضِي كثير فِي أبيذيميا وتفقدناه نَحن أَيْضا فوجدناه كَذَلِك وَلم يذكر أبقراط وَلَا وجدنَا نَحن بحرانا حدث فِي الْأَيَّام الَّتِي لَا تناسب الرَّابِع عشر فضلا عَن أَن يكون تَاما سليما وَأما فِي الْمُنَاسبَة فَلَيْسَ إِنَّمَا يحدث البحران كثيرا بل يكون سليما. فقد بَان صِحَة طَرِيق أبقراط وَإِنَّمَا غلط الَّذين خالفوه بأَشْيَاء أَجدهَا أَنهم ظنُّوا أَن الأسابيع تجْرِي تَامَّة فلزموا الْقيَاس دون التجربة ولعلهم أَيْضا رَأَوْا مرضى قليلين أَتَاهُم بحران فِي تِلْكَ الْأَيَّام. وَيُمكن أَن تكون البحارين لليوم الَّذِي قبله للعلل الَّتِي ذكرتها ولغلطهم فِي ابْتِدَاء
(5/115)
الْمَرَض وَيكون البحران باتصال يَوْمَيْنِ. وَهُوَ لأَحَدهمَا فينسبونه إِلَى يومهم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا أشبهه مِمَّا تقدم ذكره مِمَّا يشْتَبه هَل البحران لليوم الأول أَو الثَّانِي.
والأمراض الَّتِي تطول مدَّتهَا أَعنِي الَّتِي تجَاوز الرَّابِع عشر وَالْعِشْرين لَا يكون بحرانها قَوِيا أَيْضا وَلَا يكون حادا لَكِن سَاكِنا هادئا فَرُبمَا تمّ أمره فِي يَوْمَيْنِ فيلغط هَذَا أَيْضا وَلَا يجب أَن يتَوَهَّم أَنه لَا يكون بعد الْأَرْبَعين بحران باستفراغ قوي وحركة شَدِيدَة فَإِن ذَلِك رُبمَا كَانَ وَقد ذكر أبقراط أَنه عرض ذَلِك فِي الثَّمَانِينَ.
لي أَحسب هَذَا أَكثر مَا يكون إِذا انْتقل الْمَرَض إِلَى الحدة من الرَّأْس.
قَالَ ج: وَأكْثر مَا يعرض الِانْقِضَاء الْخَبيث يَعْنِي البحران فِي الْأَمْرَاض المزمنة إِذا فَارَقت ثمَّ عاودت فَرُبمَا كَانَت العودة فِي يَوْم بحران ثمَّ يجْرِي الْأَمر على عدد أَيَّام البحران فَيكون أحد هذَيْن المرضين حادا وَإِذا وصل كل مِنْهُمَا مرض طَوِيل حَتَّى أَنه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك مركبا من مرضين أَو ثَلَاثَة حادة كلهَا لَا تَنْقَضِي ببحران لَكِن يَنْقَضِي بعض مِنْهَا ويعاود بعض وتنقضي أَيْضا فِي أَيَّام البحران على مثل هَذَا.
فِي)
قَالَ: إِذا علمت أَن يَوْم البحران قريب قدرت الْغذَاء بِحَسب ذَلِك من اللطف وَلم تقف الطبيعة عَن البحران وَإِذا كَانَ البحران فِي يَوْم باحوري كَامِل أخذت بالمريض فِي تَدْبِير الناقه وَإِن كَانَ غير ذَلِك وقيته ولطفت تَدْبيره لِئَلَّا ينكس نكس سوء.
الْمَرَض الَّذِي فِي غَايَة الحدة يَأْتِي بحرانه إِمَّا بِخَير وَإِمَّا بشر إِمَّا قبل الرَّابِع وَإِمَّا فِيهِ وَالَّذِي يتلوه فِي الحدة فَإلَى السَّابِع وَالَّذِي يتلوه فِي الحدة فَإلَى الْحَادِي عشر وَالَّذِي يتلوه فِي الحدة فَإلَى الرَّابِع عشر ثمَّ إِلَى الْعشْرين وَالَّتِي هِيَ دون هَذِه فِي الحدة وَقد دخلت فِي المزمنة فحركاتها فِي الأسابيع على مَا ذكرنَا.
وَجَمِيع أدوار أَيَّام البحران تكون إِمَّا بأسابيع وَإِمَّا بأنصاف الأسابيع وَهِي الأسابيع. والأرابيع تنذر بالأسابيع كَمَا قَالَ أبقراط.
الرَّابِع ينذر بالسابع وَابْتِدَاء الْأُسْبُوع الثَّانِي من الْيَوْم الثَّامِن وانقضاؤه الرَّابِع عشر. وينذر بالرابع عشر الْحَادِي عشر لِأَنَّهُ رَابِع الْأُسْبُوع الثَّانِي لِأَنَّهُ الرَّابِع من الثَّامِن. وَالسَّابِع عشر يَوْم إنذار لِأَنَّهُ الرَّابِع من الرَّابِع عشر وينذر بالعشرين.
أدوار أَيَّام البحران الَّتِي تكون فِي الْأزْوَاج يَعْنِي الَّتِي تتحرك فِي الْأزْوَاج: الرَّابِع وَالسَّادِس وَالثَّامِن والعاشر وَالرَّابِع عشر وَالثَّامِن عشر وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّامِن وَأما الَّتِي تتحرك فِي الْأَفْرَاد فالثالث وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثُونَ هَذَا مَا كتبه أبقراط لنَفسِهِ فِي
(5/116)
إبيذيميا وَهِي جَمِيع أَيَّام البحران فَلَمَّا أحكم أمره بالتجربة ذكر فِي تقدمة الْمعرفَة والفصول أقواها.
وَقد يكون فِي نِسْبَة دون نِسْبَة البحران فِي يَوْم دون يَوْم بسب: من تغير الْهَوَاء. فَإِنِّي رَأَيْت فِي صيف أَكثر من أَرْبَعمِائَة مَرِيض مرضوا مَرضا حادا أَتَاهُم البحران فِي السَّابِع وَفِي صيفة أُخْرَى فِي الرَّابِع عشر. وَرَأَيْت خَرِيفًا كَانَ يَجِيء فِيهِ البحران أبدا فِي الْحَادِي عشر وخريف آخر كَانَ يَجِيء فِيهِ بحران ردى فِي السَّادِس.
فعلى هَذَا نجد البحران يكون فِي وَقت دون وَقت وَفِي يَوْم دون يَوْم من أَيَّامه أَكثر فَأَما أَن يكون فِي يَوْم غير باحوري فَلَا يكَاد يكون فَلم أرقط كَانَ فِي الثَّامِن وَلَا فِي السَّادِس وَلَا فِي الثَّانِي عشر وَلَا فِي السَّادِس عشر وَلَا فِي الشبيه بِهِ.
جملَة مَا قد قيل قَالَ: أَقُول إِن السَّابِع يَوْم باحوري وينذر بِهِ الرَّابِع وَالرَّابِع يَوْم بحران وَإِن كَانَ)
ضَعِيفا وَيَوْم إنذار. وَبعد السَّابِع الْحَادِي عشر فالرابع عشر. وَبَينهمَا من التناسب مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع. وَبعد هَذِه فالسابع عشر يُوجد على الْأَكْثَر: يُنَاسب الْعشْرين هَذِه الْمُنَاسبَة بِعَينهَا الَّتِي للحادي عشر إِلَى الرَّابِع عشر وعَلى الْأَقَل يُوجد الثَّامِن عشر يُنَاسب الْحَادِي وَالْعِشْرين وَهَذِه لي لِأَنَّهُ يعد الْأُسْبُوع الأول وَالثَّانِي تَأْمِين وينتهيان فِي الرَّابِع عشر والأسبوع الثَّالِث مُتَّصِل بالرابع عشر يَنْتَهِي فِي الْعشْرين ويعد الرَّابِع نصف الْأُسْبُوع الأول ويعد ابْتِدَاء الرابوع الثَّالِث من الثَّامِن فَيكون الرَّابِع من الثَّامِن الْحَادِي عشر. وَيتم الْأُسْبُوع الثَّانِي فِي الرَّابِع عشر ثمَّ يعد الرابوع السَّادِس من الرَّابِع عشر فَيكون السَّابِع عشر وينذر بالعشرين. ويعد السابوع الثَّالِث فِي الْعشْرين.
قَالَ ج: وَيَقَع فِي مَا بَين هَذِه الْأَيَّام: التَّاسِع وَالْخَامِس وَالثَّالِث وَالتَّاسِع مقدم مِنْهَا والبحران يكون فِيهِ أَكثر من جَمِيع الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِيمَا بَين هَذِه الْأَيَّام من أَيَّام البحران الَّتِي ذَكرنَاهَا أَعنِي إِلَى الْعشْرين وَبعده الْخَامِس وَبعده الثَّالِث. وَالسَّادِس يَوْم بحران ردي. وَأما الثَّالِث عشر فَكَأَنَّهُ متوسط بَين مَا يكون فِيهِ بحران وَلَا يكون.
قَالَ: وَأَشد مَا تكون المجاهدة فِي وَقت البحران فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تَنْقَضِي إِلَى الرَّابِع عشر ثمَّ يبْدَأ ثقل المجاهدة مِنْهُ إِلَى الْعشْرين وَتَسْتَرْخِي قُوَّة المجاهدة مِنْهُ إِلَى الْأَرْبَعين وتضعف مُنْذُ الْأَرْبَعين ضعفا شَدِيدا جدا. فَأَما قِيَاس أَيَّام البحران فَيبقى على حَال وَاحِدَة أبدا وكما أَن الرَّابِع عشر آخر الْأُسْبُوع الثَّانِي وَأول الثَّالِث كَذَلِك الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أخر الْأُسْبُوع الْخَامِس وَابْتِدَاء الْأُسْبُوع السَّادِس حَتَّى يكون أبدا كل ثَلَاثَة أسابيع عشْرين يَوْمًا فَلذَلِك يتَّفق الْيَوْم السِّتُّونَ يَوْم بحران لي يعد أسبوعان تَأْمِين ثمَّ أُسْبُوع فِي الْوسط نَاقِصا أبدا فَلذَلِك يلتم أبدا ثَلَاثَة أسابيع عشرُون وَأما الأرابيع فتعد فِي الْأُسْبُوع الْغَيْر الْمَوْصُول يَوْم الرَّابِع.
(5/117)
مِثَال ذَلِك أَن الرابوع الأول الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّانِي الْيَوْم السَّابِع لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيد بالرابع نصف السابوع والرابوع الثَّالِث الْيَوْم الْحَادِي عشر لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من الثَّامِن والرابوع الرَّابِع الْيَوْم الرَّابِع عشر لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من الْحَادِي عشر والرابوع الْخَامِس الْيَوْم السَّابِع عشر لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من الْخَامِس عشر والرابوع السَّادِس الْيَوْم الْعشْرُونَ لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من السَّابِع عشر لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يتم لَهُ فِي كل سابوع رابوعان فَافْهَم ذَلِك.
قَالَ جالينوس: وَأول دور تَامّ من أَيَّام البحران هُوَ الْيَوْم الْعشْرُونَ وَلَو كَانَت الأسابيع تحسب)
مفصلة لَكَانَ الدّور التَّام هُوَ الْأُسْبُوع لِأَنَّهُ كَانَ يتَكَرَّر بِمثلِهِ أبدا لكنه لما كَانَ الْأُسْبُوع الثَّالِث يحْسب مُتَّصِلا بِالثَّانِي صَار الْحساب لَا يجْرِي بعد الرَّابِع عشر على قِيَاس مَا كَانَ يجْرِي أَولا.
وَأما بعد الْعشْرين فالحساب يجْرِي دَائِما على مِثَال مَا جرى حَتَّى يكون الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ نَظِير الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَنه يحْسب من أسبوعين على الِانْفِرَاد وَالْيَوْم الْأَرْبَعُونَ نَظِير الْعشْرين. وَذَلِكَ أَنه يَنْتَهِي فِيهِ الْأُسْبُوع الثَّالِث محسوبا على الِاتِّصَال.
والدور: إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ مَا إِذا ضوعف لم ينْتَقل إِلَى غَيره وَلَيْسَ لَك للأرابيع وَلَا للأسابيع لِأَنَّهَا وَالَّذِي يظْهر التجربة من أَيَّام البحران أَنه لَيْسَ أَيَّام الْمَرَض كُله أَيَّام بحران وَأَن من أَيَّام البحران أدوار الأسابيع أقوى وَبعده أدوار الأرابيع فَإِنَّهُ يَقع بَين هَذِه الأدوار أَيَّام أخر تكون فِيهَا بحران وَإِن الأسابيع لَا يجب أَن تحسب كلهَا على الِانْفِرَاد لَكِن يحْسب بَعْضهَا على الِاتِّصَال وَكَذَلِكَ الأرابيع فَإِن البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة يكون على الْأَكْثَر فِي الْأَفْرَاد وَفِي المزمنة فِي الْأزْوَاج. (الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي مَا بَين أَيَّام البحران) يُرِيد بهَا الْأَيَّام الَّتِي لَيست سابوعا وَلَا رابوعا وَيكون مَعَ ذَلِك من أَيَّام البحران.
كل تغير يَقع للْمَرِيض إِلَى مَا هُوَ أردى فِي يَوْم من أَيَّام البحران فَهُوَ ردي كَمَا أَن كل تغير يكون مَحْمُودًا فَهُوَ فِي هَذِه الْأَيَّام أَجود. فالتغير إِلَى مَا هُوَ شَرّ فِي السَّابِع وَالرَّابِع عشر من أَعْرَاض الْأَيَّام القتالة وبالضد.
تغيره فِي هَذِه الْأَيَّام إِلَى الْأَصْلَح حميد جدا وَقد ذكرنَا علته فِي علل أَيَّام البحران.
قَالَ: الْأَيَّام الْوَاقِعَة يكون فِيهَا البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة أَكثر مِنْهَا فِي المنتقلة لِأَن الطبيعة فِيهَا أَشد انزعاجا فتجعل البحران فِي أَيَّام وَاقعَة بالاضطرار. فَأَما المزمنة فلكون حَرَكَة الْمَرِيض لَا تضطر الطبيعة أَن تجْعَل البحران فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة.
3 - (سَبَب أَيَّام البحران)
كَمَا أَن تَدْبِير السّنة يكون بالشمس وتغاييرها الْعِظَام بعبران الصَّيف والشتاء وَالْآخر بالأرابيع كَذَلِك تَدْبِير الشَّهْر يكون بالقمر وتغايره الْأَعْظَم بالأسابيع لِأَنَّهُ من أَيَّام الشَّهْر
(5/118)
بِمَنْزِلَة ربع من أَربَاع السّنة فَإِذا تفقد بالتجربة وجد كل حَادث يحدث وَالْقَمَر بمَكَان مَا يلْزمه تغير عَظِيم بعد الْأُسْبُوع لِأَن الْقَمَر يصير فِي تربيع الْمَكَان الَّذِي كَانَ فِيهِ وَأكْثر من ذَلِك إِذا صَار على الْمُقَابلَة وَلِأَن الْقَمَر يقطع دَائِرَة البروج فِي تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَثلث يَوْم فَإِنَّهُ يقطع ربع الْفلك فِي أقل من سَبْعَة أَيَّام. (فِيمَا يستعان بِهِ على الْأَمْرَاض من النُّجُوم) قَالَ ج: هَذَا شَيْء قد بلوته بعناية شَدِيدَة فَوَجَدته صَحِيحا وَهُوَ أَن الْقَمَر إِذا كَانَ مَوضِع السُّعُود فِي أَيَّام الْمَرَض كَانَت أَيَّامًا صَالِحَة وبالضد. قَالَ: وَإِذا كَانَت النحوس فِي أصل المولد فِي مَوَاضِع فَمَتَى صَار الْقَمَر فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع أَو تربيعها ومقابلتها كَانَ حَال ذَلِك الْمَوْلُود رديا وَكَذَلِكَ الْحَال فِي السُّعُود فَإِنَّهَا إِذا كَانَت فِي مَوَاضِع فَمَتَى صَار الْقَمَر فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع أَو تربيعها أَو مقابلتها حسن حَاله.
وأمراضه السليمة هَذِه وَغير السليمة تِلْكَ على نَحْو مَا يَقع لَهُ. وَإِن اخْتلطت السُّعُود والنحوس تكون سَلامَة الْأَمْرَاض ورداءتها فَأَي مرض عرض لَهُ وَالْقَمَر فِي مَوَاضِع السُّعُود أَو تربيعها أَو مقابلتها كَانَ أسلم وَإِذا ابتدأت أمراضه وَالْقَمَر فِي مَوَاضِع النحوس فِي الأَصْل أَو تربيعها أَو مقابلتها فَهُوَ أردى.
قَالَ: التغايير الَّتِي تقع فِي الْأَمْرَاض فِي السَّابِع وَالرَّابِع عشر عَظِيمَة قوته جدا لِأَن الْقَمَر حِينَئِذٍ يَقع على الترابيع والعظم وَهَذَانِ التغييران فِي الْهَوَاء أعظم تغاييره وَكَذَلِكَ دلَالَة السَّابِع وَالرَّابِع عشر عَظِيمَة جدا على خير دلا أَو على شَرّ.
وَقَالَ: إِذا كَانَ ابْتِدَاء الْمَرَض صَالحا وَصَارَ الْقَمَر فِي تربيع ذَلِك الْمَكَان أَو قابلته غير الْمَرَض تغييرا صَالحا وَإِذا كَانَ ابتداؤه ابْتِدَاء رديا غير الْمَرَض تغييرا رديا. وَإِن أَنْت تفقدته وجدته صَحِيحا وَقد بلوته.
قَالَ: مَا كَانَ من الأدوار فِي عدد الْأَيَّام فَهُوَ على أشكال الْقَمَر وَمَا كَانَ فِي الشُّهُور فَهُوَ من أشكال الشَّمْس لِأَن حَال زمَان الشَّهْر مُنْذُ الهل إِلَى الْبَدْر حَال زمَان الشَّمْس من الْحمل إِلَى)
الْمِيزَان وأرباع الشَّهْر كأرباع السّنة.
رَجَعَ الْكَلَام إِلَى الأول قَالَ: أُرِيد أَن أَقُول فِي أَيَّام البحران على الْوَلَاء فاليوم الأول يكون فِي انْقِضَاء حمى يَوْم وَلَا أعده من أَيَّام البحران لِأَن انْقِضَاء هَذِه الْحمى يكون باضطراب وَشدَّة وَأول أَيَّام البحران الثَّالِث وَلَيْسَ هَذَا الْيَوْم بمشارك للأسبوع وَلَا مُنْذر بِهِ لكنه فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة وَالْيَوْم الرَّابِع لِأَن فِيهِ يكون نصف الْأُسْبُوع لَهُ قُوَّة قَوِيَّة وَهُوَ من الْأَيَّام الباحورية. وُقُوع البحران فِي الثَّالِث وَالْخَامِس لَيْسَ بِأَقَلّ مِمَّا يَقع فِي الرَّابِع على أَنَّهُمَا من الْأَيَّام الْوَاقِعَة. ينظر فِيهِ فِي نُسْخَة
(5/119)
قَالَ ج: وَلست أعرف لوُقُوع البحران فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة عِلّة أَكثر من حفز الطبيعة لسَبَب أَذَى الْمَرَض وَلذَلِك لَا يكون ذَلِك فِي الَّتِي لَيست حادة حِدة مُطلقَة كَمَا يكون فِي الحادة.
قَالَ: والبحران الْجيد هُوَ الْكَائِن بعد النضج وَأما الْكَائِن قبل وقته فَهُوَ ردي وَذَلِكَ أَنه فِي تِلْكَ الْحَال يخرج مَعَ مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ مثل مَا يعرض لمن يزعجه حمل ثقيل أَو مصَارِع فيطرحه طرحا يَقع هُوَ أَيْضا مَعَه وقوعا شَدِيدا فَكَمَا يعرض لمن يعدو بِشدَّة فَلَا يملك نَفسه حَتَّى يَقع فِي هوائه.
والبحران فِي الْأَمْرَاض الحادة على الْأَكْثَر يكون فِي الْأَفْرَاد. ينظر فِي نُسْخَة أُخْرَى.
نَوَائِب الْحمى وانقضاؤها أَيْضا فِي الْأَمْرَاض الحادة يكون فِي الْأَفْرَاد لِأَن نَوَائِب الْحمى فِي الْأَمْرَاض الحادة فِيمَا يَنُوب غبا وَإِنَّمَا صَار انقضاؤها أَيْضا فِي الْأَفْرَاد لِأَن انْقِضَاء النّوبَة الثَّانِيَة فِي الْيَوْم الثَّالِث. يحْتَاج أَن تنظر هَهُنَا فِي نُسْخَة أُخْرَى. فَإِنَّهُ ذهب من نسختنا كَلَام فِيهِ بَيَان هَذَا.
قَالَ جالينوس: لما كَانَ البحران إِنَّمَا يكون فِي نَوَائِب الْحمى وَوَقعت نَوَائِب الْحمى فِي الْأَفْرَاد وَجب أَن يكون البحران فِي الْأَفْرَاد إِلَّا أَن يعرض محرك يَدْعُو إِلَى تقدم أَو تَأَخّر.
بحران الْحَادِي عشر كثيرا مَا يتَقَدَّم فَيكون فِي التَّاسِع عِنْد شدَّة الإزعاج وَأما بحران السَّابِع فَقل مَا يكون فِي التَّاسِع.
أَكثر مَا يكون البحران فِي أَيَّام الأدوار أَو الْوَاقِعَة أَو فِي الْأَفْرَاد وَقد يَقع فِي أَي يَوْم اتّفق إِذا أزعج الطَّبْع من مزعج.
إِذا كَانَ الْمَرَض لَازِما كَحمى سونوخوس فَلَيْسَ فِيهِ للأفراد على الْأزْوَاج فضل فَأَما فِي الغب والمطريطاؤس وَنَحْو ذَلِك من اللَّازِمَة الَّتِي تخف وتهيج فلهَا فضل.
قَالَ: وَقد يكون أمراض تكون فِي الثَّانِي أثقل من الأول وَفِي الرَّابِع أثقل من الثَّالِث وَبِالْجُمْلَةِ فنوائبها)
وشدتها كلهَا فِي الْأزْوَاج وَهَذَا إِذا كَانَ قَوِيا قبل السَّادِس وتوقع شدَّة هَذَا أبدا فِي الْأزْوَاج.
قَالَ: والنوائب فِي الْأَمْرَاض المزمنة تكون فِي الْأزْوَاج.
3 - (علل الأسابيع)
لما كَانَ الْقَمَر يقطع كل ربع من الْفلك فِي سَبْعَة أَيَّام غير شَيْء لم يجب أَن تعد الأسابيع تَامَّة وَلذَلِك تصير ثَلَاثَة أسابيع عشْرين يَوْمًا لِأَن كل أُسْبُوع سَبْعَة أَيَّام إِلَّا شَيْئا.
الْعلَّة فِي أَنه قد يكون البحران فِي الْعشْرين وَالْوَاحد وَالْعِشْرين: إِذا كَانَت نوبَة الْحمى تحركها فِي الْأَفْرَاد أَكثر مَال إِلَى الْوَاحِد وَالْعِشْرين. فَأَما الْعشْرُونَ فَلِأَنَّهُ يَوْم باحوري صَحِيح فِي الْمَرَض الَّتِي تكون نوبَته فِي الْأزْوَاج.
(5/120)
من جَوَامِع البحران قَالَ: البحران هُوَ التَّغَيُّر السَّرِيع الْحَادِث فِي الْأَمْرَاض إِمَّا فِي خير وَإِمَّا فِي الشَّرّ. وَذَلِكَ يكون باستفراغ أَو ورم وَلَا بُد أَن تكون مَعَه صعوبة وَجهد لِأَن الأخلاط إِذا هَاجَتْ وَحدث لَهَا مثل الغليان أحدثت هَذِه الْأَعْرَاض الَّتِي تتقدم البحران.
حَرَكَة أَيَّام البحران إِلَى الْعشْرين يكون لَهَا مثل الغليان فِي كل رابوع وَبعد الْعشْرين فِي كل سابوع إِلَى الْأَرْبَعين وَبعد الْأَرْبَعين وَفِي كل دور تَامّ وَهُوَ عشرُون يَوْمًا.
البحران إِنَّمَا يَأْتِي فِي الغب والدائمة وَنَحْوهَا من الحادة وَأما الرّبع والبلغمية فَإِنَّهَا تَتَغَيَّر بالتحلل.
إِذا كَانَت حرارة الْمَرَض قَوِيَّة وحركته سريعة أَعنِي أَن تعْمل عملا قَوِيا فِي الْقُوَّة بِسُرْعَة فتدل على سرعَة البحران وبالضد. (نفع أَيَّام البحران) إِنَّهَا إِذا أنذرت بِهِ عرف فَضله وَسلم الْمَرِيض نَفسه إِلَيْهِ وَلم ينْسب مَا يَجِيء من الطبيعة إِلَى خطائه ويتقدم فِي أعداد مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَيقدر الْغذَاء بِحَسبِهِ وَيلْزم الْمَرِيض فِي ذَلِك الْيَوْم السّكُون وَلَا يقربهُ غذَاء ويقل مِنْهُ أَيْضا فِي الْيَوْم الَّذِي قبله وَلَا يحركه بدواء وَلَا يُغَيِّرهُ يَوْم يتَوَقَّع البحران.
إِذا تقدّمت قبل البحران دَلَائِل السَّلامَة والنضج فالبحران يكون حميدا وبالضد.
قَالَ وَلَا يحدث البحران فِي الْيَوْم الثَّانِي الْبَتَّةَ لِأَن الطبيعة قَوِيَّة بعد على مَا ينالها. وَلَا يحدث البحران فِي حَال الْبَتَّةَ فِي الْخَامِس عشر وَلَا السَّادِس عشر وَلَا التَّاسِع عشر.
الْيَهُودِيّ قَالَ: بحران حمى يَوْم يكون بالعرق وبحران الغب إِمَّا بالعرق وَإِمَّا بالقيء وَالْمَشْي أَو بِبرد شَدِيد وعرق كثير جدا حَار يغلي وَيخرج من الْبدن وَالرّبع بالبول والخراجات وَكَذَلِكَ البلغم فالقيء البلغمي.
الْعرق الممتلىء وَقصر النَّفس والصداع والثقل فِي الرَّأْس والسدر والخيالات وَحُمرَة الْعين والوجنة وحك الْأنف يدل على رُعَاف.
النبض الموجي وسخونة الأوصال وَالْبدن فِيهَا يدل على عرق.
والنبض المسرع مَعَ الثّقل فِي المراق والامتداد يدل على مشي. والثقل فِي الْعَانَة والحرقة فِي الإحليل يدل على الْبَوْل.
والضجر والسدر وسيلان اللعاب وَالْبرد فِي مراق الْبَطن يدل على الْقَيْء.
والوجع فِي بعض الأوصال يدل على خراج يخرج هُنَاكَ.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لَيْسَ للبحران بانطلاق الْبَطن دَلِيل موثوق بِهِ لَكِن إِذا عدمت دَلَائِل الْقَيْء والعرق والرعاف رجى أَن يكون بِهِ.
(5/121)
لي على مَا رَأَيْت يؤمي إِلَيْهِ جالينوس: إِذا كَانَ الْمَرَض شَدِيدا صعبا وَكَانَ حَال الْقُوَّة ضَعِيفا فَإِنَّهُ ينْتَقل إِلَى أصعب الْحَالَات فِي أسْرع الْأَوْقَات فَاعْلَم أَن بحرانه لَا يتَأَخَّر كثيرا وبقدر صعوبته يكون تقدم بحرانه وَمثل هَذَا الْمَرَض فِي الْأَكْثَر يتَقَدَّم أبدا يَوْم بحرانه. فَإِذا أَرَادَ أَن يكون فِي السَّابِع كَانَ فِي السَّادِس وبالضد. 3 (البطيئة الساكنة الْحَرَكَة) قَالَ: وَلما رَأَيْت دَلَائِل الرعاف فِي فَتى ووثب مَعَ ذَلِك عَن فرَاشه لِأَنَّهُ رأى أَن حَيَّة حَمْرَاء تمشي فِي السّقف فخاف أَن تسْقط عَلَيْهِ وَظَهَرت حمرَة يسيرَة فِي الْجَانِب الْأَيْمن من مَنْخرَيْهِ وَجعلت تقَوِّي وتشتد أمرت أَن يحضر الطست لعلمي بِقرب وَقت الرعاف وَلما كَانَت تِلْكَ الْحمرَة فِي الْجَانِب الْأَيْمن أنذرت أَنه يكون من الْجَانِب الْأَيْمن فَلَمَّا أَدخل الْمَرِيض إصبعه فِي أَنفه وحكه تقدّمت بِأَن يوضع الطست بَين يَدَيْهِ فَأخْرج الْمَرِيض إصبعه مغموسة بِالدَّمِ وَلما كَانَ ذَلِك الرعاف بحركة من الطبيعة قَوِيَّة وحفز شَدِيد لِأَن الْمَرَض كَانَ مُؤْذِيًا وَلم يكن قد نضج بعد فاختلفت الطبيعة وَاجْتَهَدت فِي دَفعه علمت أَنه سَيكون مفرطا وَأمرت أَن تحضر المحاجم قَالَ فَلَمَّا رَأَيْت الدَّم قد جَاوز أَرْبَعَة أَرْطَال وَنصفا شكلته بانتصاب المحاجم وأدنيت من أَنفه خلا مبردا ممزوجا وأمرته أَن يستنشق مِنْهُ فَلَمَّا لم يَنْفَعهُ شَيْئا وضعت المحجمة على جَانِبه الْأَيْمن فَقطعت الدَّم من سَاعَته. 3 (من محنة الطَّبِيب) قَالَ: الَّذِي يعرف قُوَّة الْمَرِيض وطبيعة الْمَرَض يبْدَأ فيقيس عظمه وكيفيته إِلَى الْقُوَّة فيستدل من ذَلِك فِي أَي رابوع يكون البحران وَكَيف يكون أجيداً أم رديا وَيقدر الْغذَاء بِحَسب ذَلِك.
وَقَالَ جالينوس فِي محنة الطَّبِيب: إِن مَرِيضا كَانَ بلغ من ضعفه أَنه كَانَ يغذي بِاللَّيْلِ فضلا عَن النَّهَار وَلما رَآهُ أمره أَلا يغذي الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ علم أَن بحرانه قد حضر وَأَن مِقْدَار قوته بقى بذلك الْمِقْدَار من الزَّمَان فَلَمَّا من الْغذَاء ازْدَادَ اخْتِلَاطه وسهره وَلم يَجِيء البحران فِي الْوَقْت الَّذِي قدر جالينوس فلامه أَوْلِيَاء العليل وأومؤا إِلَيْهِ أَنه قد أَسَاءَ فِي منع الْغذَاء وَإِلَى أَنه كَانَ يجب أَن يغذي وينطل على رَأسه. فَلَمَّا تفقد جالينوس تَأَخّر بحرانه لم يجد فِي ذَلِك سَببا إِلَّا أَن الْبَيْت الَّذِي كَانَ فِيهِ شَدِيد الْبرد فَأمره أَن يسخن سخونة معتدلة وَيصب على بطن العليل دهن حَار إِلَى أَن يبْدَأ بِهِ الْعرق لِأَنَّهُ قدر أَن بحرانه يكون بعرق وأمنهم من الْخَوْف أَن يكون مِنْهُ شَيْء كثير لِأَنَّهُ علم ذَلِك وَتقدم إِلَيْهِم بِأَن يغذوه بعد الْعرق. فَلَمَّا فعلوا ذَلِك عرق وأقلعت الْحمى قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر يسْتَدلّ على انقضائه فِي الثَّالِث وَالرَّابِع دلَالَة ضَعِيفَة وَيدل على دلَالَة وَثِيقَة فِي السَّابِع وَالَّذِي فِي الْعشْرين فدلالته ضَعِيفَة قد يكون فِي الْحَادِي عشر وَبَيَان أمرهَا فِي الرَّابِع عشر وَالَّذِي بحرانه فِي السَّابِع وَالْعِشْرين
(5/122)
فدلالته وَالدّلَالَة الْوَثِيقَة عَلَيْهِ فِي)
الْعشْرين وَإِنَّمَا قيل ذَلِك فِي الدّلَالَة ضَعِيفَة خُفْيَة وَالَّذِي فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ يتَبَيَّن أمره بعض الْبَيَان فِي الْعشْرين ثمَّ يَصح فِي الَّتِي بعده وَالَّذِي فِي أَرْبَعِينَ يتَبَيَّن فِي عشْرين بعض الْبَيَان وَيظْهر فِي السَّابِع وَالْعِشْرين.
ابيذيميا: مَتى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وظلمة قُدَّام الْعين وتمدد فِي مَا دون الشراسيف والوجع مَعَ الْحمى المحرقة أَو غَيرهَا دلّ على رُعَاف. وتمدد الشراسيف إِذا كَانَ مَعَ وجع دلّ على إقبال الأخلاط نَحْو الْبَطن وَإِذا كَانَ بِلَا وجع فقد أَقبلت نَحْو الرَّأْس.
إِذا كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله مَعَ وجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيبهُ قيء.
وَيخَاف على الصّبيان فِي هَذِه الْحَالة التشنج وعَلى النِّسَاء وجع الْأَرْحَام وعَلى الكهول والمشايخ الفالج وَالْجُنُون والحمى فَأَما الصّبيان فلضعف عصبهم وَأما النِّسَاء فَلِأَن هَذِه الأخلاط لم تتفرغ نعما فَصَارَ مِنْهَا شَيْء إِلَى أرحامهن وَأما الكهول وخاصة الطاعنون فِي السن فَإِنَّهُ تضعف قوتهم لَا يَسْتَطِيعُونَ من هَذِه الأخلاط وَلم تستفرغ نعما فَرُبمَا عرض لَهُم مِنْهَا هَذِه وبحران الحميات المحرقة فِي أَكثر الْأَمْرَاض يكون بالرعاف إِذا كَانَت حَرَكَة الْمَرَض فِي الْأزْوَاج فإمَّا أَن يطول وغما أَن يكون بحرانا.
وَإِن كَانَ فِي الرَّابِع عرض مَا مثل عرق وَغَيره كَانَ فِي السَّادِس ذَلِك الْعرض أَيْضا.
قَالَ أبقراط: الْأَمْرَاض الَّتِي تنوب فِي الْأزْوَاج يَأْتِي بحرانها فِي الْأزْوَاج وَالَّتِي تنوب فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد وَإِنَّمَا يكون البحران فِي وَقت النوائب لِأَن فِي ذَلِك الْوَقْت تكون الأخلاط أسخن وأرق وَأَشد أَذَى للطبيعة وَهَذِه تَدْعُو إِلَى كَون البحران.
قَالَ أبقراط: وَأول أدوار البحران الَّتِي تكون للأمراض فِي الْأزْوَاج: الرَّابِع وَالسَّادِس وَالثَّامِن والعاشر وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالسِّتُّونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْعشْرُونَ وَالْمِائَة وَأول أدوار بحرانات الْأَفْرَاد: الثَّالِث وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ.
قَالَ ج: يجب أَن يكون أبقراط فِي وَقت تأليف هَذَا الْكتاب لم يكن قد أحكم أَمر أَيَّام البحران وَذَلِكَ أَنه يذكر فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة الأدوار الَّتِي تكون على الروابع بالتحقيق هَذِه وأدوار الأسابيع هِيَ أدوار البحارين بِالْحَقِيقَةِ وَهَذِه أقوى أَيَّام البحارين وَبعدهَا الَّتِي تقع فِي الْوسط لهَذِهِ فَهِيَ أَضْعَف من هَذِه. فَأَما غير ذَلِك فَلَا يجب أَن يعد فِي أَيَّام البحران.)
وَقد أسقط الثَّامِن والعاشر من عدد أبقراط بحران النوائب الكائنة فِي الْأزْوَاج فقد أحسن من فعل ذَلِك لِأَن هذَيْن ليسَا من أَيَّام البحران الْبَتَّةَ.
قَالَ: كل بحران يكون فِي غير يَوْم باحوري فَغير مَأْمُون من العودة.
(5/123)
وَلَيْسَ البحران إِنَّمَا هُوَ مَا يصير بِهِ الْمَرِيض إِلَى أَجود الْحَالَات أَو إِلَى أردى الْحَالَات لَكِن وَالَّذِي يصير بِهِ إِلَى بعض الْجَوْدَة أَو بعض الرداءة.
البحران الْجيد: لَا يَأْتِي إِلَّا بعد انْتِهَاء الْأَمْرَاض وَإِذا جَاءَ قبل انتهائها فَإِنَّمَا يَأْتِي لصعوبة الْعلَّة والعلامة وَيكون بحرانا رديا فَلذَلِك يضْطَر المريد معرفَة البحران أَن يكون عَارِفًا بنهاية الْمَرَض.
قَالَ أبقراط: الَّذين يهْلكُونَ سَرِيعا يكون البحران فيهم أسْرع وأخلاطهم أخف وَأحد والعلامات الدَّالَّة على البحران الْجيد لَا يجب أَن يكون فِي أول الْأَمر لِأَن البحران الْجيد يجب أَن يكون بعد النضج.
لي إِن مَا قَالَ فِي الأول مَا قَالَ فِي الَّذين يهْلكُونَ.
لَا يحْتَاج أَن يتنظر النضج إِذا ظَهرت الْأَسْبَاب الَّتِي تنذر بالبحران وَلم يكن البحران دلّ إِمَّا على موت وَإِمَّا على بحران تطول مدَّته وَإِمَّا على بحران غير موثوق بِهِ يسكن بِهِ الْمَرَض ويعادو عَاجلا.
إِذا كَانَ البحران قبل ظُهُور النضج فَإِنَّهُ إِن انْقَضى بِهِ الْمَرَض فَإِنَّهُ سيعود وَإِن كَانَ الْمَرَض قَوِيا كَانَت عودته قتالة. وَإِن كَانَ يَسِيرا كَانَ مُؤْذِيًا.
إِذا ظَهرت عَلَامَات البحران قبل النضج كَانَ رديا وبالضد وبحسب قُوَّة هَذِه الدَّلَائِل إِذا كَانَت تدل بعد النضج على الْجَوْدَة تكون دلالتها إِذا كَانَت قبل النضج على الرداءة.
قَالَ: وَكَثِيرًا مَا أردفت الْحمى قروحا فَكَانَ بِهِ بحرانها أَو كَانَ بهَا بحران قُرُوح آخر إِمَّا دَاخِلا وَإِمَّا خَارِجا.
من كتاب البحران قَالَ: العلامات الَّتِي تتقدم البحران تغير النَّفس والسدر والشعاع قُدَّام الْعين وَالْكرب ووجع الْفُؤَاد الصداع والوجع فِي بعض الْأَعْضَاء.
قَالَ: عَلَامَات البحران مَتى ظَهرت أنذرت بِكَوْن البحران ضَرُورَة إِمَّا خيرا وَإِمَّا شرا فَأَما عَلَامَات النضج فَإِنَّهَا عَلَامَات النضج فَإِنَّهَا تدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَيْسَت تدل عَلَامَات النضج على بحران مزمع أَن يكون بذاتها لَكِن إِن كَانَ بعْدهَا عَلَامَات البحران وتحرك الْمَرَض)
بِشدَّة كَانَ البحران وَكَانَت جودته بِحَسب عَلَامَات النضج وَإِلَّا فقد يُمكن أَن يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ: عَلَامَات النضج لَا تظهر فتدل على شَرّ أبدا وَأما عَلَامَات البحران فقد تدل على شَرّ وَذَلِكَ إِذا ظَهرت فِي وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض أَو فِي تزيده. وَأَقُول: إِنَّه لم يظْهر قطّ فِي ابْتِدَاء الْمَرَض قبل ظُهُور عَلَامَات النضج عرق وَلَا قيء وَلَا اخْتِلَاف وَلَا غير ذَلِك كَانَ بِهِ بحران جيد للْمَرِيض وَإِذا ظَهرت العلامات المنذرة بِكَوْن البحران: مثل السدر والسهر واختلاط الْعقل وَنَحْو ذَلِك قبل النضج دلّت على الْمَرَض أَنه فِي غَايَة الرداءة فَلَا أَعْلَام البحران وَلَا البحران نَفسه جيدان بل رديان إِذا ظهرا قبل النضج. فَأَما عَلَامَات النضج فَلَو ظَهرت فِي أول سَاعَة من الْحمى فَهِيَ دَالَّة على خير.
(5/124)
3 - (العلامات الَّتِي تنذر بالبحران)
وجع الرَّقَبَة وَثقل الصدغين والسهر والسبات والشعاع أَمَام الْعين والسدر والصداع والدموع بِلَا إِرَادَة وَشدَّة حمرَة الْوَجْه وَالْعين واختلاج الشّفة السُّفْلى والربو وضيق النَّفس وتغيره وانجذاب المراق إِلَى فَوق وَالْكرب واللهيب والعطش الشَّديد ووجع الْفُؤَاد وَأَن لَا يقر بالمريض مَضْجَع والهذيان والصياح وَتقدم نوبَة الْحمى وشدتها وطولها والرعدة وَلَيْسَ أَنه مَتى كَانَت هَذِه يتبعهَا البحران وَإِذا لم يتبعهَا دلّت على صعوبة الْمَرَض وعسر البحران.
قَالَ: أما فِي الْيَوْم الأول من أَيَّام الْمَرَض: إِنَّمَا قصدنا إِلَى أَن تعلم هَل يَأْتِي فِي الرابوع الأول بحران أَو فِي الثَّانِي وَلَيْسَ يتَبَيَّن فِي الْيَوْم الأول هَل يكون بحران فِي الرابوع الثَّالِث أَو الرَّابِع أَو فِيمَا بعده وَلَيْسَ يدْخل فِي هَذَا على تَقْدِير التَّدْبِير كثير ضَرَر كَمَا يدْخل الضَّرَر الْعَظِيم على أَن يدبر مَرِيض يَأْتِي بحرانه فِي أَرْبَعَة أَيَّام تَدْبِير من يَأْتِي بحرانه فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا لِأَن هَذَا فِي غَايَة الفرط من الرداءة. وكل طَبِيب لَا يعرف أما فِي الْيَوْم الأول أَو فِي الثَّانِي مَا يكون فِي الْأُسْبُوع الأول فَوَاجِب أَن يخطيء على الْمَرِيض فِي تَدْبيره خطأ عَظِيما.
مِثَال ذَلِك: أنزل أَن مَرِيضا رَأَيْنَاهُ فِي أول يَوْم من مَرضه لَا عَلامَة ردية فِيهِ بل تظهر فِيهِ عَلَامَات السَّلامَة وحماه حادة سريعة الْحَرَكَة وبال بولا حسنا فِي لَونه معتدل الْخَلْط أَقُول: إِن الطَّبِيب المتفقد للصناعة يعلم أَن مريضه يَأْتِيهِ البحران نَحْو الرَّابِع وَلَا سِيمَا مَتى ظَهرت فِي بَوْله غمامة محمودة طافية فِي أَعْلَاهُ أَو مُتَعَلقَة وأجود من ذَلِك سَاكِنة أَسْفَل. وبالضد إِذا كَانَت عَلَامَات الْهَلَاك ظَاهِرَة والحميات فِي غَايَة الحدة. والقريبة من هَذِه فِي الحدة لَا تجَاوز السَّابِع.)
وعَلى حسب ظُهُور عَلَامَات السَّلامَة وقوتها تكون سرعَة انْقِضَاء الْمَرَض وسلامة وبالضد.
وَإِن كَانَت عَلَامَات الْخطر هِيَ المستولية إِلَّا أَنَّهَا لَيست فِي غَايَة الْقُوَّة فبحسب ذَلِك يتَأَخَّر الْمَوْت.
قَالَ: مَتى تطاول الْمَرَض فقوة أَيَّام البحران وَأَيَّام الْإِنْذَار فِيهِ تضعف وَلذَلِك تحْتَاج الْأَيَّام المنذرة فِيهَا بعد الْحَادِي عشر أَن يكون التَّغَيُّر فِيهَا قَوِيا جدا حَتَّى يَصح البحران ويكمل لليوم الَّذِي أنذرت بِهِ وَأما الْأَيَّام الأول فتكتفي فِيهَا بِأَدْنَى تغير حَتَّى يَصح البحران بِمَا أنذرت بِهِ ويكمل فِيهِ وعَلى حسب طول الْمدَّة يضعف.
قَالَ: وَيجب أَن تطلب البحران فِي الْأَمْرَاض الخبيثة السريعة الْحَرَكَة الخطيرة فَأَما فِي الْأَمْرَاض الساكنة الهادئة وَالَّتِي لَا تقلق وتزعج الْقُوَّة فَأكْثر ذَلِك يكون الْأَمر بتحلل غير محوس. وَلَا يطْلب البحران فِي الدق وَلَا فِي حمى يَوْم.
لي أما الدق فَلِأَن صَاحبهَا لَا يحس لعلته فضلا عَن أَن تنزعج الطبيعة لمدافعته بِقُوَّة وَأما حمى يَوْم فَلِأَنَّهَا لَيست تدل على أَن الطبيعة تتأذى مِنْهَا كثير أَذَى فانقضاؤها لَا يكون بِجهْد شَدِيد.
قَالَ: للمرض سِتَّة تغايير: إِمَّا أَن ينْتَقل دفْعَة إِلَى الْمَوْت وَإِمَّا أَن ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا
(5/125)
قَلِيلا وَهَذَانِ هما اللَّذَان لَا يكون انحلال الْمَرَض وَالْقُوَّة فيهمَا بالتحلل الْخَفي بل باستفراغ ظَاهر يحس بعقبة حَال جَيِّدَة أَو ردية ظَاهِرَة ثمَّ يصير إِلَى الْمَوْت قَلِيلا قَلِيلا.
لي فِي الْأَمْرَاض تراكيب غير هَذِه إِلَّا أَنه لم يذكرهَا لِأَنَّهَا لَا تكون بِالْفِعْلِ مثل أَن يتَغَيَّر دفْعَة إِلَى مَا هُوَ خير ثمَّ يتَغَيَّر قَلِيلا قَلِيلا إِلَى مَا هُوَ أردى وضده إِلَّا أَن هَذَا لَا يكون من مرض وَاحِد فَإِذا كَانَ فَإِنَّمَا يكون لمَرض آخر حدث. مثل أَن ينْتَقل قَلِيلا قَلِيلا إِلَى مَا هُوَ خير ثمَّ ينْتَقل دفْعَة إِلَى مَا هُوَ شَرّ وَهَذَا أَيْضا يكون من مرض وَاحِد إِلَّا أَن ج قصد هَذِه فَلذَلِك ذكر هَذِه فَقَط فَانْظُر فِي ذَلِك واستقصه.
قَالَ: وَلَيْسَ يُسمى بحرانا مُطلقًا إِلَّا الَّذِي يكون فِيهِ استفراغ ظَاهر وتؤول حَال الْمَرِيض فِيهِ إِلَى الصِّحَّة وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا باستفراغ ظَاهر أَو خراج بَين وَأما مَا سوى ذَلِك فَإِنَّهُ بحران بشرطا وَأما الَّذِي يتَغَيَّر فِيهِ باستفراغ إِلَى الْمَوْت هُوَ بحران رَدِيء غير تَامّ وَالَّذِي يتَغَيَّر إِلَى حَال أَجود بحران جيد غير تَامّ وَالَّذِي يتَغَيَّر قَلِيلا قَلِيلا إِلَى الْجَوْدَة كَانَ أَو إِلَى الرداءة فَلَا يُسمى بحرانا بل)
يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ ج: كل مرض حاد يَنْقَضِي بِغَيْر استفراغ أَو خراج بَين فَإِنَّهُ يعاود حَيْثُمَا كَانَ ويتقدم الاستفراغ اضْطِرَاب شَدِيد فِي بدن الْمَرِيض كالأرق والاختلاط والسبات ورداءة النَّفس ودور وَثقل فِي الْجِسْم وصداع وأوجاع فِي الرَّقَبَة والمعدة وَفِي مَوَاضِع أخر كَثِيرَة ويعرض أَحْيَانًا طنين ودوي فِي الْأُذُنَيْنِ وشعاع أَمَام الْعين ودموع بِغَيْر إِرَادَة واحتباس الْبَوْل واختلاج الشّفة وتصيبه فِي عُضْو دون عُضْو رعشة ويعرض لَهُ نِسْيَان وينكر معرفَة من حَضَره وَمَا يرى ويصيبه نافض شَدِيد ويتقدم نوبَة حماه ويشتد اللهيب والعطش حَتَّى لَا يحْتَمل الثِّيَاب ويثب ويصيح كَالْبَهَائِمِ ثمَّ ينبعث مِنْهُ دفْعَة عرق غزير أَو قيء أَو اخْتِلَاف أَو رُعَاف أَو اثْنَان مَعًا أَو أَكثر وَمن أعظم مَا يعلم بِهِ حَال البحران النضج فَإِنِّي قد حضرت مَا لَا أحصيه كَثْرَة من المرضى فِي وَقت بحرانهم مِمَّن كَانَت عَلَامَات النضج قد ظَهرت فيهم قبل ذَلِك فَلم يمت مِنْهُم أحد. وَيجب أَن يكون تفقدك النضج بإحكام وبدلائل الْأَعْضَاء الَّتِي هِيَ أولى بهَا.
مِثَال ذَلِك: إِن فِي ذَات الْجنب النضج فِي النفث أولى بِأَن تنظر فِيهِ مِنْهُ فِي الْبَوْل وَإِن كَانَ لَا يحْتَاج أَن يفعل.
قَالَ: فَأول العلامات الدَّالَّة على جودة البحران الْحَاضِرَة النضج الْمُتَقَدّم وَالثَّانِي أَن يكون فِي يَوْم من أَيَّامه وَأَن يكون هَذَا الْيَوْم منذرا بِهِ وَيكون الْمُنْذر بِهِ مواصلا فِي قوته ثمَّ من العلامات الدَّالَّة على جودة البحران طبيعة الْحمى مثل أَن تكون غبا أَو تَأتيه فِي كل يَوْم.
وَإِن البحران إِذا كَانَ الاستفراغ فِيهِ من جنس الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْمَرَض كَانَ هُوَ
(5/126)
أحد العلامات الجيدة مثل أَن يستفرغ فِي المحرقة برعاف أَو نافض قوي ويعرق عرقا غزيرا شَامِلًا للبدن كُله أَو يتقيأ وَيخْتَلف مرَارًا كَثِيرَة.
وَالْغِب وَاجِب أَن يكون بحرانها بقيء وَاخْتِلَاف مراري وعرق والنائبة فِي كل يَوْم باستفراغ بلغم كثير والحمى الَّتِي مَعهَا ورم فِي الدِّمَاغ فقد يكون بحرانها بعرق كثير حَار وبالرعاف أَيْضا.)
وَلَا يشاكل الرعاف بحران الورم الْبَارِد فِي الدِّمَاغ وَلَا الْكَائِن من ورم الرئة. وَأما ذَات الْجنب فالرعاف فِيهَا متوسط الْحَال.
وَقد تَنْقَضِي الأورام الحارة الَّتِي فِي الكبد وَالطحَال بالرعاف إِذا كَانَ مَعَ الورم فِي الأحشاء حمى وَيكون أَيْضا بالرعاف بحران لجَمِيع الأورام الحارة الَّتِي تحدث فِيمَا دون الشراسيف إِلَّا أَنه يجب أَن يكون الرعاف من الشق الَّذِي فِيهِ الورم.
وينفع الْعرق أَيْضا الورم الَّذِي فِي مَا دون الشراسيف.
فَأَما الكبد فَإِن كَانَ ورمها فِي المحدب فبحرانه يكون فِي الْأَكْثَر إِمَّا برعاف من الْأَيْمن وَإِمَّا بعرق وَإِمَّا ببول وَأما فِي المقعر فباختلاف مرار أَو بعرق وَرُبمَا كَانَ بقيء.
والنفث أولى ببحران علل الصَّدْر.
والعرق مشاكل لبحران الحميات وخاصة مَا كَانَ مِنْهَا شَدِيد الالتهاب محرقا وَقد ينْتَفع بِهِ نفعا عَظِيما أَصْحَاب الأورام الحارة الملتهبة إِذا كَانَ بعد نضج وَيكون بِهِ بحران البلغمية النائبة كل يَوْم إِن كَانَ مَعَه قيء بلغم واختلافه وَالرّبع أَيْضا أَن يستفرغ مَعهَا خلط أسود أَو أَشْيَاء مُخْتَلفَة اللَّوْن والحمى الَّتِي تسمى المطريطاوس إِذا كَانَ مَعهَا قيء بلغم ومرار وَاخْتِلَاف أَو يكون بحران ليثرغس بورم فِي أصل الْأذن وَأكْثر من علل الرَّأْس.
وَيكون بحران وثيق حريز للحميات المزمنة بخراجات تخرج أَسْفَل الْبدن.
قَالَ: والتغير الْفَاضِل الَّذِي يحدث للْمَرِيض لَا يكون إِلَّا وَقد تقدمه نضج يكون فِي بحران مُنْذر بِهِ وَيكون نوع الاستفراغ مشاكلا للخلط الْمُنْذر للمرض.
قَالَ: وَانْظُر مَعَ ذَلِك فِي سنّ العليل وطبيعته وتدبيره وبلده وقته فَإِن كَانَت هَذِه كلهَا مِمَّا تعين على تولد الصَّفْرَاء وَالْمَرَض غب فَإِنَّهُ يجب أَن يكون الاستفراغ صفراء وَكَذَلِكَ فِي كل الأخلاط.
وَإِن كَانَت قد غلبت على الْبدن أخلاط مُخْتَلفَة فَإِنَّهُ يكون البحران من أخلاط مُخْتَلفَة ويتمم ذَلِك كُله ويكمله ويوثقه أَن تقلع بعده الْبَتَّةَ وتخف الْأَعْرَاض كلهَا وَتبطل وَيحسن اللَّوْن والنبض وتزيد الْقُوَّة والنهوض فَهَذَا أفضل مَا يكون من البحران فَمَا نقص عَن هَذَا فبحسب قُوَّة الْعَلامَة الَّتِي نقصت يكون نقصانه عَن البحران الْفَاضِل وَهَكَذَا يعرف البحران الْفَاضِل فِي وَقت حُضُوره.)
(5/127)
وَأما تعرفه قبل حُضُوره فَانْظُر إِلَى الْمَرَض من أَي خلط تولد وَفِي السن وَالزَّمَان وَالتَّدْبِير وَمَا يتبع ذَلِك فَإِنَّهُ بِحَسب سرعَة حَرَكَة الْمَرَض كَذَلِك يكون سرعَة البحران. وَبعد هَذَا فَانْظُر فِي أَمر النضج فَإِنَّهُ من أعظم العلامات وَمن النضج فَفِي التَّغَيُّر الْقوي فَإِن ذَلِك التَّغَيُّر مَتى حدث فِي يَوْم إنذار دلّ على أَن خُرُوج الْمَرِيض من علته يكون فِي الْيَوْم الَّذِي أنذر بِهِ ذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ ذَلِك التَّغَيُّر.
قَالَ: وَالْمَرَض الَّذِي يكون فِي غَايَة الحدة إِذا كَانَت مَعَه أَعْرَاض السَّلامَة كلهَا فَلَا يُجَاوز الرَّابِع وَإِن كَانَ مَعَه أَعْرَاض الْهَلَاك كلهَا فَلَا تجَاوز الرَّابِع حَتَّى تقتل وَإِن كَانَ دون ذَلِك فِي الحدة فانتظر ذَلِك فِي السَّابِع.
وَتعلم: هَل يكون فِي هَذِه الْأَمْرَاض بحران أم لَا أَو يتَحَلَّل وَإِن كَانَ فَهَل يكون صعبا خطيرا أَو سَاكِنا أَو قَوِيا كثير الاستفراغ أَو ضَعِيفا يسير الاستفراغ من قُوَّة الْمَرَض وحركة الْمَرَض وسحنته وطبيعة أَعنِي بطبيعة الْمَرَض مثل الغب وَذَات الْجنب وَالَّتِي تنوب كل يَوْم وَغير ذَلِك فَإِن حَال كل وَاحِدَة من هَذِه فِي البحران بِخِلَاف الآخر. وَأما سحنة الْمَرَض فَإِن يكون رديئا أَو سليما فَإِن البحران الرَّدِيء فِي أَكثر الْأَمر مهول وبالضد وبحران الْقَلِيل الْخَلْط قَلِيل وبالضد وبحران الْبدن الممتلىء الْقوي الْقُوَّة الْكَثِيرَة قوى.
قَالَ: وتعرف بسحنة الْمَرِيض أخبيث هُوَ أم رَدِيء من الْأَعْرَاض الرَّديئَة الَّتِي يلْزمهَا مِمَّا قد وصف فِي تقدمة الْمعرفَة لِأَنَّهُ قد تكون حمى ضَعِيفَة وَهِي مَعَ ذَلِك خبيثة لِأَنَّهُ يلْزمهَا أَعْرَاض رَدِيئَة ونجد حمى محرقة مشتعلة وَلَيْسَت بخبيثة لِأَنَّهُ لَا تلزمها أَعْرَاض سوء وَمَعَ هَذِه العلامات عَلَامَات النضج.
قَالَ: فتعرف: هَل يسلم الْمَرِيض أم لَا من طبيعة الْمَرَض وسحنته وقوته وَقُوَّة العليل ثمَّ اعْلَم: أَيكُون ذَلِك ببحران ظَاهر من حَرَكَة الْمَرَض وَمِقْدَار قوته أَولا وَضم إِلَى ذَلِك الزَّمَان وَالسّن وَالتَّدْبِير وَمَا أشبهه ويحقق ذَلِك عنْدك بِأَن تظهر الْأَعْلَام الدَّالَّة على كَون البحران.
فَأنْزل أَن مَرِيضا مرض مَرضا حادا قد ظَهرت عَلَامَات السَّلامَة فِيهِ من أول يَوْم من مَرضه وَهِي فِي غَايَة الْقُوَّة وَالْبَيَان أَقُول: إِن مَرضه يَنْقَضِي لَا محَالة قبل الرَّابِع.
لي إِنَّمَا قَالَ: يَنْقَضِي قبل الرَّابِع من أجل الحدة وَإِنَّمَا قَالَ يَنْقَضِي الْمَرَض من أجل العلامات الجيدة.)
قَالَ: وتقدر أَن تعلم هَل يَنْقَضِي مَرضه ببحران أم لَا من قُوَّة الْمَرَض وَذَلِكَ أَن الْمَرَض إِن كَانَ قَوِيا عَظِيما فَإِن انقضاءه لَا محَالة يكون ببحران وبالضد وَتعلم: أَي يَوْم يكون البحران من حَرَكَة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت الْحمى مُتَّصِلَة دائمة وَلم يعرض للْمَرِيض شَيْء من الْخَطَأ فَإِن البحران يكون فِي الْيَوْم الرَّابِع وَإِن لم تكن الْحمى مُتَّصِلَة دائمة فَانْظُر فِي مِقْدَار حركتها: إِن كَانَت حركتها سريعة وَالْمَرَض عَظِيما فَيمكن أَن يكون فِي
(5/128)
الثَّالِث وَإِن كَانَ أَبْطَأَ من ذَلِك وأهون وأصغر فَفِي الْخَامِس وَذَلِكَ أَن البحران يوافي نوبَة الْحمى. فَأَما فِي يَوْم الرَّاحَة فَلَا يكَاد يكون إِلَّا فِي الندرة حَتَّى أَن أرخيجانس على كَثْرَة مزاولته للمرضى لم ير ذَلِك إِلَّا مرَّتَيْنِ وَأما أَنا فَلم أره إِلَّا مرّة.
لي الْحمى الحادة اللَّازِمَة بِحَال وَاحِدَة أحد من الْمُتَّصِلَة النوائب إِذا كَانَت طبيعتها وَاحِدَة وَلَكِن تمكن الْمُتَّصِلَة النوائب بغب دائمة النوائب أحد فِي طبيعتها وأردأ فَتكون لذَلِك أحد من الدائمة.
قَوْله: إِن كَانَت الْحمى دائمة فتوقع البحران فِي الرَّابِع.
قَالَ: وَإِن كَانَت دائمة إِلَّا أَنَّهَا لَيست على حَال وَاحِدَة يُرِيد بِهَذَا أَنه قد يُمكن فِي الْحمى الدائمة أَن تكون فِيهَا أَحْوَال تكون فِيهَا أقل عظما ورداءة من جملَة حَالهَا أَو يُمكن فِيهَا أَن يكون فِيهَا قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَأْتِي فِيهِ البحران فِي هَذِه السرعة يَعْنِي فِي الرَّابِع وَمَا قبله بِيَوْم أَو بعده فِي غَايَة الحدة وَلَا بُد أَن تكون الْحمى فِي هَذِه: إِمَّا مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة كسونوخوس وَإِمَّا دائمة غير مُتَّصِلَة كالدائمة الَّتِي تشتد غبا وَهَذِه أولى بِهَذِهِ الْأَمْرَاض الحادة من سونوخوس وَهِي تكون فِي الْأَكْثَر فِي الْمُتَّصِلَة بِحَال إِذا لم يعرض خطأ البحران فِي الرَّابِع.
وَأما الَّتِي تنوب غبا فَرُبمَا جَاءَ فِي الثَّالِث وَرُبمَا امْتَدَّ إِلَى الْخَامِس إِذا كَانَ أسكن قَلِيلا لاتباع النّوبَة وَرُبمَا جَاءَ فِي الرَّابِع وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَت النّوبَة الَّتِي تَجِيء فِي الثَّالِث تَجِيء فِي أَجزَاء ذَلِك الْيَوْم لِأَن البحران يبتديء مَعَ وَقت صعُود النّوبَة فَيصير البحران لذَلِك إِمَّا فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الرَّابِع أَو إِن تَأَخّر عَن ذَلِك اللَّيْل أَيْضا مِقْدَارًا صَار فِي الرَّابِع.
قَالَ: فَأَقُول: إِنَّك مَتى رَأَيْت فِي أول يَوْم من الْمَرَض عَلامَة تدل على النضج فَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَا بُد أَن تكون العلامات الْأُخَر سليمَة بعيدَة من الْخطر فَاعْلَم يَقِينا أَن الْمَرَض يَنْقَضِي قبل الرَّابِع فَإِذا نظرت فِي مِقْدَار قُوَّة الْمَرَض علمت هَل يكون انقضاؤه ببحران أم لَا.)
لي: الْمَرَض الْقوي لَا يُمكن أَن يَنْقَضِي فِي هَذَا الزَّمَان الْقصير بتحلل فَإِذا نظرت فِي حَرَكَة الْمَرَض علمت: فِي الثَّالِث يتَوَقَّع البحران أَو فِي الرَّابِع أَو فِي الْخَامِس وتوقع السَّرِيع الْحَرَكَة من هَذَا جدا فِي الثَّالِث وَالَّذِي هُوَ أَبْطَأَ فِي الْخَامِس والمتصل بِحَال وَاحِدَة فِي الرَّابِع ويعين على سرعَة مَجِيء البحران قُوَّة الْمَرَض وَالْوَقْت الْحَاضِر والبلد وَالسّن وَسَائِر مَا يعين على توليد الصَّفْرَاء والحرارة وأضداد هَذِه تدل على بطء البحران.
مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَ الْوَقْت صيفا وَالْمَرِيض شَابًّا محروراً ومرضه هاج بِهِ من إفلال الْغذَاء وَاسْتِعْمَال المولدة للصفراء فَاعْلَم مَعَ سرعَة حَرَكَة الْمَرَض قبلا أَن هَذِه كلهَا تميل
(5/129)
البحران إِلَى الثَّالِث ويتحقق ذَلِك أَكثر إِن كَانَ قد أَتَى مرض كثير من البحران فِي الثَّالِث وَإِن كَانَت الْأَحْوَال بالضد فتوقع البحران فِي الْخَامِس وخاصة إِن كنت قد رَأَيْت مرضى قد أَتَاهُم البحران فِي الْخَامِس.
وَأنزل أَنَّك إِن رَأَيْت مَرِيضا آخر لم يظْهر فِيهِ عَلَامَات بَيِّنَة من عَلَامَات النضج فِي الْيَوْم الأول وَلَا فِي الثَّانِي إِلَّا أَن عَلَامَات السَّلامَة مَوْجُودَة فَاعْلَم أَنه لَا يسلم فِي الأول وَلَا فِي الثَّانِي إِلَّا أَنه لَا يُمكن خُرُوجه من مَرضه فِي الرَّابِع فتفقد أمره فِي مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع لتعلم هَل يَنْقَضِي مَرضه ببحران أم لَا بِمِقْدَار قُوَّة الْمَرَض لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْمَرَض قَوِيا فَلَا بُد أَن يكون انقضاؤه ببحران وخاصة إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك سريع الْحَرَكَة فَهُوَ أَحْرَى أَن يَأْتِي فِيهِ البحران حَتَّى أَنه وَإِن أَخطَأ على الْمَرِيض وَلم يكن الْخَطَأ فادحا فتوقع البحران مَعَ ذَلِك فِي الرَّابِع وَإِن كَانَ الْمَرَض لَيْسَ بسريع الْحَرَكَة وَعرض للْمَرِيض خطأ فِي مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع فَإِن البحران يتَأَخَّر إِلَى التَّاسِع.
ثمَّ أَقُول: إِن مَرِيضا آخر مَرضه سليم إِلَّا أَنه لم تظهر فِيهِ عَلامَة بَيِّنَة للنضج حَتَّى كَانَ الْيَوْم السَّابِع أَقُول: إِن هَذَا إِن كَانَ مَرضه قَوِيا عَظِيما وحركته حَرَكَة سريعة فَإِن بحرانه بالحادي عشر أولى مِنْهُ بالرابع عشر وَإِن كَانَ مَرضه ضَعِيفا وحركته لَيست بالسريعة فبحرانه بالرابع عشر أولى.
واستعن بالأشياء الْأُخَر لِأَنَّهُ إِن كَانَ الْمَرِيض شَابًّا وَالْوَقْت صيفا وَالتَّدْبِير تَدْبِير يُوجب الْمدَّة فبحرانه يَأْتِي لَا محَالة فِي الْحَادِي عشر وَمَتى اجْتمعت أضداد هَذِه فَفِي الرَّابِع عشر وَمَتى اخْتلطت العلامات الدَّالَّة على الْحَادِي عشر والدالة على الرَّابِع عشر ثمَّ عرض للْمَرِيض خطأ فِي التَّدْبِير فِيمَا بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر لم يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران فِي الْحَادِي عشر فكثيرا مَا يَأْتِي)
فِي مثل هَذِه الْحَال فِي الرَّابِع عشر إِذا كَانَ الْخَطَأ عَظِيما فَإِن لم يَقع خطأ وَكَانَت العلامات مختلطة احْتِيجَ عِنْد ذَلِك إِلَى طَبِيب فاره مرتاض حَتَّى يقدر أَن يُمَيّز بَين هَذِه العلامات وَيحكم الْيَوْم الَّذِي تدل عَلَيْهِ أَحدهَا.
وَفِي الْأَكْثَر إِذا كَانَ الِاخْتِلَاط قَوِيا شَدِيد المقاومة بَعْضهَا لبَعض فَإِنَّهُ لَا يُمكن فِي السَّابِع أَن تقف وقوفا صَحِيحا على مَا سَيكون لَكِن قد يُمكن الْوُقُوف على الْيَقِين من ذَلِك فِي الْأَيَّام الْأُخَر الَّتِي بعد السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر. وَذَلِكَ أَنه يزِيد عظم الْمَرَض أَو سرعَة حركته فِي تِلْكَ الْأَيَّام وَإِن زَادَت عَلَامَات النضج زِيَادَة كَثِيرَة جَاءَ البحران فِي الْحَادِي عشر وَإِن كَانَ بالضد جَاءَ فِي الرَّابِع عشر.
ثمَّ أنزل أَنَّك قد رَأَيْت مَرِيضا آخر مَرضه بَعيدا من الْخطر وَرَأَيْت حَرَكَة الْمَرَض فِي تِلْكَ الْأَيَّام الأولى من مَرضه بطيئة وَلَيْسَت حماه ملهبة وَلَا محرقة وَلَا تظهر عَلَامَات النضج بل تظهر خلَافهَا فَأَنت تعلم يَقِينا أَن هَذَا لَا يخرج من مَرضه قبل الرَّابِع عشر وَتعلم هَل يَأْتِي بحرانه فِي الرَّابِع عشر أم لَا من أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية لِأَن الِابْتِدَاء إِن لبث زَمَانا طَويلا دلّ
(5/130)
على أَن الْمَرَض طَوِيل مزمن وَإِن جَاءَت عَلَامَات التزيد فِي الرَّابِع أَو بعده إِلَى السَّابِع فَيجب أَن تتَوَقَّع شَيْئا يحدث فِي الرَّابِع عشر وتقف على ذَلِك أَكثر فِي الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِن اتّفقت فِيهِ كَثْرَة تزيد حَرَكَة الْمَرَض وَقُوَّة الْحمى وعلامة بَيِّنَة للنضج فالبحران كَائِن فِي الرَّابِع عشر لَا سِيمَا إِن ساعد الْوَقْت وَسَائِر الْأَشْيَاء فَإِن ظَهرت فِي الرَّابِع عشر عَلامَة النضج فَقَط وَلم تتبين سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وقوته فَلَا يكون البحران فِي الرَّابِع عشر.
وَإِن ضاد أَيْضا ذَلِك الْوَقْت وَسَائِر الْأَشْيَاء والمزاج الْبَارِد فَلَا تطمع فِي البحران قبل الْعشْرين.
فَإِن اخْتلطت العلامات وزادت عَلَامَات النضج زِيَادَة كَثِيرَة فِي الرَّابِع عشر فتفقد السَّابِع عشر فَإِنَّهُ إِن ظَهرت فِيهِ وَلَو أدنى الدلالات كَانَ البحران فِي الْعشْرين.
لي: أرى أَن الْخَطَأ لَيْسَ كُله يُؤَخر البحران لَكِن مِنْهُ مَا يقدمهُ وَذَلِكَ أَن الْغذَاء وَجَمِيع مَا يبرد يُؤَخِّرهُ والهم والفزع وَجَمِيع مَا يحد المزاج يقدمهُ.
مِثَال آخر قَالَ: أنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر فتوقعت أَن يكون بحرانه فِي الرَّابِع عشر فابتدأ بحرانه يكون فِي الْحَادِي عشر إِمَّا بِعظم الْمَرَض وَشدَّة قوته وَسُرْعَة حركته أَو لسَبَب آخر هيجة من خَارج.)
أَقُول: إِنَّه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك البحران تَاما وَلَا حميدا وَيجب أَن يخَاف على الْمَرِيض مِنْهُ أَشد تخويف وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض خبيثا فَإِن كَانَ الْمَرَض سليما فَإِنَّهُ على حَال لَا يَخْلُو أَن يكون مَعَ بحرانه هَذَا أَعْرَاض صعبة أَو تعاود الْحمى بعد البحران فَهَذَا مبلغ قُوَّة النضج وَإِذا كَانَ النضج هَكَذَا بِقدر الْحَاجة إِلَيْهِ وَكَانَ إِنَّمَا يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض فالحاجة الْعَظِيمَة هِيَ أَن تعرف مُنْتَهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَن كل مرض لَا يَأْتِي فِيهِ البحران فِي وَقت انتهائه فَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَرُورَة فِي انحطاطه وكل مرض يُجَاوز انتهاؤه بِغَيْر بحران فَإِنَّمَا يذهب بالتحلل الْخَفي وَلَا يخَاف أَيْضا على الْمَرِيض الْمَوْت بعد انْتِهَاء الْمَرَض.
وَقد يظنّ بِقوم أَنهم مَاتُوا فِي انحطاط الْمَرَض إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ مَوْتهمْ إِنَّمَا كَانَ لشَيْء غير هَذَا الْمَرَض وَجَمِيع من يَمُوت فِي الانحطاط يَمُوت من خطأ يعرض.
وَلَيْسَ يُمكن بعد نضج الأخلاط واستحالتها وَقُوَّة الطبيعة عَلَيْهَا أَن يَمُوت الْمَرِيض أَن دبر على مَا يجب. وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ العليل قد احْتمل أَشد أَوْقَات الْمَرَض وجاهده فِي علته فَلَيْسَ يُمكن بعد هَذَا أَن يغلبه هَذَا الْمَرَض.
لي: إِنَّمَا قَالَ: أنزل أَن مَرِيضا قدرت أَن يَجِيء بحرانه فِي الرَّابِع عشر على حسب مَا شهد لَهُ النضج فجَاء فِي الْحَادِي عشر فَهَذَا الْمَرِيض لم يجئه البحران بعد النضج الْكَامِل لِأَن تَقْدِير النضج الْكَامِل كَانَ بِحَال يُرِيد أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِنَّمَا وضع هَذَا مِثَالا للمرضى الَّذين يجيئهم البحران قبل استحكام النضج.
قَالَ: وَالْقِيَاس والتجربة يوجبان أَلا يَمُوت الْمَرِيض بعد النضج الْكَامِل وَلَيْسَ يُمكن
(5/131)
أَن يعرف هَل يَمُوت الْمَرِيض أم لَا بِمَعْرِِفَة مُنْتَهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ مريضان متساويين فِي الْأَمر إِلَّا فِي وَقت الْمُنْتَهى فقد يُمكن أَن يسلم أَحدهمَا وَيَمُوت الآخر. وَالَّذِي يسلم يكون أقربهما مُنْتَهى وبالضد لِأَن الْقُوَّة يُمكن أَن تخور من الثَّانِي قبل الْمُنْتَهى.
مِثَال: لنضع أَن مَرِيضا لَا يجوز أَن يَنْتَهِي مَرضه قبل الْعشْرين وَآخر يَنْتَهِي مَرضه فِي الثَّالِث عشر وقوتهما مُتَسَاوِيَة فَإِن البحران يأتيهما فِي الرَّابِع عشر. أَقُول: إِن الَّذِي مَرضه قد انْتهى يتم لَهُ البحران وَيصِح وَالَّذِي لم ينْتَه مَرضه يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران السوء وَإِن أَتَاهُ بحران غير كَامِل لم تقو الطبيعة على مَا بَقِي بعد ذَلِك من الْمَرَض إِلَى وَقت الْمُنْتَهى لَكِن تخور قبل ذَلِك فَيَمُوت.)
قَالَ: فَلَيْسَ يُمكن أحد أَن يعلم حَال الْمَرِيض هَل يسلم أَو يَمُوت دون أَن يقف على مُنْتَهى الْمَرَض وَقُوَّة الْمَرِيض وطبيعة الْمَرَض فِي الشدَّة وَغير ذَلِك كَمَا أَنه لَا يقدر أحد أَن يعلم من أَمر حمال عَلَيْهِ حمل: هَل يقوى أَن يبلغ بِهِ الْموضع الَّذِي يُريدهُ دون مَعْرفَته قُوَّة الْحمال وَقُوَّة الْحمل ومسافة الطَّرِيق وَذَلِكَ أَن قُوَّة الْحمال بِمَنْزِلَة قُوَّة الْمَرِيض وَثقل الْحمل بِمَنْزِلَة صعوبة الْمَرَض ومسافة الطَّرِيق بِمَنْزِلَة مَا بَين ابْتِدَاء الْمَرَض ونهايته وَالْأَمر يضْطَر أَن لَا يَعْنِي بِشَيْء أَكثر من الْعِنَايَة بمنتهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَن البحران الْجيد وَغير والناقص وَغَيره وَأمر الْغذَاء وَأمر الْمَوْت والنجاة مُتَعَلق بِهِ.
إِذا كَانَ الْمَرَض سليما وَهُوَ أَن تكون الْقُوَّة وافية بِهِ إِلَى وَقت الْمُنْتَهى ثمَّ كَانَ مَعَ ذَلِك سَاكِنا لَا يزعج وَلَا يقلق الطبيعة وَلم يعرض خطأ من خَارج فَإِن البحران لَا يكون إِلَّا بعد الِانْتِهَاء وَهَذَا أَحْمد البحارين وَذَلِكَ أَنه يكون بعد النضج الْكَامِل.
وَإِن اضْطَرَبَتْ الطبيعة إِلَى أَن يَأْتِي البحران قبل الِانْتِهَاء إِمَّا لقُوَّة الْمَرَض أَو لفضل حِدته وَسُرْعَة حركته أَو لشَيْء يهيجه فَإِنَّهُ ينقص عَن البحران الْجيد بِحَسب تقدمه بِوَقْت الْمُنْتَهى فَإِن كَانَت الْقُوَّة لَا تبقى إِلَى وَقت الْمُنْتَهى فَوَاجِب أَن يَمُوت الْمَرِيض إِلَّا أَن مَوته لَيْسَ يجب أَن يكون بِقرب الْمُنْتَهى لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يَمُوت قبله بِكَثِير أَو يَمُوت فِي أول الْمَرَض. وَأما البحران فَلَا يكون إِلَّا فِي وَقت الْمُنْتَهى أَو قبله بِقَلِيل.
لي: لم يقل: بعده لِأَن تِلْكَ الْحَال حَالَة الرَّاحَة بِالْإِضَافَة إِلَى مَا مضى والبحران إِنَّمَا يكون فِي الْوَقْت الصعب.
قَالَ: فَأَما الْمَوْت فَإِنَّهُ يكون فِي الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة: فِي الِابْتِدَاء والتزيد وَالنِّهَايَة.
قَالَ: مَتى خرج مَرِيض من مَرضه دفْعَة فَلَا بُد أَن يكون خُرُوجه باستفراغ ظَاهر بَين أَو خراج مَحْمُود عَظِيم وَلَا بُد أَن تتقدم هَذِه الْعَلامَة المهولة الَّتِي تتقدم البحران الَّتِي قد ذَكرنَاهَا وَكَذَلِكَ إِذا عرض خُرُوج إِلَى الْمَوْت ضَرْبَة فَلَا بُد أَن يكون الِاضْطِرَاب الشَّديد والجهد والاستفراغ.
(5/132)
فَأَما التَّغَيُّر إِلَى الْبُرْء أَو إِلَى الْمَوْت بعد أَن لَا يكون ضَرْبَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا فَلَا يتبعهُ استفراغ وَلَا جهد وَلَا شدَّة. وَرُبمَا كَانَت الْأَشْيَاء تنْقَلب بهَا حَال الْمَرِيض إِلَى الْجَوْدَة البهتة الْكَثِيرَة أَو إِلَى الرداءة فذانك بحرانان تامان وَهَذَانِ ناقصان إِلَّا أَن الَّذِي تنْقَلب الْحَال فيهمَا إِمَّا إِلَى كَمَال الْجَوْدَة وَإِمَّا بَعْضهَا جيدا وَالْآخر رديئا.)
وَأما الَّذِي يخرج إِلَى الْمَوْت أَو إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا قَلِيلا فَلَا أُسَمِّيهِ بحرانا لَكِن أسمي الَّذِي يؤول قَالَ: وَقد يَنْقَلِب الْمَرَض إِلَى الرداءة صنف آخر يكون من غير جهد شَدِيد وَلَا استفراغ بَين وَلَا خراج.
لي: هَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الذبول.
لي: جملَة هَذَا الْكَلَام التَّغَيُّر إِلَى الْجَوْدَة ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا ضَرْبَة وَهُوَ بحران كَامِل وَإِمَّا شَيْء كَامِل ثمَّ قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ بحران نَاقص وَإِمَّا قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ تحلل الْمَرَض.
وَكَذَلِكَ التَّغَيُّر إِلَى الرداءة: إِمَّا ضَرْبَة وَهُوَ بحران كَامِل رَدِيء وَإِمَّا شَيْء بَين وَهُوَ بحران رَدِيء نَاقص وَإِمَّا قَلِيلا قَلِيلا. وَهُوَ ذبول.
قَالَ: فِي الْأَمْرَاض الرَّديئَة لَيْسَ يجب ضَرُورَة أَن يَأْتِي بحران جيد وَلَا رَدِيء لِأَن الْمَرَض إِذا غلب على الطبيعة غَلَبَة شَدِيدَة لم ترم الطبيعة الْبَتَّةَ مقاومته.
لي: هَذِه هِيَ الْعلَّة فِي أَنه يكون موت فجيء بِلَا استفراغ لِأَن الاستفراغ إِنَّمَا يكون إِذا تجردت الطبيعة لدفع شَيْء عَن الْبدن.
قَالَ: فَلذَلِك لم يبرأ أحد قطّ من مرض وَاحِد دفْعَة إِلَّا ببحران وَخلق كثير يَمُوت دفْعَة بِلَا بحران وَأكْثر هَؤُلَاءِ يموتون فِي أول نَوَائِب الْحمى لَا سِيمَا من كَانَ سَبَب هَلَاكه كَثْرَة الْمَادَّة أَو غلظها أَو عظم ورم فِي بَاطِن الْبدن وَقد يَمُوت قوم مِنْهُم فِي وَقت انحطاط الْحمى وَإِنَّمَا يعرض هَذَا لمن قوته سَاقِطَة وَلذَلِك تَجِد كثيرا من المرضى يَمُوت فِي انحطاط الْمَرَض الجزئي أَعنِي فِي انحطاط النوائب.
وَمن هَهُنَا قد حسب قوم أَنه قد يُمكن أَن يَمُوت الْمَرِيض فِي الانحطاط الْكُلِّي أَيْضا وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْمَرَض لم يكن ينحط إِلَّا بِغَلَبَة الطبيعة لَهُ وَلَيْسَ يُمكن أَن يَأْتِي الْمَوْت حِينَئِذٍ بِوَجْه من الْوُجُوه إِلَّا بخطأ يَقع وَلَيْسَ قصدنا النّظر فِي الَّذِي يَقع فِيهِ الْخَطَأ. وَمَا رَأَيْت هَذَا قطّ كَانَ وَأما فِي الانحطاط الجرئي فقد رَأَيْت خلقا كثيرا مَاتُوا.
وَذَلِكَ أَن الْبدن يكون فِي الِابْتِدَاء متماسكا كَأَنَّهُ منضم فَإِذا جَاءَهُ وَقت الانحطاط تحركت الْحَرَارَة من الْوسط إِلَى الْأَطْرَاف على الْعَادة واسترسل الْبدن واسترخى فانحلت الْقُوَّة عِنْد ذَلِك وفنيت وَمن هَؤُلَاءِ قوم يموتون بَغْتَة حَتَّى أَنه يظنّ بهم من حضرهم أَنما هُوَ غشي.
وَمِنْهُم من يبتديء قَلِيلا قَلِيلا مُنْذُ أول النّوبَة وَفِي هَذَا الانحطاط يزْدَاد النبض ضعفا
(5/133)
واختلاطا)
فِي كل الحركات كَمَا أَنه فِي الانحطاط الْمَحْمُود يزْدَاد قُوَّة دَائِما وينتقص اختلافه وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون قد نفت جَمِيع حرارة الْحمى إِلَى خَارج وَهَذَانِ الانحطاطان وَإِن كَانَ يعمهما نُقْصَان الْحَرَارَة وَسُكُون الْحمى وَمَا يُوهم الْجَاهِل أَن الْحَال أسكن فَإِن بَينهمَا بونا بَعيدا.
وَكَذَلِكَ فِي الانحطاط الْجيد إِنَّمَا يتَحَلَّل حرارة الْحمى فَلذَلِك يزْدَاد النبض قُوَّة وَيرجع إِلَى الاسْتوَاء وَيذْهب اختلافه وَأما فِي هَذِه فَإِنَّهُ يتَحَلَّل مَعَ انحلال حرارة الْحمى الْحَرَارَة الْمَعْرُوفَة بالحرارة الغريزية ويوهم فِي هَذَا أَيْضا أَن الْمَرِيض أحسن حَالا بِسُكُون الْحَرَارَة ثمَّ إِنَّه عِنْد قيام يقومه إِلَى الْخَلَاء أَو أدنى حَرَكَة يتحركها يعرض لَهُ غشي ثمَّ يعرق يَسِيرا لزجا ثمَّ يَمُوت وَرُبمَا حدث لَهُ ذَلِك من غير قيام وَلَا حَرَكَة فعلى هَذَا يَمُوت الْمَرِيض من قبل ميل الأخلاط دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك عرض للطبيعة شَيْء شَبيه بالحطب الْكثير يلقِي دفْعَة على النَّار فيخنقها ويعرض الْمَوْت فِي انْتِهَاء النوائب لشدَّة قُوَّة الْمَرَض على الطبيعة فِي ذَلِك الْوَقْت. وَقد يَمُوت الْمَرِيض والنوبة بعد تتزيد وَقل مَا يعرض هَذَا.
قَالَ: فَجَمِيع الْوُجُوه الَّتِي يكون بهَا موت من يَمُوت بِلَا بحران ثَلَاثَة: الْمَوْت الَّذِي يكون فِي أول النّوبَة وَهَذَا أَكثر مَا يكون إِذا كَانَ ورم عَظِيم فِي أحد الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة أَو كَانَ فِي الْبدن فضل كثير لزج ينصب دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فيسد منافذ الرّوح وَالْمَوْت الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى النّوبَة وَهَذَا يكون إِذا انْهَزَمت الطبيعة عَن الْمَرَض لِشِدَّتِهِ. وَالثَّالِث الْمَوْت الَّذِي يكون فِي انحطاط النوائب وَهُوَ أقلهَا وَيكون من انحلال الْقُوَّة الحيوانية.
لي: الَّذِي يكون عِنْد الْمُنْتَهى أَكْثَرهَا.
قَالَ: وَلَيْسَ يكون وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة الْوُجُوه مَعَ بحران لِأَن الطبيعة لَا تروم الْبَتَّةَ نفي الْمَرَض عِنْد هَذِه الْحَالَات من الْمَوْت وَإِذا رامت الطبيعة ذَلِك ثمَّ قهرها الْمَرَض سمي بحرانا وَيكون ذَلِك لَا محَالة إِمَّا مَعَ استفراغ وَإِمَّا مَعَ خراج عَظِيم وَسَائِر الِاضْطِرَاب الَّذِي يتَقَدَّم البحران.
قَالَ: وتقدمة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَصْنَاف من البحران أقل صِحَة وبيانا من الْمعرفَة بأصناف البحران الْمَحْمُود وَيحْتَاج إِلَى درية وفطنة حَتَّى يعلم هَل يكون هَذَا النَّوْع من البحران أم لَا ثمَّ فِي أَي يَوْم ثمَّ هَل يقتل أَو إِنَّمَا يضر فَقَط فَلذَلِك يجب أَن ترتاض بالبحران الْمَحْمُود وَمَا قاربه ثمَّ تنْتَقل إِلَى هَذِه.
وَذَلِكَ أَنه كَمَا أَن أَمر البحران الَّذِي لَيْسَ يدْرك بِأَمْر يَقِين صَحِيح بل إِنَّمَا يدْرك أَكْثَره بالحدس)
كَذَلِك الْمَحْمُود ثَابت يدْرك بِعلم يَقِين وَذَلِكَ أَن حركات الطبيعة منظومة محمودة إِذا كَانَت هِيَ قَوِيَّة ظَاهِرَة وَأما حركاتها وَهِي معلولة فتجري على غير نظام فَلذَلِك لَا تصح مَعْرفَتهَا على مَا يجب إِلَّا أَنه مَتى غلبت الطبيعة غَلَبَة تَامَّة لم ترم فعل البحران الْبَتَّةَ فَإِن كَانَ بهَا أدنى طرف فَإِنَّهَا تقاوم قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ لَا تلبث أَن تنهزم وَالْعلَّة فِي مقاومتها هَذِه
(5/134)
المقاومة الضعيفة تهيج الْمَرَض بهَا لِأَن الطبيعة لَا تحْتَمل شَيْئا من هَذِه لَكِن تبادر تنقي مَا يؤذيها عَنْهَا كَمَا قد نرى عيَانًا الْأَشْيَاء الَّتِي تلذع الْمعدة أَو تهيجها بِضَرْب من الضروب أَو بثقلها فَإنَّك تجدها عِنْد ذَلِك تروم إِخْرَاجه من أقرب الْوُجُوه فَإِن كَانَ طافيا كَانَ بالقيء وَإِن كَانَ فِي أَسْفَلهَا فبإسهال البرَاز وَهَذَا شَبيه بالبحارين الْمُشْتَركَة لِأَن البحران الحميد الْكَامِل الَّذِي لَا يبْعَث للطبيعة شَيْئا يزعجها أَن يَأْتِي بِهِ قبل وقته إِنَّمَا يكون بعد النضج فالأمراض القتالة فِي أَكثر الْحَالَات تقتل فِي تزيد الْمَرَض وَلَا يبْقى العليل فِيهَا إِلَى وَقت الْمُنْتَهى وَفِي وَقت ابْتِدَائه وَإِن تقدم مُنْذر بِمثل هَذَا البحران فَإِنَّهُ يدل على أَنه رَدِيء.
فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت فِي الْبَوْل فِي الرَّابِع غمامة سَوْدَاء أَو شَيْئا سوى ذَلِك شَبِيها بهَا مَعَ الْأَعْرَاض القتالة مُنْذُ أول الْأَمر فَأَقُول إِن هَذَا الْمَرِيض يَمُوت لَا محَالة إِلَّا أَنه إِن كَانَت نوائبه تَأتي فِي الْأَفْرَاد فَإِنَّهُ يَمُوت فِي السَّابِع وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج مَاتَ فِي السَّادِس وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض يَتَحَرَّك حَرَكَة أسْرع فَإِن كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع لم يكن شَيْء مِمَّا ينذر بِهِ فالمعرفة بِهِ أقل إِلَّا أَنه على حَال قد يجب أَن ينظر فِي هَذَا العلامات الَّتِي أصفها.
وَأول العلامات الدَّالَّة على موت الْمَرِيض من غير بحران ضعف الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن الْقُوَّة مَتى كَانَت ضَعِيفَة لم تنهض لمقاومة الْمَرَض.
والعلامة الثَّانِيَة أَن لَا يظْهر أَولا أدنى عَلامَة تدل على النضج.
وَالثَّالِث أَن يكون الْمَرَض قَوِيا مُؤْذِيًا وَلَا تكون لَهُ حَرَكَة سريعة.
لي: المؤذي الَّذِي لَيست لَهُ حَرَكَة سريعة هُوَ الَّذِي فِيهِ أوجاع شَدِيدَة إِلَّا أَن أوجاعه تدوم قَالَ: فَكل مَرِيض تَجْتَمِع فِيهِ هَذِه العلامات فَهُوَ يَمُوت من غير بحران ويتقدم بِعلم الْمَوْت فِي أَي يَوْم يكون إِذا نظرت كم يفضل الْمَرَض على الْقُوَّة وَفِي أَي يَوْم تكون النّوبَة أصعب فَإِن رَأَيْت الْمَرَض يفضل على الْقُوَّة فضلا كثيرا وَلم تبْق من الْقُوَّة إِلَّا بَقِيَّة يسيرَة علمت أَن الْمَوْت سريع وبالضد.)
فَأنْزل أَن فضل الْمَرَض على الْقُوَّة كثير إِلَّا أَنه لَيْسَ يتَبَيَّن يَوْمًا وَاحِدًا تبقى الْقُوَّة أم يَوْمَيْنِ فقد تقدر عِنْد هَذَا أَن تميز فتعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يَمُوت الْمَرِيض بأدوار نَوَائِب الْحمى وَذَلِكَ أَن الْيَوْم الَّذِي تكون فِيهِ النّوبَة فَفِيهِ يَمُوت الْمَرِيض. وتقدر تعلم فِي أَي سَاعَة من ذَلِك الْيَوْم يحدث الْمَوْت على الْمَرِيض إِن كنت ذَاكِرًا لما قلت قبل حَيْثُ خبرتك فِي أَي الْأَمْرَاض يَمُوت الْمَرِيض فِي ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي أَيهَا فِي الْمُنْتَهى وَفِي أَيهَا فِي الانحطاط وتفقد مَعَ ذَلِك فِي وَاحِد وَاحِد من المرضى بِأَن تتذكر مَا كَانَت حَالَة الْمَرِيض عَلَيْهِ فِي الْأَيَّام الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهُ يعينك مَعُونَة عَظِيمَة على الِاسْتِدْلَال لِأَنَّك إِذا علمت فِي أَي جُزْء من أَجزَاء الْمَرَض فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة كَانَ الْمَرَض يكون أثقل وَكَانَت تلْزمهُ الْأَعْرَاض الرَّديئَة الدَّالَّة على الثّقل استعنت بذلك على الحدس بِمَا يكون.
(5/135)
وَأنزل أَنَّك إِذا رَأَيْت مَرِيضا وَعلمت يَقِينا أَنه يَمُوت إِلَّا أَن قوته لم تغلب غَلَبَة شَدِيدَة فَأَقُول إِن أول مَا تعلم من هَذَا: أَنه لَا يَمُوت سَرِيعا فابحث بعد ذَلِك هَل يكون مَوته ببحران رَدِيء أم لَا فَإِن كَانَ الْمَرَض خبيثا سريع الْحَرَكَة وللقوة بَقِيَّة وللنضج عَلامَة فخليق أَن تَأتي الطبيعة ببحران أَو بالضد إِن رَأَيْت الْقُوَّة خوارة وَالْمَرِيض بطيء الْحَرَكَة وَلَيْسَت للنضج عَلامَة الْبَتَّةَ فَلَيْسَ يحدث لهَذَا الْمَرَض بحران وَلَيْسَ يجب مَتى كَانَ الْمَرَض أقوى من الْقُوَّة أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون جَمِيعًا قويين إِلَّا أَن الْمَرَض أقوى.
قَالَ وَقد قلت: إِن أفضل البحران يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض وَأما الَّذِي يكون فِي وَقت تزيد الْمَرَض فَإِن كَانَ حَال الْمَرِيض تؤول إِلَى السَّلامَة فَإِن ذَلِك البحران يكون نَاقِصا أَو غير موثوق بِهِ وَإِن كَانَت حَال الْمَرِيض مهلكة فَإِن ذَلِك البحران إِمَّا أَن يقتل على الْمَكَان وَإِمَّا أَن يُغير الْمَرِيض تغييرا قَوِيا عَظِيما إِلَى مَا هُوَ أشر.
وَأما فِي ابْتِدَاء الْمَرَض فَلَا يكون بحران وَإِن تقدمة الْمعرفَة بِأَحْمَد البحران فَلَا يَصح.
وَأما سَائِر أنحاء البحران فَإِنَّمَا يكون بحدس فَقَط لَا سِيمَا مَتى كَانَ البحران غير مُنْذر بِهِ وَهَذَا النَّوْع من البحران وَإِن لم يُوصل إِلَى مَعْرفَته قبل حُدُوثه بِزَمَان طَوِيل فَإنَّك قد تصل إِلَى مَعْرفَته قبل حُدُوثه بِزَمَان يسير لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يحدث قبله على حَال إرهاق للطبيعة واضطراب إِمَّا فِي النَّفس أَو فِي الذِّهْن أَو فِي السّمع أَو فِي الْبدن أَو فِي شَيْء آخر من أَعْرَاض البحران وَإِذا كَانَ الْمَرَض ينذر ببحران ثمَّ صَعب الْمَرَض فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي وَأَتَتْ نوبَة الْحمى بعد ذَلِك أسْرع مِمَّا كَانَت تَأتي مَعَ أَعْرَاض لم تكن قبل فَلَا بُد أَن يكون البحران فِي تِلْكَ النّوبَة. وَأَنا ألحض مُنْذُ)
الْآن كَيفَ يعلم بِأَيّ نوع يكون البحران أبرعاف أَو بقيء أَو غير ذَلِك.
قَالَ: وَقد قَالَ أبقراط فِي إبيذيميا فِي الْمقَالة الأولى: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس والرقبة أوجاع وَثقل مَعَ حمى أَو بِغَيْر حمى فَإِنَّهُ يحدث إِمَّا لأَصْحَاب قرانيطس تشنج فِي العصب وقيء مرار زنجاري وَكثير مِنْهُم يعاجله الْمَوْت وَأما أَصْحَاب الحميات المحرقة فَمَتَى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وَرَأى العليل بَين عَيْنَيْهِ ظلمَة وأحس فِيمَا دون الشراسيف بتمدد بِلَا وجع فَإِنَّهُ يُصِيبهُ رُعَاف وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيبهُ قيء مرّة وبلغم ويصيب الصّبيان فِي هَذِه الْحَالة أَكثر ذَلِك تشنج وَأما النِّسَاء فيصيبهن مَعَ ذَلِك وجع الْأَرْحَام وَأما الكهول وَمن انجزلت قوته فَإِنَّهُ يعرض لَهُ استرخاء فِي بعض أَعْضَائِهِ أَو وسواس أَو جُنُون أَو عمى.
وَقَالَ فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى تطاولت الْحمى وَحَال الْمَرِيض حَال سَلامَة وَلَا وجع بِهِ من ورم وَلَا بِسَبَب ظَاهر فتوقع خراجا مَعَ انتفاخ ووجع فِي أحد مفاصله وَلَا سِيمَا فِي السُّفْلى وَأكْثر مَا يعرض هَذَا وأوحاه لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ وَيجب أَن تتَوَقَّع الْخراج حِين تجَاوز الْحمى عشْرين يَوْمًا. وَقل مَا يعرض ذَلِك لمن كَانَ فَوق هَذَا السن وَكَانَت حماه أطول من هَذَا الْمِقْدَار.
(5/136)
وَيجب أَلا تتَوَقَّع الْخراج مَتى كَانَت حماه دائمة وتوقع حمى الرّبع مَتى كَانَت الْحمى تقلع ثمَّ تنوب على غير نظام مَحْدُود. وَلَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يقرب الخريف وكما أَن الْخراج يعرض لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ كَذَلِك الرّبع تعرض لمن بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها.
وَيجب أَن يعلم أَن أَكثر مَا يعرض الْخراج فِي الشتَاء فَإِنَّهُ أَبْطَأَ برأَ إِلَّا أَنه قل مَا يعاود وَهَذَا قَوْله فِي الْخراج وَهُوَ كَاف بَين.
ثمَّ قَالَ فِي الاستفراغ من شكا فِي حمى لَيست بالقتالة صداعا وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ سوادا وأصابه مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده فَإِنَّهُ سيصيبه قيء مرار فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَبرد مِنْهُ مَا دون الشراسيف فَإِن الْقَيْء يُصِيبهُ أسْرع فَإِن تتَنَاوَل شَيْئا من الطَّعَام وَالشرَاب فِي ذَلِك الْوَقْت أسْرع الْقَيْء جدا.
قَالَ: وَمن ابْتَدَأَ بِهِ من أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة الصداع فِي أول يَوْم من مَرضه فَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي السَّابِع وَأكْثر أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة يبتديء بِهِ الصداع فِي الْيَوْم الثَّالِث وَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِم فِي الْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَأما من ابْتَدَأَ)
بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وَجرى سَائِر أمره على قِيَاس مَا تقدم فصداعه يقْلع عَنهُ فِي الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَكثر مَا يعرض للرِّجَال وَالنِّسَاء فِي حمى الغب وَأما من كَانَ أحدث سنا فقد يعرض لَهُم وَأما من أَصَابَهُ فِي حمى هَذِه حَالهَا صداع وأصابه بدل السوَاد الَّذِي يرَاهُ أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة.
أَو رأى قُدَّام عَيْنَيْهِ شعاعا وأصابه بدل وجع الْفُؤَاد تمدد فِي مَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن والجانب الْأَيْسَر من غير وجع وَلَا ورم فتوقع لَهُ بدل الْقَيْء رعافا.
وَأكْثر مَا يتَوَقَّع الرعاف فِي مثل هَذِه الْحَال لمن كَانَت سنه فِيمَا دون الثَّلَاثِينَ فَأَما من قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها فالرعاف يعرض لَهُ أقل وَيجب أَن تتَوَقَّع لمن فِي تِلْكَ السن الْقَيْء. وَفِي هَذَا فِي قَوْله كِفَايَة.
وَقَالَ أَيْضا فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد دَائِم مَعَ حمى وَكَانَ فِي ذَلِك شَيْء من العلامات الَّتِي تدل على الْمَوْت فَإِن ذَلِك الْمَرَض قتال جدا. وَإِن لم تكن عَلامَة تدل على الْمَوْت وَجَاوَزَ الوجع عشْرين يَوْمًا فتوقع رعافا أَو خراجا فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى وَأما مَا دَامَ الوجع فِي الْجُبْن فَإِنَّهُ يجب أَن يتَوَقَّع الرعاف لَا الْمرة وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الوجع فِي الصدغين أَو الْجَبْهَة وَكَانَت السن دون خمس وَثَلَاثِينَ سنة وَأما من كَانَ فَوق هَذِه السن فتوقع الْمرة.
وَقَالَ أَيْضا فِي صفته لأَصْحَاب ذَات الرئة: من خرج بِهِ من أَصْحَاب ذَات الرئة خراج عِنْد الْأذن وتقيح أَو فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى وَصَارَ ناصورا فَإِنَّهُ سليم.
وتفقد هَذَا وَانْظُر فِيهِ على هَذَا الْوَجْه مَتى بقيت الْحمى على حَالهَا وَلم يسكن الوجع
(5/137)
وَلم ينبعث البزاق على مَا يجب وَكَانَ البرَاز كثير المرار ذريعا صرفا وَكَانَ الْبَوْل كثير جدا وَفِيه ثفل راسب كثير أَبيض وَكَانَت سَائِر العلامات تدل على أَن عَاقِبَة الْأَمر إِلَى السَّلامَة فقد يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع لمن هَذِه حَاله أَن تصيبه الخراجات الَّتِي ذكرت.
وَيكون الْخراج فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى مَتى كَانَ من
(5/138)
الورم والحرارة فِيمَا دون الشراسيف وَلم يكن وجع ثمَّ أصَاب الْمَرِيض مَا يُغير فِي نَفسه ثمَّ سكن بِلَا سَبَب ظَاهر.
وَفِي ذكره أَيْضا الأورام الَّتِي فِيمَا دون الشراسيف قَالَ: هَذَا القَوْل أَن هَذِه الأورام تدل فِي أَولهَا أَنه لَا يُؤمن على الْمَرِيض موت حثيث فَإِن جَاوَزت عشْرين يَوْمًا والحمى بَاقِيَة والورم لَا يسكن فَهِيَ تتقيح.
وَقد يعرض لأَصْحَاب هَذِه الْعلَّة فِي الدّور الأول رُعَاف فيعظم نَفعه لَهُم وَلَكِن قد يجب أَن)
يسْأَل الْمَرِيض: هَل يجد صداعا وغشاوة فَإِنَّهُ إِن أَصَابَهُ شَيْء من هَذَا فَإِن الشَّيْء مائل إِلَى هُنَاكَ وَيجب أَن يتَوَقَّع الرعاف أَكثر من كَانَت سنه دون الْخمس وَالثَّلَاثِينَ.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة قولا آخر دلّ على طَرِيق البحران وَهُوَ هَذَا: إِن من بَال بولا رَقِيقا مائيا زمانيا طَويلا ثمَّ كَانَت سَائِر العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ تدل على أَنه سيسلم فَيجب أَن يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي الْمَوَاضِع الَّتِي أَسْفَل الْحجاب.
وَقَالَ فِي كتاب الْفُصُول: وَفِي إبيذيميا أَشْيَاء أخر فِي تعرف طرق البحران مِنْهَا قَوْله: إِنَّه يكون قبل النافض احتباس الْبَوْل وَمِنْهَا قَوْله: إِن الْعين إِذا احْمَرَّتْ أنذرت برعاف وَمِنْهَا قَوْله: إِن الشّفة السُّفْلى مَتى اختلجت أنذرت بقيء وَقَوله: إِنَّه مَتى حدث بعد الصداع سبات وصمم بَغْتَة دلّ على خراج يخرج عِنْد الْأذن.
وَلَيْسَ تحْتَاج عِنْد تعرف طرق البحران إِلَى شَيْء أَكثر من أَن تنظر إِلَى أَي نَاحيَة تميل الطبيعة وَقد دلّ على ذَلِك أبقراط فِي مَوَاضِع مِنْهَا قَوْله فِي تقدمة الْمعرفَة: إِن وجع الْفُؤَاد والنافض إِنَّمَا يبتدئان بقيء كَائِن وَتغَير النَّفس والشعاع أَمَام الْعين ينذران برعاف وَقَوله: إِذا كَانَ البرَاز كثير المرار وذريعا صرفا وَالْبَوْل كثيرا جدا وَفِيه ثفل راسب كثير أَبيض دلّ على أَن الْمَرَض مائل إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة وَإِن انتفاض الْبدن يكون من ذَلِك الْوَجْه وَإِن لم يمل الْمَرَض ميلًا للنواحي وتطاول مَعَ عَلَامَات السَّلامَة فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع لَهُ خراج.
ويستدل أَيْضا على الْخراج بميل الطبيعة وَقد دلّ ذَلِك أبقراط فِي مَوَاضِع إِلَى النَّاحِيَة الَّتِي يكون فِيهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: إِن الْخراج يكون فِي الْموضع الَّتِي هِيَ أَسْفَل من الصَّدْر مَتى كَانَ من الورم والحرارة شَيْء فِيمَا دون الشراسيف من أجل أَنه إِذا كَانَ ذَلِك فالأخلاط المولدة لورم الرثة مائلة إِلَى أَسْفَل وَإِنَّمَا جعل هَذَا القَوْل فِي ذَات الرئة مثلا للجملة الَّتِي قصد بهَا.
وَمَتى كَانَت تِلْكَ الأخلاط لَيست مائلة إِلَى أَسْفَل وَوجد مَا دون الشراسيف خَالِيا من الورم والحرارة والوجع دَائِما عرض للْمَرِيض مَا يُغير نَفسه من غير سَبَب بَين وَإِن كَانَ كَذَلِك فالخراج ضَرُورَة يكون فِي مَا فَوق الصَّدْر أَعنِي فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي أصل الْأذن وَقد يظْهر مَعَ ذَلِك شَيْء من الْأَعْرَاض الَّتِي تعرض فِي الرَّأْس مِمَّا تدل على ميل الْخراج إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة كالسبات والصمم بَغْتَة من غير سَبَب مَعْرُوف وَثقل الصدغين وَالرَّأْس وَغير ذَلِك مِمَّا أشبهه.
قَالَ ج: يجب بعد أَن تعلم أَن البحران كَائِن أَن تعلم بِأَيّ طَرِيق يكون هَذَا التَّعْلِيم الَّذِي أعلمك)
انْظُر أَولا هَل الْمَرَض حاد حَار يَجِيء فِيهِ البحران فِي الْأَيَّام الأول فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَذَلِك فَوَاجِب أَن لَا يكون بخراج لَكِن باستفراغ ثمَّ انْظُر إِلَى حركته فَإِنَّهُ إِن كَانَ متطاولا بطيء الْحَرَكَة فَإِن البحران يكون بخراج لَا سِيمَا إِن كَانَ الْمَرِيض بَال بولا رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة لِأَنَّهُ إِن بَال بولا ثخينا كثيرا فِيهِ ثفل كثير راسب أَبيض مَحْمُود فالأخلق أَن ينضج الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا وَإِلَّا يحدث لَهُ بحران بخراج ثمَّ انْظُر بعد هَذَا إِن كَانَ البحران يكون باستفراغ بِأَيّ ضرب من ضروب الاستفراغ يكون فَإِن كَانَ يكون بخراج فَفِي أَي مَوضِع يكون ذَلِك الْخراج وَتعلم بِأَيّ ضرب من ضروب الاستفراغ يكون البحران من طَرِيقين: أَحدهمَا أَن تَجِد العلامات الْخَاصَّة بِوَاحِد من الضروب وَالثَّانِي أَلا تَجِد شَيْئا من عَلَامَات الضروب الْأُخَر وَإِن كَانَ عَلامَة الضَّرْب الَّذِي وَأَنا واصف لَك العلامات الدَّالَّة على ضروب من البحران وَيجب عَلَيْك أَن لَا تقتصر على العلامات الدَّالَّة على وَاحِد لَكِن تتفقد الدَّالَّة على كل ضروب إِذا رَأَيْت الْبَطن قد اعتقل وَالْبَوْل قد احتقن أَيْضا بِالْقربِ من وَقت البحران فتوقع نافضا وَإِذا خضر النافض فَانْظُر مَا يحدث بعده أعرق أم قيء أم اخْتِلَاف أم اثْنَان من هَذِه أم كلهَا وَانْظُر أَولا فِي طبيعة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَت حماه محرقة خَالِصَة فقد يصحح عنْدك أَمر النافض قبل حُدُوثه وَذَلِكَ أَن الْحمى المحرقة إِنَّمَا تتولد عَن الصَّفْرَاء وَقد قُلْنَا: إِن هَذَا الكيموس إِذا تحرّك حَرَكَة قَوِيَّة ولد نافضا ثمَّ انْظُر بعد هَذَا هَل احْتبسَ الْبَوْل وَحده أَو احْتبسَ مَعَه الْبَطن قبل النافض فَإِنَّهُمَا إِن كَانَا احتبسا مَعًا فالبحران يكون بعرق كثير لَا محَالة وَإِن كَانَ الْبَوْل احْتبسَ وَحده أَو احْتبسَ مَعَه الْبَطن قبل النافض فَانْظُر هَل زَاد قبل البحران على مِقْدَار مَا كَانَ قبل ذَلِك أَو نقص عَنهُ فَإِن رَأَيْته قد زَاد زِيَادَة كَثِيرَة فَاعْلَم أَن الطبيعة مائلة نَحْو هَذَا الطَّرِيق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْته قد نقص علمت أَن ميلها نَحْو الْعرق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْت مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على الْقَيْء فالبحران يكون بهما أَعنِي بالقيء والعرق.
وَإِن كَانَ العلامات الَّتِي تدل على أحد الاستفراغين أقوى من العلامات الَّتِي تدل على الآخر كَانَ البحران بذلك الاستفراغ أَكثر وَإِن كَانَت متكافئة فالبحران يكون بهما سَوَاء.
وَإِن لم تَرَ شَيْئا من عَلَامَات الْقَيْء فتوقع الْعرق وَحده لَا سِيمَا إِذا رَأَيْت الْمَرِيض قد
(5/139)
اخْتَلَط وَرَأَيْت قُوَّة الْحمى قد تزايدت وَرَأَيْت ظَاهر الْبدن قد سخن أَكثر مِمَّا كَانَ يسخن واحمر أَكثر مِمَّا كَانَ يحمر وَرَأَيْت بخارا حارا يرْتَفع من الْبدن لم يكن يرْتَفع فِيمَا قبل ذَلِك. فَإِن وجدت)
مَعَ هَذَا نبض الْعرق قد صَار موجيا ولان لينًا بَينا فليقو رجاؤك بالعرق.
فَأَما النبض الصلب فَيدل على الْقَيْء والنبض المشرف عَلامَة مُشْتَركَة لجَمِيع أنحاء الاستفراغ وَكَذَلِكَ النبض الْقوي.
فَأَما مَتى كَانَ النبض عَظِيما فَهُوَ يدل على حَرَكَة الطبيعة إِلَى ظَاهر الْبدن لَا إِلَى بَاطِنه وكل وَاحِدَة من هَاتين الحركتين تكون على ضَرْبَيْنِ: أما الْحَرَكَة إِلَى خَارج فبدم يجْرِي من المنخرين أَو من غَيرهمَا أَو بعرق وَالْحَرَكَة إِلَى دَاخل إِمَّا باخْتلَاف وَإِمَّا بقيء والنبض الموجي يَد على الْعرق والنبض الْعَظِيم فَقَط لَيْسَ بموجي يدل على الدَّم فَبِهَذَا الطَّرِيق يسْتَدلّ على حَرَكَة الطبيعة إِلَى خَارج الْبدن.
وَمَتى مَالَتْ الطبيعة إِلَى دَاخل ثمَّ لم تكن عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة فالبحران يكون باخْتلَاف وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة فالبحران يكون بالقيء وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة وَتبين فِي الِاخْتِلَاف تزيد فالبحران يكون بهما جَمِيعًا.
ونبض الْعرق فِي أَكثر الْحَالَات من البحران يكون مُخْتَلفا وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ مَعَ البحران جهد عَظِيم إِلَّا أَن ذَلِك الِاخْتِلَاف يكون على أَكثر حالاته إِذا انصب إِلَى الْمعدة مرار فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك مَعَ مَا تظهر من عَلَامَات الْقَيْء يخْتَلف النبض فِي جَمِيع حالاته لما يُصِيب رَأس المريء والمعدة من اللذع والثقل من الشَّيْء الَّذِي سَالَ إِلَيْهِمَا.
وَأما عَلَامَات الْقَيْء فَهِيَ وجع الْفُؤَاد مَعَ صداع وَسدر مَعَ سَواد يتخيل للعين واختلاج الشّفة السُّفْلى ولعاب كثير يتحلب من الْفَم وَجَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء يعرض إِذا اجْتمع فِي الْمعدة الكيموس من جنس الصَّفْرَاء اللذاع يلذع فَم الْمعدة وجذب المريء كُله إِلَى دَاخل وَإِلَى أَسْفَل وَلذَلِك تختلج الشّفة ويتحلب الرِّيق ويتخيل قُدَّام الْعين سَواد ويعرض السدر والدوار والصداع وَذَلِكَ يعرض بضربين: أَحدهمَا بخار مُرْتَفع من ذَلِك المرار إِلَى الرَّأْس وَالْآخر مُشَاركَة العصب للمعدة فِي الْأَلَم.
وَأما عَلَامَات الرعاف خَاصَّة فالشعاع أَمَام الْعين وَذَلِكَ من قبل حمرَة الدَّم وَمِنْهَا الغشاوة وَذَلِكَ لِأَن الدَّم إِذا ارْتَفع مِنْهُ شَيْء كثير دفْعَة سد طرق الرّوح وَمِنْهَا الدُّمُوع وَذَلِكَ يكون لِكَثْرَة مَا يسيل إِلَى الْعين كَمَا يكون فِي الرمد ولهذه الْعلَّة تحمر الْعين مَعَ الوجنة وَالْأنف ويحضر الرعاف وَأَيْضًا تمدد يعرض فِيمَا دون الشراسيف من غير وجع لِأَن هَذِه الْعلَّة أَيْضا تدل دلَالَة)
قَوِيَّة على ميل الدَّم إِلَى النَّاحِيَة الْعَالِيَة وَكَذَلِكَ تغير النَّفس فَإِنَّهُ أَيْضا إِنَّمَا يعرض عِنْد مُرُور الدَّم فِي الصَّدْر فَإِن كَانَ تمدد مَا دون الشراسيف مَعَ وجع يلين ذَلِك لم يدل على رُعَاف كَائِن لكنه دَال على ورم حدث فِي الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا التمدد.
(5/140)
والصداع أَيْضا وَإِن كَانَ عَلامَة مُشْتَركَة للقيء والرعاف فَإِن كَانَ مَعَه شَبيه اللذع دلّ على الْقَيْء وَمَتى مَا كَانَ مَعَ ثقل وتمدد وضربان وحرارة دلّ على الرعاف خَاصَّة.
وَكَذَلِكَ الأورام الْعَارِضَة فِيمَا دون الشراسيف من الأحشاء قد تكون سَبَب الرعاف وعلامة تدل عَلَيْهِ وَمَتى كَانَت الْعلَّة فِي الْجَانِب الْأَيْمن فالرعاف يكون من ذَلِك الْجَانِب وعلامة الرعاف أصح وألزق بِهِ ثمَّ بعد عَلَامَات الْعرق.
وَأما الِاخْتِلَاف فَلَيْسَ لَهُ عَلامَة بَيِّنَة تخصه مثل عَلَامَات مَا ذكرنَا وَإِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ من أَنَّك تَجِد العلامات الَّتِي تدل على أَنه يكون استفراغ وَلَا تَجِد العلامات الَّتِي تدل على الْقَيْء والرعاف والعرق على أَنه لَيْسَ بِلَازِم ضَرُورَة إِذا لم تكن هَذِه أَن يكون الِاخْتِلَاف وَذَلِكَ أَنه يُمكن أَن يكون لَك البحران بِدَم يجْرِي من المقعدة أَو من الطمث وَيعلم الْكَائِن بالطمث من أَنه يتَقَدَّم الطمث ثقل بَين فِي أَسْفَل الظّهْر ووجع وتمدد فِي ذَلِك الْموضع.
وَأما انتفاخ الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة فَإِنَّمَا هُوَ خَاص بِقوم فَمن كَانَ بِهِ ذَلِك يعسر فِيهِ تَمْيِيز الِاخْتِلَاف من هَذَا الْعَارِض. فَأَما سَائِر النَّاس كَافَّة فَإِذا وجدت فيهم عَلَامَات تدل على الاستفراغ وعلامات تدل على النضج وَلم تَجِد فيهم عَلَامَات تدل على رُعَاف وَلَا قيء وَلَا عرق فَلَا بُد أَن يصيبهم اخْتِلَاف.
وَإِن كَانَ البحران يُرِيد أَن يكون بخراج فالعلامة الْعَامَّة على كل خراج أَن يكون فِي الْمَرَض عَلَامَات السَّلامَة ثمَّ لَا يَنْقَضِي مَرضه وَلَا يَبُول بولا كثيرا رَقِيقا فِيهِ ثفل كثير لَكِن يَبُول بولا رَقِيقا.
وَإِمَّا العلامات الْخَاصَّة فَمَتَى كَانَ الْمَرَض لم يطلّ جدا ثمَّ رَأَيْت الْمَرِيض قد تغير نَفسه بَغْتَة ثمَّ سكن ذَلِك التَّغَيُّر الَّذِي حدث فِي نَفسه سَرِيعا فأعقبه وجع وَثقل فِي الرَّأْس وسبات وصمم فَذَلِك يدل ضَرُورَة على أَن خراجا يخرج فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي يَلِي الْأذن.
وَمَتى كَانَ الْمَرَض قد طَال جدا وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من هَذِه العلامات الَّتِي وَصفنَا وَظهر فِي بعض الْمَوَاضِع السفلية ثقل وتمدد والتهاب أَو وجع فتوقع حُدُوث الخراجات من أَسْفَل.)
إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ الْبَطن مستطلقا فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون البحران الَّذِي يكون مَعَه بعرق تَاما فِيهِ لِأَن ذَلِك يقل من الْعرق جدا وَلَا يكون البحران باخْتلَاف فِيمَن يعرق عرقا كثيرا تَاما وورم اللَّحْم الرخو إِذا كَانَ بعقب الْحمى رَدِيء مَكْرُوه فاقرأه فِي بَاب تقدمة الْمعرفَة فَإِنَّهُ لَيْسَ إبيذيميا قَالَ: إِذا لم تخرج الخراجات فِي الأسافل وَلم يكن التنقية بالبحران إِن كَانَت الْعلَّة فِي الْجَانِب الْأَيْمن ببول كثير وَإِن كَانَت فِي الْيَسَار برعاف فَإِنَّهُ كثيرا مَا يعاود الْمَرَض وَكَثِيرًا مَا يحدث ورم فِي الطحال وَفِيمَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن فَإِن خرجت خراجات أَو ينقي بالبول أَو الرعاف منع من العودة وَمن ورم هَذِه الْأَعْضَاء وَإِذا انصبت هَذِه الفضول بعد إِلَى هَذِه الْأَعْضَاء جلبت من الرَّأْس الْمَرَض.
(5/141)
لي: يجب أَن تتفقد الْأَبدَان الَّتِي يكون البحران فِيهَا نَاقِصا وَالَّتِي قد نقهت بِلَا بحران وفيهَا بَقِيَّة من الْمَرَض فَإِن كَانَت الطبيعة مقصرة فِي دفع تِلْكَ الْبَقِيَّة هيجتها لذَلِك بعد أَن تتحرى أَن يكون إِلَى أوفق الْمَوَاضِع وبأوفق الْوُجُوه فتدعوها مرّة إِلَى أَن يكون خراج فِي بعض المفاصل وَمرَّة إِلَى فتح عروق المقعدة أَو الطمث أَو الْبَوْل أَو اخْتِلَاف أَو غير ذَلِك.
فَإِن رَأَيْت الطبيعة قد تحركت لدفع ذَلِك الْفضل إِلَى عُضْو خطير لَا يجب أَن ينْدَفع إِلَيْهِ احتلت أَلا تدفع إِلَيْهِ بتقوية ذَلِك الْعُضْو وإمالة الْمَادَّة عَنهُ إِلَى نَاحيَة أُخْرَى وتحر أَن يكون الْخَلْط الَّذِي تميله إِلَيْهِ بَعيدا لِأَن ميل الأخلاط إِلَى هُنَاكَ وعَلى أَن ميلها إِلَى مَا بعد من هُنَاكَ عسر.
وَإِذا رَأَيْت أَيْضا أَن الْخَلْط الَّذِي تُرِيدُ أَن يستفرغ أَو الْخراج الَّذِي تُرِيدُ أَن يخرج لَيْسَ من النَّوْع الَّذِي مِنْهُ كَانَ الْمَرَض فَيجب أَن تمنع ذَلِك ويجتلب ذَلِك الْخَلْط.
لي: إِن كَانَ الْمَرَض حادا يشبه الصَّفْرَاء وَأَقْبل يدْفع خلطا بلغميا أَو خراجا فَيجب حِينَئِذٍ أَن تستفرغ أَنْت وتستدعي استفراغا صفراريا.
الْأَمْرَاض الحادة فِي أَكثر الْأَمر لَا يكون بحرانها إِلَّا فِي الْأَفْرَاد والمزمنة فِي الْأزْوَاج.
الْأَمْرَاض الحادة يكون البحران فِيهَا فِي الْأَكْثَر بالرعاف وَأما أقل مَا يكون الرعاف فَفِي الرَّابِع فَأَما فِي السَّابِع وَالْخَامِس فَيكون كثيرا جدا وَفِي الثَّالِث وَالتَّاسِع فَيكون متوسطا وَفِي الرَّابِع عشر قل مَا يكون الرعاف لِأَن الرعاف بحران الْأَمْرَاض الحادة وبحران الْأَمْرَاض الحادة يمِيل فِي الْأَفْرَاد أبدا.
قَالَ أَكثر مَا يكون الْمَوْت فِي أَيَّام البحران والأحوط للطبيب أَلا يجْزم بِالْمَوْتِ لَكِن يَقُول إِن الْعلَّة)
تصعب وَلَعَلَّه يتَخَلَّص.
قَالَ: إِن تفقدت وجدت بحران السَّابِع أقوى من جَمِيع الْأَيَّام الَّتِي قبله وَبعده ثمَّ بعده الرَّابِع عشر ثمَّ يَوْم الْعشْرين ثمَّ يَوْم الْأَرْبَعين.
قَالَ: نُقْصَان البحران إِنَّمَا يكون أبدا لِأَن الْمَرَض لم ينضج وَإِذا رَأَيْت عَلَامَات النضج مقصرة وعلامات البحران قَوِيَّة فَاعْلَم أَنه سَيَأْتِي بحران نَاقص وخاصة إِن جَاءَ فِي يَوْم غير باحوري.
وَرُبمَا عرص قبل البحران النافض والرعشة واختلاج شَدِيد واعوجاج بعض الْأَعْضَاء كَالْعَيْنِ وَأكْثر مَا يكون الْمَوْت فِي أَيَّام النوائب وَقد يكون فِي غَيرهَا إِلَّا أَنه قَلِيل إِذا دلّت الدَّلَائِل على الْمَوْت فَاجْعَلْ السن وَالْقُوَّة دَلِيلا على تَأَخّر الْمَوْت مثل الشَّاب الْقوي والضعيف على تقدمة مثل الصَّبِي وَالشَّيْخ.
إِنَّه رُبمَا كثر فِي بعض الْأَحْوَال خُرُوج الْبَوْل والعرق وَالْبرَاز من الْبدن وَلَا يكون ذَلِك
(5/142)
البحران وَلَا لِأَن الطبيعة تنقي بِهِ لَكِن لِأَن فِي الْبدن من ذَلِك الْجِنْس كَثْرَة كَثِيرَة لَا يقوى على ضَبطهَا أَو لِأَنَّهَا سريعة اللذع.
لي: يفرق بَين هَذِه وَبَين الباحورية بِأَن هَذِه عديمة النضج تَجِيء فِي كل الْأَوْقَات وَلَا أَمَارَات بحران وَلَا غير ذَلِك وَلَا فِي يَوْمه.
الْأَمْرَاض الصيفية يحلهَا الشتَاء فِي الْأَكْثَر والشتوية يحلهَا الصَّيف مَتى كَانَت دَلَائِل السَّلامَة مَوْجُودَة مَعَ الْحمى الحادة.
ورجوت أَن يَأْتِي بحران ثمَّ رَأَيْت الْبَوْل قد احْتبسَ فَاعْلَم أَنه سيحدث نافض يتلوه بحران لَا محَالة.
فان كَانَ الْمَرِيض مَعَ ذَلِك قد قلق فِي اللَّيْلَة الْمُتَقَدّمَة صعبت عَلَيْهِ علته وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم يَوْمًا باحوريا قدرت أَن تتقدم فتنذر بذلك النافض إِذا احْتبسَ الْبَوْل فان دلّ النبض مَعَ ذَلِك على فان انْطلق الْبَطن انطلاقا كثيرا فَلَا يجب أَن تثق حِينَئِذٍ باحتباس الْبَوْل فِي الدّلَالَة على النافض فان كَانَ الْبَطن معتقلا مَعَ احتباس الْبَوْل ثمَّ علت من أَمر الْمَرَض أَن البحران قريب فانه يُصِيب ذَلِك الْمَرِيض ضَرُورَة نافض ثمَّ يتلوه عرق فان كَانَ قبل ذَلِك جهد شَدِيد وقلق كَانَت ثقتك بالنافض والعرق أَكثر.
وَذَلِكَ كَائِن فِي أَكثر الْأَمر وَإِن قل ذَلِك يَوْمًا وخف من الْمَرَض فانه لَا يظْهر فِي النبض دَلِيل دَال)
على النافض لَكِن يظْهر فِيهِ النبض الَّذِي يدل على الِاخْتِلَاف. وَقد وَصفنَا ذَلِك كُله فِي كتاب النبض.
وَإِن كَانَت الْحمى محرقة حادة وخاصة إِن كَانَت عَن التَّعَب فان حَرَكَة المرار فِي هَذَا أَشد مِنْهَا فِي غَيرهَا ولتكن بذلك أوثق وَذَلِكَ أَن البحارين المحرقات تكون بالنافض كثيرا.
والحميات الَّتِي يكون فِي ابتدائها نافض لَا يكون بحرانها بخراج وَذَلِكَ أَنه يتبعهَا فِي كل نوبَة عرق فَيخرج بِهِ الْفضل فَلَا تحْتَاج الطبيعة إِلَى دفع الْفضل بالخراجات لِأَن الخراجات إِنَّمَا تكون إِذا كَانَ الْفضل كثيرا.
الْأَمْرَاض الَّتِي يكون بحرانها بخراج هن الْأَمْرَاض السليمة العديمة النضج لِأَن الْأَمْرَاض السليمة إِذا كَانَ مَعهَا نضج كَانَ انْقِضَائِهَا باستفراغ فَمَتَى لم يكن الْمَرَض خبيثاً ثمَّ أدمن وَطَالَ بِهِ الْأَمر فتوقع الْخراج كَمَا قَالَ أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه من بَال بولا رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت سَائِر الدَّلَائِل تنذر بِأَنَّهُ يسلم فتوقع لَهُ خراجا فِي بعض الْمَوَاضِع الَّتِي دون الْحجاب فِي علل آلَات النَّفس.
وَهَذَا مِثَال: إِذا كَانَت بِإِنْسَان عِلّة فصلح مِنْهَا فَكَانَ العرقان اللَّذَان فِي صدغيه شديدي الانبساط غير مستقرين الْبَتَّةَ ولونه حَائِل وَنَفسه متزايد وسعال يَابِس فتوفع خراجا فِي مفاصله.
(5/143)
وَأكْثر من يحدث لَهُ الْخراج يكون وَجهه فِي مَرضه أَحْمَر مفرطا وَيكون مِمَّن لَونه أَبيض.
قَالَ ج: وَأَنت تَجِد بِالْحَقِيقَةِ الْوَجْه بَاقِيا على الْحمرَة فِي أَكثر مَرضه سليما ويدمن وَهَؤُلَاء هم الَّذين يخرج بهم الْخراج خَاصَّة فَإِن حمرَة الْوَجْه تكون أَزِيد إِذا كَانَ الْخراج مزمعا أَن يكون فِي أصل الْأذن وَيكون أظهر وَأبين إِذا كَانَ اللَّوْن بالطبع أَبيض وَذَلِكَ أَن الْأدم إِن كثر الدَّم فِيهِ لَا يظْهر كظهوره فِي الْأَبْيَض فجملة القَوْل على هَذَا: إِن الَّذين وُجُوههم مفرطة الْحمرَة ومرضهم طَوِيل عَظِيم يكون انقضاؤه بخراج اللَّهُمَّ إِلَّا يحدث رُعَاف فيستفرغ الْفضل الَّذِي كَانَ مزمعا أَن يحصل فِي بعض المفاصل.
فَأَما من كَانَت هَذِه حَاله وَلم يرعف أصلا أَو إِن رعف كَانَ قطرا يَسِيرا فَإِنَّهُ يخرج بِهِ خراج فِي مفاصله وَيكون الْوَجْه أَشد حمرَة.
وَإِن كَانَ الْخراج مزمعا أَن يكون فِي الأعالي إِذا بَقِي بعد الانقلاع أَعنِي انقلاع الْحمى أَن يكون عَطش واختلال الشَّهْوَة وضجر وتقلب وجفوف الْفَم وَنَحْو ذَلِك من أَعْرَاض الْمَرَض فإمَّا أَن)
يعاود الْمَرَض وَإِمَّا أَن يكون أأتمام إقلاعه بخراج.
الحميات الحادة يكون فِي الْأَكْثَر فِيهَا انْقِضَاء تَامّ ببحران استفراغ يجْرِي ظَاهرا وَأما الساكنة الهادئة فَإِنَّهَا تطول ثمَّ تسكن سكونا غير تَامّ وَتبقى مَعهَا أَعْرَاض ثمَّ تعاود أَيْضا فَيَأْتِي فِيهَا بحران ثَان رَدِيء يَأْتِي باندفاع الْفضل إِلَى بعض الْأَعْضَاء فَيكون حِينَئِذٍ الِانْقِضَاء تَاما.
بحران البلغم الزجاجي يكون كثيرا بالبول وَالْبرَاز الشبيه بالمنى إِذا حدث وَقت البحران ورم عِنْد الْأذن ثمَّ ضمر من غير أَن يتقيح فَإِن شَأْن الْحمى المعاودة وَرُبمَا عَادَتْ أَيْضا تِلْكَ الأورام وَرُبمَا عاودت بعد ذَلِك فِي المفاصل.
الْبَوْل الثخين يبطل كَون الخراجات فَإِن ساعد مَعَ ذَلِك رُعَاف فَهُوَ أولى أَن لَا يكون.
قَالَ: إِذا كَانَ وَجه النَّاقة متهيجا تهيجا مائيا علمت الْعَوام فضلا عَن الْأَطِبَّاء أَن الْمَرَض سيعاود إِن لم يتحققوا فِي التَّدْبِير وأشاروا بالتحفظ وَحسن التَّدْبِير فإمَّا الطَّبِيب فَيجب إِذا رأى تهيجا يَسِيرا فِي الجفن الْأَعْلَى أَن يسْتَدلّ على معاودة الْمَرَض وخليق أَن يكون.
هَذَا الورم إِنَّمَا يكون لضعف الْحَرَارَة الغريزية كَمَا يعرض لجثث الْمَوْتَى وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْضَاء أبقراط قَالَ: الأورام الَّتِي تبقى فِي الجفن الْأَعْلَى وَقد ضمر مَا حولهَا من الورم فِي الْوَجْه تدل على معاودة الأورام الَّتِي فِي طول الجفن ولونها إِلَى الْحمرَة وَهِي مَعَ ذَلِك صلبة جدا سمجة جدا تدل على الْقُوَّة.
الأخلاط قَالَ: اللمع الَّذِي يرَاهُ الْإِنْسَان قُدَّام عَيْنَيْهِ يدل على كَثْرَة الأخلاط فِي الْموضع الَّذِي بَين الجليدي والقرني.
(5/144)
فِي الحميات الإعيائية: إِذا كَانَ الزَّمن والطبع والخلط كلهَا حارة فتوقع خراجا فِي أصل الْأذن فَإِذا لم يكن كَذَلِك فَفِي بعض الْأَعْضَاء السُّفْلى من المفاصل.
لي: الحميات الإعيائية من شَأْنهَا فِي الْأَكْثَر أَن يكون بحرانها بالخراجات وَإِذا كَانَت الأخلاط مَعهَا حادة رقيقَة فالخراج يكون فِي أعالي الْبدن وبالضد وَيَعْنِي بالإعياء الْكَائِن من تِلْقَاء نَفسه كَذَا قَالَ ج: فِي هَذَا الإعياء: إِنَّه الَّذِي يكون من تِلْقَاء نَفسه.
قَالَ فِي هَذِه الحميات: إِذا لم تكن حارة قَوِيَّة مزعجة فالخراجات تكون أَسْفَل وبالضد وَإِذا كَانَ القدمان أَو أسافل الْبدن فِي هَذِه الحميات حارة فَإِن الْخراج يكون أَسْفَل وبالضد.
وَمَتى بقيت من الْمَرَض بقايا فأتعب الناقه يَده أَو رجله أَو أحد أَعْضَائِهِ خرج فِيهِ خراجات)
وَمَتى كَانَ عُضْو قد تقدم لَهُ التَّعَب قبل الْمَرَض فَفِيهِ يكون الْخراج.
وَإِذا كَانَت بعض الْأَعْضَاء ضَعِيفَة أَو رَدِيئَة الْهَيْئَة كَانَ البحران نَحوه كثيرا بالخراج والاستفراغ ويتغير البحران نَحْو عَارض النَّفس فَيكون عِنْد الْفَزع وَنَحْو ذَلِك بالإسهال وَالْبَوْل والقيء وَأما فِي الْوَقْت السرُور المفرط وَالْغَضَب فَيعرض أَن يكون بالعرق.
من كتاب الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: إِذا كَانَ النَّفس مفرطا فِي الأمراط الحادة كَانَ البحران أَبْطَأَ ويستدل على ذَلِك من يبس اللِّسَان وقحل جَمِيع الْجلد وبالضد.
قَالَ ج: الْأَمْرَاض الْيَابِسَة جدا إِمَّا قتالة وَإِمَّا بطيئة البحران.
من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: اللمع قُدَّام الْعين يكون إِمَّا لبخارات كَثِيرَة ترْتَفع إِلَى الرَّأْس من الْمعدة وَإِمَّا لِكَثْرَة دم يترقى إِلَى الرَّأْس.
قَالَ ج: أما صعُود البخارات إِلَى الرَّأْس فتصعد كثيرا مَتى تنَاول الْمَرِيض الْغذَاء فِي غير وقته وَأما الثَّانِي فَيكون لدم كثيرا يمِيل إِلَى الرَّأْس دفْعَة.
قَالَ: وصعود الدَّم إِلَى الرَّأْس دفْعَة يكون بِسَبَب رُعَاف يحدث أَو اخْتِلَاط عقل عَن قريب.
لي: يفرق بَين اللمع الْكَائِن من البخارات واللمع الْكَائِن لميلان الدَّم الْكثير إِلَى الرَّأْس فَإِن الأول لَا امتلاء للعروق مَعَه وَلَا حمرَة كَثِيرَة وَالتَّدْبِير الْمُتَقَدّم إِذا كَانَ مراريا ويبس الْمَرِيض وقحله ومزاج العليل وأضداد هَذِه يدلك على الْكَائِن لميلان الدَّم وَهَذَا يدل على الرعاف وَالثَّانِي قَالَ: اخْتِلَاج الشّفة السُّفْلى يكون للذع شَدِيد فِي فَم الْمعدة وَلذَلِك يدل على الْقَيْء الْكَائِن من أخلاط حارة.
قَالَ: ج: قد يسْتَعْمل الْحمام إِذا احتجنا إِلَى حُدُوث الرعاف وَإِذا لم يُمكن الْحمام لعِلَّة مَا فَإنَّا نسخن الرَّأْس بالنطول.
من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: إِذا كَانَ الْبَوْل نيا زَمَانا طَويلا وَدَلَائِل السَّلامَة مَوْجُودَة فتوقع
(5/145)
خراجا فِيمَا دون الْحجاب وَذَلِكَ أَن مثل هَذَا الْمَرَض يكون عَن خلط غليظ وَلذَلِك يعسر قبُولهَا للنضج.
وَمن شَأْن البحران أَن يَتَحَرَّك فِي هَذِه الْأَمْرَاض بخراج وَأما الَّتِي تكون عَن خلط حَار حريف فبحرانها يكون بالإسهال: فَمَتَى رَأَيْت الْبَوْل قد مكث مُدَّة طَوِيلَة لَا ينضج فَانْظُر فِي أَمر الْقُوَّة فَإِنَّهَا إِن كَانَت قَوِيَّة أمكن أَن يعِيش حَتَّى يكون لَهُ بحران بخراج وبالضد.)
والخراجات فِي الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي يكون فِيهَا خراج يحدث إِلَى جَانب الْأذن للطف الأخلاط وَكَثْرَة الْحَرَكَة وَصِحَّة الْقُوَّة فَأَما فِي البطيئة فَفِي النواحي السُّفْلى من الْبدن لغلط الأخلاط وبردها وَضعف الْقُوَّة وَطول الْمَرَض وَفِي المتوسطة بَين هذَيْن تكون الخراجات فِيهَا فِي الناحيتين وَيجب أَن تعلم إِلَى أَي نَاحيَة تميل سَائِر الدَّلَائِل الدَّالَّة على الخراجات.
قَالَ: حُدُوث الشَّيْء إِن كَانَ فِي يَوْم البحران فَلَيْسَ يعلم على الْحَقِيقَة أمحمود هُوَ أم مَذْمُوم إِلَّا من حَال العليل بعد فَإِنَّهُ إِن كَانَ أخف كَانَ مَحْمُودًا وبالضد.
قَالَ: فَإِن اتّفق أَن يَنْقَضِي ببحرانه كَائِن فِي الْيَوْم السَّادِس من الْمَرَض فَلَا يكون ذَلِك فَإِنَّهُ يعود لَا محَالة أبقراط يضع: إِن أول أَيَّام البحران هُوَ الْيَوْم الثَّالِث.
قَالَ: الحميات الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الهدو مَعَ كَمَال دَلَائِل السَّلامَة تَنْقَضِي فِي الرابوع الأول وَالَّتِي مَعهَا دَلَائِل الرداءة والحدة تقتل فِي الرابوع الأول فَأَما الَّذِي يَأْتِي فِيهِ البحران فِي مُدَّة أطول فتقدمة الْمعرفَة فِي أمره فِي أَوله عسر لِأَن أوائلها مشتبهة وَيجب أَن تتفقد الْحَال كل أَرْبَعَة أَيَّام فَإِنَّهُ لن يخفي عَلَيْك إِلَى أَن يمِيل الْفرق بَين الْمَرَض السَّلِيم وَالْقَاتِل إِذا كَانَا قصيرين فِي مدتهما أَو عظمين جدا وَذَلِكَ أَن أَحدهمَا يكون فِي غَايَة السّكُون والهدو وَقلة الإزعاج للطبيعة وَفِي غَايَة الْقرب من الْحَال الطبيعية وَالْآخر فِي حَال تبعد عَن الْحَالة الطبيعية وَفِي غَايَة شدَّة الإزعاج والحدة وإقلاق الطبيعة فَأَما إِذا أزمن الْمَرَض لم تكن التَّفْرِقَة بَينهمَا سهلة وَلَا وَاضِحَة لِأَن دلائلهما لَا تبادر لِأَن الْمَرَض الْقِتَال إِذا كَانَ طَويلا كَانَت دلائله الرَّديئَة أَضْعَف وأهدا وأسكن وَأَقل وَكَذَا الطبيعة وخروجها عَنْهَا وَلَوْلَا ذَلِك لم يزمن بل يقتل سَرِيعا.
وَالْمَرَض السَّلِيم الَّذِي لَا يَمُوت صَاحبه مِنْهُ إِذا كَانَ مزمنا كَانَت دلائله الجيدة أَضْعَف دلَالَة على الْخَلَاص وَلم يكن فِي غَايَة الْقُوَّة والظهور وَلَوْلَا ذَلِك لم يزمن بل كَانَ يبرأ سَرِيعا فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تتفقد الْحَال فِي المزمنة مَعًا قَلِيلا قَلِيلا فَمَتَى قربت من البحران فِي كل رابوع فَإِنَّهُ بذلك يعلم كَيفَ الْحَال فِيهِ وأسليم هُوَ أم قَاتل.
قَالَ: وَيجب أَن تحسب لمعْرِفَة بحران علل النُّفَسَاء من يَوْم ولدت لَا من يَوْم حمت.
قَالَ: أقصر الْأَمْرَاض هُوَ الَّذِي يَجِيء بحرانه فِي الرابوع الأول ثمَّ الَّذِي فِي الثَّانِي ثمَّ الَّذِي فِي الثَّالِث ثمَّ فِي الرَّابِع ثمَّ فِي الْخَامِس ثمَّ فِي السَّادِس والرابوع السَّادِس يكون فِي الْعشْرين يَوْمًا.
(5/146)
لي: وَذَلِكَ أَن الرابوع الرَّابِع بعده إِلَى أَرْبَعَة عشر وَالْخَامِس الثَّامِن عشر فَيكون الْعشْرُونَ من)
الرابوع السَّادِس لِأَنَّهُ يحْسب الأسبوعان الْأَوَّلَانِ منفصلين وهما إِلَى الرَّابِع عشر والأسبوع الثَّالِث مُتَّصِل وَهُوَ أَن يَبْتَدِئ بعدده من الرَّابِع عشر وَيَنْتَهِي فِي الْعشْرين والأرابيع أنصافها فَيكون الرابوع الأول وَالثَّانِي السَّابِع وَالثَّالِث الْحَادِي عشر وَالرَّابِع الرَّابِع عشر وَالْخَامِس السَّابِع عشر وَالسَّادِس الْعشْرُونَ.
قَالَ ج: فَإِذا جَازَت الْأَمْرَاض هَذَا الْحَد ضعفت الأرابيع فحسبت حركاته على الأسابيع وَفِيه تكون حركات البحران فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان ضعفت أَيْضا الأسابيع لِأَن حَرَكَة الْمَرَض تكون بطيئة جدا فحسبت على الأدوار التَّامَّة وَهِي العشرونات ثمَّ تنْتَقل إِلَى الشُّهُور ثمَّ إِلَى السنين قَالَ أبقراط: من سكنت حماه من غير أَن تظهر فِيهِ عَلامَة دَالَّة على انْقِضَاء الْمَرَض وَلَا فِي يَوْم باحوري فتوقع عوده حِينَئِذٍ.
قَالَ ج: الْأَمْرَاض الَّتِي تسكن من غير سَبَب يُوجب ذَلِك فَإِنَّهَا تعود وَإِن كَانَ سكونها فِي يَوْم باحوري من طَالَتْ حماه وَهِي سليمَة وَلَيْسَ بِهِ ألم من التهاب أصلا وَلَا من سَبَب آخر فتوقع لَهُ خراجا فِي مفاصله وخاصة فِي السُّفْلى لِأَن هَذِه الأخلاط فِيهَا غَلِيظَة بَارِدَة فميلها وَدفع الطبيعة لَهَا نَحْو السُّفْلى وَلَيْسَت مقلقة فَيكون خُرُوجهَا بإسهال وَنَحْو ذَلِك فَيحصل أَن يكون بخراج فِي المفاصل السُّفْلى فَإِن كَانَ العليل شَابًّا فيلكن توقعك للخراج أقل وللاستفراغ بالبول وَبِغَيْرِهِ أَكثر لِأَن حرارة المزاج تميل الدّفع نَحْو الاستفراغ الغريزي.
الاستفراغ يتَوَقَّع فِي الْأَمْرَاض إِلَى دون الْعشْرين أَكثر فَإِذا جَاوَزت الْعشْرين فالخراجات.
وَفِي الْأَمْرَاض الساكنة: وَإِذا كَانَت فِي الْمَشَايِخ فتوقع الْخراج أَيْضا ضَعِيفا وَذَلِكَ أَنه يحْتَاج فِي الْخراج أَيْضا إِلَى توَسط من الْقُوَّة وَبَعض المهيج من الْخَلْط وَالْقُوَّة فِي هَؤُلَاءِ ضَعِيفَة والخلط سَاكن فيميل الْأَمر إِلَى أَن يكون بالتحلل الْخَفي.
وَأما الْمَشَايِخ فَقل مَا تحدث بهم فِي أمراضهم خراجات لَكِنَّهَا تَنْقَضِي بالتحلل فِي زمَان طَوِيل فتوقع مثل هَذِه الخراجات فِي الحميات الدائمة لِأَن الحميات الدائمة إِذا طَالَتْ وَكَانَت هادئة لينَة فَإِن رَأَيْت الحميات قد خلطت فَاعْلَم أَنَّهَا تنْتَقل إِلَى الرّبع وخاصة مَتى صادت ابْتِدَاء الخريف وَاعْلَم أَنه فِي الشتَاء يجب أَن يكون توقعك فِي هَذَا الْوَقْت للخراج أَكثر وَفِي الَّذين فَوْقهم فِي السن فلانتقالها إِلَى الرّبع.
قَالَ: وَاعْلَم أَن الخراجات تكون فِي الْأَمْرَاض فِي الشتَاء أَكثر لِأَن الْغَالِب على الْخَلْط
(5/147)
الْبرد فِي ذَلِك)
الزَّمَان وَيكون سكونها أَبْطَأَ لِأَنَّهُ يحْتَاج فِي سكونها إِلَى أَن ينضج أَو يتَحَلَّل وَبرد الْهَوَاء مَانع من ذَلِك وَتَكون معاودتها أقل وَذَلِكَ أَن المعاودة تحْتَاج إِلَى حَرَكَة وَبرد الزَّمَان يمْنَع من ذَلِك.
وَمن شكا فِي حمى سليمَة صداعا وَرَأى أَمَام عَيْنَيْهِ شَيْئا أسود فَإِنَّهُ مَتى أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده حدث لَهُ قيء مراري فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَكَانَت النواحي السُّفْلى مِمَّا دون الشراسيف مِنْهُ بَارِدَة كَانَ الْقَيْء أسْرع عَلَيْهِ فَإِن تنَاول فِي ذَلِك الْوَقْت طَعَاما أَو شرابًا أسْرع إِلَيْهِ الْقَيْء جدا.
لي: وَهَذَا الصداع والتخييل إِنَّمَا هُوَ من بخار الْمرة الصَّفْرَاء فَإِن الصَّفْرَاء إِذا سخنت سخونة شَدِيدَة تحترق ويرتفع مِنْهَا بخار أسود فَيكون مِنْهُ الصداع والتخييلات الشبيهة بتخييلات من يعرض فِي عَيْنَيْهِ المَاء وَالْفرق بَين هَذَا البخار وَبَين الصاعد من الرئة هُوَ أَن البخار الصاعد من الْمعدة يحس مَعَه بلذع فِي فَم الْمعدة لِأَنَّهَا تحس بلذع تِلْكَ الصَّفْرَاء الَّتِي عَنْهَا يصعد ذَلِك البخار وَأما الصاعد من الرئة فَإِنَّهُ لَا يحس مِنْهُ صَاحب الصداع فِي الصَّدْر بلذع وَذَلِكَ أَن الرئة لَا تحس هَذَا الإحساس فَأَما فَم الْمعدة فَفِي غَايَة الإحساس.
واختلاج الشّفة السُّفْلى أَيْضا يدل على الْقَيْء أَكثر من كل شَيْء وأسرع وَذَلِكَ أَن الطَّبَقَة الدَّاخِلَة من الْمعدة هِيَ الَّتِي تغشى المري وَاللِّسَان وَالْحلق وَجَمِيع الْفَم وكل أَجزَاء هَذِه الطَّبَقَة مُتَّصِلَة فَهِيَ الَّتِي تحرّك الشّفة السُّفْلى إِذا حدث لَهَا لذع فِي فَم الْمعدة من حِدة المرار وَذَلِكَ أَن شَأْن هَذَا المرار أَن يطفو لخفته فِي فَم الْمعدة فَإِن عرض فِي ذَلِك الْوَقْت نافض كل الْقَيْء مَعَ إسراعه غزيرا كثيرا لِأَن النافض فِي أَكثر الْأَمر يحدث فِي الْقَيْء مرار فَإِن تنَاول فِي ذَلِك الْوَقْت طَعَاما أَو شرابًا حدث الْقَيْء أسْرع لِأَنَّهُ يفْسد بذلك المرار وتكثر كميته فَيكون أسْرع للقذف فَيخرج.
وَمن بَدَأَ بِهِ هَذَا الصداع من أَصْحَاب هَذِه الحميات مُنْذُ أول يَوْم حم فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن تشتد بِهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس وَيكون بحرانه فِي السَّابِع فَأَما أَكْثَرهم فَإِنَّهُ يَبْتَدِئ بهم هَذَا الصداع فِي الثَّالِث مُنْذُ حموا ويشتد بهم فِي الْخَامِس ثمَّ يَجِيء البحران فِي التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر.
وَمِنْهُم من يبتدىء بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وينقضي فِي الرَّابِع عشر وَالَّذِي يعم جَمِيع هَؤُلَاءِ أَن يجيئهم فِي السَّابِع مُنْذُ يَوْم يصدعون لِأَن الوجع الَّذِي ابْتَدَأَ فِي الأول جَاءَ هَذَا البحران فِيهِ فِي السَّابِع وَأما الَّذِي ابْتَدَأَ بِهِ الصداع فِي الثَّالِث فبحرانه تَجدهُ بِهَذَا الْقيَاس أَن يكون فِي الْعَاشِر لِأَن)
السَّابِع من الثَّالِث إِلَّا أَن هَذَا الْيَوْم لَيْسَ بِيَوْم بحران فَإِن البحران إِمَّا أَن يتقدمه فَيَجِيء فِي التَّاسِع وَإِمَّا أَن يتأخره فَيَجِيء فِي الْحَادِي عشر بِحَسب حَرَكَة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَ إِلَى الحدة أميل وَاتفقَ للعليل مَا يُوجب ذَلِك مَال إِلَى التَّاسِع وَإِن اتّفقت أضداده فَإلَى الْحَادِي عشر.
(5/148)
وَيَوْم التَّاسِع وَهُوَ يَوْم بحران إِذا لم يكن شَأْن الْمَرِيض أَن يَأْتِي بحرانه فِي الأرابيع والأسابيع لَكِن فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط.
وَأما الَّذِي يبتدىء بِهِ الصداع فِي الْخَامِس فيمتد إِلَى الرَّابِع عشر لِأَن الْحَرَارَة فيهم أسكن وَدَلِيل ذَلِك تَأَخّر الصداع وَالسَّابِع من الْخَامِس هُوَ الثَّانِي عشر إِلَّا أَنه لَا يُمكن حُدُوث البحران فِي هَذَا الْيَوْم لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَوْم باحوري فَوَاجِب أَن يتَأَخَّر البحران إِلَى الرَّابِع عشر لِأَن طبيعة الْمَرَض سَاكِنة وَذَلِكَ لِأَن الْأَمْرَاض الحادة تميل أبدا إِلَى تقدم البحران والساكنة إِلَى تَأَخره.
وَمن شَأْن هَذَا الصداع أَن يعرض للكملاء فِي جَمِيع حميات الغب لِأَن المرار غَالب فِي هَذِه السن غَلَبَة شَدِيدَة فَأَما الَّذين هم أحدث سنا من هَؤُلَاءِ فَلَيْسَ يعرض لَهُم ذَلِك فِي جَمِيع حميات الغب لَكِن فِي الْخَالِصَة مِنْهَا لِأَن المرار فِي طبيعة هَذِه الْحمى أغلب جدا وَفِي الدائمة أَيْضا لِأَن المرار فِي هَذِه أغلب وأفرط كثيرا.
قَالَ: فَأَما من أَصَابَهُ فِي مثل هَذِه الْحمى صداع وأصابه مَكَان التخييلات الَّتِي أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة وَرَأى أَمَام عَيْنَيْهِ شَبِيها باللمع وأصابه مَكَان الوجع الْفُؤَاد تمدد فِي مَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر من غير تلهب وَلَا وجع فتوقع لَهُ الرعاف وخاصة إِذا كَانَ حَدثا فَأَما من قد ناطح الثَّلَاثِينَ أَو أَكثر فَيكون توقعك للرعاف أقل وتوقع لَهُ الْقَيْء.
وَهَذَا الْكَلَام كُله فِي الحميات السليمة الَّتِي تظهر فِيهَا عَلَامَات السَّلامَة وَيكون البحران فِيهَا باستفراغ وَهَذِه هِيَ الدَّلَائِل الثَّانِيَة تدل على رُعَاف لِأَنَّهَا عَظِيمَة الدّلَالَة على ميل الأخلاط نَحْو الرَّأْس فَإِذا رَأَيْت جَمِيع دَلَائِل الرعاف كلهَا أمكنك أَن تَقول: برعاف يكون هَذَا البحران أَو بقيء وخاصة مَتى ضممت إِلَى ذَلِك دَلِيلا من الاستفراغ الْمَأْخُوذ من النبض فَإِن هَذَا الدَّلِيل يتَقَدَّم حُدُوث الرعاف لَا محَالة يَعْنِي دَلِيل النبض الدَّال على الرعاف.
عَلَامَات البحران: البحران يكون بالعرق والإسهال والرعاف والقيء والخراجات وينذر بِهِ النافض.
الْفُصُول: والصداع الْعَارِض بَغْتَة من غير عِلّة توجب ذَلِك.)
والخفقان والتشنج فِي مَا دون الشراسيف من وجع والسهر الشَّديد والقلق والاختلاط وَتقدم النّوبَة والدموع والحمرة فِي الْوَجْه وَالْعين واختلاج الشّفة السُّفْلى والخيالات أَمَام الْعين والحمرة فِي الْأنف وحكة فَهَذِهِ كلهَا تنذر بِتَغَيُّر سريع يحدث للْمَرِيض وَإِذا ظَهرت بعد النضج دلّت على تغير جيد وَحسن حَال وَمَتى ظَهرت قبل النضج دلّت على بحران ذميم إِمَّا متْلف وَإِمَّا مطول للمرض على قدر قوتها.
وَإِذا كَانَ البحران قد جَاءَ أَو هُوَ مزمع أَن يَجِيء أَو رَأَيْت حَرَكَة الطبيعة حَرَكَة قَوِيَّة يتم بهَا كَون بحران كَامِل فَلَا تحدث حَدثا الْبَتَّةَ وخل بَين الطبيعة وَبَين مَا تريده وَإِذا رَأَيْت أَن
(5/149)
حركتها قد ضعفت وَخفت أَن يكون مَا استفرغته نَاقِصا عَمَّا بِهِ يكمل البحران فَيَنْبَغِي أَن تعين على استتمام مَا تُرِيدُ فعله.
لي: مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَ يُرِيد أَن يكون إسهال وَكَانَت حَرَكَة نَاقِصَة أَعْطيته مسهلا وَإِن كَانَ رعافا خدشت الْأنف دَاخِلا على مَا قد جرت بِهِ الْعَادة لِأَنَّك إِن لم تفعل ذَلِك جلبت البقايا الَّتِي تبقي عودة من الْمَرَض.
قَالَ: والبحران يحْتَاج إِلَى خلال حَتَّى يكون كَامِلا فَأول ذَلِك البحران الْكَائِن بالاستفراغ أفضل من الْكَائِن بالخراج والبحران الَّذِي يستفرغ ذَلِك الْخَلْط نَفسه الَّذِي هُوَ عِلّة الْمَرَض وَالْغَالِب فِي الْبدن أفضل من الَّذِي يستفرغ غَيره من الأخلاط وَالَّذِي يكون استفراغه من الشق الَّذِي فِيهِ الْمَرَض من الَّذِي يكون من الْجَانِب الآخر وَالَّذِي يكون بعقبه رَاحَة من الوجع أفضل من غَيره وَالَّذِي يكون من بعد ظُهُور النضج هُوَ الْمَحْمُود وَالَّذِي يكون فِي يَوْم بحران. فالبحران هُوَ الَّذِي يجب اجْتِمَاع هَذِه الْأَشْيَاء لَهُ حَتَّى يكون بحرانا كَامِلا.
لي: قد أهمل ذكر كمية مَا يستفرغ وَأَنا أرى أَن ملاك الْأَمر كُله ذَلِك وَهُوَ الَّذِي يجب أَن يستتم وَقد ذكر الاستفراغ الَّذِي يكون من خلط غير الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْمَرَض وَأَنا أرى أَن هَذَا لَيْسَ إِنَّمَا يسْتَحق أَن يُسمى بحرانا فَقَط لكنه استفراغ رَدِيء ضار وَأَنا أرى أَن الطبيعة وَهِي مخلاة لَا تقصد إِلَى فعل مثل هَذَا البحران وَلَا أَن تجْعَل الاستفراغ من الْجَانِب الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْعلَّة وَإِذا أردْت أَن تستوفي مَا نقص من البحران النَّاقِص فاستفرغ من الْموضع الَّذِي هُوَ إِلَيْهِ أميل إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك ضَرَر من مروره على عُضْو خطير أَو عليل أَو يكون قد مَالَتْ إِلَى مَوضِع لَا يجب أَن تميل إِلَيْهِ فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يجب أَن تجذبها إِلَى ضد تِلْكَ النَّاحِيَة بِأَن تجْعَل)
الاستفراغ مِنْهَا إِلَّا أَن يكون مَا يحدث عَن مرورها على الْموضع الَّذِي قد مَالَتْ إِلَيْهِ أقل ضَرَرا من نقلهَا عَنهُ فَأَما إِن كَانَ مرورها على الْموضع الَّذِي مَالَتْ إِلَيْهِ أعظم ضَرَرا من ضَرَر الْعلَّة الَّتِي بهَا يكون البحران فأمله عَنهُ وَإِن لم يتهيأ فامنعه أَن يجْرِي مِنْهُ على ذَلِك الْموضع.
قَالَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل البحران تكون حَالَة الْمَرِيض أَشد لِأَن الطبيعة تُجَاهِد وَيكون هَذَا الِاضْطِرَاب بِالنَّهَارِ أَيْضا إِلَّا أَنه بِاللَّيْلِ أَشد وَأما فِي اللَّيْلَة الَّتِي بعد البحران فَيكون العليل على قَالَ: مَتى لم يكن بالبحران ميل الْبدن كُله إِلَى حَال جَيِّدَة أَو رَدِيئَة فَإِن كَمَال ذَلِك التَّغَيُّر يَجِيء فِي الْيَوْم الَّذِي بعده من أَيَّام البحران.
وَأكْثر أمراض الصّبيان المزمنة يَأْتِي البحران فِي بَعْضهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَبَعضهَا فِي سَبْعَة أشهر وَفِي سبع سِنِين وَفِي وَقت نَبَات الشّعْر فِي الْعَانَة فَأَما مَا بَقِي من الْأَمْرَاض فَلَا ينْحل فِي وَقت الإنبات أَو جرى الطمث فَإِنَّهَا تزمن وتطول.
وَمن أَصَابَهُ من الْحمى فِي الْيَوْم السَّادِس من مَرضه نافض فَإِن بحرانه يكون نكلا.
(5/150)
قَالَ ج فِي البحران: إِذا حدث فِي الْحمى النافض لَا سِيمَا المحرقة فَمن عَادَتهَا أَن يَأْتِي بعْدهَا البحران فَإِن كَانَ النافض فِي يَوْم باحوري وَكَانَت أَعْلَام النضج قد ظَهرت كَانَ بحرانا جيدا وَإِن كَانَ فِي الْيَوْم أَو فِي عَلَامَات النضج تَقْصِير لم يكن البحران جيدا وَلَا تَاما.
للبحران فصل قد خبرنَا بِهِ فِي كتاب أَيَّام البحران إِذا كَانَت نَوَائِب الْحمى لَازِمَة لوقت وَاحِد لَا تَزُول عَنهُ فَإِن بحرانها عسر لِأَن لُزُوم النوائب لوقت وَاحِد يدل على تمكن سَببهَا وقوته وَيحْتَاج بذلك إِلَى زمَان طَوِيل وعلاج مُحكم حَتَّى تَنْقَضِي.
من كَانَت حماه إعيائية فَإِن الخراجات تسرع إِلَيْهِ وَأكْثر مَا يحدث لَهُ ذَلِك فِي مفاصل اللحيين لِأَن الخراجات خَاصَّة بحميات الإعياء والحمى تدفع الأخلاط إِلَى الرَّأْس وَإِذا نقه رجل من مَرضه فَأَصَابَهُ فِي مَوضِع من بدنه إعياء فَإِنَّهُ سيحدث بِهِ فِي ذَلِك الْموضع خراج وَإِن كَانَ أَيْضا قد تقدم لَهُ إعياء فِي عُضْو من أَعْضَائِهِ فَفِي ذَلِك الْموضع يحدث بِهِ الْخراج.
وَأي ناقه أتعب شَيْء من أَعْضَائِهِ وَلم يكن بُرْؤُهُ باستفراغ فَإِنَّهُ فِي ذَلِك الْموضع يحدث لَهُ خراج.
الْأَمْرَاض الَّتِي تجَاوز الْأَرْبَعين لَا يكَاد يكون بحرانها باستفراغ بل إِنَّمَا يكون فِي ذَلِك فِي الْأَكْثَر إِمَّا بخراج وَإِمَّا بتحلل خَفِي أَولا أَولا.)
قَالَ: وَأول أَيَّام البحران الثَّالِث وَذَلِكَ أَنه قد يُؤذن فِي الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ أَزِيد حِدة بالرابع وَكَثِيرًا مَا يتَأَخَّر بحران الرَّابِع إِلَى الْخَامِس والعرق فِي الْأَمْرَاض الحادة يكون فِي الثَّالِث وَالْخَامِس أَكثر مِمَّا يكون فِي الرَّابِع وَلَا يكَاد يكون بحران هَذِه الْأَمْرَاض الحادة فِي الرَّابِع إِلَّا أَن يكون فِي الندرة.
وَقد علمنَا أَن البحران يكون فِي أَيَّام النوائب وَالَّتِي تنوب فِي الْأَفْرَاد بحرانها أسْرع وَلذَلِك إِذا كَانَ الْمَرَض مزمعا أَن يطول دارت نوائبه فَصَارَت فِي الْأزْوَاج وَقل مَا يُوجد الْعرق فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثِينَ وَالسَّابِع وَالْعِشْرين.
أَكثر مَا يكون بحران الغب الْخَالِصَة فِي الثَّالِث عشر وَلَا تنْتَظر الرَّابِع عشر لِأَن الدّور السَّابِع لم وَقد تفقدنا بحارين الحميات النائبة فَوَجَدْنَاهَا تكون على حسب النوائب كَمَا تكون الدائمة على حِسَاب الْأَيَّام فَيكون بحران الغب وَالرّبع فِي سَبْعَة أدوار على نَحْو مَا يكون بحران الْمَرَض الحاد فِي سَبْعَة أَيَّام وَرُبمَا جَاوز كَمَا تجَاوز الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي هِيَ أقل حِدة فَيصير إِلَى أَيَّام أخر فَتَصِير هَذِه أَيْضا إِلَى أدوار أخر وَرُبمَا تقدم ذَلِك كَمَا تتقدم الْأَمْرَاض الحادة أَيْضا قبل السَّابِع.
لي: هَذَا يكون يكون بِحَسب حركتها وحدتها فِي نَفسهَا كَمَا أَن الْأَمْرَاض الحادة إِنَّمَا تتقدم وتتأخر بِحَسب ذَلِك.
(5/151)
(الْبَوْل) 3 (يطْلب فِي بَاب الْبَوْل أَشْيَاء يحْتَاج إِلَيْهَا) من يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي شَيْء من مفاصله فقد يتَخَلَّص من ذَلِك الْخراج ببول كثير غليظ يبوله فَإِن رعف كَانَ ذَلِك أدل على أَلا يكون بخراج لِأَن الطبيعة إِذا قويت على أَن تدفع الْفضل باستفراغ ظَاهر لم تَدْفَعهُ بالخراج والرعاف أقوى على ذَلِك من الْبَوْل والنفض الَّذِي يكون بالرعاف أقوى من الَّذِي يكون بالبول. 3 (من مسَائِل قسطا فِي البحران) أفضل أَيَّام البحران كلهَا السَّابِع وَالرَّابِع عشر ثمَّ التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالْعشْرُونَ وَبعدهَا السَّابِع عشر وَالْخَامِس وبعدهما الرَّابِع وَالثَّالِث وبعدهما الثَّامِن عشر.
أشر أَيَّام البحران السَّادِس ثمَّ الثَّامِن ثمَّ الْعَاشِر وَبعدهَا الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر وَالتَّاسِع عشر وَفِيمَا بَين الْأَيَّام المحمودة والمذمومة الثَّالِث عشر وَالْخَامِس عشر.
أفضل الْأَيَّام الَّتِي بعد الْعشْرين السَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَبعدهَا الْأَيَّام الَّتِي بعد الْعشْرين غير هَذِه فَلَا بحران فِيهَا الْبَتَّةَ.
3 - (مسَائِل المولودين لثمانية أشهر)
إِن أَيَّام البحران أثاليث وأرابيع فالأثاليث تحسب كلهَا مُتَّصِلَة أَولهَا الْيَوْم الثَّالِث ثمَّ الْخَامِس لِأَن الثَّالِث يحْسب أول الأثلوث الثَّانِي ثمَّ السَّابِع لِأَن الْخَامِس يحْسب أول الأثلوث الثَّالِث وَأما الأرابيع فتحسب بِأَن تفصل رابوعات من رابوعين ويوصل رابوعان برابوعين والرابوعان من الْأُسْبُوع الأول يحسبان منفصلين من الرابوعين من الْأُسْبُوع الثَّانِي والرابوعان من الْأُسْبُوع الثَّانِي يحسبان متصلين بالرابوعين من الْأُسْبُوع الثَّالِث وَذَلِكَ أَن آخر الرابوع الثَّانِي من الْأُسْبُوع الثَّانِي هُوَ ابْتِدَاء الأول من الْأُسْبُوع الثَّالِث.
لي: قد بَان أَن الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط هِيَ الأثاليث.
أغلوقلن قَالَ: الصداع الدَّال على البحران هُوَ أَن يحدث فِي ذَلِك الْوَقْت وَيكون مَعَه فِي الرَّأْس والرقبة وجع وَتَكون الشراسيف منجذبة إِلَى فَوق ويعرض للْمَرِيض عسر فِي نَفسه بَغْتَة كَأَن صَدره قد ضَاقَ فَإنَّك بعد هَذِه كلهَا مَتى وجدت نبض الْعُرُوق قد عظم بَغْتَة وَبَقِي على عظمه فَلم ينخفض وَلَا رَجَعَ إِلَى الضعْف فتوقع حُدُوث البحران على الْمَكَان وَإِن وجدت مَعَ النبض مَعَ مَا لم ينخفض قد ازْدَادَ إشرافا وَقُوَّة فتفقد عِنْد ذَلِك وَجه الْمَرِيض فَإِن وجدت موضعا مِنْهُ يختلج أَو رَأَيْت عروق الصدغ تضرب أَو رَأَيْت الْحمرَة زَائِدَة فِي الوجنة وَالْأنف وَالْعين فليزدد رجاؤك قُوَّة. فَإِن جرت من الْعين مَعَ ذَلِك دموع من غير إِرَادَة وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ لمعا وشعاعا ثمَّ رَأَيْته يعبث بِأَنْفِهِ كَأَنَّهُ يحكه فَإِن الدَّم يجْرِي على الْمَكَان وَذَلِكَ أَنه إِذا حك أَنفه مرّة أَو مرَّتَيْنِ انفجر الدَّم على الْمَكَان.
(5/152)
قَالَ: وَمِمَّا يخْتم جَمِيع ذَلِك: الْوَقْت والمزاج وَعَادَة العليل فَإِن كَانَ ربيعا وَهُوَ شَاب وَكَانَ من عَادَته أَن يرعف كثيرا فِي صِحَة ومرضه فليزدد رجاؤك أَنه يرعف وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مرضى ذَلِك الزَّمَان يجيئهم البحران برعاف وَكَانَ العليل قد انْقَطع عَنهُ دم كَانَ يجْرِي مِنْهُ وَنَحْو ذَلِك.
جَوَامِع أغلوقن: الْأَعْرَاض الدَّالَّة على البحران الْعرق والنافض فِي غير وقتهما والصداع الْعَارِض بَغْتَة وضيق النَّفس الْعَارِض بَغْتَة. والأرق والخفقان وتورم مراق الْبَطن بِلَا وجع والاختلاط وَشدَّة القلق وخاصة بِاللَّيْلِ عَن غير سَبَب يُوجب ذَلِك وَتقدم نوبَة الْحمى على غير الْعَادة والرسم وانحدار الدُّمُوع وَحُمرَة الْعين وحركة اللحى والشفة السُّفْلى والتخييلات الَّتِي لَا حَقِيقَة لَهَا بالبصر وَحُمرَة الْوَجْه وأرنبة الْأنف بَغْتَة وورمه.)
من النبض الْكَبِير قَالَ إِذا رَأَيْت النبض الْمُخْتَلف قد أَخذ أَن يكون أَكثر مَا فِيهِ النبضات الشاخصة دَائِما وَنقل المتطأطئة فَاعْلَم أَن الطبيعة قد قهرت الْخَلْط وَعند ذَلِك يقبل النبض إِلَى الاسْتوَاء وَيكون بحران باستفراغ ضَرُورَة فَإِن كَانَت عَلامَة الدَّم كَانَ بالرعاف وَإِن كَانَت عَلَامَات الْعرق فبالعرق وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء فبالقيء وَإِن لم تكن هَذِه فباستفراغ الْبَطن وَإِن كَانَ النبض الْمُخْتَلف من الأَصْل بلغميا وَكَذَلِكَ الْعلَّة فَإِنَّهُ يكون بخراج.
قَالَ: البرَاز وَالْبَوْل اللَّذَان ظهرا فِي ابْتِدَاء الْعلَّة كَانَ أصلح من أَن يظهرا بعد تماديها.
قَالَ فِي أَيَّام البحران: الرعاف إِذا ظهر فِي الرَّابِع عشر دلّ على عسر البحران.
3 - (العلامات الجيدة والرديئة)
مِمَّا يدلك على سرعَة الْبُرْء ظُهُور الدَّلَائِل المحمودة من أول الْأَمر وَيدل على سرعَة الْمَوْت ضد ذَلِك. 3 (فِي أدوار الحميات) وعللها وتحصيلها: الْحَاجة إِلَى تَحْصِيل أدوار الحميات عَظِيم الْعِنَايَة فِي تعرف نوع الحميات وَذَلِكَ أَنه لما كَانَت الحميات إِذا تركبت حدث لَهَا أدوار تشبه أدوار بعض الحميات المفردة.
لم يُؤمن على من كَانَ ينظر فِي تعرف نوع الحميات إِلَى أدوارها فَقَط وَلم يحصل وَيعلم الأدوار الَّتِي تولد الحميات المركبة الَّتِي تشبه أدوار البسيطة: أَن يظنّ بِبَعْض الحميات المفردة أَنَّهَا مركبة وببعض المركبة أَنَّهَا مُفْردَة وَنحن قَائِلُونَ فِي ذَلِك ونلخصه بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَنَقُول: إِن من الحميات مَا يَنُوب كل يَوْم وَمِنْهَا مَا يَنُوب يَوْمًا فيوما لَا وَمِنْهَا مَا يَنُوب يَوْمًا ويومين لَا وَمِنْهَا مَا يَنُوب يَوْمًا وَثَلَاثَة أَيَّام لَا فَهَذِهِ هِيَ الْخمس وَقد ذكره أبقراط أَن مِنْهَا مَا يَنُوب سدسا وتسعا وَقد رَأينَا نَحن حمى تنوب كل شهر يَوْمًا وَحكى لنا من نثق بِهِ أَنه قد تفقد حمى تنوب كل سنة يَوْمًا.
وَالْحَاجة إِلَى تَحْصِيل أدوار الحميات المتقاربة النوائب قَالَ: يَقع فِيهَا الْغَلَط والتشبه بالبسيطة وَنحن نكتب أَولا مَا لحقنا من ذَلِك فِي الْكتب ثمَّ نحصل ذَلِك ونجعله قانونا على
(5/153)
هَذِه الْجِهَة نحصل أَيْضا: كم ضرب من الحميات يُمكن أَن تشتبه أدوارها بدور البلغمية ثمَّ الَّتِي يُمكن أَن تشتبه أدوارها أدوار الغب ثمَّ الرّبع ثمَّ الْخمس وَلَا نحتاج إِلَى مَا جَاوز ذَلِك.
فِي النائبة كل يَوْم: إِن اتّفقت حمتا غب تبتدىء إِحْدَاهمَا فِي يَوْم مُفَارقَة الْأُخْرَى وَإِن كَانَت)
ثَلَاث حميات غب فَإِنَّهُ يكون نوبَة الأولى فِي الثَّالِث ونوبة الثَّانِيَة فِي الرَّابِع ونوبة الثَّالِثَة فِي الْخَامِس وَفِي مثل هَذَا الْيَوْم يكون النّوبَة الثَّالِثَة للأولى فَتكون فِي هَذَا الْيَوْم أَعنِي فِي الْخَامِس حمتان فَتكون أعظم ويتمم ذَلِك مَتى اتّفق ربعان وكانتا مواصلتين أَعنِي أَن تكون النائبة فِي الْيَوْم الثَّانِي تكون النّوبَة الثَّانِيَة للأولى فِي الْيَوْم الرَّابِع والنوبة الثَّانِيَة للثَّانِيَة فِي الْخَامِس فَيكون قد يشبه حمى هذَيْن الْيَوْمَيْنِ حمى نائبة فِي كل يَوْم وَتَكون النّوبَة الثَّالِثَة للأولى فِي السَّابِع والنوبة الثَّالِثَة للثَّانِيَة فِي الثَّامِن هَذَا أَيْضا يشبه بحمى نائبة فِي كل يَوْم وتكن النّوبَة الرَّابِعَة للأولى فِي الْعَاشِر والنوبة الرَّابِعَة للثَّانِيَة فِي الْحَادِي عشر على هَذَا فَإِن كَانَتَا غير متواصلتين أَعنِي أَن يكون بَينهمَا يَوْم أشبه الدّور الأول الغب لِأَن الثَّانِيَة تبتدىء فِي الثَّالِث ثمَّ تنوب الأولى فِي الرَّابِعَة فتشبه فِي هَذَا الْموضع البلغمية وتنوب الثَّانِيَة فِي السَّادِس وَتَكون النّوبَة الثَّالِثَة للأولى فِي السَّابِع فتشبه البلغمية والنوبة الثَّالِثَة للثَّانِيَة فِي التَّاسِعَة فتشبه الغب ثمَّ على هَذَا يَنْبَغِي أَن يتم هَذَا بغاية الْعِنَايَة وَتثبت إِن شَاءَ الله.
لي: هَذَا يجب أَن يعلم لكنه لَا يرجع إِلَى قانون وَإِنَّمَا نَفعه أَن يعلم أَنه إِن حدث دور وَلَا يُمكن أَن يكون لشَيْء من هَذِه التركيبات علم أَنه دور حمى مُفْرد لَكِن التَّعَلُّق بِجِنْس الْحمى من نفس طبعها أولى وأوثق كَمَا وصف ذَلِك ج فِي البحران فَعَلَيهِ فاعمل لِأَن تحصل تِلْكَ الأدوار أَيْضا أحكم فاعمل عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله.
الطَّرِيقَة فِي إحصاء أدوار الحميات: أَن تركيب غبين تبتدىء إِحْدَاهمَا بعد الْأُخْرَى بساعتين لِأَنَّهُ مَتى ابتدأت قبل ذَلِك كَانَت ممازجة ثمَّ تتبدىء بعْدهَا بِثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس إِلَى أَن تَنْتَهِي إِلَى أَربع وَثَلَاثِينَ سَاعَة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَا تقع الممازجة بالنوبة الثَّانِيَة فتحصى أدوار هَذَا بِمَا يشبه من أدوار الحميات ثمَّ ثَلَاث تبتدىء كل وَاحِدَة بعد الْأُخْرَى بساعتين على ذَلِك وتحصى على مَا تَجِيء وحسبك فِي الغب ذَلِك ثمَّ خُذ فِي الرّبع على ذَلِك ربع مَعَ ربع ثمَّ خُذ فِي البلغمية على نَحْو ذَلِك ثمَّ خُذ فِي تركيب الغب وَالرّبع وَفِي تركيب الرّبع والبلغمية ثمَّ فِي تركيبهما مَعًا وَاحِدَة مَعَ وَاحِدَة من أَيهَا شِئْت مَعَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثَة من الْأُخْرَى فَإِذا فعلت ذَلِك فقد اكتفين بِهِ وَلَا تحْتَاج إِلَى أَكثر مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي الْقُوَّة غير متناه مثلا وَلَا تحْتَاج إِلَى الحميات اللَّازِمَة.
وَقَالَ فِي ذَلِك: إِنَّا لما نَظرنَا فِي كَثْرَة مَا فِي أدوار الْحمى من الْأَشْيَاء مِنْهَا: أَن دور كَيْت وَكَيْت يشبه دور كَيْت وَكَيْت يذكر ثَلَاثَة أدوار أَو أَرْبَعَة وَإِن تمسك عَن إحصائها لِأَن
(5/154)
التَّعَلُّق بِنَوْع)
الْحمى من نفس أعراضها أَجود وأسهل من أدوارها وَيَقَع فِي الأدوار تخاليط ومجاورات وممازجات.
من كتاب أدوار الحميات رَأَيْت ج هَهُنَا يذم الَّذين اشتغلوا وكثروا فِي أدوار الحميات وَزعم أَنه إِنَّمَا قَالَ ذَلِك مَا قَالَ فِيهَا للرَّدّ عَلَيْهِم وَبَين أَن الِاشْتِغَال بذلك فضل وَأَنه إِنَّمَا يجب أَن تعرف الْحمى من نوعها لَا من دورها.
قَالَ ابْن ماسويه فِي تعرف الحميات: تعرف الْحمى من دورها جهل وحمق لَكِن تعرف من طبعها لِأَن الأدوار متشابهة.
(5/155)
(أَسبَاب الحميات وعللها الطبيعية)
قَالَ ج فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات: أما الْعلَّة الَّتِي لَهَا يثور بالإنسان حر أَو برد من غي تغير فِي الْهَوَاء وَلَا حَالَة من خَارج توجب ذَلِك فَلَيْسَ الْبَحْث عَنْهَا يسهل يَعْنِي حَال ثوران الْحمى.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات تمثيله بالزبل الَّذِي قد عفن قولا يُوجب مِنْهُ أَن الْحمى تكون من أخلاط فِي الْبدن مستعدة لِأَن تعفن فَإِذا سخن مِنْهَا جُزْء إِمَّا بِسَبَب باد وَإِمَّا من نَفسه لعدم التنفس بلغ غَايَة مَا لَهُ أَن يبلغ فِي الْحَرَارَة ثمَّ أنفش وتنفس فَإِن كَانَ الْفضل كُله هُوَ ذَلِك لم يعاود وَإِن كَانَ من ذَلِك الْفضل شَيْء آخر صَارَت هَذِه الْحمى سَببا لإسخان مَا هُوَ من ذَلِك الْبَاقِي أَشد اسْتِعْدَادًا لسخونة تسخن وتنفش على هَذَا الْمِثَال حَتَّى بَقِي الْفضل.
لي: لَيْسَ يشاكل الْفضل بل مَا لَهُ أَن يعفن.
مِثَال ذَلِك أَن الزبل إِذا عفن وأنفش نقص مِنْهُ مِقْدَار كثيرا وَبَقِي مَا يبْقى كالرماد وَلذَلِك يكون دم المحمومين بعد الْحمى فِي الْأَكْثَر رديئا فَيحْتَاج مِنْهُم خلق إِلَى الفصد.
لي: يحْتَاج أَن يبْحَث عَن عِلّة لُزُوم النوائب لوقت كَيفَ يكون ذَلِك.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من أَيَّام البحران: أما الْعلَّة فِي تكون نَوَائِب الْأَمْرَاض المزمنة إِمَّا كَانَ كل يَوْم وَإِمَّا فِي الرّبع وَإِمَّا فِي الْأَمْرَاض الحادة غبا فَلَيْسَ الْوُصُول إِلَيْهَا يسهل وَأما أَن الْأَمر كَذَلِك فالعيان يشْهد بذلك.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من أَصْنَاف الحميات: إِنَّه يشبه أَن تكون حمى البلغم تنوب كل يَوْم وَحمى الغب فِي ذَلِك تنوب غبا من أجل أَن الْخَلْط المولد للغب إِنَّمَا كَانَ سريع الاشتعال وَكَانَ)
يسهل استفراغ مَا يصير إِلَى حَال الغليان فِي كل نوبَة لوقته حَتَّى ينقى مِنْهُ الْبدن كُله صَارَت تِلْكَ الْحمى تقلع حَتَّى يَتَّقِي الْبدن مِنْهَا نقاء أَكثر فَلَا يبْقى بعد النّوبَة فِيهَا من بقايا الْحَرَارَة العفونية إِلَّا الشَّيْء الْيَسِير فَأَما الْحمى البلغمية فَإِنَّهُ لَا يستفرغ الْبدن فِيهَا كثير استفراغ فَلذَلِك لَا تنقى النَّقَاء التَّام لَكِن يبْقى فِي الْبدن من الشَّيْء الَّذِي قد علمت فِيهِ الْحَرَارَة العفونية كثيرا فَلذَلِك لَا تنقى فتراتها وتسرع كرات نوائبها.
وَأما الرّبع فَلِأَن السَّوْدَاء لما كَانَت بَارِدَة يابسة إِذا اشتعلت صَارَت حارة يابسة فتشتعل اشتعالا تَاما وَلذَلِك يكون فِيهَا استفراغ أَكثر مِمَّا يكون من البلغمية وَيكون فتراتها نقية.
(5/156)
من جَوَامِع أَيَّام البحران قَالَ: الْأَسْبَاب الَّتِي من أجلهَا يتَقَدَّم نَوَائِب الْحمى كَثْرَة الْمَادَّة ورقتها وَضعف الْقُوَّة وَكَثْرَة حسه وبالضد.
من أَصْنَاف الحميات الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: الْأَسْبَاب الَّتِي من أجلهَا تطول النّوبَة كثيرا كَثْرَة الْخَلْط وغلظه وَضعف الْبدن وكثافته وبالضد.
وَقَالَ: إِن الطبيعة تروم دَائِما أَن تشبه من الْغذَاء مَا يصلح لتشبيه بالأعضاء وتقذف بِمَا يكون على خلاف ذَلِك خَارِجا وتخرجه عَن الْبدن فَإِن لم تقدر فِي وَقت من الْأَوْقَات على دفع ذَلِك الشَّيْء الرَّدِيء إِمَّا لغلظه وَإِمَّا للزوجته وَإِمَّا لكثرته وَإِمَّا لضيق فِي المجاري وَإِمَّا لضعف من الطبيعة نَفسهَا فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يعفن ذَلِك الشَّيْء لطول مكثه لِأَن هَذِه لَا يُمكن أَن ترجع فتستحيل وتتشبه بالجسم لِأَنَّهَا بعيدَة الطَّبْع عَنهُ فَيحدث عَن ذَلِك حميات وَلذَلِك صَار أَصْحَاب اليرقان والوسواس السوداوي وَالَّذين يغلب عَلَيْهِم المرار مَتى لم تنق أبنانهم مِنْهَا اشتعلت بهم حميات.
لي: يُمكن أَن تعْمل هَذِه من هَهُنَا قانونا فِي الاحتراس من الحميات.
وَقَالَ: حرارة الْحمى البلغمية تلقى الْبدن على غير اسْتِوَاء بل كَأَنَّهُ ينفذ من مصفى لِأَن لزوجة هَذَا الْخَلْط يتَوَلَّد فِيهَا اخْتِلَاف انفعاله وترققه عَن الْحَرَارَة كَمَا يتَوَلَّد فِي الرطوبات اللزجة من النفاخات عِنْد الطَّبْخ فَيخرج مِنْهَا حِين تَنْشَق فَلذَلِك لَا يكون مُتَسَاوِيا فِي جَمِيع الْمَوَاضِع.
قَالَ: وَإِن فِي أَمر سونوخوس لعجبا إِنَّهَا تبقى مُتَّصِلَة بِحَالِهَا سَبْعَة أَيَّام.
قَالَ: كَمَا أَن النَّار تفنى رُطُوبَة الْأَشْيَاء حَتَّى يبْقى مِنْهَا مَا يبْقى رَمَادا كَذَلِك الأخلاط مَتى عفنت ترق وتلطف من الْحَرَارَة فيتحلل جوهرها كُله ويتبدد فِي الْهَوَاء فِي وَقت مُنْتَهى الحميات)
وانحطاطها وَلَا يبْقى مِنْهَا إِلَّا أَشْيَاء إِن كَانَت غَلِيظَة كَمَا لَا يبْقى من الزَّيْت وَالْخمر فَأَما المائية الرقيقة فَلَا يبْقى مِنْهَا شَيْء أصلا فَإِن لم يجْتَمع أَيْضا شَيْء من هَذِه الْفُصُول أقلعت الْحمى وَإِن اجْتمعت فحمى ثَانِيَة إِلَى أَن نقى كُله.
قَالَ: واجتماع هَذِه الْأَشْيَاء يكون على نَوَائِب لِأَنَّهَا تَجِيء بأقدار مُتَسَاوِيَة من أَمَاكِن مُتَسَاوِيَة بحركات مُتَسَاوِيَة.
قَالَ: السَّبَب فِي اخْتِلَاف طول النوائب وقصرها حَال الأخلاط فِي لزوجتها وغلظها وبرودتها وحرارتها وهيآت النذرة وقوته بِأَن الْفضل الرَّقِيق الْجَارِي فِي الْبدن السخيف الْقوي يتَحَلَّل أسْرع مَا يكون فَتكون النّوبَة على أقصر مَا تكون وبالضد.
وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن بعض الحميات لَا تقلع إِن نوائبها طَوِيلَة فتلحق الثَّانِيَة قبل إقلاع الأولى فتدارك.
لي: هَذَا يُرِيد بِهِ: الَّذِي تشتد نوبَته وَلَا يقْلع وَقَالَ فِي الحميات الْحَادِثَة عَن ورم فِي
(5/157)
بعض الْأَعْضَاء: إِن سَبَب نوائبها أَن تكون إِذا اجْتمعت الفضول إِلَى ذَلِك الْعُضْو وعفنت مرّة والتهبت الْحمى انحل مَا يرق ويلطف فَصَارَت الْحَرَارَة الزَّائِدَة والحمى فِي الْعُضْو سَببا لِأَن يجذب أَيْضا شَيْئا آخر إِلَيْهِ فَإِذا جذب اشتعل أَيْضا حمى وانحل حَتَّى لَا يبْقى فضل يقدر على اجتذابه.
لي: وَهَذَا الْميل يُمكن أَن ينْتَقل إِلَى الْأَعْضَاء الَّتِي بِلَا ورم لِأَن العضل الملبس على الْبدن إِذا حمى مرّة وانحل مَا انحل مِنْهُ يصير ذَلِك سَببا لجذب مَا فِي الْبدن من الْفضل إِلَيْهَا لتحميها ولخلائها لما استفرغ مِنْهَا فَلَا يزَال ذَلِك حَالهَا حَتَّى لَا يبْقى فِي الْبدن إِلَّا مَا لَا تسخن بِهِ الطبيعة فَعِنْدَ ذَلِك تقلع الْحمى.
قَالَ: وَمَا كَانَ من الحميات تنوب بأدورا فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك لِأَنَّهَا تتولد عَن حالات فِي الْأَعْضَاء إِمَّا لِأَنَّهَا تدفع الفضول وَإِمَّا لِأَنَّهَا تجذبها وَكَذَلِكَ كل الْأَمْرَاض الَّتِي تنوب فَأَما الَّتِي تكون بِحَال وَاحِدَة حَتَّى تَنْقَضِي فَلِأَن الأخلاط كلهَا الَّتِي فِي الْعُرُوق الضوارب وَغير الضوارب قد التهبت وسخنت إِمَّا لعفن وَإِمَّا لغير ذَلِك كَمَا يحدث ذَلِك فِي حمى يَوْم فَتحدث حمى وَاحِدَة مطبقة مُتَّصِلَة لَا تزَال بَاقِيَة حَتَّى تنْحَل تِلْكَ الأخلاط أَو تنضج أَو يحدث لَهَا الْأَمْرَانِ جَمِيعًا.
لي: قد بَين ج الْعلَّة فِي النوائب الحميات فَيجب إِن الْتبس عَلَيْك أَن ترجع إِلَى الْكتاب.)
قَالَ: وَأما الأدوار الَّتِي يفْسد نظامها ونوائبها فَإِنَّمَا تكون من انقلاب الأخلاط المولدة للحمى
3 - (جَوَامِع الحميات)
حمى البلغم تطول مدَّتهَا وتسرع كرتها للزَّوْجَة البلغم وكثرته فِي الْجِسْم وَالْغِب بالضد للطافة الْخَلْط وسخونته وَالرّبع تطول مُدَّة نوبتها فِي نوبتها لغلظ خلطها وينقى الْبدن مِنْهَا لِأَنَّهُ يرق لِأَنَّهُ لزوجة فِيهِ وتطول مُدَّة فترته لقلَّة مِقْدَاره وعسر اجتماعه.
لي: وَيَقُول أَصْحَاب الْكتب وَج: إِن الحميات الَّتِي لَا نافض لَهَا هِيَ الدائمة. يكون ذَلِك لِأَن الْمَادَّة محصورة فِي جَوف الْعُرُوق وَيُمكن من هَهُنَا أَن تعلم سَبَب النوائب مَعَ عِلّة مَا قَالُوهُ لِأَن مَا قَالُوهُ لَيْسَ بعلة بعد وَهُوَ أَنه يجب أَن تكون الأخلاط الَّتِي تصير مَادَّة للحمى فضول الأغذية وَتَكون هَذِه بَارِدَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن تكون مرّة الْبَتَّةَ دون أَن تصير دَمًا وَإِذا صَارَت دَمًا لم تكن فضولا لَكِن غذَاء وَإِذا كَانَت هَذِه الفضول الْبَارِدَة لَا يجتذبها العضل الملبس على الْبدن الْبَتَّةَ وَلم تدفعها الطبيعة إِلَيْهِ لَكِن بقيت فِي جَوف الْعُرُوق فَإِن الْعرق لَا يحس ببردها فَإِذا دفعت إِلَى العضل أحس العضل ببردها مُدَّة مَا إِلَى أَن يقبل الاستحالة من الْحر إِلَى الْبرد وَإِنَّمَا تسخن على سَبِيل مَا يسخن غذَاء الْإِنْسَان إِذا سخن فِي
(5/158)
الْجوف بعد حَتَّى يهيج مثل الْحمى فالعضل الملبس على الْبدن أقيم مقَام شَيْء يجذب هَذِه الفضول أَو يقبلهَا ويسخن فِيهِ ويتحلل وَيكون ذَلِك بأدوار الاسْتوَاء لعِلَّة من الْقبُول وَالدَّفْع وَإِنَّمَا يهيج بالإنسان فَهُوَ بِحَالهِ الطبيعية برودة ثمَّ تعقبه حرارة لِأَن حَال عضله الملبس على بدنه فِي تِلْكَ الْحَال كَحال من يتغذى فيبرد أَولا ثمَّ يسخن.
الْخَامِسَة عشر من النبض سَمِعت مِنْهُ كلَاما يجب أَن ألصق هَذَا الْكَلَام بِهَذَا الْموضع: هُوَ أَن الشَّيْء الَّذِي لم يسْتَحل إِلَى جَوْهَر الدَّم فِي الْعُرُوق تَدْفَعهُ الطبيعة أَولا أَولا إِلَى العضل الملبس على الْبدن فَيكون بِمَنْزِلَة الْغذَاء الْوَارِد على الْجِسْم وَهُوَ غير منهضم ثمَّ يَأْخُذ فِي طَرِيق الهضم إِذا سخن فَكَذَلِك هَذَا الشَّيْء الْوَارِد من الْعُرُوق الْغَيْر المنهضم إِذا ورد على العضل أورثه بردا يهويه ثمَّ يَأْخُذ فِي طَرِيق الإسخان والنضج قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ يعقب سخونة.
تسْأَل: لم لَا يَسْتَحِيل الشَّيْء الَّذِي هُوَ حَاصِل فِي الْعُرُوق الطبيعية قبل أَن تصل إِلَى العضل الملبس وَقد بَان فِي هَذَا من كَلَام لَهُ فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ أَن الْعُرُوق لَا تشعر بِهِ فَلَا يحفز الطبيعة إِلَى حَالَته الْبَتَّةَ وَلَكِن الشَّك فِيهِ أَن يُقَال: هَب الْعُرُوق لَا تحس بِهِ أَلَيْسَ كَانَ يجب)
للطبيعة أَن تتحس بِهِ وَهِي الَّتِي أَعْطَتْ العضل الْحَرَكَة والحس وَله أَن يَقُول فِي جَوَاب هَذَا: إِن الطبيعة تشعر بِحَسب الدّلَالَة الَّتِي تكون فِيهَا فشعورها بالعصب قَائِم وبالعروق مَعْدُوم وَكَذَلِكَ بالربط والأوتار لِأَن الْإِجْمَاع وَاقع على أَن الرَّبْط والأوتار لَا حس لَهَا.
الْخَامِسَة عشر من النبض: يبرد الْبدن ثمَّ تشتعل فِيهِ حمى لِأَنَّهُ ينصب إِلَى بَاطِنه خلط بَارِد غَايَة الْبرد كثير حَتَّى يكَاد أَن يطفيء حرارة الْقلب ثمَّ يَأْخُذ الْقلب يعْمل فِيهِ أَولا أَولا حَتَّى يَسْتَحِيل ويلتهب فتلتهب بذلك الْحمى.
أهرن: الحميات اللَّازِمَة تكون لِأَن العفن فِيهَا فِي بعض الْعُرُوق فتصل لذَلِك الْحَرَارَة سَرِيعا إِلَى الْقلب وَأما الثَّانِيَة فَإِنَّهَا لَا يكون مِنْهَا حمى يحمي بهَا الْبدن كُله حَتَّى يصير ذَلِك بإبطاء إِلَى الْقلب.
الأولى من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: كَانَت الحميات حِينَئِذٍ دائمة لِأَنَّهُ لم يكن يتَحَلَّل من الْأَبدَان شَيْء وَقل مَا يتَحَلَّل.
لي: الحميات تطول نوائبها أَو تتصل لعسر التَّحَلُّل أَو لِكَثْرَة الْفضل. وعسر التَّحَلُّل يكون إِمَّا لسَبَب الْفضل نَفسه وَإِمَّا لسَبَب الْبدن.
لي: يكْتب من أدوار الحميات مسَائِل حنين فِي علل الحميات.
لي: ابْن ماسويه قَالَ: علل الحميات فِي أدوارها ونوائبها تخْتَلف إِمَّا من أجل الأخلاط أَنْفسهَا وَإِمَّا فِي كيفيتها وَإِمَّا فِي كميتها وَإِمَّا من حَال الْبدن فِي سخافته وكثافته والمواضع المحصورة مِنْهُ إِمَّا فِي كيفيتها فَإِذا كَانَت رقيقَة أَو غَلِيظَة لزجة أَو كَانَت حارة سهلة الاشتعال أَو بَارِدَة أَو سريعة للمواطاة للعفن أَو بطيئة وَأما من الكمية فَإِذا كَانَت قَليلَة
(5/159)
الْمِقْدَار فِي الْبدن فِي أصل التَّرْكِيب أَو كَثِيرَة وَإِمَّا من الْمَوَاضِع فَإِذا كَانَت فِي دَاخل الْعُرُوق أَو فِي العضل الملبس على الْعِظَام أَو كَانَ الْبدن سخيفا أَو كثيفا. يحول إِلَى مَا هَهُنَا علل فِي كتاب أدوار الحميات.
لي: قد وَقع الْإِقْرَار من الْأَطِبَّاء أجمع بِأَن النبض المنضغط يلْزم ابْتِدَاء الحميات العفنية وَقد يكون مثل هَذَا النبض عِنْدَمَا يثقل شَيْء على فَم الْمعدة وَعند مَا يمتلىء الْإِنْسَان من الطَّعَام أَو يشرب مَاء بَارِدًا فيبرد فَم معدته أَو يضمد بِشَيْء بَارِد فَيعلم من هَهُنَا أَن السَّبَب فِي الْحمى هُوَ أَن خلطا بَارِدًا ليصل بالعضل فِي الْمُفَارقَة فيبرد الْجِسْم ويضغط النبض ثمَّ يبتدىء يسخن من الْحَرَارَة كالحال فِي الْغذَاء سَوَاء فَإِن الْأكل يبرد أَولا ثمَّ يسخن إِلَّا أَن فضل هَذَا الْخَلْط على)
الْغذَاء فِي كيفيته ومنافرته كثير وَلذَلِك يكون تبريده وتسخينه كثيرا جدا لِأَنَّهُ إِذا سخن يكون عفنا قَوِيا وَالسَّبَب أَنه بدورانه يبرز من هَذَا الْخَلْط شَيْء من الْعُرُوق الْكِبَار إِلَى الصغار الَّتِي فِي العضل فَيحدث النافض ثمَّ يسخن ويتحلل وَيبْطل ثمَّ يبْقى الْبدن حَتَّى يبرز أَيْضا من الْعُرُوق الْكِبَار إِلَى الصغار مثل ذَلِك فَيحدث الْبرد ثمَّ على ذَلِك ويسهل البروز ويعسر بِحَسب غلظ الْخَلْط وكثرته فَلذَلِك تخْتَلف النوائب وَلذَلِك يكون أَيْضا نوائبها لَا نوبَة كَمَا يكون فِي المطبقة لِأَن هُنَاكَ إِذا وَقعت السخونة مرّة لم تفارق حَتَّى تَأتي على آخِره وَهَهُنَا السخونة وَإِذا لَقينَا الْكتاب فِي الحميات فصرنا إِلَى هَذَا الْبَاب يَقُول فِي صَدره: إِن هَذَا الْبَاب إِنَّمَا يَقُوله لَا إِنَّه برهَان وَلكنه قَول يقنع إقناعا مَا ورأينا ذكره أصلح.
لي: قد ذكر جالينوس فِي الثَّانِيَة من أَصْنَاف الحميات كلَاما بَان مِنْهُ أَن الغب والبلغمية وَالرّبع لَيْسَ إِنَّمَا يعرف دورها من الْأَيَّام لِأَنَّهُ قَالَ: قد تكون حميات تنوب أَرْبعا وَعشْرين سَاعَة وتفتر مثلهَا وسماها غبا وتنوب أَيْضا ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ سَاعَة فعلى هَذَا الْحمى البلغمية إِنَّمَا هِيَ أقصر الحميات فَتْرَة وَالرّبع أطولها وَالْغِب أوسطها فَالْعَمَل على هَذَا فَقَط لَا غير يجب أَن تنظر: هَل صَحِيح أَن أَصْنَاف الحميات ثَلَاثَة على مَا يَقُول جالينوس وَكَذَلِكَ على جَمِيع مَا فِي كتاب الحميات بِلَا برهَان وَكَذَلِكَ فِي الْعلَّة يبرد الْإِنْسَان ويسخن بِلَا شَيْء من الْحَوَادِث حَتَّى ينتفض مرّة ويعرق أُخْرَى.
فِي أَيَّام البحران تحصل فِي مَوضِع الْبيَاض قُوَّة الْأَيَّام عَلَيْك بِاخْتِصَار حنين لهَذَا الْكتاب فَخذه على وَجهه فَإِنَّهُ مصلح بَالغ.
الْمقَالة الأولى من كِتَابه قَالَ: وَقد يكون البحران فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض إِلَّا أَن بَينهَا فِي الْعدَد يَعْنِي فِي كثير مَا يكون فِيهَا وَفِي الصِّحَّة فرقا كثيرا وَذَلِكَ أَن بعض أَيَّام الْمَرَض يكثر فِيهِ نوع كَون البحران وَبَعضهَا لَا يكون فِيهِ إِلَّا فِي الندرة وَفِي بَعْضهَا إِذا كَانَ البحران فِيهِ كَانَ بحرانا صَحِيحا وَفِي بَعْضهَا غير صَحِيح وَفِي بَعْضهَا جيدا وَفِي بَعْضهَا رديئا
(5/160)
وَفِي بَعْضهَا يكون البحران مَعَ أَعْرَاض أَشد وأصعب وَفِي بَعْضهَا سليما بَرِيئًا من الْأَعْرَاض المخوفة وَيكون فِي بَعْضهَا تَاما وَبَعضهَا مُنْذر بِهِ وَبَعضهَا يكون البحران فِيهِ غير مُنْذر بِهِ بَغْتَة. من ذَلِك أَن الْيَوْم الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر لم أر مَرِيضا قطّ أَصَابَهُ فِيهِ بحران فَأَما السَّابِع فلست أقدر أحصى كم بحران حميد رَأَيْته فِيهِ فَأَما الْيَوْم السَّادِس فقد يكون فِيهِ فِي بعض الْأَحْوَال بحران لكنه مَعَ أَعْرَاض)
صعبة وخطر شَدِيد جدا وَلَا ينضج أَيْضا وَلَا يتم بل يؤول إِلَى شَرّ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ لم ير أحد من القدماء على كثرتهم بحرانا فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ خلا رجل ذكر أَنه رأى بحرانا فِي الثَّانِي عشر إِلَّا كَانَ رديئا مخوفا غير تَامّ.
قَالَ: إِذا قلت: بحران لم يتم فَإِنِّي أَعنِي بِهِ أَنه بَقِي من الْمَرَض بَقِيَّة وَإِذا قلت لم ينضج فَإِنِّي أَعنِي بِهِ أَن الْمَرَض بقيت مِنْهُ بَقِيَّة كَثِيرَة فيعاود الْمَرَض لذَلِك وَإِذا قلت: بحران غير سليم أَو ذُو خطر فَالَّذِي كَانَت مَعَه أَعْرَاض مخوفة يخَاف على الْمَرِيض الْهَلَاك وَإِذا قلت: بحران غير بَين فَالَّذِي لَيْسَ مَعَه استفراغ بَين ظَاهر أَو خراج بَين ظَاهر وَإِذا قلت: غير مُنْذر بِهِ فَالَّذِي لم يدل عَلَيْهِ يَوْم قبله وَإِذا قلت: بحران رَدِيء فَالَّذِي آلت الْحَاجة فِيهِ إِلَى الْمَوْت وَإِذا قلت: بحران تَامّ أَي الَّذِي لم يبْق من الْمَرَض بعده شَيْء وَإِذا قلت بحران صَحِيح فَالَّذِي لَا يعاود الْمَرَض أحد مَنَافِع أَيَّام البحران أَن لَا يُطلق لمن أَصَابَهُ البحران فِي يَوْم باحوري الرُّجُوع إِلَى مَا اعتاده فِي صِحَّته وَلَكِن يلْزم الحمية كَمَا يُطلق لمن صَحَّ لَهُ البحران فِي يَوْم يَصح فِيهِ البحران الْمُتَقَدّم لجَمِيع أَيَّام البحران فِي الْقُوَّة والشرف الشَّائِع لِأَن البحران يكثر فِيهِ جدا وَيكون تَاما بَينا غير مخوف وَيكون منذرا بِهِ.
وَالرَّابِع ينذر بِهِ فِي الْأَكْثَر بِتَغَيُّر بَين يحدث فِيهِ: إِمَّا فِي الْبَوْل وَإِمَّا فِي النفث وَإِمَّا فِي البرَاز وَإِمَّا فِي الشَّهْوَة وَإِمَّا فِي النهم وَإِمَّا فِي الْحس وَنَحْو ذَلِك.
لي: يَعْنِي زِيَادَة صَلَاح فِي هَذِه.
قَالَ: وَلَا يُمكن أَن يكون البحران الْكَائِن فِي السَّابِع إِلَّا مشاكلا للتغير الْكَائِن فِي الرَّابِع فَإِن كَانَ تغيرا جيدا كَانَ البحران فِي السَّابِع جيدا وبالضد على أَن أَكثر البحران فِي السَّابِع جيد تَامّ وَهَذَا لَهُ خَاصَّة دون سَائِر أَيَّام البحران وَرُبمَا مَاتَ فِيهِ بعض المرضى أَو تغير حَالهم فِيهِ إِلَى مَا هُوَ أشر ثمَّ يموتون فِي أحد أَيَّام البحران الَّتِي بعده.
وَأما السَّادِس فَإِنَّهُ على قدر نقصانه عَن السَّابِع فِي أَكْثَره مَا يكون جِهَة البحران يفرق السَّابِع فِي رداءة البحران الَّذِي يكون فِيهِ وَكَانَ طبعه ضد السَّابِع وَذَلِكَ أَن أَكثر المرضى الَّذين يموتون يتَغَيَّر أَحْوَالهم فِي الرَّابِع إِلَى مَا هُوَ أشر ثمَّ يموتون فِي السَّادِس وَإِن اتّفق فِي الندرة أَن يكون تغير مَحْمُود فِي الرَّابِع ثمَّ تقدم البحران فجَاء فِي السَّادِس فَإِنَّهُ يَجِيء باضطراب وخطر لَا يقادر قدره وَذَلِكَ أَنه إِن عرض فِيهِ سبات كَانَ شَبِيها بالسكات وَإِن
(5/161)
عرض استفراغ كَانَ مَعَه غثي)
وَبطلَان النبض وَذَهَاب اللَّوْن والرعدة وَسُقُوط الْقُوَّة.
فَأَما فِي السَّابِع فَكلما تزيد الاستفراغ ازْدَادَ العليل رَاحَة وَإِذا كَانَ فِي السَّادِس خرجت من العليل فضول رَدِيئَة مُنْتِنَة فِي أَكثر الْحَالَات. وَإِن أَصَابَهُ عرق لم يكن مستويا شَامِلًا للبدن حارا وَإِن كَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ يَنْقَطِع كثيرا ويكاد كل سَاعَة وَرُبمَا خرج عِنْد الْأذن خراج رَدِيء جدا أَو يرقان أَو خراج آخر رَدِيء يحْتَاج إِلَى جهد من الطبيعة حَتَّى ينْحل.
وَمَتى كَانَ البحران فِي السَّادِس بالبول كَانَ سنجا فِي لَونه رَقِيقا لَا فَسَاد فِيهِ فَإِنَّهُ غير مَحْمُود أَو رُبمَا وجد فِيهِ شَيْء شبه الخزف والرمل وكل مَا فِيهِ غير مستو وَلَا ينضج وَلَيْسَ ينقع من الْبَوْل فِي السَّادِس إِلَّا كثرته فَقَط فَهَذَا أَهْون مَا يعرض فِي السَّادِس إِذا كَانَت حَال العليل تؤول إِلَى السَّلامَة.
وَأما أَكثر من يصيبهم فِيهِ البحران فبعضهم يصير إِلَى الغشي وَبَعْضهمْ يختنق بِدَم يجْرِي مِنْهُ دفْعَة أَو باستفراغ آخر مجاوز للاعتدال أَو بِسُكُون أَو بجنون وَرُبمَا هلك بيرقان يعرض لَهُ أَو خراج تَحت الْأذن أَو ذبول مقعر يصير إِلَيْهِ وَلَيْسَ شَيْء من الْأَوْقَات الْعَظِيمَة إِلَّا وَقد يعرض فِي وَمَا أَنا أشبه السَّابِع إِلَّا بِالْملكِ الْعَادِل وَذَلِكَ أَنه يشفق على من يحكم عَلَيْهِ وَإِن لَزِمته عُقُوبَة حرص على أَن ينقص شدتها ويهونها وَإِن وَجب لَهُ حق قوي أمره. وَأما السَّادِس فَهُوَ يشبه السُّلْطَان الغشوم المريد أَن يهْلك من يستولي عَلَيْهِ ويشق عَلَيْهِ سَلَامَته ويحتال فِي أَن يتشفى مِنْهُ ويبالغ فِي أَذَاهُ ويحضره فِي حَبسه ليطول عَذَابه.
قَالَ: الْيَوْم السَّادِس عشر وَالثَّانِي عشر ليسَا من أَيَّام البحران لِأَنَّهُ لم ير البحران يكون فيهمَا وَأما الْيَوْم السَّادِس فَإِنَّهُ يَوْم بحران لِأَن البحران يكون فِيهِ إِلَّا أَنه يَوْم بحران رَدِيء فَإِن الْيَوْم السَّادِس تَنْقَضِي فِيهِ الْأَمْرَاض كثيرا إِلَّا أَن الَّذِي يَنْقَضِي فِي السَّابِع أَكثر كثيرا.
والجهة الَّتِي يَنْقَضِي عَلَيْهَا فِي السَّابِع بِخِلَاف الْجِهَة الَّتِي يَنْقَضِي عَلَيْهَا فِي السَّادِس على مَا ذكرت.
قَالَ: لِأَن الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي السَّادِس إِن أوهمك أَنه قد انْقَضى فَإِنَّهُ سيعاود والخطر وخفاء البحران من الْيَوْم السَّادِس وَرُبمَا ينذر بالسادس الرَّابِع كَمَا قلت فَهَذَا جملَة مَا ذكرت قبل.
قَالَ وَالْيَوْم الرَّابِع عشر قريب من طبعه من السَّابِع وَالتَّاسِع أَيْضا وَالْحَادِي عشر وَالْعشْرُونَ قريبَة)
من هَذَا وَالْيَوْم السَّادِس عشر وَالْخَامِس قريبين من هَذِه وَمن بعْدهَا الرَّابِع وَالثَّالِث وَالثَّامِن عشر وكل هَذِه أَيَّام بحران وَلَا تشبه طبيعتها طبيعة السَّادِس. فَإِن اتّفق أَن يعرض بحران فِي الْيَوْم الثَّامِن أَو فِي الْعَاشِر فَهُوَ شبه البحران الْكَائِن فِي السَّادِس وَلَا يكَاد يَنْقَضِي فِي هَذِه الْأَيَّام مرض وَإِن انْقَضى لم يَصح انقضاؤه وَلم يتم وَلَا يؤول إِلَى خير
(5/162)
وَيكون خفِيا غير بَين وَلَا منذرا بِهِ فطبيعة هَذِه الْأَيَّام إِذا غير طبيعة الَّتِي ذَكرنَاهَا قبل.
قَالَ: وَكَانَ الْمَرَض لَا يَنْقَضِي بَغْتَة أَعنِي بِهَذَا أَلا يكون بحران فِي هَذِه الْأَيَّام الَّتِي ذكرتها أَعنِي فِي الْعَاشِر وَالثَّامِن وَذَلِكَ لَا يَنْقَضِي بَغْتَة فِي الْيَوْم الثَّانِي عشر وَالتَّاسِع عشر وَأَنا أرى أَن يوضع فِي مَا بَين الطَّبَقَة الَّتِي ذكرتها الْآن أَعنِي الَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَهِي الثَّامِن والعاشر وَالثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر وَالتَّاسِع عشر وَبَين الطَّبَقَة الَّتِي تقدم ذكرى لَهَا أَعنِي الَّتِي هِيَ أَيَّام البحران وَقد عددتها وَهِي الْمَرَاتِب الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالثَّامِن عشر.
الْيَوْم الثَّالِث عشر لَيْسَ بالساقط كالأيام الَّتِي فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة يَعْنِي الَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَلَا يَنْقَضِي فِيهَا الْمَرَض كَمَا يَنْقَضِي فِي الطَّبَقَة الأولى بَين أَيَّام البحران. فَهَذِهِ حَال اخْتِلَاف الْأَيَّام إِلَى الْعشْرين.
لي: لم يذكر جالينوس الْيَوْم الْخَامِس عشر هَهُنَا الْبَتَّةَ وَلَا حنين فِي مَا اختصر من كِتَابه وَقد ذكرنَا أَمر الْأَيَّام الَّتِي من بعد الْيَوْم الثَّانِي من الْمَرَض إِلَى الْعشْرين.
لي: قد اخْتلف أَصْحَاب الْجَوَامِع والتفاسير فِي تَرْتِيب هَذِه الْأَيَّام وَأَنا كَاتب مَا فِي الْجَوَامِع المفصلة والغير المفصلة ثمَّ قَائِل فِي ذَلِك بِحَسب مَا يَلِيق بِمَا يظْهر من كتاب جالينوس. (تَرْتِيب قُوَّة الْأَيَّام الباحورية وَغير الباحورية) من الْجَوَامِع المفصلة قَالَ: الْأَيَّام الباحورية مِنْهَا مَا لَا يزَال البحران يَأْتِي فِيهَا دَائِما وَمِنْهَا مَا لَا يكَاد البحران يَأْتِي فِيهِ إِلَّا فِي الندرة وَمِنْهَا مَا حَالهَا فِي ذَلِك حَال وسط وَأما الْأَيَّام الَّتِي يكون فِيهَا البحران دَائِما فَفِي الطَّبَقَة الأولى بِمَنْزِلَة السَّابِع وَالرَّابِع عشر وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة التَّاسِع وَالتَّاسِع عشر وَالْعِشْرين وَمِنْهَا من الطَّبَقَة الثَّالِثَة بِمَنْزِلَة السَّابِع عشر وَالْخَامِس وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة بِمَنْزِلَة الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّالِث وَالثَّامِن عشر. وَأما الْأَيَّام الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الندرة فَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الطَّبَقَة الأولى بِمَنْزِلَة الْيَوْم الْخَامِس وَالسَّادِس وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة الْيَوْم الثَّامِن وَالْيَوْم الْخَامِس عشر وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة بِمَنْزِلَة الثَّانِي عشر. وَأما الْأَيَّام الَّتِي حَالهَا وسط بَين ذَلِك فاليوم الثَّالِث عشر وَالْيَوْم السَّادِس عشر.
لي: هَذَا يُرِيد بقوله: الْأَيَّام الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الندرة الْأَيَّام الْغَيْر الباحورية وَقد غلط على هَذَا فِي مَوضِع وَذَلِكَ أَنه رتب الثَّالِث عشر مَعَ السَّادِس عشر وَالسَّادِس عشر هُوَ الْيَوْم الَّذِي رتبه جالينوس مَعَ الثَّانِي عشر فَقَالَ فِيهِ: أما أَنا فَلم أر أحدا قطّ أَصَابَهُ بحران فِي الْيَوْم الثَّانِي عشر وَلَا فِي الْيَوْم السَّادِس عشر وَأما الثَّالِث عشر فَقَالَ فِيهِ جالينوس: إِنَّه متوسط بَين
(5/163)
قَالَ: وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة الْيَوْم التَّاسِع وَالتَّاسِع عشر يعده جالينوس فِي الْأَيَّام الَّتِي لَا يَأْتِي فِيهَا بحران.
قَالَ: وَأما الْأَيَّام الَّتِي يَأْتِي فِيهَا بحران فِي الندرة فَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الأولى وَهِي الْخَامِس وَالسَّادِس وَهَذَا خلاف عَظِيم لج وَذَلِكَ أَنه يَقُول: إِن الْأَيَّام الْغَيْر الباحورية أَشدّهَا فِي هَذِه الطَّبَقَة يَعْنِي بِهِ أَلا يَأْتِي فِيهَا بحران الْخَامِس وَالسَّادِس وجالينوس قد رتب الْخَامِس فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة من طَبَقَات أَيَّام البحران وَبعده بطبقتين من طَبَقَات أَيَّام البحران فضلا عَن أَن يكون فِي الطَّبَقَة الأولى من الْأَيَّام الباحورية وَالْيَوْم السَّادِس فقد شهد جالينوس أَنه من الْأَيَّام البحران مَرَّات فضلا عَن أَن يكون من الْأَيَّام الباحورية فِي أَعلَى الطَّبَقَات.
وَقَالَ فِي المفصلة: الْأَيَّام مِنْهَا أَيَّام بحران وَمِنْهَا أَيَّام إنذار وَمِنْهَا وَاقعَة فِي الْوسط فَأَما أَيَّام البحران الصَّحِيح فالرابع وَالسَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَالسَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ. وَأما الْوَاقِعَة فِي الْوسط فالثالث وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع وَالثَّالِث عشر وَالْخَامِس عشر وَأما المنذرة فالرابع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر ينذر بِثَلَاثَة أَيَّام وَالسَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد)
وَالْعشْرُونَ.
وَقَالَ صَاحب الْجَوَامِع الْغَيْر المفصلة: إِن من أَيَّام البحران أقواها وأحمدها وأسلمها السَّابِع قَالَ: ثمَّ من بعد هَذِه الْأَيَّام الَّتِي تقع فِيمَا بَين هَذِه.
قَالَ: وَإِنَّهَا يَعْنِي بِالْأَيَّامِ الَّتِي تقع فِيمَا بَين هَذِه الْأَيَّام الَّتِي يتَقَدَّم فِيهَا البحران أَو يتَأَخَّر عَن هَذِه يَوْمًا وَهِي إِمَّا عَن الْيَوْم الرَّابِع فالثالث وَالْخَامِس وَإِمَّا عَن الْيَوْم السَّابِع فالسادس وَالثَّامِن وَإِمَّا الْيَوْم الْحَادِي عشر فكثيراً مَا يحدث البحران الَّذِي يُرِيد أَن يكون فِيهِ فَفِي الْيَوْم التَّاسِع يحفز الْمَرَض.
قَالَ: وَإِمَّا الْأَيَّام الَّتِي يحدث فِيهَا البحران الْخَبيث المذموم على الْأَمر الْأَكْثَر فالسادس وَهَذَا الْيَوْم كَأَنَّهُ يحارب السَّابِع حَتَّى كَأَنَّهُ بِمَنْزِلَة المتغلب العسوف.
قَالَ: والبحران الَّذِي يكون فِي الرَّابِع عشر لَا يتَأَخَّر إِلَى الْوَاحِد وَالْعِشْرين إِلَّا فِي الندرة وَعند ذَلِك يكون الْمُنْذر بِهِ الثَّامِن عشر.
وَأما الثَّالِث عشر فانه لَيْسَ من الْأَيَّام الَّتِي يكون فِيهَا بحران لكنه أنقص قُوَّة من جَمِيع أَيَّام البحران لِأَن البحران يكون فِيهِ أقل مِنْهُ فِي جَمِيعهَا.
وَأما الْيَوْم الثَّانِي فَلَا يحدث فِيهِ بحران فِي حَال من الْأَحْوَال لِأَن الْقُوَّة تكون فِيهِ بعد قَوِيَّة مُحْتَملَة لَا تبلغ الْعلَّة بهَا إِلَّا أَن تثور وتجاهد.
قَالَ: وَلَا يحدث البحران فِي حَال من الْأَحْوَال فِي الْخَامِس عشر وَلَا فِي السَّادِس عشر وَلَا فِي التَّاسِع عشر على أَن الْخَامِس عشر يَلِي الرَّابِع عشر وَالسَّادِس عشر مُتَقَدم للسابع عشر وَالتَّاسِع عشر للعشرين.
(5/164)
لي: وَهُوَ ألزم للتحفظ إِلَّا أَن فِيهِ خلافًا وتخليطاً وَأَنا قَائِل فِي ذَلِك بِحَسب مَا يتَبَيَّن من رأى جالينوس.
قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّانِيَة فِي أَولهَا إِنَّك إِن تفقدت أَيَّام البحران وجدت أقوى الْأَيَّام الأسابيع ثمَّ بعد ذَلِك الأرابيع ثمَّ الْوَاقِعَة فِي الْوسط كالخامس وَالثَّالِث وَالسَّادِس وَالتَّاسِع.
وَقَالَ: الرَّابِع يَوْم بحران وَإِن كَانَ ضَعِيفا. 3 (تَحْصِيل قُوَّة الْأَيَّام فِي ابْتِدَاء الْمَرَض) قَالَ: الحميات إِذا ثارت دفْعَة فَإنَّا قد رَأينَا قوما كثيرا أكلو وناموا وَلَا قلبة بهم ثمَّ حموا بَغْتَة وَآخَرين دخلو الْحمام وارتاضوا فحموا بَغْتَة فَلَيْسَ فِي أول هَذِه لبس وَلَا مرية وَمِنْهَا مَا يهيج بصاحبها أَولا تكسر وصداع ثمَّ يهيج الْحمى وَهَذِه يجب أَن يُؤْخَذ أَولهَا لَا من حِين بدا الصداع وَنَحْوه لَكِن من حِين بَدَت الْحمى.
لي: أَحسب أَن أول الْمَرَض الْيَوْم وَالْوَقْت الَّذِي يُنكر الْمَرِيض حَاله إنكارا بَينا لَا محَالة شكّ فِي قَالَ: فَأَما أبقراط الَّذِي تفقد هَذِه الْأَشْيَاء أَكثر من جَمِيع الْأَطِبَّاء فَكَمَا ذكر أَن كثيرا من المرضى عرضت لَهُم الْحمى دفْعَة من غير أَن يعرض لَهُم عَارض قبلهَا وَذكر آخَرين عرض لَهُم قبل الْحمى أَذَى وهم يتصرفون فِي أَعْمَالهم كَذَلِك ذكر أَن أَيَّام البحران تكون على حَالهَا إِذا حسب أَولهَا من أول يَوْم عرض الصداع أَو غَيره من الْأَذَى وعَلى حسب هَذَا الِابْتِدَاء أجرت الْأَطِبَّاء أَيَّام البحران.
لي: هَذَا فِيمَا يظْهر يُخَالف لما جمعه حنين من هَذَا الْكتاب فِي هَذَا الْموضع هَذَا القَوْل وَهُوَ الْكتاب الَّذِي طرح عَنهُ حنين الْحجَّاج.
قَالَ حنين: إِنَّه فِي الأَصْل كَذَا وَيكون أبقراط أَنه وجد البحران يكون من أول يَوْم عرضت للْمَرِيض فِيهِ الْحمى لِأَن من أَيَّام يَوْم عرض للْمَرِيض الصداع وعَلى هَذَا الِابْتِدَاء أجرت الْأَطِبَّاء أَيَّام البحران فَهَكَذَا فِي هَذَا الْكتاب وَيُمكن أَن يكون هُوَ الصَّحِيح وَالَّذِي أَحسب أَنه قد يجوز أَن يحْسب الِابْتِدَاء الْيَوْم الَّذِي يعرض فِيهِ الْأَعْرَاض إِذا كَانَت قَوِيَّة وَأَنه على حسب قوتها يكون الْعَمَل وَهَذَا أصح مَا يكون بِهِ الْعَمَل.
قَالَ بعد هَذَا فِي هَذَا الْموضع: لَا نَأْخُذ حِسَاب الْأَيَّام عَن الِابْتِدَاء القياسي لَكِن عَن المحسوس وَقد امتحن أبقراط أَيَّام البحران فِيمَن اضْطجع ضَرْبَة وَفِي من تأذى قبل أَن يضطجع فَوَجَدَهَا غير مُخْتَلفَة وَجعل ابْتِدَاء الْحساب الأول لَيْسَ وَقت أصَاب الْمَرِيض فِيهِ الصداع لَكِن أول وَقت أَصَابَته الْحمى.
لي: هَذَا القَوْل: إِن أَيَّام البحران تصح إِن حسبت مُنْذُ أول يَوْم حدثت فِيهِ الْحمى وَمن أول يَوْم يكون الصداع فِيهِ والأعراض الْأُخَر فَيَقُول حسب أبقراط الْأَيَّام الْأُخَر فِيمَن عرضت
(5/165)
بِهِ بَغْتَة حمى من يَوْم الْحمى وفيمن ظَهرت بِهِ قبلهَا أَعْرَاض من يَوْم ظَهرت وَلَيْسَ فِي اخْتِصَار حنين)
الْحساب الأول الَّذِي من حِين تبتدىء الْأَعْرَاض وَكَانَت تظن أَنَّهَا متناقضة بل إِنَّمَا ذكر فِي ذَلِك الْكتاب: الْيَوْم الَّذِي يحْسب مِنْهُ أول يَوْم يحم لَا الْيَوْم الَّذِي يحس فِيهِ بالأعراض وَلَيْسَ للْآخر ذكر الْبَتَّةَ.
لي: يجب فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تبتدىء فِيهَا أَعْرَاض صعبة ظَاهِرَة قبل ظُهُور الْحمى أَن يحْسب ذَلِك الْيَوْم وَأما الَّتِي تبتدىء فِيهَا الْحمى فَلَا تشك فِيهِ.
والأجود أَن تتفقد الْحساب فِي الأول من حِين بَدَت الْأَعْرَاض وَمن حِين ظَهرت الْحمى وتتفقدهما جَمِيعًا على أَنه إِذا كَانَت الْأَعْرَاض الَّتِي ظَهرت قبل الْحمى قَوِيَّة فَمِنْهَا يجب أَن تحسب الَّذِي تفقدته فَوَجَدته أصح أَن يحْسب ابدأ من حِين يظْهر التَّغَيُّر عَن الْحَال الطبيعية وَإِن لم تكن حمى.
مِثَال أَقُول: إِن رجلا ابتدأت بِهِ حمى فِي السَّاعَة الْعَاشِرَة من النَّهَار فَإِنَّهَا تتفقد فِي الْيَوْم الثَّانِي هَل يُوجد للنوبة ابْتِدَاء محسوس وَكَذَلِكَ فِي الثَّالِث إِن كَانَت تنوب غبا ويتفقد نوبَة الْحمى فِي أَي الْأَيَّام أصعب فِي الْأَفْرَاد أم فِي الْأزْوَاج.
لي: إِنَّمَا يتفقد ذَلِك لِأَن البحران ينذر إِلَى الْيَوْم الأصعب قَالَ فَأَقُول: إِنَّهَا دائمة وَهِي مَعَ ذَلِك تشتد غبا وَإِن النّوبَة اشتدت فِي الْيَوْم الثَّالِث فِي السَّاعَة الْحَادِيَة عشرَة من النَّهَار وَفِي الْيَوْم الْخَامِس من السَّاعَة الأولى من اللَّيْل وعَلى ذَلِك تتأخر كل نوبَة سَاعَة وَكَانَت جَمِيع أَحْوَال هَذَا العليل إِلَى اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة على مِثَال وَاحِد ثمَّ إِنَّه فِي هَذِه اللَّيْلَة أحس بالبول أَكثر مِمَّا كَانَ وَظَهَرت فِيهِ غمامة بَيْضَاء لَا تكون قد ظَهرت قبل ذَلِك فَإِذا رأى ذَلِك طَبِيب هُوَ بِالْحَقِيقَةِ طَبِيب فَإِنَّهُ يَرْجُو رَجَاء قَوِيا أَن يكون انْقِضَاء الْمَرَض فِي الرَّابِع عشر وَقد يعرض كثيرا أَن يتجاوزه وَعلم ذَلِك يعرف من كتاب البحران.
قَالَ: فَاشْتَدَّ الْحمى فِي اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة فِي إِحْدَى سَاعَات تِلْكَ اللَّيْلَة وَإِنَّمَا هِيَ أحد السَّاعَة لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن تتقدم السَّاعَة الَّتِي من عَادَتهَا أَن تَجِيء فِيهَا وَيُمكن أَلا تتقدم إِلَّا أَن الْعَادة قد جرت فِي الْأَكْثَر بِأَن تتقدم.
إِذا كَانَ البحران مزمعا أَن يكون قَالَ: وَليكن فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة صعوبة شَدِيدَة حَتَّى يكون رجاؤك للبحران قَوِيا وَلَيْسَ يُمكن إِذا كَانَت الْحَال كَذَلِك أَن لَا يعرض للعليل بحران جيد فِي الْحمى الَّتِي تنوب فِي الثَّالِث عشر وَلِأَن لَا تدع شَيْئا من غير تَجْدِيد فلتكن فِي هَذِه اللَّيْلَة صعوبة)
من الْمَرَض وَليكن ابْتِدَاء السَّاعَة الثَّامِنَة فِيهَا بنافض صَعب وَلَا يكون ظهر شَيْء من الْأَعْرَاض الَّتِي تلْزم البحران وَليكن النبض مُخْتَلفا فِي نظامه غير مستو لَكِن تكون أَكثر حركاته مشرفة عَظِيمَة قَوِيَّة.
أَقُول: إِن هَذَا الْمَرِيض إِذا انْتَهَت حماه الَّتِي عرضت لَهُ بالنافض مُنْتَهَاهَا ابْتَدَأَ يعرق عرقا مَحْمُودًا وَبَين أَن ذَلِك يُصِيبهُ فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَت الْحمى مِمَّا
(5/166)
أَخَذته فِي السَّاعَة الثَّامِنَة من اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة فعرقه يكون فِي الرَّابِع عشر وَليكن الْمَرِيض كلما استفرغ اسْتَوَى نَفسه وَحسن نبضه وخف بدنه واستراح فيمكث نَهَاره كُله يعرق عرقا كثيرا حارا فِي بدنه كُله مستويا ثمَّ تسكن عَنهُ الْحمى بالعشى سكونا تَاما.
أَقُول: إِن بحران هَذَا الْمَرِيض بحران صَحِيح وَإنَّهُ يجب أَن يغذي قَلِيلا قَلِيلا وَإِن هَذَا لَا يخَاف عَلَيْهِ عودة الْمَرَض لِأَن الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ بحرانه يَوْم بحران صَحِيح وَقد اجْتمعت فِيهِ جَمِيع العلامات الدَّالَّة على البحران وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ قد ظهر فِي الْحَادِي عشر عَلامَة تدل على النضج فَإِنَّهُ وَجب أَن يكون البحران الَّذِي كَانَ فِي الرَّابِع عشر منذرا بِهِ وَلما كَانَت فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة صعوبة من الْمَرَض قبل نوبَة الْحمى وابتدأت الْحمى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة بنافض واضطراب فِي النبض شَدِيد يدل على البحران ثمَّ جَاءَ عرق مَحْمُود كثير فقد وَجب أَن يُقَال: إِن ذَلِك البحران كَانَ بَينا وَلما لم تكن فِيهِ أَعْرَاض يخَاف مِنْهَا وَجب أَن يُقَال لَهُ: إِنَّه سليم وَلما لم يبْق من الْحمى بَقِيَّة وَجب أَن يُقَال: إِنَّه تَامّ وَإنَّهُ جيد وَالَّذِي بَقِي أَن يتَبَيَّن أَنه بحران صَحِيح لَا يعاود فِيهِ الْمَرَض.
وَهَذِه الْمعرفَة تحْتَاج أَن تُؤْخَذ من جَمِيع الْخِصَال الَّتِي ذَكرنَاهَا وَبَعض تِلْكَ الْخِصَال طبيعية الْيَوْم فَإنَّك إِن أفردت جَمِيع هَذِه الْخِصَال على حِدته وتقلب البحران إِلَى الْيَوْم الْخَامِس فِيهِ لم تكن صِحَّته على مِثَال هَذَا وَلَا قَرِيبا مِنْهُ وَإِنَّمَا يُحَقّق صِحَّته البحران يَوْم البحران وَهَذِه مَنْفَعَة أَيَّام البحران.
قَالَ: وَإِن ابتدأت جَمِيع العلامات على حَالهَا وغيرت يَوْم البحران نقص من صِحَة البحران نُقْصَانا كثيرا وَإِن كَانَت العلامات الْأُخَر الَّتِي تدل على البحران غير تَامَّة ثمَّ أضيف إِلَيْهَا يَوْم البحران صَحَّ البحران وَلَو لم يكن لأيام البحران إِلَّا هَذَا فَقَط لِأَنَّهُ يجْتَمع مَعَه أَكثر عَلَامَات البحران وَأَعْظَمهَا أَو كلهَا لقد كَانَ يجب لهَذَا وَحده أَن يُقَال: إِن طبيعة أَيَّام البحران غير طبيعة)
غَيرهَا من الْأَيَّام فَإِذا كَانَت مَعَ هَذَا قد تَتَغَيَّر هِيَ من نَفسهَا على صِحَة فكم بالحرى قد يحب أَن تَقول: إِن طبيعة أَيَّام البحران غير طبيعة تِلْكَ الْأَيَّام الْأُخَر الَّتِي لَا تعين على صِحَة البحران وَلَا تَجْتَمِع مَعهَا كثير من عَلَامَات البحران. قَالَ: أما أَنا فَأرى هَذَا.
قَالَ: وأرجع إِلَى الْمِثَال فِي الْمَرِيض الَّذِي كنت وصفت أَن عَلامَة البحران بَانَتْ فِي بَوْله فِي الْحَادِي عشر ثمَّ أَتَاهُ البحران فِي الرَّابِع عشر فلنضع الْآن: أَن البحران لم يَأْته فِي الرَّابِع عشر وَلكنه جَاوز ذَلِك الْيَوْم إِلَى الْخَامِس عشر ثمَّ ابْتَدَأَ بِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة نافض وأصابه البحران فِي السَّادِس عشر لتعلم علما يَقِينا صِحَة قُوَّة يَوْم البحران.
أَقُول: إِنَّه إِذا كَانَ كَذَلِك لم يعرق الْمَرِيض عرقا مَحْمُودًا وَلم تُفَارِقهُ الْحمى مُفَارقَة صَحِيحَة فِي ذَلِك الْيَوْم فَإِن اتّفق وَذَلِكَ مَا لَا يكَاد يتَّفق وَهُوَ أَن يعرق الْمَرِيض عرقا مَحْمُودًا وتقلع عَنهُ الْحمى فَإِن البحران لَا محَالة يَصح. وَإِن زل ذَلِك الْمَرِيض أدنى زلل عَادَتْ إِلَيْهِ.
(5/167)
ثمَّ لنضع الْآن أَن عَلامَة البحران ظَهرت فِي ذَلِك الْمَرِيض فِي الرَّابِع كَمَا وَصفنَا قبل أَو أَنَّهَا ظَهرت فِي الْحَادِي عشر أَقُول: إِنَّه يجب أَن يتَوَقَّع البحران فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَن النذير فِي الْأُسْبُوع الثَّانِي هُوَ الْيَوْم الْحَادِي عشر وَفِي الْأُسْبُوع الأول الرَّابِع وكما يدل الْحَادِي عشر على الرَّابِع عشر كَذَلِك يدل الرَّابِع على السَّابِع فلتكن نوبَة الْحمى فِي اللَّيْلَة السَّابِعَة فِي السَّاعَة الثَّالِثَة وَليكن النافض والنبض على ذَلِك الْمِثَال وليبتدىء الْعرق فِي آخر اللَّيْل وليلبث الْمَرِيض نَهَاره كُله وَهُوَ الْيَوْم الثَّامِن يعرق عرقا مَحْمُودًا ولتقلع عَنهُ الْحمى نَحْو العشى فَفِي مثل هَذَا الْموضع يجب أَن ينعم النّظر فقد قلت بديا: إِن نوبَة الْحمى أَتَت الْمَرِيض مجيئا تدل على البحران فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة ثمَّ أقلعت عَنهُ الْحمى فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر فَقلت: إِن البحران جَاءَهُ فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر لَا فِي الثَّالِث عشر ووصفت الْآن أَن الْعرق وانقضاء الْعلَّة أَتَيَاهُ فِي نَهَار الثَّامِن.
وَأَنا أَقُول مَعَ ذَلِك: إِن البحران إِنَّمَا أَتَى هَذَا الْمَرِيض فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِي إِيجَاب البحران ليَوْم مَا على مَا تقدم من نوبَة الْحمى وصعوبتها فِيهِ وَلَا فِي ابْتِدَاء الْعرق وَلَا فِي إقلاع الْحمى لَكِن إِن اجْتمعت هَذِه الْخلال الثَّلَاث فَلَا تشك فِي البحران لليوم الَّذِي اجْتمعت فِيهِ فَأَما إِن كَانَت وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فَلَا يجب البحران ضَرُورَة لذَلِك الْيَوْم لَكِن انْظُر حِينَئِذٍ فِي الْأَيَّام المنذرة فَإِذا أنذر الرَّابِع وَالْحَادِي عشر بالبحران ثمَّ كَانَت خلة من خلال البحران فِي السَّابِع أَو الرَّابِع عشر فَأوجب البحران للسابع وَالرَّابِع عشر فَإِن لم يكن البحران فِي السَّابِع وَلَا فِي الرَّابِع)
عشر وَلَا خلة من خلال البحران لَا فِي آخِره وَلَا فِي أَوله فأضف البحران إِلَى الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ البحران كُله فَإِن لم ينذر بالبحران يَوْم كَانَ قبله ثمَّ جَاءَ البحران يَوْمَيْنِ فَانْظُر فِي هَذِه الْأَعْلَام ليستدل بهَا لأي الْيَوْمَيْنِ البحران.
والأعلام هِيَ الْقيَاس أَعنِي قِيَاس الأدوار وطبائع الْأَيَّام وَعدد أَوْقَات البحران وزمان البحران.
أما نظرك فِي قِيَاس الأدوار فَلْيَكُن على هَذَا الْمِثَال: إِن كَانَت الْعلَّة تصعب على الْمَرِيض فِي الْأَفْرَاد فالبحران للفرد وَإِن كَانَ تصعب فِي الْأزْوَاج فالبحران للزَّوْج وَذَلِكَ أَن البحران يكون أَكثر ذَلِك فِي وَقت استصعاب الْحمى.
أما نظرك فِي طبائع الْأَيَّام فَلْيَكُن على هَذَا الطَّرِيق: مَتى شَككت فِي البحران بَين التَّاسِع والعاشر فَإِن وجدت البحران سليما فأضفه إِلَى التَّاسِع وَإِن رَأَيْته نَاقِصا رديئا ذَا خطر فالعاشر أولى بِهِ.
وَأما نظرك فِي عدد أَوْقَات البحران فعلى هَذَا الْوَجْه: أَوْقَات البحران ثَلَاثَة: أَولهَا ابْتِدَاء الدّور الَّذِي يدل مَجِيئه على بحران وَالثَّانِي ابْتِدَاء الشَّيْء الَّذِي بِهِ يكون البحران استفراغا كَانَ أَو غَيره وَالثَّالِث انْقِضَاء البحران فاليوم الَّذِي يحدث فِيهِ وقتان من أَوْقَات البحران فَذَلِك الْيَوْم أولى بالبحران.
(5/168)
وَأما نظرك فِي زمَان البحران فعلى هَذِه الْجِهَة: انْظُر فِي أَي الْيَوْمَيْنِ زمَان البحران أطول فَهُوَ أولى بِهِ.
فَإِن دلّت هَذِه الْأَعْلَام الْأَرْبَعَة على يَوْم وَاحِد فالبحران وَاجِب لذَلِك الْيَوْم وَإِن نقص وَاحِد فالبحران على حَال بذلك الْيَوْم إِلَّا أَن لليوم الآخر فِيهِ حِصَّة فَإِن تَسَاوَت أَعْلَام الْيَوْمَيْنِ فالبحران مُشْتَرك بَينهمَا. وَرُبمَا جَاوز البحران بِالْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى الْيَوْم الثَّالِث وَإِذا كَانَ ذَلِك فاليوم الْأَوْسَط من طَرِيق طول زمَان البحران فِيهِ هُوَ أولى بالبحران إِلَّا أَنه لَا يجب أَن يُوجب لَهُ البحران كُله لَكِن يَنْبَغِي أَن ينظر أَولا: هَل أنذر بالبحران يَوْم قبله أم لَا فَإِن هَذِه الْعَلامَة وَلَو قلت من أقوى العلامات ثمَّ ينظر بعد إِن كَانَ لم ينذر بالبحران يَوْم قبله فِي الْأَعْلَام الْبَاقِيَة الَّتِي أتيت على ذكرهَا قبل وَهِي قِيَاس نَوَائِب الْحمى وطبائع الْأَيَّام وَعدد أَوْقَات البحران وزمان البحران وَقد يَكْتَفِي فِي هَذَا بِهَذَا القَوْل فِي الْيَوْم الأول وَفِي الْيَوْم الثَّانِي.
قَالَ: إِن كَانَ البحران إِنَّمَا هُوَ الِاضْطِرَاب السَّرِيع الَّذِي يكون قبل انْقِضَاء الْمَرَض فَلَا يجب أَن)
يعد الْيَوْم الأول وَلَا الثَّانِي من أَيَّام البحران وَذَلِكَ أَنه لَا يكون فيهمَا قبل انْقِضَاء الْمَرَض اضْطِرَاب ظَاهر فَإِن سميت كل انْقِضَاء يكون للْمَرِيض بحرانا وَجب أَن يعد الْيَوْم الأول وَالثَّانِي من أَيَّام البحران وَذَلِكَ لِأَن حميات يَوْم تَنْقَضِي إِمَّا فِي الْيَوْم الأول وَإِمَّا فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي مَا بعد الْعشْرين من أَيَّام البحران.
قَالَ ج: إِن أرخيجانس يذكر أَن البحران يكون فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين أَكثر مِمَّا يكون فِي الْعشْرين وَمَا رَأَيْت أَنا أَن الْأَمر كَذَلِك وَلَا رَآهُ أبقراط وَرَأَيْت البحران الَّذِي يكون فِي السَّابِع وَالْعِشْرين أَكثر مِمَّا يكون فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين. وَأما أرخيجانس فَذكر أَن الْأَمر بالضد وَالْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ صَالح الْقُوَّة وَالْأَرْبَعُونَ أقوى مِنْهُ وَأما الْيَوْم الرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْيَوْم الْوَاحِد وَالثَّلَاثُونَ فَإِن البحران يكون فيهمَا أقل مِمَّا فِي تِلْكَ وَأَقل من هَذِه أَيْضا كثيرا الْيَوْم السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ حَتَّى أَنه يكون على النَّحْو من بَين الْأَيَّام الَّتِي يكون فِيهَا البحران وَالَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَهُوَ إِلَى أَلا يكون فِيهَا بحران أقرب.
فَأَما سَائِر الْأَيَّام الَّتِي بَين الْعشْرين وَالْأَرْبَعِينَ فَلَا يكون فِيهَا بحران. وَأَنا أعدهَا: وَهِي الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَالثَّالِث وَالْعشْرُونَ وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ وَالسَّادِس وَالْعشْرُونَ وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ وَالْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّادِس وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ وَالتَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ وجملتها اثْنَا عشر.
وَالِاضْطِرَاب الشَّديد يكون فِي أَيَّام البحران الَّتِي بعد هَذِه إِلَى الْأَرْبَعين بِقُوَّة الْحَرَكَة فِيهَا تنتقص قَلِيلا قَلِيلا وَأما أَيَّام البحران الَّتِي بعد هَذِه إِلَى الْأَرْبَعين فَكلهَا ضَعِيفَة الْحَرَكَة جدا والانقضاء يكون فِيهَا بالنضج وبالخراجات أَكثر مِمَّا يكون بالاستفراغ وَقد يكون فِي هَذِه أَيْضا بحران بالاستفراغ لَكِن فِي الندرة وَبلا حَرَكَة شَدِيدَة وَفِي أَكثر الْأَمر تتصل بالبحران أَيَّام كَثِيرَة لَا سِيمَا إِذا كَانَ البحران بخراج. وَرَأَيْت أبقراط يستخف بِجَمِيعِ الْأَيَّام الَّتِي من بعد
(5/169)
الْأَرْبَعين خلا السِّتين والثمانين وَالْعِشْرين وَالْمِائَة ثمَّ يَقُول بعد هَذَا: إِن من الْأَمْرَاض مَا يكون بحرانه فِي سَبْعَة أشهر والصيفية تَنْقَضِي فِي الشتَاء وَبِالْعَكْسِ وَمِنْهَا فِي سبع سِنِين وَمِنْهَا فِي أسبوعين من السنين وَمِنْهَا فِي ثَلَاثَة أسابيع. وَقد ذكر قوم الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ وَالْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ وَالثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ وسنذكرها كلهَا.
قَالَ: وَيجب لمن أَرَادَ أَن يحكم الْعلم بِالْيَوْمِ الَّذِي يكون فِيهِ البحران أَن يحكم قبل كل شَيْء مَا)
قَالَه أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة ثمَّ مَا قَالَه فِي كتب أخر من حالات الْهَوَاء وَمَا يعرض فِيهَا من الْأَمْرَاض وَمَا قَالَه فِي الْأَسْنَان وأوقات السّنة والطبائع والبلدان ثمَّ يحكم مَعَ ذَلِك علم النبض فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يعسر عَلَيْهِ من ذَلِك: إِنَّه إِن كَانَ الْمَرَض حادا وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات الْهَلَاك وَإِن أَنْت رَأَيْت فِي الرَّابِع عَلامَة بَيِّنَة للنضج فَاعْلَم أَن البحران يكون فِي السَّابِع وَمن لم يعرف عَلَامَات الْهَلَاك وعلامات السَّلامَة وعلامات الْخطر فَلم ينْتَفع بِشَيْء من قولي. وَإِن عرف هَذِه كلهَا وَلم يعرف عَلَامَات النضج لم ينْتَفع بِشَيْء مِمَّا أَقُول لِأَنَّك إِن رَأَيْت فِي الْمَرَض عَلَامَات الْخطر وَرَأَيْت فِي الْيَوْم الرَّابِع عَلَامَات النضج ثمَّ كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأزْوَاج فتوقع البحران فِي السَّادِس فَإِن تجَاوز السَّادِس فَهُوَ يكون فِي السَّابِع. وَإِن رَأَيْت فِي الْمَرَض عَلَامَات السَّلامَة فالبحران يكون فِي السَّابِع.
وَأما عَلَامَات الْهَلَاك فَلَا تَجْتَمِع مَعَ عَلَامَات النضج الْبَتَّةَ فَإِن عَلَامَات النضج إِذا ظَهرت فِي الرَّابِع وَصلح الْمَرِيض فِي السَّابِع فَانْظُر إِلَى عدد عَلَامَات الْهَلَاك وَمِقْدَار قوتها فَإِنَّهَا مَتى كَانَت كَثِيرَة قَوِيَّة فِي الرَّابِع فَإِن الْمَرِيض أَكثر مَا يَمُوت فِي السَّادِس وَصِحَّة ذَلِك تُؤْخَذ من الْأَيَّام الَّتِي تنوب فِيهَا الْحمى وَذَلِكَ أَنَّهَا إِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج فالمريض يَمُوت فِي السَّادِس وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأَفْرَاد فالمريض يَمُوت فِي السَّابِع وَرُبمَا كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأَفْرَاد وَمَات الْمَرِيض فِي السَّادِس وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَ الْمَرَض قوي الحدة وَكَانَت الْأَعْرَاض الَّتِي ظَهرت فِي الرَّابِع كَثِيرَة عَظِيمَة وَلذَلِك يجب أَن يعرف عظم الْأَعْرَاض فِي قوتها على الْحَقِيقَة وَالِاسْتِقْصَاء.
وَقد قُلْنَا فِي كتاب البحران فِي عظم الْأَعْرَاض: وَقد تفقدنا أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة على الِاسْتِقْصَاء فَوَجَدنَا الْيَوْم الرَّابِع ينذر بِالْيَوْمِ السَّابِع بِذَاتِهِ وَمعنى قَوْله بِذَاتِهِ: إِنَّه مَتى لم يعرض عَارض عَظِيم مِمَّا يكون فِي الندرة إِمَّا من خَارج وَإِمَّا من نفس الْمَرَض وَإِمَّا من بدن الْمَرِيض فَإِن الْيَوْم الرَّابِع لَا محَالة ينذر بالسابع وَإِن عرض عَارض من خَارج لم تقدره مِمَّا سَنذكرُهُ بعد أَو تحرّك الْمَرَض إِلَى البحران حَرَكَة سريعة وَكَانَت قُوَّة الْمَرِيض ضَعِيفَة أَو كَانَ الأمرعلى خلاف ذَلِك فقد يُمكن أَن يكون بحران الْمَرِيض قبل السَّابِع أَو بعد السَّابِع. وَقد يجب لَك أَن تعرف ذَلِك وتميزه على هَذَا الْمِثَال.
إِن عرض للْمَرِيض عَارض رَدِيء من خَارج وَكَانَ الْمَرَض شَدِيد الحدة وَكَانَ الْمَرِيض ضَعِيفا فَاعْلَم أَن الْمَرِيض الَّذِي قد رَأَيْت فِيهِ عَلامَة رَدِيئَة فِي الْيَوْم الرَّابِع لَا يبْقى إِلَى السَّابِع
(5/170)
لكنه يَمُوت)
فِي السَّادِس وَلَا سِيمَا إِن كَانَت حماه تنوب فِي الْأزْوَاج. فَإِن لم يعرض لَهُ عَارض من خَارج الْبَتَّةَ وَلم تكن حَرَكَة الْمَرَض قَوِيَّة فَانْظُر فَمَتَى وجدت الْعَلامَة الرَّديئَة الَّتِي قد ظَهرت فِي الرَّابِع بَيِّنَة فَاعْلَم أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّابِع وَإِن كَانَت خُفْيَة فالمريض يجوز السَّابِع. وَإِن كَانَت حماه تنوب فِي الْأزْوَاج فَهُوَ يَمُوت فِي الثَّامِن.
وسأبين فِي كتاب البحران أَي العلامات هِيَ الَّتِي تسميها خُفْيَة وأيها هِيَ الَّتِي تسميها بَيِّنَة وسأذكر لَك أَيْضا فِي هَذَا الْكتاب فِيمَا بعد وَقبل ذَلِك فَإِنِّي رَاجع إِلَى مَا بَقِي على تحديده من ذَلِك: إِنَّه مَتى ظَهرت فِي الْيَوْم الرَّابِع عَلامَة صَالِحَة وَلم يكن على الْمَرِيض بَأْس فَلَا يُمكن أَن يكون بحرانه إِلَّا فِي الْيَوْم السَّابِع إِلَّا أَن يعرض عَارض من خَارج.
وَأَنا ذَاكر هَذِه الْعَوَارِض فَأَقُول: إِن مِنْهَا مَا يكون من نفس الْمَرَض وَمِنْهَا مَا يكون من أَفعَال الْأَطِبَّاء الَّذين يبادرون بالضماد والكماد والحجامة والدلك وَنَحْوه فَإِذا كَانَ البحران قد تهَيَّأ أَن يكون فِي السَّابِع ثمَّ أخطىء على الْمَرِيض قبل السَّابِع لم يَأْتِ البحران فِي السَّابِع لِأَن الطبيعة قد أخذت عَلَيْهَا مَا منعهَا أَن يَتَحَرَّك حركتها على نظامها وَلذَلِك تشْتَرط فَتَقول: إِن هَذَا الْمَرِيض يَأْتِيهِ البحران يَوْم كَذَا وَكَذَا إِن تولينا نَحن علاجه. فَأَما الْأَشْيَاء الَّتِي تعرض من خَارج كالفزع وَالشَّيْء الَّذِي يضْطَر إِلَى الْحَرَكَة وَخبر بغم وَنَحْوه مِمَّا يضْطَر الْمَرِيض إِلَى شدَّة الْخَوْف أَو إِلَى السهر فَإِنَّهُ يبطل بِهِ صِحَة مَا تقدم بِهِ الطَّبِيب.
فَأَما السهر الَّذِي يكون لغير حَادث من خَارج فِي مَا بَين قَضِيَّة المتطبب عَلَيْهِ وَبَين وَقت البحران فقد يفْسد مَا أنذر بِهِ الطَّبِيب فَمَتَى صحت هَذِه الشَّرَائِط ثمَّ ثبتَتْ فِي الرَّابِع عَلامَة تدل على بحران ثمَّ لم يخطأ الطَّبِيب وَلَا الْمَرِيض وَلَا خدمه وَلَا حدث حَادث فالبحران يَأْتِي فِي السَّابِع لَا محَالة وَصَاحب الْقَضِيَّة الصادقة هُوَ الَّذِي يحس العلاج الْمُسْتَقيم وَذَلِكَ أَن الَّذِي لَا يعرف وَقت البحران وَلَا يعرف وَقت مُنْتَهى الْمَرَض فَلَا بُد أَن يخطىء فِي تَدْبِير العليل.
قَالَ: فَإِن ظَهرت فِي الرَّابِع عَلامَة صَالِحَة بَيِّنَة ثمَّ عرض قبل السَّابِع خطأ فَانْظُر فِي مِقْدَار ذَلِك الْخَطَأ فَإِن كَانَ يَسِيرا وَمَعْرِفَة ذَلِك تُؤْخَذ من حِيلَة الْبُرْء وَمن تقدمة الْمعرفَة فَإِن البحران يكون فِي السَّابِع إِلَّا أَنه يكون نَاقِصا عَن البحران الْجيد. فَإِن كَانَ ذَلِك الْعَارِض عَظِيما فَإِن البحران لَا يكون فِي السَّابِع فَتدبر مِقْدَار مَا عرض من الضَّرَر من ذَلِك الْعَارِض.
وَتَفْسِير ذَلِك على الْحَقِيقَة يُمكن إِلَّا أَنه قد يُمكن أَن يعرف مِنْهُ بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَهُوَ فِي)
كتاب البحران فَإِذا ظَهرت فِي السَّابِع عَلامَة قَوِيَّة بَيِّنَة تدل على بحران وَالْمَرَض حاد سليم وَقُلْنَا: إِنَّه لم يعرض عَارض الْبَتَّةَ من خطأ أَو غَيره فَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن البحران يكون جيدا فِي جَمِيع خصاله وَيكون فِي السَّابِع. فَإِن عرض عَارض يسير فَإِن البحران يكون على حَال يكون فِي السَّابِع إِلَّا أَنه لَا يكون تَاما. فَإِن عرض عَارض عَظِيم حَتَّى يُؤَخر البحران عَن السَّابِع وينقله إِلَى يَوْم بعده فَانْظُر مِقْدَار مَا دخل على الْمَرِيض من الضَّرَر من
(5/171)
ذَلِك الْعَارِض لِأَن من عرف هَذَا على الْحَقِيقَة علم علما يَقِينا أَن إِلَى التَّاسِع ينْتَقل البحران أَو إِلَى الْحَادِي عشر.
والأمراض السليمة الَّتِي لَا يشوبها شَيْء من الْخطر إِذا عرض فِيهَا عَارض فَإِنَّمَا تطول فَقَط فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي عَاقبَتهَا إِلَى السَّلامَة والخلاص إِلَّا أَن فِيهَا أَعْرَاض الْخطر وَالْخَوْف فَمَتَى عرض فِيهَا عَارض فَإِنَّهَا تؤول إِلَى الْهَلَاك. والأمراض السليمة أَيْضا إِذا كثرت أَعْرَاض الْعَوَارِض الْعَظِيمَة وتوالت وانتقلت الْأَمْرَاض عَن طبيعتها إِلَى طبيعة الْأَمْرَاض الْمهْلكَة على حسب تَأَخّر البحران فِي الْأَمْرَاض السليمة وبقدر مَا يدْخل على الْمَرِيض من الضَّرَر من الْآفَات الْعَارِضَة بَين يَوْم الْإِنْذَار وَيَوْم البحران يتَقَدَّم البحران فِي الْأَمْرَاض القتالة.
من ذَلِك أَنه مَتى ظَهرت فِي الرَّابِع عَلامَة تدل على الْمَوْت فأنذرت بِأَن البحران الرَّدِيء يكون فِي السَّابِع لم يتَأَخَّر البحران إِلَى السَّابِع لكنه يعرض فِي أحد الْيَوْمَيْنِ اللَّذين بَين الرَّابِع وَالسَّابِع بحران رَدِيء.
وَقد يمكنك أَن تعرف فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يكون فِي الْخَامِس أَو فِي السَّادِس من مِقْدَار حِدة الْمَرَض وَمن مِقْدَار الضَّرَر الَّذِي دخل على الْمَرِيض من الآفة الْحَادِثَة وَمن أَوْقَات نَوَائِب الْحمى لِأَنَّهُ إِن كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأَفْرَاد وَالْمَرَض حاد جدا ثمَّ حدثت فِي الْيَوْم الرَّابِع آفَة لَيست باليسيرة فَلَيْسَ بعجب أَن يَمُوت الْمَرِيض فِي الْخَامِس. فَإِن كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأزْوَاج وَلم يكن الْمَرَض حادا جدا وَلم يكن الضَّرَر الْعَارِض عظما جدا تَأَخّر البحران إِلَى السَّادِس.
فَجَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء تفْسد معرفَة أَيَّام البحران على كثير من الْأَطِبَّاء لِأَن قَلِيلا مَا يتَّفق أَن يكون لَا يخطىء الطَّبِيب وَلَا العليل وَلَا الخدم وَلَا عَارض يعرض من خَارج فَيجب للطبيب أَن يكون مَعَ علمه بتقدمة الْمعرفَة عَالما بِمِقْدَار الضَّرَر الَّذِي يدْخل على الْمَرِيض من الْآفَات الْحَادِثَة على الِاسْتِقْصَاء والحقيقة كَيْمَا إِن حكم أَنه يكون بحران فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا ثمَّ حدث حَادث بَين وَقت قَضيته وَبَين البحران أمكنه هُوَ أَيْضا أَن ينْقل عَن ذَلِك الْيَوْم إِلَى الْيَوْم الَّذِي ينْتَقل إِلَيْهِ)
البحران. (وَقت موت الْمَرِيض) إِذا علمت الْيَوْم الَّذِي يَمُوت فِيهِ الْمَرِيض فَانْظُر فِي أَي وَقت من أَوْقَات نَوَائِب الْحمى يثقل على الْمَرِيض فَإِنَّهُ إِن كَانَ حِين تبتدىء نوبَة الْحمى يبرد بدنه كُله بردا شَدِيدا وَلَا يسخن إِلَّا بعسر وَيبقى لَونه حَائِلا زَمنا طَويلا ويصغر نبضه أَو يتَغَيَّر إِلَى حَال رَدِيئَة ويثقل حركته وتكسل ويسبت ويعرض لَهُ نَحْو هَذِه الْأَعْرَاض فَإِن الْمَرِيض يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت فَإِن كَانَ فِي الِابْتِدَاء لَيْسَ بالرديء وَكَانَ فِي الْمُنْتَهى يخْتَلط عقله ويعرض لَهُ السبات وَالْغَم ويثقل عَلَيْهِ احْتِمَال حماه ويعرض لَهُ التهاب مفرط وَيظْلم عَيناهُ ويصدع ويعرض لَهُ وجع فِي الْفُؤَاد وَنَحْو هَذِه الْأَعْرَاض فَفِي مثل ذَلِك الْوَقْت يَقع الْمَوْت.
وَإِن كَانَ الِابْتِدَاء والانتهاء سليمين إِلَّا أَن فِي الانحطاط تذبل نَفسه ويعرق عرقا غير
(5/172)
مستو بَارِدًا إِمَّا فِي الرَّأْس وَحده وَإِمَّا فِي الْعُنُق أَو فِي الصَّدْر وَيصير نبض عرقه ضَعِيفا صَغِيرا وَتعرض لَهُ أشباه هَذِه الْأَعْرَاض فَإِنَّهُ يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الْمَرِيض يَمُوت فِي شَرّ أَوْقَات الْحمى.
مِثَال ذَلِك أَنَّك إِن رَأَيْت نَوَائِب الْحمى فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالرَّابِع أصعب مِنْهَا فِي الأول وَالثَّالِث وَالْخَامِس واستدللت بذلك على أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّادِس وَرَأَيْت ابْتِدَاء النّوبَة أصعب من جَمِيع أَجْزَائِهَا وَكَانَ ذَلِك فِي السَّاعَة السَّادِسَة قلت فِي هَذَا الْوَقْت يَمُوت الْمَرِيض.
والمستعمل لهَذَا الطَّرِيق على مَا يجب يُصِيب فِي الْأَكْثَر وَإِنَّمَا يُخطئ فِي الندرة لِأَن العلامات لَيست تظهر فِي كل حِين صَحِيحَة وَثِيقَة فَيَنْبَغِي أَن تروض نَفسك فِي تعرف العلامات على الِاسْتِقْصَاء مَا أمكنك ثمَّ إِذا وقفت على عَلامَة صَحِيحَة فَاقْض بِمَا صَحَّ عنْدك فَإِن كَانَت الْعَلامَة الَّتِي ظَهرت غير وَاضِحَة فَانْظُر يَوْمًا ثمَّ تفقد أَمر الْمَرِيض فِي يَوْم بعده فَإِن لم يمكنك فِي ذَلِك الْيَوْم أَيْضا أَن تقضي بِشَيْء قد صَحَّ عنْدك فالسكوت أجمل بك.
وَقد تعاطيت أَنا هَذَا الْإِنْذَار دهري مَا أعلم أَنِّي أَخْطَأت مرّة وَكَثِيرًا مَا أَقْْضِي مُنْذُ أول الْحمى على أمرهَا كُله فَأَقُول: إِن هَذِه غب أَو ربع أَو نائبة كل يَوْم أَو دائمة حادة لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمكن أَن تعرف عَاقِبَة الْحمى مُنْذُ أول أمرهَا إِلَّا أَن يعرف من أَي نوع هِيَ.
وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي البحران فلنعد إِلَى مَا قصدنا فَنَقُول: مَتى رَأَيْت مَرِيضا حماه حادة فِي)
الْيَوْم الأول وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْخطر وَفِي بَوْله عَلامَة نضج فَلَيْسَ يجوز مَرضه الرَّابِع حَتَّى تَنْقَضِي حماه وَكَذَلِكَ إِن كَانَت جَمِيع علاماته تدل على التّلف فَلَا يجوز الرَّابِع حَتَّى يَمُوت.
وَإِن كَانَت حماه حادة وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات الْهَلَاك وَلَا من عَلَامَات النضج فَلَيْسَ يُمكن أَن يسكن مَرضه فِي الرَّابِع وَلَا قبله فتفقد حِينَئِذٍ هَل كَمَا لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات النضج كَذَلِك لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات طول الْمَرَض أَو مَعَ أَنه لم تظهر عَلَامَات النضج قد ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات النضج لم يظْهر عَلَامَات طول الْمَرَض فَإِن مَرضه يَنْتَهِي نَحْو الْأُسْبُوع الأول فَإِن ظَهرت عَلَامَات تدل على طول وَلست تقدر مُنْذُ أول الْمَرَض أَن تعلم كم يَتَطَاوَل الْمَرَض لكنك إِنَّمَا تميز ذَلِك فِي مَا بعد إِلَّا أَنَّك على حَال تربح من تقدمة الْمعرفَة بِمَا ذكرت لَك: أَن تغذو العليل على أَن مُنْتَهى مَرضه مُتَأَخّر وَهَذَا الْمَرَض الَّذِي يدلك مُنْذُ أَوله أَنه يجوز الْأُسْبُوع الأول قد يدلك فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث مِنْهُ دلَالَة أبين من الأول: إِلَى كم يَوْم يَنْقَضِي ثمَّ إِنَّك فِي الْيَوْم الرَّابِع تقدر أَن تحدس حدسا قَرِيبا من الْيَقِين على مُنْتَهى الْمَرَض وبحرانه: مَتى يكونَانِ وَذَلِكَ أَنَّك مَتى رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج والعلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض يطول ثمَّ تنقص شَيْئا فَاعْلَم أَن الْمَرَض سيجاوز الْحَادِي عشر أَيْضا. فَإِن رَأَيْت تِلْكَ العلامات قد نقصت نُقْصَانا بَينا وَلم يتَبَيَّن فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض عَلامَة
(5/173)
نضج فتوقع البحران بعد السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر فَإِن رَأَيْت الْمَرَض فِي السَّابِع لم ينضج لكنه لَيْسَ فِيهِ عَلامَة قَوِيَّة تدل على طول الْمَرَض فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر.
وَالْوُقُوف على حَقِيقَة ذَلِك يكون إِلَى الْحَادِي عشر فَلَا تقف فِي الْيَوْم الرَّابِع فضلا عَن الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث كم يكون مِقْدَار طول الْمَرَض لكنك إِنَّمَا تقدر أَن تعلم ذَلِك فِي أدوار أَيَّام البحران الَّتِي من بعد الرَّابِع وحدسك فِي الْأَيَّام من الرَّابِع إِلَى السَّابِع يكون ضَعِيفا مختلا لوجوه شَتَّى ثمَّ فِي الْأَيَّام الَّتِي من السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر يكون حدسك أقرب وَأَصَح من الِاحْتِمَال يحْتَمل وُجُوهًا كَثِيرَة وَذَلِكَ إِنَّك إِذا رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وَالَّتِي تدل على أَن الْمَرَض يطول هُوَ إِلَى الْيَوْم التَّاسِع فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون البحران قبل الْعشْرين.
فَإِن رَأَيْتهَا تضعف أَو تنقص أَو تبقى على حَالهَا فقد يُمكن أَن يَأْتِي البحران قبل الْعشْرين.
وَإِنَّمَا يعلم ذَلِك كَمَا قلت إِذا كَانَت العلامات الَّتِي تدل على طول الْمَرَض قَوِيَّة فَانْظُر فِي الْأَيَّام)
الَّتِي بعد الْحَادِي عشر إِلَى الْعشْرين فَإِن رَأَيْت فِي هَذِه العلامات أَيْضا العلامات الدَّالَّة على طول الْمَرَض وَعدم النضج تتزيد فَاعْلَم أَن الْمَرَض يتَجَاوَز الْعشْرين.
وَإِن بقيت تِلْكَ العلامات الدَّالَّة على حَال وَاحِدَة فقد يمكنك أَن تقضي عِنْد ذَلِك أَن البحران بعد الْيَوْم الْعشْرين.
وَلَيْسَ يمكنك أَن تعلم بعد فِي أَي يَوْم يكون لكنك إِنَّمَا تستدل على ذَلِك إِذا نظرت فِيمَا يحدث فِي الْأَيَّام الَّتِي بعد الْحَادِي عشر إِلَى الْعشْرين. وَذَلِكَ أَنَّك إِذا رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وينتقص دَائِما فتوقع البحران فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالْعِشْرين.
وَإِن لم تَرَ العلامات تنتقص نُقْصَانا بَينا فَاعْلَم أَن البحران يتَأَخَّر إِلَى الْأُسْبُوع الرَّابِع. فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي تبقى إِلَى الرَّابِع عشر غير نضيجة وتتحرك حَرَكَة بطيئة فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي بحرانها قبل الْأَرْبَعين.
وَقد قُلْنَا إِن البحران بعد الْأَرْبَعين تضعف قوته وَيكون الِانْقِضَاء بالتحلل. فَإِن رَأَيْت الْمَرَض فِي السَّابِع لم ينضج لكنه لَيست فِيهِ عَلامَة قَوِيَّة تدل على طول الْمَرَض فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر. وَالْوُقُوف على ذَلِك يكون من الْحَادِي عشر. وَذَلِكَ أَنه كَمَا ينذر الرَّابِع بالسابع كَذَلِك ينذر الْحَادِي عشر بالرابع عشر. وَإِن رَأَيْت فِي الْحَادِي عشر عَلَامَات صَحِيحَة بَيِّنَة من عَلَامَات النضج فَاعْلَم أَن البحران يكون فِي الرَّابِع عشر. فَإِن رَأَيْت فِيهِ عَلامَة خُفْيَة تدل على النضج فَانْظُر وتفقد سَائِر الْأَشْيَاء فَإِن وجدت حركته سريعة وَلم يعق عائق فخليق أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِن لم ينذر الْحَادِي عشر بِشَيْء الْبَتَّةَ فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَانْظُر أَيْضا عِنْد ذَلِك فِي حَرَكَة الْمَرَض كُله وَفِي سَائِر الْأَعْرَاض والعلامات لتعلم مَتى يجب أَن يتَوَقَّع البحران فِي السَّابِع عشر أَو الثَّامِن عشر أَو بعد ذَلِك فَإِنَّهُ رُبمَا أَتَى البحران فِي هَذِه الْأَيَّام وَأكْثر ذَلِك يَأْتِي فِي الْعشْرين وَرُبمَا أَتَى
(5/174)
فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين وينذر بهما جَمِيعًا السَّابِع عشر وَلَا سِيمَا بالعشرين. وَيَوْم الثَّامِن عشر ينذر بِالْوَاحِدِ وَالْعِشْرين.
وَمَتى رَأَيْت الْمَرَض مُنْذُ أَوله قد ابْتَدَأَ الْحَرَكَة غير سريعة لَكِن الْحمى ضَعِيفَة وَأَنَّهَا مدفونة فِي قَعْر الْبدن وَسَائِر العلامات تدل على طول الْمَرَض فَلَيْسَ يمكنك فِي أول هَذَا الْمَرَض أَن تعلم مَتى يكون منتهاه لكنك تعلم أَنه لَا يَأْتِي البحران فِي الرَّابِع عشر فضلا عَمَّا قبله.
وَلَيْسَ يمكنك بعد أَن تعلم كم يَتَطَاوَل الْمَرَض لَكِن يجب لَك أَولا أَن تنظر هَل الْمَرَض سليم)
فَإِنَّهُ إِن كَانَ غير سليم وَكَانَت قُوَّة الْمَرِيض ضَعِيفَة فَإِنَّهُ يَمُوت قبل أَن يطول مَرضه وَإِن كَانَ سليما فبحرانه لَا محَالة بعيد. وَذَلِكَ أَنه لَا يُمكن أَن يَأْتِي البحران بِسُرْعَة إِذا ثبتَتْ عَلَامَات طول الْمَرَض وَلَا تطمع نَفسك فِي أَن تعلم بِالْحَقِيقَةِ أَن النضج قَلِيلا قَلِيلا أَكثر مَا يكون بالاستفراغ وَكَذَلِكَ قَالَ كل من عني بعلاج الطِّبّ وَقد يكون فِيهَا أَيْضا انْقِضَاء باستفراغ فِي الندرة وَالطَّرِيق فِي تقدمة الْمعرفَة بهَا هُوَ مَا وصفناه.
الْمقَالة الثَّانِيَة: يجب لمن أَرَادَ أَن يمْتَحن صِحَة أَيَّام البحران على مَا قُلْنَا أَن يمْتَحن ذَلِك فِي الْأَمْرَاض الَّتِي لم يخطىء على أَصْحَابهَا الْأَطِبَّاء وَلَا أخطؤا هم على أنفسهم وَلَا خدمهم عَلَيْهِم وَلَا عرض عَارض من خَارج.
والشريطة الثَّانِيَة: أَلا يَأْخُذ أول الْمَرَض من قِيَاس لَكِن من الْحس وَهُوَ أول وَقت يحس فِيهِ الْمَرِيض حسا بَينا حَتَّى تَدعُوهُ نَفسه إِلَى مُشَاورَة الطَّبِيب.
وَالثَّالِثَة: أَن يقدر الطَّبِيب إِذا مَا البحران اتَّصل أَيَّامًا كَثِيرَة مُتَوَالِيَة أَن يعلم لأي تِلْكَ هُوَ البحران وَهُوَ ألزمهُ. فَإِن لم يحكم هَذِه كثر خطاؤه فعلى هَذَا يجب أَن يمْتَحن أَيَّام البحران بالتجربة.
وَأما من يُرِيد امتحانه بِالْقِيَاسِ فَيجب أَن يكون قد نظر فِي علم الطبيعة وَعلم أَنَّهَا تَعْنِي بتدبير الْحَيَوَان وَإِن حركاتها على نظام محدودة من جَمِيع كتبنَا فِي مَنَافِع الْأَعْضَاء وَغَيرهَا وَإِن حَرَكَة الطبيعة مَتى خرجت عَن النظام فَإِن ذَلِك يكون من أجل الْمَادَّة الَّتِي تعْمل فِيهَا إِذا لم تقو عَلَيْهَا لَكِن تغلبها الْمَادَّة وتعوقها عَن أفعالها وحركاتها المحدودة فَإِن من علم هَذِه الْأَشْيَاء ثمَّ علم بالتجربة أَن البحران يكون فِي السَّابِع بحرانا صَحِيحا تَاما سليما بَعيدا من الْخطر منذرا بِهِ وَإنَّهُ كثيرا مَا يكون البحران فِي هَذَا الْيَوْم وَأَن الْيَوْم الرَّابِع عشر يشبه بِهِ ثمَّ علم أَن الْيَوْم الرَّابِع ينذر بالسابع وَأَن الْحَادِي عشر ينذر بالرابع عشر ظهر بِمَا لَهُ على الْمَكَان أَن يبْحَث عَن الْيَوْم السَّابِع.
وَذَلِكَ أَنه إِذا وجد الْأُسْبُوع الأول إِذا قسم بقسمين متساويين وَقعت الْقِسْمَة فِي الرَّابِع وَالرَّابِع يدل على مَا تؤول إِلَيْهِ الْحَال فِي آخر الْأُسْبُوع وَوجد الْأُسْبُوع الثَّانِي على هَذَا الْمِثَال أَيْضا. فهم من هَذَا أَن كل وَاحِد من الأسابيع دور تَامّ لِأَن الْوسط بعده من الطَّرفَيْنِ
(5/175)
سَوَاء فَإِن الْأَمْرَاض الَّتِي لم تنقض فِي الرَّابِع تَنْقَضِي فِي السَّابِع وَالَّتِي لم تنقض فِي السَّابِع تَنْقَضِي فِي الْحَادِي عشر فَإِن كَانَ الْمَرَض أعظم من أَن يَنْقَضِي فِي الرَّابِع فَإِن تهيئته للانقضاء تكون فِي الرَّابِع ثمَّ يَنْقَضِي فِي)
السَّابِع.
وعَلى هَذَا الْمِثَال فَإِن الْأَمْرَاض الَّتِي لم تنقض فِي السَّابِع فَإِن الطبيعة تروم فِي الْحَادِي عشر أَن وَإِن لَزِمت التجربة وجدت الأسابيع من أقوى الْأَعْدَاد فِي البحران وَوجدت بعد هَذَا أَنْصَاف الأسابيع وَهِي الأرابيع ودعتك نَفسك إِلَى الْبَحْث عَن الْأَيَّام الَّتِي تقع بَين أَيَّام البحران كالخامس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع ولأي عِلّة صَار البحران يكون فِيهَا. ودعتك أَيْضا أَن تبحث بحثا أَكثر من السَّابِع عشر وَالثَّامِن عشر وَالْوَاحد وَالْعِشْرين ونظائرها من بعد فَإِنَّهُ إِن كَانَ آخر يَوْم من الْأُسْبُوع الثَّالِث يَوْم الْعشْرين كَمَا رأى أبقراط فَيجب أَن يكون السَّابِع عشر منذرا بالعشرين وَيخرج الثَّامِن عشر وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ من عدد أَيَّام البحران الأول يَعْنِي بِهِ أَيَّام البحران وَأَيَّام الْإِنْذَار فَإِن كَانَ يجب أَن تحسب الأسابيع كلهَا تَامَّة فَإِن الْيَوْم الثَّامِن عشر يكون يَوْم إنذار بِالْيَوْمِ الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَالْيَوْم الْحَادِي وَالْعشْرُونَ يَوْم البحران وَيخرج السَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ عَن أَيَّام البحران الأول.
فَإِن أَنْت تفقدت الْمَرَض فِي كتاب إبيذيميا علمت أَن السَّابِع عشر لَيْسَ هُوَ من الْأَيَّام الَّتِي تقع فِي الْوسط بل من أَيَّام البحران الصَّحِيحَة وَإِن البحران الَّذِي يَجِيء فِيهِ صَحِيح تَامّ. وَإِذا كَانَ كَذَلِك فبينه وَبَين الرَّابِع عشر نِسْبَة مَا وَإِذا نَحن حَسبنَا الْأُسْبُوع الثَّانِي مَوْصُولا حَتَّى يكون أَوله الرَّابِع عشر كَانَ نصفه السَّابِع عشر وَكَانَ الدّور صَحِيحا فِي الْعشْرين وَإِن نَحن حَسبنَا الْأُسْبُوع الثَّالِث مُفردا حَتَّى يكون الْأُسْبُوع الثَّالِث أَوله الْخَامِس عشر لم تكن السَّابِع عشر نصف الْأُسْبُوع فَيَنْبَغِي أَلا يُؤْخَذ يَوْم الْعشْرين يَوْم بحران صَحِيح وَلَكِن إِن كَانَت التجربة تشهد للعشرين شَهَادَة قَوِيَّة أَنه من أَيَّام البحران القوية أَيْضا شهد الْعشْرُونَ للسابع عشر.
وَذكر مرضى كثيرا من إبيذيميا أَتَاهُم البحران فِي السَّابِع عشر وَآخَرين أَتَاهُم فِي الْعشْرين وَإِذا قيس هَؤُلَاءِ بِمن أَتَاهُم البحران فِي الثَّامِن عشر وَفِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين وجد ذَلِك عِنْده كالشيء الْكَائِن فِي الندرة وعد أَيْضا مرضى تَغَيَّرت أَحْوَالهم فِي الْعشْرين أَتَاهُم البحران فِي الْأَرْبَعين.
قَالَ: والأطباء لم يَخْتَلِفُوا فِي أَيَّام البحران إِلَى الرَّابِع عشر وَاخْتلفُوا فِي الْأَيَّام الَّتِي بعده لِأَن كثيرا مِنْهُم لم يقصدوا إِلَى التجربة لَكِن إِلَى الْقيَاس فظنوا أَنه لَا يجب أَن تحسب الأسابيع تَامَّة فَلذَلِك عدوا الْوَاحِد وَالْعِشْرين من أَيَّام البحران القوية ثمَّ اضطروا لذَلِك أَن يدخلُوا الثَّامِن وَالْعِشْرين وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ وَالثَّامِن عشر فِي أَيَّام البحران أما الثَّامِن وَالْعشْرُونَ وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ)
فعلى أَنَّهُمَا أَيَّام الأسابيع وَأما الثَّامِن عشر فَلِأَنَّهُ أَيَّام أَنْصَاف الأسابيع على هَذَا الْقيَاس.
(5/176)
وَقد يُمكن أَن يمْتَحن هَذَا بالتجربة وَيُوقف عَلَيْهِ بأسهل الْوُجُوه وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت طبيعة الْأَيَّام مُنَاسبَة للثامن عشر يكون فِيهَا البحران أَكثر وَأَصَح وَأتم. فطبيعة الْأَيَّام الْمُنَاسبَة للسابع عشر إِذا أَضْعَف.
وَقد بَان فِي كتاب إبيذيميا لأي طبيعة تشهد التجربة ثمَّ ذكر بحارين مرضى فِي ذَلِك الْكتاب كلهَا تدل على قُوَّة طبيعة السَّابِع عشر وَضعف الثَّامِن عشر وَقد يَقع الْخَطَأ فِي أَيَّام البحران أَيْضا لِأَن من عَادَة كثير من الْأَطِبَّاء أَلا يحسبوا كم يَوْم للْمَرِيض مُنْذُ أول مَرضه إِذا جَاوز مَرضه الرَّابِع عشر وَلَا سِيمَا إِن كَانَت الْحمى أقلعت عَنهُ أَيَّامًا ثمَّ عاودته.
لي: يجب أَن تحسب الْأَيَّام أبدا من أول الْمَرَض إِلَى أَن يَصح بحران وبرء كَامِل بعده.
البحران فِي الْأَيَّام الأول كالخامس وَالرَّابِع وَالسَّابِع وَالرَّابِع عشر وَنَحْوهَا لَا يكَاد يتَّصل أَيَّامًا بل تكون فِي يَوْم وَاحِد لحدة الْمَرَض وقوته فَأَما بعد الْعشْرين وَمَتى طَال فَإِنَّهُ كثيرا مَا يتَّصل أَيَّامًا كَثِيرَة فَيكون البحران يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة استفراغا كَانَ أَو خراجا.
وَلذَلِك يَقُول أبقراط فِي المرضى الَّذين تطاول بهم الْمَرَض: إِن البحران أَصَابَهُم نَحْو الْأَرْبَعين وَنَحْو الثَّمَانِينَ وَلم يقل إِنَّه أصَاب أحدا نَحْو الْخَامِس وَالسَّابِع لَكِن فِي الْيَوْم بِعَيْنِه وَلَا بَأْس أَن يكون بحرانا نَاقِصا دفْعَة فِي يَوْم وَلَو بعد الْأَرْبَعين فَإِن أبقراط ذكر فِي الثَّالِثَة من إبيذيميا مَرِيضا أَصَابَهُ البحران فِي الثَّمَانِينَ وَعرض لَهُ قبله نافض وأعقبه حمى حادة وعرق عرقا كثيرا لَكِن ذَلِك يكون فِي الْأَقَل والنادر وَبَين أَن يَوْم الثَّمَانِينَ وَالسِّتِّينَ وَالْعِشْرين وَالْمِائَة مُنَاسبَة ليَوْم الْعشْرين.
لي: إِذا عرض فِي مرض مَا مزمن نافض قوي وأعقبته حمى حادة قَوِيَّة فتوقع فِيهِ البحران الْكَامِل بعرق غزير يجْرِي كثيرا إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وأعلام السَّلامَة ظَاهِرَة.
وَمن شَأْن الِانْقِضَاء دفْعَة إِنَّمَا يكون من الْأَمْرَاض المزمنة لَا الَّتِي بقيت مُتَّصِلَة وَلم تَنْقَطِع لَكِن مَتى رَأَيْتهَا كَأَنَّهَا قد انْقَضتْ ثمَّ عاودت وَكَثِيرًا مَا تكون العودة فِي يَوْم بحران ثمَّ يجْرِي على عدد أَيَّام بحران أخر فَيكون كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة فِي نَفسه حادا فَإِذا اجْتمعت ووصلت بَعْضهَا بِبَعْض كَانَ الْمُؤلف مِنْهَا مَرضا طَويلا مزمنا وَرُبمَا كَانَ ترك تِلْكَ الْأَمْرَاض فِي عدد من أعداد أَيَّام البحران.
مِثَال ذَلِك أَن يُصِيب مَرِيضا فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر بحران تَامّ ثمَّ يعاوده الْمَرَض فِي الرَّابِع عشر ثمَّ)
يُصِيبهُ بحران نَاقص فِي الْيَوْم الْعشْرين ثمَّ يعاوده الْمَرَض فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين وَيكون ذَلِك الْمَرَض حادا ثمَّ يُصِيبهُ البحران فِي الْيَوْم الْأَرْبَعين.
قَالَ: والبحران مَتى جرى أمره على الْحَال الطبيعية وَلم تعرض عوارض فَإِنَّهُ يكون فِي حِسَاب الأسابيع فَإِن عرض عَارض فكثيرا مَا ينْتَقل إِلَى الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط فالحاجة إِلَى تعرف هَذِه الْأَيَّام الَّتِي فِي الْوسط شَدِيدَة لِأَن البحران يكون فِيهَا صَحِيحا فَإِذا أصَاب مَرِيضا
(5/177)
البحران فِي السَّابِع أَذِنت لَهُ فِي الأغتذاء وَالتَّدْبِير بِمَا لَا تَأذن لمن أَصَابَهُ فِي الثَّامِن أَو الْعَاشِر. وَأما الْمُتَقَدّم بِالْعلمِ مَتى يكون البحران فَلَا بُد مِنْهُ فِي تَقْدِير الْغذَاء ثمَّ يَأْتِيهِ البحران بعده.
ولاختلاف الْهَوَاء فِي أَيَّام البحران حَظّ عَظِيم فَيَنْبَغِي أَن يتفقد ذَلِك. وَقد رَأَيْت فِي صيفة وَاحِدَة أَكثر من أَرْبَعمِائَة مَرِيض مرضوا أمراضا حادة أَتَاهُم كلهم البحران فِي السَّابِع أَو فِي التَّاسِع وَرَأَيْت صيفة أُخْرَى كَانَ البحران فِيهَا لجَمِيع من مرض فِي الرَّابِع عشر وَفِي الْعشْرين وَأَكْثَره كَانَ بعد عودة من الْمَرَض.
لي: يجب أَن يدْخل عَادَة السّنة وَمَا عَلَيْهِ يجْرِي البحران فِيهَا فِي عدد الْأَيَّام المنذرة.
قَالَ: وَرَأَيْت خَرِيفًا أَتَى البحران فِيهِ بِجَمِيعِ المرضى فِي الْحَادِي عشر إِلَّا أَن البحران فِي هَذَا الخريف كَانَ بحرانا صَالحا فَأَما فِي خريف آخر فَإِنَّهُ أصَاب جَمِيع النَّاس الَّذين مرضوا فِيهِ بحران رَدِيء فِي الْيَوْم السَّادِس. (قُوَّة الْأَيَّام) قَالَ: وَهَذِه جملَة مَا تقدم من قولي فِي هَذِه الْمقَالة فَأَقُول: إِن أول أَيَّام البحران السَّابِع وَالْمُنْذر بِهِ الرَّابِع وَقد جمع الرَّابِع خلتين: إِحْدَاهمَا أَنه يَوْم بحران وَإِن كَانَ ضَعِيفا وَالْأُخْرَى أَنه مُنْذر بالسابع ثمَّ من بعد السَّابِع الْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَبَينهمَا من التناسب مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع ثمَّ من بعد هذَيْن فَإِن السَّابِع عشر على الْأَكْثَر يُوجد مناسبا للعشرين.
هَذِه الْمُنَاسبَة الَّتِي بَين الرَّابِع وَالسَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وعَلى الْأَقَل لليوم الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَهَذِه الْأَيَّام بِزِيَادَة أَرْبَعَة أَرْبَعَة تَنْتَهِي إِلَى الْعشْرين وَيَقَع بَين هَذِه الْأَيَّام البحران فِي التَّاسِع وَالْخَامِس وَالثَّالِث وَالتَّاسِع يكون البحران فِيهِ أَكثر مِمَّا يكون فِيهَا كلهَا وَبعده الْخَامِس وَبعد هَذَا الثَّالِث. وَالْيَوْم السَّادِس يَوْم بحران رَدِيء وَإِمَّا الثَّالِث عشر فَهُوَ أَضْعَف أَيَّام البحران وَأقوى الْأَيَّام الَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَكَأَنَّهُ يمِيل إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا.
وَأَشد مَا تكون المجاهدة إِلَى الرَّابِع عشر ثمَّ يقبل يقل مِنْهُ بعد ذَلِك إِلَى الْعشْرين قَلِيلا ثمَّ إِلَى الْأَرْبَعين تسترخي قُوَّة المجاهدة ومنذ الْأَرْبَعين يضعف ضعفا فِي الْغَايَة القصوى فَكَمَا أَن الرَّابِع عشر آخر الْأُسْبُوع الثَّانِي وَأول الْأُسْبُوع الثَّالِث كَذَلِك الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ آخر الْأُسْبُوع الْخَامِس وَابْتِدَاء الْأُسْبُوع السَّادِس حَتَّى يكون أبدا كل ثَلَاثَة أسابيع عشْرين يَوْمًا وَلذَلِك يكون السِّتُّونَ يَوْم بحران كَمَا قلت لَا الثَّالِث وَالسِّتُّونَ وَكَذَلِكَ الثَّمَانُونَ وَالْمِائَة وَالْعشْرُونَ. وكما أَن المجاهدة تضعف إِذا أزمن الْمَرَض كَذَلِك أَيَّام البحران الضعيفة تبطل فِي الْأَمْرَاض المزمنة وَتبقى الَّتِي هِيَ على دور تَامّ على حَالهَا دَائِما وَحدهَا.
لي: يَعْنِي نَحْو السِّتين والثمانين وَالْعِشْرين وَالْمِائَة قَالَ: وَيُشبه على حسب مَا يظْهر بالتجربة أَن أول دور من أدوار أَيَّام البحران هُوَ الْعشْرُونَ لِأَن الدّور هُوَ دون الْعشْرين وَلَو كَانَ حِسَاب الأسابيع كلهَا يجْرِي دَائِما على
(5/178)
الِانْفِرَاد كَمَا تحسب لي: يَقُول: لَو كَانَت الأسابيع لَا تفصل حَتَّى تحسب الْيَوْم الْوَاحِد فِيهَا ابْتِدَاء الْأُسْبُوع وانقضاء الآخر لكَانَتْ الأسابيع قَائِمَة بأنفسها مُفْردَة فَكَانَت تكون هِيَ أول دور من أدوار أَيَّام البحران لِأَن الدّور هُوَ الَّذِي لَا يَقع فِيهَا دَائِما كثيرا.
قَالَ: لَكِن لما كَانَ الْأُسْبُوع الثَّانِي يحْسب على الِانْفِرَاد من الْأُسْبُوع الأول والأسبوع الثَّانِي يحْسب مَعَ الثَّالِث على الِاتِّصَال صَار الْحساب لَا يجْرِي بعد الرَّابِع عشر على قِيَاس مَا كَانَ)
يجْرِي أَولا وَأما بعد الْعشْرين فالحساب يجْرِي على طَرِيق وَاحِد دَائِما فَيكون الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ نظيرا للرابع عشر وَذَلِكَ أَنه يحْسب من أسبوعين على الِانْفِرَاد وَيصير يَوْم الْأَرْبَعين نَظِير يَوْم الْعشْرين وَذَلِكَ أَنه يَنْتَهِي فِيهِ الْأُسْبُوع الثَّالِث محسوبا على الِاتِّصَال وَلَيْسَ يُمكن أَن يكون دور تَامّ غير الْعشْرين لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء إِذا ضعف لزم أَيَّام البحران غَيره لِأَن السَّبع إِذا ضعف غير مُتَّصِل وَقع فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين وَالثَّامِن وَالْعِشْرين وَوَجَب أَن يكون هَذَانِ أقوى من الْعشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين وَلَيْسَ الْأَمر بالتجربة كَذَلِك والأرابيع إِذا ضعفت أبدا غير مُتَّصِلَة كالثامن وَالثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر أَيَّام بحران وَلَا يظْهر بالتجربة ذَلِك فَلَيْسَ عدد يلْزم النظام خلا الْعشْرين فَلذَلِك هُوَ أول دور تَامّ يتضاعف.
قَالَ: والأمراض الَّتِي يَأْتِي فِيهَا بحران فِي الْعشْرين غير تَامّ وتنكسر بذلك حمية الْمَرَض وقوته الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: التجربة تشهد أَنه لَا يكون البحران فِي الْأَيَّام كلهَا بالسواء وَإِن أدوار الأسابيع أقوى الأدوار.
لي: يَعْنِي البحران يكون فِيهَا أَكثر ثمَّ من بعْدهَا أدوار الأرابيع وَأَنه يَقع بَين هَذِه الأدوار أَيَّام أخر يكون فِيهَا بحران وَأَن الأسابيع لَا يجب أَن تحسب كلهَا على الِانْفِصَال لَكِن بَعْضهَا على الِاتِّصَال وَكَذَلِكَ الأرابيع. فَإِن البحران يكون على الْأَكْثَر فِي الْأَمْرَاض الحادة فِي الْأَفْرَاد وَفِي المزمنة فِي الْأزْوَاج وَنَحْو ذَلِك مِمَّا تشهد بِهِ التجربة من هَذَا الْعلم على صِحَّته وَيُمكن أَن تعرف عِلّة مَا يظْهر من هَذِه التجربة.
إِذا نَحن وَضعنَا لجَمِيع مَا يكون أصلين أَحدهمَا لَازم للنظام غير خَارج مِنْهُ وَهِي الأجرام السماوية وَالْآخر غير ثَابت أبدا يدل على نظام وَهُوَ الْمَادَّة تعْمل فِيهَا هَذِه الأجرام فَأَقُول: إِنَّه قد ينالها شَيْء من قُوَّة جَمِيع الْكَوَاكِب إِلَّا أَن الَّذِي ينالها مِنْهَا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا ينالها من الشَّمْس لَا مِقْدَار لَهُ كُله وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ لتقسيم الْأَزْمِنَة عِلّة غير الشَّمْس وللقمر أَيْضا أَفعَال عَظِيمَة وَهُوَ بعد الشَّمْس وَفعله فِي حَيَوَان الْبَحْر أبين وكفعل الشَّمْس بِالْكُلِّيَّةِ فِي السّنة كَذَلِك يفعل الْقَمَر فِي الشَّهْر وَيحدث فِيهِ التغايير فِي الأسابيع وَمَتى حدث حدث مَا فان التَّغَيُّر الْعَظِيم فِي ذَلِك الْحَدث يكون إِذا صَار الْقَمَر إِلَى الرّبع من الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْد الْحَادِث وعَلى
(5/179)
قَالَ: وَأَنا أحكي شَيْئا قد امتحنه فَوَجَدته لَا يخلف الْبَتَّةَ وَهُوَ أَن الْقَمَر إِذا كَانَ فِي البروج الَّتِي فِيهَا كَانَت السُّعُود فِي أصل المولد أَو فِي أوتاد تِلْكَ السُّعُود كَانَت تِلْكَ الْأَيَّام لذَلِك الْإِنْسَان أَيَّامًا)
صَالِحَة وَإِن مرض فِيهَا الْمَرِيض لم يكن مَرضا رديئا الْبَتَّةَ وبالضد.
مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَت السُّعُود فِي أصل المولد فِي الْأسد فانه مَتى كَانَ الْقَمَر فِي الْأسد أَو فِي الْعَقْرَب أَو الدَّلْو أَو الثور تكون لَهُ أَيَّام صَالِحَة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي النحوس. وَمَتى مرض وَالْقَمَر فِي بعض البروج الَّتِي فِيهَا السُّعُود وأوتاده وَكَانَ فِيهَا السُّعُود وأوتاده كَانَ ذَلِك الْمَرَض أخف أمراضه وأقلها شرا.
وبالضد مَتى مرض وَالْقَمَر مضام لبَعض النحوس على نَحْو مَا ذكرنَا فَهُوَ أشر أمراضه.
قَالَ: والتغاير الَّذِي يحدث عِنْد مصير الْقَمَر على الْقطر من الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ عِنْد كَون الْحَادِث تغير عَظِيم إِلَى الْخَيْر كَانَ أم إِلَى الشَّرّ وَكَذَلِكَ مَا عرض من التَّغَيُّر فِي الأسابيع عَظِيم الْقُوَّة جدا إِلَى الشَّرّ أَو الْخَيْر.
وَلذَلِك يذم أبقراط التغايير الَّتِي تحدث للْمَرِيض إِلَى مَا هُوَ أشر فِي أَيَّام البحران لِأَن هَذَا من أَعْرَاض الْأَمْرَاض القتالة وضده من عَلَامَات أمراض النجَاة.
يَقُول: ظُهُور عَلَامَات الرداءة والجودة فِي الأسابيع أبلغ مِنْهُ فِي الأرابيع لِأَن فِي الأسابيع يكون الْقَمَر قد صَار إِلَى الْقطر فَيدل على تغير الْحَال الْبَتَّةَ تغيرا عَظِيما. وَالَّذِي فِي الأرابيع فَإِن الْقَمَر يكون فِيهِ على ربع الْفلك فَيكون التَّغَيُّر على النّصْف من الْقُوَّة مِمَّا يكون على الْقطر.
قَالَ أَقُول: إِن الْقَمَر مَتى صَار فِي التربيع أَو الْمُقَابلَة ثمَّ كَانَ ابْتِدَاء الْمَرَض ابْتِدَاء صَالحا غير الْمَرَض تغييرا صَالحا وَإِن كَانَ ابْتِدَاء رديئا غير الْمَرَض تغييرا رديئا.
وَهَذَا أَمر قد اتّفق عَلَيْهِ أهل النُّجُوم وتقدر أَن تتفقد أَنْت أَيْضا فِي المرضى أبدا.
قَالَ: فَكل مَا يحدث من الْأَشْيَاء فعلى حسب ابْتِدَاء حُدُوثه تكون الأدوار كلهَا الَّتِي من بعده مُوَافقَة لَهُ وَيَقُول: إِنَّه إِن كَانَ الِابْتِدَاء صَالحا ظهر بعد الدّور الصّلاح أَيْضا على الْمُوَافقَة لما كَانَ وبالضد.
مِثَال ذَلِك إِن حدث مرض سليم فَإِنَّهُ إِذا صَار الْقَمَر على الْقطر من وَقت الْمَرَض تتبين عَلَامَات السَّلامَة الَّتِي هِيَ مُوَافقَة لَهُ.
وَمن الأدوار مَا يكون فِي عدد الْأَيَّام وَمِنْهَا مَا يكون فِي عدد الشُّهُور والأدوار الَّتِي تكون فِي عدد الْأَيَّام هِيَ الأسابيع وَيجْرِي هَذِه على مجْرى الْقَمَر فَأَما الأدوار الكائنة فِي عدد الشُّهُور فأسابيع الشُّهُور كَمَا قَالَ أبقراط: إِن الْأَمْرَاض الصيفية تَنْقَضِي فِي الشتَاء والشتوية فِي الصَّيف.)
وَهَذَا حد الْأَمْرَاض المزمنة كَمَا أَن الرَّابِع عشر هُوَ حد الْأَمْرَاض الحادة يَعْنِي سَبْعَة أشهر وَأَرْبَعَة
(5/180)
قَالَ: الزَّمَان الَّذِي مِنْهُ يهل الْهلَال إِلَى أَن يصير بَدْرًا هُوَ نَظِير الزَّمَان الَّذِي من الشتَاء إِلَى الصَّيف وَكَذَلِكَ أَربَاع السّنة نظيرة أَربَاع الشَّهْر فتنقضي الْأَمْرَاض الحادة فِي بعض الأرباع لَهُ أَو فِي الرّبع الآخر.
قَالَ: وَالسَّبَب فِي تغير الْأَمْرَاض الَّذِي يكون على حسب ابْتِدَائه هُوَ الْقَمَر وَأما فِي تغير أَربَاع السّنة فالشمس وَأما أَربَاع الشَّهْر فالقمر.
قَالَ: البحران يكون فِي الْأَمْرَاض الْحَادِثَة فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط أَكثر مِنْهُ فِي الْأَمْرَاض المزمنة لِأَن الطبيعة مستعدة للتغير لشدَّة مَا هُوَ فِيهِ فَأَما فِي الْأَمْرَاض المزمنة فدور الأسابيع ألزم للنظام والواقعة فِي الْوسط والأرابيع تضعف.
قُوَّة الْأَيَّام قَالَ: الْيَوْم الأول وَالثَّانِي تَنْقَضِي فيهمَا الحميات اليومية فَأَما أول يَوْم فَيجب أَن يَجْعَل من الْأَيَّام الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا الْأَمْرَاض الحادة بِتَغَيُّر سريع يَعْنِي باستفراغ وَالْيَوْم الثَّالِث فَلَيْسَ بَين هَذَا الْيَوْم وَبَين الْأُسْبُوع مُشَاركَة وَلَا نِسْبَة لكنه من الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط كَمَا أَن للرابع نِسْبَة لِأَن الْأُسْبُوع إِذا قسم قسمَيْنِ وَقعت الْقِسْمَة فِي الْيَوْم الرَّابِع وَلذَلِك للرابع من كل أُسْبُوع قُوَّة قَوِيَّة.
وَقد يَقع البحران فِي الثَّالِث وَالْخَامِس لَيْسَ بِدُونِ مَا يَقع فِي الرَّابِع على أَن هذَيْن الْيَوْمَيْنِ أَيْضا من الْأَيَّام الْوَاقِعَة بَين الأدوار فَلَيْسَ يكون وُقُوع البحران فيهمَا مثل وُقُوعه فِي الرَّابِع إِلَّا أَن نوبَة الْحمى تكون فيهمَا فَإِن البحران يُبَادر إِلَى وَقت الصعوبة فالبحران يكون قبل وقته إِذا اضطرت الطبيعة إِلَى ذَلِك وَإِنَّمَا يكون فِي وقته إِذا كَانَت الأخلاط الَّتِي فِي الْبدن قد نَضِجَتْ وَأما كَون البحران قبل وقته فرديء وَذَلِكَ أَنه يخرج من الْبدن مَعَ مَا يُؤْذِيه الشَّيْء الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا هيج الطبيعة مهيج يضطرها إِلَى التحريك لدفع مَا يُؤْذِيه فَيعرض للطبيعة حِينَئِذٍ مَا يعرض لمن أَرَادَ أَن يلقِي ثقلا عَن نَفسه فَلم يُمكنهُ ذَلِك إِلَّا بِقُوَّة لم يملك نَفسه أَن يسْقط وكمثل من يعدو عدوا شَدِيدا فَلَا يملك نَفسه حَتَّى يَقع فِي وَاد.
وَجَمِيع هَذِه الاستفراغات الرَّديئَة تكون فِي الْأَمْرَاض الرَّديئَة وَأحد الْأَشْيَاء الداعية للطبيعة إِلَى التحريك للبحران هُوَ نوبَة الْحمى وَلذَلِك يكون البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة فِي الْأَفْرَاد وَلَيْسَ ذَلِك للحركة الْخَاصَّة بالطبيعة من تَحْرِيك الأجرام الْعَالِيَة لَهَا لَكِن إِمَّا أَن يزعج الدّور الطبيعة فِي الْيَوْم)
الثَّالِث فيضطره إِلَى أَن تَأتي بالبحران وَإِمَّا أَن تريحه فِي الرَّابِع فَلَا يَتَحَرَّك البحران فِي ذَلِك الْوَقْت حَتَّى يَأْتِي الْخَامِس الَّذِي يهيج الدّور.
وَالْيَوْم الثَّالِث وَالْخَامِس محبوسان للرابع الَّذِي هُوَ بِالْحَقِيقَةِ يَوْم بحران فَلَيْسَ بمنكر أَن يَأْتِي البحران فيهمَا لذَلِك وَلَا تفارق نَوَائِب الْحمى فيهمَا.
وَأما الْيَوْم التَّاسِع فَإِنَّهُ متوسط بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر فَهُوَ إِمَّا أَن يقبل البحران
(5/181)
الَّذِي جَاوز السَّابِع فَلم يكن فِيهِ أَو يتَقَدَّم البحران الَّذِي أَرَادَ أَن يكون فِي الْحَادِي عشر وَقل مَا يكون فِيهِ البحران الَّذِي وقته السَّابِع.
وَأما بحران الْحَادِي عشر فكثيرا مَا يتَقَدَّم فَيكون فِيهِ ذَلِك وَذَلِكَ أَن البحران الَّذِي هُوَ خَاص بالسابع لَا يتَأَخَّر إِلَى التَّاسِع إِلَّا عِنْد دُخُوله الآفة على الْمَرِيض من وُجُوه شَتَّى كَمَا بَينا فِي البحران وبينته هَهُنَا فَأَما بحران الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِنَّمَا يتَقَدَّم فَيكون فِي السَّابِع إِذا كَانَ الْأَمر على خلاف ذَلِك أَعنِي مَتى فعل بالمريض كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ على مَا يجب بِالْحَقِيقَةِ وَكَانَت قُوَّة الْحمى فِي التَّاسِع شَدِيدَة صعبة وَقد يمكنك أَن تستدل اسْتِدْلَالا بَينا على أَن البحران إِنَّمَا يَقع فِي هَذِه الْأَيَّام من أجل صعوبة نَوَائِب الْحمى من قبل أَن هَذَا لَا يعرض إِذا تطاول الْمَرَض مثل مَا يعرض فِي الْمَرَض الحاد وَذَلِكَ أَنه على حسب تنقص شدَّة نَوَائِب الْحمى تنقص عدَّة أَيَّام البحران الَّتِي تقع بَين الأدوار وَكنت ترى البحران فِي الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ حادة جدا يكون فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض إِلَّا الْقَلِيل وَذَلِكَ أَن آخر أَيَّامه السَّابِع وَهُوَ يَوْم بحران وَمن قبله الرَّابِع فَقَط لَكِن الثَّالِث أَيْضا وَالْخَامِس وَالسَّادِس.
وَقد شكّ النَّاس فِي الْيَوْم الأول هَل هُوَ يَوْم البحران أم لَا فَلم يبْق إِلَّا الْيَوْم الثَّانِي وَهُوَ دون سَائِر وَبِالْجُمْلَةِ فقد يكون البحران فِي الْأَمْرَاض من أجل صعوبة النوائب وَالْيَوْم السَّادِس على أَنه لَيْسَ من أَيَّام البحران الْحَاوِي على الأدوار وَلَا هُوَ أَيْضا فَرد قد يقبل البحران كثيرا لِأَنَّهُ مجاور لليوم الْأَخير من أَيَّام الْأَمْرَاض الحادة جدا.
قَالَ: وَجَمِيع هَذِه الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران فِي السَّابِع صنفان: إِمَّا أَن يكون الْحمى فِيهَا مطبقة لَا يكون فِيهَا تزيد وانتقاص محسوس وَهُوَ سونوخوس وَإِمَّا أَن يشْتَد غبا وَيكون فِيهَا مَعَ ذَلِك بَين كل نوبتين من نَوَائِب الغب نوبَة أُخْرَى.
قَالَ: فَأَما الصِّنْف الأول فَلَيْسَ فِيهِ للأفراد على الْأزْوَاج فضل لِأَنَّهُ بِحَال وَاحِدَة فِي جَمِيع الْأَيَّام)
فَأَما الثَّانِي فَإِنَّهُ يكون فِيهَا فِي الْأَيَّام الْأزْوَاج حمى عَظِيمَة جدا قَوِيَّة فكثيرا مَا يَتَحَرَّك لذَلِك البحران الَّذِي يكون فِي السَّابِع فَيكون فِي السَّادِس وَينْقص هَذَا البحران عَن البحران الحميد على حسب تقدمه إِيَّاه.
قَالَ: قد تبتدىء أمراض يكون فِي الثَّانِي مِنْهَا أثقل وأصعب مِنْهَا فِي الْيَوْم الأول وَفِي الرَّابِع أصعب مِنْهُ فِي الثَّالِث وَفِي السَّادِس مِنْهُ فِي الْخَامِس وَجَمِيع نَوَائِب الْحمى تكون فِيهِ فِي الْأزْوَاج فَهَذِهِ الْأَمْرَاض من طبيعة الْأَمْرَاض المزمنة لَكِن بحرانها يتَقَدَّم كَأَنَّهَا حادة لصعوبتها وَقد تقتل هَذِه فِي الثَّانِي وَالرَّابِع إِلَّا أَن أَكثر ذَلِك يقتل فِي السَّادِس وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون فِي الْيَوْم الثَّانِي وَقد قُلْنَا الْآن فِي عِلّة كَون البحران فِي جَمِيع الْأَيَّام الَّتِي لَيست على أدوار الأسابيع والأرابيع وَهِي الْوَاقِعَة فِي الْوسط.
(5/182)
قَالَ: وَأَنا قَائِل: فِي الْعشْرين وَالْوَاحد وَالْعِشْرين لما صَار البحران يكون فِيهَا إِلَّا أَنه يكون فِي الْعشْرين أَكثر فَأَقُول: إِن الْعلَّة فِي ذَلِك أَن الْمَرَض يكون فِي هَذَا الْوَقْت مَرضا مزمنا ونوائب الْحمى تكون فِي الْأزْوَاج وَأما الْأَمْرَاض الَّتِي تكون نوائبها فِي الْأَفْرَاد فَإِنَّهَا تميل إِلَى الْوَاحِد وَالْعِشْرين.
(عِلّة حِسَاب الأدوار)
قَالَ: الْأُسْبُوع لَيْسَ هُوَ سَبْعَة أَيَّام تَامَّة وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ دور الْقَمَر سَبْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَثلث يَوْم صَار من قبل ذَلِك الْأُسْبُوع سَبْعَة أَيَّام إِلَّا سدس.
لي: لِأَن الْأُسْبُوع مَوْضُوع على مِقْدَار تنقل الْقَمَر إِلَى تربيع الْمَرَض الَّذِي كَانَ فِيهِ.
قَالَ: إِن الْقَمَر يحدث فِي أبداننا ضَرْبَيْنِ من التَّغَيُّر أَحدهمَا عَام وَهُوَ الْحَادِث عَن أَحْوَاله من الشَّمْس يَعْنِي إِذا كَانَ بَدْرًا وَإِذا صَار نصف دَائِرَة وَإِذا صَار ذَا حدبتين وَإِذا صَار هلالا وَلَكِن مَا يحدث فِي الْهَوَاء عِنْد الشكل الْهِلَالِي وَذي الحدبتين ضَعِيف وَالْآخر خَاص وَهُوَ التَّغَيُّر لي: هَذَا يَقُول: إِنَّه كَمَا أَن الْقَمَر يُغير الْأَحْوَال بِحَسب موَاضعه من مَوْضِعه عِنْد ابْتِدَاء ذَلِك الشَّيْء لِأَن الزَّمَان الَّذِي يقطع فِيهِ الْقَمَر تِلْكَ البروج سَبْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَثلث لَا يكون زمَان الِانْتِقَال للقمر فِي أَربَاع الْفلك سَبْعَة أَيَّام تَامَّة بل سِتَّة أَيَّام وَخَمْسَة أَسْدَاس فَلَا تكون ثَلَاثَة أسابيع أحد وَعشْرين يَوْمًا بل عشْرين يَوْمًا وَنصفه. هَذَا على مَا حسبناه نَحن. فَأَما على حِسَاب جالينوس فَيَجِيء أقل لِأَنَّهُ يَأْخُذ زمَان قطع الْقَمَر لفلك البروج وَهُوَ سَبْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَثلث وزمان مَا يرى فِيهِ رُؤْيَة بَيِّنَة فَوق الأَرْض وَهُوَ سِتَّة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَنصف لِأَن التَّغَيُّر الْحَادِث عَنهُ فِي الْهَوَاء يكون مُدَّة خَفَاء الْقَمَر خفِيا ضَعِيفا فأسقط هَذِه الْمدَّة فَيبقى قدر الزَّمَان الَّذِي يرى فِيهِ الْقَمَر فَوق الأَرْض وَلما رأى أَن التَّغَيُّر تغيران أَحدهمَا عَامي وَهُوَ الْحَادِث من أشكال الْقَمَر عَن الشَّمْس وَالْآخر خَاص وَهُوَ الْحَادِث عَن تربيع الْقَمَر ومقابلته للموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ حِين وَقع ابْتِدَاء الْأَمر رأى أَن يجمع الزمانين وَأخذ نصفهما وَيجْعَل الرّبع مِنْهُ مُدَّة الْأُسْبُوع ثمَّ يَأْخُذ نصف الْجَمِيع فَتكون سِتَّة وَعشْرين يَوْمًا وَنصف يَوْم وَثلثه وَنصف السُّدس ثمَّ يَأْخُذ زمَان الْأُسْبُوع سِتَّة أَيَّام وَنصف يَوْم وخمسه وجزءا من اثْنَي عشر وَإِذا صَحَّ هَذَا الْحساب كَانَ فضل ثَلَاثَة أسابيع على الْعشْرين فضلا يَسِيرا فَإِن أردْت تحقق ذَلِك فَارْجِع إِلَى الْكتاب فَإِن مَا رسم عَلَيْهِ من نُقْصَان الأسابيع فَهُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ.
قَالَ: لما كَانَ البحران يكون فِي الرَّابِع عشر لم يجب أَن يحْسب الْأُسْبُوع الأول وَالثَّانِي موصولين فِي الثَّالِث عشر وَلما كَانَ البحران يكون فِي الْعشْرين لم يَنْبغ أَن يحْسب الثَّانِي وَالثَّالِث منفصلين فَيَجِيء فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين والبحران يكون فِي الْعشْرين أَكثر.
(5/183)
والرابوع الأول وَالثَّانِي يحسبان موصولين لِأَن البحران يكون فِي السَّابِع وَالسَّابِع إِذا قسم بنصفين)
كَانَ للرابوع اتِّصَال جَمِيعًا فِي الْيَوْم الرَّابِع فَأَما الرابوع الثَّالِث فيحسب مُفردا من الرابوع الثَّانِي لِأَن الْأُسْبُوع الثَّانِي مُفْرد من الْأُسْبُوع الأول وَالْأَرْبَعَة الثَّالِثَة مَوْصُولَة بالرابوع الرَّابِع لِأَنَّهُمَا نصف الْأُسْبُوع الثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي الرابوع الأول وَالثَّانِي والرابوع الرَّابِع مَوْصُول بالخامس لِأَن الْأُسْبُوع الثَّالِث مَوْصُول بِالثَّانِي والرابوع السَّادِس مَوْصُول بالخامس الَّذِي آخِره الْيَوْم السَّابِع عشر لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الْأُسْبُوع الثَّالِث.
جَوَامِع أَيَّام البحران قَالَ: عَلَامَات النضج إِن تبينت فِي الْيَوْم الرَّابِع كَانَ البحران فِي الْيَوْم السَّابِع وَإِن تبينت فِي السَّابِع جَاءَ فِي الرَّابِع عشر وَإِن تبينت فِي الرَّابِع عشر جَاءَ البحران إِمَّا فِي السَّابِع عشر وَإِمَّا فِي الثَّامِن عشر وَإِمَّا فِي الْعشْرين وَإِمَّا فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين فَإِن السَّابِع ينذر بِهَذِهِ أجمع إِذا كَانَ الْمَرَض طَويلا وَبَقِي عدم النضج فِيهِ إِلَى السَّابِع فَإِنَّهُ لَا يكون لَهُ بحران وَلَا فِي الرَّابِع عشر. وَإِن بقيت تِلْكَ العلامات الدَّالَّة على عدم النضج إِلَى الْحَادِي عشر فَإِن الْمَرَض لَا حَرَكَة البحران إِلَى الْيَوْم الْعشْرين تكون فِي الأرابيع لحدة الْمَرَض وَبعد الْعشْرين إِلَى الْأَرْبَعين فَفِي الأسابيع وَمن بعد الْأَرْبَعين فَفِي العشرينيات.
أحد العلامات القوية الَّتِي تضم إِلَى علاماتك مَا قد جرت بِهِ الْعَادة يكون البحران فِيهِ فِي ذَلِك الزَّمَان وَذَلِكَ الْمَرَض فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَت أزمنة وأمراض يكون البحران فِيهَا بولاء مَا ليَوْم وَاحِد ولنوع وَاحِد.
3 - (أول الْمَرَض)
قَالَ: يعد أول الْمَرَض من الْوَقْت الَّذِي تبتدىء فِيهِ الْحمى لَا من غَيره.
الْمقَالة الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أقوى الْأَيَّام الأسابيع ثمَّ الأرابيع وَالدَّلِيل على مَا يحدث فِي الأسابيع يُؤْخَذ من الأرابيع وَهِي أَيَّام إنذار.
قَالَ كَمَا إِنَّا نحسب فِي الحميات الدائمة جَمِيع الْأَيَّام على الْوَلَاء لمعْرِفَة البحران الْحَادِث كَذَلِك يحْسب فِي الحميات ذَوَات الأدوار فَيكون مَا يَفْعَله الْيَوْم السَّابِع فِي الدائمة مثل مَا يَفْعَله الدّور السَّابِع بِعَيْنِه وَكَذَلِكَ فِي حميات الرّبع بِأَن البحران يَأْتِي فِيهَا فِي سَبْعَة أدوار لَا فِي سَبْعَة أَيَّام وَنسبَة الدّور مِنْهُ إِلَى السَّابِع كنسبة الْيَوْم الرَّابِع إِلَى السَّابِع وَذَلِكَ أَن الدّور الرَّابِع ينذر بالسابع لي: قَالَ: لَا يحْسب أَنه لَا يَنْبَغِي فِي الحميات النائبة أَن تتفقد عدد الْأَيَّام الْبَتَّةَ لَكِن عدد الأدوار بل تفقد فِي الغب عدد الْأَيَّام والأدوار جَمِيعًا فَأَما فِي الرّبع فعدد الأدوار أولى من عدد الْأَيَّام.
قَالَ: وَاعْلَم أَن بحران الحميات الرّبع يكون فِي الأدوار لَا فِي الْأَيَّام.
(5/184)
الْأَمْرَاض القصيرة الْمدَّة أمرهَا أظهر وَأما الطَّوِيلَة فَيَنْبَغِي أَن تتفقد فِي كل اربعة أَيَّام وَانْظُر إِلَى أَن تميل إِلَى الْعشْرين وَمن عشْرين تتفقد فِي كل سَبْعَة وَنَحْو من كل عشْرين كل سَبْعَة وَنَحْو فِي كل عشْرين.
قَالَ: النُّفَسَاء الَّتِي تحم يجب أَن تحسب فِي أول أَيَّامهَا من يَوْم تَلد لَا من يَوْم تأخذها فِيهِ الْحمى وَذَلِكَ أَن أَكثر من تأخذهن الْحمى فِي الثَّانِي وَالثَّالِث وَيَنْبَغِي أَن يعد أَيَّام بحرانهن من يَوْم الولاد.
الثَّالِثَة قَالَ: من لم تسكن حماه فِي يَوْم باحوري وباستفراغ ظَاهر خيف عَلَيْهِ أَن تعود عَلَيْهِ وَإِن سكنت الْحمى بعد استفراغ غير تَامّ خيف عَلَيْهِ أَن ترجع وَإِن كَانَ فِي يَوْم باحوري.
لي: وافهم عكس ذَلِك الْأَمر إِنَّه إِن سكن فِي غير يَوْم باحوري وَبلا استفراغ فَهُوَ أَشد مَا يكون فِي العودة.
قَالَ: الْيَوْم التَّاسِع يعد فِي أَيَّام البحران بِمَنْزِلَة الْيَوْم الثَّالِث إِذا لم يكن من شَأْن الْمَرِيض أَن يَأْتِي الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول: الْعرق يحمد إِذا ابْتَدَأَ فِي المحمومين فِي الثَّالِث أَو الْخَامِس أَو السَّابِع أَو التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر أَو الرَّابِع عشر أَو السَّابِع عشر أَو الْعشْرين أَو الرَّابِع وَالْعِشْرين أَو السَّابِع وَالْعِشْرين أَو الثَّلَاثِينَ أَو الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ أَو السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فَإِن الْكَائِن مِنْهُ فِي هَذِه الْأَيَّام يكون بِهِ)
بحران الْأَمْرَاض وَأما الْكَائِن فِي غير هَذِه الْأَيَّام فينذر إِمَّا بشر وَإِمَّا بطول الْمَرَض.
قَالَ جالينوس: لَيْسَ الْعرق فَقَط لَكِن وَجَمِيع الاستفراغات والخراجات إِنَّمَا تحمد إِذا ظَهرت هَذِه فِي يَوْم باحوري.
وَإِنَّمَا ذكر الثَّالِث لِأَنَّهُ قد ينذر بالرابع فِي الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ أقل مُدَّة ثمَّ ذكر الْخَامِس وَترك الرَّابِع لِأَن أَكثر الْأَمْرَاض الحادة جدا الَّتِي يكون بحرانها بعرق وجدت بحرانها بعرق فِي الثَّالِث وَالْخَامِس أَكثر مِنْهُ فِي الرَّابِع وَلَا يكَاد يكون بحران بعرق فِي الثَّالِث وَالْخَامِس أَكثر مِنْهُ فِي الرَّابِع وَلَا يكَاد يكون بحران مثل هَذِه فِي الرَّابِع إِلَّا فِي الندرة وَوجدت هَذَا بعد بحث شَدِيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن هَذِه الْأَمْرَاض تكون فِي الْأَيَّام الْأَفْرَاد فِي الْأَكْثَر أقوى وأصعب من أجل النوائب والبحران يمِيل أبدا نَحْو الْيَوْم الأصعب.
وَقد يُوجد فِي بعض النّسخ للْوَاحِد وَالثَّلَاثِينَ ذكر وخليق أَن يكون الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أقوى مِنْهُ وَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا هُوَ يَوْم باحوري.
وَأما الْأَرْبَعُونَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا ترك ذكره لِأَنَّهُ أول يَوْم من أَيَّام بحارين الْأَمْرَاض المزمنة وَهَذِه لَا يكون بحرانها بعرق بل بالتحلل الْخَفي والخراجات فَإِن الْأَيَّام الَّتِي بعد الْعشْرين قل مَا يكون البحران فِيهَا بالعرق فضلا عَن الْأَرْبَعين.
قَالَ الْأَمْرَاض الَّتِي نوائبها فِي الْأَفْرَاد بحرانها يَأْتِي أسْرع وَالَّتِي فِي الْأزْوَاج أَبْطَأَ وَإِن مَالَتْ نَوَائِب مرض كَانَت نوائبه تَأتي فِي الْأَفْرَاد إِلَى الْأزْوَاج جَاءَ بحرانه أَبْطَأَ وبالضد.
(5/185)
الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: الغب أطول مَا يكون تَنْقَضِي فِي سَبْعَة أدوار.
قَالَ جالينوس: قد تفقدنا بحران الغب وَالرّبع فوجدناه يكون على حسب عدد الأدوار لَا على حِسَاب الْأَيَّام. من ذَلِك: أَن الدّور السَّابِع فِي الغب يَقع فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر وَفِي مثل هَذَا الْيَوْم فِي الْأَكْثَر يكون بحران الغب وانقضاؤه من غير أَن ينْتَظر الرَّابِع عشر وكما أَنه يكون فِي الحميات اللَّازِمَة مَا يَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة أَيَّام كَذَلِك يكون فِي الغب الَّتِي هِيَ أحد من الغب الْمُطلق مَا لَا يبلغ الدّور السَّابِع بل يَنْقَضِي فِي الدّور الرَّابِع.
الْمقَالة الأولى من طبيعة الْإِنْسَان قَالَ: الْأَمْرَاض الصيفية المزمنة توقع انقضاءها فِي الشتَاء والربيعية فِي الخريف وبالضد لِأَن الطبائع تنْتَقل.
قَالَ: وَالَّتِي هِيَ أبعد زَمنا من هَذِه فَفِي السّنة الْمُقَابلَة يَعْنِي السَّابِع وَالرَّابِع عشر.)
من محنة الطَّبِيب قَالَ: على الطَّبِيب أَن يعرف الْأَمْرَاض الَّتِي لَا تجَاوز الرَّابِع فِي الْيَوْم الأول وَيعرف الَّتِي تجَاوز الرَّابِع إِلَى السَّابِع فِي أول يَوْم وَفِي الثَّانِي أَكْثَره فَأَما الَّتِي تجَاوز السَّابِع فَمن أَنْفَع الْأُمُور أَن يعلم أمرهَا فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي لَا محَالة وَلَيْسَ على الطَّبِيب أَن يعلم أمرهَا فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي هَل يكون إقلاعه فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر أَو الْأَرْبَعين أَو مَا بَينهمَا من الْأَيَّام وَلَا ينْتَفع بذلك أَيْضا وَلَا لَهُ إِلَى ذَلِك سَبِيل فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ وَإِنَّمَا يعرف ذَلِك بعد أَن تتمادى بالمريض الْأَيَّام وَلَيْسَ يُمكن أَن تتقدم فتعلم أَمر الْمَرِيض الَّذِي شَأْنه أَن يَنْقَضِي فِي الْحَادِي عشر قبل الْيَوْم الثَّالِث أَو الرَّابِع عشر.
وَأما الْمَرَض الَّذِي يكون انقضاؤه فِي الرَّابِع عشر فقد يسْتَدلّ عَلَيْهِ فِي الثَّالِث وَالرَّابِع إِلَّا أَن الدّلَالَة الْوَثِيقَة على ذَلِك إِنَّمَا نظفر بهَا فِي السَّابِع وَكَذَلِكَ الْأَمْرَاض الَّتِي من شَأْنهَا أَن تَنْقَضِي فِي الْعشْرين وَرُبمَا اسْتدلَّ عَلَيْهَا فِي الْحَادِي عشر وَحَقِيقَة أمرهَا تكون فِي الرَّابِع عشر. وَكَذَلِكَ الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي السَّابِع وَالْعِشْرين إِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ الدّلَالَة الْوَثِيقَة فِي يَوْم الْعشْرين وَأما قبل ذَلِك فالدلالة عَلَيْهِ ضَعِيفَة خُفْيَة وَكَذَلِكَ الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ يتَبَيَّن أمره بعض الْبَيَان فِي الْيَوْم الْعشْرين ثمَّ يتَبَيَّن بَيَانا أَكثر من ذَلِك فِي الْأَيَّام الَّتِي بعد وَكَذَلِكَ الْأَمْرَاض الَّتِي تَنْقَضِي فِي الْأَرْبَعين فقد يتَبَيَّن أمرهَا فِي الْعشْرين بعض الْبَيَان وينكشف وَيظْهر فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أصَاب بحران رجلا فِي السَّادِس وَكَانَ محبا لِأَن يكذبنِي فَجعل يعد السَّادِس وَقد ذهبت حماه عَنهُ وَأَنا أَقُول: إِنَّهَا ستعود فلطف تَدْبيره وَلم يدْخل الْحمام وَلَا شرب الشَّرَاب فَبَقيَ إِلَى الثَّانِي عشر لَا يحم وَهُوَ فَرح بِأَنَّهُ قد كَذبَنِي فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِث عشر غلط تَدْبيره وَأكْثر ثِقَة مِنْهُ بالبرء فابتدأت بِهِ الْحمى.
الْمقَالة الثَّالِثَة من إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَت النّوبَة فِي الْأزْوَاج فالبحران فِي الْأزْوَاج وَإِن كَانَت فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد لِأَنَّهُ يَوْم النّوبَة قد تكون الأخلاط أَشد تهييجا للطبيعة وأذى لَهَا وَتَكون مَعَ ذَلِك رقيقَة فتهيأها لدفعها بالرعاف والعرق وَنَحْوه أسهل.
(5/186)
قَالَ: أول أدوار البحران الْأزْوَاج الرَّابِع ثمَّ السَّادِس وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالسِّتُّونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَة وَالْعشْرُونَ والأفراد الثَّالِث وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثُونَ.
قَالَ ج: أما الثَّامِن والعاشر فَلَا يكون فيهمَا بحران الْبَتَّةَ.)
وَقَالَ جالينوس فِي الحميات المختلطة: وَإِن كَانَت نوائبها لَا تجْرِي على نظام فَإِن تقدمة الْمعرفَة بالبحران الْكَائِن فِيهَا إِنَّمَا يكون بالعلامات الَّتِي تظهر فِي أَيَّام البحران وَأما الحميات النائبة مثل الرّبع وَالْغِب فبعدد الأدوار فأقم أدوارها مقَام الْأَيَّام الْمُلَازمَة فِي الْإِنْذَار والبحران فَإِنِّي قد حكمت فِي الغب وَالرّبع بِهَذَا الطَّرِيق فَلم أخطىء مَتى ظهر فِي الثَّالِث شَيْء من أَعْرَاض البحران ظهر فِي الرَّابِع مثله فَأَنْذر بِسُرْعَة كَون البحران.
لي: مَتى ظهر فِي يَوْم الْإِنْذَار شَيْء مِمَّا ينذر بِشَيْء ثمَّ تبع ذَلِك فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ شَيْء من جنس ذَلِك فَاعْلَم أَن الْأَمر حاد سريع وَلَا يتَأَخَّر مَا أنذر بِهِ وبالضد مَتى رَأَيْت مَا يَلِي النذير مسترخيا فأيقن بالتأخر.
الأولى من الثَّانِيَة من كتاب إبيذيما: الْأَمْرَاض الحادة مَتى كَانَت مهلكة فالبحران فِيهَا أَشد تقدما كثيرا لِأَن الأوجاع فِيهِ تكون أصعب وَأَشد وَأقوى.
الثَّالِثَة من الثَّانِيَة من إبيذيميا قَالَ: من عَادَة الْأَمْرَاض الحادة أَن يَجِيء البحران فِيهَا أَكثر فِي الْأَفْرَاد وَفِي المزمنة فِي الْأزْوَاج.
الرعاف لما كَانَ بِهِ بحران الْأَمْرَاض الحادة فِي الْأَكْثَر قل مَا يكون فِي الرَّابِع فَأَما فِي السَّابِع وَالْخَامِس فَيكون كثيرا جدا وَبعد هذَيْن فِي التَّاسِع وَالثَّالِث. فَإِن رامت الطبيعة الرعاف فِي الثَّالِث فَلم تقدر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ينْدَفع كثيرا إِلَى الْخَامِس وَلَا يكون فِي الرَّابِع.
الرَّابِعَة من تَفْسِير الثَّالِثَة: الْأَمْرَاض الشتوية يحلهَا الصَّيف وأمراض الصَّيف يحلهَا الشتَاء أَعنِي أَن الْأَمْرَاض الَّتِي فِي الصَّيف أول هيجانها تسكن بالشتاء وَبِالْعَكْسِ. وَأما القَوْل بِأَن كل مرض لي: جملَة مَنْفَعَة أَيَّام البحران إِن البحران إِذا كَانَ فِيهِ كَانَ تَاما مَأْمُونا لِأَنَّهُ يدل أَنه كَانَ بحركة الطبيعة المنتظمة. ويعسر تعرف الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ من أجل ابْتِدَاء الْمَرَض أَو من أجل أَنه رُبمَا بَقِي الْعرق أَو سَائِر الاستفراغات تكون يَوْمَيْنِ فَلَا تَدْرِي إِلَى أَيهمَا تنسبها وَجُمْلَة تعرف ذَلِك يكون بِمَا أَقُول عِنْد ابْتِدَاء الْمَرَض حَيْثُ يحس الْمَرِيض بأعراض الْمَرَض بِقُوَّة شَدِيدَة حَتَّى يَقع فِي نَفسه أَنه يحْتَاج إِلَى علاج وَلَا يشك أَن حَاله متغيرة عَن الصِّحَّة وَأما مَتى عد من الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ فاعرفه من هَذِه الْأُمُور وَانْظُر فَإِن كَانَ الْيَوْم النذير قد أنذر بِيَوْم فَإِن كَانَ البحران بعضه فِيهِ وَبَعضه فِي غَيره فانسبه إِلَى الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ فَإِن هَذِه العلامات أقوى سَائِر العلامات وعلتها أبدأ على سَائِر العلامات فَإِن كَانَت النّوبَة تَأتي فِي الْأَفْرَاد فَاجْعَلْ البحران
(5/187)
لليوم الْفَرد)
وَهَذِه تالية للأولى فِي الْقُوَّة. وَإِن كَانَ البحران جيدا سليما فانسبه من ذَيْنك الْيَوْمَيْنِ المشتبهين عَلَيْك إِلَى الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ البحران الْجيد.
مِثَال ذَلِك: إِن رَأَيْت فِي مَا بَين السَّادِس وَالسَّابِع بحرانا ثمَّ رَأَيْته جيدا كَامِلا فأضفه إِلَى السَّابِع فَإِن كَانَ زمَان البحران فِي يَوْم مَا أطول فانسبه إِلَيْهِ: وَمِثَال ذَلِك أَن يبتدىء الْعرق فِي آخر حُدُود الثَّامِن وَيكون يمْضِي أَكثر يَوْم التَّاسِع أَو كُله يعرق وَهَذِه العلامات لَيست بالقوية كَسَائِر تِلْكَ وَتَمام مَا يحْتَاج من هَذَا مَكْتُوب لَك.
من كتاب الدَّلَائِل: الأرابيع تنذر بالأسابيع إِلَى الْعشْرين ثمَّ تضعف فَيصير الْمُنْذر بالأسابيع وَأَيَّام البحران العشرينيات.
قَالَ: وَإِذا ظهر فِي بعض أَيَّام الْإِنْذَار دَلِيل نضج تَامّ بَين كَانَ البحران فِي الْمُنْذر بِهِ وَإِن ظهر دَلِيل نضج نَاقص فَأَما أَلا يكون بحران أَو إِن كَانَ كَانَ نَاقِصا وَإِن ظهر دَلِيل هَلَاك فَإِنَّهُ إِن كَانَ ضَعِيفا ساءت حَاله فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ وَإِن كَانَ قَوِيا مَاتَ فِيهِ.
لي: على مَا رَأَيْت فِي أَمْثِلَة إبيذيميا: الرَّابِع ينذر إِمَّا بالسادس وَإِمَّا بالسابع فَإِذا كَانَت الحدة شَدِيدَة والأعراض لَيست رَدِيئَة مَال إِلَى السَّابِع وَإِن كَانَت الحدة شَدِيدَة إِلَّا أَن العلامات سليمَة مَال أَيْضا إِلَى السَّابِع.
لي: على مَا رَأَيْت: كَمَا أَنه لَيْسَ للأيام الْمُتَأَخِّرَة قُوَّة فِي حِدة البحران كَذَلِك لَا يَسْتَوِي مُدَّة مَا يدل عَلَيْهِ لِأَن النضج مَتى ظهر فِي الرَّابِع دلّ على أَن البحران يكون فِي السَّابِع وَإِن ظهر فِي الثَّانِي كَانَ فِي الرَّابِع الَّذِي هُوَ ضعفه فَإِن لم يظْهر إِلَى السَّابِع شَيْء من النضج لم ينْقض فِي الرَّابِع عشر لَكِن بعده وَإِن لم يظْهر النضج إِلَّا فِي الْحَادِي عشر لم ينْقض إِلَى الْعشْرين وَإِن لم يظْهر إِلَى السَّابِع عشر لم ينْقض إِلَى الْأَرْبَعين.
من الْجَوَامِع قَالَ: رُبمَا كَانَ زمَان مَا يكون البحران فِيهِ وافدا وَمَعْنَاهُ أَن تكون البحرانات فِي من فُصُول إبيذيميا قَالَ: تقدمة الْمعرفَة على الْخَلَاص تُؤْخَذ من أَيَّام الْإِنْذَار والبحران فَأَما على الْهَلَاك فَمن كل يَوْم.
أَيَّام البحران لحنين: انْظُر أبدا فِي أَيَّام الْإِنْذَار إِن تَغَيَّرت حدث للْمَرِيض إنذار إِلَى خير أَو شَرّ فَإِنَّهُ يكون فِي الْمُنْذر بِهِ تغير من ذَلِك الْجِنْس إِمَّا تَاما وَإِمَّا أقوى مِمَّا كَانَ.
أفضل الْأَيَّام السَّابِع ويتلوه الرَّابِع عشر وَيَتْلُو هَذَا التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالْعِشْرين ثمَّ الْخَامِس)
وَالسَّابِع عشر ثمَّ الرَّابِع وَبعده الثَّالِث وَالثَّامِن عشر. وَالسَّادِس يَوْم بحران رَدِيء ويشبهه فِي رداءة البحران الثَّامِن والعاشر إِلَّا أَن البحران يكون فيهمَا أقل من السَّادِس وَلَا يكَاد يكون حَتَّى يكَاد أَن يخرجَا عَن أَيَّام البحران وَإِذا كَانَ كَانَ شَبِيها بِمَا يكون فِي السَّادِس.
(5/188)
فَأَما الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر فَلم تَرَ يكون فيهمَا بحران لَا جيد وَلَا رَدِيء فَإِن كَانَ وَذَلِكَ لم أره قطّ فطبيعته طبيعة السَّادِس.
وَالثَّالِث عشر متوسط بَين الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر اللَّذَان لَا يكون فيهمَا بحران وَالثَّامِن والعاشر اللَّذَان يقل كَون البحران فيهمَا وَبَين الَّتِي يكون فِيهَا البحران كثيرا مثل الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر لِأَن البحران يكون فِيهِ أَكثر مِنْهُ فِيهَا وَأَقل مِنْهُ فِي هَذِه.
والبحران يمِيل فِي الْأَكْثَر إِلَى الْعشْرين وَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ قد يكون البحران فِي السَّابِع وَالْعِشْرين أَكثر مِنْهُ فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ أقوى من الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ أَيْضا صَالح وَكَذَلِكَ الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ أقوى مِنْهُ. وَأما الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَالثَّالِث وَالْعشْرُونَ وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ وَالسَّادِس وَالْعشْرُونَ وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ وَالْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّادِس وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ وَالتَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ لَا يكون فِيهَا بحران وَمَا بعد الْأَرْبَعين ضَعِيف.
ويتحرك فِي العشرينات كَمَا أَنه بعد الْعشْرين يَتَحَرَّك فِي الأسابيع وَإِلَى الْعشْرين فِي الأرابيع.
وَأما الْيَوْم الأول وَالثَّانِي فَإِنَّهُمَا ليسَا أَيَّام بحران لِأَن الْمَرَض لَيْسَ يَنْقَضِي فِيهِ مَعَ استفراغ وَجهد وَإِنَّمَا يَنْقَضِي فِيهِ الْحمى اليومية.
لي: الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي تسمى الفاجية وَلَا تصح فِي هَذِه تقدمة الْمعرفَة وَأما القاتلة فلعظم رداءتها وَأما الَّتِي تَنْقَضِي كَحمى يَوْم فلسهولة أمرهَا.
من مسَائِل إبيذيميا الثَّالِثَة قَالَ: خُذ دَلَائِل السَّلامَة وثق بهَا إِذا ظَهرت فِي الْأَيَّام الْإِنْذَار والبحران وَأما الْمهْلكَة فَفِي أَي يَوْم ظَهرت من جَمِيع الْأَيَّام أَيَّام إنذار كَانَت أَو لَا.
لي: وَذَلِكَ لِأَن أَفعَال الطبيعة مرتبَة وَالْخَارِج عَن الطَّبْع على غير تَرْتِيب.
من مسَائِل المولودين لثمانية أشهر عمل حنين: تعلم قُوَّة الأسابيع من أَن الْجَنِين يَنْقَلِب فِي الشَّهْر السَّابِع فَيصير رَأسه أَسْفَل وَمن أَنه فِي سَبْعَة أشهر تنْبت أَسْنَانه وَالْأُخْرَى فِي أَرْبَعَة عشر)
تنْبت.
يعلم البحران لأي يَوْم هُوَ من حَال الْيَوْم النذير وَالْيَوْم الَّذِي تتقدم فِيهِ النّوبَة وَالَّذِي تطول فِيهِ وَيكون أَكثر وَقت الاستفراغ وُقُوع البحران الْجيد والرديء.
مسيح قَالَ: إِذا حدث فِي يَوْم باحوري خفَّة الْحَرَكَة أَو سهولة النَّفس أَو شَهْوَة الطَّعَام أَو خُرُوج بَوْل أَو برَاز مَحْمُود أَو عرق أَو نوم كَانَ بِهِ خف فانتظر فِي الْمُنْذر بِهِ مَا هُوَ أصلح وبالضد.
وَقع الْفَرَاغ من طبع الْجُزْء الثَّامِن عشر من الْحَاوِي الْكَبِير يَوْم الثُّلَاثَاء السَّادِس وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر سنة هـ اغسطس سنة م ويتلوه الْجُزْء التَّاسِع عشر أَوله فِي الْبَوْل وأصناف الرسوب وألوانه وقوامه وَصلى الله تَعَالَى على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.
(5/189)
(فارغة)
(5/190)
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
(الْجُزْء التَّاسِع عشر) (الْبَوْل وأصناف الرسوب وألوانه)
(5/191)
(فارغة)
(5/192)
(صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا) (الْبَوْل وأصناف الرسوب وألوانه وقوامه) الْمقَالة الأولى من كتاب البحران قَالَ: الْبَوْل الْأسود لَيْسَ يدل على أَنه غير نضيح فَقَط بل يدل على التّلف والأبيض الرَّقِيق المائي فَإِنَّمَا هُوَ غير نضيج فَقَط.
قَالَ: وَالْبَوْل الشبيه ببول الأصحاء دَلِيل على قُوَّة الْعُرُوق وَمَا جانسها من الْآلَات وَإِن كَانَ أقل نضجاً دلّ على ضعف مِنْهَا وَإِذا كَانَ فِي غَايَة المضادة لبول الأصحاء فَإِنَّهُ لم ينضج الْبَتَّةَ فَيدل على غَايَة ضعف الْعُرُوق والآلات المجانسة لَهَا وَمَتى كَانَ مَعَ عدم النضج يدل على رداءة من الْعلَّة الْغَالِبَة على ذَلِك الْموضع فانه يدل على الْهَلَاك دلَالَة فِي غَايَة الْقُوَّة.
الْبَوْل: يدل على حَال الْعُرُوق والكلى والمثانة ومجاري الْبَوْل والإحليل إِذا رَأَيْت فِي الْبَوْل ثفلاً فَانْظُر أَولا هَل ذَلِك من أجل أَعْضَاء الْبَوْل فانه لَيْسَ كل ثفل يكون فِي الْبَوْل يدل على حَال الْعُرُوق وَلَكِن إِذا لم يكن ذَلِك الثفل من المثانة ومجاري الْبَوْل والكلى والإحليل.
قَالَ: أفضل الْبَوْل الشبيه ببول الأصحاء فِي اللَّوْن وَمَا لم يكن كَذَلِك فَأَما أَن يدل على نضج أَنه لم يكن فَقَط وَإِمَّا أَن يدل مَعَ ذَلِك على التّلف وَيجب أَن يطْلب الَّذِي هُوَ فِي الْغَايَة من حسن وَهَذَا الْبَوْل ليكن ضَارِبًا إِلَى الْأَصْفَر المشبع أَو الْأَحْمَر الناصع أَو هُوَ إِلَى الْأَصْفَر المشبع أميل مِنْهُ إِلَى الْأَحْمَر الناصع وَيجب أَن يكون معتدلاً فِي الثخن وَأما مَا كَانَ من الْبَوْل أرق من هَذَا)
أَو أثخن مِنْهُ فان نضجه نَاقص. وَذَلِكَ أَن الَّذِي هُوَ أرق مِنْهُ لم ينضج بعد وَالَّذِي هُوَ أغْلظ مِنْهُ هُوَ بعد تثور لم يتَمَيَّز.
وَقد يمكنك تعرف ذَلِك من الْبَوْل الَّذِي يبال وَهُوَ رَقِيق صَاف ثمَّ إِنَّه بعد إِمَّا أَن يبْقى بِحَالَة من الرقة دَائِما أَو يغلظ بعد قَلِيل فهذان البولان جَمِيعًا غير نضيجين. وَالْفرق بَينهمَا أَن الأول لم يَأْخُذ فِي الإنضاج الْبَتَّةَ وَالثَّانِي فِيهِ تثور واضطراب من ريح غَلِيظَة يشبه التثور الَّذِي يكون فِي الشَّرَاب الحَدِيث مادام يغلي.
لي الرَّقِيق جدا يدل على أَنه لم ينضج الْبَتَّةَ والتثور يدل على أَنه فِي حَال الإنضاج إِلَّا أَنه لم يكمل ذَلِك مِنْهُ كَحال الْعصير الَّذِي يغلي فَإِذا كمل طبخه ونفشت الرّيح كلهَا اسْتَقَرَّتْ الكدرة وعادت المائية ثخنته من غير تثور.
(5/193)
وَأما ثخنته فَلِأَن الطَّبْخ قد برد مِنْهَا مائية كَثِيرَة وأحال عَلَيْهَا كثيرا من الغلظ وحلل فِيهِ. وَأما ذهَاب التثور فَلِأَن الرّيح قد سكنت فاستقرت كَذَلِك تِلْكَ الْأَجْزَاء الَّتِي كَانَت تحول فِيهِ وَهَذِه الرّيح تواصل هَذِه الْأَشْيَاء ألف وَمن العفن. وَفِيه كَلَام طبيعي نذكرهُ كَامِلا إِن شَاءَ الله فِي البحوث الطبيعية. وَيجب أَن تنظر هَل يكون الْبَوْل الثخين غير نضيح لِأَنَّهُ لَيْسَ الثخين والتثور وَاحِدًا.
قَالَ الْبَوْل الكدر ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا أَن يبال كدرا وَلَا يبْقى بِحَالهِ فَإِنَّهُ متوسط بَينهمَا وَذَلِكَ أَن الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو بعد قَلِيل وَإِمَّا أَن يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ دَائِما وَإِمَّا أَن صافياً ثمَّ يكدر وأردأ هَذِه الثَّلَاثَة الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر وَبعده فِي الرداءة الَّذِي يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ وَالَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو بعد قَلِيل يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الِاضْطِرَاب والتثور قَلِيل وَأما الَّذِي يبْقى على كدرته فَيدل على التثور والاختلاط فِي النِّهَايَة وَأما الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر خَارِجا فَيدل على أَنه لم تكن حَرَكَة لَكِنَّهَا سَتَكُون عَن قريب. فبالواجب صَار هَذَا أردأهما لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض يحْتَاج إِلَى زمن طَوِيل وَإِلَى قُوَّة قَوِيَّة حَتَّى ينضج.
فَأَما الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ لَا يلبث أَن يرسب فِيهِ رسوب مَحْمُود فَيدل على أَن الْمَرِيض لَا يلبث أَن ينضج. وَأما الَّذِي يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ فَلِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب فِي نهايته كَانَ نقصانه فِي الرداءة أَشد من الْبَوْل الَّذِي يدل على أَنه لم يكن لَهُ بعد حَرَكَة. لَكِنَّهَا سَتَكُون عَن قريب على حسب فَضله فِي الرداءة على الْبَوْل الَّذِي يدل على أَن تِلْكَ الْحَرَكَة قريب)
أَن تسكن وتهدأ فالبول إِذا فِي الْغَايَة القصوى من الْبعد عَن النضج وأشر هَذِه كلهَا.
وَهَذَا هُوَ الْبَوْل الشبيه بِالْمَاءِ لَا يدل على الصِّحَّة وَلَيْسَ هُوَ فِي طَرِيق النضج كالبول الكدر وَلَا قَرِيبا مِنْهُ كالبول الَّذِي يكدر بعد قَلِيل وَلكنه كَأَنَّهُ ينذر ك بِأَنَّهُ قد أعيتك الْحِيلَة بالنضج.
وَهَذَا الْبَوْل من الْعُرُوق وَمَا جانسها بِمَنْزِلَة التُّخمَة من الْمعدة فان كَانَ مَعَ الشّبَه بِالْمَاءِ خُرُوجه سَرِيعا فان هَذَا حِينَئِذٍ هُوَ الْمَرَض الْمُسَمّى ذيابيطس وَهَذِه الْعلَّة من الْعُرُوق بِمَنْزِلَة سَلس المعي وَذَلِكَ أَنه كَأَن موت الْقُوَّة الْمُغيرَة والماسكة فَهَذَا شَرّ أَصْنَاف الْبَوْل الْغَيْر النضج ثمَّ يتلوه فِي الرداءة المائي الَّذِي لَيْسَ خُرُوجه بسريع لِأَن هَذَا أقل دلَالَة على التّلف إِذْ كَانَ لَا يدل على موت قوتين غريزيتين وَلكنه يدل على ضعف الْقُوَّة الْمُغيرَة فَقَط فانه بِحَسب ضعف القوى وبطلانها تكون رداءة الْمَرَض فالبول الَّذِي يكون فِي درب الْبَوْل أردأ الأبوال الْغَيْر النضيجة لِأَن الْبَوْل الَّذِي هُوَ فِي بياضه كَالْمَاءِ وَفِي رقته فَهُوَ أَيْضا رَدِيء مفرط الرداءة لِأَنَّهُ يدل على ضعف الْقُوَّة الْمُغيرَة فِي الْغَايَة وَيقرب مِنْهُ بَوْل يشبه لَونه أَشد مَا يكون من الْأَشْرِبَة بَيَاضًا. وَهَذَا الْبَوْل إِنَّمَا يكون إِذا خالط المائي بِشَيْء من رَقِيق الْمرة
(5/194)
الصَّفْرَاء. ثمَّ بعد هَذَا الْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة الرقيقة الأترجية فَأَما الَّذِي هُوَ أصفر رَقِيق أترجي ألف وفهو خير من هَذَا وَهُوَ دون الْأَصْفَر المشبع إِلَّا أَنه يضْرب إِلَيْهِ وَهَذَا الْبَوْل نضيح من أجل لَونه وَيجب أَن يُخَالف المَاء فِي رقته حَتَّى يكون قد استحكم لَهُ النضج.
وَأما أَحْمد الألوان كلهَا فَالَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة أَو إِلَى الْحمرَة الناصعة وَأَقُول أَنه مَتى دَامَ الدَّم فِي طَرِيق النضج فَكل بَوْل يبال يرى فِيهِ رسوب أملس مستو أَبيض كثيرا. فَإِذا تمّ النضج ازْدَادَ تلوناً وَقل رسوبه ثمَّ إِنَّه إِن منع الْإِنْسَان من الطَّعَام بعد هَذَا رَأَيْت الْبَوْل يزْدَاد صفرَة دَائِما.
لي الدَّم إِذا لم يكن فِيهِ فضل غليظ خام لم يُمكن أَن يكون لمِائَة رسوب كثير وَلذَلِك لَا يغذي أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة لِأَن فِي دِمَائِهِمْ فضلا يحْتَاج أَن ينضج فان غذوا ازْدَادَ ذَلِك الْفضل وازدادوا بعدا من النضج وَإِذا كَانَ فِي الدَّم فضول إِلَّا أَن الطبيعة لم تَأْخُذ فِي نضج تِلْكَ الفضول وهضمها فانه لَا يكون أَيْضا فِي الْبَوْل رسوب كثير. فَلذَلِك يدل الرسوب فِي الْأَمْرَاض على النضج بِمِقْدَار قوته وَيدل فِي الأصحاء على فضل فِي الْعُرُوق.
قَالَ: اللَّوْن الْأَصْفَر المشبع أقرب الألوان منْظرًا من اللَّوْن الْأَحْمَر الناصع وَالْفرق بَينهمَا أَن)
الْأَصْفَر المشبع أقرب إِلَى الْبيَاض والأحمر الناصع أقرب إِلَى الصفاء والبريق والأصفر المشبع أقرب إِلَى الْبيَاض من الْأَحْمَر الناصع بِحَسب مَا الْأَصْفَر الرَّقِيق أقرب إِلَى الْبيَاض من الْأَحْمَر الناصع بِحَسب مَا الْأَحْمَر الناصع أبعد عَن الْبيَاض من الْأَصْفَر المشبع والأحمر القاني أبعد عَن الْبيَاض من الْأَصْفَر المشبع.
الَّذِي للأصحاء الْحَافِظ للونه. وَهُوَ الْبَوْل الصَّحِيح الحميد إِن كَانَ فِيهِ رسوب كثير أملس أَبيض مستو فَلَيْسَ يدل على أَن النضج مَعْدُوم بل على أَنه مستحكم إِلَّا أَنه ينتفض من الْبدن كيموس كثير نيّ وَلذَلِك يكون الرسوب كثيرا فِي بَوْل الصّبيان كلهم إِلَّا فِي الندرة فِي أبول المستعملين للخفض والدعة وَكَثْرَة الْأكل لِأَنَّهُ يجْتَمع فِي هَؤُلَاءِ فضل كثير لِكَثْرَة غذائهم.
وللصبيان خلة أُخْرَى هِيَ أَن أبدانهم تجتذب الْغذَاء من معدهم قبل استحكام النضج لأَنهم فِي النشوة وبالواجب لذَلِك أَن يكثر الْفضل فِي دِمَائِهِمْ وَيجب عَن ذَلِك أَن يكثر الرسوب فِي أَبُو الْهم. وَكَذَلِكَ يكثر الرسوب ضَرُورَة فِي أَبْوَال من تعتريه الْحمى من قبل إفراط السّكُون والإفراط من الطَّعَام إِذا كَانَ أَمرهم يؤول إِلَى السَّلامَة فرسوب مَحْمُود كثير فِي غَايَة الْكَثْرَة.
وَأما الَّذين يجمعُونَ من التَّعَب وإقلال الطَّعَام فان أبوالهم تكون ألوانها صفراء مشبعة وَتَكون غَلَبَة المرارة فِيهَا بَينا.
لي والتحاف جدا. وَكَثِيرًا مَا تَنْقَضِي أمراضهم من غير أَن يرسب شَيْء فِي أبوالهم
(5/195)
وتكتفي بِأَن ترى فِي أبوالهم غمامة بَيْضَاء طافية فِي أَعلَى المَاء أَو مُتَعَلقَة فِي الْوسط بعد كَونهَا محمودة أَعنِي أَن تكون بَيْضَاء ملساء مستوية.
وأبوال الأصحاء الَّذين تعبهم ألف وَكثير وطعمهم قَلِيل يكون المرار عَلَيْهَا اغلب وَلذَلِك لَا يذم أبقراط الْبَوْل الْأَصْفَر المشبع الصُّفْرَة إِلَّا أَن يكون رَقِيقا فَأَنَّهُ قد قَالَ: إِن الْبَوْل مادام أصفر مشبع الصُّفْرَة رَقِيقا فانه يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج بعد.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يُمكن إِذا كَانَ الْبَوْل شَدِيد الرقة وَلَو تركته زَمنا طَويلا أَن يتَمَيَّز حَتَّى يرسب مَا فِيهِ من الشَّيْء إِلَّا غلظ ويطفو مَا هُوَ فِيهِ مِمَّا هُوَ أرق لِأَن هَذَا إِنَّمَا يعرض للبول الَّذِي فِيهِ بعض الغلظ.
قَالَ: وَلَيْسَ مَتى كَانَ الْبَوْل غليظاً باعتدال وَكَانَ فِيهِ رسوب فَهُوَ صَحِيح نضيج وَذَلِكَ أَن الرسوب كَانَ محبباً كالشبيه بخلال السويق أَو كَانَ فِيهِ قطع شَبيه بالصفائح أَو بالنخالة أَو كَانَ)
أَخْضَر أَو أسود أَو كمداً رصاصياً أَو منتناً فَكل هَذِه مَعَ مَا أَنَّهَا لم تنضج تدل على التّلف وَذَلِكَ أَن الرسوب المحبب الشبيه بخلال السويق يدل إِمَّا على ذوبان الْأَعْضَاء وانحلالها وَإِمَّا على حرارة مفرطة محرقة قد قويت على الدَّم فَأَحْرَقتهُ وَإِمَّا على الصفائح فَهِيَ أَجزَاء تَنْقَسِم من ظَاهر الْعُرُوق عِنْدَمَا يعرض لَهَا أَن تذوب وتتحلل وَكَذَلِكَ الشبيه بالنخالة إِلَّا أَن هَذَا أغْلظ وأصفر.
وَأما الشبيه بالصفائح فَأَعْرض من الشبيه بالنخالة وأرق.
وَأما فَإِنَّهُ يدل إِمَّا على حرارة مفرطة نارية وَإِمَّا على برد مفرط وَتعرض مِنْهُ حَال شَبيهَة بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْأَعْضَاء الخارجية إِنَّمَا يعرض لَهَا السوَاد على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ سَواد قوام الْبَوْل وَسَوَاد رسوبه وتعلقه.
والغمامة إِنَّمَا تكون من حرارة مفرطة وَإِمَّا لمَوْت الطبيعة تكون من إفراط الْبرد وكل بَوْل يصير إِلَى السوَاد فَهُوَ رَدِيء فِي غَايَة الرداءة حَتَّى أَنِّي لَا أعلم أحدا بَال بولاً فنجاً.
وَأما الرسوب فِي الْبَوْل إِذا صَار إِلَى السوَاد فدلالته على التّلف أقل والغمام الْمُتَعَلّق فِي وسط الْبَوْل إِذا كَانَ أسود فَهُوَ أقل دلَالَة على التّلف من الرسوب الْأسود والطافي اقل دلَالَة على الْهَلَاك إِذا كَانَ أسود من الْمُتَعَلّق.
لي قد صرح بِأَن مائية الْبَوْل إِذا كَانَ أسود أشر من جَمِيع أَجْزَائِهِ الْأُخَر ويتلوه فِي الرداءة الرسوب الْأسود ثمَّ الغمامة السَّوْدَاء.
قَالَ: وَأما 3 (اللَّوْن الْأَخْضَر) قاتما يكون من أجل السَّوْدَاء فِي طَرِيق حُدُوثه. كَأَنَّهُ مُقَدّمَة للسوداء وَذَلِكَ أَن الْمَرَض إِذا كَانَ خبيثاً ظهر فِيهِ بعد ظُهُور الْقَيْء الْأَخْضَر وَالْبرَاز الْأَخْضَر وَالْبَوْل الْأَخْضَر وكل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة هُوَ أسود. فَأَما اللَّوْن الكمد الرصاصي فَإِنَّمَا يتَوَلَّد من الْبرد فَقَط. وَأما الرَّائِحَة المنتنة فَإِنَّمَا تتولد من العفونة. فان كَانَ الْبَوْل شَبِيها بالدهن دلّ على ذوبان الْجِسْم. وكل هَذِه الأبوال رَدِيئَة.
(5/196)
لي يجب أَن يلْحق هَاهُنَا الَّذِي للمرضى: وَأحمد الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء ملساء مستوية إِمَّا راسبة وَإِمَّا طافية وَإِمَّا مُتَعَلقَة وَأحمد هَذِه الغمامة الراسب ثمَّ الْمُتَعَلّق ثمَّ الطافي فان هَذِه الْأَصْنَاف من الْبَوْل تدل على نضج ألف و.
وَأما جَمِيع أَصْنَاف الْبَوْل الْبَاقِيَة فبعضها يدل على خلاف النضج مثل الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق والأبيض الكدر وَبَعضهَا يدل على التّلف كالكمد والأخضر وَالْأسود وَالَّذِي رسوب شَبيه بخلال السويق أَو بالصفائح أَو بالنخالة.
وَإِمَّا الْبَوْل الَّذِي يضْرب فِيهِ إِلَى 3 (الصُّفْرَة المشبعة والحمرة الناصعة) إِلَّا أَنه رَقِيق بعد فَهُوَ من طَرِيق رقته غير نضيج وَهُوَ طَرِيق لَونه نضيج فَهُوَ متوسط بَين الْبَوْل النضيج بِالْحَقِيقَةِ وَغير النضيج وَكَذَلِكَ الْبَوْل الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء ملساء مستوية إِلَّا أَنه متفرق غير مُتَّصِل. والاستواء فِي الرسوب على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا أَن لَا يكون مُتَفَرقًا متشتتاً وَالْآخر أَن يكون فِي جَمِيع الْأَوْقَات.
لي يَعْنِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض وَجَمِيع ساعاته على مَا وَصفنَا وَذَلِكَ انه مَتى رَأَيْت الْبَوْل صافياً فِي وَقت وَفِيه شَيْء راسب فِي وَقت آخر فَذَلِك يدل على أَنه لم يستكمل نضوج الْمَرَض.
وأردأ أَصْنَاف الْبَوْل للرِّجَال وَالنِّسَاء الْأسود فَأَما الصّبيان فالرقيق. وَذَلِكَ لِأَن بَوْل الصّبيان أثخن بالطبع وَبَوْل المستكملين الطبيعي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة وكل شَيْء يضاد الْأَمر الطبيعي يدل على التّلف.
وَالْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الْحمرَة القانية وَفِيه رسوب يضْرب إِلَى الْحمرَة القانية أملس فَأَنَّهُ بَوْل سليم جدا إِلَّا أَنه ينذر بطول الْمَرَض أَكثر من الْبَوْل الَّذِي قُلْنَا قبل: أَنه يدل على أَن النضج لم يستكمل.
وَهُوَ الَّذِي سحابته مُتَعَلقَة بَيْضَاء ملساء غير مُتَّصِلَة وَذَلِكَ أَن الشَّيْء الَّذِي يصْبغ الْبَوْل حَتَّى يصير فِي هَذَا اللَّوْن هُوَ مائية الدَّم فَيدل على أَن الْحَرَارَة ضَعِيفَة وَلذَلِك الدَّم مائي فَيحْتَاج زمن طَوِيل حَتَّى يتراجع ويقوى وَيدل على أَن الْمَرَض سليم من أجل طبيعة هَذِه الْمَادَّة المخالطة للبول وَذَلِكَ أَنَّهَا غير رقيقَة مائية ولاهية غَلِيظَة مفرطة الغلظ وَلَا هِيَ أَيْضا حارة وَلَا عفنة وَلكنهَا مَادَّة محمودة قريبَة من طبيعة الدَّم.
قَالَ ج: وَقد كتبنَا فِي الْبَوْل جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي غرضنا.
لي إِذا نَحن ألفنا كتابا فِي الْبَوْل نبتدئ فَنَقُول: ينظر من الْبَوْل إِمَّا فِي اللَّوْن وَإِمَّا فِي القوام وَإِمَّا فِي الرسوب وَإِمَّا فِي الرّيح وَإِمَّا فِي الطّعْم وَإِمَّا فِي الصَّوْت وَإِمَّا فِي الملمس ثمَّ نقُول: أَصْنَاف اللَّوْن كَذَا وَكَذَا وأصناف القوام كَذَا وَكَذَا ثمَّ نخبر فِي الْفَصْل الثَّانِي بِأَسْبَاب
(5/197)
الْأَصْنَاف وَفِي الثَّالِث مَا يدل عَلَيْهِ كل صنف وَقد يُوجد بَوْل حامض الرّيح والطعم فِي الْفَصْل الرَّابِع فَوَائِد تدل على غير نظام)
قَالَ:
3 - (عَلَامَات النضج التَّام)
هُوَ أَن يظْهر فِي الْبَوْل ثفل راسب أَبيض أملس مُتَّصِل. وَأما عَلَامَات النضج الْخفية الضعيفة فانتقال الْبَوْل عَن المائية إِلَى الصُّفْرَة الرقيقة وَإِن انْتقل الْبَوْل أَيْضا من الرقة إِلَى التثور ثمَّ بَقِي على حَاله بعد أَن يبال فَلم يتَمَيَّز فَذَلِك من عَلَامَات النضج الْخَفي الضَّعِيف.
وَالْبَوْل أَيْضا الْأَصْفَر المشبع إِذا كَانَ رَقِيقا فَهُوَ من هَذَا الْجِنْس والغمامة الَّتِي لَوْنهَا أَحْمَر قاني والثفل الراسب فِي هَذَا اللَّوْن وَالْبَوْل الَّذِي لَا ثفل فِيهِ إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن معتدل الثخن يدل أَيْضا على أَن النضج قد كَانَ.
قَالَ: ألف وَلَيْسَ يُمكن أَن يكون بعد الثفل الراسب الْأَبْيَض الْمَحْمُود للحمى صولة الْبَتَّةَ.
جَوَامِع البحران قَالَ: عدم النضج فِي اللَّوْن أصلح مِنْهُ فِي القوام وَلذَلِك الْبَوْل الْأَبْيَض الْحسن القوام أقل شرا من الْبَوْل الْأَصْفَر الرَّقِيق.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفوا ويتميز غير نضيج إِلَّا أَنه اقل بعدا عَن النضج من الْبَوْل المائي. وَهُوَ بعده.
قَالَ: وَالْبَوْل الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر خَارِجا فِي غَايَة الرداءة إِلَّا أَنه يدل على السبات وَالْجُنُون سيحدث بالمريض طوال مُدَّة الرسوب.
الرسوب يكون فِي أَبْوَال أَصْحَاب الْأَبدَان الممتلئة والأخلاط الْكثير والغذاء الْكثير والدعة كثيرا وبالضد فِي المهازيل وَأَصْحَاب التَّعَب والجوع وَيكون فِي المعتدلة بَين ذَلِك معتدلاً.
الْبَوْل الْأسود فِيهِ شَيْء من غَايَة الدّلَالَة على الْهَلَاك وَهُوَ الَّذِي يكون كُله اسود أَعنِي المائية والثفل.
وَمِنْه مَا يدل على العطب دلَالَة مُطلقَة وَهُوَ الَّذِي فِيهِ رسوب أسود فَقَط فَأَما سائره فَلَيْسَ بأسود.
وَمِنْه مَا دلَالَته على العطب دلَالَة أقل وَهُوَ الَّذِي فِيهِ تعلق أسود.
وَمِنْه مَا دلَالَته عَلَيْهِ يسيرَة وَهُوَ الَّذِي فِيهِ طَاف أسود فَقَط مثل الرمل الشبيه بالجشيش مَا هُوَ مِنْهُ الْأَبْيَض يدل على ذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَالأسود على احتراق الدَّم.
والثفل الشبيه بالصفائح يدل على أَن الَّذِي يذوب من الْبدن ظَاهر الْأَعْضَاء والشبيه بالنخالة)
يدل على حرارة أقوى وَكلما كَانَت هَذِه الْأَجْزَاء أَكثر عمقاً دلّت على أَن الَّذِي يذوب جَوْهَر الْأَعْضَاء.
(5/198)
والثفل الْأسود يدل على أَن الْحَرَارَة كَبِيرَة أَو الْبُرُودَة غالبة. والثفل الْأَخْضَر والكمد يدلان على إفراط الْبُرُودَة والمنتن يدل على العفونة والثفل الدسم دَال على ذوبان الْبدن.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل يدل على الْخَلَاص أَو على العطب فأو كد دلَالَته إِذا كَانَ ثفله راسباً وأوسطه الْبَوْل مِنْهُ مَا يدل على نضج تَامّ وَهُوَ الْحسن اللَّوْن الَّذِي فِيهِ رسوب أَبيض وأملس مستو.
وَمِنْه مَا يدل على نضج غبر بَين وَهُوَ الَّذِي فِي وَسطه شَيْء مُتَعَلق أَبيض أملس مستو.
وَمِنْه مَا يدل على نضج ضَعِيف وَهُوَ الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء ملساء.
وَمِنْه مَا يدل على خلاف النضج وَهُوَ أَصْنَاف: المائي يدل على غَايَة عدم النضج وَالْبَوْل الَّذِي يبال خائراً وَيبقى على خثورته يتلوه فِي ذَلِك وَهُوَ أقرب إِلَى النضج مِنْهُ وَالثَّالِث اقل مُخَالفَة للنضج وَهُوَ الَّذِي يبال كدرا.
ويتميز الْبَوْل الَّذِي لَونه لون النَّار وقوامه رَقِيق يدل على أَن الْمَرِيض لم ينضج مَرضه وَالْبَوْل الَّذِي فِيهِ شَيْء أَبيض مُتَعَلق غير مُتَّصِل وَالْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب أَحْمَر يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وَهُوَ فِي طَرِيق النضج.
وَمن الْبَوْل مَا يدل على أَن الْمَرَض قتال بِمَنْزِلَة الَّذِي فِي أَسْفَله ثفل شَبيه بالجشيش وَالَّذِي فِي أَسْفَله ثفل شَبيه بالنخالة وَالْأسود والكمد الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة والدهني وَالدَّسم.
أَصْنَاف النضج فِي الْبَوْل ألف وَثَلَاثَة أَحدهمَا الضَّعِيف بِمَنْزِلَة الْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَالْبَوْل الَّذِي يبْقى خاثراً وَالْبَوْل المائي الرَّقِيق وَالثَّانِي النضج الَّذِي لَيْسَ بضعيف إِلَّا أَنه لَيْسَ بَين بِمَنْزِلَة الْبَوْل الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء أَو شَيْء مُتَعَلق أَبيض أملس مستو أَو غمامة حَمْرَاء أَو ثفل أَحْمَر وَالْبَوْل الناري والثخين وَالثَّالِث النضيج الْبَين التَّام بِمَنْزِلَة الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل راسب أَبيض مستو من الأبوال الْغَيْر النضيجة. 3 (الْبَوْل الشبيه بِالْمَاءِ) أبعدها من النضج وَالْبَوْل الَّذِي يبال ثخيناً وَيبقى ثخيناً بِحَالَة لَا يتَمَيَّز أقل بعدا من النضج الأول وَالَّذِي يبال خاثراً يتَمَيَّز أقل بعدا من الْأَوَّلين وَالْبَوْل الخمري أَكثر بعدا من النضج.
لي أَحْسبهُ من الخاثر مَا يتَمَيَّز وَمَا لم يتَمَيَّز وَيَعْنِي بالخمري: الْأَصْفَر المشبع الرَّقِيق القوام جدا.
الْمقَالة الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء قَالَ: تفقد من الْبَوْل لَونه وقوامه وتفقد فيهمَا جَمِيعًا وَلَا تغفل عَمَّا يرسب فِيهِ وَمَا يطفو عَلَيْهِ لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء تدل بِالْحَقِيقَةِ على حَال الدَّم الَّذِي فِي الأوردة فان كَانَ الدَّم ذَا مرّة وَجب أَن تكون مائيته ذَات مرّة فِي نَوْعي
(5/199)
الْمَرَض كليهمَا فان كَانَ غير نضيج بلغمياً فَمَا دَامَ غير نضيج بِالْحَقِيقَةِ فان الْبَوْل يكون مائياً وَلَا يكون فِي أَسْفَله شَيْء راسب وَلَا فِي أَعْلَاهُ شَيْء طَاف فَإِذا نضج ظَهرت فَوْقه غمامة مثل الَّذِي يكون فَوق المرق إِذا برد.
فان كَانَ الْبَوْل خائراً كبول الدَّوَابّ فَأَنَّهُ يدل على أَن الأوردة مَمْلُوءَة كيموساً خاماً وَإِن الطبيعة لَيست مقصرة عَنهُ بل هِيَ تعْمل فِيهِ دَائِما وَلَا تقوى على أَحْكَام هضمه وَإِن كَانَ الْبَوْل الخاثر يسْرع الِانْفِصَال وَيكون الشَّيْء الَّذِي يرسب مِنْهُ أَسْفَل أَبيض أملس مستوياً فانه يدل على أَن الطبيعة قد قاربت أَن تغير الفضول كلهَا.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل إِذا برز صافياً ثمَّ يثخن من سَاعَته فانه يدل على أَن الطبيعة قد أخذت فِي إنضاج الكيموسات الخامة وَإِن كَانَ يثخن الْبَوْل بعد وَقت طَوِيل دلّ ذَلِك على أَن الطبيعة لَيست تَأْخُذ فِي إنضاج الكيموس الخام قَرِيبا بل بعد زمَان فَلذَلِك يجب أَن يكون الدَّلِيل الْعَام الَّذِي يدلك على الْبَوْل الخائر بِسُرْعَة انْفِصَاله أَو بطئه أَو لَا انْفِصَال لَهُ الْبَتَّةَ وعَلى الَّذِي يبال رَقِيقا بِسُرْعَة تخثره أَو بطئه أَو لَا يخثر الْبَتَّةَ وَإِن كَانَ انْفِصَاله سَرِيعا وَكَانَ الَّذِي يرسب أَبيض أملس مستوياً دلّ على أَن الطبيعة أقوى من الكيموسات الَّتِي تروم إنضاجها.
لي أفهم هَذَا فان هَذَا الْكَلَام فِي الْبَوْل الَّذِي يبال خاثراً فَأَما الرسوب الَّذِي حَاله إِذا كَانَ فِي الْبَوْل غير الخاثر فانه يدل على أَن النضج قد كَانَ تمّ وَإِن كَانَ الراسب فِي أَسْفَل الْبَوْل حسنا وَكَانَ انْفِصَاله فِي زمن طَوِيل دلّ على أَن الطبيعة تقهر الكيموس بعد زمَان طَوِيل وَأَنَّهَا لَيست بقوية عَلَيْهِ كل الْقُوَّة وَإِن لم ينْفَصل الْبَتَّةَ أَو كَانَ مَا يرسب مِنْهُ فِي حَال رَدِيئَة دلّ على ضعف الطبيعة وحاجتها إِلَى التقوية لتقوى على هضم الكيموسات وإنضاجها.) 3 (الرسوب الْأَبْيَض) الْحَادِث فِي الْبَوْل يشبه حُدُوثه حُدُوث الْمدَّة لِأَنَّهُ فِي قوته متوسط بَين الأخلاط الطبيعية والخارجة عَن الطبيعة.
لي يَعْنِي بالأخلاط الطبيعية الشَّيْء الَّذِي يَسْتَحِيل من الطَّبْع كاللبن والمنى والخارجة عَن الطبيعة كالصديد الْمَتْن.
قَالَ: وَذَلِكَ أَن الشَّيْء الَّذِي يفوت الطبيعة أَن تعْمل فِيهِ من الْغذَاء عِنْد إحالته إِلَى الدَّم يرسب فِي الْبَوْل فَلَا يَسْتَحِيل عَنْهَا فَيصير دَمًا وَلَا هُوَ بِمَنْزِلَة الْأَشْيَاء الَّتِي استحالت اسْتِحَالَة غير الطبيعية.
الأولى فِي تقدمة الْمعرفَة فِي آخرهَا قَالَ: مَحل الرسوب الْأَبْيَض فِي الأبوال مَحَله مَحل الْمدَّة الجيدة وَذَلِكَ انه بَين الْخَلْط الَّذِي يتَوَلَّد من الاستحالة طبيعية مثل الدَّم وَاللَّبن وَبَين الْأَشْيَاء الَّتِي لم تستحل اسْتِحَالَة طبيعية كالفضول لِأَن هَذَا الثفل هُوَ الفضلة الَّتِي قد فَاتَ الطبيعة إحالته إِلَى الدَّم.
قَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: الاسْتوَاء فِي الْأَجْزَاء والملاسة تقع لجودة عمل الْمُحِيل فِي
(5/200)
الْمحَال طبيعية كَانَت تِلْكَ الاستحالة أَو خَارِجَة من الطَّبْع فَلذَلِك الْأَشْيَاء الطبيعية أَجودهَا أَن تكون مستوية ملساء وَغير الطبيعية فأشرها أَن يكون أملس مستوياً لِأَنَّهُ فِي هَذِه الْحَال يدل على أَن عمل الشَّيْء غير الطبيعي الْغَالِب فِيهِ أَشد وأبلغ.
تقدمة الْمعرفَة قَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: احْمَد الْبَوْل مَا كَانَ فِيهِ ثفل راسب أَبيض أملس مستو فِي جَمِيع مُدَّة الْمَرَض كُله إِلَى أَن يَأْتِي فِيهِ البحران فَإِن ذَلِك يدل على الثِّقَة وَقصر الْمَرَض فان جَاءَ بحران يَبُول فِيهِ مرّة بولاً صافياً وَمرَّة يرسب فِيهِ ثفل أَبيض أملس فان الْمَرَض أطول وَالْأَمر فِيهِ أسلم. ج: شدَّة الْقُوَّة الطبيعية تُوجد فِيمَا يظْهر من أفعالها الطبيعية وَذَلِكَ بِظهْر فِي الْمعدة من البرَاز وَفِي الْعُرُوق والكبد من الْبَوْل وَقد تتبين فِي الْبَوْل مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على أَحْوَال غير هَذِه الْأَعْضَاء.
قَالَ: الْبَوْل الدَّال على نضج الأخلاط فِي الكبد وَالْعُرُوق غَايَة النضج هُوَ الَّذِي وَصفه إِذا كَانَ دَائِما فَأَما إِن كَانَ يَوْمًا ويماً لَا فانه يدل على أَن فِي الْعُرُوق أخلاطاً نضيجة وأخلاطاً غير)
نضيجة فَإِذا لم يبل الْمَرِيض بولاً الْبَتَّةَ بولاً غير نضيج فِيمَا بَين أبواله النضيجة فَهُوَ لَهُ أفضل الأبوال.
وَالْبَوْل الْكَامِل النضج يجب أَن يكون فِيهِ رسوب على مَا وصفت فان لم يكن رسوباً فَلَا أقل من أَن يكون لَهُ غمامة بَيْضَاء ملساء وَتَكون صُورَة لَونه معتدلة الصُّفْرَة وقوامه بَين الرَّقِيق المائي والغليظ لِأَن الْبَوْل الَّذِي لَا رسوب فِيهِ الْبَتَّةَ يبوله من كَانَ تَدْبيره فِي غَايَة اللطافة وَأما الَّذِي فِيهِ رسوب كثير فَمن كَانَ تَدْبيره فِي غَايَة الغلظ وَالَّذِي فِيهِ رسوب قَلِيل فالمتوسط التَّدْبِير.
وَكَذَلِكَ أَيْضا لون الْبَوْل فانه فِي الْأَمْرَاض المرارية أصفر وَفِي الْحَادِثَة عَن الأخلاط نِيَّة أَبيض.
والرسوب فِي الْحَادِثَة عَن الأخلاط النِّيَّة ألف وَكَثِيرًا وَأما فِي الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن المرار فَلَا يكون أصلا أَو يكون قَلِيلا جدا وَقد يَكْتَفِي أَن يكون فِي بَوْل هَذِه الْأَمْرَاض غمامة أَو تعلق. فَأَما الْبَوْل الَّذِي يُوجد فِيهِ دَائِما رسوب جيد فانه يدل على أَن الْمَرِيض فِي غَايَة الْأَمْن والثقة والسلامة وَأَن يَنْقَضِي انْقِضَاء لَا عودة لَهُ ويسرع انقضاؤه.
وَجُمْلَة أَن الْبَوْل إِن لبث بِهَذِهِ الْحَال فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي وَاللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الْيَوْم الثَّالِث لم يتَجَاوَز الْمَرَض الدّور الأول من أَيَّام البحران.
قَالَ: فان كَانَ الْبَوْل يضْرب إِلَى الْحمرَة المشبعة والثفل الراسب فِيهِ بذلك اللَّوْن إِلَّا أَنه أملس كَانَ الْمَرَض أطول مُدَّة من الأول إِلَّا أَنه سليم جدا.
قَالَ: لون الدَّم يمِيل إِلَى الْحمرَة وَإِذا خرجت مائية الدَّم مَعَه يدل ذَلِك على كَثْرَة من
(5/201)
الدَّم لَيْسَ بمستحكم وَلَا نضيج وَكَذَلِكَ لما كَانَ الْغَالِب فِي الْبدن أَجود الأخلاط كَانَ الْمَرَض فِي غَايَة السَّلامَة إِلَّا أَنه يحْتَاج إِلَى مُدَّة حَتَّى ينضج ذَلِك الدَّم بطول مدَّته.
لي وَقد بَين ج بقوله الرسوب هُوَ مَا يفوت الطبيعة إحالته إِن الرسوب يكثر فِي الْمَرَض لِأَن تولد الدَّم حِين إِذْ ضَعِيف وَفِي السمان الكثيري الْغذَاء لِأَن الْمَادَّة كَثِيرَة وَلذَلِك هُوَ قَلِيل لَا يجب أَن يطْلب فِي أَبْوَال الأصحاء الْجيد التَّدْبِير الكاملي الهضم.
قَالَ: فَأَما مَتى كَانَ الثفل الراسب فِي الْبَوْل شَبِيها بخلال السويق فانه رَدِيء وأردأ مِنْهُ مَا كَانَ شَبِيها بالصفائح وَمَا كَانَ مِنْهُ رَقِيق أَبيض فَهُوَ رَدِيء جدا وأردأ مِنْهُ الشبيه بالنخالة لِأَن الشَّيْء بخلال السويق إِمَّا يكون من احتراق الدَّم الغليظ وانطباخه وَإِمَّا من ذوبان اللَّحْم ذوباناً مُخْتَلفا.)
وَاخْتِلَاف ذوبان اللَّحْم يكون إِذا انْحَلَّت الْأَجْزَاء اللينة الرّطبَة مِنْهُ من الْحَرَارَة فَصَارَت صديداً رديئاً وَخفت الْأَجْزَاء الصلبة ويبست وَذَلِكَ أَن أول مَا يذوب فِي أَمْثَال هَذِه الحميات الشَّحْم الطري الحَدِيث ثمَّ مَا هُوَ أَصْلَب من الأول.
لي وَأعْتق وَمن بعد ذَلِك اللَّحْم الطري اللين ثمَّ اللَّحْم الصلب الْعَتِيق وَمن بعد ذَلِك الْأَعْضَاء أَنْفسهَا وَإِذا رَأَيْت الْأَعْضَاء أَنْفسهَا ذَابَتْ رَأَيْت فِي الْبَوْل أَجزَاء غير مُتَسَاوِيَة شَبيهَة بالصفائح وَقد يكون صنف آخر من الرسوب لَا غلظ فِيهِ أَبيض اللَّوْن وَسبب بَيَاض لَونه مُخَالطَة الْهَوَاء لَهُ بكليته أَكثر مُخَالطَة لما كَانَ غليظاً وحدوث هَذَا الرسوب يكون من ريح غَلِيظَة تخالط أَشْيَاء من فضول الأخلاط لم يستحكم نضجها مُخَالطَة يعسر تبرؤها مِنْهُ وخاصية هَذَا الرسوب الْحَال الَّتِي من عَادَة أبقراط أَن يسميها الاسْتوَاء وحدوث ذَلِك يكون إِذا كَانَ الرسوب كُله متساوي الْأَجْزَاء إِلَّا أَن مَا كَانَ مخالطاً لشَيْء آخر وأجزاؤه ترى مُخْتَلفَة فِي قوامها ولونها.
وَمَا كَانَ أجزاؤه من الرسوب الْمُخْتَلف صغَار فَهُوَ أردأ من الَّذِي أجزاؤه كبار وَذَلِكَ أَن الرسوب الَّذِي أجزاؤه كبار دلَالَته على قُوَّة الطبيعة بِحَسب ألف وَعظم ذَلِك الْجَوْهَر الْمُؤلف من تِلْكَ الْأَجْزَاء واستحكام نضجه.
وَأما الْأَجْزَاء الصغار فتل على أَن الْمَادَّة قد قهرت الطبيعة وغلبتها أَو على أَن الْحَرْب بَينهمَا كَأَنَّهُمَا متساويتانْ فَهَذَا أَمر يعم جَمِيع الرسوب المتساوي.
وَأما النخالي فأردأ الثَّلَاثَة الْأَصْنَاف. وَذَلِكَ أَنه بِمَنْزِلَة الصِّنْف الأول وَالثَّانِي وَيدل على أَن حرارة الْحمى ملتهبة مذوبة وَكَانَ يجب أَلا ترَتّب رَابِعا بل ثَالِثا.
قَالَ: والغمامة الْمُتَعَلّقَة فِي الْبَوْل فالبيضاء حميدة والسوداء رَدِيئَة لِأَن السَّوْدَاء تحدث إِمَّا من إفراط الْبرد وَمَوْت الْحَرَارَة الغريزية وَإِمَّا لفرط الْحَرَارَة الغريزية وَشدَّة الاحتراق.
(5/202)
قَالَ: وَمَا دَامَ الْبَوْل أَحْمَر رَقِيق القوام فالمرض لم ينضج، لِأَن الْبَوْل النضج معتدل القوام واللون.
قَالَ ج: الْبَوْل إِنَّمَا هُوَ الرُّطُوبَة الَّتِي تشرب بعد أَن يخالطها من المرار شَيْء مَا فان كَانَ اخْتِلَاط المرارية يَسِيرا كَانَ ضَعِيف الصُّفْرَة وبالضد.
قَالَ وَإِن لبث الْبَوْل رَقِيق القوام والصفرة زَمَانا طَويلا فَأَنَّهُ يدل على أَن النضج يتَأَخَّر وَحِينَئِذٍ لَا يُؤمن على العليل أَن يَنْفِي حَتَّى يكون النضج إِلَّا أَن الْقُوَّة قَوِيَّة كَثِيرَة.
قَالَ: وَمن أدل الأبوال على الْهَلَاك المائي وَالنَّتن الْأسود والغليظ.
قَالَ: المائي هُوَ الْأَبْيَض اللَّوْن وَالرَّقِيق القوام وَيدل على نهوك الأخلاط فِي الْغَايَة القصوى)
وَضعف الْقُوَّة الفاعلة للنضج. وَأما الْأسود والمنتن فمفردة كَانَت أَو مركبة فَإِنَّهَا رَدِيئَة. وَأما الْبَوْل الْأسود فَإِنَّهُ كلما كَانَ أغْلظ كَانَت دلَالَته على الْهَلَاك أَشد. وَأما الغليظ الَّذِي لَيْسَ بأسود فَإِن الغليظ وَإِن كَانَ رديئاً فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ هَذَا الْبَوْل على جِهَة تنقية الْبدن بِهِ فينتفع بِهِ كَمَا ينْتَفع بِسَائِر الإستفراغات الرَّديئَة إِذا كَانَ الْبدن ينقى مِنْهَا وَرُبمَا كَانَ مهْلكا مَتى كَانَ الْأَمر بالضد.
وَإِنَّمَا أَعنِي بالغليظ جدا هَاهُنَا لِأَن الْمُتَوَسّط الغلظ الطبيعي وَالَّذِي هُوَ أغْلظ مِنْهُ قَلِيلا لَا يدل على الْهَلَاك دلَالَة قَوِيَّة وَأما الَّذِي هُوَ غليظ جدا فانه دَلِيل على الْهَلَاك دلَالَة قَوِيَّة إِلَّا أَن يكون الْبدن ينتقي بِهِ فِي بعض الْأَوْقَات. 3 (أردأ الأبوال للنِّسَاء وَالرِّجَال) الْأسود وللصبيان الْبَوْل الْأَبْيَض المائي.
قَالَ جالينوس: الْأسود والمائي يدلان على العطب فِي جَمِيع الْأَشْيَاء إِلَّا أَن الْأسود فِي الشَّبَاب أردأ والمائي فِي الصّبيان وَذَلِكَ أَن الصّبيان يَبُولُونَ بولاً غليظاً أبدا بالطبع فِيهِ رسوب كثير لِكَثْرَة أكلهم والأخلاط النِّيَّة فيهم وَهَذَا لَهُم طبيعي وَالْبَوْل الرَّقِيق أبعد شَيْء من طباعهم وَهُوَ لذَلِك أردأ. وَأما الشَّبَاب المتناهون فان بَوْلهمْ الطبيعي لطيف والرسوب فِيهِ قَلِيل وَالْأسود فِي غَايَة المضادة لبولهم الطبيعي وَكلما كَانَ أبعد من الطبيعي فَهُوَ أشر.
قَالَ: وللصبيان إِذا دَامَ بهم الْبَوْل المائي الْغَيْر طبيعي عطبوا وَكلما كَانَ أبعد فَهُوَ اشر.
وَمن بَال بولاً رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت ألف وَسَائِر الدَّلَائِل تنذر بالسلامة فتوقع لَهُ خراجاً يخرج بِهِ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَسْفَل الْحجاب لِأَن هَذَا الْمَرَض مرض مزمن غير حاد فان بقيت قُوَّة العليل فان بحرانه يكون بخراج. يَعْنِي بِسَائِر الدَّلَائِل الْقُوَّة وسهولة الْمَرَض وَلِأَن الْمَرَض بَارِد وَالْقُوَّة قد ضعفت بطول الْمدَّة لَا تدفع الْفضل إِلَى فَوق فَيكون الْخراج أَسْفَل.
(5/203)
الدسومة الَّتِي تطفو فَوق الْبَوْل بِمَنْزِلَة نسج العنكبوت مذمومة لِأَنَّهَا تدل على أَن الْجِسْم يذوب الْمُتَعَلّق إِذا كَانَ حميد اللَّوْن فبحسب ميله إِلَى أَسْفَل جودته وبحسب ميله إِلَى نُقْصَان جودته لِأَن الْميل إِلَى فَوق يكون لِأَن فِيهِ بعد ريح بخارية تشيله إِلَى فَوق وَذَلِكَ لِأَن نضجه لم يكمل فَإِذا كمل هَذَا النضج انفشت هَذِه الرّيح ورسب وبمقدار هَذِه الرّيح يكون ميله إِلَى الْعُلُوّ.
قَالَ: وَاحْذَرْ أَلا تغلط من أجل المثانة لِأَنَّهُ قد يكون عَنْهَا رسوبات سويقية وَنَحْو ذَلِك فيظن أَن)
ذَلِك دَلِيل على مَا فِي الْعُرُوق وَلَكِن ابحث أَولا عَن هَذِه الْحَال فَإِذا علمت أَن ذَلِك لَيْسَ المثانة فَالْحكم حِين إِذْ صَحِيح وَكَذَلِكَ قد يَبُول الرجل بولاً منتناً لعفن فِي بعض الْأَعْضَاء من آلَات الْبَوْل وَلَا يكون ذَلِك دَلِيلا على حَال عفن فِي الْعُرُوق فابحث عَن ذَلِك كُله وَكَذَلِكَ قد تتشابه أثفال الخام بالمدة فابحث عَن ذَلِك وَرُبمَا كَانَ الْبدن ينقى كُله بالبول وَرُبمَا تستفرغ بِهِ دبيلات قد انفجرت.
لي تميز ذَلِك أَن الصفائح الَّتِي تَجِيء عَن المثانة تكون بِلَا حمى ويتقدمها وجع فِي المثانة وحكة وحرقة الْبَوْل وَرُبمَا تقدم ذَلِك بَوْل بِمدَّة وَنَحْو ذَلِك. والمنتن من أجل آلَات الْبَوْل فَيكون قد تقدمه بَوْل دم قَلِيل لِأَن ذَلِك يكون عَن قرحَة عفنت وَيكون وجع فِي بعض آلَات الْبَوْل. وَالنَّتن الصديدي الَّذِي ينقى بِهِ الْبدن يكون بِأَن يخف عَلَيْهِ جَمِيع الْبدن بِمَا خرج والرديء والخام يتَمَيَّز من الْمدَّة بِمَا يتَقَدَّم من الْمدَّة من قُرُوح وتنتن ريح الْمدَّة وَعدم ريح الخام إِن ألْقى على النَّار وَغير ذَلِك عَلَامَات أخر. 3 (الرسوب الْجيد) مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الرسوب إِنَّمَا يكون جيدا إِذا كَانَ بعد نضج الْمَرَض وَبعد أَن كَانَ رَقِيقا قبل ذَلِك لِأَن الرسوب إِذا كَانَ فِي الْبَوْل من أول الْأَمر فَإِنَّهَا يكون بِسَبَب مَادَّة كَثِيرَة ثَقيلَة.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: من كَانَ بَوْله فِي الْحمى غليظاً قَلِيلا فانه إِذا بَال بولاً أرق مِنْهُ وَأكْثر مِقْدَارًا انْتفع بِهِ وَأكْثر من يَبُول هَذَا الْبَوْل الغليظ يكون فِيهِ رسوب فِي أول الْمَرَض.
قَالَ جالينوس: إِنَّمَا يحمد الْبَوْل الغليظ الرسوب إِذا كَانَ متنقلاً من الرقة إِلَى الغلظ لِأَن ذَلِك حِين إِذْ ليَكُون لنضج الأخلاط فَأَما هَذَا الَّذِي من أَوله ثخين وَفِيه رسوب فَلَيْسَ بحميد وبالواجب يكون مثل هَذَا الْبَوْل قَلِيلا فِي مِقْدَاره لشدَّة غلظه لِأَنَّهُ لَا ينفذ الكلى إِلَّا بِجهْد. فَإِذا نضج هَذَا الْخَلْط الغليظ استفرغ ألف وَمِنْه شَيْء هُوَ أَكثر وأرق.
فأبقراط أَرَادَ أَن يخبر هَاهُنَا بِأَمْر نَادِر وَهُوَ أَن يكون الْحَال فِي الْبَوْل بالضد بِمَا جرت بِهِ الْعَادة فِي حَمده أَعنِي انْتِقَاله من الثخن إِلَى الرقة.
(5/204)
قَالَ جالينوس: وَقد يَبُول قوم مثل هَذَا الْبَوْل من غير حمى، يضْرب من تقنية أبدانهم.
قَالَ أبقراط: من كَانَ بَوْله خاثر مثل بَوْل الدَّوَابّ فِيهِ صداع حَاضر أَو سيحدث.
فال جالينوس: وَقد قد نرى الصداع قد يكون مَعَ الْبَوْل المتثور أما قبله وَأما بعده وَالْبَوْل)
المتثور هُوَ شَبيه ببول الدَّوَابّ وَإِنَّمَا يكون كَذَلِك إِذا عملت الْحَرَارَة فِي مَادَّة غَلِيظَة كثيفة فإننا إِنَّمَا نرى مَا كَانَ من الْموَاد على مثل هَذِه الْحَالة خَاصَّة إِذا عملت فِيهِ الْحَرَارَة الْخَارِجَة تتولد مِنْهُ الرِّيَاح حَتَّى يتثور مثل القير والزفت والراتنج وَمثل هَذَا الْبَوْل لَا يبْقى زَمنا طَويلا على تثوره.
وَمِنْه مَا رسب فِيهِ ثفل غليظ بِسُرْعَة وَإِذا كَانَ كَذَلِك دلّ على أَن الْمَرِيض يَنْقَضِي أسْرع فَأَما الأول وَهُوَ الْبَاقِي على تثوره زَمنا طَويلا فانه إِذا كَانَ مَعَ قُوَّة قَوِيَّة دلّ على طول الْمَرَض وَإِذا كَانَ مَعَ قُوَّة ضَعِيفَة أنذرت بِالْمَوْتِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا يحدث الصداع عَن هَذَا الْبَوْل لِأَنَّهُ يدل على أَن فِي الْبدن ريَاح غَلِيظَة مَعَ حرارة شَدِيدَة وَلذَلِك يسْرع الصعُود إِلَى الرَّأْس ويؤلمه أَلا أَنه لَا يجب من بِهِ صداع يكون بَوْله على هَذَا الْحَال إِذْ كَانَ للصداع أَسبَاب كَثِيرَة غير هَذَا.
الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول: الغمامة الْحَمْرَاء والرسوب الْأَحْمَر يدلان على سَلامَة وثقة إِلَّا أَنَّهُمَا أَزِيد طولا من الْأَبْيَض.
إِذا كَانَ مَعَ الْحمى ورم الدِّمَاغ وَالْبَوْل ذُو مستشف أَبيض فَأَنَّهُ قَاتل.
لي إِلَّا أَن الْبَوْل الَّذِي بِهَذِهِ الْحَالة الَّتِي وَصفنَا يدل على غَايَة الْبعد من النضج وَلذَلِك ينذر بطول الْمَرَض. فَإِذا كَانَ الْمَرَض على مثل هَذِه الْقُوَّة حلل الْقُوَّة قبل ذَلِك وَيدل مَعَ ذَلِك أَن حَرَكَة المرار كُله إِلَى الرَّأْس لِأَن هَذِه الْعلَّة مرارية. وَإِذا لم يكن الْبَوْل فِيهِ مرارياً فحركة المرار إِلَى الرَّأْس.
لي إِن لم يكن الْعقل مختلطاً بالعلل الحادة ثمَّ رَأَيْت الْبَوْل أَبيض أَو قد أَبيض فَاه ينذر باختلاط الْعقل.
قَالَ: قطع اللَّحْم الَّتِي لَهَا عمق وجثة إِذا خرجت فِي الْبَوْل فَإِنَّهَا تخرج من الكلى والصفائح القشورية من المثانة وَالشعر الْأَبْيَض الطَّوِيل من الكلى.
قَالَ ج: قد رَأَيْت من بَال مِنْهُ مَا طوله نصف ذِرَاع وَسبب ذَلِك حرارة تعْمل فِي رُطُوبَة غَلِيظَة فتولد.
قد ذكر فِي بَاب إِذا كَانَ فِي الْبَوْل شبه نخالة فانه مَتى كَانَ الْبَوْل مَعَ ذَلِك لَهُ غلظ متوسط فالآفة فِي المثانة وَتلك القشور مِنْهَا. وَمَتى كَانَ الْبَوْل مَعَ ذَلِك رَقِيقا فالعلة فِي الْعُرُوق. لِأَن رقة الْبَوْل مَعَ ذَلِك خَاصَّة مَعَ عدم النضج وَذَلِكَ يدل على حَال الْعُرُوق أَنَّهَا رَدِيئَة. وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِيهَا)
وَفِي المثانة كالحال فِي ظَاهر الْجلد عِنْد الجرب الَّذِي يتقشر ألف مِنْهُ الْجلد.
(5/205)
لي إِذا كَانَ هَذَا مَعَ غلظ الْبَوْل فقد دلّ أَنه لَا آفَة بالعروق الْبَتَّةَ وَحين إِذْ الآفة بالمثانة لآن الكلى لَا يكون فِيهَا مثل هَذَا أبدا.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل رَقِيقا فانه لَيْسَ بإضطرار أَن يكون ذَلِك من الْعُرُوق لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون ذَلِك من المثانة وَإِنَّمَا رق الْبَوْل لعِلَّة أُخْرَى بالعروق لَا يكون مِنْهَا قشور كَمَا نرى للعلل الآخر.
قَالَ: الْبَوْل يَجِيء من الْعُرُوق ويتصفى فِي الكلى ويمر بالبربخين ويجتمع فِي المثانة وَلذَلِك يدل على أَحْوَال هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا.
من بَال بَغْتَة دَمًا فقد انصدع عرق فِي كلاه.
وَقد فسر فِي بَابه من كَانَ يرسب فِي بَوْله رمل فان الْحَصَى هُوَ ذَا تتولد فِي كلاه.
من بَال دَمًا عبيطاً وَكَانَ بِهِ تقطير الْبَوْل وأصابه وجع فِي أَسْفَل بَطْنه وعانته فان مَا يَلِي مثانته وجع.
من كَانَ لبوله رَائِحَة مُنكرَة وَهُوَ يَبُول دَمًا وقيحاً وقشوراَ فَذَلِك يدل على قرحَة فِي مثانته تَفْسِير فِي بَابه.
الْمقَالة السَّابِعَة من الْفُصُول: من كَانَ بِهِ حمى وَكَانَ يرسب فِي بَوْله ثفل شَبيه بالسويق الجريش فَذَلِك يدل على أَن مَرضه يطول.
قَالَ جالينوس: الْبَوْل الَّذِي يرى شيبهاً بالسويق الجريش فَذَلِك يدل على الْهَلَاك كَمَا قيل فِي تقدمة الْمعرفَة وَأكْثر من يرى هَذَا من بَوْله يَمُوت قبل أَن يطول مَرضه.
فَأَما الَّذين يسلمُونَ مِمَّن يرى هَذَا فِي أبوالهم فكلهم يطول مَرضه لِأَن الْمَرَض الَّذِي فِيهِ هَذَا الْبَوْل يدل على أَنه يحْتَاج إِلَى نضج كثير.
وَقد ذكر فِي كتاب إبيذيميا عدد مرضى ظهر فِي أبوالهم هَذَا الثفل مَاتَ بَعضهم سَرِيعا وَبَعْضهمْ سلم بعد أَن طَال مَرضه.
وَمِنْهُم الْمَرِيض الَّذِي وَصفه بعد حالات الْهَوَاء الثَّلَاث واسْمه سَلس وَالْآخر الَّذِي بلغه بِالنَّفسِ فَالْأَمْر فِي هَذَا الْبَوْل إِنَّه إِنَّمَا ينذر بِهَلَاك سريع وَإِمَّا بطول مرض صَحِيح تشهد بِهِ التجربة أَلا أَن الْأَكْثَر يَمُوت قبل أَن يطول مَرضه.
قَالَ: إِذا كَانَ الْغَالِب على الثفل الَّذِي فِي الْبَوْل المرار وَكَانَ أَعْلَاهُ رَقِيقا دلّ على أَن الْمَرَض)
حاد.
قَالَ ج: مَا رَأَيْت بولاً قطّ يغلب على ثفله المرار ومائيته رقيقَة. وَلم يستحسن سَائِر كَلَامه فِي هَذَا الْموضع.
وَقَالَ حنين قولا حسنا: إِن اللَّفْظَة الَّتِي سَمَّاهَا أبقراط رَقِيقا فِي هَذَا الْفَصْل يحْتَمل أَن
(5/206)
يكون مَعْنَاهَا الرَّقِيق فِي القوام وَيحْتَمل أَن يكون الرَّقِيق فِي الشكل فقد يجوز على هَذَا الْقيَاس أَن يكون أبقراط أَرَادَ بقوله أَعْلَاهُ رَقِيق أَي تحرّك أَعْلَاهُ ويميل إِلَى الرقة لِأَن الثفل الراسب فِي الْبَوْل إِذا كَانَ غليظاً ثقيلاً كَانَ سطحه شَبِيها بالبسط فَإِذا كَانَ رَقِيقا خَفِيفا نضجاً كَانَ أَعْلَاهُ يَتَحَرَّك ويتعبب. وَهَذَا مِمَّا يُقَوي هَذَا الْمَعْنى أَن أبقراط إِنَّمَا نسب الرقة إِلَى أَعلَى الثفل وَلم ينسبها إِلَى مَا فَوْقه وَقد كَانَ قَادِرًا على أَن يَقُول مَكَان مَا قَالَه أَعْلَاهُ مَا فَوْقه.
لي يَقُول حنين: إِن الْهَاء فِي قَول أبقراط فِي قَوْله أَعْلَاهُ ترجع إِلَى الثفل لَا على مائية الْبَوْل ألف وويستدل على ذَلِك بِأَن هَذِه اللَّفْظَة بِأَعْلَى الثفل أشكل مِنْهَا بِمَا فَوق الثفل من المائية وَقد احسن التَّخَلُّص.
من كَانَ فِي بَوْله ثفل متشتت فان فِي بدنه اضطراباً قَوِيا.
قَالَ يَعْنِي مُخْتَلف الْأَجْزَاء وَإِذا كَانَ كَذَلِك دلّ على أَن الطبيعة لم تنضج الْعلَّة لِأَن الطبيعة إِذا غلبت واستولت كَانَت الْأَجْزَاء كلهَا مستوية وَإِذا لم تكن الْأَجْزَاء كلهَا مستوية كَانَت الْأَسْبَاب مقاومة لَهَا. فَدلَّ على أَن الِاضْطِرَاب أَكثر من غَلَبَة الطبيعة.
لي هَذَا السَّبَب يجب أَن يفهم فِي الرسوب لَا فِي المائية.
قَالَ: من كَانَ فَوق بَوْله عبب دلّ على أَن علته فِي الكلى وأنذر مِنْهَا بطول.
قَالَ ج: العبب إِنَّمَا يكون إِذا امتدت رُطُوبَة حول ريح غَلِيظَة وَأُخْرَى أَن يعرض ذَلِك إِذا كَانَت مَعَ تِلْكَ الرُّطُوبَة لزوجة فانه عِنْد ذَلِك يكون العبب أطول عَبَثا وَأكْثر انحلالاً. فَإِذا خرجت مَعَ الْبَوْل ريح غَلِيظَة فَذَلِك دَلِيل على أَن فِي الكلى مَرضا بَارِدًا لِأَن الْمَرَض الْبَارِد هُوَ الَّذِي يجمع الرّيح الغليظة.
لي واللزوجة.
قَالَ أبقراط: من رَأَيْت فَوق بَوْله دسماً جملَة دلّ على أَن فِي كلاه عِلّة حارة.
قَالَ: الدسم فَوق الْبَوْل بِالْجُمْلَةِ يدل على عِلّة تذوب بشحم الْبدن وَإِذا كَانَ ذَلِك الدسم غزيراً)
كثيرا مجتمعاً دلّ على أَنه من شَحم الكلى لِأَن شَحم الكلى إِذا ذاب مصيره إِلَى الْبَوْل يكون فِي أسْرع الْأَوْقَات وَلَا يكون قَلِيلا لكنه يَجِيء دفْعَة فَأَما سَائِر شَحم الْبدن فَأَنَّهُ يصيره أَولا إِلَى مَا قرب من إِلَى الْموضع الَّذِي ذاب ثمَّ إِلَى مَا يقرب وَلَا يزَال يسري من عُضْو إِلَى عُضْو حَتَّى يبلغ الكلى.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ أَقُول: إِن الْبَوْل الَّذِي لَونه أصفر وقوامه معتدل أفضل الأبوال كلهَا بِحَسب اللَّوْن والقوام يجب لَا محَالة أَن يكون فِي هَذَا الْبَوْل مَعَ ذَلِك إِمَّا غمامة حَسَنَة وَإِمَّا رسوب حسن وَيكون ذَلِك حسب مَا توجبه طبيعة الْمَرَض لأَنا قد بَينا أَن حَال الرسوب فِي
(5/207)
لي يَقُول: أَن الرسوب فِي الْأَمْرَاض البلغمية وحالات الْأَبدَان الامتلائية لَا يجب أَن يظنّ أَنه يدل على نضج لكنه على كَثْرَة فضل فِيهَا ويقابل ذَلِك الْبَوْل الَّذِي لَا نضج لَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق الَّذِي لَا سَحَابَة ْ لَهُ بل هُوَ بِمَنْزِلَة المَاء. فان كَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك غمامة سَوْدَاء أَي رسوب أسود أَو رَأَيْته كُله مظلماً فَذَلِك قتال وَكَذَلِكَ أَيْضا إِن كَانَت الْأَجْزَاء بِمَنْزِلَة جريش السويق أَو الصفائح. وَالْبَوْل الشَّديد النتن أَيْضا وَالدَّسم وَهُوَ الْمُسَمّى الزيتي مهلكان.
قَالَ: فَهَذِهِ الأبوال تدل على أَن الْمَرَض فِي طبعه عَظِيم الْمرة. السَّوْدَاء.
قَالَ: حمت امْرَأَة ثمَّ خفت جماها بعد شدَّة ثمَّ بَالَتْ بولاً أسود كثيرا سَرِيعا فبحث الْأَطِبَّاء عَن ذَلِك فَظهر أَنَّهَا كَانَت لَا تنقي بالطمث فمالت الفضلة إِلَى المثانة ونقيت كَذَلِك.
لي من الْمقَالة الْخَامِسَة عشرَة من النبض الْكَبِير قَالَ: من ألوان الرسوب والتعلق ألف لون رَدِيء. وَهُوَ يشبه نسج العنكبوت العريض وَكَذَلِكَ يُصِيب على طابق من مَاء الدَّقِيق الَّذِي يُسمى الزلابية وَيكون مشتبكاً بعضه على بعض مشوش.
الأولى من مسَائِل إبيذيميا: رَدِيئَة والقليلة رَدِيئَة.
والأبوال الثخينة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ثقل راسب البته وَإِن كَانَ فشيء قَلِيل جدا وَذَلِكَ إِنَّمَا يعرض فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تسكن وتصفو على مَا يجب. وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون فِي الحميات الَّتِي يكون الْحَرَارَة فِيهَا كَثِيرَة ملتهبة وتصادف فِي الْجِسْم أخلاط غَلِيظَة فَيحدث لَهَا شَبيه بالغليان والتثور فبالواجب لَا يكون فِي مثل هَذِه ثفل راسب وَإِن كَانَ فشيء يسير وَيكون أَيْضا غير نضيج.)
الثَّالِثَة قَالَ أبقراط: الْبَوْل المتثور الَّذِي لَا يرسب مِنْهُ شَيْء فان رسب فقليل وَإِن كَانَ رَدِيء فِي اللَّوْن مَعَ ذَلِك فَهُوَ أردأ الأبوال.
قَالَ جالينوس: التثور يكون إِذا كَانَ فِي الْجِسْم أخلاط غير نضيجة.
الْبَوْل الْأسود الْقَلِيل فِي الْحمى الحرقة قَاتل لِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَارَة الَّتِي للحمى قد نشفت الْبدن كُله وعَلى أَن الدَّم قد احْتَرَقَ.
الْمقَالة الأولى من الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: يجب أَن تعلم لملاسة الرسوب الَّذِي فِي الْبَوْل قُوَّة عَظِيمَة جدا فِي الدّلَالَة على الْخَيْر. فانه ذكر أَن مرضى كثيرا كَانَ فِي أبولهم أثفال بيض لَكِنَّهَا حسنت فماتوا وَآخَرين كَانَت فِي أبوالهم أثفال حمر وَغَيرهَا إِلَّا أَنَّهَا ملس تخلصوا.
الأولى من الثَّانِيَة قَالَ فِي الأولى من الثَّالِثَة: كَمَا أَن الْغَمَام الْأَبْيَض مَحْمُود وَالْأسود مَذْمُوم كَذَلِك الأدكن بَينهمَا فِي الرداءة والجودة إِذا ظهر لم يدل على بحران وتام وَلَا فِي الْغَايَة من الْجَوْدَة لَكِن بِحَسب ميله
(5/208)
الثَّانِيَة من الثَّالِثَة قَالَ: انْظُر فِي الْبَوْل إِن لم تكن الْعلَّة فِي الْعُرُوق فَأَنَّهُ إِذْ كَانَ مَعَ ذَلِك رديئاً كَانَت دلَالَته على الرداءة قَوِيَّة وَإِن كَانَ حميدا جيدا فانه لَا ينذر تِلْكَ الْعلَّة بِكَثِير خير.
مِثَال ذَلِك: فِي القولنج إِذا كَانَ الْبَوْل رديئاً فَأن البلية أعظم وَإِن كَانَ حميدا جيدا فانه لَيْسَ لَهُ فِي الدّلَالَة على الْخَلَاص مِنْهَا كَبِير نصيب. وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع الْعِلَل الْأُخَر أَعنِي علل الدِّمَاغ والعصب وَالْقلب وَنَحْوهَا.
الرَّابِعَة من الثَّالِثَة قَالَ: أما الدّهن فَوق الْبَوْل فقد رَأَيْنَاهُ غير مرّة وَهُوَ رَدِيء فَأَما الْبَوْل الَّذِي هُوَ كُله عَن آخِره دسم حَتَّى أَنه مثل الزَّيْت سَوَاء فَلَا أعلم أَنِّي رَأَيْته وَلَا رَأَيْت دسم فِي وسط الْبَوْل وَلَا فِي أسلفه لِأَن من شَأْن الدسومة أَن تطفو من فَوق. فَأَما الْبَوْل الَّذِي يشبه الزَّيْت فِي لَونه وقوامه فانه لَا دسم عَلَيْهِ وَقت رَأَيْت هَذَا مرَارًا كَثِيرَة وَلم يكن على الْمَرِيض مِنْهُ بَأْس بل رُبمَا كَانَ جيدا. وَذَلِكَ أَن يكون عِنْد النضج.
قَالَ: فَمَتَى كَانَ على الْبَوْل دسم فقد يجب أَن تظن أَنه رَدِيء لكنه لَا يدل على الْهَلَاك لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون ذَلِك عَن ذوبان الشَّحْم لَا اللَّحْم لِأَن اللَّحْم يحْتَاج إِلَى حرارة العطب قَوِيَّة لي فَأَوْمأ إِلَيّ أَن لذوبان اللَّحْم نوعا يَخُصُّهُ وَهُوَ أَن يكون مَعَ الدسومة شبه مَاء اللَّحْم ونتن شَدِيد غَالب وَهَذَا مهلك.)
قَالَ: فالبول الزيتي هُوَ الَّذِي لَونه وقوامه شَبيه بالزيت وَهُوَ رَدِيء وَلَكِن لَيْسَ فِي غَايَة الرداءة وَذَلِكَ إِنَّه قد يُمكن إِذا كَانَت سَائِر الدَّلَائِل جَيِّدَة لم يكن مَكْرُوه مِنْهُ.
قَالَ: الْبَوْل فِي النُّفَسَاء على الْأَكْثَر يكون أسود كَأَن فِيهِ سخاماً أَو مداداً وَذَلِكَ يكون لممازجة ذَلِك الْخَلْط الْأسود لَهُ.
قَالَ: حسن الْبَوْل من أعظم الدَّلَائِل على السَّلامَة فِي مَرضه من امتلاء. والثفل الْمُتَعَلّق المشوش كثيرا مَا يتبعهُ اخْتِلَاط الْعقل فَلَا يكَاد يُفَارِقهُ.
الأولى من السَّادِسَة: قد يكون فِي علل الكبد رسوب شبه الرسوب الَّذِي يكون فِي علل الكلى وَيكون أَحْمَر أصفر.
لي يفرق بَينهمَا باللون وَمَكَان الوجع وَنَحْوه وَسَائِر الْأَعْرَاض.
قَالَ ج: إِنَّمَا يبلغ من الْقُوَّة دَلَائِل الْبَوْل فِي الحميات الحادة أَن تَسْتَغْنِي بهَا عَن غَيرهَا الْبَتَّةَ وتقتصر عَلَيْهَا بِثِقَة واتكال.
قَالَ: فان التَّام إِلَيْهَا مَعَ ذَلِك قُوَّة سَائِر الدَّلَائِل كَانَت تقدمة الْمعرفَة وَالْحَالة الظَّاهِرَة فِي حَاله
(5/209)
الثَّانِيَة من السَّادِسَة: 3 (الْبَوْل الَّذِي يشبه الْمَنِيّ) يكون بِهِ بحران باستفراغ الْخَلْط والزجاجي وضمور الأورام الَّتِي هِيَ فِي الثَّنية إِذا لم تكن حارة.
الْخَامِسَة من السَّادِسَة: الْبَوْل الَّذِي لَونه شَبيه بلون الشَّرَاب الَّذِي يشرب حَتَّى أَنه إِن كَانَ الشَّرَاب أَبيض كَانَ الْبَوْل أَبيض مائياً وَإِن كَانَ أَحْمَر كَانَ أحمراً غليظاً يدل على أَن الْغذَاء لَا يَسْتَحِيل وَلَا تعْمل فِيهِ الطبيعة.
قَالَ: وَالْبَوْل الَّذِي يشبه لون عُضْو من أَعْضَاء الْبدن أَو جَوْهَرَة إِذا دَامَ كَانَ ذَلِك الْعُضْو عليلاً يدل على ذوبان ذَلِك الْعُضْو.
فان كَانَ فِيهِ قطع تشبه بفتات الكرسنه أَو بفتات العدس فانه يدل على أَنه من الكبد وَإِن كَانَت تِلْكَ الْقطع أشبه بِاللَّحْمِ دلّت على أَنَّهَا من الكلى وَإِن كَانَت شَبيهَة بالصفائح دلّت على أَنَّهَا المثانة. وَالْبَوْل الدسم يدل على ذوبان الشَّحْم.
وَأما الْقطع الَّتِي تشبه بجريش السويق فِي مقاديرها وصلابتها وَلَيْسَت بَيْضَاء فتدل على ذوبان فِي اللَّحْم. وَالْقطع السَّوْدَاء تدل على أَن الذوبان حدث فِي لحم الطحال.
فَأَما الْبَوْل الَّذِي يشبه أَبْوَال الْحمير فانه يكون من أَن فِي الْبدن من الْخَلْط الخام مِقْدَارًا كثيرا جدا قد أذابته الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَنه يعرض عِنْد ذَلِك أَن تتولد مِنْهُ ريَاح غَلِيظَة نافخة ترْتَفع إِلَى الرَّأْس وَلذَلِك يعرض مِنْهُ الصداع.
أما الْبَوْل الَّذِي لَونه شَبِيها بلون الْبدن فانه يحدث عَن ذوبان الْبدن يَعْنِي لون ظَاهر الْبدن.
السَّادِسَة من السَّادِسَة قَالَ أبقراط: الْبَوْل الَّذِي يرسب فِيهِ ثفل كثير يكون بِهِ التَّخَلُّص من اخْتِلَاط الذِّهْن.
قَالَ ج بعض النَّاس يَقُول يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا الثفل مَعَ كثرته أَبيض أملس مستوياً.
العطب ولي: لَا يشبه هَذَا أَن يكون هَكَذَا وَذَلِكَ أَن هَذَا الثفل أَجود الأثفال لَكِن الْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب كثير يُؤمن من اخْتِلَاط الذِّهْن لِأَنَّهُ يدل على أَن التثور قد سكن وَلَيْسَ يبلغ الرَّأْس لذَلِك بخارات كَثِيرَة)
الأولى من الأغذية قَالَ: قد يكون يثفل فِي الْبَوْل خلط خام يشبه الْقَيْح وَالْفرق بَينه وَبَين الْقَيْح أَن الْقَيْح منتن الرَّائِحَة لزج والخام إِنَّمَا يشبه هَذَا من طَرِيق الغلظ واللون فَقَط: وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ بمنتن وَلَا لزج.
وَهَكَذَا الكيموس قد يرسب فِي بَوْل من تَأْخُذهُ الْحمى من كَثْرَة الْخَلْط الخام وَفِي بَوْل من لَا يتعب أَيْضا من الأصحاء ويتناول أغذية صلبة عسرة الإنهضام.
(5/210)
الْيَهُودِيّ قَالَ: مِمَّا يفْسد دلَالَة الْبَوْل السهر وَأَن يُؤْخَذ بعضه وَبَعضه لَا وَأَن يُؤْخَذ سَرِيعا جدا أَعنِي بعد نوم يسير أَو يُؤْخَذ بعد بطأ أَعنِي أَن يَأْخُذ البولة الثَّانِيَة أَو يَأْكُل أَطْعِمَة تغير الْبَوْل أَو يشرب مَاء كثيرا أَو يختضب أَو يكون حَائِضًا.
قَالَ: وجع العصب والقولنج يحمران المَاء.
إِذا كَانَ فِي أَسْفَل الْبَوْل مثل الْغَيْم وَالدُّخَان فان الْمَرَض يطول. وَإِن كَانَ مثل الدُّخان من أَسْفَل الْبَوْل إِلَى أَعْلَاهُ كُله فانه يَمُوت سَرِيعا.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل مثل الخيوط الرقَاق تشبه المصارين فلعلة فِي المعي.
قَالَ: الْبَوْل الأسمانجوي يدل على أَن صَاحبه قد سقى السم.
قَالَ: الْبَوْل الزُّبْدِيُّ والكدر لَا يدلان على كَثْرَة الرِّيَاح.
قَالَ: أكل الْبَوْل تخضر المَاء والمري يسود المَاء فسل عَنهُ.
ولتكن القارورة عَظِيمَة وَلَا يتْرك من الْبَوْل شَيْء الْبَتَّةَ.
قَالَ وضوء النَّهَار وصفاء القارورة يتَوَلَّد عَنْهُمَا ضوء يشبه السحابة فَإِذا شَككت فِي ذَلِك فاستر بِيَدِك أحد جَوَانِب القارورة عَن الضَّوْء فانه لن يخفي عَلَيْك كَون السحابة من الَّتِي لَيست سَحَابَة.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل شَبِيها الضباب وَهُوَ صَاف القوام فانه يدل على حَبل وخاصة مَتى رَأَيْت مِنْهُ شبه الْحبّ يصعد ويهبط فان كَانَ فِيهِ شبه الزرقة فانه أول الْحَبل وَإِن كَانَ فِيهِ شبه الْحمرَة فنه آخر الْحَبل وَإِن حركته فتكدر فَهُوَ آخر الْحَبل فان لم يتكدر فأوله.
على بَوْل النِّسَاء فِي الْأَكْثَر زبد مستدير.
الطَّبَرِيّ: السحابة الَّتِي مثل الْقطن المنفوش الْمُنْقَطع أَو غُبَار الندافين أَو نسج العنكبوت المتقطع فِي أَعلَى البولة عَلامَة رَدِيئَة.)
الرسوب الَّذِي يشبه حب الكرسنة مَتى كَانَ بِلَا حمى فَإِنَّهُ قطع من لحم الكلى وَإِن كَانَ مَعَ حمى فَيمكن أَن يكون من الْبدن كُله.
أهرن: قَالَ بَوْل الأصحاء نَوْعَانِ: أَبيض معتدل الْبيَاض والقوام وَمَا كَانَ فِيهِ من ثفل فيجتمع فِي أَسْفَله وَنَوع آخر أترجي معتدل القوام وَهُوَ يدل مَعَ الصِّحَّة على أَن صَاحبه حَار المزاج.
وَقَالَ: الْبَوْل المعتدل الْبيَاض مَتى كَانَ معتدل القوام يدل مَعَ الصِّحَّة على صَاحبه أَنه قريب المزاج من الِاعْتِدَال وَالَّذِي يكون مَعَ الْبيَاض غليظاً فَيدل على سوء الهضم وَغدا كَانَ مَعَ الْبيَاض رَقِيقا دلّ على ضعف الكلى والمثانة وَضعف الهضم الف وأو السدد.
لي الْبَوْل الَّذِي يشبه قوامه لَونه وثفله بَوْل صَحِيح جدا أَعنِي أَنه إِن كَانَ معتدلاً فِي
(5/211)
الْبيَاض والصفرة. وَالَّذِي يُخَالف بعضه بَعْضًا ينقص من الصِّحَّة بذلك الْمِقْدَار وَإِذا فسد لون الْبَوْل أَو نتنت رَائِحَته جدا فان ذَلِك ينذر بِمَرَض فانه أقدم على ذَلِك الْبدن صَحِيحا أَو خف عَلَيْهِ فان الفضول الرَّديئَة تنقص بِهِ.
الْبَوْل الْأسود رَدِيء بعقب الْبَوْل الْحَار كَانَ أَولا وعَلى كل حَال إِلَّا بعقب حمى الرّبع فان السَّوْدَاء تنقص بِهِ.
لي أَو الطحال أَو الوسواس أَو الطمث أَو من بِهِ عروق الدوالي أَو نَحْو ذَلِك وَشر مَا يكون الْبَوْل الْأسود مَعَ ضعف الْقُوَّة لي الخيارشنبر يحمر الْبَوْل إِذا شرب.
من كناش مسيح: مَتى رَأَيْت فِي بَوْل المنقرس لزوجة فان مَرضه يَتَطَاوَل.
لي مَجْهُول: إِذا كَانَ الْبَوْل كَمَاء اللَّحْم فَانْظُر فان كَانَ لَهُ من عَلَامَات الْأُخَر مَا يدل على ضعف
3 - (الْمقَالة الأولى من مسَائِل أبيذيميا:)
3 - (الْبَوْل الْقَلِيل الْمِقْدَار رَدِيء) لِأَنَّهُ يدل على ضعف إِمَّا من الْقُوَّة الدافعة وَإِمَّا من المميزة لَهُ من الدَّم.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي لَا يصفو وَلَا يرسب فِيهِ شَيْء هُوَ رَدِيء.
لي هُوَ أما رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على كَثْرَة حرارة ملتهبة غير طبيعية حَتَّى أَنه قد احدث للأخلاط غلياناً وَإِمَّا غير نضيج فانه يدل على أَن الْحَرَارَة الطبيعية لم تنضج الأخلاط وَلذَلِك لم تَسْتَقِر.
الْمقَالة الأولى من مسَائِل أبيذيميا: الْبَوْل الْقَلِيل الْأسود فِي الْحمى المحرقة رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن)
مائية الدَّم قد فنيت واحترقت.
من مسَائِل أبيذيميا الْمقَالة الأولى: الثفل الْأَحْمَر إِذا كَانَ أملس أدل على النضج من الْأَبْيَض إِذا كَانَ غير أملس.
لي ينظر فِي هَذَا ويتفقد أَيْضا بالتجربة وَذَلِكَ عِنْدِي بَاطِل لِأَن الْبيَاض يدل على أَنه يشبه بجملة طبائع الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِن كَانَ لم يكمل الْفِعْل فِيهِ لَكِن حكى ذَلِك فِي مِثَال مَرِيض فَيجب تفقده بالتجربة.
الثَّالِثَة: الغمامة السحابية هِيَ غمامة بَين الْبَيْضَاء والسوداء. وقوتها فِي دلَالَة بِحَسب لَوْنهَا وَيَنْبَغِي أَن تفقد فِي كل عِلّة وَإِن لم تكن تخص آلَات الْبَوْل فَيجب أَن يتفقد الْبَوْل فان رَأَيْته حسنا فان الدّلَالَة مِنْهُ على السَّلامَة يسيرَة بِحَسب بعد ذَلِك الْعُضْو وَتلك الْعلَّة عَن آلَات الْبَوْل.
وَإِن رَأَيْته سمجاً فانه عَظِيم الدّلَالَة على الْهَلَاك.
قَالَ: 3 (الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق) يدل على حرارة ملتهبة فان كَانَت مَعَ هَذَا فِي الْبَوْل دلَالَة السَّلامَة فانه ينذر بمجيء البحران بِسُرْعَة وَإِن كَانَت مَعَه دَلَائِل رَدِيئَة فانه ينذر بِالْمَوْتِ بِسُرْعَة لِأَنَّهُ فِي غَايَة الْحَرَارَة.
(5/212)
قَالَ حنين: الْبَوْل الزيتي هُوَ الَّذِي مَعَ صفرته خضرَة سلقية وَهَذَا لَا يدل على نضج وَلَا على صَلَاح.
وَالنِّسَاء اللواتي يمرضن من أجل اختناق الرَّحِم بِدَم الطمث وخاصة بِدَم النّفاس بولهن كَأَنَّهُ مصبوغ بالأنفاس.
السَّادِسَة: جَمِيع الرسوب الَّذِي فِي الْبَوْل الَّذِي يشبه الرمل العطب وَخَمْسَة أَصْنَاف أَحدهَا كالكرسنة وَالثَّانِي مثل لون الزرنيخ الْأَحْمَر وَهَذَانِ يعمان وجع الكبد والكلى وَالثَّالِث مشبع الصُّفْرَة وَهُوَ يخص وجع الكلى لَا غير وَالرَّابِع لون الرمل: وَالْخَامِس لون الرماد.
لي وَغير هَذِه مِمَّا يرسب أَنْوَاع الْمدَّة والخام وَقطع اللَّحْم أما أَبيض وَإِمَّا أَحْمَر وصفائح إِمَّا بيض وَإِمَّا حمر ونخالي إِمَّا أَحْمَر وَإِمَّا أَبيض. والرسوب الصَّحِيح الَّذِي عَن الْعُرُوق هُوَ أَبيض وأسود وأخضر وأسمانجوي وأدكن وأحمر وأصفر وَهَذِه إِمَّا ملس وَإِمَّا خشنْ وَإِمَّا طافية وَإِمَّا راسبة وَإِمَّا مُتَعَلقَة.)
الْبَوْل الغليظ الْأَبْيَض الشبيه بالدردي قد يكون بِهِ بحران الأورام والترهيل البلغمي.
السَّادِسَة قَالَ: قد يتَغَيَّر الْبَوْل بِحَسب حَال الشَّرَاب إِذا كثر مِقْدَاره فان كَانَ أَبيض صافياً رَقِيقا صَار الْبَوْل كَذَلِك وَإِن كَانَ أَحْمَر غليظاً كَانَ أقرب إِلَى الْحمرَة والغلظ وَإِن أسود غليظاً مَال الْبَوْل إِلَى السوَاد والغلظ وَإِن كَانَ الشّرْب أَحْمَر فَكَذَلِك وَإِن كَانَ أصفر عتيقاً كَانَ الْبَوْل إِلَى الصُّفْرَة والرقة أميل.
لي الِانْتِفَاع بتفقد هَذَا أَن تسْأَل عَن ذَلِك وَكَذَلِكَ يثبت الحكم على المَاء.
قَالَ: عَلَامَات ذوبان الْأَعْضَاء فِي الْبَوْل أَنه مَتى خرج فِيهِ قطع تشبه فتات الكرسنة أَو العدس فان ذَلِك يدل على ذوبان الْأَعْضَاء من الكبد وَمَتى كَانَت تِلْكَ الْقطع تشبه بِاللَّحْمِ دلّت على وَإِذا كَانَ الْبَوْل دسماً دلّ على أَن الشَّحْم يذوب فان خرجت قطع مقاديرها كجرش السويق بيضًا دلّت على ذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فان كَانَت من لون اللَّحْم فعلى ذوبان اللَّحْم وَإِن كَانَت سَوْدَاء فعل ذوبان الطحَال.
مَجْهُول قَالَ: الثفل الْأَصْفَر الناري يدل على كَثْرَة الْحَرَارَة وَقُوَّة الْمرة.
أَيُّوب الأبرش قَالَ: إِذا كَانَ الْغَلَبَة فِي الْبدن الصَّفْرَاء كَانَ الْبَوْل أصفر وَإِن كَانَ الدَّم أَحْمَر. وَإِن كَانَت السَّوْدَاء فأسود والبلغم فأبيض.
وَأما الأبوال الصفر فان الْحَرَارَة فِيهَا تكون أَكثر من الْحمر.
وَرَأَيْت أَنا ذَلِك بالتجربة فِي المرضى كَذَلِك فَأَنِّي لم أجد فِي الأبوال الْحمر من الْحَرَارَة مَا وَجدتهَا مَعَ الأبوال الصفر المحكمة الصُّفْرَة وَرَأَيْت مَا ازْدَادَ صفرَة ازْدَادَ حرارة حَتَّى إِذا
(5/213)
بلغ النِّهَايَة من ذَلِك كَانَ أحر الأبوال كلهَا وأيبسها وَهُوَ الْبَوْل الناري الْأَشْقَر الْمَحْض ثمَّ إِن ازْدَادَ صفاءً فِي هَذِه الْمنزلَة نقصت دَلَائِل الْحَرَارَة فِي الْجَسَد وَذَلِكَ أَن الْحمرَة تحْتَاج فِي أصل تكوين اللَّوْن أَن تكون الرُّطُوبَة الأرضية أَكثر مِنْهَا فِي الصُّفْرَة وَكَذَلِكَ نجد الدَّم أَكثر مائية وأرضية من الصَّفْرَاء والصفراء أَكثر نارية وهوائية من الدَّم فَاعْلَم يَقِينا أَن أَشد الأبوال حرارة الناري.
ورأيته أبدا السرسام الْحَار الْقَاتِل المفرط الف وَالْحر واليبس خَاصَّة. وَإِذا أَنْت رَأَيْته قَالَ أَيُّوب: مَتى غلب فِي الْبَوْل أحد هَذِه الألوان الْأَرْبَعَة: الصُّفْرَة أَو الْحمرَة أَو السَّوْدَاء أَو الْبَيْضَاء فانه دلّ على مرض لَا محاله لِأَنَّهُ دلَّ على غَلَبَة بعض الطبائع.
قَالَ: وَمَتى لم يغلب شَيْء مِنْهَا كَانَ لون الْبَوْل مركبا مِنْهَا كلهَا.)
قَالَ: فَيكون مركبا من بَيَاض غير مَحْض بل يشوبه سَوْدَاء قَلِيل بِمِقْدَار حَظّ السَّوْدَاء فِي الْجَسَد وَحُمرَة غير صَالِحَة بل تشوبها صفرَة.
قَالَ: وجماع هَذَا يتَوَلَّد مِنْهُ لون أترجي لِأَن هَذَا اللَّوْن لَيْسَ بخالص الصفاء وَذَلِكَ لغلظ السَّوْدَاء وَلَا بخالص الْحمرَة وَلَا الصُّفْرَة وَلَا الْبيَاض لِأَن الْأَشْيَاء امتزجت فِيهِ بِحَسب حَالهَا فِي التَّرْكِيب.
قَالَ: الْبَوْل الأترجي هُوَ بَيَاض غير خَالص يقق يخالطه شَيْء من الْحمرَة والصفرة.
قَالَ: وَهَذَا الْبَوْل الْأَحْمَر قد يحدث عَن غَلَبَة البلغم بِالْعرضِ لَا بالجوهر واللون الْأَبْيَض عَن الصَّفْرَاء وَكَذَلِكَ الْأسود والأحمر.
قَالَ: والأصفر عَن الصَّفْرَاء حَادث بالطبع وَالْبَيَاض عَنهُ يحدث بِالْعرضِ وَكَذَلِكَ الْبيَاض عَن البلغم يحدث بالجوهر والحمرة بِالْعرضِ كالحال فِي حمى البلغم فان ذَلِك يكون لِأَن البلغم يحدث بلزوجته سدداً فيحقن الْحَرَارَة فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع وتلتهب لعدم التنفس فيصبغ لذَلِك المَاء لي: لم أستصوب هَذِه الْعِلَل ويجبأن نحصل نَحن ذَلِك فانه يظْهر بالتجربة بَوْل أَحْمَر فِي حميات البلغم وأبيض فِي السرسام الْحَار.
قَالَ أَيُّوب: وَيفرق بَين هذَيْن بِأَن يُؤْخَذ الْبَوْل فِي زجاجة بَيْضَاء ملساء وَيقوم الَّذِي بِيَدِهِ الزجاجة بِقرب من بَاب الْبَيْت والكوة ويدلي الزجاجة فِي الضَّوْء وَينظر الطَّبِيب إِلَيْهَا من الْبَيْت فانه كَذَلِك أبين مَا يكون فان وجد رُطُوبَة الْبَوْل مْلساء مستوية ْ الْأَجْزَاء مُنْفَصِلَة وَإِن كَانَ فِيهِ ثفل راسب كَانَ بِهَذِهِ الْحَال وَكَذَلِكَ حمرته وبصيصه وصقاله وَلَيْسَ تَجدهُ خَالص الْحمرَة فانه غلب تِلْكَ الْحمرَة البلغم لِأَن البلغم لرطوبته تلْزمهُ الملاسة وَكَذَلِكَ يلْزمه الصقال.
(5/214)
وَأما إِن كَانَ السَّبَب الْحمرَة الْحَرَارَة فانك لَا تَجِد الملاسة والصقال لَا فِي الرُّطُوبَة وَلَا فِي الثفل على ذَلِك لِأَن الْحَرَارَة تحرّك الْأَشْيَاء وتجففها وَتخرج بَعْضهَا من بعض لذَلِك لَا يَسْتَوِي الْأَجْزَاء. وَيكون الْحمرَة مَعَ ذَلِك خَالِصَة صَادِقَة جدا محكمَة.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الصَّفْرَاء سَبَب بَيَاض الْبَوْل فان الثفل الراسب يكون جافاً وتحا يَسِيرا والرطوبة نَفسهَا تكون لَطِيفَة الْأَجْزَاء وَلَا يكون بياضها جدا خَالِصا لِأَن الْحَرَارَة تفني رُطُوبَة الثفل وتجففه وينضم وَيرى قَلِيلا وَإِذا كَانَ سَبَب الْبيَاض البلغم كَانَ الثفل غزيراً أملس ذَا بصيص وبريق وَغلظ ورطوبة.)
قَالَ: وَإِذا كَانَ سَبَب السوَاد الْمرة السَّوْدَاء كَانَ الثفل الف ومجتمعاً يَسِيرا جافاً واللون خَالص منتشر غير شَدِيد الاكتناز قَلِيل الاسْتوَاء والملوسة وَلَا يكون السوَاد خَالِصا وَإِذا كَانَ البلغم سَبَب الاسوداد كَانَت الرُّطُوبَة مستوية الْأَجْزَاء ذَات ملوسة وبريق وَلَا يكون السوَاد خَالِصا وَيكون شبه الحمأة غَلِيظَة رطبَة.
لي وَقَالَ أَيُّوب: رقة الْبَوْل تكون من السدة وَإِمَّا من التهم فيعدم النضج والهضم وَإِمَّا للإكثار من الشَّرَاب كَالَّذي يعرض فِي ذيابيطس وَإِمَّا لغَلَبَة المزاج الْبَارِد واليابس كَالَّذي يعرض فِي سنّ الْهَرم.
قَالَ: الثفل الَّذِي يكون فِي الرُّطُوبَة إِمَّا أَن ينتشر فِي القارورة كلهَا فَلَا يكون لَهُ مَوضِع خَاص عَن الرُّطُوبَة وَإِمَّا أَن يكون صافياً فَوق الرُّطُوبَة وَإِمَّا أَن يكون مُتَعَلقا فِي الْوسط وَإِمَّا أَن يكون راسباً فِي أَسْفَلهَا.
قَالَ أَيُّوب: الثفل يَعْنِي الرسوب قد يكون فِي الصِّحَّة وَقد يكون فِي الْمَرَض فَإِذا كَانَ فِي الصِّحَّة كثيرا فانه يدل على هضم حسن وسعة فِي المجاري وَإِذا كَانَ فِي الْمَرَض فَيكون إِذا دفعت الطبيعة الْخَلْط الممرض.
لي قد بَين ج أَن الْأَبدَان الحارة المزاج اللطيفة التَّدْبِير النحيفة لَا يكَاد يرسب فِي أبوالهم شَيْء وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت الضخام السمان يرسب فِي أبوالهم أبدا رسوب كثير يفزع لَهُ من لَا دربة لَهُ من الْأَطِبَّاء وَذَلِكَ لَهُم بالطبع. والنحفاء على الضِّدّ لَا يكَاد يرسب فِي أبوالهم شَيْء وَقد تعاهدت ذَلِك الْأَمْرَاض كثيرا فَلم أرى نضجاً الْبَتَّةَ وَلَا مُنْتَهى الرسوب.
قَالَ: وَإِن جاد الهضم كَانَ رسوبا أملس أَبيض مُسْتَقرًّا وَإِن كَانَ دون ذَلِك كَانَ الشَّيْء الَّذِي يُسمى الثّقل فِي الْوسط وَإِن كَانَ دون ذَلِك كَانَت غمامة فَوق سطح الرُّطُوبَة وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك كَانَ هَذَا الثّقل منتشرا فِي المَاء كُله وَصَارَ الْبَوْل لذَلِك خاثراً وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الَّذِي قد كمل هضمه وَقد سكنت رِيحه فاستقر لذَلِك وَهُوَ الَّذِي فِي الهضم لم يبلغ أَن يتَجَاوَز عَن الرُّطُوبَة فَهُوَ لذَلِك منتشر وَأما الْغَمَام الْمُتَعَلّق فِيهِ فان فِيهِ هضما غير كَامِل إِلَّا أَن الْمُتَعَلّق أَكثر إنهضاما.
(5/215)
وَقَالَ: أول مَرَاتِب الدق أَن يكون فَوق المَاء شَيْء كَأَنَّهُ ضباب وَذَلِكَ يكون لِأَن الْحَرَارَة قد)
أذابت شَيْئا من الشَّحْم إِلَّا أَنه قَلِيل.
وَالثَّانيَِة أَن يطفو فَوق المَاء دهن وَذَلِكَ يكون لِأَن الْحَرَارَة قد أذابت إِذا جَاوز الأمرّْ ذَلِك إِلَى أَن يذوب من الشَّحْم شَيْء لَهُ مِقْدَار يرى إِذا طفا دهناً مجتمعاً.
والمرتبة الثَّالِثَة أَن يكون ثفل كرسني وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ قطع اللَّحْم لِأَن اللَّحْم لَا يُجيب إِلَى الذوبان بتفرد وَلِأَن نواحيه تذوب عَنهُ حَتَّى يصير مستدير الطول مُدَّة انحداره فَإِذا انحدرت فِي الْبَوْل صَارَت فِي أَسْفَله حبا كالكرسنة.
قَالَ: فَإِذا انحدر كحب الذّرة أَبيض فان ذَلِك الف وَمن الْعُرُوق وَالدَّلِيل على ذَلِك بَيَاض لَوْنهَا فَإِذا أخرجت شَيْئا شَبِيها بسحالة الْحَدِيد الْبيض فانه من الْعِظَام.
لي لم أر قطّ هَذَا النُّزُول فِي أَبْوَال الذابلين وَالَّذِي عِنْدِي: أَن هَذَا خطأ لَا يكون أبدا لِأَن جرم الْقلب أرطب من الْعُرُوق والعظم فَإِذا بلغت الْحَرَارَة إِلَى أَن تذيبها فَهِيَ أَن تذيب جرم الْقلب أولى وَالْمَوْت قبل ذَلِك.
قَالَ: وَمن الثفل جنس شَبيه بالشعر وَيكون ذَلِك من مَادَّة غَلِيظَة تنْدَفع من مجاري ضيقَة فتستطيل.
لي هَذَا يكون وَقد رَأَيْته.
وَقَالَ ج: أَنه لَا بَأْس على صَاحبه.
قَالَ فلنقل فِي الرَّائِحَة الحريفة تدل على شدَّة حرارة الْحمى وَيكون ذَلِك فِي الْأَكْثَر فِي الْأَمْرَاض الحادة والناقهين وَفِي الأمزجة الحارة وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع مَا يحمي الْبدن حمياً شَدِيد الْعَمَل حرافة الرَّائِحَة.
وَأما الرَّائِحَة الحامضة فتدل على غَلَبَة السَّوْدَاء وَأَن الْحَرَارَة الغزيرة فِي الْبدن قَليلَة وَفِيه حرارة مَا عرضية كالحال فِي الْخمر إِذا استحالت خلا.
وَأما
سَبَب الرَّائِحَة المنتنة فَإِنَّهَا تدل على كَثْرَة العفونة فِي الْبدن وَقد يكون من قيح فِي آلَات الْبَوْل.
وَأما السهوكة فبفساد الرُّطُوبَة ولزوجتها كَمَا يعرض ذَلِك للسمك.
قَالَ: وَأما الطّعْم المرّ فانه يدل على غَلَبَة الْحَرَارَة واليبس.
وَسبب الملوحة إِمَّا كَثْرَة البلغم المالح وَإِمَّا شدَّة الْحَرَارَة مَعَ الرُّطُوبَة.
لي غلط هَهُنَا وَإِنَّمَا هُوَ بحرارة أرضية كالحال فِي الْملح على مَا ذكر جالينوس وَبَين هَذَا فِي الْأَدْوِيَة المفردة.
وَأما الحرافة فلشدة الْحَرَارَة ولطفها.
وَأما الحموضة فبحرارة قَليلَة عملت فِيهِ رُطُوبَة كَثِيرَة وَتَكون فِي الْأَكْثَر لغَلَبَة السَّوْدَاء
(5/216)
وَأما الْحَلَاوَة فبحرارة ورطوبة، وَقد تكون من غَلَبَة الدَّم. وَأما التفه فبغلبة البلغم.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل أَبيض غليظ كدر كَالْمَاءِ الَّذِي يداف فِيهِ الخمير يدل على ضعف الْمعدة والمعي وَسُوء الهضم وَقد يكون من أجل أكل اللَّبن والجبن فان لم يكن دَلَائِل ضعف الْمعدة والأمعاء وَسُوء الهضم فَأخْبر بذلك.
وَيفرق بَين هَذَا الثفل وَالذي يكون من الكلى والمثانة وَالرحم أَن هَذَا غليظ لزج رطب والكائن عَن تِلْكَ أغْلظ لِأَنَّهَا أجسام عصبية لَا تحوي رُطُوبَة كَثِيرَة وَيفرق بَين الْمدَّة وَهَذَا بالنتن.
قَالَ أَيُّوب: يدل على حسن الهضم فِي الْمعدة شدَّة تشابه أَجزَاء رُطُوبَة الْبَوْل وعَلى حسن الهضم فِي الكبد اللَّوْن الأترجي وعَلى حسن الهضم فِي الْعُرُوق الرسوب الأملس.
قَالَ: وَخلاف هَذَا كُله دَال على فَسَاد الهضم فِي هَذِه الْمَوَاضِع بِقدر ذَلِك.
لي يجب أَن تنظر كَيفَ تصح دلَالَة الْبَوْل على الْمعدة.
قَالَ: الرسوب ثَلَاثَة أَجنَاس: أَحدهَا الرسوب الني وَهُوَ الْكَائِن من ضعف الهضم فِي الْمعدة والرسوب النضج وَهُوَ الْكَائِن من جودة الهضم فِي الْعُرُوق والرسوب وَالْخَارِج من الطبيعة وَهُوَ الرسوبات الكائنة من الكلى والمثانة وَنَحْوهَا من القشور وَاللَّحم والكلى وَغير ذَلِك.
قَالَ: والرسوب الني إِذا كَانَ فِي اسفل القارورة فَهُوَ اشد وَأكْثر نهوة وَهُوَ فِي الْوسط نضيج وَفِي الْعُلُوّ هُوَ فِي غَايَة نضجه الَّذِي إِن جَازَ ذَلِك بَطل وَلم يكن وَأما الرسوب النضج وَهُوَ الْكَائِن فِي الْعُرُوق فبالعكس وَالسَّبَب فِي ذَلِك.)
لي فان الَّذِي ذكره لم يكن صَوَابا. إِن الثفل الأول يحْتَاج أَن تكون فِيهِ الْحَرَارَة بَاقِيَة فَلذَلِك مَا طفا فَهُوَ يدل على أَن الْحَرَارَة فِيهِ أَكثر وَأما الثفل الْكَائِن عَن نضج الْعُرُوق فانه يحْتَاج أَن تكون فِيهِ الْحَرَارَة أقل مِمَّا يثفل فَهُوَ خير وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الأول يحْتَاج أَن ينهضم هضماً ثَانِيًا لِأَن هضم الْمعدة يحْتَاج أَن ينهضم فِي الكبد أَيْضا وَفِي الجداول فَمَا كَانَ مَعَه من الْحَرَارَة والسحابة أَكثر فَهُوَ أَجود والرسوب الَّذِي يكون عَن تَمام هضم الْعُرُوق هُوَ التَّام الْكَامِل فَمَا قلت فِيهِ الْحَرَارَة تدل على الهضم أَنه قد استوفى عمله.
لي فَافْهَم فِي ذَلِك الثفل أَنه مَتى كَانَ طافياً دلّ على عدم الهضم فِي الْمعدة أقل لِأَن فِيهِ حرارة كَثِيرَة وبالضد.
قَالَ أَيُّوب: وَالْفرق بَين هَذِه الثَّلَاثَة الرسوبات أَن الرسوبات الَّتِي عَن هضم الْعُرُوق لَطِيفَة ذَات شف وَإِن حرك انْتَشَر فِي الْبَوْل كُله وَلم يكدره وتفرق فِيهِ فَلم ينزل.
(5/217)
وَأما الرسوب الْكَائِن من ضعف الهضم فِي الْمعدة فَأَنَّهُ غير ذِي شف وَله غلظ شَبيه الخمير المداف فِي المَاء فَإِذا حركته لم ينتشر فِي الْبَوْل انتشار ممازجة لَكِن يَنْقَطِع فِيهِ ويسرع الرسوب فِيهِ.
وَأما الْمدَّة فانه يُشَارك هَذَا الرسوب فِي بعض هَذِه الْحَال وَلكنه أَبْطَأَ انتشارا فِي الرُّطُوبَة من انتشار الرسوب فِي النيّ وأسرعاً نزولاً وَلَا يكَاد يَخْلُو من دم ونتن رَائِحَة.
لي قد أصلحت أَنا هَذَا وَيجب أَن يصلح اكثر من هَذَا حَتَّى يُمَيّز أَصْنَاف الرسوب كلهَا بعلامات وَاضِحَة إِن شَاءَ الله.
فَأَما فِي الرّيح فالهضم الْكَائِن فِي الْعُرُوق ريح رسوبه حريف لكَمَال عمل الْحَرَارَة فِيهِ وريح الرسوب الَّذِي فِي الْمعدة لَا ريح لَهُ الْبَتَّةَ وريح الْقَيْح منتن.
الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق أردأ الأبوال إِن دَامَ فِي مرض حاد أَيَّامًا على هَذِه الْحَال فان العليل سيختلط. فان اخْتَلَط ودام بعد ذَلِك الِاخْتِلَاط دلّ على الْمَوْت السَّرِيع لِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَارَة قد صعدت إِلَى الرَّأْس وانه سيحدث بالدماغ آفَة فَإِذا حدثت الآفة ودام ذَلِك يدل على أَنَّهَا قَوِيَّة وَأَنَّهَا تقلب الدِّمَاغ فتتعطل الْأَفْعَال النفسانية وَلذَلِك يتعطل النَّفس فَيَمُوت.
الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ سَحَابَة طافية صفراء زبدية تدل على خطر وتخوف شَدِيد لِأَن الزُّبْدِيُّ دَال على كَثْرَة اضْطِرَاب فِي الْبدن وصفرة السحابة تدل على حِدة الْمَادَّة الف ووأنها خضراء صاعدة إِلَى أَعلَى الْبدن. فان حدث مَعَ ذَلِك رُعَاف فالهلاك عَاجل لِأَنَّهُ يدل)
على أَن هَذَا الرعاف إِنَّمَا كَانَ للذع الْمرة لعروق الدِّمَاغ لَا لبحران.
لي: ينظر فِي ذَلِك.
إِن الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق مَتى دَامَ أَيَّامًا مُتَوَالِيَة متواتراً وَكَانَ الْبدن مَعَ ذَلِك صَحِيحا وَلَا يَسْتَحِيل إِلَى الغلظ الْبَتَّةَ وَكَانَ الْبدن مَعَ صِحَّته يحس بثقل وأذى كَانَ فِي ظَاهر الْجلد دلّ على إِحْدَى خلتين: إِمَّا على خراج وألم يكون فِي الكلى وَإِمَّا على بثور وخراج يعم سطح الْبدن كُله كالبثر والقروح والجدري لِأَن زبد الْبَوْل مَعَ ثقل فِي الْبدن يدل على أَن فِي الْبدن مَادَّة غَلِيظَة كَثِيرَة فجة فان مَالَتْ نَحْو الكلى على كثرتها آلمتها وَإِلَّا دفعتها الطبيعة بتحلل من سطح الْبدن فَكَانَ مِنْهُ مَا ذكرنَا.
الْبَوْل الْأَبْيَض الكدر فِي بَدْء الشوصة إِذا دَامَ أَيَّامًا كَثِيرَة وَكَانَ مَعَ ذَلِك سعال وسهر دلّ على اخْتِلَاط الْعقل فان كَانَ مَعَ ذَلِك عرق كَامِل شَامِل أَو رُعَاف يدل على السَّلامَة والبرء لِأَن بَيَاض الْبَوْل فِي الْمَرَض الْحَار يدل على صعُود الْمرة نَحْو الرَّأْس والرعاف يدل على الْخَلَاص لِأَن مَادَّة هَذِه الْحمى الدَّم فَإِذا نفته الطبيعة كَانَ بِهِ الْخَلَاص.
الْبَوْل الْأَحْمَر الشَّديد الْحمرَة والثفل الخام إِذا دَامَ على هَذِه الْحَال أَيَّامًا متتابعة وَلم يحس
(5/218)
الْجِسْم بألم دلّ على السل لَكِن إِن كَانَت الْحمرَة مَعَ ثفل الرَّأْس وَجَمِيع الْبدن ودامت على حَالهَا أَيَّامًا وَلم تستحل وَلم تَتَغَيَّر دلّ على أَن الْحمى ستثور وَعلة ذَلِك أَن الْحمرَة تدل على التهاب الْحَرَارَة وَإِن كَانَت الْحمى مَعَ غلظ وَحُمرَة وثفل فِي الرَّأْس وَجَمِيع الْبدن ونحافة الْبدن دلّ على أَن الْبدن قد كرت فِيهِ فضول الرُّطُوبَة وَأَنَّهَا ستعفن ثمَّ تتحرك الطبيعة لتحليل تِلْكَ العفونة وَمَعَ ذَلِك تهيج الْحمى.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ فِي الْمَرَض الحاد إِن كَانَ خُرُوجه قَلِيلا قَلِيلا وَفِي دفعات متواترة وَفِي رَائِحَته نَتن دلّ على خطر وَشر لِأَن شدَّة الْحمى تدل على التهاب الْحَرَارَة والغلظ على كَثْرَة الِاضْطِرَاب وتتابع خُرُوج الْبَوْل وقلته مَعَ نَتن الرَّائِحَة يدل على مَادَّة لزجة رَدِيئَة قد عفنت أَو قُرُوح فِي المثانة والكلى وَأَنه لَا يُؤمن من انهزام الطبيعة من مُنَازعَة هذَيْن وَلَا تبعد من الْخطر وَالْخَوْف.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر رَدِيء فِي ألم الكلى وَهُوَ فِي ألم الرَّأْس الْخَوْف لِأَنَّهُ فِي ورم الكلى يدل على الورم الْحَار الملتهب وَإِن لم يتَحَلَّل هَذَا الورم آل إِلَى جمع الْمدَّة وَفِي ألم الرَّأْس لَا يُؤمن الِاخْتِلَاط.)
لي لم يَأْتِ بِشَيْء حسن.
الْبَوْل الْأَحْمَر الْكثير الخاثر الْكثير الثفل فِي الحميات المختلطة وَفِي الْحمى الصالب أَيْضا يدل على الإفراق.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الخاثر الْكثير الرسوب فِي الحميات الحادة والمختلطة يدل على الاحتراق.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الخاثر الْكثير الرسوب فِي الحميات الحادة المختلطة يدل على الإفراق. فان لطف هَذَا الْبَوْل فِي أَوَائِل هَذِه الْعلَّة ورق وَقل رسوبه دلّ على نكس العليل لِأَن هَذَا الْبَوْل يدل على أَن مَادَّة الْحمى تخرج بالبول وَإِذا لطف دلّ على أَنَّهَا لَا تخرج فَلَا أَن يثور مِنْهَا عفن ثَان.
العطب وَالْبَوْل الَّذِي يكون بلون الدَّم الْخَالِص فِي الحميات الحادة يدل على موت سريع لِأَنَّهُ يدل على كَثْرَة الدَّم وغلبته وحدته وَلِأَنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك إِمَّا أَن يمْلَأ تجاويف الْقلب فيختنق أَو يصعد نَحْو الدِّمَاغ فتتعطل الحركات الإرادية وَيبْطل النَّفس فَيَمُوت العليل.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني فِي الحميات المتولدة عَن التَّعَب إِن اسْتَحَالَ من رقة إِلَى الغلظ وَظهر فِيهِ ثفل كثير غير راسب وَتبع ذَلِك صداع دلّ على طول الْمَرَض وَأَن البحران يكون بالعرق وَعلة ذَلِك أَن اسْتِحَالَة الْبَوْل من الرقة إِلَى الغلظ يدل على نضج الْمَادَّة وَامْتِنَاع الثفل من الرسوب يدل على نُقْصَان الهضم فلذلكْ تطول الْعلَّة وَلِأَن الْحمى كَانَت من
(5/219)
التَّعَب فان البحران يكون بالعرق لِأَن الْفضل كُله فِيهِ قد نفذ وَإِلَيْهِ تصير الْمَادَّة.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الْقَلِيل الكمية فِي الحبن يدل على شَرّ وَالْكثير الْغَيْر الْمَصْبُوغ يدل على السَّلامَة لِأَن قلَّة الْبَوْل فِي الحبن يدل على شَرّ لِأَنَّهُ يدل على امْتِنَاعه من الْمَجِيء نَحْو الكلى فَلذَلِك يصير إِلَى الصفاق فيزيد فِي الاستقاء.
وضد ذَلِك وَهُوَ كثير الْبَوْل يدل على أَن الْمَادَّة مائلة نَحْو الكلى والمثانة وَأَن الكبد لَيست بكثيرة الْحَرَارَة.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني المائل إِلَى السوَاد والغلظ والكدرة فِي عِلّة اليرقان إِذا وجد صَاحبهَا مَعهَا بعض الرَّاحَة دلّ على برْء عَاجل وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الْبَوْل قد مر على تِلْكَ الأخلاط الَّتِي أحدثت السدد وطبختها وَفتحت السدد.
الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق الْقَلِيل الكمية إِذا دَامَ أَيَّامًا متتابعة فِي عِلّة اليرقان يتخوف على صَاحبهَا وَعلة ذَلِك أَن هَذَا الْبَوْل يدل على السدد فِي الكبد وَأَنَّهَا قَوِيَّة وَلذَلِك يخَاف أَن يتَأَذَّى إِلَى)
الاسْتِسْقَاء.
الْبَوْل الْأَحْمَر اللَّطِيف أَو الْأسود الرَّقِيق الْقَلِيل الثفل فِي ألم الطحال أَو غلظه من دَلَائِل الشَّرّ لِأَن الْحمرَة الساطعة تدل على لهيب الْحَرَارَة والسواد يدل إِمَّا على الاحتراق وَإِمَّا على فرط الطبيعة والرقة تدل على قُوَّة السدد وكل ذَلِك رَدِيء. يدل على ابْتِدَاء اليرقان وَأَن مجاري الكبد الَّتِي مِنْهَا كَانَ يجْرِي الْمرة قد انسدت وَحدث لذَلِك فِي الدَّم كُله رداءة وَهَذَا الْبَوْل يصْبغ الثَّوْب أَخْضَر وأشقر.
وَيكون مثل هَذَا الْبَوْل من غير يرقان وَلَا يصْبغ الثَّوْب.
فِي الْأسود: الْبَوْل الْأسود والزنجاوي بعقب النفث الشَّديد يدل على التشنج أَنه سيحدث لِأَنَّهُ يدل على اليبس وفناء الرُّطُوبَة من الْجِسْم واستحواذ الْحَرَارَة عَلَيْهِ فان كَانَ شَأْن الْحَرَارَة غير مفرطة أحدث اللَّوْن الزنجاري وَإِن كَانَت الْحَرَارَة مفرطة أحدثت السوَاد.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ ثفل مُتَعَلق فِي الْوسط لَهُ رَائِحَة حادة وقوام لطيف فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على وجع الرَّأْس وهذيان وَيدل فِي الْأَكْثَر على رُعَاف أسود أَو على عرق كثير لِأَن الْمُتَعَلّق الْأسود يدل على أَن الْحَرَارَة ملتهبة صاعدة لذَلِك يحدث فِي الرَّأْس أَعْرَاض الف وففي هَذِه الْحَالة يحدث الرعاف. فان كَانَت الْحَرَارَة فِيهِ أَكثر وَلم تكن صاعدة وَخرجت نَحْو العضل إِذا حدث عرق واقشعرار بعد الْبَوْل الْأسود الطيف الَّذِي فِيهِ مُتَعَلق فِي نواح مُخْتَلفَة مَعَ سهر وصمم فِي الحميات المحرقة يدل على الرعاف وَذَلِكَ أَن الحميات اللَّازِمَة تكون فِي الْأَكْثَر من الدَّم والسواد يدل على شدَّة اللهيب والتعلق
(5/220)
الْمُخْتَلف النواحي يدل على اضْطِرَاب. فَلذَلِك تصعد إِلَى الرَّأْس فَتحدث صمماً وأرقاً. فان فعلت الطبيعة بحران استفرغته من اقْربْ الْمَوَاضِع.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ ثفل مُتَعَلق مستدير لَيست لَهُ رَائِحَة حريفة مَعَ تشنج وعرق وامتداد الشراسيف يدل على الْمَوْت إِلَّا أَن السوَاد بِلَا حرافة من الرَّائِحَة يدل على انهزام من الطبيعة والعرق إِذا لم يكن صَالحا فانه أَيْضا لضعف من الطبيعة وَإِذا كَانَ مَعَ تشنج والامتداد فَهُوَ من ذَلِك الْجِنْس والطبيعة مقهورة.
الْبَوْل الرَّقِيق غير الْمُتَشَابه الْأَجْزَاء الْأَحْمَر والأشقر دَال على تَعب كَانَ ونقصان من الْبدن وَذَلِكَ أَن التَّعَب يفني الرُّطُوبَة ويلهب الْحَرَارَة فَلذَلِك يحدث اخْتِلَاط القوام وينصبغ الْبَوْل وَلِهَذَا)
يذوب الْبدن.
الْبَوْل الرَّقِيق الْكثير الْمِقْدَار جدا مَعَ ثقل الْبدن وَسُقُوط الشَّهْوَة للطعام وَالشرَاب يدلان على أَن الطبيعة هِيَ ذَات خلط لِأَن الثفل وَسُقُوط الشَّهْوَة يدلان على امتلاء الْجِسْم وَكَثْرَة الْبَوْل تدل على انحدار تِلْكَ الفضول.
الْبَوْل الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ سَحَابَة أَو تَعْلِيق أَحْمَر بِقرب من أعالي المَاء فِي الْمَرَض الحاد يدل على اخْتِلَاط وَإِن دَامَ كَذَلِك دلّ على عطب وَإِن انْتَقَلت رقته إِلَى غلظ وَحدث فِيهِ ثفل راسب أَبيض كثير دلّ على انحلال الْمَرَض لِأَن الصُّفْرَة السحابة دَالَّة على التهاب وصعودها على سمو الْخَلْط إِلَى الدِّمَاغ وبياضه ورسوبه على اسْتِحَالَة ونضج تَامّ.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأسود مَتى اسْتَحَالَ إِلَى الشقرة والغلظ وَلم يحدث بذلك رَاحَة دلّ على عِلّة فِي الكبد يرقان أَو خراج فِيهِ لِأَن اسْتِحَالَة السَّوْدَاء إِلَى الصُّفْرَة والرقة إِلَى الغلظ تدل على هضم ونقصان الْحَرَارَة فان لم تكن بِهِ رَاحَة كَامِلَة تدل على أَن فضلَة قد بقيت فِي الكبد لم تنزل بالبول فَتحدث إِن كَانَ غليظاً سدداً وَإِن كَانَت لذاعة خراجها.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأَشْقَر مَتى كَانَ فِي ابْتِدَاء الْحمى الحادة ثمَّ اسْتَحَالَ إِلَى الغلظ وَالْبَيَاض وَبَقِي متعكراً كبول الْحمار وَخرج بِغَيْر إِرَادَة مَعَ سهر وقلق يدل على تشنج فِي الْجَانِبَيْنِ وعَلى الْمَوْت بعد ذَلِك لِأَن اللطافة والشقرة تدلان على غَلَبَة الصَّفْرَاء والتعكر والخثورة تدل على صعوبة الْمَرَض وَخُرُوجه بِلَا إِرَادَة يدل على فَسَاد الدِّمَاغ وَإِنَّمَا ضعف الدِّمَاغ بصعود الْمرة إِلَيْهِ ويتبين لذَلِك فَيحدث امتداداً وَإِذا حدثت هَذِه الْأَشْيَاء وَلم تكن عَلَامَات صَالِحَة تواريها فأيقن بِالْمَوْتِ.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأسود الَّذِي يبال قَلِيلا قَلِيلا فِي زمن طَوِيل فِي الحميات الحادة مَعَ وجع فِي الرَّأْس والرقبة يدل على اخْتِلَاط وَهُوَ قَلِيل الْخطر فِي النِّسَاء خَاصَّة لِأَن وجع الرَّأْس يدل على أَن الْمرة قد صعدت إِلَيْهِ وتتابع خُرُوجه يُؤَكد الرَّجَاء بانحلال الْمَرَض. وَهُوَ فِي النِّسَاء أسلم لأَنهم قد اعتدن أَن ينقين من أَسْفَل.
(5/221)
الْبَوْل الرَّقِيق بعد البحران يدل على النكس أَن بَقِي زَمَانا طَويلا لِأَنَّهُ يدل أَنه لم يكن هضم تَامّ وَلَا بحران تَامّ.
على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة الَّذِي فِيهِ ثفل كثير رملي مَعَ ثفل الخاصرة والعانة يدل على أَن حَصَاة مزمعة أَن تكون فان كَانَ الثفل فِي الْقطن والخاصرة والساقين فَفِي الكلى وَإِن كَانَ الوجع فِي)
الْعَانَة فَإِنَّهَا تحدث فِي المثانة.
الْبَوْل الغليظ المتثور فِي وَقت مُنْتَهى الْمَرَض الحادة رَدِيء وَذَلِكَ انه يدل على شدَّة الإضطراب وَقلة عمل الطبيعة وَلَا بُد من أَن تخور.
الْبَوْل الغليظ المستحيل من الرَّقِيق فِي الْحمى اللزمة يدل على عرق كثير سَيكون فِي البحران وَإِذا كَانَ هَذَا الْبَوْل فِي حميات محرفة دلّ على ألم فِي الْقلب وَعلة فِي نَاحيَة الكبد فَلم يستحسن علته وَلَا هُوَ مَحْمُود.
الْبَوْل الغليظ فِي ابْتِدَاء الْمَرَض أَو المتثور فِي أول الْمَرَض إِذا صفا قبل أَن يَأْتِي البحران رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن صفاءه إِنَّمَا هُوَ لَا لِأَنَّهُ قد عملت فِيهِ الطبيعة واحتباس الغليظ عَن الْخُرُوج.
الْبَوْل الغليظ الْكثير فِي وجع الفالج يحل الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه يدل على أَن الْمَادَّة هِيَ ذَا تخرج بالبول.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل متشتت فِي الْمَوَاضِع فِي وجع الطحال والحمى الرّبع دَلِيل البرءْ. لِأَنَّهُ يدل على أَن تِلْكَ الاثفال هِيَ الْمَادَّة الَّتِي دفعتها الطبيعة وَإِنَّمَا اخْتلف مَكَانهَا على قدر اخْتِلَاف الْبَوْل الغليظ فِيهِ رسوب شبه الذّرة أَو القشور أَو السويق والصفائح أَو سحالة الْحَدِيد مَعَ حمى رقيقَة وألم يدل على الدق. وَهَذَا الرسوب هُوَ من الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
كَثْرَة الْبَوْل إِذا دَامَ أَيَّامًا كَثِيرَة مُتَوَالِيَة لَيْسَ فِيهِ دَلِيل رَدِيء ثمَّ حدث بعد ذَلِك ثفل فِي الأعفاج وَمَا يَليهَا وَفِي غَيرهَا من النواحي يدل على انحلال الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه يدل على أَن الطبيعة قد نفت الْعلَّة نَحْو الكلى والمعي.
الْبَوْل الْأَشْقَر الْخَالِص الصافي يدل على غَلَبَة الصَّفْرَاء لِأَن الْمرة الصَّفْرَاء تميل إِلَى الشقرة جدا فَإِذا مر بهَا الْبَوْل انصبغ مِنْهَا.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ اكثر مِقْدَارًا من مِقْدَار مَا يشرب صَاحبه يدل إِمَّا عَن ذبول وَإِمَّا على امتلاء فِي بدنه وَفِي الحميات هُوَ دَلِيل جيد فِي العفونة خَاصَّة إِذْ ينقي الْبدن بذلك.
الْبَوْل النَّاقِص عَمَّا يشرب رَدِيء لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون من كَثْرَة التَّحَلُّل وَإِمَّا لاستطلاق الْبَطن وَإِمَّا لِكَثْرَة الْعرق وَإِمَّا لضعف الطبيعة عَن الهضم.
لي وَأما للاستسقاء.
(5/222)
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ قطع الف وَدم جامد فِي الحميات الحادة وَاللِّسَان الْيَابِس الزنجاري اللَّوْن)
فان كَانَ اللَّوْن مَعَه أسود فَهُوَ أشر وَذَلِكَ انه يدل على أَنه قد بلغ فِي غَايَة الحدة والحرافة وعَلى الْبَوْل الْأَشْقَر الناري الَّذِي فِيهِ رسوب نخالي أَبيض مَعَ الْحمى الحادة فَذَلِك أَنه يدل على أَن الْحمى قد أخذت فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
الْبَوْل الَّذِي يشبه الزَّيْت مَعَ الْحمى الحادة دَلِيل على اخْتِلَاط الْعقل وَالْمَوْت لِأَنَّهُ يدل على أَن شدَّة الْحمى قد أفنت الرُّطُوبَة حَتَّى أَنَّهَا تذيب الشَّحْم وَفِي هَذِه الْحَالة يجِف الدِّمَاغ جدا.
الْبَوْل الَّذِي يبال مرّة قَلِيلا وَمرَّة كثيرا وَمرَّة يحتبس الْبَتَّةَ فِي الحميات الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على شدَّة الِاخْتِلَاط ومجاهدة الطبيعة فَإِنَّهَا تغلب وتغلب أَحْيَانًا وَيدل على غلظ الْمَادَّة وعسر نضجها فان كَانَ ذَلِك فِي الحميات الهادئة أنذر بطول الْمَرَض لِأَنَّهُ يدل على غلظ الْخَلْط.
كَثْرَة الْبَوْل والعرق الَّذِي لَا تنقص بِهِ الْحمى الْبَتَّةَ فِي الْحمى الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ يخَاف أَن يجِف الْبدن فيتشنج أَو يذبل.
الْبَوْل الْأَشْقَر فِي الْحمى الحادة إِذا اسْتَحَالَ إِلَى بَيَاض أَو إِلَى السوَاد فَهُوَ رَدِيء لِأَنَّهُ يدل أَن الْعلَّة قد احتدت أَكثر أَو صعدت نَحْو الرَّأْس.
إِذا اسْتَحَالَ الْبَوْل من رقة إِلَى الغلظ ثمَّ لم يكن بِهِ خف الْحمى لَكِن زَادَت صعوبتها فَذَلِك رَدِيء لِأَنَّهُ لَيْسَ لهضم بل لذوبان الاسْتوَاء الْأَصْلِيَّة.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ قيح فِي الْحمى الحادة وَمَعَهُ قشعريرة وَضعف وظلمة الْعين وتهيج عرق فِي الرَّأْس وَنَحْوه يدل على تشنج لِأَنَّهُ يدل على أَن الْحمى إِنَّمَا كَانَت لدبيلة فِي الْجوف فَإِذا انفجرت وَلم تكن رَاحَة لَكِن حدث إظلام الْبَصَر فقد ارْتَفع من ذَلِك شَيْء إِلَى الدِّمَاغ فَيتبع ذَلِك التشنج.
الْبَوْل المنتن الحريف مَعَ مرض فِي الرَّأْس أَو تشنج شَرّ لِأَنَّهُ يدل على شدَّة الْحَرَارَة والعفن.
الْبَوْل الأدكن أَو الدموي المتثور فِي الشوصة ينذر بِالْمَوْتِ لِأَنَّهُ ينذر بلهيب شَدِيد وَامْتِنَاع من النضج.
الْبَوْل اللزج الخاثر الَّذِي يشبه الْغذَاء إِن كَانَت مَعَه عِلّة فِي الكلى زَاد فِيهَا لِأَنَّهُ يصير مَادَّة للزوجته.
الْبَوْل الَّذِي يقطر قطراً فِي حمى سَاكِنة يدل على الرعاف وَهُوَ فِي اتلحمة الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ فِي المحرقة يدل على سوء حَال الدِّمَاغ وَفِي السكنة على كَثْرَة الامتلاء.
الْبَوْل الَّذِي يكون فِيهِ سَحَاب وَلَا يكون فِيهِ رسوب بعد البحران ينذر بعودة لِأَنَّهُ يدل على)
نُقْصَان الهضم.
(5/223)
الْبَوْل الَّذِي يتَغَيَّر دفْعَة من عَلَامَات محمودة إِلَى عَلَامَات مذمومة فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على موت لِأَنَّهُ يسْقط الْقُوَّة الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يكون ذَلِك عَن أَعْرَاض قَوِيَّة صعبة.
الْبَوْل المنتن فِي الْمَرَض الحاد إِذا ذهب بَغْتَة دَلِيل رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن الطبيعة قد أَمْسَكت عَن الْعَمَل فِيهِ وَلم يكن الف وَذَلِكَ لصلاح لِأَنَّهُ لَو كَانَ لصلاح لَكَانَ ذَلِك يَوْمًا فيوماً.
وَكَذَلِكَ أَي دَلِيل ظهر بَغْتَة فَتوهم فِيهِ هَذَا.
الْبَوْل الْمُخْتَلف الْمُتَغَيّر الْأَفْعَال فِي اللَّوْن والوضع والشكل الرَّدِيء مهلك لِأَنَّهُ يدل على أخلاط كَثِيرَة مُخْتَلفَة فِي الْبدن كَانَ ذَلِك فِي يَوْم أَو تغير كل يَوْم فِي لَونه وحاله وَلذَلِك يدل على أَن فِي الْبدن أمراض كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
روفس إِلَى الْعَوام قَالَ: من بَال بولاً أسود وَهُوَ صَحِيح مُدَّة فانه سيتولد فِي كلاه حَصَاة بعد زمن يسير.
لي ابْن ماسويه من محنة الطَّبِيب قَالَ: لبول المحموم رَائِحَة حادة تدل على عفن لَا يخلوا مِنْهُ وَلَا يكون مَعَ غَيرهَا من الْأَشْيَاء الْأُخَر فِي الْأَكْثَر.
أرسالاوس: الأخلاط الَّتِي تتولد مَعَه قَالَ: القشار هُوَ فضلَة الهضم الثَّالِث الْكَائِن فِي الْعُرُوق.
لي كَذَلِك يكثر فِي الْأَبدَان الْعلَّة والبلغمية لِأَن الهضم الثَّالِث فيهم تكْثر فضوله لخلتين إِحْدَاهمَا لِكَثْرَة مَا يصير إِلَى الْعُرُوق من الْغذَاء فبحسب ذَلِك يكون فضولها وَالثَّانيَِة ضعف الْحَرَارَة فِي الْعُرُوق وَلذَلِك لَا تكَاد ترى فِي الْأَبدَان النحيفة وَلَا فِي الَّتِي يكثر الصَّوْم والتعب لِأَنَّهُ لَا يبْقى فِي الْعُرُوق مِنْهَا فضلَة عَن الهضم. فالقشار فِي أبول الأصحاء دَلِيل أبدا على أَن الهضم الثَّالِث فِيهِ فضلَة وَأَن لَيْسَ بلطيف وَلَا الْبدن سخن. وَأما فِي أبدان المحمومين فانه يدل على أَن الهضم قد كَانَ لِأَن حَاله شَبيه حَال الصِّحَّة.
وَقد رَأَيْت فِي أَبْوَال قوم لم يكن فِي أبوالهم فِي الصِّحَّة رسوب الْبَتَّةَ نحفاء محرورين كَأَن أبي حَازِم القَاضِي رسوباً فِي حَالَة الْمَرَض فافرقوا بعد ذَلِك ليستقصي إِن شَاءَ الله.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يبال لطيفاً وَيبقى لطيفاً يدل على غَايَة الفجاجة وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك يَجِيء متواتراً مَعَ عَطش فانه ذبابيطس وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر يدل على أَن الهضم قد بَدَأَ يعْمل وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل إِلَى أما على موت من الْقُوَّة وَإِمَّا على اضْطِرَاب وتثور)
شَدِيد وَأَن الهضم أقرب.
الْبَوْل الكدر قد يكون أَحْيَانًا من سُقُوط الْقُوَّة الْبَتَّةَ وَعدم الْحَرَارَة الغريزية لِأَن الْبَوْل الكدر يكدر إِذا برد فميز هَذَا فانه قَلِيل وَبِأَن حَال الْمَرِيض بعده تسوء والحمى تسكن حَرَارَتهَا.
وَأما ذَلِك المتثور الَّذِي يدل على اضْطِرَاب وَعمل النضج قوى فانه كثير والحرارة مَعَه قَوِيَّة وَحَال العليل تحسن بعده كل يَوْم.
(5/224)
إِذا كَانَ الرسوب أسود فَهُوَ أقل رداءة من أَن يكون المنصب أسود وأشره أَن يكون مَعًا أسودين.
لي هَذِه الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة: الَّذِي يبال صافياً ويكدر وَالَّذِي يبال صافياً وَيبقى صافياً وَالَّذِي يبال كدراً فيصفو وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً. واستقصى دلائله إِن شَاءَ الله.
لي كَمَال النضج هُوَ أَن يكون فِي الْبَوْل رسوب أَبيض أملس واللون أترجي فَمَتَى زَادَت الْحَرَارَة عَن مِقْدَار الِاعْتِدَال بعد ذَلِك كَانَ اللَّوْن أَشد حمرَة والرسوب أقل أَو لَا يكون وَكَذَلِكَ إِن أَقَامَ الرجل لَا يغتذي الف وازداد الصَّبْغ وَنقص الرسوب فالرسوب الْكثير يدل على هضم كَامِل وعَلى انه يتفرغ من الْبدن أخلاط فِيهِ وَتخرج.
قَالَ: فأبوال الصّبيان أبدا كَثِيرَة الرسوب لِكَثْرَة أكلهم على غير تَرْتِيب فِي حركاتهم وَلِأَنَّهُ لَا ينجذب إِلَى عروقهم غذَاء فج الْقُوَّة.
قَالَ وَكَذَلِكَ أَيْضا يكون فِي أَبْوَال المحمومين من الامتلاء قشارة كَثِيرَة. وَأما من حم من صَوْم أَو تَعب لَا يكون فِيهِ واللون الَّذِي يكون منصبغاً جدا وتنحل أمراضهم على الْأَكْثَر من غير أَن يتَبَيَّن فِي أبوالهم رسوب. وَكَذَلِكَ أَبْوَال الأصحاء الكثيري التَّعَب القليلي الْغذَاء.
قَالَ: وَلذَلِك ذمّ أبقراط الْبَوْل الرَّقِيق الناري.
وَقَالَ: إِنَّه يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج.
وَقَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فالرسوب قل مَا يكون فِي الأبوال الرقيقة.
قَالَ: الرسوب الَّذِي يشبه النخالة الثخينة يدل على ذوبان الاسْتوَاء الْأَصْلِيَّة والحرارة مفرطة قد أحرقت الدَّم وَالَّذِي مثل الصفائح وَلَا ثخن لَهُ فَيدل على أَن ظَاهر الاسْتوَاء وسطحها يتَحَلَّل.
والرسوب الْأسود يدل على موت الْقُوَّة وَغَلَبَة الْبرد أَو شدَّة الاحتراق والحرارة وَأَشد مَا يكون إِذا كَانَ الْبَوْل والرسوب أسودين.)
والرسوب الْأسود أدل على الْهَلَاك من السجابة والتعلق أدل من السحابة على الْهَلَاك.
والرسوب الْأَخْضَر مُقَدّمَة السوَاد.
وَيكون فِي الْأَمْرَاض الْمهْلكَة الْبَوْل الْأسود بعد الْقَيْء وَالِاخْتِلَاف وَالْبَوْل الْأَخْضَر.
قَالَ: فإمَّا الرسوب الأسمانجوني فانه من الْبرد فَقَط.
وَأما الرّيح المنتنة فَإِنَّهَا من العفن.
وَإِمَّا الثفل الَّذِي يشبه الزَّيْت فانه يدل على السل.
وَخبر الرسوب الحميد الراسب ثمَّ الْمُتَعَلّق ثمَّ الطافي.
وَالْبَوْل المائي وَالْبَوْل الكدر يدلان على فجاجة فِي الْغَايَة والأشقر والناري إِذا كَانَا شديدي الرقة فانهما فجان وَالرَّقِيق فِي الصّبيان أشر.
(5/225)
قَالَ: فِي الْأَمْرَاض البلغمية والسوداوية كلما كَانَ الرسوب فَهُوَ أشر وبالضد. فَأَما فِي الْأَمْرَاض قَالَ: لِأَن الْفساد الْخَارِج عَن الطَّبْع بِقدر عمل الطبيعة فِيهِ يَجْعَل ميله إِلَى ضد جِهَته الطبيعية.
الْبَوْل المائي يدل إِمَّا على عدم النضج وَإِمَّا على سدد فِي مجاري الكلى كَمَا يكون فِيمَن بِهِ ورم صلب فِي كلاه وَأما فِي الْمَرَض الحاد فَيدل على سرسام واختلاط فان دَامَ فعلى الْمَوْت وكل مَا قيل فِي الْبَوْل يدل على سدد فافهمه فِي آلَات الْبَوْل.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ الَّذِي لَا رسوب فِيهِ فِي الحميات اللَّازِمَة يدل على فجاجة العبلة.
الْبَوْل الْأسود فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على الْمَوْت وخاصة عَن كَانَ منتناً وَكَانَ فِيهِ قشارة راسبة سود فمحال أَن يسلم من كَانَ بِهِ مرض حاد وبال هَذَا الْبَوْل وَإِن تقدم السوَاد أسمانجوني فِي الرسوب وَالْفَرغ فانه من الْبرد وَإِن تقدمه الْأَشْقَر فانه من كَثْرَة الف والحرارة والاحتراق.
قد يكون فِي انحطاط حمى الرّبع بَوْل اسود وَفِي انحطاط الْأَمْرَاض السوداوية وَهُوَ صَالح حميد.
الرسوب فِي أَبْوَال النِّسَاء يجب أَن يكون اكثر والصبغ انقص.
الرسوب الحميد هُوَ أَن تظهر أَولا سحابه ثمَّ يصير تعلقاً ثمَّ يرسب.
فَأَما الرسوب الْكثير من أول الْأَمر فانه يكون غليظاً سمجاً وَيكون الفرغ مِنْهُ أَيْضا سمجاً وَلَا يدل على نضج وَهَذَا الْبَوْل إِذا أقبل ينضج ظهر فِيهِ تعلق ثمَّ سَحَابَة ثمَّ رسوب بعد ذَلِك ثَان)
حسن قَلِيل.
قَالَ: وَهَذِه السحابة توهم الْجَاهِل أَن الْحَال أردأ لِأَنَّهَا كَانَت بعد رسوب وَلَيْسَ الْحَال كَذَلِك لِأَنَّهَا كَانَت بعد رسوب رَدِيء سمج فج وَإِنَّمَا كَانَت لِكَثْرَة التثور.
الدّهن الَّذِي يخرج على الْبَوْل يكون من ذوبان الشَّحْم وَيكون إِمَّا لذوبان شَحم الكلى وَإِمَّا لذوبان شَحم الْبدن كُله: فان كَانَ يخرج دفْعَة مِنْهُ شَيْء كثير وَكَانَ يجد فِي الكلى حرارة شَدِيدَة فانه من الكلى وبالضد.
من كتاب ينْسب إِلَى ج قَالَ: الأبوال الزيتية ثَلَاثَة وَذَلِكَ أَنه رُبمَا كَانَ فِي أَسْفَله شَيْء يشبه الزَّيْت وَكلهَا تدل على السل.
وَالْبَوْل الخاثر الشبيه بأبوال الْحمير يكون من فَسَاد أخلاط الْبدن.
(5/226)
قَالَ: ولبول المرضى رَائِحَة لَا تشبه رَائِحَة أَبْوَال الأصحاء. وَلم أر قطّ بَوْل مَرِيض رَائِحَته مثل رَائِحَة أَبْوَال الأصحاء.
قَالَ: وَانْظُر هَل الْبَوْل قَلِيل أَو كثير ثمَّ انْظُر أيخرج بعسر أَو بسهولة أَو بوجع.
قَالَ: والسحابة السَّوْدَاء هِيَ من الْمَشَايِخ أردأ.
قَالَ: إِذا كَانَت الْحمى من عفن البلغم المالح كَانَ فِيهِ ثفل يشبه الخراطة وَإِن كَانَ من أخلاط مرارية صرفه كَانَ الرسوب أصفر.
قَالَ: أَبْوَال الأصحاء أترجي لَا رسوب فِيهِ إِن لم يكن قد ترك زَمَانا طَويلا وَلَيْسَ لَهُ ريح رَدِيئَة.
وَالْبَوْل بعد الطَّعَام يبيض وَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يكون الهضم فيصفر ثمَّ ينصبغ إِن امسك عَن الْغذَاء ثمَّ يحمر وتحرف رَائِحَته إِن طَال ذَلِك. وَالْبَوْل الْكثير المتتابع بِلَا عَطش يدل على كَثْرَة الفضول فِي الْجِسْم وقلته على قلَّة الفضول.
إِذا كَانَ الْبَوْل غليظاً يجد صَاحبه ثفلا فِي رَأسه وَيبقى على ذَلِك فَأَنَّهُ سيحم.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ وجع الرَّأْس وثفل الْجِسْم دَلِيل الامتلاء ورداءة الأخلاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر جدا الغليظ مَعَ ضعف الْمعدة وحكة فِي الْجَسَد يدل على كَثْرَة صفراء فِي الْبدن ويرقان.
الْبَوْل المائي الَّذِي يخرج كثيرا بِلَا عَطش ينتقى بِهِ الْبدن من البلغم.)
الْبَوْل الْكثير من غير إكثار الْأكل وَالشرَاب مَتى كَانَ مَعَ عَطش وقحل الْبدن قَلِيلا قَلِيلا إِن دَامَ أدّى إِلَى الدق.
الْبَوْل الْحَار عِنْد الْخُرُوج يدل على أخلاط حريفة فان كَانَ مَعَ لين دلّ على عفن وسيحم صَاحبه.
الْبَوْل الْكثير الْخَارِج بسهولة إِن كَانَ صَاحبه بِهِ وجع القولنج أَبرَأَهُ.
إِذا دَامَ الْبَوْل الغليظ الكدر تولدت الف وَفِي الكلى حَصَاة. فَإِذا وجد صَاحبه ثفلا فِي الْفَخْذ والساق فقد تولدت فِي الكلى حَصَاة.
الْبَوْل الْأَبْيَض الْجَارِي فِي غير وَقت الْعَادة يدل على وجع الرَّأْس والعنق والمنكبين وَصغر النَّفس.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي لَونه لون الدَّم الْمَحْض فِي الحميات رَدِيء وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَانِي المشبع رَدِيء.
وَالْبَوْل الرصاصي لَا سفل فِيهِ رَدِيء جدا.
(5/227)
والأخضر وَالدَّسم رديئان.
والغليظ جدا رَدِيء وَالرَّقِيق جدا رَدِيء.
وَالَّذِي فَوق مَا يشرب أَو دونه أَو فِي عير وَقت الْعَادة أَو مَعَ عسر أَو مَعَ وجع رَدِيء.
إِذا دَامَ الْبَوْل فِي الْحمى بِحَالَة وَاحِدَة لَا يتَغَيَّر فَذَلِك شَرّ وَلَو كَانَ لوناً فَاضلا.
وَإِذا انْتقل الْبَوْل إِلَى المائية وَقد كَانَ قبل ذَلِك احمر فِي المحموم انْحَلَّت حماه.
الْبَوْل الْكثير الرسوب فِي الْحمى المزمنة دَلِيل على انحلالها إِذا دَامَ صبغ الْبَوْل فِي الحميات وَطَالَ الْبَوْل الْأَبْيَض المنتن الرّيح فِي الْحمى دَلِيل على اخْتِلَاط الْعقل وَالْمَوْت.
الْبَوْل الغليظ القلي فِي الْحمى المحرفة رَدِيء وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الْبَطن مُنْطَلقًا.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات يقل مرّة وَيكثر أُخْرَى فانه رَدِيء وَإِن كَانَت حادة دلّ على التَّهْلُكَة وَإِن كَانَت لينَة دلّت على طول الْمَرَض.
الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق الْقَلِيل الْمِقْدَار فِي الْحمى الحادة دَلِيل على الِاخْتِلَاط والأحمر جدا الْقَلِيل جدا دَلِيل على طول الْمَرَض.
الْبَوْل الْأَبْيَض فِي جَمِيع أَوْقَات الْمَرَض مخوف رَدِيء.
الْأَحْمَر الْقَلِيل الَّذِي لَهُ رسوب أصفر فِي الْحمى الحادة رَدِيء.
الْبَوْل الْأَبْيَض فِي جَمِيع أَوْقَات الْحمى يدل على أَن الْحمى تنْتَقل إِلَى الرّبع.)
الْبَوْل الكمد فِي الْحمى الحادة رَدِيء. وَإِن كَانَ وَقت بحران أنذر ببحران رَدِيء.
وَإِن كَانَ الْبَوْل بعد البحران أَبيض فانه ستعود حمى تَأْخُذ بِبرد.
إِذا كَانَ الْبَوْل أشقر شَدِيدا فِي البرسام ووجع الرَّأْس فَذَلِك شَرّ.
إِذا كَانَ الْبَوْل قَلِيلا أشقر شَدِيدا فِي البرسام أنذر بشر.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى المحرقة شَبِيها بصدأ الْحَدِيد فِي لَونه دلّ على كزاز يعرض أَو عسر الْبَوْل الَّذِي مثل اللَّبن مهلك.
الْبَوْل الْأسود مَعَ ضيق النَّفس مهلك.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى المحرقة كلون الْقَيْح وَعرض للمحموم غشى وعرق كثير عرض لَهُ كزاز.
إِذا احْتبسَ الْبَوْل فِي الْحمى الدائمة مَعَ وجع الرَّأْس وعرق كثير وَعرض مَعَ ذَلِك تقطيره ووجع الصلب والعانة وَفِي الْجَانِب الْأَيْمن أنذر بِالْمَوْتِ.
الْبَوْل الَّذِي كلون الدَّم الْخَالِص ينذر بِمَوْت بَغْتَة.
الْبَوْل الحامض الرّيح فِي الْحمى المحرقة مميت.
الْبَوْل الْأسود فِي ذَات الْجنب قَاتل.
(5/228)
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ الْمُنْقَطع دَال على الفالج.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل علق دم أسود والمحموم مطحول ذبل طحاله.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ الاسْتِسْقَاء مهلك. ب من كتاب فيثاغورس قَالَ: الَّذِي الف يبال صافياً وَيبقى صافياً يخبر أَن النضج مَعْدُوم والطبيعة عاجزة عَن النضج غير مبتدئة بِهِ.
وَأما الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر يدل على أَن الطبيعة قد بدأت بالنضج وَهُوَ خير من الأول.
وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل على شدَّة الِاضْطِرَاب ومنتهى الْمَرَض وسلطانه وَشدَّة جِهَاد الطبيعة.
وَالَّذِي يبال كدراً فيصفو خير من الأول لِأَنَّهُ يدل على التثور أَنه قد سكن والطبيعة قد بدأت بالنضج وَالْمَرَض قد انحط.
الرقة لَا تكون مَعَ السوَاد والحمرة فان رَأَيْت ذَلِك فَاعْلَم أَنه قد حدث شَيْء يصْبغ كالحناء أَو شَيْء أكل كالزعفران أَو المري أَو نَحْو ذَلِك.)
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ يدل على كَثْرَة الخام.
الغليظ الْأسود يدل على انحلال السوادء.
الغليظ الْأَحْمَر يدل على كَثْرَة الدَّم وَالْكرب والحمى اللَّازِمَة.
قَالَ: الرسوب الْأَبْيَض ثَلَاثَة: رسوب فضلَة الهضم فِي الْعُرُوق ورسوب خام ورسوب قيح بالقيح متقطع لاصق بِهِ منتن الرّيح ويصاحبه قبل ذَلِك أَعْلَام الدُّبَيْلَة وَمِنْه فِي المَاء انحلال وامتزاج مَا.
وَأما الخام فانه كدر غليظ لَا يسهل اجتماعه لكنه متشبث مُنْقَطع.
إِذا بيل ابْتِدَاء دهناً كثيرا فانه لذوبان شَحم الكلى وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل دهنية قَليلَة مُدَّة مَا ثمَّ انه الثفل الَّذِي مثل قطع اللَّحْم إِذا كَانَ بِلَا حمى حادة أَو طَوِيلَة وَلَا يهزل الْبدن فانه قطع لحم من الكلى وَإِذا كَانَ فِي حمى مزمنة أَو حادة فانه لذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
وَأَيْضًا إِذا كَانَ الْبَوْل مَعَ هَذَا الثفل الكرسني نضيجاً فانه من الكلى وَإِن كَانَ غير نضيج فانه من اللَّحْم لِأَن عدم النضج يخبر بِضعْف الأوردة كلهَا والنضج يدل على أَنه لَا عِلّة بالأوردة فَلذَلِك لَا يجوز أَن يكون ذَلِك اللَّحْم مِنْهَا.
الثفل الَّذِي مثل قشور السّمك يدل على أَن الْحمى قد أَقبلت تجرد من العصب وَالْعُرُوق وَالْعِظَام وَقد يكون مثل هَذِه القشور من المثانة ويفصل بَينهمَا بالفصلين الْأَوَّلين أَعنِي أَنه إِذا كَانَ مَعَ حمى أَو كَانَ غير نضيج فانه من انجراد الْأَعْضَاء وَإِذا كَانَ بِلَا حمى وَكَانَ نضيجاً فانه من الكلى.
(5/229)
قَالَ والنخالي هُوَ أغْلظ من القشور وَأصغر وَيدل على أَن الإنجراد قد أَخذ فِي عمق الْأَعْضَاء العصبية والعظمية وَقد يكون من المثانة وَالْعُرُوق وَذَلِكَ الأول.
قَالَ: فَأَما السويق فانه يكون إِمَّا من الذبول وَإما من احتراق الدَّم وَالْفرق بَينهمَا أَنه كَانَ أَحْمَر اللَّوْن فانه من احتراق الدَّم وَإِن كَانَ أَبيض فَمن انجراد الْأَعْضَاء.
لي هَذِه الأثفال أَحدهَا مثل قطع اللَّحْم وَهِي مستديرة لحمية تسمى الكرسنى.
وَالثَّالِث نخالي وَهُوَ أَكثر عمقاً من الصفائحي وأصغر قدرا مِنْهُ أَبيض أَيْضا لَيْسَ بلحمي وَيُسمى النخاليّ.
وَالرَّابِع أَصْغَر مِقْدَارًا وَأَشد اخْتِلَاف شكل وَيُسمى الدشيشي والسويقي وَيكون أَبيض)
وأحمر.
فَأَما الفضول بَينهمَا إِذا كَانَ من احتراق الدَّم أَو من الكلى. أَو من المثانة أَو انجراد الْأَعْضَاء فَمَا قَالَ فِيهِ الف وجيد بَالغ.
قَالَ: الرسوبات الصفر والشقر والصهب لَا تأتلف مَعَ الْبَوْل الغليظ وَإِنَّمَا يكون فِي الرَّقِيق وَفِي المعتدل.
فَأَما الْأَحْمَر فيأتلف مَعَ الَّذِي مائل إِلَى الغلظ.
فَأَما الْبيض الحامية والسود وَالْخضر فتأتلف مَعَ الْغَلَط وَلَا تُوجد فِي الرَّقِيق.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل أَحْمَر مثل مَا يكون فِي بَوْل من بِهِ حمى صالب وغم شَدِيد يدل على أَن الْمَرَض نيء.
الغليظ الْأَبْيَض مَعَ ثفل أَبيض يدل على كَثْرَة الدَّم فَيكون كثيرا فِي الْحمى المحرقة مَعَ كرب وغم.
الْبَوْل الْمُتَوَسّط فِي الرقة والغلظ فِيهِ رسوب أشقر وأصهب مُجْتَمع أملس يدل على قرب من كتاب اصطفن قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو خَارِجا نعم الْبَوْل يدل على
(5/230)
الطَّبْخ والنضج وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل على قُوَّة الْمَرَض وَلَا يدْرِي إِلَى مَا يؤول أمره وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يتكدر بَوْل شَدِيد يدل على أَشد الْمَرَض وعَلى انه لم يبتدأ نضج.
الْبَوْل المزبد يدل على حرارة وَكَثْرَة رُطُوبَة وريح.
الْبَوْل الْكثير الألوان يدل على كَثْرَة الأخلاط فِي الْجَسَد.
من كتاب روفس قَالَ: إِذا ظهر الْبَوْل الزيتي بعد الْأسود فَهِيَ عَلامَة صَالِحَة تدل على انحلال الْمَرَض والزيتي فِي أول الْمَرَض رَدِيء.
قَالَ: الرسوب الَّذِي يشبه الزَّيْت رَدِيء جدا.
قَالَ: وَيجب أَن ينظر الطَّبِيب إِلَى الْبَوْل بعد أَن يبال بساعة وَلَا يُصِيبهُ شمس وَلَا ريح لِأَن ذَلِك يُغَيِّرهُ وَلَا يبال بولتان فِي قَارُورَة.
من كتاب مُحدث: الْبَوْل الكدر المنتن الضَّعِيف الْخُرُوج فِي الْمَرَض الحاد رَدِيء مهلك والأسمانجوني دَال أبدا على الْبرد.
وَالْبَوْل الَّذِي مثل لون الزَّعْفَرَان دَال على علل بطيئة اللّّبْث وعَلى فَسَاد المزاج.
وَالْبَوْل الشعاعي الْبراق الْأَصْفَر دَال على الصَّفْرَاء وَشدَّة التهابها بِمِقْدَار شُعَاع الْبَوْل.)
قَالَ: أول الألوان الْأَبْيَض ثمَّ الحوصي ثمَّ الشعاعي ثمَّ القاني ثمَّ الزيتي ثمَّ الكراثي ثمَّ الأسمانجوني ثمَّ الْأسود ثمَّ الْأَشْقَر ثمَّ الْأَصْفَر ثمَّ الناري ثمَّ الأصهب ثمَّ الْأَحْمَر ثمَّ الْأسود.
والرسوب الْأَحْمَر يدل على الدَّم والأصفر على الصَّفْرَاء وَالْأسود على احتراق السَّوْدَاء أَو مِنْهَا نَفسهَا.
من كتاب أَحْمد بن عَليّ الطَّبِيب: الْحمرَة للْحرّ وَالْبَيَاض للبرد والصفاء لليبس والكدر للرطوبة.
الْبَوْل الْأَحْمَر الكدر يدل على الدَّم والحمرة للحرارة والكدرة للرطوبات وَكَذَلِكَ فَقل فِي سَائِر الكيفيات.
الرسوب المائل المتصعد إِلَى فَوق ينذر بطول الْعلَّة والمنحط إِلَى الْأَسْفَل ينذر بِسُرْعَة نضج والسحابة الَّتِي فِي وسط القارورة إِن امْتَدَّ ضوئها إِلَى فَوق فالعلة رَدِيئَة وَإِن امتدت إِلَى الْأَسْفَل فسليمة وَإِن كَانَت طافية إِلَى فَوق وضوئها يَمْتَد سفلاً فالطبيعة مغلوبة.
إِذا أردْت النّظر إِلَى السحابة فاستر أحد جَانِبي القارورة بِيَدِك عَن الضَّوْء فَإِنَّهَا لَا تخفى وَلَو كَانَت خُفْيَة.
(5/231)
من كتاب مغنس قَالَ: الَّذِي يبال صافياً وَيبقى صافياً يدل على غَايَة عدم النضج وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر يدل على أَن الطبيعة قد أخذت فِي الإنضاج الف ووالذي يبال ثخيناً وَيبقى بثخانة يدل على غَايَة الِاخْتِلَاط والتثور. وَأما الَّذِي يبال ثخيناً فيصفو فانه يدل على ابْتِدَاء النضج.
الْبَوْل الْأَشْقَر يدل على البرسام.
وكما ألف اللَّوْن والقوام ذكر مَا يأتلف: الْحمرَة لَا تأتلف مَعَ الرقة وَكَذَلِكَ السوَاد لِأَن الْبَوْل يحْتَاج أَن يغلظ قبل أَن يصير أَحْمَر لِأَن النضج يبْدَأ قَلِيلا فِي اللَّوْن لِأَنَّهُ أسهل عَلَيْهِ ثمَّ فِي القوام.
فمحال أَن يكون القوام غليظاً واللون غير نضج.
وَأما مَا قَالَه فِي الرسوب فأصله هَذَا الْبيَاض أفضل مَا يكون فِي الرسوب ثمَّ السّفل ثمَّ الملاسة ثمَّ أَصْحَاب فِي الْأَيَّام لِأَن الْبيَاض إِن عدم فالرسوب غير طبيعي الْبَتَّةَ والرسوب إِذا عدم فَلَيْسَ بتام النضج والملاسة مَتى عدمت فَلم يَسْتَوِي فعل النضج فِيهِ. والاستواء فِي الْأَيَّام إِن عدم فانه قد يكون النضج التَّام قد كَانَ فِي بعض الْأَيَّام وَلم يكن فِي بعض والاستواء فِي بعض الْأَيَّام إِنَّمَا)
يكون جيدا إِذْ كَانَ الرسوب حميدا. فَأَما إِذا كَانَ رديئاً فَإِنَّهُ لَا يكون مستوياً فَهُوَ أصلح لِأَن اسْتِوَاء الرسوب غير الطبيعي فِي جَمِيع الْأَيَّام يدل على قهر تَامّ للطبيعة كَمَا اسْتِوَاء الرسوب فِي جَمِيع يدل على قهر تَامّ للْمَرِيض.
مِثَال ذَلِك أَن الرسوب الْأَبْيَض الأملس إِذا كَانَ كَذَلِك فِي جَمِيع الْأَيَّام بِهَذِهِ الْحَال فَهُوَ دَلِيل نضج كَامِل وَإِن كَانَ الرسوب أَحْمَر أَو خشناً فَهُوَ أصلح أَن يكون يَوْمًا كَذَا وَيَوْما كَذَا لَكِن الرسوب الْأَبْيَض إِذا دَامَ بِحَالهِ أَجود من ذَلِك. وَمَتى كَانَت أَيَّام الصّلاح اكثر فَهُوَ خير وبالضد.
وَأما مِثَال الْأَفْضَل من الرسوبات فَالْأَفْضَل من الرسوب مَا كَانَ لَونه أَبيض راسباً أملس مستوياً ويتلوه فِي الْفضل مَا كَانَ أَبيض راسباً لَا أملس مستوياً وعَلى هَذَا مَتى كَانَ على الْحَال الأولى فَهُوَ افضل.
والثفل الكرسني دَال على ذوبان اللَّحْم من الكلى كَانَ أَو من غَيره.
والصفائح الْبيض تدل على ذوبان العصب وجرم الْعُرُوق وَالْعِظَام.
من الْمسَائِل الَّتِي انتزعها حنين من كتب أبقراط وجالينوس: الْبَوْل الرَّقِيق المائي رَدِيء لِأَنَّهُ غير نضيج.
الْبَوْل الْيَسِير رَدِيء لِأَنَّهُ يدل إِمَّا على ضعف الْقُوَّة المميزة أَو على ضعف الدافعة.
(5/232)
الْبَوْل الغليظ الكدر الَّذِي لَا يصفو ويرسب فِيهِ شَيْء رَدِيء لِأَنَّهُ دَال على كَثْرَة الْحَرَارَة الملتهبة حَتَّى يحدث للأخلاط النِّيَّة الغليظة غلياناً تَاما وَضعف الْحَرَارَة الغريزية عَن نضج تِلْكَ الأخلاط.
الْبَوْل الرَّقِيق بعد البحران يكون إِذا لم ينق المرار بالبول.
الْبَوْل الْأسود الْقَلِيل الكمية فِي الْأَمْرَاض الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن الْخَلْط المراري قد أحترق بِشدَّة حرارته وَأَن رُطُوبَة الدَّم قد أفنتها الْحَرَارَة.
الْبَوْل المائي الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد يدل على طول الْمَرَض ورداءته. أما طوله فللرقة وَإِمَّا رداءته فللسواد.
الرسوب الْأَحْمَر يدل على أَن مُدَّة الْمَرَض طَوِيلَة إِلَّا أَنه سليم جدا.
الْبَوْل الَّذِي يعود إِلَى الرقة من بعد الغلظ والنضج يدل على أَن الْمَرَض لَيْسَ من نوع وَاحِد لَكِن اكثر.)
(5/233)
الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الَّذِي فِيهِ رسوب ابيض إِذا باله العليل فِي الْيَوْم الف وَالثَّامِن يدل على السَّلامَة وَإِن كَانَت قد ظَهرت دَلَائِل مهلكة كَثِيرَة.
الْبَوْل المائل إِلَى الْحمرَة الكدر إِذا بيل فِي الْعشْرين لم يَأْتِ البحران وَلَا فِي الْأَرْبَعين.
الرسوب الْأَحْمَر إِذا كَانَ فِي الْبَوْل فِي الْيَوْم الْأَرْبَعين لم يجِئ البحران وَلَا فِي السِّتين.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل فِي الْيَوْم السِّتين ثفل راسب ابيض أملس مستو دلّ على أَن البحران يَأْتِي فِي الثَّمَانِينَ.
البوم الَّذِي يعود إِلَى رقته فِي الْيَوْم السَّابِع عشر يدل على أَنه لَا يَأْتِي فِي الْعشْرين بحران تَامّ.
الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الرَّقِيق دَال على أَن الْمَرِيض يسلم إِلَّا انه يطول مَرضه.
الْبَوْل الكدر الَّذِي لَا يصفو أصلا يدل على الْهَلَاك بِسُرْعَة وَهَذَا الْبَوْل رَدِيء جدا وخاصة فِي الْحمى الحادة إِذا ابتدأت مَعَ أَعْرَاض صعبة.
الْبَوْل الزيتي الَّذِي يبال فِي الرَّابِع يدل على أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّادِس.
وَإِذا بَال الْمَرِيض بولاً أَحْمَر ثخيناً فِي أول مَرضه فانه إِن كَانَ ذَلِك مَعَ رسوب أَحْمَر يسلم العليل لَكِن بعد طول وَإِن كَانَ خاثراً لَا يرسب وَلَا يصفو كَانَ مهْلكا.
الْبَوْل الَّذِي يكون فِي جَمِيع الْمَرَض كُله حسن اللَّوْن يدل على السَّلامَة.
الْبَوْل إِذا كَانَ فِي مُدَّة الْمَرَض كُله وَبعد البحران رَقِيقا دلّ على أَن الْمَرَض سيعاود.
اللَّوْن الْحسن هُوَ الْأَصْفَر الرَّقِيق الصُّفْرَة.
والرسوب الأملس وَإِن كَانَ أَحْمَر يدل على سَلامَة أَكثر من الرسوب الْأَبْيَض إِذا كَانَ خشناً وَقد صَحَّ ذَلِك بأمثلة من المرضى فِي أبيذيميا.
وَإِذا كَانَ الرسوب مرّة أَحْمَر وَمرَّة أَبيض فان فِي الْبدن أخلاطاً كَثِيرَة.
الرسوب الْأَبْيَض مِنْهُ فضلَة نضج الْخَلْط الَّذِي فِيهِ.
الرسوب الْأَحْمَر إِذا كَانَ فِي الْبَوْل السَّابِع وَبعده رسوب أملس ثمَّ بحران فِي الرَّابِع عشر وَإِن كَانَ خشناً تَأَخّر البحران على قدر ذَلِك.
الْمُتَعَلّق الأدكن مَعَ دَلَائِل السَّلامَة يدل على أَنه يَأْتِي بحران جيد مَحْمُود لكنه يكون نَاقِصا.
إِذا دَامَ التَّعَلُّق فِي الْبَوْل مُدَّة طَوِيلَة مَعَ دَلَائِل السَّلامَة كَانَ البحران بخراج وَرُبمَا كَانَت لَهُ عودة وَمكث مُدَّة طَوِيلَة وَقد يُمكن وَإِن لم يظْهر فِي الْبَوْل دَلِيل قُوَّة من دَلَائِل النضج أَن يتَخَلَّص)
الْمَرِيض فانه قد تخلص فلَان من مَرضه وَلم يكن فِي بَوْله دَلِيل نضج على طول الْمدَّة بنوعي البحران الَّذِي يكون بالاستفراغ وَالَّذِي يكون بالخراج.
لي إِذا طَال بَقَاء الْبَوْل على نهوته وَلم ترى للنضج أثرا بَينا فَلَا تحكم بِالْمَوْتِ إِلَّا أَن يكون مَعَ ذَلِك دَلِيل مهلك فانه قد يكون مُمكنا وَإِن لم يكن للنضج أثر قوي أَن يتَخَلَّص الْمَرِيض على طول الْمدَّة بتحلل الْمَرَض وَإِن لم يكن هُنَاكَ عَلَامَات رَدِيئَة وَإِنَّمَا يكون ذَلِك الْمَرَض إِذا كَانَ الْمَرَض لَيْسَ برديء الْخَلْط جدا.
لَا تحكم على الْبَوْل الْأسود وَإِن كَانَت مَعَه أَعْرَاض رَدِيئَة بِالْمَوْتِ.
إِذا رَأَيْت طبيعة تعْمل دَائِما استفراغات وقوته صَالِحَة فان رَأَيْت انه يخف على تِلْكَ الاستفراغات أَو يحسن حَاله فَذَلِك أولى من أَلا يَمُوت.
الْبَوْل الكدر العطب والغليظ الْأَحْمَر الَّذِي لَا يصفو فِي أَوَائِل الْمَرَض يدل على ورم فِي الكبد.
الْبَوْل الرَّقِيق إِذا كَانَ بعد الْأَحْمَر الغليظ الكدر الَّذِي لَا يصفو يدل على طول الْمَرَض.
كلما كَانَ المستقر فِي الْبَوْل الكدر أسْرع كَانَ أَجود وأدل على أَن فعل النضج فِيهِ ابلغ.
الْبَوْل الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ أَشْيَاء مُتَعَلقَة بِمَنْزِلَة النخالة يكون من بلغم محترق بحرارة الْحمى وَيدل على صعوبة الْمَرَض.
إِذا كَانَ الْبَوْل رَقِيقا بعد البحران عاود الْمَرَض.
الْبَوْل الكدر يدل على قُوَّة الْمَرَض إِذا كَانَ الرسوب الْمَحْمُود قَلِيلا وتحا وَكَانَ ذَلِك فِي غير يَوْم الْإِنْذَار تَأَخّر البحران.
(5/234)
الْبَوْل الَّذِي ينقص عَن النضج التَّام نُقْصَانا قَلِيلا لَا كثيرا يَكْفِيهِ رابوع وَاحِد حَتَّى يكمل نضجه.
رداءة الْبَوْل عَظِيمَة الْقُوَّة فِي جَمِيع علل الاسْتوَاء الَّتِي لَيست من آلَات الْبَوْل وَحسنه لَيْسَ لَهُ كَبِير دلَالَة على الْخَلَاص.
الْبَوْل الزيتي هُوَ الَّذِي يكون أصفر وَيضْرب صفرته فِي خضرَة سلقية وَهَذَا الْبَوْل لَا يدل على النضج وَلَا على شَيْء مَحْمُود.
لي لَا تحكمن على صَاحب الْبَوْل الْأسود وَإِن كَانَت مَعَه أَعْرَاض رَدِيئَة بِالْمَوْتِ إِذا رَأَيْت الطبيعة تعْمل دَائِما استفراغات وَالْقُوَّة صَالِحَة فان رَأَيْت أَنه قد يخف عَن تِلْكَ الاستفراغات)
أَو يحسن حَاله بهَا فَذَلِك أولى أَن لَا يَمُوت.
إِن ظهر بَوْل فِي غَايَة الْحسن وَكَانَ كثيرا فِي مرض شَدِيد الحدة أخرج العليل من الْمَرَض من الْغَد إِذا كَانَ فِي الثَّانِي أَو الثَّالِث بَوْل غليظ يرسب مَا فِيهِ سَرِيعا مَعَ دَلَائِل السَّلامَة وَشدَّة حِدة من الْعلَّة تخلص الْمَرِيض من مَرضه سَرِيعا.
الْبَوْل الْحسن اللَّوْن فِي الْأَمْرَاض الْعَارِضَة من الامتلاء يدل على أَمر مَحْمُود وقوته فِي ذَلِك عَظِيمَة جدا.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ أَشْيَاء كَثِيرَة مُتَعَلقَة كثيرا مَا يتبعهُ اخْتِلَاط الْعقل.
إِذا دَامَ الْبَوْل مُدَّة طَوِيلَة رَقِيقا أسود دلّ على الْمَوْت لَا محَالة.
إِذا لم يكن فِي الْبَوْل الْكثير رسوب كثير فانه لَا يكون بِهِ بحران تَامّ يكن نَاقِصا معاوداً.
أَصْنَاف الرسوب الرَّمْلِيّ خَمْسَة: لون الكرسنة ولون الزرنيخ الْأَحْمَر واشعل ولون الرمل ولون الرماد فَالَّذِي مثل الكرسنة ولون الزرنيخ يحدثان بِمن فِي مثانته أوكبده عِلّة والأشعل والرملي فِي من فِي مثانته غلظ فَقَط الرَّمَادِي والكمد يدلان على بلغم وسوداء والأشقر والأشعل على إِذا كَانَ الْبَوْل دموياً فان الدَّم الَّذِي فِي الْعُرُوق رَقِيق رطب وَلذَلِك يخرج إِلَى الكلى وَيكون أقوى الْعُرُوق الَّتِي ينْهض مِنْهَا الْبَوْل إِلَى الكلى قد اتسعت.
إِذا خرج فِي الْبَوْل رمل اصفر فان فِي الكلى حرارة.
وَمن كَانَ مِنْهُم يَبُول الرمل دَائِما فان الْحَصَى لَا تَنْعَقِد فِي كلاه وَمن كَانَ مِنْهُم لَا يَبُول ذَلِك تعقدت العطب وَفِيه حَصَاة.
الْبَوْل الشبيه بالمني رُبمَا كَانَ بِهِ استفراغ للخلط اللزج وَفتح الأورام الَّتِي فِي الْجوف.
الْبَوْل الغليظ الْأَبْيَض إِذا كثر كثيرا مَا يكون بِهِ بحران فَيُؤمن من الخراجات.
(5/235)
يجب أَن يكون لون الْبَوْل بِحَسب ذَلِك الْخَلْط الْغَالِب فِي الدَّم.
وَالْبَوْل الْأَصْفَر يدل على الصَّفْرَاء والأحمر على الدَّم والأبيض على البلغم وَالْأسود على السَّوْدَاء.
وَإِذا خرج مَعَ الْبَوْل قع شَبيهَة فِي اللَّوْن والشكل بالكرسنة أَو العدس فان ذَلِك لذوبان الكبد إِذا خرج مَعَه قطع لحم صغَار فان ذَلِك من الكلى وَإِذا خرج مَعَه شَبيه بالصفائح فان ذَلِك من المثانة إِذا خرج فِيهِ دسومة فان ذَلِك لذوبان اللَّحْم السمين وَإِذا خرجت مَعَه قطع مقادير)
كجلال السويق إِلَّا أَنَّهَا لَيست بالبيض فَذَلِك من ذوبان اللَّحْم وَإِن كَانَت سَوْدَاء فَمن ذوبان إِذا بيل بعد اخْتِلَاط الْعقل بَوْل ثخين كثير كَانَ بِهِ انحلال الإنخلاط.
أَحْمد الأبوال مَا كَانَ فِيهِ رسوب أَبيض أملس مستو فِي جَمِيع مُدَّة الْمَرَض وَإِذا كَانَ كَذَلِك يكون الْبَوْل أصفر رَقِيقا إِلَى الصُّفْرَة وقوامه يكون بَين الغليظ وَالرَّقِيق وَهَذَا الْبَوْل ينذر مَعَ السَّلامَة بقصر الْمَرَض.
إِذا بيل الْبَوْل مرّة صافياً وَمرَّة كدراً فالمرض أطول وخطره اكثر لِأَنَّهُ يدل على أَن بعض الأخلاط قد نَضِجَتْ وَبَعضهَا لَا.
إِذا كَانَت حَال العليل متوسطة فِي الْجَوْدَة والرداءة فانه إِن بَال بولا حسنا تخلص بِسُرْعَة وَإِن بَال بولاً رديئاً مَاتَ بِسُرْعَة وَإِن بَال بولاً متوسطاً مَاتَ بعد بطأ.
الثفل الَّذِي يكون راسباً فِي الْبَوْل وَهُوَ رَقِيق أَبيض يشبه الرغوة فِي غَايَة الرداءة وَذَلِكَ لِأَن بياضه لَيْسَ من أجل النضج لَكِن من أجل أَنه رَقِيق ينفذ فِيهِ الضَّوْء لِأَنَّهُ خَارج عَن الطبيعة وَهُوَ اشر وأردأ.
لي هَذَا الرسوب يشبه الخام وَلَا شَرّ لَهُ.
الْبَوْل الْأَصْفَر الرَّقِيق يدل على أَن الْعلَّة نِيَّة وَإِنَّمَا صفرته إِنَّمَا أَتَت من أجل الْمرة الصَّفْرَاء. وَإِنَّهَا كَثِيرَة قد خالطت الْبَوْل المائي من أجل النضج وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ قوام الْبَوْل فِيهِ غلظ.
لي من هَهُنَا يجب أَن يطْلب النضج أبدا فِي القوام وَتعلم إِذا رَأَيْت بولاً مشبع الصَّبْغ رَقِيقا أَن الصَّبْغ عرض فِيهِ كَمَا قَالَ لِكَثْرَة الْمرة والحرارة لَا للنضج وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ مَعَ شدَّة الصَّبْغ ثخيناً لِأَن من شَأْن النضج أَن يثخن قوام الْبَوْل أبدا ثخناً معتدلاً فَأَما الثخين جدا فَأَنَّهُ يكون من تثور الأخلاط إِذا دَامَ الْبَوْل على الرقة والصفرة الضعيفة مُدَّة طَوِيلَة فَعَلَيْك بِالنّظرِ فِي الْقُوَّة لِأَن هَذَا يدل على طول مُدَّة الْمَرَض فَلذَلِك لَا يُؤمن أَن يبْقى العليل إِلَى استكمال النضج لَكِن يتْلف.
الْبَوْل المائي أدل الأبوال على التّلف لِأَنَّهُ يدل على تخلف النضج أصلا وَشدَّة ضعف الْقُوَّة.
(5/236)
الْبَوْل المنتن قوي الدّلَالَة على الْمَوْت لِأَنَّهُ يدل على شدَّة التعفن.
الْبَوْل الْأسود أدل الأبوال على الْمَوْت الفو لِأَنَّهُ يكون من إفراط الْحر وَإِمَّا من إفراط الْبرد وَكلما كَانَ الْبَوْل الْأسود اغلظ كَانَ اردأ.)
الْبَوْل الَّذِي لَونه طبيعي إِلَّا انه فِي غَايَة الغلظ رُبمَا دلّ على التّلف وَبِمَا كَانَ بِهِ بحران قريب إِذا كَانَ البد يخف عَلَيْهِ ويحتمله.
الْبَوْل الْأسود فِي المتناهي أردأ وَفِي الصّبيان فالقليل الرسوب وَالْأسود فيهم أقل خطراً.
الدسم الَّذِي يطفو فَوق الْبَوْل بِمَنْزِلَة نسج العنكبوت رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على الذوبان.
كلما كَانَت السحابات والتعلق تهوي وتميل إِلَى الْأَسْفَل فَهُوَ اصلح وَإِن كَانَت تميل إِلَى فَوق فَهُوَ شَرّ وَكلما كَانَت تميل إِلَى الْبيَاض أَو إِلَى الْحَرَارَة فَهُوَ اصلح وَإِن مَالَتْ إِلَى السَّوْدَاء والخضرة فَهُوَ أشر.
الرسوب الْكثير فِي الْبَوْل إِنَّمَا يكون مَحْمُودًا إِذا كَانَ بعد النضج وَإِذا كَانَ الْبَوْل قد كَانَ قبلَ ذَلِك رَقِيقا وَإِمَّا فِي أول الْمَرَض وَقبل النضج فانه يدل على غلظ الْمَادَّة وَكَثْرَتهَا وثقلها.
الْبَوْل الخاثر الشبيه ببول الدَّوَابّ يدل على صداع إِمَّا سالف وَإِمَّا حَاضر وَإِمَّا مُسْتَأْنف وَيكون ذَلِك إِذا كَانَت حرارة كَثِيرَة وتعمل فِي مَادَّة غَلِيظَة.
والغمامة الْحَمْرَاء مَتى ظَهرت ظَهرت فِي الرَّابِع كَانَ البحران فِي السَّابِع وَإِن ظَهرت فِي مَا بعده من الْأَيَّام لم يكن البحران مثل ذَلِك من الْأَيَّام لَكِن فِي ضعفها ثَلَاثَة أَضْعَاف.
قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا مِمَّن فِيهِ ورم فِي الدِّمَاغ بَوْله مائي تخلص.
الْبَوْل الَّذِي يقوم فَوْقه غلظ يدل على عِلّة بَارِدَة فِي الكلى طَوِيلَة اللّّبْث.
ابْن سرابيون فِي الكناش قَالَ: إِذا كَانَ الْبَوْل قَلِيلا جدا مائياً مَعَ ثفل فِي الْقطن وَضعف فِي السَّاق فَفِي الكلى ورم صلب وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل دموية وأخلاط غَلِيظَة مُخْتَلفَة تتَمَيَّز سَرِيعا فَإِذا وضع وَسَاءَتْ منح حَال العليل على ذَلِك وهزل فان مجاري الكلى الَّتِي يتصفى فِيهَا الدَّم الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: العفونة الَّتِي تكون للأخلاط فِي جَوف الْعُرُوق شَبيه بالعفونة الَّتِي تكون فِي الأورام فَكلما أَن فِي الأورام دَلِيل غَلَبَة الطبيعة الْمدَّة الْبَيْضَاء الَّتِي لَيست مُنْتِنَة الملساء كَذَلِك فِي العفن الَّذِي فِي الْعُرُوق دَلِيل غَلَبَة الطبيعة الرسوب الْأَبْيَض الأملس المستوي.
قَالَ: وكما أَن الْمدَّة الجيدة والرديئة بِلَا نِهَايَة كَذَلِك هَذَا الرسوب هُوَ الْجيد والرديء مِنْهَا مَا لَا يُحْصى نِهَايَة ورداءتها بِقدر بعْدهَا مِنْهُ والرسوب هُوَ العفن الْكَائِن دَاخل الْعُرُوق كالمدة من الْخراج.)
(5/237)
لي لذَلِك صَار الرسوب الحميد دَلِيلا على تصاعده وَإِلَّا فعلى أَن نِهَايَة الْمَرَض قد كَانَت لِأَنَّهُ كَمَا أَن أصعب أَوْقَات الْخراج فِي الحميات حَيْثُ تتولد الْمدَّة فَإِذا تولدت طفئت الْحَرَارَة كَذَلِك أصعب أَوْقَات العفن الَّذِي فِي الْعُرُوق حِين يتَوَلَّد ذَلِك فَإِذا تولد فقد تمّ نضج الْخَلْط وَيكون مَا هُوَ شبه الْمدَّة وَلذَلِك لَيْسَ الرسوب الَّذِي فِي أَبْوَال الأصحاء بحميد لِأَنَّهُ يدل على أَنه فِي الْعُرُوق فضلا احْتَاجَت الطبيعة الف وَأَن تهضمه زَائِدا على حَاجَتهَا للغذاء وَلذَلِك ترى أبدا هَذَا الرسوب فِي الأصحاء فِي أَبْوَال المسمنين والمبلغمين وَالَّذين يستعملون الدعة والإكثار من الْغذَاء فَإِنِّي لم أر ابْن عبدويه يَخْلُو أبدا من رسوب كثير وَلَا رَأَيْت فِي مَاء أبي حَازِم قطّ فِي صِحَّته رسوباً وَفِي مَرضه بكد مَا يكون رسوب لِأَن حَاله حَال الْخراج الصَّغِير الْقَلِيل الكمية وَإِن كَانَ قوى الْكَيْفِيَّة.
فَأَما فِي الْأَمْرَاض فالرسوب الحميد الْعَلامَة الصادقة على غَلَبَة الطبيعة وقوتها الفاضلة فِي الحميات المطبقة لِأَن العفن هَهُنَا دَاخل الْعُرُوق وَفِي القوية الْحَرَارَة لِأَن هَهُنَا الْفضل أَيْضا ينضج سَرِيعا جملَة فَأَما الحميات الطَّوِيلَة فحالها حَال الخراجات البليدة كَمَا أَن لَا يكون فِي هَذَا مُدَّة غزيرة لَكِن يكون تحلل وصديد كَذَلِك حَال هَذِه الحميات أَعنِي البلغمية والسوداوية فاطلب أبدا فِي الحميات المطبقة والحادة الرسوب وَلَا تَعْتَد بنضج سواهُ فَأَنَّهُ مَا لم يرى هَذَا يدل على أَن الْفضل لم ينضج كالحال فِي أَن الْمدَّة لم تكن وَإِذا لم يكن نضج الْبَتَّةَ كَانَ الْحَال فِي الْعُرُوق كَحال العفن فِي الخراجات فاستحوذت الرداءة على الْعُرُوق وَالْقلب كَمَا يستحوذ العفن على ذَلِك الْعُضْو وكما أَن ذَلِك موت ذَلِك الْعُضْو كَذَلِك هُوَ ذَلِك موت الْقُوَّة الحيوانية فَلَا تثق فِي المطبقة الحادة إِلَّا بالرسوب والغمامة فِي الْأَبدَان النحيفة لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون ذَلِك الْفضل فِي الْعُرُوق قد نضج واستحال وَلم تَجِد رسوباً لِأَن مَحل ذَلِك كمحل من قَالَ: إِن الْخراج قد نضج وَلَيْسَ تُوجد مُدَّة وَقد رَأَيْت فِي أبي حَازِم وَهُوَ على غَايَة حر المزاج أَنه على حَال لَا يخرج من علته المطبقة إِلَّا بعد رسوب على أَن حرارة الْحمى تدل فَكلما أَن الْحَرَارَة لَا تسكن دون تَمام كَون الْمدَّة كَذَلِك لَا تسكن فِي هَذِه الْحمى وَلَا تطفأ الْحَرَارَة وَلَا يصير النبض وَالنَّفس أَصْغَر إِلَّا عِنْد النضج أَو عِنْد اسْتِيلَاء الْخَلْط على الْقُوَّة الحيوانية وَبعد ذَلِك لَا يكون إِلَّا بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ مَتى رَأَيْت الْحَرَارَة قد سكنت من غير إمارات النضج فان الطبيعة قد قهرتها الْعلَّة.
لي وَمن جَمِيع الحميات الْبَوْل الْأسود والمنتن مثل الْمدَّة العفنة والصديد السَّائِل من الْخراج عِنْد)
تعفن الْعُضْو ورداءته.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل متبدد نضيج نصف النضج.
3 - (من كتاب الدَّلَائِل)
الْأَصْفَر المشبع يدل على غَلَبَة المرار فِي الْبدن جدا وَهُوَ نَارِي وَهُوَ أسخن الأبوال
(5/238)
الْأَحْمَر الَّذِي لَيْسَ بغليظ جدا وَلَا مائل إِلَى السوَاد يدل على أَن الدَّم فِي الْبدن كثير فَلذَلِك يخالط الْبَوْل من مائيته شَيْء كثير أعي من مائية الدَّم وَلذَلِك هُوَ أسكن من الأول لَكِن زمَان أطول وَهُوَ أَيْضا أسلم من الأول إِلَّا أَنه الف وَأَقل حِدة وحرافة.
لي هَذَا مُوَافق لما ذكرنَا.
لي الخيارشنبر يصْبغ المَاء غَايَة الصَّبْغ كَمَا تفعل الْحِنَّاء وَيجب أَن تتفقد جَمِيع ذَلِك.
وَقَالَ: جملَة ألوان الْبَوْل: الْأَبْيَض الرَّقِيق والأصفر الرَّقِيق وَبعد الْأَصْفَر أَكثر وَاغْلُظْ وَبعده الناري وَهُوَ رَقِيق ناصع الصُّفْرَة وَهُوَ الْأَشْقَر الناري والأحمر الرَّقِيق ثمَّ الْأَحْمَر القاني ثمَّ الْأَخْضَر ثمَّ الْأسود والأخضر هُوَ الزيتي ثمَّ اللبني وَيدل على غَلَبَة الْخَلْط الخام أَو الْمدَّة.
قَالَ: وَالَّذِي يرى فِي هَذِه الحميات من هَذِه الألوان الْأَشْقَر والأحمر فَأَما سواهَا فَلَا يكون إِلَّا فِي الندرة.
قَالَ: وَالْبَوْل الْأَحْمَر الَّذِي فِيهِ مائية الدَّم يدل على أَن الدَّم رَقِيق لم يكمل نضجه فَلذَلِك ينذر بطول إِلَّا أَنه سليم.
قَالَ: وَبَوْل أَصْحَاب الْحَصَى يكون رَقِيقا لِأَن الثخين مِمَّا فِيهِ يسْرع اللزوق بالحصى المنعقدة.
قَالَ: وَالْبَوْل يكون فِي اليرقان أسود أَحْمَر لِأَن مجاري المرارة منسدة فَيذْهب مَعَ الدَّم شَيْء مِنْهَا إِلَى الْبدن فيصفر وَتبقى مِنْهَا بَقِيَّة كَثِيرَة فِي الكبد فتشيط الدَّم وتحرقه فيسود لذَلِك الْبَوْل.
قَالَ: مَتى كَانَ قوام الْبَوْل غليظاً فانه يدل على أخلاط نِيَّة عديمة النضج إِلَّا أَن تكون ذَلِك طَرِيق النَّقْص فِي البحران وَإِلَّا فَهُوَ رَدِيء.
لي حِينَئِذٍ أَيْضا يدل على أَن الْبدن ينتقى من الأخلاط النِّيَّة.
وَالرَّقِيق أَيْضا غير نضيج إِلَّا أَنه أبعد من النضج من الثخين لِأَن الرَّقِيق يدل على أَنه لم يكن للنضج أثر بعد.)
وَالَّذِي يكون أَولا رَقِيقا ثمَّ يغلظ يدل على النضج وبالضد.
والمتثور كبول الْحمير يدل على أخلاط نِيَّة عديمة النضج إِلَّا أَن يكون ذَلِك على غير التَّحْصِيل لم تنضج فان كَانَ حِينَئِذٍ مَعَ ذَلِك صبغ فَهِيَ أخلاط فِيهَا حرارة فان كَانَ كاللبن فأخلاط فِي غَايَة الفجاجة.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل مرّة ثخيناً وَمرَّة رَقِيقا دلّ على أَن النضج هُوَ ذَا يكون إِلَّا أَن الطبيعة لم تقف على حَالَة وَاحِدَة.
(5/239)
وَإِذا كَانَ الْبَوْل إِذا بيل رَقِيقا أَو غليظاً ثمَّ لم يبْق إِلَى حَاله تِلْكَ لكنه يروق إِذا كَانَ رَقِيقا أَو يتثور فانه أَحْمد وَأقرب من النضج من الَّذِي يبْقى بِحَالهِ على رقته أَو غلظه وَكلما كَانَ الْوَقْت فِي تغيره أقصر كَانَ ذَلِك أَحْمد.
وَالَّذِي يبال متثوراً ثمَّ يصفوا أَحْمد من الَّذِي يبال صافياً ويتثور وَهُوَ احْمَد من الَّذِي يبْقى على رقته وَمن الَّذِي يبال غليظاً وَيبقى على غلظه.
قَالَ: والثفل الراسب الغليظ فِي الْبَوْل مُنْذُ أول الْمَرَض ينذر بِطُولِهِ وخاصة إِن كَانَ أَبيض فان وَإِن كَانَ فِي الْبَوْل رسوب فِي غَايَة الْجَوْدَة وَالْحَمْد إِلَّا أَنه فِي أول الْمَرَض وهون مَعَ ذَلِك كثير فالبدن مَمْلُوء من الْخَلْط الني إِلَّا أَن الطبيعة قَوِيَّة لَهُ قاهرة عَلَيْهِ وَلذَلِك ينذر بطول من الْمَرَض وسلامة الف ووإذا كَانَ ذَلِك فِي انْتِهَاء الْمَرَض بعد رقة كَانَت من الْبَوْل فَذَلِك ينذر بِسُرْعَة فِي انْقِضَاء الْمَرَض.
الثفل الشبيه بفتات العدس يدل على غَلَبَة الْحَرَارَة فِي الكبد حَتَّى أَنه يحرق الدَّم.
قَالَ: وَفِي الْأَكْثَر تكون الأثفال بلون المَاء فَإِذا خَالف فالأبيض مِنْهَا أصلح ثمَّ الْأَحْمَر ثمَّ الْأَصْفَر ثمَّ الزرنيخي ثمَّ العدسي وسائرها مثل الكرسني وَنَحْوه.
قَالَ: وَكلما قل الشَّرَاب كَانَ الْبَوْل أَكثر صبغاً وَأَقل رسوباً وبالضد وَإِذا كَانَ بَوْل أَصْحَاب اليرقان أقل وأميل إِلَى الصُّفْرَة كَانَ أردأ وأدل على الاسْتِسْقَاء.
قَالَ: 3 (الْبَوْل الدموي حميد فِي عِلّة الطحال) قَالَ: وَاحْمَدْ الْبَوْل فِي أبيذيميا النقرس والمفاصل الْبَوْل الْكثير الَّذِي فِيهِ ثفل كثير لزج مخاطي وَقد يبال الدَّم أَكثر بعد الْإِحْصَار الشَّديد وَبعد سقطه.
وكل بَوْل لَا يصفو وَلَا يسْتَقرّ فَهُوَ دَلِيل على ريح نافخة.
وَخير الْبَوْل فِي القولنج الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل كثير أَبيض.
لي كنت اسقي رجلا مَاء الْجُبْن فَجَاءَنِي مَاؤُهُ يَوْمًا وَهُوَ فِي صُورَة من يَبُول مُدَّة.
لي أعلم انه كثيرا مَا يغريك الرسوب حَتَّى تظن أَنه لَيْسَ الْبَتَّةَ لقرب الْوَقْت بِأخذ الْبَوْل فَلَا تثقن بالبول أَنه لَا رسوب فِيهِ الْبَتَّةَ إِذا كَانَ قريب الْعَهْد لَكِن أعلم انه لَو كَانَ نضيجاً مستكملاً لَكَانَ سيرسب فِيهِ سَاعَة يبال بعد أَن يتْرك بِمِقْدَار مَا يكون أبرد مِمَّا هُوَ فِي الْبدن فان الْكَامِل النضج يَكْفِيهِ هَذَا الْمِقْدَار حَتَّى يرسب فَأَما النَّاقِصَة فَلَا فَلذَلِك أرى مَتى عنيت بالنضج وتعرف حَاله أَن تسْأَل: مَتى يَبُول ثمَّ لَا تَأمر بصبه لَكِن انْظُر إِلَيْهِ بعد سَاعَة وساعتين وَثَلَاث إِلَى السِّت فَإِنِّي كم مرّة رَأَيْت رسوباً حميدا ظهر ارْتِفَاع النَّهَار وَلم يكن بِالْغَدَاةِ ظَاهرا.
(5/240)
لي لَا أعلم أَنِّي رَأَيْت أحدا بِهِ مرض حميات حادة خرج مِنْهَا إِلَّا برسوب فِي الْبَوْل وَلَقَد رَأَيْت امْرَأَة جدرت فَظهر الرسوب فِيهَا بعد الْأَرْبَعين يَوْمًا وَلم تزل هَذِه الْمَرْأَة مَعَ ذهَاب الجدري محمومة أَيَّامًا كَثِيرَة حَتَّى ظهر الرسوب بعد الْأَرْبَعين وَهِي ابْنة عبد ربه.
لي يحْتَاج الْفرق بَين الْبَوْل الكدر والبارد فَلَا تحكمن بكدره دون أَن تعلم أَنه لم يبرد وَبَينهمَا فِي المنظر أَيْضا فرق وَذَلِكَ أَن الْبَارِد يكون فِيهِ جمود أَبيض لِأَن الجامد مِنْهُ شَحم وَلَا يكون وَصَحَّ من هَذَا الْموضع أَعنِي كتاب البحران وَغَيره من الْكتب أَن الْبَوْل الْأَحْمَر دموي وَأَنه اقل حرارة من الناري وَيحْتَاج من المحمومين إِلَى الفصد من أَصْحَاب الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ وَأما أَصْحَاب الْبَوْل الْأَصْفَر الناري الرَّقِيق فَلَا لِأَن حماهم تزداد بذلك حِدة ورداءة.
الْمقَالة الأولى الف وَمن كتاب البحران قَالَ: 3 (مَحل الرسوب من الْبَوْل) مَحل الْمدَّة من الورم فَكلما أَنه لَا يُمكن أَن يكون بعد تولد الْمدَّة للورم الْحَرَارَة والالتهاب كَذَلِك لَا يُمكن أَن يكون بعد رسوب الْأَبْيَض للحمى صولة الْبَتَّةَ.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: تفقد من الْبَوْل ثَلَاثَة أَشْيَاء: لَونه وقوامه وَمَا يرسب فِيهِ فان أعظم الْقَصْد إِنَّمَا هُوَ لهَذِهِ وتفقد مَعَ ذَلِك رَائِحَته وَمِقْدَار حرارته فِي اللَّمْس وحدته فِي الطّعْم وَذَلِكَ أَن الْبَوْل الصَّحِيح لَيْسَ بِشدَّة النتن وَالْقَوِي النتن يدل على عفن قوي وَالْبَوْل الطبيعي إِذا كَانَ حاراً فَلَيْسَتْ حرارة لمسه بمفرطة وَإِمَّا المفرط اللذاع فَيدل على حرارة فِي الْغَايَة.
وَحُمرَة الْبَوْل تدل على انه قد خالطه شَيْء من مائية الدَّم وَأما الْأَصْفَر فَيدل على الصَّفْرَاء.
لي لَا تفصد فِي الْمَرَض الحاد من بَوْله أشقر نَارِي رَقِيق الْبَتَّةَ.
لي على مَا قَالَ: وَالْأُصُول من الألوان: المائي والأصفر الرَّقِيق الصُّفْرَة الَّذِي يشبه مَاء التِّين وَالْقَوِي الصُّفْرَة الَّذِي يشبه صفرَة الْبيض والبالغ الصُّفْرَة الَّذِي يشبه لون النَّار والأحمر مِنْهُ الرَّقِيق الْحمرَة الَّذِي يشبه غسالة اللَّحْم وَمِنْه الْكثير الْحمرَة الَّذِي يشبه الزَّعْفَرَان وَمِنْه القني الْحمرَة الَّذِي يمِيل إِلَى السوَاد وَمِنْه الدموي الْمَحْض وَمِنْه الْأسود وَهُوَ إِمَّا رَقِيق السوَاد وَإِمَّا يشبه المري وَمِنْه اللبني الَّذِي يشبه مَاء اللَّبن وَمَاء الْجُبْن وَمِنْه الزيتي الَّذِي يشبه الزَّيْت بَين الصُّفْرَة والخضرة وَمِنْه الْأَخْضَر الَّذِي يضْرب إِلَى لون المرار وَمِنْه الأدكن وَهُوَ الَّذِي يكون للمستسقين كثيرا وَمِنْه الَّذِي فِيهِ مُدَّة وَيُشبه مَاء الْجُبْن وَمِنْه مَا فِيهِ مائية الدَّم فَهُوَ الْقسم الْأَعْضَاء من الْأَحْمَر.
قَالَ: الرسوب فِي الْبَوْل كالمدة فِي الأورام فانه إِذا كَانَت الطبيعة هِيَ المستولية الْغَلَبَة كَانَ أَبيض أملس لَيْسَ بمنتن جدا وَإِذا كَانَت الطبيعة ضَعِيفَة كَانَت الْمدَّة سَوْدَاء أَو خضراء مُنْتِنَة مُخْتَلفَة الْأَجْزَاء رقيقَة صديدية أَو مثل الدردي. 3 (بَوْل أَصْحَاب الْحَصَى) فِي المثانة مائي رَقِيق.
(5/241)
قَالَ: لِأَن الْحَصَى تجذب بالمشاكله كدر الْبَوْل وَأَنا لَا أستصوب هَذِه الْعلَّة فَأَما التجربة فتوجد ذَلِك وتحتاج أَن تبحث عَنهُ. قَالَ: أما قوام الْبَوْل فانه مَتى كَانَ ثخيناً دلّ على أَن الأخلاط فِي طَرِيق النضج لَكِن لم تنضج بعد إِلَّا أَن يكون ذَلِك عَن طَرِيق النَّقْص بالبحران وَمَتى كَانَ رَقِيقا دلّ على أَن الأخلاط لم يحدث فِيهَا أثر النضج بعد أصلا.
وَإِن كَانَ يرق مرّة يغلظ أُخْرَى دلّ على أَن الأخلاط فِي مجاريه لم يستول عَلَيْهَا النضج.
وَالْبَوْل الَّذِي يبال رَقِيقا أَو غليظاً ثمَّ لَا يبْقى على رقته أَو غلظه لكنه إِن كَانَ غليظاً تميز فرق وَإِن كَانَ رَقِيقا تثور فثخن احْمَد من الَّذِي يبْقى على رقته أَو على غلظه وكل مَا كَانَت مُدَّة تغيره أقصر فَهُوَ أَجود وَالَّذِي يتَمَيَّز فيصفو يعد أَجود من الَّذِي يتثور فيكدر لِأَن الأول يدل على أَنه فِي النضج قد عمل وَالثَّانِي على أَنه لم يعْمل إِلَّا أَنه مزمع أَن يعْمل فَلذَلِك صَار هَذَا أصلح من الثَّانِي على رقته.
والثفل الراسب الف وشكله الطبيعي أَن يكون مستديراً فان لم يكن مستديراً فَلَيْسَ بجيد.
والرسوب الْكثير الغليظ فِي أول الْمَرَض ينذر بطول الْمَرَض وَإِن كَانَ أَبيض فان مَعَ ذَلِك بلون آخر فَهُوَ إِن كَانَ أَحْمَر أَبْطَأَ إِلَّا أَنه سليم وَإِن كَانَ غير ذَلِك فرديء.
فَأَما الرسوب اللَّطِيف فانه يدل على نضج إِلَّا أَنه إِن كَانَ أَكثر مِمَّا يجب فانه يدل على أَن فِي الْبدن فضلا كثيرا.
لي افهم اللَّطِيف مَا يشبه التقطير والغليظ مَا يشبه الخام.
قَالَ: والرسوب النخالي يدل على ذوبان الْبدن واستيلاء الْحَرَارَة المحرقة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ السويقي وَإِمَّا الَّذِي كَقطع اللَّحْم فعلى قرحَة فِي الكلى وَإِمَّا الصفائحي فعلى قرحَة فِي المثانة وَإِمَّا الرَّمْلِيّ فعلى حَصى فِي الكلى والمثانة وَأما الَّذِي يشبه فتات العدس المقشر فَيدل على الْحَرَارَة فِي الكبد حَتَّى انه يجفف بعض الدَّم فيفقده.
وأجودها يعد الْأَبْيَض والأحمر ثمَّ الْأَصْفَر وأردأ الْأَحْمَر الَّذِي يشبه الزرنيخ الْأَحْمَر لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض أطول وَأبْعد من النضج.)
فِي الْأَكْثَر يكون الرسوب بلون المائية وَرُبمَا خَالف فَلِأَن يكون إِلَى الْبيَاض أميل فَهُوَ أَجود وبالضد وَمَتى كَانَ الْبَوْل المنقرس أَكثر واشد صبغاً كَانَ احْمَد وَمَتى كَانَ أقل كمية وأميل إِلَى الْبيَاض فَهُوَ أشر وأدل على الاسْتِسْقَاء.
وَأحمد للمطحول الدموي وللمنقرس الْكثير الَّذِي فِيهِ رسوب كثير لزج مخاطي.
وَبَوْل الدَّم فِي الْأَكْثَر يكون من الْإِحْصَار الشَّديد أَو من ضَرْبَة أَو سقطة وَيكون فِي النِّسَاء من الطمث.
(5/242)
وَأَصْحَاب علل الكلى يَنْتَفِعُونَ بالبول الْكثير الغلظ.
وكل بَوْل لَا يسْتَقرّ وَلَا يصفو يدل على ريح غَلِيظَة.
قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات: وَقد وصفت أَصْنَاف الْبَوْل فِي كتاب البحران وَلم يذكر ذَلِك فِي فهرسته وَلَا نقل المترجمون كتابا فِيهِ وَلَو كَانَ لَهُ فِي ذَلِك كتاب خَاص لَكَانَ قد ذكره هَهُنَا كَمَا يدل ذكره فِي كتاب البحران تحرر ذَلِك إِن شِئْت.
الأولى من الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: الْأَطِبَّاء وأبقراط خَاصَّة يعنون بالثفل والتعلق الغمامي الَّذِي لَيْسَ بخالص الْبيَاض وَلَا السوَاد لكنه بَينهمَا وَهَذَا الثفل متوسط بَين الْجَوْدَة والرداءة وعَلى حسب ميله إِلَى الْبيَاض تكون قلَّة رداءته وبالضد.
لي افهم بعد هَذَا من الْغَمَام هَذَا لَا التَّعَلُّق وافهم من التَّعَلُّق الشَّيْء الَّذِي فِيهِ رسوب الثفل وَمن الطافي الَّذِي على الْبَوْل.
من كتاب الدَّلَائِل: أعظم الدلالات فِي الْبَوْل الْمَأْخُوذَة من اللَّوْن والقوام وَالشَّيْء الراسب أَو الطافي أَو الْمُتَعَلّق وَقد ينظر فِي مِقْدَار حرارته وبالفعل فِي مِقْدَار حِدة رِيحه لِأَن الْبَوْل الصَّحِيح لَا يشْتَد نَتنه والمنتن جدا دَلِيل على قُوَّة العفونة وَكَذَلِكَ شدَّة حرارته فِي اللَّمْس يدل على قُوَّة الْحَرَارَة فِي الْبدن.
قَالَ: وَالرَّقِيق الصُّفْرَة هُوَ الَّذِي فِيهِ مرار باعتدال والبالغ الصُّفْرَة المشبع يخالطه مرار كثير الف وَيدل على كثرته فِي الْبدن والأحمر يدل على كثرته فِي الدَّم لِأَن الَّذِي يخالطه مائية الدَّم.
الْبَوْل الَّذِي مثل الفقاع الْأَبْيَض إِن لم تكن مَعَه مُدَّة فَهُوَ لغَلَبَة الْخَلْط الَّتِي على الْبدن وَلَا يكَاد يسلم.)
من بَال بولاً أسود إِلَّا أَن يكون على طَرِيق البحران فِي عقب حمى ربع أَو غَيره وَقد أنذر بِهِ ويخفف العليل عَلَيْهِ فَأَما إِن صَعب حَاله بعد ذَلِك فَهُوَ مهلك.
لي دَلِيل آخر: على الْبَوْل الْأسود الَّذِي على طَرِيق البحران يَجِيء مِنْهُ شَيْء كثير فَإِذا رَأَيْته قَلِيلا أَو بِحَالَة يقدر فَاعْلَم أَنه رَدِيء.
الْبَوْل عِنْد تولد الْحَصَى فِي المثانة رَقِيق لِأَن غليظه يحتبس وَيتَعَلَّق على الْحَصَى.
الْبَوْل الثخين القوام يدل على أَن النضج لم يكن قد بَدَأَ وَالرَّقِيق يدل على أَنه لم يبْدَأ.
وَالْبَوْل المتثور كأبوال الدَّوَابّ يدل على أخلاط نِيَّة لم تنضج فقد بَدَت أَن تنضج وَهِي فِي طَرِيقه.
وَإِذا أقبل الْبَوْل من الرقة إِلَى الغلظ دلّ على طَرِيق النضج وبالضد. ظ
(5/243)
وَإِن كَانَ الْبَوْل مرّة ثخيناً وَمرَّة رَقِيقا دلّ على اضْطِرَاب فِي النضج وَأَن الأخلاط لم يستو الْعَمَل فِيهَا.
وَالْبَوْل الَّذِي إِذا بيل رَقِيقا أَو غليظاً لم يبْق على ذَلِك لكنه مَتى كَانَ غليظاً تميز فرق أَعْلَاهُ وَإِن كَانَ رَقِيقا تثور فثخن أَحْمد من الَّذِي يبْقى على بِحَالهِ وعَلى وتيرة غلظه أَو على رقته وَمَتى كَانَ ذَلِك التَّغَيُّر مِنْهُ فِي مُدَّة اقصر كَانَ اصلح.
وَالْبَوْل الَّذِي يتَمَيَّز ويصفو بعد أَن يبال أَحْمد من الَّذِي يثور بعد أَن يبال لِأَن هَذَا يدل على النضج لم يكن وَذَلِكَ يدل على أَنه قد كَانَ إِلَّا أَنه لم يكمل وَلذَلِك صَار الَّذِي يتثور بعد أصلح مِمَّا يبال رَقِيقا فَيبقى على رقته وَمن الَّذِي يبال غليظاً فَيبقى على غلظه.
والرسوب الغليظ فِي أول الْمَرَض مُنْذر بِطُولِهِ وَلَو كَانَ ابيض فان كَانَ أَحْمَر كَانَ أسلم وَلكنه أطول.
وَإِن كَانَ الرسوب رَقِيقا ابيض أملس مستوياً وَلكنه كثير جدا فان النضج تَامّ لكنه يدل على أَن الْبدن مُحْتَاج إِلَى الاستفراغ لِأَنَّهُ مثقل بالأخلاط وَإِن كَانَت نضيجة وَإِذا كَانَ مثل هَذَا الثفل فِي أول الْمَرَض فَلَيْسَ يدل على بلاغة النضج كَمَا يدل إِذا كَانَ فِي نهايته.
الرسوب فِي الثفل النخالي يدل على ذوبان الْبدن واستيلاء الْحَرَارَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ السويقي وَالَّذِي مثل قطع اللَّحْم يدل على قرحَة فِي الكلى وَالَّذِي مثل الصفائح فعلى قرحَة فِي المثانة والرملي على حَصَاة فِي الكلى وَالَّذِي يشبه فتات العدس على غَلَبَة الْحَرَارَة فِي الكبد حَتَّى أَنه)
يحرق بعض الدَّم فيجمده فَيكون مِنْهُ ذَلِك.
الْأَحْمَر وَالَّذِي بلون الزرنيخ الْأَحْمَر يدل على بعد من النضج.
ولون الْبَوْل فِي الْبدن الصَّحِيح يتَرَدَّد بَين الْأَصْفَر والأبيض بِحَسب قلَّة شربه وكثرته وتعبه وراحته وَكلما كَانَ الاستمراء لغذائه أتم كَانَ أَزِيد صبغاً واقل رسوباً.
وَأحمد الألوان فِي اليرقان الف وَأَن يكون مشبع الصُّفْرَة وَأَن يكون الْبَوْل كثيرا وأشره الْأَبْيَض الْقَلِيل فانه يدل على فَسَاد المزاج.
وَأحمد فِي الاسْتِسْقَاء أَكْثَره وَفِي الطحال الدموي وَفِي النقرس الْكثير الرسوب وَفِي علل الكلى الْكَثِيرَة الغلظ وَفِي القولنج الْكثير الغلظ وَالْكثير الرسوب.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أمرت العليل أَن يحتبس كل بَوْل يبوله فِي لَيْلَة ثمَّ نظرت إِلَى أبواله كلهَا من غَد.
جَوَامِع أغلوقن: إِذا كَانَ فِي الْبدن ورم حَار فِي غير آلَات الْبَوْل أَو مَالَتْ الْحَرَارَة نَحْو عُضْو مَا فالبول لَا يكون منصبغاً بِقدر الْحمى وَلذَلِك تَجِد بَوْل من بِهِ حمى من ورم الحالب أَو الرجل أَو بَوْل صَاحب الصداع وَمن يحدث فِي رَأسه التهاب يكون ابيض.
(5/244)
فُصُول أبيذيميا: إِذا كَانَ الْبَوْل أَبيض فِي حمى مرارية مَعَ دَلَائِل سَلامَة فتوقع حُدُوث سحج المعي لاخْتِلَاف مرار يحدث لِأَن المرار مائل إِلَى طَرِيق البرَاز.
إِذا كَانَ الْبَوْل الرَّقِيق يضْرب إِلَى السوَاد دلّ برقته على أَن الْعلَّة لم تنضج وبسواده على خبث الْعلَّة.
إِذا كَانَ الْبَوْل يظْهر فِيهِ النضج مرّة وَمرَّة لَا وَهُوَ متشوش مُضْطَرب ونوائب الحميات مختلطة فالعلة من مواد كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
من جَوَامِع تَدْبِير الأصحاء قَالَ: الْبَوْل المائي لَا يظْهر فِيهِ رسوب وَلَا تعلق فان ظهر فِيهِ دلا على نضج قد بَدَأَ.
وَأما الْبَوْل المتثور بِمَنْزِلَة أَبْوَال الدَّوَابّ فانه يدل على أَن الْعُرُوق مَمْلُوءَة من أخلاط نِيَّة إِلَّا أَن الطبيعة تعْمل أبدا فِي إنضاجها فان بَقِي على تثوره وَلم يتَمَيَّز وَكَانَ فِيهِ رسوب رَدِيء دلّ على أَن الطبيعة ضَعِيفَة وَأَنَّهَا تحْتَاج إِلَّا أَن تعاون على إنضاج الأخلاط وَإِن كَانَ يتَمَيَّز سَرِيعا وَكَانَ مَا يرسب فِيهِ أَبيض أملس مستوياً دلّ على أَن الطبيعة قريبَة من أَن تغلب على الْفضل كُله.)
وَإِن كَانَ الْبَوْل حِين يبال صافياً ثمَّ يتثور سَرِيعا دلّ على أَن الطبيعة قد أخذت فِي إنضاج الأخلاط النِّيَّة فان كَانَ إِنَّمَا يتثور بعد مُدَّة طَوِيلَة دلّ على أَن الطبيعة لم تبدأ فِي الإنضاج لَكِنَّهَا ستبدأ فِيهِ.
فان كَانَ الْبَوْل متثوراً وَكَانَ تميزه فِي مُدَّة طَوِيلَة وَمَا يرسب فِيهِ مَحْمُود فالطبيعة تغلب الأخلاط فِي الْبَوْل الَّذِي تطول مُدَّة تغلبه على النهوة إِن كَانَ مَعَه ضعف الْقُوَّة أَو عَلَامَات رَدِيئَة دلّ على موت العليل وَإِن لم يكن مَعَه عَلَامَات رَدِيئَة دلّ على طول الْمَرَض وَإِن كَانَ مَعَه مَعَ ذَلِك عَلَامَات صَالِحَة دلّ على أَنه يسلم بعد طول مرض.
لي تفقدت فَمَا رَأَيْت حَال نضج الأبوال فِي الْأَمْرَاض إِلَّا على مَا أَقُول: إِذا حدث الْمَرَض وَالْبَوْل بِحَالهِ دَائِما فَمَا دَامَ بَاقِيا على تِلْكَ الْحَال فانه غير نضيج فان ذهب مَعَ ذَلِك ينْتَقل إِلَى الف وَبَوْل رَدِيء دلّ على رداءة حَال وعلامة رَدِيئَة فان انْتقل إِلَى الرُّجُوع إِلَى الطبيعة أَو إِلَى شَيْء مضاد لمادة الْعلَّة فقد نضج وَدلّ على خير.
مِثَال: أنزل أَن عليلاً بَال من أول يَوْم بولاً إِلَى الْحمرَة غليظاً أَقُول: إِن هَذَا الْبَوْل مادام على حَاله فانه لم يحدث فِيهِ نضج فان انْتقل إِلَى السوَاد دلّ على رداءة وَإِن انْتقل إِلَى الأترجة وَكَانَ لون بَوْل الْمَرِيض فِي صِحَّته الأترجي فانه يدل على انه قد نضج فَإِن انْتقل إِلَى بَيَاض ورقة أَقُول: إِن هَذِه الْعلَّة قد انْقَضتْ الْبَتَّةَ وبرأ العليل مِنْهَا. فعلى هَذَا فاعمل
(5/245)
فَإِنِّي قد تفقدت فَوجدت مرضى كثيرين يَبُولُونَ فِي أول الْأَمر بولاً فَوق الأترجي صبغاً وغلظاً ويدوم ذَلِك بهم فيموتون وَيكون ثبات ذَلِك فيهم دَلِيلا على عدم النضج وَقوم يرجع بَوْلهمْ من الصَّبْغ والغلظ إِلَى الرقة وَعدم اللَّوْن فَيكون بذلك خلاصهم وَاعْتمد على الْبَوْل أبدا على قربه من حَاله فِي الصِّحَّة وَبعده من اللَّوْن والقوام الَّذِي توجبه مَادَّة تِلْكَ الْعلَّة ثمَّ ضم إِلَى هذَيْن بعد الدَّلَائِل الصَّالِحَة والرديئة الْمُطلقَة فِي جَمِيع الأبوال.
من كتاب الَّذِي ينْسب إِلَى ج قَالَ: إِذا كَانَ الْبَوْل فِي ابْتِدَاء حمى محرقة نياً وَفِيه ثفل سويقي اخْتَلَط الْمَرِيض وارتعش وتشنج.
إِذا كَانَ الْبَوْل يشبه بَوْل الصَّحِيح فِي ابْتِدَاء الْحمى وَبَقِي فِي صعودها على ذَلِك دلّ على شَرّ فان تغير عَن حَاله عِنْد الصعُود كَانَ أصلح.
لي رَأَيْت مرضى كثيرين بَقِي بَوْلهمْ مُنْذُ حموا أترجياً إِلَى أَن مَاتُوا وَكَانَت عللهم عللا حادة)
مَاتَ كلهم قبل الرَّابِع عشر.
الْبَوْل الْأَشْقَر الَّذِي لَا رسوب فِيهِ فِي الحميات دَال على شَرّ.
مَتى لم يتَغَيَّر الْبَوْل فِي الْحمى فِي شَيْء من أوقاته فَذَلِك شَرّ.
إِذا ثَبت الصَّبْغ فِي الْبَوْل دَائِما مَعَ إقلاع الْحمى دلّ على أَن الكبد وارمه حَار.
الْبَوْل الْأَشْقَر للمبرسم مَعَ شدَّة الصداع عَلامَة رَدِيئَة.
لي ابْن عمرويه: إِذا كَانَ الْبَوْل أَبيض رَقِيقا والحمى حادة ثمَّ صَار غليظاً كدر مَعَ بياضه وَعرض مَعَه تشنج دَال على الْمَوْت.
تجارب المارستان: مَاء الحبلى فِيهِ غلظ كَمَاء المستسقى.
من جَوَامِع تَدْبِير الصِّحَّة من الْمقَالة الرَّابِعَة: إِن الْبَوْل مائية الدَّم هُوَ دَال على حَالَة فِي الْعُرُوق فان كَانَ صفراوياً كَانَ الْبَوْل صفراوياً وَإِن كَانَ سوداوياً كَانَ فِي الْبَوْل سوداوية وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ الْبَوْل بِحَسبِهِ إِمَّا أَبيض رَقِيقا وَإِمَّا أَبيض ثخيناً.
وَالْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق مَتى ظَهرت عَلَيْهِ غمامة وَلَو رقيقَة فقد أَخذ فِي النضج أَو قد نضج.
وَالْبَوْل المتثور يدل على أَن الْعُرُوق مَمْلُوءَة من خلط نيء قد أَخذ فِيهِ النضج وبحسب سرعَة تميزه وجودة مَا يتَمَيَّز يكون حُدُوثه فان بَقِي إِذا بيل متثوراً زَمَانا طَويلا لَا يتَمَيَّز أَو كَانَ فِيهِ الف وَإِذا تميز رسوب رَدِيء دلّ على أَن الطبيعة تحْتَاج إِلَى المعاونة على الإنضاج.
وَإِن تميز سَرِيعا إِن كَانَ الَّذِي يتَمَيَّز مِنْهُ أَبيض أملس مستوياً تَمام النضج واستيلاء الطبيعة قريب جدا.
وَإِن كَانَ الْبَوْل متثوراً وتميز فِي مُدَّة طَوِيلَة إِلَّا أَنه إِذا تميز كَانَ الرسوب مَحْمُودًا فان الطبيعة ستقهر الْخَلْط لَكِن فِي مُدَّة طَوِيلَة.
(5/246)
وَالْبَوْل الصافي إِن تثور سَرِيعا فقد بَدَأَ النضج وَإِن تثور بعد مُدَّة طَوِيلَة فالطبيعة لم تبدأ بالإنضاج بعد لَكِنَّهَا ستأخذ.
مسَائِل أبيذيميا: شَرّ الْبَوْل الْأسود مَا ثَبت كَذَلِك وَلم يتَغَيَّر.
لي قد رَأَيْت خلقا بالوا بولاً أسود يَوْمًا ويومين ثمَّ بالوا بولاً رَقِيقا وتخلصوا فَأَما من دَامَ بِهِ ذَلِك أَو بَال بعده شَيْئا مثل مَا تكون المرارة نَفسهَا أَو شَيْئا غليظاً أصفر قَلِيلا أَو دَمًا فانهم مَاتُوا كلهم.)
السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة: قد يخرج فِي علل الكبد الرَّديئَة إِذا عولجت وصلحت أَبْوَال رَدِيئَة اللَّوْن وَالرِّيح يغلظ الْأَطِبَّاء فيظنون أَنَّهَا تدل على الْهَلَاك وَإِنَّمَا هُوَ من نقص البحران.
لي أعرف هَذَا جملَة: هَل يُخَفف الْمَرَض عَلَيْهِ أَو بالضد.
من تقدمه الْمعرفَة: ذكر أَنه لما أَرَادَ استقصاء الْمعرفَة بِأَمْر رجل أمره أَن يحبس جَمِيع مَا يبوله فِي ليلته وَمَا يَبُول إِلَى السَّاعَة الرَّابِعَة من النَّهَار من غَد تِلْكَ اللَّيْلَة كل مرّة على حِدة ثمَّ نظر إِلَيْهَا كلهَا من غَد.
بولس قَالَ: الْبَوْل فِي حمى الرّبع كثير التَّغَيُّر والتبدل إِلَّا أَنه فِيهَا أجمع غير نضيج.
قاطيطربون: الأولى إِنَّمَا يكون الْبَوْل الْأسود مهْلكا فِي ابْتِدَاء الْمَرَض إِلَى منتهاه فَأَما فِي الانحطاط فَلَا.
من سوء التنفس قَالَ: كَانَ فِي بولها ثفل راسب شَبيه بالكرسنة فتدل على أَنه كَانَ بهَا ورم لي قد رَأَيْت الصفائح فِي مِثَال غرقي الْبيض يبال مِنْهَا شَيْء كثير قد جف وَلم ينل من بالها مَكْرُوه وَكَانَ بِهِ حكة فِي المثانة وحميات فبرأ. وَرَأَيْت هَذِه الصفائح تذوب وتنحل ويحمر الْبَوْل إِذا ذَابَتْ وَكَانَ صَاحبهَا قد سقى الذراريج.
حَمْدَوَيْه قَالَ: قَالَ روفس فِي كتاب الْخَاصَّة: الْبَوْل الْأسود يسْتَحبّ فِي عِلّة الكلى وَفِي كل عِلّة غَلِيظَة مِمَّا أشبه ذَلِك لِأَنَّهُ يدل على انحلال السقم وَمَا هُوَ فِي مرض حَار والحميات القوية دَال على الْهَلَاك الْبَتَّةَ.
بولس: إِمَّا أَن يبال فيرسب عَن قَلِيل ويصفو وَإِمَّا أَن يقف على حَاله وَإِمَّا أَن يكون بعد نقائه يتكدر وأجود الأول لِأَنَّهُ يدل على النضج وَالثَّانِي متوسط.
بولس: الرقة فِي الْجُمْلَة تدل على الْحَرَارَة والغلظ على الرُّطُوبَة وَالْبرد.
(5/247)
الْبَوْل الثخين يدل على امتلاء الْبدن بالفضول والرطوبات.
وَالْبَوْل الْأَخْضَر يكون على غَلَبَة السَّوْدَاء والبلغم لِأَن اللَّوْن الْأَخْضَر يتَوَلَّد من المَاء وَالْأَرْض.
الْبَوْل الأسمانجوني يدل على أَن صَاحبه قد سقِِي السم.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ غمامة حَمْرَاء الف وَيدل على ورم حَار فِي الدِّمَاغ وعَلى الْمَوْت.
الْبَوْل الَّذِي كَالْمَاءِ يدل على ديانيطس أَو ريَاح الْأَرْحَام أَو جُنُون أَو تمدد كَمَا يكون فِي أَصْحَاب مَتى كَانَ بَوْل الصَّبِي أَخْضَر فانه يُصِيبهُ تشنج وَيَمُوت من يَوْمه.)
الْبَوْل فِي سونوخوس يكون أَحْمَر غليظ وَفِي قراميس نارياً رَقِيقا.
الرسوب الْأَصْفَر دَال على غَلَبَة الصَّفْرَاء والأخضر على غَلَبَة السَّوْدَاء والبلغم.
الرسوب الْأَبْيَض وَالْكثير يدل على الربو والسعال.
الرسوب الْأَبْيَض وَالْكثير يدل إِذا كَانَ كثيرا على تنقية الْأَعْضَاء من البلغم.
وَإِذا كَانَ على المَاء شبه الضباب دلّ على حَبل.
وَإِن كَانَ على الْبَوْل غبب كبار دلّ على الرِّيَاح.
وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل شَيْء شبه نسج العنكبوت دلّ على اخْتِلَاط الْعقل.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل كالخراط دلّ على الزحير.
بَوْل الْمدَّة أول مَا يعلوه طَاف رَقِيق.
الْخَامِسَة عشر من النبض قَالَ: قد يكون فِي بعض الحميات الوبائية بَوْل يشبه الطبيعي فِي اللَّوْن والقوام وَرُبمَا كَانَ فِيهِ رسوب وَتعلق حسن وَأَصْحَابه بِحَال سوء وَيهْلِكُونَ عَن قريب.
لي لِأَن أكبادهم سليمَة وَالْفساد فِي قُلُوبهم وَلَو طَال بقاؤهم حَتَّى تضعف الكبد بِفساد الْقلب لما ثَبت الْبَوْل على حَاله الطبيعي. قَالَ: وَجَمِيع الرسوبات والتعلقات المائلة إِلَى الخضرة الباذنجانية وَالَّذِي مثل نسج العنكبوت والعريض وَالَّذِي مثل الزلالية والسيال الْملقى بعضه على بعض كلهَا رَدِيئَة.
لي رَأَيْت صَفَائِح قد بيلت كغرقي الْبيض حَتَّى أَنه يُمكن أَن يجمع مِنْهَا كف وَلم ينل صَاحبهَا سوء إِلَّا أَنه كَانَت حكة المثانة لِأَن صَاحبهَا سقِِي الذراريح لما ظهر أمره.
قَالَ بولس: ينظر فِي أَمر الْبَوْل إِلَى قلته وكثرته ولونه وطعمه ورائحته وثخنه ورقته مهل يبال فِي مرّة أَو فِي مَرَّات أَو بألم أَو من غير ألم وَمَا أشبه.
(5/248)
وَالْبَوْل الْأسود يدل على فَسَاد الكلى والمثانة وَإِنَّمَا يكون سوَاده من أجل حرارة الكلى وَهُوَ أردأ فِي الكهول والمشايخ وَالنِّسَاء لِأَن الْحَرَارَة فيهم أقل وَلَا يسود الْبَوْل فيهم إِلَّا بفرط مِنْهَا.
وعَلى حسب نَتنه تكون رداءته.
وَالرَّقِيق الْأَبْيَض يدل على سدد أَو ورم أَو نهوة الأخلاط وخاصة فِي الشَّبَاب أردأ وَهُوَ فِي غَيرهم أسهل لِكَثْرَة حرارة الشَّبَاب.
وَقد يكون هَذَا الْبَوْل من شدَّة الْبرد وَمن ضعف الطبيعة جدا.)
وَالْبَوْل الرَّقِيق أشر فِي الْأَحْدَاث من الغليظ لحر مزاجهم.
وَالْبَوْل يقل لشدَّة لَهب الْحمى أَو لاستطلاق الْبَطن.
والسحابة اللطيفة تنذر بطول الْمَرَض وإبطاء البحران والغليظة بضد ذَلِك وَيدل أَيْضا على غلظ الْخَلْط الف وَالْفَاعِل لِلْعِلَّةِ والمتوسطة الْحَالين طبيعية.
والسحابة الغليظة الْحَمْرَاء الطافية من فَوق تنذر بطول الْمَرَض وَإِذا كَانَت سَوْدَاء تنذر بشر وعفن شَدِيد.
قد يكون بَوْل الْقَيْح وَالدَّم من ورم انفجر فِي الكبد أَو فِي الطحال وسال إِلَى المثانة.
والنخالة فِي الْبَوْل رَدِيئَة.
وَإِن مكث الْبَوْل فِي الشَّمْس فَلَا يقربهُ الطَّبِيب لِأَنَّهُ يزْدَاد حمرَة بارتفاع رطوبته وَلَا فِي مَوضِع يصبهُ غُبَار وَلَا يجمع بَوْل يبال فِي وقتيين بل يرفعان مفردين.
اسْتِخْرَاج قد تبين روفس: الْبَوْل الْأسود إِذا كَانَت لَهُ رَائِحَة شَدِيدَة فَهُوَ من حر وَإِذا كَانَ عديم الرَّائِحَة فَهُوَ من برد الامتلاء.
قَالَ: الرسوب الغليظ الَّذِي يشبه مَا يرسب فِي مَاء كشك الشّعير يدل على النهم وَكَثْرَة الْأكل.
لي كلما كَانَت الغمامة والرسوب ألطف فَهُوَ أصلح وَمعنى ألطف أقبل للشعاع.
روفس من كِتَابه فِي الخصى ووجع الخاصرة: الْبَوْل الْأسود يسْتَحبّ فِي عِلّة الكلى وَالطحَال وكل عِلّة غَلِيظَة مزمنة وَهُوَ فِي الْأَمْرَاض الحادة والحميات اللهبة مهلك.
اسْتِخْرَاج قد تبين من قَول روفس: أَن الْبَوْل الْأسود إِذا كَانَ قبله سوداه أصفر فَهُوَ من الاحتراق وَإِذا كَانَ عديم الرَّائِحَة فَهُوَ من الْبرد.
من كتاب ينْسب إِلَى ج: الْبَوْل الْأسود إِذا كَانَ قبله سوداه أصفر فَهُوَ يدل على الاحتراق وَإِن كَانَ أَبيض وأخضر فَهُوَ برد.
(5/249)
والثفل الْأَخْضَر من الْبرد.
والثفل الْأسود الخاثر لَا يبرأ صَاحبه.
وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل حب أَحْمَر كحب الفصفصة فان ذَلِك من احتراق الدَّم.
وَالْبَوْل الَّذِي مثل غسالة اللَّحْم من غير حمى يدل على ضعف الكبد.
وَالْبَوْل الَّذِي يشبه مَاء الشّعير يدل على ضعف الكبد وَقلة الهضم.)
وَإِذا رَأَيْت فِي الْبَوْل قِطْعَة بَيْضَاء مثل حَبَّة رمان فِي الْعظم فَهُوَ من شَحم الكلى.
اسْتِخْرَاج: قد رَأَيْت أَكثر أَبْوَال المستسقين فِيهَا شبه من مَاء الشّعير فِي الخثورة إِلَّا أَنَّهَا قد تَتَغَيَّر فِي اللَّوْن فِي الْحمرَة وَالْبَيَاض.
قَالَ: جالينوس فِي حفظ الصِّحَّة: الْبَوْل إِنَّمَا يدل على حَالَة فِي الْعُرُوق فَقَط.
قَالَ: فان كَانَ الدَّم فِي الْعُرُوق مرارياً كَانَت مائيته كَثِيرَة وَإِن كَانَ بلغمياً فان الْبَوْل يكون مائياً وَإِذا بَدَأَ النضج ظَهرت فِي الْبَوْل غمامة طافية رقيقَة.
وَالْبَوْل الخاثر كأبوال الدَّوَابّ يدل على الأورام مَمْلُوءَة من الْخَلْط الني وَأَن الطبيعة تعْمل فِيهِ دَائِما وَلَيْسَت تقوى على إِكْمَال هضمه.
وَإِن كَانَ الْبَوْل الْحَاضِر يسْرع الِانْتِقَال وَيكون رسوبه ابيض أملس مستوياً فانه يدل على أَن الطبيعة قد قاربت النضج وَإِن تغير الفضول كلهَا.
وَإِذا بيل الْبَوْل صافياً ثمَّ ثخن من سَاعَته فَذَلِك يدل على أَن الطبيعة قد ابتدأت فِي الإنضاج للأخلاط وَإِن كَانَ يثخن بعد أَن يبال بِوَقْت طَوِيل دلّ على أَن الطبيعة لم تبتدئ بعد وَلَا تَأْخُذ فِيهِ إِلَّا بعد زمَان.
وَليكن الدَّلِيل الْعَام لَك على الْبَوْل الخاثر انْفِصَاله أسْرع هُوَ أم بطيء أم لَا ينْفَصل الْبَتَّةَ فان الِانْفِصَال السَّرِيع إِذا كَانَ رسوبه الف وأبيض أملس دلّ على أَن الطبيعة أقوى من الكيموسات وَإِن رسب فِي زمَان طَوِيل وَكَانَ حسنا فالطبيعة تقهر الْخَلْط بعد زمَان طَوِيل وَإِن لم ينْفَصل الْبَتَّةَ وَكَانَ الرسوب رَدِيئَة فالطبيعة ضَعِيفَة محتاجة إِلَى عون.
أَصْنَاف الحميات لِجَالِينُوسَ قَالَ: خير الرسوب الأملس المستوي غير الكريه الرَّائِحَة وأشره ضد هَذَا.
وَقَالَ: الْبَوْل تفقد مِنْهُ إِمَّا مائيته وَإِمَّا مَا ينْفَصل من المائية وتفقد من المائية كميتها أقليلة هِيَ أم كَثِيرَة أم معتدلة وكيفيتها وَهِي اللَّوْن والقوام وَالرِّيح.
لي وَأما مَا ينْفَصل من المائية فَيحكم عَلَيْهِ من كميته ولونه وموضعه واتصال بعضه بِبَعْض وتفرقه.
(5/250)
الْبَوْل التَّام النضج وَهُوَ بَوْل الأصحاء أصفر يضْرب إِلَى الصُّفْرَة النارية معتدل القوام.
وكل بَوْل يكون أغْلظ وأرق من هَذَا فَهُوَ غير نضيج.)
والمائي فِي غَايَة الْبعد عَن النضج وَمِنْه أقل بعدا عَن النضج وَهُوَ الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو ويتميز.
وَالْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة فَهُوَ يدل على غَايَة الشَّرّ أَصْنَاف الْبَوْل الَّتِي هِيَ أرق من المعتدل أَو أغْلظ مِنْهُ ثَلَاثَة: إِمَّا أَن يبال كدراً ثمَّ يتَمَيَّز وَهَذَا أقل رداءة من غَيره لِأَنَّهُ يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الالتياث وَالِاضْطِرَاب أقل.
وَإِمَّا أَن يبال كدراً وَيبقى كدره وَهَذَا فِي الطَّبَقَة الْوُسْطَى من الرداءة لِأَنَّهُ يدل على اضْطِرَاب الدَّم وتشوشه فِي الْغَايَة وَالنِّهَايَة.
وَإِمَّا أَن يبال صافياُ ثمَّ يتكدر وَهَذَا فِي غَايَة من الرداءة لِأَنَّهُ يدل على اضْطِرَاب وجنون قَالَ: وَقد يكون لون الْبَوْل زنجارياً.
الرسوب يكون فِي أَبْوَال الْأَبدَان الممتلئة الْكَثِيرَة الْموَاد كثيرا وَفِي أَبْوَال المهزولين قَلِيلا وتحا وَكَذَلِكَ فِي أَصْحَاب التَّعَب الْكثير والغذاء الْيَسِير وَفِي الْأَبدَان المعتدلة معتدل وَفِي أَبْوَال الصّبيان كثير لأَنهم يستعملون الْأكل بنهم.
الْبَوْل الْأسود المائية والرسوب يدل على غَايَة العطب.
وَالَّذِي ثفله الراسب أسود إِلَّا أَنه مُتَعَلق أقل دلَالَة على الشَّرّ وَإِذا كَانَ طافياً فَأَقل أَيْضا.
الثفل الجريش الشبيه بالدشيش إِذا كَانَ أَبيض دلّ على ذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِذا كَانَ أسود دلّ على احتراق الدَّم.
والثفل الشبيه بالصفائح يدل على أَن الَّذِي يذوب من الأخلاط سطحها الظَّاهِر والشبيه بالنخالة يدل على حرارة أقوى وَكلما كَانَت الْأَجْزَاء أثخن دلّ على أَن الْحَرَارَة أقوى.
الثفل الْأسود يدل على إفراط الْحَرَارَة أَو من الْبُرُودَة وَالَّذِي يضْرب إِلَى الكمودة والخضرة يدل على إفراط الْبُرُودَة والمنتن يدل على العفن والدهني الدسم يدل على ذوبان الْأَعْضَاء.
الْبَوْل الَّذِي يرسب العطب وَفِي أَسْفَله رسوب أَبيض أملس مستوي بِجَمِيعِ الْأَيَّام يدل على نِهَايَة النضج.
وَإِذا كَانَ الَّذِي يرسب فِي أَسْفَله رسوب أَبيض فَهُوَ أفضل من الَّذِي يرسب فِي الْوسط لِأَن الأول يدل على غَايَة النضج وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْوسط فَهُوَ دون ذَلِك وَإِذا كَانَ مُتَعَلقا فَهُوَ دون ذَلِك أَيْضا.)
(5/251)
العديم النضج الْبَتَّةَ هُوَ المائي ثمَّ الخاثر الْبَاقِي على خثورته ثمَّ الَّذِي يتَمَيَّز خَارِجا إِذا بيل وَهُوَ دَلِيل على عدم النضج.
وَالْبَوْل الناري الرَّقِيق يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وَالَّذِي رسوبه غير مُتَّصِل لكنه أَبيض يدل على أَن الْمَرَض أَيْضا لم ينضج.
وَالْبَوْل الَّذِي يضْرب رسوبه إِلَى الْحمرَة يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج أَيْضا.
وَالْبَوْل الَّذِي فِي أَسْفَله شَيْء شَبيه بالدشيش أَو بالنخالة والسواد والكمد الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة والدهني الدسم قتالة.
أَصْنَاف النضج فِي الْبَوْل ثَلَاثَة: أَحدهمَا يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَالثَّانِي الَّذِي يبْقى خاثراً وَالْبَوْل الناري الرَّقِيق فَهَذِهِ ضَعِيفَة وَأقوى مِنْهَا الَّذِي قيه تعلق أَو غمامة بَيْضَاء ملساء مستوية كَالَّذي فِي الرسوب الْأَبْيَض الأملس المستوي فِي أَسْفَله.
أبعد الأبوال عَن النضج المائي ثمَّ الَّذِي يثخن بعد أَن يبال ثمَّ الَّذِي يبال خاثراً وَيبقى خاثراً من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: الْبَوْل الْأَصْفَر اللَّوْن المعتدل القوام أحسن الأبوال.
والأبوال كلهَا بِحَسب اللَّوْن والقوام.
والأبيض الرَّقِيق مُدَّة فان كَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك غمامة سَوْدَاء أَو رسوب أسود ورأيته كُله مظلماً كدراً فَذَلِك قتال وَكَذَلِكَ إِن كَانَ شَدِيد النتن أَو دسماً وَهُوَ الزيتي فَإِنَّهُمَا مهلكان وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يدلان على عظم مهلكة.
الْيَهُودِيّ: الْبَوْل الشَّديد النتن دَلِيل على عفن والشديد الثخن دَلِيل على كَثْرَة الفضول والامتلاء فِي الْغَايَة.
قَالَ: الْبَوْل الاسمانجوني يدل على أَن صَاحبه قد سقِِي السم فان كَانَ ثفل فانه يُرْجَى وَإِلَّا مَاتَ.
وَالْكثير الزّبد يدل على ريَاح.
وَالْبَوْل الَّذِي فِي أَعْلَاهُ كالرغوة وَهُوَ أصفر فِي بَيَاض يدل على وجع فِي الرئة.
إِن كَانَ الَّذِي يدْفع الْبَوْل أكل البقل خضر مَاؤُهُ.
الزَّعْفَرَان يحمر وَالْخبْز الْحوَاري يبيضه وَالْجَرَاد والمري يسوده وَبَوْل المجامع دسم.
وَإِذا شَككت فِي السحابة فاستر القارورة بِيَدِك من الضَّوْء فانك تستبين لَك هَل هِيَ أم لَا)
بَوْل الصّبيان الصغار أَبيض غليظ.
(5/252)
قَالَ جالينوس فِي رسم الطِّبّ بالتجارب: الصداع اللاطي وَالْأنف الدَّقِيق وَالْعين المستديرة الغائرة يكون رديئاً إِذا ظهر فِي أَو الْمَرَض من غير استفراغ يُوجب ذَلِك أَيَّامًا وَلَا حِيلَة للعليل فَأَما فِي آخر الْعلَّة فَلَيْسَ بمنكر.
وَقَالَ فِي الْمرة السَّوْدَاء: إِذا كَانَ الثفل الراسب الأملس الْأَبْيَض لَيْسَ فِي كل يَوْم من أَيَّام الْمَرَض كَانَت مُدَّة الْمَرَض أطول وَالدّلَالَة على السن والنجاة أقل من أَن يكون فِي يَوْم.
وَإِذا كَانَ لون الْبَوْل وثفله دموياً وَكَانَ الثفل مَعَ حمرته أملس فانه يدل على أَن الْمَرَض أطول من مُدَّة مَا رسوبه أَبيض إِلَّا انه سليم جدا.
والقشار السويقية رَدِيئَة العطب ووأردأ مِنْهَا الصفائحي وَإِمَّا القشار الْبيض الدقيقة الراسبة فَإِنَّهَا رَدِيئَة جدا واردأ مِنْهَا القشار الراسبة الَّتِي تشبه النخالة. والقشارة الَّتِي لَا ترسب إِن كَانَت بَيْضَاء دلّت على صَلَاح وَإِن كَانَت سَوْدَاء فعلى رداءة.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر الناري الرَّقِيق يدل على عدم النضج وَلَو طَالَتْ مُدَّة لبثه على هَذَا أَيَّامًا كَثِيرَة وَلم تعْمل فِي الغلظ خيف على الْمَرِيض أَلا تبقى قوته حَتَّى ينضج الْمَرَض. وأوأكد الدلالات على الْمَوْت أَن يكون منتن الرّيح أَو رَقِيقا مائياً أَو أسود وَأَن يكون غليظاً.
وَالَّذين يَبُولُونَ بولاً رَقِيقا ويدوم زَمنا طَويلا وَظَهَرت مَعَ ذَلِك عَلَامَات السَّلامَة فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع حُدُوث ورم بهم أَسْفَل الْحجاب.
وَالدَّسم فَوق الْبَوْل الشبيه بنسج العنكبوت يدل على ذوبان الْبدن.
وَإِذا كَانَت هَذِه القشارات مَعَ ورم فِي المثانة لم يدل على حَال جَمِيع الْبدن فَانْظُر أَولا فِي ذَلِك.
من كَاتب الامتلاء قَالَ: الثفل الَّذِي يرسب فِي الْبَوْل الشبيه بِمَا يرسب فِي مَاء الشّعير دَال على كَثْرَة الْأكل وتدبير نهم.
لي رَأَيْت فِي الْكتب فِي مَوَاضِع كَثِيرَة أَن الغمامات إِنَّمَا تكون عِنْد نُقْصَان الهضم عَن حَال الصِّحَّة وعَلى قدر غلظها يكون تخلف النضج فالغليظ الخاثر يدل على تَدْبِير مولد للخام واللطيفة الْمُشبه للشعاع تكون فِي أَبْوَال الأصحاء أَيْضا والأجود أَلا يكون فِي بَوْل الصَّحِيح من هَذِه شَيْء الْبَتَّةَ فان هَذَا كَمَال النضج فَأَما فِي بوال المرضى فَإِنَّمَا يسْتَدلّ بالغمامات على)
النضج لِأَن اجتماعها يدل على أَنه من بوال الصَّحِيح وَيذْهب التثور والكدر وَكلما كَانَت فِي المرضى الطف وأملس وأبيض كَانَت خيرا وَمعنى ألطف الَّذِي يكون كالشعاع.
كتاب البحران قَالَ: إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يطْلب الْبَوْل الْكَامِل النضج فِي الْبدن الْكَامِل الصِّحَّة.
(5/253)
قَالَ: وَالْبَوْل الصَّحِيح الْفَاضِل إِمَّا فِي اللَّوْن إِلَى الْأَصْفَر المشبع أَو الْأَحْمَر الناصع وَهُوَ إِلَى الْأَصْفَر المشبع أقل مِنْهُ إِلَى الْأَحْمَر الناصع وَقد يجب أَن يكون معتدلاً فِي الثخن والرقة.
وَالْبَوْل الَّذِي ترَاهُ اقل من هَذَا يدل على عدم النضج وَالَّذِي هُوَ أغْلظ من هَذَا يدل على أَنه متثور بعد وَلم يتَمَيَّز.
وَالْبَوْل الَّذِي يبال رَقِيقا صافياً ثمَّ يبْقى على حَاله أَو يغلظ بعد قَلِيل فانهما جَمِيعًا غير نضجيين وَالْأول لم يبتدأ عِنْد النضج الْبَتَّةَ وَالثَّانِي قد بَدَأَ فِيهِ النضج وَفِيه اضْطِرَاب وَصَوت وريح كَالَّذي يكون فِي الْعصير إِذا تغير إِلَى شراب.
وَالْبَوْل الكدر ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا أَن يبال كدراً ويصفو بعد وَإِمَّا أَن يبْقى بِحَالهِ وَإِمَّا أَن يبال صافياً ثمَّ يكدر وأردأ هَذِه الْأَصْنَاف الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر وأمثلها الَّذِي يبال كدراً ويصفو بعد.
وَالَّذِي يبْقى بِحَالَة متوسطة بَين هذَيْن وَذَلِكَ أَن الْبَوْل الَّذِي يصفو بعد قَلِيل يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الِاضْطِرَاب والتثور شَيْء يسير.
وَأما الَّذِي يبْقى بِحَالهِ كدراً دَائِما فانه يدل على أَن الِاضْطِرَاب والأعراض الْبَاقِيَة بعد.
وَأما الَّذِي يكدر بعد أَن يبال فَيدل على انه لم يكن بعد حَرَكَة للتثور والنضج لكنه مزمع أَن يكون فبالواجب صَار أردأها لِأَنَّهُ أبعدها عَن النضج وَأَن الْمَرَض يحْتَاج إِلَى زمَان طَوِيل وَإِلَى قُوَّة قَوِيَّة.
وَأما الَّذِي يبال كدراً ثمَّ لَا يلبث أَن يرسب فِيهِ رسوب مَحْمُود فَيدل أَن الْمَرَض لَا يلبث أَن ينضج وَلذَلِك هُوَ أمثل من الَّذِي يكدر بعد أَن يبال.
وَإِمَّا الَّذِي قُلْنَا انه متوسط فَلِأَنَّهُ يقدر مَا يفضل فِي الْقرب من النضج على الَّذِي لم يبتدأ بعد ينضج ينقص عَن الَّذِي قد قرب أَن يسكن تثوره وَيتم نضجه.
الْبَوْل الشبيه بِالْمَاءِ فِي اللَّوْن القوام هُوَ أشر هَذِه كلهَا لِأَنَّهُ أبعدها من النضج لِأَنَّهُ لَيْسَ كالبول الكدر الَّذِي يدل على التثور قد وَقع وَلَا كَالَّذي يكدر بعد قَلِيل لكنه قد يدل على أَنه قد)
أعيت الْحِيلَة فِي النضج وَمحله فِي الْعُرُوق مَحل التُّخمَة فِي الْمعدة فان كَانَ يجمع إِلَى هَذَا ألون والقوام سرعَة خُرُوج وَكَثْرَة فان هَذَا ديانيطس الَّذِي يُسمى ذرب الْبَوْل وَهَذَا أشر أَصْنَاف الْبَوْل الْغَيْر نضيج ثمَّ يتلوه فِي الشَّرّ الشبيه بِهِ فِي اللَّوْن والقوام لَكِن قَلِيلا وَالَّذِي بِحَسب الْعَادة لِأَنَّهُ يدل على بطلَان الْقُوَّة الْمُغيرَة والماسكة كَمَا يدل ديانيطس فان الْبَوْل يدل فِي ديانيطس على ضعف هذَيْن فِي الْغَايَة القصوى وَإِمَّا الشبيه بِهِ إِلَّا فِي الْكَثْرَة وَسُرْعَة الْخُرُوج فَإِنَّمَا يدل على فَسَاد الْقُوَّة المتغيرة فَقَط.
(5/254)
ويعد هَذَا فِي الرداءة وَالَّذِي يشبه الشَّرَاب الْأَبْيَض الرَّقِيق وَهَذَا يخالطه شَيْء من المرار وَيَتْلُو هَذَا الاترجي وَهُوَ دون الْأَصْفَر المشبع إِلَّا أَنه يضْرب إِلَيْهِ وَهَذَا الْبَوْل قد نضج من لَونه فان كَانَ لَهُ ثخن فقد استحكم نضجه.
قَالَ: وَأحمد الألوان كلهَا الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة وَإِلَى الْحمرَة الناصعة كَمَا قد قيل.
قَالَ: وَمَا دَامَ الدَّم فِي طَرِيق النضج فَكل بَوْل يبال يكون فِيهِ رسوب أملس مستو ابيض كثير فَإِذا تمّ النضج أزداد لَونه وَقل مَا يرسب فِيهِ ثمَّ إِن منعت لَا إِنْسَان من الطَّعَام بعد هَذَا رَأَيْت الْبَوْل يزْدَاد صفرَة دَائِما.
قَالَ: فَيجب: أَن تحفظ صُورَة الْبَوْل الطبيعي فِي قَلْبك ثمَّ تدوم أَن تنظر كم زَالَ عَنهُ الأبوال الْخَارِجَة فِيهَا الرسوب كثيرا وَيكون أَبيض مستوياً فانه يدل على أَن النضج قد استحكم إِلَّا أَنه يخرج من الْبدن كيموس خام أَكثر من الْمِقْدَار وَلذَلِك يجْتَمع فِي أَبْوَال الصّبيان وَفِي أَبْوَال أَصْحَاب الدعة والخفض والنهم رسوب كثير لسرفهم وتخليطهم وَكَذَلِكَ أَيْضا يرسب فِي بَوْل من حم من الامتلاء إِذا كَانَ أمره يؤول إِلَى السَّلامَة رسوب كثير فِي غَايَة الْكَثْرَة.
وَأما بَوْل من حم من الصَّوْم والتعب فبالضد وَكَثِيرًا مَا يَنْقَضِي مرضهم من غير أَن يرسب فِيهِ شَيْء الْبَتَّةَ. وَيَكْفِي أَن تكون فِي أبوالهم غمامة بَيْضَاء طافية أَو مُتَعَلقَة بعد كَونهَا محمودة ملساء وأبوال الأصحاء الَّذين يتعبون وَلَا يكثرون الْأكل المرار غَالب عَلَيْهِ وَلذَلِك لَا يذم أبقراط المرار الْأَصْفَر المشبع إِلَّا أَن يكون العطب وَمَعَ ذَلِك رَقِيقا أصفر مشبعاً فان ذَلِك يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج بعد وَلَا يرسب فِي هَذَا الْبَوْل شَيْء وَذَلِكَ أَن الرسوب الَّذِي فِيهِ إِن كَانَ محبباً كجلال السويق أَو صفائحياً أَو نخالياً أَو أسود أَو أَخْضَر أَو كمداً أَو رصاصياً أَو منتناً فَكل هَذِه مَعَ أَنَّهَا لم تنضج تدل على التّلف وَذَلِكَ أَن الرسوب المحبب الشبيه بحلال السويق)
يدل على إِحْدَى حالتين: إِمَّا على ذوبان الْأَعْضَاء وانحلالها وَإِمَّا على حرارة محرفة قد قويت على الدَّم فَاحْتَرَقَ.
وَإِمَّا الصفائحي فانه أَحْرَى أَن يَنْقَسِم من ظَاهر الْعُرُوق عِنْد مَا يعرض لَهَا أَن تذوب وتنحل وَكَذَلِكَ النخالي إِلَّا أَن النخالي أغْلظ وأصفر وَأما الصفائحي فَأَعْرض من النخالي وأرق.
وَأما الرسوب الْأسود فانه يدل إِمَّا على حرارة وفرطة وَإِمَّا على موت القوى الطبيعية من أجل إفراط الْبرد.
قَالَ: كل بَوْل يصير إِلَى السَّوْدَاء فَهُوَ رَدِيء غَايَة الرداءة حَتَّى أَنِّي لَا أعلم أحد قد باله سلم.
وَأما الْكَائِن فِي الْبَوْل فان كَانَ أسود ثمَّ كَانَ فِي أَسْفَل القارورة فدلالته على التّلف أقل مِنْهُ إِذا كَانَت الرُّطُوبَة سَوْدَاء.
(5/255)
وَإِذا كَانَ هَذَا الرسوب الْأسود فِي اسفل القارورة فَهُوَ أدل على التَّهْلُكَة وَفِي الْوسط أقل دلَالَة وَفِي الْأَعْلَى أقل أَيْضا.
اللَّوْن الْأَخْضَر يكون فِي طَرِيق أَخذ الْبَوْل إِلَى السوَاد وَكَأَنَّهُ مُقَدّمَة للسواد وذك أَن الْمَرَض الْخَبيث يظْهر فِيهِ دَائِما بعد الْبَوْل الْأَخْضَر.
الْبَوْل الْأسود اللَّوْن الكمد الرصاصي فَإِنَّمَا يتَوَلَّد من الْبُرُودَة دَائِما فَقَط.
والرائحة المنتنة إِنَّمَا تتولد من العفن.
وَالْبَوْل الشبيه بالدهن يدل على ذوبان الْجِسْم وَهُوَ رَدِيء.
وَأحمد جَمِيع أَصْنَاف الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الْأَبْيَض الغمامة طافية كَانَت أَو مُتَعَلقَة أَو راسبة إِلَّا أَن الراسب أفضل ثمَّ الْمُتَعَلّق فَهَذِهِ الأبوال الثَّلَاثَة تدل على النضج.
وَأما جَمِيع أَصْنَاف الْبَوْل كلهَا فبعضها يدل على خلاف النضج وَبَعضهَا على التّلف وَأما الَّتِي تدل على التّلف فَالَّذِي فِيهِ رسوب كجلال السويق أَو صفائحي أَو نخالي أَو الْبَوْل الْأسود والكمد والأخضر والمنتن.
وَأما الَّذِي يدل على عدم النضج فالأبيض الرَّقِيق والكدر.
وَأما الْبَوْل الْأَصْفَر المشبع وَالَّذِي يضْرب إِلَى الْحمرَة الناصعة فَهُوَ من طَرِيق رقته غير نضيج وَمن طَرِيق لَونه نضيج وَكَذَلِكَ الْبَوْل الَّذِي فِيهِ غمامة وَفِي وَسطه أَبيض أملس إِلَّا أَنه متفرق غير مستو فانه لَيْسَ نضجه بكامل من أجل تفرق الغمامة.)
والاستواء الَّذِي يُقَال فِي الْبَوْل يكون على ضَرْبَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَلا يكون الغمامة مُتَفَرِّقَة مُتَشَتِّتَة وَالْآخر يكون فِي هَذَا الرسوب أَيْضا يصير فِيهِ وَقت آخر بعد أَن يبال فَيدل على النضج انه لم يكمل.
وأردأ أَصْنَاف الْبَوْل للرِّجَال وَالنِّسَاء الْأسود. وأردأ الْبَوْل للصبيان الْأَبْيَض المائي لِأَن بَوْل الصّبيان الطبيعي أثخن وبل الرِّجَال الشَّبَاب إِلَى الصُّفْرَة العطب والمشبعة وكل مَا ضاد الْأَمر الطبيعي فانه رَدِيء.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر القاني الَّذِي فِيهِ رسوب أَحْمَر أَو يضْرب إِلَى الْحمرَة القانية أملس سليم جدا لكنه ينذر بطول الْمَرَض أَكثر من الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء فِي الْوسط مُتَفَرِّقَة وَذَلِكَ أَن الَّذِي يَجْعَل الْبَوْل ورسوبه بِهَذَا اللَّوْن إِنَّمَا هُوَ مائية الدَّم وَقلة المرار الْأَصْفَر وَيحْتَاج إِلَى زمن طَوِيل حَتَّى يبلغ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من نضج لِأَن مادته هِيَ الدَّم وَلَيْسَ برديء فَهُوَ جيد سليم.
أبيذيميا قَالَ: كَمَا أَن اللَّوْن الْأَبْيَض أَجود ألوان السحابات وَالْأسود اشره وَكَذَلِكَ الأدكن والمتوسط بَينهمَا متوسط بِحَسب ذَلِك.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر المشبع دَال على طول الْمَرَض مَعَ السَّلامَة لِأَنَّهُ يدل على دم كثير رَقِيق غير نضيج كَمَا أَن الْبَوْل الْأَصْفَر يدل على الصَّفْرَاء وَالْأسود على السَّوْدَاء.
(5/256)
وَالْبَوْل المتثور إِذا كَانَ يسْتَقرّ ويصفو إِذا بيل بعد فانه يدل على ابْتِدَاء النضج وخاصة إِذا كَانَ ذَلِك مِنْهُ سَرِيعا. فَأَما الَّذِي لَا يصفو فانه مَعَ مَا يدل عَلَيْهِ من التثور الْحَادِث فِي الْبدن يدل على أخلاط غَلِيظَة ورياح نافخة تهيج مِنْهَا وَذَلِكَ يدل على الصداع وَرُبمَا كَانَ مَعَه اضْطِرَاب عقل إِذا كَانَ مَعَه حِدة لِأَن البخارات الَّتِي حِينَئِذٍ ترْتَفع إِلَى الرَّأْس تكون حادة.
قَالَ ج: احفظ عني فِي الْبَوْل هَذِه الْوحدَة وَهُوَ أَن ينظر مَعَ مَا تنظر فِيهِ إِلَى علل الْبَطن والصدر والرئة والعصب فان رَأَيْت الْبَوْل مَعَ ذَلِك حسنا مَحْمُودًا فَلَا تثق مِنْهُ لكثير من السَّلامَة وَإِن ظهر لَك مِنْهُ قبح فازدد خوفًا شَدِيدا على الْمَرِيض.
حسن الْبَوْل أَجود الدَّلَائِل فِي الْأَمْرَاض الإمتلائية خَاصَّة.
أبيذيميا: الثفل الكرسني والزرنيخي قد يكون فِي عِلّة الكلى والكبد جَمِيعًا.
لي يفرق بَينهمَا بالوجع والثفل فِي الْموضع.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الْحَصَى تتولد من أخلاط حارة كَانَ الثفل فِي الْبَوْل أشقر ولون رمل الصاغة)
وَأَشد وَإِن كَانَت من أخلاط بلغمية كَانَ لون هَذَا الرمل الَّذِي يثفل فِي الْبَوْل رمادياً.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب كثير يدل إِذا كَانَ فِي تقدمة على أخلاط كَثِيرَة نِيَّة لِأَنَّهَا تخرج بِهِ.
وَالْبَوْل الرَّقِيق رَدِيء لَهُ وَذَلِكَ أَن هَذِه إِذا لم تخرج أحدثت فِي المفاصل أوراماً.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أَحْمد الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل راسب أَبيض أملس مستو فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض كُله إِلَى أَن يَأْتِي البحران فَهَذَا دَلِيل على ثِقَة وَقصر الْمَرَض. فان بَال مرّة بولاً صافياً لَا رسوب فِيهِ وَمرَّة صافياً فِيهِ رسوب فان الْمَرَض أطول.
قَالَ: كَمَا أَن الدَّلَائِل على قُوَّة المعي والمعدة وَضعفهمَا تُوجد فِيمَا يبرز بالبراز كَذَلِك الدَّلَائِل على حَال الكبد وَالْعُرُوق من الْبَوْل لِأَن الْبَوْل قد يدل على النضج الصَّحِيح العطب والتام فِي الْعُرُوق وعَلى الْفَاسِد وعَلى النَّاقِص فَاعْلَم.
وَإِذا بَال الْمَرِيض بِالْغَدَاةِ بولاً حَاله مَا وَصفنَا وبالعشي بولاً مُخَالفا لَهُ أَو من غَد ذَلِك الْيَوْم وَاخْتَلَطَ ذَلِك مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو يضْرب من الِاخْتِلَاط فان ذَلِك يدل على أَن فِي الْبدن أخلاطاً مِنْهَا نضيجة وَمِنْهَا غير نضيجة كَمَا أَنه إِن كَانَ بَوْله دَائِما بِالْحَال الَّتِي وصف وَبعده الني.
وَإِن كَانَ فِيهِ رسوب كَمَا وصف كَانَت فِيهِ غمامة بِهَذِهِ الْحَال. ولون هَذَا الْبَوْل يجب أَن يكون معتدلاً فِي الصُّفْرَة وقوامه بَين الرَّقِيق والغليظ لِأَن الْبَوْل الَّذِي لَا رسوب فِيهِ يبوله من تَدْبيره فِي غَايَة اللطافة وَالَّذِي فِيهِ رسوب كثير يبوله من تَدْبيره فِي غَايَة الغلظ وَالَّذِي فِيهِ رسوب
(5/257)
ولون الْبَوْل فِي الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن المرار يمِيل إِلَى الصُّفْرَة وَفِي الحاثة عَن أخلاط يكون مائلاً إِلَى الْبيَاض وَكَذَلِكَ الرسوب فَإِنَّهُ الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن أخلاط نِيَّة يكون كثيرا وَفِي الكائنة عَن المرار لَا يكون أصلا وَيكون وتحاً قَلِيلا جدا إِلَّا أَنه قد يَكْتَفِي من دَلَائِل النضج فِي هَذِه الْأَمْرَاض بغمامة مُتَعَلقَة بعد أَن تكون بَيْضَاء.
والمتعلق هُوَ الَّذِي يكون فِي وسط الْبَوْل لَا طافياً فَوق.
فَأَما الَّذِي يرسب فِيهِ فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض مثل الرسوب الْمَوْصُوف أَو لَا فعلى غَايَة الْأَمْن والثقة وَقلة الْخطر من الْمَرَض والثقة بالنضج وَأَن يَنْقَضِي انْقِضَاء لَا يعود الْبَتَّةَ ويسرع الْبَتَّةَ انقضاؤه وَبِالْجُمْلَةِ فانه إِن لبث الْبَوْل بِهَذِهِ الْحَال فِي الْبَوْل الأول وَفِي الثَّانِي لم يتَجَاوَز الْمَرَض الْأَرْبَعَة أَيَّام الأولى.
وَأما لِمَ صَار أفضل الرسوب فَلِأَن ذَلِك يدل على أَنه قد قبل اسْتِحَالَة تَامَّة من الطبيعة)
حَتَّى يشبه بلون الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة. وَأما لِمَ صَار الأملس أفضل فَلِأَن عمل الطبيعة قد عملت فِي جَمِيع أَجزَاء باستواء فَلذَلِك تكون الطبيعة قد عملت فِي جَمِيع أَجْزَائِهِ.
فَإِذا كَانَ الْبَوْل يضْرب إِلَى الْحمرَة المشبعة وَفِيه رسوب بذلك اللَّوْن أملس فان الْمَرَض أطول مُدَّة من مرض صَاحب الْبَوْل الأول إِلَّا أَنه سليم جدا لِأَن لون الْبَوْل إِنَّمَا يمِيل إِلَى الْحمرَة إِذا جرت مائية الدَّم مَعَه وَيدل ذَلِك على دم كثير غير مستحكم النضج وَلما كَانَ الْغَالِب فِي الْبدن أَجود الأخلاط كَانَ الْمَرَض غير ذِي خطر وَلِأَنَّهُ غير نضيج يحْتَاج إِلَى مُدَّة من الزَّمن حَتَّى يكمل نضجه فَيجب أَن يطول أَكثر من الْمَرَض الَّذِي يرسب فِيهِ رسوب أَبيض.
الثفل الشبيه بِجلَال السويق رَدِيء وأردأ مِنْهُ مَا كَانَ شَبِيها بالصفائح وَمَا كَانَ رَقِيقا أَبيض فَهُوَ رَدِيء جدا وأدرأ مِنْهُ الشبيه بالنخالة لِأَن السويقي يكون إِمَّا من احتراق الدَّم الغليظ وانطباخه وَإِمَّا من ذوبان اللَّحْم ذوباناً مُخْتَلفا بِأَن تنْحَل الْأَجْزَاء اللينة الرّطبَة بالحرارة النارية فَيصير صديداً وتجف الْأَجْزَاء الصلبة وتيبس بِمَنْزِلَة مَا يقلي على الطابق وَذَلِكَ أَن أول العطب وَمَا يذوب فِي الحميات الشَّحْم الطري الحَدِيث الْعَهْد بالجمود ثمَّ مَا هُوَ أَصْلَب وَأعْتق ثمَّ بعد ذَلِك اللَّحْم الطري اللين الْقَرِيب الْعَهْد ثمَّ اللَّحْم الصلب الْعَتِيق ثمَّ بعد ذَلِك الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة أَنْفسهَا.
وَإِذا رَأَيْت الْأَعْضَاء أَنْفسهَا ذَابَتْ رَأَيْت فِي الْبَوْل أَجزَاء غير مُتَسَاوِيَة شَبيه بالصفائح وَلذَلِك هَذَا أردأ من الأول كثيرا.
وَأما الرسوب الَّذِي يشبه النخالة فانه أردأ من الْأَوَّلين كثيرا لِأَنَّهُ يدل على شدَّة التهاب الْحمى.
فَأَما الرسوب اللَّطِيف الَّذِي بِمَنْزِلَة الرغوة أَبيض اللَّوْن فانه يكون من ريح غَلِيظَة تخالط فضولاً عسرة الانحلال لِأَن مخالطتها فِي أَجزَاء صغَار وَهُوَ رَدِيء. وَذَلِكَ أَن الرسوب
(5/258)
الْمُخْتَلف الْأَجْزَاء مَتى كَانَت أجزاءه الْكِبَار أعظم فَهُوَ أدل دَلِيل على قُوَّة الطبيعة ونقصان فضل الْعلَّة وَلذَا كَانَت أجزاؤه صغَارًا دلّ على غَلَبَة الْمَادَّة وَقلة احْتِمَال الطبيعة فَيجب أَن تعلم أَن مَا كَانَ من الرسوب مُخْتَلف.
لي يَعْنِي بمختلف الَّذِي لَا يكون بسيطاً لَكِن مركبا من خلط آخر.
قَالَ: كلما كَانَت أجزاؤه أَصْغَر فَهُوَ أردأ لِأَنَّهُ يدل على شدَّة انفعالها عَن الْمَرَض.)
لي كَمَا أَن الرسوب الْمُتَشَابه الْأَجْزَاء مَتى كَانَت أجزاؤه أَصْغَر كَانَ أدل على جودة الطبيعة.
الغمامة الْمُتَعَلّقَة الْبَيْضَاء حميدة والسوداء رَدِيئَة ذميمة لِأَن السَّوْدَاء تحدث إِمَّا من حر مفرط وَإِمَّا من برد مفرط.
مَا دَامَ الْبَوْل أصفر رَقِيقا فِي قوامه فان الْبَوْل ينضج وَذَلِكَ لِأَن الْبَوْل أصفر.
لي يجب أَن يكون معتدل القوام.
قَالَ: وَبَقَاء الْبَوْل بِهَذِهِ الْحَال مُدَّة طَوِيلَة لَا يُؤمن مَعَه أَن تخور الْقُوَّة قبل النضج فَيَمُوت قبل ذَلِك.
الْبَوْل المائي هُوَ الَّذِي فِي قوامه لطيف ولونه أَبيض كَالْمَاءِ فِي حَال يدل على نهوة الأخلاط فِي الْغَايَة وَضعف الْقُوَّة الفاعلة للنضج.
وَأما المنتن وَالْأسود إِمَّا على شدَّة الْبرد وَإِمَّا على فرط الْحر والعفن.
قَالَ ج: وجدت الْبَوْل الْأسود بالتجربة كلما كَانَ أغْلظ فرداءته أَكثر وَأم الطبيعي اللَّوْن من الْبَوْل الغليظ فانه رُبمَا آل إِلَى خير قريب وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الغلظ إِنَّمَا هُوَ شَيْء مؤذ تَدْفَعهُ الطبيعة عَنْهَا وَرُبمَا آل إِلَى العطب.
لي يفرق بَين هذَيْن بِحسن حَال العليل وسهولة احْتِمَاله وخف بدنه عَلَيْهِ وَاعْلَم أَن الْبَوْل الَّذِي لَيْسَ بغليظ جدا بِقَوي الدّلَالَة جدا على العطب.
أردأ الْبَوْل للرِّجَال وَالنِّسَاء الْأسود وللصبيان المائي.
الْبَوْل الْأسود والمائي يدلان على العطب فِي جَمِيع الْأَسْنَان إِلَّا أَن دلَالَة الْأسود فِي النِّسَاء أعظم خطراً وَكَذَلِكَ المائي فِي الصّبيان وَذَلِكَ أَنَّهُمَا فِي غَايَة المضادة لما تكون عَلَيْهِ أَبْوَال الصّبيان وَكَذَلِكَ الْأسود فِي النِّسَاء.
وَالشَّيْء إِنَّمَا يصير رديئاً بِحَسب خُرُوجه عَن الطَّبْع وشذ عَنهُ وَبَوْل الصّبيان الطبيعي غليظ فِيهِ رسوب كثير والمتناهون العطب وَفِي الشَّبَاب بَوْلهمْ لطيف قَلِيل الرسوب.
(5/259)
وَالْبَوْل الْأسود فِي غَايَة المضادة للنِّسَاء وللمتناهي الشَّبَاب وَكَذَلِكَ الْبَوْل المائي لبول الصّبيان الطبيعي.
وَفِي أَمر الصّبيان عِلّة أُخْرَى وَهِي أَن النضج يكون فيهم سَرِيعا لِكَثْرَة حرهم الغريزي وَشدَّة قوتهم المتغيرة وَمن شَأْن النضج أَن يُغير الْبَوْل إِلَى الغلظ فبقاؤه رَقِيقا دَال على غَايَة عدم)
النضج فيهم أَيْضا.
من يَبُول بولاً رَقِيقا مائياً مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت سَائِر الدَّلَائِل تنذر بسلامة فتوقع خراجاً فِي المواقع أَسْفَل الْحجاب لعِلَّة قد ذكرت فِي البحران.
والدسومة الطافية فَوق الْبَوْل شبه نسج العنكبوت رَدِيء وَذَلِكَ انه يدل على ذوبان الشَّحْم لِأَن مَحل هَذَا الْبَوْل مَحل الدسم فَوق المرق.
الغمامات أَجودهَا من طَرِيق الْموضع مَا هُوَ فِي الْأَسْفَل ثمَّ الْأَوْسَط ثمَّ الْأَعْلَى.
والمتوسط أجوده المائل إِلَى أَسْفَل لِأَنَّهُ يدل على أَنه قد استحكم نضجه وتميز واستوى فَلم يبْقى فِيهِ ريح.
وَإِن المائل إِلَى أَسْفَل فبحسب ميله إِلَى أَسْفَل تكون قوته فِي الهضم والمائل إِلَى الْعُلُوّ بِحَسب ذَلِك يكون بعده عَنهُ.
فَأَما من طَرِيق اللَّوْن فالأبيض جيد وَالْأسود والأخضر وَغير ذَلِك رَدِيء والأحمر سليم طَوِيل.
لي إِنَّمَا تميل الغمامة إِلَى فَوق لِأَنَّهُ يستكمل النضج لِأَن الشَّيْء الَّذِي ينضج لَيْسَ بِذِي ريح لِأَن الْحَرَارَة تعْمل فِي رطوبته فان كمل نضجه ذهبت نفخه الْبَتَّةَ لِأَن الْحَرَارَة تكون قد أفنته أصلا كَمَا ترى ذَلِك يكون فِي الْعصير وَالشرَاب.
قَالَ: الأثفال النِّيَّة إِنَّمَا تكون من قبل المثانة فَلَا يغلطنك.
لي يحْتَاج أَن تعرف الْأَشْيَاء الَّتِي تكون من قبل الكلى ومجاري الْبَوْل والأشياء الَّتِي لَا تكون إِلَّا من قبل المثانة فتحكم بِكُل وَاحِدَة على مَا يدل عَلَيْهِ وَتنظر فِيمَا يشْتَرك وَفِي مَا يخْتَلف وتحكم بذلك.
الْفُصُول: جملَة الْبَوْل يزْدَاد فِي الشتَاء زِيَادَة كَثِيرَة لِأَن النضج فِيهِ أَكثر وأجود.
لي أما كَثْرَة كميتة عِنْدِي إِنَّمَا هِيَ لقلَّة الْعرق. وَإِنَّمَا الرسوب فِيهِ فَيكون لمل ذكر.
من كَانَ بَوْله يشبه العبيط غليظاً يَسِيرا وَلَيْسَ بدنه ينقى من الْحمى فانه إِذا بَال بولاً كثيرا انْتفع بِهِ: وَأكْثر من يَبُول هَذَا الْبَوْل من كَانَ يرسب فِي بَوْله مُنْذُ أول مَرضه أَو بعده سَرِيعا ثفل قَلِيل.
(5/260)
قَالَ ج: يَبُول هَذَا الْبَوْل من غير حمى وَعند تنقية الطبيعة الْبدن ويتوهم كثير من النَّاس أَن ذَلِك الْبَوْل رَدِيء لِأَنَّهُ فِي الْأَكْثَر يجب أَن ينْتَقل الْبَوْل فِي الحميات من الرقة إِلَى الثخن وأبقراط)
أخبر بِهَذَا لِأَنَّهُ أَمر نَادِر.
الْبَوْل الثخين الشبيه بالعبيط وَهُوَ الغليظ الكدر الْمُنْقَطع يقل لِأَنَّهُ يعسر نُفُوذه إِلَى الكلى وَإِنَّمَا يكون ذَلِك لأخلاط فجة نِيَّة. فَإِذا نَضِجَتْ تِلْكَ الأخلاط رقت فستفرغ لذَلِك من الْبَوْل مَا هُوَ أرق العطب ووأكثر مِقْدَارًا.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي أول الْمَرَض وَبعد أَوله بِقَلِيل ثخيناً غليظاً فِيهِ رسوب فَذَلِك الرسوب إِنَّمَا رسب فِيهِ ثفله وَذَلِكَ الغلظ لَيْسَ من نضجه بل من فجاجة وَغلظ من الأَصْل.
فَأَما الحميد فانه الَّذِي يكون رَقِيقا من الأول ثمَّ يقبل الغلظ ويرسب فان ذَلِك حِينَئِذٍ يدل على ذَلِك النضج فِيهِ.
من بَال بولاً متثوراً كأبوال الْحمير فِيهِ صداع حَاضر أَو سيحدث بِهِ. لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يكون إِذا عملت فِيهِ الْحَرَارَة فَحدثت مِنْهَا بخارات غَلِيظَة كَالَّذي يكون عَن الزفت والثلج.
الْبَوْل المتثور مَتى بَقِي متثوراً زَمَانا طَويلا دلّ على طول الْمَرَض وَإِذا كَانَ يثفل ويستقر كدره ويصفو سَرِيعا دلّ على أَن الْمَرَض أقصر.
فَأَما الَّذِي لَا يرسب الْبَتَّةَ فانه إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة أنذر بطول الْمَرَض وَإِن كَانَت ضَعِيفَة أنذر من كَانَ فِي بَوْله الرَّابِع غمامة حَمْرَاء فان بحرانه يَجِيء فِي السَّابِع. إِنَّمَا ذكرنَا الْحَمْرَاء مثلا ليدل أَن الَّذِي هُوَ أفضل مِنْهَا أَحْرَى أَن يكون بِهِ البحران فالغمامة الْبَيْضَاء أَحْرَى أَن يكون بهَا البحران فِي السَّابِع مَتى ظَهرت هِيَ فِي الرَّابِع وَكَذَلِكَ الْمُتَعَلّق الْأَبْيَض إِذا كَانَ مستوياً أَبيض وَكَانَ سريع الْحَرَكَة.
وَإِن أغْلظ الْبَوْل الرَّقِيق فِي الرَّابِع دلّ على أَن البحران فِي السَّابِع وَإِن ظهر فِي اللَّوْن ونضج دلّ على ذَلِك أَيْضا.
وَجَمِيع مَا يظْهر فِي الْبَوْل فِي الرَّابِع مِمَّا فِيهِ عَلامَة النضج يدل على البحران فِي السَّابِع وَلَيْسَ ينذر إِذا ظَهرت هَذِه الْعَلامَة فِي يَوْم آخر من أَيَّام الْإِنْذَار أَن يكون البحران فِي الْيَوْم الَّذِي ينذر بِهِ إِلَّا أَن يكون الْمَرَض خبيثاً سَرِيعا لِأَن هَذَا اللَّوْن أَعنِي الْأَحْمَر يدل أبدا على تَأَخّر وَطول من الْمَرَض وَإِنَّمَا ذكر ذَلِك لِأَنَّهُ إِذا كَانَت هَذِه كَافِيَة فِي الدّلَالَة فكم بالحرى ترى مَا هُوَ أقوى مِنْهَا.
وَقد تفقدت ظُهُور هَذِه الغمامة فِي الرَّابِع فَوجدت البحران بعْدهَا يكون فِي السَّابِع من الزَّمَان مساوي لَهَا فِي أول الْمَرَض إِلَيْهَا.)
فَأَما مَتى ظَهرت فِي الْحَادِي عشر فانه لَا يكَاد يَجِيء البحران فِي الرَّابِع عشر لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى مُدَّة أطول إِذا كَانَ إِنَّمَا بَينهمَا ثَلَاثَة أَيَّام.
(5/261)
وَقد رَأَيْت هَذِه الغمامة مَرَّات قد ظَهرت فِي غير الرَّابِع فَمن ظَهرت فِيهِ فِي السَّابِع أَتَاهُ البحران فِي الرَّابِع عشر وَمن ظَهرت فِيهِ فِي الرَّابِع عشر أَتَاهُ فِي الْعشْرين وَمن ظَهرت فِيهِ فِي الْحَادِي عشر أَتَاهُ فِي السَّابِع عشر وَفِي الْعشْرين إِذا كَانَ الْبَوْل ذَا مستشف أَبيض وخاصة فِي أَصْحَاب الْحمى الَّتِي مَعَ ورم فِي الدِّمَاغ لِأَن الْبَوْل الَّذِي هَذِه حَاله بعيد من النضج جدا فَلذَلِك ينذر بطول الْمَرَض فَيَسْبق فينحل بِالْقُوَّةِ قبل النضج وخاصة إِذا كَانَ الْمَرَض قَوِيا جدا كالحال فِي الْحمى الَّتِي مَعَ ورم الدِّمَاغ.
فآني لَا أعلم أحدا من أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة رَأَيْت بَوْله على هَذِه الصّفة سلم وَذَلِكَ أَن هَذَا الْمَرَض إِنَّمَا يكون من غَلَبَة الصَّفْرَاء وَحَال لون الْبَوْل العطب وأبيض فانه يدل أَن حَرَكَة الصَّفْرَاء إِلَى فَوق نَحْو الرَّأْس.
وَمن كَانَ بَوْله وَهُوَ غليظ قطع لحم صغَار أَو بِمَنْزِلَة الشّعْر فَذَلِك يخرج من كلاه.
قطع اللَّحْم الصغار تدل على أَن خُرُوجهَا من نفس جَوْهَر الكلى وَقد رَأَيْت مِنْهُ مثل الشّعْر الْأَبْيَض طوله شبر.
وَأكْثر مَا يُصِيب هَذِه الدمنين الْأَطْعِمَة الغليظة ويبرؤن بالأغذية الملطفة وَمن خرج فِي بَوْله وَهُوَ غليظ بِمَنْزِلَة النخالة فمثانته جربه.
لما كَانَ الْبَوْل إِنَّمَا يَجِيء من الْعُرُوق ويتصفى فِي الكلى ويجتمع فِي المثانة فَكل مَا يظْهر فِيهِ مِمَّا هُوَ خَارج عَن الْأَمر الطبيعي يدل إِمَّا على رداءة حَال من الْعُرُوق وَإِمَّا على عِلّة فِي الكلى وَإِمَّا على عِلّة فِي المثانة.
النخالة فِي الْبَوْل رُبمَا كَانَ يخرج من بدن الْعُرُوق وَرُبمَا كَانَ من بدن المثانة وَرُبمَا كَانَ من احتراق الدَّم فِي الْعُرُوق ويميز بَين النخالة هَل تخرج من المثانة أَو من بدن الْعُرُوق فانه إِن كَانَ فِي بَوْل رَقِيق فَهُوَ من الْعُرُوق وَإِن كَانَ فِي بَوْل غليظ أَو فِي بَوْل لَيْسَ برقيق يدل على أَن الْعلَّة فِي المثانة.
من بَال دَمًا من غير شَيْء مُتَقَدم فان عرقاً فِي كلاه انصدع لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمكن أَن يكون فِي المثانة عرق إِذا انفجر كَانَ مِنْهُ الدَّم مَاله قدر مثل هَذَا وَذَلِكَ لِأَن المثانة إِنَّمَا يجيئها من الْعُرُوق مِقْدَار مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي تغذيتها فَقَط وَأما الكلى فَإِنَّمَا يَجِيء إِلَيْهَا عروق كبار وَذَلِكَ أَن الدَّم يتصفى)
فِي الكلى وَالْعُرُوق الَّتِي فِي المثانة غائرة غائصة فِي جرمها وَالَّتِي فِي الكلى بارزة ظَاهِرَة فِي بَطنهَا وَخُرُوج الدَّم الْكثير بَغْتَة لَا يُمكن أَن يكون من قرحَة لِأَن ذَلِك مِنْهَا يكون قَلِيلا قَلِيلا.
من كَانَ يرسب فِي بَوْله شَبِيها بالرمل فالحصى تتولد فِي المثانة أَو فِي الكلى.
من بَال بولاً دَمًا عبيطاً وَكَانَ بِهِ تقطير الْبَوْل فَأَصَابَهُ وجع فِي أَسْفَل بَطْنه وعانته فان مايلي مثانته وجع.
(5/262)
قَالَ: الدَّم والقيح إِذا بيلا مشتركين لجَمِيع آلَات الْبَوْل. وَأما الرَّائِحَة الكريهة فخاصة بالمثانة وَأكْثر مِنْهَا القشور. من كَانَ يَبُول دَمًا وقيحاً وقشوراً وَلها رَائِحَة مُنْتِنَة مُنكرَة فَفِي مثانته قرحَة من كَانَت بِهِ حمى فَكَانَ يرسب فِي بَوْله شبه السويق الجريشي يدل على أَن مَرضه يطول.
قَالَ ج: أَكثر من يرى هَذَا فِي بَوْله يهْلك قبل أَن يطول مَرضه وَأما من يسلم فكلهم تطول أمراضهم لِأَن الْبَوْل الَّذِي يرى فِيهِ هَذَا يحْتَاج إِلَى نضج كثير.
إِذا كَانَ الْغَالِب على الثفل الَّذِي فِي الْبَوْل مرار وَكَانَ أَعْلَاهُ رَقِيقا دلّ على أَن الْمَرَض حاد.
قَالَ جالينوس مَا رَأَيْت قطّ بولاً عَلَيْهِ المرار ومائيته رقيقَة مائية فَيجب أَن يكون إِنَّمَا يَعْنِي بقوله أَن الثفل الَّذِي يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا ثمَّ عَلَيْهِ المرار دلّ ذَلِك على أَن الْمَرَض حاد.
قَالَ جالينوس: مَا رَأَيْت قطّ بولاً يغلب عَلَيْهِ المرار ومائيته رقيقَة مائية فَيجب أَن يكون إِنَّمَا يَعْنِي بقوله أَن الثفل الَّذِي يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا ثمَّ غلب عَلَيْهِ المرار دلّ ذَلِك على أَن الْمَرَض حاد.
قَالَ حنين: الَّذِي يُرِيد أبقراط من قَوْله فِي هَذَا الْفَصْل رَقِيق أَن يكون طرف الثفل الْأَعْلَى رَقِيقا يَعْنِي صنوبرياً لِأَن الأثفال الغليظة النارية كلهَا مسطحة الْأَعْلَى والرقيقة الْأَعْلَى حارة مرارية.
من كَانَ بَوْله متشتتا دلّ على أَن فِي بدنه اضطراباً قَوِيا.
قَالَ: يجب أَن تعلم من قَوْله متشتت مُخْتَلف الْأَجْزَاء وبالحقيقة أَن يكون ذَلِك اضطراباً قَوِيا فِي الْبدن وَذَلِكَ أَن الطبيعة إِذا غلبت واستولت كَانَت أَجزَاء الْبَوْل كلهَا مُتَسَاوِيَة وَإِن كَانَ سَبَب الْمَرَض قوي الْمُنَازعَة كَانَ غير متساو.
وَمن كَانَ فَوق بَوْله عبب دلّ على أَن الْعلَّة فِي الكلى وأنذر مِنْهَا بطول لِأَن العبب يكون إِذا ثبتَتْ رُطُوبَة حول ريح غَلِيظَة وخاصة إِن كَانَ مَعهَا لزوجة فان العبب عِنْد ذَلِك يكون أطول مكثاً.)
وَإِذا خرجت مَعَ الْبَوْل ريح غَلِيظَة فَذَلِك دَلِيل على أَن فِي الكلى مَرضا بَارِدًا لِأَن السَّبَب الْبَارِد هُوَ الَّذِي ولد الرّيح الغليظة وَلذَلِك قَالَ: هَذِه الْعلَّة تنذر بطول لِأَن كل مرض بَارِد عسر الانحلال والنضج.
من كَانَ فَوق بَوْله دسم جملَة دلّ على أَن فِي كلاه عِلّة حادة.
قَالَ: الْبَوْل الدسم يكون من ذوبان الشَّحْم وَلَيْسَ بِدَلِيل أَنه من شَحم الكلى أَو من شَحم جَمِيع الْجَسَد وَيكون أبدا مَعَ الحميات المذوبة للبدن وَالْفرق بَين الشَّحْم الَّذِي يذوب من الكلى وَالَّذِي من جَمِيع الْجَسَد يكون فِي وَقت أطول قَلِيلا قَلِيلا فَيَتَفَرَّق على الْبَوْل وَلَا يكون مجتمعاً فتفقد حَال مَا يبرز من الْبدن. فان الشبيه بالبول الْأَصِيل الطبيعي أبعد حَالا من الْمَرَض والبعيد
(5/263)
مَجْهُول قَالَ: صَاحب الحكة يَبُول بولاً خاثراً غليظاً.
روفس قَالَ: الحميات السوداوية تسود الْبَوْل وَالْبرَاز.
قَالَ: ذَلِك فِي المالنخوليا وَفِي الرّبع.
لي وَكَذَا الشَّمْس والرياضة وَكَثْرَة خُرُوج الْعرق يقل الْبَوْل وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا يسخن الْبدن وَيحل رطوبته.
مغنس: القشار هِيَ فضلَة الهضم الْكَائِن فِي الْعُرُوق والأعضاء الْأَصْلِيَّة وَلذَلِك هُوَ اغلظ وَأَشد بياضاَ بالطبع من المائية يَعْنِي رُطُوبَة الْبَوْل والقشار أماله.
قَالَ: لِأَن الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة يابسة بيض.
وَأما المتثور فانه لطيف وَأَشد حمرَة بالطبع من القشار لِأَنَّهُ فضلَة الدَّم.
وَالْبَوْل الْأَبْيَض يدل على أَن الطبيعة لَا تَعْنِي بِأَمْر الْأَعْضَاء وَإِذا كَانَ رَقِيقا فِي البرسام أنذر بشر. وَبِالْجُمْلَةِ فان الْبَوْل الْأَصْفَر وَالْبَوْل الْأَشْقَر فيهمَا من المرار كثير.
قَالَ: وَالْبَوْل الْبَارِد يكون أَولا أَخْضَر ثمَّ يعود بعد ذَلِك يمِيل إِلَى لون السَّمَاء.
وَأول الألوان الْأَبْيَض وَآخِرهَا الْأسود.
وَقَالَ: الَّذِي يبال لطيفاً وَيبقى لطيفاً فِي غَايَة الفجاجة وَلَكِن يكون هَذَا الْبَوْل ني بِالْحَقِيقَةِ لَا يدل على نضج خَاصَّة كالبول الكدر وَلَا نضج مُسْتَأْنف يُرِيد أَن يكون مثل الَّذِي يكدر بعد قَلِيل لكنه يُؤذن من ضعف الْعُرُوق بِمثل ضعف الْمعدة عَن هضم الْغذَاء فِي الْغَايَة وَهُوَ أَن جمع إِلَى ذَلِك أَن يخرج سَرِيعا فانه بَوْل ديانيطس.)
وَأما الَّذِي يبال لطيفاً ثمَّ يكدر خَارِجا فانه يدل على أَن الهضم مبتدئ يحْتَاج إِلَى زمَان طَوِيل وَشبه ذَلِك بالعصير فانه مَا لم يبْدَأ فِيهِ العفن الْبَتَّةَ كَانَ صافياً وَإِذا بَدَأَ كدر. وَذَلِكَ يكون للرياح المتولدة العطب ووذلك أَن الرّيح لَا يتَوَلَّد أَولا قبل ابْتِدَاء العفن وَلَا يبْقى أخيراً عِنْد تَمام الهضم لِأَنَّهُ تكون قد انقشت أجمع حِينَئِذٍ.
قَالَ: القشار تطفو إِمَّا لخفتها وَإِمَّا لغلظ الْبَوْل ويرسب إِمَّا لثقله وَإِمَّا لرقة الْبَوْل أَو لِاجْتِمَاع الْأَمريْنِ فان القشار الْخَفِيف فِي الْبَوْل الغليظ أَشد ارتفاعاً والقشار الثقيل فِي الْبَوْل الرَّقِيق أَشد انحطاطاً.
وَإِذا دَامَ القشار مُدَّة بِحَالهِ سمي مُتَسَاوِيا وَإِذا لم يدم زَمنا طَويلا لَكِن يتَغَيَّر كل يَوْم أَو يَوْمَيْنِ سمي مُخْتَلفا.
قَالَ: مَا دَامَ الدَّم نضيجاً فَكل مَا يبال لَهُ ثفل راسب أملس متساو أَبيض كثير وَإِذا استتم النضج فِي الْجَسَد كَانَ لون الثفل أشْبع مِمَّا كَانَ وَكَانَ أقل كمية. فان حفظت الْإِنْسَان بِهَذِهِ الْحَالة بعد هَذَا فانك ترى الْبَوْل قد اشتدت رداءته وَهَكَذَا إِن حفظته زَمَانا أَكثر وَهُوَ صَائِم فانك ترى الْبَوْل أشْبع لوناً.
(5/264)
قَالَ: وَمِقْدَار الْبَوْل الطبيعي هُوَ الْكَائِن عِنْد أول استحكام نضج الدَّم فِي الْأَبدَان الصَّحِيحَة فَاجْعَلْ هَذَا أصلا وَقس مِنْهُ فَإِذا رَأَيْت الثفل يكثر فِي الْبَوْل النضيج فَاعْلَم أَنه مَعَ النضج الْمُحكم قد ينقى من الخام شَيْء كثير.
وَكَذَلِكَ حَال بَوْل الصّبيان لذَلِك فِيهِ قشار كَثِيرَة لِأَن الطبيعة فيهم لَا تكمل الهضم كمالا تَاما لَكِن قبل أَن يكمل فجهدت أَيْضا لكَي يتم النمو فلكثرة أكلهم وامتلائهم يكثر فيهم القشار.
وَكَذَلِكَ الثفل فِي الَّذين يحْمُونَ من امتلاء.
وَأما من يحم من صَوْم أَو من تَعب فأبوالهم نارية لَطِيفَة وأمراض هَؤُلَاءِ تنْحَل أبدا قبل أَن يصير فِي أبوالهم قشار وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِي هَؤُلَاءِ سَحَابَة بَيْضَاء مُتَسَاوِيَة ملساء.
وأبوال من يتعب أَيْضا من الأصحاء ويقل الْغذَاء قَليلَة الرسوب.
وَجُمْلَة فالأبوال الرقيقة كلهَا أقل قشاراً.
والقشار السود وَالْخضر والأسمانجونية والمنتنة إِنَّمَا تكون من امتلاء فانه إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك زبدياً فانه امتلاء رَدِيء فِي الْغَايَة فَذَلِك هَذِه القشارات أردأ مَا تكون.)
قَالَ: وَالْبَوْل الْأسود رَدِيء قل مَا يسلم مِنْهُ لِأَنَّهُ يدل على غَايَة موت الْقُوَّة وَالْبرد أَو على غَايَة الاحتراق والحرارة فان كَانَ الثفل أسود وَهُوَ مستو وَلَيْسَت الرُّطُوبَة سَوْدَاء فَهِيَ أنقص دلَالَة على الشَّرّ.
قَالَ: وَأما اللَّوْن الْأَخْضَر فَكَأَنَّهُ طَرِيق إِلَى السوَاد ومقدمة لَهُ وَذَلِكَ إِنَّه إِن كَانَ الْمَرَض مهْلكا فان الْبَوْل الْأسود يَجِيء بعد الْأَخْضَر والقيء وَالْبرَاز الأخضرين.
وَأما اللَّوْن الأسمانجوني فَلَا يكون إِلَّا من الْبرد فَقَط.
والرائحة الْمُنكرَة تكون من العفن.
وَإِن تغير اللَّوْن وَصَارَ كالزيت فانه يدل على ذوبان الْأَعْضَاء.
والقشارات الْجِيَاد فِي أَبْوَال الْجِيَاد على قدر علوها تنقص جودتها.
وَالْبَوْل الْأَبْيَض اللَّطِيف والكدر يدل دَائِما على فجاجة.
وَأما الَّذِي فِيهِ مثل جشيش الْحِنْطَة والصفائحي والنخالي وَالْأسود والأسمانجوني والأخضر والمنتن فقاتلة.
وَأما الناري والأشقر الرقيقان اللطيفان فيدلان على نضج متوسط وَنعم مَا قَالَ أبقراط: إِن الأبوال الْبيض فجة رَدِيئَة وَذَلِكَ أَن الصَّبْغ إِنَّمَا يكون من توليد الدَّم والمرة فَإِذا كَانَت الطبيعة قَالَ: فان كَانَت الْعلَّة مَعَ ضعف من الطبيعة سليمَة احْتَاجَت إِلَى زمن طَوِيل للهضم فان كَانَ الْمَرَض رديئاً هَلَكت سَرِيعا.
(5/265)
قَالَ: الثفل الطبيعي للَّذين يكثرون الْغذَاء ويقلون الْحَرَكَة وَبِالْجُمْلَةِ الَّذين قد مَال مزاجهم إِلَى البلغم وَيجب أَن يُوجد أَسْفَل وَأما الَّذين يستعملون الْغذَاء أقل من هَؤُلَاءِ وَالْحَرَكَة أَكثر ومزاجهم أحر فَفِي أَعلَى من ذَلِك الْموضع.
وَأما القشارة الْخَارِجَة عَن الطبيعة فانه لَيْسَ يَفْعَله إِلَّا الَّذِي يكون إِلَيْهِ سيلان ذَلِك الْخَلْط المولد للمرض بالطبع يكون فَسَاده وبقدر مخالفتها لذَلِك الْخَلْط فِي الْمَكَان يكون صَلَاحه فان الْأَمْرَاض السوداوية والبلغمية إِذا رسبت قشارها كَانَت أردأ. وَإِن علت كَانَت أَجود لِأَنَّهُ يدل على أَن الطبيعة قد أحالتها بعض الإحالة فَأَما فِي الْأَمْرَاض الصفراوية فبقدر مَا تميل القشارة إِلَى الْعُلُوّ يكون رداءته وبالضد.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأَبْيَض يدل إِمَّا على ضعف الْقُوَّة وَإِمَّا على السدد وَإِمَّا على الصعُود الْمرة نَحْو)
الرَّأْس.
وَإِذا رَأَيْت فِي حمى محرقة بولاً أَبيض فَأَنْذر أَن صَاحبهَا سيختلط وَإِذا اخْتَلَط وَالْبَوْل أَبيض رَقِيق فانه سيموت لِأَن الدِّمَاغ لَا يصابر الصَّفْرَاء مُدَّة طَوِيلَة.
الْبَوْل الْأسود فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على هَلَاك وخاصة إِن كَانَ منتناً وَكَانَ فِيهِ رسوب أسود ومحال أَن يسلم صَاحبه.
وَإِذا تقدم الْبَوْل الْأسود بَوْل أَخْضَر أَو لون السَّمَاء فانه عَن برد فان تقدمه الْأَشْقَر فانه من حرارة كَثِيرَة.
وَقد يكون الْأسود فِي انحطاط الرّبع وأوجاع الطحال.
الْبَوْل الصَّحِيح الْقَرِيب من الشقرة المعتدل القوام الَّذِي لَهُ قشار معتدل الكمية أَبيض أملس مستو.
والقشار فِي أَبْوَال النِّسَاء أَكثر ولونه أَبيض بالطبع وقشار الصّبيان أَكثر وَلَيْسَ مستجمعاً مُنْضَمًّا وَلَا أملس.
الأبوال الحميدة تظهر فِيهَا أَولا سَحَابَة ثمَّ تعلق ثمَّ رسوب.
وَأما الْمَرَض الْفَج فانك ترى فِي أَوله قشارا كَثِيرَة راسبة غير منضم وَلَا أملس لَكِن كالخلط الخام ثمَّ يقبل يَنْضَم ويرتفع حَتَّى يصير فِي الْوسط ثمَّ يصير فِي الْعُلُوّ إِذا نضج نضجاً شَدِيدا فَيصير سَحَابَة. وتضر هَذِه السحابة الْجُهَّال لأَنهم يتوهمون أَن الْمَرَض متزيد وَلَا يَدْرُونَ أَنه إِنَّمَا كَانَ عَن رسوب فج.
الْبَوْل الدهني إِذا خرج دفْعَة وَهُوَ كثير ويحس مَعَه بحرارة مفرطة فانه يخرج من الكلى لِأَن شحمها يذوب فان خَالف فَمن جَمِيع الْبدن.
مغنس: الرسوب الْجيد بثفله يدل على غَايَة النضج لِأَن الرّيح قد فارقته وبياضه على غَايَة التَّشَبُّه بالأعضاء الْأَصْلِيَّة
(5/266)
والملاسه ورسوبه دَلِيل على غَايَة الْبعد من الشَّرّ واستواؤه فِي الْأَيَّام يدل على أَن الطبيعة قَوِيَّة على دفع الْأَذَى. وبقدر مَا ينقص من هَذِه ينقص من جودته وبقدر كَمَاله وَكَمَال هَذِه فِيهِ تكون جودته.
لي وَالْبَيَاض أقوى ثمَّ الْمَكَان ثمَّ الملاسة ثمَّ الاسْتوَاء فِي الْأَيَّام فعلى قدر تركيب هَذِه تكون جودته لِأَن العطب وَالْبَيَاض هُوَ الشبيه بِالْمَاءِ وبالأعضاء الْأَصْلِيَّة ثمَّ بعده الْمَكَان فِي)
القارورة لِأَن ذَلِك يدل على مِقْدَار قبُوله للنضج بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ ملاسته لِأَن الملاسة من جنس الرسوب فِي الْمَكَان والخشونة من جنس الانتشار والعلو عَن الاسْتوَاء لِأَنَّهُ إِن لم يكن أملس وَلَا راسباً فان لَا يكون على هَذَا الْمِثَال مستوياً خير لِأَن ذَلِك يدل على الرداءة أقل.
فعلى هَذَا فَأخْرج المركبات على هَذَا الْمِثَال الغليظ الَّذِي يتَمَيَّز من الْبَوْل أجوده الْأَبْيَض الراسب الأملس المستوي فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض ثمَّ الَّذِي يعْدم الاسْتوَاء ثمَّ الملاسة ثمَّ الرسوب.
وَيجب أَن تعلم أَن عدم الاسْتوَاء فِي أَيَّام إِذا عَدمه أَيَّامًا كَثِيرَة قوي الرداءة جدا وَإِن كَانَ يَسْتَوِي أَيَّامًا وَيخْتَلف يَوْمًا وَاحِدًا فَهُوَ أقل رداءة وخاصة إِن كَانَ لَهُ سَبَب مَعْلُوم وَإِن كَانَ متفاوتاً فعلى قدر ذَلِك.
والتميزات الرَّديئَة كالأسود والأخضر فأيسرها الَّتِي هِيَ نصفه أَجود الْأَبْيَض أَعنِي الراسب الأملس المستوي فِي جَمِيع الْأَيَّام فَأَما الرسوب الْمُتَوَسّط كالأحمر والأصفر فَيجب أَن تنظر فِيهِ.
قَالَ: اللَّوْن الرصاصي يدل على موت الْقُوَّة وَبرد وَالْأسود إِن تقدمه الرصاصي فَهُوَ دَال على الْبرد وَإِن تقدمه الْأَصْفَر فعلى الْحر.
لي اسْتدلَّ على قُوَّة الرسوب الَّذِي هُوَ من الهضم فانه يُخَالف الْقَيْح فانه لَيْسَ بمنتن والخام بِأَن لَهُ شفاً ولطافة فِي المنظر وبالإضافة إِلَيْهِ.
وصقال الرواسب الَّتِي كحب الكرسنة تكون من ذوبان اللَّحْم أَعنِي لحم جَمِيع الْبدن وَتَكون من الكلى ويفصل بَينهمَا أَنه إِن كَانَ من جَمِيع الْبدن فان تقدمه حمى حادة فَهُوَ من جَمِيع الْبدن وَإِلَّا فَمن الكلى وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك نياً غير نضيج فَلَيْسَ هُوَ من الكلى لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون الكلى عليلة وَالْبَوْل نضيجاً.
والصفائحي أَيْضا كَذَلِك إِن كَانَ مَعَ الْحمى فَهُوَ من الْجَسَد كُله وَإِلَّا فَمن المثانة.
وَإِن كَانَ مَعَ الثفل الصفائحي حمى فانه يدل على جرب فِي الْعُرُوق كلهَا وَإِلَّا فعلى المثانة.
(5/267)
والنخالي يدل على أَن الْحمى قد بلغت إِلَى غور الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَهِي أعمق من الصفائح وأصغر. إِذا كَانَت هَذِه أَيْضا مَعَ حمى فَهُوَ انحلال الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِلَّا فَمن المثانة. وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْبَوْل نضيجاً فالعلة فِي المثانة فَقَط على مَا بَينا فِي الكلى.
والسويقية مثل النخالية إِلَّا أَنَّهَا أكبر وَيدل إِمَّا على احتراق الدَّم وَإِمَّا على انحلال شَدِيد فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِن كَانَت حمى فان الْحمى على الاحتراق فِي الدَّم.)
قَالَ: وَأما الْبَوْل المنتن فَيدل على عفن وَمَوْت من الطبيعة.
من كتاب أَحْمد بن الطّيب قَالَ: الرسوب الخشن يدل على أَن فِي الْعُرُوق بَقِيَّة لم تنضج وبالضد.
وَإِذا كَانَ الثفل يصعد من أَسْفَل إِلَى فَوق فانه ينذر بطول من الْعلَّة وَإِذا كَانَ ينحط من فَوق إِلَى أَسْفَل ينذر بِسُرْعَة الِافْتِرَاق.
وَمَتى كَانَت العطب والسحابة فِي وسط القارورة وضوءها يَمْتَد إِلَى فَوق حِينَئِذٍ خبيثة وَمَتى امْتَدَّ ضوءها إِلَى أَسْفَل فَهِيَ سليمَة.
وَإِذا كَانَت طافية وضوءها يَمْتَد سفلاً فقد يُمكن أَن الْعلَّة قد قهرت الطبيعة.
وَإِذا أَحْبَبْت النّظر إِلَى السحابة فاستر أحد جَنْبي القارورة عَن الضَّوْء فانه أَحْرَى أَلا يخفى قَالَ: بَوْل الرجل إِذا حركته كدر وَأخذ الكدر يصعد إِلَى فَوق وَبَوْل النِّسَاء فِيهِ رقة لَا يتكدر إِذا حركته وعَلى رَأسه زبد مستدير.
قَالَ: وَإِذا كَانَ فِي القارورة شبه خيوط مختلطة بَعْضهَا بِبَعْض فقد بيل على إِثْر جماع.
وَإِن كَانَ بَوْل الْمَرْأَة صافياً فِيهِ وفوقه ضباب فَهِيَ حُبْلَى وَإِن كَانَ الضباب يشبه الزرقة فَهُوَ أول الْحَبل وَإِن كَانَ أَحْمَر فآخره. وَأَيْضًا فان حركته فتكدر فَهُوَ آخر الْحَبل وَإِن لم يتكدر فأوله.
قَالَ: بَوْل الحبلى أصفر فِيهِ زرقة وَكَأن فِي وسط القارورة قطناً منفوشاً.
بَوْل الْحمير كالسمن الذائب.
بَوْل الدَّوَابّ أصفى من بَوْل الْحمير وَكَأن مَاء القارورة نِصْفَانِ أَعْلَاهُ صَاف وأسفله كدر.
بَوْل الْغنم أَبيض فِي صفرَة لَهُ ثفل أَسْفَل بِمَنْزِلَة الدّهن.
بَوْل الغزال يشبه أَبْوَال النَّاس وَلكنه شَيْء مصمت فِي القارورة.
يغالط الْبَوْل بالسكنجبين وَمَاء الْعَسَل وَمَاء الزَّعْفَرَان وَمَاء التِّين وَبَوْل الْغنم والظباء.
أما السكنجبين فَكلما قربت مِنْهُ ازْدَادَ صفاءً وَإِذا باعدته كدرا. وَالْبَوْل بِالْخِلَافِ إِذا باعدته صفا وَإِذا قربته كدر.
(5/268)
وَإِمَّا مَاء الْعَسَل فزبده أصفر بلونه وزبد الْبَوْل ابيض.
وَإِمَّا مَاء التِّين فثفله راسب فِي جَانب لَازم كتراب طيب فِي مَاء وثفل الْبَوْل فِي الْوسط يَجِيء وَيذْهب ويتحرك فِيهِ.)
إِذا رَأَيْت المَاء أصفر إِلَى الْحمرَة فِيهِ سَحَابَة مضطربة وثفل متحرك متفرق فَهُوَ بَوْل لَا محَالة بَوْل الْأَطْفَال لَا ينظر إِلَيْهِ لِأَن الهضم مِنْهُم لم يتم ويكمل فَلَا يتَبَيَّن فيهم النضج وَلَا فجاجة الْبَتَّةَ لكنه مشتبه.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي حمى الغب غليظاً قَلِيل الصُّفْرَة مختلطاً كدراً طَال أمرهَا.
إِذا كَانَ بَوْل صَاحب الْحمى الدموية أَحْمَر غليظ كدر تركته بِسُرْعَة وَإِذا كَانَ قَلِيل الْحمرَة كدراً طَال ذَلِك.
وَبَوْل صَاحب حمى الرّبع مَتى كَانَ إِلَى الزرقة والصفاء طَال ذَلِك وَإِن احمر ورق أسْرع.
بَوْل الْحمى البلغمية مَتى كَانَ أَبيض كدراً طَالَتْ وَإِن كَانَ أصفر رَقِيقا أسرعت.
وَإِذا كَانَ فِي بَوْل صَاحب حمى يَوْم كدر فِي وسط القارورة فعلى حسب لون ذَلِك الكدر تنْتَقل حماه إِلَى العفونة أَعنِي عفونة ذَلِك الْخَلْط فان كَانَ إِلَى الْحمرَة انْتقل إِلَى حمى الدَّم.
أَيُّوب الأبرش قَالَ: يحدث الْبَوْل الْأَحْمَر من البلغم إِذا كَانَ مِنْهُ سدد فِي الكبد ويعرض ذَلِك فِي الْحمى النائبة كل يَوْم كثيرا وَيفرق بَينه وَبَين الْأَحْمَر الْحَادِث عَن الدَّم والصفراء: العطب وَإنَّك مَتى رَأَيْت الْبَوْل الْأَحْمَر أملس مستوياً يلمع صافياً جدا فَأعْلم أَن الْفَاعِل لَهُ البلغم لِأَن اللمعان والملاسة واستواء الْأَجْزَاء المائية من البلغم وَقد بَينا ذَلِك فِي المرضى كم مرّة. وَإِذا كَانَ سَبَب حُدُوث اللَّوْن الْأَحْمَر والصفراء فانك لَا تَجِد فِي الْبَوْل اسْتِوَاء وَلَا ملاسة وَلَا لمعاً وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَارَة تخلخل أَجزَاء الرُّطُوبَة بَعْضهَا من بعض.
قَالَ: وَقد يكون لون الْبَوْل أَبيض عَن الْحَرَارَة وَحِينَئِذٍ ترَاهُ صافياً ولطيفاً جدا وَالْبَيَاض نَفسه لَيْسَ بصاف وَلَا نقي.
قَالَ: وَإِذا كَانَ سَبَب اللَّوْن الْأسود السَّوْدَاء رَأَيْت القوام صافياً لطيفاً واللون عميقاً جدا كثيفاً وَإِن كَانَت فِيهِ حرارة فانه يكون أَكثر غلظاً والاستواء فِيهِ أقل واللون فِي نَفسه لَيْسَ بصاف وَلَا عميق. وَمَتى كَانَ حُدُوث السوَاد بِسَبَب البلغم فان القوام يكون أملس مستوياً غليظاً واللون لَا يكون عميقاً وَلَا صافياً.
مَحل الرسوب من الهضم الَّذِي فِي الْعُرُوق مَحل البرَاز من هضم الْبَطن.
قَالَ: الأبوال الزيتية خَاصَّة لأَصْحَاب الدق لِأَن الدق مذيبة وَالْآخر ذبول وَالْآخر تفتت.
الأبوال الزيتية ثَلَاثَة أَنْوَاع: إِذا حدث شَيْء عنكبوتي عَن الْبَوْل لم يستحكم بِهِ السل بعد
(5/269)
وَقد)
بَدَأَ الشَّحْم يذوب وَهُوَ عَلامَة الدق وَأما الَّذِي يشبه الزَّيْت فِي المنظر فَيكون حِين تكون الرُّطُوبَة المائية قد فنيت من جَوْهَر الْأَعْضَاء وأفنت الْحَرَارَة وَهَذِه عَلامَة الذبول. وَإِذا حدثت الأثفال الكرسنية والنخالية فقد أخذت الْحَرَارَة تبدد نفس جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَهَذِه عَلَامَات التفتت.
قَالَ: وَذَلِكَ يكون خَارِجا عيَانًا فان النَّار فِي أول الْأَمر تذيب وتفني مائية اللَّحْم ثمَّ دهنيته ثمَّ جوهره نَفسه وَإِذا أخذت تبدد نفس جَوْهَر اللَّحْم قطعته قطعا كَثِيرَة لِأَن لَيْسَ من شَأْنه أَن يَنْقَسِم إِلَى أَجزَاء لَطِيفَة كَالْمَاءِ والدهن يَعْنِي رُطُوبَة الْبدن وشحمه هَذِه الْأَجْزَاء إِذا ذَابَتْ حروفها لِأَنَّهَا أَضْعَف حَتَّى تصير مستديرة.
والثفل الكرسني يكون من تفتت اللَّحْم.
وَأما النخالي فَمَتَى أخذت بعد ذَلِك تعْمل فِي جَوَاهِر الْأَعْضَاء الَّتِي كَانَت من المنى أَعنِي الْعُرُوق وَغَيرهَا مِمَّا هُوَ من نَحْوهَا وعملها مِنْهَا فِي غور هَذَا بعد ذَلِك وَأول عَملهَا فِي هَذِه: يقطع من سطوحها أَجزَاء كالنخالة فَإِذا دَامَ ذَلِك وقويت قطعت مِنْهَا فِي غورها بعد أَجزَاء أعظم وَهِي الصفائحية وَنَحْو هَذِه الْأَفْعَال تخرج من المثانة والكلى إِلَّا أَنه لَا يكون قد تقدمها حمى حادة ومحرقة.
فِي الرَّائِحَة قَالَ: الْبَوْل الحريف الرَّائِحَة يكون إِذا أحرقت الصَّفْرَاء رُطُوبَة الْبَوْل وَذَلِكَ يعرض وَأما الرَّائِحَة الحامضة فَتحدث من كَثْرَة رُطُوبَة غير منهضمة وَقلة حرارة.
وَأما الحماسة الرَّائِحَة فَتحدث من عفونة كَثِيرَة فِي الْبدن كَمَا تحدث فِي الْحمى إِذا أَقَامَت مُدَّة أَو لاحتباس العطب وَالْبَوْل مُدَّة طَوِيلَة كَمَا يحدث فِي عسر الْبَوْل.
والمرارة تحدث من غَلَبَة الْحر واليبس وَشدَّة الاحتراق عَلَيْهِ.
وَأما الملوحة فَمن احتراق دون ذَلِك.
وَأما الحرافة فَإِنَّهَا تحدث لاحتراق أَشد من المرارة وألطف.
وَأما الحامض فلضعف الْحَرَارَة وَكَثْرَة الرُّطُوبَة. والحلاوة عَن اعْتِدَال والمائي يحدث عَن كَثْرَة رُطُوبَة.
لي يجب أَن تعلم أَن الْبَوْل الصَّحِيح لَا يكون حلوا فَلَيْسَ لذَلِك ألف معنى لَكِن انْظُر مَا الطّعْم الْخَاص بالبول الصَّحِيح وَاجعَل الْقيَاس مِنْهُ.)
والقوام المعتدل دَلِيل على حسن انهضام الكيلوس فِي الْمعدة.
لي ينظر فِي هَذَا فان الْبَوْل عِنْدِي لَا يدل على شَيْء من الْمعدة.
قَالَ: اللَّوْن الأترجي يدل على هضم فَاضل فِي الكبد فَأَما الْأَشْقَر والأحمر والقاني وَالْأسود وَنَحْو ذَلِك فدليل على ضد ذَلِك.
(5/270)
وَأما القفل فَيدل على حَال الهضم فِي الْعُرُوق واستقراره أَسْفَل وملاسته وبياضه يدلان على هضم فَاضل وتوسطه فِي الْإِنَاء على أقل من ذَلِك وعلوه على مَا أقل.
قَالَ: وَيحدث رقة المَاء من الهضم الرَّدِيء فِي الْمعدة لِأَنَّهُ يدل على أَن الكيلوس كَانَ رَقِيقا وغلظه وكدرته أَيْضا من رداءة الهضم فِيهَا ونفوذه إِلَى الكبد قبل جودة طبخه وانحداره كَالْمَاءِ الْمَضْرُوب بالرقيق واعتداله على اعْتِدَال الْأَمر هُنَاكَ.
وَقد يحدث الْبَوْل الغليظ من أجل الكلى وَالرحم. وَالْفرق بَينهمَا أَن الغلظ الْحَادِث عَن كيلوس الْمعدة مستوي الْأَجْزَاء متشابها والحادث عَن هَذِه بِخِلَاف ذَلِك.
قَالَ: وَيفرق بَين الرسوب الَّذِي هُوَ فضلَة غذَاء الْعُرُوق وَبَين الخام والمدة بِالنّظرِ والرائحة فانك مَتى رَأَيْت الثفل إِذا حرك لَا ينبسط فِي الرُّطُوبَة انبساطاً كَامِلا. لَكِن يتفرق فِيهِ ويصعد وَينزل فالرسوب خلط ني والثفل الطبيعي أملس سَاطِع الْبيَاض وَإِذا حرك لم يسْرع النُّزُول وَأما الْمدَّة فانه تكون مَعهَا أورام أَو ريح مُنْتِنَة والثفل الطبيعي رَائِحَته حادة من أجل الهضم والخلط الَّتِي لَا رَائِحَة لَهُ والمدة لَهَا رَائِحَة قبيحة.
وَأما الألوان فَأَرْبَعَة: الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر والأشقر بَينهمَا وَمن امتزاج هَذِه يحدث ألوان فَالَّذِي يحدث أَبيض كثير وأحمر قَلِيل فَهُوَ ني والأخضر يحدث من تركيب الْأسود.
وَأما تغير الْبَوْل من لون إِلَى لون وَمن قوام إِلَى قوام أَو غير ذَلِك فَيدل على صِحَة أَو مرض.
الْبَوْل الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ سَحَابَة مرية زبدية دَال على العطب فِي الْأَمْرَاض الحادة وَإِن أَتَى مَعَ ذَلِك دم من المنخزين فانه دَال على الْهَلَاك لِأَنَّهُ يدل على أَن السَّبَب كَانَ صفراء وَأَن الدَّم لم يسل من هيجانه لَكِن من سُقُوط الْقُوَّة.
الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق فِي الْأَمْرَاض الحادة يجب أَن يتَقَدَّم فينذر باختلاط فَإِذا حدث فان دَامَ على ذَلِك فَيَمُوت وَالْعلَّة مَا ذَكرْنَاهُ فِي ارسانس.
قَالَ: وَإِن حدث هَذَا الْبَوْل مَعَ ذَات الْجنب العطب وودام فأنذره باختلاط وَإِن حدث)
مَعَه عرق وسيلان دم انْحَلَّت الْعلَّة.
الْبَوْل الْأَبْيَض وَالْأسود فِي الْمَرَض الحاد مَعَ تلهب وَقلة الْعقل واختلاط مَعَ قلَّة الطَّعَام وذوبان نفس وَضعف دلّ على الْمَوْت لِأَن دَلَائِل الْهَلَاك مجتمعة.
فِي الْحمى البلغمية الْبَوْل اللَّطِيف دَال على السدد الفاعلة لَهَا البلغم.
الْبَوْل الْأَبْيَض اللَّطِيف الَّذِي يبال على هَذِه الْحَال زَمَانا كثيرا مَعَ صِحَة الْبدن وَلَا يتَغَيَّر إِلَى الغلظ يدل على أَنه سيحدث عِلّة فِي الكلى أَو ورم أَو بثور أَو خراج فِي الْجَسَد.
(5/271)
وَالْبَوْل الْأَحْمَر جدا مَعَ صِحَة فِي الْبدن يدل على أَن الْبدن ينْحل عَن قريب ويذوب وَإِن كَانَ الْبَوْل أَحْمَر غليظاً وَبَقِي على ذَلِك مَعَ ثفل فِي الرَّأْس والجسد فانه ينذر برطوبة هُوَ ذَا تعفن وستحدث حمى.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ الَّذِي يبال قَلِيلا قَلِيلا فِي الْأَمْرَاض الحادة فِي ابتدائها مَعَ رَائِحَة رَدِيئَة تدل على التَّهْلُكَة لِأَن الْحمرَة تدل على حرارة كَثِيرَة والغلظ على اضْطِرَاب شَدِيد والقليل على ضعف الْقُوَّة وَالنَّتن على شدَّة عفونة تِلْكَ الأخلاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر رَدِيء فِي أوجاع الكلى وأوجاع الرَّأْس لِأَنَّهُ فِي أوجاع الكلى يدل فِي الأكثرة على ورم حَار فيهمَا وَهَذَا أردأ لِأَنَّهُ رُبمَا نضج وتقيح وَأما مَعَ مرض الرَّأْس فَلِأَنَّهُ يخَاف أَن يحدث اخْتِلَاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الَّذِي فِيهِ رسوب كثير فِي الحميات الحادة وَالَّتِي لَهَا نَوَائِب مضطربة تدل على انحلال علته وَإِن لطف فِي ابْتِدَاء يدل على عودة الْمَرَض. وَذَلِكَ لِأَن هَذَا الْبَوْل يدل على استفراغ الْخَلْط الْمُحدث للحميات. فان لطف دلّ على أَن الْخَلْط لَيْسَ يستفرغ وَعند ذَلِك لَا بُد أَن تعطف الطبيعة بحمى أُخْرَى ليكمل استفراغ ذَلِك الْخَلْط.
الْبَوْل الَّذِي لَونه لون الدَّم الصافي فِي الْأَمْرَاض الحادة دَال على موت فَجْأَة وَذَلِكَ أَن كَون الدَّم الصافي يدل على حِدة الدَّم وَأَن ذَلِك سيرقى إِلَى الرَّأْس فَيحدث بطلَان الحركات النفسية أَو الْبَوْل الْأَحْمَر الَّذِي يبال فِي الحميات الحادة عَن التَّعَب المتنقل من اللطافة إِلَى الغلظ الَّذِي لَيْسَ لَهُ ثفل راسب مَعَ وجع فِي الرَّأْس ينذر بطول الْمَرَض وسلامته وَذَلِكَ أَن انْتِقَال اللطافة إِلَى الغلظ يدل على الهضم وَعدم الرسوب يدل على أَن الهضم لَيْسَ بكامل بعد فَيحْتَاج إِلَى مُدَّة لذَلِك وَأما البحران بالعرق فَلِأَن السَّبَب كَانَ تَعب الْجَسَد كُله فَذَلِك يكون أسْرع من الْجَسَد كُله.)
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الْقَلِيل مَعَ الاسْتِسْقَاء يدل على الْخطر وضده على خير لِأَن شدَّة الْحمرَة تدل على أَن الكبد ألمة جدا. وقلته تدل على أَن الْبَوْل لَا يستفرغ. لَكِن يصير إِلَى مجمع المَاء.
الْبَوْل الْأَحْمَر الْكثير الغليظ الشبيه بالدردى فِي عِلّة اليرقان يدل على أَن الْخَلْط الْفَاعِل لِلْعِلَّةِ هُوَ ذَا يستفرغ العطب وَأَن الكبد تنقى والسدد تنفتح.
الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق الْقَلِيل الْفَاضِل الَّذِي يبْقى على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة فِي عِلّة اليرقان ينذر بالاستسقاء لِأَن الكبد لَيست تنقى من الْخَلْط وتزداد ضعفا وَالْبَوْل لَيْسَ يخرج.
الْبَوْل الْأَحْمَر الصافي وَالْأسود اللَّطِيف الَّذِي فِيهِ ثفل يسير فِي علل الطحال رَدِيء لِأَن الْحمرَة والسواد فِي هَذِه الْحَالة يدلان على حرارة واحتراق وَضعف. واللطافة على السدد هُوَ دونه.
(5/272)
إِذا بيل دم غير خَالص فَجْأَة دلّ على أَن عرق قد انصدع فِي الكلى لِأَن المثانة لَيْسَ فِيهَا عرق قدره أَن يغزر الدَّم وَلَو كَانَ من فَوق لَكَانَ لَا يكون فَجْأَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا وَهَاتَانِ الخلتان بَوْل اليرقان أَحْمَر وأشقر زبده منصبغ ويصبغ الثِّيَاب بلونه.
مَتى حدث بعد التَّعَب الشَّديد بَوْل أسود أَو زنجاري فانه ينذر بتشنج يكون وَذَلِكَ أَن اللَّوْن الزنجاري يكون عِنْد فنَاء أَكثر الرطوبات بالتعب من الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة والحرارة مَعَ ذَلِك لَيست كَثِيرَة وَالْأسود يدل على أَن الْحَرَارَة كَثِيرَة جدا واليبس قوي فِي الأعصاب.
الْأسود الَّذِي فِيهِ ثفل مُتَعَلق وَله رَائِحَة حادة وقوام لطيف فِي الْمَرَض الحاد يُؤذن بوجع الرَّأْس واختلاط الَّذِي فِيهِ وَيدل على الْأَكْثَر أَنه سيسيل دم محترق من الْأنف أَو على عرق كثير وَذَلِكَ أَن الْمُتَعَلّق الْأسود يدل على التهاب فان كَانَ هَذَا التلهب مَعَ الدَّم فالدم حَار يَعْلُو وَلَا يحْتَمل الرَّأْس تِلْكَ الْحَرَارَة فَيكون رُعَاف وَإِن كَانَت هَذِه الحدة من صفراء فَإِنَّهَا تصير إِلَى سطح الْجَسَد لخفتها فَيحدث بحدوثها اقشعرار.
الْبَوْل الْأسود اللَّطِيف الَّذِي فِيهِ مُتَعَلق لَا نظام لَهُ مَعَ سهر وصمم فِي الحميات المحرقة يدل على سيلان الدَّم من الْأنف لِأَنَّهُ يدل على أَن الْخَلْط الْحَار صاعد نَحْو الرَّأْس والطبيعة تستفرغه من هُنَاكَ. والحميات المحرقة سَببهَا الدَّم وَإِنَّمَا يكون أسود لِكَثْرَة عمل الْحمى المحرقة فِي تبريد الرُّطُوبَة.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ مُتَعَلق مستدير مُجْتَمع وَلَيْسَت لَهُ رَائِحَة حريفة مَعَ امتداد لَا من الْجَانِبَيْنِ الْبَوْل الَّذِي قوامه غير مستو ولونه أَحْمَر يدل على تَعب ونقصان الْبدن وَذَلِكَ أَن التَّعَب يفني)
الرُّطُوبَة فَتحدث لَهُ رداءة الاسْتوَاء فتهيج الْحَرَارَة فيحمر الْبَوْل ولهذين ينقص الْبدن.
الْبَوْل الَّذِي لَهُ قوام رطب جدا أَكثر من الطبيعي مَعَ قلَّة شَهْوَة الطَّعَام وَثقل يدل على أَن الْبدن هُوَ ذَا يستفرغ بِهِ استفراغاً حميدا لِأَن الثّقل وَقُوَّة الشَّهْوَة يدلان على امتلاء وَرطوبة.
وَالْبَوْل فَوق الْقدر يدل على أَنه هُوَ ذَا يستفرغ من الْبدن رُطُوبَة.
الْبَوْل اللَّطِيف الْغَيْر المنهضم فِي ابْتِدَاء الْمَرَض لَيْسَ يُمكن وَفِي صُعُوده اكثر يُمكن وَفِي انتهائه كَذَلِك وَأما فِي الانحطاط فَيدل على طول الْمَرَض لِأَنَّهُ يدل على غَايَة ضعف الْقُوَّة ورداءة الكيموس.
لي أما فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تُوجد الْأَزْمَان فِيهَا العطب وَمن النضج فِي الْبَوْل فان هَذَا محَال أَو فِي غَيرهَا لَا يدل الْبَوْل على شَيْء لِأَن مادام الْبَوْل نياً فَلَيْسَ فِي هَذَا انحطاط الْبَتَّةَ.
الْبَوْل اللَّطِيف الَّذِي فِيهِ تعلق أَحْمَر يمِيل إِلَى فَوق فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على ذهَاب الْعقل وَإِن بَقِي كَذَلِك دلّ على العطب. فَإِن انْتَقَلت اللطافة يَعْنِي الرقة إِلَى الغلظ
(5/273)
والرسوب إِلَى الْبيَاض وَالنُّزُول تخلص وَذَلِكَ أَن الْمُتَعَلّق الْأَحْمَر المائل إِلَى فَوق يدل على حِدة وحرافة لِأَنَّهَا تدل فِي الْغَايَة على ميلها نَحْو أعالي الْبدن فتؤذي بذلك الدِّمَاغ فَإِن ابيض وسفل فقد إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات الحادة أَولا أشقر لطيفاً ثمَّ اسْتَحَالَ إِلَى الغلظ وَالْبَيَاض يَعْنِي بالغلظ التثور وَبَقِي متعكراً شَبِيها بأبوال الْحمير ويبوله على غير إِرَادَة وَكَانَ مَعَه سهر وقلق يدل على امتداد فِي الْجَانِبَيْنِ وَالْمَوْت لِأَن كَونه فِي أول الْأَمر لطيفاً ينذر بالحرارة وتكدر بعد وبياضه يدل على صعوبة الْعلَّة وَكَثْرَة اضطرابه وبوله على غير إِرَادَة يدل على ضعف الدِّمَاغ وَضعف الأعصاب وَلِأَن الْعلَّة حادة وَلِأَنَّهَا منهوكة بالحرارة فَلذَلِك يكون تمدد لِأَن الْحَرَارَة تجففها وَهَذِه مميتة.
الْبَوْل اللَّطِيف الْأسود الَّذِي يبال قَلِيلا قَلِيلا وَفِي زمن طَوِيل فِي الحميات الحادة مَعَ وجع الرَّأْس والرقبة يدل على ذهَاب الْعقل لكنه قَلِيلا قَلِيلا يدل على أَن الْخَلْط الْفَاعِل هُوَ ذَا يستفرغ وَهُوَ فِي بَوْل النِّسَاء أسلم لِأَن استفراغهن بمجاري الْبَوْل أَكثر من الرِّجَال.
الْبَوْل الَّذِي يبْقى بعد البحران زَمَانا طَويلا لطيفاً يدل على الْأَكْثَر على عوده لِأَنَّهُ يدل على أَن البحران كَانَ قبل النضج وَلذَلِك ثمَّ من الْعلَّة بَقِيَّة تهيج عَنهُ.
الْبَوْل الغليظ الدَّائِم على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة مَعَ رمل راسب وَثقل فِي الخاصرة والعانة يدل على)
حَصَاة مزمعة أَن تكون فان كَانَ الثّقل يُوجد فِي الخاصرة والساقين دلّ على حَصَاة تحدث فِي الكلى وَإِن كَانَ يُوجد فِي الْعَانَة فَفِي المثانة.
الْبَوْل العكر فِي الصعُود فِي الحميات يدل على التّلف لِأَن العكر والتثور يدلان على صعوبة الْعلَّة وَإِذا كَانَ فِي وَقت مُنْتَهى الْعلَّة صعباً فانه سيقهر الطبيعة.
الْبَوْل الغليظ يَعْنِي الكدر فِي ابْتِدَاء الْمَرَض مَتى صفا فِي ابْتِدَاء البحران رَدِيء وَذَلِكَ أَن صفاءه لَيْسَ على تنقية لَكِن لرسوب أخلاط فِي الْبدن وَيكون بهَا عودات. الْبَوْل الغليظ الْكثير فِي عِلّة الفالج يحل الْمَرَض لِأَن هَذَا يستفرغ الخام.
الْبَوْل الغليظ الْغَيْر المستوي مَعَ حمى ووجع الطحال يدل على خير وَذَلِكَ أَن الْحَرَارَة هُوَ ذَا تحلل الْفضل الغليظ من الطحال وتستفرغ بالبول فَأَما أَنه غير مستو فَلِأَن ذَلِك على قدر مَا تهبأ من فعل الْحَرَارَة فِي تِلْكَ الْمَادَّة الاسْتوَاء قد تقدمه هَهُنَا وَفِي جَمِيع قد قدمه ألف وَفِي جَمِيع العطب والمواضع الَّتِي تكون خَالِيَة فِي جَمِيع الْأَيَّام متشابهة.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل راسب نخالي أَو سويقي أَو صفائحي مَعَ حمى وألم فِي جَمِيع الْجِسْم يدل على الدق وَإِن كَانَ من غير حمى وَلَا ألم فِي جَمِيع الْبدن فَيدل على انه فِي المثانة.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل زيتي يدل على حَصَاة وَيقدر لَونه لون الْخَلْط الَّذِي تولد من فَضله فان كَانَ أَحْمَر فَمن فضلَة دموية.
(5/274)
الْبَوْل الْكثير الَّذِي يَجِيء زَمَانا طَويلا وَهُوَ غليظ ثخين ويخف عَلَيْهِ الْبدن يستفرغ من الْبدن الْبَوْل الْأَشْقَر الصافي يدل على غَلَبَة الصَّفْرَاء وَيحدث للأحداث والمستعملين للتعب وَالصَّوْم.
والسحابة الْحَمْرَاء تدل على طول الْمَرَض وسلامته وَأَن يكون سَحَابَة وَلَو حَمْرَاء فَهُوَ أقصر مُدَّة من أَلا تكون سَحَابَة الْبَتَّةَ. لي الأبوال الَّتِي يَنْبَغِي أَن تطلب فِيهَا سحابات هِيَ للمستعمل الْخَفْض وَكَثْرَة الْغذَاء بِأَن أَبْوَال اللطيفي التَّدْبِير جدا لَا يجب أَن تطلب فِيهَا السحابات.
الْبَوْل إِذا كَانَ أَكثر من الشَّرَاب إِن كَانَ مَعَه صِحَة أنذر بانحلالها وَإِن كَانَ فِي سل انذر بالذرب الشَّديد للبدن وَإِن كَانَ مَعَ امتلاء الْبدن أَو الْأَمْرَاض الإملائية فان الْبدن ينتقى وَينْتَفع.
الْبَوْل إِذا كَانَ اقل مِمَّا يشرب فِي الأصحاء إِمَّا أَن يجْتَمع فِي أبدانهم وَإِمَّا أَن تَنْطَلِق بطونهم أَو يعرقون فان لم يكن كَذَلِك وأبوالهم ضَعِيفَة فَيبقى فِي الْبدن وتتولد أخلاط مائية.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات الَّتِي فِيهَا يبس فِي اللِّسَان أَو عَلَيْهِ مثل الزنجار فِيهِ قطع مثل الدَّم)
المتعقد يدل على الْمَوْت لِأَن الزنجار على اللِّسَان يدل على حرارت حريفة. فان كَانَ الْبَوْل أسود مَعَ ذَلِك وَهُوَ يسير وَهَذِه قطع الدَّم إِنَّهَا تنحدر من الكبد لحرافة الأخلاط وتجمد لشدَّة الْحَرَارَة والسواد يدل على التهاب ألف. شَدِيد هَهُنَا الْبَوْل الدهني رُبمَا يدل على اخْتِلَاط عقل لِأَنَّهُ إِذا جففت رُطُوبَة الْبدن خفف الدِّمَاغ.
الْبَوْل الَّذِي يبال مرّة قَلِيلا وَمرَّة كَثِيرَة وَمرَّة يحتبس أصلا فِي الحميات الحادة يدل على عطب وَإِن كَانَت الحميات سليمَة دلّ على طول الْمَرَض لِأَنَّهُ فِي الرادءة يدل على شدَّة مُنَازعَة الطبيعة لِلْعِلَّةِ فَإِذا غلبت دفعت الْفضل بالبول وَإِذا غلبت لم تدفع فتحبس.
وَإِذا حدث اللَّوْن والأبيض بعد الْأَشْقَر فِي الحميات الحادة أنذر باختلاط لِأَنَّهُ يدل فِي الْأَبْيَض أَن الْحَرَارَة قد صعدت إِلَى الرَّأْس وَفِي الْأسود على شدَّة احتراق الْبدن.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل مُدَّة وَكَانَ مَعَ ذَلِك اقشعرار وغشاوة فِي الْبَصَر وعرق فِي الرَّأْس والرقبة يدل على امتداد الْجَانِبَيْنِ أَو يكون مزمعاً لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمدَّة لَيست تستفرغ أَسْفَل كلهَا لَكِنَّهَا تصعد مِنْهَا طَائِفَة مَعَ الأخلاط إِلَى الرَّأْس فتلصق بالدماغ وتجففه وَذَلِكَ يكون فِي الخراجات الْعَظِيمَة فِي ذَات الْجنب والمعدة كثيرا.
إِذا كَانَ مَعَ الامتداد بَوْل حرف الرَّائِحَة فانه مهلك لمن بِهِ عِلّة فِي الدِّمَاغ لِأَنَّهُ قد يدل على حرارة قَوِيَّة وعفن شَدِيد وَهَذَا مَعَ التشنج لَا برْء لَهُ.
(5/275)
الْبَوْل الأدكن والدموي العكر الْغَيْر المستوي فِي الْعلَّة ذَات الْجنب يدل على موت وَذَلِكَ أَن اللَّوْن الأدكن والدموي يدلان على تلهب شَدِيد والتلهب العطب والشديد يحدث خفقاناً شَدِيدا وَلَا يكون مَعَه مهلة للنضج فيألم الدِّمَاغ مَعَ الغشاء المستبطن للإضلاع فَيحدث لذَلِك الْمَوْت بإمساكه عَن النَّفس.
الْبَوْل الَّذِي يبال بتقطر فِي الحميات المحرقة السليمة يدل على ورم حَار جدا فِي الرَّأْس وسيلان الدَّم من الْأنف وَهَذَا رَدِيء فِي الحميات الحادة لِأَنَّهُ يحدث من الرَّأْس أَعنِي الدِّمَاغ ضَرُورَة فِي الْأَفْعَال الإرادية.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل بعد البحران سَحَابَة وَلم يكن رسوب أنذر بعودة لِأَنَّهُ يدل على بَقِيَّة لم تنضج.
الْبَوْل الَّذِي يتَغَيَّر دفْعَة من عَلَامَات محمودة إِلَى عَلَامَات مذمومة فِي الْأَمْرَاض الحادة دَال على)
الْمَوْت لِأَنَّهُ يدل على أَن الْقُوَّة قد ضعفت فِي الْغَايَة وَأَمْسَكت عَن المجاهدة.
الْبَوْل الدموي والقيحي وَالْأسود المنتن الكريه الَّذِي فِيهِ ثفل أَخْضَر أَو أسود أَو شَبيه الشّعْر يدل على العطب لِأَن هَذِه العلامات تدل على علل رَدِيئَة كَثِيرَة.
من الْكتاب المنحول إِلَى ج قَالَ: الْبَوْل الزيتي ثَلَاثَة أَنْوَاع: إِمَّا أَن يكون فَوْقه دسم وَإِمَّا أَن يكون فِي أَسْفَله ثفل دهني وَإِمَّا أَن يكون من أَوله إِلَى آخِره شَبيه بالزيت.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يشبه أَبْوَال الْحمير يَعْنِي المتثور بِأَيّ لون كَانَ يدل على فَسَاد أخلاط الْجَسَد.
قَالَ: السحابة السَّوْدَاء رَدِيئَة جدا وخاصة للنِّسَاء والشيوخ والأصفر وَالدَّسم رديئان أَيْضا.
وَقَالَ: بَوْل الأصحاء لَيْسَ فِيهِ ثفل إِن لم يكن إبطاء فِي الْإِنَاء طَويلا.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ وجع الرَّأْس وَثقل الْبدن دَلِيل على عفونة وامتلاء.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ مَعَ ضعف فِي الْمعدة وحكة فِي الْبدن يدل على كَثْرَة مرّة فِي الْبدن.
الْبَوْل المائي مَعَ وجع بالشراسيف يدل على رُطُوبَة زَائِدَة فِي الْبدن.
الْبَوْل الغليظ يحدث مَعَ وجع فِي القولنج وامتلاء الْبدن وَثقله.
من أدمن الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ صِحَة الْجِسْم فَإِنَّهَا سَتَكُون حَصَاة فِي المثانة.
وَكَذَلِكَ الغليظ إِذا أدمن فَإِنَّهَا سَتَكُون حَصَاة.
(5/276)
وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي بَدْء الْمَرَض الحاد نياً وَفِيه ثفل سويقي فان الْمَرِيض سيختلط عقله ويتشنج.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْمَرَض الحاد أقل من عَادَته أَو قَلِيلا جدا فَذَلِك رَدِيء.
وَإِذا لم يتَغَيَّر الْبَوْل الْبَتَّةَ فِي الْحمى فَذَلِك رَدِيء.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل يكثر فِي غير الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي أَن يكثر فِي الحميات وَله ثفل راسب كثير دلّ على كَثْرَة الْحَرَارَة فِي الْبدن وَضعف.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل قَلِيلا وَله ثفل ذُو ألوان كَثِيرَة فَذَلِك شَرّ وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مَعَ الْحمى زكام.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل لطيفاً مرياً فِي آخر الحميات فَفِي الكبد ورم ثَابت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل يتَغَيَّر كل يَوْم فَذَلِك رَدِيء. وَلَا سِيمَا إِن كَانَ فِي الْحجاب ورم.
(5/277)
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى اللهبة غليظاً العطب وقليلاً فَذَلِك رَدِيء وخاصة إِذا كَانَ الْبَطن مَعَ ذَلِك مُنْطَلقًا أَيْضا.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل أَحْمَر جدا قَلِيل الْمِقْدَار جدا أنذر بطول الْمَرَض.)
وَإِذا كثر الْبَوْل المائي عِنْد صعُود الْحمى دلّ على ورم يحدث فِي أَسْفَل الْبدن.
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى اللهبة قَلِيلا وَله ثفل أَحْمَر فالمريض يخَاف عَلَيْهِ.
وَإِذا دَامَ الْبَوْل الْأَبْيَض فِي الْحمى انْتَقَلت إِلَى الرّبع.
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى المحرقة كمد اللَّوْن فَذَلِك شَرّ.
وَالْبَوْل الْأَخْضَر على خضرته الثَّابِت يدل على ذوبان الْبدن وخاصة إِذا كَانَ كثيرا.
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى الحادة مثل لون صدأ الْحَدِيد دلّ على كرب وعطش وعسر بَوْل سيعرض.
الْبَوْل الشبيه بِالْبدنِ مهلك.
وَإِن كَانَ مَعَ الْبَوْل الْأسود ضيق نفس فَذَلِك مميت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل مائياً ثمَّ تبدل بعد فَصَارَ كدراً غليظاً والحمى لهيبة جدا وَعرض تشنج فَذَلِك شَرّ أَيْضا.
وَإِن كَانَ الْبَوْل لطيفاً يضْرب إِلَى السوَاد وَفِيه تعلق فِي الْوسط مَعَ حمى محرقة فانه سيرعف وتنحل حماه بذلك.
والثفل الْكثير فِي الْحمى الدائمة الطَّوِيلَة يذبل الْبدن.
وَالْبَوْل الَّذِي مثل الدَّم سوى إِذا دَامَ يدل على موت فَجْأَة.
وَالْبَوْل الحامض الشم فِي الْحمى المحرقة مميت.
وَالْبَوْل الْأسود فِي ذَات الْجنب قَاتل وَفِيه دَال على الِاخْتِلَاط.
وَالْبَوْل الْأسود مَعَ الْحمى اللهبة والثفل الْكثير الألوان مميت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل اسود اللَّوْن مَعَ الْحمى اللهبة وَله ثفل مستدير يشبه النفط مَعَ نفخة الشراسيف دلّ على موت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل مائياً الْحمى اللهبة وَكَانَ كثيرا جدا انْحَلَّت الْحمى بورم يحدث.
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ يدل على وجع فِي الكبد شَدِيد.
الْبَوْل الغليظ الْأسود المنتن فِي حمى محرقة مميت.
إِذا كَانَ الْبَوْل لطيفاً أسود واشتهى العليل الطَّعَام فانه مميت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل كالزبدة والحمى حارة فَفِي الصَّدْر جرح.)
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ الْمُنْقَطع يدل على فالج.
الْبَوْل اللَّطِيف الناري فِي حمى حادة محرقة يُؤذن بتشنج.
الْبَوْل اللَّطِيف مَعَ ثفل دسم وَحمى لهبة دَال للشباب على الْمَوْت وللشيخ على الفالج.
الْبَوْل اللزج فِي ورم الكلى رَدِيء.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل كعلق الدَّم المنعقد وبالحموم طحال ذبل طحاله.
الْبَوْل الْأَشْقَر الَّذِي فِيهِ سِهَام من شُعَاع الشَّمْس ينذر باختلاط الْعقل.
الْبَوْل الْأسود مَعَ الْحمى المحرقة ينذر بالتشنج.
السحابة الشقراء دَالَّة على أَن الْمَرَض حاد جدا.
السحابة السَّوْدَاء دَالَّة على سهر طَوِيل واختلاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ الثفل الْأَصْفَر قَاتل.
الْبَوْل الَّذِي يَتلون لوناً بعد لون رَدِيء جدا وَإِذا دَامَ بلون الْبدن مائياً وطالت الْحمى ودامت فانه سيستسقى.
الْبَوْل الغليظ الكدر يحل وجع الكبد واللطيف يُثبتهُ.
وَالْبَوْل الشَّديد الشقرة مَعَ طحال عَظِيم وثفل أسود شَرّ.
الْبَوْل الْقَلِيل الَّذِي بلون الدَّم وَهُوَ مَعَ رقته رَدِيء وخاصة إِن كَانَ بالمحموم العطب وعرق النسا.
من بَال بوجع الْعَانَة والمذاكير شبه العلق فِيهِ ثفل رملي فَفِي مثانته حَصَاة.
فيثاغورس الإسْكَنْدراني: الْبَوْل الَّذِي يبال صافياً وَيبقى صافياً يدل على غَايَة النضج وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يتكدر يدل على ابْتِدَاء الطَّبْخ وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل على شدَّة الِاخْتِلَاط وَالِاضْطِرَاب وَأَن الْعلَّة قد انْتَهَت فِي سلطانها وَالَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفوا يدل على شدَّة الِاخْتِلَاط أَنَّهَا قد سكنت وَالْمَرَض قد أَخذ فِي النُّقْصَان.
ألوان الأبوال الْأَصْلِيَّة: الْأَبْيَض والأصفر والأصهب والأشقر والأحمر وَالْأسود فالأبيض يكون لعدم الْمرة والأصفر يخلطه مرّة يسيرَة والأصهب مرّة أَكثر والأشقر يخالطه مرّة كَثِيرَة جدا والأحمر الدَّم وَالْأسود يدل على احتراق الدَّم أَو على الْبُرُودَة.
(5/278)
وَجَمِيع الأبوال الصهب والحمر وَإِن كَانَت فِي غَايَة الصَّبْغ إِذا لم يكن فِيهَا ثفل فَلَيْسَتْ نضيجة.)
والشقرة والرقة يدلان على حِدة الصَّفْرَاء.
الْبَوْل الغليظ الْأَبْيَض الكدر دَال على خام كثير.
الْأَحْمَر الغليظ يدل على دم اسود.
الرسوب الْأَصْفَر يكون من الصَّفْرَاء وينذر بَحر شَدِيد كثير جدا وَمرض خَبِيث حاد.
والرسوب الْأَحْمَر يكون من الدَّم المورد الَّذِي لم يكمل نضجه فَلذَلِك يدل على خير إِلَّا أَنه طَوِيل.
لي قد بَان أَمر الرسوب الْأَحْمَر والأصفر فِي أَي الْمَوَاضِع هُوَ جيد وَفِي أَيهَا أردأ. والرسوب الْأَصْفَر ألحقهُ بالأسود والأحمر بالأبيض لِأَن الْأَصْفَر أَن لَا يكون خير من أَن يكون. إِذا كَانَ إِنَّمَا ينذر بِفساد فعل الهضم من شدَّة الْحَرَارَة. وَإِمَّا الْأَحْمَر فألحقه بالأبيض لِأَن الغمامة الْحَمْرَاء أَن تكون خير من أَلا تكون. وَإِذا كَانَت تنذر بِأَن فعل الهضم طبيعي.
الْبَوْل الزيتي الَّذِي يكون لذوبان شَحم الكلى علاماته أَلا يتقدمه رسوب آخر وَهُوَ الَّذِي يكون فِي الذبول لِأَن الَّذِي يدل على ذوبان شَحم الكلى لَا يكون عَلَيْهِ دسم قَلِيل أَولا ثمَّ يكثر. لكنه يكون من أول وهلة كالزيت فان هَذَا يدل على أَن شَحم الكلى يذوب قَالَ: والزيتية ثَلَاثَة أضْرب: لون الزَّيْت وَشبه الزَّيْت يَعْنِي فِي القوام وزيتي خَالص فِي اللَّوْن والقوام. وَالَّذِي من الكلى يتقدمه ذبول.
واللون الزيتي ابْتِدَاء السل والقوام الزيتي وَسطه والكمال فِي الشّبَه بالزيت الذبول الْكَامِل والأثفال الكرسنية تتبع ذَلِك وَهُوَ أول التفتت من قطع اللَّحْم والنخالي من جرم الْعُرُوق فَهُوَ ويفصل بَين الكرسني هَل هُوَ قطع اللَّحْم من الكلى أم قطع من جَمِيع الْجَسَد من لُزُوم الْحمى ونضج الْبَوْل على مَا تقدم وَكلهَا بعيد من النضج والطبخ وَإِن الرّيح تشَتت الثفل فَهَذَا يحفف أَن الْبيَاض أقوى مَا ينظر فِيهِ العطب وَثمّ الْمَكَان على مَا قد وصناه.
من كتاب الْإِسْكَنْدَر.
قَالَ أفضل الْبَوْل الَّذِي يبال صافياً بَغْتَة ثمَّ يكدر مُدَّة صَالِحَة وأشرها الَّذِي يبال كدراً وَيبقى على ذَلِك.
روفس قَالَ: إِذا ظهر الْبَوْل الزيتي بعد الْأسود آذن بِخَير وانحلال من الْمَرَض.
من اسْتِخْرَاج حنين: الْبَوْل الْيَسِير رَدِيء لِأَنَّهُ يدل إِمَّا على ضعف الشَّيْء الَّذِي بِمَنْزِلَة الْبَوْل)
وَإِمَّا على ضعف الْقُوَّة الدافعة.
الْبَوْل الكدر الَّذِي لَا يرسب إِذا نزل رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على غليان من الْحَرَارَة الغريبة وعَلى عجز الطبيعة عَن نضجها.
(5/279)
الْبَوْل الْيَسِير الْأسود فِي الْأَمْرَاض الحادة رَدِيء لِأَن الْعلَّة تدل على أَن الْحمى قد أفنت رُطُوبَة الْبدن والسوداء ألف على أَن الصَّفْرَاء قد احترقت.
الْبَوْل المائي الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد ينذر بمائية على طوال الْمَرَض وبسواده على رداءته.
الْبَوْل الكدر المائل إِلَى الْحمرَة فِي الْيَوْم الْعشْرين يدل على أَن البحران لَا يتم وَلَا فِي الْأَرْبَعين الرسوب الْأَحْمَر لَا يَأْتِي وَلَا فِي السِّتين.
إِذا بَقِي الْبَوْل مُنْذُ أول يَوْم من الْمَرَض على الكدر الَّذِي لَا يصفو أصلا يدل على الْهَلَاك بِسُرْعَة وخاصة فِي حمى رَدِيئَة وأعراض صعبة.
الْبَوْل الْأَحْمَر فِي الْأَيَّام الأول إِن لم يسكن لَهُ ثفل الْبَتَّةَ هلك العليل وَإِن كَانَ لَهُ رسوب أَحْمَر تخلص العليل إِلَّا أَنه يطول.
الملاسة والجراشة فِي الثفل عَظِيم الْقُوَّة فان فلَانا فِي أبيذيميا كَانَت غمامته حَمْرَاء ملساء وتخلص وَفُلَانًا كَانَت غمامته بَيْضَاء جريشة فَهَلَك.
لي يجب أَن تنظر فِي هَذَا وَلَا تتكل على مثل هَذَا الْمِثَال الْوَاحِد فان الْبيَاض أقوى وَأعلم وَأعظم من الملاسة والخشونة وَرُبمَا ظَهرت بعد الغمامة الْبَيْضَاء أُخْرَى فِي الْأَيَّام حَمْرَاء وَتلك هِيَ من خلط آخر غير الأول. فَأَما الْأَبْيَض فَلَا يحمر وَلَكِن الْأَحْمَر يبيض.
والغمامة الدكناء متوسطة بَين الْحَمد والذم.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ لَا يصفو إِذا بيل فِي أول الْمَرَض يدل على ورم الكبد من الدَّم وكدرته للحرارة الغريبة.
الْبَوْل الكدر يدل على قُوَّة الْمَرَض إِذا عَاد الكدر إِلَى الرقة أَطَالَ زمن البحران وأخره.
قَالَ حنين: الْبَوْل الزيتي الَّذِي قَالَ ج فِيهِ أَنه لَا يدل على مَكْرُوه لَيْسَ بزيتي لِأَن لون الزَّيْت اصفر وأخضر وَهَذَا لَا يدل على خير الْبَتَّةَ وَلَا على نضج.
النِّسَاء اللواتي يمرضن من احتباس الطمث فِي النّفاس يبلن بولاً أسود.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأسود إِذا لبث مُدَّة طَوِيلَة مهلك لَا محَالة.)
الثفل الَّذِي لَونه لون الكرسنة وَالَّذِي لَونه لون الزرنيخ يكون من عِلّة فِي المثانة أَو الكبد.
والثفل الْأسود الرَّمْلِيّ فِي من فِي مثانته عِلّة.
قَالَ: كلما كَانَ الْبَوْل الْأسود أغْلظ فَهُوَ أردأ.
الرسوب إِذا ظهر بعد النضج فَهُوَ حميد فِي الْغَايَة يدل على انحلال الْمَرَض وَمَتى كَانَ ظُهُوره فِي أول الْمَرَض دلّ على شدَّة التثور العطب ووالأخلاط.
الْبَوْل الَّذِي فَوْقه غبب يدل على عِلّة بَارِدَة فِي الكلى يطول لبثها.
(5/280)
(نهش الْإِنْسَان وَالْكَلب) (وَغير الْكَلْب والبغل والقرد وَابْن عرس والفأرة والعظاية.) من كتاب يسب إِلَى ج: الحضض نَافِع لنهشة الْكَلْب غير الْكَلْب يطلى عَلَيْهِ. 3 (عض الْكَلْب للْإنْسَان) بولس قَالَ: إِذا عض الْإِنْسَان كلب فرش عَلَيْهِ من ساعتك خلا وَاضْرِبْ مَوضِع العض بكفك مَرَّات كَثِيرَة ثمَّ اسحق نطروناً بخل وانطله بِهِ ثمَّ ضع عَلَيْهِ صُوفًا مغموساً بخل وزيت أَو ضمد مَوضِع ببصل مدقوق بِعَسَل. فَأَما العضة الَّتِي عرضت فِيهَا حرارة فضع عَلَيْهَا دَقِيق الكرسنة معجوناً بِعَسَل. فانه خَاص لهَذَا. وَإِمَّا الَّذِي قد عض فِيهِ ورم حَار فالطخه بمرداسنج مسحوقاً بِمَاء وخل.
قَالَ: 3 (عضة ابْن عرس) يكمد مَوضِع العضة وينجع جدا وينفع مِنْهُ أَن تضمد العضة ببصل أَو ثوم أَو أَن يُؤْكَل مِنْهَا وَيشْرب عَلَيْهِ.
يعرض مِنْهَا نخس ونفاخات حول الْعُضْو مَمْلُوءَة رُطُوبَة ويكمد ويسرع إِلَيْهِ العفونة ويعرض مِنْهَا مغص وعسر الْبَوْل وعرق بَارِد وينفع مِنْهُ أَن يضمد بدقيق شعير مَعَ سكنجبين أَو يضمد بالعقاقرحا بشراب أَو جاوشير وجنطايا ويسقون من الْمَرْء جُزْءا وَمن الزَّوَائِد ثُلثي الْجُزْء. وأشر مَا يكون عضة الْإِنْسَان إِذا كَانَ صَائِما أَو رَدِيء المزاج فلتمسح العضة بالزيت ثمَّ يضمد بدقيق الباقلى بِمَاء وخل ودهن ورد ويبدل الضماد مَرَّات كَثِيرَة فَإِذا سكنت الجرارة والورم حِينَئِذٍ يعالج كعلاج سَائِر الْجِرَاحَات. 3 (الأقراباذين الْقَدِيم) كل عضة الْإِنْسَان وَغَيرهَا انطلها أَو أَدَم ذَلِك وتمص مَرَّات قبل ذَلِك وتكمد بالنفاخات وبالخبز والدقيق حَتَّى تقيح جدا فان قاح بط فان كَانَ قيحه رديئاً فالخراج يذهب إِلَى العفن.
فَاعْلَم أَنَّك إِن لم تستقص الجذب فتقصه بِالشّرطِ والكي والأدوية القوية لم يذهب إِلَى ذَلِك فَاعْلَم انك قد تقصيت الجذب وَلم يكن للناهش رداءة تخرج فِي أنيابه فَلَا بَأْس عَلَيْهِ.
الأبخرة مَتى تضمد مَعَ الْملح أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من عض الْكَلْب.
(5/281)
افسنتين مَتى شرب بشراب نفع من عضة موغالي.
دق البصل مَعَ الْملح وسذاب وَوضع على عضة الْكَلْب الأهلي نفع.
البلبوس نَافِع من عضة الْكَلْب الأهلي.
الْجَوْز مَتى خلط بالبصل وَالْملح مَعَ عسل نفع من عضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
الحنضة الممضوغة تَنْفَع من ذَلِك.
دَقِيق الكرسنة مَعَ الشَّرَاب نَافِع من عضة الْإِنْسَان وَالْكَلب إِذا تضمد بِهِ.
لِسَان الْحمل نَافِع لعضة الْكَلْب تخص الْإِنْسَان وَكَذَلِكَ السذابين التِّين الْفَج مَعَ الْعَسَل.
التِّين العطب ز والكرسنة وَالْعَسَل نَافِع من عضة ابْن عرس.
الثوم والكمون الْخلّ وَالْملح الْمُعْتق لعضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
جوز مقشر من قشريه ينعم دقه مَعَ ملح ويعجن بِعَسَل وَيُوضَع عَلَيْهِ أَو تُوضَع عَلَيْهِ حنضة ممضوغة وَلبن التِّين والكرسنة وَالْملح والسذاب وَالْعَسَل والنعنع نافعة لعضة الْكَلْب يضمد مَرَّات ويرش عَلَيْهِ خل خمر ويضمد بِهِ بورق العوسج مَعَ خل خمر أَو صعتر بري وملح الْعَجِين أَو بصل وكرسنة مَعَ عسل ويطلى عَلَيْهِ مرداسنج بِمَاء ورد وباخرة يوضع خمر عَتيق وكراث وشحم ويكفى أَن يُوسع الْجرْح يَوْمًا فَقَط.
الْيَهُودِيّ: أحجمه بِلَا شَرط ثمَّ ضع عله خمرًا بدهن ورد واسقه حلتيتاً وأطعمه تفاحاً.
وَشر العضات عض السوداوي جدا أَعنِي من الْكلاب وَالنَّاس.
قاطانجس: النهشات والعضات لَا تحْتَاج إِلَى القابضة بل إِلَى الجاذبة بِقُوَّة قَوِيَّة.
أَبُو جريج: مرهم الزفت جيد جدا من عضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
أطهورسفس: غراء السّمك مَتى طلي وضمد بِهِ عضة الْكَلْب نفع جدا.
أَبُو جريج من مداواة الأسقام قَالَ: ضع على عضة الْكَلْب والقرد وَالْإِنْسَان رَمَادا معجوناً بِعَسَل وَإِن ورم فاطل بمرداسنج.
ابْن البطريق: لعضة الْكَلْب اطله بحضض بِمَاء بَارِد فَإِذا قاحت العضة ضمد بعدس مطبوخ أَو بملح وَعسل ويربط وَلَا يحل أسبوعاً فانه يُبرئهُ ويدق شاه بلوط مَعَ بصل وزيت ويضمد وَهَذِه تصلح لعضة الْإِنْسَان أَو شاه بلوط مَعَ ملح.
ولعضة الْكَلْب ورق القثاء وَالْخيَار يعجن بشراب وَيُوضَع عَلَيْهِ.
(5/282)
(عضة الْكَلْب والقرد) (وَابْن عرس وَالْحمير وَالْبِغَال وَنَحْوهَا وعلاج عض الْإِنْسَان.) اطهورسفس قَالَ: بوال الْإِنْسَان إِذا عتق بجذب السم من عضة الْإِنْسَان والقرد ويمنعه من التورم.
العلاج زبل الْإِنْسَان وَإِن أحرق زبل الْإِنْسَان وذر على عضته أَبْرَأ مِنْهُ. ج: الأبخرة مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْملح أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من عض الْكَلْب. د: افسنتين مَتى شرب بشراب نفع من عضة موغالي. د:
البلبوس إِذا تضمد بِهِ مَعَ عسل نفع من الْكَلْب وَغير الْكَلْب.
الخوز مَتى خلط بِهِ بصل وملح وَعسل كَانَ جيدا لعضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
الْحِنْطَة مَتى مضغت وضمد بهَا عضة الْكَلْب نَفَعت.
دَقِيق الكرسنة مَتى خلط بِالشرابِ نفع من عضة الْإِنْسَان وَالْكَلب إِذا ضمد بِهِ.
أصل لوزمر مَتى ضمد مَعَ عسل كَانَ جيد لعضة الْكَلْب.
لِسَان الْحمل مَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من عضة الْكَلْب العطب ز فان زيد مَعَه كرسنة نفع من عضة ابْن عرس.
الثوم مَتى خلط مَعَ ورق التِّين والكمون وضمد بِهِ نفع من عضة ابْن عرس. د: 4 (الْخلّ) ابْن ماسويه الْأَدْوِيَة النافعة لعضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان: يُؤْخَذ من الْجَوْز المقشر من قشريه فَيدق نعما وَليكن مَعَه ملح الْعَجِين ويعجن بِعَسَل وَيُوضَع عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تفعل الْحِنْطَة المحرقة وع البصل وَالْعَسَل. لبن التِّين ودقيق الكرسنة وَالْملح والسذاب مَعَ عسل ونعنع نَافِع أَو يوضع عَلَيْهِ الْعَسَل وَالْملح والبصل.
لعضة الْكَلْب غير الْكَلْب يكمد العضة مَرَّات ويرش عَلَيْهَا خل خمر كَذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام وَيُوضَع عَلَيْهِ بورق أرميني يجدد كل يَوْم ويذر عَلَيْهِ دَقِيق الكرسنة أَو يوضع عَلَيْهِ ورق صعتر بري وملح الْعَجِين أَو كرسنة مدقوقة مَعَ شَيْء من عسل ويطلى
(5/283)
عَلَيْهَا مرداسنج بِمَاء الْورْد وبأخره يوضع عَلَيْهِ خبز وكراث وشحم يَكْفِي أَن يُوسع الْجرْح يَوْمًا فَقَط.
لي الترياق إِلَى قَيْصر: مَتى دلك ابْن عرس بعد ذبحه وسلخه على مَوضِع نهشته نفع من سَاعَته وَقد جربت ذَلِك.
من سموم جالينوس قَالَ: النهشات والعضات لَا تحْتَاج أدوية قابضة قَالَ: إِنَّمَا تحْتَاج إِلَى أدوية تجذب مَا فِي عمق الْبدن جذباً.
من سموم ج: أطل على عضة الْكَلْب القنطوريون رطبا مدقوقاً نعما.)
ابْن البطريق: لعضة الْكَلْب غير الْكَلْب اطل مَوضِع العضة بحضض واحشها حَتَّى تبلغ قعرها وضمدها بالبصل وَالْملح والخل مدقوقة أَو يمْلَأ مَوضِع العضة برماد الشبث ويربط وَلَا يحل أسبوعا فانه يُبرئهُ أَو يدق الشاه بلوط مَعَ بصل وزيت ويضمد بِهِ وَهَذِه تصلح لعضة النَّاس أَو شاه بلوط مَعَ ملح.
ويعجن ورق القثاء وَالْخيَار بشراب وَيُوضَع على عضة الْكَلْب.
(5/284)
(العقارب والجرارات) (والرتيلا والعظايا والشبث وَهُوَ ضرب من رتيلا) الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: لدغت رجلا عقرب فَكَانَ يَقُول إِنَّه يحس كَأَنَّهُ يضْرب بحجارة من جليد وَبرد بدنه كُله وَكَانَ يعرق عرقاً بَارِدًا.
قَالَ: وَإِذا وَقعت فِي عصبَة أَو شريان عرضت أَعْرَاض رَدِيئَة جدا.
السَّابِعَة من 3 (الميامر) ينفع من لذع الْعَقْرَب أفيون وبزربنج بِالسَّوَادِ يعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ.
لي خبرني رجل صَدُوق أَن عقرباً لدغته فَأخذ من المداد الْهِنْدِيّ فسكن مَا بِهِ كُله وَأَخذه بشراب صَالح الْمِقْدَار.
الباذروج وضع على لذعة الْعَقْرَب لدغت غُلَاما فسكن الوجع.
أصُول الحنظل وَأَخْبرنِي الْغُلَام النطرني عَن الإعرابي أَنه لدغته الْعَقْرَب فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع فَسَقَاهُ وزن دِرْهَمَيْنِ من أصُول الحنظل مسموقة فسكن مَا بِهِ على الْمقَام لي: يُؤْخَذ جوز وثوم مقشران يدقان بالسواء يُؤْخَذ مِنْهُ أُوقِيَّة وَاحِدَة ثمَّ ينْتَظر سَاعَة ثمَّ يشرب عَلَيْهِ رَطْل من النَّبِيذ الصّرْف الصلب آخر: جوز وثوم بِالسَّوِيَّةِ ورق السذاب الْيَابِس وحلتيت وَمر من كل وَاحِد نصف جُزْء يجمع بِالتِّينِ وَيُؤْخَذ مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم برطل شراب لي: خبرني النَّصْرَانِي وَجَمَاعَة جربوا أمصل لاحنظل فوجدوه عَظِيم النَّفْع للسع الْعَقْرَب يشرب أَو يدلك بِهِ ترياق مُحَمَّد بن خَالِد تسخن مِنْهُ أَطْرَاف الْيَد على الْمَكَان ويسكن الوجع.
زراوند طَوِيل وجنطياناً وَحب الْغَار وقشور أصل الْكبر وأصول الحنظل وافسنتين نبطي وعروق صفر وفاشرا.
من الْمقَالة الأولى
ترياق قوي جدا مر جاوشير أفيون درخمي من كل وَاحِد فاشرا أصل الزروند الطَّوِيل عاقرقرحا أَربع درخمات بزر السذاب وكمون حبشِي وبزر حندقوتي من كل وَاحِد نصف درخمي صمغ قَلِيل بِقدر مَا يلزجه يعجن بالخل ويقرص ويسقى مِنْهُ درخمي لَا تزيد فانه يقتل إِذا أفرط مِنْهُ
(5/285)
آخر: خل قد طبخ فِيهِ ورق السذاب فان احْتِيجَ إِلَيْهِ سقِِي بعد ساعتين ثَلَاث مَرَّات وَإِن عرض فأعده.
ترياق وللعقرب والرتيلا: جندبادستر فلفل أَبيض مر أفيون بالسواء يقرص ويسقى مِنْهُ ثَلَاثَة أوبولوس بِأَرْبَع أَوَاقٍ من شراب صرف فانه يسكن وجع الرتيلا من سَاعَته وَكَذَلِكَ الْعَقْرَب.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الفاشرا عَظِيم الْقُوَّة فِي لذع العقارب والرتيلا.
لي عِنْدِي مِمَّا قرأته من كتاب الْأَدْوِيَة وَغَيره أَن طراقوطولش وَهُوَ القرطم الْبري وَهُوَ الَّذِي يذكر د: أَنه مَتى مسكه الملسوع من الْعَقْرَب بِيَدِهِ سكن وَجَعه على الْمَكَان فان طَرحه عاوده وَهُوَ يعد فِي أَصْنَاف الشوك كالحرشف وَالْكبر وَنَحْوه فاعرفه أَنْت أَنه يشبه القرطم بِمَا قد وَصفه د: من علاماته واستقص صفته ألف.
لي
للسع الْعَقْرَب مجرب يُؤْخَذ ثوم مقشر وزن خَمْسَة دَرَاهِم جوز عشرَة دَرَاهِم حلتيت وزن دِرْهَم فَيُؤْخَذ كُله وَيشْرب عَلَيْهِ رَطْل بشراب بعد نصف سَاعَة من أَخذه ثمَّ طل آخر فانه يَبْتَدِئ يتعرق فليتدثر ولينم ثمَّ يعْنى بِهِ من غَد بالفصد وَنَحْوه إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ.
الْيَهُودِيّ: مَتى شدخت الْعَقْرَب وضمد بهَا منعت من ترقي السم من ذَلِك الْموضع وَمَتى ضمد بهَا مَكَان لَا لذع فِيهِ أخدره وأمات الدَّم فِيهِ.
لي أَخْبرنِي غير وَاحِد أَنهم جربوا زَيْت العقارب للعقرب فوجدوه نَافِعًا.
طلاء يسكن الوجع من سَاعَته: كيجل وفربيون وتفسياً يتَّخذ شيافاً وَيرْفَع وَعند الْحَاجة يحل ويطلى.
أهرن قَالَ: يكون من لسع الْعَقْرَب تشنج وخدر فِي العصب وينفع مِنْهُ ترياق الْأَرْبَعَة والشحنزايا ودواء الحلتيت والثوم المربى والربط فَوق الْموضع والتكميد بالنخالة المطبوخة بِالْمَاءِ. 3 (الجرارات) فَأَما الجرارة فان سمها حَدِيد حَار وَلَا يحس فِي أول يَوْم لسعها بوجع لَكِن بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ يغمى عَلَيْهِ ويتغير لَونه ويرم اللِّسَان وَرُبمَا بَال الدَّم وَرُبمَا تقرح مَكَانَهُ قروحاً متكاثفة وَأفضل مَا لوطف بِهِ المض بالمحاجم العطب ز والكي على مَوضِع اللسعة واسقه مَاء الطرخشقوق ودهم الْورْد وَمَاء الشّعير وَسَوِيق التفاح وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع مَا يبرد وَإِن امتسك بَطْنه حقن.
ترياق اللبني مَشْهُور بليغ الطلمسات قَالَ: مَتى شدخت الْعَقْرَب وَوضعت على مَكَان اللسعة نَفَعت جدا.
قَالَ: وَإِن استف كفا من ملح الْعَجِين برِئ مَكَانَهُ.
(5/286)
وينفع مِنْهُ جدا أَن يرش خل على حجر محمى وَيُوقف الْعُضْو فَوْقه.
لي أَخْبرنِي أَبُو نصر أَن عقرباً لسعته فَأخذ من سَاعَته زنه أَربع دَرَاهِم من ترياق الْأَرْبَعَة فسكن مَا بِهِ على الْمَكَان.
قَالَ: وَإِن ضمد الْموضع بأصول الحنظل نفع جدا.
لبن التِّين والفج مَتى دلك بِهِ الْموضع برِئ.
لي أرى أَن البلاذر مَتى دلك بِهِ نفع.
الزَّيْت وَالْملح شرك الْهِنْدِيّ قَالَ: علاج لسع الْعَقْرَب التعريق والدلك بالزيت وَالْملح والتكميد بعد ذَلِك وحسه أَشْيَاء حارة كي يعرق.
مَجْهُول: يُؤْخَذ من الأشنان الْخضر وَهُوَ الحرض فينحل بحريرة ويلت بِسمن الْبَقر ويعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ مثقالين من لسعته عقرب فَإِنَّهُ يسكن مَكَانَهُ واسقه بِمَاء فاتر.
حنين من اختباراته للسع الْعَقْرَب مجرب يسكنهُ تسكيناً عجيباً: يُؤْخَذ دَاخل الرته الْهِنْدِيَّة فَيدق وَيشْرب بِمَاء.
قَالَ: وينفع مِنْهُ أَن يطلى بنفط أَبيض أَو يضمد بالثوم المخبص بالسمن أَو الجندبادستر والثوم وَالزَّيْت أَو يطلى الْموضع بِمَاء الكراث الَّذِي لم يصبهُ مَاء يسكن على الْمَكَان.
لي يدلك بالبصل حَتَّى يلتهب فيحترق وينفع مِنْهُ أَن يطلى بِمَاء الهندباء.
والطرخشقوق مَتى أكل نفع من لذع العقارب.
بولس قَالَ: يعرض من لذع الرتيلا برد فِي الْموضع وحكة وَبرد فِي الْأَطْرَاف ورعدة وعرق بَارِد وصفرة اللَّوْن وامتداد العصب وعسر الْبَوْل أَو درورة ورطوبة فِي الْعين وتمدد فِي الْبَطن وانكسار اللِّسَان حَتَّى لَا يبين الْكَلَام فَإِذا جَلَسُوا فِي المَاء الْحَار سكن عَنْهُم الوجع ثمَّ يعود سَرِيعا. وَهُوَ مثل العنكبوت فانطل الْموضع بِالْمَاءِ وَالْملح الْحَار وَأكْثر من الْحمام واسقه الزراوند والكمون زنة)
ثَلَاثَة دَرَاهِم براب أَو بزرواند ودقيق الشّعير أَو بشراب ممزوج قد غلي فِيهِ جوز السرو وضمد الْموضع برماد سخن وبالتين معجونين بشراب أَو بزراوند ودقيق شعير معجونين بخل. 3 (لذعة العنكبوت) فنها تهيج تَارَة وتسكن أُخْرَى ويعرض مَعَه برد الْأَطْرَاف وإنتشار الْقَضِيب ورياح فِي الْبَطن وَيقوم شعر الْجَسَد وينفع من ذَلِك أَن يسقوا زنة ثَلَاثَة دَرَاهِم من الزرواند بشراب قد إِلَى فِيهِ جنطياناً وفوذنج غلياً جيدا واسقهم السعد بشراب أَو الحلتيت وأدخلهم الْحمام وليكثروا التعرق وَيشْرب الشَّرَاب الصّرْف أَو يشْربُوا الْحبَّة السَّوْدَاء بشراب.
(5/287)
ترياق العقارب الردية والرتيلا: دردي الشَّرَاب سِتَّة كبريت أصفر ثَمَانِيَة بزر السذاب ثَلَاثَة جندباستر دِرْهَمَانِ العطب ز بزر الجرجير دِرْهَمَانِ يجمع بِدَم سلحفاة بحريّة الشربة دِرْهَمَانِ بِخمْس أوراق من شراب.
ترياق آخر: عاقرقرحا وزروائد بِالسَّوِيَّةِ فلفل أَبيض نصف جُزْء محروت ربع جُزْء الشربة كالباقلى.
التَّذْكِرَة للعقارب الردية: أصل الْكبر وزراوند طَوِيل وَحب الْغَار وجنطايا بالسوء يسقى بشراب أَو يسقى دَوَاء الحلتيت والسذاب.
لي أدوية للذع الْعَقْرَب لتكن لَطِيفَة تلهب الْبدن من ساعتها لَا قبض فِيهَا وَلَيْسَ قشور الْكبر مِنْهَا. الحلتيت والمر والفلفل والثوم والعاقرقرحا وَنَحْوهَا وَالشرَاب الْعَتِيق الريحاني.
ابْن سرابيون قَالَ: لسعة الْعَقْرَب يحس فِيهَا تلهب تَارَة وتبرد أُخْرَى ويعرض مَعَه عرق بَارِد واختلاج الشّفة وَرُبمَا عرض الغشى وَرُبمَا انتفخت الأرابى والآباط وانتشر الذّكر وعلاجه ترياق الْأَرْبَعَة والشخزنايا ودواء الحلتيت. وَهَذَا المعجون خَاص لَهُ: جندبادستر قشر أصل الْكبر تَرَبد وزراوند طَوِيل وعاقرقرحا بالسواء يعجن بالعسل الشربة دِرْهَمَانِ بشراب صرف. فان لم يحضر شَيْء من هَذِه فأطعمه الثوم واسقه عَلَيْهِ شراب وانطل الْموضع بطبيخ النخالة وضمده بثوم واطله بالحلتيت.
وَينْتَفع بِالْفِضَّةِ فِيهَا إِذا وضعت على مَوضِع اللذعة نفعا عَاجلا من سَاعَته.
وينفع أَن يعرق الْعُضْو بِأَن يُقَام فَوْقه بخار مَاء حَار كثير الْحَرَارَة ويشد مَا فَوق اللذعة قبل ذَلِك واسقه شرابًا صرفا.)
لي خبرني رجل أَن عقرباً لذعته فَأخذ القلى بخل وضمد بِهِ فسكن. د: السعد جيد للذع الْعَقْرَب.
القردمانا مَتى شرب من الحَدِيث مِنْهُ والحريف الساطع الرَّائِحَة زنة دِرْهَمَيْنِ نفع من لسع العقارب جدا أَو يشرب بِالشرابِ.
حب الْغَار يسقى بِخَمْر للسع الْعَقْرَب.
حب الآس مُوَافق جدا إِذا سقِِي بِالشرابِ للسع الْعَقْرَب والرتيلا.
بزر الحماض الْبري نَافِع للسع العقارب وَإِن تقدم أحد فِي شربة ثمَّ لسعته عقرب لم تحك فِيهِ وَمَتى أكل إِنْسَان باذرجاً فلسعته عقرب لم يجد ألماً. وأصبحت فِي نُسْخَة أُخْرَى: لم يتَخَلَّص من الْمَوْت.
الحلتيت جيد للسع العقارب مَتى شرب أَو طلي بِهِ.
الخوز: قاطبة الْحذاء جيد للسع العقارب شرب أَو ضمد بِهِ.
(5/288)
ماسرجويه: إِنَّه بليغ النَّفْع جدا وَقَالُوا: الطرخشقوق نَافِع من لسع العقارب.
أَبُو جريج: طبيخ البابونج يصب على لسع الْعَقْرَب فيسكن مَكَانَهُ.
الخوز: السكيبنج جيد للذع الْعَقْرَب جدا شرب أَو طلي عَلَيْهِ.
الفلاحة: الفجل يقتل العقارب مَتى شدخ وَطرح عَلَيْهَا وبزه ينفع إِذا شرب من لذعتها وَإِذا لسعت الْعَقْرَب أكل الفجل لم يتألم إِلَّا بِمَا بَال بِهِ.
حنين فِي كتاب الترياق: الفلفل يسقى للذع الْعَقْرَب.
ماسرجويه: الفوتنج الْبري جيد للسع الْعَقْرَب جدا.
والدوقو أَنْفَع من شَيْء للسع الْعَقْرَب والرتيلا.
عصارة حَيّ الْعَالم يسقى للرتيلا. مَاء الْبَحْر يسخن فِيهِ من الرتيلا روفس وجالينوس للرتيلا: يضمد برماد خشب التِّين وملح يعجن بشراب ويضمد بِهِ أَو يضمد بزراوند قد يعجن بخل وَعسل أَو يغسل الْجرْح بملح وَيدخل الْحمام أَيَّامًا تباعا ويسقى طبيخ السرو ويسقى ثَمَرَة الطرفا ودارصيني بشراب.
ترياق للرتيلا: زراوند طَوِيل وَشَيخ وسوسن اسمنانجوني وأصل السوسن الْأَبْيَض وسنبل رومي وعاقرقرحا وبزر الْجَوْز الْبري وخربق أسود وكمون وبورق وورق الينبوت وَحب الْغَار)
وإنفحة الأرنب ودارصيني وسرطان نهري وعود بِلِسَان وحبة بزر الحندقوتي وَجوز السرو وبزر الكرفس بالسواء يعجن بِعَسَل الشربة جوز مطبوخ وَيدخل الْحمام وَيصب عَلَيْهِ مَاء حَار وَيشْرب بشراب عَتيق.
ابْن البطريق قَالَ: هَذِه أَعنِي الرتيلا كَثِيرَة الْأَنْوَاع.
فالحمراء يعرض من عضتها وجع يسير سَرِيعا.
والسوداء والرقطاء يعرض مِنْهَا وجع وحكاك ومغس وَاخْتِلَاف.
والكوكبية الَّتِي على ظهرهَا خطوط براقة مستوية يعرض مِنْهَا وجع شَدِيد وقشعريرة وَثقل الرَّأْس واسترخاء الْبدن.
والصفراء الَّتِي عَلَيْهَا شبه الزغب يعرض مِنْهَا برد الْجَسَد كُله ووجع شَدِيد فِي مَوضِع اللسعة والشبث يعرض مِنْهُ وجع الْمعدة وقيء وعسر الْبَوْل والرجيع وَيقتل سَرِيعا.
والمصرية قاتلة.
والزنبور يرم من لسعته الْبدن ويتشنج ويسبت وتضعف الركبتان.
وَأما الصَّغِيرَة الَّتِي تشبه الذراريح فتنفط الْبدن وتثقل اللِّسَان وتوجع جدا.
(5/289)
فِي النافعة من لسعة الْعَقْرَب ونهش الجرارات والرتيلا قَالَ ج: حب الآس تَنْفَع عصارة حبه من نهش الرتيلا مَتى خلط بشراب وَمن لسعة الْعَقْرَب.
الحلتيت يداف بِزَيْت ويتمسح بِهِ للسعة الْعَقْرَب.
البارذورج مَتى ضمد بِهِ نفع من لسع العقارب.
الخركوك وَهِي الجرادة الْعَظِيمَة الَّتِي لَا جنَاح لَهَا مَتى جففت وشربت نَفَعت من لسع العقارب.
الهدبا مَعَ أُصُولهَا يضمد بِهِ فينفع من سع الْعَقْرَب.
قَالَ بن ماسويه: الطرخشقوق مَتى شرب مَاؤُهُ معصوراً أَو دق وَوضع على لسع الْعَقْرَب نفع مِنْهُ.
الحماما ينفع من لسع الْعَقْرَب مَتى ضمد بِهِ مَعَ باذروج. د: الْحبَّة الخضراء مَتى شربت وَافَقت لذع الرتيلا.
قَالَ ج: أما الْحجر الَّذِي يعرف بِحجر الشّعير فقد وثق النَّاس بِهِ أَنه يشفي لسع الْعَقْرَب. ونهش الرتيلا تَنْفَع مِنْهُ ثَمَرَة الطرفاء.) د: الكبريت مَتى تضمد بِهِ مَعَ الراتنج أَبْرَأ لسعة الْعَقْرَب وَكَذَلِكَ مَتى اسْتعْمل مَعَ خل.
منحنتوش البستاني مَتى شرب ألف ز مَعَ فلفل نفع من لسع الْعَقْرَب وَيُقَال إِنَّه مَتى وضع على الْعَقْرَب أخدره.
وَقَالَ: المرزنجوش الْيَابِس إِن ضمد بِهِ مَعَ عسل نفع من لسع الْعَقْرَب. د: الْملح مَتى ضمد بِهِ مَعَ بزر الْكَتَّان للسع الْعَقْرَب نفع.
مَاء الْبَحْر يسخن وَيدخل فِيهِ فينفع من لذع الْعَقْرَب.
السعد نَافِع من لذع الْعَقْرَب.
لحم السّمك المالح مَتى تضمد نَفَعت من لذعة الْعَقْرَب.
وَقَالَ: مَتى دقَّتْ الْعَقْرَب وَوضعت على لدغتها نفعتها وَمَتى شربت وأكلت فعلت ذَلِك.
النمس مَتى شقّ وَوضع على لسعة الْعَقْرَب سكنها. ج: الوزغ نَافِع مَتى وضع على لذع الْعَقْرَب.
اتّفق النَّاس على أَن الْفَأْرَة مَتى شقَّتْ وَوضعت على لذع الْعَقْرَب نَفَعت.
القردمانا يشرب بِخَمْر فينفع للذع الْعَقْرَب.
القرطم الْبري مَتى سحق ورقه أَو حمته أَو ثَمَرَته وشربت بفلفل نَفَعت من لذع الْعَقْرَب.
(5/290)
وَقد زعم بعض النَّاس انه مَتى أمْسكهُ الملسوع لم يجد الوجع فان طَرحه توجع فان أَخذه ثَانِيَة لم يجد الوجع فَإِن طَرحه توجع وَهَكَذَا أبدا.
القيصوم مَتى شرب بشراب نفع من لسع الْعَقْرَب.
لبن التِّين نَافِع من لسع الْعَقْرَب مَتى قطر عَلَيْهَا.
ابْن ماسويه قَالَ: الثوم يقوم مقَام الترياق فِي لذع الْهَوَام الْبَارِدَة وَحب الْغَار يشرب بِالْخمرِ للذعة الْعَقْرَب قَالَ ج الفاريقون نَافِع من نهش الْهَوَام الْبَارِدَة.
لن الخس الْبري يسقى للذعة الْعَقْرَب الْخلّ: إِن حب وَهُوَ حَار شَدِيد على لسعة الْعَقْرَب نفع نفعا عَظِيما اسْتِخْرَاج: حَتَّى شربت زهرَة الْخُنْثَى وثمرتها بشراب عظم نَفعه من لسع الْعَقْرَب.
للعقرب: عاقرقرحا أصُول الزوفا تجمع وتشرب بأوقية شراب ويؤكل على أَثَره بندق وَيشْرب بشراب.
دَوَاء جيد للسع العقارب: خُذ من الحشيشة الَّتِي تسمى حمة الْعَقْرَب ثَلَاثَة مَثَاقِيل وَمن الثوم)
أَرْبَعَة وحلتيت وصعتر بري وبزر كراث من كل وَاحِد مِثْقَال يعجن بِعَسَل وَيشْرب زنة دِرْهَمَيْنِ أهران قَالَ الجدوار نَافِع من لسع الجرارات مَتى أكل وَوضع عَلَيْهِ.
الْأَعْضَاء الألمة: مَتى وَقعت لسعة الْعَقْرَب على عرق ضَارب أحدثت غشياً وَإِن وَقعت على غير ضَارب أحدثت خضرَة وتعفناً وَإِن وَقعت على عصب أحدثت صرعاً وَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِك الشَّيْء الْوَاصِل إِلَى بدن الْإِنْسَان من الْعَقْرَب أَن يكون رُطُوبَة أَو ريحًا.
من الْمقَالة الْمُقَابلَة للأدواء: دَوَاء للعقرب والرتيلا زراوند أَرْبَعَة مَثَاقِيل فلفل دِرْهَمَانِ أفيون مثله عاقرقرحا ثَلَاثَة يعْمل بَنَادِق قدر الباقلي الشربة بندقتان مَعَ ثَلَاثَة أَوَاقٍ خمر صرف.
الْيَهُودِيّ قَالَ: أطْعم للسع الْعَقْرَب تسع ثومات ودق الثوم وَضعه على الْموضع.
لي إِذا أكل الثوم فاسقه شرابًا صرفا بعد سَاعَة جَيِّدَة فَإِذا عرق فقد سكن وَجَعه إِن شَاءَ الله ولفه بالثياب وَاجعَل تَحْتَهُ نَارا أَو إِنَاء فِيهِ مَاء مغلي وضع على الْعُضْو ألف ز فَوْقه كي يُصِيبهُ بخاره ويضطجع حَتَّى يعرق نعما وَيشْرب شرابًا صرفا مُتَتَابِعًا.
الْيَهُودِيّ: للحرارة يكوى الْموضع واسقه مَاء الطرخشقوق وَمَاء الخس الْبري وَمَاء الشّعير واحقنه بحقنة ملينة.
لي سَمِعت أَن دَوَاء السكر هُوَ طلحشقوق يُقَاوم السمُوم ويضمد بِهِ للسوع وخصوصاً لسع الْعَقْرَب.
(5/291)
لي أَنا أرى أَن شرب اللعبة البربرية أَنْفَع شَيْء للسع الْعَقْرَب وَذَلِكَ أَنه يكثر حرارة عَظِيمَة جدا فِي نَحْو حرارة الشَّرَاب ويحمر الْوَجْه وتدر الْعُرُوق فَيجب أَن يجذب.
جورجس قَالَ: أسقه الثوم بالطلاء والترياق الْكَبِير وترياق عزْرَة وترياق الْأَرْبَعَة والشخزنايا وذبيدكبريتا أَو دَوَاء الحلتيت واسقه سكرجة من السّمن وَالْعَسَل الْمُصَفّى وكمد الوجع بتين جبلي أَو نخالة مطبوخة وَشد مَا فَوْقه.
لي يتَّخذ ثريد من ثوم وَجوز وَسمن وَيَأْكُل مِنْهَا وَيُعْطى قبل ذَلِك بندقة حلتيت طري قوي ثمَّ يسقى أَرْطَال من الْخمر الصّرْف ويشد مَا فَوق الْموضع ثمَّ يكمد بِمَاء شبث حَار شَدِيد الْحَرَارَة بِمَا خضر فِي مَاء مغلي حَتَّى يغلى غلياً شَدِيدا ويكب عَلَيْهِ ملتفاً حَتَّى يكثر عرقه أَو يدْخل الْحمام حَتَّى يكثر عرقه وَيطْلب النّوم فَإِذا نَام انتبه وَقد سكن وَجَعه.
جورجس: أفضل مَا عولج بِهِ الجرارات بالمحاجم وبالمص الشَّديد ويسقى بعد مَاء الهندبا)
الْبري ودهن الْورْد ويسقى مِنْهُ أَيْضا سويق التفاح فان احْتبسَ بَطْنه حقن.
شَمْعُون فِي السمُوم قَالَ: ابدأ فِي علاج الْعَقْرَب بسقي الترياق الْكَبِير وترياق الْأَرْبَعَة وترياق عزره والشخزنايا وذبيدكبريتا ودواء الحلتيت من أَيهَا شِئْت جوزة بِمَاء فاتر واسقه من سمن الْبَقر وَالْعَسَل مفترين وأطعمه ثوماً معجوناً بطلاء واسقه شرابًا أَو أَخذ تيناً جبلياً ونخالة الْبر واطبخها وَضعهَا على الْموضع وأسخن شخزنايا والترياق وَضعه عَلَيْهِ واربط فَوْقه لألا ترْتَفع إِلَى عُضْو الشريف.
قَالَ: فَأَما الجرارة فسمها حَار وَلَا يحس الوجع سَاعَة تلدغ شَدِيدا لكنه من غَد وَبعد غَد يجد وجعاً شَدِيدا وَرُبمَا تقرح الْموضع.
أفضل مَا تعالج بِهِ فالمحاجم يمص بهَا أَو يكوى أَو يسقى مَاء الهندباء ورد ويحقن بحقنة لينَة ويبرد ويرطب جملَة.
قَالَ: وطبيخ الهندبا يسقى للسع الْعَقْرَب.
قَالَ: وَكَذَلِكَ طبيخ الحندقوتي إِذا صب على اللسعة أَو ضمد بِمَاء قد طبخ فِيهِ الحندقوتي والبابونج.
دَوَاء عَنهُ للعقرب: فوتنج جبلي وجنطياناً وفلفل وجاوشير وحلتيت يحل الجاوشير بِخَمْر متعجن بِهِ الْأَدْوِيَة ويسقى مِثْقَالا بطلاء.
أَبُو جريج قَالَ: مَتى صب الحندقوقتي على مَوضِع اللسعة من الْعَقْرَب سكن وَإِن صب على عُضْو آخر أورثه وجعاً.
لي طبيخ الْيَابِس.
(5/292)
لي على مَا رَأَيْت يُؤْخَذ الشونيز فينعم دقه حَتَّى يتعجن وَيحل حلتيت بِمثل ثلث الشونيز فِي شراب ألف ز عَتيق ويعجن بِهِ وَيجْعَل أقراصاً كل وَاحِدَة مِنْهَا مِثْقَال فَإِذا لسع فَاسق مِنْهَا وَاحِدَة بأوقية شراب ودقه بزنبق أَو زَيْت واطله على الْموضع فان لم يسكن الوجع فاسقه أُخْرَى وأطعمه من غَد مرق فروج سمين باسفيداج وافصد بعد غَد وردد تَدْبيره لكَي يَأْمَن من شَره من ذَلِك الْأَمر. وَإِنَّمَا لَا يفصد من الْغَد للضعف والسهر الَّذِي مر بِهِ فَإِذا أكل ونام فافصده بعد.
مَجْهُول: اسْقِ الملسوع بزر الحندقوتي فانه يسكن مَا بِهِ إِن شَاءَ الله وَليكن مدقوقاً معجوناً)
بشراب عَتيق.
لي خبرني صديق لي أَنه جرب على لسع الْعَقْرَب طلاء الجندبادستر فَوَجَدَهُ نَافِعًا قَوِيا غاليا.
من اختيارات الْكِنْدِيّ قَالَ يسكن من سَاعَته لسع العقارب مَتى سقى من لب الرتة الْهِنْدِيَّة بعد السمق بِمَاء فاتر من ختيارات حنين قَالَ: اطل على اللسعة نفضاً أَبيض أَو زرق فانه مجرب أَو دق ثوماً وجندبادستر بالزيت وضع عَلَيْهِ أَو اسْقِ الثوم بالسمن وَلَا تقربه مَاء وضمد بِهِ أَو يطلى بعصير الكراث الَّذِي لم يمسهُ مَاء فانه يسكن على الْمَكَان لَا محَالة وَكَذَلِكَ مَاء الهندبا مَتى طلي عَلَيْهِ سكن.
قَالَ: والطرحشقوق يشرب فينفع من لسع الْعَقْرَب.
من الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة الجندبادستر وثوم بِالسَّوِيَّةِ يدق بالزنبق الرصاصي ويطلى عَلَيْهِ وَحل شخزنايا فِي الشَّرَاب واسفه أَو يَأْكُل ويتجرع مَاء. عَلَيْهِ الشَّرَاب.
فِي الفلاحة الفارسية: انه مَتى طلى الْبدن مَرَّات بِمَاء الفجل وَمَتى جف عَلَيْهِ أيد عَلَيْهِ لم تضره عقرب.
وَمَتى طبخت الوزغة بِسمن حَتَّى يذوب وقطر على اللسعة برِئ.
وَإِن قطر لبن التِّين على اللسعة لم يُجَاوز مَكَانَهُ برِئ.
وَمَتى أكل بصل الأشقيل سكن الوجع وَإِن كَانَ هُوَ أكله يَوْمه ذَلِك لم يوجعه.
الْأَعْضَاء الآلمة قَالَ: لسع رجلا عقرب فأحس كَأَنَّهُ يرْمى بحجارة جليد وَبرد بدنه كُله وعرق عرقاً بَارِدًا.
الساهر قَالَ: وَإِذا وَقعت حمى الْعَقْرَب فِي عصب أَو عرق ضَارب عرض من ذَلِك أَعْرَاض صعبة جدا.
(5/293)
الرِّبَاط فَوق اللسع نَافِع جيد فِي جَمِيع لسع الأفاعي وَغَيرهَا.
الساهر قَالَ قَالَ الْكِنْدِيّ: تُؤْكَل الرتة الْهِنْدِيَّة وَهُوَ بندق هندي ويمضغ وَيُوضَع على الْموضع فانه عَجِيب.
ابْن البطريق: أَنْفَع علاج الْعَقْرَب الْحمام وَالشرَاب والتعرق الْكثير فان كَانَ اللسع فِي يَد أَو رجل فأحم مرجلاً وَأدْخل الْعُضْو فِي هوائه حَتَّى يكَاد يَحْتَرِق فانه بليغ.
قَالَ: شَجَرَة يُقَال لَهَا شَجَرَة الرمرام يابسة تسقى بِالْمَاءِ يسكن الوجع على الْمَكَان وَصفَة هَذِه الشَّجَرَة: يخرج سَاقهَا على الأَرْض قدر إِصْبَع ثمَّ ينْبت أَغْصَان مستوية تعلو قدر ذِرَاع إِلَى فَوق عَلَيْهَا ورق يشبه ورق الصعتر وَفِيمَا بَين الورقتين شَبيهَة بالبلح الصغار طعمه وَطعم البلح سَوَاء يشرب مِنْهَا بِالْمَاءِ فيسكن على الْمَكَان.
حشيشة يُقَال لَهَا: كشوثا تنْبت من مستطيلة ألف ز على الأَرْض مُدَوَّرَة قطرها قدر قشر وَرقهَا يشبه ورق المرزنجوش وطعمها مثل طعم النبق الرطب الغض لزج مثل التِّين يدق بعد الْجَفَاف وَيشْرب بِالْمَاءِ يسكن على الْمَكَان.
دَوَاء ينفع شَاربه ويحرسه من الوجع يشبه المريافلون يُؤْتى بِهِ من الشَّام وَهُوَ عروق يشْبع اليبروح يُؤْخَذ مِنْهُ بعد الدق مَا يحملهُ ثَلَاث أَصَابِع بأطرافها وتنقع فِي نَبِيذ أَو لبن حليب وَيشْرب من غَد على الرِّيق لَا يتغذى إِلَى نصف النَّهَار.
وَقد قَالَ بعض الْأَوَائِل: إِنَّه ينفع الدَّهْر كُله وَقَالُوا: إِنَّه ينفع لذا الرجل الَّذِي يشربه وَكلما أَكثر من شربه كَانَ أَجود.
ترياق عَجِيب: زراوند طَوِيل وجنطياناً وفوتنج بستاني وَحب غَار وشراب بالسواء يطْبخ بِالشرابِ ويسقى ذَلِك الشَّرَاب ويؤكل الثفل فانه عَجِيب.
قَالَ: إِن مضغ إِنْسَان ملسوع أصل الغاريقون برِئ على الْمَكَان. وَمَتى سقِِي ورق القرطم الْبري مَعَ شَيْء من فلفل يسقى بشراب صرف نفع.
وللجرارة: يستف رَاحَة ملح جريش طيب بِالْمَاءِ مجرب جيد.)
وَمَتى مضغ أصل الراسن نفع وَإِن علق عَلَيْهِ لم يلسع وَكَذَلِكَ الغاريقون إِن علق أَو تُؤْخَذ حشيشة الجعدة وتسحق وتشرب بِالْمَاءِ.
قَالَ: وَمَتى سقى من مرَارَة التيس مثل السمسم سكن لذع الْعَقْرَب على الْمَكَان وَلَا يضر لِأَن الشربة القاتلة نصف دِرْهَم أَو نصف مِثْقَال.
والمرارات كلهَا نافعة وَلَا تكْثر مِنْهَا فَإِنَّهَا سموم.
الطَّبَرِيّ: البندق نَافِع من لذع الْعَقْرَب.
قَالَ: وَرَأَيْت قوما يعلقونه على أعضادهم ويذكرون أَنهم يَنْتَفِعُونَ بِهِ.
(5/294)
ابْن سرابيون قَالَ: لسعة الْعَقْرَب تهيج مرّة وتخف أُخْرَى وَيحدث مَعهَا انتفاخ الأرابي وتوتر الذّكر.
قَالَ: اِسْقِهِمْ ترياق الْأَرْبَعَة والسجرنيا ودواء الحلتيت.
قَالَ صديق لي: إِنَّه سمع فَشرب مثقالين من ترياق الْأَرْبَعَة بشراب صرف عَتيق قدر ثَلَاث أَوَاقٍ وطلي عَلَيْهِ مِنْهُ فسكن بعد نصف سَاعَة.
معجون خَاص للعقارب: جندبادستر أصل الكبرزراوند عاقرقرحا بِالسَّوِيَّةِ يعجن بِعَسَل الشربة مثقالان بشراب صرف.
آخر: عاقرقرحا وزراوند وجنطيانا وفلفل وأنجذان وحلتيت أَجزَاء مُتَسَاوِيَة يشرب مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ بشراب ويطلى على الْموضع بحلتيت وزيت.
وَمِمَّا لَهُ خَاصَّة عَجِيبَة: أَن يوضع عَلَيْهِ سَاعَة تلسع الْفضة الْبَيْضَاء فَإِنَّهَا عَجِيبَة.
وينفعه التعريق وضع ذَلِك الْعُضْو فِي المَاء الْحَار وَيشْرب بشراب صرف كثير بعد شدّ الْموضع.
لي يَنْبَغِي أَن يشرب مُتَتَابِعًا شرابًا كثيرا قدر مَا يسكره سكرا شَدِيدا ثمَّ يفصد من غَد فانه أسلم مَا يعالج بِهِ.
وخبرني ابْن عمر السيرافي قَالَ إِنَّه شرب فِي حِين لسعته مداد هنديا فسكن جَمِيع الوجع على الْمَكَان.
قَالَ: ولسعت غُلَاما فحك عَلَيْهَا باذروجاً فسكن كل مَا بِهِ.
الدَّوَاء العسكري: يُؤْخَذ أصل الحنظل وَاصل الْكبر وأفسنتين وزراوند طَوِيل وطرخشقوق)
أَجزَاء مُتَسَاوِيَة مجففة يسقى الرجل أَو الْمَرْأَة زنة دِرْهَم وَالصَّبِيّ دنقين.
خبرني أَبُو الْقَاسِم أَنه أَخذ هَذَا الدَّوَاء بالكره والعنف من صَاحبه وَلم يَثِق بِهِ حَتَّى لسع غُلَامه فَسَقَاهُ فبرئ من سَاعَته ثمَّ أعَاد ذَلِك مَرَّات ثمَّ خلى سَبيله ألف ز وخبرني بعد ذَلِك مَرَّات كَثِيرَة أَنه يتَّخذ مِنْهُ فيعطي جِيرَانه وَالنَّاس وَهُوَ عَجِيب فِي ذَلِك. 3 (الرتيلا والشبث) وَهُوَ ضرب من الرتيلا الدوقوا إِذا شرب بشراب نفع من نهش الرتيلا.
وأصل الهليون إِن طبخته بِالشرابِ نفع من نهش الرتيلا. د: عصارة حَيّ الْعَالم ثَمَرَة الطرفاء نافعة لنهش الرتيلا.
القيصوم مَتى شرب بشراب نفع من نهش الرتيلا.
عصارة ورق التوت مَتى شرب مِنْهَا أُوقِيَّة وَنصف نفع من نهش الرتيلا.
(5/295)
مَاء رماد التِّين الْعَتِيق نَافِع من نهش الرتيلا. د: ورق الْخَبَّازِي البستاني نَافِع من نهش الرتيلا.
وَابْن الْعرس الْبري يسقى للذعة والرتيلا.
ابْن البطريق قَالَ: هَذِه أَنْوَاع كَثِيرَة: فالحمر يعرض مِنْهَا وجع يسير يسكن سَرِيعا وَأما السود الرقط فَيعرض وجع شَدِيد وقشعريرة وَثقل فِي الفخذين وحكاك وَأما الْبَيْضَاء المدورة الْبَطن الصَّغِيرَة الْفَم فانه يعرض مِنْهَا وجع يسير وحكاك ومغس ومشي الْبَطن وَأما الكوكبية الَّتِي على ظهرهَا خطوط مستوية براقة فانه فَيعرض وجع شَدِيد وقشعريرة وَثقل فِي الرَّأْس واسترخاء الْبدن وَأما الصفر الَّتِي عَلَيْهَا شبه الزغب فَيعرض عَنْهَا برد الْجِسْم كُله ووجع شَدِيد فِي مَوضِع اللسع واقشعرار وعرق بَارِد وَانْقِطَاع الصَّوْت ويرم الْبدن ورماً شَدِيدا ويقذف الْمَنِيّ ويبول بولاً كثيرا.
وَأما الشبث فَإِنَّهَا إِذا لسعت عرض مِنْهَا وجع شَدِيد فِي الْمعدة وصداع وقيء وعسر الْبَوْل واحتباس الرجيع وَيقتل سَرِيعا.
وَأما المصرية فَإِنَّهَا قاتلة.
والزيبرية يرم مَوضِع لدغتها ويعرض كزاز فِي الْبدن وسبات وَضعف فِي الرُّكْبَتَيْنِ.
وَمِنْهَا شَيْء صَغِير على لون الذراريح يعرض مِنْهَا تنفط الْبدن وَثقل اللِّسَان ووجع شَدِيد وعلاجها من قَول روفس وَج ود: يضمد برماد خشب التِّين وملح ويعجن بشراب أَو يضمد بزراوند مدحرج معجون بخل واغسل الْجرْح بِمَاء وملح وَأدْخلهُ الْحمام أَيَّامًا تباعا واسقه من ثَمَرَة الطرفاء والأرز وطبيخ السرو ودارصيني بشراب.
ترياق الرتيلا يُؤْخَذ زراوند طَوِيل وشيح وسوسن أسمانجوني وأصل السوسن الْأَبْيَض وسنبل رومي وعاقرقرحا وبزر الجزر الْبري وخربق أسود وكمون وبورق وورق التوث وَحب الْغَار وإنفحة الأرنب وَدَار صيني وسوطان نهري وعود بلسنان وبزر كرفس بالسواء يعجن بِعَسَل الشربة جوزة بمطبوخ وَيغسل فِي الْحمام بِالْمَاءِ الْحَار ويسقى الْمَطْبُوخ مخروجاً فَإِنَّهُ يُبرئهُ.
(5/296)
جمل فِي أَمر السمُوم والمنذرة بالسم والهوام الْحَادِثَة السمُوم والمفردات الَّتِي تدخل فِي الترياقات.
الثَّالِثَة عشر من حِيلَة الْبُرْء قَالَ جالينوس: يعرض فِي لسع الْهَوَام عرضان استفراغ السم وإحالته عَن طباعة واستفراغه يكون بالأدوية القوية الجذب وإحالة بالجذب وإحالته يكون بالمضاد لذَلِك السم فِي الْكَيْفِيَّة ألف ز أَو بِمَا يضاده بِخَاصَّة فِيهِ والجذب يكون بالأدوية القوية الإسخان أَو بالمحاجم وَالْعُرُوق المجوفة وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي تكون تجذب السم إِلَى الْخَارِج وتخرجه. وَإِمَّا فِي الْكَيْفِيَّة فَإِن كَانَ المنهوش يجد حرارة قَوِيَّة فِي الْعُضْو أَو فِي جَمِيع بدنه فدواه بالمبردات وبالضد.
الأخلاط الْمقَالة الثَّالِثَة قَالَ: يحدث عَن شرب الْأَدْوِيَة المعفنة كأرنب الْبَحْر والذراريح واقرانيطش نَتن شَدِيد فِي الْفَم.
فِي كتاب العلامات فِي أَوله وصف الأفاعي والعقارب والرتيلا وصنوفها باستقصائها وَكَذَلِكَ فِي السمُوم فَاسْتَعِنْ بذلك عِنْد التحذير.
السَّادِسَة من تَفْسِير السَّادِسَة من أبيذيميا: اللَّبن الْجيد للسموم الَّتِي تقتل بالبرد وَالْخمر تصلح للَّتِي تقتل بإفراط إِخْرَاج الْبدن عَن الِاعْتِدَال والخل يصلح للَّتِي تقتل بالغلظ والخنق كالقطر وَالْملح يفني جَوْهَر الْأَدْوِيَة والأخلاط الرَّديئَة.
الْيَهُودِيّ: من أَصَابَهُ سم شَبيه غشى وَغَابَ سَواد عَيْنَيْهِ مَاتَ على الْمَكَان.
من طمرت عَيْنَيْهِ ولدع لِسَانه مَاتَ على الْمَكَان.
وَإِذا لسع إِنْسَان هَامة فتبع ذَلِك غشى شَدِيد وَجرى من أَنفه دم أسود واخضرت شفتاه مَاتَ من سَاعَته.
من كتاب الطلمسات قد ذكره غير وَاحِد من القدماء قَالَ: جفف مرَارَة الجدي فِي الظل وَاتخذ مِنْهَا شيافاً وترفع فَإِذا وَقعت بِإِنْسَان لدغة فالتحك كَمَا تحك الشيافات ويكحا بهَا)
ثَلَاثَة أَمْيَال يُخَالف لجَانب اللدغة وغن كَانَت اللدغة فِي الْجَانِب الْيَمين كحل فِي الْعين الْيُسْرَى وَإِن كَانَت فِي الْيُسْرَى فاليمنى.
شرك قَالَ: من خَافَ من سم أَو نهش هَامة فليعلق على نَفسه الزبرجد والبسد واللؤلؤ وَالْحجر البازهرد ويتخذ فِي بَيته الكركي والطاؤوس والإوز والمردسان والغراب والعقعق
(5/297)
فَإِن هَذِه تنذر بالسم بعلامات ظَاهِرَة عَلَيْهَا فان الإوز مَتى أطْعم من طَعَام مَسْمُوم ارتبك فَلم يقوى على الهضم والببغاء يَصِيح والكركي مَتى أكل مِنْهُ فاضت دُمُوعه والدجاج الأهلي إِن أكل مِنْهُ بولس قَالَ: يجب بِمن يستريب بِطَعَام وَيقدم إِلَيْهِ أَلا يَأْكُل من الْأَشْيَاء الْغَالِبَة الطّعْم كالشديد الْحَلَاوَة والحموضة فان الْأَدْوِيَة القاتلة يشاعة إِنَّمَا تخفيها هَذِه الطعوم على الْأَكْثَر وليقدم مَا يحترس مِنْهُ كالمثروديطوس فناه مَتى أدمن عَلَيْهِ أَو أسْتَعْمل قبل أَخذ السم لم يحك فِي الْإِنْسَان وَقد جرب مِنْهُ ذَلِك وَمثل التِّين وورق السذاب والجوز وَالْملح الجريش وكمعجون الطين يُؤْخَذ مِنْهُ كل يَوْم كالبافلى فَإِنَّهَا تمنع من حِدة السمُوم.
وَمن سقِِي شَيْئا لَا يدْرِي مَا هُوَ فأسرع فِي علاجه وَلَا تُؤخر ذَلِك لانتظار العلامات فيسري فِي الْبدن ويعسر علاجه وبادر فاسقه مَاء فاتر وَسمنًا وقيئهم أَو أسقه طبيخ بزر القريص وَسمنًا فان هَذَا يسهل الْبَطن ويهيج الْقَيْء ثمَّ أسقه اللَّبن فانه يكسر حرافة السمُوم والزبد أَجود وأبلغ. فَإِذا استنظفت بالقيء مَا أمكنك فَعَلَيْك بالحقن فَإِذا فرغت فعد إِلَى المفتر فانه يُبدل مزاج مَا بَقِي بعد ذَلِك ثمَّ اطلب من بعد ذَلِك الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر ترياقاً مُوَافقا.
فيلغرغورس: فِي كتاشه الصَّغِير قَالَ: جَمِيع السمُوم مَتى جهلت مَا هِيَ فاسقه المَاء وَالزَّيْت وقيئه قيئاً دَائِما وأطعمه أغذية مقيئة وقيئه بعقبها فانه إِمَّا أَن يخرج بالقيء وَإِمَّا أَن تنكسر شدته فان التهب الْبَطن بعد الْقَيْء فاسقه مَاء الثَّلج ودهن الْورْد مبرداً وقيئه وسقه ترياق الطين وَحب الْغَار فانه بقيء السم وامنعه النّوم أدلك يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فان زعم أَن الْأَذَى سرابيون: مَتى عرضت نهشة لَا تَدْرِي مَا هِيَ فاجتذب السم من ساعتك بالمص وَليكن الَّذِي يمص قد طعم وَمَتى أحتمل المحاجم فضعها عَلَيْهِ واشرط حول النهشة وضع عَلَيْهَا المحاجم فان السم ينجذب وَإِن ظَنَنْت أَنه حَيَوَان رَدِيء قتال فاقطع الْعُضْو الْبَتَّةَ فان لم تلْحقهُ حَتَّى دَار السم فِي بدنه فافصده. وخاصة إِن كَانَ ممتلئاً ثمَّ اسْقِهِ فلفلاً وثوماً بشراب صلب كثيرا ليملأ بدنه بخارات رطبَة وحرارات متشاكلة فتمنع ضَرَر السمُوم وضمده بالأضمدة)
المحرفة وانطله بطبيخ الفوتنج الْجبلي وشق سمكًا أَو دجاجاً وَضعهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تجذب السم وتسكن الوجع وضع المراهم الحارة القوية واسقه الطرخشقوق والقفر الْيَهُودِيّ وَابْن عرس مجفف بخل الأشقيل أَو حب الْغَار أَو سرطانات نهرية مشوية وأطعمه مِنْهَا فانه علاج شرِيف أَو أسقه مُثقلًا من الجندبادستر بشراب أَو أسقه ترياق الأفاعي. هَذَا إِذا ظَنَنْت انه حَيَوَان رَدِيء وَخفت من وُصُول سمه فإمَّا إِذا كَانَ الْحَيَوَان ضَعِيفا لَا يصل سمه فَلَا واجتذب لذا الْعرق جهدك.
سوء المزاج الْمُخْتَلف: لعاب الأفعى وَالْإِنْسَان يقتل كلٌ مِنْهُمَا صَاحبه لِأَن هما فِي غَايَة المضادة.
وَإِن بزق الْإِنْسَان على الْعَقْرَب وَهُوَ على الرِّيق قَتلهَا.
(5/298)
(الْأَدْوِيَة المفردة للسم)
الْخَامِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة للأدوية الجاذبة: المشكطرا مشير ووسخ الكوارات والتافسيا والسكبينيج والحلتيت وَالْخمر والزبول عَامَّة وزبل الْحمام يجتذب جذباً قَوِيا بليغا وزبل البط قوي جدا يفوج الْبدن وزبل النَّاس.
وَمِنْهَا أدوية تجتذب بِخَاصَّة.
لي 3 (الفوتنج الْيَابِس) النَّهْرِي مَتى ضمد بِهِ جذب السم كجذب الكلى لسخونته ولطافته.
لي وَقد جربنَا ترياق الطين الْمَخْتُوم فِي قوم سقو من الأرنب البحري والذراريح وَغَيرهَا فسقيتهم مِنْهُ والسم لم ينفذ بعد فتقيئوا السم كُله. وَهُوَ يفعل ذَلِك لكل سم.
والكبريت لَهُ قُوَّة جاذبة مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْبَوْل مَوضِع النهشة منع السم من أَن يوغل فِي الْبدن.
الخوز قَالَت: يَنُوب عَن الترياق فِي نهش الأفاعي وبشرب السمُوم القاتلة الدَّوَاء الَّذِي ألف ز وحيوان يُقَال لَهُ سموليك مضاد للسموم جدا. د: 3 (بزر الأترج) يضاد السم أجمع مَتى شرب مِنْهُ مثقالان.
وَقَالَ: الأنافح تقاوم جَمِيع الْهَوَام. يشرب بشراب مِقْدَار ثلث أوبولسات.
وَهَكَذَا يكون ابْن عرس يحسى بكزبرة وَيُؤْخَذ مِنْهُ عِنْد الْحَاجة. 3 (الأنيسون) ينفع من السمُوم والهوام.
أصل الأنجدان بادزهر. 3 (الحلتيت) ينفع من جَمِيع الْهَوَام شرب أَو تلطخ بِهِ وَمن السِّلَاح المسموم.
ودهن البلسان مَعَ اللَّبن نَافِع من الْهَوَام.
حَبَّة ثَمَرَة الفنجنكشت نَافِع من الْهَوَام. 3 (البندق) مَتى أكل قبل الطَّعَام قاوم السمُوم. د: 3 (برشاوشان) نَافِع من الْحَيَّات والهوام.
الْجَوْز مَعَ التِّين والسذاب نافعة من القتالة.
جندبادستر يصلح للهوام جملَة وللأدوية القتالة.
الجنطيانا نَافِع للهوام.
والجاوشير نَافِع مَعَ زراوند نَافِع لجَمِيع الْهَوَام.
بزر الجزر الْبري نَافِع للهوام. 3 (الدارصيني) مقاوم لسموم الْحَيَوَان.
ثَمَرَة الدلب الطرية نافعة من نهش الْهَوَام.
(5/299)
الدَّجَاج يشق ويضمد بِهِ اللذعة - وَهِي حارة - ويبدل، نَافِع.
رماد الزّجاج نَافِع من الْهَوَام.
وزهرة الدفلى وورقه نَافِع من الْهَوَام مَعَ السذاب.
الوج نَافِع من الْهَوَام.
الزَّيْت إِذا تهوع بِهِ أَضْعَف السم وأوهنه. ج: 3 (بعر الماعز الْعَتِيق المحرق) يضمد بِهِ ويسقى من نهش الْهَوَام ونهش بعض الأفاعي. د: 3 (الزراوند) الطَّوِيل يشرب للسموم ويضمد بِهِ.
الْحَرْف نَافِع للهوام.
الحسك الْبري مَتى شرب مِنْهُ دِرْهَم وضمد بِهِ بشراب نفع من الأفاعي وَمنى شرب مَعَ شراب نفع من الْأَدْوِيَة القتالة.
الطين الْمَخْتُوم بشراب يمْنَع السمُوم بِقُوَّة وَإِن تقدم فِي شربه وَشرب سما تقيئه وَهُوَ صَالح من الْهَوَام يطلى عَلَيْهِ بخل.
أصل اليبروح يخلط بِعَسَل ويضمد بِهِ جيد للسع الْهَوَام.
رماد الْكَرم مَعَ النظرون والخل نَافِع.
والكمون مَعَ الْخلّ يسقى لنهش الْهَوَام وخاصة الحبشي.
طبيخ الكرفس وأصوله نَافِع من السمُوم وبزره نَافِع.
الكاشم والكمادريوس نافعان من لذع الْهَوَام.
مَاء الكراث النبطي نَافِع للنهش مَتى تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل.
اللَّبن يدْفع حِرْفَة الْأَدْوِيَة الحارة وخاصة لبن الْبَقر أجوده.)
روفس: 3 (المَاء الْحَار) يستحم بِهِ للهوام.
مرَارَة الثور صَالِحَة للهوام.
النانوخيه تشرب للهوام.
ورق السوسن يضمد بِهِ وبزره يشرب للهوام بخل.
السرطان النَّهْرِي مَعَ لبن نَافِع للهوام.
السكبينج نَافِع للهوام.
بزر السذاب يشرب للسموم وَمَتى تقدم فِي أَخذ ورقه مَعَ تين وَجوز أبطل فعل السم والهوام.
حب العرعر نَافِع للهوام.
(5/300)
الْعَسَل نَافِع للهوام مَتى أَخذ مسخناً مَعَ دهن ورد.
الفستق يُؤْخَذ للهوام مَعَ شراب الفلفل نَافِع للهوام وَكَذَلِكَ الفوة.
أصُول بخور مَرْيَم نَافِع من السمُوم مَتى أَخذ مَعَ الشَّرَاب وَمَتى ضمد بِهِ كَانَ صَالحا.
الفربيون نَافِع ألف ز للأفعى والهوام.
والفوتنج نَافِع لجَمِيع أَنْوَاع الْهَوَام وَإِذا تقدم فِي شرب طبيخة نفع السم والتضميد بِهِ يقوم مقَام الكي.
القردمانا ينفع من الْهَوَام.
القيصوم يُؤْخَذ مَعَ شراب للهوام.
والقنة نافعة لذَلِك.
والمر بادزهر للسم الَّذِي يطلى على النشاب وَهُوَ السم الأرميني.
الراسن نَافِع للهوام.
بزر الرازيانج نَافِع للهوام.
بزر السلجم نَافِع للهوام.
الزفت الرطب نَافِع للسموم ويضمد بِهِ مَعَ ملح للهوام.
لبن التِّين يسقى للهوام.)
الضفادع تطبخ بِزَيْت وملح وتؤكل فتنتفع من الْهَوَام كلهَا.
والغاريقون نَافِع إِذا يشرب بشراب للهوام والسموم وَكَذَلِكَ الغافت.
بزر الحظمى مَعَ خل وزيت يطلى بِهِ الْجَسَد فَيمْنَع مضرَّة الْهَوَام.
الْخِيَار البستاني طبيخه نَافِع من الْأَدْوِيَة القتالة.
الْخلّ المسخن يصب على نهش الْهَوَام الْبَارِد يسقى حاراً للبارد وبارداً على الْحَار ويسقى بثلج لَهَا وينفع بخاصته من المخدرة.
أصل الْخُنْثَى يسقى مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم بشراب للهوام ويضمد بورقه النهشة مَعَ الشَّرَاب.
ابْن ماسويه النافعة للسموم القتالة: اسْقِ من الدارصيني دِرْهَمَيْنِ أَو مخ الأرنب بخل خمر أوقيتين أَو جندبادستر زنة مِثْقَال مَعَ أوقيتين من زبد أَو مِثْقَال غاريقون مَعَ مِثْقَال من الزراوند الطَّوِيل والقيصوم والفوتنج النَّهْرِي زنة مِثْقَال من كل وَاحِد.
من تذكرة عَبدُوس: ينفع من سقى السم أَن تسقيه من ساعتك خروء الديوك.
الْكَمَال والتمام: ينفع من السمُوم مَاء الحسك الْمَقْصُور وَيُؤْخَذ من الأنجدان زنة دِرْهَم وَمن أُصُوله مثله وَمن الشيح الأرميني زنة دِرْهَمَيْنِ ويعجن بخل ويسقى بِمَاء التفاح.
وينفع مِنْهَا جملَة من الْهَوَام الترياق الْكَبِير والمثروديطوس.
(5/301)
والطين الْمَخْتُوم نَافِع للسموم خَاصَّة.
وليأخذ من يخَاف على نَفسه السمُوم على الرِّيق سذابا وملحاً وجوزاً.
المفردة: بزر الجزر الْبري سنبل رومي جندبادستر ورق القضب عصارة فراسيون يسقى بِمَاء شبث دِرْهَمَانِ وَنصف بمطبوخ ريحاني.
وينفع مِنْهَا البندق والسذاب والتين.
وَأما الْهَوَام فَمَا لم تعمق وَإِنَّمَا هُوَ الْجلد فصب عَلَيْهِ خلا وَمَاء مسخناً ويمص بالفم وَليكن من يمصه غير صَائِم وَلَا متأكل الْأَسْنَان وَلَا أبخر ويتمضمض قبل ذَلِك بِالشرابِ ثمَّ يمسك فِي فِيهِ زبدا ودهن بنفسج ويطلى اللسعة بالرماد والخل وتضمد برماد حطب التِّين وَالْكَرم فان لم يحضر فَأَي رماد حضر فان لم يكن شَرط شرطا عميقاً فألق عَلَيْهِ محاجم بالنَّار وتمص فان ثَبت الوجع بعد ذَلِك فلتقطع اللَّحْم الَّذِي حول اللسع إِلَى الْعظم ويضمد بعد الشَّرْط بديوك مشققة وَهِي حارة وتبدل كل سَاعَة مرَّتَيْنِ أَو يضمد بثوم وملح.)
وبعر الْغنم فانه نَافِع إِذا ضمد بِهِ جَمِيع لسع الْهَوَام إِلَّا الْأَصْلِيَّة وَإِن خفت أَن يكون لسع الْأَصْلِيَّة فاخلط النورة بالزيت وَعسل وضمد بِهِ.
وَالزَّيْت وَالْملح مطبوخان يقاومان ألف ز جَمِيع لسوع الْهَوَام.
وَكَذَلِكَ الرِّبَاط الشَّديد.
وأدمغة الدَّجَاج وإنفحة الأرنب إِذا شربت تَنْفَع بِإِذن الله من لسع الْهَوَام وَكَذَلِكَ الجندبادسنز وَكَذَلِكَ الرّقّ المملح أَعنِي السّمك ترياق نَافِع للسموم الْهَوَام عَامَّة أفيون وَمر دِرْهَم دِرْهَم فلفل ونضى أصل الزراوند الطَّوِيل والمدحرج ثَلَاثَة دَرَاهِم حرمل وكمون هندي دِرْهَم شونيز خَمْسَة جنطيانا ثَلَاثَة دَرَاهِم سذاب دِرْهَمَانِ يعجن بِعَسَل وَمَاء الجرجير الشربة مِثْقَال بمطبوخ جيد.
من الْمُقَابلَة للأدواء: مَتى لم يظْهر مَا النهش أَو السم فَاسق المسموم مَاء حاراً أَو زيتاً كثيرا أَو قيئه وامنعه من النّوم الْبَتَّةَ.
ورق سذاب يَابِس عشرُون جُزْءا جوز جزءان ملح خَمْسَة أَجزَاء تين يَابِس مثله يطعم على الرِّيق.
معجون الطين ينفع مَتى شرب قبل الْأَدْوِيَة القتالة: حب الْغَار مثقالان طين مختوم مثقالان وَأَبُو لِسَان يعجن بِزَيْت الشربة بندقة مَعَ ثَلَاث أَوَاقٍ مَاء الْعَسَل الْيَهُودِيّ قَالَ: لسع الْعَقْرَب أَشد وجع من ابْتِدَائه ثمَّ يخف قَلِيلا قَلِيلا ولسع الْحَيَّة لَا يزَال يشْتَد.
من الْفرق: كل نهشة من ذَوي سم فَلَا يدمل جرحه حَتَّى تعلم أَن العليل قد برأَ واسقه الْأَدْوِيَة الحارة.
(5/302)
أَبُو جريح: القنة نافعة من السمُوم والهوام جملَة.
ابْن بطرِيق: مَا لَا يعرف ضَرَره من الْهَوَام فعلاجه بِهَذَا العلاج فانه عَام لَهَا: يمص الْموضع ويشرط ويحجم بالنَّار ويكوى فَإِنَّهُ تُوضَع أبلغ وَإِذا رَأَيْت الْأَمر مفرطاً فِي الوجع والأعراض تُوضَع عَلَيْهِ فراريج مشقوقة ويطلى بِهَذَا الطلاء فانه كَاف فِي الجذب: خَرْدَل وقلي ونورة يطلى بالقطران ويسهل الْبَطن ويحدر الْبَوْل ويدر الْعرق واسقهم ترياقات للأعراض الَّتِي تظهر.
(عَلَامَات الْحَيَوَانَات عَن رُؤْيَة السمُوم أَو أكلهَا)
العلامات الَّتِي تظهر فِي الْحَيَوَانَات عَن رُؤْيَة السمُوم أَو أكلهَا الطاؤوس يرقص ويصيح ويخطه السم ويوهن سُورَة السم.
والإوزيكبو منقرضاً ويهرب.
الفاوندة يَمُوت مَكَانهَا.
الصفرد يبيض بحمرة رقيقَة.
الْغُرَاب يهيج صَوته.
القرد يتقيأ ويسلح.
ابْن عرس يقشعر وَيقوم شعره.
قَالَ: وَالْجَارِيَة الَّتِي تغى بالسم ليقْتل بهَا الْمُلُوك يجِف جَمِيع مَا تمسه من الْخضر وَالْوَرق وَغير ذَلِك وَيقتل لُعَابهَا الدَّجَاج وَالْحَيَوَان وَلَا يقربهَا الذُّبَاب.
قَالَ: نَبَات يُسمى الجدوار قد وَقع الْإِجْمَاع على أَنه يقوم مقَام الترياق فِي السمُوم والهوام. وَقَالَ لَا يتْرك السمُوم والملسوع ينَام لي قَالَ: رَأَيْت الْعِمَاد فِي نهش الأفاعي خَاصَّة وَأكْثر السمُوم على تَقْوِيَة الْحَرَارَة الغريزية ليَكُون أَكثر من أَن يُمكن أَن يعْمل فِيهَا السم وَلذَلِك أرى أَن الْخمر مُوَافقَة جدا.
اللعبة البربرية تثير فِي الْبدن حرارة كَأَنَّهَا طبيعية فَلذَلِك أَحسب أَنَّهَا مُوَافقَة وَأَنَّهَا أشرف دَوَاء يكون وَكَذَلِكَ ألف ز الحلتيت والثوم.
(5/303)
(جمل السمُوم) وَالَّتِي تَنْفَع مِنْهَا وَمن غَيرهَا جملَة وَالسِّلَاح المسموم وَكَيف يحترس مِنْهَا وقانون السم والهوام قَالَ بديغورش: الأدربويه وَهُوَ الأذريون خاصيته النَّفْع من السمُوم والهوام.
وَقَالَ د: 3 (بزر الأترج) مَتى شرب ضاد السمُوم القاتلة.
وَقَالَ ابْن ماسويه: مَتى شرب مِنْهُ مثقالان بِمَاء فاتر وشراب أَو دق وَوضع على مَوضِع اللذعة.
وَقَالَ: خاصيته النَّفْع من السمُوم إِذا ازدردت.
بديغورش: زبل الْإِنْسَان خاصيته النَّفْع من السم.
وَقَالَ بديغورش واطهورسفس: خاصيته النَّفْع من السمُوم من جَمِيع الْهَوَام وَمن الْأَدْوِيَة القتالة.
قَالَ: ج: إِن الْعُضْو الَّذِي يقوم لِابْنِ عرس مقَام الْمعدة يُقَاوم جَمِيع سموم الْهَوَام.
قَالَ د: 3 (ابْن عرس الْبري) إِن أخرج مَا فِي جَوْفه وملح بعد سلخه وجفف وَشرب مِنْهُ مِثْقَال بشراب كَانَ من أقوى الْأَدْوِيَة للهوام والسم الأرمني الَّذِي يَجْعَل النشاب.
وجوفه مَتى حيش بكزبرة وجفف نفع من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ ديسقوريدوس إِن الأنافح مَتى شرب مِنْهَا ثَلَاثَة أبولسات بشراب نَفَعت من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ بديغورش: الأشقيل خاصيته النَّفْع من جَمِيع لسع الْهَوَام.
الأنيسون من السمُوم والهوام جدا. د:
3 - (أصل الأنجدان)
مَتى شرب كَانَ بادزهر الْأَدْوِيَة القتالة.
والحلتيت نَافِع من جَمِيع الْهَوَام مَتى شرب أَو لطخ بِهِ والجراحات الَّتِي تكون بِالسِّلَاحِ المسموم.
ابْن عُلْوِيَّهُ بَوْل الْإِنْسَان ينفع من نهش الْهَوَام إِذا شرب والأدوية القتالة.
دهن البلسان مَتى شرب بِلَبن جيد للسع الْهَوَام ونهشها. د: وَكَذَلِكَ حب البلسان مَتى شرب جيد جدا من نهش الْهَوَام. د:
(5/304)
وطبيخ حب البلسان أَيْضا نَافِع من نهش الْهَوَام , 3 (ثَمَرَة الفنجنكشت) تَنْفَع مَتى شربت من الْهَوَام جملَة.
والفنجنكشت مَتى ضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام.
البندق إِذا أكل قبل الطَّعَام نفع من السمُوم.
بزر الباذاورد مَتى شرب نفع من السمُوم.
وبرسياوشان ينفع من نهش الْحَيَّات والأفاعي والهوام.
والجوز إِن أَخذ مَعَ التِّين والسذاب الْيَابِس قبل الْأَدْوِيَة القتالة بادزهر وينفع أَيْضا بعد أكلهَا جيدا وَهُوَ ستر يصلح الْهَوَام جملَة والأدوية القتالة. د: أصل الجنطيانا مَتى سقِِي مِنْهُ دِرْهَمَانِ مَعَ فلفل وسذاب نفع من نهش الْهَوَام.
الجاوشير مَعَ زراوند جيد لنهش الْهَوَام. د: بزر الجزر الْبري مَتى شرب وَافق نهش الْهَوَام. د: وَقد زعم قوم أَن من تقدم فِي شربه لم يخس ضَرَر السمُوم والهوام.
وَقَالَ: الدارصيني يُوَافق للسموم ونهش الْهَوَام وَقَالَ: ثَمَرَة الدلب الطري مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من نهش الْهَوَام.
وَإِذا شقَّتْ الدَّجَاج وَوضعت حارة على النهشة نَفَعت وَيجب أَن تبدلها كل سَاعَة أُخْرَى.
وَقَالَ دماغ الدَّجَاج مَتى شرب بشراب نفع من نهش الْهَوَام. وَقَالَ: زهر الدفلى وورقها مَتى شرب بِالشرابِ خلصا النَّاس من نهشة ذَوَات السمُوم وخاصة مَتى خلط بهما السذاب.
وَقَالَ: طبيخ الوج نَافِع من الْهَوَام.)
وَالزَّيْت مَتى أَدِيم التهوع بِهِ مَعَ المَاء الْحَار أبطل نكاية السم والأدوية الردية.
وَقَالَ: زبل الْمعز المحرق ألف ز يَجْعَل مِنْهُ ضماد بخل وَيُوضَع على مَوضِع النهشات وخاصة إِن لم تكن نهشة أَفْعَى فيشفى شِفَاء عَظِيما ويشفي أَيْضا نهش الأفاعي.
وَقَالَ ج: الزراوند الطَّوِيل مَتى شرب مِنْهُ درخمى بشراب أَو تضمد بِهِ كَانَ النجح للهوام والأغذية والقتالة.
الْحَرْف مَتى شرب نفع من لسع الْهَوَام. د: الحسك الْبري مَتى شرب مِنْهُ درخمى وتضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام وَمن نهش الأفعى وَمَتى شرب بشراب نفع من الْأَدْوِيَة القاتلة.
وَقَالَ: الطين الْمَخْتُوم مَتى شرب بِالْخمرِ دفع مضرَّة السمُوم بِقُوَّة قَوِيَّة وَمَتى تقدم فِي شريه قبل الدَّوَاء الْقِتَال أخرجه بالقيء وَوَافَقَ لذع الْهَوَام.
(5/305)
وَقَالَ: دَوَاء العرعر يفني السم إِذا شرب وَقد جرب ذَلِك فِي شرب الأرنب البحري والذراريح ويظن أَنه يفعل فِي جَمِيع السمُوم.
قَالَ ج: وَكَانَ طَبِيب يضمن ذَلِك الطين عَن هَذَا فِي جَمِيع السمُوم ونهش جَمِيع الْهَوَام إِذا طلي مَحل نَيف وَيُوضَع فَوْقه ورق قنطوريون أَو سقورديون أَو فراسيون وَنَحْو ذَلِك مِمَّا قوته مضادة للعفن.
أصل اليبروح مَتى خلط بالعسل أَو بالزيت وضمد بِهِ كَانَ جيدا للسع الْهَوَام. د: الكمون الَّذِي يشبه الشونيز نَافِع جدا من نهش الْهَوَام إِذا شرب. د: طبيخ الكرفس نَافِع من نهش الْهَوَام.
القيسوم وبزر الرفس ينفع من نهش الْهَوَام. د: سمرنيون نَافِع من نهش الْهَوَام. د: كمادريوس مَتى شرب بِالشرابِ أَو ضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام جملَة. د: الكاشم نَافِع من لذع الْهَوَام. د: مَاء الكراث النبطي مَتى اخذ مَعَ الْعَسَل نفع من نهش الْهَوَام وَمَتى ضمد بِهِ مدقوقاً فَوق اللذعة نفع جدا. د: اللَّبن يدْفع حرقة الْأَدْوِيَة الحارة والقتالة وشرها وَهُوَ مقاوم لَهَا وَلبن الْبَقر خاصته هَذَا أَكثر)
من غَيره. ج: اللَّبن من شَأْنه تسكين الحدة واللذع صَار الْأَطِبَّاء يستعملونه فِي شرب الذراريح والينبوت وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الحارة الحريفة وَقد أَصَابُوا فِي ذَلِك.
أصل ليثابوطس مَتى شرب بِخَمْر نفع من نهش الْهَوَام. د: الْمقل ينفع من نهش الْهَوَام. د: الْملح مَتى سحق وصير فِي خرقه وغمس فِي خل وضمد بِهِ الْعُضْو المنهوش من لذع الْهَوَام نَفعه.
مَاء الْبَحْر مَتى دخل فِيهِ وَهُوَ سخن نفع من نهش الْهَوَام الَّتِي يعرض مِنْهَا الارتعاش. د: الاستحمام بِالْمَاءِ الْحَار يسكن الْأَعْرَاض الْحَادِثَة عَن نهش الْهَوَام.
روفس: مرَارَة الثور تدخل فِي اللطوخات النافعة من نهش الْهَوَام. د: النمام ينفع من ضَرَر الْهَوَام مَتى ضمد بِهِ وَإِن شرب بشراب نفع من لسع الْهَوَام.
وَقَالَ: بزر السوسن يشرب لضَرَر الْهَوَام.
وَقَالَ: إِذا شرب بالخل نفع من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ: السرطان البحري النَّهْرِي إِذا دق وَشرب بِلَبن الأتن نفع من نهش الْهَوَام. د: السكبينج مَتى شرب الشَّرَاب نفع لسع الْهَوَام.
(5/306)
وبزر السذاب إِن شرب مِنْهُ سونافر بشراب نفع بشراب نفع من الْأَدْوِيَة القتالة وَمَتى تقدم فِي أكل ورقه وَحده أَو مَعَ تين يَابِس وَجوز أبطل فعل السم القتالة وطرز ضَرَر الْهَوَام. د: حب العرعر جيد لضَرَر الْهَوَام.
قَالَ: ابْن ماسويه مَتى دق الفستق وَشرب بنبيذ صلب قوي نفع من نهش الْهَوَام وَالْعَسَل إِن شرب سخناً بدهن الْورْد أَبْرَأ نهش الْهَوَام ألف ز.
وَقَالَ: الفستق الشَّامي جيد لنهش الْهَوَام.
الفلفل ينفع من نهش الْهَوَام.
أصل بخور مَرْيَم نَافِع إِذا شرب بِالشرابِ من الْأَدْوِيَة القتالة وَمَتى ضمد بِهِ نفع من سموم الْهَوَام. د: مَتى شرب من القنة والفوة مَعَ وَرقهَا نَفَعت من نهش الْهَوَام.)
الغاريقون إِن شقّ جلد الرَّأْس إِلَى أَن يظْهر القحف وَحشِي بِهِ وخيط لم يضرّهُ إِذا كَانَ فِيهِ نهشة شَيْء من الْهَوَام فِي مَا زعم قوم. د: جَمِيع أَصْنَاف الفوتنج مَتى نقدم فِي شربه بِالْخمرِ دفع مضرَّة السمُوم القتالة. د: الفوتنج يسْتَعْمل فِي مداواة نهش الْهَوَام كلهَا كَمَا يسْتَعْمل الكي وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي لَهَا مَعَ اسخانها حِدة وحرافة ولطافة وجذب سريع. د: القردمانا نَافِع من لسع الْهَوَام جملَة.
طبيخ القيصوم أَو ورقه مَتى شرب بِالشرابِ نفع من السمُوم القتالة. د: والقفر مَتى شرب مَعَ الجندبادستر بِالْخمرِ نفع من نهش الْهَوَام والسهام الملطخة.
القنة مَتى شربت بشراب وَمر كَانَت بادزهراً للأدوية القتالة الَّتِي يلطخ أهل أرمينية على السِّهَام. د: الراسن نَافِع من نهش الْهَوَام. د: طبيخ الرازيانج يسقى بِالشرابِ لنهش الْهَوَام. د: بزر السلجم ينفع من الْأَدْوِيَة القتالة. د: الزفت الرطب مَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح كَانَ نَافِعًا لنهش الْهَوَام.
وَقَالَ: لبن التِّين نَافِع من نهش الْهَوَام مَتى قطر على النهشة.
وَلبن التِّين الَّذِي يُسمى الخمير يشرب ويتمسح بِهِ لنهش الْهَوَام. د: الضفادع مَتى طبخت بالملح وأكلت كَانَت بادزهراً للهوام كلهَا. د: الغاريقون يسقى مِنْهُ بدرهم بشراب ممزوج للأدوية القتالة وَمَتى شرب مِنْهُ ثَلَاثَة أبولسات نفع نفعا عَظِيما من نهش الْهَوَام.
الغاريقون ينفع من نهش الْهَوَام الْبَارِد السم.
(5/307)
ج: ضمد أَو شرب مِنْهُ نصف مِثْقَال بشراب.
والغافت مَتى شرب بشراب نفع من نهش الْهَوَام. د: بزر الخطمى مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَالزَّيْت وتلطخ بِهِ منع مضرَّة ذَات السمُوم من الْهَوَام. وورق الخطمى مَتى ضمد بِهِ مَعَ شَيْء يسير من الْخلّ والنطرون وَالزَّيْت وتلطخ بِهِ منع مضرَّة السمُوم من الْهَوَام.)
كبد الْخِنْزِير الذّكر مَتى أَخذ رطبا كَانَ أَو جافاً بشراب نفع من نهش الْهَوَام. د: ورق الْخَبَّازِي البستاني مَتى طبخ بأصوله نفع من الْأَدْوِيَة القتالة. د: وَيَنْبَغِي أَن يشرب ويتقيأ وَيفْعل ذَلِك دَائِما. د: ورق الْخَبَّازِي البستاني مَتى طبخ بخل نفع من الْأَدْوِيَة القتالة. د: الْخلّ ينفع مضرَّة السمُوم وخاصة السمُوم المخدرة. د: أصل الخطمى يسقى مِنْهُ ثَلَاث درخميات لنهش الْهَوَام فينفع ويضمد بِهِ مَوضِع النهشة ويضمد بورقه وزهره مخلوطين بِالشرابِ.
3 - (الْأَدْوِيَة النافعة للسموم القتالة)
اسْقِ من الدارصيني دِرْهَمَيْنِ أَو مخ الأرنب بخل خمر زنة أوقيتين جندبادستر زنة مِثْقَال مَعَ أوقيتين من زَيْت ثَلَاث أَو أوراق أَو بزر السلجم البستاني زنة مِثْقَال ألف ز أَو غاريقون زنة مِثْقَال مَعَ الزراوند الطَّوِيل والقيصوم أَو فوتنج نهري زنة مثقالين من كل وَاحِد أَو أطْعمهُ تيناً وجوزاً هَذَا من الْكَمَال لِابْنِ ماسويه.
من تذكرة عَبدُوس ينفع من السم أَن تسقيه من ساعتك جوزاً وتيناً.
من الْكَمَال والتمام: ينفع من السمُوم مَاء الحسك المعصور وينفع أَن يَأْخُذ أنجدان وَمن أُصُوله زنة دِرْهَم وَمن الشيح الأرميني زنة دِرْهَمَيْنِ ينخل ويعجن بِعَسَل ويسقى بِمَاء التفاح.
وينفع مِنْهَا جملَة من الْهَوَام: الترياق الْكَبِير والمثروديطوس.
والطين الْمَخْتُوم نَافِع من السمُوم وَيجب أَن يَأْخُذ من بخاف على نَفسه من السم ونكايته التِّين على الرِّيق مَعَ الشونيز وبزر اللفت الْبري مَعَ الفوذنج النَّهْرِي والطين الْمَخْتُوم مَعَ الْمَطْبُوخ وسذاب وَجوز وملح الْعَجِين مَعَ التِّين وَالمثروديطوس والترياق وبادر فِي علاجه سَاعَة تَسْقِي وَلَا تُؤخر بِأَن يسقى الأدهان والأوراق الدسمة وقيئه بالأشياء الحريفة مَرَّات ويسقي
3 - (أدوية مُفْردَة نافعة من السمُوم)
الطين الْمَخْتُوم الأرميني والغاريقون أصل الفوتنج بزر الجزر سنبل اقليطي جندبادستر ورق العصب عصارة الفراسيون: اسْقِ من أَيهَا شِئْت دِرْهَمَانِ وَنصف دِرْهَم واسقه مطبوخاً ريحانياً.
(5/308)
وينفع مِنْهَا التِّين والبندق والسذاب وَإِذا أكلت مَجْمُوعَة وَمَا اشْتبهَ عَلَيْك من لسعة الْهَوَام وظننت أَنَّهَا لم تعْمل إِلَّا فِي الْجلد فصب عَلَيْهِ الْخلّ وَالْمَاء سخنين ويمص بالفم وَيكون فَمَا صَحِيحا غير متأكل الْأَسْنَان وَلَا صَائِم بعد أَن يَأْكُل ويتمضمض بِالشرابِ مَرَّات ويمسك فِي زبداً أَو دهن بنفسج ثمَّ يمصه وتطلى اللسعة بالرماد والخل وتضمد برماد حطب التِّين أَو الْكَرم فان لم يحضر فَأَي رماد حضر وَمَتى لم يسكن بِهَذَا التَّدْبِير شَرط حول اللسعة شرطا عميقا وَألقى عَلَيْهِ محاجم بالنَّار لتجذب إِلَيْهَا بِقُوَّة فان ثَبت الوجع بعد ذَلِك فاقطع اللَّحْم الرخو حول ذَلِك الْموضع إِلَى الْعظم وَاجعَل عَلَيْهِ أَيْضا بعد الشَّرْط ديوكاً مشقوقة وَهِي حارة وتفتر كل سَاعَة مَرَّات كَثِيرَة.
الثوم وَالْملح وبعر الْغنم نافعة جدا إِذا صيرت على لسع جَمِيع الْهَوَام غير الأصلة وَإِن خفت أَن تلذع الأصلة فاخلط النورة بالزيت وَالْعَسَل وضمد بالزفت وَالْملح مَعًا فانهما نافعان للسع الْهَوَام وَكَذَلِكَ الرَّبْط الشَّديد.
وأدمغة الدَّجَاج وانفحة الأرنب مَتى شربت نَفَعت بِإِذن الله من لسع الْهَوَام وَكَذَلِكَ الجندبادستر وَكَذَلِكَ الرّقّ المملح يَعْنِي السّمك.
ترياق نَافِع للهوام عَامَّة: أفيون وَمر دِرْهَم دِرْهَم وفلفل دِرْهَم وَنصف أصل الزراوند الطَّوِيل والمدحرج ثَلَاثَة دَرَاهِم ثَلَاثَة دَرَاهِم حرمل وكمون هندي دِرْهَم دِرْهَم شونيز خَمْسَة دَرَاهِم جنطيانا ثَلَاثَة دَرَاهِم سذاب دِرْهَمَيْنِ يعجن بالعسل وَمَاء الجرجير الشربة مِنْهُ بِمَاء قد طبخ فِيهِ حسك.
قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء: الْغَرَض فِي لسع الْحَيَوَان السمي غرضان: أَحدهمَا جذب السم الَّذِي وَقع فِي الْبدن ألف ز وَالْآخر أَن يحلل ويغير مزاج السم. واستفراغ السم وجذبه يكون بالأدوية الَّتِي تجذب جذباً قَوِيا وَهِي القوية الْحَرَارَة وإحالته وَنَقله عَن طَبِيعَته يكون بالأشياء المضادة لَهُ إِمَّا فِي كيفيته مثل مَا يضاد سم الْعَقْرَب الْأَشْيَاء الحارة وَإِمَّا فِي جملَة جوهره وَالَّذِي يضاد)
جملَة الْجَوْهَر يسْتَخْرج بالتجارب وَأما مَا يضاد بالكيفية فبقانون صناعي.
قَالَ: فاستفراغ السم وجذبه يكون إِمَّا بالأشياء الَّتِي تسخن إسخاناً قَوِيا كالكي بالنَّار وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي تعْمل مَا يفعل الكي أَو بِمَا يجذب جذباً قَوِيا بِلَا حرارة شَدِيدَة مثل المص ويحجم ويستفرغ أَيْضا بالمداوى بِهِ من جنس المنهوش أَو فِي جَمِيع بدنه وَذَلِكَ انه إِن كَانَ حرارة شَدِيدَة كَانَ فِي عُضْو المنهوش أَو فِي جَمِيع بدنه داويته بأدوية تبرد وبالضد فَهَذَا قانون المداواة وَقد تخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف الْأَعْضَاء الْأَدْوِيَة الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا والقانون فِي القروح.
من الْمُقَابلَة للأدواء: مَتى لم يظْهر مَا الَّذِي لسع أَو مَا السم فَاسق للسم مَاء حاراً أَو زيتاً كثيرا وقيئه.
(5/309)
دَوَاء يحفظ من السمُوم ورق السذاب يَابِس عشرُون جُزْءا جوز كبار جزءان تين وملح جُزْء جُزْء يطعم على الرِّيق يمْنَع ذَلِك.
معجون الطين ينفع مَتى شرب قبل الْأَدْوِيَة القتالة: حب الْغَار مثقالان طين مختوم مثله واوثولوسين يعجن بِزَيْت الشربة بندقة مَعَ ثَلَاث أواقي من مَاء الْعَسَل.
الْيَهُودِيّ قَالَ: لسع الْعَقْرَب أَشد وَجَعه من ابْتِدَائه ولسع الْحَيَّة يَبْتَدِئ قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يعظم ويشتد. ج فِي الترياق إِلَى القيصر: قَالَ: الَّتِي تقع فِيهَا الأفاعي نَافِع من لدغ الْهَوَام فان كَانَ ذَلِك بالترياق إبيذيميا: اللَّبن جيد للسموم الَّتِي تُؤْكَل وتلذع وَتحرق وَذَلِكَ أَن هَذِه تحْتَاج إِلَى مَا يكسر حدتها ويعدلها.
الثوم يصلح للسموم الْبَارِدَة.
الْخمر تصلح للسموم الَّتِي تقتل بإفراط إِخْرَاج الْبدن عَن مزاجه.
والخل يصلح للَّتِي تقتل بالغلظ والخنق كالفطر وَالْملح بِغَيْر جَوْهَر الْأَدْوِيَة والأخلاط الرَّديئَة.
قَالَ فِي الْفرق: كل نهشة من سم فَلَا يجب أدمل القرحة وانضمامها حَتَّى يعلم أَن العليل قد برأَ لَكِن توسع وتوضع عَلَيْهِ الْأَدْوِيَة الجاذبة.
أَبُو جريح قَالَ: اللعبة تَنْفَع من السمُوم والهوام جملَة.
ابْن البطريق قَالَ: الْهَوَام الَّتِي لَا تعرف ضررها فعلاجها بعلاج عَام لَهَا وَهُوَ أَن يمص الْموضع)
ويشرط وَيُوضَع عَلَيْهِ الفراريج مشقوقة ويطلى بِهَذَا الطلاء فانه كَاف فِي جذب السم: يُؤْخَذ خَرْدَل وقلي ونورة ويطلى عَلَيْهِ الصابون أَو القطران ويسهل الْبَطن ويحدر الْبَوْل ويدر الْعرق ويسقون ترياقات على قدر مَا يظْهر من الْأَعْرَاض.
ابْن البطريق قَالَ: العلامات الَّتِي تظهر فِي الْحَيَوَانَات عَن روية السم.
الطاؤوس يرقص ويصيح ويخطه السم ويوهن سُورَة السم.
والكركي يسدو ويبكي.
الببغاء والحديدي يصرخان يرميان.
الوقواق يبكي أَيْضا.
الْقُنْفُذ ينقاد ويهرب.
الفاوندة يَمُوت مَكَانهَا.
الصفرد يبيض حمرَة رقبته.
(5/310)
الْغُرَاب يهيج صَوته.
القرد يتقيأ ويسلح.
ابْن عرس يقشعر وَيقوم شعره.
وَالْجَارِيَة الَّتِي تغذى بالسم ليقْتل بهَا الْمُلُوك يجِف جَمِيع مَا تمسه من الْخضر والورد وَغير ذَلِك وَيقتل لُعَابهَا الدَّجَاج وَالْحَيَوَان وَلَا يقربهَا الذُّبَاب.
نَبَات يُسمى الجدوار قد جمع على أَنه يقوم مقَام الترياق فِي الْهَوَام والسموم.
لَا يَنْبَغِي أَن يتْرك الملسوع والمسموم أَن ينَام.
لي رَأَيْت الْعِمَاد فِي نهش الأفاعي وَأكْثر الْهَوَام على تَقْوِيَة الْحَرَارَة الغريزية ليَكُون أقوى من أَن وَرَأَيْت اللعبة البربرية تثير فِي الْبدن حرارة كَأَنَّهَا طبيعية فَذَلِك الْخمر أَحسب أَنَّهَا شَدِيدَة مُوَافقَة لذَلِك وأحسب أَنَّهَا أشرف دَوَاء يكون الْبَتَّةَ.
ابْن سرابيون: جَمِيع اللسع يجب أَن يمص أَو تُوضَع عَلَيْهِ المحاجم وَإِن كَانَ من أَفْعَى الغى وَإِن كَانَ عُضْو يُمكن قطعه فاقطعه وَإِن زَاد السم فافصده ثمَّ أعده بصفرة الْبيض والفلفل وَالشرَاب الصّرْف يثير فِي الْبدن بخارات تعين البخارات الطبيعية فان هَذِه تمنع السم وتوهنه وضع على اللذع أضمده مسخنة وَاجعَل عَلَيْهِ ديوكاً وفراريج مشققة تبدلها كل قَلِيل أَو غَيرهَا من الطُّيُور)
وَاجعَل عَلَيْهِ المراهم المبدلة للمزاج واسق معجون الطين والطرخشقوق والقفر الْيَهُودِيّ وَابْن عرس مملح وَحب الْغَار وطبيخ السرطانات النهرية ألف ز وَدم السلحفاة والجندبادستر.
(5/311)
(مَا يطرد الْهَوَام والحشرات وَالسِّبَاع ويقتلها) قَالَ ج فِي كتاب الكيموسين: إِن الْعَقْرَب مَتى تفل عَلَيْهَا إِنْسَان قَتلهَا بِشَرْط أَن يكون صَائِما وليتفل عَلَيْهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
وَقيل فِي الفلاحة الفارسية: إِن الفجل مَتى شدخ وَألقى على الْعَقْرَب قَتلهَا.
وَإِن المرداسنج والخربق مَتى جعلا فِي عجين وَطرح للفأرة حَتَّى تَأْكُل مِنْهُ قَتلهَا.
وَمَتى سلخت فَأْرَة وَتركت هربت فئران الْبَيْت.
وَإِن صيدت فَأْرَة وربطت بخيط فِي وسط الْبَيْت هرب سائرها.
والسذاب رِيحه يطرد ابْن عرس.
ودخان قرن الأيل وأصل السوسن وأظلاف الْمعز مَتى دخن بهَا طردت الْحَيَّات وَأكْثر الْهَوَام.
وَمَتى أَخذ أفيون وشونيز وبارزد وَقرن أيل وكبريت وأظلاف الْمعز فدخن بِهِ فيطرد الْحَيَّات وَأكْثر الْهَوَام.
ودخان خشب الرُّمَّان يطرد الْهَوَام.
وطبيخ الْحبَّة السَّوْدَاء مَتى رش بِهِ الْبَيْت قتل البراغيث.
الطَّبَرِيّ مَتى جعل الحسك فِي حجر الْحَيَّة هربت مِنْهُ وَكَذَلِكَ مَتى رش الْبَيْت بطبيخه.
وَإِن بخر الْبَيْت بأصول السوسن هربت الْهَوَام كلهَا.
وَإِن بخر الْبَيْت بورق الدلب هربت الخنافس.
وَإِن بخر الْبَيْت بأخثاء الْبَقر هربت البق.
وَإِن وضع فِي الْبَيْت قشور الفجل لم تقربه عقرب وَمَتى وضعت على الْعَقْرَب قَتلهَا.
وطبيخ الخربق مَتى رش بِهِ الْبَين قتل أَكثر.
الزَّبِيب والزرنيخ الْأَصْفَر مَتى ألقِي فِي لبن وَوضع فِي وسط الْبَيْت قتل الذُّبَاب.
وَمَتى بخر الْبَيْت بقلقنت طر الفأر.
وَمَتى بخر الْموضع بزبل الذِّئْب اجْتمع الفأر إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ شَحم الذِّئْب وزيته.
وطبيخ الخربق مَعَ الحنظل يعجن بِهِ الْخبز فَيلقى للفأر فَإِذا أكله قَتله.)
وبخور القنة يطرد الْحَيَّة.
وَمَتى بخر الْبَيْت بكبريت أَو قلقنت لم يدْخلهُ البق الْبَتَّةَ.
(5/312)
وَمَتى رش الْبَيْت بنقيع الحنظل قتل البراغيث.
وَإِن جعل الدَّم فِي حُفْرَة فِي وسط الْبَيْت اجْتمعت إِلَيْهِ البراغيث.
الطلسمات: كندس حَدِيث ذكي الرَّائِحَة وزرنيخ أصفر وكمأة يابسة بالسواء ينعم سحقه ويعجن بِمَاء بصل الفأر ويدهن الْيَد بدهن ويتخذ مِنْهُ تِمْثَال وَيُوضَع على الْمَائِدَة فَلَا يقربهَا ذُبَاب.
وَإِن اتخذ سفرة من جلد لتامور لم يقربهَا الْبَتَّةَ وتباع هَذِه الْجُلُود بِمَكَّة.
وَمَتى أخذت حَصَاة نوشادر فِي الْفَم وبزق فِي فَم الْحَيَّة مَاتَت.
وَمَتى دخن الْبَيْت بالآس الْيَابِس والكمون هرب البق والبعوض وَكَذَلِكَ مَتى دخن بالترمس.
وَمِمَّا يدْفع الأرضة عَن الدَّار أَن يكون فِيهَا هدهد فان لم يكن ذَلِك حَيا فليدخن بعظامه وريشه فان الأرضة تَمُوت. وَمَتى ألْقى الانسنتين فِي الثِّيَاب لم يتسوس وَكَذَلِكَ الفودنج وَكَذَلِكَ الأترج وَمَتى ألقِي الأفسنتين فِي الدّهن أَي دهن كَانَ وادهن بِهِ لم يقرب ذَلِك البعوض.
وَمَتى رش الْبَيْت بطبيخ الحسك أفنى البراغيث.
وَإِن رش حول الْفراش لم يقربهُ برغوث.
وَأَن بخر الْبَيْت بالبازرد طرد الْهَوَام كلهَا.
بولس: يجب أَن تسد ألف ز الْكواء فِي الْمنَازل المخوفة وخاصة مَا يظنّ بهَا أَنَّهَا كوى هوَام فلتيد بثوم مدقوق ويبخر بعد ذَلِك بقرن أيل وبأظلاف الماعز أوبالشعر أَو بالزيت أَو بالقنة أَو وَمِمَّا يطرد البق خَاصَّة أَن يبخر بِالشَّوْكَةِ المنتنة الْمُسَمَّاة قونورا أَو بالقلقديس أَو بأخثاء الْبَقر وَأكْثر الْوقُود فان الْهَوَام تهرب من ذَلِك وافرش حول المرقد الفنجنكشت والفوتنج والشيح واطرح حول الْفراش من الحلتيت.
من كتاب ديمقراطس قَالَ: الأفسنتين يطرد الْحَيَّات.
البرنجاسف: مَتى نبت فِي مَوضِع هربت الْحَيَّات.
ودخان شجر الرُّمَّان يطرد الْحَيَّات.
الْعَقْرَب تهرب من عقرب تحترق.)
عصير الفجل يقتل الْعَقْرَب.
وَمَتى بخر الْبَيْت بالقنة والزرنيخ وحافر حمَار هربت العقارب.
والزنانير يهربن مَتى بخرت أجحارهن بكبريت أَو بثوم وَمَتى لطخ الْبدن بالخطمى لم تلذعه.
(5/313)
الفأر تهرب مَتى خصيت وَاحِدَة وخليتها أَو سلخت جلدهَا وخليت.
السنور الْبري يهرب من السذاب.
النَّمْل تهرب من إحراق طَائِفَة مِنْهَا وَمَتى طلي بمرار الْبَقر لَا يقربهُ نمل وَكَذَلِكَ الزفت.
وَمَتى علقت طَاقَة شعر من عرف فرس على بَاب الْبَيْت لم يدْخلهُ بق وَلَا جرجس.
وَمَتى وضع حرمل عِنْد الْفراش لم يقربهُ بق.
وَإِن انقع السذاب فِي المَاء ورش بِهِ الْبَيْت قتل البراغيث.
وَمَتى دخن الْبَيْت بالمقل هرب البق.
الخنافس يهربن من ورق الدلب.
البراغيث يمتن من ريح الكبريت وَكَذَلِكَ من ورق الدفلى ويقتلهن أَيْضا طبيخ الأفسنتين أَو الْكر أَو السذاب أَو الترمس.
وَالْجَرَاد يهرب من ريح دُخان الكبريت وَكَذَلِكَ من ريح دُخان قرن الثور.
والأسد يهرب من الديك وَمن الفأر.
والفيل يهرب من الْكَبْش وَمن النسور. د: ورق الفوذنج مَتى دخن بِهِ طرد الْهَوَام وَكَذَلِكَ إِن افترش القطران يطرد الْهَوَام.
الشيح يطرد الْهَوَام.
والقنة مَتى بخر بهَا طردت الْهَوَام.
الجعدة تطرد الْهَوَام بخر بهَا أَو افترشت.
والقلهمان: مَتى رش الْموضع بطبيخ الدفلى قتل البراغيث.
سلمويه: ورق السذاب وَجوزهُ إِن بخر بِهِ طرد الْهَوَام والبق.
الفلاحة الرومية: الْخَرْدَل مَتى بخر بِهِ طرد الْهَوَام والحيات.
وأقونيطس يقتل النمور وَالْكلاب والخنازير والذباب وَسَائِر السبَاع.
اللوز المر يقتل الثعالب سَرِيعا.)
أَبُو جريج: الخربق يقتل الْكلاب والذئاب وَسَائِر السبَاع. د: مَاء السذاب يفر مِنْهُ النمس وَإِن طلي بهَا ريش الدَّجَاج لم يقربهَا.
من كتاب الْحَيَوَان: إِن الذِّئْب لَا يقرب يصل الفأر.
والأسد يخافه وَيخَاف من خشب السديان وَهُوَ السدر.
والنمر يخَاف من خشب الرُّمَّان. د: أقونيطن أَصله يُبرئ من الْعَقْرَب ويخمر فَإِذا قرب إِلَيْهِ الخربق انْتَعش.
الأنجوشا الْأَحْمَر الثَّمر وَله ورق أصفر مَتى مضغ وَأُلْقِي فِي فَم الْهَوَام قَتلهَا.
(5/314)
قرن الأيل مَتى بخر بِهِ طرد الْهَوَام ولوف الْحَيَّة أَصله مَانع من نهشة الأفعى مَتى دلك بِهِ.
الأشقيل مَتى ألف ز علق صحاحاً على أَبْوَاب الْبيُوت منع الْهَوَام مِنْهَا.
الْحَرْف مَتى دخن بِهِ طرد الْهَوَام. د: ورق الفوذنج مَتى دخن بِهِ طرد الْهَوَام أَو افترش القيصوم.
كَذَلِك القنة تطردها مَتى دخنت.
ثَمَرَة الشونيز مَتى خلطت بشحم أيل وَمسح بِهِ الْجَسَد لم يقربهُ الْهَوَام.
وشحم الْفِيل وشحم الأيل إِذا تمسح بهما منعا الْهَوَام من يصل إِلَى الْبدن.
الشونيز مَتى بخر بِهِ طردها.
طبيخ الخربق الْأسود يرش بِهِ الْبَيْت فيفر عَنهُ الْهَوَام.
أفسنتين يطْبخ فِي الدّهن ويمرخ بِهِ الْبدن فَيمْنَع البق مِنْهُ.
زبل الثور إِذا بخر بِهِ طرد البق.
طبيخ الحسك مَتى رش فِي الْبَيْت قتل البراغيث.
جوز السرو ورقه يبخر بِهِ فيطرد البق.
الملوخيا البستانية ينعم دقها ويلطخ الْبدن بهَا مَعَ زَيْت فَلَا يحس فِيهِ لذع النَّحْل بألم.
الخربق الْأَبْيَض مَتى عجن مَعَ السويق وَعسل وَجعل كباباً وَطرح للفأر فَأكلهَا قَتلهَا.
القلقديس مَتى بخر بِهِ طرد الفأر.
شَحم الْقُنْفُذ مَتى طلي بِهِ عود اجْتمعت إِلَيْهِ البراغيث.
بخور مَرْيَم يطرد الْهَوَام.)
قشور بيض محرق قرن أيل كزبرة كبريت بالسواء يدخن بِهِ.
من عهد أبقراط: الْغَار مَتى وضع فِي مَوضِع طرد الْهَوَام.
الطَّبَقَات: إِن دخن بالخردل المتين طرد الْحَيَّات.
وَإِن أحرقت العقارب هربت الْأُخَر.
وَمَتى دخن بِشعر ابْن عرس طرد الْحَيَّات.
وَكَذَلِكَ مَتى دخن بالعاج طرد الْهَوَام والحيات.
زظلف الْمعز المحرقة يطرد الْحَيَّات وَكَذَلِكَ قرن الأيل.
وَإِن طلي ريش بشحم أيل وَجعل فِي جُحر حَيَّة لم تخرج مِنْهُ وَإِن زرع الخربق فِي اقداح هربت مِنْهُ الْحَيَّات وَكَذَلِكَ القيصوم.
طبيخ القنطريون الْكَبِير يطرد الْحَيَّات وَكَذَلِكَ مَاء السذاب مَتى رش بِهِ.
وَمَتى وضع الحسك فِي جُحر الْحَيَّة هربت مِنْهُ.
(5/315)
وَإِن قطر على الْعَقْرَب مَاء الفجل أَو طرح قشوره عَلَيْهَا مَاتَ. وَإِن يطْبخ شَيْء بعصارة حنظل رطب لم تقربه حَيَّة.
وَإِن عجن الزرنيخ والقنة بِسمن وبخر بِهِ فانه يطرد العقارب.
وَكَذَلِكَ إِن دخنت الْبيُوت بالفنجنكشت هربت مِنْهُ العقارب.
وَمَتى وضع فِيهِ سذاب بري لم يدخلهَا هَامة.
ودخان خشب الرُّمَّان وورقه يطرد الْحَيَّات والهوام.
وَمَتى ذَر الصعتر الْبري فِي الْبيُوت طردها جَمِيعهَا.
ودخان القنة يطرد الْهَوَام والفأر وَكَذَلِكَ دُخان الأشق.
مَاء الحنظل الرطب وطبيخ الْيَابِس يطرد الأرضة وَيمْنَع مِنْهَا مَتى طليت الْخشب بِهِ.
مَتى طرح على الْعَقْرَب ورد الملوكية أخدرها وَكَذَلِكَ نور السوسن الْبري.
وَكَذَلِكَ إِن ربطت فَأْرَة فِي بَيت هربت الْبَاقِيَة.
وَإِن دخن بقلقديس هرب الفأر كُله.
وَإِن وضع على السرير عود قنب لم يتأذ بالبق والبعوض.
وَإِن طليت عصى شَحم قنفذ اجْتمعت إِلَيْهِ البراغيث.)
أَبُو جريح بصل الفأر يقتل الفأر وَكَذَلِكَ تُرَاب الزئبق والكبريت والقطران يقتل القردان وَأكْثر الْحَيَّات والهوام ألف ز وخاصة النَّمْل وَإِن طلي على جحرتهن لم يخرج مِنْهُ.
اختيارات حنين: الْملح والنوشاذر مَتى أمسك فِي الْفَم وتفل فِي فَم الْحَيَّة مَاتَت من ساعتها.
فِي الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة قَالَ: يخلط رماد خشب الصنوبر وَيُوضَع حول الْمجْلس فانه يمْنَع الْهَوَام وخاصة الْحَيَّات وَكَذَلِكَ القطران.
وَمَتى دخن الْبَيْت بعاقرقرحا وكبريت كل يَوْم تهرب الْحَيَّات.
الفلاحة الفارسية: المرداسنج يخلط بعجين قتل الفأر وَكَذَلِكَ نحاتة الْحَدِيد.
وَمَتى طرح رماد بلوط فِي جحرتهن هربن.
وَمَتى سلخت وَاحِدَة وخليت هرب الْبَاقِي.
وَمَتى لطخ بَاب بيُوت الدَّجَاج بِمَاء السذاب أَو وضع فِيهِ لم يقربهُ السنور الْبري.
وَمَتى أحرقت العقارب هربت الْبَاقِيَة.
وَإِن دخن بالزرنيخ والقنة هربت. وَإِن طليت نسوفة خزف بشحم قرد ودفنت فِي وسط بَيت اجْتمعت إِلَيْهَا البراغيث.
وَكَذَلِكَ مَتى جعل فِيهَا دم التيس.
(5/316)
الفلاحة الرومية: الْهَوَام لَا تقرب شجر الرُّمَّان وَكثير من الطير يحصن عشه بقضبان الرُّمَّان من الْهَوَام.
دُخان الرُّمَّان يطرد الْهَوَام.
عصارة الفجل تقتل العقارب.
ستر منسوج من ذَنْب الْخَيل مَتى علق على بَيت لم يدْخلهُ بعوض.
دُخان الكبريت أَو العلك يطرد البراغيث.
وَمَتى حفرت حُفْرَة وَطرح فِيهَا عيدَان قضبان الدفلى ونضح الْبَيْت بِمَاء وملح أَو سذاب أَو رماد قد عجن بخل العنصل أَو اطل بِالْمَاءِ وَالْملح وَلم يصب الحفرة مِنْهُ شَيْء مَالَتْ البراغيث إِلَيْهَا.
وَمَتى نضح الْبَيْت بنقيع بزر السلجم أَو الدفلى قتل البراغيث.
اتِّخَاذ الأيائل والطواويس والقنافذ والقرود فِي المساكن يفني الْهَوَام.)
مَتى رش الْبَيْت بطبيخ قثاء الْحمار قتل البراغيث.
الطَّبَرِيّ: وَمَتى رش الْبَيْت بطبيخ الحنظل أَو قثاء الْحمار لم يقربهُ الْهَوَام.
وَإِن رش بطبيخ العليق قتل البراغيث.
وَمَتى بخر بأصول السوسن طرد الْهَوَام.
وَمَتى بخر بورق الدلب طرد الخنافس.
ودخان الْحَيَّة يطرد الْحَيَّات جدا.
(5/317)
(جمل فِي أَمر الْهَوَام الغريبة) (وعلاج الْقَرِيبَة مِنْهَا الَّتِي لَا يوبه لَهَا الزنبور وَنَحْوه) من كتاب السمُوم لِجَالِينُوسَ: الزنبور يدلك مَوْضِعه بالذباب ويطلى بِمَاء الْخَبَّازِي والباذروج ويدلك بِهِ أَو يسقى وزن دِرْهَمَيْنِ من بزر المرزنجوش فانه ليسكن مَا بِهِ على الْمَكَان.
أهرن قَالَ: الدرقة مثل القملة فِي الصغر فَمن لسعته لَا يسمع وَلَا يبصر ويثور بِهِ الدَّم وَيخْتَلف ويتقيأ وَيَمُوت وَرُبمَا سلم فان لحقت السَّلِيم فِي أول أمره فاسقه لَبَنًا حليباً حِين يحلب أَو مسخناً فان سمها حَار يَابِس يحْتَاج إِلَى مَا يلينه ويبرده واسقه الجدوار واطله بالفادزهر بِمَاء بَارِد.
الزنبور اطل عَلَيْهِ الخضرة الَّتِي تحدث على جرار المَاء مَعَ الْخلّ.
الطلمسات قَالَ: أدلك لسعة الزنبور بورق الينبوت الرطب فانه يسكن على الْمَكَان.
بولس قَالَ: للزنابير والنحل ألف ز اطله بالطين والخل أَو بأخثاء الْبَقر أَو كمده بِمَاء وملح ثمَّ اطله بِلَبن التِّين فانه يسكن على الْمَكَان.
لي ينظر فِي هَذَا.
الرتيلا قَالَ: يبرد مَوْضِعه وَيحك ويبرد الْأَطْرَاف ويرعد ويعرق عرقاً بَارِدًا ويصفر اللَّوْن ويدر الْبَوْل ويعسره وامتداد الْقَضِيب ورطوبة فِي الْعين وتمدد فِي الْقطن وانكسار اللِّسَان حَتَّى لَا يبين الْكَلَام.
وَمن العنكبوت نوع يعرض من لذعه وجع شَدِيد فِيمَا دون الشراسيف وعسر الْبَوْل وَرُبمَا عرض مِنْهُ اختناق وينفع مِنْهُ أَن يسقوا كموناً أَو بزر فنجنكشت أَو أطْعمهُم الثوم واسقهم شرابًا صرفا.)
سقولوفندر الْبري والبحري: يكمد لون الْموضع وينتفخ وَتعرض حكة فِي الْجَسَد وَيكون الْموضع فِي اللسع البحري أَبيض وَفِي لسع الْبري أَحْمَر فليضمد بِمَاء وملح وينطل قبل ذَلِك بِزَيْت كثير بِمَاء حَار ثمَّ يوضع عَلَيْهِ الْأَدْوِيَة ويسقون زراوند بشراب أَو فوذنجا أَو سذاباً يَابسا بشراب.
اسقالاقوطس: يضمد مَكَان العضة بسمسم معجون محرق فانه ينفع من ذَلِك.
(5/318)
ابْن سرابيون قَالَ: من لسعة النَّحْل تبقى الْحمة فِيهِ دَائِما. وَمن لذعة الزنبور رُبمَا بَقِي فِيهِ ويحمر ويرم وينفع مِنْهُ أَن يطلى بالطين الْحر المعجون بالخل أَو بأخثاء الْبَقر بخل لِأَن فِيهِ قُوَّة مجففة وجاذبة أَو ضمد بباذروج مدقوق بخل أَو بدقيق الشّعير أَو يطلى بالخبازي أَو بالطحلب أَو بِالشرابِ الْمَوْجُود فِي الكيزان الجدد كل ذَلِك بخل. وَإِن ذَلِك برؤوس الذُّبَاب أَبرَأَهُ لي خبرني من أَثِق بِهِ أَن زنبوراً لدغ فَحَمله قِطْعَة ثلج من ثلج فِي دبره فسكن على الْمَكَان.
3 - (الْأَدْوِيَة المفردة)
قَالَ: أخثاء الْبَقر ينفع من لسعة الزنبور بِحمْلِهِ جوهره.
ابْن ماسويه قَالَ: خاصية النمام أَن يسكن الوجع من لسعة الزنبور مَتى شرب مِنْهُ زنة مِثْقَال وَاحِد بسكنجبين.
قَالَ بولس: إِذا عرضت لدغة لَا يدْرِي مَا هِيَ فلتمتص من ساعتها بعد أَن يتمضمض الماص ثمَّ تُوضَع عَلَيْهِ المحاجم إِن احْتمل الشَّرْط أَو بالنَّار على مَا حوله وَإِن كَانَ فِي مَوضِع يتهيأ قطعه فاقطعه وَإِن أدْرك قبل أَن ينتشر السم فِي الْبدن فافصده من ساعتك وخاصة من كَانَ بِهِ امتلاء ثمَّ يطعموا فلفلاً وثوماً ويشربوا بشراب قوي كثير ليولد بخاراً حَدِيثا وحرارة مُوَافقَة للطبيعة ليندفع السم وضمد الْموضع بالملذعات وانطله بِالْمَاءِ الْحَار الْمَطْبُوخ فِيهِ الفودنج ويسقى طرخشقوق وَنَحْوه من الْأَشْيَاء المقاومة للسم كالدارصيني والزراوند والفلفل وَحب الْغَار والطين الْمَخْتُوم وَنَحْوهَا.
الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة قَالَ: الثوم وَالْخمر نافعان من نهش الْهَوَام وَكَذَلِكَ أَغْصَان السذاب ألف ز د: الْملح مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل يضمد بِهِ من لذع الزنابير.
ورق النمام الْبري للزنابير والنحل. وَورق الْغَار الطري وَكَذَلِكَ الخطمى والخل للزنابير والنحل.
قَالَ: خاصية الْخَبَّازِي أَنه يسكن لذع الزنبور من سَاعَته.)
وَقَالَ د: إِنَّه ينفع من الزنابير والنحل إِذا ضمد بِهِ وَإِن دق مَعَ الدّهن وتمسح بِهِ لم يجد لذع النَّحْل لَهُ.
يدلك برؤوس الذُّبَاب أَو يسقى بزر الكرفس وَمن مَائه أَو أوقيتان.
سَماع يُقَال: أَنه مَتى احْتمل الملسوع قِطْعَة ثلج سكن على الْمَكَان.
الزنبور يمص مَرَّات كَثِيرَة مَعَ شَرط وَيخرج مِنْهُ الدَّم مَا أمكن ويطلى بعد ذَلِك بطين أرميني بخل ويدلك بورق الْخَبَّازِي.
وَإِن كمد بِمَاء حارة سَاعَة ثمَّ وضع عَلَيْهِ بعقبه ثلج وأعيد الكماد والثلج مرّة بعد مرّة بَرِيء.
وَمَتى طلي بسورج بخل بَرِيء من سَاعَته.
(5/319)
وَإِن وضع فِي مَاء حَار سَاعَة ثمَّ فِي مَاء ثلج وَفعل ذَلِك مَرَّات سكن.
لي يطلى بالكافور وخل ويدام وضع الثَّلج عَلَيْهِ حَتَّى تسكن عاديته. وأحسب أَن الشَّرْط د: وَالْملح يضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَعسل لنهش ذِي الربعة وَالْأَرْبَعِينَ وينفع مِنْهُ جدا زهرَة الخنتى وثمرته.
الْيَهُودِيّ: ينفع من لذعة قملة النسْر وَتسَمى الدرقة اللَّبن وَمَاء الشّعير وَصَاحبه لَا يبصر ويبول دَمًا ويرعف ويطلى بالفادزهر ويسقى مَاء الهندباء ويحجم مَوضِع اللسعة وَكَذَلِكَ أفعل بلسوع الطبوع.
ولنهش خرز الطين وَهِي دَابَّة لَهَا أرجل كَثِيرَة سمها حَار يعالج بدهن البنفسج والمحاجم بِلَا شَرط.
وعقرب المَاء حَار السم.
والذراريح تلسع.
وَفِي مخالب السبَاع سم يعالج بالمص والمحاجم وَبعد ذَلِك بدهن الْورْد. د: الأفسنتين بشراب ينفع من لسع التنين البحري. وينفع الباذروج.
وَكَذَلِكَ بَوْل الْإِنْسَان الْمُعْتق نَافِع من لسع الْهَوَام البحرية.
التجربة: الكبريت إِذا طلي بخل نفع من التنين البحري.
قَالَ ج: قد جربته يعجن ببول ويضمد بِهِ.
الرصاص يدلك على لسع الْعَقْرَب والتنين البحري.)
شَحم التمساح تضمد بِهِ العضة مِنْهُ نَافِع مجرب. ج فِي الترياق: السّمك الْمُسَمّى طريقلا ينفع إِذا وضع على نهش التنين وَالْعَقْرَب وَالْعَنْكَبُوت البحري. (فِيمَا ينفع من لذع الزنابير والنحل) ونهش الْهَوَام الْبَريَّة الغريبة السمُوم ونهش الْهَوَام البحرية والسموم زبل الْبَقر ينفع من ذَلِك وَيُمكن أَن يكون ذَلِك من خَاصَّة فِيهِ. ج: الْملح يضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل ينفع من لذع الزنابير والنحل. د: الْملح مَعَ ورق النمام جيد للذع الزنابير. وَورق النمام الَّذِي يضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل نَافِع وَوحده أَيْضا.
ورق الْغَار الطري مَتى ضمد بِهِ مسحوقاً نفع من لسع الزنابير والنحل.
(5/320)
طبيخ الخطمى بخل ممزوجا بِهِ أَو بشراب ينفع من لسع النَّحْل.
الْخَبَّازِي البستاني نَافِع للسع الزنابير والنحل ألف ز.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن خَاصَّة الْخَبَّازِي تسكين الوجع الَّذِي يعرض من لسع الزنبور والنحل. د: إِنَّه ينفع لسع الزنابير والنحل إِذا ضمد بِهِ وَإِن انْعمْ دقه بِزَيْت ويلطخ بِهِ لم يحل لسعها فِي الْبدن.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن دق ورق الخباز وَوضع على لسع الزنبور سكن الوجع.
سَمِعت أَنه إِن أَدخل فِي دبر الملسوع من الزنبور قِطْعَة جليد سكن وَجَعه على الْمَكَان.
اسْتِخْرَاج: للسع الزنبور يمص مصاً شَدِيدا مَرَّات كَثِيرَة ويشرط وَيخرج مِنْهُ الدَّم مَا أمكن ويطلى عَلَيْهِ بعد ذَلِك طين أرميني وَمَاء ورق خبازي ويدلك عَلَيْهِ ذُبَاب. والخل والطين لَهُ مُوَافق.
وَمَتى وضع عَلَيْهِ إسفنج مغموس فِي مَاء حَار سَاعَة ثمَّ يَجْعَل عَلَيْهِ ثلج مرّة بعد مرّة برِئ.
وَإِن طلي عَلَيْهِ طين شاموس بخل برِئ سَرِيعا أَو يطلى بطين أرميني بِمَاء حصرم أَو يشرط ويمص.
وَمَتى وضع الْموضع فِي مَاء حارة سَاعَة ثمَّ نقل إِلَى مَاء ثلج ممزوج بخل مبرد بالثلج سكن وَجَعه على الْمَكَان.)
اسْتِخْرَاج مِمَّا ينفع من لسعة الزنبور وَهُوَ عَجِيب فِي ذَلِك: يُؤْخَذ أفيون وبزر الشوكران وكافور فيطلى على الْموضع بِمَاء الْخلاف. وَيُوضَع فَوْقه خرقَة مغموسة فِي مَاء ثلج. يطلى حول الْموضع بِمَاء الْورْد أَو بِمَاء الْخلاف وَيُوضَع فَوْقه خرقَة مغموسة فِي مَاء ثلج. يطلى حول الْموضع بطين وخل. وَأَنا أرى أَلا يحجم الْموضع. فان لذَلِك يؤلمه جدا ويهيج أوجاعاً وَأوراماً ويكفيه أَن يخدر الْموضع مُدَّة مَا ليسكن حِدة ذَلِك السم فانه يسكن فِي مديدة إِن شَاءَ الله وَإِن شِئْت من السمُوم لج قَالَ: يعرض مِنْهُ وجع وَورم ويعالج بِأَن يدلك بالذباب دلكا نعما ويطلى بالخنثى أَو بِمَاء البقلة اليمانية أَو يدلك عَلَيْهِ باذروج أَو يسقى مِنْهُ مِثْقَال مَعَ أوقيتين من مَاء المرزنجوش.
شَمْعُون قَالَ: لسع الزنبور يرم من سَاعَته وَهُوَ حَار حريف فاطله بالحوك وَهُوَ الباذروج والطحلب والخل واسق مِنْهُ مَاء الخس وَسَائِر الْمبرد.
(5/321)
ابْن سرابيون: من لسعة الزنبور اطل عَلَيْهِ طيناً بخل أَو أخثاء الْبَقر بخل أَو ورق الباذروج مدقوقاً بخل أَو الخضرة الَّتِي تصير على جَانب المَاء أَو تُرَاب الكيزان الجدد بخل أَو يدلك برؤوس الذُّبَاب.
(5/322)
3 - (نهش الْهَوَام الغريبة والسموم الغريبة) الْملح يتضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل لسم ذِي الْأَرْبَع وَالْأَرْبَعِينَ.
زهرَة الْخُنْثَى وثمرته يعظم نَفعه إِذا شرب بشراب من لذع ذِي الْأَرْبَع وَالْأَرْبَعِينَ.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع مِنْهُ شراب حُلْو ودهن ورد وَدم الْمعز وبزر القثاء الْبري مَعَ خمر مسحوقاً.
وَأما لشرب اقيماوس فتنفع عصارة عَصا الرَّاعِي أَو لِسَان الْحمل أَو فوذنج جبلي أَو الحاشي مَعَ الْخمر.
وَأما الْمُسَمّى دروفيس فَشرب لبن الْبَقر وَالشرَاب الحلو ومرق الحلزون.
وَأما الدَّوَاء الْمُسَمّى أنكيا فينفع مِنْهُ شرب الأفسنتين مَعَ الْخمر والجندبادستر والسذاب وَشرب السكنجبين والقيء وَكَذَلِكَ الفوذنج الْجبلي مَعَ الْخمر.
وَأما يوقريطن فالخمر الحلوة والقيء والمرق الدسم وَاللَّبن الْحَار ويؤكل شَيْء كثير من التِّين الرطب وَيشْرب طبيخ التِّين وَيشْرب أَربع درخمات بورق أَحْمَر مَعَ مَاء.
الْيَهُودِيّ: ينفع من لذعة قملة النسْر وَهِي الدرقة شرب اللَّبن وَمَاء الشّعير وصاحبها لَا يبصر إِذا لسعته ألف ز ويبول دَمًا ويرعف ويطلى بالبادزهر بِمَاء بَارِد ويسقى مَاء الْبِطِّيخ الْهِنْدِيّ ويحجم مَوضِع اللسعة وَكَذَلِكَ يفعل بلسع الطبوع ولنهش خرز الطين وَهُوَ حَيَوَان ذُو أرجل كَثِيرَة وسمها حَار تعالج بدهن بنفسج والمحجمة بِلَا شَرط.
وعالج من لسع اللقوة وَابْن قتره وعقرب المَاء وَجَمِيع مَا طَار من الْهَوَام بعلاج الْحَرَارَة فان سمها حَار جدا.
وعالج نهش الشبث وَهُوَ العنكبوت الْكَبِير ولسع الذراريح كَذَلِك.
جورجس قَالَ: الدرقة وَهِي قملة النسْر يخرج مِمَّن لسعته الدَّم من أَنفه وَفِيه وَفِي بَوْله ومقعدته وَفِي الْأَكْثَر لَا يبرأ وَلَكِن فِي أول مَا يلسع اسْقِ لَبَنًا حليباً سخناً فان سمها يضاده وَلَكِن الْأَشْيَاء الْبَارِدَة الدسمة واطله بالبادزهر واسقه عصارة الخس ودهن الْورْد والبزرقطونا وَمَاء الشّعير وَمَاء القرع واطله بعنب الثَّعْلَب وبزر القثاء الْبري والزبد وأطعمه مِنْهُ أَيْضا.
قَالَ شَمْعُون: يسْتَدلّ على سليمها من أَنه لَا يبصر ويبول وَيقوم الدَّم وعالجه بعلاج الجرارة. 3 (نهش الْهَوَام البحرية والسموم البحرية المائية) الأفسنتين مَتى شرب بشراب نفع من لسع التنين البحري.
الباذروج ينفع من لسع الزنابير البحرية.
بَوْل الْإِنْسَان مَتى صب على نهش الْهَوَام البحرية نفع. د: الكبريت مَتى اسْتعْمل بالخل نفع من لسع التنين البحري.
قَالَ ج: وَقد استعملته فِي نهش التنين واستعماله أَن يذر على الْموضع أَو يعجن بالريق وَيُوضَع عَلَيْهِ وَقد جربت هَذَا فَوَجَدته صَحِيحا. وَأَنا أرى من الرَّأْي أَن يعجن ببول إِنْسَان وَقد عتق فانه نَافِع من شرب أرنب الْبَحْر. وَكَذَلِكَ مَتى شرب لبن الماعز طرياً. د: الْملح ينفع من نهش التمساح. د: السرطان النَّهْرِي مَتى طبخ وَأكل مرقه نفع من الأرنب البحري. د: السَّمَكَة الَّتِي تسمى طريقلا تَنْفَع إِذا وضعت على نهش التنين البحري وَالْعَقْرَب وَالْعَنْكَبُوت البحري. د وَج: أصُول بخور مَرْيَم مَتى شربت نَفَعت جدا من شرب الأرنب البحري.
ثَمَرَة الشونيز مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من شرب الأرنب البحري.
القطران مَتى شرب بالطلاء نفع من شرب الأرنب البحري.
ثَمَرَة السوسن مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من شرب الأرنب البحري. د من الْمُقَابلَة للأدواء: ولشرب الأرنب البحري يشرب اللَّبن وخاصة لبن الأتن أَو غَيره أَو مَا اتّفق وأعطه قضبان الملوكية مسلوقة نعما وَمن الفوتنج النَّهْرِي حفْنَة مسحوقة بخل وأصل بخور مَرْيَم مَعَ خمر أوبولس وَاحِد اوبولس قطران مَعَ شراب حُلْو.
فِي الترياق إِلَى القيصر قَالَ: مَتى دق شَحم التمساح وَوضع على مَوضِع عضة شفَاه من سَاعَته وَقد جربت ذَلِك وعرفته.
من السمُوم المنسوبة إِلَى ج قَالَ: الضفادع إِذا أكلهَا الْإِنْسَان ظهر بِهِ ورم فِي بدنه ويكمد لَونه ويقذف الْمَنِيّ. يقيأ بالزيت مَرَّات وَيكثر الْمَشْي والتعريق وَالْحمام.
وَأما الأرنب البحري فَيعرض مِنْهُ وجع الْمعدة واحتباس الْبَوْل ألف ز وَرُبمَا بَال دم ويجد من طَعَامه رَائِحَة هَذِه الدَّابَّة فَلَا يَأْكُل ويعرق عرقاً بَارِدًا منتناً ويقيء مرّة صفراء مخلوطة بِدَم.)
يسقى لَبَنًا أَو خمرًا حلوة أَو طبيخ الْخَبَّازِي ويسقى الخربق الْأسود والسقمونيا من كل وَاحِد درهما يسحق نعما ويسقى بِمَاء الْعَسَل واسقه دم قنفذ طرياً وَقرب إِلَيْهِ السّمك فان أكل
(5/323)
الجندبادستر الأغبر الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد مَا هُوَ من شرب مِنْهُ درهما فِي يَوْم قَتله. يسقى شَاربه مَاء التفاح الحامض بِلَبن الأتن.
من كتاب ابْن بطرِيق قَالَ: مَتى أكل من مرَارَة كلب المَاء قدر عدسه قتل بعد أُسْبُوع وعلاجه يسقى سمن الْبَقر مَعَ الجنطيانا الرُّومِي والدارصيني وإنفحة الأرنب ويمزج بدهن طيب وَيطْعم الْأَطْعِمَة اللطيفة ويجنب الغليظة.
الضفدع من شربه ينتن فَمه وَيفْسد لَونه ويعرض لَهُ قذف الْمَنِيّ فافسقه الزَّيْت وقيئه وليكثر الْمَشْي والعدو وَيلْزم الْحمام والآبزن والادهان. 3 (السمُوم الَّتِي من الْأَدْوِيَة والأغذية والقاتلة) من سَائِر الْحَيَوَان من مقَالَة تنْسب إِلَى جالينوس الذرايح من شربخ احْتبسَ بَوْله وً ورمت مثانته وبدنه وَيهْلك من يَوْمه علاجه أَن يسقى مَاء وزيت مضروبين ضربا شَدِيدا ويقيأ مَرَّات ويحقن بدهن وَعسل وخطمى وصفرة بيض ونطرون وَيُؤمر بِأَكْل التِّين وَشرب الْخمر بِمَاء طبيخ التِّين. وَإِن لم يسكن مص اللَّبن من ثدي الْمَرْأَة.
الضفدع: من أكل مِنْهُ عرض لَهُ ورم فِي بدنه ويكمد لَونه ويقذف الْمَنِيّ ويقيأ بالزيت وَيكثر الْمَشْي والعدو والعرق وَالْحمام.
الأرنب البحري: من شرب مِنْهُ عرض لَهُ وجع فِي الْمعدة واحتباس الْبَوْل وَرُبمَا بَال الدَّم وَإِن قرب إِلَيْهِ الطَّعَام لم يَأْكُلهُ ويجد مِنْهُ ريح هَذِه الدَّابَّة ويعرق عرقاً منتناً ويقيء صفراء بِدَم.
وعلاجه ليسقى لبن أَو خمر حُلْو أَو طبيخ الْخَبَّازِي وَيُؤْخَذ خربق أسود وسقمونياً فيسقى بِمَاء وَعسل أَو أسقه دم قنفذ طري. وعلامة برئه أَن يقرب إِلَيْهِ سمك فيأكل مِنْهُ.
طرف ذَنْب الأيل: سم قَاتل يقيأ صَاحبه بالسمن والخل واسقة البندق والفستق معجوناً بالبادزهرج الجندبادستر الْأسود والأغير الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد يقتل مِنْهُ دِرْهَم فِي يَوْم.
علاجه مَا التفاح الحامض وَلبن الأتن.
مرَارَة النمر تقتل من ساعتها.)
الجبسين من شربه عرض لَهُ غثيان واختناق وَثقل فِي الْمعدة ويبس شَدِيد فِي الْبَطن والفم ويطبخ لَهُ الْخِيَار بِالْمَاءِ حَتَّى ينتفخ ويسقى من مَاءَهُ نصف رَطْل ثمَّ يُؤْخَذ مَاء مَضْرُوب بِعَسَل فَيصب عَلَيْهِ زَيْت قَلِيل ويسقى مَاء ورماد التِّين ورماد حطب الْكَرم بِخَمْر حلوة وَيلْزم مَاء الشّعير أَيَّامًا.
(5/324)
المرتك: يعرض لشاربه ثقل فِي اللِّسَان والمعدة ومغس فِي الْبَطن والتواء الأمعاء واحتباس الْبَوْل ويرم الْجَسَد. يسقى من المر وزن ثَلَاثَة دَرَاهِم بِمَاء فاتر واسقه افسنتيناً أَو فلفلاً أَو زبل الْحمام أَو فلفلاً بِعَسَل وخمر وزيت والزمه لُحُوم الخرفان واسقه خل خمر سَوْدَاء فَإِنَّهُ يكثر عرقه.
النورة والزرنيخ: مجتمعان يمغسان الْبَطن ويورثان قُرُوح المعي. علاجه طبيخ بزر لكتان وطبيخ الْأرز وطبيخ الجرجير واسقه اللسي فانه يسكن.
لي أَظُنهُ اللَّبن فَيجب أَن تنظر فِي النُّسْخَة.
إسفيداج الرصاص: يعرض مِنْهُ فوَاق وسعال وَبرد الْأَطْرَاف وَلَا يقدر أَن يَتَحَرَّك ويسخن لِسَانه ولثته وحنكه فاسقه مَاء وَعَسَلًا وطبيخ التِّين وطبيخ الْخَبَّازِي وَاللَّبن الْحَار أَو شحماً مدقوقاً مَعَ خمر أَو أسقه مَاء وزيتاً وقيئه واسقه وزن سِتَّة دَرَاهِم الأفسنتين بِمَاء وَعسل.
الزئبق: علاجه كعلاج المرتك وأعراضه كأعراضه.
الخربق الْأَبْيَض وعصارة قثاء الْحمار يتداركان بالسمن وَاللَّبن والحليب فانه يمْنَع أَن يصلا إِلَى الْقلب فان وصلا قتلا.
سذاب بري: يعرض لصَاحبه جحوظ وحرقة ولتهاب فليقيأ ألف ز بِالْمَاءِ وَالزَّيْت.
حب اللفاح: يضعف الْمعدة ويسبت وَرُبمَا قتل ويتدارك بالقيء وبالماء وَالْعَسَل والنطرون واسقه الأفسنتين مَعَ خمر حلوة وضع على رَأسه خل وخمر ودهن ورد واسقه الجندبادستر وسذاباً وعطسه بكندس فانه يسكن.
أفيون: يقتل مِنْهُ دِرْهَمَانِ فِي يَوْمَيْنِ وَيَأْخُذ مِنْهُ السبات وَبرد الْبدن وكزاز شَدِيد وَيهْلك يسقى بِالْمَاءِ وَالْعَسَل ويحقن بحقن قَوِيَّة لذاعة ويسقى سكنجبيناً وأفسنتيناً مَعَ خل واسقه فلفلاً وَمن الجندبادستر شَيْئا يَسِيرا بسكنجبين وأشمه الجندبادستر وأعطسه وَأَجْلسهُ فِي آبزن مَاء حَار وحسه مرق الدَّجَاج وأطعمه الْملح فانه جيد نَافِع لَهُ.
الدبق: من أَخذه عرضت لَهُ قرقرة فِي الْبَطن بِلَا اخْتِلَاف وَورم فِي الْعين وغشى يسقى المَاء)
وَالْعَسَل ويحقن بالحقن اللينة ويسقى الأفسنتين مَعَ خمر كَثِيرَة وسكنجبين وطبيخ الجرجير واسقه سنبلاً وجندبادستر قَلِيلا وكمده بِمَاء حَار وخل.
بنبج: يقتل ويعرض مِنْهُ سكر واختلاط عقل ودوار واسترخاء وظلمة فِي الْعين وضيق نفس فاسقه من سَاعَته مَاء وَعَسَلًا وَلبن الْبَقر والمعز وطبيخ التِّين ويسقى خمرًا كَثِيرَة حلوة واسقه بزر القريض وخردلاً أَو حرفا أَو بزر الفجل وأطعمه بصلاً وثوماً.
الكزبرة: يقتل من عصارتها أَربع أَوَاقٍ مَتى شربت وأعراضها السدر واختلاط الْعقل
(5/325)
وَإِن يخرج ريح الكزبرة من جسده فقيئه بالزيت وَالْمَاء ثمَّ أسقه أفسنتيناً مَعَ خمر وأطعمه الْبيض مازريون: المازريون يقتل مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ وَكَذَلِكَ السقمونيا.
شبرم: يقتل مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ فان اغْتسل شَاربه بِالْمَاءِ والثلج وَجلسَ فِيهِ قطع اسهاله.
فربيون: حَار قَاتل.
الدفلى: حَار يَابِس يقتل النَّاس وَالدَّوَاب.
لبن الْعشْر: يقتل مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي يَوْمَيْنِ بِأَن يفتت الكبد.
الخربق الْأسود: يقتل مِنْهُ دِرْهَمَانِ ويعرض مِنْهُ تشنج.
الجرم دانق: يقتل مِنْهُ دِرْهَمَانِ وَتعرض مِنْهُ حكة وورم.
الكمأة وَالْفطر مَتى أَكثر مِنْهُمَا قتلا وَمن الْفطر والكمأة أَنْوَاع تقتل وَلَو قل مِنْهُمَا.
الدادى: مَتى أَكثر مِنْهُ قتل.
جوز ماثل: يقتل مِنْهُ مِثْقَال فِي يَوْم وعلاجه السّمن وَوضع الْأَطْرَاف فِي المَاء حَار.
البلاذر: يقتل مِنْهُ من عسله مثقالان.
الكبيكج: حَار حريف قَاتل تسكن حِدته بالدهن.
الدند: يقتل بفرط الإسهال وعلاجه السّمن وَاللَّبن والمرق وَالدَّسم.
كسب الخروع والمشمش: يقتلان مَتى استقصى نزع دهنهما.
الثَّانِيَة من الْأَدْوِيَة المفردة الأفيون: مَتى سقى مِنْهُ مِقْدَار مَا يقتل بشراب قَلِيل كَانَ أسْرع لقَتله لِأَنَّهُ يبذرقه بِسُرْعَة قبل أَن تمسه اسْتِحَالَة شَدِيدَة وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْأَبدَان الحارة إِن أَخذ مِنْهُ مِقْدَار مَا لَهُ أَن يقتل لِأَنَّهُ أسْرع وصُولا إِلَى قلبه لِأَن حرارته تسرع تقسمه إِلَى أَجزَاء صغَار وبدرقه بِسُرْعَة فَأَما إِذا كثر الشَّرَاب فانه يخرج عَن حد يبدرق الأفيون إِلَى حد يقاومه)
فَلذَلِك إِن سقيت من سقِِي الأفيون شرابًا عتيقاً كثير الْمِقْدَار فحقيق لَهُ أَن يبرأ وخاصة إِن كَانَ هَذَا الشَّرَاب مَعَ عتقه ريحانيا لطيفا فانه ألف ز يبرأ لَا محَالة إِلَّا أَن يكون قد مَاتَ مثلا. وَبِالْجُمْلَةِ فان أَجود الشَّرَاب هَاهُنَا الْأَصْفَر اللَّطِيف الذكي الْقوي الْكثير الِاحْتِمَال للْمَاء الْعَتِيق وَيجب أَن يسقى مِنْهُ صرفا شَيْئا كثيرا.
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: يعرض من شراب المرتك أَعْرَاض سوء وينفع مِنْهُ الفلفل وبزر الكرفس.
وَمن شرب الجبسين: رماد حطب الْكَرم وحاشا مسحوقان يشربان بِالْمَاءِ.
وينفع من الأفيون الْقَيْء بِالْمَاءِ وَالزَّيْت مَرَّات ثمَّ حقنة قَوِيَّة.
وَمن الشوكران: خمر صرفه عتيقة مَعَ فلفل وحرف وقردمانا وحقنة لينَة وَشرب لبن الْبَقر وتضمد الْمعدة والبطن وَكله بدقيق حِنْطَة مَعَ خمر.
(5/326)
وَمن البنج: اللَّبن مَعَ شراب.
وَمن الكزبرة: خمر صرف ومرق دجَاجَة سَمِينَة.
أهرن: الشواء المغموم بعد شيه سَرِيعا قد يكون قَاتلا.
السّمك الْبَارِد قد يكون رديئاً ضاراً.
وَكَذَلِكَ اللَّبن الْفَاسِد تعرض عَنهُ أَعْرَاض سوء.
ويعرض من السّمك المغموم انطلاق الْبَطن والغشي وأعراض الهيضة.
لي قد رَأَيْت عرض مِنْهُ سبات وفقد الْعقل.
والذراريح قَالَ: تعالج بِمَاء الشّعير وَسمن الْبَقر بعد الْقَيْء والآبزن الفاتر والأطعمة الدسمة إسفيذباجا بدجاج وشحم دَجَاج وبلحم الحملان وَيطْعم السّمن ويسقى اللَّبن كثيرا.
كزبرة وبزرقطونا قيئه أَولا ثمَّ اسْقِهِ طبيخ الأفسنتين مَعَ شراب أَو ميبختج.
الأفيون يَأْخُذ مِنْهُ الدوار والفواق وظلمة الْعين وَبرد الْأَطْرَاف ويضيق الْحلق وَيصير ذبحه فقيئه أَولا ثمَّ أطْعمهُ الترياق أَو الشخزنايا وَنَحْوهَا بشراب.
البنج مَتى شرب أسكر وحمر الْوَجْه وَالْعين وأغمى عَلَيْهِ فاسقه لبن الْغنم حِين يحلب وَمَاء الْعَسَل وطبيخ التِّين وأطعمه البصل الْمَطْبُوخ وأعطه فِي الْجُمْلَة كل حَار لطيف كالترياق والسابيزج: يسبت فقيئه بِمَاء الْعَسَل واسقه طبيخ الأفسنتين وَشَرَابًا ثمَّ اسْقِهِ فلفلاً)
وجندبادستر وسذابا وخردلاً وعطسه بهَا.
والأفيون: عطس صَاحبه فانه نَافِع جدا ويحقن بحقن حارة. وَرُبمَا حك جسده وَيُوجد فِيهِ ريح الأفيون فابدأ فِي علاجه بالقيء ثمَّ احقنه بحقن حارة ثمَّ اسْقِهِ شرابًا قد طبخ فِيهِ صعتر ثمَّ عطسه وأعطه الدارصيني فانه بادزهر الْأَدْوِيَة الْبَارِدَة وَلَا سِيمَا الأفيون وأعطه الفلفل والبورق والجندبادستر بسكنجبين.
البيش: من شربه ورم لِسَانه وصرع فقيئه بطبيخ بزر السلجم واسقه طلاء وَسمن الْبَقر واطبخ قشور البلوط بِخَمْر واسقه.
والمسك جيد للبيش مَتى سقِِي وَكَذَلِكَ الفادزهر وَسمن الْبَقر الْعَتِيق جيد والجدوار والترياق الْكَبِير.
الأسفيذاج: من شربه أَبيض لِسَانه وَوَقع عَلَيْهِ الفوق والسعال لِأَنَّهُ زعم يبرد ويجفف الدِّمَاغ فاسقهم طبيخ التِّين وَمَاء الْعَسَل والملوكية وَلبن الْغنم وَأَيْضًا مِمَّا يَنْفَعهُ: السمسم يقمحه ويمضغه وَيشْرب عَلَيْهِ طلاء واسقه دانقا من السقمونيا بِمَاء الْعَسَل واسقه رماد الْكَرم بالطلاء على قدر قوته.
(5/327)
الكمأة: يعرض مِنْهَا الذبْحَة فقيئهم بطبيخ الشبث ألف ز ثمَّ أعطهم رماد الْكَرم بسكنجبين وأعطه قدر مثقالين من ذرق الدَّجَاج بسكنجبين كي يتقيأ بِهِ.
مرداسنج قيئه بِمَاء الشبث الْمَطْبُوخ والتين ثمَّ خُذ بزر الكرفس زنة مثقالين وَمر زنة مثقالين وَمن الأفسنتين زنة مِثْقَال فاعجنه بطلاء وأعطه مِنْهُ مثقالين.
وعالج الزئبق بِمثل ذَلِك.
الزرنيخ قيئه وَلَا تَدعه أَن ينَام واحقنه مَتى خفت أَن يكون قد بَقِي فِي جَوْفه مِنْهُ شَيْء ثمَّ اسْقِهِ اللَّبن وأعطه الأمراق الدسمة.
خبث الْحَدِيد: أعْطه نصف مِثْقَال من مغناطيس بطلاء حَتَّى يجْتَمع إِلَيْهِ كُله ثمَّ أسهله بِقُوَّة.
الدفلى قَالَ مَا سرجويه: دَوَاء الفنجنكشت يطْبخ مِنْهُ للنَّاس وللدواب.
والطلمسات: من سقِِي الأفيون فعطسه ليتحرك دماغه فَأَنَّهُ أيسر علاجه وَمن لم يعطس فَهُوَ وَإِن بَرِيء عَسى أَن يضرّهُ.
فِي من سقى الذراريح مَجْهُول: اسْقِهِ دهن السفرجل فانه بليغ فِيهِ.)
بولس قَالَ: الأرنب البحري من سقيه صَارَت فِي فِيهِ سهوكة سميكة وَوجع الظّهْر والبطن وبراز بنفسجي وَيمْنَع من سقيه من أكل السّمك ويعرق عرقاً منتناً ويتقيؤن مرّة ودما فاسقهم لبن الأتن والنبيذ الحلو وقيئهم دَائِما وأسهلهم بالخربق الْأسود والسقمونيا وعلامة خلاصهم أَن يُمكنهُم أكل السّمك.
وَأما البنج فَيعرض عَنهُ ذهَاب الْعقل وسكر وَهُوَ سهل العلاج فاسقه مَاء حاراً وَعَسَلًا كثيرا وثوماً وبصلا بشراب بسكنجبين وينامون بهدوء كَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ السَّكْرَان.
الكزبرة: لَا يخفى مَكَان رائحتها وَهِي مَتى شربت تبح الصَّوْت وَتذهب الْعقل فقيئهم أَولا ثمَّ أسقهم الشَّرَاب الصّرْف الْقوي مَعَ الأفسنتين واسقهم أَيْضا ميبختجاً حلوا مَعَ شراب وغذهم بصفرة الْبيض اليفرشت.
البزرقطونا: يعقب بردا فِي الْبدن كُله وخدراً وضعفاً وقلقاً وعلاجه كعلاج الكزبرة.
الشوكران: يهيج مِنْهُ عشي الْبَصَر حَتَّى لَا يبصر وخوانيق وَبرد الْأَطْرَاف وامتداد فقيئهم ثمَّ احقنهم حَتَّى ينقى مَا فِي الْمعدة والمعي مِنْهُ ثمَّ اِسْقِهِمْ الشَّرَاب الصّرْف فانه علاجه فليسقوه سَاعَة بعد سَاعَة ثمَّ اِسْقِهِمْ بعد ذَلِك الافسنتين والفلفل والجندبادستر والحلتيت وَنَحْوه مَعَ شراب حُلْو.
الأفيون: يعقب سباتاً وبرداً فِي الْأَبدَان مَعَ حكة شَدِيدَة فقيئه ثمَّ احقنه بحقنة قَوِيَّة وقيئه بالزيت وَالْعَسَل والسكنجبين وَالْمَاء الْحَار ثمَّ يكثر من شرب الشَّرَاب الصّرْف مَعَ الأفسنين أَو مَعَ الدارصيني وجرعة خلا ثقيفاً وأعطه صعتراً جبلياً أَو سذاباً ويشم أَشْيَاء
(5/328)
مُنْتِنَة وامنعهم النّوم وأدخلهم المَاء الْحَار حَتَّى يسكن الحكة الْعَارِضَة لَهُم.
اليبروح: يعرض من شربه سدر ودوار وسبات شبه ليثرغس فقيئهم واسقهم مَاء الْعَسَل والافسنتين وضع على رَأسه خل خمر ودهن ورد وعطسهم بالفلفل والشونيز واشمهم الزفت ألف ز فان اشْتَدَّ السبات فعطسهم بالكندس ثمَّ عالجهم بِالشرابِ وَسَائِر علاج الأفيون.
التافسيا تورث ورماً حاراً فِي اللِّسَان وَيحبس جَمِيع الفضول الَّتِي تخرج من الْجَسَد وَتعرض قرقرة مَعَ ريَاح مَعَ غشى وَصغر النَّفس وينتفعون بعد بالقيء الْكثير والإسهال يشرب بنقيع الأفسنتين وَالشرَاب أَو بالسكبنجين وَيصْلح لَهُم اللَّبن.
مضرَّة الْفطر إِمَّا بِجِنْسِهِ فان مِنْهُ مَا هُوَ قتال وَإِمَّا بالاستكثار مِنْهُ ... يقيئون بِمَاء تودرى)
وخصوصاً بعصير الفجل مَعَ البورق ... وَيجب بعد التقيئة أَن يسقى من المري النبطي ...
والخردل والحرف ... .
دم الثور: يخنق ويضيق النَّفس فَلَا يجب أَن يعْطى هَؤُلَاءِ مَا يقيء بل أعطهم مَا يذيب الدَّم الجامد. ثمَّ أسهل بطونهم وَمن ذَلِك لبن التِّين بالخل وَالْمَاء الْحَار والبورق وأعطهم الأنافح مَعَ خل وأعطهم الحلتيت وبزر الكرنب أَو رماد خشب التِّين أَو البورق أَو الفلفل أَو الفوذنج والخل.
وَأما أَصْحَاب اللَّبن الجامد فَهَذَا علاجهم غير أَنه لَا يجب أَن يقربُوا شَيْئا مالحاً لِأَنَّهُ يشد جمود اللَّبن فِي معدهم وَلَا يسْتَعْمل فيهم الْقَيْء أَيْضا لِأَن اللَّبن الجامد إِن جَاءَ فِي المري سَده وَعرضت مِنْهُ أَعْرَاض رَدِيئَة واختناق.
وَمن الْعَسَل صنفان يعرض مِنْهُمَا مَا يعرض من الشوكران وعلاجها الْقَيْء وَالشرَاب.
الجبسين: يعرض مِنْهُ اختناق فقيئهم أَولا ثمَّ عالجهم بعلاج الْفطر واسقهم لعابات لزجة كَيْلا يخدش المري والمعي وأسهلهم بِقُوَّة بالسقمونيا وَنَحْوه.
الزرنيخ والنورة: علاجهما بالعابات واللزوجات ليمنع أكلهَا مثل الخطمى ولعاب بزر الْكَتَّان وَاللَّبن والأمراق الدسمة.
المُرَاد سنج يكون مِنْهُ ثقل فِي الْمعدة وقروح فِي المعي ومغس مُتَّصِل وعسر بَوْل وَيصير فِي الْجَسَد غدد متحجرة فاسقهم أفسنيتناً أَو زوفا أَو بزر الكرفس أَو فلفلاً بشراب أَو سنبلاً بشراب مَعَ زبل الْحمام الراعية فانه علاج فائق.
برادة الرصاص: علاجها كعلاج هَذَا وأعراضها كأعراضه.
وَكَذَلِكَ الزئبق غير أَنه أحد وَلذَلِك يجب أَن تسقيهم اللَّبن
(5/329)
الخربق الْأَبْيَض يعرض مِنْهُ قيء شَدِيد وَرُبمَا عرض مِنْهُ اختناق فعلاجه: قيئه ومسه بالأدوية وَكَذَلِكَ أَعْرَاض الغاريقون الْأسود وعلاجه.
وَإِن شرب الْإِنْسَان مَاء بَارِد كثيرا بعقب الْحمام أَو رياضة قَوِيَّة أَو شرابًا حلواً فسد مزاجه مَتى لم يتدارك بالفصد والإسهال سَرِيعا.
لي من شرب شرابًا حلواً غليظاً بعقب الْحمام فليفصد ثمَّ يسهل مَا بَقِي وَيفتح سدد الكبد.
وَمن شرب مَاء فعلاجه مَا يسخن الكبد من ضماد أَو مشروب.
فيلغريوس قَالَ: لاشيء أصلح للفطر الْقِتَال من ذرق الدَّجَاج مَتى سقِِي بِمَاء حَار.)
التَّذْكِرَة: للدم الجامد فِي الْجوف اسْقِهِ حرفا بِمَاء وَاللَّبن الجامد اسْقِهِ النعنع مَعَ ملح أَو خرء الديك مَعَ عسل وملح أَو ملحاً جريشاً أَو عسلاً وملحاً.
أَبُو جريج: مَتى حدث عَن البزرقطونا غشى وكرب فقيئه بالشبث وَالْملح.
روفس فِي كِتَابه فِي تَدْبِير الْأَطْفَال اللَّبن الجامد قَالَ: أعْط من جمد اللَّبن فِي معدته عصارة ألف ز الفوتنج فانه يحله من سَاعَته أَو أسقه حلتيتاً فانه يحله على الْمَكَان.
ابْن ماسويه من دفع مضار الأغذية: يدْفع ضَرَر البنج بِاللَّبنِ وَالْعَسَل والقيء قبل ذَلِك بِمَاء التِّين الْمَطْبُوخ ثمَّ يَأْكُل لوز الصنوبر وبزر الأنجرة وبزر البصل والحرف والفجل والثوم ويشربه بطلاء وقيئه بهَا أَيْضا ثمَّ عاود.
اللفاح: يدْفع ضَرَره بالقيء ثمَّ الشَّرَاب وَالْعَسَل ثمَّ الفلفل والخردل والجندبادستر والسذاب والتعطيس.
الأفيون: قيئه أَولا بدهن وخل ثمَّ بالسكبنجين العسلي أَو بالعسل وَالْمَاء الْحَار ثمَّ أحقنه بالحقن القوية الحادة ثمَّ أسقه الشَّرَاب الصّرْف بالدارصيني والفلفل.
بزرقطونا: يبْدَأ بالقيء بالعسل وَالْملح والشبث الْمَطْبُوخ والبورق ثمَّ اسْقِهِ الشَّرَاب الصّرْف وغذه بصفرة الْبيض مَعَ الدَّار صيني والفلفل وَالزَّيْت.
لي رَأَيْت بالتجربة: أَنْفَع شَيْء من سقِِي الأفيون وَجَمِيع المخدرات أَن يسقى من الحلتيت زنة مِثْقَال بأوقيتين من شراب قوي صرف فانه عَجِيب.
من كتاب العلامات: يعرض عَن شرب الفربيون لذع فِي الْبَطن وفواق وَغشيَ وصفرة فِي الْوَجْه كُله وَلَا سِيمَا فِي الشّفة وَثقل فِي الْجَسَد وَنَفس بَارِد منتن وخدر فِي جِسْمه كُله وَثقل الرَّأْس وَفَسَاد الْعقل ونبض صَغِير وعرق بَارِد ثمَّ يحم وَيَمُوت مِنْهُ.
(5/330)
قَاتل الذِّئْب والنمر: يعرض لمن تنَاول مِنْهُمَا عفوصة ويبس بالحنك واللهاة والمري وقصبة الرئة مَعَ ورم ويتصاعد بخار شبه الدُّخان من الْفَم وينعقل اللِّسَان ويختلج الصدغان ويرتعد ويتشنج ويتغير اللَّوْن إِلَى الكمودة ويعرض قراقر وخوانيق.
دروقنيون: يعرض مِنْهُ غثيان شَدِيد وفواق مَعَ غشى ومغس وحاله شَبيه ايلاؤس وقيء متتابع وَرُبمَا قاء الدَّم وَمَشاهُ ويخدر بدنه كُله وَيَمُوت من الرَّابِع إِلَى السَّابِع.
ذرايح: تعرض مِنْهُ قُرُوح فِي الْفَم وَالْحلق ومغس ولهيب. ويبول الدَّم ووجع الكلى وَحمى قَوِيَّة)
جدا واختلاط الذِّهْن وقروح المثانة.
أفيون: تغور مِنْهُ الْعين وينعقل اللِّسَان ويتشجى بِمَشَقَّة ويعرض لَهُ حكاك شَدِيد وعرق بَارِد وكلف الْأَظْفَار ويصغر النَّفس ويشم من بدنه كُله رَائِحَة الأفيون ويتشنج وبأخره يهْلك.
البنج: تعرض مِنْهُ حمرَة فِي الْعين والجسم كُله وحكة وغشى دَائِم وصمم وصرع وتشنج ومغس ويصوتون أصواتاً مُخْتَلفَة ثمَّ يهْلكُونَ فَهَذِهِ أَعْرَاض اليبروح.
مرتك: يعرض مِنْهُ ضيق النَّفس وأعراض ايلاؤس مَعَ نفخة فِي الْبَطن غالبة ويرم الْوَجْه وَرُبمَا عرض مِنْهُ اختناق قَاتل. ج الْأَدْوِيَة المفردة: تَنْفَع من خنق الْفطر القتالان يسقى البورق أَو خرء الدَّجَاج فانه يتقيأ بلغماً كثيرا ويتخلص. د: الْعَسَل الْحَرْف الَّذِي إِذا شم حرك العطاس ويعرض من أكله غشى وعرق بَارِد وَذَهَاب الْعقل وعلاجه أكل السّمك المالح ألف ز والسذاب وَشرب الشَّرَاب الْمُسَمّى انومالي حنين فِي كتاب الترياق: بزر الكرفس والمر والفلفل لَهَا خاصية فِي النَّفْع من شرب المرتك وَهُوَ كَاف فِيهِ.
روفس فِي كِتَابه إِلَى الْعَوام: شرب اللَّبن دَوَاء مُقَابل البنج يفِيق بِهِ صَاحبه من سَاعَته جيد لشرب المرتك.
والشواء المغموم والسمك الْبَارِد رُبمَا قتلا.
مَجْهُول صَحِيح: الدفلى يقتل الْبَهَائِم إِذا أَكلته وعلاجه: يُؤْخَذ طبيخ الحلبة وَالتَّمْر الشهريز فانه يفِيق من سَاعَته.
وَكَذَلِكَ يفعل ورق الأزاذدرخت بالبهائم يَقْتُلهَا وعلاجه ذَلِك.
البلاذر: مَتى كحل بِهِ عين الْإِنْسَان بأشنان مسحوق أَو الْحمار أَو الْبَقر أَو البغال أذهب الْعين وَمَتى كحل بِهِ مُفردا ابْيَضَّتْ الْعين.
الخربق يقتل الْحمار من سَاعَته.
(5/331)
من كتاب الْحَيَوَان قَالَ: مَتى طرح فِي المَاء الَّذِي تشرب مِنْهُ الْخَيل زرنيخ أَحْمَر قَتلهَا سَرِيعا. د: اللوز المر يقتل الثعالب إِذا أَكلته من ساعتها.
الخربق يقتل الْكلاب والذئاب وَسَائِر السبَاع.)
قَالَ: الْحَيَّات والعقارب مَتى مرت تَحت شَجَرَة البلخية مَاتَت وتتجنبه غَايَة التجنب. د: الأفسنتين مَتى شرب بشراب نفع من شرب الشوكران.
دهن البلسان مَعَ لبن جيد للشوكران.
خبث الْحَدِيد يشرب مَعَ سكنجبين فَيدْفَع ضَرَر اقونيطن.
الْملح بسكنجبين يصلح للأفيون.
الْعَسَل ودهن الْورْد يصلحان للأفيون.
طبيخ قشور التوت للشوكران.
الْخلّ ينفع من المحرورات.
قَالَ ج: ذرق الدَّجَاج عَظِيم النَّفْع من الْفطر الْقِتَال ثَلَاثَة دَرَاهِم بسكنجبين مَعَ مَاء فاتر فيفني جَمِيع ذَلِك. د رماد الْكَرم يشرب للفطر الْقِتَال بخل.
وَمَاء رماد خشب الكمثرى قوي جدا فِي دفع مضرَّة الْمُعَطل وَيُقَال: إِنَّه إِن طبخ الكمثرى مَعَ الْفطر لم يضر الْبَتَّةَ.
الْملح بسكنجبين للفطر.
مَاء الفجل كَذَلِك. ج: رَأَيْت رجلا أَصَابَهُ من الْفطر ضيق النَّفس وعرق بَارِد وتخلص بعد جهد بسكنجبين وفودنج بري وبورق سقِِي فتقيئه. د: القلقنت مَتى سقِِي بِالْمَاءِ الْبَارِد درخمى دفع مضرَّة الفجل.
الْخلّ وَالْملح للفطر.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع من الْفطر الفجل وَالشرَاب والبورق ودردى الْخمر والأفسنتين بخل وَالشرَاب وَحده ينفع جدا.
فيلفريوس قَالَ: عَلَيْك للفطر بذرق الدَّجَاج بِمَاء وَعسل فَلَا شَيْء أبلغ مِنْهُ.
(5/332)
د الزئبق: يسقى صَاحبه لَبَنًا بعد الْقَيْء ويسقى شرابًا مَعَ افسنتين أَو بزر الكرفس وفوتنج وزوفا وبزر الكرفس.
ينفع للمرداسنج مَاء الرماد الْقوي ورماد خشب التِّين للجبسين.)
من الْمُقَابلَة للأدواء الأسفيذاج الرصاصي: اسْقِهِ زيتاً كثيرا مسخناً ويقيأ ويسقى شرابًا حلوا وَمَاء حاراً وَلبن الماعز وعصارة الملوكية وَمَاء الْعَسَل ودهن حل وطبيخ التِّين مَعَ دهن ورد ورماد الْكَرم والتين والجوز.
شَمْعُون الزرنيخ: يتقيأ مَرَّات وتكرر عَلَيْهِ الأغذية الدسمة واللزجة ليؤمن التشنج وامنعه من النّوم. د: النطرون مَعَ انجدان لدم الثور وَإِن شرب بِالْمَاءِ للذرايخ.
دهن السفرجل للذراريح.
الْمُقَابلَة للأدواء: للذراريح السّمك المالح معتدل مَعَ سذاب.
ألف ز وَشرب الشَّرَاب والقيء مرّة بعد مرّة نَافِع من أكل الْعَسَل الْقَتْل الحريف.
والسمك المغموم دواؤه بالقيء.
وشحم التيس نَافِع للذراريح.
من الْمُقَابلَة للأدواء: للذراريح دهن حل وشراب حُلْو ويقيء ويسقى لَبَنًا كثيرا وَيطْعم شَيْئا كثيرا من لوز الصنوبر الْكِبَار مَعَ عسل. وَيُعْطى طين شاموس أَو أسقه سذاباً ودهن السوسن.
من سقى بعض مَا يحلق الشّعْر فليقيأ مَرَّات بدهن وَمَاء ثمَّ أعْطه لَبَنًا وعصارة الملوكية مَعَ عسل مسخن.
الْيَهُودِيّ عرق الدَّوَابّ مَتى شرب يخضر الْوَجْه ويرم ويسيل من الإبطين الْعرق فقيئه بِمَاء بَارِد واسقه طلاء بعد ذَلِك مَعَ دهن ورد وَشَيْء من زراوند وملح بِمَاء فاتر.
شَمْعُون للذراريح: اسْقِهِ لَبَنًا وزبدا وَسمنًا واحقن بالحقن اللينة وأطعمه الأمراق الدسمة من لُحُوم الحملان واحقن بالمثانة بِاللَّبنِ وَمَتى بَال أعد عَلَيْهِ فانه يتَخَلَّص من أَن تقرحها.
السابيزج: رُبمَا أَبَت فقيئه بِمَاء عسل قد طبخ فِيهِ أفسنتين واسقه فلفلاً وجندبادستر وعطسه.
البيش أَجود الْأَشْيَاء لَهُ أَن يسقى مسك وَحجر البادزهر يحك ويسقى مَاؤُهُ وَسمن
(5/333)
الْبَقر الْعَتِيق جدا والترياق الْأَكْبَر وابدأ بعلاجه بالقيء ثمَّ بِهَذِهِ فان تخلص مِنْهُ فانه سيقع فِي السل.
ابْن البطريق بيض الحرباء: مَتى شرب قتل من سَاعَته وَإِن لم يتدارك من سَاعَته لم ينفع بعد ذَلِك شَيْء وينفع مِنْهُ أَن يسقى ذرق الباز بطلاء جيد ثمَّ يقيأ بجوز الْقَيْء وامرخ بدنه بِسمن)
الْبَقر وأطعمه الرند والجنطيانا والتين الْيَابِس وكمد رَأسه بالملح. وَمَتى طبخت هَذِه الدَّابَّة بِالْمَاءِ ورش فِي الْحمام لم يستحم فِيهِ أحد إِلَّا اخضر جلده مُدَّة وَيرجع قَلِيلا قَلِيلا.
الحرذون: من أكله ورم لِسَانه وَعرضت لَهُ حرقة وصداع وظلمة عين وحكة يُؤْخَذ سمسم وخرنوب نبطي وسكر بالسواء ويسقى بِسمن الْبَقر واسقه لَبَنًا حليبا ويمرخ بالدهن ويستحم.
الجندبادستر: إِذا كَانَ أغبر يقتل مِنْهُ زنة دِرْهَم فِي يَوْم يقيأ مَرَّات ثمَّ أسقه عصير التفاح مرَارَة النمر: يقتل من ساعتها إِن لم يتدارك يقْعد فِي مَاء الرياحين حارة ويسقى ترياق: الطين الْمَخْتُوم وَحب الْغَار وإنفحة الظبي وبزر السذاب وَمر وَحب الْغَار يعجن بِعَسَل.
الْغُرَاب مَتى أكل قلبه وَلسَانه لم يشرب المَاء ثَلَاثِينَ يَوْمًا حَتَّى يهْلك يقيأ بالسمن والخل ويسقى لَبَنًا حليبا ويحلب على رَأسه أبدا.
الوزغة: مَتى سَقَطت فِي الشَّرَاب يعرض مِنْهُ الْقَيْء ووجع الْفُؤَاد الشَّديد وَإِن لم يعالج قبل قتل.
الخربق الْأسود: مَتى شرب مِنْهُ دِرْهَمَانِ عرضت حرقة وخفقان وحرقة اللِّسَان وعض عَلَيْهِ وجشاء كثير وَنفخ ثمَّ يتشنج ويرتعش وَيَمُوت علاجه أفسنتين بشراب أَو سنبل وجندبادستر وكمون وأنيسون بالسواء يسقى مِنْهُ قريب دِرْهَمَيْنِ بشراب ويكمد بِمَا يحلل الرِّيَاح ويحسى بعد ذَلِك ألف ز أحساء لينَة مَرَّات وَيطْعم الْجُبْن الرطب وَالْعَسَل وَالسمن الطري والمرق الدسم والأغذية الدسمة وَالشرَاب الحلو.
جوز مائل شرك هندي: يقتل مثقاله فِي سَاعَة يعرض مِنْهُ السبات وخمول النَّفس والعرق الْبَارِد وعلاجه أَن يسقى شرابًا كثيرا بفلفل وعاقرقروا وَحب الْغَار وجندبادستر ودارصيني وكمون وأنيسون بالسواء بعد أَن يقيأ بنطرون ويحسى بعد ذَلِك أحساء ويسخن جسده جيدا البلاذر: يقتل مِنْهُ مثقالان يقيأ ويسهل وَيطْعم بعد ذَلِك زبدا كثيرا ويسعط وَحب الصنوبر وَلبن الأتن والماعز ويدهن رَأسه ببنفسج ويسعط بِهِ ويحسى أمراقاً دسمة وَيجْلس فِي مَاء ثلج. وَبِالْجُمْلَةِ يبرد ويرطب.
(5/334)
وَكَذَلِكَ أفعل فِي الفربيون.
الدفلى ينْفخ الْبَطن ويهيج كربا وَوهجا وقيئا واسقه طبيخ الحلبة وَالتَّمْر وَورق الخطمى)
ودهن وخل ثَقِيف ويحقن بِمَاء عسل ثمَّ يحقن بحقن لينَة.
الكندس: يعطس ويجفف الْحلق ويهيج وجع الْبَطن اسْقِهِ اللَّبن والدهن السمسمي.
والجوز بادزهر البلاذر وأصل الْكبر بادزهر البيش والحلتيت بادزهر السم الأرميني طرخشقوق. د: الأرنب البحري ينفع مِنْهُ شرب لبن الماعز.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع من طرخشقوق: شراب حُلْو ودهن ورد خام وَدم الماعز وبزر اللفت الْبري مَعَ الْخمر.
وَمن لوقرسطوس: الْخمر الحلو والقيء وَالدَّسم وَاللَّبن الْحَار وَيكثر أكل التِّين الرطب أَو شرب طبيخ التِّين واسقه بورقاً أَحْمَر ثَلَاثَة مَثَاقِيل بِمَاء.
وَمن المسى انكسا: أفسنتين مَعَ خمر وجندبادستر وسذاب بعد الْقَيْء بسكنجبين أَو فوتنج جبلي مَعَ خمر.
أقيماروس: يشرب لَهُ أَغْصَان عصى الرَّاعِي أَو لِسَان الْحمل والفوتنج الْجبلي أَو حاشي مَعَ خمر.
ومرق السرطان النَّهْرِي ينفع من شرب الأرنب البحري.
ثَمَرَة الشونيز كَذَلِك.
القطران يشرب مَعَ طلي لذَلِك مجرب.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع من شرب الأرنب البحري اللَّبن وخاصة لبن الأتن وقضبان الملوخية مسلوقة نعما أَو يسقى الفوذنج النَّهْرِي حفْنَة وأصول بخزر مَرْيَم قدر أبولوس بِخَمْر أَو قطران أبولوس بِخَمْر.
السمُوم: من سقى الضفدع ورم بدنه وكمد وَقذف الْمَنِيّ قيئه بِالْمَاءِ وَالزَّيْت وليكثر من الْمَشْي والتعرق وَالْحمام.
ابْن البطريق: من سقى مرَارَة من كلب المَاء قدر عدسة قتل بعد أُسْبُوع علاجه سمن الْبَقر مَعَ جنطيانا رومي ودارصيني وإنفحة الأرنب ويمرخ بدهن طيب ولطف تَدْبيره ويدع الضفدع من شربه نَتن فَمه وَفَسَد لَونه وَقذف الْمَنِيّ اسْقِهِ الزَّيْت وقيئه وألزمه الْمَشْي والتعرق وَالْحمام والآبزن والادهان.)
(5/335)
3 - (نهش الأفاعي والحيات) أَقْرَاص الكرسنة الممزوجة تنوب عَن الترياق فِي نهش الأفاعي: بزر الحندقوق وزراوند مدحرج ألف ز بسذاب بري ودقيق الكرسنة بالسواء يعجن بخل خمر ويقرص الشربة درخمي بشراب صرف ودهن.
لي يَعْنِي دهن سمن وَأَظنهُ يَعْنِي بالسذاب الْبري هَاهُنَا الحرمل.
الخوز قَالَت: سمن الْبَقر يمْنَع من سم الأفاعي من الْوُصُول إِلَى الْقلب.
لي أَخْبرنِي ابْن سوَادَة أَنه نهش بالبادية رجلا أفعوان فَسَقَاهُ من سمن بقر عَتيق كَانَ مَعَه فَلم ينله ضَرَر الْبَتَّةَ.
الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ جالينوس: قد رَأينَا السذاب نَافِعًا فِي نهش الأفاعي والعقارب وجربناه فِي نهش الثعبان الَّذِي هُوَ أردأ وأشر من جَمِيع الأفاعي بِالْقَتْلِ على الْمَكَان فَأنى رَأَيْت رجلا قد نهشه ثعبان إصبعه فربطها عِنْد أَصْلهَا ربطاً شَدِيدا وقطعها فَأَفلَت. وَأعرف رجلا شرب الترياق الْكَبِير بعد قطع إصبعه فبرئ.
مقَالَة تنْسب إِلَى ج فِي السمُوم قَالَ: من لدغته أَفْعَى فليبادر بالترياق الْكَبِير فان لم يحضر فَاسق دَقِيق الكرسنة وزن عشرَة دَرَاهِم بشراب صرف ويحسى طبيخ الكرنب النبطي ويسقى مِثْقَالا من دَاخل حب الأترج وأطعمه الفستق.
بولس: من لدغته أَفْعَى عرض لَهُ وجع فِي مَوضِع النهشة ثمَّ يدب وَجَعه فِي جَمِيع الْبدن وَترى فِي مَوضِع اللدغ ثقبين مفترقين قَلِيلا. يسيل مِنْهُ دم ورطوبة شبه مائية الدَّم ثمَّ يسيل مِنْهُ رُطُوبَة زيتية ثمَّ رُطُوبَة زنجارية وَتعرض حواليه أورام حارة وينتفط ويسرع إِلَى العفن والتأكل ويعرض مِنْهُ غشى ورعدة وعرق بَارِد وأجود علاجهم أَن يأكلو الثوم ويشربوا الشَّرَاب الصّرْف فانه إِن برأَ الملدوغ على هَذَا لم يحْتَج إِلَى غَيره وليأكلوا أَيْضا الكراث والبصل السّمك المالح الشَّديد الملوحة.
ترياق مجرب: مر جندبادستر فلفل زرنيخ أَحْمَر دِرْهَم دِرْهَم بزر الشبث أوقيتان يعجن بالطلاء ويسقى فانه عَجِيب. وانطل الْموضع بالأشياء الحارة وَإِذا تنفط فَصَارَت النفاطات قَوِيَّة دموية فلتشرط ليسيل مَا فِيهَا وَلَا تسلح حَتَّى تنطل بِمَاء كثير ثمَّ تضمد بعدس مطبوخ وَعسل حَتَّى يبرأ إِن شَاءَ الله واسقهم الترياق الْكَبِير فانه أعظم علاجهم.)
سرابيون من نهشه أفعوان ذكر يكون فِي مَوضِع النهشه ثقبتان متقاربتان وَإِذا كَانَت أُنْثَى أَربع ثقب. وأضر مَا تكون النهشة إِذا وَقعت بجائع أما إِذا وَقعت بشبعان أَو بسكران فانه أقل
(5/336)
وَهَذَا ترياق خَاص لنهش الأفاعي حَتَّى أَنه ليقارب فِي ذَلِك الترياق الْكَبِير: أنيسون كشوثا فلفل أَربع درخميات قشور الزراوند المدحرج جندبادستر من كل وَاحِد درخمية يعجن بطلاء البشربة قدر الجوزة.
الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: الْحَيَوَانَات الْبَارِدَة المزاج جدا تكون فِي الشتَاء ملقاة شبه الْميتَة مِنْهَا الأفعى.
الْخَامِسَة قَالَ: كَانَ الرجل من خدم الْمُلُوك يصيد الأفاعي ألف ز فلدغته أَفْعَى فَمَكثَ أَيَّامًا لَا يقدر على ترياق يشربه فَتغير لَونه كُله واخضر فَأَتَانِي فسقيته الترياق فَلَمَّا شربه أَيَّامًا عَاد لَونه إِلَى حَاله الطبيعي.
لي: فِي هَذَا تَكْذِيب من يَقُول إِن الترياق يضر إِن لم يسق سَاعَة يلْدغ لَكِن بعد مُدَّة.
ابْن ماسويه: فِي كتاب السمُوم قَالَ: سم الأفعى بَارِد وببرده يقتل وَفِي آخر الْكتاب أهرن ذَلِك بِعَيْنِه.
الأولى من الْفُصُول قَالَ: الْحَيَوَانَات الْبَارِدَة المزاج تصير فِي الشتَاء شبه الْميتَة والحارة المزاج تكون حَرَارَتهَا أَكثر.
الأقربادين الْعَتِيق: أَنْفَع شَيْء للأفعى إِذا لدغت الحلتيت مَتى سقِِي مِنْهُ مِثْقَال بِمَاء بَارِد.
لي يجب أَن تنظر هَل ذَلِك فِي نَص كتاب المزاج.
ديسقوريوس قَالَ: لَا شَيْء أبلغ فِي نهش الأفعى من أكل الثوم وَشرب الشَّرَاب بعده دَائِما.
قضيب الأيل مَتى سحق نفع من لسع الأفاعي.
التضميد بالأشقال نَافِع جدا.
الْبيض مَتى تحسى جيد من لدغ الْحَيَّة المقرنة.
نخالة الْحِنْطَة مَعَ شراب يطْبخ ويكمد بِهِ نَافِع جدا من للذع الأفاعي.
قَالَ ج: خبرني رجل صَدُوق أَنه ينفع إِذا علق على الملدوغ من الأفعى حجرا لحية. د: رماد الْكَرم والخل يضمد بِهِ.
عصير الكرنب مَعَ شراب نَافِع.)
السليخة مَتى شربت نَفَعت.
بزر الفجل نَافِع من لسع الْحَيَّة المقرنة.
الْقسْط نَافِع من نهش الأفاعي.
القنابر يضمد بهَا للسع الْحَيَّات.
روفس: القطران مَعَ ملح يضمد بِهِ للسع المقرنة.
(5/337)
الثوم نَافِع من نهش الأفاعي المدمية إِذا أكل وَشرب بعده الشَّرَاب وأجود مَا يكون إِذا سخن وَشرب.
قَالَ: النافع من نهش الأفاعي مِثْقَال قسط مَعَ ثَلَاثَة مَثَاقِيل من الجنطيانا يطْبخ فِي المَاء ثُلثي رَطْل حَتَّى يقل وَيصير سدس رَطْل ويسقاه وَيطْعم فجلاً ويسقى مَاء الفجل ويضمد ببصل الفأر ودقيق الكرسنة وملح أَو يضمد أَو يستف عشرَة دَرَاهِم بدقيق الكرسنة بشراب صرف وحسه طبيخ الكرنب النبطي.
التَّذْكِرَة: يسقى لنهش الأفاعي أصل الحزا مَعَ شراب عَتيق أَو حب الْغَار أَو زراوند طَوِيل مَعَ مر وَعسل وشراب.
الْجَامِع قَالَ: يوضع على النهشة ضفادع مشقوقة فانه جيد.
الْكَمَال والتمام: يسقى مَاء ورق التفاح المعصور الْمَطْبُوخ ويضمد الْموضع بورق التفاح مدقوقاً أَو يسقى مَاء المرزنجوش أَو يسقى جنطيانا وفلفلاً وسذاباً أَو يضمد بِالتِّينِ والثوم والكون.
الْمُقَابلَة للأدواء الَّذِي يسْتَعْمل فِي نهش الأفاعي من الْأَدْوِيَة البسيطة: يغلي الْخلّ وَيشْرب مِنْهُ أَربع أَوَاقٍ وَنصف فانه نَافِع.
قشر الزراوند مثقالان بِأَرْبَع أَوَاقٍ من خل خمر.
أَو جوشير زنة دِرْهَمَيْنِ مَعَ خل.
أَو إنفحة أيل درخمي مَعَ خمر.
أَو سلحفاة بحريّة دِرْهَمَانِ مَعَ خل.
ترياق الأفاعي: لبن اللاغية مجفف مر دسم مَا يعجن بِعَسَل. الشربة مِثْقَال بخل ممزج برطل وَنصف ويضمد بورق اللاغية.
وَهَذَا دَوَاء قوي: يُؤْخَذ من إنفحة أرنب مِثْقَال ويسقى بِأَرْبَع أَوَاقٍ من شراب عَتيق ريحاني)
ممزوج وَيُؤمر يَوْمًا باليقظة وَالْمَشْي وأدخلهم ألف ز الْحمام وعرقهم فِيهِ واسقهم الإنفحة واسقهم مَاء المداد ويضمد بِهِ. الْيَهُودِيّ: اتخذ للملذوع الأفعى آبزنا تملأ بِلَبن يجلس فِيهِ وخاصة مَتى اصْفَرَّتْ عَيْنَيْهِ وَجلده وأطعمه السّمن واسقه مرَارَة ظَبْي أَو مَاء السذاب أَو الزنجبيل بِلَبن امْرَأَة أَو مرَارَة الديوك بشراب واكحل عينه. ج فِي كتاب العلامات قَالَ: سم الأصلة مجمعه لدم الْقلب ومزاجها بَارِد يَابِس لَكِن يتبع بردهَا حِدة فتطفي ببردها الْحَرَارَة الغريزية وَتَكون مَعَه أَعْرَاض الْحَرَارَة والترياق بِلُطْفِهِ ويمنعه أَن يجمد لدم الْقلب.
(5/338)
فِي نهش الأفاعي والحيات يَقُول أطهورسفس: وسخ أذن الْإِنْسَان ينفع نفعا بَينا متي سقِِي وأسنان الْإِنْسَان إِذا سحقت وَنَثَرت على النهشة أَبرَأته.
قَالَ د: قضيب الأيل إِذا دق وسحق وَشرب نفع من لدغة الأفعى. وَقَالَ ديسقوريدوس: إِن طبخ جَوف الأشقيل بخل وَيعْمل مِنْهُ ضماد للدغة الأفعى فينفع.
وعصير أناغالس مَتى شرب بشراب نفع من لذع الأفاعي.
بَوْل الْإِنْسَان إِذا شرب نفع من نهش الأفاعي.
الْبَيْضَة مَتى حسيت نَفَعت من نهش الأفعى الَّتِي تسمى المدمية.
نخالة الْحِنْطَة مَتى طبخت بِالشرابِ وكمد بهَا نفع من نهش الأفاعي.
وَحجر الْحَيَّة يَقُول ج: خبرني رجل صَدُوق أَنه ينفع من لدغ الأفاعي مَتى علق.
رماد ثخير الْعِنَب ورماد قضبان الْكَرم مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْخلّ نفع من نهش الأفاعي. د: دَقِيق الكرسنة مَتى عجن بِالشرابِ وضمد بِهِ نفع من نهش الأفاعي.
عصير الكرنب مَتى شرب مَعَ شراب نفع من نهش الأفعى. د: عصارة ورق المر مَتى شربت بِخَمْر أَو تضمد بهَا نَفَعت من نهش الأفعى.
المالح مَعَ الفوذنج الْجبلي والزوفا وَالْعَسَل لنهشة الأفعى الذّكر وَمَعَ القطران أَو الزفت أَو الْعَسَل لنهشة الْحَيَّة المقرنة. د: السليخة مَتى شربت نَفَعت من نهش الأفعى المقرنة.
وَقَالَ: السكنجبين الْمَعْمُول بِمَاء الْبَحْر نَافِع من نهش الأفعى. د: السمسم نَافِع من نهش الْحَيَّة المقرنة.) د: الْحَيَوَان الْمُسَمّى فسافس مَتى شرب مِنْهَا سبع نَفَعت من نهش الثعبان. د: قشر الفجل مَتى تضمد بِهِ مَعَ عسل نفع من نهش الثعبان والأفعى. د: إِذا شرب بشراب وَافق نهش الأفعى والحية المقرنة. د: أصل الفاشرا يشرب مِنْهُ درخمان فيوافق نهش الأفعى. د: الْقسْط مَتى شرب بشراب نفع من نهش الأفعى. د: القنابري يضمد بِهِ لنهش الأفعى والحيات.
روفس: القطران مَتى ضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من نهشة الْحَيَّة المقرنة. د: الثوم نَافِع من نهشة الْحَيَّة المدمية إِذا أكل وَشرب بعده شرابًا دَائِما وَمَتى سحق بشراب وَشرب كَانَ عَظِيم النَّفْع من ذَلِك.
(5/339)
قَالَ ابْن مَا سويه: الْأَدْوِيَة الَّتِي تَنْفَع من لسع الْحَيَّات والأفاعي: اسْقِ الملسوع من التربذ دِرْهَمَيْنِ بِلَبن حليب أَو بنبيذ ثَلَاث أَوَاقٍ أَو أسقه مِثْقَال قسط مَعَ ثَلَاثَة مَثَاقِيل جنطيانا تطبخ بِثُلثي رَطْل حَتَّى يذهب الثُّلُثَانِ وَيبقى الثُّلُث. وضمد مَوضِع اللدغة بدقيق الكرسنة ألف ز معجوناً بِلَبن حليب وأطعمه فجلاً واسقه مَاء الفجل وضع على مَوضِع اللدغة بصل الفأر مشوياً مَعَ ملح.
وينفع من نهش الأفاعي: يطعم ذكر الأيل مشوياً واسقه من دَقِيق الكرسنة عشرَة دَرَاهِم وحسه مَاء أَطْرَاف الكرنب النبطي.
للذع الأفعى: يدق اليتوع ويضمد بِهِ الْمَكَان.
من تذكرة عَبدُوس: للسع الْحَيَّات اسْقِهِ أصل الحزا مَعَ مطبوخ أَو حب الْغَار أَو الزراوند الطَّوِيل مَعَ مر وَعسل وشراب.
من الْجَامِع: يوضع على اللذع ضفادع مشقوقة فانه جيد.
من الْكَمَال والتمام: يسقى مَاء ورق التفاح المعصور بالمطبوخ ويضمد الْموضع بورق التفاح مدقوقاً أَو يسقى مَاء المرزنجوش أَو يسقى العقارب وتؤكل أَو يسقى العليل جنطيانا وفلفل وسذاب أَو يضمد بِالتِّينِ والثوم والكمون.
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: الَّتِي تسْتَعْمل فِي نهش الأفاعي من البسيطة: يُؤْخَذ من الْخلّ أَربع أَوَاقٍ وَنصف ويغلي وَيشْرب فانه نَافِع.)
وبزر الحندقوقي قدر ثَلَاث أوبولس بخل خمر مِقْدَار أَربع أَوَاقٍ وَنصف.
وجوشير زنة درخمين بخل.
وإنفحة الأرنب درخمي خل.
وسلحفاة بحريّة دِرْهَمَيْنِ بخل.
وَهَذَا يَسْتَعْمِلهُ صيادو الأفاعي: يُؤْخَذ لبن اللاعية مجفف سِتَّة عشر جُزْء وَمن المر الدسم عشرَة درخميات يسحق ويعجن بِعَسَل مَا يجمعه الشربة درخمي مَعَ خمر ممزوج مزاجاً قَوِيا خمس عشرَة أُوقِيَّة ويضمد اللاوعية.
دَوَاء قوي جدا من نهش جَمِيع الْهَوَام من ذَوَات السمُوم وخاصة الأفاعي: يُؤْخَذ إنفحة الأرنب وأجودها مَا قرب عهدها فَإِنَّهَا أطيب من الْعَتِيق درخمي فيسقى بِأَرْبَع أَوَاقٍ من الْخمر الريحانية الممزوجة مزاجا معتدلا ومرهم باليقظة وَالْمَشْي وأدخلهم الْحمام فِي بعض الْأَوْقَات ومرهم باللبث فِيهِ. فَإِذا كَانَ بعد ذَلِك بِقَلِيل فاسقهم كَمَا قلت الإنفحة واسقهم المداد وضمد الْموضع بذلك الثفل.
(5/340)
الْيَهُودِيّ قَالَ: انقع الملذوع من الأفعى فِي اللَّبن وخاصة مَتى اصفر جلده وَعَيناهُ وأطعمه السّمن واسقه مرَارَة طير أَو مَاء السذاب أَو مرَارَة الديوك بطلاء أَو زنجبيل اسحقه بِلَبن فِي الترياق إِلَى قَيْصر: مَتى دقَّتْ الأفعى وَوضعت على مَوضِع النهشة زَالَ الوجع.
جَوَامِع كتاب المزاج: سم الأفعى يفْسد الْبدن باسخانه أَيَّاهُ.
من السمُوم لِجَالِينُوسَ قَالَ: من نهشته أَفْعَى فليبادر بالترياق الْكَبِير أَو يطعم ذكر الأيل مشوياً أَو اسْقِهِ دَقِيق الكرسنة زنة عشرَة دَرَاهِم بنبيذ صرف. أَو يحسى مَاء أَطْرَاف الكرنب النبطي أَو اسْقِهِ مِثْقَالا من دَاخل حب الأترج وَيطْعم الفستق.
من الْأَعْضَاء الألمة: نهش الثعبان يقتل من سَاعَته وَقد جربت ربط الديوك فَوق النهشة فَوَجَدتهَا نافعة جدا فِي جَمِيع النهوش واللسوع. وَقد رَأَيْت من نهش إصبعه ثعبان فَربط اصلها جدا وسدها فتخلص من غير شَيْء آخر عمله وَلَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَرَأَيْت أَيْضا من تخلص من لسع أَفْعَى لقطع الإصبع بِلَا علاج آخر الْبَتَّةَ.
ابْن سرابيون: من نهشته أَفْعَى فان الوجع يحدث بِهِ بديا فِي مَوضِع النهشة وَبعد ذَلِك يدب فِي الْجَسَد كُله وَيكون ألف ز فِي مَوضِع النهشة ثقبتان غير متباعدتين ويسيل مِنْهَا صديد وَبعد)
هَذَا رُطُوبَة دهنية وَثمّ رُطُوبَة تشبه الصديد وَيحدث ضيق نفس وَرُبمَا حدث عسر بَوْل وتنفط فِي الْموضع. وَأقوى علاج لَهُم أكل الثوم وَيشْرب الصراف الصّرْف فان هُوَ احْتمل هذَيْن لم يحْتَج إِلَى علاج آخر. وَكَذَلِكَ أَيْضا الكراث والبصل.
وأحضر مِنْهُ نفعا وفعلا ومعجون لاريباسيوس: أنيسون مر اكشوثا فلفل من كل وَاحِد أَربع درخميات قشر الزراوند المدحرج والجندبادستر درخمى من كل وَاحِد يعجن بطلاء الشربة باقلاه.
(5/341)
(جمود الدَّم وَاللَّبن) (والمدة فِي الْمعدة والمثانة والأرحام والصدر والمعي) قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة: إِذا جمد الدَّم إِن كَانَ ذَلِك فِي المعي أَو فِي الْمعدة أَو فِي المثانة أَو الصَّدْر فانه فِي الصَّدْر أَشد مَا يكون عرض بِسَبَبِهِ غشى وَذَهَاب اللَّوْن وَصَارَ النبض صَغِيرا ضَعِيفا متواتراً وسخن العليل واسترخاء وَقد رَأَيْت الدَّم جمد فِي المثانة فعرضت هَذِه الْأَعْرَاض فسقيته دَوَاء تفتت الْحَصَى مَعَ سكنجبين وَجعلت شرابًا سكنجبينياً وَلم يفلت أحد مِمَّن عالجته من هَؤُلَاءِ إِلَّا وَاحِدًا فانه انحل ذَلِك العلق من مثانته وَخرج أَولا أَولا.
من الكيموس قَالَ: إِذا جمد الدَّم وَاللَّبن فِي الْمعدة يبرد الْإِنْسَان ويختنق ويغشى عَلَيْهِ ويصغر نبضه.
وابحث كَيفَ صَار هَذَا الدَّم وَهُوَ أقرب الأخلاط إِلَى الطبيعة يعرض عَنهُ هَذِه الْأَعْرَاض إِذا جمد فِي بعض التجاويف بحثا طَويلا.
من سموم ج قَالَ: من شرب من دم ثَوْر عرض لَهُ ضيق النَّفس واختناق وتورم لِسَانه.
علاجه: أطْعمهُ تيناً قد أنقع فِي خل وَمَاء ونطرون أَو أطْعمهُ أصل الحلتيت منقوعاص بخل أَو يَأْخُذ شهدانج وفلفل فيسحقان نعما ويعجنان بِعَسَل ويلعق أَو يسقى عصير ورق العليق بِشَيْء من خل فَإِنَّهُ يسهله والزم حلقه ومعدته وصدره ضماداً مُهَيَّأ من دَقِيق الشّعير.
وَقَالَ: من شرب لَبَنًا فتجبن فِي معدته أَخذه الخناق وضيق النَّفس ويغشى عَلَيْهِ فاسقه خلا وَمَاء أَو يسقى من الفوتنج المجفف فيسقى مِنْهُ وزن خَمْسَة دَرَاهِم. وَإِيَّاك أَن يقربهُ شَيْء من الملوحات واسقه من رماد التِّين دِرْهَمَيْنِ وَمن إنفحة الأرنب مِثْقَالا اسقها بخل خمر أَو اسْقِهِ)
من إنفخة الأرنب وَحدهَا زنة نصف مِثْقَال وَمن إنفحة الجدي مِثْقَال فان هَذِه تحل اللَّبن المتعقد فِي الْجوف ويخرجه إِمَّا بالقيء أَو بالإسهال.
مسيح الدِّمَشْقِي مَتى انْعَقَد اللَّبن فِي المثانة فأعطه ازاذدرخت فَهُوَ جيد.
وأذب شَيْئا من ملح واحقن بِهِ الإحليل وَليكن وزن نواة أَو يحقن بِمَاء الرماد ويديم شرب السكنجبين وأعطه الترياق والمدرة للبول واطل المثانة من الْخَارِج بالأدوية المدرة للحصى وَالَّتِي تذيب الدَّم.
بولس قَالَ: مِمَّا يحل الدَّم فِي المثانة البرنجاسف وبزر الفجل والحلتيت وعصارة
(5/342)
الكرفس الف ز والخل الثقيف والأنافح وَمَاء الرماد ويكمد من خَارج باسفنج بِمَاء الْملح أَو برماد حَار ابْن ماسويه: من المنقية يخرج الدَّم المتعقد من المثانة اسْقِ مِثْقَالا بِثَلَاث أَوَاقٍ مَاء الكرفس أَو يسقى من القردمانا بِمَاء حَار أَو دِرْهَمَيْنِ من عود الفاوانيا أَو دِرْهَمَيْنِ من حب البلسان أَو دِرْهَمَيْنِ من أظفار الطّيب بِمَاء حَار أَو إنفحة الأرنب أَو غاريقون أَو ساليوس أَو يسقى مِثْقَال زراوند أَو نصف مِثْقَال حلتيت وَيطْعم مَاء الحمص.
3 - (الْأَدْوِيَة)
ترياق الطين الْمَخْتُوم تياذوق: لَا شَيْء أبلغ لجمود الدَّم وَاللَّبن فِي الْمعدة من ترياق الطين الْمَخْتُوم.
هَذَا دَوَاء بليغ: يُؤْخَذ طين مختوم ثَمَانِيَة إنفحة الأرنب سِتَّة وَثَلَاثُونَ إنفحة الظباء اثْنَان وَثَلَاثُونَ جنطيانا أَرْبَعَة زراوند مدحرج أَرْبَعَة بزر السذاب الْبري أَرْبَعَة مر أَرْبَعَة حلتيت أَرْبَعَة يعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ عِنْد الْحَاجة مثل الجوزة بأوقية مَاء حَار على الرِّيق أَو سكنجبين فاذا لم يحضر شَيْء من هَذِه فدق القرطم وأدفه بِمَاء خار واسقه.
الْأَدْوِيَة المفردة لج قَالَ: قد جربت الأفافح فِي جمود اللَّبن فِي الْمعدة وسقيت مِنْهَا بخل فرأيتها منجحة وإنفحة الأرنب أَجودهَا. ج:
الحلتيت إِذا شرب بالسكنجبين ينفع من جمود الدَّم فِي الْجوف.
الطَّبَرِيّ: عصير ورق ازاذدرخت يحل الدَّم الجامد فِي المثانة.
روفس وَابن ماسويه: الْخلّ يحل الدَّم وَاللَّبن الجامدين.
حنين فِي كتاب الترياق: الْمقل يحل الدَّم الجامد فِي المثانة وَغَيرهَا. د: الحاشا يشرب فَيحل الدَّم الجامد. القفر يشرب فَيحل الدَّم.
لبن التِّين يحل الدَّم الجامد.
الْخلّ الثقيف يحل الدَّم الجامد.
التَّذْكِرَة: عصير النعنع مَعَ ملح جريش قوي فِي ذَلِك أَو حرف بِمَاء حَار.
الْمُقَابلَة للأدواء: يسقى لجمود اللَّبن فِي الْمعدة وَالدَّم أنجدان وكبريت بالسواء بخل والخل دَوَاء عَظِيم لذَلِك.
العلامات: يعرض من جمود اللَّبن صفرَة اللَّوْن وانتفاخ الْبَطن وترادف الغشى وَصغر النبض.
روفس: 3 (تَدْبِير الْأَطْفَال) الحبق الْبري يحل الدَّم الدَّم الجامد من سَاعَته.
فيلغريوس قَالَ: رعق رجل وضغف فاستلقى وَدخل دم كثير فِي حلقه وجمد فِي
(5/343)
بَطْنه فَلَمَّا رَأَيْت أَعْرَاض جمود الدَّم وانتفخ الْبَطن سقيته عسلاً وعصير الكرفس فتقيأ دَمًا متعقداً وَنَجَا ويعرض مِنْهُ ضيق النَّفس الْقوي وَإِن لم يتدارك بالقيء قتل بالخنق.
ابْن البطريق قَالَ: إياك أَن تقرب من جمد الدَّم أَو اللَّبن فِي معدته الْملح الَّتِي تحلل اللَّبن وَالدَّم الجامدين فِي الْجوف أجمع فِي جَمِيع تجاويفه: الْمعدة والصدر والمثانة وَغير ذَلِك.
قَالَ ج: قد وثق النَّاس من الأقحوان الْأَبْيَض مَتى شربت أَطْرَافه أَنه يحل الدَّم الجامد لَا الَّذِي فِي الْمعدة فَقَط بل وَالَّذِي يجمد فِي المثانة إِذا شربت بِمَاء الْعَسَل.
قَالَ بولس: الأقحوان الْأَحْمَر إِذا شرب مَعَ شراب وَعسل يذوب الدَّم الجامد فِي الْجوف.
وَقَالَ ديسقوريدوس: إِن شرب مَعَ بعض الانافح ثَلَاثَة أبولسات نفع من جمود الدَّم فِي الْمعدة مَتى قَالَ ج: قد جربت تَحْلِيل الدَّم الجامد فِي الْجوف وَاللَّبن لَا بانفحة الأرنب وَحدهَا بل بِجَمِيعِ الأنافح فَكَانَ صَحِيحا إِلَّا أَن أَجودهَا على الْحَقِيقَة إنفحة الأرنب يشرب بخل.
قَالَ ج: مَتى شرب الحلتيت بسكنجبين نفع من جمود الدَّم فِي الْجوف.
الحاشا مَتى شرب بخل حللت الدَّم.
القفر مَتى شرب بخل حل الدَّم المتعقد فِي الْجوف. د لبن الماعز يذيب الدَّم وَاللَّبن الجامدين. د مَاء رماد خشب التِّين المكرر يحل اللَّبن وَالدَّم فِي الْجوف مَتى سقِِي. د: الْخلّ يحل الدَّم وَاللَّبن الجامدين فِي الْجوف.
ابْن ماسويه: مِمَّا ينفع من جمود اللَّبن وَالدَّم فِي الْمعدة رماد التِّين دِرْهَمَانِ إنفحة الأرنب دِرْهَم يدافان بخل خمر وَيشْرب. وَيشْرب مِثْقَال من خرء الديوك بِمَاء حَار. أَو يُؤْخَذ مِثْقَال من إنفحة الأرنب وملح اندراني دِرْهَم.
وإنفحة الجدي مَعَ ملح يفعل ذَلِك يشربان بِمَاء حَار.
اسْتِخْرَاج: النوشادر نَافِع جدا لجمود اللَّبن فِي الْجوف.
من تذكرة عَبدُوس: مَاء نعنع مَعَ ملح جريش أَو خرء الديوك مَعَ عسل.)
من الْمُقَابلَة للأدواء: اسْقِ حرفا بِمَاء أَو مَاء الحاشا وَورق النعنع ولتجبن اللَّبن فِي الْمعدة اسْقِهِ انجذانا وكبريتا بالسواء بالخل والخل دوائهم.
من كتاب الكيموسين قَالَ إِذا جمد البن أَو الدَّم فِي الْجوف صغر النبض وَجَاء الغشى والنافض.
(5/344)
من سموم ج قَالَ: يُصِيب من تجبن اللَّبن فِي معدته أَو الدَّم ضيق النَّفس ويغشى عَلَيْهِ فاسقه خلا وَمَاء الفوتنج المجفف اسْقِهِ مِنْهُ خَمْسَة دَرَاهِم وَإِيَّاك أَن تقربه شَيْئا من الموالح أَو اسْقِهِ رماد التِّين أَو اسْقِهِ من إنفحة الأرنب زنة مِثْقَال مَعَ مِثْقَال ملح اندراني بِمَاء حَار فانه يخرج إِمَّا بالقيء وَإِمَّا بالإسهال.
ينظر فِي هَذَا فانه قَالَ: لَا يقربهُ ملوحة ثمَّ أعطَاهُ رماد التِّين وَالْملح وَلست واثقاً بِهَذَا الْكتاب لَهُ.
من العلامات لج: يعرض من جمود اللَّبن وَالدَّم فِي الْبَطن صفرَة اللَّوْن واضطراب وَصغر النبض وانتفاخ الْبَطن.
قَالَ روفس فِي كتاب الْأَطْفَال: إِن الحبق يحلل اللَّبن حَتَّى يصير مَاء فَلذَلِك يسْقِي عصارته من تجبن اللَّبن فِي الْمعدة لِأَنَّهُ يحلله الْبَتَّةَ.
قَالَ: الحلتيت يحلل اللَّبن الجامد من سَاعَته.
فيلغريوس قَالَ: كَانَ رجل رعف وَضعف واستلقى على قَفاهُ وَدخل الدَّم فِي حلقه فجمد فِي بَطْنه وَكَاد أَن يختنق مِنْهُ وَلما عرفت السَّبَب البادي سقيته عسلا وعصير الكرفس أَو طبيخه فقاء طستا من دم أسود وتخلص بذلك.
الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: الدَّم إِذا جمد وانعقد إِن كَانَ ذَلِك فِي المثانة أَو فِي الأمعاء أَو فِي الْمعدة أَو فِي الصَّدْر وَإِن هَذَا أَشد من جموده فِي المثانة عرض من أَجله غشى وصفرة اللَّوْن وَصغر فِي النبض وَضعف وتواتر وسخن العليل واسترخاء.
ابْن البطريق قَالَ: إياك أَن تَسْقِي من انْعَقَد اللَّبن فِي بَطْنه ملحا.
(5/345)
(عضة الْكَلْب الْكَلْب) قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: فِي ذكره الاختناق الرَّحِم: لَيْسَ تَجِد حَيَوَانا أصلا يُصِيبهُ الْكَلْب غير الْكَلْب. ويبلغ من فَسَاد الأخلاط فِي الْكَلْب الْكَلْب أَن لعابه مَتى وَقع فِي بدن إِنْسَان أَصَابَهُ الْكَلْب وَرُبمَا ظَهرت بليته بعد سِتَّة أشهر وَلست أعرف الْفِكر فِيهِ.
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: قد جرب الحضض الْهِنْدِيّ الْجيد مَتى سقِِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا على الرِّيق بِالْمَاءِ من يخَاف على نَفسه من المَاء منع من ذَلِك.
أهرن: 3 (سليم الْكَلْب الْكَلْب) مَتى رأى المَاء أرتعش وَلَا يشرب حَتَّى يَمُوت.
لي كَانَ عندنَا 3 (فِي المارستان) رجل مِنْهُم ينبح بِاللَّيْلِ وَمَات. وَكَانَ أَيْضا رجل لَا يشرب المَاء وَإِذا قرب إِلَيْهِ المَاء لم يخفه وَرجل آخر كَانَ إِذا رأى المَاء ارتعد واقشعر وانتفض حَتَّى ينحى عَنهُ.
3 - (عَلامَة الْكَلْب الْكَلْب)
أَن لَا يعرف صَاحبه ويشد على كل مَا وجد وَهُوَ مَفْتُوح الْفَم مدلوع اللِّسَان وَقد أرْخى أُذُنَيْهِ وَأدْخل ذَنبه بَين رجلَيْهِ وطأطأ رَأسه واحمرت عَيناهُ وتهرب مِنْهُ الْكلاب ويسيل من فِيهِ الزّبد وَإِن عض إنْسَانا فَجعل على العضة خبز وَرمي لكَلْب لم يَأْكُلهُ فابدأ فِي علاجه بِأَن تضع المحاجم عَلَيْهِ مَرَّات ثمَّ ضمده بِمَا يوسعه واحتل فِي سقيه المَاء سرا أَو ضمد بَطْنه بالأضمدة المفردة ليقل عطشه.
لي يجب أَن تسهله بِمَا يخرج السَّوْدَاء مَرَّات ويفصد ثمَّ يعْطى الْأَشْيَاء المدرة للبول الملطفة.
بولس: عَلامَة الْكَلْب الْكَلْب أَن يبح صَوته ويسيل لعابه وَيحمل على من يستقبله وَلَا ينبح.
قَالَ: والفزع من المَاء يعرض مَعَه امتداد وَحُمرَة الْجَسَد كُله وَلَا سِيمَا حمرَة فِي الْوَجْه مَعَ عرق وغشى ويهربون من المَاء وَمِنْهُم من يهرب من كل شَيْء سَائل رطب ويعرض الْفَزع بعد أَرْبَعِينَ فَمَا دونه وفوقه إِلَى السِّتَّة أشهر وَإِلَى السّنة وَمِنْهُم من ينبح كَالْكَلْبِ
(5/346)
وَيحمل النَّاس على بَعضهم فَيُصِيب المعضوض مثل ذَلِك وَلم يرى أحدا فزع من المَاء سلم إِلَّا فِي الشاذ مِمَّن عضهم فاذا عض إنْسَانا كلب وَلم يدر أكلب هُوَ أم لَا فدق الْجَوْز دقاً نعما وضمد بِهِ مَوضِع النهشة لَيْلَة ثمَّ خُذْهُ من الْغَد وألقه لدجاجة فانها لَا تَأْكُله إِلَّا أَن يضطرها الْجُوع فان أكلت مِنْهُ مَاتَت من غَد وَإِن أَكلته الدَّجَاجَة سَرِيعا وَلم تمت فَأقبل على الْجرْح فادمله وَإِلَّا فَأقبل عَلَيْهِ مَا بوسعه مثل الثوم والجوشير والجوز والأدوية الأكالة للحم مَعَ القلدفيون ثمَّ السّمن بعده وَليكن فَم الْجرْح مَفْتُوحًا أقل مَا يكون أَرْبَعِينَ يَوْمًا واسقهم من الْأَدْوِيَة البسيطة الحضض والأفسنتين والحلتيت والجعدة ودواء جالينوس وأسهلهم بقثاء الْحمار واسقهم بعده الشَّرَاب الصّرْف الحلو الْعَتِيق وَيَشْرَبُونَ اللَّبن ويأكلون البصل والكراث والثوم. وَإِنَّمَا يسْتَعْمل توسع الْجرْح فِي الِابْتِدَاء فَأَما بعد نُفُوذه فِي الْبدن فَلَا يجب ذَلِك بل اسْتعْمل فِي هَذِه الْحَالة إسهال السَّوْدَاء وتبديل المزاج. والتعرق جيد لَهُم.
فيلغريوس فِي كِتَابه فِي الْكَلْب الْكَلْب قَالَ: يكلب فِي الْبلدَانِ الحارة وَفِي صميم الصَّيف أَكثر وَقد تكلب فِي أبرد الْأَوْقَات فِي الشتَاء وَفِي الْبِلَاد الْبَارِدَة فاذا كلبت لم تَأْكُل شَيْئا وهربت من المَاء وسال من أفواهها زبد وَمن مناخرها رُطُوبَة وتحمر أعينها وَتحمل على الإنسن وَلَا تنبح وَلَا تدخل أذنابها الف ز بَين رِجْلَيْهَا وَلَا تعرف أَصْحَابهَا وتهرب مِنْهَا الْكلاب ويعرض مَعَه)
الْخَوْف من المَاء للسليم ورم فِي جسده كُله وخاصة فِي وَجهه وَيصير لون جسده لون الرماد وَتعرض لَهَا غشاوة سَاعَة بعد سَاعَة وتنفر من الضَّوْء وَرُبمَا وثب على من مَعَه فعضه.
ويعرض للمعضوض مثل ذَلِك بِعَيْنِه وقلما من يفلت مِنْهُ. فعالجه قبل الْفَزع من المَاء فِي الايام الأولى بِأَن تحرق السرطان النَّهْرِي وان تدقه وتنعم سحقه كالكحل وارفعه عنْدك واحرق الجنطيانا ثمَّ اسحقه واسق مِنْهُمَا أَربع ملاعق بشراب عَتيق لطيف صرف هَذَا فِي الْأَيَّام الأولى إِلَى عشرَة أَيَّام فان لم تلْحقهُ إِلَى بعد مُضِيّ أَيَّام كَثِيرَة فاسقه ضعف هَذَا الْقدر واشرط الْجرْح وَمَا حواليه شرطا عميقاً حَتَّى يخرج مِنْهُ دم كثير ومص السم وضع عَلَيْهِ المحاجم والأدوية الحادة وَإِن كويته فَأول مَا يعرض عَلَيْهِ العض خلصته الْبَتَّةَ وَلم يسر السم فِي جسده واسقه الشَّرَاب الصّرْف وَاللَّبن فانه يضاد هَذَا السم وأطعمه الثوم والبصل فانهما يمنعان توغل السم فِي الْجَسَد وَلزِمَ هَذَا التَّدْبِير مُنْذُ أول الْأَمر فانك إِذا توانيت فِي ذَلِك حَتَّى يمْضِي أَيَّام كَثِيرَة لم ينْتَفع بالعلاج وَلَا تلح على الْجرْح بعد تقادمه فَلَا تعن بتوسعه لِأَن السم قد نفذ وشاع فِي الْجَسَد وَلَكِن عَلَيْك إِذا ذَاك بأيارج روفس فِي هَذَا الْوَقْت وإسهال السَّوْدَاء وَأكل البصل والثوم وَشرب الشَّرَاب الصّرْف فانه نَافِع جدا. وعرقه بِمَا اسْتَطَعْت واسقه الخربق فانهم قبل أَن يفزعو من المَاء يبرؤون بِهَذَا العلاج.
لي إِذا أَتَت على السَّلِيم خَمْسَة أَيَّام فقد سرى السم فِي الْبدن فَلَا تعن حِينَئِذٍ بتوسع الْجرْح بل أعن بذلك إِلَى يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَكْثَره. وَإِذا فزع من المَاء فَنَاوَلَهُ المَاء على جلد
(5/347)
الضبع العرجاء فانه يقبله مِنْهُ فاذا سرى السم فِي الْبدن فَعَلَيْك بالفصد والحقن واحقنه كل يَوْم وأسهله وَإِيَّاك وَدخُول الْحمام وَعَلَيْك بِالتَّدْبِيرِ المرطب بالأغذية وبالشراب فانها تمنع سُورَة السم وسريته واعرض عَلَيْهِ المَاء مَرَّات ابداً حَتَّى يشرب.
قَالَ سواريس: جلد الضبع لَا ينفع وَلَا الخربق. قَالَ: وينفع مِنْهُ جدا ترياق الْأَرْبَعَة.
سرابيون: إِذا كلبت امْتنعت عَن الْغذَاء وتلهث دَائِما وتبح أصواتها وَلَا تنبح الْبَتَّةَ ويعرض لسليمها عرق كثير.
قَالَ فَاتخذ لَهُ بلبلة طَوِيلَة تدخل فِيهِ وصب المَاء مِنْهَا فِي فَمه.
الأقربادين الْقَدِيم قَالَ: ابدأ قبل أَن يفزع من المَاء فافصده أَن كَانَ كثير الدَّم وَإِلَّا فَلَا ثمَّ أسهله السَّوْدَاء مَرَّات متواترة وادلكه فِي مَا بَينهمَا وأغذه بالأغذية المعتدلة المرطبة جدا واسقهم)
الشَّرَاب وأعطه دَوَاء السراطين كل يَوْم ووسع الْجرْح وضع عَلَيْهِ الجاذبات.
3 - (الْأَدْوِيَة المفردة)
قَالَ: رماد السرطانات النهرية مَتى أحرقت نَفَعت جدا من نهشة الْكَلْب الْكَلْب سقيت وَحدهَا أَو خلطت مَعَ جنطيانا والكندر وَيجب أَن يَأْخُذ من الكندر جُزْء وَمن الجنطيانا خَمْسَة أَجزَاء ورماد السرطانات عشرَة أَجزَاء وَيُؤْخَذ قدر نُحَاس أَحْمَر فَتلقى فِيهِ سراطين بحريّة أَحيَاء وَيُوضَع فِي تنور وتشوى بِقدر مَا تسحق وَلَا يشْتَد حرقها وَافْعل ذَلِك فِي الصَّيف وَالشَّمْس فِي الْأسد الف ز وارفعه ليَكُون معداً واسقه السَّلِيم إِن لحقته فِي الْأَيَّام الأول كل يَوْم معلقَة تذره على المَاء واسقه وَإِن كَانَ قد مَضَت أَيَّام كَثِيرَة فاسقه معلقتين كل يَوْم ووسع الْجرْح بِمثل مرهم الزفت والجوشير والخل. وَهَذِه صفة هَذَا الدَّوَاء: خل ثَقِيف جدا قسط جوشير ثَلَاثَة أَوَاقٍ زفت رَطْل بطيخ حَتَّى يصير مرهماً.
قَالَ: وَهَذَا العلاج أبلغ العلاجات وَقد أطلت تجربته فَلم أجد اُحْدُ اسْتَعْملهُ قبل الْفَزع من المَاء فَفَزعَ مِنْهُ وَلَا مَاتَ.
الحلتيت نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى ضمد بِهِ.
قَالَ: الْملح والسذاب يسحق بِمَاء بصل ويضمد بِهِ.
الجوشير مَعَ الزفت نَا فع إِذا ضمد بِهِ.
والحضض يسقى بِمَاء كَذَلِك الطين الْمَخْتُوم يشرب بشراب صرف جيد لَهُ.
رماد الْكَرم ونطرون وخل يضمد بِهِ.
كبد الْكَلْب الْكَلْب يُقَال بقول مستقاض أَنه ينفع وَيمْنَع من الْفَزع من المَاء. وَيُقَال ان نَاب الْكَلْب الْكَلْب يعلق على الْإِنْسَان فيحرسه من الْكَلْب الْكَلْب.
(5/348)
لحم السّمك المالح يضمد بِهِ.
رماد السرطان النَّهْرِي ثَلَاثَة مَثَاقِيل جنطيانا مِثْقَال وَنصف يشرب ثَلَاثَة أَيَّام بشراب فيعظم نَفعه.
الْعَسَل جيد جدا إِذا لعق.
الثوم نَافِع أكل أَو تضمد بِهِ.
ابْن ماسويه: ليفصدوا ويسهلوا السَّوْدَاء مَرَّات قبل الْأَرْبَعين وَإِيَّاك والتواني فِي ذَلِك.
وَهَذَا الترياق جيد لَهُ: رماد السطرانات جنطيانا خَمْسَة كندر فوتنج ثَلَاثَة ثَلَاثَة طين مختوم اثْنَتَانِ يسقى مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم غدْوَة بِمَاء فاتر وَثَلَاثَة بالعشى أَيَّامًا كَثِيرَة قبل الْأَرْبَعين فانه مَتى خَافَ من المَاء لم يكن لَهُ علاج.
مسيح يعرض لَهُم فوَاق وعطش وَخَوف من المَاء.
ودواء الذراريح عَجِيب: يُؤْخَذ ذرايح سمان كبار جُزْء عدس مقشر جُزْء بعد أَن يلقى رؤوسها وأجنحتها زعفران سنبل قرنفل فلفل دَار صيني من كل وَاحِد سدس جُزْء ينعم سحق ذَلِك وخاصة الذراريح ويعجن بِمَاء ويقرص كل قرص من دانقين ويسقى العليل مِنْهُ قرصة كل يَوْم بِمَاء فاتر أَيَّامًا فان وجد وجعاً فِي المثانة أَو مغساً فيشرب مَاء طبيخ العدس المقشر ودهن لوز حُلْو أَو سمناً وَيدخل الْحمام كل يَوْم بعد شربه وَيقْعد فِي الآبزن حَتَّى يَبُول وَيكون طَعَامه اسفيذباجا بفروج سمين وَيشْرب نبيذاً نقيعاً بِمَاء فاتر ويتوقى الْبرد.
قَالَ: والآبزن نَافِع جدا لمن عضة كلب كلب.)
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: ينفع من الْخَوْف من المَاء ماهودانه وجندبادستر من فَوق وَمن أَسْفَل واسقهم المَاء الَّذِي يطفاً فِيهِ الْحَدِيد من حَيْثُ لَا يعلم فانه عَجِيب أَو أجعَل تَحت الْإِنَاء الَّذِي يتَنَاوَل فِيهِ المَاء خرقَة مِمَّا يكون فِي المتوضأة فانه يقبل المَاء أَو يغشى الْإِنَاء كَمَا يَدُور بجلد الْيَهُودِيّ قَالَ: من عضه كلب كلب مَتى صب على بدنه مَاء بَارِد يسخنى جسده وَمَتى لطخ خبز بدمه لم تَأْكُله الْكلاب ويختلط بِالْغَضَبِ أبدا بِلَا سَبَب وَلَا يَبُول وَلَا ينْطَلق بَطْنه ويصيبه فوَاق ويسيل لعابه وَيجب أَن تشده شداً وثيقاً وأوجره المَاء.
شَمْعُون قَالَ: أعن بجذب السم إِلَى الْخَارِج ثمَّ بعد ذَلِك أخرج السَّوْدَاء وَرطب الْبدن كُله وضمد كبده ومعدته بِمَا يسكن الْعَطش ويبرد.
أَبُو جريج قَالَ: ذَنبه أبدا ملتقى وعينه فِي نَاحيَة ويهرب من المَاء وَرُبمَا مَاتَ إِذا نظر إِلَيْهِ ويهرب مِنْهُ الْكلاب وتبصبص لَهُ.
قَالَ وَمَتى وضع قدح خشب فِيهِ مَاء على جلد الضبع شرب مِنْهُ وَلَا أعرف شَيْئا خيرا لَهُ من الجنطيانا.
(5/349)
من كتاب الْحَيَوَان الْقَدِيم: مَتى سقِِي المعضوض إنفحة جرو كلب صَغِير برِئ.
وَإِن رَأَيْت السَّلِيم من حَيْثُ لَا يرى إنْسَانا بِمَا يرى وَيرى الْمرْآة فان رأى فِيهَا إنْسَانا برِئ وَإِن رأى فِيهَا كَلْبا مَاتَ.
ابْن البطريق فِي السمُوم قَالَ: لَا يَأْكُل الْكَلْب وَلَا يشرب ويسيل لعابه ويتوجع فِي مشيته ويترجح وَلَا ينبح وسليمه يرتعش ويتشنج وَمِنْهُم من يكره الضَّوْء وينبح ويبول كلابا صغَارًا جدا.
فَوسعَ العضة فِي الإبتداء جهدك بالأدوية والكي فِي أول الْأَمر وعرقه مشيا واستحماما ثمَّ خُذ فِي إسهال السَّوْدَاء بالخربق وبأرياج.
روفس: 3 (أذنا الْكَلْب) أبدا مسترخيتان وَلَا يسْتَقرّ بل يعد دَائِما ويحلم سليمه أحلاماً مُخْتَلفَة مختلطة ويختلج مِنْهُم الْحجاب ويشتد الْعَطش ويضجرون ويفزعون وتبح لأصواتهم ثمَّ يعرض لَهُم من بعد الْخَوْف من المَاء ويتقدم ويتأخر بِحَسب بعد الْبدن من غَلَبَة السَّوْدَاء وقربه وَأَنَّهُمْ يخَافُونَ من المَاء لانقلاب الطبيعة من اليبس فيخيل لَهُم للمضادة أَن المَاء مهلك لَهُم فادفع قبل ذَلِك الْحمام والآبزن والأغذية المرطبة والأدهان وَالشرَاب الممزوج والحقن المسهلة للسوداء ثمَّ المرطبة وافصدهم أَولا واحتل فِي المَاء أَن ينزل أَجْوَافهم من حَيْثُ ل يعلمُونَ.
3 - (دَوَاء مجرب)
يُؤْخَذ ذراريح وَقد قطعت رؤوسها وأجنحتها فتنقع فِي الرائب يَوْمًا وَلَيْلَة.
ثمَّ يصب ذَلِك الرائب عَنْهَا ويبدل رائب آخر وتترك فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَة يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات. ثمَّ تجفف فِي الظل وتسحق مَعَ مثلهَا عدسا مقشرا ويقرص واسق مِنْهُ دانقين كل يَوْم بشراب أَو مَاء فاتر فَإِذا شربه فَليقمْ فِي الشَّمْس أَو يتدثر أَو يمشي ويحضر بِسُرْعَة حَتَّى يعرق فان وجد كرباً فليشرب سكرجة من سمن أَو زَيْت. وَإِن احْتبسَ بَوْله أخل الآبزن فاذا بَال الدَّم فقد أَمن من الْفَزع من المَاء.
فِي عضة الْكَلْب الْكَلْب قَالَ ج: الشونيز إِنَّمَا سمي بِهَذَا الأسم لِأَنَّهُ نَافِع من نهش الْكَلْب الْكَلْب مَتى شرب مرَارًا كَثِيرَة مِنْهُ نفع نفعا عَظِيما بِخَاصَّة فِيهِ.
شعر الْإِنْسَان مَتى بل بخل وَوضع على عضة الْكَلْب الْكَلْب أرأه من سَاعَته فِيمَا يزْعم أطهورسفس.
بَوْل الْإِنْسَان مَتى عتق جذب السم من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
قَالَ: وَإِن عتق بَوْل الْإِنْسَان حَتَّى اشْتَدَّ رِيحه ثمَّ ألقِي فِي مِقْدَار مَا يجلس الْإِنْسَان فِيهِ باقة كراث وطبخ وَجلسَ فِي مَائه من عضة الْكَلْب الْكَلْب نَفعه جدا لِأَنَّهُ يجذب مِنْهُ رُطُوبَة شَبيهَة بِمَاء اللَّحْم. ج: الحلتيت نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى وضع عَلَيْهِ.
بَوْل الْإِنْسَان إِذا خلط بنطرون وصب على عضته نفع.
(5/350)
د: مَاء البصل يخلط مَعَ ملح وسذاب وَعسل واجعله ضمادا لعضة الْكَلْب الْكَلْب.
الجوشير مَتى خلط بزفت كَانَ نَافِعًا جدا لعضة الْكَلْب الْكَلْب.)
الحضض يسقى الف ز بِمَاء لعضة الْكَلْب الْكَلْب. د: الطين الْمَخْتُوم نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى سقِِي بشراب ممزوج. ج: ويطلى على العضة مِنْهُ بخل وَثَقِيف.
رماد الْكَرم مَتى ضمد بِهِ مَعَ خل ونطرون نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب. ج: كبد الْكَلْب الْكَلْب قد استفاض فِيهِ القَوْل أَنه نَافِع إِن أكل من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَمن فزع من المَاء.
وَقد يعلق نَاب الْكَلْب الْكَلْب إِذا عض إنْسَانا على غَيره فيحرسه من عضة الْكَلْب الْكَلْب. د: النعنع إِن تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع عضة الْكَلْب الْكَلْب.
السرطان النَّهْرِي: مَتى أحرق وَأخذ رماده يُؤْخَذ مِنْهُ زنة ثَلَاثَة مَثَاقِيل مَعَ مِثْقَال وَنصف من جنطيانا وَشرب ثَلَاثَة أَيَّام بشراب نفع نفعا عَظِيما من عضة الْكَلْب الْكَلْب. وَكَذَلِكَ مَتى خلط بِعَسَل مطبوخ وَحده نفع مِنْهُ. د: رماد السرطان النَّهْرِي ينفع نفعا عَظِيما من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى اسْتعْمل وَأخذ على مَا قد ذكرنَا فِي كتاب الْأَدْوِيَة المفردة أَو يَأْخُذ مِنْهُ عشرَة أَجزَاء وَمن الكندر جُزْء وَمن الجنطيانا وَاسْتعْمل على النهشة ضماد الجواشير زعم ج: أَنه لَا يعادله شَيْء فِي مثل هَذِه الْعلَّة وَقد اتخذ ذَلِك وَجَربه.
لحم السّمك المالح مَتى تضمد بِهِ نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب. د: الْعَسَل جيد مَتى لعق.
كَذَلِك الفراسيون الاسود مَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
بولس: ورق القثاء البستاني نَافِع مَتى دق وتضمد بِهِ عضة الْكَلْب الْكَلْب نفع. د: أصل الرازيانج إِذا تضمد بِهِ مدقوقا بِعَسَل أَبْرَأ عضة الْكَلْب الْكَلْب.
الثوم نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى أكل. د قَالَ ابْن ماسويه: مِمَّا ينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَغَيره أَن يطلى بحضض بِمَاء بَارِد وَأطْعم العليل سرطان نهري مَعَ مَاء الشّعير واسقه الجنطيانا الرُّومِي زنة مِثْقَال مَعَ رماد سرطان نهري زنة مثقالين بِمَاء بَارِد. وتضع على مَوضِع العضة الجوشير مدافا بِمَاء حَار.
من عضة الْكَلْب الْكَلْب أفصده فِي يَوْمَيْنِ من يَده الْيُمْنَى واسقه من بعد ذَلِك من إنفحة كلب)
صَغِير مِثْقَالا أَو مَاء بصل أوقيتين يداف فِيهِ جبن عَتيق زنة دِرْهَمَيْنِ جنطيانا مثقالان سرطان نهري محرق ثَلَاثَة مَثَاقِيل طين مختوم أَرْبَعَة مَثَاقِيل يسقى من جَمِيع هَذِه
(5/351)
دِرْهَمَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَقيل: الْحبّ الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي بَاب مَا يخرج السَّوْدَاء وَهُوَ حب الخربق جيد لعض الْكلاب. د: دَوَاء جيد لذَلِك: سرطان نهري جنطيانا رومي خَمْسَة خَمْسَة كندر فوتنج ثَلَاثَة ثَلَاثَة طين رومي جزءان يستف مِنْهَا ثَلَاثَة دَرَاهِم بِمَاء فاتر على الرِّيق بِالْغَدَاةِ والعشي اياما كَثِيرَة قبل الْأَرْبَعين فانه إِن خَافَ من المَاء لم يكن لَهُ علاج.
دَوَاء يُوسع عضة الْكَلْب الْكَلْب: ملح ثَلَاثَة نوشادر جزءان قلقديس ثَمَانِيَة مَثَاقِيل أشقيل مشوي سِتَّة عشر سذاب أَرْبَعَة بسذ عشرَة نُحَاس محرق أَرْبَعَة زنجار ثَلَاثَة بزر فراسيون اثْنَان يَجْعَل عَلَيْهِ وَهُوَ منخول بالحريرة فانه نَافِع إِن شَاءَ الله.
فِي كتاب فليغروس إِلَى أربوطس فِي عضة الْكَلْب الْكَلْب قَالَ: من عضة الْكَلْب الْكَلْب لَا يحب أَن يرى الضَّوْء وَرُبمَا حمل بَعضهم على النَّاس فعضهم فَيعرض مِنْهُ مثل مَا يعرض من الْكَلْب وَيصير لَونه كلون الرماد ويعرض لَهُ غشاوة سَاعَة بعد أُخْرَى ويفر إِلَى الظلمَة وَوصف السرطان والجنطيانا وَقَالَ: اشرطه مَوضِع العضة وأسل دَمه مَا أمكن ثمَّ عالجه بِشعر رَأسه والمحاجم وخاصة إِن كَانَت مسخنة.
والكي افضل مَا عولج بِهِ من هَذَا وَجَمِيع السمُوم ووسع الْجرْح بالأشياء المالحة والحريف وضع عَلَيْهِ الثوم والحلتيت ووسع بالأشياء مَا أمكنك وَلَا تدع الْجرْح يندمل حَتَّى يبرأ العليل واسقه الشَّرَاب وَاللَّبن فانهما مضادان لجَمِيع السمُوم واطعمه ايضاً البصل والثوم فانهما يضادان السمُوم ايضاً والترياق والمثروديطوس فان هَذِه تمنع أَن يصير السمُوم إِلَى الْقلب وَإِنَّمَا يَنْبَغِي ان تعنى بتوسع الْجرْح واجتلاب السم فِي أول الْأَمر فَأَما بعد أَيَّام فان ذَلِك لَا يقي بِهِ. لِأَن السمُوم قد ذهبت فِي الْبدن ورسخ لَكِن يجب بعد ذَلِك أَن تعرقه مَا أمكن واسقه الشَّرَاب وَمَا يخْتل مزاج السم ويخرجه إِلَى خَارج السم واسقه الخربق وَلَا تخف عَلَيْهِ فانه قد نجا خلق شربوه قبل الْأَرْبَعين.
قَالَ: وَقد جرب دم الْكَلْب الْكَلْب وَوجد نَافِعًا مَتى شرب أَو شدّ نَاب الْكَلْب على عضد السَّلِيم فانه ينفع مِنْهُ وَمَتى أردْت أَن يَتَّسِع الْجرْح فضع عَلَيْهِ قِطْعَة سمك مالح أَو قَمِيص مَعَ ملح.)
قَالَ: إِن لم يتدارك العليل إِلَّا بعد الْفَزع من المَاء فَخذ جلد الضبعة العرجاء فاشوه وأطعمه اَوْ أطْعمهُ كبد الْكَلْب وَقَلبه مشويين أَو ضع قدح مَاء على جلد كلب كلب وقربه غليه فانه يشربه.
وجكى عَن سواريس قَالَ: أدخلهُ بَيْتا مضيئاً دفيا وافصده وَلَا تتركه ينظر إِلَى دَمه
(5/352)
واحقنه بِزَيْت وَمَاء. فان هَذِه الحقنة تخفف وَجَعه وتسكن عطشه وَاجعَل غذاءه الأحساء وأياك وَقد ذكر الخربق سورانس فِي هَذَا السقم وَجَمِيع السمُوم الحارة وَزعم أَن جلد الضبع العرجاء لَا ينفع شَيْئا.
من الْمُقَابلَة للأدواء دَوَاء نَافِع من الْخَوْف من المَاء: ماهودانه وجندبادستر من فَوق وَمن أَسْفَل أَيْضا.
قَالَ: واسقه من مَاء الحدادين من حَيْثُ لَا يشْعر وَهُوَ المَاء الَّذِي يطفئون فِيهِ الْحَدِيد فَهُوَ عَجِيب الْفِعْل فِي ذَلِك.
قَالَ: وَإِن جعلت تَحت الْإِنَاء خرقَة من الَّتِي فِي المتوضا شرب العليل ذَلِك المَاء أَو يغشى الْإِنَاء كَمَا يَدُور من خَارج بجلد ضبع عرجاء فانه يشرب مِنْهُ المَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَالَ الْيَهُودِيّ: إِن من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى صب عَلَيْهِ المَاء سخن بدنه.
لي هَذ إِن كَانَ نَافِع فِي تعرف عضة الْكَلْب هَل هُوَ كلب أم لَا.
قَالَ وَمَتى لطخ الْخبز بِالدَّمِ الَّذِي سَالَ من مَوضِع العضة وَرمي إِلَى كلب لم يَأْكُلهُ فالكلب كلب.
قَالَ: وافصده وكلفه الْمَشْي وَأدْخلهُ الْحمام كرها والمسه بالأدهان الحارة واكو الْموضع وَأخرجه إِلَى النزه مَاشِيا وأطعمه سرطانا نهريا مشويا.
قَالَ: من عضه الْكَلْب يجن وَرُبمَا كَانَ كالغضبان وَلَا يَبُول وَلَا ينْطَلق بَطْنه وَيكثر بزاقه ويصيبه الفواق ويسيل لعابه وَيَنْبَغِي أَن يشده شدَّة وثاقا وَيبقى وَيبقى ويوجره المَاء.
للكلب الْكَلْب: الْجَوْز المقشر الف ز من قشريه يدق نعما مَعَ ملح ويعجن بالعسل وَيُوضَع على العضة أَو ضع عَلَيْهِ حِنْطَة محرقة مَعَ عسل وبصل أَو لبن التِّين أَو دَقِيق الكرسنة أَو الْملح أَو السذاب.
شَمْعُون فِي السمُوم قَالَ: وسع مَوضِع العضة وعالجه بعلاج من قد غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء من)
الْأَدْوِيَة المسهلة وَاجعَل مَاء فِي بلبة طَوِيلَة الْعُنُق واحتل فِي شربه كل حِيلَة وضمد الْمعدة والكبد بالأشياء الْبَارِدَة الَّتِي تهدئ الْعَطش.
3 - (عَلامَة الْكَلْب الْكَلْب)
أَن يسيل من فِيهِ زبد وتحمر عَيناهُ ويدلى ذَنبه وَلَا يعرف معارفه وَيحمل على كل شَيْء يُرِيد عضه.
وَقَالَ أَبُو جريح: إِن ذَنبه أبدا يكون ملقى وعينه فِي نَاحيَة وتهرب مِنْهُ الْكلاب وتبصبص لَهُ ويهرب من المَاء وَرُبمَا مَاتَ إِذا نظر إِلَيْهِ.
(5/353)
قَالَ: مَتى وضع قدح خشب فِيهِ مَاء على جلد ضبع عرجاء وَدفع إِلَى السَّلِيم قبله وشربه.
قَالَ: وَلَا أعرف عقارا خيرا لَهُ من الجنطيانا.
من كتاب الطِّبّ الْقَدِيم قَالَ: إِن سقى المعضوض من الْكَلْب الْكَلْب إنفحة جرو صَغِير برِئ.
وَإِن أريت السَّلِيم مرْآة فان رأى فِيهَا إنْسَانا برِئ وَإِن رأى فِيهَا كَلْبا مَاتَ.
قَالَ ج فى الْأَعْضَاء الألمه: قد يعرض الْفَزع من المَاء بعد سِتَّة أشهر وَلم يعرض قبله الْبَتَّةَ وَلَا أعرف الْعلَّة فِي هَذَا.
ابْن البطريق قَالَ ج: أَكثر مَا تكلب الْكلاب فِي القيظ وَرُبمَا كلب فِي الْبرد الشَّديد وَإِذا كلب الْكَلْب لم يَأْكُل وَلم يشرب وسال من فِيهِ زبد وينقلب عَيناهُ ويترجح فِي مشيته كَأَنَّهُ سَكرَان ويعض كلما لحق وَلَا ينبح وَلَيْسَ يعرض من نهشه وجع شَدِيد لَكِن يعرض بعد ذَلِك الْخَوْف من المَاء والأرتعاش والتشنج ويرتعش جلده كُله وخاصة وَجهه وَمِنْهُم من يهرب من النُّور والضياء وَمِنْهُم من ينبح وَيُقَال: أَنه يَبُول بولاً فِيهِ شبه الْكلاب الصغار جدا وَإِن كَانَ مَوضِع العضة وَاسِعًا فَهُوَ أسلم وَيجب أَن يشرط حَتَّى يخرج الدَّم خُرُوجًا كثيرا شرطا غائراً فانه ملاكه ثمَّ تُوضَع عَلَيْهِ المحاجم بِنَار فان ذَلِك نَافِع والكي أَيْضا نَافِع لِأَن هَذَا يمْنَع غوص السم فِي الْبدن ويجذبه إِلَى السَّطْح. وَلَا تدع الْجرْح أَن يندمل وقشر خشكريشة ووسع الْموضع بالملح والثوم وَاعْلَم أَن الكي والمحاجم إِنَّمَا تصلح فِي ابْتِدَاء الْأَمر فاذا مَضَت أَيَّام صَالِحَة لم ينفع.
والفزع من المَاء إِنَّمَا يكون من أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَى سنة فاذا مَضَت أَيَّام فَاسق أيارج روفس مَعَ الخربق الْأسود فانه عَجِيب واسهل بَطْنه بِهَذَا الدَّوَاء وأطعمه كبد الْكَلْب مشويا فانه يُبرئهُ وأطعمه الْجَوْز المقشر.)
مرهم الجوشير يُوسع الْجرْح وَيُوضَع على عضة الْكَلْب الْكَلْب: يُؤْخَذ من الزفت رَطْل وخل ثَقِيف وقسط وَجوشير ثَلَاث أَوَاقٍ ينقع بخل ثمَّ يخلط الْجَمِيع وَيسْتَعْمل فانه ينفع جدا.
عَلَامَات الْكَلْب الْكَلْب أَن يحضر ويعثر ويعض جَمِيع مَا يلقاه من حجر وَغَيره وفمه مَفْتُوح وَلسَانه مدلوع ولعابه سَائل وَعَيناهُ جاحظتان محمرتان الف ز وأذناه مسترخيتان وذنبه بَين فَخذيهِ وَلَا يسْتَقرّ الْبَتَّةَ بل يعدو دَائِما. ويهرب من المَاء وتهرب مِنْهُ الْكلاب وَإِذا لم يتَّفق أَن يرى الْكَلْب فتعرف مَا هُوَ فالطخ دم المعضوض على كسرة وألقها لكَلْب فان لم يأكلها فَهُوَ كلب.
وعلامة من يعضه الْكَلْب أَن يحلم أَحْلَام مفزعة وَرُبمَا اخْتَلَط ويحس باختلاج فِي الْحجاب الحاجز وعطش شَدِيد وجفاف فِي الْفَم وَرُبمَا حمو فِي أَكثر الْأَمر بِلَا سَبَب ويفزعون
(5/354)
من كل شَيْء ويكثرون الِالْتِفَات ويغضبون بِلَا سَبَب فاذا بلغ الْأَمر مِنْهُم بحت أَصْوَاتهم وفزعو من المَاء ويتأخر الْفَزع من المَاء ويتقدم على قدر بعد الْأَبدَان من الطبيعة السَّوْدَاء بهَا وَإِنَّمَا يخَافُونَ المَاء من غَلَبَة اليبس على مزاجهم فيخيل إِلَيْهِم فِي أدمغتهم أَن المَاء يُحِلهُمْ ويبيدهم ويستدل على ذَلِك أَنهم يتلفون بالتشنج فاذا لحقتهم فِي أول الْأَمر فَعَلَيْك بجذب السم إِلَى سطح الْبدن بالأدوية والمحاجم وَإِلَّا فَعَلَيْك باسهال الْبَطن بِمَا يخرج السَّوْدَاء مثل أفتيمون والخربق الْأسود وأدم الْحمام وَالْمَاء الفاتر والأدهان والأغذية اللطيفة المرطبة وَكَذَلِكَ الْأَشْرِبَة واحقنهم بحقن قَوِيَّة حريفة أَولا بِمَا يجذب السَّوْدَاء ثمَّ بالرطبة واحتل إِذا فزع من المَاء أَن تفرغ مَاء فِي جَوْفه وَهُوَ لَا يشْعر فان أجابتك الْقُوَّة فافصده وأسهله بِهَذَا الْحبّ: اهليج كابلي مثقلان أفتيمون مِثْقَال وَنصف ملح هندي نصف مِثْقَال بسايج مِثْقَال حجر أرميني مثله غارقيون مثله وَبَعْضهمْ يلقى مِثْقَالا وَنصف المثقال خربق أسود مثقالان اسْقِهِ مِنْهُ مثقالين وَيَأْكُل بعد ذَلِك فروجاً أَو دَرَّاجًا وَمن خرج مِنْهُ الدَّم عِنْد العضة فَهُوَ أسلم.
لي علاج هَؤُلَاءِ بعد الجذب شرب الْأَشْيَاء الَّتِي شَأْنهَا تَقْوِيَة الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة وَمنع السم مثل دَوَاء السرطان وَلَا يسقى فِي هَذِه الْأَيَّام دَوَاء مسهلاً وَلَا يفصد لِأَنَّهُ يعين على جذب السم إِلَى دَاخل. فَإِذا استقصيت الجذب إِلَى دَاخل يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة أخذت حِينَئِذٍ بالإسهال والتنقية.
دَوَاء مجرب: تنقع ذراريح فِي الدوغ يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ يُبدل دوغها ثَلَاث مَرَّات ثمَّ تجفف فِي الظل وتدق وتنخل وَيجْعَل مَعهَا عدس مقشر مثله وَتجْعَل أقراصاً مِنْهَا دانقان فِي كل وَاحِدَة وتجفف)
الشربة وَاحِدَة بنبيذ أَو بِمَاء فاتر فاذا شربه شربة فَليقمْ فِي الشَّمْس ويتدثر وَيَمْشي بِسُرْعَة حَتَّى يعرق. فان وجد كربا شرب سكرجة من سمن بقر أَو زيتا صافيا وَإِن احْتبسَ بَوْله دخل الآبزن فاذا بَال دَمًا فقد برِئ وَأمن من الْفَزع من المَاء وَيجب أَن تقطع أَجْنِحَة الذراريح وأرجلها ورؤوسها.
أهرن للكلب الْكَلْب قَالَ: اسْقِهِ المَاء فِي أنبوب وَهُوَ لَا يعلم وضع على معدته وَرَأسه الْأَشْيَاء الملطفة المبردة فانه ملاكه.
ابْن سرابيون: يهيج الْكَلْب فِي الْأَكْثَر فِي الْحر الشَّديد وَالْبرد الشَّديد أَيْضا وَإِذا هاج لم يغتذ وَلم يشرب الْبَتَّةَ وفر من المَاء ويلهث دَائِما وتحرك أذنابها وَيخرج من افواهها زبد وتنقطع أصواتها كَأَنَّهَا مخنوقة وتشد على من اسْتَقْبلهَا من غير نبح وَإِذا نهش فَلَيْسَ يعرض مِنْهُ فِي الِابْتِدَاء شَيْء سوى وجع النهشة فَأَما بأخره فَيعرض الْخَوْف من المَاء وتشنج وَحُمرَة فِي الْجِسْم وخاصة فِي الْوَجْه وعرق كثير ويهربون من المَاء إِذا رَأَوْهُ وَمن سَائِر الرطوبات وَرُبمَا كلبوهم أَيْضا وشدوا على النَّاس يعضونهم فَيعرض مثل الْعَارِض الأول.
وَقَالَ بعض الْأَطِبَّاء فِي عِلّة الْخَوْف من المَاء: إِن ذَلِك يكون لِأَن مزاجهم يَسْتَحِيل دَائِما
(5/355)
الْبَتَّةَ إِلَى اليبس فتضادهم الرُّطُوبَة جدا لِأَن مزاج الدِّمَاغ يغلب عَلَيْهِ اليبس.
لي لَو كَانَ هَذَا هَكَذَا لَكَانَ مَعَه سهر دَائِم.
قَالَ: خُذ الْجَوْز ودقه وضع على النهشة وشده نصف يَوْم ثمَّ اقلعه واطرحه للدجاجة أَو للديك فانه لَا يقربهُ إِن كَانَ كَلْبا إِلَّا أَن يضطره الْجُوع إِلَى أكله فتموت فِي الْيَوْم الثَّانِي فان صَحَّ عنْدك أَن كلب الْكَلْب فَوسعَ الْجرْح بالأدوية الموسعة كالبصل والثوم واالخردل والجرجير المسلوق بِسمن واسقهم دَوَاء السرطانات.
وأدويتهم البسيطة هِيَ الحضض الأفسنتين صمغ الأنجدان سقورديون كمادريوس جعدة ترياق الأفاعي أَيْضا نَافِع وَالشرَاب الحلو الصّرْف الْعَتِيق الْقوي وَأكل البصل والثوم والكراث مسيح قَالَ: يعرض لَهُم فوَاق وعطش وَخَوف من المَاء.
دَوَاء الذراريح جيد عَجِيب لذَلِك: تُؤْخَذ ذرياريح كبار سمان وألق رؤوسها وأجنحتها سِتَّة مَثَاقِيل وزعفران وقرنفل وفلفل وسنبل وزنجبيل ودارصيني مِثْقَال عدس مقشر سِتَّة مَثَاقِيل ينعم سحق الْجَمِيع وخاصة الذرايح واعجن الْكل وأجعلها أقراصاً القرص من دانقين واسق)
العليل قرصة بِمَاء فاتر أَيَّامًا فان وجد مغساً فليشرب مَاء قد غلى فِيهِ عدس وَشَيْء من سمن وَيدخل الْحمام كل يَوْم بعد شربه وَيقْعد فِي الآبزن حَتَّى يَبُول وَليكن طَعَامه اسفيذباجة من فروج سمين وَيشْرب نبيذاً رَقِيقا بِمَاء بَارِد ويتوقى الْبرد.
قَالَ: وَالْجُلُوس فِي المَاء الْحَار جيد لَهُ.
انْتهى السّفر التَّاسِع عشر من كتاب الحاوى على مَا جزأه مُؤَلفه ويتلوه السّفر الْعشْرين فِي الْأَدْوِيَة المفردة وأفعالها فِي الْأَبدَان
(5/356)
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
(الْجُزْء الْعشْرُونَ)
(الْأَدْوِيَة المفردة على حُرُوف أَب ت ث)
(6/5)
(فارغة)
(6/6)
وَصلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم.
(الْأَدْوِيَة المفردة على حُرُوف أَب ت ث)
3 - (بَاب الْألف)
أقحوان قَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى شرب يَابسا بالسكنجبين أَو بالملح مثل مَا يشرب الأفتيمون أسهل مرّة سَوْدَاء وبلغما ونفع من الربو وَأَصْحَاب الْمرة السَّوْدَاء.
وَمَتى شرب زهر هَذَا النَّبَات نفع من الْحَصَى والربو.
وطبيخه يجلس فِيهِ النِّسَاء لصلابة الرَّحِم والورم الْحَار الْعَارِض فِيهَا وَقد يضمد بِهِ مَعَ زهرَة للحمرة والأورام الحارة.
ودهن أقحوان مسخن مفتح لأفواه الحروق مدر للعرق وَالْبَوْل نَافِع.
إِذا جعل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة المعفنة نفع من النواصير وأدرة المَاء بعد أَن تشق وتقشر الخشكريشة والقروح الخبيثة ويوافق عسر الْبَوْل والأورام المقعدة الحارة وَيفتح البواسير مَتى دهنت بِهِ المقعدة ويدر الطمث مَتى احْتمل وَيحل صلابة الْأَرْحَام والأورام البلغمية الَّتِي فِيهَا ج فِي السَّادِسَة: إسخان هَذَا إسخان لَيْسَ بِيَسِير وَلَيْسَ يجفف تجفيفا شَدِيدا بل هُوَ حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة.
وَأما الأقحوان الْأَبْيَض فان قوته قُوَّة تقطع وتلطف الأخلاط الغليظة وَلذَلِك صَار يدر الطمث إِذا شربت أَطْرَافه بشراب وَقد وثق النَّاس مِنْهَا أَيْضا بِأَنَّهَا تحل الدَّم الجامد وَأَنَّهَا لَيست تفعل)
ذَلِك بالجامد مِنْهُ فِي الْمعدة فَقَط بل وَبِمَا يجمد مِنْهُ فِي المثانة وَيجب أَن تشرب بِمَاء الْعَسَل وَمن شَأْنهَا أَن تجفف جَمِيع مَا يتجلب إِلَى الْمعدة جملَة إِذا هِيَ شربت. وَهِي رَدِيئَة للمعدة وَلَا سِيمَا لفمها.
قَالَ: والأقحوان الْأَبْيَض حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة وَأما الْأَحْمَر فانه يلطف الكيموس ويقطعه ويدر الطمث. وَإِذا شرب مَعَ شراب وَعسل ذوب الدَّم الجامد فِي الْجوف ويجفف جَمِيع أَنْوَاع السيلان وَهُوَ ردئ للمعدة.
(6/7)
قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه ينيم ويسبت إِن شم.
أرز قد ذَكرْنَاهُ باسمه الآخر وَهُوَ تنوب.
أيرسا أم غيلَان قَابض يُوَافق سيلان الرطوبات من الرَّحِم وَنَفث الدَّم وماؤه يُوَافق سيلان الرطوبات.
أدخيموي وأدغيموي قد ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكر الشقائق.
أسارون قَالَ د: الأسارون طيب الرَّائِحَة يلذع اللِّسَان جدا مدر للبور صَالح لمن بِهِ حِين وعرق النسا يدر الطمث وَإِذا شرب مِنْهُ سَبْعَة مَثَاقِيل بِمَاء الْعَسَل أسهل كالخربق الْأَبْيَض وَمَتى أَخذ من الأسارون ثَلَاثَة مَثَاقِيل وَطرح فِي اثْنَي عشر قوطولي وطبخ حَتَّى يذهب الثُّلُثَانِ وروق بعد شَهْرَيْن وَسقي مِنْهُ نفع من الاسْتِسْقَاء واليرقان ووجع الكبد والورك.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: الَّذِي ينفع من هَذِه الحشيشة أُصُولهَا وَقُوَّة الْأُصُول كقوة الوج إِلَّا أَنَّهَا أقوى.
قَالَ مسيح الدِّمَشْقِي: وَهُوَ نَافِع من وجع الورك الْقَدِيم.
قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ جيد للكلى والمثانة وَيزِيد فِي النُّطْفَة أفيون أَفْعَى هِيَ مَذْكُورَة فِي بَاب الْحَيَّة.
أذخر قَالَ فِيهِ د: إِنَّه يلذع اللِّسَان ويحذيه حذياً يَسِيرا وقوته مسخنة تفت الْحَصَى منضجة ملينة مفتحة لأفواه الْعُرُوق مدر للبور والطمث مُحَلل للنفخ ينقي الرَّأْس وَيقبض قبضا يَسِيرا وفقاحه نَافِع من نفث الدَّم وأوجاع الْمعدة والرئة والكلى والكبد وَأَصله أَشد قبضا وَلذَلِك قد يسقى للغثيان مِثْقَال مِنْهُ مَعَ مثله من الفلفل وطبيخه مُوَافق للأورام الحارة الْعَارِضَة الَّتِي تعرض للرحم إِذا جلس فِيهِ.
وَقَالَ ج: قُوَّة زهرَة الْإِذْخر مركبة لِأَنَّهُ لَا يُطلق الْبَطن إِذا شرب لَكِن يقبض أَيْضا.
وَقَالَ أريباسيوس: زهرَة الْإِذْخر وَهُوَ الْمُسَمّى زهر الْإِذْخر يسخن إسخانا يَسِيرا وَقَبضه أقل من إسخانه وَلَيْسَ بِبَعِيد فِي اللطافة من الْجَوْهَر اللَّطِيف الْأَجْزَاء وَلذَلِك يدر الْبَوْل والطمث وينفع من الأورام الَّتِي تكون فِي الْبَطن والكبد والمعدة.
فِي الثَّامِنَة مِنْهُ قَالَ ج فِي سجونس البحري: وَيُوجد بحذائه الْإِذْخر وَمن الْبَين أَنه يسخن وَيقبض قَلِيلا وجوهره مَعَه لطافة مَا وَلذَلِك يدر الطمث وَالْبَوْل شرب أَو كمد بِهِ فينفع وتكمد بِهِ وَأما الآجامى مِنْهُ الَّذِي يُسمى أكسجونس فانه أدق وأصلب وَالَّذِي يُقَال لَهُ أولوسجويوس)
أغْلظ وأرخى وَهَذَا النَّوْع يجلب النّوم والدقيق يصدع وجميعهما إِذا قليا
(6/8)
بالنَّار وشربا بِالشرابِ عقلا الْبَطن وقطعا النزف الْأَحْمَر وَهُوَ دم عَارض للنِّسَاء وَهَذِه أَفعَال تدل على أَن مزاجهما مركب من جَوْهَر أرضي يسير الْبرد وجوهر مائي حَار حرارة يسيرَة.
حنين فِي كتاب الترياق: الْإِذْخر جيد لورم الكبد والمعدة جدا ودهنه نَافِع من جَمِيع أَنْوَاع الحكة وَمَا كَانَ مِنْهَا أَيْضا فِي الْبَهَائِم وَيذْهب الإعياء جيد للبرص.
أسفيذاج الرصاص قد ذَكرْنَاهُ فِي ذكر الأسرب.
أشنة قَالَ فِيهَا د: إِن قوتها قابضة تصلح لأوجاع الرَّحِم إِذا جلس فِي طبيخها وَتَقَع فِي الدخن والأدهان الَّتِي تحل الاعياء. ج فِي السَّادِسَة: قوتها قابضة باعتدال وَلَيْسَت بباردة برودة قَوِيَّة بل هِيَ قريبَة من الفتورة وفيهَا مَعَ هَذَا قُوَّة محللة ملينة وخاصة فِي الَّذِي يُوجد مِنْهَا على شجر الصنوبر.
قَالَ بولس: إِنَّهَا تفشي وتلين قَلِيلا وخاصة مَا كَانَ على شَجَرَة القطران.
قَالَ الخوزي: مَتى أنقعت فِي الشَّرَاب أَنَام ذَلِك الشَّرَاب نوما غرقا.
قَالَ القلهمان: إِنَّهَا بَارِدَة قابضة جَيِّدَة مَتى طليت على الورم الْحَار.
وَوجدت أَيْضا فِي كتبهمْ أَنَّهَا حارة فِي الأولى يابسة فِي الثَّانِيَة وَمَتى أنقعت فِي شراب قَابض وَشرب ذَلِك الشَّرَاب نفع الْمعدة وأذهب نفخ الْبَطن وأنام الصّبيان نوما غرقا ويطيب الْمعدة وَيحبس القئ.
أسقنقور ذَكرْنَاهُ فِي بَاب السِّين.
أسفيوس هُوَ البزرقطونا.
أومالي هُوَ شَيْء دَهِين أثخن من الْعَسَل حُلْو يسيل من سَاق شَجَرَة تكون بتدمر مَتى شرب مِنْهُ ثَلَاث أَوَاقٍ بتسع أَوَاقٍ من مَاء الْعَسَل أسهل فضولانية وَمرَّة صفراء ويعرض لشاربه كسل واسترخاء وَلَا يهولنك ذَلِك وَلَا تتركهم يُسْبِتُوا. وَقد تهَيَّأ من دسم أَغْصَان هَذِه الشَّجَرَة أدهان وأجوده مَا كَانَ مِنْهُ عتيقا ثخينا دسما صافيا وَهُوَ مسخن صَالح للظلمة فِي الْبَصَر مَتى اكتحل بِهِ. وَإِن وَقَالَ بولس فِي هَذَا: وَهُوَ يشبه الدّهن العسلي إِلَّا أَنه أثخن من الْعَسَل ويسيل من سَاق شَجَرَة حلوة المذاق ويعرض مِنْهُ إِذا شرب الإسهال على مَا ذكره د واسترخاء وكسل وَيجب أَلا يهولنك ذَلِك وَلَا تجزعن مِنْهُ.
أذريونة قَالَ فِيهِ بديغورش: خاصته النَّفْع من السمُوم والهوام وَإِسْقَاط الأجنة.
أغافت نذكرهُ فِي بَاب الْغَيْن.
(6/9)
أسفاي قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه حَار فِي الثَّانِيَة قَابض فِي الأولى.
لي أَظن أَن هَذَا هُوَ رعي الْإِبِل.
أريقي قَالَ فِي السَّادِسَة: إِنَّه قَابض ويحلل أَيْضا بِلَا لذع وَأكْثر مَا يسْتَعْمل مِنْهُ ورده وورقه.
أغالوجن طيب الرَّائِحَة قَابض مَعَ مرَارَة يسيرَة إِذا شرب من أَصله مِثْقَال نفع من لزوجة الْمعدة وضعفها وَسكن لهيبها وَمَتى شرب بِالْمَاءِ نفع من وجع الكبد وَالْجنب وقرحة المعي والمغص ويهيأ مِنْهُ ذرور يطيب الْجِسْم وطبيخه يطيب النكهة إِذا تمضمض بِهِ وَكَذَلِكَ هُوَ إِن مضغ.
وَيسْتَعْمل فِي الدخن.
أثمد قَالَ ج: قوته قابضة مبردة يذهب اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح ويدملها وينقي أوساخها وأوساخ القروح الْعَارِضَة فِي الْعين وَيقطع الرعاف الْعَارِض فِي الْحجب الَّتِي فَوق الدِّمَاغ وقوته فِي الْجُمْلَة شَبيهَة بِقُوَّة الرصاص المحرق.
وَمَتى خلط الإثمد بِبَعْض الشحوم الطرية ولطخ على حرق النَّار لم تعرض فِيهِ خشكريشة من القروح الْعَارِضَة من حرق النَّار.
قَالَ ج: فِي الْعَاشِرَة لهَذَا الدَّوَاء مَعَ التجفيف أَنه يقبض وَلذَلِك يخلط فِي الشيافات والأكحال النافعة للعين.
وَقَالَ فِي الرَّابِعَة من قاطاجانس: إِن الْكحل أَشد تجفيفا من الزاج الْأَحْمَر.
أصابغ صفر قَالَ بديغورس: إِن خاصته النَّفْع من الْجُنُون والفضول الغليظة.
نذكرها مَعَ الْحِنْطَة.
أس قَالَ د: إِن الشَّديد الخضرة الَّذِي يضْرب من أجل شدَّة خضرته إِلَى السوَاد أقوى فِي العلاج من الَّذِي يمِيل إِلَى الْبيَاض وَثَمَرَة الْأَبْيَض أقوى من ثَمَرَة الْأسود.
وَقُوَّة جَمِيع الآس قابضة يُؤْكَل رطبا ويابساً لنفث الدَّم ولحرقة المثانة.
وعصارة الثَّمر وَهُوَ رطب يفعل فعل الثَّمَرَة وَهُوَ جيد للمعدة مدر للبول نَافِع من عضة الرتيلا إِذا لطخ بشراب وَمن لسعة الْعَقْرَب.
وطبيخ ثَمَرَته يصْبغ الشّعْر وَإِذا طبخ بشراب وتضمد بِهِ أَبْرَأ القروح الَّتِي فِي الْكَفَّيْنِ والقدمين.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الشوكران سكن الأورام الحارة الْعَارِضَة للعين. وطبيخه يُوَافق خُرُوج المقعدة وَالرحم.
وأفشرح الآس: يصلح لكل مَا تصلح ثَمَرَته. وَيصْلح طبيخه للنِّسَاء اللواتي تسيل
(6/10)
مِنْهُنَّ رطوبات مزمنة ويجلو نخالة الرَّأْس وقروحه الرّطبَة وبثوره ويمسك الشّعْر المتساقط ويوافق المفاصل المسترخية.
وَمَتى صب على كسور الْعِظَام الَّتِي لم تلتحم بعد نَفعهَا. ويجلو البهق. ويقطر فِي الآذان الَّتِي وعصارة الْوَرق أَيْضا تفعل ذَلِك وَمَتى دق الْوَرق وصب عَلَيْهِ المَاء وخبص مَعَ زَيْت وخمر وتضمد بِهِ وَافق القروح الرّطبَة والمواضع الَّتِي تسيل مِنْهَا الفضول والإسهال المزمن والنملة والحمرة والأورام الحارة الْعَارِضَة للانثيين والشرى والبواسير.
وَإِذا دق يَابسا وذر على الداحس نفع مِنْهُ. وَيذْهب نَتن الْأنف وَيقطع الْعرق. وينفع من الخفقان وَيُقَوِّي الْقلب.
وَمَتى اسْتعْمل بموم وزيت عذب أَبْرَأ حرق النَّار والداحس.
وَيَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل عصارته وَهِي حَدِيثَة لِأَنَّهَا مَتى أزمنت تكرجت وضعفت.
بنكه: وبنك الآس قد يكون على سَاق شجر الآس بنك شَبِيها بلون السَّاق فِي مشابهة الْكَفّ فِي شكله وَقَبضه أقوى من قبض الآس يُؤْخَذ فينعم سحقه ويعجن بشراب عفص ويتخذ)
أقراصا وَهَذِه الأقراص أقوى فعلا من ورق الآس وثمره. وَإِن احتجت أَن تجْعَل قيروطيا رطبا قَابِضا فَاجْعَلْ فِيهِ شَيْئا من هَذِه الأقراص وَكَذَلِكَ الضمادات والفرزجات والمياه وَجَمِيع مَا أردْت أَن تكون قوته قابضة.
دهن الآس: وَأما دهن الآس فقوته قابضة مصلبة وَيَقَع فِي المراهم المدملة وَيصْلح لحرق النَّار والقروح الرّطبَة فِي الرَّأْس والنخالة والبثور فِيهِ والسحج والشقاق فِي الْمعدة واسترخاء شراب الآس: وشراب الآس شَدِيد الْقَبْض جيد للمعدة يقطع سيلان الرُّطُوبَة إِلَى الْمعدة والمعي وباطن الْبدن وسيلان الرطوبات وورم الْمعدة والمعي وينفع من القروح الْعَارِضَة فِي الرَّأْس والنخالة والبثر فِيهِ واسترخاء اللثة وورم النغانغ وَالْأُذن الَّتِي يسيل مِنْهَا مَاء وَيقطع العرقز وَقد يحرق الآس وَيسْتَعْمل بَدَلا من التوتيا على مَا فِي كتاب الصَّنْعَة.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: دهن الآس قَابض وَقَالَ فِيهِ حَيْثُ ذكره خَالِصا: إِنَّه مركب من قوى متضادة وَالْأَكْثَر فِيهِ الأرضي الْبَارِد وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء حَال لطيف فَهُوَ لذَلِك يجفف تجفيفا قَوِيا وورقه وقضبانه وثمرته وعصارته لَيْسَ بَينهَا فِي الْقَبْض كثير خلاف.
وَأما البنك الَّتِي فِي سَاقه وَالْعقد الَّتِي فِي قضبانه فبحسب مَا هِيَ أيبس كَذَلِك هِيَ أَقبض وَأَشد تجفيفا وَقد تحرق هَذِه وتعجن بِالشرابِ وتتخذ أقراصا.
ورقه: وَأما ورقه الْيَابِس فَأكْثر تجفيفا مِنْهُ رطبا.
(6/11)
وَأما رب الآس فحابس مَا بَقِي من دَاخل وَمن خَارج لِأَنَّهُ لَا يخالطها الْبَتَّةَ شَيْء من قوى المسهلة وَلَا من الغسالة.
حب الآس وورقه قَالَ فِي كتاب الأغذية: حب الآس وَهِي ثَمَرَته قَليلَة الْغذَاء تقبض وتحبس الْبَطن وَقَبضه أَكثر من برده ويخالط قَبضه حِدة وحراقة. وَجَمِيع الأغذية الَّتِي فِيهَا حراقة أَو حِدة إِذا فَارقهَا ذَلِك بالإنقاع والطبخ غذا غذَاء يَسِيرا. وَقد عرض ذَلِك للبصل والكراث.
قَالَ ابْن ماسويه: حب الآس بَارِد يَابِس فِيهِ مرَارَة يسيرَة ويبسه إِلَى الْبرد للعفوصة الَّتِي فِيهِ وَإِن كَانَت فِيهِ حلاوة لَطِيفَة وَهُوَ نَافِع من نفث الدَّم الْعَارِض فِي الصَّدْر والرئة دابغ للمعدة لما فِيهِ من العفوصة وَلَيْسَ بضار للرئة لحلاوته ويغذو غذَاء يَسِيرا صَالحا وينفع استطلاق الْبَطن الْحَادِث من الْمرة الصَّفْرَاء ونفعه للسعال بالحلاوة اللطيفة الَّتِي فِيهِ ونفعه من استطلاق الْبَطن)
بالعفوصة. وَلَا يكَاد يجْتَمع النَّفْع من السعال واستطلاق الْبَطن إِلَّا لقَلِيل من الْأَشْيَاء.
رب الآس: وَرب الآس نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة. د: وأصبت فِي النُّسْخَة الْقَدِيمَة أَن حب الآس ينفع من لذع المثانة والسعال عَاقل للطبيعة قَاطع للاسهال الصفراوي مقو للمعدة وَنَفث الدَّم.
ابْن ماسويه يَقُول: رب الآس نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة والسعال وَهُوَ مَعَ ذَلِك جيد للقروح فِي الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة مقولها مُمْسك للْحيض.
أكثمكث دَوَاء هندي يفعل أَفعَال الفاوانيا إِذا سحق بِمَاء وطلي على الْعُضْو الَّذِي يرْتَفع مِنْهُ بخار الْمرة أصطرك وَهُوَ ضرب من الميعة والجيد مِنْهُ حاد الرَّائِحَة جدا وقوته مسخنة ملينة منضجة وَتصْلح للسعال والنزلات والزكام وبحوحة الصَّوْت وانقطاعه وَإِذا شرب أَو احْتمل وَافق انضمام فَم الرَّحِم والصلابة الْعَارِضَة فِيهَا ويدر الطمث.
وَمَتى ابتلع مِنْهُ شَيْء يسير مَعَ صمغ بطم لين الْبَطن تَلْيِينًا خَفِيفا.
ويخلط بالمراهم المحللة والأدهان المحللة للاعياء.
ودخانه يُوَافق وَيصْلح جَمِيع مَا يصلح لَهُ دُخان الكندر.
ودهنه يسخن ويلين جدا ويصدع ويثقل الرَّأْس ويسبت.
أسطرا طيقوس الحالبي د: وَإِنَّمَا سمي كَذَلِك لِأَنَّهُ يشفي من الورم الْحَادِث فِي الحالب مَتى ضمد بِهِ أَو علق عَلَيْهِ.
وقوته محللة وَفِيه أَيْضا قُوَّة مبردة دافعة وَلَيْسَ لَهُ قبض. وأصبت أَن هَذَا الدَّوَاء يُسمى الحزم.
أبهل قَالَ فِيهِ د: انه صنفان كِلَاهُمَا يمْنَع سعي القروح الخبيثة ويسكن الأورام الحادة وَمَتى تضمد بِهِ نقي سَواد الْجلد وأوساخه الَّتِي تعرض من فضول الْبدن ويقشر خشكريشة الْجَمْرَة ويبول الدَّم إِذا شرب.
(6/12)
وَيسْقط الْجَنِين مَتى احْتمل أَو شرب أَو تدخن بِهِ.
وَيَقَع فِي أخلاط الأدهان المسخنة وخاصة فِي أخلاط دهن عصير الْعِنَب.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن هَذَا قوي التجفيف فِي كيفياته كلهَا الْمَوْجُودَة فِي طعمه على مِثَال مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي الشربين إِلَّا أَنه أحد من الشربين وَكَأَنَّهُ فِي الْمثل أطيب رَائِحَة مِنْهُ وَهَذَا من الْحَرَارَة وَله أَيْضا مرَارَة وَقبض أفضل مِمَّا للشربين وَهَذَا مِمَّا يدل على أَنه أحد مِنْهُ فَهُوَ لذَلِك يحلل أَكثر من تَحْلِيل الشربين وَلذَلِك صَار لَا يقدر على إدمال الْجِرَاحَات لشدَّة حرارته ويبسه لِأَن فِيهِ من الْحَرَارَة واليبوسة جَمِيعًا مِقْدَارًا مَا يخرج بِهِ إِلَى أَن يكون يهيج ويلهب. وَأما القروح العفنة فَهُوَ نَافِع لَهَا كَنَفس الشربين وخاصة للعفونة الرَّديئَة الخبيثة المستحكمة فان العفونة إِذا كَانَت على هَذِه الْحَال احتملت قُوَّة هَذَا الدَّوَاء من غير أَذَى وَهُوَ أَيْضا ينقي القروح المسودة الوسخة جدا نَافِع مَتى وضع عَلَيْهَا مَعَ مَاء الْعَسَل ويقلع الخشكريشة الَّتِي تكون على الْجَمْر وللطافته يدر الطمث أَكثر من كل شَيْء يدره وَينزل دَمًا وَيفْسد الأجنة الْأَحْيَاء وَيخرج الأجنة الْمَوْتَى وليوضع من الْحَرَارَة واليبوسة فِي الدرجَة الثَّالِثَة على أَنه من الْأَدْوِيَة اللطيفة الحادة لذَلِك يدْخل فِي الأدهان الطّيبَة وَقد يَجْعَل مَكَان الدارصيني مِنْهُ ضعف الدارصيني فِي كثير من المعجونات لِأَن قوته تحلل وتلطف إِذا شرب.
قَالَ بديغورس: خَاصَّة الابهل قتل الْوَلَد وتجفيف القروح وإحدار الْحَيْضَة وَالْبَوْل.
قَالَ أريباسيوس: إِنَّه من الْأَشْيَاء القوية التجفيف والإسخان مُحَلل يدر الطمث من أجل لطافته أَكثر من جَمِيع الْأَشْيَاء ويحرك خُرُوج الدَّم بالبول وَيفْسد الأجنة الْأَحْيَاء وَيخرج)
الْمَوْتَى.
قَالَ بولس: الابهل شَبيه بالسرو فِي أَمر العفونات وَمن هَهُنَا يدل على أَن الشربين هُوَ السرو. د وَج جَمِيعًا على أَن السرو لَا يسخن وَلَهُمَا جَمِيعًا ذكر للسرو مُفردا فَذَلِك يصحح أَن الشربين لَيْسَ هُوَ السرو.
قَالَ مسيح: إِنَّه نَافِع من الْأكلَة مَتى سحق ونثر عَلَيْهَا.
قَالَ الطَّبَرِيّ: إِن الابهل كالسرو فِي أَفعاله وطباعه إِلَّا أَنه ألطف.
أولودار ذكر مَعَ الكتيت.
أوياكخ أللبخ يذكر مَعَ السدر.
أبنوس قَالَ فِيهِ د: إِن قوته جالية للظلمة من الْبَصَر جلاء قَوِيا وَيصْلح لسيلان الرطوبات المزمنة إِلَى الْعين والقرحة فِيهَا.
(6/13)
وَمَتى عمل مِنْهُ مسن وحك عَلَيْهِ الشياف كَانَ فعلهَا أقوى وأجود وَتُؤْخَذ برادته فتنقع فِي شراب ريحاني ثمَّ ينعم سحقه ويتخذ أشيافا والأجود أَن ينعم نخلها بالحرير قبل ثمَّ تنقعها بِالشرابِ وَقد يعْمل بِالْمَاءِ.
وَإِذا أحرق ثمَّ غسل صلح للرمد الْيَابِس وحكة الْعين.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته مسخنة وَإِذا حك بِالْمَاءِ انحل كَمَا ينْحل بالحك بعض الْحِجَارَة وَهُوَ لطيف جدا وَلذَلِك قد وثق النَّاس أَنه يجلو مِنْهُ مَا يكون قُدَّام الْعين فيحجبها عَن الْبَصَر.
ويخلط أَيْضا مَعَ أدوية أخر من أدوية الْعين النافعة للقروح العتيقة من قُرُوح الْعين والمواد المنجلبة إِلَيْهَا إِذا عتقت والبثور الَّتِي تحدث فِي الْعين من جنس النفاخات.
وَقَالَ بولس: إِنَّه ينقي الغشاء الْعَارِض للعين وَيدخل مَعَ أدوية أخر تصلح للعين.
أقاقيا قَالَ د: إِن قوته قابضة مبردة تدخل فِي أدوية الْعين والحمرة والنملة والشقاق الْعَارِض من الْبرد والداحس وقروح الْفَم وَيصْلح نتوء الْعين وَيقطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم وَيرد نتوء المقعدة وَالرحم البارزة.
وَيعْقل الْبَطن مَتى شرب أَو احتقن بِهِ ويسود الشّعْر.
وطبيخ ثَمَرَته مَتى صب على المفاصل المسترخية شدها.
وَمَتى لطخ الأقاقيا مَعَ بَيَاض الْبيض على حرق النَّار لم يتنفظ.
وَلَيْسَ بِصَالح فِي أدوية الْعين إِلَّا الْمصْرِيّ مِنْهُ.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن شَجَرَة الأقاقيا قابضة جدا وَكَذَلِكَ جَمِيع ثمره.
وعصارته مَتى غسلت نقصت قوتها وَصَارَت غير لذاعة لِأَن حدتها تنسلخ فِي المَاء. فان مسح بِهَذِهِ العصارة عُضْو صَحِيح جففته على الْمَكَان ومددته وَلَا يحدث فِيهِ مس حرارة بل برودة غير الشَّدِيدَة وَهَذَا مِمَّا يعلم مِنْهُ أَن هَذَا الدَّوَاء بَارِد أرضي ويخالطه مَعَ هَذَا شَيْء من الْجَوْهَر المائي.
وَإِنِّي لأَظُن أَن أجزاءه لَيست بمتشابهة بل فِيهِ أَجزَاء لَطِيفَة تُفَارِقهُ فِي الْغسْل فليوضع إِذا فِي الدرجَة الثَّالِثَة من التجفيف وَفِي الثَّانِيَة من دَرَجَات التبريد إِذا هُوَ غسل فان لم يغسل فَفِي الأولى.
وَقَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من الأورام الحارة.
وَقَالَ اريباسيوس يجفف تجفيفا قَوِيا ويبرد تبريدا كَافِيا إِذا غسل فان لم يغسل فتبريده يسير لِأَن فِيهِ حرارة يسيرَة تُفَارِقهُ بِالْغسْلِ.
قَالَ حنين فِي كتاب الترياق: فِي الأقاقيا حِدة توصل شدَّة تجفيفه وتغوصه.
(6/14)
أسقولو قندريون نذكرهُ فِي حرف السِّين.
أترج قَالَ د: بزره مَتى شرب بشراب ضاد السمُوم القاتلة وأسهل الْبَطن.
وطبيخه يطيب النكهة.
وقشوره تحفظ اللثات من التأكل.
وحماضه قَالَ ج فِي السَّابِعَة: إِن الحماض يبرد ويجفف فِي الثَّالِثَة.
وقشر الأترج يجفف تجفيفا مَعَ حِدة لَيست بيسيرة وَلذَلِك صَار تجفيفه فِي الثَّالِثَة وَأما فِي وَأما لَحْمه فيولد أخلاطا غَلِيظَة بَارِدَة.
وَأما بزره فَهُوَ مر وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَالْأَمْر فِيهِ بَين أَنه مُحَلل مجفف فِي الثَّانِيَة.
وورقه أَيْضا مجفف مُحَلل.
وَقَالَ فِي كتاب الْغَدَاء: قشره الْأَصْفَر عطر فِي نَفسه عسر الهضم لِأَنَّهُ صلب قحل فَأَما إِن اسْتعْمل فِي الْأَطْعِمَة فَهُوَ يعين على الاستمراء كَمَا يعين الْأَشْيَاء الحارة وَكَذَلِكَ يُقَوي الْمعدة مَتى تنوول مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير فَهُوَ يعين على الاستمراء.
وَكَذَلِكَ مَاؤُهُ مَتى دق وعصر وخلط فِي الْأَدْوِيَة المسهلة.
وَأما حماضه فانه يلقِي فِي الْخمر الْغَيْر الحامضة لتزداد حمضة.
وَأما لَحْمه فَهُوَ عسر الانهضام صلب ويؤكل بالمربى فَيصير أسْرع هضما.
قَالَ ابْن ماسويه: قشره حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة وَهُوَ كثيف مستحصف بطئ الهضم فِي نَفسه يعين على هضم الطَّعَام إِعَانَة يسيرَة وَيُقَوِّي الْمعدة مَا لم يكثر مِنْهُ.
وَأما لَحْمه الْأَبْيَض فبارد رطب فِي آخر الأولى وبرده أَكثر من رطوبته بطئ فِي الْمعدة عسر الهضم.
وحماضه بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة مسكن للمرة الصَّفْرَاء عَاقل للطبيعة.
وحبه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة نَافِع من السمُوم فِي عداد الْأَدْوِيَة لَا الأغذية مَتى شرب مِنْهُ مثقالان بِمَاء فاتر وشراب أَو دق وَوضع على مَوضِع اللسع ملين للطبيعة مُطيب للنكهة وَأكْثر هَذَا الْفِعْل مَوْجُود فِي قشره.)
وَيجب لآكل الأترج أَلا يَأْكُل بعده طَعَاما حَتَّى ينهضم وَلَا يَأْكُلهُ بعد الطَّعَام الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يتخم.
وَمَتى لطخ بحماضه الكلف والقوباء أذهبهما وخاصة القوباء.
وطبيخ الحماض نَافِع للخفقان مشه للطعام قَاطع للمرة الصَّفْرَاء والإسهال والقئ الْعَارِض مِنْهَا مطفئ للحرارة الَّتِي فِي الكبد.
وخاصة قشر الأترج أَن يطيب النكهة.
وخاصة لَحْمه تطفئة الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْمعدة.
(6/15)
وخاصة حماضه إذهاب القوباء وَالْغَم وَالْكرب والقئ الْعَارِض من الصَّفْرَاء.
وخاصة حبه النَّفْع من السمُوم.
وَرب حماض الأترج نَافِع من الصَّفْرَاء قَاطع للاسهال وَالْغَم الْمُتَوَلد مِنْهَا مشه للطعام دابغ للمعدة إِلَّا أَنه ضار بالرئة والعصب لحموضته.
والأترج المربى وَإِن كَانَ الْعَسَل قد لطفه وأذهب أَكثر غلظه فانه عسر الهضم ويستعان عَلَيْهِ بِأَن تجْعَل فِيهِ أفاوية لَطِيفَة كالسنبل والدارصيني والقاقلة والزنجبيل والمسك فانه عِنْد ذَلِك يجلو الْمعدة من الرطوبات ويهضم الطَّعَام.
اريباسيوس قَالَ: حماض الأترج فِي الثَّالِثَة مِمَّا يبرد ويجفف.
أنسان قَالَ د: أما بَوْل الْإِنْسَان فَيُقَال: إِنَّه إِذا شرب نفع من نهشة الأفعى والأدوية القتالة وَابْتِدَاء الحبن.
وَإِذا صب على نهشة هوَام الْبَحْر نفع.
وَمَتى خلط بنطرون وصب على عضة الْكَلْب نفع. ويجلو الجرب المتقرح والحكة.
وَالْمُعتق مِنْهُ أَجود وَأقوى للقروح الْعَارِضَة فِي الرَّأْس والنخالة والجرب والحصبة وَيمْنَع الساعية.
وَمَتى حقن بِهِ القروح منع الخبيثة مِنْهَا من السَّعْي.
وَيقطع سيلان الْقَيْح من الآذان.
وَإِذا سخن فِي قشر رمان وقطر مِنْهُ فِي الآذان أخرج الدُّود الْمُتَوَلد فِيهَا.
وَبَوْل الصّبيان غير الْبَالِغين إِذا تحسى مِنْهُ نفع من عسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب.
وَإِذا طبخ فِي إِنَاء نُحَاس مَعَ عسل جلا الْبيَاض الْعَارِض فِي الْعين من اندمال القروح.
وعكر الْبَوْل الراسب فِي أَسْفَله إِذا مكث أَيَّامًا مَتى لطخ على الْحمرَة سكنها.
وَمَتى احْتمل مَعَ دهن الْحِنَّاء بعد أَن يغلي مَعَه سكن اختناق الْأَرْحَام ويجلو الْبيَاض والجرب من الْعُيُون.
دم الطمث قَالَ د: مَتى احْتمل قد يمْنَع الْحَبل.
وَمَتى وطيت الْحَائِض لم تحبل فِي أَكثر الْأَوْقَات وَإِن حبلت جَاءَ وَلَدهَا موؤفا.
وَإِن لطخ دم الْحيض على النقرس والحمرة خفف الوجع.
قَالَ ج فِي القوى الطبيعية: إِن البلغم الَّذِي فِي الْفَم يشفي القوابي وَيقتل الْعَقْرَب سَاعَة ينفث عَلَيْهَا.
وَمَتى مضغت الْحِنْطَة وَوضعت على الْخراج قيح أسْرع مِمَّا تقيح الْحِنْطَة المطبوخة.
قَالَ: وَيقتل سَائِر الْهَوَام السمية إِلَّا أَنه يتَقَدَّم ويتأخر قَتله لبعضها دون بعض وَلَا بُد لَهَا من أَن يَضرهَا مضرَّة عَظِيمَة.
(6/16)
زبل الْإِنْسَان قَالَ د: مَتى تضمد بِهِ حارا منع الْحمرَة من الْجِرَاحَات وألزقها.
وَمَتى جفف وخلط بالعسل وتحنك بِهِ نفع من الخناق.
قَالَ ج: إِنَّه نَافِع من الخناق وَقد ذكرنَا أَيْضا كَلَامه فِي بَاب الزبل فاقرأه.
قَالَ د: إِن لبن النِّسَاء نَافِع من اللذع فِي الْمعدة وقروح الرئة وَشرب الأرنب البحري.)
ويطلي على النقرس مَعَ أفيون وموم وزيت فينفع جدا.
منى الْإِنْسَان نَافِع من النقرس والقوابي والبهق مَتى طلي عَلَيْهَا.
وَقَالَ ج فِي الأولى من حفظ الصِّحَّة: إِن الْأَكْثَر فِي المنى بِالْإِضَافَة إِلَى الدَّم النارية والهوائية وَالْأَكْثَر فِي الدَّم بِالْقِيَاسِ إِلَى المنى الأرضية والمائية وَإِن المنى أَيْضا أَكثر يبسا من الدَّم.
وَقَالَ فِي الكيموس: إِن البزاق مَا لم يُؤْكَل يقتل العقارب إِذا ثفل عَلَيْهَا مَرَّات وَأَحْسبهُ قد قَالَ ذَلِك أَيْضا فِي الْأَدْوِيَة المفردة.
عِظَام ج: قد زعم قوم أَن قُوَّة التَّحْلِيل والتجفيف الَّذِي فِي الْعِظَام المحرقة إِنَّمَا هِيَ لعظم الْإِنْسَان وَحده وَأعرف إنْسَانا كَانَ يسْقِي عِظَام النَّاس محرقة خلقا كثيرا مِمَّن يصرع وَمِمَّنْ بِهِ وجع المفاصل.
شعر قَالَ اطهورسفس: إِن شعر الْإِنْسَان إِذا بل بخل وَوضع على عضة الْكَلْب أَبرَأَهُ من سَاعَته.
وَإِذا بل بشراب صرف وزيت وَوضع على الْجِرَاحَات الْعَارِضَة فِي الرَّأْس منعهَا من الورم.
وَمَتى دخن بِهِ واشتم رِيحه نفع من خناق الْأَرْحَام وَالنِّسْيَان.
وَالشعر المحرق إِذا سحق بخل خمر وَوضع على البثر نَفعه وأبرأه.
وَإِذا سحق مَعَ كندر وذر على الْجِرَاحَات الْعَارِضَة بعد أَن يطلى الْجرْح بالزيت ألحمه.
وَإِن سحق بِعَسَل وَوضع على الْجِرَاحَات أبرأها.
وَإِذا احْتَرَقَ وسحق مَعَ المرتك وطلي على الْعين الجربة والحكة الشَّدِيدَة سكنها.
وَمَتى سحق الشّعْر المحرق ببعر الْغنم وَوضع على مَوضِع العثرة والأورام الدبابة أبرأها.
وَإِذا خلط بدهن الْورْد وقطر فِي الْأذن سكن وجع الْأَسْنَان.
وسخ وسخ الْأذن ينفع الورم الْحَادِث فِي أصُول الظفر إِذا لم يكن فِيهَا قيح بعد إِذا وضع عَلَيْهِ.
وَإِذا طلي على الشّفة المتشققة فِي ابْتِدَاء الشقاق نَفعه.
وَهُوَ نَافِع من نهش الأفعى نفعا بَينا إِن شقّ وَوضع عَلَيْهِ مَرَّات كَثِيرَة.
لزوجة: واللزوجة الَّتِي تكون على الْأَسْنَان إِذا لطخت على القوابي أبرأتها.
(6/17)
الْأَسْنَان: الْأَسْنَان إِذا سحقت وذرت على نهش الأفاعي أَبرَأته.)
لعاب: لعاب الْإِنْسَان إِذا كَانَ صَائِما يخرج الدُّود من الْأذن من سَاعَته إِذا قطر فِيهَا.
ولعاب الصَّائِم مَتى جعل شيافة مَعَ الزراوند وَجعل على البواسير أسْرع برأها.
لبن: وَلبن النِّسَاء إِذا قطر فِي الْعين الوجعة منع حِدة الوجع ونفعها وَلَا سِيمَا أعين الصّبيان إِذا وَمَتى أَخذ وبل صوف بِاللَّبنِ وَوضع عَلَيْهَا فعل ذَلِك.
وينفع من خشونة الأجفان وتكدر الْعين إِذا أدمن القطور فِيهَا.
ويحلل الأورام الْعَارِضَة للعين إِذا خلط مَعَ بَيَاض الْبيض خلطا جيدا وَوضع على صوف لين وَجعل على الْعين.
وَإِذا قطر فِيهَا سكن الوجع.
وَإِذا خلط اللَّبن مَعَ شَحم الإوز وفتر وقطر فِي الْأذن الوارمة من ضَرْبَة وَلِجَمِيعِ الأورام الحارة نفع.
وَإِن غمس فِيهِ صوف وَاحْتمل نفع من القروح والخراجات فِي الرَّحِم.
وَإِن سحق أفيون بِهِ وطلي على النقرس والأورام الحارة نفع.
وينفع من السل وَمن وجع الْأَرْحَام إِذا احْتمل بقطنة.
وَإِن خلط بِعَسَل وَجعل فِي قشر رمان وقطر فِي الْأذن المنتنة الرّيح نفع.
وَمَتى شرب أدر الْبَوْل كثيرا ونفع الكبد.
وَمَتى مزج بِالشرابِ وَشرب فتت الْحَصَى الَّتِي فِي المثانة.
بَوْل: بَوْل الْإِنْسَان إِذا عتق نفع من شرب الأرنب البحري وَالْفطر الْقِتَال وورم اللوزتين وَالْحلق ونفع من قُرُوح الْأذن إِذا قطر فِيهَا وَالَّتِي فِي المذاكير إِذا غسل بهَا وَجَمِيع قُرُوح الْجَسَد والجرب والنخالة فِي الرَّأْس.
ويجذب السم من عضة الْكَلْب الْكَلْب وعضة الْإِنْسَان وعضة القرد ويمنعها من الورم.
وَإِذا خلط برماد قضبان الْكَرم وَوضع على سيلان الدَّم قطعه.
وَإِذا خلط بنطرون ودلكت بِهِ الحكة والجرب نفعهما.
وَالْبَوْل العفن الشَّديد الرَّائِحَة ينقي الأورام.
وَإِذا أَخذ مِنْهُ قدر ثُلثي رَطْل وباقة كراث وطبخ وَجَلَست فِيهِ الْمَرْأَة تفعل ذَلِك خَمْسَة أَيَّام نقي رَحمهَا وَأخرج رطوبات كَثِيرَة مِنْهَا.)
وينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب لِأَنَّهُ يجذب رطوبات مِنْهَا شَبيهَة بِمَاء اللَّحْم.
وَأما أَبْوَال الصّبيان إِذا طبخت فِي إِنَاء نُحَاس حَتَّى يذهب ربعه مِنْهُ فانه يذهب الْآثَار الَّتِي فِي الْوَجْه وَالْبَيَاض الْكَائِن عَن القروح فِي الْعين.
(6/18)
وَالْبَوْل إِذا شرب مِنْهُ قدر سكرجة أَبْرَأ اليرقان سَرِيعا.
زبل: زبل الْإِنْسَان مَتى شرب مِنْهُ نفع من أكل الْفطر الْقِتَال وورم اللوزتين.
وَإِذا طلي بريشة على الوضح قلعة الْبَتَّةَ إِذا كَانَ رطبا.
وَإِذا شرب قطع الإسهال.
وَإِذا شرب مَعَ مَاء الحمص الْمَطْبُوخ وَالْعَسَل الْأَحْمَر نفع من اليرقان نفعا بَينا.
وخاصته النَّفْع من جَمِيع الْهَوَام والأدوية القتالة المتلفة.
فاذا أحرق زبل الْإِنْسَان وسحق وضمد على عضة الْإِنْسَان وعَلى الْمَوَاضِع العفنة أبرأها.
أناغورس وأناجورس قَالَ ج: إنَّهُمَا منتنا الرَّائِحَة وَلَهُمَا حِدة وَقُوَّة حارة محللة إِلَّا أَن ورقهما مَا داما رطبين أقل حِدة وهما يضمدان الأورام.
وَإِذا جَفا صَارَت قوتهما تقطع وتجفف تجفيفا بليغا وَهَذِه الْقُوَّة نَفسهَا مَوْجُودَة فِي لحاء أصولهما.
فَأَما بزرهما فَهُوَ ألطف ويصلحان للقئ.
أمدريان شَجَرَة كالكبر حادة الرَّائِحَة جدا ثقيلتها وَلها ثَمَر فِي غلف.
قَالَ أَبُو جريج الراهب: إِنَّهَا أقوى من عِنَب الثَّعْلَب والكاكنج فِي أورام الْجوف.
وَقدر شربتها أوقيتان.
وَهُوَ عَجِيب من الْعجب للورم أَيْنَمَا كَانَ.
لي أَحسب أَن هَذَا هُوَ الَّذِي يُسمى عندنَا الْجَوَاهِر وبالعراق امتداريا.
أللبخ فسر حنين هَذَا السدر.
قَالَ ج فِي اللبخ: إِن ورقه فِيهِ من الْقَبْض.
إِنَّه نَافِع من انفجار الدَّم إِذا وضع على الْعُضْو.
أدميس قَالَ جالينوس: يجفف فِي الثَّانِيَة ويبرد فِي الأولى ويشفى النملة والحمرة الضعيفة.
وَهِي شَوْكَة فَاسْتعْمل وَرقهَا.
وفسرها حنين أَنَّهَا العليق.
أحيلس قد سمي سندريطس.
قَالَ ج: قوتها كقوة سندريطس إِلَّا أَنَّهَا أَشد قبضا مِنْهُ وَلذَلِك ينفع من انفجار الدَّم وقروح المعي والنزف الْعَارِض للنِّسَاء.
(6/19)
أوافينوس وَهُوَ الحدقي قَالَ ج: أصل هَذَا النَّبَات يجفف فِي الأولى ويبرد فِي الثَّانِيَة فِي آخرهَا وَلذَلِك قد وثق النَّاس مِنْهُ بِحِفْظ عانة الصّبيان من الشّعْر مُدَّة طَوِيلَة إِذا وضع الضماد مِنْهُ على مَوضِع الشّعْر بشراب وثمرته تجلو جلاء يَسِيرا وتقبض فَلذَلِك صَارَت تسقى لليرقان بشراب.
وَهُوَ يجفف فِي الثَّانِيَة. وَأما فِي الْحَرَارَة والبرودة فمعتدل.
أفيغلون ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة هَذَا تبرد تبريدا شَدِيدا فِي الثَّالِثَة.
أيمليلون قَالَ فِي السَّادِسَة: إِنَّهَا ثَمَرَة عفصة رَدِيئَة للمعدة مصدعة للرأس لِأَنَّهُ يخالطها كَيْفيَّة غَرِيبَة رَدِيئَة.
أقيمارون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن هَذَا الدَّوَاء يُسمى بِهِ نَوْعَانِ: أَحدهمَا قتال يُقَال لَهُ بلخيون وَالْآخر دَوَاء يُقَال لَهُ سوس بري وَهُوَ قَابض طيب الرَّائِحَة وَذَلِكَ يدل على أَنه مركب من مَانع ومحلل وأفعاله تشهد ذَلِك لِأَنَّهُ نَافِع من وجع الْأَسْنَان إِذا تغرغر بطبيخه.
وورقه نَافِع للخراجات قبل أَن تتقيح إِذا طلي بشراب وضمد بِهِ.
قَالَ فِيهِ د: إِنَّه لَهُ قُوَّة ملزقة للجراحات وَهُوَ يقطع الرطوبات السائلة إِلَى الْعين وَيَقَع فِي المراهم.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قوته مركبة من قوتين: إِحْدَاهمَا مسددة لَا حجَّة وَالْأُخْرَى فِيهَا بعض المرارة وَلذَلِك صَار يجفف تجفيفا لَا لذع مَعَه وَبِهَذَا السَّبَب يقدر أَن يلحم الْجراحَة الْحَادِثَة عَن ضَرْبَة.
قَالَ بولس: هُوَ ملصق مجفف من غير لذع وَلذَلِك يلصق الْجِرَاحَات.
قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه بَارِد فِي الثَّالِثَة حَدِيد جدا يَأْكُل اللَّحْم العفن من الخراجات وَله فِي الرمد قُوَّة بَالِغَة.
وخاصته فِي إِخْرَاج القذى من الْعين أَكثر من جَمِيع الْأَدْوِيَة وَلَا سِيمَا مَتى خلط بالنشا وَالسكر الْأَبْيَض.
وَهُوَ يُورث الصلع فِي الْمَشَايِخ بِسُرْعَة وَفِي الشَّبَاب بابطاء إِذا شربوه كثيرا.
ويسهل الخام من الورك وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب المسهلات فاقرأه.
ابْن ماسويه فِي علاج المسهلة: إِن خاصته إسهال البلغم اللزج وإدمال الخراجات وجذب رطوباتها وَدفع الْمَادَّة النَّازِلَة إِلَى الْعين.
قَالَ الطَّبَرِيّ: الأنزروت يجْبر الوثء ويلحم القروح وينقيها مَعَ الْعَسَل.
قَالَ ابْن ماسويه: إِن فِيهِ مَنْفَعَة للوثء.
وَقَالَ ج فِي الرَّابِعَة من الميامر: إِن الأنزروت ينضج ويحلل.
(6/20)
أبنوساليون هما ضَرْبَان من الكرفس نذكرهما بعد ذكره.
أماريطون ذكر ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه ضرب من الأقحوان وَقد ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ.
أبيلن د قَالَ: إِن الصِّنْف الفرفيري الزهرة إِذا شربت مِنْهُ أَربع درخميات أَبْرَأ عسر الْبَوْل ووجع الكلى.
وصنفاه جَمِيعًا إِذا خلطا بعد السحق بدهن الْورْد وَاللَّبن واحتملا لينًا الأورام الْعَارِضَة فِي الدبر ويبرئان الْجِرَاحَات.
وَهَذَا الصِّنْف والصنف المالح الطّعْم إِذا خلطا بعد السحق بدهن الْورْد واحتملا لينًا الأورام الْعَارِضَة فِي الرَّحِم.
وَأما الصِّنْف الَّذِي يُسمى كمافيطس فانه مَعَ فعله هَذِه الْأَفْعَال مَتى شرب بالسكنجبين كَانَ وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إنَّهُمَا نَوْعَانِ كِلَاهُمَا يجففان قَلِيلا حَتَّى أَنَّهُمَا يدملان القروح.
وَالنَّوْع الشبيه بالكمافيطس ألطف حَتَّى أَنه نَافِع من الصرع وَالْآخر أَكثر جلاء.
أنداهيمان وَهُوَ الدَّوَاء الْكرْمَانِي.
قَالَ بديغورس: هَذَا نَافِع من استطلاق الْبَطن جدا بِخَاصَّة فِيهِ.
أقونيطن وَهُوَ خانق النمر.
قَالَ د: إِن أَصله فِيمَا زعم بعض النَّاس إِذا قرب من الْعَقْرَب أخمدها.
وَإِذا قرب إِلَيْهَا بعد ذَلِك الخربق أنعشها.
وَقد يَقع فِي أدوية الْعين المسكنة للأوجاع.
وَيقتل الْكلاب وَالنُّمُور والخنازير والذئاب مَتى جعل فِي اللَّحْم وأكلته وَكَذَلِكَ سَائِر السبَاع.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن قوته معفنة مفْسدَة وَيَنْبَغِي أَن يتوقى أَن يدْخل مِنْهُ شَيْء فِي الْغذَاء أَو الشَّرَاب.
وينفع أَصله إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ أَن يعفه شَيْء من الْبدن ذب من خَارج.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذِه حشيشة تلطف وتقطع الأخلاط الغليظة وَلذَلِك تدر الطمث إِذا شربت أطرافها بشراب.
وَقد وثق النَّاس مِنْهُ أَنه يحل الدَّم الجامد لَيْسَ فِي الْمعدة فَقَط بل وَفِي المثانة.
وَيشْرب بشراب عَسَلِي ويجفف مَا يتجلب إِلَى الْمعدة إِذا شرب. وَهُوَ رَدِيء لفم الْمعدة.
أخينوس قَالَ ج: ثَمَرَة هَذَا النَّبَات قابضة فَلذَلِك تسْتَعْمل فِي مداواة الْعين وَالْأُذن إِذا كَانَت الْموَاد تنجلب إِلَيْهَا.
(6/21)
أنجوشا وجدت تَفْسِير هَذَا فِي كثير من النّسخ فِي ثَبت أَسمَاء الْأَدْوِيَة أَنه خس الْحمار.
وَقَالَ د: إِن ورقه يشبه ورق الخس الدَّقِيق الْوَرق عَلَيْهِ زغب وَهُوَ خشن أسود كثير الْعدَد نابت حول الأَصْل لاصق بِالْأَرْضِ مشوك.
وَأَصله فِي غلظ الإصبع لَونه فِي الصَّيف أَخْضَر إِلَى الْحمرَة الدموية ويصبغ الْيَد إِذا لمس. قَالَ ديسقوريدوس: وأصل هَذَا النَّبَات قَابض إِذا غلي بالزيت وأذيب ذَلِك الزَّيْت بالموم كَانَ جيدا لحرق النَّار والقروح المزمنة.
وَإِن تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ أَبْرَأ البهق والجرب المتقرح.
وَإِذا احتملته الْمَرْأَة أخرج الْجَنِين.
وَقد يسقى طبيخه مَعَ الشَّرَاب الْمُسَمّى بقراطن لمن بِهِ يرقان ووجع الكلى وَالطحَال والحمى.
وورقه مَتى شرب بِالشرابِ عقل الْبَطن.
والصنف الآخر مِنْهُ الَّذِي ورقه أَصْغَر وَله ثَمَر أَحْمَر قانئ مَتى مضغ وَنَفث فِي فَم بعض الْهَوَام قَتله.
وَله أصل إِذا شرب مِنْهُ قدر اكسونافن مَعَ الدَّوَاء الَّذِي يُسمى الزوفا والحرف وَفِي بعض النّسخ والقردمانا أخرج الدُّود من الْبَطن الْمُسَمّى حب القرع.
وَقَالَ ج فِي الشنكار: إِن هَذِه الحشيشة أَرْبَعَة أَنْوَاع لَيست قواها متشابهة والمسمى مِنْهَا اونوقليا أَصله قَابض وَفِيه مرَارَة يسيرَة دابغ للمعدة ملطف يجلو الأخلاط المرارية والمالحة.
وَقد قَالَ فِيمَا تقدم: إِن العفص إِذا خلط بالمر فَمن شَأْنه أَن يفعل هَذِه الْأَفْعَال وَلذَلِك صَار هَذَا الدَّوَاء نَافِعًا لليرقان ووجع الكلى وَالطحَال وَهُوَ مَعَ هَذَا مبرد.
وَلذَلِك مَتى خلط فِي الضماد مَعَ دَقِيق الشّعير فعل هَذِه الأفاعيل أَعنِي أَنه ينفع الْحمرَة ويجلو إِذا شرب أَو وضع من خَارج.
وَقُوَّة ورقه أَضْعَف من قُوَّة الأَصْل وَلكنه هُوَ أَيْضا لَيْسَ بِبَعِيد مِنْهُ فِي التجفيف وَالْقَبْض)
وَلذَلِك يسقى لانطلاق الْبَطن بشراب فيشفيه.
والمسمى لوقاسيوس فَهُوَ أَيْضا ينفع من الورم الْمَعْرُوف بالحمرة على مِثَال الأول.
وأصل هَذَا النَّوْع الثَّانِي أَشد قبضا من أصل النَّوْع الأول بِكَثِير وَأما الْمُسَمّى ابو خينس فقوته أَشد من هذَيْن النَّوْعَيْنِ وَمن أجل ذَلِك فِي طعمه حرافة كَثِيرَة أَكثر وَهُوَ بليغ النَّفْع من نهش الأفاعي إِذا ضمد بِهِ أَو أدنى مِنْهُ فَقَط أَو أكل.
(6/22)
وَأما الشنجار الْمُطلق فالحال فِيهِ كالحال فِي الْمُسَمّى أَبُو خينس إِلَّا أَنه أَشد مرَارَة مِنْهُ وَأقوى: وَلذَلِك يخرج حب القرع مَتى شرب مِنْهُ مِثْقَال وَنصف مَعَ قردمانا وزوفا أَو حرف.
وَرَأَيْت أطباء دَهْرنَا متفقين على أَن الشنجار جيد لوجع الْأذن.
يَنْبَغِي أَن يرد مَا ذكره ج فِي بَاب س ذكره باسمه سغار لَا باسم مَجْهُول.
ألقيسني زعم حنين أَنه حشيشة يجلي بهَا الزّجاج يعرف بفلسطين بحشيشة الزّجاج.
وَقَالَ د: لورقه قُوَّة مبردة قابضة وَلذَلِك مَتى تضمد بِهِ أَبْرَأ الْحمرَة والبواسير الناتئة فِي المقعدة وَحرق النَّار والأورام الَّتِي تسمى فوجيلا فِي ابْتِدَاء كَونهَا والأورام الحارة والبلغمية.
وَإِذا خلطت بقيروطي مَعَ دهن الْحِنَّاء أَو بشحم تَيْس نَفَعت من النقرس.
وَمَتى تحسى من العصارة قوانوس نفع من السعال المزمن.
وَإِذا تغرغر بِهِ حلل تعقد اللوزتين.
وَإِذا خلط بدهن الْورْد وقطر فِي الْأذن الوجعة سكن وجعها.
وَقَالَ ج فِي القيسني فِي الْمقَالة السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا النَّبَات تجلو وتقبض مَعًا قبضا يَسِيرا مَعَ رُطُوبَة فِيهِ بَارِدَة فَهُوَ لذَلِك نَافِع من الأورام فِي ابتدائها وَفِي التزيد وَفِي الْمُنْتَهى وخاصة الأورام الحارة وَيُوضَع أَيْضا على الأورام الرخوة فِي ابتدائها فيقلعها.
وَأما عصارته فنافعة مَعَ دهن الْورْد لوجع الْأذن الْحَادِث عَن ورم حَار باعتدال.
وَفِي النَّاس قوم يتغرغرون بِهِ لورم النغانغ.
وَمن الْأَطِبَّاء من يسْقِي مِنْهُ أَصْحَاب السعال المزمن.
وَهُوَ يعطيك من نَفسه تجربة لفعله مَا يَفْعَله فِي أواني الزّجاج من قُوَّة الْجلاء.
اريباسيوس يَقُول: إِن قوته جلاءة مَعَ قبض يسير ورطوبة تميل إِلَى الْبرد وَلذَلِك يشفي الأورام)
الحارة فِي ابتدائها وتزيدها إِلَى أَن تبلغ الْمُنْتَهى وَلَا سِيمَا مَتى كَانَت حَرَارَتهَا أَكثر.
وَقد يوضع مِنْهُ ضماد على القروح الَّتِي تكون فِي الْقَدَمَيْنِ.
وعصارته أَيْضا مَتى خلطت بدهن ورد نَفَعت من أوجاع الْأذن الَّتِي تكون عَن ورم حَار نفعا بَينا.
أفتيمون قَالَ د: يسهل بلغما وسوداء ويوافق أَصْحَاب السَّوْدَاء والنفخ يشرب مِنْهُ أَربع درخميات بِعَسَل وَشَيْء يسير من ملح.
وَقَالَ ج: قُوَّة هَذَا النَّبَات شَبيهَة بِقُوَّة الحاشا إِلَّا أَنه أقوى مِنْهُ فِي كل شَيْء وَهُوَ يسخن ويجفف فِي الثَّالِثَة.
قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه نَافِع من التشنج.
أسفنج أما الْجَدِيد مِنْهُ الَّذِي لَيْسَ بدسم فَقَالَ فِيهِ د: إِنَّه يصلح للخراجات
(6/23)
وَيقبض الأورام البلغمية وَيلْزق الْجِرَاحَات فِي أول مَا تعرض إِذا اسْتعْمل بالخل وَالْمَاء.
ويلحم القروح العتيقة مَتى اسْتعْمل بِعَسَل مطبوخ.
وَأما الْخلق مِنْهُ إِذا جعل فَتِيلَة وَلم يبل وَأدْخل فِي أَفْوَاه الْعُرُوق الجاسية أذهبها وأدملها.
وَإِذا وضع وَهُوَ جَاف على القروح الرّطبَة العتيقة الَّتِي لَهَا مجار فِي الْأَعْضَاء جففها.
وَأما الاسفنج المحرق فانه صَالح للرمد الْيَابِس وللجلاء وَالْقَبْض وَإِذا غسل كَانَ أصلح الْأَدْوِيَة للعين مِنْهُ إِذا لم يغسل.
وَمَتى أحرق مَعَ الزفت كَانَ صَالحا لنفث الدَّم.
وَالْحجر الْمَوْجُود فِي الاسفنج مَتى شرب بِالْخمرِ فت الْحَصَى الَّتِي فِي المثانة.
وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: إِن فِي حجر الاسفنج قُوَّة تفت الْحَصَى إِلَّا أَنه لَا يبلغ من قُوَّة أَن يفت حَصى المثانة والواصفون لذَلِك قد كذبُوا: وَهِي تفت الْحَصَى فِي الكلى وَهَذَا يدل على أَنه يلطف من غير إسخان إسخانا مَعْلُوما.
وَقَالَ فِيهِ حَيْثُ أفرد ذكره: إِن المحرق قوته حارة محللة وَقد كَانَ رجل من معلمينا يَسْتَعْمِلهُ فِي انفجار الدَّم الْعَارِض عِنْد البط وَالْقطع فَكَانَ يعده ليَكُون مُهَيَّأ عِنْده فِي وَقت الْحَاجة إِلَيْهِ)
وَهُوَ يَابِس لَا نداوة فِيهِ الْبَتَّةَ ويغمسه أَكثر ذَلِك فِي القفر والزفت ويشعل فِيهِ النَّار ويضعه وَهُوَ مشتعل على الْجراحَة ليقوم مقَام الكي وَيصير شَبِيها بالغطاء والسداد للجرح أَعنِي جرم الاسفنجنة الَّتِي تحرق يجمع الْأَمريْنِ جَمِيعًا.
فَأَما الاسفنجة الحديثة فتقوم مقَام الصوفة فِي أَن تقبل مَا تبلها بِهِ وتضعه حَيْثُ تحْتَاج إِلَيْهِ وَهِي أَيْضا تجفف تجفيفا بَينا.
وَتعلم ذَلِك بِأَن تستعملها وَحدهَا فِي مداواة الْجِرَاحَات بعد بلها بِالْمَاءِ أَو بالخل الممزوج أَو بِالشرابِ على حسب اخْتِلَاف الْأَبدَان كَمَا قلت قبل فانك تدمل الْجِرَاحَات بِهَذِهِ الاسفنجة كَمَا تدملها بالمراهم الْمَعْرُوفَة بمدملة الْجِرَاحَات الطرية بدمها.
وَإِن لم تكن الاسفنجة طرية لَكِن مستعملة فانك تعلم علما يَقِينا كم نقص مِقْدَار قوتها فِي تجفيفها للجراحات. وَذَلِكَ أَن الجديدة تجفف مَا دَامَت رَائِحَة مَاء الْبَحْر بَاقِيَة فِيهَا فَأَما المزمنة فانها وَإِن لم تسْتَعْمل فان فِيهَا قُوَّة مَاء الْبَحْر وَلَا تجفف حِينَئِذٍ على مَا يَنْبَغِي.
اريباسيوس: قُوَّة حجر الاسفنج جلاءة تفت الْحَصَى فِي المثانة على مَا يَنْبَغِي.
أسيوس هُوَ حجر يتكون عَلَيْهِ الْملح الَّذِي يُسمى زهر حجر اسيوس.
قَالَ د: قُوَّة الْحجر وزهره معفنة تعفينا يَسِيرا محللة للخراجات إِذا خلط كل وَاحِد مِنْهُمَا بصمغ بطم أَو بالزفت والزهر أقوى من الْحجر ويفضل عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبرئ القروح العتيقة الْعسرَة الِانْدِمَال ويقلع اللَّحْم الزَّائِد إِذا اسْتعْمل يَابسا.
(6/24)
وَكَذَلِكَ يفعل بالقروح الشبيهة بِالْفطرِ فِي شكلها وتملو القروح العميقة لَحْمًا وينقيها إِذا خلط بالعسل.
وَإِذا خلط بدقيق الباقلي وضمد بِهِ النقرس نفع مِنْهُ.
وَقد ينفع من ورم الطحال إِذا خلط بالكلس والخل.
وَإِذا لعق بالعسل نفع من القرحة الْعَارِضَة فِي الرئة.
وَقد يضع المنقرسون فِي طبيخ هَذَا الْحجر أَرجُلهم فينفعهم.
ويتخذ مِنْهُ مراهم أكالة.
وَإِذا ذَر على الْأَبدَان العبلة فِي الْحمام بَدَلا من النطرون أضمرها.)
وَقَالَ ج: إِن حجر اسيوس لطيف يبلغ من لطافته أَنه يذوب اللَّحْم المترهل ويأكله من غير لذع وَقُوَّة هَذَا الْحجر الَّذِي تتولد عَنهُ هَذِه الزهرة شَبيهَة بِقُوَّة هَذِه الزهرة إِلَّا أَن فعل الصَّخْرَة أقل من فعل الزهرة وَذَلِكَ أَن الزهرة أَكثر إذابة وتحليلا وتجفيفا وَتفعل هَذَا من غير لذع شَدِيد وفيهَا مَعَ هَذَا شَيْء مالح الطّعْم أَعنِي فِي الزهرة.
وَذَلِكَ مَا يدل بالحدس أَن تولد الزهرة إِنَّمَا هُوَ من الطل الَّذِي يَقع على تِلْكَ الصَّخْرَة من الْبَحْر وتجففه الشَّمْس.
ألوسن وَتَفْسِيره فِي ثَبت الْأَسْمَاء: حشيشة تسمى الترس لمشابهة فِيهَا بالترس.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّمَا سمي هَذَا الدَّوَاء بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ من نهش الْكَلْب الْكَلْب نفعا عجيبا ويسقى مِنْهُ مرَارًا كَثِيرَة أَيْضا من قد تمكن مِنْهُ الْكَلْب واستحكم فِيهِ إِذا شربه وَحده إِلَّا أَن هَذَا الْفِعْل بِخَاصَّة جملَة جوهره وَلَيْسَ إِلَى اسْتِخْرَاج هَذِه القوى سَبِيل بطرِيق قياسي صناعي.
وَأما الْمعرفَة بِهَذَا الدَّوَاء الَّذِي يُمكن أَن يسْتَعْمل فِي أَشْيَاء كَثِيرَة فَهُوَ أَن قوته تجفف باعتدال وتحلل وتجلو جلاء يَسِيرا وَكَذَلِكَ ينقي الكليتين وَيذْهب بِهِ الكلف من الْوَجْه.
أندروسافس وأندروساخس أصبت هَذَا فِي ثَبت الْأَسْمَاء لحنين أَنه نوع من الهيوفاريقون وَهُوَ المدن وَزعم حنين أَنه نوع من الداذي. ج يَقُول فِيهِ: إِنَّه حشيشة مرّة المذاق حريفة قوتها تدر الْبَوْل إِذا شربت جافة هِيَ أَو ثَمَرَتهَا إدرارا كثيرا وَالْأَمر فِيهَا بَين أَنَّهَا تحلل مَعَ هَذَا وتجفف.
أنداسيمان هُوَ دَوَاء كرماني.
قَالَ بديغورس: هُوَ نَافِع من استطلاق الْبَطن بخاصية فِيهِ.
قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من السمُوم.
(6/25)
وَقَالَت الخوز: ورقه يطول الشّعْر وَيقتل الْقمل وثمرته رَدِيئَة للمعدة قاتلة وورقه نَافِع من شرب السم.
أظفار الطّيب بولس قَالَ: مَتى تبخر بهَا نبهت وأقامت الْمَرْأَة الَّتِي بهَا اختناق الرَّحِم وَأَصْحَاب الصرع.
وَمَتى شربت بخل حركت الْبَطن.
قَالَ مسيح: هِيَ حارة يابسة فِي الثَّانِيَة ويبسها أَكثر وفيهَا قبض ولطافة تَنْفَع الْمعدة والكبد والأرحام بطيبها نافعة من الخفقان جَيِّدَة للمعدة وَالرحم لَطِيفَة.
إِذا تدخنت بهَا الْمَرْأَة أنزلت الْحيض.
قَالَ ماسرجويه: هِيَ حارة يابسة فِي الثَّالِثَة
أوسبيد هُوَ ضرب من النيلوفر الْهِنْدِيّ.
أمبرباريس قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من الأورام الحارة.
ماسرجويه قَالَ: هُوَ بَارِد جيد للأورام الحارة مَتى وضع عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْن ماسويه: قوته قابضة يقطع الْعَطش الحاد وَيُقَوِّي الكبد والمعدة بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة.
أشنان قَالَ ماسرجويه: إِنَّه فِي الثَّالِثَة من الْحَرَارَة وَإنَّهُ حَار محرق منق.
الخوز: ينفر من دخانه الْهَوَام والأخضر مِنْهُ أقوى.
كتاب السمُوم قَالَ: مَتى شربت امْرَأَة من الأشنان الْفَارِسِي خَمْسَة دَرَاهِم أسقطت جَنِينهَا حَيا كَانَ أَو مَيتا.
وَمَتى شربت من نصف دِرْهَم إِلَى دِرْهَم أنزلت الْبَوْل والحيضة.
وَمَتى سقى المستسقى مِنْهَا ثَلَاثَة دَرَاهِم أسهله مَاء.
وَيَأْكُل اللَّحْم وَيقتل مِنْهُ عشرَة دَرَاهِم.
ألومن قَالَ بولس: مَتى أَخذ من بزره كَمَا يُؤْخَذ من الأفتيمون مَعَ خل وملح أسهل سَوْدَاء ويجرح المعي قَلِيلا.
قَالَ مسيح: غذاؤه أَجود من غذَاء السرمق واليمانية وَهُوَ قريب مِنْهُمَا فِي أَفعاله.
قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد رطب فِي آخر الأولى وَهُوَ ملين للبطن نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة الْعَارِض من الدَّم والأوجاع الحارة الْحَادِثَة من الصَّفْرَاء وَالدَّم.
أريقي قَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي اريقي: إِن قوته قابضة محللة بِلَا لذع وَأكْثر مَا يسْتَعْمل مِنْهُ ورده وورقه.
(6/26)
أندروصارون هَذَا هُوَ الفاس يشبه الفاس وَهُوَ حب أَحْمَر اللَّوْن وَله حدان كَحَد الفاس مر الطّعْم مَعَ عفوصة قَليلَة فَهُوَ لذَلِك ينفع الْمعدة وَيفتح السدد الْعَارِضَة فِي الأحشاء وَتفعل ذَلِك أَيْضا أَطْرَافه.
أملج قَالَ بديغورس: خاصته تَقْوِيَة الْمعدة وَمنع الْفساد مِنْهَا.
أرمال قَالَ ابْن ماسويه: يشبه القرفة حَار طيب الرَّائِحَة يُقَوي الْقلب والدماغ.
أورسمون وَيُقَال فِيهِ إِنَّه التوذرنج.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: طعم هَذَا النَّبَات يشبه طعم الْحَرْف وقوته قَوِيَّة وَهُوَ حَار ملهب فاذا احتجت إِلَيْهِ أَن تستعمله فِي لعوق فانقعه فِي المَاء ثمَّ غله وصره فِي صرة فِي عجين واشوه.
وَهُوَ إِذا خلط فِي اللعوق نَافِع لنفث الأخلاط الغليظة اللزجة الَّتِي تصعد فِي الصَّدْر والرئة والأورام الصلبة الَّتِي تحدث فِي أصل الْأذن والصلابة الَّتِي تكون فِي الثديين والأنثيين.
وَحكى ج عَن د: أَنه مَتى اسْتعْمل بِالْمَاءِ وَالْعَسَل كالضماد نفع من السراطين الَّتِي لَا قرحَة مَعهَا.
بولس قَالَ مَا قَالَ ج: إِنَّه نَافِع من السرطان الْخَفي إِذا تضمد بِهِ عَلَيْهِ.
أنف قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد يَابِس للغضروفية الَّتِي فِيهِ عسر الهضم وَيجب أَن يُؤْكَل بالتوابل.
أذن قَالَ ابْن ماسويه فِيهِ مَا قَالَ فِي الْأنف.
وَقَالَ ج فِي كتاب الكيموسين: آذان الْحَيَوَان لَا تغذو لِأَن الغضاريف لَا تغذو وَلَا تنهضم وَمَا أغراطين وجدت فِي نُسْخَة سلمويه: أَنه هُوَ الحلفا والبردى.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا الدَّوَاء تحلل وتمنع كَون الأورام.
أشترغاز قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ أحد وأيبس من الأنجدان وَأَبْطَأ فِي الْمعدة وَأَقل هضما للطعام.
وَيجب أَن يسْتَعْمل مِنْهُ خله وَلَا يتَعَرَّض لجسمه فان خاصته أَنه يقئ ويغثى بلذعه ويؤذي بلذعه الْمعدة إِذا أَكثر مِنْهُ.
قَالَ الدِّمَشْقِي: عمله كعمل الأنجدان.
قَالَ ابْن ماسويه: فقاحه حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الأولى يفتح سدد الدِّمَاغ.
قَالَ الخوزي: يطول الشّعْر وَيقتل الْقمل وثمرته السم.
(6/27)
بديغورس: خاصته النَّفْع من السم.
قَالَ ابْن ماسه خاصته النَّفْع من حمى الرّبع الكائنة من احتراق البلغم.
أقانيس قَالَ فِيهِ د: إِذا تضمد بِهِ نفع حرق النَّار والتواء العصب.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: إِن فِيهِ تحليلا باعتدال.
وَأَصله يجفف وَيقطع الأخلاط الغليظة بعض التقطيع وَهُوَ لطيف.
أطماط دَوَاء مَعْرُوف هندي.
أمداريون قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار رطب مهيج للمباه قوته كقوة البوزيدان.
أرتدبريد دَوَاء فَارسي يجلب من سجستان شبه البصل المشقوق نَافِع من البواسير.
أفاسير قَالَ فِيهِ د: إِن هَذَا النَّبَات إِذا جمع كَانَ مِنْهُ شَيْء يشبه مَاء الْفطر.
وَأَصله وورقه مَتى شربا نفعا من الفالج الَّذِي يعرض فِيهِ ميل الرَّقَبَة إِلَى خلف.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن قُوَّة أصل هَذَا النَّبَات وورقه حارة لَطِيفَة حَتَّى أَنه ينفع من التشنج.
أَذَان الفار قَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: هَذَا النَّبَات يجفف فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَلَيْسَت فِيهِ حرارة بَيِّنَة قَالَ أَبُو جريج فِي آذان الفار: تحمر الْجلد إِذا وضعت عَلَيْهِ وينفع من الْقُوَّة مَتى استعط بِهِ.
لي قد أجمع الْأَطِبَّاء على نفع هَذِه للقوة وَإِن كَانَ يحمر الْجلد فَلَيْسَ ببارد فَانْظُر فِي ذَلِك.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي هَذِه الحشيشة: قوتها شَبيهَة بِقُوَّة الحشيشة الَّتِي يجلى بهَا الزّجاج لِأَنَّهَا تبرد وترطب وَذَلِكَ أَن جوهرها جَوْهَر مائي بَارِد فَلذَلِك هِيَ نافعة للأورام الحارة والحمرة الضعيفة.
وَقَالَ فِي قاطاجانس: إِن الحشيشة الَّتِي تسمى آذان الفار تبرد أقل مِمَّا يبرد الطحلب.
وَقَالَ بولس: يُسمى بعض النَّاس البسيني آذان الفار وقوته كقوة اللبلاب فِي الْبُرُودَة والرطوبة وَيصْلح الْحَار الملتهب.
لي يجب أَن تعلم أَن هَذِه الحشيشة لَيست الْمَعْرُوفَة عندنَا بآذان الفار.
وَقَالَ فِي آذان الفار أَيْضا فِي السَّابِعَة: إِن هَذَا النَّبَات يجفف فِي الثَّانِيَة وَلَيْسَت لَهُ حرارة بَيِّنَة أصلا.
أذريونه ماسرجويه: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة.
(6/28)
قَالَ د: إِن الحبلى مَتى مسته أَو احتملته أسقطت من ساعتها.
ماسرجويه: إِنَّه دَوَاء فَارسي حَار لطيف يذكر الْعقل والذهن.
ألنفل دَوَاء عَرَبِيّ وَهُوَ أصل ينْبت فِي فصل الرّبيع يشبه القت وأصل الحندقوقا وَهُوَ كثير القضبان وبزره شَبيه ببزر الجزر حَار يدر الْبَوْل وينفع من الطحال.
ألسسر قَالَ د: لَهُ قُوَّة مبردة قابضة مَتى تضمد بِهِ مَعَ سويق شعير نفع من الأورام الحارة الَّتِي تعرض للعين وَإِذا قطرت عصارته فِي الْأذن سكن الوجع مِنْهَا وَيفْعل جَمِيع مَا يَفْعَله الْقَيْسِي.
أنوغلوس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قوته ملينة.
ألخليطس قَالَ ج: إِن قوته ملطفة مجففة نافعة من المغس ونهش الرتيلا.
أنوقنونداس قَالَ ج: إِن قُوَّة بزره قطاعة مجففة لَا لذع فِيهَا وَهُوَ يشبه الباذروج.
قَالَ ديسقوريدوس: إِن كلا صنفي الأنجرة مَتى تضمد بِهِ مَعَ الْملك أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من عض الْكَلْب والخبيثة من القروح والسرطانية والوسخة والتواء العصب والخراجات والأورام الْعَارِضَة فِي أصل الْأذن وَالَّتِي تسمى فوجيلا والدبيلات.
وَقد يعْمل مَعَ القيروطي ويضمد بِهِ الطحال الجاسي.
وَمَتى دق الْوَرق وصير فِي المنخرين قطع الرعاف.
وَإِذا دق وخلط مَعَ المر وَاحْتمل أدر الطمث.
وَمَتى أَخذ الْوَرق وَهُوَ طري وَوضع على الرَّحِم الناتئة ردهَا إِلَى أَسْفَل يَعْنِي إِلَى دَاخل.
وبزره مَتى شرب بالطلاء حرك الباه وَفتح فَم الرَّحِم.
وَإِذا دق وخلط بِعَسَل ولعق مِنْهُ منع عسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب والشوصة والأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الرئة وَيخرج الفضول الَّتِي فِي الصَّدْر.
وَيدخل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة الأكالة.
وَمَتى طبخ ورقه مَعَ مرق بعض الأصداف وَأخذ لين الْبَطن وَحل النفخ وأدر الْبَوْل.
وَإِذا طبخ مَعَ الشّعير أخرج مَا فِي الصَّدْر.
وطبيخ الْوَرق مَتى شرب مَعَ شَيْء يسير من المر أدر الطمث.
ويسهل الْبَطن دهنه إِذا شرب.
قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة: ثَمَر هَذَا النَّبَات وورقه هما اللَّذَان يستعملان فِي الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي المداواة وقوتهما قُوَّة تحلل تحليلا كثيرا حَتَّى أَنَّهُمَا يذهبان الخراجات والأورام الَّتِي تحدث عِنْد الْأُذُنَيْنِ وَفِيهِمَا مَعَ هَذَا قُوَّة نافخة وَلذَلِك
(6/29)
صَارا يهيجان شَهْوَة الْجِمَاع وخاصة مَتى شرب البزر من هَذَا النَّبَات مَعَ عقيد الْعِنَب.
وَالَّذِي يشْهد على أَنه لَا يسخن فِي غَايَة الإسخان وَأَنه فِي غَايَة اللطافة إصعاده مَا يصعد من الأخلاط الغليظة اللزجة من الصَّدْر وَمن الرئة إِذا هُوَ شرب ولذعه مَا يلقى من أَعْضَاء)
الْجِسْم.
وَأما النفخة الَّتِي قُلْنَا: إِنَّه يولدها فانما تتولد مِنْهُ حِين ينهضم فِي الْمعدة وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ هُوَ نافخا بِالْفِعْلِ بل هُوَ نافخ بِالْقُوَّةِ.
وَهُوَ يُطلق الْبَطن إطلاقا معتدلا من طَرِيق أَنه يجلو ويحرك فَقَط لَا من طَرِيق أَنه مسهل كَسَائِر الْأَدْوِيَة المسهلة وَمَا يَفْعَله أَيْضا من شِفَاء القروح المتأكلة فِي الْعلَّة الْمَعْرُوفَة بالأكلة والسرطان وَجَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى التجفيف جملَة من غير تلذيع وَلَا حِدة.
وَهُوَ حقيق بِفِعْلِهِ إِذْ كَانَ فِي مزاجه لطيفا يَابسا لَيْسَ فِيهِ من الْحَرَارَة مَا يحدث اللذع.
ودهن الأبخرة أَشد إطلاقا للبطن من دهن القرطم بِحَسب قُوَّة الأبخرة على الْإِطْلَاق عِنْد القرطم.
وَقَالَ فِيهِ فِي السَّابِعَة حِين ذكره وَكَانَ قد فسره فِي الْكتاب القريص: إِن قوته تسخن.
وَقَالَ فِيهِ فِي كتاب الأغذية: إِنَّه دَقِيق لطيف الْأَجْزَاء وحقيق أَن لَا يسْتَعْمل على طَرِيق الْغذَاء.
وَمَتى اسْتعْمل فِي الطَّعَام أعَان فِي إِطْلَاق الْبَطن.
وَقَالَ بديغورس: خاصته أَن يهيج الباه.
وَقَالَ اريباسيوس: قُوَّة ورقه وبزره لَطِيفَة محللة من غير إسخان قوي وَلذَلِك صَار يُبرئ الخراجات والأورام الَّتِي تكون عِنْد الْأذن ويعين على قذف الرُّطُوبَة الغليظة اللزجة المخنقة فِي الصَّدْر والرئة.
وَيحدث نفخة يسيرَة بهَا يهيج الباه وَلَا سِيمَا مَتى شرب بشراب حُلْو.
قَالَ ابْن ماسويه: حَار فِي آخر الثَّالِثَة يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة مهيج للجماع مَتى أكل مَعَ البصل أم مَعَ مخ الْبيض مسهل للبلغم مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار دِرْهَمَيْنِ.
وخاصته إسهال البلغم اللزج.
الخوز: هُوَ حَار فِي الثَّالِثَة وبزره يهيج الباه.
أباغيون قَالَ فِيهِ د: ورقه مَتى ضمد بِهِ حلل الأورام البلغمية.
ويسقى مِنْهُ درخمى فينفع من الربو وَيخرج المشيمة والجنين ويحدر الطمث.
ويسقى بِالشرابِ للصداع.
ويعلق على النِّسَاء اللواتي يعسر ولادهن فاذا ولدن يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ عَنْهُن على الْمَكَان.
(6/30)
وعصارة أصل هَذَا النَّبَات تحلل وتنضج.
ونقى ثَمَرَته مَتى أكلت قيأ قيئا شَدِيدا.
أقطي قَالَ ج: هَذَا النَّبَات نَوْعَانِ: شجري وحشيشي وَكِلَاهُمَا يجفف ويدمل ويحلل تحليلا معتدلا.
أرغاموني قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذِه الحشيشة قوتها قُوَّة تجلو وتحلل.
أرسارون قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: هَذَا أَصْغَر من اللوف كثيرا وَأَصله بِمِقْدَار زيتونة وَهُوَ أسخن من اللوف.
الشبيه بالحدقة قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يجفف فِي الأولى ويبرد فِي الثَّانِيَة نَحْو آخرهَا أَو فِي أول الثَّالِثَة وَلذَلِك قد وثق النَّاس مِنْهُ بِأَنَّهُ يحفظ عانات الصّبيان مُدَّة طَوِيلَة لَا تنْبت إِذا ضمدت بِهِ بشراب.
وَأما ثَمَرَته فانها تجلو جلاء يسرا وتقبض وَلذَلِك يسقى لليرقان بشراب وَهُوَ مجفف فِي الثَّانِيَة معتدل فِي الْحر وَالْبرد.
أوفاريقون كَانَ تَفْسِيره الدازي بالرومية.
قَالَ فِيهِ د: مَتى احْتمل أدر الطمث وَالْبَوْل.
وَيشْرب بزره بِالشرابِ لحمى الرّبع فينفع.
وَمَتى شرب أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَة أَبْرَأ عرق النسا.
وَإِذا تضمد بورقه وبزره أَبْرَأ حرق النَّار.
أسفارغس الصخري ج فِي السَّادِسَة: لَهَا جلاء وَلَيْسَ لَهَا إسخان وَلَا تزيد ظَاهر فَلذَلِك يفتح سدد الكلى وخاصة أَصْلهَا وبزرها.
ويشفي وجع الْأَسْنَان إِذْ يجفف من غير لذع وَهَذَا هُوَ أَكثر شَيْء يحْتَاج إِلَيْهِ الْأَسْنَان خَاصَّة.
أسطراغاليس قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته مجففة تجفيفا قَوِيا فَهُوَ لذَلِك يدمل القروح العتيقة وَيحبس الْبَطن مَتى طبخ الأَصْل بشراب وَشرب.
أنبونيطش قَالَ ج: قوته مرّة قابضة فَلذَلِك ينفع الطحال مَتى شرب بالخل.
أنرنجان قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته تبرد وتحلل تحليلا يَسِيرا.
أرميس كَانَ بحذائه عليق قَالَ ج فِي الْمُفْردَات: إِن هَذِه شَوْكَة تحلل فِي الثَّانِيَة وتبرد فِي الأولى فِي آخرهَا فَلذَلِك يشفي النملة والحمرة الضعيفة وَيسْتَعْمل فِي ذَلِك وَرقهَا اللين.
ألانخيطس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه إِنَّمَا يُسمى بِهَذَا لنفعه من نهش الرتيلا وقوته ملطفة مجففة وَلذَلِك يُقَال:
(6/31)
أندراماس د يَقُول: مَتى فرك فاحت مِنْهُ رَائِحَة شَبيهَة برائحة الراتينج.
وَمَتى سحق هَذَا البزر وَشرب مِنْهُ درخميان أسهل الْبَطن وَأخرج مرَادا.
وَيُبرئ خَاصَّة عرق النسا.
وَيجب لمن أسهله هَذَا الدَّوَاء أَن يتجرع بعد إسهاله مَاء حارا.
وَمَتى تصمد بِهَذَا النَّبَات أَبْرَأ حرق النَّار.
وَفِي بعض النّسخ: وَيقطع نزف الدَّم.
وَزِيَادَة فِي أُخْرَى: وينقي النسا.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن هَذَا النَّبَات نَوْعَانِ كِلَاهُمَا يسهل الْبَطن.
وَأما ورقهما فقوته قُوَّة تجفف وتجلو قَلِيلا وَلذَلِك قد وثق النَّاس بِأَنَّهُ يشفي حرق النَّار.
وَمَتى طبخ بشراب قَابض صَار ذَلِك الشَّرَاب يدمل الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة.
ألسفافس قَالَ ج فِي السَّادِسَة: حرارته بَيِّنَة مَعَ قبض قَلِيل.
أندروسافس أنطريون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته كقوة البونيون إِلَّا أَنَّهَا أَضْعَف مِنْهُ.
أباديني قَالَ ج فِي السَّادِسَة: وَهُوَ قَلِيلا ويجفف وَله لطافة.
أرفطيون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هُوَ نَوْعَانِ: أَحدهمَا لَهُ ورق صَغِير وَأَصله لين أَبيض وثمرته مثل الكمون وَهَذَا النَّوْع لطيف غَايَة اللطافة فَلذَلِك يجفف.
وَفِيه من الْجلاء شَيْء يسير وَمن أجل ذَلِك مَتى طبخ أَصله وثمرته بِالشرابِ سكن وجع الْأَسْنَان.
وطبيخه بِالشرابِ نَافِع أَيْضا من حرق النَّار وَمن القروح الْحَادِثَة فِي أصُول الْأَظْفَار فِي الشتَاء.
فَأَما الَّذِي يشبه ورقه ورق القرع إِلَّا أَنه أَصْلَب مِنْهُ وأكبر فانه مجفف مُحَلل مَعَ شَيْء من قبض وَلذَلِك صَار ورقه يشفي من القروح العتيقة.
أسقولينوس الْمُسَمّى باناقس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا أقل إسخانا من باناقس الَّذِي ذَكرْنَاهُ قبل وَلذَلِك أبوطن قَالَ بولس: مَتى أَخذ من بزره خَمْسَة دَرَاهِم مَعَ ملح وخل أسهل المَاء بِقُوَّة ويسحج قَلِيلا.
أنجذان قَالَ د: أَصله نافخ مجشئ مجفف عسر الانهضام مُضر بالمثانة.
وَإِن خلط بالقيروطي وتضمد بِهِ أَبْرَأ الْخَنَازِير والخراجات.
(6/32)
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الزَّيْت أَبْرَأ كمنة الدَّم تَحت الْعين.
وَإِذا خلط بالقيروطي مَعْمُولا بدهن الإيرسا ودهن الْحِنَّاء وتضمد بِهِ وَافق عرق النسا.
وَإِذا طبخ بخل فِي قشر رمان وتضمد بِهِ أَبْرَأ البواسير الناتئة فِي المقعدة.
وَمَتى شرب كَانَ بادزهر الْأَدْوِيَة القتالة.
بولس: والحلتيت فِيهِ قُوَّة مسهلة قَليلَة.
قَالَ د: الصمغة الَّتِي تخرج مِنْهُ ويه الحلتيت فالمعروف مِنْهُ بقونيانقوس إِذا ذاق مِنْهُ إِنْسَان قَلِيلا فانه على الْمَكَان يظْهر فِي بدنه كُله شَيْء نَحْو الحصف وَلَيْسَت رَائِحَته بكريهة وَمن أجل ذَلِك لَا يكون لفم المتناول مِنْهُ رَائِحَة شَدِيدَة.
وَجَمِيع الحلتيت نافخ مريف.
وَمَتى خلط بالعسل واكتحل بِهِ أحد الْبَصَر وأذهب ابْتِدَاء المَاء من الْعين.
وَيُوضَع فِي أكال الْأَسْنَان فَيذْهب الوجع.
ويخلط أَيْضا بالكندر ويلطخ على خرقَة وَيُوضَع على السن الوجعة فيسكن.
ويطبخ مَعَ الزوفا ولاتين بخل ممزوج بِمَاء ويتمضمض بطبيخه فيفعل ذَلِك.
وينفع القرحة الْعَارِضَة من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَإِذا شرب أَو تلطخ بِهِ نفع ضَرَر الْحَيَوَانَات ذَوَات السمُوم كلهَا والخراجات الْعَارِضَة من النشاب المسموم.
ويداف فِي الزَّيْت ويتمسح بِهِ للسعة الْعَقْرَب.
وَإِذا شرطت الأورام الخبيثة المميتة للعضو وَجعل الحلتيت فِي مَوضِع الشَّرْط نفع.)
وَإِذا وضع وَحده أَو مَعَ النطرون والسذاب أَو مَعَ النطرون وَالْعَسَل نفع مِنْهَا.
وَإِذا وضع بعد أَن يخلط بقيروطي أَو بجوف التِّين الْيَابِس على الْموضع الَّذِي تقلع مِنْهُ الثآليل المسمارية والغدد الظَّاهِرَة الناتئة أَو بعد أَن يخلط بالقيروطي أبرأها.
وَإِذا خلط بالخل أَبْرَأ القوابي فِي حدثان كَونهَا.
وَإِذا خلط بالقلقنت والزنجار وصير فِي المنخرين أَيَّامًا قلع اللَّحْم النَّابِت فِي الْأنف.
وينفع من خشونة الْحلق المزمن.
وَإِذا ديف بِالْمَاءِ وتجرع صفي الصَّوْت الَّذِي عرضت لَهُ بحوحة بَغْتَة على الْمَكَان.
وَإِذا خلط بالعسل وتحنك بِهِ حلل أورام اللهاة أَو تغرغر بِهِ مَعَ مَاء القراطن نفع من سونحى.
وَمَتى اسْتعْمل فِي الطَّعَام حسن اللَّوْن.
وَمَتى تحسى بالبيض وَافق السعال.
(6/33)
وَمَتى طرح فِي الحساء وتناوله من بِهِ شوصة وَافقه.
وَمَتى اسْتعْمل بِالتِّينِ الْيَابِس نفع من اليرقان والحبن.
وَمَتى شرب بِالشرابِ مَعَ فلفل وسذاب سكن الكزاز.
وَقد يُؤْخَذ مِنْهُ قدر اوبولوسين فيخلط مَعَ شمع ويبلعه من عرض لَهُ فالج مَعَ انتصاب الرَّقَبَة وميلها إِلَى خلف.
وَإِذا تغرغر بِهِ مَعَ خل قلع العلق الْمُتَعَلّق بِالْحلقِ.
وَإِذا شرب بالسكنجبين نفع من جمود اللَّبن فِي الْجوف وَمن الصرع.
وَإِذا شرب بالفلفل والمر أدر الطمث.
وَإِذا أَخذ مِنْهُ فِي حَبَّة عِنَب نفع من الإسهال المزمن.
وورق الأنجدان وأطرافه بولس: قَالَ د: قد يخرج من ورق الأنجذان رُطُوبَة تفعل فعل الحلتيت إِلَّا أَنَّهَا أَضْعَف.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: الحلتيت يفعل فِي ورم اللهاة مَا يفعل الفاوانيا فِي الصرع.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة: هَذَا أَكثر ألبان الشّجر حرارة ولطفا فَهُوَ لذَلِك أَشد تحليلا ويجذب جذبا بليغا وَينْقص اللَّحْم.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة فِي الأنجدان: جَمِيع هَذَا النَّبَات حَار جدا الْبَتَّةَ قضبانه وأصوله ولبنه)
وجوهرها كلهَا جَوْهَر نفاخ هوائي وَلذَلِك صَارَت كلهَا عسر الانهضام.
وَمَتى اسْتعْملت من خَارج الْجِسْم كَانَت أقوى فعلا.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة بطئ فِي الْمعدة مغير لريح الثفل وَالطَّعَام وَفِي أَصله قُوَّة مفنية لرطوبة الْمعدة.
قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه حَار فِي الرَّابِعَة فِي أَولهَا يضر بالمعدة والكبد.
وَمَتى جعل فِي الضرس المتأكل نفع.
وَقَالَ ماسرجويه: الحلتيت المنتن أَشد حرارة وألطف وَأقوى.
وأصبت لِابْنِ ماسويه أَنه جيد للدبيلات الدَّاخِلَة وينفع من ريَاح البواسير وَيعْقل الْبَطن.
أماغورس وأماخوزس أصبت تَفْسِير هَذَا فِي ثَبت الْأَسْمَاء لحنين أَنه عقار يُسمى بِالْعَرَبِيَّةِ الذّبْح وَيُسمى الذبْحَة.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه منتن الرَّائِحَة حادها وقوته حارة محللة إِلَّا أَن ورقه مَا
(6/34)
دَامَ رطبا فَهُوَ بِسَبَب مَا يخالطه من الرُّطُوبَة قَلِيل الحدة أَعنِي الْوَرق ويضمر الأورام فاذا جف صَارَت قوته تقطع وتجفف تجفيفا بليغا وَهَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا مَوْجُودَة فِي لحاء أَصله.
فَأَما بزره فَهُوَ ألطف وَيصْلح للقئ.
أبرنك كابلي وَيُقَال أبرنج قَالَ أَبُو جريج: لَهُ خَاصَّة فِي نشف الرطوبات فِي الْمعدة وقلعها من المفاصل وَقلع حب القرع الْبَتَّةَ.
وَقَالَ ج: يجب أَن يثبت فِي القرص الْبَرْمَكِي قولا يَنْبَغِي أَن يكْتب.
قَالَ ماسرجويه: حره فِي الأولى ويبسه فِي الثَّانِيَة ينفض فضول البلغم من المعي وَيقتل الدُّود وَحب القرع.
أنيسرون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه يبرد تبريدا يَسِيرا لَا شَدِيدا مَعَ رُطُوبَة مائية ويحفظ الثدي على وَيُقَال: إِنَّه مَتى شرب جعل الشَّارِب عقيما.
أيمارواي قالس قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه يشبه أصل السوسن فِي منظره وقوته وينفع مثل منفعَته من حرق النَّار لِأَن فِيهِ قُوَّة تحلل تحليلا قَوِيا مَعَ شَيْء من قُوَّة مَانِعَة.
أنبوسطس ج قَالَ فِي السَّادِسَة: إِنَّه قَابض مر فَلذَلِك ينفع الطحال إِذا شرب بالخل.
إيدرياربوا قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه قَابض جدا فَلذَلِك يسقى لانفجار الدَّم واستطلاق الْجوف وقروح المعي وَنَحْوهَا شرب أَو كمد بِهِ أَو ضمد بِهِ.
أقشوريورون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: فِي هَذَا عفوصة يسيرَة فَلذَلِك يجلو وَيقطع مَعَ أَنه يشد وَيلْزق وَلذَلِك يعين على النفث من الصَّدْر وينقي الكبد وَلَا يضر بنفث الدَّم بل يَنْفَعهُ لِأَنَّهُ مركب الْقُوَّة.
أوسطيون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يجفف وَيقبض وَلذَلِك يسقى مِنْهُ من أَصَابَهُ فسخ فِي العضل.
قَالَ بولس: إِن لَهُ وَرقا يشبه ورق قلومس مَتى غلى أَصله بِالْمَاءِ وَشرب نفع من عرق النسا والشوصة وَنَفث الدَّم.
ونفع من خشونة الْحلق إِذا أَخذ مَعَ عسل.
أربياطايون نَبَات يشبه القرع.
قَالَت الخوز: إِنَّه مَعْرُوف بِهَذَا الِاسْم وَإنَّهُ يضم الخراجات الطرية سَرِيعا.
أجاص قَالَ فِيهِ د: إِن ثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة وَهُوَ الإجاص ردئ للمعدة مليت للبطن وَيكون بِدِمَشْق إجاص يعقل الْبَطن.
(6/35)
وَمَتى طبخ ورق الإجاص وتغرغر بمائه قطع سيلان الْموَاد إِلَى اللهاة وعضلتي اللوزتين واللهاة والمري.
وصمغ الإجاص يلزق القروح ويغري.
وَمَتى شرب بِالشرابِ فت الْحَصَى.
وَمَتى لطخ على القوابي بالخل قلعهَا خَاصَّة الَّتِي فِي الصّبيان.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: ثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة تطلق الْبَطن وخاصة إِذا كَانَت طرية فَأَما إِذا يَبِسَتْ فَهِيَ لذَلِك أقل.
وَأما الإجاص الدِّمَشْقِي فانه يُطلق الْبَطن لكنه أقل فِي ذَلِك من الأرميني والأرميني أَشد حلاوة.
وَفِي شَجَرَة الدِّمَشْقِي قبض زَائِد على شَجَرَة الأرميني وَلَا أَدْرِي لم حكم ديسقوريدوس على الدِّمَشْقِي بِأَنَّهُ يعقل الْبَطن إِذْ كُنَّا قد نجده عيَانًا يُطلقهُ.
وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع الشّجر الَّذِي فِيهِ عفوصة مَتى طبخ ورقه وقضبانه الغضة كَانَ ذَلِك الطبيخ نَافِعًا لورم اللهاة والنغانغ.
وَأما ثَمَرَة الإجاص الْبري فَهُوَ يقبض قبضا بَينا وَيحبس الْبَطن.
وَيَزْعُم قوم أَن صمغ هَذِه الشَّجَرَة إِذا شرب فتت الْحَصَاة.
وَإِذا طلي بالخل نفع القوابي الَّتِي تكون بالصبيان.
وَإِن كَانَ هَذَا الصمغ يفعل هَذَا فَالْأَمْر بَين فِيهِ أَنه قطاع ملطف.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: هَذَا إِذا استحكم نضجه لَا يُوجد عفصا وَلَا قَابِضا إِلَّا فِي الندرة وغذاؤه يسير جدا نَافِع لمن بِهِ حَاجَة إِلَى تبريد بدنه ومعدته وترطيبها وَيُطلق الْبَطن من أجل وَأما الصلب العفص مِنْهُ فَلَا يُطلق الْبَطن.
وطبيخه بِمَاء الْعَسَل يُطلق الْبَطن إطلاقا بليغا.
فان أكل وَشرب بعده كَانَ أَحْرَى بِالْإِطْلَاقِ.)
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي وسط الثَّانِيَة رطب فِي آخرهَا يغذو غذَاء يَسِيرا ويرطب الْمعدة بلزوجته ويبردها ويلين الطبيعة بلزوجته ويسهل صفراء.
وَفعل الْأسود فِي مَا ذكرنَا أتم.
وَالصَّغِير مِنْهُ أقل إسهالا مِمَّا عظم مِنْهُ وَهُوَ مطفئ للحرارة.
وخاصته ترطيب الْمعدة وتبريدها.
قَالَت الخوز: إِن مَاءَهُ يدر الطمث من النِّسَاء المحرورات.
وصمغته بسكر تذْهب القوباء.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد قبل أَن يحلو فاذا حلا فانه معتدل.
خاصته نفع اللهاة.
(6/36)
وَإِذا أَخذ مَعَ السكر أسهل.
أرنب بري وبحري دماغ قَالَ: دماغ الأرنب الْبري إِذا أكل مشويا نفع من الرعشة الْعَارِضَة بعقب الْمَرَض وَمَتى دلك بِهِ لثة الصَّبِي والعمور نفعهم من وجع الْأَسْنَان.
رَأس قَالَ: رَأس الأرنب الْبري مَتى أحرق وخلط بشحم دب أَو خل أَبْرَأ دَاء الثَّعْلَب.
إنفحة قَالَ: إنفحة الأرنب الْبري إِذا شربت ثَلَاثَة أَيَّام بخل بعد الطُّهْر منعت من الْحَبل وَأَمْسَكت الرُّطُوبَة السائلة من الْبَطن وَالرحم.
وَإِذا شربت بخل نَفَعت من الصرع وَكَانَ بادزهر الْأَدْوِيَة القتالة وخاصة لتجبن اللَّبن ونهش الأفعى.
دم قَالَ وَدَمه: إِذا لطخ وَهُوَ حَار نقي الكلف والبهق والبثور اللينة.
دماغ قَالَ: ودماغ الأرنب إِذا تحنك بِهِ ودلكت بِهِ منابت الْأَسْنَان وَأكل مِنْهُ نفع نفعا عَظِيما للأطفال الَّذين أخذت أسنانهم تنْبت وَلَيْسَ يفعل ذَلِك بِخَاصَّة بل بِالْقُوَّةِ الَّتِي بهَا يفعل ذَلِك الزَّيْت واسمن وَالْعَسَل وَجَمِيع الْأَشْيَاء الشبيهة بهَا فِي النَّفْع من ذَلِك. وَقد يسْتَعْمل فِي الرعشة.
رَأس قَالَ: رَأس الأرنب قد يحرق وَيسْتَعْمل فِي دَاء الثَّعْلَب.
الأرنب البحري مَتى طبخ فِي الزَّيْت اسْتعْمل ذَلِك الزَّيْت فِي حلق الشّعْر. ج وَقَالَ د: دم الأرنب ينفع مقلوا من قرحَة المعي الرَّديئَة والإسهال المزمن والسم وخاصة)
ابْن عرس أما الْبري فَقَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى أخرج مَا فِي بَطْنه بعد سلخه وملح وجفف ثمَّ شرب مِنْهُ مثقالان بشراب كَانَ أقوى الترياقات للهوام وللدواء الَّذِي يَجعله أهل أرمينة على السِّهَام وجوفه إِذا حشى بكزبرة وجفف نفع من نهش الْهَوَام والصرع.
وَإِن أحرق كَمَا هُوَ فِي قدر وخلط رماده بخل وطلي على النقرس نَفعه.
وَدَمه إِذا لطخ على الْخَنَازِير نَفعهَا وينفع المصروعين وَإِذا شقّ وَجعل على عضة أبرأها.
وَقَالَ جالينوس: قد ذكر قوم من أَصْحَاب الْكتب أَن رماد ابْن عرس إِذا عجن بالخل وطلي على النقرس ووجع المفاصل نفع من طَرِيق أَنه يحلل تحليلا شَدِيدا.
وَمَتى جفف ابْن عرس وسحق وَشرب نفع فِي مَا زَعَمُوا من الصرع من أجل هَذِه الْقُوَّة المحللة.
وَقوم آخَرُونَ يَقُولُونَ فِي ابْن عرس وخاصة فِي الْعُضْو الَّذِي يقوم لَهُ مقَام الْمعدة: إِنَّه يُقَاوم جَمِيع السمُوم من الْهَوَام.
(6/37)
قَالَ: وَالْحَيَوَان الْمُسَمّى موغالي نَافِع من لسعة الْعَقْرَب مَتى وضع عَلَيْهَا.
بولس وَقد ذكر ج: ان دماغ ابْن عرس إِذا شرب يَابسا بخل أَبْرَأ من الصرع.
وَقَالَ ابْن ماسويه: لحم ابْن عرس نَافِع من الصرع.
وَأما الْبري فَقَالَ د: والممسى وغالى مَتى ملح بعد سلخه ونظف جَوْفه وجفف ثمَّ شرب مِنْهُ مثقالان بشراب كَانَ أقوى الترياقات للهوام وللنشاب المسموم الَّذِي يسمه أهل أرمينية.
جملَته كُله قَالَ: وَإِن أحرق كَمَا هُوَ فِي قدر وخلط رماده بخل وطلي على النقرس نَفعه.
قَالَ: وَإِذا شقّ وَوضع على عضة أبرأها.
دَمه قَالَ: دَمه إِن لطخ على الْخَنَازِير نفع من ذَلِك وينفع من الصرع.
جَوْفه قَالَ جالينوس: جَوْفه إِن حشى بكزبرة وجفف نفع من نهش الْهَوَام وَمن الصرع. ج قَالَ: قد ذكر الْأَطِبَّاء أَن رماده إِذا طلي بخل نفع النقرس إِلَّا أَنه يحلل تحليلا شَدِيدا وَأَنه مَتى جفف وسحق وَشرب أَبْرَأ من الصرع من أجل هَذِه الْقُوَّة المحللة.
معدته وَيَقُولُونَ: إِن معدته خَاصَّة توَافق سموم الْحَيَوَان.
موغالى قَالَ ج: موغالى إِنَّه مَتى شقّ وَوضع على لسع الْعَقْرَب أَبرَأَهُ.
دماغه قَالَ بولس: ذكر جالينوس أَن دماغ ابْن عرس مَتى شرب وَهُوَ يَابِس بالخل أَبْرَأ الصرع.)
أيل قرنه قَالَ د: إِنَّه مَتى دق بعد الإحراق وَشرب مِنْهُ فلنجاران مَعَ خمر نفع من لسعة الأفعى.
وَقَالَ ج: مَتى أحرق وَشرب مِنْهُ أَيْضا فلنجاران مَعَ كثيرا نفع من نفث الدَّم: قرحَة المعي وَمَتى غسل بعد إحراقه نفع الْعين الَّتِي يسيل الْموَاد إِلَيْهَا ويجلو الْأَسْنَان.
وَإِذا بخر بِهِ بَيت غير محرق طرد الْهَوَام.
وَإِذا طبخ بخل وتمضمض بِهِ سكن وجع الضرس.
وَقَالَ ج: قرن الأيل المحرق يجلو الْأَسْنَان ويشد اللثة وَقد أَحْمَده قوم بعد غسله إِذا أحرق لقروح المعي والذرب وَنَفث الدَّم وخلطوه بالشيافات الَّتِي تجلب الْموَاد المنحدرة إِلَى الْعين لِأَن قوته مجففة.
قضيب الأيل قَالَ بولس: إِنَّه نَافِع من نهش الْهَوَام وَلذَلِك يَجْعَل فِي الترياقات.
إنفحته قَالَ د: إنفحة ولد الأيل مَتى احتملتها الْمَرْأَة ثَلَاثَة أَيَّام بعد الطُّهْر منعت الْحَبل.
دَمه قَالَ د: دم الأيل إِذا قلى نفع من قرحَة المعي والإسهال المزمن والسم الَّذِي يوضع على السِّهَام وَيشْرب بشراب خَاصَّة.
قضيبه قَالَ بولس: مذاكير الأيل إِذا جففت وشربت بشراب نَفَعت الملسوعين من الأفعى.
(6/38)
وطرف ذَنْب الأيل يقتل مَتى شرب.
أذارقي قَالَ د: يصلح لقلع الجرب المتقرح والكلف والقوابي والبثور اللينة وَمَا أشبه ذَلِك وَهُوَ فِي الْجُمْلَة وَقَالَ جالينوس: يُبدل مزاج الْأَعْضَاء إِلَى مزاج جيد وينفع عرق النسا.
وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: هُوَ دَوَاء حَار جدا وَلذَلِك صَار لَا ينْتَفع بِهِ وَحده فِي شَيْء من الْوُجُوه لكنه يخلط مَعَ أدوية تسكن قوته فَيصير عِنْد ذَلِك نَافِعًا للعلل المحتاجة إِلَى الإسخان إِذا عولج بهَا من خَارج فَأَما إِلَى دَاخل الْبدن فَلَيْسَ يُورد لشدَّة قوته.
أملج قَالَ ابْن ماسويه: الأملج المربى يفعل فعل الهليلج المربى إِلَّا أَنه أَضْعَف.
قَالَ الْيَهُودِيّ: إِن الأملج يدبغ الْمعدة وَيُقَوِّي الشَّهْوَة ويهيج الباه وَيقطع البزاق والقئ ويسكن الْعَطش.
قَالَ الْفَارِسِي: إِنَّه يقطع الْعَطش وَيزِيد الْفُؤَاد قُوَّة وحدة وذكاء.
قَالَ ماسرجويه: الأملج بَارِد فِي الثَّانِيَة يَابِس يشد أصُول الشّعْر وَيُقَوِّي الْمعدة والمقعدة.
قَالَ شرك الْهِنْدِيّ: إِن الأملج يسخن وَهُوَ سيد الْأَدْوِيَة.
وأصبت لِابْنِ ماسويه فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة: أَن الأملج يُطْفِئ حرارة الدَّم ويدبغ الْمعدة ويسود الشّعْر والمربى يلين الطبيعة وينفع البواسير وَيزِيد فِي المَاء ويشهى الطَّعَام وَيقطع الْعَطش.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة يُقَوي الشرج وَيمْنَع الشّعْر من الانتثار.
قَالَ ج: إِنَّه يجلو جلاء معتدلا وَيقبض.
انيطرون قَالَ د: يصلح للاسهال فَقَط يخرج بلغما ومرارا وطعمه مالح وَلذَلِك لَا يُمكن اسْتِعْمَاله فِي أَشْيَاء أخر.
أوباغون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات إِذا جفف صَارَت رَائِحَته كرائحة الْخمر وقوته كقوته. أنوسما قَالَ فِي الثَّامِنَة: هُوَ حريف مر فَلذَلِك يقتل الأجنة إِذا شرب بشراب.
أونوبروخيش قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا يُوسع مسام الْجِسْم ويحلل وَلذَلِك صَار ورقه مَا دَامَ طريا يحلل الخراجات.
وَإِذا شرب بشراب شفي عسر الْبَوْل.
وَإِذا خلط بالزيت وأدهن بِهِ أدر الْعرق.
(6/39)
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
أونوفس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات يسخن فِي الثَّالِثَة. وأنفع مَا فِيهِ لحاؤه. وَفِي اللحاء تقطيع وَيسْتَعْمل فِي مداواة وجع الْأَسْنَان طبيخه بخل وَمَاء ويتمضمض بِهِ.
أوكسوفاليس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: منظر هَذَا وقوته مثل الكمثرى وثمرتها مثل حب الآس وَهُوَ قطاع لطيف.
وَنوى هَذِه الثَّمَرَة نافعة لجَمِيع الْعِلَل السيالة مَتى شرب.
أوكسيرس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: طعمه مر وقوته فتاحة فَلذَلِك ينفع السدد الَّتِي فِي الكبد جدا.
كَانَ فِي الْأُم بحذائه الزوفا وَكَانَ فِيهِ أَنه الْحَشِيش الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ المكانس.
أنافح قَالَ ج: كل إنفحة إِذا شرب مِنْهَا ثَلَاثَة أوبولسات بشراب وَافَقت نهش الْهَوَام والإسهال المزمن وقرحة المعي والسيلان المزمن من الْأَرْحَام وجمود الدَّم فِي الْمعدة ونفثه من الصَّدْر.
وَمَتى احتملت الْمَرْأَة بالزبد بعد الطُّهْر أعانت على الْحَبل.
وَمَتى شربت بعد الطُّهْر منعت من ذَلِك.
وإنفحة الجدي والخروف والخشف توَافق من شرب الشوكران.
وَإِذا شربت بالخل وَافَقت جمود الدَّم فِي الْمعدة.
وَقَالَ ج: إِن جَمِيع الأنافح ملطفة محللة وَالْأَمر أَيْضا بَين أَنَّهَا إِذا كَانَت كَذَلِك فَهِيَ مجففة.
وَقد ذكر فِي الْكتب أَن إنفحة الأرنب نافعة من الصرع مَتى شربت بالخل وتقطع النزف الْعَارِض للنِّسَاء ويحلل الدَّم الجامد فِي الْمعدة.
وَهَذَا شَيْء قد جربناه نَحن تحليلها للبن الجامد لَا فِي إنفحة الأرنب فَقَط بل فِي غَيرهَا أَيْضا إِلَّا أَن أَجودهَا على الْحَقِيقَة إنفحة الأرنب. وَإِن شربت على هَذَا الْمِثَال حلل الدَّم الجامد فِي الْمعدة وَهَذَا الْفِعْل عَام لجَمِيع الأنافح.
وَقد قيل: إِن إنفحة الأرنب مَتى شربت قطعت نزف الدَّم وَلم أجرب ذَلِك لِأَنِّي لم أر اسْتِعْمَال دَوَاء حَار فِي عِلّة تحْتَاج إِلَى شَيْء بَارِد.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء فِي بَاب اللَّبن: إِن فِي هَذِه الإنفحة حرارة نارية.
ابْن ماسويه: الإنفحة رَدِيئَة للمعدة مولدة للقولنج تعقد الْبَطن عقدا شَدِيدا.
(6/40)
أرز د قَالَ: إِنَّه قَلِيل الْغذَاء عَاقل للبطن.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِن فِيهِ شَيْئا من الْقَبْض فَهُوَ لذَلِك يحبس الْبَطن حبسا معتدلا.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: يَسْتَعْمِلهُ جَمِيع النَّاس عِنْد الْحَاجة إِلَى حبس الْبَطن وَهُوَ أعْسر هضما وَقَالَ ابْن ماسويه: هُوَ حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّالِثَة وتعرف حرارته من عذوبة طعمه وَأَنه يغذو غذَاء حسنا ويلهب المحرور إِذا أكله وَهُوَ أَكثر غذَاء من الذّرة والجاورس وَالشعِير وَله إبطاء فِي الْمعدة.
فَإِذا طبخ بِاللَّبنِ ودهن اللوز الحلو وَأكل بالسكر قل إِمْسَاكه للبطن وَحسن غذاؤه.
وَمَتى أنقع فِي مَاء نخالة السميذ أَو فِي لبن حليب لَيْلَة ثمَّ طبخ بِالْمَاءِ ودهن اللوز الحلو قل يبسه فان كره اللَّبن فَاجْعَلْ بدله مَاء القرطم.
وخاصة مَاء الْأرز يَعْنِي طبيخه أَن يدبغ الْمعدة وَيعْقل الطبيعة ويجلو جلاء حسنا.
لي تفقدت الْأرز فِي أبدان نحيفة حارة المزاج فرأيته يلهبها إلهابا بَينا مِنْهُم الْوراق.
سندهشار قَالَ: الْأرز يزِيد فِي المنى ويقل على آكله الْبَوْل والنجو وَالرِّيح.
ماسرجويه: إِن أصوب الرَّأْي فِيهِ أَن يَجْعَل معتدلا فِي الْحَرْب وَالْبرد لكنه بَالغ اليبس.
وطبيخه يحبس الْبَطن وَهُوَ جيد لقروح المعي والمغس شرب أَو احتقن بِهِ.
والأحمر أَعقل للبطن لِأَنَّهُ أيبس.
وَمَتى طبخ بِاللَّبنِ كَانَ غذَاء جيدا لِأَنَّهُ يعتدل يبسه.
قَالَ حنين: إِن ج قَالَ: إِن حبس الْأرز للبطن لَيْسَ بشديد لِأَن مَا فِيهِ من الْقَبْض يسير وَإِنَّمَا وَمَتى طبخ حَتَّى يتهرأ وَيصير مثل مَاء الشّعير وَيشْرب كَانَ جيدا للذع فِي الْجوف عَن أخلاط مرارية.
وأوفق مَا يكون الْأرز إِذا كَانَت الْمعدة شَدِيدَة الشَّهْوَة للغذاء وَإِن كَانَ الْهَوَاء رطبا.
ماسرجويه: الْأَحْمَر أَشد عقلا للبطن.
أشقيل قَالَ د: لَهُ قُوَّة حادة مقرحة إِذا شوى كَانَ كثير الْمَنْفَعَة.
وَإِن طبخ وسط النيء مِنْهُ بالزيت وذوب مَعَه الراتينج وَوضع على الشقاق الْعَارِض فِي الرجلَيْن كَانَ جيدا.
وَإِن طبخ بالخل وَعمل مِنْهُ ضماد للسعة الأفعى كَانَ نَافِعًا.
وَقد يُؤْخَذ جُزْء من أشقيل مشوي ويخلط بِهِ ثَمَانِيَة أَجزَاء من الْملح المشوي المسحوق ويسقي مِنْهُ على الرِّيق فلنجاران ليلين الْبَطن ويدر الْبَوْل وينفع الحبن وطفوء الطَّعَام فِي الْمعدة واليرقان والمغص والشعال والربو المزمن والحشرجة.
(6/41)
ويكتفي مِنْهُ بِوَزْن ثَلَاثَة أوبولسات مخلوط بِعَسَل.
وَقد يطْبخ بِعَسَل ويؤكل فينفع مِمَّا وَصفنَا وينفع من سوء الهضم خَاصَّة ويسهل الْبَطن كيموسا وَإِن أكل أَيْضا مسلوقا فعل ذَلِك.
وليتجنبه من فِي جَوْفه قرحَة.
وَمَتى لطخ على الثآليل قلعهَا.
وبزره مَتى أنعم دقه وَجعل فِي تينة يابسة وخلط بِعَسَل وَأكل ألان الْبَطن.
وَمَتى علق صَحِيحا على الْأَبْوَاب منع الْهَوَام من الْكَوْن فِي الْبيُوت.
وخل العنصل الَّذِي يعْمل على صفة د قد ذَكرْنَاهُ فِي كتاب الصَّنْعَة يشد اللثة المسترخية وَيثبت الْأَسْنَان المتحركة وَيذْهب نَتن الْفَم.
ويصلب الْحلق مَتى تحسى ويجسى لَحْمه ويصفي الصَّوْت ويقويه وَيصْلح ضعف الْمعدة ورداءة الهضم والسدد الْعَارِضَة من السَّوْدَاء والمالنخونيا واختناق الْأَرْحَام وورم الطحال وعرق النسا وَيُقَوِّي الْجِسْم الضَّعِيف وَيُعِيد الصِّحَّة وَيحسن اللَّوْن ويلطف الْبَصَر.
وَمَتى صب مِنْهُ فِي الْأذن نفع من ثقل السّمع.
وَوَافَقَ أمراض الْجوف كلهَا خلا من كَانَت بِهِ قرحَة فِي جَوْفه.
وَيجب أَن يسقى على الرِّيق ويسقى أَولا قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ يُزَاد إِلَى أَن يبلغ قوانوس وَمن النَّاس من يسقى مِنْهُ قوانوسين وَأكْثر.
وَأما شراب العنصل فانه نَافِع من سوء الهضم وَفَسَاد المزاج وَالِاسْتِسْقَاء واليرقان وعسر الْبَوْل)
والمغس والنفخ والفالج والسدر والنافض المزمن وشدخ أَطْرَاف العضل ويدر الطمث.
ومضرته للعصب يسيرَة.
وبالواجب اجْتِنَاب شربه فِي الْحمى وَفِي قُرُوح الْجوف.
قَالَ جالينوس: قُوَّة هَذَا البصل الَّذِي يعرف ببصل الفأر قُوَّة قطاعة تقطيعا بليغا وَلَا يسخن إسخانا قَوِيا بل فِي الثَّانِيَة والأجود أَن يُؤْخَذ مطبوخا أَو مشويا فَإِن ذَلِك يكسر من قوته.
وَقَالَ بديغورس: خَاصَّة الأشقيل النَّفْع من السعال والربو ولدغ الْهَوَام.
من مقَالَة فِي السمُوم تنْسب إِلَى ج قَالَ: يقرح الْجلد مَتى طلي بِهِ وَإِن كَانَ فِي الْحمام أضرّ بِهِ جدا.
وَيقتل الفأر وَهُوَ سم لَهُ قَاتل: ويقئ الْإِنْسَان.
أَبُو جريج يَقُول: وخاصته اجتذاب الدَّم إِلَى ظَاهر الْبدن إِذا كَانَ مكثه عَلَيْهِ قَلِيلا فَإِن طَال قرحه. وينفع من تقريحه المرداسنج وَهُوَ حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة.
وَيقتل الفأر وَيخرج البلغم المحترق وَيزِيد الْأَدْوِيَة حِدة.
لي هَذَا يصحح أَنه البلبوس.
(6/42)
أناغاليس قَالَ ديسقوريدوس: إِنَّه صنفان: أَحدهمَا زهره الْأَحْمَر وَالْآخر أسمانجوني وَكِلَاهُمَا يصلحان للخراجات ويمنعان مِنْهَا الْحمرَة ويجذبان لاسلاء وَنَحْوه ويمنعان من انتشار القروح فِي الْجِسْم.
وَمَتى تغرغر بعصيرهما نقيا الرَّأْس من البلغم.
وَقد يسعط بِهِ أَيْضا لذَلِك.
ويسكن وجع الْأَسْنَان إِذا سعط بِهِ فِي المنخر الْمُخَالف للسن الألمة.
وَإِذا خلط بِعَسَل نقي القرحة الَّتِي فِي الْعين الَّتِي يُقَال لَهَا أرغاموا ونفع من ضعف الْبَصَر.
وَإِذا شرب بِالشرابِ نفع من نهشة الأفعى ووجع الكلى والكبد.
وَزعم قوم أَن اللازوردي الزهرة يرد المقعدة الناتئة والأحمر الزهرة يُخرجهَا.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي أناغاليس الَّذِي يُسَمِّيه النبط أَنا كيري: إِن نَوْعي هَذَا النَّبَات كليهمَا الأسمانجوني الزهرة والأحمر يجلوان جلاء بليغا ويسخنان قَلِيلا ويجففان وَلذَلِك صَار كل وَاحِد مِنْهُمَا يجذب السلاء وَمَا أشبهه من الْبدن.
وعصارتهما تنقص مَا فِي الدِّمَاغ وتخرجه من المنخرين.)
وَجُمْلَة قوتهما مجففة من غير لذع يدملان الْجِرَاحَات وينفعان الْأَعْضَاء الَّتِي تتعفن.
قَالَ اريباسيوس: إنَّهُمَا جَمِيعًا يلطفان تلطيفا كَافِيا وَفِيهِمَا حرارة يسيرَة وجذب يخرج بِهِ ألية قَالَ ابْن ماسويه: إِن الألية حارة رطبَة رَدِيئَة الهضم تفْسد الْمعدة وتولد غذَاء رديا وتلين العصب الجاسي وَتحل الورم الصلب. وَهِي أحد وَأَغْلظ من الشَّحْم.
أفسنتين قَالَ د: قوته قابضة مسخنة منقية للفضول المرية المتمكنة من الْمعدة والبطن.
وَمَتى أَخذ مَعَ الشَّرَاب قوى الْمعدة وأدر الْبَوْل.
وَمَتى شرب مَعَ أنيسون وكمافيطوس أذهب النفخ ووجع الْمعدة والبطن.
وَمَتى تقدم فِي شربه قبل الشَّرَاب منع الْخمار وأدر الْبَوْل.
وَمَتى شرب مَعَ سنبل أَو مَعَ ساساليوس أذهب النفخ ووجع الْمعدة والبطن.
وَمَتى شرب من طبيخه أَو من مَائه عشرَة أَيَّام شفي اليرقان ونفع من عدم شَهْوَة الطَّعَام.
وَمَتى احْتمل معجونا بالعسل أدر الطمث.
وَمَتى شرب بالخل نفع من الاختناق الْعَارِض من الْفطر.
وَمَتى شرب بِالشرابِ نفع من شرب الشوكران والاكسينا ونهشة موغالى والتنين البحري.
وَمَتى عجن بالعسل والنطرون وتحنك بِهِ نفع من ورم العضلات الدَّاخِلَة والخلق.
(6/43)
وَمَتى ديف بالعسل وتضمد بِهِ وَافق الْآثَار البنفسجية الْعَارِضَة تَحت الْعين والغشاوة وسيلان الرطوبات من الْأذن.
وبخار طبيخه مُوَافق لوجع الْأذن.
وَمَتى طبخ بميبختج وَجعل ضمادا على الْعين الَّتِي فِيهَا الضربان سكنه.
وتضمد بِهِ الخاصرة والكبد والمعدة إِذا كَانَت فِيهَا أوجاع مزمنة بعد أَن يسحق ويعجن. أما للكبد والخاصرة فبدهن الْحِنَّاء والموم وَأما للمعدة فبدهن ورد وموم.
وَمَتى عجن بِالتِّينِ والنطرون ودقيق الشيلم وَافق الطحال والحبن.
وَمَتى نثر فِي الصناديق منع السوس من الثِّيَاب.
وَمَتى ديف بالزيت وتمسح بِهِ منع البق من الْبدن.)
وَإِذا بل بمائه المداد منع الْكتاب من قرض الفأر.
وعصارة الأفسنتين تفعل مثل هَذَا إِلَّا أَنَّهَا قد تغش بِأَن تطبخ وتخلط مَعَ عكر الزَّيْت.
وَهِي كَذَلِك رَدِيئَة للمعدة مصدعة فَلذَلِك لَا نستعملها فِي الشّرْب.
وَمَتى اسْتعْمل وَحده أَو مَعَ الْأرز وَشرب بالعسل قتل الدُّود فِي الْبَطن الْمُسَمّى أسقاريدس مَعَ إسهال خَفِيف للبطن.
وشراب الأفسنتين مقو للمعدة مدر للبول نَافِع للعلل الَّتِي فِي الكبد والكلى واليرقان وإبطاء الهضم وَضعف الشَّهْوَة ووجع الْمعدة وَمن بِهِ تمدد من تَحت الشراسيف والنفخ والحيات فِي الْبَطن واحتباس الطمث.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه أقل حرارة من جَمِيع أَصْنَاف الشيح وَأكْثر قبضا مِنْهَا وَلذَلِك هُوَ أقل لطافة مِنْهَا. فَأَما تجفيفه فَلَيْسَ بِأَقَلّ من تجفيفها.
وَقَالَ أَيْضا: فِي طعم الأفسنتين قبض مَعَ حرارة ومرارة وحرافة وَهُوَ مسخن يجلو وَيُقَوِّي وَلذَلِك صَار يحدر مَا فِي الْمعدة من الْخَلْط المراري ويخرجه بالإسهال ويدر الْبَوْل وينقي خَاصَّة مَا يجْتَمع فِي الْعُرُوق من الْخَلْط المراري ويخرجه من الْمعدة بالبول وَمن أجل ذَلِك صَار مَتى أَخذ وَفِي فَم الْمعدة أَو فِي الصَّدْر أَو فِي الرئة بلغم محتقن لم ينْتَفع بِهِ لِأَن مَا فِيهِ من الْقَبْض أقوى مِمَّا فِيهِ من المرارة وَمن قبل أَنه حَدِيد حريف صَار يسخن أَكثر مِمَّا يبرد.
وَجُمْلَة مزاجه أَنه حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة. وعصارته أحر من حشيشته كثيرا.
قَالَ بديغورس: هُوَ من المسخنات وخاصته تَقْوِيَة الْمعدة وَقلع مَا فِيهَا من الفضول وتفتيح السدد.
وَقَالَ روفس: إِن الأفسنتين يسخن وَيفتح ويحلل ويجفف الراس ويجلو الْبَصَر وَيُقَوِّي الْمعدة
(6/44)
وَقَالَ اريباسيوس: إِنَّه حَار باعتدال شَدِيد الببس.
وعصارته أَكثر سخونة جدا وَهُوَ يجلو وَيُقَوِّي وَلذَلِك صَار محدرا للأخلاط المرية إِلَى أَسْفَل بالإسهال وَالْبَوْل وَهُوَ ينقي خَاصَّة الْفضل المري الَّذِي فِي الْعُرُوق وَلِهَذَا السَّبَب من كَانَ فِي بَطْنه بلغم مختقن ثمَّ شرب الأفسنتين لم ينفع أصلا وَذَلِكَ أَن قَبضه أقوى من مرارته وَلَكِن لما كَانَ فِيهِ فضل شَيْء من حِدة صَار مِقْدَار الْحَرَارَة الَّتِي فِيهِ أَكثر من مِقْدَار الْبرد كثيرا.
قَالَ بولس: إِنَّه حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة وَفِيه قبض وحرافة وَلذَلِك يفرغ الكيموسات)
المرية باسهال الْبَطن وإدرار الْبَوْل وَلَا ينفع الْبَتَّةَ من بِهِ بلغم كثير لقُوَّة الْقَبْض الَّذِي فِيهِ.
وعصارته أقوى من حشيشه كثيرا.
وَقَالَ أَبُو جريج الراهب: إِنَّه حَار يَابِس فِي أول الثَّانِيَة يفتح السدد وينفع من اليرقان ويسهل الْبَطن وينفع أورام الْمعدة والكبد وَيُقَوِّي الكبد وينفع من تهيج الْوَجْه وورم الْأَطْرَاف وبدء فَسَاد المزاج وداء الثَّعْلَب وداء الْحَيَّة.
والغافت فِي ذَلِك كُله أقوى وأسرع فعلا والشكاعى يقرب فعله من هَذَا.
وَقَالَ ج فِي الْمُفْردَات: الساريقون أقل إسخانا من القيصوم وَأكْثر إسخانا من الأفسنتين وَهُوَ ضار لفم الْمعدة مضرَّة شَدِيدَة لِأَن فِي طعمه ملوحة ومرارة وَإِنَّمَا فِيهِ من الْقَبْض شَيْء يسير والأفسنتين النبطي وَحده نَافِع للمعدة لِأَن فِيهِ مِمَّا يقبض شَيْئا يَسِيرا.
وَقَالَ مسيح: إِنَّه يسهل الصَّفْرَاء وينفع الْمعدة ويهيج شَهْوَة الطَّعَام وَهُوَ جيد لليرقان والخناق وأورام الْعين وَالْأُذن وجسأ الكبد وَالطحَال وَالِاسْتِسْقَاء وصلابة الرَّحِم.
وَقَالَ بعض الْمُحدثين: وَاجْتمعَ على ذَلِك جمَاعَة أَن النبطي مِنْهُ مر شَدِيد المرارة جيد جدا للذع العقارب عَجِيب فِي ذَلِك.
وأصبت لِابْنِ ماسويه أَنه يدر الْبَوْل.
أسطوخوذوس قَالَ د: إِنَّه حريف مَعَ مرَارَة يسيرَة.
وطبيخه صَالح لأوجاع الصَّدْر كالزوفا وَقد ينْتَفع بِهِ فِي أخلاط بعض الْأَدْوِيَة المعجونة.
وَأما شرابه فيحلل الغلظ والنفخ وأوجاع الأضلاع والعصب والبرودة المفرطة ويسقي المصروع مَعَ عَاقِر قرحا وسكبينج وكل خل يعْمل فِيهِ أسطوخوذوس ينفع المصروع.
وَقَالَ ج فِي الثَّانِيَة: طعمه مر وَكَأَنَّهُ يقبض قَلِيلا ومزاجه مركب من جَوْهَر أرضي بَارِد من أَجله يقبض وجوهر أَرض لطيف كثير الْمِقْدَار من أَجله صَار مرا وَمن أجل تركيب هذَيْن الجوهرين صَار يُمكن فِيهِ أَن يفتح ويلطف ويجلو وَيُقَوِّي جَمِيع الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة والجسم كُله.
(6/45)
وَذَلِكَ لما قد بَينا من أَن جَمِيع الْأَدْوِيَة المركبة من مثل هَذَا الْجَوْهَر يفعل هَذِه الأفاعيل.
وَقَالَ بولس: لِأَنَّهُ يلطف ويجلو وَيُقَوِّي جَمِيع الأحشاء وطبع الْحَيَوَان كُله.
وَقَالَ ج فِي الميامر: إِنَّه يمْنَع من العفونة ويلطف.
وَلم يذكر فِيهِ جالينوس أَنه أعنى أَن الأسطوخوذوس يسهل وَلذَلِك أَشك أَنه لَيْسَ أسطوخوذوس.
قَالَ سلمويه: إِنَّه ينفع جَمِيع أوجاع الْبدن والعارضة للرأس.
إكليل الْملك قَالَ د: إِن فِيهِ قبضا وتليينا للأورام وَلَا سِيمَا الحارة مِنْهَا الْعَارِضَة للعين والمعدة والمقعدة والأنثيين إِذا طبخ بالميبختج وتضمد بِهِ وَرُبمَا خلط مَعَه أَيْضا صفرَة بيض ودقيق حلبة أَو دَقِيق بزر الْكَتَّان وغبار الرحا أَو خشخاش.
وَإِذا اسْتعْمل وَحده بِالْمَاءِ شفي القروح الخبيثة الشهدية.
وَإِذا خلط بالطين الَّذِي يجلب من غاموس أَو خلط بِهِ عفص وديف بشراب ولطخ بِهِ القروح الرّطبَة الْعَارِضَة للرأس شفي مِنْهَا.
وَمَتى اسْتعْمل مطبوخا بِالشرابِ أَو نيا مَعَ الشَّرَاب أَو مَعَ وَاحِد مِمَّا ذكرنَا سكن وجع الْمعدة.
وَإِذا خلطت عصارته نِيَّة بميبختج وقطرت فِي الْأذن سكن وجعها. وَإِذا صبَّتْ عصارته على وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة هَذَا الدَّوَاء مركبة وَذَلِكَ أَن فِيهِ شَيْئا قَابِضا وَهُوَ مَعَ ذَلِك يحلل وينضج وَذَلِكَ لِأَن الْجَوْهَر الْحَار فِيهِ أَكثر من بَارِد.
قَالَ بديغورس إِنَّه معتدل فِي الْحر وَالْبرد. وخاصته إذابة الفضول.
أنيسون قَالَ د: قوته مسخنة ميبسة تفض الرِّيَاح عَن الْجِسْم وتسكن الوجع وَتحل النفخ وتعقل الْبَطن وتدر الْبَوْل والعرق وتذيب الفضول وتقطع الْعَطش وتوافق ذَوَات السمُوم من الْهَوَام وتمنع سيلان الرطوبات الْبيض من الرَّحِم وتنهض الباه.
وَمَتى بخر بِهِ واستنشق دخانه سكن الصداع.
وَمَتى سحق وخلط بدهن ورد وقطر فِي الْأذن أَبْرَأ مَا يعرض فِي بَاطِنهَا من الانصداع عَن سقطة أَو ضَرْبَة.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: أَنْفَع مَا فِي هَذَا بزره وَهُوَ حريف مر حَتَّى أَنه فِي حرارته قريب من الْأَدْوِيَة المحرقة وَمن التجفيف فِي الثَّالِثَة وَكَذَلِكَ فِي الإسخان وَهُوَ لذَلِك يدر الْبَوْل وَيذْهب بالنفخ من الْبَطن.
قَالَ اريباسيوس: بزره يسخن جدا وَلذَلِك يدر الْبَوْل وَيذْهب بالنفخ من الْبَطن بحله الرِّيَاح
(6/46)
قَالَ بولس: حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه نَافِع من السدد الْعَارِضَة فِي الكبد وَالطحَال المتولدة من الرطوبات عَاقل)
للطبيعة يحلل الرِّيَاح الغليظة وَلَا سِيمَا مَتى قلى.
وَهُوَ محدر لدم الْحيض وَالَّذِي يَلِي لَونه إِلَى الْبيَاض زَائِد فِي اللَّبن مهيج للباه.
وَقَالَ حَكِيم بن حنين: إِنَّه يسْتَعْمل فِي السل المزمن.
أبرامين قَالَت الخوز: وَهُوَ اسْم فَارسي وَهُوَ شَجَرَة على أَغْصَانهَا مثل الصُّوف قابضة جدا تشد الْبَطن.
أنقوانقون دَوَاء فَارسي قَالَت الخوز: كل من يَسْتَعْمِلهُ حسن حفظه وجاد عقله.
أشق قَالَ د: قوته ملينة جاذبة محللة للجسو ولبقايا الأورام الحارة إِذا صلبت.
وَإِذا شرب أسهل الْبَطن ويحدر الْجَنِين. وَإِذا شرب مِنْهُ مِقْدَار درخمي بِالشرابِ حلل ورم الطحال. وَقد يُبرئ من وجع المفاصل وعرق النسا.
وَمَتى خلط بالعسل ولعق مِنْهُ أَو خلط بِمَاء الشّعير وتحسى نفع من الربو وعسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب وَمن الصرع والرطوبة الَّتِي تكون فِي الصَّدْر ويدر مَعَ الْبَوْل الدَّم وينقي القروح الْعَارِضَة فِي الْحجاب الْقَرنِي ويلين الخشونة الْعَارِضَة للجفون.
وَمَتى أذيب بالخل وَوضع على الكبد وَالطحَال حلل جسأهما. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل والزفت حلل الفضول المتحجرة فِي المفاصل.
وَإِذا خلط بالخل والنطرون ودهن الْحِنَّاء وتمسح بِهِ كَانَ صَالحا للاعياء ولعرق النسا.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن قوته ملينة جدا وَلذَلِك يحل الصلابات الثؤلولية الْحَادِثَة فِي المفاصل وَيذْهب بصلابة الطحال وَيحل الْخَنَازِير.
وَقَالَ اريباسيوس: الْأَشَج قوي التليين حَتَّى أَنه يحل الْخَنَازِير وَيحل التحجر الَّذِي يكون فِي المفاصل وَيذْهب بصلابة الطحال.
وَقَالَ بولس: إِنَّه يحلل الأورام الصلبة والتعقد الَّذِي يعرض للمفاصل.
وَقَالَ أَبُو جريج: ينفع القروح إِذا ألْقى فِي المراهم وَيَأْكُل اللَّحْم العفن وينبت الطري وينضج الأورام الصلبة وَيصْلح الْأَدْوِيَة المسهلة ويسهل البلغم اللزج الغليظ وينفع من المَاء لَكِن إِذا)
شرب أَو تضمد بِهِ وَإِن حل بِالْمَاءِ واكتحل بِهِ نفع من البلة والجرب فِي الْعين.
وَقَالَ ابْن ماسويه فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة المسهلة: وخاصته النَّفْع من عرق النسا والنقرس ووجع المفاصل والخاصرة والورك الْمُتَوَلد من البلغ اللزج.
قَالَ الطَّبَرِيّ: إِنَّه يقتل حب القرع ويدر الْحيض وَالْبَوْل وَيخرج الرُّطُوبَة من الْجِسْم بالإسهال.
انْقَضى حرف الْألف.
(6/47)
3 - (بَاب الْبَاء)
بدسكان قَالَ بديغورس: خاصته الترقيق والتلطيف.
بط قَالَ ج فِي الثَّانِيَة من الميامر: إِن مَعَ شحمه من تسكين الوجع أمرا عَظِيما جدا.
وَقَالَ فِي الكيموسين: إِن جَمِيع أَعْضَاء الإوز عسر الهضم مَا خلا أجنحته.
ابْن ماسويه: إِنَّه كثير الرُّطُوبَة بطئ فِي الْمعدة.
قَالَ سلمويه: شَحم البط مسكن للذع فِي عمق الْجِسْم حَار لطيف.
وأصبت لِابْنِ ماسويه أَن لحم البط يصفي اللَّوْن وَالصَّوْت ويسمن وَيزِيد فِي الباه وَيدْفَع الرِّيَاح لين دسم ثقيل فِي الْمعدة يُقَوي الْجِسْم.
وَقَالَ القلهمان: لحم البط أحر وَأَغْلظ من جَمِيع اللَّحْم أَعنِي لحم الطير الأهلي. ج فِي الأولى من قاطاجانس: إِن شَحم البط أفضل الشحوم.
لي لم أر شحما ألطف وَأَشد تَلْيِينًا وتحليلا مِنْهُ ويلين هَذَا وَحده على أَن لَحْمه حَار فِي غَايَة الْحَرَارَة على أَنِّي قد أكلت مِنْهُ فأسخنني ثمَّ أطعمت مِنْهُ المحرور فَحم وأطعمت مِنْهُ المبرود فأسخنه.
بلاذر قَالَ بيديغورس: إِن خاصته إذهاب النسْيَان وتصفية الذِّهْن.
وَقَالَ أَبُو جريج: إِنَّه حَار جدا يهيج الوسواس والبرص والجذام والورم فِي الْجوف وَرُبمَا قتل.
وَلَا أرى أَن يقربهُ الشَّاب وَلَا من مزاجه حَار. وَهُوَ جيد للفالج وَلمن يخَاف عَلَيْهِ مِنْهُ.
من مقَالَة تنْسب إِلَى ج قَالَ: ينفع مِنْهُ زنة نصف دِرْهَم للْحِفْظ.
وعسله يقرح الْجلد وَيَأْكُل الثؤلول والوشم.
قَالَ القلهمان: خاصته النَّفْع من استرخاء العصب.
قَالَ ابْن ماسويه: البلاذر حَار يَابِس فِي الرَّابِعَة جيد لفساد الذِّهْن وَجَمِيع الْأَعْرَاض الْحَادِثَة فِي الدِّمَاغ من الْبرد والرطوبة.
من السمُوم: عسل البلاذر إِذا طلي على الوشم قلعه ويقلع الثؤلول.
(6/48)
بورق قَالَ ج: أما الإفْرِيقِي فَلهُ قُوَّة تجلو فَلذَلِك لَيْسَ يغسل الوضح والوسخ فَقَط بل قد يَكْتَفِي بِهِ فِي شِفَاء الحكة أَيْضا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يحل الرطوبات الصديدية الَّتِي عَنْهَا تحدث الحكة وَلذَلِك قد أصَاب الْأَطِبَّاء فِي إلقائهم إِيَّاه فِي كثير من الْأَدْوِيَة المحللة.
وَأما زبد البورق فقوته هَذِه الْقُوَّة إِلَّا أَنَّهَا ألطف وأدق.
وَأما البورق الْعَام فقوته وسط بَين هَذِه الْقُوَّة الَّتِي للملح وَبَين الْقُوَّة الَّتِي للإفريقي وَذَلِكَ أَن الإفْرِيقِي يجلو فَقَط وَالْملح يقبض.
فَأَما البورق فَفِيهِ القوتان جَمِيعًا إِلَّا أَن الْقَبْض فِيهِ يسير والجلاء فِيهِ كثير.
وَقَالَ فِيهِ حِين أفرده بِالذكر: قد قُلْنَا قبل: إِن هَذَا فِي الْوسط بَين البورق الإفْرِيقِي وَالْملح فان هُوَ أحرق صَار قَرِيبا من الإفْرِيقِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يلطف فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب يجفف ويحلل. وَإِن ورد الْجِسْم مِنْهُ شَيْء قطع ولطف الأخلاط الغليظة اللزجة أَكثر من الْملح جدا.
وَأما الإفْرِيقِي فَمَتَى لم يضْطَر إِلَيْهِ أَمر شَدِيد فَلَا يعطاه إِنْسَان يزدرده لِأَنَّهُ يغثى ويهيج الْقَيْء وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ تقطيعه الأخلاط الغريظة أَكثر من تقطيع البورق.
وَكَانَ إِنْسَان فَرُئِيَ يسْتَعْمل البورق الإفْرِيقِي وَكَانَ بِهِ يشفى فِي كل وَقت من أكل الْفطر الخناق.
وَأما البورق المحرق وَغير المحرق وَلَا سِيمَا زبده فَنحْن نَسْتَعْمِلهُ أَيْضا فِي كل من أكل الْفطر)
الْقِتَال.
قَالَ اريباسيوس: إِن قوته جلاءة حَتَّى أَنه لَيْسَ إِنَّمَا يجلو الْجِسْم فَقَط بل يُبرئ الحكة أَيْضا وَذَلِكَ أَنه يحل الأخلاط المحدثة للحكة.
وَقَالَ فِيهِ ايضا: وَأَظنهُ فِي غير الأفريقي بل فِي البورق مُطلقًا: إِنَّه من خَارج يجفف ويحلل فان ورد بَاطِن الْجِسْم وَقطع ولطف الأخلاط الغليظة اللزجة أَكثر من سَائِر الْأَدْوِيَة.
فَأَما زبد البورق فَلَيْسَ يجب أَن يزدرد دَاخل الْجِسْم إِلَّا لأمر ضَرُورِيّ عَظِيم جدا.
قَالَ بولس: إِنَّه مَتى شرب أفسد الْمعدة جدا.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه مَتى شرب أفسد الْمعدة جدا.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه مَتى سحق بالخل وطلي على الجرب أذهبه. وَمَتى سحق ونثر على الشّعْر الغليظ أرقه.
بسد قَالَ ديسقوريدوس: الْأَحْمَر قوته قابضة مبردة باعتدال يقْلع اللَّحْم الزَّائِد ويجلو آثَار القروح فِي الْعين ويملأ العميقة مِنْهَا لَحْمًا.
وَهُوَ ينفع نفعا بَينا من نفث الدَّم وعسر الْبَوْل. وَإِذا شرب بِالْمَاءِ حلل ورم الطحال.
وَقُوَّة الْأسود مثل ذَلِك.
(6/49)
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه يجلو الْبَصَر وَإنَّهُ جيد للدمعة وَلَا يجفف الْعين تجفيفا قَوِيا.
بومة قَالَ ج: دم البومة يشفي بعض أَصْنَاف ضيق النَّفس. واستعماله غَايَة الْفقر إِلَى الْأَدْوِيَة.
بُسْتَان أبروز هَكَذَا ذكره فِي الْكتاب برطانيقي وأصبته فِي البث مُفَسرًا: بُسْتَان ابروز.
وَقَالَ فِيهِ ج: إِن قُوَّة هَذَا النَّبَات قابضة تدمل الخراجات وَهُوَ فِي مِثَال ورق الحماض الْبري إِلَّا أَنه يضْرب إِلَى السوَاد أَكثر مِنْهُ.
والعصارة الَّتِي تكون مِنْهُ تقبض كقبض الْوَرق وَمن أجل ذَلِك يطْبخ وَيُؤْخَذ مَاؤُهُ ويحفظ لِأَنَّهُ دَوَاء نَافِع لقروح الْفَم وَهُوَ مَعَ ذَلِك يشفي القروح المتعفنة.
بقرة قَالَ ديسقوريدوس: بولها إِذا سحق بالمر وقطر فِي الْأذن سكن الوجع.
قُرُونهَا قَالَ بولس: مَتى أحرقت قُرُونهَا وشربت مَعَ المَاء حبست نفث الدَّم.
دَمهَا قَالَ د: مَتى تضمد بِهِ حارا مَعَ السويق لين الأورام الصلبة.
زبلها وَقَالَ ج: لَا يجب أَن تدع أدوية الطِّبّ من هَذَا وتستعمل هَذَا وَإِن كَانَ قد نَفْعل ذَلِك.
زبلها قَالَ د: أخثاء الْبَقر الراعية إِن وضعت سَاعَة تروثها على الأورام الحارة الْعَارِضَة من الخراجات سكنها وَمَتى صودفت غير حارة فَتلف فِي ورق وتسخن وتوضع عَلَيْهِ. وينفع نفعا بَينا من عرق النسا إِذا تضمد بِهِ وَهُوَ سخن.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ خل حل الْخَنَازِير والأورام الصلبة والكائنة فِي اللَّحْم الرخو.
وأخثاء الْبَقر خَاصَّة إِذا تبخر بِهِ أصلح حَال الرَّحِم الناتئة. وَإِذا بخر بِهِ طرد البق.
وَقَالَ جالينوس: إِنَّه نَافِع من لذع الزنابير ويطلي بِهِ بطُون المستسقين. وَقد ذكرنَا مَا قَالَ فِيهِ أَيْضا فِي ذكر الْبَوْل فاقرأه.
وَقَالَ فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِنَّه مَتى أحرق بعد التجفيف وَسقي مِنْهُ المستسقي نفع نفعا بَينا.
مرارها قَالَ د: مرار الثور يتحنك بِهِ مَعَ الْعَسَل للخناق وَيُبرئ قُرُوح الْمعدة.
وَإِذا خلط بِلَبن الْمعز أَو امْرَأَة وقطر فِي الْأذن الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح أبرأها. ويخلط بِمَاء الكراث ويقطر فِي الْأذن للطنين. .
وَيَقَع فِي المراهم الْمَانِعَة للحمرة من الخراجات واللطوخات الَّتِي تَنْفَع من نهش الْهَوَام.)
وَمَتى خلط بِعَسَل صلح للقروح الخبيثة ووجع الْفروج وَالذكر وَالْجَلد الَّذِي يحوي البيضتين.
وَمَتى خلط بالنطرون أَو بالقيموليا أَبْرَأ الجرب المتقرح ونخالة الرَّأْس برءا حسنا.
(6/50)
قرنه، قَالَ: برادة قرن الثور مَتى شربت لالماء حبست الرعاف.
وَكَذَلِكَ تفعل عِظَام فَخذيهِ وَرُبمَا حبست الْبَطن. قَالَ ذَلِك فِي الترياق إِلَى قَيْصر.
كَعبه وَقَالَ فِي هَذَا الْكتاب: إِن كَعْب الْبَقر مَتى أحرق وسحق بِالْخمرِ نفع من وجع الْأَسْنَان.
وَإِذا شرب مَعَ عسل استفرغ حب القرع من الْبَطن. وَمَتى شرب بالسكنجبين أذاب الطحال الْعَظِيم. وَهُوَ مهيج للباه أَيْضا.
زبله قَالَ ماسرجويه: مَتى طلي زبل الْبَقر على الرّكْبَة بعد سحقه بخل نفع جدا من ألمها.
وَذَلِكَ مَتى طلي على لذع الزنابير.
بَوْله قَالَ: بَوْل الْبَقر نَافِع من وجع المقعدة والنواصير إِذا قعد فِيهِ.
لَحْمه قَالَ أبقراط فِي كتاب مَاء الشّعير: لَيْسَ لحم أقوى وَلَا أطيب من لحم الْبَقر وَإِنَّمَا يضر من لم يقو على هضمه فَإِذا انهضم إِذا غذَاء كثيرا حسنا غليظا. وأجوده مَا أجيد طبخه وأطيل فان طول الطَّبْخ بهيئه بِسُرْعَة الهضم.
قَالَت الخوز: زبل الْبَقر نَافِع جدا للذع الزنبور والنحل إِذا طلي عَلَيْهِ وَهُوَ نَافِع لوجع الرّكْبَة إِذا طلي عَلَيْهَا يخرج الوجع إِلَى خَارج.
سمومه قَالَ: دم الثور الطري مَتى شرب قتل بالخنق وضيق النَّفس. وَهَذَا بقيء.
بقلة حمقاء قَالَ فِيهَا د: إِن قوتها قابضة وَإِذا تضمد بهَا مَعَ سويق الشّعير نَفَعت من الصداع وأورام الْعين الحارة وَسَائِر الأورام الحارة والالتهاب الْعَارِض فِي الْمعدة والحمرة ووجع المثانة وتسكن الضرس والتهاب الأمعاء وسيلان الفضول إِلَيْهَا.
وَتَنْفَع من لذع الكلى والمثانة وتضعف شَهْوَة الباه وَكَذَلِكَ مَاؤُهَا إِذا شرب.
وَينْتَفع بهَا للحيات والدود وَنَفث الدَّم من الصَّدْر وقرحة المعي والبواسير الدامية. وَيدخل فِي الإكحال والحقن لسيلان الْموَاد إِلَى المعي ولحرقة الرَّحِم.
ويخلط بدهن ورد وَيُوضَع على الرَّأْس للصداع الْعَارِض من الشَّمْس ويخلط بِالشرابِ وَيغسل بهَا الرَّأْس للبثور الْعَارِضَة فِيهِ.
ويتضمد بهَا مَعَ سويق الشّعير للأورام الحارة الَّتِي يتخوف عَلَيْهَا الْفساد.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّهَا بَارِدَة مائية المزاج وفيهَا أَيْضا قبض يسير وَلذَلِك صَارَت تمنع الْموَاد المتجلبة والنزلات وخاصة مَا كَانَ مِنْهَا مائلا إِلَى المرارة والحرارة مَعَ أَنَّهَا تغير هَذِه الْموَاد وتحيل مزاجها وتبرد تبريدا شَدِيدا حَتَّى تبلغ الثَّالِثَة وترطب فِي الثَّانِيَة وَلذَلِك هِيَ من أَنْفَع الْأَشْيَاء كلهَا لمن يجد لهيبا وتوقدا مَتى وضعت على فَم معدته وعَلى مَا دون الشراسيف مِنْهُ.
وَهِي مَعَ هَذَا تشفي الضرس لِأَنَّهَا تلين وتملأ الخشونة الَّتِي عرضت لَهَا من ملاقاة الطعوم الخشنة بِسَبَب مَا لَهَا من اللزوجة.
(6/51)
وعصارة هَذِه البقلة قوتها على مَا وَصفنَا فَهِيَ لذَلِك تبرد من دَاخل وَمن خَارج والبقلة أَيْضا تفعل ذَلِك.
وَمن أجل مَا هِيَ عَلَيْهِ من الْقَبْض هِيَ مُوَافقَة لمن بِهِ قرحَة فِي المعي إِذا أكلت ولنزف الدَّم ونفثه وعصارته أقوى وأبلغ فِي هَذِه الْمَوَاضِع.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن غذاءها قَلِيل وَذَلِكَ الْقَلِيل أَيْضا رطب بَارِد لزج وَأما على طَرِيق الدَّوَاء فتسكن الضرس من أجل اللزوجة الَّتِي لَا لذع مَعهَا.
وَقَالَ روفس: إِنَّهَا تبرد الْجِسْم وتفسد الْبَصَر.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِنَّهَا بَارِدَة محدثة للغشاوة فِي الْعين مَانِعَة من الْقَيْء.)
وَقَالَ اريباسيوس: إِنَّهَا بَارِدَة جدا ورطوبتها كَافِيَة وفيهَا قبض يسير وَلذَلِك صَارَت تدفع سيلان الْموَاد المرية الحادة وَتغَير مَعَ ذَلِك كيفيتها وتبردها تبريدا قَوِيا وَلذَلِك صَارَت تَنْفَع الَّذين بهم التهاب أَكثر من جَمِيع الْأَشْيَاء مَتى وضعت على فَم الْمعدة وعَلى الْمَوَاضِع الَّتِي تَحت الأضلاع وَهِي نافعة من الضرس.
وَفعل عصارتها كفعلها حَتَّى أَنَّهَا لَيست إِنَّمَا تطفيء وتبرد. من خَارج بل وَإِذا شربت وَهِي من أجل مَا فِيهَا من الْقَبْض طَعَام مُوَافق لأَصْحَاب اخْتِلَاف الدَّم ودرور الطمث وَقذف الدَّم.
وعصارتها فِي هَذِه الْأَفْعَال أقوى كثيرا.
وَقَالَ بولس: إِنَّهَا بَارِدَة فِي الثَّالِثَة رطبَة فِي الثَّانِيَة وَمن هَهُنَا صَارَت تَنْفَع من بِهِ حرارة مفرطة إِذا وضعت على الْبَطن وتدفع السيلان وَتذهب بالضرس وَتَنْفَع من دوشنطاريا ونزف الدَّم بقبضها.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّهَا بَارِدَة فِي الثَّالِثَة رطبَة فِي الثَّانِيَة نافعة من الْقَيْء الصفراوي الْعَارِض من أجل الْمعدة والأمعاء ووجع الكلى والمثانة وَمَا يحدث فِيهَا من اللذع والحرارة وَمن القروح والأوجاع الحارة والحميات المزمنة المستحكمة قَاطِعَة لشَهْوَة الباه صَالِحَة لنفث الدَّم بِيَسِير عفوصتها.
وماؤها يخرج حب القرع.
وَمَتى دقَّتْ وضمد بهَا اليافوخ أذهبت الصداع الْحَار.
وخاصتها قطع شَهْوَة البا وخلطها حميد.
قَالَ أَبُو جريج: البقلة الحمقاء بَارِدَة وفيهَا يبس من أجل حمضتها ورطوبة من أجل لزوجتها وَمَتى احتقن بعصيرها من غير أَن يغلي نفع من الإسهال الصفراوي وقمع الفضول وَأمْسك الْبَطن.
وتطفيء الورم الْحَار فِي الْبَطن وتسكن الصداع مَتى ضمد بهَا.
(6/52)
وبزرها غير مقلو يدر الْبَوْل ويسهل الْبَطن وينفع من بَدْء الْحَصَى. وَمَتى شربت مقلوة عقلت الْبَطن وعزت المعي.
وَقَالَ مسيح: إِن الثآليل مَتى دلكت بالبقلة الحمقاء ذهبت.
لي أَحسب أَن هَذَا يُرَاد بِهِ اليتوع الْمُشبه بالبقلة الحمقاء اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تفعل ذَلِك بِخَاصَّة.)
ماسرجويه قَالَ: يزِيد فِي الباه للدونة الَّتِي فِيهَا وينفع من القلاع فِي فَم الصَّبِي.
باذاورد قَالَ فِيهِ ديسقوريدوس: إِن أَصله إِذا شرب صلح لنفث الدَّم ووجع الْمعدة والإسهال المزمن ويدر الْبَوْل. وتضمد بِهِ الأورام البلغمية.
وطبيخه جيد لوجع الْأَسْنَان إِذا تمضمض بِهِ.
وبزره ينفع الصّبيان الَّذين يعرض لَهُم فَسَاد فِي حركات العضل مَتى شربوه ونهش الْهَوَام.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: أصل هَذَا النَّبَات مجفف يقبض قبضا معتدلا وَلذَلِك صَار نَافِعًا من وَمَتى وضع من خَارج كالضماد أضمر الأورام الرخوة ونفع أَيْضا من وجع الْأَسْنَان مَتى تمضمض بطبيخه.
وَقُوَّة بزره أَيْضا لَطِيفَة حارة وَلذَلِك صَار نَافِعًا إِذا شرب من التشنج.
وَقَالَ بديغورس: خاصته التَّحْلِيل والإذابة وتنقية الحمي الحديدة.
قَالَ اريباسيوس: أَصله يجفف تجفيفا سَاكِنا يَسِيرا ويبرد وَمن أجل ذَلِك هُوَ نَافِع للإسهال الَّذِي من أجل عِلّة فِي الْمعدة وَيقطع قذف الدَّم.
وَإِذا ضمد بِهِ للتهبج أضمره. وَمَتى تمضمض بِالْمَاءِ الَّذِي يطْبخ فِيهِ سكن وجع الْأَسْنَان.
وَقُوَّة بزره حارة لَطِيفَة تَنْفَع من يعرض لَهُ التشنج إِذا شرب.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه بَارِد فِي الأولى وَفِيه لطاقة وَتَحْلِيل هُوَ نَافِع من الحميات العتيقة الكائنة من الرُّطُوبَة وَضعف الْمعدة وَمن وجع الْأَسْنَان وَمن لذع الْهَوَام إِذا دق وَوضع عَلَيْهِ.
قَالَ ابْن ماسة: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة نَافِع من الحميات العتيقة الكائنة فِي الْعُرُوق الْعسرَة.
وَقَالَ عِيسَى: قد امتحنت حرارته فرأيته يسخن.
باقلي قَالَ د: هُوَ مولد للرياح والنفخ عسر الانهضام تعرض مِنْهُ أَحْلَام ردية وَيصْلح للسعال وَيزِيد وَمَتى طبخ بخل وَمَاء وَأكل بقشره قطع الإسهال الْعَارِض من قرحَة الإمعاء والإسهال المزمن الَّذِي لَا قرحَة مَعَه والقيء.
وَمَتى غلي بِالْمَاءِ وهريق ذَلِك المَاء عَنهُ وصب عَلَيْهِ مَاء آخر وَأتم نضجه بِهِ كَانَ أقل لنفخه.
والْحَدِيث أردأ للمعدة وَأكْثر نفخا.
(6/53)
ودقيق الباقلي إِذا تضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ السويق سكن الورم الْحَار الْعَارِض من ضَرْبَة ونفع أورام الثدي الَّتِي ينْعَقد فِيهَا اللَّبن. وَإِذا خلط بدقيق الحلبة وَعسل حلل الدماميل والأورام الْعَارِضَة فِي أصُول الآذان وَمَا يعرض تَحت الْعين من ضَرْبَة وكمودة لون الْموضع. وَمَتى خلط بالورد والكندر وَبَيَاض الْبيض نفع من نتو الحدقة خَاصَّة. ونتو الْعين جملَة. وَإِذا عجن بِالشرابِ نفع من اتساع ثقب الحدقة وأورام الْعين الحارة الَّتِي تحدث من ضَرْبَة.
وَقد يقشر وينقع وَيُوضَع على الجبين لقطع سيلان الفضول إِلَى الْعين.
وَإِذا طبخ بِالشرابِ أَبْرَأ أورام الْحمرَة. وَإِذا ضمدت بِهِ عانات الصّبيان أَبْطَأَ بهم الِاحْتِلَام.
ويجلو البهق عَن الْوَجْه.
وَإِذا ضمد بقشره الْمَوَاضِع الَّتِي ينْبت فِيهَا الشّعْر كَانَ نَبَاته فِيهَا رَقِيقا ضئيلا.
وَإِذا خلط بدقيق الباقلي سويق الشّعير وشب يمَان وزيت عَتيق وتضمد بِهِ حل الْخَنَازِير.
وَإِذا قشر وشق بنصفين وَوضعت أنصافه على الْمَوَاضِع الَّتِي يعلق عَلَيْهَا العلق قطع نزف الدَّم مِنْهَا بعد أَخذ العلق.
باقلي قبْطِي: وَأما القبطي فقوته قابضة: جَيِّدَة للمعدة ودقيقه يُوَافق الإسهال المزمن والقروح فِي المعي وخاصة سويقه إِذا عمل مِنْهُ حسو. وقشره أقوى فعلا.
وَالشَّيْء الْأَخْضَر الَّذِي فِي وَسطه الَّذِي طعمه مر إِذا سحق وخلط بدهن ورد وقطر فِي الْأذن سكن وجعها.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: هَذَا فِي كيفياته جَمِيعًا قريب جدا من المزاج المعتدل أَعنِي فِي التجفيف والجلاء. وَفِي جرم الباقلي نَفسه من قُوَّة الْجلاء شَيْء يسير.
فَأَما قشره فقوته قابضة لَا تجلو وَلذَلِك صَار قوم من الْأَطِبَّاء يطبخون الباقلي بقشره بخل)
ويطعمونه صَاحب قرحَة المعي والاستطلاق والقيء هُوَ أَشد نفخة من كل طَعَام وأعسر انهضاما إِلَّا أَنه يعين فِي نفث الرُّطُوبَة من الصَّدْر والرية.
وَمَتى تضمد بِهِ خَارِجا فانه يجفف تجفيفا لَا أَذَى مَعَه. وَقد استعملته مرَارًا كَثِيرَة فِي النقرس بعد طبخه بِالْمَاءِ وخلطت بِهِ شَحم الْخِنْزِير واستعملته فِي مداواة الفسوخ والقروح الْحَادِثَة فِي العصب بعد طبخ دقيقه بالعسل والخل وَوَضَعته وَوضعت أَيْضا دقيقه على الورم بِسَبَب ضَرْبَة وَهُوَ ضماد بليغ لورم الْأُنْثَيَيْنِ والثديين وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْضَاء تستريح إِلَى الْأَشْيَاء المبردة باعتدال مَتى تورمت وخاصة إِن كَانَ ورم الثدي حدث من لبن تجبن فِيهِ فان هَذَا الضماد يقطع اللَّبن.
وَكَذَلِكَ أَيْضا مَتى ضمدت عانات الصّبيان بدقيق الفول أَقَامُوا مُدَّة طَوِيلَة لَا ينْبت لَهُم فِيهَا شعر.
(6/54)
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء لَهُ: الباقلي لَيْسَ يتَوَلَّد مِنْهُ لحم ملزز كثيف كَاللَّحْمِ الْمُتَوَلد من لحم الْخِنْزِير بل لحم رخو متخلخل وَهُوَ نافخ وَلَا يَنْفَكّ من النفخة وَلَو أَكثر طبخه وَأكْثر مَا ينْفخ إِذا لم يكن مُحكم النضج وَلمن لم يعتده.
وجوهره سخيف خَفِيف يجلو بعض الْجلاء وَلذَلِك ينقي دَقِيق الباقلي الْبدن ويجلو عَنهُ الْوَسخ ويطلى على الْوَجْه فِي الْغمر وَذَلِكَ أَنه يقْلع الكلف والنمش. وَلما كَانَت فِيهِ هَذِه الْقُوَّة صَار لَا يبطئ فِي الْبَطن كالأطعمة الغليظة الَّتِي لَيْسَ مَعهَا شَيْء من الْجلاء أصلا بِمَنْزِلَة الخندروس والسميذ المنقى من النخالة والنشا.
وَإِذا قلى الباقلي قلت نفخته إِلَّا أَنه يكون عسر الانهضام جدا ويولد خلطا غليظا.
وَأما الباقلي الرطب فانه يغذو غذَاء أرطب ويولد فضلا أَكثر مِنْهُ وَهُوَ يَابِس وغذاؤه قَلِيل إِلَّا أَن انحداره سريع. وَلَيْسَ توليده للفضول فِي المعي فَقَط لَكِن فِي الْأَعْضَاء اً لية فعالج نفخته بالأشياء المسخنة الملطفة كَمَا تعالج جَمِيع الْأَشْيَاء النافخة.
والباقلي الْمصْرِيّ أرطب فتوليده للفضول أَكثر من أجل ذَلِك وغذاؤه أقل وانحداره أسْرع.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموس: إِنَّه لَوْلَا أَن الباقلي ينْفخ لَقلت فِيهِ كَقَوْلي فِي الشّعير لِأَنَّهُ لَيْسَ بردئ الكيموس وَلَا يُولد السدد وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ هما جَمِيعًا حَال الْأَطْعِمَة الحافظة للصِّحَّة. وَإِنَّمَا صَار كَذَلِك لِأَن قوته تجلو.)
وَقَالَ روفس فِي الباقلي: الباقلي وحساؤه يغذوان غذَاء كثيرا وينفخان الْبَطن والشراسيف.
قَالَ أريباسيوس: إِنَّه قريب من المزاج الْمُتَوَسّط جدا وَفِيه شَيْء يسير من الْجلاء وَالْقَبْض وَإِذا وضع خَارِجا يجفف من غير أَذَى.
وَيجب إِذا اسْتعْمل فِي علاج النقرس أَن يطْبخ ويخلط مَعَه شَحم الْخِنْزِير. فَأَما فِي علاج البرص والقروح الَّتِي تحدث فِي العصب فَيجب أَن يوضع عَلَيْهَا دَقِيق الباقلي معجونا بِعَسَل وَيجْعَل على الْموضع الَّذِي قد تورم من أجل الضَّرْبَة مَعَ سويق الشّعير.
وَقد يتَّخذ من الباقلي ضماد نَافِع للأنثيين والثديين وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْضَاء تنْتَفع بالتبريد السَّاكِن إِذا كَانَ فِيهَا ورم حَار وخاصة إِذا كَانَ تورم الثديين عَن لبن قد تجبن وَهَذَا اللَّبن إِذا كثر تجبن وتورم مِنْهُ الثدي فَهَذَا الضماد ينقص اللَّبن أَيْضا. وَيمْنَع نَبَات الشّعْر فِي عانات الصّبيان زَمَانا طَويلا.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن الْيَابِس مِنْهُ بَارِد فِي آخر الأولى يَابِس فِي وَسطهَا.
وَالرّطب مِنْهُ بَارِد رطب قَلِيل الْغذَاء بِالْإِضَافَة إِلَى الْيَابِس بطيء الهضم كثير النفخ. فان طبخ قلت نفخته وَكَذَلِكَ إِذا أنقع وشوي على الْجَمْر.
وَمن أَحْمد تَدْبيره وَإِن كَانَ لَا يسلم من نفخته إطالة إنقاعه وطبخه حَتَّى يتهرأ.
(6/55)
وَأكله بالفلفل والكمون وَالْملح والحلتيت وَلَيْسَ الْخَلْط الْمُتَوَلد مِنْهُ برديء وَلَا يُورث السدد. وَهُوَ يجلو جلاء حسنا وَلَيْسَ ذَلِك فِي قشره لِأَن فِيهِ عفوصة شَدِيدَة.
وَلَوْلَا مَا فِي الباقلي من توليد النفخ لَكَانَ شَبِيها بِمَاء الشّعير وَهُوَ نَافِع من السعال ووجع الصَّدْر الْعَارِض من حرارة ويبس وخاصة إِذا اتخذ مِنْهُ حساء. وَمَتى طبخ كَمَا هُوَ بِمَاء وخل خمر وَأكل نفع من وجع المعي وعقل الْبَطن وَمنع الْقَيْء.
والمصري أرطب لرطوبة مصر دَائِما.
من كتاب بوينوس فِي الفلاحة: الباقلي يوهن فكر آكله وَيمْنَع من رُؤْيَة الأحلام الصادقة لِأَنَّهُ يُولد رياحا كَثِيرَة. وَمَتى أطْعم مِنْهُ الدَّجَاج كثيرا قطع بيضه وَلم يبض.
وَقَالَ ماسرجويه: دهن الباقلي ينقي الصَّدْر والرئة. وَمَتى طلي بِهِ مَوضِع حلق الشّعْر مِنْهُ مَرَّات منع من نَبَاته. وينقي الكلف.
بَوْل قَالَ د: أما بَوْل الْإِنْسَان فانه مَتى شرب نفع من نهشة الأفعى والأدوية القتالة وَابْتِدَاء الحبن. وَإِذا صب على نهش هوَام الْبَحْر نفع. وَمَتى خلط النطرون وصب على عضة الْكَلْب نفع. وينفع الجرب المتقرح والحكة ويجلوها.
وَالْبَوْل الْمُعْتق أَشد جلاء من غَيره مِمَّا لم يعْتق. وَهُوَ جيد للقروح الخبيثة الَّتِي تسْعَى. ويحتقن بِهِ فِي القروح الخبيثة فَيمْنَع من السَّعْي.
وَيقطع سيلان الْقَيْح من الآذان. وَإِذا سحق فِي قشر رمان وقطر فِيهَا أخرج الدُّود المتولدة فِيهَا.
وَبَوْل الصّبيان إِذا لم يحتلموا مَتى تحسى وَافق عسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب. وَمَتى طبخ فِي إِنَاء نُحَاس مَعَ عسل جلا الْبيَاض الْعَارِض فِي الْعين من اندمال القروح.
وعكر الْبَوْل مَتى لطخ على الْحمرَة سكنها. وَإِذا أغْلى مَعَ دهن حناء وَاحْتمل سكن أوجاع الرَّحِم الَّتِي تورث الاختناق. ويجلو الجفون وَالْبَيَاض الْعَارِض فِي الْعين من اندمال الْقرح.
وَبَوْل الْخِنْزِير الْبري لَهُ قُوَّة بَوْل الثور غير أَن لَهُ خَاصَّة: مَتى شرب فتت الْحَصَى المتولدة فِي المثانة ويبوله مَتى شرب مِنْهُ قوانوش.
وَبَوْل الْمعز: مَتى شرب بسنبل الطّيب فِي كل يَوْم مَعَ قوانوشي مَاء حط الْجُبْن اللحمي وَأخرجه بالبول والإسهال. وَإِذا قطر فِي الْأذن سكن الوجع.
وَبَوْل الْحمار: جيد لوجع الكلى.
قَالَ جالينوس: كل بَوْل فقوته حارة إِلَّا أَنَّهَا تخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف الْحَيَوَان وَبَوْل
(6/56)
الْإِنْسَان يكَاد يكون أَضْعَف من كل بَوْل خلا أَبْوَال الْخَنَازِير الْأَهْلِيَّة الخصيان. ويمكنك تعرف قُوَّة الْبَوْل من رِيحه.
وَفِي بَوْل الْإِنْسَان من قُوَّة الْجلاء أَكثر مِمَّا فِي غَيره من الأبوال وَدَلِيل ذَلِك مَا يَفْعَله القصارون فانهم يقطعون بِهِ وسخ الثِّيَاب وَلذَلِك ينطله الْأَطِبَّاء على الجرب وعَلى الْعلَّة الَّتِي يتقشر فِيهَا الْجلد فيشفي هَاتين العلتين وينطلونه أَيْضا على الْجِرَاحَات المملوءة من الرُّطُوبَة الْكَثِيرَة الْوَسخ وخاصة إِن كَانَ فِيهَا شَيْء قد تعفن. وَإِذا كَانَ فِي الْعَانَة مثل هَذِه الْعلَّة نقوها بالبول ويداوون بِهِ أَيْضا الْأذن الَّتِي يجْرِي مِنْهَا الْمدَّة والسعفة والحزاز فيبرئها. وَأما أَنا فَلَا أفعل ذَلِك لِأَن لي أدوية كَثِيرَة)
تنوب عَن ذَلِك.
فَأَما الخراجات الْحَادِثَة فِي الرجل وخاصة مَا كَانَ مِنْهَا إِنَّمَا يحدث عَن عَثْرَة فانها مَتى كَانَت خلوا من الورم فقد أبرأتها مرَارًا كَثِيرَة حِين حدثت فِي الْأَبدَان الصلبة بِأَن لففت عَلَيْهَا طاقات خرق وأمرتهم بالبول عَلَيْهَا دَائِما مَتى أَرَادوا الْبَوْل وَلَا يحلوه حَتَّى يبرأوا برءا تَاما.
وَقد ذكر قوم من الْأَطِبَّاء أَن الثفل الراسب فِي الْبَوْل إِذا كَانَ ثخينا أَبيض تَبرأ بِهِ الأورام الْمَعْرُوفَة بالحمرة. وَأَنا أَقُول: إِن الْحمرَة مَتى كَانَت فِي ابتدائها وَكَانَت حمرَة بِالْحَقِيقَةِ فَلَيْسَ يُمكن برؤها بِشَيْء من الْأَدْوِيَة الحارة فَأَما الْحمرَة الَّتِي قد سكن لهيبها فَلَيْسَ الثفل الراسب فِي الْبَوْل فَقَط ينفعها بل كثير من الْأَدْوِيَة المحللة الْأُخَر.
وَأما شرب أَبْوَال الْأَطْفَال من أجل نفس الانتصاب فَلَيْسَ هُوَ بِشَيْء لَا بُد مِنْهُ ضَرُورَة إِذْ كَانَت لهَذِهِ الْعلَّة أدوية كَثِيرَة نافعة وَقد شرب من هَذَا الْبَوْل فنفع من هَذِه الْعلَّة وَلَيْسَ بِأَفْضَل من غَيره من الْأَدْوِيَة.
وَقَالَ بولس: بَوْل مَا خصى من الْحَيَوَان ضَعِيف لَا حِدة لَهُ.
بَان دهنه قَالَ د: لدهن البان قُوَّة تجلو مَا يظْهر فِي الْوَجْه من الْآثَار الْعَارِضَة من فضول الْجِسْم والرطوبة اللبنية والثآليل والْآثَار السود الْعَارِضَة من اندمال القروح ويسهل الْبَطن وَهُوَ رَدِيء حبه: وَإِذا شرب من حبه درخمي وَاحِد مسحوق وَأخذ بخل وَمَاء أذبل الطحال.
ويضمد بِهِ الطحال أَيْضا مَعَ دَقِيق الشيلم وَمَاء القراطن. ويضمد بِهِ النقرس. وَمَتى اسْتعْمل بالخل أذهب الجرب المتقرح وَالَّذِي لَيْسَ بمتقرح والبهق والْآثَار السود الْعَارِضَة من اندمال القروح. وَإِذا اسْتعْمل بالبول قلع البثور اللبنية والثآليل الَّتِي يُقَال لَهَا انثبو والكلف والبثور الْعَارِضَة فِي الْوَجْه.
وَمَتى شرب بأدرومالي أهاج الْقَيْء وأسهل الْبَطن وَهُوَ ردئ للمعدة جدا.
ودهنه أَيْضا يسهل الْبَطن. وقشره أَشد قبضا. وثجيره إِذا اعتصر دهنه يدْخل فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تسْتَعْمل للخشونة والحكة.
(6/57)
حبه قَالَ ج: فِي السَّادِسَة وَحب البان جوهره جَوْهَر حَار.
فَأَما ثجيره الَّذِي يبْقى بعد اسْتِخْرَاج دهنه فالمرارة فِيهِ أَكثر ويخالط ذَلِك قبض أَيْضا وَلذَلِك)
صَار قطاعا جماعا كانزا وَلذَلِك ينفع الكلف والنمش والبرش الْكَائِن فِي الْوَجْه والجرب والحكة وتقشر الْجلد ويلطف صلابة الكبد وَالطحَال.
وَمَتى شرب من عصارته مِثْقَال وَاحِد بِعَسَل وَمَاء أهاج القئ الْكثير وأسهل إسهالا لَيْسَ بالدون وَلذَلِك مَتى استعملناه وَنحن نُرِيد بِهِ تنقية بعض الْأَعْضَاء وخاصة الْبَاطِنَة كالكبد وَمَتى استعملناه ضمادا بخل كَانَ أَكثر جلاء حَتَّى أَنه يجلو الجرب وتقرح الْجلد ويجلو أَكثر من جلائه لهذين الكلف والبهق والسعفة والنمش والبرش والبثور المتقرحة وَجَمِيع الأدواء المتولدة عَن الأخلاط الغليظة ويقلع آثَار القروح.
وَيجب إِذا اسْتعْمل فِي علاج الطحال أَن يخلط مَعَ بعض أَنْوَاع الدَّقِيق المجفف كدقيق الكرسنة أَو دَقِيق أصل السوسن.
وقوته قُوَّة تجلو وتقطع الْأَشْيَاء الغليظة مَعَ شَيْء من قبض. قشر حب البان الْخَارِج: فَأَما قشر حب البان الخارد فَقَبضهُ أَكثر جدا وَلذَلِك قد يسْتَعْمل فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج إِلَى قبض كثير.
ودهن حب البان قَابض.
قَالَ بولس: أما دَاخل حب البان الَّذِي هُوَ كلحمه فَلهُ قُوَّة منقية تقطع مَعَ قبض وَلذَلِك مَتى شرب مِنْهُ وزن دِرْهَم بشراب الْعَسَل حرك القئ وأسهل الْبَطن وَإِذا شرب مَعَ خل وَمَاء نفع من سدد الأحشاء: وَهُوَ نَافِع ينقي الْجلد أَيْضا إِذا خلط مَعَ خل. وَأما قشره فانه يقبض جدا.
قَالَ سلمويه: إِن حب البان يشد اللثة وَيقطع الرعاف ويلحم القروح.
وأصل شجرته إِذا طبخ وتمضمض بِهِ نفع من وجع الْأَسْنَان. وعصيره وبزره نَافِع من وجع الكلى والكبد.
قَالَ القلهمان: دهن البان ملين للعصب الجاسي جدا.
بسقوريدون د: دَوَاء مَعْمُول لَهُ قُوَّة يفعل بهَا مَا يَفْعَله القلقطار وَهُوَ حَار.
بشقيق وَيُسمى أَيْضا بساموس وَمن النَّاس من يُسَمِّيه دنقوانامرس.
قَالَ د: إِنَّه يُؤْتى بِهِ من بِلَاد الْهِنْد وَهُوَ شَبيه بالقشور كَأَنَّهُ شجر التوت يدهن بِهِ لطيب رَائِحَته وينفع إِذا بخر بِهِ انضمام فَم الرَّحِم.
بابلص قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: وَهُوَ الَّذِي يُسمى خشخاشا زبديا وَهَذَا يسهل كاسهال اليتوع وَهُوَ مثله فِي جَمِيع خصاله.
(6/58)
ببلين وَهُوَ الفرفخ الْبري قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه كاليتوع وبزره نَارِي مسهل.
باريقوطن قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: بزر هَذَا النَّبَات وورقه يقطع ويسخن حَتَّى أَنه يَبُول الدَّم مَتى أَكثر مِنْهُ.
وَهُوَ نَافِع للطحولين ولأصحاب ضيق النَّفس. والشربة المعتدلة مِثْقَال بشراب. ويجفف المنى.
ود يزْعم أَنه قد جرب أَنه مَتى شرب مِنْهُ إِنْسَان سَبْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا جعله عقيما لَا يُولد لَهُ الْبَتَّةَ ويبول مِنْهُ أول مَا يشربه بولا دمويا.
باطانيس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هُوَ فِي الثَّالِثَة من الإسخان وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي مداواة القروح الخبيثة والأكلة.
بطارميقي قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: زهرَة هَذَا النَّبَات معطسة. وَمَتى اتخذ مِنْهُ ضماد حلل النمش وآثار الدَّم الْمَيِّت تَحت الْجلد. وَذَلِكَ أَنه حَار يَابِس.
بقيوميون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذِه تحلل وتجذب وطعمها حريف وورقه مُحَلل للخراجات والثآليل المنكوسة. وثمرته أقوى من ورقه.
وَهِي أَجود مَتى خلط بِهِ دَقِيق الشّعير وَجعل مِنْهُ ضماد وشأنها جذب السلاء.
وَأَصلهَا مسهل مَعَ ذَلِك صفراء.
بزركتان بيوليون قَالَ جالينوس فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات حاد الطّعْم حَار فِي الثَّالِثَة.
باليطرون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: ورقه كورق الكزبرة وقضبانه غِلَاظ كقضبان السذاب وقوته مجففة بِلَا لذع فَلذَلِك يدمل القروح المزمنة.
بطراطيون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هُوَ شَبيه ببصل الفأر فِي قوته وطعمه وَيسْتَعْمل فِي جَمِيع أَفعاله بدله إِلَّا أَنه أَضْعَف مِنْهُ.
باذروج د قَالَ: مَتى أَكثر من أكله أظلم الْبَصَر وأهاج الباه وَولد الرِّيَاح وأدر الْبَوْل وَاللَّبن وَهُوَ عسر الانهضام.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ السيكران ودهن ورد وخل نفع من الأورام الحارة. وَمَتى تضمد بِهِ وَحده نفع من لسع الْعَقْرَب والتنين البحري وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ شراب سكن ضَرْبَان الْعين.
وماؤه يجلو ظلمَة الْبَصَر ويجفف الرطوبات السائلة إِلَى الْبَطن.
(6/59)
وبزره إِذا شرب نفع من يتَوَلَّد فِي بدنه السَّوْدَاء، وعسر الْبَوْل والنفخ.
وَمَتى شم أحدث عطاسا وَفِي نُسْخَة أُخْرَى: سكن العطاس. والباذروج أَيْضا يفعل ذَلِك.
وَيَنْبَغِي أَن تغمض الْعَينَيْنِ فِي وَقت العطاس وتسد المنخرين.
وَقُوَّة دهنه تشبه قُوَّة المرزنجوش إِلَّا أَنه أَضْعَف.
قَالَ جالينوس فِي آخر الثَّامِنَة: هَذَا حَار فِي الثَّانِيَة وَفِيه رُطُوبَة فضلية وَلذَلِك لَيْسَ هُوَ بالنافع إِذا ورد الْجِسْم وَأما من خَارج فَهُوَ يحلل وينضج مَتى تضمد بِهِ.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء لَهُ: إِنَّه يُولد خلطا رديا. وَمَا قيل فِي توليده العقارب هُوَ كذب. ويضر الْمعدة وَهُوَ عسر الانهضام.
وَقَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الباذروج يَابِس ملهب مفن للرطوبة الَّتِي فِي الصَّدْر.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي آخر الأولى وَفِي رُطُوبَة فضلية من أجلهَا يسْرع العفن.
وَإِن أَكثر مِنْهُ أورث فِي الْبَصَر ضعفا وجفف الرئة والصدر وأسهل الطبيعة وَولد نفخا وَهُوَ مدر للبول مكثر للبن عسر الانهضام سريع الْفساد والعفن.
وبزره نَافِع من الصرع وتقطير الْبَوْل والمنى. وورقه وماؤه قَاطع للعطاس والرعاف مَتى قطر فِي)
الْأنف أَو شم. وورقه أضرّ بالمعدة من بزره. وماؤه يحد الْبَصَر مَتى اكتحل بِهِ.
وَقَالَ قسطس فِي كتاب الفلاحة: إِنَّه ينقص الذِّهْن جدا مَتى أَخذ غير أَن مَاءَهُ نَافِع للأطفال إِذا أَصَابَتْهُم الْحمى.
وَقَالَ ابْن ماسه: إِنَّه حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة رَدِيء للمعدة مجفف للرئة.
وبزره جيد للتقطير.
قَالَت الخوز: إِنَّه بَارِد رطب فِي الثَّانِيَة وَله غلظ وبزر كثير وَإِن عصارته مَعَ الكافور تقطع الرعاف.
وَقَالَ حنين فِي أغذيته: إِن أبقراط قَالَ: الباذروج يَابِس حَابِس للبطن.
قَالَ حنين: إِذا كَانَ جالينوس يَقُول: إِنَّهَا تطلق الْبَطن وأبقراط يَقُول: إِنَّهَا تعقله فَيُشبه أَن تكون لَهَا قوتان متضادتان فَمَتَى صادفت الْبَطن وَفِيه خلط معاون للاطلاق أطلقت وبالضد.
بصل الفأر هُوَ العنصل.
بازرد هُوَ القنة.
بل بردى قَالَ د: يَسْتَعْمِلهُ الْأَطِبَّاء إِذا أَرَادوا فتح أَفْوَاه النواصير ويبلونه بِمَاء إِذا
(6/60)
أَرَادوا ذَلِك ويلفون عَلَيْهِ وَهُوَ رطب خرقَة كتَّان ويتركونه حَتَّى يجِف ثمَّ يدخلونه فِي الناصور فاذا دخل فِيهِ امْتَلَأَ رُطُوبَة وانتفخ وفتحه. وَأَصله يغذو غذَاء يَسِيرا مَتى مص.
وَإِذا أحرق إِلَى أَن يصير رَمَادا وَاسْتعْمل رماده منع القروح الخبيثة الَّتِي فِي الْفَم وَسَائِر الْأَعْضَاء من السَّعْي. وتعمل مِنْهُ الْقَرَاطِيس والقرطاس المحرق أقوى فعلا مِنْهُ.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: مَتى أنقع البردي أَو الديس بخل وَمَاء أَو بشراب ثمَّ أحرق صَار دَوَاء مجففا على مِثَال القرطاس المحرق إِلَّا أَنه أَضْعَف فعلا. وَإِذا لف على الْجِرَاحَات الطرية كَمَا تدرو ألحمها.
وَقَالَ بديغورس: خاصته قطع الدَّم مَتى أحرق.
برباريس قد كتبناه فِي بَاب الْألف أمبرباريس.
بلح ذَكرْنَاهُ مَعَ النّخل.
قَالَ د: قوته مسخنة ملينة قابضة وثمرته مَتى شربت نَفَعت من نهش الْهَوَام وَالطحَال والحبن. وَمَتى شرب مِنْهُ دِرْهَمَانِ بشراب أدر اللَّبن والطمث ويضعف المنى ويثقل الرَّأْس ويسبت.
وطبيخه مَتى جلس فِيهِ نفع من أوجاع الرَّحِم وأورامه الحارة. وثمره مَتى شرب مَعَ الفوتنج الْبري أَو تدخن بِهِ أَو احْتمل أدر الطمث.
وَإِذا تضمد بِهِ أَبْرَأ من الصداع. وَقد يخلط بخل وزيت وَيصب على الرَّأْس لمن بِهِ ليثرغس وقرانيطس.
وورقه مَتى تدخن بِهِ أَو افترش طرد الْهَوَام. وَمَتى تضمد بِهِ نفع من نهشها. وَإِذا خلط بِسمن وورق الْكَرم لين جساء الْأُنْثَيَيْنِ.
وثمره إِذا تضمد بِهِ بِالْمَاءِ نفع من الوجع الْعَارِض من شقَاق المقعدة. وَإِذا خلط بالورق أَبْرَأ الخراجات والتواء الأعصاب.
ويفرشه الْعباد لِأَنَّهُ يقطع شَهْوَة الْجِمَاع.
وَيُقَال: إِنَّه من عمل عَصا مِنْهُ وتوكأ عَلَيْهَا منع من الحفاء.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن عيدانه لَا تدخل فِي شَيْء من أُمُور الطِّبّ وَأما ورقه وحبه فقوتهما حارة يابسة وجوهرهما لطيف وَذَلِكَ يظْهر فِي اسْتِعْمَالهَا وَمن ذوقهما أَيْضا فان فِي زهر هَذَا النَّبَات وورقه وثمرته حرافة وعفوصة قَلِيلا.
وَحب الْفَقْد إِذا أكل نيا أسخن إسخانا بَينا وصدع فان قلي كَانَ تصديعه أقل. وَلَيْسَ يحدث حب الْفَقْد نفخة الْبَتَّةَ وخاصة المقلو مِنْهُ وَيقطع شَهْوَة الباه مَتى أكل مقلوا وَغير مقلو.
وَيفْعل ذَلِك ورقه وورده وَقد وثق النَّاس بذلك مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تفعل ذَلِك مَتى أكلت بل وَإِذا افترشت.
(6/61)
وَمَعْلُوم من هَذِه الأفاعيل أَن البنجنكشت يسخن وَلَا يُولد رياحا اصلا وَهَذَا يدل على أَنه لطيف فِي غَايَة اللطافة وإحداثه الصداع لَيْسَ يكون من أَكثر مَا يتَوَلَّد عَنهُ من الرِّيَاح البخارية لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ ينْفخ الْبَطن ويهيج الباه كَالَّذي يفعل الجرجير لكنه لَيْسَ إِنَّمَا لَا يهيج)
الْجِمَاع فَقَط بل قد يقطعهُ فتعلم من ذَلِك أَن قُوَّة الإسخان والتجفيف فِيهِ مثل قُوَّة السذاب وَلكنه لَيْسَ بمساو لَهُ بل هُوَ أقل مِنْهُ قَلِيلا فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا لِأَن السذاب أَكثر إسخانا وتجفيفا وَهُوَ أَيْضا مباين لَهُ فِي طعمه وَذَلِكَ أَن الفنجنكشت فِيهِ شَيْء من الْقَبْض يسير وَأما السذاب فَهُوَ إِذا كَانَ جافا كَانَ صَادِق المرارة حريفا وَإِذا كَانَ طريا فمرارته يسيرَة وَلَا قبض فِيهِ الْبَتَّةَ أَو عساه إِن كَانَ فَهُوَ شَيْء قَلِيل بِالْإِضَافَة إِلَى مَا فِي البنجنكشت فَمن أجل ذَلِك صَار البنجنكشت أَنْفَع للكبد وَالطحَال إِذا كَانَت فيهمَا سدد من برد من بزر السذاب ولنضعه بِحَسب هَذِه الْأَفْعَال فِي الدرجَة الثَّالِثَة من الْحر واليبس. وَإنَّهُ لكثير التلطيف.
فَإِن من علم هَذَا من أمره ثمَّ يعلم الطَّرِيق الْمُؤَدِّي إِلَى حِيلَة الْبُرْء واستخرجه يجد من نَفسه: كَيفَ يدر الطمث إِن أَرَادَ إدراره بِهَذَا الدَّوَاء وَكَيف يحلل بِهِ الأورام الصلبة الْحَادِثَة فِي الْأَعْضَاء وَكَيف يحل بِهِ الإعياء إِذا عمل مِنْهُ مروخ مسخن.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن غذاءه يسير مجفف مسخن طارد للرياح والنفخ ويذهبها إذهابا قَوِيا وَلذَلِك هُوَ صَالح للْمَنْع من الْجِمَاع.
اريباسيوس: إِن ورقه وزهره وثمره كل هَذِه حَار يَابِس فِي الْقُوَّة لَطِيفَة الْأَجْزَاء جدا يمْنَع شَهْوَة الباه لَيْسَ بِالْأَكْلِ فَقَط بل وبالافتراش أَيْضا تَحت من يعْنى بذلك. والبزر نَافِع ليسدد الكبد وَالطحَال.
وبولس قَالَ مَعَ سَائِر مَا قَالَ جالينوس: إِن بزر البنجنكشت إِذا قلى كَانَ هضمه أسْرع.
انْقَضى حرف الْبَاء.
(6/62)
3 - (بَاب التَّاء)
تنوب قَالَ د: هُوَ شَجَرَة مَعْرُوفَة والقوفي وَهُوَ الْأرز هُوَ نوع مِنْهُ.
وقشر كليهمَا يُوَافق الشجاج إِذا سحق وذر عَلَيْهَا. وَإِذا خلط بالمرداسنج ودقاق الكندر وَافق القروح الظَّاهِرَة فِي سطح الْجلد وَحرق النَّار. وَإِذا اسْتعْمل بموم مذاب بدهن الآس أدمل القروح الْعَارِضَة للبدن وَحرق النَّار. وَمَتى خلط بعد سحقه بقلقنت منع القروح النملية أَن تَنْتَشِر.
وَمَتى تدخن بِهِ أخرج المشيمة والجنين.
وَمَتى شرب عقل الْبَطن وَأمْسك الْبَوْل.
وَمَتى دق ورق هَذِه الشَّجَرَة وتضمد بِهِ سكن الأورام الحارة وَمنع الخراجات الطرية أَن تنزف.
وَمَتى طبخ بخل وتمضمض بِهِ حارا سكن وَجمع الْأَسْنَان.
وَمَتى شرب مِنْهُ وزن دِرْهَم وَنصف بِمَاء أَو بِمَاء الْعَسَل وَافق من بكبده عِلّة.
وَإِذا شقّ خَشَبَة وَقطع صغَارًا وطبخ بخل وَأمْسك طبيخه فِي الْفَم سكن وجع الْأَسْنَان.
ودخانه يصلح للأكحال المحسنة لهدب الْعين وتساقط الأشفار والدمعة والمآفي المتأكلة.
وَأما قضم قُرَيْش بزر شجر التنوب فقوته قابضة مسخنة إسخانا يَسِيرا ينفع من السعال ووجع الصَّدْر وَحده وَمَعَ الْعَسَل.
وصمغ التنوب الرطب الَّذِي يُسمى لأركس فَإِنَّهُ عَظِيم النَّفْع من السعال المزمن إِذا لعق وَحده.
وَأما الزفت الرطب وَيكون من التنوب والأرز فَإِنَّهُ يصلح للأدوية القتالة. وَمَتى لعق مِنْهُ أُوقِيَّة وَنصف بِعَسَل كَانَ صَالحا لمن كَانَت فِي رئته قرحَة وَلمن فِي صَدره قيح وللسعال المزمن والربو.
وَإِذا تحنك بِهِ كَانَ صَالحا للورم الَّذِي فِي العضل الَّذِي عَن جَنْبي الْحُلْقُوم ولورم اللهاة والخوانيق. وَمَتى اسْتعْمل بدهن الْورْد نفع من الرُّطُوبَة السائلة من الْأذن.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْملح كَانَ نَافِعًا من نهش الْهَوَام. وَإِذا خلط بِجُزْء مسَاوٍ لَهُ من الموم قلع الْآثَار الْبيض الَّتِي فِي الْأَظْفَار والقوابي وحلل الخراجات والصلابات الَّتِي فِي الرَّحِم والمقعدة.
وَمَتى طبخ بدقيق الشّعير وَبَوْل صبي فتح الْخَنَازِير.
(6/63)
وَإِذا خلط بالكبريت أَو بقشر التوت أَو النخالة ولطخ بِهِ على النملة منعهَا من أَن تسْعَى. وَإِن)
خلط بدقاق الكندر والموم ألحم القروح العتيقة.
وَإِذا لطخ بِهِ مُفردا على الرجل والمقعدة وَافق الشقاق الَّذِي فيهمَا.
وَإِذا خلط بالعسل نقي الْجِرَاحَات والقروح وَبني فِيهَا اللَّحْم. وَمَتى خلط بالزيت وَالْعَسَل قلع الخشكريشة الْعَارِضَة من الْجَمْر وعفونة القروح. ويخلط بالمراهم المعفنة. وَمَتى ضمد بِهِ فِي دَاء الثَّعْلَب أنبت الشّعْر فِيهِ.
والدهن الَّذِي يجمع من الزفت مَتى طبخ وَيُسمى قسالاون يصلح لما يصلح لَهُ الزفت وهما جَمِيعًا يبرئان قُرُوح الْمَوَاشِي وجربها إِذا لطخا عَلَيْهَا.
ودخان الزفت حَار قَابض يدْخل فِي الْأَدْوِيَة المحسنة لهدب الْعين وَالَّتِي تنْبت الأشفار المتناثرة والدمعة وَضعف الْعين والقروح فِيهَا.
وَأما الزفت الْيَابِس وَهُوَ يكون من الرطب إِذا طبخ فَهُوَ مسخن ملين مفتح مُحَلل للخراجات والغدد المائلة إِلَى خَارج الكائنة من الصَّفْرَاء ولورم العضل.
وَقَالَ جالينوس: إِن الزفت الْيَابِس يشفي القروح الْحَادِثَة فِي الْأَبدَان الَّتِي مزاجها حَار يَابِس ويهيج وينفر الَّتِي فِي الْأَبدَان اللينة.
والدهن الَّذِي يكون من الزفت الرطب قريب من القطران.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ أفرد ذكره: إِن الْيَابِس يسخن ويجفف فِي الثَّالِثَة وتجفيفه أَكثر من إسخانه فَأَما الرطب فاسخانه أَكثر من تجفيفه وَفِيه شَيْء من اللطافة من أجلهَا صَار نَافِعًا والنوعان من الزفت جَمِيعًا فيهمَا شَيْء يجلو وَشَيْء ينضج وَشَيْء يحلل كَمَا أَنَّهُمَا عِنْد المذاق يُوجد فيهمَا شَيْء حريف حَار وَكَأَنَّهُ مر وَلذَلِك صَارا كِلَاهُمَا يقلعان الْأَظْفَار مَتى حدث فِيهَا الْبيَاض عِنْد مَا يخلطان بالشمع ويذهبان أَيْضا القواي وينضجان جَمِيع الأورام الصلبة الَّتِي لَا تنضج إِذا وَقعا فِي الأضمدة. واقواهما فِي هَذِه الْوُجُوه كلهَا الزفت الرطب.
فَأَما الزفت الْيَابِس فَهُوَ فِي هَذِه الْخِصَال قَلِيل الْغناء وَهُوَ فِي إدمال الْجِرَاحَات ومواضع الضَّرْب أبلغ وأنفع وَهَذَا بِمَا يدل على أَنه يخالط الزفت الرطب شَيْء من رُطُوبَة حادة لَيست باليسيرة.
فَأَما دهن الزفت الَّذِي يكون مِنْهُ فَهُوَ مثله إِلَّا أَن جوهره ألطف.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي قضم قُرَيْش: إِن قوته منقية لِأَنَّهُ يقبض وَفِيه أَيْضا شَيْء من حِدة وحرافة مَعَ مرَارَة فَهُوَ لذَلِك نَافِع لما ينفث من الصَّدْر والرئة.)
(6/64)
وَقَالَ بديغورس: خَاصَّة الزفت التجفيف.
وَقَالَ أريباسيوس فِي الزفت الرطب بعض قَول ج وَقَالَ فِي مَوضِع قذف الْمرة: ينفع الَّذين قد اجْتمعت فِي صُدُورهمْ مرّة.
وَقَالَ بولس فِي الْجَمْر: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة وَلذَلِك يلصق الْجِرَاحَات الَّتِي بدمها.
وَقَالَ: الزفت الْيَابِس يجفف فِي الثَّانِيَة ويسخن دونهَا. وَالرّطب على حَال فِيهِ إنضاج وَهُوَ يحلل وَفِيه حرافة وَلذَلِك يقْلع برص الْأَظْفَار وبياضها وينقي القوباء وينضج الأورام. والزفت الرطب أقوى من الْيَابِس حَتَّى أَنه نَافِع لأَصْحَاب السمنة وَمن بِهِ خراج فِي صفاق الْجنب إِذا خلط مَعَ فريبثا. والزفت الْيَابِس يلصق الْجِرَاحَات أَكثر من الرطب.
وَقَالَ أَبُو جريج فِي الزفت: حَار يَابِس نَافِع من القروح ويجففها وينبت اللَّحْم الطري وَيحل الْخَنَازِير والفقر دونه فِي ذَلِك.
وَقَالَ الدِّمَشْقِي: الْجَمْر يجلو الْبيَاض من الْعين.
وَقَالَ الخوزي: إِن الزفت أَشد حرارة.
تفاح قَالَ فِيهِ د: إِن ورقه وزهره وعصارته قابضة وثمره إِن كَانَ غضا. وَأما التفاح الربيعي فَإِنَّهُ يُولد مرّة صفراء ويولد نفخا ويضر بالعصب وَمَا كَانَ من جنسه.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: مَا كَانَ مِنْهُ مسيخ الطّعْم فالمائية عَلَيْهِ أغلب ومزاجه لذَلِك أرطب وأبرد مَعًا. وَأما الَّذِي الْغَالِب عَلَيْهِ العفوصة فالأغلب عَلَيْهِ المزاج الأرضي الْبَارِد. وَأما الْقَابِض مِنْهُ فَفِيهِ هَذَا الْجَوْهَر والجوهر المائي الْبَارِد كَمَا أَن فِي الحلو جوهرا مائيا معتدل المزاج فِي الْحر وَالْبرد.
وَكَذَلِكَ يخْتَلف ورق شجرته وعصارته ولحاؤه. وَلذَلِك قد يمكنك أَن تسْتَعْمل مَا هُوَ أَشد قبضا وَأكْثر حمضة فِي إدمال الْجِرَاحَات وَمنع التحلب فِي ابْتِدَاء الأورام وتقوية فَم الْمعدة والمعدة إِذا استرخت.
وَيسْتَعْمل الْفَج مِنْهُ فِي ابْتِدَاء الأورام وتزيدها.
وَفِي جَمِيع التفاح رُطُوبَة فضلية كَثِيرَة وتعرف ذَلِك من عصارته فانها تحمض سَرِيعا وتفسد سَرِيعا إِلَّا مَا كَانَ مِنْهُ شَدِيد الْقَبْض فَإِنَّهُ أبقى. وَمَتى طبخت مَعَ الْعَسَل جَمِيع أَنْوَاع عصارته بقيت وَأما وَحدهَا فَإِنَّهَا تفْسد سَرِيعا.)
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِنَّه بِحَسب مَا بَينا قبل تعلم أَن الْقَابِض مِنْهُ وَمن السفرجل يولدان خلطا بَارِدًا أرضيا والحامض يُولد خلطا بَارِدًا لطيفا والحلو خلطا إِلَى الْحَرَارَة أميل والتفه خلطا مائيا بَارِدًا.
وَيجب أَن تسْتَعْمل الْقَابِض لضعف الْمعدة من حرارة مفرطة أَو رُطُوبَة كَثِيرَة والعفص إِذا غليت الْحَرَارَة والرطوبة والحامض مَتى ظَنَنْت أَن فِي الْمعدة خلطا غليظا لَيْسَ بالبارد
(6/65)
جدا.
والقابض يعقل الْبَطن فَأَما الحامض فَإِنَّهُ مَتى صَادف فِي الْمعدة خلطا غليظا قطعه وأحدره فيرطب لذَلِك البرَاز وَمَتى صادفها نقية كَانَ أَحْرَى لحبس الْبَطن.
والحلو إِن كَانَ خلوا من الحدة والغلظ كَانَ أَحْرَى بِحَبْس الْبَطن وَمَتى كَانَ بِخِلَاف ذَلِك فَهُوَ فَأَما التفه فردئ لِأَنَّهُ لَا لذاذة لَهُ وَلَا يُقَوي الْمعدة وَلَا يحبس الْبَطن.
والتفاح الْفَج وَإِن كَانَ جيد الْجِنْس ردئ لِأَنَّهُ عسر الهضم بطئ النّفُوذ.
والتفاح النضج إِذا ألبس عجينا أَو طينا معتدل الغلظ وشوي فِي رماد حَار نفع فِي الْأَمْرَاض كثيرا إِذا اسْتعْمل مرّة قبل الطَّعَام وَمرَّة بعده فِي قلَّة الشَّهْوَة وبطء الاستموراء والقيء والذرب وقروح المعي.
وأجود التفاح لهَذَا العفص لِأَن هَذَا إِذا عولج بالشَّيْء صَار لَهُ قبض معتدل. وَأما المعتدل الْقَبْض من الأَصْل فَإِنَّهُ إِذا شوى ذهب قَبضه كُله فَتبْطل لذَلِك هَذِه الْأَفْعَال عَنهُ. وَهَذَا القَوْل من جالينوس فِي التفاح والسفرجل فِي كتاب الأغذية.
وَقَالَ ابْن ماسويه: يَنْبَغِي للمحرور وَلمن فِي معدته بلغم لزج أَن يَأْكُل مَا حمض من التفاح وَيشْرب بعده نبيذا صرفا وَمن يُرِيد دبغ معدته الَّتِي قد ضعفت من الرُّطُوبَة أَو من عقل الطبيعة فَليَأْكُل العفص.
والحلو مِنْهُ جيد لمن معدته بَارِدَة والتفه ردئ وَالَّذِي لم ينضج مِنْهُ على شَجَره مؤذ جدا لَا يَنْبَغِي التَّعَرُّض لَهُ. وَكَذَلِكَ جَمِيع الْفَاكِهَة التفهة النِّيَّة الَّتِي لم تنضج على شَجَرهَا لِأَنَّهَا فِي هَذِه الْحَال بطيئة الهضم لَا تسلك فِي الْعُرُوق سلوكا هينا وتولد خلطا صلبا جاسيا وتورث المكثر وَمن كَانَت علته من حرارة أطْعم التفاح الحامض مسلوقا ونيا ومشويا بعجين يطلى عَلَيْهِ لِئَلَّا يَحْتَرِق يطعم إِيَّاه مَعَ الْخبز ليقوي معدته ويشهيه الطَّعَام وَإِذا كَانَت طَبِيعَته منطلقة أطْعمهُ أَيْضا مِنْهُ لحبس الطَّعَام فِي معدته وَهُوَ مَحْمُود أَيْضا من الْقَيْء الْمُتَوَلد من الصَّفْرَاء وَلَا سِيمَا المزمنة)
والعفص مِنْهُ. وَكَذَلِكَ سويقه إِذا خلط مَعَ مَاء الرُّمَّان المز وَمَاء الحصرم وطبخ طبخا بليغا فعل فِي تسكين القئ وتقوية الْمعدة وَقطع الإسهال الْمُتَوَلد عَن الْمرة الصَّفْرَاء مثل فعله.
وخاصة التفاح ان إدمانه يُولد أوجاعا فِي العصب.
وَسَوِيق التفاح يسكن القئ وَيُقَوِّي الْمعدة ويشد الطبيعة مَا لم يكن فِيهِ سكر.
وشراب التفاح الْمُتَّخذ بِغَيْر عسل نَافِع للصفراء مسكن للقئ عَاقل للبطن.
تامول قَالَ بديغورس: خاصته تَقْوِيَة فَم الْمعدة.
قَالَ ماسروجويه: إِن فِيهِ حِدة ولطافة وَيُقَوِّي اللثة والأسنان والمعدة.
(6/66)
تمرهندي قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه يُطْفِئ الصَّفْرَاء وَيقطع الْعَطش ويسكن القئ الذريع وَيقبض الْمعدة المسترخية من كَثْرَة القئ.
ماسرجويه: إِنَّه كالإجاص غير أَنه ألطف وَأَقل رُطُوبَة.
توذري ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكر اوروسيمن
ترنجبين قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه صَالح يقطع الْعَطش ويسهل بِرِفْق ويسكن لهيب الصَّدْر ولهيب الْحمى.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه جيد فِي الْحمى الحادة لتليين الْبَطن.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه معتدل فِي الْحر وَالْبرد وَرطب نَافِع من الْحمى الحادة مَعَ يبس الطبيعة.
قَالَت الخوز: إِنَّه نَافِع جدا للحمى الصالب لَا عديل لَهُ.
توذرنج قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه حَار كحرارة الْحَرْف يسهل نفث الأخلاط وَيحل الأورام الصلبة.
قَالَ: وَيَقُول فِيهِ د: إِنَّه مَتى ضمد بِهِ مَعَ مَاء الْعَسَل السرطان غير المتقرح نفع وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه ديسقوريدوس أوروسيمن.
توت قَالَ د: ثمره يلين الْبَطن وَيفْسد فِي الْمعدة سَرِيعا رَدِيء للمعدة وعصارته أَيْضا كَذَلِك. وَمَتى وَإِن خلط بهَا شَيْء يسير من الْعَسَل كَانَت صَالِحَة لمنع الْموَاد من التحلب إِلَى الْأَعْضَاء والقروح الخبيثة والورم الْحَار فِي عضل الْحلق. وَمَتى صير فِيهَا شب وعفص وَسعد وَمر وزعفران وثمر الطرفا وأصل السوسن الأسمانجوني قويت جدا.
والتوت الغض المجفف يسْتَعْمل بدل السماق وَهُوَ نَافِع من الإسهال المزمن.
وقشر شجرته إِذا طبخ بِالْمَاءِ وَشرب طبيخه أسهل الْبَطن وَأخرج حب القرع ونفع من شرب الشوكران.
وورق التوت إِذا دق وسحق وخلط بالزيت وتضمد بِهِ أَبْرَأ حرق النَّار. وَإِذا طبخ مَعَ ورق الْكَرم وورق التِّين الْأسود بِمَاء الْمَطَر سود الشّعْر. وَمَتى شرب من عصارة الْوَرق أُوقِيَّة وَنصف نفع من نهشة الرتيلا. وطبيخ القشر وَالْوَرق إِذا تضمد بِهِ على السن الوجعة أَزَال الوجع. وَمَتى تمضمض بِهِ وَافق وجع الْأَسْنَان.
ودمعة التوت تصلح لوجع الْأَسْنَان وَتحل الخراجات وتسهل الْبَطن.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: ثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة إِذا كَانَت نضيجة أطلقت الْبَطن. وَمَتى جففت
(6/67)
قبل أَن تنضج فَإِنَّهُ دَوَاء يحبس الْبَطن حبسا شَدِيدا حَتَّى انها لتصلح لقروح المعي وللاستطلاق وَجَمِيع الْعِلَل الَّتِي من جنس التحلب ويخلط مَعَ الأضمدة كالسماق وَيشْرب بِالْمَاءِ وَالشرَاب.)
وَكَذَلِكَ رب التوت فَإِنَّهُ يصلح لِأَشْيَاء كَثِيرَة مِمَّا يحْتَاج فِيهَا إِلَى قبض يسير.
فَأَما التوت الْفَج فَفِيهِ مَعَ الْقَبْض حمضة.
وَقُوَّة شَجَرَة التوت منقية مركبة من الْقُوَّة الْمَانِعَة وَمن الْقُوَّة المسهلة مَعَ شَيْء من المرارة حَتَّى أَن هَذَا اللحاء يقتل حب القرع.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن التوت إِذا وَقع فِي معدة نقية وَأكل قبل الطَّعَام نفذ من الْمعدة سَرِيعا جدا ويسهل الْخُرُوج لسَائِر الأغذية. وَمَتى أكل بعد الطَّعَام وَفِي الْمعدة خلط ردي أسْرع فَسَاده جدا وفساده فَسَاد سوء غَرِيب لَا ينْطق بِهِ يضر مضرَّة عَظِيمَة.
وَفِي التوت الْفَج إِذا جفف كَانَ مِنْهُ دَوَاء فائق يصلح لمداواة قُرُوح المعي والذرب الطَّوِيل اللّّبْث وَهُوَ استطلاق الطبيعة.
فَأَما سرعَة انحدار التوت النضج من الْبَطن فَيمكن أَن يكون ذَلِك لرطوبة جوهره ولزوجته وَيُمكن أَن يفعل ذَلِك بكيفية مُخَالطَة لَهَا فضل حِدة وحرافة تحرّك الْبَطن وخليق أَن يكون فِي التوت قُوَّة مسهلة من جنس الْأَدْوِيَة ضَعِيفَة وَمَتى لم يفْسد التوت فِي الْمعدة فَهُوَ لَا محَالة يرطب وَلَا يبرد إِلَّا أَن يكون قد أكل مبردا. وَالَّذِي ينَال الْجِسْم من غذائه يسير جدا كَمثل الْبِطِّيخ إِلَّا أَنه لَيْسَ برديء للمعدة وَلَا يهيج مِنْهُ القئ كَمثل الْبِطِّيخ.
قَالَ ابْن ماسويه: الحلو مِنْهُ يسير الْحَرَارَة ملين للطبيعة والحامض مِنْهُ بَارِد يَابِس يعقل الْبَطن وَيدْفَع القئ ويدبغ المعي ويشهي الطَّعَام وَأكله على الرِّيق أَحْمد وأسرع انحدارا وَهُوَ يسهل الْخُرُوج للطعام. وَمَتى أكل بعد الطَّعَام عفن فِي الْمعدة وأفسد الطَّعَام إِلَّا أَنه يدر الْبَوْل وَلَيْسَ هُوَ لأحد أصلح مِنْهُ لمن معدته حارة وخاصة إِن كَانَ مبردا.
والحامض مِنْهُ نَافِع لوجع الْحلق الْعَارِض من الْحَرَارَة وَلَا سِيمَا إِذا عصر وطبخ بعقيد الْعِنَب وَالْعَسَل والمر والزعفران والأقاقيا والشبث والعفص وثمر الطرفا.
وَجُمْلَة نِسْبَة التوت إِلَى الْبرد أَكثر من نسبته إِلَى الْحر وَهُوَ مشه للطعام إِذا أكل على الرِّيق.
وخاصته إدرار الْبَوْل.
وَقَالَ ج فِي كتاب الكيموس إِن التوت إِذا انحدر قبل الطَّعَام وَقبل فَسَاده لم يفعل فعلا رديئا الْبَتَّةَ إِلَّا أَن يكثر مِنْهُ.
توتيا قَالَ د: قوتها قابضة مبردة تملأ القروح لَحْمًا منقية مغرية مجففة تجفيفا يَسِيرا.
(6/68)
ج قَالَ: إِذا غسلت التوتيا صَارَت دَوَاء أَشد تجفيفا من كل شَيْء مجفف من غير لذع فَهُوَ لذَلِك نَافِع للقروح السرطانية وَغَيرهَا من القروح الخبيثة وَقد يخلط أَيْضا فِي الشيافات للعين إِذا كَانَ ينحدر إِلَيْهَا شَيْء من الْموَاد وَفِي أدوية النفاخات والقروح الْحَادِثَة فِي الْعين وَهُوَ أَيْضا أفضل دَوَاء تداوى بِهِ قُرُوح المقعدة والمذاكير الخبيثة مِنْهَا وَفِي الْعَانَة لشدَّة تجفيفه بِلَا أَذَى وَلَا لذع.
وَقَالَ فِي الْخَامِسَة من الميامر: إِن التوتيا المغسول شَأْنه أَن يجفف الرطوبات السائلة إِلَى الْعين تجفيفا معتدلا وَيمْنَع الرُّطُوبَة الفضلية المحتقنة فِي عروق الْعين من النّفُوذ والمرور فِي نفس طَبَقَات الْعين.
تسميزج قَالَ ابْن ماسه وَقَالَ بولس: إِنَّه حَار يَابِس قَابض نَافِع من الرمد وأوجاع الْعين الحادة.
تمساح قَالَ بولس: زبل التمساح يرق الْبيَاض الَّذِي فِي الْعين.
وَقَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: الَّذين يعضهم التمساح مَتى أخذُوا شَحم التمساح فوضعوه على مَوضِع العضة شفَاه من سَاعَته. قَالَ وَقد جربت ذَلِك.
تين قَالَ د: الطري النضج ردي للمعدة مسهل للبطن إسهالا يسهل انْقِطَاعه يجلب الْعرق واليابس مِنْهُ مغذ مسخن معطش ملين للطبيعة غير مُوَافق لسيلان الْموَاد إِلَى الْمعدة والمعي مُوَافق للحلق وقصبة الرئة والمثانة والكلى والربو وَتغَير اللَّوْن من مرض مزمن وَمن الصرع والحبن.
وَمَتى طبخ مَعَ الزوفا وَشرب نقي فضول الصَّدْر ونفع من السعال المزمن والأوجاع المزمنة فِي الصَّدْر. وَمَتى دق بنطرون وقرطم وَأكل لين الْبَطن.
وغذا تغرغر بطبيخه وَافق الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي قَصَبَة الرئة وعضل الْحلق. ويطبخ مَعَ دَقِيق الشّعير وَيسْتَعْمل فِي ضماد الْأَرْحَام مَعَ حلبة أَو مَعَ حشيش الشّعير وَيعْمل مِنْهُ مَعَ السذاب حقنة للمغس. وَإِذا دق بعد الطَّبْخ وتضمد بِهِ حل الجساء والأورام الْعَارِضَة فِي أصل الْأذن. ويلين الدمل وينضج الأورام الحارة الكائنة فِي اللَّحْم الرخو وخاصة مَتى خلط بالإيرسا والنطرون أَو النورة. وَإِذا اسْتعْمل مَعَ قشر الرُّمَّان أَبْرَأ الداحس. وَإِذا اسْتعْمل مَعَ القلقنت أَبْرَأ قُرُوح السَّاقَيْن الخبيثة الَّتِي يعسر اندمالها أَو الَّتِي يسيل مِنْهَا الْموَاد. وَمَتى طبخ بشراب وخلط بأفسنتين ودقيق شعير نفع المحبونين.
وَإِذا أحرق وخلط بقيروطي مداف بِزَيْت عذب أَبْرَأ الشقاق الْعَارِض من الْبرد. وَإِذا دق وسحق وخلط بخردل مسحوق بِالْمَاءِ وصير فِي الْأذن أَبْرَأ دويها وحكتها.
وَلبن التِّين الْبري والبستاني يجمد اللَّبن الذائب ويذيب الجامد ويقرح الْأَبدَان وَيفتح أَفْوَاه الْعُرُوق. مَتى شرب بلوز مسحوق وأصبت فِي نُسْخَة قديمَة: بنشاستج أسهل الْبَطن وألان صلابة الرَّحِم.
(6/69)
وَمَتى احْتمل بصفرة الْبيض أَو بالموم الدسم الصافي نقي الرَّحِم وأدر الطمث. وَإِذا خلط بدقيق الحلبة نفع النقرس إِذا ضمد بِهِ مَعَ خل. وَمَتى خلط بِهِ سويق جلا الجرب المتقرح وَغير المتقرح والقوبا والكلف والبهق.
وينفع من لسعة الْعَقْرَب إِذا قطر عَلَيْهَا وَمن ذَوَات السمُوم وعض الْكلاب. وَإِذا جعل فِي صوفة وَجعل فِي تَأْكُل الْأَسْنَان سكن وجعها. وَمَتى وضع مَعَ شَحم حول الثآليل النملية قلعهَا.
وعصارة أَغْصَان التِّين الْبري كَذَلِك إِذا لم يكن ظهر وَرقهَا بعد فَإِنَّهَا تدق وتعصر وتجفف عصارتها وتستعمل فِي جَمِيع مَا يسهل فِيهِ لبن التِّين ويدخلان جَمِيعًا فِي الْأَدْوِيَة المقرحة. وَمَتى)
طبخت الأغصان مَعَ لحم الْبَقر نضج سَرِيعا.
وَإِذا حرك اللَّبن بِهِ لطبخ مَاء الْجُبْن كَانَ مَاء الْجُبْن مُطلقًا للبطن.
وَأما الجميز: فمسهل للبطن قَلِيل الْغذَاء رَدِيء للمعدة.
وَلبن الجميز ملين ملزق للجراحات مُحَلل للأورام الْعسرَة الْبُرْء والتحلل. وَيشْرب ويتمسح بِهِ نهش الْهَوَام وجسأ الطحال ووجع الْمعدة والاقشعرار.
وَأما التِّين الْفَج فَإِنَّهُ مَتى طبخ وتضمد بِهِ لين العقد والخنازير وَإِذا لم يطْبخ وخلط بِهِ نطرون ودقيق وتضمد بِهِ قلع الثآليل النملية. وَالْوَرق يفعل ذَلِك. والتين الْفَج مَتى تضمد بِهِ بخل وملح أَبْرَأ القروح الرّطبَة الكائنة فِي الرَّأْس والشرى. وَقد تدلك بِهِ الجفون الخشنة المتشققة ويضمد بِهِ البهق الْأَبْيَض أَعنِي بورق التِّين الْأسود الثَّمر وأغصانه.
والتين الْفَج مَتى خلط بِعَسَل نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب والقروح الَّتِي يسيل مِنْهَا رطوبات عسلية. وَمَتى جعل مَعَه ورق الخشخاش الْبري أخرج قشور الْعِظَام. وَإِذا خلط بِهِ موم حل الدمامل. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ كرسنة وبشراب نفع من عضة ابْن عرس.
وَإِذا أحرق خشب التِّين وأنقع رماده فِي مَاء وصفي بعد أَخذ قوته وأعيد فِيهِ من الرماد مَرَّات كَثِيرَة ثمَّ عتق بعد ذَلِك يدْخل فِي الْأَدْوِيَة المقرحة والقروح الخبيثة. وَيَأْكُل اللَّحْم الزَّائِد.
ويحقن بِهِ لقرحة المعي والسيلان المزمن كالبواسير والنواصير وَفِي القروح الْعَظِيمَة المتعفنة العميقة لِأَنَّهُ يقطع اللَّحْم الْفَاسِد ويلحم ويلصق أَيْضا مثل الْأَدْوِيَة الملزقة للجراحات الطرية.
ويسقى مِنْهُ غير مُعتق لجمود الدَّم فِي الْبَطن من سقطة وَغير ذَلِك. ويسقى مِنْهُ أُوقِيَّة وَنصف لمن بِهِ إسهال مزمن ولقروح المعي.
وَإِذا خلط بِزَيْت وتمسح بِهِ جلب الْعرق ونفع من وجع العصب والفالج.
وشراب التِّين لطيف نافخ للمعدة رَدِيء لَهَا يقطع شَهْوَة الطَّعَام ويسهل الْبَطن ويدر الطمث وَيكثر اللَّبن ويولد دَمًا رديا ويعرض مِنْهُ دَاء الْفِيل مثل مَا يعرض من الفقاع.
(6/70)
وَقد تحرق أَغْصَان التِّين وتستعمل على مَا ذكرنَا فِي كتاب الصَّنْعَة وتستعمل بدل التوتيا.
وَقَالَ ج: إِن رماد التِّين ورماد البلوط ورماد اليتوع أَشد وَأقوى الرماد جلاء. ورماد التِّين واليتوع قريبان من الْأَدْوِيَة المعفنة.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي الجميز: إِن قوته جاذبة محللة وَذَلِكَ بِسَبَب لبنه. وَمَتى طبخ هَذَا التِّين)
حلل الأورام الصلبة. وَمَتى وضع غير مطبوخ قلع الخيلان والتوته.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ أفرد ذكره: إِن التِّين الْيَابِس قوته حارة فِي الأولى عِنْد انْقِضَائِهَا أَو فِي ابْتِدَاء الثَّانِيَة وَله لطافة ولهاتين الخصلتين صنار يفنى بانضاج الأورام الصلبة وتحليلها مَعًا فقوة التِّين الْيَابِس إِذا اسْتعْمل وَحده ضمادا على مَا وصفت وَيجب إِذا كَانَ قصدك الإنضاج أَن تخلط بِهِ دَقِيق شعير فَإِن أردْت أمرا وسطا بَين هذَيْن فاخلط بِهِ خبْزًا. والتين اللحيم أَكثر إنضاجا وَالَّذِي فِي طعمه حِدة وحرافة أَكثر جلاء وتحليلا.
وعقيد التِّين شبه الْعَسَل فِي الْقُوَّة.
وَأما التِّين الرطب فقوته ضَعِيفَة من أجل المائية. وَالرّطب واليابس مِنْهُ مطلقان للبطن.
وَأما التِّين الْبري فقوته حارة محللة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي البستاني إِذا كَانَ فجا لم ينضج لما يخالطه من لبن شجر التِّين.
وَأما شَجَرَة التِّين فمزاجها حَار لطيف كَمَا يدل على ذَلِك لينها وعصارتها وورقها فَإِن كل وَاحِد من هَذِه يسخن إسخانا شَدِيدا وَلذَلِك صَار كل وَاحِد مِنْهَا مَعَ مَا يلذع ويجلو جلاء قَوِيا قد يحدث فِي الْأَجْسَام قروحا وَيفتح أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة ويقلع الثآليل الَّتِي تعرف بالخيلان وينثرها نثرا ويسهل الْبَطن.
فَأَما لبن شجر التِّين الْبري وعصارة وَرقهَا فهما فِي كل شَيْء فِي هَذِه الْخِصَال أقوى من البستاني.
وَأما قضبان شجر التِّين فلهَا من الْحَرَارَة ولطافة المزاج مَا يبلغ أَن يهرئ لحم الْبَقر الصلب مَتى طبخت مَعَه.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي التِّين الْجبلي: قُوَّة هَذِه الشَّجَرَة تجلو وفيهَا مَعَ هَذَا حِدة وحرافة وَلذَلِك مَتى وضعت أَغْصَانهَا ضمادا على الثآليل المنكوسة الْمَعْرُوفَة برؤوس المسامير وعَلى الخيلان بترها وَكَذَلِكَ لبنه إِذا طلي وعولج بِكُل وَاحِد من هذَيْن مَعَ الْعَسَل قلع الالتواء وأذهب الْأَثر الغليظ الْحَادِث فِي الْعين وجلاه وهما بالغان للظلمة وَابْتِدَاء المَاء من أجل أخلاط غَلِيظَة.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن الَّذِي يجمد من التِّين إِنَّه ينحدر عَن الْمعدة سَرِيعا وَينفذ فِي جَمِيع الْجِسْم نفوذا سَرِيعا وَيخرج عَنهُ أَيْضا خُرُوجًا سَرِيعا وَذَلِكَ من أجل الْجلاء الْقوي
(6/71)
الَّذِي فِيهِ وَلذَلِك يخرج مِمَّن يَأْكُلهُ من أَصْحَاب وجع الكلى رملا كثيرا. وَهُوَ أَكثر غذَاء من سَائِر الْفَوَاكِه)
إِلَّا أَن اللَّحْم الْمُتَوَلد مِنْهُ لَيْسَ بمكتنز كَاللَّحْمِ الْمُتَوَلد من الْخبز وَاللَّحم وَفِيه نفخة لمَكَان سرعَة انحداره ضار يَسِيرا وَلذَلِك هُوَ أقل مضرَّة من سَائِر الْفَوَاكِه.
وللنضج مِنْهُ على غير النضج فضل كثير جدا. والتين النضج الْجيد قريب من أَلا يضر لِأَنَّهُ شَبيه بِالتِّينِ الْيَابِس.
وَفِي التِّين الْيَابِس خلال حميدة كَثِيرَة وينقي الكليتين إِلَّا أَنه لَيْسَ بجيد الدَّم جدا وَلذَلِك يقمل.
وقوته مُطلقَة مقطعَة وبهذه الْقُوَّة يُطلق الْبَطن وينقي الكليتين.
وَأما الكبد وَالطحَال فَإِنَّهُ إِن كَانَ فيهمَا ورم فالتين الْيَابِس يضرهما وَكَذَلِكَ الطري وَإِنَّمَا يضرهما بِالْقُوَّةِ الْعَامَّة لجَمِيع الْأَطْعِمَة والأشربة الحلوة وَلَا بِشَيْء يخص التِّين. وَإِن كَانَ فيهمَا سددا وجسأ فالتين الْيَابِس وَحده لَا يضرهما وَلَا ينفعهما لكنه مَتى خلط بالأدوية القطاعة نفع نفعا بَينا عَظِيما وَلذَلِك صَار الْأَطِبَّاء يطْعمُون من كبده أَو طحاله وارمتين شَيْئا مِمَّا وَصفنَا قبل وَقت الطَّعَام بِكَثِير التِّين الْيَابِس مَعَ الحاشا أَو مَعَ الفلفل والزنجبيل والفوتنج النَّهْرِي أَو الزوفا.
وعَلى هَذَا الْمِثَال إِذا أكل التِّين مَعَ شَيْء آخر مِمَّا قوته حريفة حادة. وَبِالْجُمْلَةِ مَعَ شَيْء لطيف قطاع كَانَ نَافِعًا لَا لمن كبده وطحاله بِالْحَال الَّتِي وَصفنَا بل وللأصحاء أَيْضا. وَذَلِكَ أَنه من الحزم فِي حفظ الصِّحَّة أَن تكون منافذ الْغذَاء مَفْتُوحَة لَا فِي المرضى بل وَفِي الأصحاء وَلذَلِك صَار كثير من النَّاس يَأْكُلُون التِّين الطري مَعَ ملح يَابِس مُطيب بأَشْيَاء قوتها قُوَّة مُطلقَة ملطفة وَمَعَ خل ومري وَهُوَ أَن التجارب أوقفتهم على منفعَته هَكَذَا فَإِن أكل مَعَ شَيْء من الْأَطْعِمَة الغليظة فَإِن ضَرَره يعظم بِحَسب ذَلِك.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن التِّين النضج قريب من أَلا يضر وكقوة الْعِنَب النضج
(6/72)
فَأَما التِّين الْيَابِس فَإِنَّهُ قد يكون فِي أَحْوَال حَافِظًا للصِّحَّة وَذَلِكَ إِذا أسْرع الْمُرُور عَن الْمعدة فَإِنَّهُ يسهل عبور الْغذَاء حَتَّى فِي الْجلد والكلى وَكَانَ جيد الكيموس فَإِن أَبْطَأَ مَال وقتا بعد وَقت إِلَى رداءة الكيموس وَولد فضلا كثيرا وَإِذا أكل بالجوز جاد كيموسه جدا وَكَذَلِكَ مَعَ اللوز لِأَن فِي اللوز قُوَّة الْجلاء إِلَّا أَن كيموسه مَعَ اللوز دون كيموسه مَعَ الْجَوْز وغذاؤه دون غذائه مَعَ الْجَوْز.
وَقَالَ ارخيجانس: التِّين الرطب حَار رطب رَدِيء الْخَلْط لكنه يخرج سَرِيعا.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: التِّين يُطلق الْبَطن ويسرع الهضم وينحدر بِلَا تَعب وَهُوَ ممروخ واليابس أسْرع انحدارا وانهضاما وغذاؤه كَاف. وَهُوَ أسخن من الرطب وأخف.)
وَقَالَ اريباسيوس فِي الجميز: إِنَّه لطيف يسير الْحَرَارَة وَلذَلِك يجذب من عمق الْجِسْم ويحلل مَا اجتذب بِلَا لذع وَلَا أَذَى.
وَقَالَ: التِّين الْيَابِس يسخن إسخانا قَلِيلا وَفِيه لطافة أَيْضا وَمن قبل هذَيْن الْأَمريْنِ ينضج الأورام اللطيفة ويحللها أَيْضا.
فَأَما التِّين الْبري فَفِيهِ قُوَّة محللة حارة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي التِّين البستاني الْفَج.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن اللَّحْم الْمُتَوَلد مِنْهُ مكتنز بِالْإِضَافَة إِلَى سَائِر الْفَوَاكِه وَإنَّهُ يجلو المثانة والكلى وَيخرج مَا فيهمَا من الفضول وَهُوَ أقل الْفَوَاكِه نفخا ويجلو الكبد وَالطحَال.
وَمَتى أكل بالمري نقي الْخَلْط البلغمي الْعَارِض للمعدة نَافِع للصدر والرئة والكلى والمثانة وَهُوَ يقمل وَلذَلِك يجب الإقلال مِنْهُ.
وَالرّطب مِنْهُ أَحْمد من الْيَابِس والأبيض من الْأسود وَالْأسود جيد إِلَّا أَنه دونه. وَإِذا كثر مِنْهُ أقمل الثِّيَاب وخاصة الرطب.
وَحكى عَن حَكِيم بن حنين: أَنه حكى عَن جالينوس أَن التِّين إِذا كَانَ مطبوخا مَعَ عسل وَجعل مِنْهُ خبز سميد وَمن القنة شَيْء يسير وَجعل مِنْهُ على الشعيرة الَّتِي تكون فِي الأجفان حللها وأبرأها.
ترمس قَالَ د: إِن دقيقه إِذا لعق بِعَسَل قتل الْحَيَّات فِي الْبَطن وَكَذَلِكَ هُوَ إِن أكل بمرارته.
وطبيخه يفعل ذَلِك. وَإِذا شرب مَعَ سذاب وفلفل يَعْنِي طبيخه نفع الطحال.
وَإِذا صب على الورم الردي الْمَيِّت الَّذِي يُسمى عبقرايا نَفعه. وينفع القروح الخبيثة والجرب فِي ابْتِدَائه والبهق والْآثَار الْبيض الظَّاهِرَة فِي الْجلد من الكيموسات والبثر وقروح الرَّأْس الرّطبَة.
وَمَتى خلط بالمر وَالْعَسَل واحتملته الْمَرْأَة أدر الطمث وَأخرج الْجَنِين.
ودقيق ينقي الْبشرَة وَيذْهب بلون أثر الضَّرْبَة. وَإِذا خلط بسويق شعير وَمَاء سكن الأورام الحارة. وَإِذا خلط بالخل سكن وجع عرق النسا ووجع الخراجات. وَإِذا طبخ بالخل يسكن وجع أثر الضَّرْبَة. وَإِذا خلط بسويق الشّعير وتضمد بِهِ حلل الْخَنَازِير وَقلع النَّار الفارسية. وَإِذا طبخ بالخل وتضمد بِهِ حل الخراجات أَيْضا. وَمَتى طبخ بِالْمَاءِ الَّذِي ينزل من السَّمَاء إِلَى أَن يتهرأ وَجعل طلاء نقي الْوَجْه. وَمَتى طبخ مَعَ أصل خامالاون الْأسود وَغسل بِهِ الْمَوَاشِي الجربة نقاها وَيكون فاترا حِين يغسل بِهِ أَعنِي الطبيخ.)
وأصل شَجَره مَتى طبخ وَشرب أدر الْبَوْل.
والترمس الَّذِي لَا مرَارَة لَهُ يسكن الغثيان وَيُبرئ من ذهَاب شَهْوَة الطَّعَام. والبري يصلح لجَمِيع مَا ذكر. ج فِي السَّادِسَة: غذَاء الترمس الَّذِي قد نزعت مرارته غليظ وَيصْلح على طَرِيق الدَّوَاء أَن يكون مغذيا.
وَأما الَّذِي مرارته فِيهِ فَإِنَّهُ يجلو ويحلل وَيقتل الديدان مَتى لعق بِعَسَل أَو شرب مَعَ الْخَيل الممزوج أَو ضمد بِهِ من خَارج. وطبيخه أَيْضا يقتل الديدان.
(6/73)
وَمَتى صب طبيخه على البهق والسعفة فِي الرَّأْس وَهِي بثور صغَار مَمْلُوءَة رُطُوبَة غروية نفع مِنْهُ وَمن الجرب والبثور والأكلة والقروح الخبيثة ونفعه لبَعض هَذِه من طَرِيق أَنه يجلو ولبعضها من طَرِيق أَنه يحلل ويجفف بِلَا لذع.
وَهُوَ ينقي وَيفتح السدد أَي سدد الكبد وَالطحَال مَتى شرب مَعَ السذاب أَو الفلفل بِمِقْدَار مَا يستلذ.
ويدر أَيْضا الطمث وَيخرج الأجنة مَتى احْتمل مَعَ الْعَسَل والمر من أَسْفَل.
ودقيق الترمس أَيْضا يحلل تحليلا لَا لذع مَعَه وَذَلِكَ أَنه يشفي الخضرة والكمدة وَلَيْسَ هَذِه فَقَط بل يحل الْخَنَازِير والخراجات الصلبة مَتى طبخ بالخل والسعل أَو بالخل وَالْمَاء بِحَسب مزاج العليل وَحسب غلظ الْمَادَّة. وَجَمِيع هَذِه الْأَفْعَال الَّتِي قُلْنَا وَإِن طبيخ الترمس يَفْعَلهَا قد يُمكن فِي دقيقه أَن يَفْعَلهَا كلهَا. وَقد يَجْعَل من دقيقه ضماد لعرق النسا وَيُوضَع على الورك.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن جوهره صلب أرضي فَلذَلِك هُوَ عسر الهضم مولد لخلط غليظ ويولد الخام أَيْضا مَتى لم يستحكم نضجه فِي الْعُرُوق وَإِذا ذهب مَا فِيهِ من المرارة فَإِنَّهُ لَا يعين على إِطْلَاق الْبَطن كالأطعمة الَّتِي تجلو وَلَا أَحْسبهُ كالأطعمة الَّتِي تقبض لكنه يصير بطيء النّفُوذ عسر الانهضام وَهَذِه صفة يصف بهَا الْأَطِبَّاء الْأَطْعِمَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا وَلَا وَاحِد من هَاتين الكيفيتين بَيِّنَة.
قَالَ روفس: الترمس يسخن ويجفف وَيعْقل الْبَطن.
قَالَ اريباسيوس: مَا كَانَت مرارته بِحَالِهَا فَهُوَ جلاء مُحَلل يقتل الدُّود والحيات الَّتِي تكون فِي الْبَطن مَتى لعق بالعسل وَمَتى ضمد بِهِ الْبَطن أَو شرب بخل ممزوج. وَالْمَاء الَّذِي يطْبخ بِهِ يخرج)
الْحَيَّات أَيْضا من الْبَطن.
وَمَتى صب هَذَا الطبيخ على الْجِسْم من خَارج نفع الوضح والسعفة والجرب وَابْتِدَاء موت الْأَعْضَاء والقروح الخبيثة وَذَلِكَ أَنه يجفف من غير لذع.
وَهُوَ أَيْضا ينقي الكبد وَالطحَال مَتى شرب مَعَ سذاب وفلفل.
ويحدر الأجنة والطمث مَتى خلط مَعَه مر وَعسل وَاحْتمل بصوفة.
ودقيق الترمس أَيْضا يحلل من غير لذع وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ إِنَّمَا يذهب بالكمودة بل قد يذهب وَيجب أَن يطْبخ مَتى اسْتعْمل فِي هَذِه الْمَوَاضِع بالخل وَالْعَسَل أَو بالخل وَالْمَاء. وَيفْعل جَمِيع هَذِه الْأَفْعَال دقيقة أَيْضا.
(6/74)
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة بطيء الهضم يُولد خلطا غليظا مَتى أكل مطيبا.
قَالَ مسيح: إِنَّه جلاء للكلف وطبيخه نَافِع للقروح الصغار الكائنة فِي الرَّأْس إِذا طلي بِهِ وَمن الحصف والحكة والقروح الردية.
وَقَالَ ج فِي كتاب الكيموس: إِن الترمس المطيب كثير الْغذَاء غير رَدِيء الْخَلْط.
تَرَبد مَجْهُول قَالَ: التربد كثير الْغذَاء غير رَدِيء جيد للخام فِي الرُّكْبَتَيْنِ يُخرجهُ.
ماسرجويه: إِنَّه يخرج الفضول الغليظة.
قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه يسهل أخلاطا لزجة بلغمية وَهُوَ حَار يَابِس فِي الدرجَة الثَّالِثَة.
قَالَ الخوزي: إِنَّه يسهل الْخَلْط النيء الغليظ.
انْقَضى حرف التَّاء.
(6/75)
3 - (بَاب الثَّاء)
ثَعْلَب قَالَ د: رئة الثَّعْلَب مَتى جففت وشربت نَفَعت من الربو.
وشحمه مَتى أذيب وقطر فِي الْأذن سكن وجعها.
قَالَ ج فِي ذكر الرئة: إِن رئة الثَّعْلَب مَتى جففت وشربت نَفَعت من الربو.
فَأَما جملَة الزَّيْت الَّذِي يطْبخ فِيهِ الثَّعْلَب فقد يطْبخ مرّة وَهُوَ حَيّ وَقد يطْبخ مرّة وَهُوَ ميت فَيكون هَذَا الزَّيْت محللا تحليلا كثيرا جدا ثمَّ يَجْلِسُونَ فِيهِ من بِهِ وجع المفاصل حَتَّى يغمر بدنه كُله ويأمرونه بطول الْمكْث فِيهِ فَيعرض من ذَلِك أَن يحلل مَا فِي المفاصل من الورم ويستفرغ جَمِيع بدنه وَلِأَن أبدان أَصْحَاب وجع المفاصل ممتلئة يعرض إِذا استفرغت أَلا ينصب إِلَى مفاصلهم بعد ذَلِك شَيْء من الْموَاد لِأَن جَمِيع الْبدن قد استفرغ وتحللت الأخلاط الَّتِي كَانَت محتقنة فِيهِ فَإِن عاود التَّدْبِير المولد للامتلاء عاودهم الوجع بِأَكْثَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ إِذا كَانَت المفاصل قد اعتادت قبُول الْموَاد وانصبابها إِلَيْهَا.
وَجُمْلَة فَإِن هَذَا الزَّيْت إِمَّا أَن يُبرئ جَمِيع أوجاع المفاصل وَإِمَّا أَن يعظم نَفعه لَهَا وَيجْعَل وَمَا كَانَ من الْأَدْوِيَة هَذَا شَأْنه فَشَأْنه اجتذاب مَا هُوَ سَاكن فِي عمق الْبدن وباطن الْجلد وَلذَلِك صَارَت هَذِه الْأَشْيَاء تسكن الوجع مرَارًا كَثِيرَة إِلَّا أَنَّهَا يسكنهُ دَائِما وَذَلِكَ أَن الأوجاع الَّتِي يكون الْخَلْط الْفَاعِل لَهَا محتقنا فِي بَاطِن الْجِسْم وَيكون مَا يحدث عَنهُ من الوجع إِمَّا من أجل خلط غليظ الْجَوْهَر وَإِمَّا بِسَبَب برودته وَإِمَّا بِسَبَب كَثْرَة حِدته وَإِمَّا بِسَبَب ريح نافخة تتولد مِنْهُ فَلَا تَجِد مخلصا فاستعمال زَيْت الثعالب فِيهَا لعمري نَافِع.
وَقَالَ بولس: إِن الزَّيْت الَّذِي يطْبخ فِيهِ الثعالب أَحيَاء وموتى إِذا جلس فِيهِ سَاعَة طَوِيلَة من بِهِ)
وجع المفاصل إِن كَانَت علته مبتدئة ذهب بهَا وَإِن كَانَت مزمنة جففها.
قَالَ ابْن ماسويه: إِن مسك الثَّعْلَب شَدِيد الإسخان لَا أعرف شَيْئا من الْفراء أسخن مِنْهُ للبدن وَالدَّلِيل على ذَلِك لَحْمه.
وَقَالَ: تشبه الثعالب إِذا لبست بالاصطلاء بالنَّار ويحدر من الْجِسْم رطوبات كَثِيرَة ويفنيها وَهَذَا لِبَاس الْمَشَايِخ والمرطوبين والمبلغمين لِأَنَّهُ يقتل الشَّهْوَة.
ثوم قَالَ ديسقوريدوس: قوته مسخنة مذهبَة للنفخ من الْبَطن مجفف للمعدة معطش مقرح للجلد إِذا أكل أخرج حب القرع وأدر الْبَوْل. ونفع من نهشة
(6/76)
الْحَيَّة المدمية مَتى شرب بعده شراب دَائِما. وَمَتى سحق بِالشرابِ وَشرب كَانَ فائقا قوي الْمَنْفَعَة من ذَلِك. وَإِن أكل نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَهُوَ جيد للتغير الَّذِي يكون من الْمِيَاه وَلمن قد سقم من ذَلِك. ويصفي الْحلق كَيفَ أكل نيا أَو مطبوخا ويسكن السعال المزمن. وَإِذا شرب بطبيخ الفوتنج الْجبلي قتل الْقمل والصؤاب.
وَإِذا أحرق وعجن بالعسل أَبْرَأ الْأَثر الْعَارِض تَحت الْعين الَّذِي يتَغَيَّر مَعَه اللَّوْن. وَإِن زيد فِيهِ مَعَ الْعَسَل دهن البان ولطخ بِهِ دَاء الثَّعْلَب أَبْرَأ مِنْهُ. وَمَتى خلط بالملح وَالزَّيْت أَبْرَأ البثر. وَإِن خلط بِعَسَل قلع البثور اللبنية والقوابي وقروح الرَّأْس الرّطبَة والنخالة والبهق والجرب المتقرح.
وَإِذا طبخ مَعَ خشب الصنوبر والكندر وَأمْسك طبيخه فِي الْفَم سكن وجع الْأَسْنَان وَإِذا خلط بورق التِّين والكمون وَعمل مِنْهُ ضماد لعضة الْحَيَوَان الَّذِي يُسمى موغالى نفع.
وطبيخ ورقه وَسَاقه إِذا جلس فِيهِ النِّسَاء أدر الْبَوْل والطمث وَأخرج المشيمة. وَيفْعل ذَلِك أَيْضا مَتى تدخن بِهِ.
والخلط الَّذِي يعْمل مِنْهُ وَمن الزَّيْتُون والجزر الْمُسَمّى موطوطون يدر الْبَوْل وَيفتح أَفْوَاه الْعُرُوق وينفع من الحبن وَهَذَا يعمله النَّصَارَى وَأهل فَارس وَهُوَ طَعَام يعْمل من الجزر وَالزَّيْتُون والثوم. ج يَقُول فِي الثَّامِنَة فِي الثوم: المألوف أَنه يسخن ويجفف فِي الثَّالِثَة وَأما الْمُسَمّى ثوم الْحَيَّة وَهُوَ وَقَالَ فِي الثوم الْبري خَاصَّة: إِن فِيهِ مرَارَة وحدة وقبضا وَلذَلِك ينقي الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة ويسخنها مَعًا ويدر الْبَوْل والطمث. وَإِن شرب شفي فسوخ العصب والعضل ووجع الأضلاع الْحَادِث عَن السدد والبرودة.)
ويلصق الخراجات الْعَظِيمَة مَتى وضع عَلَيْهَا وَهُوَ طري وينقيها مَتى كَانَ فِيهَا وسخ ويدمل الخراجات الخبيثة ويختمها إِذا جفف ونثر عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَيْضا: أما الثوم الكرائي فقوته قوم الثوم والكراث.
وَمَا ذكر فِيهِ فِي كتاب الْغذَاء ذَكرْنَاهُ مَعَ البصل.
روفس: الثوم يسخن وَيقطع الأخلاط الغليظة اللزجة ويضر بالبصر لِأَنَّهُ يخرق صفاقات الْعين ورطوبتها بحرارته ويكدر الْبَصَر.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: الثوم مسخن. رَدِيء للعين.
قَالَ حنين: هُوَ نَافِع الْعين الرّطبَة.
قَالَ روفس: والثوم رَدِيء للأذن وَالرَّأْس والرئة والكلية. وَمَتى كَانَ فِي بعض الْمَوَاضِع وجع أهاجه.
(6/77)
قَالَ حنين: سَبَب هَذَا كُله حرافته.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الثوم حَار فِي الرَّابِعَة نَافِع للبلغم وخاصته قطع الْعَطش الَّذِي يعرض من البلغم المالخ الْمُتَوَلد فِي الْمعدة لتحليله إِيَّاه وتجفيفه لَهُ مسخن للمعدة الْبَارِدَة الرّطبَة.
وَمَتى شوي بالنَّار وَوضع على الضرس الْمَأْكُول أَو دلكت بِهِ الْأَسْنَان الوجعة من الرُّطُوبَة وَالرِّيح أذهب مَا فِيهَا من الوجع.
ومص ورق الينبوت الطري والتمضمض بعده بالنبيذ الريحاني يقطع رَائِحَته.
وَهُوَ يقوم مقَام الترياق فِي لسع الْهَوَام الْبَارِدَة والأوجاع الْبَارِدَة.
وإصلاحة للمحرور بسلقه بِمَاء وملح قَلِيل ثمَّ يخرج ويطجن بدهن اللوز ويؤكل وَيشْرب على أَثَره مَاء الرُّمَّان المز.
قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء: الثوم يحلل الرِّيَاح أَكثر من كل شَيْء يحللها غَيره وَلَا يعطش الْبَتَّةَ وَبَعض النَّاس يتَوَهَّم أَنه يعطش وَذَلِكَ لقلَّة خبرهم بِهِ وَهُوَ نَافِع لأهل الْبِلَاد الْبَارِدَة حَتَّى أَنهم مَتى منعُوا مِنْهُ عظم الضَّرَر بهم جدا. وَهُوَ جيد لوجع المعي إِذا لم يكن مَعَ حمى.
من كتاب مَجْهُول: إِنَّه جيد لقروح الرئة.
من فلاحة قسطس: الثوم مَتى أكل نيا أخرج الدُّود: ونفع من عسر الْبَوْل الَّذِي يخرج متقطعا وَهُوَ دَوَاء جيد للقولنج والسعال الْقَدِيم ووجع المفاصل والنقرس وَيذْهب بحح الصَّوْت وينفع)
شرك الْهِنْدِيّ: إِن الثوم جيد للدبيلة الْبَاطِنَة والقولنج وعرق النسا فَإِذا أُرِيد لتفجير الدبيلات طبخ بِالْمَاءِ وَاللَّبن حَتَّى ينْحل وَيصب المَاء وَيُؤْخَذ فَإِنَّهُ ينفع السّلع والحميات العتيقة وقروح الرئة ووجع الْمعدة.
وَقَالَ سندهشار الْهِنْدِيّ: إِنَّه جيد للرياح وَالنِّسْيَان والربو والسعال وَالطحَال والخاصرة والديدان وَيكثر الْمَنِيّ وَهُوَ جيد لمن قل منيه من كَثْرَة الْجِمَاع وَهُوَ رَدِيء للبواسير والزحير وانطلاق الْبَطن والخنازير وَأَصْحَاب الدق والحبالى والمرضعات.
وَقَالَ أبقراط فِي كتاب مَاء الشّعير: الثوم محرك للريح فِي الْبَطن والخشونة فِي الصَّدْر والثقل فِي الرَّأْس وَالْعين وهيج على آكله كل مرض كَانَ يعرض لَهُ قبل ذَلِك. وَأفضل مَا فِيهِ أَنه يدر الْبَوْل.
وَحكى حنين عَن أبقراط فِي كِتَابه فِي الأغذية: إِن الثوم يُطلق الْبَطن ويدر الْبَوْل جيد للبطن رَدِيء للعين لِأَنَّهُ شَدِيد التجفيف فَلذَلِك يضعف الْبَصَر ويضره.
وَحكى عَن د أَنه قَالَ إِنَّه مجفف للمعدة وَذَلِكَ غلط وَالَّذِي أَحسب أَنه قَالَ إِنَّه مجفف للمني.
(6/78)
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة من السَّادِسَة من إبيذيميا: إِن الثوم فِي الشتَاء سَبَب لمنافع عَظِيمَة وَذَلِكَ أَنه يسخن الأخلاط الْبَارِدَة وَيقطع الغليظة اللزجة الَّتِي تغلب فِي الشتَاء على الْبدن.
قَالَ جالينوس إِن: أصل هَذَا النَّبَات مَتى دق نعما وسحق وضمدت بِهِ الخراجات ألحمها.
وَإِذا شرب كَانَ طبيخه نَافِعًا للمغس وعسر الْبَوْل والقروح الْعَارِضَة فِي المثانة ويفت الْحَصَى.
وَأما الثيل الْكثير الْوَرق الَّذِي يقتل الْمَوَاشِي إِذا أَكلته فَإِنَّهُ مَتى أخرجت عصارته وطبخت بشراب وَعسل كل وَاحِد مِنْهُمَا مسَاوٍ لَهَا فِي الْمِقْدَار وَنصف جُزْء من المر وَثلث جُزْء من الفلفل وَمثله من الكندر كَانَ دَوَاء نَافِعًا جيدا للعين وَيجب أَن يحرز فِي حق من نُحَاس.
وطبيخ الْأُصُول يفعل مَا يَفْعَله النَّبَات. وبزره يدر الْبَوْل إدرارا شَدِيدا وَيقطع القئ والإسهال.
وَقَالَ فِيهِ ج: إِن أصل هَذَا النَّبَات يُؤْكَل مَا دَامَ طريا وَهُوَ حُلْو مسيخ الطّعْم وَفِيه أَيْضا شَيْء من الحرافة مَعَ قبض يسير. وَنَفس الحشيشة إِذا ذاقها الْإِنْسَان وجدهَا مسيخة الطّعْم وَمن هَهُنَا تعلم أَن أَصله يَابِس باعتدال وَلذَلِك صَار يدمل الخراجات الطرية مَا دَامَت بدمها. فَأَما نفس الحشيشة فَمَتَى اتخذ مِنْهَا ضماد فَإِن ذَلِك الضماد يبرد تبريدا معتدلا وَهِي متوسطة فِي الرُّطُوبَة واليبس.)
وَأما أَصْلهَا فلذاع لطيف قَلِيلا وَهَذَا إِذا يبس فت الْحَصَى مَتى طبخ وَشرب مَاؤُهُ.
وبزره فِي الْأَكْثَر ضَعِيف إِلَّا النَّابِت فِي قرناسيس فَإِنَّهُ يدر الْبَوْل ويجفف التجلب إِلَى الْمعدة والأمعاء لِأَن قوته مجففة لَطِيفَة مَعَ قبض يسير.
فَأَما نفس الحشيشة فَإِنَّهَا تبرد تبريدا لَيْسَ بِالْقَوِيّ إِذا ضمد بهَا وَهِي متوسطة فِي اليبس والرطوبة وَفِي أَصله شَيْء يسير من اللطافة وَهُوَ لذاع.
وَمَتى أَخذ أَصله وطبخ بِالْمَاءِ وَشرب فقد يفت الْحَصَى مرَارًا كَثِيرَة.
وَقَالَ بولس: وقصب الثيل يجفف وَلِهَذَا السَّبَب صَارَت عصارته وَالْمَاء الَّذِي قد إِلَى فِيهِ أَصله يخلط بأدوية الْعين وَأما بزره فَإِنَّهُ يصلح الْمعدة.
قَالَت الخوز: إِنَّه حَار معتدل.
ثفسيا قَالَ جالينوس: قُوَّة أَصله وعصارته ودمعته وقشر أَصله مسهلة مقيئة إِذا شرب بِمَاء القراطن.
والشربة من القشر أَرْبَعَة أوبولسات مَعَ ثَلَاثَة درخميات من بزر
(6/79)
الشبث وَمن العصارة ثَلَاثَة أوبولسات وَمن الدمعة درخمي وَاحِد لِأَنَّهُ إِن أعطي أَكثر من ذَلِك أضرّ جدا. والإسهال بِهِ مُوَافق للَّذين بهم النَّسمَة ووجع الْجنب المزمن ويعين على نفث الفضول. وَقد يَجْعَل فِي الْأَطْعِمَة وَيُعْطِي الَّذين يعسر عَلَيْهِم القئ.
والدمعة والقشر شَدِيد الْقُوَّة على يبس مزاج الْبدن أَشد من قُوَّة سَائِر الْأَدْوِيَة الَّتِي تشبهها فِي الْقُوَّة إِذا احتجت أَن تجذب شَيْئا من عُضْو أَو تجْعَل للخلط سَببا لتنقله من مَوْضِعه إِلَى مَوضِع وَقد يخلط القشر أَو العصارة بِمثلِهِ كندرا وَمثله مرا وَيسْتَعْمل لكمنة الدَّم والْآثَار الباذنجانية فيقلع ذَلِك وَلَا يجب أَن يتْرك عَلَيْهَا أَكثر من ساعتين وَلَكِن يقْلع ثمَّ بعد ذَلِك يكمد الْموضع بِمَاء سخن. ويقلعان الكلف أَيْضا.
والعصارة إِذا خلطت بالعسل قلعت الجرب المتقرح. وَمَتى خلطت بالكبريت ولطخت على الخراجات فجرها. وَينْتَفع بِهِ مَتى اسْتعْمل لطوخا للْجنب الَّذِي يعرض لَهُ وجع مزمن وَكَذَلِكَ الرّكْبَة والقدم والمفاصل.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته مسخنة إسخانا قَوِيا مَعَ شَيْء من رطوبات فَلذَلِك يجتذب من عمق الْبدن جذبا قَوِيا عنيفا ويحلل مَا يجتذبه لكنه يفعل ذَلِك بعد مُدَّة طَوِيلَة بِسَبَب مَا فِيهَا من)
الرُّطُوبَة الفضلية الَّتِي لَيست باليسيرة وَمن أجل هَذِه الرطوبات صَار الينتون يفْسد سَرِيعا.
أريباسيوس: قوتها شَدِيدَة الحدة.
وَقَالَ فِي سَائِر الْأَشْيَاء كَمَا قَالَ ج فِي ذكره للربو: إِن التافسيا يحْتَاج إِلَى مُدَّة من الزَّمَان حَتَّى يسخن وَذَلِكَ حَال الْأَدْوِيَة الَّتِي فِيهَا مَعَ حَرَارَتهَا رُطُوبَة فضلية وَذكره أَيْضا عِنْد ذكر الزنجبيل فاقرأه.
ثلاسفي قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذَا بزر بعض النَّبَات وقوته حارة حَتَّى أَنه يفجر الدبيلات الْبَاطِنَة مَتى شرب ويدر الطمث وَيفْسد الأجنة وينفع من عرق النسا إِذا حقن بِهِ لِأَنَّهُ يخرج دَمًا. فَأَما الشربة مِنْهُ فَثَلَاثَة أَربَاع دِرْهَم وينقي ويسهل أخلاطا مرارية.
ثلج ابْن ماسه: إِنَّه رَدِيء للماشيخ خَاصَّة وَالَّذين معدهم بَارِدَة ويولد فِي المفاصل أوجاعا عسرة الانحلال ويعطش لجمعه وتبريده للحرارة الغريزية وَلِأَنَّهُ يحبس البخارات بِبرْدِهِ دَاخِلا فيعطش ويضر بالعصب.
لي يجب أَن يحرز هَذَا.
انْقَضى حرف الثَّاء
(6/80)
3 - (بَاب الْجِيم)
جزر وَيُسمى باليونانية سطاقونس.
قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّامِنَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن الجزر البستاني ضَعِيف فِي قوته فَأَما الْبري فقوي فِي كل شَيْء وَقد يدر الْبَوْل وَينزل الطمث. وَيفْعل هَذَا بجملته أَصله وورقه وَلَا سِيمَا بزره وَفِيه أَيْضا شَيْء من الْجلاء وَلذَلِك يَجْعَل أنَاس من ورقه ضمادا للقروح الَّتِي فِيهَا أَكلَة كي ينقيها. د: إِن سطاقونس الْبري وَهُوَ جزر الْبر الَّذِي يُسَمِّيه أنَاس قرباله يشبه ورق الراسن إِلَّا أَنه أعرض مِنْهُ ويلي المرارة. فَأَما سَاقه فمنتصب حاد وَفِي أَعْلَاهُ ظلل تشبه ظلل الشبث فِيهَا بهار أَبيض وَفِي وسط البهار شَيْء مثل الصوفة يشبه الأرجواني وَغلظ أَصله غلظ الْأصْبع وَطوله نَحْو من شبر وَهُوَ طيب الرَّائِحَة. ويؤكل مطبوخا.
وَأما بزر الجزر فَإِنَّهُ إِذا شرب أَو إِذا احتملته الْمَرْأَة فِي صوفة حرك الطمث وأدره. وَإِذا شرب نفع من عسر الْبَوْل وَالِاسْتِسْقَاء ووجع الجنبين وعضات الْحَيَوَان المؤذي ولسع الْهَوَام.
وَأَصله يدر الْبَوْل ويهيج شَهْوَة الْجِمَاع. وَإِذا أمسك فِي الرَّحِم أخرج الأجنة.
وَأما ورقه فَإِذا سحق وضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل نفع قُرُوح الْأكلَة.
وَأما الجزر الَّذِي يزرع فِي الْبَسَاتِين فَإِنَّهُ أصلح للْأَكْل من الْبري ويوافق كل مَا يُوَافقهُ الْبري وينفع مَا ينفع الجزر الْبري غير أَنه دونه فِي الْفِعْل.
وَقَالَ فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الجزر حَار رطب وحره فِي الْجُزْء الثَّانِي منضم ورطوبته فِي الْجُزْء الأول منقبض أَيْضا وَله حراقة وَشَيْء من حِدة. ويدر الْبَوْل والطمث أَكثر من المزروع فِي الْبَسَاتِين الْمُسَمّى جزرا وَذَلِكَ لِأَن الجزر عسر الانهضام وَإِنَّمَا يغذو الْجِسْم أقل من غذَاء اللفت وَإِن أَكثر الْإِنْسَان من أكله ولد فِيهِ كيموسا رديا.
والجزر الْبري أفضل مِنْهُ فِي مزاجه وَمن أَرَادَ أكله فليغسله مرَّتَيْنِ ثمَّ من بعد ذَلِك يَأْكُلهُ.
وخاصة الجزر إدرار الطمث.
وَأما الجزر المربى بالعسل فَلَيْسَ الانهضام فِيهِ مثل الَّذِي لَيْسَ هُوَ مربى. وَهُوَ جيد للباه زَائِد فِي الْمَنِيّ وَإِذا ربى بالعسل كثرت سخونته وَقلت رطوبته ونفخه.)
قَالَ بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن الجزر يهيج الْبَوْل ويدر الْحَيْضَة وَهُوَ خَاصَّة بزره وَأَصله.
(6/81)
فَأَما ورقه فَلِأَنَّهُ ذُو قُوَّة جالبة قد ينفع وَهُوَ غض للأدواء الآكلة إِذا هيء بالعسل غير أَن جعفيل وَيُسمى باليونانية اورناقج وَتَفْسِيره خانق الكرسنة.
قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّامِنَة من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة: إِن الجعفيل ذُو قُوَّة ميبسة مبردة فِي الْجُزْء الثَّالِث.
قَالَ د فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: إِن اورناقج أَي خانق الكرسنة الَّذِي يُسَمِّيه آخَرُونَ قرنونيوريون وَآخَرُونَ أشداوريا وَأهل قبرس بورسيني لَهُ جزر يَلِي الْحمرَة يَعْلُو الأَرْض قدر شبرين وَقد يكون فِيهِ لزوجة عَلَيْهِ زغب أَكثر وَله ورق رخص وَله زهر وبهار يَلِي الْبيَاض والصفرة وَأَصله غليظ كالإصبع إِذا جف الأَصْل تشقق. وَيُقَال: إِنَّه إِذا نبت بَين أَي نوع من الْحُبُوب كَانَ خنقه وَلذَلِك سمي بِهَذَا الِاسْم لِأَن تَفْسِير اسْمه: خانق الكرسنة إِذْ يدل بِذكرِهِ وَاحِد من أَنْوَاع الْحُبُوب على سائرها.
وَقد يُؤْكَل نيا ومطبوخا كَمثل اشفاراغش وَهُوَ الهليون. وَمَتى طبخ بِبَعْض الْحُبُوب يظنّ أَنه ينضجه سَرِيعا.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: إِنَّه بَارِد فِي مزاجه يَابِس فِي الْجُزْء الأول.
جنطيانا وَيُسمى باليونانية جنطياني. قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة السَّادِسَة من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة: إِن أصل الجنطيانا كَاف فِي الْقُوَّة حَيْثُ يحْتَاج أَن ينقي ويلطف ويجلو وَيفتح السدد وَلَيْسَ اقتداره على مثل هَذَا بعجيب وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مر بالكفاية.
ديسقوريدوس فِي الْمقَالة الثَّالِثَة: إِنَّه قَالَ: إِن أول من وجد الجنطياني جنطين الْملك وَمِنْه مَا يلْزمه هَذَا الِاسْم فورقه الَّذِي يَلِي أَصله يشبه ورق الْجَوْز أَو ورق لِسَان الْحمل يضْرب إِلَى الْحمرَة وَالْوَرق الْمَبْسُوط مِنْهُ إِلَى أَسْفَل مستطيل. فَأَما السَّاق فمجوف أملس غليظ كالإصبع طوله نَحْو من ذراعين وَله شَيْء كثمر سقوندوليون وَهُوَ الكاكنج وَأَصله مطاول شَبيه بِأَصْل الزراوند غليظ مر وينبت فِي رُؤُوس الْجبَال الشاهقة فِي الْمَوَاضِع الْكَثِيرَة الْفَيْء الندية.
وَأما قُوَّة أَصله فمسخنة مقبضة وَهُوَ نَافِع للسع الدَّوَابّ العادية إِذا شرب مِنْهُ زنة مثقالين مَعَ فلفل وسذاب مطبوخ أَو من عصارته وزن مِثْقَال وينفع وجع الجنبين والسقطة والوثء والفتق.
وينفع من وجع الكبد وَمن معدته معتلة إِذا شرب مَعَ المَاء.
وَإِذا احتملته الْمَرْأَة كالفتيلة أخرج الْجَنِين.
وينفع الْخراج مَتى ضمد بِهِ. ويشفي القروح الْأكلَة وَلَا سِيمَا عصارته. ثمَّ هُوَ طلاء مُوَافق وَالْأَصْل يجلو البهق.
(6/82)
وَإِنَّمَا تهَيَّأ العصارة مِنْهُ إِذا دق وأنقع فِي المَاء خَمْسَة أَيَّام ثمَّ يطْبخ من بعد بِالْمَاءِ حَتَّى ترى الأَصْل فَوق المَاء فَإِذا برد المَاء صفي بِخرقَة ثمَّ طبخ حَتَّى يصير قوامه ثخينا كالعسل ثمَّ ترفع العصارة فِي إِنَاء فخار وَتحفظ فَقَط.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن الجنطياني أَصله قوي الْفِعْل حَيْثُ يحْتَاج إِلَى التلطيف والتنقية والجلاء وَفتح السدد.
جبسين وَيُسمى باليونانية حماقسوس. قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة التَّاسِعَة من كتاب الْأَدْوِيَة: إِن الجبسين مَعَ قُوَّة عَامَّة لجَمِيع الْأَجْسَام الأرضية الحجرية الَّتِي قُلْنَا إِنَّهَا ميبسة لَهُ قُوَّة راسخة لَازِقَة وَذَلِكَ أَنه قد يتحجر على الْمَكَان ويتعقد ويصلب إِذا أنقع وَلذَلِك قد يخلط لنفعه مَعَ الْأَدْوِيَة الْيَابِسَة الملائمة لنزف الدَّم فَإِنَّهُ وَحده إِذا جمد كَانَ صلبا حجريا من أجل ذَلِك هَمَمْت أَن أخلطه مَعَ بَيَاض الْبيض وَهُوَ اللَّطِيف الرَّقِيق الَّذِي يسْتَعْمل فِي وجع الْعَينَيْنِ إِذا خلط مَعَهُمَا أَيْضا دَقِيق الْحِنْطَة الَّذِي يكون على حيطان بيُوت الأرحاء. وَقد يجب أَن يتَّخذ هَذَا الضماد الْمَصْنُوع هَكَذَا بِشعر أرنب أَو مَا أشبهه فِي اللين.
والجبسين إِذا أحرق لم تكن لزوجته على هَذِه الْحَال بل يكون لطيفا أَكثر مِنْهُ وَهُوَ غير محرق ثمَّ قد يحبس أَيْضا ويجمد إِذا عجن بخل وَمَاء.
وَيَقُول د فِي الْمقَالة الْخَامِسَة: إِن الجبسين ذُو قُوَّة قابضة لزجة وَلذَلِك قد ينفع نزف الدَّم والعرق.
وَإِذا شرب قتل على جِهَة الخناق.
وَيَقُول بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن الجبسين مَعَ مَا ييبس قوته لزجة وَلذَلِك قد ينفع نزف الدَّم إِذا خلط مَعَ خطمي وَبَيَاض الْبيض.
وَإِذا أحرق اضمحلت لزوجته وَصَارَ مجففا جدا لينًا جدا وبخاصة مَعَ الْخلّ وَالْمَاء.
جشيش الْبر وَيُسمى باليونانية قرسيون وبالفارسية دورسيون وَرُبمَا يُسمى بِالْعَرَبِيَّةِ جشيشة. قَالَ ج فِي الْمقَالة السَّابِعَة من كتاب أدويته المفردة: إِنَّمَا سمي بِهَذَا الِاسْم مَا كَانَ من دَقِيق الْحِنْطَة والجلبان وَيُسمى الكتيت جريشا وَهُوَ مغذ أَكثر من سويق الشّعير غير أَنه أَضْعَف انهضاما مِنْهُمَا.
وَيُسمى الحساء الْمُتَّخذ مِنْهُ: قواطوس وَالَّذِي يتَّخذ من دَقِيق الكتيت حَابِس للطبيعة يَسِيرا وَأكْثر إِذا قلي.
وَقَالَ د: إِن الجشيش يُسمى مَا طحن جريشا وَاتخذ من الجلبان وَالْحِنْطَة وَمِنْه يكون الحساء الْمُسَمّى قواطوس وَهُوَ سهل الانهضام. وَالَّذِي يكون من الجلبان يحبس الطبيعة جدا وبخاصة إِن قلوته. وَقَالَ ج فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الجشيش يغذي أَكثر من النشاستج ويلين الطبيعة وينفخ ويسمن إِلَّا أَنه يُولد كيموسا غليظا لزجا لزاقا قَلِيلا.
وَيجب أَن يطْبخ سَاعَة هوية على جمر ويحرك بِعُود من شبث ويلقي فِيهِ ملح ودهن
(6/83)
لوز وزيت إِنْفَاق وَيجب أَن يصب فِيهِ الدّهن أَولا حَتَّى يخْتَلط مَعَ الْحِنْطَة نعما. فَإِن أَخذ مَعَ عسل قَلِيل انتقصت لزوجته وَجَاز من الْمعدة سَرِيعا.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن قريميون وَهُوَ الجشيش الغليظ الْأَجْزَاء من دَقِيق الْحِنْطَة والكتيت يغذي أَكثر من السويق لكنه أعْسر استمراء من السويق.
جرجير وَيُسمى باليونانية هوربيون. وَأما جالينوس فَلم يذكرهُ فِي كتاب الْأَدْوِيَة المفردة.
وَقَالَ جالينوس: قَالَ د فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: إِن الجرجير مَتى أكل وَأكْثر مِنْهُ أهاج شَهْوَة الْجِمَاع وَكَذَلِكَ يفعل بزره أَيْضا ويدر الْبَوْل ويهضم ويلين الطبيعة.
وَقد يسْتَعْمل بزره فِي تطييب ألوان الطَّبْخ وَقد يحفظ حَتَّى يَأْتِي عَلَيْهِ حِين ثمَّ يعجن بِعَسَل وَيعْمل مِنْهُ الأقراص.
وَمن الجرجير بري ينْبت أَكْثَره فِي الْبَريَّة الَّتِي فِي بِلَاد سقورا وَيسْتَعْمل بزره أهل ذَلِك الْبَلَد بدل الْخَرْدَل وَهُوَ أَجود مِنْهُ وأذوب للفضول.
وَقَالَ فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الجرجير حَار رطب غير أَنه حَار فِي الْجُزْء الثَّانِي رطب فِي الْجُزْء الأول وحرارته أَكثر من لدونت وَهُوَ مولد للريح محرك للجماع مولد للرياح الَّتِي تنشر الْقَضِيب. وَإِن أكل وَحده صدع الرَّأْس فَيجب لمن أَكثر من أكله أَن يَأْكُل مَعَه خسا وهندبا أَو بقلة حمقاء. وللجرجير أَن يدر الْبَوْل ويسهل الطبيعة ويهضم.
وخاصة الجرجير نشره لعضو الْمَنِيّ.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَالة الأولى: إِن الجرجير حَار مولد للزَّرْع وَلذَلِك قد يهيج الْجِمَاع غير أَنه يصدع الرَّأْس.
وَقَالَ أَيْضا فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن هوريبون وَهُوَ الجرجير لَهُ مزاج معتدل من أجل ذَلِك يهيج الباه. وبزره يدر الْبَوْل.
والجرجير الْبري أقوى من البستاني.
جاوشير وَيُسمى باليونانية: اركافكش الَّذِي يكون من فانافس ابرافليون. قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة الثَّامِنَة من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة: إِن من هَذَا يكون ذَلِك الَّذِي يُسمى: اوفاكس أَي الجاوشير إِذا شرطت أُصُوله وجزوره وقضبانه وَهُوَ رطب أَعنِي الجاوشير.
ومنافعه كَثِيرَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يسخن ويحلل ويلين فلنضعه فِي الْحَرَارَة من الْجُزْء الثَّالِث وَفِي اليبوسة من الْجُزْء الثَّانِي.
فَإِذا قشر أَصله فَإِنَّهُ أَيْضا دَوَاء مجفف مسخن غير أَنه دون الجاوشير وَله شَيْء يجلو أَيْضا وَلذَلِك قد يعالج بِهِ الْعِظَام الْعَارِية وَالْخَرَاج الْخَبيث لِأَن هَذِه الْأَدْوِيَة وأمثالها
(6/84)
كَافِيَة فِي بِنَاء اللَّحْم وَلذَلِك يجلو ويجفف وَلَيْسَ بشديد الإسخان. فَمَا كَانَ منبتا للحم فَهُوَ يحْتَاج إِلَى هَذِه كلهَا كَمَا أوضحنا فِي كتاب الصِّنَاعَة الْكَبِيرَة.
أما ثَمَر هَذَا الْعقار فحار أَيْضا يدر الطمث من أجل ذَلِك غير أَنِّي لست أعلم كَيفَ اعْتَادَ جَمِيع النَّاس أَلا يسموا هَذَا الْعقار بانافس بل بارفافس لِأَن فانافس اسقلينوس يسخن أقل من الَّذِي قبله وَلذَلِك قد يسْتَعْمل بهاره وثمره إِذا خلط بِعَسَل فِي علاج الْخراج والبثور والأكلة.
فَأَما فانافس حمرونيون فشبيه الْقُوَّة بِالَّذِي قبله.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الثَّالِثَة: إِن فانافس ابرافليون الَّذِي يجمع مِنْهُ الجاوشير يكثر فِي نراطيبا ولبنه هُوَ الجاوشير وَله ورق خشن سَاقِط على الأَرْض شَدِيد الخضرة يداني ورق التِّين مَعَ استدارته منقسم إِلَى خَمْسَة أَجزَاء وَله خرز كخرز قلحلاحا وَهُوَ عَال جدا يكون عَلَيْهِ غُبَار دَقِيق أَبيض وَعَلِيهِ من حوله ورق صغَار جدا وَفِي أَعْلَاهُ ظلل وَهُوَ كالشبث. وفقاحه أَبيض وَله بزر طيب الرَّائِحَة محرق. وأصوله كَثِيرَة تتجزأ من رَأس وَاحِد بيض ثَقيلَة الرّيح.
قشرها غليظ مر الطّعْم. وينبت فِي موقى لينوي وَفِي مقدونيا.
فَأَما أَخذ اللَّبن وَهُوَ الجاوشير من أَصله فَإِذا قطع فِي أول نَبَاته فَإِنَّهُ يخرج مِنْهُ لبن أَبيض فَإِذا جف صَار زعفرانيا أصفر من خَارج وَإِنَّمَا يجمع مَا يَجْزِي من اللَّبن بورق يفرش فِي حُفْرَة فِي الأَرْض حَتَّى إِذا جف أَخذ.
وَقد يُؤْخَذ من جزره أَيْضا لبن إِذْ يشرط فِي إبان حصاد الْحِنْطَة وَيقبل مَا يجْرِي مِنْهُ على هَذَا الْمِثَال.)
والجيد من أُصُوله تِلْكَ الْبيض الجافة الَّتِي خَارِجهَا ممتد لَيست بمجتمعة وَلَا مأكولة محرقة الطّعْم أفاويهية.
فَأَما أَنْفَع ثمره فَالَّذِي بَين خرزه الْأَوْسَط لِأَن الَّذِي من شقيه لَيْسَ بسمين.
وأجود الجوشير مَا كَانَ مر الطّعْم أَبيض الدَّاخِل أصفر الْخَارِج دهنا سريع التفتت والانحلال بِالْمَاءِ ثقيل الرَّائِحَة.
وَمَا كَانَ مِنْهُ أسود لينًا فَلَيْسَ يصلح لشَيْء ويغش بالأشق والشمع ويختبر إِذا مرس بالأصبع بِالْمَاءِ فَمَا لم يكن مغشوشا فَإِنَّهُ ينْحل بِالْمَاءِ وَيصير كاللبن.
وَقُوَّة الجوشير مسخنة ملطفة ملينة فَهُوَ لذَلِك نَافِع من النافض والحميات الدائرة وينفع الفتوق والخدوش وأوجاع الجنبين والسعال والمغس وتقطير الْبَوْل والحكة الَّتِي تكون فِي المثانة إِذا شرب بِمَاء الْعَسَل أَو بمطبوخ. ويحدر الطمث ويمخض الأجنة ويفش النفخ والصلابة الكائنة فِي الرَّحِم إِذا ديف بِعَسَل.
وَقد يكون مِنْهُ دهن نَافِع لعرق النسا. وَقد يخلط فِي الأدهان المريحة للتعب وَفِي
(6/85)
أدوية وجع الراس. ويقلع الْجَمْرَة وينفع من النقرس إِذا وضع مِنْهُ ضماد مَعَ زبيب أَهلِي. وينفع من وجع الْأَسْنَان مَتى حشى بِهِ مَوضِع الأكال.
وَمَتى اكتحل بِهِ أحل الْبَصَر.
وَإِذا خلط بالزيت كَانَ مِنْهُ لزوق فَاضل لمن عضه كلب كلب.
وَأَصله أَيْضا إِذا بَرى وَاحْتمل فِي الرَّحِم رمى بالأجنة. وينفع القروح العتيقة ويعقد اللَّحْم على الْعِظَام الْعَارِية إِذا سحق وَوضع عَلَيْهَا ثمَّ إِذا طليت بِهِ مَعَ الْعَسَل أَيْضا.
وَإِذا أَخذ ثمره أَيْضا مَعَ الأفسنتين أحدر الطمث. وَإِذا أَخذ مَعَ الزراوند نفع من لسع الْهَوَام.
فَأَما فانافس اسقلينوس فَإِن لَهُ جزرا دَقِيقًا يصعد من الأَرْض نَحْو ذِرَاع لَهُ شعب منقسمة وحواليه ورق يشبه ورق الرازيانج غير أَنه أكبر مِنْهُ وَرقا ورائحته حريفة.
وَأَصله مر وَقُوَّة زهره وثمره أَن تَنْفَع القروح والبثور والأكلة من سحقت وضمد بهَا مَعَ عسل.
وينفع من لسع الْهَوَام إِذا شرب مَعَ الْمَطْبُوخ وَإِذا خلط بالدهن وأدهن بِهِ.
وَقد يُسمى أنَاس فانيفس فوتنجا بريا وَآخَرُونَ: فوتيلي إِلَّا أَنه قد وصف شَأْنه فِي نعت الفوتنج.)
فَأَما فانافس حمرونيون فَأكْثر مَا ينْبت فِي جبل يُسمى: قيليون وَله ورق شَبيه بورق الرازيانج أَيْضا الْأَبْيَض وبهاره شَبيه بلون الذَّهَب وأصل دَقِيق لَيْسَ بغائر حَار حريف المذاقة.
وَقُوَّة أَصله نافعة من لسع الْهَوَام مَتى شرب. وَإِذا وضعت فروعه ضمادا أَيْضا فعلت ذَلِك.
بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن فانافس وَهُوَ الَّذِي يُسمى ابرافليون وَمِنْه يكون الجوشير يسخن فِي الْجُزْء الثَّالِث وييبس فِي الْجُزْء الثَّانِي ويلين ويحلل. فَأَما قشر أَصله فَإِنَّهُ أَضْعَف من الجاوشير وفيهَا شَيْء من الْجلاء وينبت اللَّحْم. وثمره يهيج الطمث.
فَأَما ذَلِك الْمُسَمّى اسقلينوس والمسمى حمرونيون فَأَقل حرارة من ذَلِك الأول وهما نافعان للقروح الردية العادية والبثور مَتى اسْتعْمل وَرقهَا وَثَمَرهَا.
وَيُسمى باليونانية فاوقاليس. وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة من المفردة: إِنَّه قد يُسمى هَذَا آخَرُونَ دوقوا لِأَنَّهُ يُشبههُ فِي طعمه وَفِي قوته ويسخن وييبس ويهيج ويدر الْبَوْل ويكبس وَيدْفَع.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الثَّانِي: إِن الجزر الْبري لَهُ قضيب رينوي طوله ذِرَاع وَله ورق يشبه ورق الرازيانج قد يُؤْكَل نيا ومطبوخا وَهُوَ يغزر الْبَوْل.
قَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن فاوقاليس الَّذِي يُسمى الجزر الْبري يسخن كالدوقوا ويدر الْبَوْل ويهيج الطمث ويكبس وَيدْفَع.
(6/86)
جلبان وَيُسمى الكتيت وباليونانية رها.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة من الْأَدْوِيَة: إِن قُوَّة الجلبان بَين قُوَّة الشّعير وَالْحِنْطَة وَمن ذَلِك يعرف أَنه فِي الْقُوَّة وسط بَينهمَا.
قَالَ د: إِن رها وَهُوَ الكتيت نَوْعَانِ وَذَلِكَ أَن مِنْهُ مَا حبته وَاحِدَة وَمِنْه مَا يُسمى ذَا الحبتين لِأَن بزره حبتان حبتان وَهِي أَزوَاج محصورة فِي أقماع. وَهُوَ أَكثر غذَاء من الشّعير وَأطيب وَأَقل غذَاء من الْحِنْطَة. وَقد يتَّخذ مِنْهُ خبز أَيْضا.
وَفِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الجلبان يُوجد فِي بِلَاد مصر وَهُوَ بَارِد يَابِس أقل من الجاورس.
وَالْخبْز الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ يجب أَن يعجن نعما ويخبز فِي التَّنور ويؤكل سخنا رطبا فَإِنَّهُ مَتى برد وَمكث ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة ثمَّ أكل بعد ذَلِك وجد غير طيب وَهَذَا على أَن خبزه يغذو أَكثر من الجاورس.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة: إِن رها وَهُوَ الجلبان قريب فِي قوته من الْحِنْطَة وَهُوَ وسط فِي الإسخان والتبريد واليبس وَهُوَ من الأحساء.
جُلُود عتق وَهُوَ سقاطات الأساكفة قَالَ جالينوس فِي القَوْل الْحَادِي عشر من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة: إِن هَذِه مَتى أحرقت ظن نَاس أَنَّهَا نافعة للعقر الْحَادِث فِي الْقَدَمَيْنِ من الْخُفَّيْنِ كَانَ لَهَا مضادة لذَلِك وَلكنه إِن كَانَ من الْعقر ورم فَلَيْسَ يُغني شَيْئا. وَإِذا سكن الورم كَانَ مَا ينْتَفع بِهِ من الْجُلُود المحرقة لتجفيفها الْعقر وَاجِبا لِأَن هَذَا الرماد وَمَا أشبهه مجفف ناشف مَعَ أَنا نَحن قد عالجنا بِهِ مرّة فِي بعض الْقرى جرحا مثل هَذَا حدث عَن عقر الْحذاء. وَقد ينفع هَذَا الرماد وَمَا أشبهه الْجراح الكائنة من الحرق واسلخ الْكَائِن فِي الفخذين.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الثَّانِي: إِن سقاطات الأساكفة الْعتْق البالية مَتى أحرقت وتضمد بهَا نَفَعت نفعا بَينا جدا من حرق وَتَنْفَع من عقر الْحَادِث من الْخُف نفعا فِي الْغَايَة.
جاورس اسْمه باليونانية كيجروس. قَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة: هُوَ يبرد فِي الْجُزْء الأول ويجفف إِمَّا فِي الْجُزْء الثَّالِث وَهُوَ قَابض وَإِمَّا فِي الْجُزْء الثَّانِي وَهُوَ أَيْضا لطيف قَلِيلا وَمن أجل أَنه على هَذَا القوام والمزاج مَتى أَخذ بِمَنْزِلَة الطَّعَام يغذو الْبدن غذَاء يَسِيرا أقل من جَمِيع أَنْوَاع الْحُبُوب وييبس الطبيعة.
فَإِن وضع من خَارج فِي كيس أَو صرة وَعمل ضمادا كَانَ نَافِعًا جدا لمن يحْتَاج إِلَى التجفيف بِغَيْر لذع ومضض. وَإِذا اتخذ أَيْضا ضمادا فَإِن من شَأْنه أَيْضا أَن يجفف إِلَّا أَنه يتفتت ويتفرك سريا والضماد الْمُتَّخذ مِنْهُ قل مَا يلْزم.
وَقَالَ د فِي الثَّانِيَة: إِن الجاورس أقل غذَاء من سَائِر الْحُبُوب الَّتِي يتَّخذ مِنْهَا الْخبز فَإِن هيء مِنْهُ خبز وَوضع مِنْهُ حسوشد الطبيعة وَهُوَ يهيج الْبَوْل فَإِن قلي وصير فِي كيس وكمد بِهِ نفع من المغس وَسَائِر الأوجاع.
(6/87)
روفس فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الجاورس بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة وَهُوَ يَمْتَد فِي ذَلِك إِلَى نَحْو الثَّالِثَة وغذاؤه الْجِسْم قَلِيل نذر لرخاوته أَيْضا لِأَنَّهُ يَابِس ضَعِيف وَلِهَذَا يشد الطبيعة ويحدر الْبَوْل وَمَا هَذِه خاصته. فالمحرورون الَّذين انْطَلَقت طبائعهم جدراء بِأَن يأكلوه بدل وَمَتى طبخ بِاللَّبنِ إِذا الْجَسَد غذَاء حسنا وَلم يعقل الْبَطن. فَإِن لم تحب أَن تستعمله بِاللَّبنِ فاخلطه بِمَاء نخالة السميذ ودهن اللوز الحلو فَإِنَّهُ إِذا عمل هَكَذَا نَالَ الْبدن مِنْهُ غذَاء جيدا)
وَلم يحبس الطبيعة.
وَأما الْخبز الْمُتَّخذ مِنْهُ فَإِنَّمَا يغذي الْجِسْم غذَاء يَسِيرا ويشد الطبيعة ويبطئ فِي الْبَطن ويضعف فِي استمرائه.
وخاصة الجاورس أَنه إِذا شدّ الطبيعة أدر الْبَوْل.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن الجاورس يبرد فِي الْجُزْء الأول وييبس فِي الْجُزْء الثَّانِي وَهُوَ لطيف فِي أَجْزَائِهِ يَسِيرا.
وَإِذا اتخذ مِنْهُ كماد فِي كيس أَو صرة كَانَ نَافِعًا للتجفيف.
جرذان الْبيُوت قَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة من المفردة: إِن الجرذان الَّتِي فِي اليبوت مَتى شقَّتْ وَوضعت على لسع العقارب نَفَعت.
وَقَالَ ديسقوريدوس فِي الثَّانِيَة: إِن الجرذان الَّتِي فِي الْبيُوت مَتى شقَّتْ وَوضعت على لسع العقارب نَفَعت جدا. وَإِذا شويت وأكلت نَفَعت الْأَطْفَال الَّذين يسيل اللعاب من أَفْوَاههم.
جعدة يُسمى باليونانية فوليون. قَالَ ج فِي الثَّامِنَة من الْأَدْوِيَة المفردة: هُوَ مر عِنْد من يذوقه حريف قَلِيلا وَلذَلِك يفتح جَمِيع السدد الْحَادِثَة فِي الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة ويحرك الْبَوْل والطمث وَمَا دَامَت بعد غضة تلحم الضربات الْعَظِيمَة لَا سِيمَا نوعها ذَلِك الْأَكْبَر فَإِذا جَفتْ شفت الخراجات الخبيثة إِذا ذرت عَلَيْهَا.
وَأكْثر مَا يفعل هَذَا تِلْكَ الجعدة الصُّغْرَى الَّتِي تسْتَعْمل فِي صَنْعَة المعجونات لِأَن هَذِه أَمر وَأَشد وَأحد وَأكْثر حرافة من تِلْكَ الْكُبْرَى حَتَّى أَنَّهَا تكون فِي الْجُزْء الثَّالِث مِمَّا ييبس وَفِي الثَّانِي مِمَّا يسخن.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الثَّالِث: إِن فوليون وَهُوَ الجعدة مِنْهَا مَا هُوَ جبلي وَيُسمى طريويون وَبِه يعالج وَإِنَّمَا هُوَ ثنمش صَغِير دَقِيق الْوَرق طوله نَحْو من شبر وَفِي أَعْلَاهُ رَأس كالكرة صَغِير فِيهِ كالشعر الْأَبْيَض ثقيل الرَّائِحَة مَعَ لذاذة قَليلَة وَهُوَ مَمْلُوء من الْوَرق أَعنِي الْقَضِيب محشو مِنْهُ.
وَأما نوعها ذَلِك الآخر فأكبر وَأعظم غي أَنه لَيْسَ بِقَوي فِي رَائِحَته كالنوع الأول بل
(6/88)
أَضْعَف مِنْهُ قُوَّة وَلَكِن لَهُ قُوَّة. إِن طبخ وَشرب مَاء طبيخه نفع من لسع الْحَيَوَان المؤذي وَمن بِهِ استسقاء)
وينفع من بِهِ يرقان وَمن لَهُ ألم الطحال مَعَ الْخلّ إِلَّا أَنه مصدع للراس رَدِيء للمعدة ويسهل وَإِذا فرش أَو دخن بِهِ طرد الْهَوَام العادية وَإِذا تضمد بِهِ أدمل.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن فوليون وَهِي الجعدة الصُّغْرَى مِمَّا يسخن ويجفف فِي الْجُزْء الرَّابِع وَيفتح جَمِيع سدد أوعية الْجوف ويهيج الْبَوْل والحيضة وَإِذ هِيَ رطبَة تدمل الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة. فَإِذا جَفتْ أدملت وشفت القروح الخبيثة العادية مَتى ذرت عَلَيْهَا.
جلنار وَيُسمى رمانا مصريا وباليونانية: اورسطون. وَقَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن هَذَا إِنَّمَا هُوَ بهار الرُّمَّان الْبري كبهار الرُّمَّان الْكُوفِي الَّذِي هُوَ الأهلي إِلَّا أَنه قوي الْقَبْض فِي مذاقته وَهُوَ ذُو قُوَّة ميبسة مبردة غَلِيظَة.
إِن كُنَّا ذاكرين لما قيل فِي الْمقَالة الرَّابِعَة من هَذَا الْكتاب حَيْثُ بَينا أَن كل شَيْء قَابض أرضي بَارِد غير أَنه لَيْسَ فِيهِ طعم مَعْلُوم وَمن أجل ذَلِك فلنصيره ميبسا مبردا لَيْسَ بِقَلِيل إِن كُنَّا قُلْنَا صَوَابا فِي ذَلِك الْمقَال الرَّابِع: إِن الْقَبْض لَازم للأدوية الأرضية المبردة وَقد يشْهد على هَذَا مَا يظْهر مِنْهُ وَذَلِكَ أَنه إِن ذَر على الْعقر وَغَيره من الدبر رَأَيْته قد ألحمها سَرِيعا ثمَّ فِي علاج نفث الدَّم أَيْضا وَمن فِي معاه قرحَة وَفِي علاج البلة المتجلبة إِلَى الْبَطن وَالرحم وَلَيْسَ من أحد إِلَّا وَهُوَ يسْتَعْمل هَذَا الدَّوَاء من الْأَطِبَّاء الَّذين كتبُوا الْكتب الشافية.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الأولى: إِن الجلنار فقاح الرُّمَّان الْبري وأنواعه شَتَّى وَذَلِكَ أَنه يُوجد مِنْهُ مَا هُوَ على لون الْورْد وشبيه بفقاح الرُّمَّان الأهلي وَقد يتَّخذ مِنْهُ عصارة كَمَا يتَّخذ من الهيوفسطيداس والكثا وَهُوَ فقاح الرُّمَّان الأهلي.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن الجلنار فقاح الرُّمَّان الْبري وَهُوَ قوي الْقَبْض بَارِد فِي قوته يَابِس قد يخْتم الْجرْح فِي قرح الْبدن وَيحبس البلل.
جَار النَّهر اسْمه باليونانية بوطاموغيطن قَالَ ج فِي الثَّامِنَة من أدويته المفردة: إِنَّه يبرد وَيقبض مثل البرشيان دارو إِلَّا أَن طبعه أغْلظ من طبع ذَلِك.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الرَّابِع: إِن بوطاموغيطن الْمُفَسّر بجار النَّهر لَهُ ورق كورق السلق زبيري يشرب من المَاء قَلِيلا وَهُوَ مبرد قَابض نَافِع من الحكة والقروح المتأكلة العتيقة. وَإِنَّمَا سمي بجار النَّهر لِأَنَّهُ ينْبت فِي الْمِيَاه فِي الْأَمَاكِن الرّطبَة الندية.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن بوطاموغيطن وَهُوَ جَار النَّهر يقبض أَيْضا ويبرد بِمَنْزِلَة البرشيان دارو وقوته على ذَلِك الْمِثَال.
جميز قَالَ ج فِي الثَّامِنَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن الجميز ذُو قُوَّة حارة محللة من أجل اللَّبن
(6/89)
المحتبس فِيهِ الْعَام لجَمِيع شجرته فَإِن طبخ فش الأورام الصلبة. وَإِن تضمد بِهِ من غير طبخ نفع الغدد الَّتِي تسمى بالتفاج وَقطع الخيلان والتوته.
وَقَالَ د: فِي الْمقَالة الأولى فِي حطب التِّين: إِن التِّين الْفَج الَّذِي يُسمى الجميز ويسميه أنَاس هرنيا إِذا طبخ وتضمد بِهِ لين كل وثء وَخَنَازِير. وَمَتى سحق غير مطبوخ وخلط مَعَ البورق والدقيق وتضمد بِهِ استأصل الغدد الَّتِي تسمى رُؤُوس الْآثَار والتوته.
وورق الجميز أَيْضا يفعل مثل ذَلِك ثمَّ إِذا دق وخلط مَعَ الْخلّ وَالْملح نفع الحزاز وقروح الرَّأْس وبغاث اللَّيْل. وَقد تحك بِهِ الجفون الخشنة المتشققة كالتين.
فَأَما ورق التينة السَّوْدَاء فقد تُوضَع على البرص كالضماد وأغصنانها أَيْضا على ذَلِك الْمِثَال.
وَإِذا خلطت بالعسل نَفَعت عضة الْكَلْب.
وَقد يصعد الجميز الْعظم أَيْضا إِذا خلط مَعَ ورق الخشخاش. وَإِذا خلط بالشمع حلل الدمامل والداحس. وَإِذا وضع مِنْهُ ضماد مَعَ الكرسنة والمطبوخ نَافِع من لسعة موغالى وسقولوقندار.
بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن الجميز حَار الْقُوَّة مُحَلل وَذَلِكَ من أجل اللَّبن الَّذِي فِيهِ فَإِذا طبخ حلل الأورام الصلبة. وَمَتى تضمد بِهِ نيا قلع النَّمْل والنتو.
وَهُوَ التَّمْر الَّذِي يجمعه النَّمْل إِلَى وَكره وَيُسمى قلنقلادار. قيل فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِنَّه حَار فِي الْجُزْء الأول وَهُوَ ممتد نَحْو الثَّانِي رطب فِي الْجُزْء الأول وَهُوَ يقبض قَلِيلا دسم جدا وَمن)
أجل ذَلِك هُوَ بطئ الاستمراء غاذ غذَاء كثيرا إِذا قبل هضما حسنا. ويجلب الباه.
جندبادستر واسْمه باليونانية فاسطوروس. قَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة من المفردة: إِن هَذَا دَوَاء مَحْمُود نَافِع لأدواء شَتَّى فَأَما أَنه مسخن فَإِن ذَلِك بَين لِأَنَّك إِن شِئْت سحقته نعما وخلطته بالزيت ومرخت بِهِ أَي عُضْو شِئْت أحسست باسخانه عَلَانيَة فَكل مَا كَانَ مسخنا فَمن أجل ذَلِك يحلل شَيْئا من ذَلِك الْجَوْهَر الَّذِي يدنو مِنْهُ على الْمَكَان ويجففه إِلَّا أَن يكون الشَّيْء رطبا فِي طبعه كالزيت وَالْمَاء وَتَكون حرارته إِنَّمَا هِيَ كيفيته تدخل عَلَيْهِ من خَارج إِلَّا أَنه تصير لَهُ قُوَّة حارة بِمَنْزِلَة الْأَشْيَاء الَّتِي تسخن بالنَّار أَو تُوضَع فِي الشَّمْس فِي وَقت الصَّيف.
فاجندبادستر لما كَانَ قوامه بِالْمَاءِ وَكَانَ لَهُ مَعَ هَذَا إسخان صَار من الْوَاجِب أَن يجفف إِلَّا أَن هَذَا عَام لَهُ ولأدوية أخر حارة وَلكنه لَا يجفف كتجفيفه لِأَنَّهُ ألطف مِنْهَا فَهُوَ من أجل هَذَا قوي أَكثر من غَيره من الْأَدْوِيَة المسخنة المجففة إِذْ جَمِيع الْأَدْوِيَة اللطيفة تصل إِلَى العمق بِسُرْعَة فَهِيَ لذَلِك أقوى من تِلْكَ الغليظة.
(6/90)
وَلما كَانَ الجندبادستر يصل إِلَى الْأَعْضَاء بسهولة لشدَّة غوصه وَلَا سِيمَا فِي الْأَعْضَاء المستحصفة كالعصب فَهَذِهِ الْأَجْسَام تنْتَفع بِهِ نفعا بَينا فِي الْغَايَة لمَكَان السَّبَب الْمَوْصُوف مَعَ أَن كثيرا من الْأَطِبَّاء يخطؤن فِي اسْتِعْمَال جندبادستر لأَنهم إِنَّمَا ينظرُونَ فِي هَذِه الْوَاحِدَة فَقَط أَعنِي هَل ارتعش أَو تشنج عُضْو مَا أَو عدم الْحمى أَو الْحَرَكَة أَو صَار أعْسر حسا وحركة وَلَا يعلمُونَ أَن مثل هَذِه الْأَعْرَاض قد تتصل بأعراض أخر غير متشابهة.
وَأما أَنْت فَإِن كنت قد تعلمت أَن أبقراط يَقُول: إِن التشنج قد يكون من الامتلاء وَمن الاستفراغ فَحَيْثُمَا رَأَيْت أَنه يجب الاستفراغ استفرغت ونفضت من العصب مَا هُوَ محتبس فِيهِ على غير مجْرَاه الطبيعي فَاسق الجندبادستر وضمد بِهِ الْمَوَاضِع من الْخَارِج أَيْضا وحيثما كَانَ التشنج إِنَّمَا حدث عَن يبس فَاعْلَم أَن هَذَا الدَّوَاء ضد مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
وعَلى هَذَا الْمِثَال أَيْضا هُوَ نَافِع جدا لمن يرعش من الامتلاء وَمن كَانَت بِهِ الْعلَّة من الاستفراغ فَهُوَ على أَكثر مَا يكون من المضادة والمضرة لَهُ. وعَلى هَذَا الْقيَاس من هَذِه الْعِلَل يمكنك أَن تجرب هَذَا الدَّوَاء فيمكنك أَن تقف على علل فَم الْمعدة الَّتِي يحدث عَنْهَا الفواق وتجدد الْأَمر فِيهَا فَمَتَى كَانَت هَذِه الْعلَّة إِنَّمَا حدوثها عَن الامتلاء فَمن الْوَاجِب اسْتِعْمَال الجندبادستر.)
وَمَتى كَانَ الفواق إِنَّمَا حدث عَن يبس واستفراغ أَو عَن لذع من قبل أخلاط حادة فاهرب عَن وَلَعَلَّ من ينظر فِي رَائِحَة الجندبادستر وَفِي طعمه يظنّ أَن طبعه وجوهره مُخَالف مضاد لبدن الْإِنْسَان وَلكنه إِذا اسْتَعْملهُ وَحده عيَانًا لَا يفعل شَيْئا مِمَّا تَفْعَلهُ الْأَدْوِيَة الْأُخَر الشبيهة بِهَذِهِ الَّتِي بَعْضهَا يضر فَم الْمعدة وَبَعضهَا يضر الْمعدة وَبَعضهَا الرَّأْس أَو عضوا آخر أَي عُضْو كَانَ.
وَهَذَا الدَّوَاء الَّذِي إِن أَنْت داويت بِهِ بدنا رطبا يحْتَاج إِلَى التجفيف أَو بدنا بَارِدًا يحْتَاج إِلَى يبوسة وحرارة تبينت لَهُ منفعَته الْعَظِيمَة. وَأما إِن تتبين لَهُ فِي هَذَا الْموضع مضرَّة فَلَيْسَ تتبين لَهُ أصلا فِي شَيْء من الْأَعْضَاء وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الْإِنْسَان غير مَحْمُوم أَو كَانَت حرارته فاترة لَيست بالشديدة بِمَنْزِلَة الْحمى الَّتِي تكون كثيرا مَعَ السبات وَمَعَ الْعلَّة الْمَعْرُوفَة بِالنِّسْيَانِ فَإنَّا نَحن قد أسقينا كثيرا من هَؤُلَاءِ الجندبادستر مَعَ الفلفل الْأَبْيَض من كل وَاحِد مِنْهُمَا مِقْدَار ملعقة فشربوه بِمَاء الْعَسَل وَلم تنَلْ وَاحِدًا مِنْهُم مضرَّة.
وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة أَيْضا قد احْتبسَ طمثها فَإِنِّي بعد مَا أتقدم فأستفرغ بدنهَا من كعبها استفراغا معتدلا أسقيها الجندبادستر مَعَ الفوذنج الْجبلي والنهري وَهَذَا شَيْء قد جربته فَوَجَدته فِي كل وَقت يدر الطمث من غير أَن يضر بِالْمَرْأَةِ شَيْئا من المضار وَهَذِه أَشْيَاء يَفْعَلهَا كلهَا مَتى شرب بِمَاء الْعَسَل.
وَأما من كَانَت تصيبه نفخة فِي معدته وأمعائه وَكَانَ يعسر نَفسه أَو كَانَ يعرض لَهُ مغس أَو كَانَ يعرض لَهُ فوَاق من أجل أخلاط بَارِدَة غَلِيظَة وَمن أجل ريح غَلِيظَة نافخة فَهُوَ ينْتَفع بِهِ مَتى شربه مَعَ خل ممزوج.
(6/91)
وَجَمِيع الْوُجُوه والعلل الَّتِي ينفع فِيهَا مَتى شرب ينفع مِنْهَا أَيْضا بِأَعْيَانِهَا إِذا وضع من خَارج على الْجلد مَعَ زَيْت عَتيق أَو مَعَ الزَّيْت الْمُسَمّى سقراوينون. فَأَما من كَانَ بدنه مُحْتَاجا إِلَى حرارة كَثِيرَة فَيجب أَن يدلك بدنه بِهِ.
وَقد ينفع ايضا مَتى وضع على فَحم حَتَّى يصعد بخوره ويستنشق الْإِنْسَان دخانه وخاصة فِي جَمِيع الْعِلَل الْبَارِدَة الرّطبَة الَّتِي تحدث فِي الرئة وَفِي الدِّمَاغ.
فَأَما فِي جَمِيع علل النسْيَان والسبات الكائنة مَعَ الْحمى فدواؤها بِهِ من غير أَن تخلطه بِوَاحِدَة من هَذِه الْأَنْوَاع الزيتية الَّتِي ذَكرنَاهَا لَكِن يجب أَن تخلطه إِذا داويتها بِهِ بدهن الْورْد وتضعه على الرَّأْس.)
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن الجندبادستر يسخن ويجفف مَعَ لطافة وَهُوَ من أجل ذَلِك ينفع ألم الأعصاب الْكَائِن من كَثْرَة الكيموسات وينفع آلاما أخر كَثِيرَة ويسخن الْأَعْضَاء الْبَارِدَة مَتى أدنى من خَارج.
وَإِذا شرب مَعَ مَاء فَإِنَّهُ لَيْسَ يضر أَعْضَاء أخر مَتى كَانَت بالعليل حمى غير قَوِيَّة كَمَا تكون فِي وَأما آلام الكائنة فِي الدِّمَاغ وَفِي الرئة مَتى استنشق دخانه نفع نفعا عَظِيما.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الثَّانِي: إِن الجندبادستر وَهُوَ مذاكير حَيَوَان ذِي مثويين أَكثر مَأْوَاه فِي المَاء يغتذى بالسمك والسرطانات نَافِع للسع الْهَوَام وَهُوَ معطس أَيْضا.
وَجُمْلَة القَوْل: الْمَنْفَعَة فِيهِ مُخْتَلفَة متفننة إِلَّا أَنه إِذا شرب مِنْهُ مقَال مَعَ الفوتنج الْبري أهاج الْحَيْضَة وَأخرج الأجنة والمشيمة.
وَقد يشرب مَعَ خل للنفخة والمغس والفواق والأدوية القتالة وَلَا سِيمَا من شرب ذَلِك الدَّوَاء الَّذِي يُقَال لَهُ الكساس.
وَقد يوقظ أَيْضا من بِهِ ذَلِك الدَّاء الْمُسَمّى ليترغس وَهُوَ النسْيَان ولسائر من يغرق فِي السبات مَتى طبخ مَعَ دهن ورد وخل وَمسح بِهِ مقدم الرَّأْس. وَإِذا استنشق بِهِ أَو تبخر بِهِ فعل ذَلِك.
وَهُوَ نَافِع من الارتعاش والتشنج وكل دَاء للأعصاب إِذا شرب أَو إِذا خلط مَعَ الزَّيْت ومرخ بِهِ الْعُضْو الْأَلَم.
وَجُمْلَة القَوْل فَهُوَ ذُو قُوَّة مسخنة فاختر مِنْهُ أبدا مَا كَانَت الخصيتان مِنْهُ ملتصقتين مزدوجتين بعضهما مَعَ بعض لِأَنَّهُ لَيْسَ يُسْتَطَاع أَن تُؤْخَذ مِنْهُمَا اثْنَتَانِ مزدوجتان فِي حجاب وَاحِد.
وَهُوَ الَّذِي فِي داخلها محتبس شَبيه بالصمغ ثقيل الرَّائِحَة دفر حَار لذاع سريع الانفراك يَنْقَسِم فِي حجب جوهرية مُتَّصِلَة بِهِ وَقد يغشه قوم بِأَن يعمدوا إِلَى الجوشير والصمغ فيعجنونه بِالدَّمِ ويخلطون مَعهَا الجندبادستر ويلقون ذَلِك فِي مثانة ويجففونه.
(6/92)
فَأَما مَا يحكون أَن الْحَيَوَان إِذا قهر فِي الطّلب قطع خصيتيه وطرحهما فَبَاطِل لِأَنَّهُ محَال أَن يصل إِلَيْهِمَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لاصقة بجسمه كخصي الْخِنْزِير وَيجب أَن يشق الْجلد عَلَيْهِمَا وَيخرج الْخصي مَعَ الْحجاب الَّذِي يحوي رُطُوبَة شَبيهَة بالعسل ويجفف وَيسْتَعْمل.
جوز وَيُسمى باليونانية فاروو.
قَالَ ج فِي الْمقَالة السَّابِعَة من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة: إِن هَذِه الشَّجَرَة أَيْضا فِي وَرقهَا وَأَغْصَانهَا شَيْء من قبض إِلَّا أَن أبين ذَلِك وَأَكْثَره فِي قشور الْجَوْز الْخَارِج إِذا كَانَ طريا وَمن أجل هَذَا يَسْتَعْمِلهُ الصباغون ايضا. وَأما نَحن فَإنَّا نعتصر هَذَا القشر وَهُوَ رطب ونأخذه عصارة التوت وثمر العليق ثمَّ نطبخه بِعَسَل فَيصير ذَلِك الرب لنا دَوَاء نَافِعًا جدا للأورام الكائنة فِي الْفَم وَالْحلق ثمَّ ينفع جَمِيع مَا تَنْفَعهُ تِلْكَ العصارات الموصوفة.
وَمَا يُؤْكَل من الْجَوْز دهني لطيف مسخن فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب يسْرع الاستحالة إِلَى المرار وخاصة مَا عتق مِنْهُ يكون هَذِه حَاله وَقد يُمكن أَن يخرج الْإِنْسَان مِنْهُ دهنه إِذا عتق وَفِي ذَلِك الْوَقْت يكون كثير التَّحْلِيل وَلذَلِك قد يداوي بِهِ قوم الْأكلَة والجمر والنواصير الكائنة فِي آماق الْعين وَقوم آخَرُونَ يستعملونه أَيْضا فِي الخراجات الْوَاقِعَة بالعصب. فَأَما مَا دَامَ حَدِيثا فان فِيهِ كَيْفيَّة قبض مَا. والجوز الَّذِي لم يستحكم بعد وَلم يجِف مثل جَمِيع غَيره من الثِّمَار مَمْلُوء رُطُوبَة غير مستمرأة.
فَأَما قشره الجاف فَإِذا أحرق كَانَ دَوَاء لطيفا جيدا مجففا من غير لذع.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الأول: إِن الْجَوْز الْكِبَار الَّذِي يُسمى جوز الْملك ويسميه آخَرُونَ الْفَارِسِي فَإِنَّهُ إِذا نضج كَانَ بطيء الاستمراء رديا للمعدة مولدا للمرة مصدعا ضارا لمن بِهِ سعال. فَإِذا أكل قبل الطَّعَام هُوَ القئ. وَمَتى أَخذ مَعَ التِّين الياس والسذاب قبل أَخذ الْأَدْوِيَة القتالة وَبعد أَخذهَا كَانَ فادزهرها. وَإِذا أَكثر من أكله نفض حب القرع.
وَقد يخلط بِهِ شَيْء يسير من الْعَسَل والسذاب ويضمد بِهِ الثدي الوارمة وَيحل التواء العصب. وَإِذا خلط بِهِ البصل وَالْملح وَالْعَسَل كَانَ صَالحا لعضة الْكَلْب وَالنَّاس. وَإِذا سحق كَمَا هُوَ بقشره وَوضع على السُّرَّة سكن المغس.
فَأَما قشره فَإِذا أحرق وسحق بِالْخمرِ وَالزَّيْت ولطخ بِهِ رُؤُوس الْأَطْفَال حسن شُعُورهمْ.
وَأنْبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب.
وَأما لبه فَإِذا أحرق وسحق وخلط بِالشرابِ وَاحْتمل فِي صوفة منع الطمث. ولب الْجَوْز الْعَتِيق مَتى سحق وضمد بِهِ الْأَعْضَاء الَّتِي وَقعت فِي سَبِيل الْميتَة والجمر والقروح الكائنة فِي زَوَايَا الْعين)
الَّتِي تَنْتَهِي إِلَى النواصير نَفعهَا وشفاها. وشفي دَاء الثَّعْلَب إِذا مضغ وَوضع على الْموضع.
وَقد يكون مِنْهُ دهن مَتى دق واعتصر.
(6/93)
فَأَما الْجَوْز الرطب فَإِنَّهُ أقل ضَرَرا للمعدة وَأَشد حلاوة وَلذَلِك يخلط مَعَ الثوم ليسكن حِدته.
وَإِذا طلي فش الخضرة الْحَادِثَة من الضَّرْبَة.
وَقَالَ فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الْجَوْز حَار رطب إِلَّا أَنه حَار فِي الْجُزْء الثَّانِي وَهُوَ مقبض رطب فِي الْجُزْء الأول نَحْو وَسطه وَإِنَّمَا رطوبته رُطُوبَة عرضية لَيست مستمرأة يسيرَة تغذي الْجِسْم غذَاء يَسِيرا وَله قبض معتدل. إِذا عتق كثر دسمه ودهنه.
فَأَما الْجَوْز الرطب فَأَقل فِي الْحَرَارَة من الْيَابِس إِلَّا أَنه غَالب عَلَيْهِ فِي اللدونة وَذَلِكَ أَنه مائي.
مسيح: والجوز الْيَابِس مَتى أنقع فِي المَاء الْحَار من بعد مَا يقشر من قشره الْبَاطِن صَارَت قوته شَبيهَة بِقُوَّة الْجَوْز الرطب وَيجب أَن يغمس فِي مري وخل ويؤكل حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ إِذا أكل هَكَذَا قلت مضرته الكائنة عَنهُ.
وخاصة الْجَوْز قمع وجع الحنك وتقرح الْعين وينفع ألم المعي الْمُسْتَقيم وَيجب أَن يشرب بعده وَأما الْجَوْز المربى بالعسل فجيد للمعدة منشف لرطوبتها وَهُوَ حَار يَابِس لمَكَان الأفاويه الَّتِي تختلط مَعَه نَافِع للكبد الْبَارِدَة.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن فارو وَهُوَ شَجَرَة الْجَوْز فِي أَغْصَانهَا شَيْء قَابض وَأكْثر ذَلِك فِي قشور الْجَوْز نَفسه وَلذَلِك مَتى طبخت عصارته مَعَ الْعَسَل كَانَ دَوَاء نَافِعًا للفم.
وَأما قشره فَإِذا أحرق كَانَ دَوَاء نَافِعًا لطيف الْأَجْزَاء مجففا من غير لذع.
وَأما الَّذِي يُؤْكَل مِنْهُ فدهني يحول إِلَى الْمرة سَرِيعا.
فَأَما دهنه فلطيف فِي أَجْزَائِهِ فَاش للأورام والعفونات.
وَأما الْجَوْز الزنج الَّذِي اكْتسب ذَلِك من أجل عتقه فَإِن لَهُ قُوَّة جالية لما فِي الْبشرَة.
جبن وَيُسمى باليونانية طورس قَالَ ج فِي الْمقَالة الْعَاشِرَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن الْجُبْن إِنَّمَا هُوَ لبن جامد وَلَكِن لَيْسَ جَمِيع الألبان تجمد وَيقبل التجبن بل إِنَّمَا يتجبن مِنْهُ مَا كَانَ الغلظ عَلَيْهِ أغلب فيسهل عِنْده انْعِقَاده ومفارقته للْمَاء.
فَأَما الْجُبْن الْعَتِيق فقد يظْهر لمن ذاقه وَشمه حريفا حادا. وَلَا جرم أَتَانِي مرّة قوم بِرَجُل فِي محفة كَانَ قد اعتراه وجع المفاصل ثمَّ كَانَ فِي مفاصله كالحصى خطر ببالي أَن أعمد إِلَى كرَاع خِنْزِير مملوح كَانَ ملقى بِالْقربِ فأطبخه وأعجن ذَلِك الْجُبْن بمرقة وأمرسه مرسا نعما وأضعه على مفاصله فَفعلت فلعمري لقد نفع ذَلِك الَّذِي كَانَ بِهِ هَذَا الدَّاء نفعا بَينا وَذَلِكَ أَن جلد الْموضع الْأَلَم تفقأ من تِلْقَاء نَفسه من غير أَن يبط بحديد فَكَانَ يخرج كل يَوْم بِغَيْر أَذَى أَجزَاء من تِلْكَ الحصايات فَهَذَا مَا وجدته بالفكرة فتحقق بالتجربة ظَنِّي.
(6/94)
فَأَما الْجُبْن الحَدِيث الَّذِي هُوَ فِي مزاجه ضد الْعَتِيق فَإِنِّي ضمدت بِهِ أَيْضا ضَرْبَة لم تكن بالكبيرة جدا كَانَت أَصَابَت إنْسَانا بالقرية وَذَلِكَ أَنه سحقته نعما وَوضعت عَلَيْهِ من خَارج ورق الحماض وَقد يُمكن إِن لم يُوجد ورق الحماض أَن يضير بدله ورق الْكَرم أَو الدلب أَو الخس أَو السلق. فَهَذَا الْجُبْن الحَدِيث الَّذِي هُوَ مُفْرد فِي قوته ألحم الضَّرْبَة.
وَأما الْجُبْن الآخر الَّذِي يُسمى عندنَا فِي برخامس وموسيا الَّتِي فَوْقنَا اوكسوغ الافسطس وَهُوَ الْمُتَّخذ من اللَّبن الرائب فَإِنَّهُ أدمل ضَرْبَة بعض أهل الْقرى لما وضع عَلَيْهَا على ذَلِك الْمِثَال وَذَلِكَ أَن للجبن الطري قُوَّة حابسة لِأَنَّهُ يبرد تبريدا معتدلا. فَأَما الَّذِي يُسمى اوكسوغ الافسطس فَإِنَّهُ مَعَ هَذِه الْقُوَّة لَهُ قُوَّة أُخْرَى تحلل قَلِيلا.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: أما الْجُبْن الرطب فكثير الْغذَاء طيب لذيذ جيد للمعدة إِذا أكل سريع النّفُوذ فِي الْأَعْضَاء منم للحم ملين للبطن باعتدال على أَنه قد يكون فِيهِ اخْتِلَاف على قدر طبع اللَّبن الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ. وَإِذا طبخ وعصر ثمَّ شوي من بعد كَانَ حابسا للطبع. وينفع أورام الْعين وآثار الْوَجْه مَتى تضمد بِهِ.
فَأَما لجبن الطري المملوح فقليل الْغذَاء إِذا أكل. وَله عمل فِي نُقْصَان اللَّحْم وَهُوَ رَدِيء للمعدة مؤذ للأمعاء.
وماؤه يغذي الْكلاب أَكثر من كل شَيْء.)
فَأَما الْجُبْن الَّذِي يُسمى إنفاقي فَإِنَّهُ جبن يتَّخذ من لبن الرماك زهم إِلَّا أَنه كثير الْغذَاء وَهُوَ يعدل الْجُبْن الْمُتَّخذ من اللَّبن الَّذِي يكون من الْبَقر وَمن النَّاس من يُسمى أنفحة الْخَيل إنفاقي.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِنَّا وَإِن كُنَّا قد قُلْنَا عَن الْجُبْن آنِفا وَلَكنَّا إِنَّمَا قُلْنَا عَنهُ قولا جزئيا لَا كليا وَمن أجل ذَلِك سنصفه أَيْضا حَتَّى يكون القَوْل فِيهِ كَامِلا غير نَاقص إِذْ نقُول هَكَذَا: إِن الْجُبْن ثَلَاثَة أَصْنَاف: أَحدهَا الْجُبْن الرطب الرائب الَّذِي يعْمل من سَاعَته وَالْآخر فَذَلِك الصلب الطري وَالثَّالِث الْجُبْن الْعَتِيق الَّذِي قد أَتَى عَلَيْهِ حِين وَعتق جدا.
فَأَما الحَدِيث الرطب الَّذِي يعْمل من سَاعَته فبارد بِقِيَاس ذَيْنك الصِّنْفَيْنِ الآخرين وَذَلِكَ انه يحل قُوَّة اللَّبن الْغَالِبَة عَلَيْهِ ومائيته كَثِيرَة وَلَيْسَ فِيهَا ملح وَلَا الأنفحة الحريفة الَّتِي تكون مِنْهَا استفادة الْجُبْن الْحَرَارَة واليبوسة وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يعْمل ليبقى زَمنا كثيرا بل للذته وطراءته وَمنعه يَوْمه ذَلِك وَلَيْسَ تَغْلِيظ الكيموس كالعتيق. وَيَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل بعد أكل هَذَا النَّوْع أكل الْعَسَل كَمَا قُلْنَا آنِفا كي تقل مضرته.
فَأَما الْجُبْن الآخر الَّذِي قد أَتَى عَلَيْهِ أَيَّام فَأَقل فِي حره ويبسه وحدته من الْعَتِيق الَّذِي قد أزمن وَأَغْلظ من الْعَتِيق فِي خلطه وَإِن كن لَيْسَ رديا كرداءة كيموس الْعَتِيق وَهُوَ سريع الاستمراء بطئ فِي الْمعدة كابطاء الْجُبْن الْعَتِيق.
وَأما ذَلِك الْعَتِيق جدا فحار يَابِس حاد بِقِيَاس نَوْعي الْجُبْن ذَيْنك وَذَلِكَ أَنه شدّ عَنهُ
(6/95)
رُطُوبَة اللَّبن من أجل تعفنه والأنفحة الَّتِي فِيهِ وَالْملح وَمن أجل ذَلِك معطش جدا رَدِيء الكيموس.
ومضرة الْجُبْن الْعَتِيق بحرارته وحرافته أَكثر من الْمَنْفَعَة الكائنة من حِدته الَّتِي هِيَ ملطفة للغلظ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمكن حِدته أَن تلطف غلظه كَمَا تقدر حرارته أَن تضر وَذَلِكَ أَن حرارته أَكثر من حرافته فَيجب أَن يخْتَار من الْجُبْن مَا لَيْسَ عتيقا وَلَا حارا جدا.
والجبن الْمُتَّخذ من اللَّبن الرائب الْيَسِير الحمضة أقل مضرَّة للمعدة من جَمِيع الأجبان الْأُخَر وَذَلِكَ أَن حموضته تشد الْمعدة وَلَيْسَ هُوَ بصعب الاستمراء.
والجبن الْمُتَّخذ من لبن الْمعز الَّتِي ترعى وتأكل العقاقير اللطيفة المفتحة كالشيح والإذخر والسعد وَأَشْبَاه ذَلِك خير من الْجُبْن المهيأ من لبن الماعز الَّتِي ترعى وتعتلف من الشحيش والعقاقير والجبن اللين أفضل من الصلب والمسترخي مِنْهُ خير من الشَّديد المكتنز.
وَاعْلَم أَن الْجُبْن الْمَصْنُوع من اللَّبن الشَّديد الحمضة رَدِيء للمعدة من أجل غلظه مولد كيموسا)
رديا من أجل الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْجُبْن الْعَتِيق وَكَذَلِكَ أَيْضا ذَلِك الْجُبْن الْمُتَّخذ من مَاء الْجُبْن الْمُسَمّى بالرخبين فِي رداءة كيموسه وَلَيْسَ بِخَير من الرخبين وَاعْلَم أَن جَمِيع أَنْوَاع الْجُبْن رَدِيء ضار للمعدة.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: ارطوروس وَهُوَ الْجُبْن أما المنعقد مِنْهُ طريا حَدِيثا فَلهُ قُوَّة حابسة مبردة يسيرَة وَلذَلِك مَتى تضمد بِهِ ألحم الْجِرَاحَات.
فَأَما ذَلِك الْمُسَمّى اكسوغ الافسطوس وَهُوَ جبن اللَّبن الحامض فَلهُ مَعَ هَذَا تَحْلِيل أَيْضا وَهُوَ أَشد إدمالا للجراح.
وَأما الْجُبْن الْعَتِيق وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ دسما فمحلل منق حاد بِقدر أَن يشفي الغدد الناتئة فِي المفاصل من أوجاعها وَلَا سِيمَا إِذا خلط مَعَ مرق لحم خِنْزِير مملوح عَتيق.
جيرانيون قَالَ ج فِي الْمقَالة السَّابِعَة من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة: إِن ورق هَذَا يشبه ورق شقائق النُّعْمَان وَأَصله حُلْو يُؤْكَل فَإِذا شرب مِنْهُ وزن دِرْهَم مَعَ مطبوخ أذهب نفخ الرَّحِم.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الثَّالِثَة: إِن ورق جيرانيون شَبيه بورق شقائق النُّعْمَان مشقوق مستطيل وَأَصله مدمج حُلْو مدور يُؤْكَل وَإِذا شرب مِنْهُ وزن دِرْهَم مَعَ الْمَطْبُوخ فش نفخة الرَّحِم.
وَقد يُسمى أنَاس جيرانيون أَيْضا عشبا آخر لَهُ جذور رقاق مستطيلة نَحْو من شبرين وورقه شَبيه بورق الخباز وَفِي رُؤُوس فروعه انثناء معقفة إِلَى فَوق كَأَنَّهَا رُؤْس الكراكي مَعَ منافذها أَو ألسن الْكلاب. وَلَيْسَ فِيهِ للطب مَنْفَعَة.
(6/96)
جوزهندي وَهُوَ نارجيل: قيل فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الْجَوْز الْهِنْدِيّ حَار رطب إِلَّا أَنه حَار فِي الْجُزْء الثَّانِي نَحْو وَسطه رطب فِي الْجُزْء الأول وَهُوَ منقبض وَالدَّلِيل على ذَلِك الغلظ وَالْفساد اللَّذَان يعرض لَهُ وشيكا وَهُوَ غريظ ثقيل على الْمعدة غير أَنه لَيْسَ برديء الكيموس. وَيجب أَن يتوخى مِنْهُ مَا كَانَ طريا شَدِيد بَيَاض اللب وَفِيه مَاء عذب طيب لِأَن المَاء الَّذِي دَاخله هُوَ دَلِيل على طراءته. وليقشر الَّذِي يَلِي بياضه من خَارج لِأَن قشره هَذَا صلب مكتنز بطئ فِي الْمعدة ثقيل الاستمراء: وَإِذا انهضم لم يغذ الْجِسْم إِلَّا غذَاء يَسِيرا حَقِيرًا. وليؤكل هَذَا الْجَوْز بسكر طبرزد وبفانيذ أَبيض وليفعل ذَلِك المحرورون. وَأما المبلغمون فليأكلوه بِعَسَل فائق. وَمَتى كَانَت الْمرة الصَّفْرَاء غالبة عَلَيْهِ فليتباعد عَنهُ. وليشرب المحرورون بعده سكنجبينا سكريا وجلابا سكريا متخذا من ورد رطب وليشرب المبلغمون عَلَيْهِ سكنجبينا معسلا مَعَ الميبة فَإِنَّهُ إِذا فعل هَذَا جَاوز الْمعدة وشيكا. وليستعمل على الرِّيق لَا سِيمَا يفعل ذَلِك المبلغمون وليلبثوا سَاعَة طَوِيلَة حَتَّى ينهضم وَينفذ من الْمعدة ثمَّ ينالوا الطَّعَام. وَلَكِن الْجَوْز الْهِنْدِيّ إِذا عتق أسهل حب القرع إِذا أكل لِأَن هَذِه خاصته.
ودهن الْعَتِيق مِنْهُ نَافِع للأرواح الكائنة فِي الظّهْر والركبتين والبواسير الَّتِي من أجل البلغم إِذا شرب وَإِذا تمسح بِهِ من خَارج وَذَلِكَ أَنه حَار وَلَا سِيمَا إِذا أَخذ مَعَ دهن نوى المشمش وَنوى الخوخ إِذا سقِِي من كل وَاحِد من هَذِه الأدهان دِرْهَم أَو مِثْقَال.
وخاصة الْجَوْز الْهِنْدِيّ أَن يسهل حب القرع وَلَا سِيمَا إِذا عتق ودهن الْجَوْز الْهِنْدِيّ الحَدِيث إِذا طيب بِهِ الطبيخ عَظِيم النَّفْع للمبلغمين وَهُوَ أحسن كيموسا من سمن الْبَقر وَالْغنم لِأَنَّهُ لَيْسَ يلزج فيرخي الْمعدة كسمن الْبَقر وَالْغنم.
جَرَادَة النّحاس وَيُسمى باليونانية بعس قَالَ ج فِي الْمقَالة السَّابِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة: من القشور مَا هِيَ قشور النّحاس وَهِي نافعة لِأَشْيَاء كَثِيرَة وَمِنْهَا قشور الْحَدِيد أَو قشور الشابرقان وَهَهُنَا قشور أخر يُقَال لَهَا قشور المسامير. وَجَمِيع القشور تجفف تجفيفا شَدِيدا وَالْفرق وَالْخلاف بَين بَعْضهَا وَبَعض فِي أَنَّهَا تجفف أَكثر أَو أقل وَفِي أَنَّهَا أَيْضا من جَوْهَر غليظ أَو من جَوْهَر لطيف بعض أَكثر من بعض وَفِي أَن فِيهَا أَيْضا قبضا أَكثر وَأَقل.
فالقشور الَّتِي يُقَال لَهَا قشور المسامير تجفف أَكثر من الْجَمِيع لِأَنَّهَا ألطف من غَيرهَا من أَنْوَاع القشور وَذَلِكَ لِأَن فِيهَا مَعَ هَذَا زنجارا.
وَأما قشور الْحَدِيد فالقبض فِيهَا أَكثر وَهُوَ فِي قشور الشابرقان أَكثر مِنْهُ فِي قشور الْحَدِيد وَالْمرَاد بالشابرقان الْحَدِيد الَّذِي هُوَ صلب جدا وَلذَلِك صَار هَذَانِ النوعان من القشور أَنْفَع فِي الخراجات الخبيثة من قشور النّحاس.
(6/97)
وَأما قشور النّحاس فَهِيَ تنقص اللَّحْم وتذيبه أَكثر من قشور الْحَدِيد وقشور الشابرقان.
وَأما قشور المسامير فَهِيَ فِي ذَلِك أَكثر من قشور النّحاس.
وَجَمِيع أَنْوَاع القشور يلذع لذعا لَيْسَ بالدون وَهَذَا مِمَّا يدل على أَن قوام جوهرها لَيْسَ هُوَ بِكَثِير اللطافة بل هُوَ أَحْرَى أَن يكون أغْلظ وَذَلِكَ لِأَن الألطف دَائِما من الْأَشْيَاء الَّتِي قوتها قُوَّة وَاحِدَة بِعَينهَا على مَا بَينا فِي مَا تقدم من قَوْلنَا هَذَا هُوَ أقل تلذيعا.
وَقَالَ د فِي الْمقَال الْخَامِس: إِن جَرَادَة لنحاس أما تِلْكَ الكائنة من مَعْدن النّحاس القرسي وَهِي الغليظة الَّتِي تسمى المسمارية فَإِنَّهَا فائقة. وَأما الكائنة من النّحاس الْأَبْيَض فردية وَهِي رقيقَة ضَعِيفَة. وبالواجب أَن تجتنب وتختار تِلْكَ الغليظة الَّتِي فهيا خضرَة الَّتِي إِذا نضح عَلَيْهَا خل صديت. فَأَما قوتها فقابضة ضامة ملطفة منقية تحبس الأواكل عَن التَّقَدُّم والانبساط وتختم الْجراح. وَمَتى شربت مَعَ الْعَسَل نقصت المَاء.
وَمن النَّاس من يعجنا مَعَ الدَّقِيق وَيعْمل مِنْهَا حبا ويعطيها لتزدرد.
وتخلط فِي الأكحال وَذَلِكَ أَنَّهَا مجففة للقروح مذيبة لجسأة الجفون.
وَهَكَذَا تغسل: اعمد إِلَى جَرَادَة النّحاس الْيَابِس فنق مِنْهَا رطلا ثمَّ ألقها فِي هاوون مَعَ مَاء صَاف وحركها بِيَدِك نعما حَتَّى ترسب الجرادة ثمَّ الْتقط كل مَا يطفو على المَاء وصب عَلَيْهَا)
مَاء الْمَطَر أُوقِيَّة وابسط كفك وادلك بهَا الهاوون نعما كَأَنَّك تمرسها أَو تفرغها فَإِذا بدأت اللزوجة بِالْخرُوجِ مِنْهَا فزد عَلَيْهَا مَاء قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تتمّ سِتّ أَوَاقٍ واعركها وامرسها مرسا قَوِيا. ثمَّ أمسك الجرادة بِيَدِك وامرسها على جنب الهاوون مرسا قَوِيا وصف عَنْهَا ذَلِك المَاء وَأمْسك الجرادة بِيَدِك وأوقعه فِي إِنَاء نُحَاس أَحْمَر فَإِن هَذَا لب الجرادة وفقاحها ثمَّ هُوَ قوي الْقُوَّة ملائم صَنْعَة الأكحال.
فَأَما بَاقِيهَا فضعيف وَمَا بَقِي مِنْهُ فاغسله على ذَلِك الْمِثَال وَصفه حَتَّى لَا يخرج مِنْهُ لزوجة أصلا ثمَّ بعد ذَلِك غط المَاء بِخرقَة واتركه يَوْمَيْنِ لَا يُحَرك الْبَتَّةَ وَبعد ذَلِك أهرق عَنهُ المَاء وَمن النَّاس من يغسل جَرَادَة النّحاس أَيْضا كَمَا يغسل القليميا ويرفعها ويحفظ.
وَأما جَرَادَة الشابرقان فقوتها وَقُوَّة جَرَادَة النّحاس وَاحِدَة وَمثلهَا تغسل ويتحفظ بهَا وَلكنهَا فِي بعض الطبيعة دون جَرَادَة النّحاس.
وَقَالَ بولس فِي الْمقَال السَّابِع: إِن الجرادات كلهَا قَوِيَّة اليبس وَالْقَبْض قَوِيَّة اللذع وَلَكِن جَرَادَة النّحاس أَشد تجفيفا وألطف وَذَلِكَ أَن فِيهَا صدء لَا سِيمَا تِلْكَ الكائنة من مسامير النّحاس القبرسي الَّتِي تسمى المسمارية.
فَأَما جَرَادَة الْحَدِيد فذات قبض يسير وجرادة الشابرقان خاصتها النَّفْع من القروح الخبيثة الْجَوْهَر إِلَّا أَن جَرَادَة النّحاس تنقى خَاصَّة وتذوب اللَّحْم.
(6/98)
جَرَادَة وَيُسمى باليونانية قريدس أما جالينوس فَلم يذكرهُ وَأما د فَقَالَ فِي الْمقَال الثَّانِي: إِن الْجَرَاد مَتى تبخر بِهِ نفع من عسر الْبَوْل وَلَا سِيمَا الْعَارِض للنِّسَاء.
فَأَما جنس ذَلِك الْجَرَاد الَّذِي يُسمى ركسادوسحرس ويسميه آخَرُونَ الْحمار وَهُوَ الحرجل لَيْسَ لَهُ أَجْنِحَة طَوِيل الرجلَيْن مَتى جفف وسحق بعد أَن يكون قد أدنى من النَّار وَشرب مَعَ الْمَطْبُوخ نفع من لسعة الْعَقْرَب نفعا بَينا وَأكْثر من يَسْتَعْمِلهُ أهل لينوي الَّذين فِي ذَلِك الْبَلَد الَّذِي وَأما بولس فَقَالَ فِي الْمقَال السَّابِع: إِن الْجَرَاد مَتى تبخر بِهِ نفع عسر بَوْل النِّسَاء خَاصَّة فَأَما ذَلِك الَّذِي لَيست لَهُ أَجْنِحَة فنافع لمن لسعته عقرب مَتى شرب مَعَ مطبوخ.
انْقَضى حرف الْجِيم.
(6/99)
3 - (بَاب الْحَاء)
حِنْطَة قَالَ د: مَتى أكلت نِيَّة ولدت الدُّود فِي الْبَطن.
وَمَتى مضغت وتضمد بهَا نَفَعت من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَقَالَ جالينوس فِي الْحِنْطَة: إِنَّهَا إِن وضعت من خَارج الْجِسْم سخنت فِي الأولى وَلَا يظْهر لَهَا تجفيف وَلَا ترطيب وفيهَا شَيْء لزج يغرى بِهِ ويشد.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن هَذِه الْحبَّة أَنْفَع الْحُبُوب لأكْثر النَّاس والكثيف المكتنز الْعسر الرض مِنْهُ يغذو غذَاء كثيرا. فَأَما الرخو الْخَفِيف الْوَزْن فبضد ذَلِك وَمَا ينحدر من ثفل الْحِنْطَة أَكثر وأسرع لِكَثْرَة النخالة فِيهَا. وَالْحِنْطَة المسلوقة بطيئة الهضم نافخة فَإِن استمرأت كَانَ غذاؤها كثيرا. وزادت فِي الْقُوَّة زِيَادَة بَيِّنَة وأسخنت إسخانا بَينا. وَمَتى أَكلته الحبلى لم تسلم من مضرته.
قَالَ: ابْن ماسويه: إِن الْحِنْطَة حارة فِي الأولى معتدلة فِي الرُّطُوبَة واليبس غير أَنَّهَا إِلَى الرُّطُوبَة أميل لاكتسابها ذَلِك زعم من المَاء وَالدَّلِيل فِيمَا ذكرنَا على ذَلِك كَثْرَة غذائها وَأَنَّهَا إِذا وَقَالَ: هَذِه الْخَاصَّة لَهَا.
قَالَ: وَالْحِنْطَة لَا تجفف لَكِن تنضج.
حِنْطَة سَوْدَاء قَالَ جالينوس: إِنَّه غذَاء كالحنطة وَله تَقْوِيَة ولحوج ومزاجه شَبيه بمزاج الْحِنْطَة)
إِلَّا أَنه أَشد لزوجة مِنْهَا وَلذَلِك هُوَ أَكثر غذَاء مِنْهَا. وَقد يَجْعَل فِي الْحبّ مَادَّة الْخلّ وَمَاء الْبَحْر وَجَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي تجفف.
فَأَما الخندروس فِي نَفسه فَلَا يجفف لَكِن ينضج كالحنطة وَهُوَ يُولد خلطا غليظا ويبطئ بالانحدار وَهُوَ كثير الْغذَاء قَوِيَّة.
خبز قَالَ د: الْخبز الْمُتَّخذ من السميذ أَكثر غذَاء من الخشكار والمعمول من حِنْطَة خَفِيفَة الْوَزْن أسْرع نفوذا وَأَقل غذَاء.
قَالَ ج: الْخبز الْكثير النخالة سريع الْخُرُوج عَن الْبَطن قَلِيل الْغذَاء وبالضد الْقَلِيل النخالة يبطئ غَايَة الإبطاء فِي الْخُرُوج وَيكثر غذاؤه.
قَالَ: وعجين مثل هَذَا الْخبز لزج يَمْتَد إِذا مد وَلذَلِك هُوَ أحْوج إِلَى التخمير وَكَثْرَة الدعك والعجن وَألا يخبز من سَاعَته وَأما عجين الْخبز الْكثير النخالة فبضد ذَلِك وَلذَلِك
(6/100)
فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج أَن يلبث كثير لبث فِي التَّنور. وَبَين هذَيْن خبز متوسط فِي كَثْرَة النخالة وقلتها. والنخالة تكْثر إِمَّا لِأَنَّهُ مَعْمُول من حِنْطَة خَفِيفَة الْوَزْن رخوة أَو يكون مَعْمُولا بِغَيْر استقصاء ويقل تغذية هَذَا لهَذِهِ الْعِلَل.
وأجود أَنْوَاع الْخبز للاستمراء أَكْثَرهَا اختمارا وأجودها عَجنا المنضج بِنَار لينَة معتدلة كَيْلا يتشيط خَارجه وَيبقى دَاخله نيا فَإِن الْخبز الَّذِي حَالَته هَذِه رَدِيء من أجل أَن بَاطِنه نيء وَظَاهره خزفي. فَأَما النَّار الضعيفة فَتتْرك الْخبز نيا.
وَبَعض أَنْوَاع الْخبز أوفق لبَعض الْأَبدَان فأوفق الْخبز للَّذين يرتاضون رياضة صعبة كَثِيرَة الَّذِي لم يستحكم نضجه وَلَيْسَ فِيهِ خمير وَلَا ملح كثير. وَأما للمشايخ والتاركين الرياضة والناقهين فالكثير الخمير الْمُحكم النضج.
فَأَما الفطير فَإِنَّهُ غير مُوَافق لأحد من النَّاس وَلَا يقدر على استمرائه الفلاحون على أَنهم أَشد النَّاس وَأَكْثَرهم كدا فضلا عَن غَيرهم وهم أقوى النَّاس على استمراء لجَمِيع الْأَطْعِمَة الغليظة.
فَأَما خبز الفرن فَإِنَّهُ دون خبز التَّنور فِي الْحَمد لِأَن بَاطِنه لَا ينضج كنضج ظَاهره.
وَأما خبز الطابق وَالْخبْز الَّذِي يدْفن فِي الْجَمْر وخبز الْملَّة فكله رَدِيء لِأَن بَاطِنه نيء لَا ينضج بالسواء.
وَأما الْخبز المغسول فَإِنَّهُ قَلِيل الْغذَاء وَهُوَ أبعد أَنْوَاع الْخبز عَن توليد السدد لِأَن لزوجته وغلظه)
وَقَالَ روفس: الْخبز الخشكار يلين الْبَطن والحواري يعقله والمختمر يلين والفطير يشد الطبيعة والرغيف الْكَبِير أخف من الرَّغِيف الصَّغِير وَأكْثر غذَاء وخبز الفرن أرطب من خبز التَّنور وخبز الْملَّة يعقل الْبَطن والمعمول بِاللَّبنِ كثير الْغذَاء وَالْخبْز الْحَار يسخن ويجفف والبارد لَا يفعل ذَلِك وَالْخبْز الَّذِي من الْحِنْطَة السمينة الحديثة يسمن.
وَحكى حنين عَن روفس: أَن الْخبز كلما كَانَ أنقى كَانَ الْخَلْط الْمُتَوَلد مِنْهُ أَجود لكنه أَبْطَأَ انحدارا وَمَا كَانَ أَكثر نخالة كَانَ خلطه رديا وَخُرُوجه أسْرع.
وَقَالَ ابْن ماسويه: أفضل الْخبز وَأَكْثَره غذَاء السميد وَهُوَ أَبْطَأَ انحدارا وهضما لقلَّة نخالته.
ويتلوه خبز الْحوَاري فِي ذَلِك ثمَّ الخشكار وَأحمد أَوْقَات أكله فِي آخر الْيَوْم الَّذِي يخبز فِيهِ أَو من غير ذَلِك الْيَوْم قبل أَن يصلب ويجف.
وَقَالَ ج: كل خبز ومتخذ من الْحِنْطَة مسخن إِلَّا الْخبز المغسول فَإِنَّهُ قد صَار فِي قوته كالنشا.
وَحكى حنين عَن اثيناوس أَن خبز الْحِنْطَة المكتنزة لِاكْتِسَابِ الصِّحَّة أردأ وَهُوَ لتقوية الْقُوَّة أصلح وبالضد.
(6/101)
وَحكى عَن بروخس: أَن خبز الْملَّة أيبس الْخبز وأبطأه هضما وَلذَلِك يطعم للين الْبَطن والبلة الرقيقة فِي الْمعدة.
دَقِيق وعجين وَأما دَقِيق الْحِنْطَة فَقَالَ فِيهِ د: إِنَّه يتضمد بِهِ مَعَ عصارة البنج لسيلان الفضول إِلَى الْأَعْضَاء والنفخ الْعَارِض للمعي. وَمَتى خلط بسكنجبين وَوضع على البثر اللبني قلعه. وَإِذا ضمد بدقيق الْحِنْطَة المتخلخلة مَعَ خل وشراب وَافق سموم الْهَوَام.
وَإِذا طبخ حَتَّى يصير مثل الغراء والتقم نفع من نفث الدَّم من الصَّدْر. وَإِذا طبخ مَعَ نعنع وزبد كَانَ صَالحا للسعال وخشونة الصَّدْر.
وَمَتى عجن دَقِيق الْحِنْطَة وضمد بِهِ اسفل الْقدَم حل الوجع الَّذِي يكون فِيهِ.
وَقَالَ ج: دَقِيق الْحِنْطَة مَتى عجن بِمَاء الْعَسَل والدهن وضمد بِهِ حلل الأورام.
وَقَالَ: خبز الْحِنْطَة مَتى طبخ بِمَاء القراطن وعجن بِهِ وخلط بِبَعْض العصارات الْمُوَافقَة سكن الأورام الحارة بتليينه وتبريده التبريد اللين. وَالْخبْز الْعَتِيق الْيَابِس يعقل الْبَطن وَحده وَمَعَ غَيره وَالْخبْز اللين إِذا بل بِمَاء وملح وضمد بِهِ أَبْرَأ القوابي المزمنة.
خمير قَالَ د: خمير دَقِيق الْحِنْطَة جاذب ملطف للأورام الْعَارِضَة فِي أَسْفَل الْقدَم. وينضج)
سَائِر الأورام. وَمَتى خلط بِالْمَاءِ أنضج الدماميل وَفتح أفواهها.
وَقَالَ ج فِي الخمير فِي السَّادِسَة: إِنَّه ملطف يسير الْحَرَارَة وَلذَلِك صَار يجذب من عمق الْبدن بِلَا أَذَى وَلَا لذع. ويحلل وَهُوَ مركب من قوى متضادة وَذَلِكَ أَن فِيهِ حموضة بَارِدَة وحرارة نخالة قَالَ د: مَتى طبخت النخالة بخل ثَقِيف وضمد بهَا وَهِي سخنة الجرب المتقرح قلعته ونفعت الأورام الحارة فِي ابتدائها. وَإِذا طبخ بِالْمَاءِ وتضمد بِهِ سكن ورم الثدي الَّذِي ينْعَقد فِيهِ اللَّبن. وَوَافَقَ لسعة الأفعى والمغس.
أَحسب أَنه بِالشرابِ إِلَّا أَنِّي كَذَا أصبته فِي عدَّة نسخ وللشراب فِي الورم الَّذِي يكون فِي الثدي من أجل تعقد اللَّبن فعل قوي.
وَقَالَ ج: إِن للنخالة قُوَّة تجلو وتحرك المعي على دفع مَا فِيهِ.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن النخالة حارة يابسة جلاءة وَتعلم حرهَا من أَنَّهَا تحلل الأورام المتولدة من الرّيح والبلغم وَمَا يجمد تَحت الْجلد إِذا ضمد بهَا بعد طبخها بِالْمَاءِ وَيعرف يبسها من أَنه مَتى ضمد بهَا الْجلد وقتا صَالحا يبسته وَيعرف جلاؤها من أَنَّهَا إِن مرست بِالْمَاءِ وطبخ مَا أميط عَنْهَا جلا مَا يعرض فِي الصَّدْر والرئة من الخشونة.
وَحكى عَن ج أَن مَاء النخالة ملين للصدر تَلْيِينًا صَالحا وَأَنَّهَا تجلو كثيرا وتسخن يَسِيرا وتلين الْبَطن.
(6/102)
كشك الشّعير قَالَ ديسقوريدوس: مَتى طبخ كشك الشّعير مَعَ بزر الرازيانج وَجعل حساء أدر الْبَوْل.
غُبَار الرَّحَى قَالَ د: مَتى عمل مِنْهُ حساء رَقِيق وتحسى وَهُوَ فاتر نفع من نفث الدَّم من الصَّدْر.
وَمَتى طبخ بِمَاء وزيت وضمد بِهِ حلل الأورام الحارة.
وَقَالَ ج: قوته قُوَّة تغذو وتنضج إِذا تضمد بِهِ.
خبز القطائف قَالَ ج: إِنَّه يُولد خلطا غليظا لزجا وَلذَلِك يعقل الْبَطن.
زلابية قَالَ ج: جَمِيع مَا يصب من الْعَجِين على الأدهان فَينْعَقد فِيهِ يُولد خلطا غليظا.
اطرية قَالَ ج: جَمِيع مَا يتَّخذ من الفطير الغليظ كثير الْغذَاء والاطرية كَذَلِك وَهِي تغذو غذَاء كثيرا بعد أَن تستمرأ إِلَّا أَنَّهَا تسد مسالك الْغذَاء من الكبد وتغلظ الطحال الضَّعِيف)
وتعظمه وتولد الْحَصَى فِي الكلى وخاصة مَتى كَانَت الأحشاء مستعدة لذَلِك. وَكَانَت هَذِه معمولة من دَقِيق متين.
خبز قَالَ جالينوس: أصلح الْخبز لمن لَيْسَ بشاب وَلَا قوي الهضم وَلَا صَاحب رياضة الْكثير الخمير وَالْملح وَيجب أَن تجْعَل فِيهِ مِنْهُمَا مَا دَامَ لَا يُؤْذِي وَيكون بهما جيد المذاق ويجاد وعكه ويخبز فِي تنور معتدل.
نشا قَالَ ج: النشا يصلح لسيلان الْموَاد إِلَى الْعين والقروح الْعَارِضَة لَهَا وَنَفث الدَّم من الصَّدْر قَالَ جالينوس: إِنَّه يبرد ويجفف وقوته مملسة.
وَقَالَ أَيْضا: الْخبز يتَّخذ مِنْهُ ضماد إِذا كَانَ من حِنْطَة وَكَانَ فِيهِ خمير وملح ينضج لِأَن فِيهِ خميرا وملحا.
وَقَالَ بولس فِي النشا: إِنَّه يبرد ويجفف ويسكن لذع الْأَشْيَاء الحريفة.
وَقَالَ ابْن ماسويه: النشا بَارِد يَابِس للحموضة الَّتِي فِيهِ وَهُوَ جلاء ملين للبطن تَلْيِينًا معتدلا.
وَقَالَ حنين فِي كتاب الْعين: إِن النشا أبرد من الْحِنْطَة وأخف مِنْهَا وَهُوَ مغر مُسَدّد.
سويق الْحِنْطَة قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي وسط الأولى يَابِس فِي آخرهَا نَافِع لمن اعتدلت طَبِيعَته وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْبرد وَالسكر يعين على سرعَة انحداره وَهُوَ صَالح فِي الصَّيف.
وغسيله بِالْمَاءِ الْحَار يقل نفخه لِأَنَّهُ يقوم لَهُ مقَام الطَّبْخ وَمَتى غسل بعد ذَلِك بِالْمَاءِ الْبَارِد عَاد إِلَى الْبُرُودَة والتطفئة.
والنقيع أسْرع انحدارا عَن الْمعدة من الْمَطْبُوخ إِلَّا أَن الْمَطْبُوخ أقل نفخا. والنقيع
(6/103)
أصلح للمحرورين وأقطع للعطش والخلط الْمُتَوَلد من السويق بَارِد رطب لِكَثْرَة مَا يشرب مَعَه من المَاء.
وَسَوِيق السلت ملين للبطن نَافِع من السعال ملين للصدر نَافِع من هيجان الْمرة الصَّفْرَاء.
فتيت قَالَ ابْن ماسويه: أَحْمَده مَا اتخذ من الْخبز وجفف فِي الظل ودق جريشا ولت بدهن اللوز المر فَأَما المجفف فِي التَّنور فَإِنَّهُ بطئ رَدِيء فِي الْمعدة لِأَن التَّنور يورثه يبسا شَدِيدا.
ينظر فِي هَذَا.
الْحِنْطَة قَالَ ج فِي كتاب الْعَادَات: الْحِنْطَة قل مَا تنفخ من أجل حَرَارَتهَا ويبطئ انحدارها من أجل تلذذها وَإِن الْجلاء فِيهَا أقل مِنْهَا فِي الشّعير لقلَّة نخالتها.)
خبز حَار وبارد قَالَ: وَأما الْخبز فالحار فِيهِ حرارة عرضية ورطوبة بخارية فلحرارته العرضية يعطش ولرطوبته البخارية يطفو فَوق الْمعدة ويعسر استمراؤه وانحداره وينفخ للخلتين جَمِيعًا ويشبع سَرِيعا وَذَلِكَ من أجل حرارته وَمن أجل أَنه يطفو. والبارد بالضد.
وَقَالَ فِي الكيموسين: أَجود الْخبز الْمُتَّخذ من الْحِنْطَة الَّذِي قد استحكم نضجه فِي التَّنور ودعكه وتحريكه وَيجْعَل فِيهِ خمير وملح باعتدال وَيَتْلُو هَذَا فِي الْفَضِيلَة خبز الفرن.
وَقَالَ: كل خبز لم ينضج باعتدال فَهُوَ رَدِيء.
وَقَالَ فِي كتاب الْعَادَات: إِن الْحِنْطَة قَليلَة النفخ بِالْإِضَافَة إِلَى الشّعير.
وَقَالَ فِي هَذَا الْكتاب أَيْضا: الْخبز الْحَار لما كَانَت فِيهِ فضل رُطُوبَة بخارية وحرارة عرضية كَانَ بِحَسب رطوبته العرضية يطفو فَوق الْمعدة وينفخ ويعسر انحداره وَمن أجل حرارته يعطش وبسبب الخلتين مَعًا يشْبع دفْعَة وَالْخبْز الْبَارِد لَا يفعل شَيْئا من ذَلِك إِذْ لَا حرارة عرضية لَهُ وَأَن الرُّطُوبَة البخارية تحللت عَنهُ.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من طيماؤس: إِن قُوَّة النخالة مثل قُوَّة دَقِيق الكرسنة فِي الْجلاء وَإِن دَقِيق الكرسنة أحلى من دَقِيق الباقلي ودقيق الشّعير.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن الْحِنْطَة تسخن فِي الأولى وَلَا تجفف وَلَا ترطب وفيهَا لزوجة وتسديد وتغرية.
والضماد الْمُتَّخذ من خبز الْحِنْطَة هُوَ أسخن من خبز الْحِنْطَة من أجل الخمير لِأَن قُوَّة الخمير تجذب من العمق.
وَأما النشا فَإِنَّهُ يجفف أَكثر من الْحِنْطَة وَهُوَ مَعَ ذَلِك يبرد.
وَقَالَ فِي الأولى من الأغذية: إِن الْخَيل مَتى أكلت من الْحِنْطَة لم تسلم من مضرته.
قَالَ ماسرجويه: الفطير أَكثر غذَاء من الخمير.
سندهشار قَالَ: الْحِنْطَة تغذو لقُوَّة وتسكن الرّيح وَهِي ثَقيلَة دسمة تزيد فِي النُّطْفَة.
(6/104)
قَالَت الخوز: الْخبز الْحوَاري يسمن الْجِسْم.
قَالَ ماسرجويه: إِن النشا مَتى خلط بالزعفران وطلي بِهِ الْوَجْه أذهب الكلف.
والنخالة مَتى أنقعت بِمَاء لَيْلَة ثمَّ مرست وصفيت وطبخ الصفو مَعَ سكر ودهن لوز وتحسى أنضج مَا فِي الصَّدْر.)
وَمَتى أَخذ خمير الْحوَاري المعتدل فِي الاختمار فأنقع فِي المَاء ثمَّ صفي بعد ساعتين وَجعل فِيهِ وزن دانق من طباشير ودانقي سكر طبرزد فِي قدر ثَلَاثَة دَرَاهِم من المَاء وقيراطين من زعفران وَسقي الصَّبِي إِذا كَانَت لَهُ حمى وعطش فَإِنَّهُ يسكن الْحمى وَيقطع الْعَطش.
حنين: الْحِنْطَة تسخن فِي الأولى وَالْخبْز الْمُتَّخذ مِنْهَا يسخن أَكثر وَهِي معتدلة فِي الرُّطُوبَة واليبس. ودقيقها مَتى اتخذ مِنْهُ حساء جيد لنفث الدَّم والقروح فِي الرئة والصدر والسعال والخشونة.
حَماما قَالَ د: إِنَّهَا حريفة تلذع اللِّسَان طيبَة الرَّائِحَة وقوتها قابضة ميبسة مسخنة تجلب النّوم وتسكن الصداع إِذا ضمد بهَا الْجَبْهَة وتنضج الأورام الحارة. وَتَنْفَع من لسع العقارب مَتى ضمد بهَا مَعَ الباذروج الْمَكَان الملسوع. وينفع من أورام الْعين الحارة وأورام الأحشاء إِذا ضمد بهَا مَعَ الزَّبِيب. وَهِي نافعة من أوجاع الرَّحِم إِذا أدخلت الفرزجات وَإِذا جلس فِي طبيخها.
وَمَتى شرب طبيخها كَانَ مُوَافقا للكبد العليلة والكلى والنقرس.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا شَبيهَة بِقُوَّة الوج إِلَّا أَن هَذَا أَكثر إنضاجا والوج أَكثر تجفيفا.
لي يَجْعَل بدله.
قَالَ بديغورس: خاصته طرد الرِّيَاح وتنقية الْمعدة وتقوية الكبد مثل الوج سَوَاء.
قَالَ اريباسيوس: هُوَ كالوج إِلَّا أَن الوج أَكثر يبسا والحماما أَكثر هضما وإنضاجا.
وَقَالَ ج فِي الْخَامِسَة من الْفُصُول: إِن جَمِيع الْأَدْوِيَة الحارة حرارة قَوِيَّة وَلَا سِيمَا السليخة والقسط والدارصيني والحماما تصدع كَذَلِك الأفاويه أَكْثَرهَا تصدع لِأَنَّهَا حارة لَطِيفَة.
قَالَ حنين فِي كتاب الترياق: الحماما خاصته التسكين والتنويم وَهُوَ من المسكرات.
حلتيت قد ذَكرْنَاهُ مَعَ الأنجدان.
حصرم نذكرهُ مَعَ الْعِنَب.
حلزون نذكرهُ مَعَ الصدف.
(6/105)
حَبَّة خضراء: مسخنة، مَدَرَة للبول، رَدِيئَة للمعدة، تحرّك الباه. وَإِن شربت بشراب ووافقت نهش الرتيلا. ولدهنها تبريد وَقبض مثل مَا لدهن الْورْد.
وورق هَذِه الشَّجَرَة وثمرتها قابضة توَافق مَا توَافق شَجَرَة المصطكي واستعمالها مثل ذَلِك.
وصمغ هَذِه الشَّجَرَة أَجود الصموغ وَبعدهَا المصطكي ومنفعتها كمنفعتها ثمَّ صمغ التنوب وصمغ اللاطي واللاذن ثمَّ الصنوبر كل وَاحِد من هَذِه وخاصة هَذِه الصمغة مسخنة ملينة مذوبة منفية مُوَافقَة للسعال وقرحة الرئة منقية لما فِي الصَّدْر إِذا لعق وَحده أَو بِعَسَل مدر للبول ملين للبطن يلزق بهَا الشّعْر النَّابِت فِي الجفون. وَإِذا خلط بزنجار وقلقنت ونطرون أصلح الجرب المتقشر والآذان الَّتِي يسيل مِنْهَا رُطُوبَة. وَمَتى خلط بِعَسَل وزيت يصلح لحكة القروح.
وَيدخل فِي المراهم والأدهان المحللة للاعياء. وينفع أوجاع الْجنب مَتى تمسح بِهِ وَحده أَو تضمد بِهِ.
ودخان هَذِه الصموغ تصلح فِي صَنْعَة الأكحال الَّتِي تحسن هدب الْعين والمدة فِي المتأكلة والأشفال المتساقطة والدمعة.
وَقَالَ ج: دهن الْحبَّة الخضراء مركب وَذَلِكَ أَنه لَا يلين فَقَط إِذا شرب لَكِن يقبض أَيْضا.
وَقَالَ فِي الثَّانِيَة فِي دُخان البطم: إِنَّه بعيد من الْأَذَى واللذع وَهُوَ كدخان الكندر.
وَقَالَ: إِن علك الْحبَّة الخضراء أَجود العلوك بعد المصطكي وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء من المرارة وَلذَلِك صَار يحلل أَكثر من المصطكي وَلَيْسَ لهَذَا العلك قبض مَعْرُوف مثل قبض المصطكي وَلما كَانَ مرا صَار لمَكَان هَذَا الطّعْم يجلو أَيْضا حَتَّى أَنه يشفي الجرب وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يجر ويجذب من عمق الْبدن أَكثر من سَائِر أَنْوَاع العلوك لِأَنَّهُ ألطف مِنْهَا. ولعلك البطم شَيْء من التليين وَبعده فِي التليين المصطكي.)
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي شَجَرَة البطم: إِن فِي جَمِيعهَا قبضا وَمَعَ ذَلِك هِيَ تسخن فِي الثَّانِيَة وَهَذَا مِمَّا يدل على أَنَّهَا تجفف أَيْضا إِلَّا أَنَّهَا تسخن مَا دَامَت طرية رطبَة فتجفيفها يسير حَتَّى أَنَّهَا إِذا هِيَ يَبِسَتْ صَارَت تجفف فِي الثَّانِيَة.
وثمرتها تفعل ذَلِك خَاصَّة فَإِنَّهَا إِذا يَبِسَتْ صَارَت نَحْو الثَّالِثَة فِي التجفيف ويبلغ من إسخانها أَنه من يمضغها يعلم بحرها من سَاعَته وَلذَلِك صَارَت تدر الْبَوْل وَتَنْفَع الطحال.
قَالَ بديغورس: علك البطم خاصته تَحْلِيل مَا فِي الصَّدْر والإذابة.
وَقَالَ اريباسيوس: صمغ الْحبَّة الخضراء يحلل أَكثر من المصطلكي ويجلو حَتَّى أَنه يذهب الجرب والقوابي وَيُبرئ القروح الَّتِي فِي ظَاهر الْجِسْم أَكثر من سَائِر أَصْنَاف الراتينجات يَعْنِي الصموغ والعلوك.
(6/106)
وَقَالَ: فِي قشر هَذِه الشَّجَرَة وورقها وحبها قبض يسير وإسخان كَاف وَإِذا كَانَت رطبَة فَإِنَّهَا تجفف تجفيفا يَسِيرا فَإِذا جَفتْ كَانَ تجفيفها كَافِيا. وخاصة حبه إدرار الْبَوْل والنفع من الطحال.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الْحبَّة الخضراء حارة فِي الثَّانِيَة يابسة فِي وَسطهَا بطيئة الهضم تولد خلطا رديا نافعة لمن بِهِ بلغم لزج.
فَأَما الْحبّ الْكِبَار من حبها فدهنه نَافِع لأَصْحَاب البلغم والرطوبات والفالج واللقوة إِذا دهن بِهِ. وَهُوَ ضار للمحرورين نَافِع من وجع الطحال الْعَارِض من الْبرد مدر للبول. وخاصته أَن يذهب بِشَهْوَة الطَّعَام.
قَالَ جالينوس فِي الميامر: صمغ البطم يلين تَلْيِينًا كَافِيا ويحلل وينضج باعتدال وَهُوَ مَعَ هَذَا يجلو وينقي وَيفتح المجاري الضيقة. ذكر ذَلِك فِي بَاب القوباء فِي عِلّة الكبد.
قَالَ أَبُو جريج: علك البطم هُوَ علك الانباط وَهُوَ حَار فِيهِ يبس قَلِيل وَيدخل فِي المراهم لِكَثْرَة نَفعه وتنقيته الخراجات ونشفه للمدة. وَمَتى وضع مُفردا على الخراجات الصلبة لينها وأسرع نضجها وَجمع مدَّتهَا.
وَقَالَ جالينوس فِي الْخَامِسَة من تَدْبِير الأصحاء: صمغ الْحبَّة الخضراء مَتى أَخذ مِنْهُ قدر البندقة أَو الجوزة ألان الْبَطن بِلَا أَذَى وينقي الأحشاء ويجلوها أَعنِي الكبد وَالطحَال والرئة والكلى.
قَالَ فِيهَا د: إِن دَقِيق الحلبة مَتى خلط بِمَاء القراطن وتضمد بِهِ كَانَ ملينا وَيصْلح دقيقها أَيْضا)
للأورام الظَّاهِرَة والباطنة الحارة وَمَتى خلط دقيقها بنطرون وتضمد بِهِ حلل ورم الطحال.
وَمَتى جلس النِّسَاء فِي طبيخها انتفعن بِهِ من وجع الْأَرْحَام الْعَارِضَة من ورم الرَّحِم وانضمامها.
وَمَتى طبخت الحلبة بِمَاء وعصرت وَغسل الراس بعصارتها نقت الرَّأْس وحللت النخالة والقروح الرّطبَة.
وَقد تخلط بشحم الإوز وتحتمل لتليين صلابة الرَّحِم وَفتح انضمامها.
وَفِي نُسْخَة أُخْرَى يونانية زِيَادَة فِي بَاب الحلبة: إِنَّهَا مَتى اسْتعْملت طرية فِي الْأكل مَعَ الْخلّ نَفَعت من ضعف الْمعدة والقرحة فِيهَا والمعي. وطبيخها بِالْمَاءِ ينفع من الزحير والإسهال المزمن وقرحة المعي.
والدهن الْمُتَّخذ مِنْهَا إِذا خلط وأدهن بِهِ نقي الشّعْر وصفاه. وَإِذا مسحت بِهِ آثَار القروح الْعَارِضَة فِي ظَاهر الْفروج والذكور بعد اندمالها ذهبت بهَا. ولدهن الحلبة قُوَّة ملينة للدبيلة منضجة وتوافق جدا لصلابة الرَّحِم. وتحقن بِهِ الْمَرْأَة الَّتِي يعسن ولادها من أجل الْجَفَاف
(6/107)
وَخُرُوج الرطوبات وينفع من أورام المقعدة ويحتقن بِهِ للزحير والمغس ويجلو نخالة الرَّأْس والقروح الرّطبَة. وَمَتى خلط بالشمع نفع من الحرق والشقاق الْعَارِض من الْبرد. ويخلط بأدوية الكلف وبالغمر.
وَقَالَ جالينوس فِي الثَّامِنَة: الحلبة تسخن فِي الدرجَة الثَّانِيَة وتجفف فِي الدرجَة الأولى وَلذَلِك صَارَت تهيج الأورام الملتهبة. وَأما سَائِر الأورام القليلة الْحَرَارَة الصلبة فَإِنَّهَا قد تحلها وتفشها.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِنَّهَا تسخن إسخانا بَينا وتؤكل قبل الطَّعَام بالمري لتطلق الْبَطن وَهِي فِي هَذَا الْبَاب أصلح وأوفق من الترمس بِكَثِير لِأَنَّهُ فِي نفس جوهره لَيْسَ بعسر الْخُرُوج عَن الْبَطن.
وَهِي تصدع مَتى أَكثر مِنْهَا وتغثي بعض النَّاس.
وطبيخ الحلبة مَتى شرب مَعَ الْعَسَل أطلق الْبَطن وَأخرج مَا فِي المعي من الأخلاط الردية وَفِي هَذَا الطبيخ مَعَ الْعَسَل لزوجة وحرارة فَهُوَ بلزوجته مَأْمُون أَن يُؤْذِي وبحرارته يدْفع ويسكن الْأَذَى وَفِيه مَعَ هَذَا قُوَّة تجلو فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب يُحَرك المعي ويستدعيها إِلَى دفع مَا فِيهَا بالبراز إِلَّا أَنه يجب أَن يكون مَا يخلط من الْعَسَل يَسِيرا لِئَلَّا يكون لذاعا.)
فَأَما من كَانَ فِي صَدره أوجاع مزمنة من غير أَن يكون مَعهَا حمى فَيَنْبَغِي أَن يطْبخ لَهُ الحلبة مَعَ تمر لحيم وَيُؤْخَذ شيرجها فيخلط مَعَه عسل كثير ويطبخ على جمر حَتَّى يثخن ثخنا قَالَ اريباسيوس: الحلبة تهيج الأورام الحارة الَّتِي قد عرض لَهَا شبه الغليان وتحلل الأورام الَّتِي هِيَ يسيرَة الْحَرَارَة وَالَّتِي هِيَ أَكثر صلابة وتحجرا.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّهَا حارة فِي الثَّانِيَة يابسة فِي الأولى وَلَيْسَت تولد خلطا جيدا وَهِي تغثي وتصدع مَتى أَكثر مِنْهَا. وأكلها بالخل والمري يمْنَع ضررها.
وطبيخها مَتى شرب مَعَ عسل أحدر الأخلاط الردية الَّتِي فِي المعي بلزوجتها وتدر الطمث.
وَمَتى أكلت مطبوخة بِتَمْر أَو عسل أَو تين على الرِّيق حللت البلغم اللزج الْعَارِض فِي الصَّدْر وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ التَّمْر أَصْغَر وَهَذِه الصّفة يَنْبَغِي أَن تعْمل بهَا إِذا لم تكن حمى. وَهِي مغير للنكهة مطيبة لريح الرجيع مفْسدَة لرائحة الْبَوْل والعرق.
الطَّبَرِيّ قَالَ: الحلبة تنقي الصَّدْر وتهيج الباه.
قَالَ ج عِنْد ذكره للدم: إِن طبيخ الحلبة يشفي الطرفة.
وَقَالَ الْفَارِسِي: إِنَّهَا تلين الصَّدْر وَالْحلق والبطن وتزيد فِي الباه جيد للريح والبلغم وتسكن السعال والربو وعسر النَّفس جيد للبواسير.
وَقَالَ جالينوس فِي الكيموسين: مَتى أدمن أكلهَا لم يكن كيموسها مَحْمُودًا.
(6/108)
قَالَت الخوز: إِنَّهَا تزيد فِي الدَّم جدا الرّطبَة مِنْهَا.
ماسرجويه: طبيخ الحلبة يجعد الشّعْر وَيذْهب بالحزاز وينقي الصَّدْر ويغذو الرئة بعض الْغذَاء.
حنين فِي كتاب الْعين: الحلبة حارة فِي الثَّانِيَة يابسة فِي الأولى تَنْفَع من الأورام الصلبة.
حدل بَارِد يضر بالعصب ويشنجه وينفع الورم الْحَار إِذا ضمد بِهِ.
الخوز: يَقُولُونَ ذَلِك.
حناء قَالَ د: إِن لدهن الْحِنَّاء قُوَّة مسخنة ملينة مفتحة لأفواه الْعُرُوق مُوَافقَة لأوجاع الرَّحِم والأعصاب والشوصة ولكسر الْعِظَام مَتى اسْتعْمل وَحده أَو خلط بقيروطي وَيدخل فِي المراهم الْمُوَافقَة للفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ ميل الرقة إِلَى خلف وللخناق وللأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الأربية وَيدخل فِي الأدهان المحللة للاعياء.
وورق الْحِنَّاء قَابض وَلذَلِك مَتى مضغ أَبْرَأ القلاع والقروح الَّتِي فِي الْفَم الَّتِي تسمى بالجمر.
وَمَتى تضمد بِهِ نفع من الأورام الحارة. وَيصب طبيخه على حرق النَّار. وَمَتى ضمدت بِهِ الْجَبْهَة مَعَ خل سكن الصداع.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة ورق الْحِنَّاء وقضبانه مركبة وَذَلِكَ أَن فِيهَا قُوَّة محللة اكتسبتها من جَوْهَر فِيهَا مائي حَار باعتدال وفيهَا أَيْضا قُوَّة قابضة اكتسبتها من جَوْهَر فِيهَا أرضي بَارِد وَلذَلِك يصب طبيخها على حرق النَّار. وَيسْتَعْمل فِي الأورام الملتهبة والجمر لِأَنَّهَا تجففها بِلَا أَذَى وَلَا لذع. وَهُوَ نَافِع أَيْضا من القروح فِي الْفَم من غير سَبَب من خَارج وخاصة من القروح الَّتِي من جنس القلاع وينفع أَيْضا من القلاع نَفسه الْحَادِث فِي أَفْوَاه الصّبيان.
قَالَ مسيح: فعلهَا فِي الْجِرَاحَات كَفعل دم الْأَخَوَيْنِ.
قَالَ ابْن ماسويه: الْحِنَّاء بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة.
حور قَالَ د: إِنَّه مَتى شرب من ثَمَر هَذِه الشَّجَرَة مِثْقَال نفع من عرق النسا وتقطير الْبَوْل. وَيُقَال: إِنَّه يقطع الْحَبل مَتى شرب مَعَ كلى بغل. وَيُقَال أَيْضا: إِن ورقه يفعل ذَلِك مَتى شربته الْمَرْأَة بخل بعد طهرهَا.
وعصارة الْوَرق مَتى فترت وقطرت فِي الْأذن نفع من ألمها.
وثمره إِذا دق وخلط بِعَسَل واكتحل بِهِ أَبْرَأ الغشاوة فِي الْعين.
والرومي إِذا تضمد بورقه بالخل نفع من وجع قرحَة النقرس. وثمره نَافِع من الصرع.
(6/109)
وَقَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: إِن ورد هَذِه الشَّجَرَة حَار فِي الثَّالِثَة وَهُوَ معتدل فِي التجفيف والترطيب إِلَّا أَنه أميل إِلَى اليبس قَلِيلا واللطافة أولى بزهرة هَذِه الشَّجَرَة من الغلظ.
وَأما ورق هَذِه الشَّجَرَة فَهُوَ يفعل مَا يَفْعَله وردهَا إِلَّا أَن قوته أَضْعَف.
وصمغها وَهُوَ الكاربا شَبيه الْقُوَّة بِقُوَّة زهرها وَهُوَ أسخن من الزهرة.
فَأَما بزرها فَهُوَ ألطف من صمغها وَأكْثر تجفيفا إِلَّا أَنه لَيْسَ بِكَثِير الْحَرَارَة.
وَقَالَ: مزاج هَذَا مركب من جَوْهَر مائي فاتر وجوهر أرضي قد لطف وَلِهَذَا صَارَت قواه مركبة.
وَقَالَ بديغورس فِي الكاربا: إِنَّه يحبس الدَّم من أَي مَوضِع سَالَ من الْجِسْم.
وَقَالَ أَبُو جريج: الكاربا حرارته ممتزجة بِشَيْء من برد وييبس وَله خَاصَّة فِي إمْسَاك الدَّم وخاصة من الزحير ويسكن خفقان الْفُؤَاد ويمسك الْبَطن.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه نَافِع لخفقان الْفُؤَاد. والشربة مِنْهُ نصف مِثْقَال بِمَاء بَارِد. وَيحبس التحلب من الرَّأْس إِلَى الصَّدْر.
قَالَت الخوز: إِنَّه يعلق على صَاحب الأورام الحارة فينفع. وَهَذَا بَارِد نَافِع من الخفقان وَنَفث الدَّم والرعاف.
قَالَ ديسقوريدوس: مَتى تضمد بورقه أَبْرَأ نهش الْهَوَام.
حَرْبَة قَالَ بولس: قوته قُوَّة سَائِر البزور وورقه إِذا كَانَ أَخْضَر يلزق الْجِرَاحَات. وَمَتى شرب يَابسا أَبْرَأ الطحال الجاسي.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة فِي لنجيطس: هَذَا النَّبَات لَهُ بزر مثلث شَبيه بالحربة وَأَصله شَبيه بِأَصْل الدوقوا وَهُوَ يدر الْبَوْل.
وَأما النَّوْع الَّذِي يشبه ورقه ورق السقولوقندريون فورقه مَا دَامَ طريا يصلح لإدمال الْجِرَاحَات.
وَأما إِذا يبس فَإِنَّهُ يشفي الطحال الصلب مَتى شرب بالخل.
حنجرة قَالَ ابْن ماسه: الحنجرة بَارِدَة يابسة تغذو غذَاء يَسِيرا للغضروفية الَّتِي فِيهِ ولتؤكل بالأفاويه الحارة.
حضض قَالَ فِيهِ د: إِن قوته قابضة يجلو ظلمَة الْبَصَر وَيُبرئ جرب الْعين وحكتها وَيقطع سيلان الرطوبات المزمنة وَيصْلح للآذان الَّتِي تسيل مِنْهَا مُدَّة. وَمَتى تحنك بِهِ نفع من ورم الْحلق واللثة وَإِذا شرب أَو احتقن بِهِ نفع من الإسهال المزمن وقرحة المعي ويسقي بنفث الدَّم والسعال ولعضة الْكَلْب وَيحسن الشّعْر ويشفي الداحس والنملة والقروح الخبيثة. وَمَتى احْتمل قطع سيلان الرطوبات السائلة إِلَى الرَّحِم.
(6/110)
وشجرة الحضض مَتى طبخت بخل ثَقِيف نَفَعت من أورام الطحال واليرقان ويدر الطمث.
وَيُقَال إِنَّه يفعل ذَلِك هُوَ بِنَفسِهِ إِذا شرب كَمَا هُوَ مسحوقا.
وَمَتى شرب من ثَمَرَته وزن مسطون أسهل بلغما مائيا. وينفع من الْأَدْوِيَة القتالة.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: هَذَا عندنَا يسْتَعْمل فِي مداواة الكلف والأورام والقروح الْحَادِثَة فِي الْفَم والدبر والنملة والتعفن والقروح الخبيثة وَالْأُذن الَّتِي يخرج مِنْهَا الْقَيْح والسحج والرطوبة المحتقنة فِي أصُول الْأَظْفَار وَذَلِكَ لِأَن قوته قُوَّة مجففة. وَهُوَ مركب من قوى أجناسها متباينة فَوَاحِدَة مِنْهَا هِيَ لَطِيفَة محللة حارة وَالْأُخْرَى أرضية بَارِدَة وَمن أجل هَذِه الْقُوَّة صَار للحضض قبض إِلَّا أَن هَذِه قَليلَة فِي هَذَا الدَّوَاء جدا. فَأَما التَّحْلِيل والتجفيف فَلَيْسَ هما قليلين بل هُوَ مِنْهُمَا فِي الدرجَة الثَّانِيَة. وَأما الْحَرَارَة فَهُوَ مِنْهَا نَحْو الْوسط المعتدل وَلذَلِك صَار النَّاس)
يستعملون هَذَا الدَّوَاء فِي مداواة أدواء مُخْتَلفَة فيستعملونه على أَنه دَوَاء يجلو جلاء بَينا فيكحلون بِهِ الْعين لينقي مَا يكون فِي وَجه الحدقة مِمَّا يظلم الْبَصَر. وَيسْتَعْمل أَيْضا على أَنه يجمع أَجزَاء الْعُضْو ويشده فيسقي مِنْهُ أَصْحَاب استطلاق الْبَطن وَمن بِهِ قرحَة فِي أمعائه وَمن بِهِ النزف من النِّسَاء.
والهندي أبلغ فِي هَذِه الأفاعيل.
قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من الأورام الرخوة الخوارة والنفاخات فِي الْجَسَد وَالْعين وَيقطع الدَّم.
وَقَالَ اريباسيوس: قُوَّة الحضض مركب من جوهرين مُخْتَلفين: أَحدهمَا لطيف الْأَجْزَاء مُحَلل وَالْآخر أرضي بَارِد قد اكْتسب الحضض من أَجله قبضا وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي علل مُخْتَلفَة فيقام فِي بعض الأحيان مقَام دَوَاء جَامع مَانع إِذا اسْتعْمل فِي الإسهال الَّذِي عَن ضعف فِي الْمعدة وَاخْتِلَاف الدَّم وسيلان الْموَاد من الرَّحِم.
وَقد يسْتَعْمل أَيْضا فِي علاج الْآثَار الَّتِي تكون فِي الْوَجْه وَفِي الأورام الَّتِي تكون فِيهِ وَفِي الْفَم وَفِي المقعدة وَفِي القروح والأورام الساعية وَالْعين والقروح الخبيثة وَالْأُذن الَّتِي يسيل إِلَيْهَا وَمِنْهَا الْقَيْح والسحج الفخذين والداحس.
والحضض الْهِنْدِيّ أقوى فِي جَمِيع الْأَفْعَال.
قَالَ بولس: إِنَّه يَابِس فِي الثَّانِيَة معتدل فِي الْحر وَالْبرد وَمَعَهُ تَحْلِيل وَقبض يسير فَلهَذَا صَار يسْتَعْمل فِي المبطونين بِأَن يطلى على بطونهم لأجل قَبضه وتجفيفه. وَيسْتَعْمل فِي الذوسنطاريا لما فِيهِ أَشْيَاء كَثِيرَة. وَيسْتَعْمل لغشاوة الْعين لما فِيهِ من التنقية وَيسْتَعْمل فِي القروح الردية الْمَذْهَب وَفِي الأورام الحارة.
قَالَ الطَّبَرِيّ: الفيلزهرج هُوَ حَار باعتدال يُقَوي الشّعْر إِذا طلي بِهِ وينشف بلة الْعين إِذا كحل بِهِ. وَهُوَ مَاء يقطر من شجرته.
(6/111)
وَقَالَ ماسرجويه: الحضض معتدل فِي الْحر وَالْبرد قَابض. وأجود الحضض للورم الْعَرَبِيّ. فَأَما لتقوية الشّعْر فالهندي.
سندهشار قَالَ: ينفع من أوجاع الْعين والورم والجذام والبواسير والقروح.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه نَافِع من الكلف والأورام فِي الْمعدة إِذا طلي والقروح والعفونة والحمرة)
والخبيثة والمدة فِي الْأذن ويجلو الظلمَة من الْعين وَيقبض وَيحبس الْبَطن جيد لقروح المعي ونزف الدَّم من الْأَرْحَام.
حرف قَالَ ديسقوريدوس: كل حرف مسخن حريف رَدِيء للمعدة يلين الْبَطن وَيخرج الدُّود وَيحل ورم الطحال وَيقتل الأجنة. ويحرك شَهْوَة الْجِمَاع وقوته شَبيهَة بِقُوَّة الْخَرْدَل وبزر الجرجير وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل حلل ورم الطحال وأذهب القروح الشهدية. وَمَتى طبخ فِي الأحساء أخرج الفضول من الصَّدْر. وَمَتى شرب نفع من لسع الْهَوَام. وَمَتى تدخن بِهِ طردها. ويمسك الشّعْر المتساقط. ويقلع خبث النَّار الفارسية.
وَمَتى خلط بخل وَسَوِيق شعير وتضمد بِهِ نفع من عرق النسا وحلل الأورام البلغمية الحارة.
وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ المَاء وَالْملح أنضج الدمل. وورقه يفعل ذَلِك إِلَّا أَنه أَضْعَف قَلِيلا.
وَأما الْحَرْف الْأَبْيَض فَإِن شرب مِنْهُ اكسونافن قيأ وأسهل صفراء. ويحقن بِهِ لعرق النسا ويسهل الدَّم إِذا احتقن بِهِ. وَإِذا شرب فجر الدبيلات الَّتِي فِي بَاطِن الْجِسْم وأدر الطمث وَقتل الأجنة.
وَقَالَ جالينوس: بزر الْحَرْف البابلي هَذَا كَانَ باسم رومي تَفْسِيره فِي ثَبت حنين: حرف بابلي قوته حارة حَتَّى أَنه يفجر الدبيلات الْحَادِثَة فِي الْجوف إِذا شرب ويدر الطمث وَيفْسد الأجنة.
(6/112)
وَإِذا احتقن بِهِ نفع من عرق النسا بِأَن يسهل شَيْئا يخالطه دم. وَمَتى شربت مِنْهُ ثَلَاثَة أَربَاع دِرْهَم قيأ وأسهل أخلاطا مرارية.
وَقَالَ فِي السَّابِعَة فِي الْحَرْف قولا مُطلقًا: قوته قُوَّة تحرق كبزر الْخَرْدَل وَلذَلِك يسخن بِهِ أوجاع الورك الْمَعْرُوفَة بالنسا وأوجاع الرَّأْس وكل الْعِلَل المحتاجة إِلَى التحمر كَمَا يفعل ببزر الْخَرْدَل. وَقد يخلط ببزر الْحَرْف أَيْضا فِي أدوية يسقاها أَصْحَاب الربو من طَرِيق أَن الْأَمر فِيهِ مَعْلُوم أَنه يقطع الأخلاط الغليظة تقطيعا قَوِيا كَمَا يقطعهَا بزر الْخَرْدَل لِأَنَّهُ يشبه بِهِ فِي كل شَيْء.
وبقلة الْحَرْف نَفسهَا إِن جففت كَانَت قوتها كقوة البزر وَأما مَا دَامَت رطبَة فَهِيَ بِسَبَب المائية تنقص نقصا بَينا.
وَقَالَ فِي السَّابِعَة أَيْضا فِي الْحَرْف الْأَبْيَض: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة.
قَالَ اريباسيوس فِي الْحَرْف البابلي: إِن قوته حارة وَلذَلِك يفجر الدبيلات الَّتِي تكون فِي الْجوف)
ويحرك الطمث وَيفْسد الأجنة.
وَإِذا احتقن بِهِ نفع عرق النسا لِأَنَّهُ يخرج شَيْئا دمويا.
قد صَحَّ أَن ذَلِك الِاسْم فِي ثَبت حنين كَانَ صَحِيحا بِهَذِهِ الأفاعيل لِأَن هَذَا قَوْله فِي الْحَرْف البابلي أَيْضا.
بولس فِي الْحَرْف البابلي: إِنَّه مَتى شرب مِنْهُ اكسونافن أخرج من فَوق وَمن أَسْفَل فضولا مرارية.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن الْحَرْف يخرج حب القرع وَهُوَ ينفع من عرق النسا ووجع الورك ويجلو مَا فِي الصَّدْر والرئة من البلغم اللزج وَهُوَ رَدِيء للمعدة. وَمَتى شرب مِنْهُ أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو خَمْسَة بِمَاء حَار بعد سحقه أسهل الطبيعة وحلل الرِّيَاح الْعَارِضَة فِي المعي ونفع من القولنج.
وَمَتى شرب مقلوا عقل الطبيعة وخاصة إِن لم يسحق لتحلل لزوجته بالقلو.
وورقه أقل ضَرَرا للمعدة من بزره.
قَالَ الْفَارِسِي: إِنَّه ينشف الْقَيْح من الْجوف وَيزِيد فِي الباه ويشهي الطَّعَام.
قَالَ سلمويه: إِنَّه نَافِع من الاسترخاء فِي جَمِيع الْأَعْضَاء.
قَالَ ابْن ماسه: مَتى شرب بِمَاء حَار حل القولنج وَأخرج الدُّود ونفع الطحال وعرق النسا ووجع الورك وأهاج الباه وَمنع الشّعْر من السُّقُوط.
وبقله رَدِيء للمعدة.
الطَّبَرِيّ: يهيج الباه وَيقتل الأجنة قتلا قَوِيا جدا شرب أَو احْتمل. والحرف رَدِيء للمعدة ليبسه.
حاشا قَالَ فِيهِ ديسقوريدوس: إِنَّه مَتى شرب بالخل وَالْملح أسهل كيموسا بلغميا. وَإِذا اسْتعْمل طبيخه بالعسل نفع من عسر الْبَوْل وَمن ضيق النَّفس والبهر المحوج إِلَى الانتصاب والربو وَأخرج الدُّود الطوَال وأدر الطمث وَأخرج المشيمة والأجنة وأدر الْبَوْل. وَمَتى عجن بالعسل ولعق سهل وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ حلل الأورام البلغمية الحديثة. وَهُوَ يحلل الدَّم المتعقد ويقلع التوت والثآليل. وَمَتى خلط بسويق وعجن بشراب وَوضع على عرق النسا وَافقه.
وَمَتى طرح فِي الطَّعَام وَأكل نفع من ضعف الْبَصَر. وَقد يصلح اسْتِعْمَاله فِي الصِّحَّة.
وَشَرَابه ينفع من سوء الهضم وَقلة الشَّهْوَة والعصب المفرط الِاضْطِرَاب وَالْحَرَكَة والأوجاع الَّتِي تَحت الشراسيف والاقشعرار الْعَارِض فِي الشتَاء وسموم الْهَوَام الَّتِي تبرد الْجِسْم.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذَا يقطع ويسخن إسخانا بَينا فَهُوَ لذَلِك يدر الطمث وَالْبَوْل وَيخرج الأجنة وَيفتح سدد الأحشاء وينفع من النفث من الصَّدْر والرئة وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن نضعه من الإسخان والتجفيف فِي الثَّالِثَة.
قَالَ بديغورس: خاصته إِنْزَال الْحيض وَالْبَوْل وتنقية الْمعدة.
(6/113)
وَقَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِنَّه أيبس من الفوتنج وَإنَّهُ يشفي ظلمَة الْبَصَر ويحلل البلغم.
وَقَالَ اريباسيوس: يسخن ويجفف وَيقطع إسخانا وتجفيفا وتقطيعا بَينا.
قَالَ: وينفع من نفث الدَّم من الصَّدْر والرئة. وَيفتح سدد الأحشاء مَتى شرب.
حرمل قَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى سحق بالعسل وَالشرَاب ومرارة الدَّجَاج والزعفران وَمَاء الرازيانج الْأَخْضَر وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: قوته حارة فِي الثَّالِثَة لَطِيفَة وَلذَلِك يقطع الأخلاط الغليظة ويخرجها بالبول.
مَجْهُول قَالَ: الحرمل يصفي الدَّم وَهُوَ جيد للسوداء.
أَبُو جريج قَالَ: إِنَّه يقيء ويسكر شَاربه كاسكار الْخمر.
حزاء قَالَ ماسرجويه: إِنَّه يشبه السذاب فِي الْقُوَّة قَاطع للمنى نَافِع من لذع العقارب.
حبلب قَالَ فِيهِ د: إِنَّه من المسهلات.
قَالَ ابْن ماسويه إِنَّه يسهل فضولا وَيخرج حب القرع.
قَالَت الخوز: إِنَّه يسهل إسهالا قَوِيا وخاصة الديدان وَهُوَ حَار.
حسك قَالَ فِيهِ د: إِنَّه صنفان وَكِلَاهُمَا يقبض ويبرد وتضمد بِهِ الأورام الحارة. وَإِذا خلط بِعَسَل أَبْرَأ القلاع والعفونات الْعَارِضَة فِي الْفَم وأورام العضل الَّتِي عَن جَانِبي الْحلق ووجع اللثة.
وَقد تخرج عصارة هَذَا النَّبَات وتستعمل فِي الأكحال.
والبري مِنْهُ مَتى شرب مِنْهُ درخميان وتضمد بِهِ نفع من نهش الأفاعي. وَمَتى شرب بِالشرابِ نفع من الْأَدْوِيَة القتالة.
وطبيخه مَتى رش فِي مَوَاضِع براغيث قَتلهَا.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا مركب من جَوْهَر رطب يسير الْمِقْدَار فِي الرُّطُوبَة وَمن جَوْهَر يَابِس لَيست يبوسته يسيرَة مَعَ أَنه بَارِد والأغلب على الحسك الْبري الأرضية وَهُوَ قَابض. والأغلب على النَّابِت فِي المَاء الْجَوْهَر المائي وَلذَلِك هما موافقان لمنع الأورام الحارة من الْحُدُوث. وَجُمْلَة فَهِيَ صَالِحَة لمنع مَا يسيل وَينصب.
وَأما ثَمَر الحسك الْبري فَإِنَّهُ إِذا شرب فت الْحَصَى فِي الكلى.
(6/114)
وَقَالَ اريباسيوس: النَّابِت مِنْهُ فِي المَاء والنابت مِنْهُ فِي الأَرْض الْيَابِسَة يصلحان لدفع الأورام)
الحارة وَمنع انصباب الْموَاد. وَأما النَّابِت على الأَرْض الْيَابِسَة فَفِي بزره لطافة يفت الْحَصَى فِي الكلى إِذا شرب.
قَالَ ماسرجويه: إِذا شرب مَاء الحسك رطبا أذاب الْحَصَى.
سندهشار قَالَ: هُوَ جيد لوجع المثانة وعسر الْبَوْل زَائِدَة فِي الْبَاءَة.
حالبي قَالَ ج فِي بوبيون: إِن هَذَا الدَّوَاء إِنَّمَا سمي بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ نَافِع للحالب لِأَنَّهُ يشفي الورم الْحَادِث فِي الحالب إِذا وضع عَلَيْهِ من خَارج كالضماد وعلق عَلَيْهِ وقوته محللة قَلِيلا لِأَن حرارته يسيرَة وتجفيفه لَيْسَ بعنيف وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ طريا.
حب النّيل وَهُوَ القرطم الْهِنْدِيّ. قَالَ أَبُو جريج الراهب: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة أَو بَارِد أَو رطب فِي الأولى يسهل الأخلاط الغليظة.
وَقَالَ بديغورس: إِن خاصته النَّفْع من الفضول الغليظة وإسهال السَّوْدَاء والبلغم.
حمام الصَّحرَاء وَغَيره قَالَ ابْن ماسويه: فراخ الْحمام فِيهَا حرارة ورطوبة فضلية وَمن أجل ذَلِك صَار فِيهَا بعض الغلظ والنواهض أخف وَأحمد غذَاء وَيجب أَن يأكلها المحرور بِمَاء الحصرم والكزبرة ولب الْخِيَار.
وَقَالَ: للفراخ ثقل وإبطاء فِي الْمعدة قَالَه فِي كتاب الْكَمَال فِي بَاب الْمعدة.
دم قَالَ د: دم الْحمام خَاصَّة قَاطع للرعاف الَّذِي من حجب الدِّمَاغ.
زبل قَالَ د: زبل الْحمام أسخن وَأَشد إحراقا من غَيره من الزبول وَإِذا خلط بدقيق شعير وزيت وَمَاء قلع الخشكريشة من القروح الَّتِي تكون فِي النَّار الفارسية وَغَيرهَا وَيُبرئ حرق النَّار إِذا سحق بِزَيْت.
لي أَنا أسْتَعْمل دَائِما زبل الْحمام الراعية فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج إِلَى إسخان نَحْو علل الورك والصداع الْمَعْرُوف بالبيضة ووجع الأضلاع وَالظّهْر والنقرس وَقد كتبنَا مَا ذكره نصا فِي كتاب الزبول فاقرأه.
بيضه قَالَ ابْن ماسويه: بيض الْحمام كثير الْحَرَارَة زهم.)
قَالَت الخوز: مَتى طبخ زبل الْحمام بِالْمَاءِ وَجلسَ فِيهِ نفع من حصر الْبَوْل.
حرباء قَالَ ديسقوريدوس: دم الحرباء يُقَال: إِنَّه يمْنَع الشّعْر الَّذِي ينتف من الشفر من أَن ينْبت.
حب السمنة قَالَ ماسرجويه: إِنَّه حَار رطب فِيهِ دهنية كَثِيرَة وَلذَلِك يبطئ فِي الْمعدة فَإِذا انهضم كثر غذاؤه وَزَاد فِي الباه.
حب القلقل ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْقَاف.
(6/115)
حب الزلم: قَالَ عِيسَى: إِنَّه حَار فِي الثَّانِيَة رطب فِي الأولى يزِيد فِي المنى زِيَادَة صَالِحَة طيب المذاقة دسم ينْبت فِي نَاحيَة شهرزور.
حوصل قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه طَائِر كَبِير كالحمل الْكَبِير وَهُوَ نَوْعَانِ: أَبيض وأسود وَكِلَاهُمَا لَا يسخنان الْجَسَد كثيرا وَهُوَ من لِبَاس المحرورين والفتيان.
حب منشم قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه جيد للمعدة المسترخية الْبَارِدَة حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة.
حاشش دَوَاء فَارسي والخوز تَقول فِيهِ: إِنَّه أقوى من الفربيون وَإنَّهُ محرق وَإنَّهُ يكثر القئ وَهُوَ مسيخ الطّعْم. وَمن كَانَ بِهِ وجع شَدِيد وَشرب مِنْهُ زنه دِرْهَم قيأ شبه الدَّم وَلَيْسَ بِدَم خَالص وتخلص من ذَلِك الوجع. وَمَتى زَاد على دِرْهَم قَتله.
حمل قَالَ ج فِي ذكر الرئة: إِن رئة الْحمل قد وثق النَّاس بهَا أَنَّهَا تشفي السحج الْحَادِث فِي الرجل من الْخُف.
هَكَذَا كَانَ فِي كتاب اغلوقن وَوجدنَا تَفْسِيره فِي نسخ حرشفا وَلم نستحق ذَلِك.
وَقَالَ فِيهِ د: مَتى شرب بِالشرابِ عقل الْبَطن وَمَتى شربه المحموم بِالْمَاءِ عقل الْبَطن. وَقد يعلق على الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الأربية.
قَالَ جالينوس فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات يحدر بولا كثيرا منتنا مَتى سلق بشراب وَشرب ذَلِك الشَّرَاب وَلذَلِك صَار أَيْضا يذهب نَتن رَائِحَة الإبطين وَالْبدن كُله وَيفْعل هَذَا الْفِعْل بجملة جوهره من أجل أَن خاصته تخرج من الْجِسْم هَذِه الأخلاط فَأَما الْأَفْعَال الَّتِي يَفْعَلهَا بكيفياته فتدل على أَنه حَار فِي الثَّالِثَة نَحْو مبدئها وَكَذَلِكَ فِي اليبس.
قَالَ بولس فِي الحرشف نصا باسمه: إِنَّه ينقى قَلِيلا ويجفف وَفِيه شَيْء من لطافة الْأَجْزَاء.
وَقَالَ فِي العكوب: وَهُوَ اسْم عَرَبِيّ للحرشف إِنَّه مَتى شرب من عصارة هَذَا النَّبَات وزن دِرْهَم وَنصف مَعَ عسل وَمَاء حَار حرك القئ.
قَالَ أَبُو جريج: إِن صمغ الحرشف مَتى شرب مِنْهُ دِرْهَمَانِ قيأ البلغم والمرتين ونقي الْمعدة.
والجبلي أقوى فِي القئ.
وَقَالَ مسيح: الكنكر حَار رطب فِي الأولى يزِيد فِي المنى وَهُوَ كالهليون فِي أَفعاله.
وَقَالَ قسطس فِي الفلاحة: مَتى أذيب قيروطي وَشرب بِمَاء الكنكر حلل جَمِيع الأورام الصلبة وَمَتى غسل الرَّأْس بِمِائَة أذهب الحكة.
(6/116)
وَمَتى طلي بالدهن والشمع المشرب بِمَاء الكنكر على البرش فِي الْوَجْه مَرَّات قلعه. وَمَتى طلي)
على دَاء الثَّعْلَب أنبت فِيهِ الشّعْر.
الطَّبَرِيّ قَالَ: الكنكر بَارِد يهيج القئ.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الأولى رطب فِي الثَّانِيَة زَائِد فِي الباه.
قَالَ القلهمان: إِنَّه بَارِد يقبض وَيحبس الْبَطن. قَالَت الخوز: إِن الحرشف بَارِد رطب غليظ يُولد سددا.
حندقوقا البستاني يَقُول فِيهِ د: إِن عصارته مَتى خلطت بِعَسَل واستعملت نقت القروح الْعَارِضَة فِي الْعين الَّتِي تسمى ازعاما وَالَّتِي تسمى بالقاليا وَالَّتِي يُقَال لَهَا قوما وَمن غشاوة الْبَصَر.
فَأَما الْبري فَإِنَّهُ مسخن قَابض ينفع الكلف مَتى لطخ عَلَيْهِ بِعَسَل.
وَمَتى أنعم دقه وَشرب بشراب إِمَّا وَحده وَإِمَّا مَعَ بزر ملوخيا نفع أوجاع المثانة.
وَحكى حَكِيم بن حنين عَن د: إِن عصارة البستاني مِنْهُمَا مَتى اسْتعْملت مَعَ الْعَسَل جلت الْبيَاض من الْعين.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: إِن الحندقوقا البستاني يجلو جلاء معتدلا وَكَذَلِكَ هُوَ فِي التجفيف وَهُوَ متوسط فِي الْحَرَارَة.
وَأما الْبري فبزره فِي الثَّانِيَة من الإسخان. وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء يجلو.
وَأما الحندقوقا الْمصْرِيّ فَإِن بزره يتَّخذ مِنْهُ خبز.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي وسط الثَّانِيَة يدر الْبَوْل وَالْحيض وينفع من وجع الأضلاع الْحَادِث من البلغم اللزج مصدع يُولد دَمًا غليظا عكرا كدرا وَهُوَ مَحْمُود فِي وجع الْمعدة الْعَارِض من الْبرد طارد للرياح عَنْهَا يُورث وجع الْحلق ويضر المحرورين. والأمن من ضَرَره بِالْحلقِ أَن يُؤْكَل بعده الكزبرة والهندبا والخس.
قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه حَار يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة نَافِع للمعدة الْبَارِدَة والرياح الغليظة. وخاصة مَائه شدّ الْبَطن. وينفع من الهيضة.
وَمَتى صب مَاؤُهُ على لذع الْعَقْرَب سكنه. وَإِن صب على عُضْو غير ملسوع أحدث فِيهِ وجعا. وبزره أقوى من ورقه.
قَالَ الطَّبَرِيّ: إِنَّه قد عالج غير وَاحِد قد كَادُوا أَن يزمنوا بدهن الحندقوقا فَانْطَلَقت أَرجُلهم.)
ماسرجويه يَقُول: إِنَّه جيد لوجع الْأُنْثَيَيْنِ وبدء الاسْتِسْقَاء ووجع الْأَرْحَام.
(6/117)
حنظل قَالَ ديسقوريدوس: مَتى أَخذ من شَحم هَذِه الثَّمَرَة أَربع أوبولسات بأدرومالي قيأ. وَإِن خلط بنطرون وَمر وَعسل مطبوخ وَعمل حبا أسهل الْبَطن.
وَالثَّمَرَة كَمَا هِيَ مَتى جففت وسحقت وخلطت بِبَعْض أدوية الحقن نَفَعت من عرق النسا والفالج والقولنج وأسهلت بلغما وَمرَّة وخراطة ودما أَحْيَانًا. وَمَتى احتملت قتلت الْجَنِين.
وَمَتى أخرج مَا فِي جَوْفه ومليء خلا وطبخ على رماد حَار وتمضمض بِهِ وَافق وجع الْأَسْنَان.
وَإِن طبخ فِيهِ أدرومالي وَشرب أسهل كيموسا غليظا وخراطة وَهِي ردية للمعدة جدا.
وَقد يسْتَعْمل لإسهال الْبَطن بِأَن يحْتَمل.
وعصارة الثَّمَرَة إِذا كَانَ لون الثَّمر أَخْضَر إِذا دلكت على عرق النسا نَفعه.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة: طعم هَذَا الدَّوَاء مر وَلكنه مَتى شرب لم يقدر أَن يفعل أَفعَال المرارة لِأَنَّهُ يُبَادر فَيخرج مَعَ الْأَشْيَاء الَّتِي يُخرجهَا بالإسهال لشدَّة مَا هُوَ عَلَيْهِ من قُوَّة الإسهال وَإِذا كَانَ الحنظل طريا ثمَّ دلك بِهِ الورك مِمَّن بِهِ وجع لم يوجعه وركه.
وَقَالَ بديغورس: خاصته إسهال البلغم والنفع من عرق النسا.
وَقَالَ بولس: إِذا دلك بعصارته ورك من بِهِ عرق النسا نَفعه.
قَالَ الْكِنْدِيّ: الحنظل شَدِيد الْحَرَارَة لطيف يجذب من أقاصي الْجِسْم وأطرافه لحرارته ولطافته وحدته.
وخبرني غير وَاحِد أَن أصل الحنظل أعظم دَوَاء للسع الْعَقْرَب وَأَن الْأَعْرَاب مَشْهُور ذَلِك فيهم. وخبرت عَن أَعْرَابِي أَنه لسعت ابْنه عقرب فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع فَسَقَاهُ درهما من أصل الحنظل فسكن كل مَا بِهِ على الْمَكَان.
قَالَ الْبَصْرِيّ: إِنَّه مَتى سحق وطلي عَلَيْهِ سكن وَجَعه أَيْضا.
قَالَ: وَلَا سِيمَا أصل الحنظل الذّكر مِنْهُ.
الْبَصْرِيّ: هُوَ صنفان: ذكر وَأُنْثَى وَالذكر هُوَ ليفي وَالْأُنْثَى رخو أملس أَبيض.
حَدِيد توبال الشابرقان قَالَ د: إِن قوته كقوة النّحاس إِلَّا أَنه أَضْعَف فِي الإسهال من توبال النّحاس.
وزنجار الْحَدِيد قَابض إِذا احْتمل قطع نزف الدَّم المزمن من الرَّحِم. وَمَتى شرب منع الْحَبل.
وَمَتى لطخ بالخل على الْحمرَة والبثور أبرأها سَرِيعا ونفع من الداحس والظفرة والخشونة الَّتِي فِي الجفون والبواسير الناتئة فِي المقعدة ويشد اللثة. وَمَتى لطخ على النقرس نفع مِنْهُ. وينبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب الْعَتِيق الْقوي المزمن.
وَالْمَاء الَّذِي يطفأ فِيهِ الْحَدِيد المحمي مُوَافق للإسهال المزمن وقروح الأمعال وورم الطحال والهيضة واسترخاء الْمعدة.
(6/118)
وَأما خبث الْحَدِيد فَإِن قوته كقوة زنجار الْحَدِيد إِلَّا أَنه أَضْعَف. وَإِذا شرب بالسكنجبين دفع مضرَّة السم الَّتِي تسمى قرابيطش.
قَالَ ج فِي كل خبث: إِنَّه يجفف تجفيفا قَوِيا إِلَّا أَن خبث الْحَدِيد أَشد تجفيفا. وَإِن أَنْت سحقته بخل خمر ثَقِيف جدا ثمَّ طبخته كَانَ دَوَاء يجفف الْقَيْح الْجَارِي من الْأذن المزمن.
وَقَالَ بولس مَتى أطفئ الْحَدِيد المحمي فِي المَاء صَار لذَلِك المَاء قُوَّة تجفف تجفيفا شَدِيدا وَلذَلِك يصلح لأَصْحَاب الطحال. وَمَتى أطفئ فِي شراب نفع المبطونين وَمن بِهِ الذوسنطاريا والهيضة وَضعف الْمعدة.
قَالَ ماسرجويه: خبث الْحَدِيد يَابِس فِي الثَّانِيَة يُقَوي الْمعدة إِذا أنقع فِي الطلاء وَشرب مِنْهُ.
قَالَ ابْن ماسه خبث الْحَدِيد حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة مقو للمعدة الَّتِي استرخت إِذا طبخ بشراب.
لي قد صَحَّ بالتجربة نَفعه لأموريدوس ولسلس الْبَوْل ونزف دم الْحَيْضَة.
حَيَّة قَالَ د: أما الأفعى فَمَتَى طبخت اسفيذباجا بعد قطع أطرافها بملح قَلِيل وسذاب وَأكل لَحمهَا أحد الْبَصَر وَأصْلح أوجاع العصب وَمنع الْخَنَازِير فِي وَقت ابتدائها من الزِّيَادَة.
وملحها يفعل ذَلِك.
وسلخ الْحَيَّة مَتى طبخ فِي شراب وقطر فِي الْأذن كَانَ علاجا نَافِعًا من أوجاعها. وَمَتى تمضمض بِهِ نفع أوجاع الْأَسْنَان. وَقد يخلط قوم مِنْهُ فِي أدوية الْعين وخاصة سلخ الذّكر مِنْهَا.
جُمْلَتهَا قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: مَتى أخذت خيوط كَثِيرَة وخاصة مَتى كَانَت من أرجوان مصبوغ من الَّذِي يصعد من الْبَحْر فألقيت فِي عنق أَفْعَى وخنقت بهَا ثمَّ أَخذ مِنْهَا وَاحِد فلف كَمَا يَدُور فِي عنق من بِهِ ورم النغانغ أَو شَيْء من جَمِيع أورام الْحلق رَأَيْت مِنْهُ عجبا من فعله.
وَقَالَ فِي ذكر اللحوم: لُحُوم الأفاعي تسخن وتجفف الْبدن مَتى طبخت بالزيت وَالْملح والشبث وَقد تقدر أَن تعلم أَن لحم الأفعى ينقى ويحلل من جَمِيع الْبدن أَشْيَاء يُخرجهَا من الْجلد مِمَّا أَقُول: وَهُوَ أَن بعض النَّاس قد اتّفق أَن شرب شرابًا قد مَاتَت فِيهِ أَفْعَى وَهُوَ مجذوم فتساقط عَنهُ غلظ جلده وَصَارَ بدنه على مِثَال مَا عَلَيْهِ لحم الحلزون والأصداف والسرطانات وَإِذا سَقَطت جثثها الشبيهة بالأخزاف فبرئ برءا تَاما.
وَآخر اتّفق لَهُ ذَلِك فبرئ نَحْو مَا برِئ الأول.
وَاتفقَ لرجل فيلسوف قد اسْتَعْملهُ بِاخْتِيَارِهِ فبرئ نَحْو برئهما إِلَّا أَنه أعقبه تقشر الْجلد وداويناه نَحن من ذَلِك التقشر حَتَّى برِئ.
(6/119)
وأشرنا أَيْضا على رجل يصيد الأفاعي كَانَ قد ابْتَدَأَ بِهِ الجذام بِأَن يأكلها مطبوخة بملح وَمَاء فبرئ من علته أَيْضا.
وَرَأى رجل فِي الْمَنَام وَهُوَ مجذوم أَن يشرب ترياق الأفاعي وَيمْسَح بِهِ بدنه كُله فَفعل فتغيرت علته بعد أَيَّام يسيرَة إِلَى تقشر الْجلد ثمَّ برِئ من ذَلِك أَيْضا.
فللحم الأفاعي من التجفيف مَا يفعل مَا ذكرنَا وَلَكِن قد يعرض مِنْهَا مرَارًا كَثِيرَة عَطش شَدِيد متْلف لَا يروي صَاحبه من المَاء لَكِن ينشق بَطْنه مِنْهُ وَيجب أَن يجْتَنب المعطشة وَأكْثر مَا يكون فِي شطوط الْأَنْهَار والسباخ.
وَجُمْلَة أَقُول: إِن لُحُوم الأفاعي تحلل وتجفف تحليلا وتجفيفا قَوِيا مَعَ أَنه يسخن قَلِيلا وَيُشبه أَن)
تكون قوته قُوَّة تبادر فِي الصعُود إِلَى الْجلد فتنفض وتدفع مِنْهُ جَمِيع مَا فِي الْجِسْم من الْفضل وَلذَلِك صَار يتَوَلَّد مِنْهُ فِي الْجِسْم قمل كثير وَيسْقط عَن الْجِسْم شَبيه بالقشور.
قَالَ: وَذكر قوم أَن سلخ الْحَيَّة مَتى غلي بالخل وَأمْسك فِي الْفَم شفي وجع الأسنن.
وَقَالَ اريباسيوس فِي الأفعى: إِن قُوَّة لحومها قَوِيَّة التجفيف يسيرَة الإسخان وَمن شَأْنهَا تَحْرِيك الفضول إِلَى نَاحيَة الْجلد وتفرغها وَلذَلِك يتَوَلَّد عَن أكلهَا قمل كَثِيرَة فِي الْجِسْم الَّذِي قد اجْتمعت فِيهِ كيموسات ردية وينفش وَيسْقط من جُلُودهمْ شَبيه بالقشور وَهُوَ الْخَارِج الغليظ الْمَانِع للأخلاط الغليظة أَن تنْحَل عَن الْجِسْم فَيحدث فِيهِ لذَلِك جربا وتقشر الْجلد.
وَقد تطبخ لحومها بملح وشبث وكراث وزيت وَمَاء ويجتنب المعطشة وَالَّتِي على السواحل فَإِنَّهَا لَا تؤمن أَن تكون معطشة. ويبلغ من قوتها على تنقيتها للبدن أَن تنقى الجذام.
وَقَالَ بولس: سلخ الْحَيَّة يجفف غَايَة التجفيف وَإِذا غلي مَعَ الْخلّ ذهب يوجع الْأَسْنَان. وسلخ الأفعى إِذا سحق مَعَ الْعَسَل واكتحل بِهِ أحد الْبَصَر جدا. وَمَتى أحرق وَوضع على دَاء الثَّعْلَب أنبت الشّعْر فِيهِ إنباتا عجيبا.
وَقَالَ: شَحم الأفعى يمْنَع من نَبَات الشّعْر فِي الْعين وَمن نزُول المَاء فِيهَا.
وَقَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: مَتى دقَّتْ الأفعى وضمد بهَا النهشة سكن الوجع.
قَالَ ابْن ماسويه وَابْن ماسه: الأفعى مَتى طبخت اسفيذباجا وأكلت جلت الْبَصَر ومنعت الْخَنَازِير وأبرأت الجذام.
وَقَالَ بعض عُلَمَاء اليونانيين: إِنَّه من أدمن أكلهَا طَال عمره.
حمَار الْحصْر وحوافرها يُقَال إِنَّهَا مَتى أحرقت وشربت أَيَّامًا كَثِيرَة وزن فلنجارين فِي كل يَوْم نَفَعت المصروعين.
(6/120)
وَإِذا خلطت بِزَيْت وَوضعت على الْخَنَازِير حللتها. وَإِذا تضمد بهَا أبرأت من الشقاق الْعَارِض من الْبرد.
وَقَالَ ج فِي ذكر الحوافر: قد زعم قوم أَن حوافر الْحمر تحرق وتسقى من يصرع كثيرا فتبرئه إِذا وَاصل شربهَا وَأَنَّهُمْ يحللون بهَا الْخَنَازِير إِذا عجنوها بِزَيْت. وَزَعَمُوا أَنه إِن نثر هَذَا الرماد وَهُوَ يَابِس شفي القروح الَّتِي تعرض فِي أصُول الْأَظْفَار فِي الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فِي الشتَاء.
قَالَ د: وَبَوْل الْحمار جيد لوجع الكلى.
قَالَ ابْن ماسه: بَوْل الْحمار الوحشي يفت الْحَصَى فِي الكلى والمثانة.
قَالَ د: زبل الْحمار إِذا خلط بالخل قطع الدَّم محرقا كَانَ أَو غير محرق.
وزبل الْحمار الرَّاعِي الْيَابِس مِنْهُ إِذا خلط بشراب نفع من لسع الْعَقْرَب نفعا عَظِيما.
قَالَت الخوز: لحم الْحمار إِذا طبخ نفع صَاحب الكزاز من يبوسة كَثِيرَة جدا.
حَيّ الْعَالم قَالَ د: لورق هَذَا النَّبَات قُوَّة مبردة قابضة يصلح إِذا ضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ السويق للنملة وَقد تخلط عصارته بدهن الْورْد وينطل بهَا الراس للصداع.
ويشفى من نهش الرتيلا وَمن كَانَ بِهِ إسهال وقرحة المعي. وَمَتى شرب بِالشرابِ أخرج الدُّود المستطيل.
وَمَتى احْتمل قطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم.
ويكتحل بمائه فينفع الرمد جدا.
وَأما الصَّغِير فقوته كقوة الْكَبِير.
وَأما الصِّنْف الآخر من حَيّ الْعَالم المسطح الْوَرق الَّذِي يشبه ورقه ورق البقلة الحمقاء وَعَلِيهِ زغب فَإِنَّهُ مسخن مقرح للجلد. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الشَّحْم الْعَتِيق حلل الْخَنَازِير.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن نوعيه جَمِيعًا يجففان قَلِيلا لِأَن فيهمَا قبضا يَسِيرا وهما بعيدان عَن كل طعم آخر قوي لِأَن الْجَوْهَر المائي فيهمَا كثير وهما يبردان تبريدا قَوِيا وهما فِي الثَّالِثَة من التبريد وَلذَلِك ينفعان الْحمرَة والأورام الحارة الْحَادِثَة عَن الْمَادَّة المنصبة والأورام الَّتِي تسْعَى وتنتشر فِي الْجِسْم.
وَقَالَ فِي سقومطرون وَكَانَ تَفْسِيره حَيّ الْعَالم الصخري والبستاني: إِن هَذَا مركب من قوى متضادة وَذَلِكَ أَن فِيهِ شَيْئا قطاعا من أَجله يُمكن فِيهِ أَن ينقي الْقَيْح المحتقن فِي الرئة والصدر وَفِيه أَيْضا شَيْء يجمع ويشد من أَجله صَار ينفع من نفث الدَّم وَفِيه مَعَ هَاتين القوتين رُطُوبَة حادة وحرارة معتدلة من أجلهَا صَار يجده من ذاقه حُلْو المذاق طيب الرَّائِحَة وَإِذا مضغه الْإِنْسَان سكن عطشه. وَإِذا تعالج بِهِ من يجد خشونة فِي قَصَبَة رئته نقاها.
(6/121)
وبتركب هَذِه القوى صَار يحلل تحليلا بليغا وَيجمع ويشد مَعًا الْأَعْضَاء المحتاجة إِلَى ذَلِك وَلِهَذَا يوضع على الفتق الَّذِي ينزل فِيهِ الأمعاء وَيشْرب مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل لفسوخ العصب والعضل.
فَأَما الَّذين يطبخونه بشراب ويسقونه لقروح الأمعاء والنزف الْأَحْمَر الْعَارِض للنِّسَاء فانهم يستعملونه فِي هَذِه الْوُجُوه من طَرِيق أَن يجفف وَيجمع ويشد وَأما الَّذين يسقونه لوجع الكلى فَمن طَرِيق أَنه يقطع وينقى.)
وَأما الْأَكْبَر فقوته كقوة هَذَا وَلَكِن لَيْسَ فِي طعمه حلاوة وَلَا لَهُ طيب رَائِحَة بل هُوَ فِي هَذِه بعيد عَن الْأَصْغَر وَلما كَانَت فِيهِ لزوجة تهيج الحكة صَار شَبِيها بالعنصل من هَذَا الْوَجْه وَيسْتَعْمل فِي الْوُجُوه الَّتِي يسْتَعْمل فِيهَا الَّذِي قبله.
وَقَالَ اريباسيوس: النوعان جَمِيعًا مِنْهُ يجففان تجفيفا يَسِيرا سَاكِنا وَالْغَالِب عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْجَوْهَر المائي ويبردان تبريدا قَوِيا وَلذَلِك ينفعان الورم الْحَار والورم السَّاعِي والأورام الحارة قَالَت الخوز فِي حَيّ الْعَالم: إِنَّه بَارِد فِي الثَّانِيَة مَتى مرس فقاحه فِي دهن البنفسج فسعط بِهِ من فِي رَأسه حرارة مكتنزة نفع جدا.
وَأَصله يطْبخ فِي المَاء وَيصب على النقرس فيسكن.
وجدت فِي ثَبت بختيشوع: ان عروقه مَتى طبخت مَعَ عروق لِسَان الْحمل وصب على مَوضِع النقرس سكن الوجع.
حمص ديسقوريدوس: إِن البستاني يدر الْبَوْل ويولد النفخ وَيحسن اللَّوْن مَتى دلك بِهِ ويدر الطمث ويعين على إِخْرَاج الْجَنِين ويولد اللَّبن.
وَالْأسود مَتى طبخ بِمَاء وتضمد بِهِ مَعَ عسل صلح لأورام الْحَصَى الحارة والقوابي وقروح الرَّأْس الرّطبَة والقروح السرطانية والقروح الخبيثة الساعية والجرب.
وينفع طبيخه من اليرقان والحبن. ويضران جَمِيعًا بالمثانة القرحة والكلى.
والبري يصلح لما يصلح لَهُ البستاني.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه ينْفخ ويغذو ويلين الْبَطن ويدر الطمث.
فَأَما الْأسود فَهُوَ أَكثر إدرارا للبول من سَائِر الحمص. وماؤه مَتى طبخ بِالْمَاءِ يفتت الْحَصَى الَّتِي وَأما الْجِنْس الآخر وَهُوَ الْكُرْسِيّ فقوته هَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا أَعنِي قُوَّة جاذبة محللة قطاعة مفتتنة وَهُوَ حَار وَفِيه رُطُوبَة يسيرَة وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء من المرارة من أجلهَا ينقي وَيفتح سدد الكبد وَالطحَال والكلى ويجلو الجرب والبهق والقوباء والأورام الْحَادِثَة عِنْد الْأُذُنَيْنِ وَفِي البيضتين مَتى صلبتا ويشفي أَصْحَاب الخراجات الردية مَتى اسْتعْمل مَعَ الْعَسَل.
(6/122)
فَأَما الْبري فَإِنَّهُ أقوى من البستاني فِي الإسخان ويجفف أَكثر مِنْهُ بِمِقْدَار فضل حِدته ومرارته عَلَيْهِ.)
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن غذاءه أقوى من غذَاء الباقلي وَلَيْسَت نفخته بِدُونِ نفخة الباقلي يزِيد فِي الباه ويولد المنى وَلذَلِك يعلف فحولة الْخَيل الحمص.
والجلاء فِيهِ أَكثر مِمَّا فِي الباقلي حَتَّى أَن الْأسود الصَّغِير مِنْهُ يفت الْحَصَى الَّتِي فِي الكلى مَتى طبخ وَشرب مَاؤُهُ فَقَط. وَإِذا قلي أَيْضا ذهبت نفخته وعسر هضمه وغذا غذَاء كثيرا.
وَالرّطب مِنْهُ أَكثر توليدا للفضول على مَا ذكرنَا من الباقلي.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن الحمص وَإِن كَانَ كثير الْغذَاء فَلَيْسَ بمحمود الكيموس وَلَا بِدُونِ الباقلي فِي النفخ.
وَقَالَ روفس: يلين الْبَطن ويدر الْبَوْل كثير الْغذَاء.
وَقَالَ اريباسيوس: إِنَّه مولد اللَّبن والمني ويحدر الطمث. وَالْمَاء الَّذِي يطْبخ فِيهِ يفت الْحَصَى فِي الكلى وخاصة طبيخ الْأسود مِنْهُ.
فَأَما الْكُرْسِيّ فقوته جاذبة محللة مقطعَة جلاءة وَذَلِكَ أَن فِيهِ شَيْئا يَسِيرا من الْحَرَارَة والرطوبة وَفِيه مرَارَة بهَا ينقى الطحال والكبد والكلى. وَهُوَ يحلل الأورام الَّتِي تحدث إِلَى جَانب الْأُنْثَيَيْنِ وَيُبرئ من القروح الردية إِذا عولجت بِهِ مَعَ عسل ويقلع القوباء والجرب.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الحمص حَار فِي أول الثَّانِيَة رطب فِي وسط الدرجَة الأولى مكثر للانتشار زَائِد فِي الْمَنِيّ مدر لدم الْحيض.
وَأما الحمص الْأسود فمنق للكلى والمثانة وخاصة مَتى طبخ مَعَ الفجل والكرفس وصب عَلَيْهِ دهن لوز حُلْو وَشرب.
والحمص يفتح سدد الكبد والكلى وَالطحَال بمرارة يسيرَة فِيهِ نَافِع لما يعرض فِي الْجِسْم وَالرَّأْس من الحكة مَتى طليت بِهِ الأورام الْعَارِضَة فِي المذاكير وأصول الآذان.
وَمَتى خلط بالباقلي أخصب الْجِسْم وأسمن. وَيفْعل ذَلِك مُفردا. ويغذو الرئة أَكثر من الْمعدة وَهُوَ فِي ذَلِك أحسن فعلا من الباقلي.
وخاصته أَنه يضر بالقروح الَّتِي فِي الكلى والمثانة ملين للطبيعة وَلَا سِيمَا مَاؤُهُ.
وَقَالَ الطَّبَرِيّ: إِنَّه إِن أنقع فِي الْخلّ لَيْلَة ثمَّ أكل على الرِّيق وصبر عَلَيْهِ نصف يَوْم قتل الدُّود فِي الْبَطن.
وَقَالَ فِي النُّسْخَة الْقَدِيمَة: إِن الحمص يُطلق الْبَطن وَالْبَوْل وينفع من وجع الظّهْر والأعضاء)
المخدرة إِذا ضمدت بِهِ والقوباء والسرطانات والحكة إِذا ضمد بِهِ.
وَمَتى أكل منقعا فِي المَاء غير مطبوخ أنعظ جدا.
(6/123)
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه يغذو الرئة أفضل من سَائِر الْأَشْيَاء وَلذَلِك إِذا كَانَ فِيهَا قُرُوح غلينا دقيقه بِالْمَاءِ وجعلناه حساء.
حماض قَالَ د: بزر الحماض نَافِع من قرحَة المعي والإسهال المزمن والغثيان ولسع الْعَقْرَب وَمَتى تقدم فِي أَخذه قبل لسع الْعَقْرَب لم تحك فِيهِ لسعتها.
وأصوله مَتى ضمد بهَا مَعَ الْخلّ مطبوخة أَو غير مطبوخة أبرأت الجرب المتقرح والقوابي والتقشر الَّذِي يعرض فِي الْأَظْفَار والداحس. وَيجب أَن يدلك الْمَكَان الَّذِي يحْتَاج إِلَى الضماد قبل ذَلِك بنطرون وخل فِي الشَّمْس.
وطبيخه إِذا صب على الحكة الْعَارِضَة للبدن أَو خلط بِمَاء الحمات واستحم بِهِ سكنها. وَمَتى طبخ بِالشرابِ وتمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان. وَحل ورم الطحال مَتى تضمد بِهِ بعد طبخه بخل. وَمَتى طبخ بِالشرابِ حل الْخَنَازِير وأورام الْحلق.
وَمن النَّاس من يعلق أصل الحماض فِي رَقَبَة من بِهِ خنازير لِأَنَّهُ يرى بذلك أَنه ينفع. وَمَتى سحق الأَصْل وَاحْتمل قطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم.
وَمَتى طبخ بِالشرابِ وَشرب أَبْرَأ من اليرقان وفت الْحَصَى فِي المثانة وأدر الْبَوْل. ونفع من لسع الْعَقْرَب.
والبري أنفذ فِي ذَلِك.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: فِي الحماض التفه تَحْلِيل يسير.
فَأَما الحماض الحامض فقوته مركبة وَذَلِكَ أَن فِيهِ مَعَ الْقُوَّة المحللة قُوَّة رداعة مَانِعَة.
وَأما بزر الحماض الحامض فَفِيهِ قبض بَين حَتَّى أَنه يشفي قُرُوح المعي واستطلاق الْبَطن وَلَا سِيمَا بزر الحماض الْكِبَار وَأكْثر مَا ينْبت فِي الآجام وقوته أَضْعَف من قُوَّة هَذَا.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء فِي الحماض الَّذِي لَيْسَ بحامض: وَإِن هَذَا يُمكن أَن يُقَال: إِنَّه سلق بري إِذْ كَانَ شَبِيها بِهِ فِي طعمه وقوته.
وَأما الحماض الحامض فقد يَأْكُلهُ النَّاس إِذا عرضت لَهُم شَهْوَة الطين والشهوات الردية وغذاؤه)
وَقَالَ روفس: فِيهِ فضلَة لزجة.
وَقَالَ فِيهِ فِي كتاب التَّدْبِير إِنَّه جيد فِي إِطْلَاق الْبَطن. وورقه يهيجه ويطلقه.
قَالَ ابْن ماسويه: الحماض الَّذِي يشبه الكرنب بَارِد يَابِس فِي وسط الثَّانِيَة مطفئ لحدة الصَّفْرَاء عَاقل للبطن مشه للطعام إِذا كَانَ فَسَاد الشَّهْوَة من الْحَرَارَة جيد للمحرورين.
وَالَّذِي يشبه الهندبا بَارِد يَابِس فِيهِ رُطُوبَة عرضية لزجة وَلما فِيهِ من اللزوجة صَار
(6/124)
نَافِعًا من السحج الْعَارِض فِي المعي من الْمرة الصَّفْرَاء إِذا كَانَ الثفل يَابسا لإزلاقه وإخراجه وتغريته السحج بلزوجته. ويولد خلطا مَحْمُودًا بَارِدًا.
قَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن ورق الحماض يسهل الْبَطن وبزره يعقله.
سندهشار قَالَ: هُوَ جيد للبواسير والخمار.
حجر عاجي قَالَ د: أما الْحجر العاجي فَإِنَّهُ مَتى سحق وذر على مَوضِع النزف قطعه وَإِذا أحرق وَعمل مِنْهُ سنُون كَانَ جلاء للأسنان.
حجر لبني وَإِنَّمَا سمي بِهَذَا الإسم لِأَنَّهُ مَتى حك خرج مِنْهُ شَيْء يشبه اللَّبن وَهُوَ رمادي اللَّوْن وَهُوَ حُلْو الطّعْم مَتى اكتحل بِهِ وَافق سيلان الدَّم والفضول إِلَى الْعين والقروح الْعَارِضَة فِيهَا وَيجب إِذا احْتِيجَ إِلَى اسْتِعْمَاله أَن يسحق بِالْمَاءِ وَيصير مَا يسيل مِنْهُ فِي حق من رصاص وَيسْتَعْمل بعد ذَلِك.
الْحجر العسلي هُوَ شَبيه باللبني فِي أَحْوَاله إِلَّا أَنه إِذا حك خرجت مِنْهُ رُطُوبَة مفرطة الْحَلَاوَة جدا فَإِنَّهُ ينفع مِمَّا ينفع مِنْهُ اللبني.
حجر يَهُودِيّ يكون بفلسطين شَبيه فِي شكله بالبلوط أَبيض حسن الشكل جدا فِيهِ خطوط متوازية كَأَنَّهَا خطت بالبيكار وينماع بِالْمَاءِ لَا طعم لَهُ. إِذا أَخذ مِنْهُ مِقْدَار حمصة وحك على مسن المَاء وَشرب بِثَلَاث اوبولسات من مَاء حَار نفع من عسر الْبَوْل وفت الْحَصَى الَّتِي فِي المثانة.
الْحجر الْقمرِي وَيُسمى زبد الْقَمَر وبزاق الْقَمَر وَحجر الْقَمَر وأقرنياس وَهُوَ حجر يُؤْخَذ بِاللَّيْلِ فِي زِيَادَة الْقَمَر وَيُوجد بِبِلَاد الْعَرَب أَبيض شفاف خَفِيف يحك ويسقى حكاكه للصرع ويلبس النِّسَاء مِنْهُ تعاويذ.
حجر المسن مَا يحك من المسن إِذا لطخ على دَاء الثَّعْلَب نفع. وَإِذا لطخ بِهِ ثدي الْأَبْكَار منعهَا أَن تعظم.
وَإِذا شرب بالخل حلل ورم الطحال ونفع من الصرع.
وَقَالَ ج فِي التَّاسِعَة فِي الْحجر العسلي: حرارته معتدلة من أجل طعمه واللبني معتدل.
حجر محسطوس فَمثل الشاذنة إِلَّا أَنه أَضْعَف وَبعده الْحجر اللبني.
وَأما العسلي فَفِيهِ حرارة وكل هَذِه الْحِجَارَة تقع فِي أدوية الْعين إِلَّا أَنَّهَا أَلين من الشاذنة.
واللبنية أَنْفَع للأورام الحارة فِي حَال الِابْتِدَاء وَلكنهَا لَا تفي بانباتها.
وَجَمِيع الْحِجَارَة تجفف وَلَكِن مَا لَا تُوجد لَهُ كَيْفيَّة فليعد فِي عداد الْأَشْيَاء الضعيفة
(6/125)
جدا الَّتِي لَا لذع مَعهَا وَمَا وجد لَهُ كَيْفيَّة فبحسب تِلْكَ الْكَيْفِيَّة قوته وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ يقبض فقوته جَامِعَة مُشَدّدَة وَإِن كَانَ يلذع فقوته مسخنة محللة مذوبة وَبَين هَاتين الطبقتين الْحِجَارَة الَّتِي تجلو فَقَط من غير لذع وَلَا قبض.
الْحجر المجلوب من بِلَاد الْحَبَشَة وَهُوَ الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة فقوته قَوِيَّة وَإِذا حك خرج حكاكه بِالْمَاءِ كاللبن يلذع اللِّسَان وَيسْتَعْمل فِي الْجلاء والتنقية. إِذا كَانَ فِي الْعين أَشْيَاء تستر الحدقة من غير ورم وآثار القروح فَإِن هَذَا الْحجر يرقها ويلطفها ويجلوها وَيذْهب الظفرة الْحَادِثَة فِي الْعين إِذا لم تكن صلبة جدا.
الْحجر الْيَهُودِيّ وَأما الْحجر الفلسطيني وَهُوَ الْيَهُودِيّ فَإِنَّهُ يسْتَعْمل للحصاة فِي المثانة: أَن يحك وَيسْتَعْمل بِمِقْدَار أَربع أَوَاقٍ وَنصف من مَاء سخن. وَأما أَنا فَإِنِّي وجدته نَافِعًا للحصى فِي الكلى وَلم أره نفع الْحَصَى فِي المثانة.
وَقَالَ د فِي الرمل الَّذِي على شاطئ الْبَحْر: فَإِنَّهُ إِذا حميت عَلَيْهِ الشَّمْس واندفن فِيهِ النَّاس الرّطبَة أبدانهم جفف الْبدن جدا.
وَقَالَ ج: إِن هَذَا الرمل الْمَوْجُود على شاطئ الْأَنْهَار يجفف اللَّحْم المترهل الشبيه بِالْمَاءِ إِذا اندفن فِيهِ صَاحب هَذِه الْعلَّة.
حجر أفروجي قَالَ: وَأما الْحجر الأفروجي فَإِنِّي أستعمله محرقا وَهُوَ يجفف تجفيفا قَوِيا وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء من الْقَبْض مَعَ تلذيع.
وَقد قلت مرَارًا: إِن الْأَدْوِيَة الَّتِي تجمع قُوَّة مَانِعَة وَقُوَّة محللة كَثِيرَة الْمَنَافِع.
حجر أَعْرَابِي وَهُوَ العاجي فَأَما الْحجر الْأَعرَابِي وَهُوَ العاجي فيجف ويجلو.
حجر الْحَيَّة وَأما الْحجر الْمَعْرُوف بِحجر الْحَيَّة إِذا أحرق فقوته مفتتة للحجارة فِي المثانة.
وَقَالَ ج: خبرني رجل صَدُوق أَنه ينفع من نهش الأفاعي إِذا علق.
حجر البسد وَهَذَا حجر قد امتحنته فَوَجَدته نَافِعًا للمري والمعدة وَلذَلِك اتَّخذت مِنْهُ مخنقة وعلقتها على الْعُنُق.
وَحجر الْقَمَر فَأَما الْحجر الْمُسَمّى زبد الْقَمَر فقد وثق النَّاس أَنه ينفع الصرع.
حجر هندي وَأما الْحجر الْهِنْدِيّ وَالْحجر الْمُسَمّى أفنطس فقد جربناهما وهما يقْطَعَانِ الدَّم الْخَارِج من أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة.
حجر السفس وَهُوَ الفيروزج فقد وثق النَّاس مِنْهُ أَنه ينفع من لذع العقارب.
(6/126)
وَأما الْحجر الَّذِي يشتعل بِالْمَاءِ إِذا رش عَلَيْهِ وينطفي بالزيت فقد قيل فِيهِ: إِنَّه يطرد الْهَوَام.
وَقد ذكر قوم أَن الْحَصَى المتولدة فِي المثانة مَتى شرب فتت الْحَصَى المتولدة فِي المثانة وجريته فَوَجَدته كذبا. ذكر ذَلِك ج عِنْد ذكره لما يتَوَلَّد فِي أبدان الْحَيَوَان مِمَّا لَيْسَ رطبا.
قَالَ بولس: حجر غاغاطيس يجفف بِقُوَّة وَيصْلح للنفخ وَلَا سِيمَا المزمنة.
الْحجر الأرميني وَهُوَ اللازورد: مسهل إِلَّا أَنه ردي للمعدة.
حجر الأساكفة قَالَ ج فِي التَّاسِعَة: الْحجر الْمَعْرُوف بِحجر الأساكفة نَافِع من ورم اللهاة نفعا بَينا.
حجر أسيوس وزهر حجر اسيوس يذوب اللَّحْم وَلَا يلذع للطافته وَهُوَ شَيْء يخرج على هَذَا الْحجر شبه الزهر يكون من الطل المواقع عَلَيْهِ.
لي هَذَا الْحجر فِيهِ حِدة وَهَذَا أَيْضا هُوَ حزاز الصخر الَّذِي لَا حِدة فِيهِ يكون مَانِعا بَارِدًا إِلَّا الأول وَالَّذِي من حجر فِيهِ حِدة وَهَذَا يكون لذَلِك حادا لطيفا.
حَكِيم بن حنين: إِن حنينا زعم أَن الْحجر الفروجي يكون فِي أَرض الرّوم وَفِي بلد قريب من جبل يدعى اولومقدس بَينه وَبَين قسطنطينية مائَة ميل ويطفو هَذَا الْحجر فَوق المَاء كَمَا يطفو القيشور. ولون هَذَا الْحجر أرجواني.
وَقَالَ ابْن ماسه: إِن حجر الشفش وَهُوَ الفيروزج مَتى حك وَشرب نفع من لسع الْعَقْرَب.
حزاز الصخر وَهُوَ شَيْء يتَوَلَّد عَن الصخر شبه الحزاز قوته فِي مَا ذكر اريباسيوس جلاءة مَعَ تبريد يسير وَقبض وتجفيف فَلذَلِك يمْنَع كَون الأورام.
حجر الإسفنج وَإِذا طلبت هَذَا فاطلبه باسمه وَفِيمَا يعرف بِهِ إِن شَاءَ الله.
وَقَالَ ج فِي التَّاسِعَة: حزاز الصخر هَذَا شَيْء ينْبت على الْحجر كالطحلب. وقوته تجلو وتبرد مَعًا إِلَّا أَن تبريده يسير وَهُوَ يجفف من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. بالجلاء والتجفيف اكْتَسبهُ من الصخر والتبريد من المَاء وَيمْنَع من حُدُوث الأورام الحارة. وَإِن كَانَ يقطع الدَّم على مَا ذكر ديسقوريدوس فَلَيْسَ عِنْدِي فِي ذَلِك شَيْء أقوله.
حجر أرميني قَالَ لوفطوس: إِن هَذَا حجر اللازورد وَفِيه قُوَّة مسهلة ومقيئة ينفع من وَقَالَ بولس: إِن الْحجر الأرميني لَونه لون اللازورد يَسْتَعْمِلهُ المزوقون بدل اللازورد وَهُوَ لين هش نَافِع من وجع الكبد إِذا سحق وَسقي بِمَاء الْعَسَل.
(6/127)
حلم دَمه قَالَ جالينوس: قيل فِي دم الْحلم: إِنَّه يمْنَع الشّعْر الَّذِي ينتف من الجفن أَن يعود وَذَلِكَ كذب.
حرذون قَالَ جالينوس: دَمه وَإِن كَانَ يحد الْبَصَر فَلَيْسَ من الْوَاجِب أَن نَدع أدوية كَثِيرَة أَهْون مِنْهُ ونستعمله.
زبل الحرذون قَالَ د: إِنَّه يدْخل فِي الْغمر وَيحسن اللَّوْن ويصقل الوه.
قَالَ بولس: إِنَّه يذهب البهق.
انْقَضى حرف الْحَاء.
(6/128)
3 - (بَاب الْخَاء)
خفاش قَالَ جالينوس فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن دماغ الخفاش مَعَ الْعَسَل ينفع من ابْتِدَاء نزُول المَاء فِي الْعين. ورماده يحد الْبَصَر.
قَالَ: وَمَا قيل فِي دَمه: إِنَّه يحفظ ثدي الْأَبْكَار وَيمْنَع نَبَات الشّعْر فِي الْعَانَة بَاطِل.
يُقَال: إِنَّمَا يفعل ذَلِك بَوْله وَيُقَال: إِنَّه لبنه.
قَالَ حَكِيم بن حنين: إِنَّه شَدِيد الْحَرَارَة يَابِس يجلو الْبيَاض والظفرة ويحدر الدُّمُوع وَيحد الْبَصَر.
خرنوب أما الشَّامي فَقَالَ فِيهِ ديسقوريدوس: إِنَّه مَتى اسْتعْمل رطبا كَانَ رديا للمعدة ملينا للبطن وَمَتى جفف وَاسْتعْمل كَانَ أصلح للمعدة وأعقل للبطن وأدر للبول وخاصة المربى مِنْهُ بعصير الْعِنَب.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة هَذِه الشَّجَرَة مجففة قابضة وَكَذَلِكَ قُوَّة ثَمَرَتهَا وَهِي الخرنوب الشَّامي إِلَّا أَن فِي الثَّمَرَة شَيْئا من الْحَلَاوَة. وَقد عرض لهَذِهِ الثَّمَرَة أَيْضا شَيْء بِمَا يعرض لثمرة الفراسيا وَذَلِكَ أَنَّهَا مَا دَامَت غضة طرية فَهِيَ باطلاق الْبَطن أَحْرَى فَإِذا جَفتْ حبست الْبَطن من أجل رطوبتها الَّتِي تنْحَل وَتبقى الأرضية الَّتِي شَأْنهَا التجفيف.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية فِي الشَّامي مِنْهُ: إِن فِيهِ خشبية تولد أخلاطا ردية وَهُوَ عسر الانهضام ضَرُورَة وَلَا ينحدر مَعَ ذَلِك سَرِيعا وَلَقَد كَانَ الأجود أَلا يجلب هَذَا الخرنوب إِلَيْنَا من الْبِلَاد المشرقية الَّتِي تكون فِيهَا.
لي مَتى دلكت الثآليل بالخرنوب الْفَج دلكا شَدِيدا أذهبها الْبَتَّةَ وَقد رَأَيْت ذَلِك.
قَالَ عِيسَى بن ماسه: الخرنوب النبطي يجب أَن يكثر من أكله إِذا أفرط سيلان الطمث.
خروع قَالَ د فِي دهنه: إِنَّه يصلح للجرب والقروح الرّطبَة الَّتِي فِي الرَّأْس وللأورام الحارة الَّتِي تكون فِي المقعدة لانضمام فَم الرَّحِم وانقلابها والْآثَار السمجة الْعَارِضَة من الِانْدِمَال ووجع الْأذن.
وَمَتى خلط بالمراهم قوي فعلهَا.
وَإِن شرب أسهل وَأخرج الدُّود من الْبَطن.
وَإِذا نقي من حب الخروع ثلاثيون حَبَّة عددا وسحقت وشربت أسهلت بلغما وَمرَّة ورطوبة
(6/129)
وَمَتى دق حب الخروع وضمدت بِهِ الثآليل قلعهَا.
وورق الخروع مَتى دق وخلط بسيكران سكن الأورام البلغمية والأورام الحارة الْعَارِضَة للعين.
وَمَتى تضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ الْخلّ سكن أورام الثدي الوارمة فِي وَقت النّفاس والحمرة.
وَقَالَ جالينوس فِي ذكر الزَّيْت: الدّهن الَّذِي يكون من الخروع أشبه شَيْء بالزيت الْعَتِيق وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل بدله وَهُوَ أَكثر تحليلا من الزَّيْت الحَدِيث وألطف.
وَقَالَ فِي السَّابِعَة: خَاصَّة حب الخروع أَنه مسهل وَفِيه مَعَ هَذَا قُوَّة تَحْلِيل ويجلو وَكَذَلِكَ الْحَال فِي ورقه إِلَّا أَنه أَضْعَف كثيرا من الْحبّ.
وَأما دهنه فَهُوَ أحر وألطف من الزَّيْت الساذج فَهُوَ لذَلِك أَكثر تحليلا مِنْهُ.
وَقَالَ بديغورس: وَأما دهنه فَهُوَ أحر وألطف.
وخاصة حبه الإذابة والترقيق والتلطيف وتقوية الْأَعْضَاء وَقطع الفضول.
وَقَالَ الدِّمَشْقِي: إِن الخروع مسخن فِي آخر الدرجَة الثَّانِيَة مُحَلل للرطوبات ملين للعصب مسهل للبطن منق للعروق من الأخلاط الْبَارِدَة نَافِع من الخام ويوافق الأبردة. وَكَذَلِكَ دهنه.
قَالَ الخوزي: إِنَّه أبلغ الملينات يلين كل صلابة.
خنى خمير ذَكرْنَاهُ مَعَ الْحِنْطَة.
خرسيلا نذكرهُ حَيْثُ نذْكر لصاق الذَّهَب.
خَرْدَل قَالَ فِيهِ د: إِن قوته مسخنة ملطفة تجذب وتقلع البلغم إِذا مضغ مِنْهُ.
وَمَتى دق وَضرب بِالْمَاءِ وخلط بأدرومالي وتغرغر بِهِ وَافق الأورام الْعَارِضَة فِي جَانِبي أصل اللِّسَان والخشونة المزمنة الْعَارِضَة فِي قَصَبَة الرية.
وَإِذا دق وشم عطس وَنبهَ المصروعين واللواتي بِهن اختناق الْأَرْحَام وَقد يحلق رَأس صَاحب ليثرغس ويضمد بِهِ. وَمَتى جعل مِنْهُ مَعَ التِّين الضماد وَوضع على الْجلد إِلَى أَن يحمر وَافق عرق النسا وورم الطحال.
وبالجمله فَهُوَ الْمُوَافق لكل وجع مزمن أَن يجتذب شَيْئا من عمق الْبدن إِلَى خَارجه. وَمَتى تضمد بِهِ أَبْرَأ دَاء الثَّعْلَب.
وَإِذا خلط بالعسل أَو بالشحم أَبُو بالموم الْمُذَاب بالزيت نقي الْوَجْه وأذهب كمنة الدَّم الْعَارِضَة وَقد يرض وَلَا ينعم دقه فيشرب بِالْمَاءِ لبَعض الحميات الَّتِي تَدور بأدوار.
(6/130)
وَينْتَفع بِهِ مَتى خلط بالمراهم الجاذبة ومراهم الجرب. وَإِذا خلط بِالتِّينِ وَوضع على الْأذن نفع من ثقل السّمع والدوي. وَمَتى دق وَضرب بِالْمَاءِ وخلط بالعسل واكتحل بِهِ نفع من الغشاوة وخشونة الجفون.
وَقد تخرج عصارة بزره وتجفف ثمَّ تسْتَعْمل.
ودهن الْخَرْدَل أحد من دهن الفجل وَذكره فِي بَاب الزنجبيل فاقرأه.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة فِي الْخَرْدَل الْبري: إِنَّه مَتى أكل ولد خلطا رديا. وَمَتى ضمد بِهِ حلل وجلا.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي الْخَرْدَل حَيْثُ أفرد ذكره: يسخن ويجفف فِي الرَّابِعَة.
قَالَ بديغورس: الْخَرْدَل الْأَبْيَض يذيب الأورام الصلبة.
قَالَ روفس: الْخَرْدَل يسخن ويلين الْبَطن.)
قَالَ ابْن ماسويه: الْخَرْدَل حَار يَابِس فِي وسط الرَّابِعَة مُحَلل للرطوبة من الرَّأْس والمعدة وَالْبدن مجفف للسان. والإكثار مِنْهُ يُورث غما نَافِع من أوجاع الطحال والفؤاد وَمن الرُّطُوبَة وَالرِّيح مُحَلل للبلغم مَتى تغرغر بِهِ مَعَ سكنجبين نَافِع من البرص مَتى طلي عَلَيْهِ وَمن حمى الرّبع والحميات المزمنة البلغمية الْخَالِصَة. وَمَتى أكل مَعَ السلق المسلوق نفع من الصرع والسدد وَبِالْجُمْلَةِ من كل دَاء تولد من البلغم اللزج والرياح الغليظة والمرة السَّوْدَاء.
وخاصته إِخْرَاج الرطوبات من الرَّأْس وتجفيف اللِّسَان الثقيل من البلغم محد لِلْبَصَرِ. مجفف للرطوبة الْعَارِضَة فِي الرَّأْس والمعدة.
وَمن خاصته أَن يحد الْبَصَر الضَّعِيف مَتى أكل واكتحل بِهِ.
قَالَ قسطس فِي الفلاحة: مَتى شرب بزر الْخَرْدَل المنتن بشراب على الرِّيق ذكي فؤاد آكله ونشطه للباه. وَمَتى أكل بِعَسَل نفع من السعال.
ودخانه مَتى بخر بِهِ طرد الْحَيَّات طردا شَدِيدا جدا.
وَمَتى خلط بالحبق وَشرب بشراب أخرج الدُّود.
وَمَتى طلي بِمَاء الكبريت على الْخَنَازِير والسكبينج حللها تحليلا فِي الْغَايَة. وينبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب. ويسكن وجع الضرس وَالْأُذن إِذا قطر مَاؤُهُ فِيهَا.
ماسرجويه قَالَ: الْخَرْدَل أسخن من الْحَرْف ينفع من النافض.
خانق النمر ذكره ج باسمه فِي السَّادِسَة.
خندروس خوخ قَالَ د: النضج مِنْهُ جيد للمعدة ملين للبطن والفج يعقل الْبَطن والمقدد أَشد عقلا. وطبيخ المجفف مَتى شرب منع سيلان الفضول إِلَى الْمعدة.
(6/131)
قَالَ ج فِي السَّابِعَة: قضبان هَذِه وورقها فِيهَا مرَارَة بهَا يقتل الدُّود مَتى ضمدت بِهِ السُّرَّة ويحلل مَعَ ذَلِك.
فَأَما ثَمَرَتهَا فباردة رطبَة.
وَقَالَ فِي كِتَابه فِي الْغذَاء: إِن الرُّطُوبَة المستكنة فِي هَذِه الثَّمَرَة وجرمها نَفسه سَرِيعا الْفساد رديان فِي جَمِيع الْخِصَال وَلذَلِك لَا يجب أَن يُؤْكَل الخوخ فِي آخر الْأَمر بعد الطَّعَام كَمَا جرت عَادَة بعض النَّاس لِأَنَّهُ مَتى طفا فِي الْمعدة فسد وَهَذَا أَمر عَام يَنْبَغِي لَك أَن تعي ذكره وَتَحفظه فِي جَمِيع الْأَطْعِمَة المولدة للدم الرَّدِيء الرّطبَة اللزجة السريعة الانحدار عَن الْمعدة وَلذَلِك قيل يجب أَن يُؤْكَل هَذِه الْأَطْعِمَة قبل الطَّعَام وَقبل سَائِر الْأَشْيَاء الرّطبَة فَإِنَّهَا إِن قدمت انحدرت سَرِيعا وطرقت لغَيْرهَا وسهلت انحداره وَأما مَتى أكلت فِي آخر الطَّعَام فَإِنَّهَا تفْسد وتفسد الْأُخْرَى مَعهَا.
قَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الخوخ يلين الطَّبْع ويبرد والمجفف أردأ وأعسر انهضاما. وَأكْثر قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي آخر الأولى رطب فِي ابْتِدَاء الثَّانِيَة يُولد بلغما غليظا سريع الْفساد والعفونة فِي الْمعدة وَمَتى أكل بعد الطَّعَام طفا فِي الْمعدة وَمَتى أكل قبل الطَّعَام قدرت الْمعدة على هضمه واليابس مِنْهُ أَبْطَأَ هضما.
وَمَتى دق ورقه أَو فقاحه وعصر وَشرب أسهل حب القرع والحيات.
وَمَتى دلك بورقه الْجِسْم بعد الطلاء بالنورة قطع رائحتها. وَمَتى صب مَاء ورقه فِي الْأذن قتل الدُّود.
ودهن نواره ينفع من وجع الْأذن الْبَارِد من الشَّقِيقَة.
والخوخ المربى بالعسل يصلح للرية وَقد قلل الْعَسَل غلظه.)
فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِن الخوخ يشهي الطَّعَام جيد للمعدة الحارة والعطش واللهب فِيهَا وَيزِيد فِي الباه ويطفئ الْحر.
خبز ذَكرْنَاهُ مَعَ الْحِنْطَة.
خمر نذكرهُ فِي بَاب الشين.
نذكرهُ مَعَ القثاء.
خصى الْمَوَاشِي وَغَيرهَا قَالَ جالينوس فِي كِتَابه فِي الْغذَاء: إِنَّهَا من جنس اللَّحْم الرخو إِلَّا أَنَّهَا لَيست فِي جودة الْخَلْط الْمُتَوَلد عَنْهَا كَاللَّحْمِ الرخو الَّذِي فِي الثديين وفيهَا مَعَ رداءة خلطها شَيْء من زهومة وَهِي أَيْضا دون اللَّحْم الرخو فِي سرعَة الانهضام وجودة الْغذَاء بِكَثِير.
وخصى الْحَيَوَانَات الْفتية أفضل.
(6/132)
وَأما خصى التيوس والكباش والثيران فتأباها النَّفس وهضمها عسر وخلطها رَدِيء.
وخصى الْبَقر والخنازير والتبوس والكباش ردية الدَّم إِلَّا أَن غذاءها مَتى انهضمت كثير.
وقياسها بِحَسب اللحوم فَإِنَّهُ كَمَا أَن لحم الْخِنْزِير أَجود اللحوم كَذَلِك خصاه أفضل إِلَّا من خصى الديوك وَلَا سِيمَا السمينة فَإِنَّهَا أفضل وأجود فِي جَمِيع الْحَالَات.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن الخصى رَدِيء الْخَلْط خلا خصى الديوك وخاصة المسمنة.
خاليدونيون قَالَ فِيهِ د: أما الْكَبِير فَمَتَى طبخ عصيره فِي إِنَاء نُحَاس على جمر حَتَّى يصير إِلَى النّصْف أحد الْبَصَر.
وَمَتى ضمد بِهِ مَعَ الشَّرَاب أَبْرَأ النملة.
وَمَتى مضغ سكن وجع الْأَسْنَان.
وَيُقَال: إِن فراخ الخطاطيف مَتى عميت جَاءَت الْأُم بِهَذَا النَّبَات فَرَجَعت أبصارها.
وَأما الصَّغِير فقوته حارة تقرح الْجلد وتقلع الجرب وَتَنْفَع من تشقق الْأَظْفَار وتقشرها.
وَيُقَال إِنَّهَا الْعُرُوق الصفر وَيُقَال إِنَّه الماميران. وَمَتى أسعط بعصيره مَعَ الْعَسَل نقى الرَّأْس.
خارد وَيُسمى أَيْضا خبارزد قَالَت الخوز فِيهِ: إِن لَهُ أصلا شَبِيها بالجوز يدر الْبَوْل.
وورقه إِذا كَانَ طريا يضم الْجِرَاحَات الطرية والفسوخ مثل الضَّرْب بالعصا والسياط وينفع الطحال الصلب إِذا طبخ بِالشرابِ.
خيري قَالَ د فِي الْأَصْفَر: إِنَّه نَافِع فِي أَعمال الطِّبّ. إِذا جفف وطبخ وَجلسَ فِي طبيخه النِّسَاء صَالح للأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الرَّحِم وأدر الطمث. وَإِذا خلط بقيروطي أَبْرَأ الشقاق الْعَارِض فِي المقعدة. وَإِذا خلط بِعَسَل أَبْرَأ القلاع.
وَإِذا شرب من بزره دِرْهَمَانِ أَو احْتمل مَعَ عسل أدر الطمث وَأخرج الْجَنِين عِنْد الْولادَة.
وأناغاليس الَّذِي يُسَمِّيه النبط اناكيرا وَوجدت تَفْسِيره فِي ثَبت حنين وَفِي كثير من الْكتب آذان الفأر قَالَ: نوعا هَذَا النَّبَات كِلَاهُمَا الأسمانجوني الزهرة والأحمر الزهرة يجلوان جَمِيعًا جلاء بليغا ويسخنان قَلِيلا ويجففان وَلذَلِك صَار يحلل كل وَاحِد مِنْهُمَا ويجذب السلاء وَمَا أشبهه من الْبدن. وعصارتهما تنفض مَا فِي الدِّمَاغ وتخرجه من المنخرين.
وَجُمْلَة قوتهما مجففة من غير لذع وَلذَلِك صَارا يدملان الْجِرَاحَات وينفعان الْأَعْضَاء الَّتِي تتعفن.
(6/133)
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة فِي ذكر الخيري: إِن جملَة هَذَا النَّبَات جلاءة وَهِي مائية لَطِيفَة وَأكْثر مَا تُوجد هَذِه الْقُوَّة فِي زهره وَهُوَ فِي الْيَابِس من الزهرة أَكثر مِنْهَا فِي الرطب الطري فَهُوَ لذَلِك)
يلطف ويرق الْأَثر الغليظ الْكَائِن فِي الْعين.
وطبيخه يدر الْبَوْل الطمث وَيخرج الأجنة الْمَوْتَى والمشيمة إِذا جلس فِيهِ وَمَتى شرب أَيْضا فَهُوَ دَوَاء يفْسد الأجنة لِأَنَّهُ شَدِيد الْحَرَارَة. وَإِن كسرت حِدته بِأَن يخلط مَعَه مَاء كثير أَو أَشْيَاء أخر مِمَّا يشبه ذَلِك صَار دَوَاء نَافِعًا من أدوية الأورام وَلذَلِك صَار المَاء الَّذِي يطْبخ فِيهِ الخيري إِذا لم يكن شَدِيد الْقُوَّة شفي الأورام الْحَادِثَة فِي الْأَرْحَام إِذا نطل عَلَيْهَا وخاصة المزمن مِنْهَا الصلب. وعَلى هَذَا النَّحْو مَتى خلط هَذَا المَاء مَعَ الشمع والدهن دمل القروح الْعسرَة فَأَما بزر الخيري فقوته قُوَّة الخيري بِعَينهَا إِلَّا أَنه أَنْفَع الْأَشْيَاء كلهَا فِي إحدار الطمث إِذا شرب مِنْهُ مِقْدَار مثقالين.
وَمَتى احْتمل من أَسْفَل مَعَ الْعَسَل أفسد الأجنة الْأَحْيَاء. وَأخرج الْمَوْتَى مِنْهَا.
وَأما أصُول الخيري فقوتها شَبيهَة بِهَذِهِ الْقُوَّة إِلَّا أَنَّهَا أغْلظ وَأقرب من طبيعة الأَرْض. وَإِذا خلط الأَصْل بالخل شفي الطحال الصلب. وَبَعض النَّاس يداوي بِهِ الأورام الْحَادِثَة فِي المفاصل إِذا صلبت وتحجرت.
وَزَاد اريباسيوس فِي قَول جالينوس: إِنَّه ينفع الورم الصلب المزمن فِي الرَّحِم والورم الصلب المتحجر.
وَقَالَ بولس: الخيري نَوْعَانِ وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا قُوَّة منقية قَوِيَّة وَفِيه شَيْء من الْحَرَارَة والجذب حَتَّى أَنه يجذب الشوك من عمق الْجِسْم.
وعصارته إِذا استعط بهَا تنقي الرَّأْس.
ابْن ماسويه: الخيري حَار يَابِس فِي أول الثَّانِيَة نَافِع لمن مزاجه معتدل وَيفتح السدد الْعَارِضَة فِي الرَّأْس وَلَا سِيمَا الْأَصْفَر مِنْهُ لِأَنَّهُ ألطف وَأَشد تحليلا من الْأَحْمَر.
وَأما الْأَبْيَض فَإِنَّهُ ضَعِيف لَا يصلح لما ذكرنَا لغَلَبَة المائية عَلَيْهِ.
وهما نباتان.
قَالَ د: خصى الْكَلْب أما الَّذِي أَصله يشبه ببصل البلبوس إِلَّا أَنه إِلَى الطول والرقة وَأَصله مضاعف بازدواج مثل زيتونتين فِي عظم درسنوس أَحدهمَا فَوق الآخر وَأَحَدهمَا ممتلئ وَالْآخر متشنج رخو فَيُقَال: إِنَّه إِذا أكل الْقسم الْأَعْظَم مِنْهُ كَانَ مُوَافقا للذكران وَإِن أكل الْأَصْغَر مِنْهُ النِّسَاء ولدن الْإِنَاث.)
وَيُقَال: إِنَّه يسقى مِنْهُ رطبا بِاللَّبنِ للجماع ويابسا لقطع الْجِمَاع.
وَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يبطل فعل صَاحبه إِذا شرب من بعده.
(6/134)
وَأما الآخر الَّذِي هُوَ أعظم مِنْهُ وَيُشبه أَصله الْأُنْثَيَيْنِ فَإِن إِذا ضمد بِهِ حلل الأورام البلغمية ونقي القروح وَمنع النملة من الانبساط فِي الْبدن وَفتح النواصير وَسكن الأورام الحارة.
وَمَتى اسْتعْمل يَابسا منع القروح المتأكلة من الانبساط فِي الْجِسْم وَقطع العفونة عَنْهَا وَأَبْرَأ القروح الخبيثة الْعَارِضَة فِي الْفَم.
وَإِذا شرب بِالشرابِ عقل الْبَطن. وَيذكر فِيهِ مَا يذكر فِي الَّذِي قبله.
وَأما الْمُسَمّى خصى الثَّعْلَب فَإِن د قَالَ فِيهِ: يُقَال: إِنَّه إِن شرب بشراب قَابض أسود نفع الفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ ميل الرَّأْس والرقبة إِلَى خلف وَإنَّهُ يهيج الْجِمَاع. ج قَالَ فِي الثَّامِنَة فِي خصى الثَّعْلَب: إِن قوته حارة رطبَة وَلذَلِك يجده من يذوقه حلوا وَمَا كبر مِنْهُ فممكن أَن تكون رطوبته كَثِيرَة فضلية نافخة وَلذَلِك مَتى شرب حرك شَهْوَة الْجِمَاع.
وَأَصله يفعل هَذِه الْأَشْيَاء بِعَينهَا.
وَأما الصَّغِير فرطوبته نضجة ومزاجه مائل إِلَى الْحَرَارَة واليبوسة وَلذَلِك صَار مَعَ أَنه لَا يُحَرك الشَّهْوَة من الْجِمَاع قد يمْنَع مِنْهُ.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة: وَقد ذكر قوم أَنه يشفي التشنج الْكَائِن من خلف إِذا شرب وَحده مَعَ شراب أسود قَابض.
خطمى قَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى ضمد بِهِ وَحده أَو بعد طبخه بِمَاء القراطن الخراجات والأورام الَّتِي تكون فِي أصل الْأذن والخنازير والدبيلات والثدي والمقعدة الوارمتين ورما حارا والورم النفخي الَّذِي يعرض فِي جفون الْعين وَغَيرهَا من الْأَعْضَاء وَهُوَ ورم بِهِ فضل من الرّيح والرطوبة السيالة كَانَ نَافِعًا لَهَا وينفع أَيْضا تمدد الأعصاب لِأَنَّهُ يحلل وينضج وَيفجر الأورام ويدمل. وَإِذا طبخ كَمَا قُلْنَا بِمَاء القراطن أَو بشراب ودق مَعَ شَحم الإوز وصمغ البطم وَاحْتمل كَانَ صَالحا للورم الْحَار الْعَارِض فِي الرَّحِم وانضمامهما.
وَأَصله إِذا طبخ وَشرب نفع من عسر الْبَوْل والحصاة والفضول الفجة الغليظة وعرق النسا وقرحة المعي والارتعاش وشدخ أوساط العضل.
وَمَتى طبخ بالخل وتمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان.
وبزره طريا كَانَ أَو يَابسا مَتى سحق وخلط بالخل وتلطخ بِهِ فِي الشَّمْس قلع البهق. وَإِذا خلط بالزيت والخل وتلطخ بِهِ منع مضرَّة ذَوَات السمُوم من الْهَوَام وَيصْلح لقروح المعي وَنَفث الدَّم والإسهال.
وَمَتى شرب طبيخه بخل ممزوج أَو شراب نفع من لسع النَّحْل وَجَمِيع مَا لطف جرمه من الْحَيَوَان كالهوام وَمَا أشبههَا.
(6/135)
ويضمد بورقه مَعَ شَيْء يسير من الزَّيْت لنهش الْهَوَام.
وَمَتى سحق أَصله وخلط بِمَاء أجمد المَاء إِذا نجم لَيْلَة.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذَا يحلل ويرخي وَيمْنَع حُدُوث الأورام ويسكن الوجع وينضج الخراجات الْعسرَة النضج.
وَأَصله أَيْضا وبزره يفْعَلَانِ مَا يَفْعَله ورقه وقضبانه مَا دَامَ طريا إِلَّا أَنَّهَا ألطف وَأكْثر تجفيفا وجلاء على أَنَّهُمَا يشفيان البهق.
طبيخ الأَصْل نَافِع من قُرُوح المعي واستطلاق الْبَطن وَنَفث الدَّم من طَرِيق أَن فِيهِ قُوَّة قابضة.
بديغورس قَالَ: الخطمى نَافِع من الْحمرَة والصفراء.
وَقَالَ أريباسيوس فِي هَذَا الِاسْم مثل مَا قَالَ جالينوس قَالَ: وَيمْنَع من حُدُوث الأورام ويسكنها.)
وَقَالَ: أَصله وبزره يبلغ جلاؤهما أَن ينقيا الْوَسخ. وطبيخ الأَصْل ينفع اخْتِلَاف الدَّم.
قَالَ بولس: الخطمى يفش ويسكن الأورام الحارة وينضج الْخراج وَسَائِر مَا قَالَ جالينوس.
قَالَ حنين فِي عهد أبقراط: إِن شَجَرَة الخطمى لما كَانَت تسخن إسخانا معتدلا لَا بعده تهَيَّأ فِيهَا أَن تكون كَثِيرَة الْمَنَافِع وَحدهَا أَو مَعَ غَيرهَا وَلذَلِك اسْمهَا باليونانية مُشْتَقّ من الْكثير الْمَنَافِع.
قَالَ ج فِي الثَّانِيَة من الأغذية: إِن أصل الخطمى يحلل الأورام الدموية.
قَالَ ماسرجويه: صمغ الخطمى بَارِد يسكن الْعَطش وَيحبس الْبَطن.
خشخاش قَالَ د: إِن قُوَّة أصنافه مبردة وَلذَلِك مَتى طبخ ورقه مَعَ رؤوسه بِالْمَاءِ وصب طبيخها على الراس أرقد وَقد يشرب أَيْضا للسهر.
وَإِذا دقَّتْ رؤوسه نعما وخلطت بالسويق وتضمد بهَا وَافَقت الأورام الحارة والحمرة وَيجب وَمَتى طبخت الرؤوس بِالْمَاءِ إِلَى أَن تنقص نصف المَاء ثمَّ خلط المَاء بالعسل وطبخ إِلَى أَن ينْعَقد كَانَ مِنْهُ لعوق نَافِع من السعال وَمن الفضول المنصبة إِلَى قَصَبَة الرية والإسهال المزمن.
وَمَتى خلطت بِهِ عصارة هيوفسطيداس وأقاقيا كَانَ أقوى.
وَقد يدق بزر الخشخاش الْأسود دقا نعما ويسقى بِالشرابِ لإسهال الْبَطن ولسيلان
(6/136)
الرُّطُوبَة المزمنة من الرَّحِم. ويخلط بِالْمَاءِ وتضمد بِهِ الْجَبْهَة والصدغان للسهر.
وصمغة الخشخاش الْأسود وعصارته إِذا اسْتعْملت تبرد أَشد من تبريد البزر وتغلظ وتجفف فَإِنَّهُ إِذا أَخذ مِنْهُ شَيْء يسير بِمِقْدَار الكرسنة سكن الأوجاع وأرقد وأنضج ونفع من السعال والإسهال المزمن. وَإِذا أَخذ مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير نفع وَإِذا أَخذ مِنْهُ الْكثير أَنَام نوما شَدِيدا فِي الِاسْتِغْرَاق جدا مثل الَّذِي يعرض للَّذين بهم الْمَرَض الَّذِي يُقَال لَهُ ليثرغس ثمَّ يقتل.
وَإِذا خلط بدهن الْورْد ودهن بِهِ الرَّأْس كَانَ صَالحا للصداع. وَمَتى خلط بدهن اللوز والزعفران والمر وقطر فِي الْأذن كَانَ صَالحا لأوجاعها. وَإِذا خلط بصفرة الْبيض المشوي والزعفران كَانَ صَالحا للأورام الحارة الْعَارِضَة للعين. وَإِذا خلط بالخل كَانَ صَالحا للحمرة والخراجات. وَمَتى لخط بِلَبن امْرَأَة وزعفران كَانَ صَالحا للنقرس.
وَمَتى احْتمل فِي المقعدة بدل فتية أرقد. وَقد يقلى على خزفة حَدِيد إِلَى أَن ينْحل ويميل لَونه وَزعم د: أَن ارسسطراطيس كَانَ لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي الأكحال وَلَا فِي علاج وجع الْأذن لِأَنَّهُ كَانَ)
عِنْده يضعف الْبَصَر.
واندراس أَيْضا يزْعم: أَنه لَوْلَا أَنه يغش لَكَانَ يعمى الَّذين يكتحلون بِهِ.
ومنسديمس يزْعم: أَنه ينْتَفع برائحته فَقَط لينوم. وَأما فِي سَائِر الْأَشْيَاء فضار.
قَالَ د: وَقد لعمري غلطوا وخالفوا مَا يعرف بالتجربة من قُوَّة هَذَا الدَّوَاء فَإِن مَا يظْهر مِنْهُ عِنْد التجارب يدل على حَقِيقَة مَا خبرنَا بِهِ من فعله.
خشخاش منثور: هَذَا هُوَ الْمُسَمّى رمان السعال وَهُوَ خشخاش مصري. وَأما الخشخاش الْمصْرِيّ فَقَالَ فِيهِ ديسقوريدوس: إِنَّه إِن أخذت مِنْهُ خَمْسَة رُؤُوس وطبخت بِثَلَاث قوانوسات من شراب إِلَى أَن يصير إِلَى قوانوسين وَسقي أحد هَذَا الطبيخ أرقده.
وبزر هَذَا النَّبَات مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار اكسونافن مَعَ الشَّرَاب الَّذِي يُقَال لَهُ مَاء القراطن لين الْبَطن تَلْيِينًا رَقِيقا. وَقد يخلط بالناطف والأطرية لهَذَا الْمَعْنى.
وورقه إِذا تضمد بِهِ مَعَ الرؤوس أَبْرَأ الأورام الحارة. وَإِذا صب طبيخه على الرَّأْس أرقد.
(6/137)
وَأما الخشخاش الْبري فَإِنَّهُ مَتى طبخ أَصله بِالْمَاءِ حَتَّى يذهب النّصْف وَشرب طبيخه أَبْرَأ عرق النسا وَرجع الكبد ونفع الَّذين يظْهر فِي أبوالهم شَبيه نسج العنكبوت وَالَّذين بَوْلهمْ غليظ.
وورقه وزهره مَتى تضمد بهما مَعَ الزَّيْت قلعا خبث القروح. وَمَتى كحلت بهما أعين الْمَوَاشِي جلا عيونها من آثَار القروح الْعَارِضَة فِي الطَّبَقَة القرنية الَّتِي يُقَال لَهَا أرغاما وَالَّتِي يُقَال لَهَا فعاليا.
وَأما الخشخاش الزُّبْدِيُّ فَإِنَّهُ مَتى أَخذ مِنْهُ قدر اكسونافن بِمَاء القراطن قيأ ويوافق هَذَا القئ المصروعين خَاصَّة.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة: الخشخاش أَنْوَاع: فواحد مِنْهَا يُقَال لَهُ المنتثر لِأَن زهرته تنتثر وَتسقط بالعجلة وَالْآخر يُقَال لَهُ البستاني لِأَنَّهُ يزرع فِي الْبَسَاتِين والمباقل. وَمِنْه نَوْعَانِ آخرَانِ بريان: أَحدهمَا يحمل خشخاشا مفرطحا وَالْآخر يحمل خشخاشا أطول من هَذَا وَهُوَ أهزل وَأَشد رقة من الأول وَفِي وَاحِدَة من الأول الْعظم جملَة من الخشخاش الثَّانِي. وَهَذَا النَّوْع من الخشخاش يسيل وَيجْرِي منحدرا إِلَى أَسْفَل لذَلِك يُسَمِّيه قوم السَّائِل. وَقُوَّة جَمِيع الخشخاش تبرد إِلَّا أَن للبستاني بزرا ينوم تنويما معتدلا قصدا وَهُوَ أَبيض المنظر وَلذَلِك ينثر النَّاس مِنْهُ على الْخبز ويخلطونه بالعسل ويأكلونه.)
وَأما النَّوْع الأول الَّذِي يسْقط زهره وينتثر بالعجلة فبزره يبرد تبريدا أَشد وَمن أجل ذَلِك لَا يَسْتَعْمِلهُ أحد وَحده فَيسلم من أَذَاهُ كَمَا يسْتَعْمل البستاني وَذَلِكَ أَنه ينوم تنويما شَدِيدا.
وَأما النَّوْع الثَّالِث فبزره أسود وَهُوَ من جنس الْأَدْوِيَة والدوائية عَلَيْهِ أغلب ويبرد تبريدا بليغا.
وَأما النَّوْع الرَّابِع فَهُوَ أَكثر دُخُولا فِي جنس الْأَدْوِيَة بزره ونواره وورقه ورؤوسه ويبلغ من شدَّة تبريده أَنه يحدث خدرا وتماوتا وَلذَلِك صَار اسْتِعْمَاله إِنَّمَا هُوَ للطبيب الْمجِيد بِأَن يخلطه بِمَا يكسر شدَّة قوته فِي التبريد لِأَنَّهُ فِي الدرجَة الرَّابِعَة.
وَأما الخشخاش المقرن وَيُسمى بِهَذَا الِاسْم من أجل تعقف ثَمَرَته كغلف الحلبة فَهِيَ تشبه بقرن الثور. وَقد يُسَمِّيه قوم خشخاشا بحريا لِأَنَّهُ على الْأَكْثَر إِنَّمَا نَبَاته على شاطئ الْبَحْر وقوته قُوَّة تجلو وتقطع وَلذَلِك مَتى طبخ أَصله بِالْمَاءِ حَتَّى يذهب النّصْف نفع من علل الكبد.
وَأما ورقه وزهره فنافعان للخراجات الوسخة الردية وَيجب أَن تجتنب إِذا تنقت الخراجات فَإِن من شَأْنهمَا أَن يجلوا جلاء شَدِيدا حَتَّى أَنَّهُمَا يذوبان اللَّحْم وينقصانه ولهذه الْقُوَّة لَا يجلوان الْوَسخ فَقَط بل يقلعان من القروح القشرة الْمُحْتَرِقَة الَّتِي تكون عَلَيْهَا.
وَأما الخشخاش الزُّبْدِيُّ وَيُسمى بِهَذَا لِأَنَّهُ أَبيض كالزبد وَهُوَ نَبَات صَغِير وبزره يسهل البلغم.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الْأَبْيَض أَجود من الْأسود وقوته تبرد وَلذَلِك يجلب النّوم وَمَتى أَكثر مِنْهُ ولد مَعَ النّوم سباتا وَهُوَ أَيْضا عس الانهضام وَيمْنَع الْأَشْيَاء المجتمعة فِي الصَّدْر والرئة من الْخُرُوج بالنفث والصعود بالسعال وَهُوَ نَافِع لمن يتجلب من رَأسه إِلَى صَدره مَادَّة رقيقَة لَطِيفَة وَلَيْسَ يغذو الْجِسْم غذَاء يعْتد بِهِ.
روفس قَالَ: الخشخاش عَاقل للطبع وخاصة الْأسود والبستاني مِنْهُ وَيُسمى مروريا يُؤْكَل وينوم باعتدال.
(6/138)
وَالَّذِي يسيل بزره وَيُسمى السيال فَلَيْسَ يُؤْكَل بل هُوَ كالدواء.
وَالْأسود البزر شَدِيد الْبرد.
والمستطيل البزر يخدر وَمِنْه يصنع الأفيون.
والمقرن ينقى وَيقطع حَتَّى أَن طبيخه نَافِع من وجع الكبد. وورقه وزهره ينقيان القروح الوسخة جدا وينزعان أثر الكي.)
وَأما الأرميلي وَيُسمى الزُّبْدِيُّ أَيْضا فَإِن بزره يسهل الخام ويشفي من البلغم.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن الْأسود بَارِد فِي وسط الدرجَة الرَّابِعَة يَابِس فِي آخرهَا وطبيخ الْأَبْيَض مِنْهُ إِذا نطل على الراس نوم نوما معتدلا مَتى لم يفرط فِي صبه وَمَتى أفرط فِيهِ أسبت. وَهُوَ عسر الانهضام يسير الْغذَاء نَافِع من السعال الْعَارِض من الرُّطُوبَة الحارة المنحدرة من الرَّأْس لدفعه إِيَّاهَا وَلَا سِيمَا مَتى اتخذ مِنْهُ شراب بِمَاء الْمَطَر للعفوصة الَّتِي فِي مَاء الْمَطَر.
وَقَالَ ج فِي الثَّالِثَة من الميامر: إِن الأفيون مَتى شرب وَحده من غير أَن يخلط بالجندبادستر أورث بطلَان الهضم أَو نقصانه جدا.
وَقَالَ فِي حِيلَة الْبُرْء فِي الْمقَالة الثَّالِثَة عشرَة فِي ذكر تسكين الوجع: إِن الأفيون والبنج وَجَمِيع الْأَدْوِيَة المخدرة تبرد وتجفف.
الخوز فِي شوسماهي: إِن الأفيون لفرط برده يشنج وَيقتل.
وَقَالَ حَكِيم بن حنين عَن جالينوس: إِنَّه مَتى ديف بِلَبن امْرَأَة وقطر فِي الْعين سكن الوجع الشَّديد.
وأصبت فِي كتاب السمُوم الْمَنْسُوب إِلَى ج: أَنه بَارِد يَابِس نَافِع من انطلاق الْبَطن وقروح المعي. الشربة لَهُ مِنْهُ من دانق إِلَى دانقين والمقدار الْقَاتِل دِرْهَمَانِ.
وَقَالَ فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن الأفيون مَتى سقِِي شفي من الصداع المزمن وَكَانَت بِهِ النجَاة من الْمَوْت باذن الله. وَمَتى سقيته من قد انْحَلَّت قوته من السهر أَبرَأته وَذَلِكَ أَنه ينيمه فترجع قوته.
وأصبت لِابْنِ ماسويه: أَن الأفيون يدبغ الْمعدة ويمسك الِاخْتِلَاف وَهُوَ فِي الرَّابِعَة من الْبُرُودَة وَفِي الثَّانِيَة من اليبس. قَالَ: ويجمد الدَّم.
لي يبْحَث عَن هَذَا.
وَقَالَ فِي الثَّانِيَة من حِيلَة الْبُرْء: إِن الأفيون والبنج واليبروح تجفف القروح.
لي: وَهِي للحم الصَّحِيح أَشد تجفيفا.
(6/139)
قَالَ ابْن ماسويه: الْأَبْيَض من الناركيو بَارِد فِي الثَّالِثَة جيد للسعال وَمَتى عجن بِعَسَل وَأكل زَاد فِي الْمَنِيّ وأهاج النّوم.
حنين فِي الأغذية: قَالَ أبقراط: جرم الخشخاش يعقل الْبَطن وَلَا سِيمَا الْأسود والأبيض قريب مِنْهُ ويخالطه شَيْء مُطلق فَلذَلِك الأجود أَن يسلق ثمَّ يسْتَعْمل المسلوق مِنْهُ.)
وَقَالَ فِي كتاب الْعين: إِن الأفيون بَارِد يَابِس فِي الرَّابِعَة.
وَقَالَ ج فِي الأولى فِي الأفيون: إِنَّه يبرد ويجفف.
خلاف قَالَ اريباسيوس فِي الدَّوَاء الْمُسَمّى سطوني: وَقَالَ حنين: يزْعم بعض النَّاس أَنه الْخلاف ان قُوَّة ثَمَرَته وورقه قابضة من غير لذع ويجفف تجفيفا كَافِيا.
وَالْمَاء الَّذِي يطْبخ فِيهِ يحقن بِهِ أَصْحَاب الِاخْتِلَاف الدموي وَيصب فِي الآذان الَّتِي تخرج مِنْهَا الصديد وَهُوَ يلصق الخراجات الْعَظِيمَة وَفعله لهَذِهِ الْأَشْيَاء يكون أقوى إِذا شرب مَعَ شراب أسود قَابض.
وورقه مَتى ضمد بِهِ طريا نفع انفجار الدَّم. وَإِذا ضمدت بِهِ الْعين نفع من اتساع الحدقة وَهُوَ الانتشار مَتى كَانَ ذَلِك إِنَّمَا يحدث من ضَرْبَة.
وَقَالَ بولس: ورق الْخلاف وزهره لَهما قُوَّة مجففة من غير لذع وَفِيهِمَا شَيْء من قبض. وقشره أَشد تجفيفا. ورماده يجفف تجفيفا شَدِيدا فَلذَلِك يقْلع الثآليل النملية إِذا عولج بِهِ مَعَ الْخلّ.
قَالَ الطَّبَرِيّ: لبن الصفصاف يحلق الشّعْر.
وَقَالَ سلمويه: إِن ورق الْخلاف بجفف بِلَا لذع وَقوم يشرحون خشب الْخلاف ويجمعون مِنْهُ صمغا ولبنا ويلقونه فِي الأكحال النافعة للأبصار الضعيفة لِأَنَّهُ يجلو ويلطف. وَهُوَ بَارِد يَابِس.
خبة قَالَ بولس: النَّجْم وَهُوَ بزر الخبة لَهُ قُوَّة تهيج السدد وتسكن الأورام الحارة بعض السّكُون.
خرم هَذَا هُوَ الَّذِي يُسمى الحالبي لاشتقاق اسْمه من الحالب.
قَالَ بولس: إِنَّه يُبرئ الاربية العليلة لَيْسَ إِذا ضمد عَلَيْهَا فَقَط بل إِذا علق عَلَيْهَا وَله قُوَّة مختلطة تحلل وتبرد.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: اسطراطيقوس وَهُوَ الحالبي إِنَّمَا يُسمى بِهَذَا الِاسْم لنفعه من الورم الْحَادِث فِي الحالب ضمد بِهِ أَو علق عَلَيْهِ وقوته محللة وَفِيه أَيْضا قُوَّة مبردة دافعة فَهُوَ مركب من كيفيات كالورد إِلَّا أَنه لَيْسَ بقابض.
وَقَالَ فِي السَّادِسَة فِي موقيون وَهُوَ الحالبي وَهُوَ الخرم هَذَا الدَّوَاء يُسمى بِهَذَا
(6/140)
الِاسْم لِأَنَّهُ نَافِع من وجع الحالب لِأَن النَّاس قد وثقوا مِنْهُ أَنه يشفي الورم الْحَادِث فِي الحالب إِذا ضمد بِهِ أَو علق عَلَيْهِ وقوته تحلل تحليلا يَسِيرا لِأَن حرارته يسيرَة وتجفيفه لَيْسَ بالشديد وَلَا بالعنيف المهيج وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ طريا غضا لينًا.
ذكر جالينوس هَذَا الدَّوَاء الْمُسَمّى الحالبي وَهُوَ الخرم باسمين فِي السَّادِسَة وَقد ذكرناهما.
خانق النمر وَقَالَ ج: قوته تعفن وتفسد وَلذَلِك يجب للانسان أَن يتوقى أَن يدْخلهُ الْبَطن فَإِن احْتَاجَ إِلَى تعفين عُضْو من خَارج أَو فِي المقعدة فَهُوَ كثير النَّفْع.
وَأَصله خَاصَّة أَنْفَع.
خاماقسيس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: زهرَة هَذَا النَّبَات شَدِيدَة المرارة فَهِيَ لذَلِك تفتح السدد الَّتِي فِي الكبد وتشفي لوجع الورك.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة هَذَا تسخن فِي الدرجَة الثَّالِثَة وتجفف فِي الأولى.
خامالاون الْمصْرِيّ قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أما الْأسود مِنْهُ فَفِيهِ قتال لَا يسْتَعْمل إِلَّا من خَارج فَإِنَّهُ يعالج بِهِ الجرب والبهق والفوابي وَبِالْجُمْلَةِ يذهب جَمِيع الْعِلَل الَّتِي تحْتَاج إِلَى الْجلاء. وَقد يخلطان أَيْضا مَعَ الْأَدْوِيَة المحللة. وَإِذا اتخذ مِنْهُ ضماد شفى القروح المتأكلة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يجفف فِي الدرجَة الثَّالِثَة ويسخن فِي الثَّانِيَة عِنْد مُنْتَهَاهَا.
فَأَما أصُول النَّوْع الْأَبْيَض فيسقى لحب القرع مِنْهُ اكسونافن بشراب قَابض ويسقى للاستسقاء.
خندريلي ذكر جالينوس فِي الثَّامِنَة. إِن قوته كقوة الهندبا إِلَّا أَنه أَكثر مرَارَة وَلذَلِك هُوَ أَشد تجفيفاً.
خندروس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: مزاجه كمزاج الْحِنْطَة إِلَّا أَنه أَشد لزوجة مِنْهَا.
خيربوا قَالَ ابْن ماسويه: طَبِيعَته طبيعة القرنفل حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة جيد للمعدة والكبد الباردتين.
خروسو قومِي قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِن الْغَالِب عَلَيْهِ الطّعْم المر الحاد الحريف مَعَ الْقَبْض وَلذَلِك يسْتَعْمل طبيخه مَعَ الْعَسَل فِي علاج الأورام الْحَادِثَة فِي الرية وَعلل الكبد ويدر الطمث. وَكَانَ بحذائه بابونج أصفر.
خِنْزِير قَالَ د: إِن ريته مَتى رضعت على السحج الْعَارِض فِي الرجل من الْخُف منع الورم.
وكبد الذّكر مِنْهُ رطبَة كَانَت أَو يابسة إِذا شربت بشراب نَفَعت من نهش الْهَوَام.
وكعبه إِذا أحرق وَشرب فَهُوَ على مَا ذكرنَا يحل المغس.
(6/141)
وَقَالَ ج: إِن رية الْخِنْزِير قد وثق النَّاس بِأَنَّهَا تشفى الْحَج الْعَارِض فِي الرجل من الْخُف.
وَقَالَ: كَعْب الْخِنْزِير إِذا أحرق وَشرب فَهُوَ على مَا ذكرُوا يحل النفخ والمغس.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: كرعان الْخِنْزِير مُوَافقَة إِذا طبخت مَعَ كشك الشّعير لِأَنَّهَا تَجْعَلهُ أَجود وَأصْلح مِمَّا كَانَ وَتصير هِيَ أَلين وأرفق فِي الهضم.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: جُلُود الْخَنَازِير إِذا سمنت مَتى أنضجت حسنا ولدت كيموساً لزجاً لَيْسَ بِكَثِير الغلظ وَلَا هُوَ فِي سرعَة الهضم وَقلة الفضول وجودة الكيموس مثل الأكارع.
قَالَ بولس: إِن كبد الْخِنْزِير مَتى أَخذ طرياً وجفف وسحق وَشرب مَعَ شراب نفع من لسع قَالَ د: بَوْل الْخِنْزِير الْبري إِذا شرب فت الْحَصَى فِي المثانة.
وزبله إِذا شرب وَهُوَ جَاف بِمَاء أَو شراب قطع نزف الدَّم وَسكن الوجع المزمن الْعَارِض للْجنب. وَإِذا شرب نفع من وَهن العضل. وَمَتى خلط بموم مذاب بدهن ورد أَبْرَأ العصب.
خطَّاف قَالَ د: مَتى أَخذ فِرَاخه فِي زِيَادَة الْقَمَر وَهُوَ أول أَوْلَاده وشق وَأخذ من الْحَصَى الْمَوْجُود فِي بَطْنه وهما حصاتان: إِحْدَاهمَا ذَات لون وَاحِد وَالْأُخْرَى ذَات ألوان فشدتا مَعًا فِي جلد عجل أَو أيل قبل أَن يصيبهما تُرَاب وربطتا على عضد من بِهِ صرع أَو على رقبته انْتفع بِهِ كثيرا. وَقد جرب ذَلِك كثيرا فأبرأ الصرع برأَ تَاما.
وَمَتى أكلت بعد شيها أحدت الْبَصَر. وَكَذَلِكَ مَتى أحرقت الْأُم مَعَ الْفِرَاخ فِي قدر وخلط رمادها بِعَسَل واكتحل بِهِ.
وَمَتى تحنك برمادها نفع الخناق وورم اللهاة. وَمَتى ملحت وجففت وَشرب مِنْهَا درخمي بشراب نفع من الخناق.
وَقَالَ جالينوس: الخطاطيف بعد خلطها بِعَسَل يستعملها كثير من النَّاس بِأَن يطلوها على حنجرة من بِهِ الخوانيق وعَلى جَمِيع الْعِلَل الَّتِي تكون مَعهَا ورم فِي الْحلق أَو فِي اللهاة. وَفِي النَّاس قوم يستعملون هَذَا الرماد فِي الْكحل ليحد الْبَصَر وَقوم آخَرُونَ يجففون الخطاطيف ويسحقونها ويسقون مِنْهَا وزن مِثْقَال.
وَفِي كتاب مَجْهُول: إِن أدمغتها مَتى خلطت بِعَسَل واكتحل بهَا نَفَعت من ابْتِدَاء نزُول المَاء.
خراطين قَالَ د: مَتى أنعم دقه وضمد بِهِ الأعصاب المتقطعة ألحمها وَيجب أَلا يحل ثَلَاثَة أَيَّام. وَمَتى طبخ بشحم الإوز وقطر فِي الْأذن أَبْرَأ من وجعها. وَإِذا طبخ بالطلاء وخلط بشحم الإوز وقطر فِي الْأذن الوجعة سكنه سَرِيعا. وَإِذا طبخ بالزيت وقطر فِي الْأذن الَّتِي
(6/142)
فِي الْجَانِب الْمُخَالف للسن الوجعة منع مِنْهَا. وَمَتى أنعم دقه وَشرب بطلاء أدر الْبَوْل.
قَالَ ج: إِن قوما قد ذكرُوا أَنهم قد جربوا أَن الخراطين إِذا سحقت وَوضعت على العصب الْمَقْطُوع نفعته من سَاعَته نفعا عجيباً.
وَمَتى شربت مَعَ عقيد الْعِنَب كَانَت دَوَاء يدر الْبَوْل.
قَالَ بولس: الخراطين مُوَافقَة مُوَافقَة للعصب الْمَقْطُوع وَذَلِكَ أَنَّهَا مَتى وضعت عَلَيْهِ نفعته من سَاعَته.
وَقَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن الخراطين تفت الْحَصَى إِذا جففت وشربت وَيُبرئ اليرقان خبازي قَالَ ديسقوريدوس: أما البستاني فَهُوَ ردئ للمعدة ملين للبطن وخاصة قضبانه نَافِع للمعي والمثانة.
وورقه مَتى مضغ نياً وضمد بِهِ مَعَ شَيْء من الْملح نقى النواصير وَأَنت فِيهَا اللَّحْم وَإِذا أردْت إدماله فبغير ملح. جيد للسلع الزنابير والنحل مَتى تضمد بِهِ. وَمَتى أنعم دقه وخلط بزبد وتلطخ بِهِ أحد لم تحك لسعتها فِي الْجِسْم. وَمَتى دقَّتْ بالبول وضمد بِهِ الرَّأْس أبرأت القروح الرّطبَة والنخالة.
وَمَتى طبخ ورقه وأنعم دقه وخلط مَعَ زيتون وضمد بِهِ حرق النَّار والجمرة نفع مِنْهُمَا.
وطبيخه مَتى جلس فِيهِ النِّسَاء لين صلابة أرحامهن. وَمَتى احتقن بِهِ نفع من اللذع فِي المعي وَالرحم والمقعدة.
وورقه مَتى طبخ بأصوله نفع من الْأَدْوِيَة القتالة وَيجب أَن يشرب ذَلِك ويتقيأ وَيفْعل ذَلِك دَائِما. وينفع من نهشة الرتيلا ويدر الْبَوْل.
وبزره إِذا خلط بِهِ بزر الحندقوقا الْبري وَشرب بشراب سكن أوجاع المثانة.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: إِن البستاني نَافِع للأورام الحارة فِي ابتدائها.)
وَقَالَ فِيهَا أَيْضا عِنْد ذكره لَهَا خَاصَّة: فَأَما الملوكية الْبَريَّة وَهِي الْخَبَّازِي فقوتها تحلل وتلين قَلِيلا.
وَأما الملوكية البستانية فبحسب مَا فِيهَا من المائية تضعف قوتها وبزرهما جَمِيعًا أقوى مِنْهُمَا وَفضل قوته عَلَيْهِمَا بِحَسب يبسه.
وَمن الملوكية جنس آخر يُقَال لَهَا: ملوكية الصخر وَهُوَ بَين هَاتين إِلَّا أَن تَحْلِيله أَكثر من تَحْلِيل هذَيْن وَله اسْم يَخُصُّهُ الخطمي.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية فِي البستاني مِنْهُ: إِنَّه بعيد أَن يبرد ويمكنك أَن تعلم ذَلِك قبل أَن تأكلها بِأَن تضمد بهَا ورماً حاراً فَإِنَّهُ يَصح لَك أَنَّهَا تسخن إسخاناً قَلِيلا وَهِي تنفذ
(6/143)
وتنحدر سَرِيعا لرطبوتها ولزوجتها وخاصة مَتى أكلت مَعَ مري وَهِي معتدلة الْأَمر فِي الانهضام. ورطوبة الملوكية أغْلظ وألزج من رُطُوبَة الخس.
قَالَ روفس: فِيهِ فضلَة لزجة.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: إِن الملوكية نافعة لانطلاق الْبَطن وَكَذَلِكَ الحماض.
وَقَالَ بولس فِي النَّبَات الْمُسَمّى اليوطونيون وَهُوَ الْخَبَّازِي الَّذِي يَدُور مَعَ الشَّمْس قَالَ: الْكَبِير مِنْهُ لَهُ قُوَّة حارة يابسة ومنقية وَلذَلِك صَار المَاء الَّذِي يطْبخ بِهِ يسهل خاماً وَمرَّة. وَمَتى ضمدت والخبازي الصَّغِير يفعل هَذِه الأفاعيل. وَمَتى شربت ثَمَرَته مَعَ قطرون وزوفا وحرف قتل الدُّود.
وَقَالَ فِي الْخَبَّازِي أَيْضا باسمه: إِن وزقة وأغصانه لَهُ قُوَّة ممتزجة تفش وتقبض وتجفف من غير لذع وَلَا أَذَى وَلذَلِك ينفع النطول بطبيخه من حرق النَّار وتلطخ بِهِ أَيْضا الأورام الحارة وَتَنْفَع من الْقلع مَتى مضغت وتخلط مَعَ أدوية الطحال.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الْخَبَّازِي بَارِد رطب فِي الأولى وخاصة البستاني وَهُوَ ردئ للمعدة الرّطبَة نَافِع للمثانة.
وبزرها فِي ذَلِك أصلح مَحْمُود من الخشونة الْحَادِثَة فِي الصَّدْر والرئة والمثانة.
وَمَتى دق وَرقهَا وَوضع على لسعة الزنبور سكن وَجَعه.
وَمَتى طبخت بدهن ورد وضمدت بِهِ الأورام الْحَادِثَة فِي المثانة والكلى نفع. وخاصتها أَنَّهَا إِن وضعت على لسع الزنبور أذهبت الوجع. وَإِن ضمدت بهَا الأورام الحارة سكنها وأذهبها.)
وَمن أكلهَا مسلوقة لينت بَطْنه. وَمَتى أكلت قبل السلق كَانَ فعلهَا فِي ذَلِك أقل.
قَالَ الخوزي: إِنَّه بَارِد يسهل الْبَطن جيد للسعال وَهُوَ ألطف من السرمق وَأَغْلظ من السلق.
خس قَالَ فِيهِ د: أما البستاني فمبرد منوم جيد للمعدة ملين للبطن مدر للبول وَمَتى طبخ وَإِذا شرب بزره نفع من الِاحْتِلَام الدَّائِم وَقطع شَهْوَة الْجِمَاع وَمَتى أَدِيم أكله أحدث فِي الْعين غشاوة.
وَأما الْبري فَإِن قوته كقوة الخشخاش الْأسود وَمَتى شرب من لبنه نصف دِرْهَم بِمَاء ممزوج بخل أسهل كيموسا مائياً ونقي القرحة الْعَارِضَة فِي طبقَة الْعين القرنية الَّتِي تسمى: اخيلوس وَالَّتِي تسمى: ارعامن. وَمَتى اكتحل بِهِ مَعَ لبن جَارِيَة كَانَ جيدا للفرحة الَّتِي فِي القرنية الَّتِي تسمى: اسقوما وينوم ويسكن ويدر الطمث ويسقى للسعة الْعَقْرَب ونهشة الرتيلا.
(6/144)
وبزره مَتى شرب قطع الِاحْتِلَام وشهوة الْجِمَاع مثل بزر البستاني.
وماؤه يفعل ذَلِك غير أَنه أَضْعَف فعلا من البزر.
وَلبن الخس البستاني إِذا عظم وَغلظ مثل مَاء الْبري ولبنه وَيفْعل أَفعاله.
وَإِن جمع لبنه وجفف فِي الشَّمْس كَانَ صَالحا لِأَن يسْتَعْمل إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: برودته لَيست فِي الْغَايَة لَكِنَّهَا فِي الْمثل كبرودة مَاء الغدران فَهُوَ لذَلِك نَافِع للأورام الحارة والحمرة إِذا كَانَا ضعيفين يسيرين فَأَما إِن عظما وقويا فَلَيْسَ فِي الخس بتبريدهما وَأما على طَرِيق الْغذَاء فقد يقطع الْعَطش.
وبزره إِذا شرب يقطع تقطير المنى وَلذَلِك يسقى لِكَثْرَة الِاحْتِلَام وَكَذَلِكَ بزر الْبري الَّذِي قَالَ: وَيُقَال: إِن أَكثر الْأَشْيَاء مضادة للباه بزر الخس مَتى شرب بِالْمَاءِ.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِنَّه أَجود الْبُقُول غذَاء لِأَنَّهُ يُولد دَمًا لَيْسَ بالكثير وَلَا بالردئ إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي غَايَة الْجَوْدَة. وَقد كنت أكلت الخس فِي شَبَابِي لِأَن معدتي كَانَت تولد مرَارًا كثيرا فَكنت أبردها بِهِ وَأَنا الْآن فِي شيخوختي آكله مسلوقاً وَذَلِكَ أَنِّي لم أجد شَيْئا من الْبُقُول يداوى بِهِ السهر غَيره.
والخلط الْمُتَوَلد مِنْهُ بَارِد رطب لَيْسَ بردئ فَلَا تعرض لَهُ لذَلِك رداءة كَمَا تعرض لسَائِر الْبُقُول وَلَا يعقل الْبَطن وَلَا يُطلقهُ لِأَنَّهُ لَا قبض فِيهِ وَلَا عفوصة وَلَا ملوحة وَلَا حِدة.
وَبِالْجُمْلَةِ أَنه لَيْسَ فِيهِ قُوَّة تجلو فَتطلق الْبَطن. والخلة الَّتِي يذمه لَهَا جهال الْأَطِبَّاء بِأَن يَقُولُوا: إِنَّه)
يُولد دَمًا كثيرا يجْتَمع مِنْهُ امتلاء دموي هُوَ لَهُ مديح وَذَلِكَ أَنه لَو كَانَ كَذَلِك كَانَ أَحْمد من سَائِر الْبُقُول والأطعمة الَّتِي لَيْسَ مِنْهَا شَيْء يُولد من الدَّم أَكثر من غَيره من الأخلاط ولكان يُمكن أَن ينقص ذَلِك الامتلاء الدموي بِأَن يعْطى الْقَلِيل مِنْهُ وبالرياضة لَكِن لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك بل على مَا ذكرنَا.
وَقَالَ عِنْد ذكره للخبازي: إِنَّك مَتى ضمدت بالخس ورماً حاراً تبين لَك أَنه يبرد فِي الثَّانِيَة.
قَالَ: وَإِن أَنْت قست بَين رُطُوبَة هَذِه الْبُقُول الثَّلَاثَة أَعنِي الخس والسلق والملوكية وجدت الملوكية أغْلظ وألزج ورطوبة السلق متوسطة بَينهمَا وَوجدت الخس متوسطاً فِي الترطيب والتجفيف بَين الكرنب والبقلة اليمانية.
وَأما القطف فَهُوَ أَكثر تجفيفاً مِنْهُمَا وَأَقل من الكرنب قَالَ هَذَا فِي ذكر البقلة اليمانية.
روفس: الخس يسكن الْحَرَارَة وينيم ويلين الْبَطن.
وَقَالَ فِي كتاب آخر: الخس يُرْخِي الْمعدة ويبردها وَهُوَ جيد فِي جَمِيع أَحْوَاله سريع الانهضام مطفئ للهيب شاف لجَمِيع الْعِلَل الْعَارِضَة من السكر مَتى أَخذ فِي وسط
(6/145)
الشَّرَاب. وَهُوَ نَافِع من اللذع الْعَارِض فِي الْمعدة والغثي ضار للعي مهيج للبطن قَاطع لشهة الباه ينوم.
قَالَ أريباسيوس: برده ورطبوته ليستا بمفرطتين وَلذَلِك ينفع من الأورام الحارة والحمرة إِذا لم تكن قَوِيَّة وَهُوَ غذَاء يقطع الْعَطش.
وبزره يقطع الامذاء والاحتلام.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد رطب فِي أول الثَّالِثَة يُولد خلطاً مَحْمُودًا كثيرا أَكثر من توليد جَمِيع الْبُقُول ودماً صَالحا إِلَى الْبرد مَا هُوَ والرطوبة وينوم وينفع من الصَّفْرَاء ويطفئ لهيبها وَيُقَوِّي الْمعدة ليسير قَبضه وخاصة فِي أول نَبَاته وَيزِيد فِي اللَّبن.
والمغسول مِنْهُ بِالْمَاءِ أردأ لِأَن جَمِيع الْبُقُول يزِيد غسلهَا بِالْمَاءِ فِي قراقرها وَمَتى أَدِيم أكله بِالْمَاءِ وَمَتى دق وضمد بِهِ اليافوخ أَيَّامًا سكن الْحَرَارَة فِي الرَّأْس والهذيان. وَهُوَ سريع الهضم.
وَقَالَ قسطس فِي كتاب الفلاحة: إِن الخس يقطع الْعَطش والباه ويجلب النّوم وَيزِيد فِي الْجِسْم ويهيج شَهْوَة الْأكل وَمَتى أكل بالخل سكن الْمرة. وَإِن طبخ بدهن خل وَأكل أذهر اليرقان. وَهُوَ دَوَاء لسدة المنخرين والزكام ولاختلاف الْمِيَاه إِذا أكل على الرِّيق.
قَالَ: وَمَتى أَدِيم أكله أظلم مِنْهُ الْبَصَر ويلين الْبَطن وينفع من تغير الْمِيَاه وَالْأَرضين إِذا أكل على)
الرِّيق ويسكن وجع الوثء.
وبزره يسكن وجع لسعة الْعَقْرَب ووجع الصَّدْر إِذا دق وَأكل وينوم.
خزف أما خزف التَّنور فشديد اليبس.
وَقَالَ د: إِن لَهُ قُوَّة تجلو وَلذَلِك مَتى خلط بالخل وتلطخ بِهِ للحكة والبثور والنقرس نفع نفعا بَينا. وَمَتى خلط بقيروطي حلل الأورام الجاسية والخنازير.
وَقُوَّة الطين الَّذِي دَاخل الأتون مثل ذَلِك.
وَقَالَ جالينوس فِي خزف القراميد: إِنَّه مثل القشور والسنباذج وَأكْثر مِنْهُ فِي ذَلِك خزف التَّنور لِأَنَّهُ قد ناله من السجر يبس كثير جدا وَلذَلِك يَقع مِنْهُ فِي المرهم الْمُسَمّى انقسطاش مِقْدَار خربق أَبيض قَالَ د: إِذا شرب نقي الْمعدة بالقيء وَقد يَقع فِي أخلاط الشيافات الجالية لِلْبَصَرِ. وَمَتى احْتمل أدر الطمث وَقتل الْجَنِين ويهيج العطاس.
وَإِذا خلط بالسويق وعجن بالعسل قتل الفأر. وَإِذا طبخ مَعَ اللَّحْم هرأه. ويسقى على الرِّيق مِنْهُ وَحده أَو مَعَ الدَّوَاء الَّذِي يُسمى سطامونداس أَو مَعَ عصارة التافسا أَو مَعَ الْحبّ
(6/146)
الْمُسَمّى القس وَالشرَاب الْمُسَمّى مَاء القراطن ويخلط بالخبيص ويختبز أَيْضا فِي وسط الْخبز وَيحْتَمل أَيْضا فَتلا فيهيج الْقَيْء ويخلط فِي الحساء الْكثير.
وَرُبمَا أطْعم الَّذِي يسقاه قبل ذَلِك طَعَاما يَسِيرا وَهَذَا يعْمل بالذين لَا يُؤمن عَلَيْهِم مِنْهُ الاختناق وَالَّذين أبدانهم ضَعِيفَة. فَإِنَّهُ لهَذِهِ الْجِهَة يُؤمن ضَرَره لِأَنَّهُ يُصَادف معدهم خَالِيَة من الطَّعَام.
وَأما الخريق الْأسود مَتى شرب مِنْهُ ثَلَاث أوبولسات أَو درخمي وَحده أَو مخلوطاً بسقمونيا وملح أسهل بلغماً وَمرَّة. وَقد يطْبخ بالعدس والأمراق وَيسْتَعْمل للاسهال. وَهُوَ نَافِع من الصرع والمالنخوليا والفالج وَالْجُنُون ووجع المفاصل.
وَمَتى احْتمل أدر الطمث وَقتل الْجَنِين بِقُوَّة. وَإِذا دخل فِي ثقب النواصير وَترك فِيهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج فِي الرَّابِع نقاها. وَيدخل فِي الْأذن الثَّقِيلَة السّمع وَيتْرك يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة فينتفع بِهِ. وَإِذا خلط وَمَتى طبخ بالخل وتمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان. وَيدخل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة الأكالة للحم.
وَقد يخلط بدقيق الشّعير وَالشرَاب ويتضمد بِهِ للحن من المَاء.)
وَإِذا نبت عِنْد أصل الْكَرم كَانَت قُوَّة ذَلِك الشَّرَاب الْمُتَّخذ مِنْهُ مسهلة. وَقد يطْرَح فِي المَاء وترش بِهِ الْبيُوت للهوام كَمَا يفعل بالكندس وَالَّذِي يحتفره يحْتَرز من ضَرَره بِأَكْل الثوم وَشرب الشَّرَاب.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: نوعا الخربق يجلوان ويسخنان فهما لذَلِك ينفعان من البهق والقوابي والجرب وتقشر الْجلد ويقلع صلابة الناصور إِذا أَدخل فِيهِ فِي يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة. وَإِذا تمضمض بِهِ مَعَ الْخلّ نفع الْأَسْنَان.
ولنضعهما فِي الثَّالِثَة من الإسخان والتجفيف. وَأما فِي الطّعْم فالأسود مِنْهُمَا أَشد حراقة والأبيض أَشد مرَارَة.
وَقَالَ بديغورس فِي الْأَبْيَض: إِن خاصته إِخْرَاج الفضول اللزجة المخاطية.
وَقَالَ أبقراط فِي كتاب الخربق: إِن الخربق الْأسود ينفض السَّوْدَاء من أَسْفَل والأبيض يُخرجهَا من فَوق بالقيء.
وَقَالَ أريباسيوس: إنَّهُمَا جَمِيعًا جلاءان حادان وَلذَلِك ينفعان من الجرب والبهق والقوابي وتقشر الْجلد. وَمَتى أَدخل الْأسود مِنْهُ فِي النواصير الَّتِي فِيهَا لحم صلب قلعهَا فِي يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة ويقلع الثؤلول. وَمَتى طبخ بخل وتمضمض بِهِ نفع الْأَسْنَان لقُوَّة إسخانه وتجفيفه.
قَالَ بولس: إنَّهُمَا يذهبان البرص والْآثَار الشبيهة بِهِ فِي الْجَسَد.
وَأما الْأسود فَإِنَّهُ يقْلع غلظ النواصير إِن أَدخل فِيهَا ثَلَاثَة أَيَّام.
قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه يحد الْبَصَر مَتى اكتحل بِهِ.
(6/147)
قَالَ سلمويه: هما حاران يابسان فِي الثَّالِثَة وَالْأسود أَشد حرارة.
قَالَ ابْن ماسويه: مَتى بخرت بِهِ الْأَسْنَان نفع من وجعها.
يحيى النَّحْوِيّ قَالَ فِي آخر كِتَابه فِي تَفْسِير النبض الصَّغِير: إِن الْأَبْيَض يستفرغ البلغم بالقيء وَالْأسود يسهل الكيموس الْأسود بِقُوَّة.
قَالَ ابْن ماسويه فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة: إِن الْأسود مِنْهُ يسهل السَّوْدَاء والأبيض أَضْعَف ويسهل البلغم والسوداء والشربة مِنْهُمَا مثقالان.
خُنْثَى قَالَ د: قُوَّة أَصله مسخنة حريفة وَإِذا شرب أدر الْبَوْل والطمث. وَمَتى شرب مِنْهُ درخمي بشراب نَفَعت من وجع الْجَنِين والسعال ووهن العضل.
وَإِن أكل من أَصله مِقْدَار كف سهل الْقَيْء. وَقد يسقى مِنْهُ وزن ثَلَاث درخميات لنهش الْهَوَام فينفع. وَيَنْبَغِي أَن يضمد أَيْضا مَوضِع النهشة بورقه وزهره مخلوطين بِالشرابِ. وَإِذا طبخ الأَصْل بدردي الشَّرَاب وتضمد بِهِ وَافق القروح الوسخة والخبيثة والأورام الْعَارِضَة للثدي والخصي والدماميل والخراجات. وَإِذا خلط بسويق الشّعير نفع من الأورام الحارة فِي ابتدائها.
وَإِذا دق الأَصْل وَأخرج مَاؤُهُ وخلط بشراب عَتيق حُلْو وَمر وزعفران وطبخ كَانَ مِنْهَا دَوَاء يكتحل بِهِ وينفع الْعين. وَإِن قطر وَحده أَو مَعَ كندر وَعسل وشراب وَمر وقتر وقطر فِي الْأذن الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح وافقها. وَإِذا قطر فِي الْأذن الْمُخَالفَة للسن الوجعة سكن الوجع.
وَإِذا أحرق الأَصْل وتضمد برماده فِي دَاء الثَّعْلَب أَبرَأَهُ. وَإِذا قور تجويفه وصب فِيهِ زَيْت وغلى بالنَّار نفع الشقاق الْعَارِض من الْبرد. وَمَتى قطر فِي الْأذن سكن أوجاعها. وَإِذا دلك البهق الْأَبْيَض بِخرقَة فِي الشَّمْس ثمَّ لطخ عَلَيْهِ الأَصْل بعد ذَلِك قلعه. وَمَتى شرب ثمره وزهره بشراب نفع نفعا عَظِيما من لسعة الْعَقْرَب وَمن سم الْحَيَوَان ذِي الْأَرْبَع وَالْأَرْبَعِينَ رجلا ويسهل الْبَطن.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: الَّذِي ينْتَفع بِهِ من هَذَا هُوَ أَصله وقوته جلاءة فَإِن أحرق صَار رماده أَشد إسخاناً وتجفيفاً وَأكْثر تلطيفاً وتحليلاً وَهُوَ بِهَذَا السَّبَب يشفي دَاء الثَّعْلَب.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِنِّي قد رَأَيْت قوما عالجوه بالطبخ والإنقاع فَلم يضر بعد فِي حد مَا يُؤْكَل إِلَّا بعد كد. وقوته فتاحة ملطفة بِمَنْزِلَة قُوَّة اللوف الْجَعْد وَلذَلِك يطعم النَّاس أَصْحَاب اليرقان سَاق نَبَات الْخُنْثَى لِأَنَّهُ لَهُم دَوَاء كَبِير.
وَقَالَ أريباسيوس: تصلح أُصُوله فِيمَا تصلح فِيهِ أصُول اللوف وَذَلِكَ لِأَن قوتها جلاءة فَإِن أحرقت كَانَ رمادها أَكثر سخونة وتجفيفاً وتلطيفاً وتحليلاً وَلذَلِك يُبرئ دَاء الثَّعْلَب.
قَالَ ابْن ماسيويه: إِنَّه بَارِد رطب يُؤْكَل أَصله.
خِيَار شنبر قَالَ بديغورس: خاصته إسهال الصَّفْرَاء وتحليلها.
(6/148)
قَالَ ابْن ماسويه فِي إصْلَاح المسلهة: إِنَّه يُطْفِئ حِدة الدَّم وَيذْهب الورم الْكَائِن فِي الْجوف.
ويسهل الصَّفْرَاء الْمُحْتَرِقَة.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه معتدل يلين الورم الصلب وأورام الْحلق والجوف مَتى تغرغر بِهِ مَعَ طبيخ الزَّبِيب وَمَاء عِنَب الثَّعْلَب ويسهل بِلَا أَذَى وَلَا نكابة.
أصبت لِابْنِ ماسويه أَيْضا أَنه بَارِد رطب لين يمشي الْمرة وينفع من اليرقان وينفع من وجع الكبد وَالْحلق وَيذْهب الورم.
قَالَ الْفَارِسِي: إِنَّه لَا غائلة لَهُ ويسقى الحبالى للمشي وَيَمْشي الْمرة وينقي اليرقان وينفع من وجع الكبد وَالْحلق.
خولنجان قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة جيد للمعدة يطيب النكهة هاضم للطعام.
وَقيل فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِنَّه جيد للباه وَيزِيد فِيهِ جدا وينفع الكلى والخاصرة الْبَارِدَة.
خطر قَالَت الخوز: دهن الْخطر حَار يَابِس جيد للابرية والنخالة فِي الرَّأْس.
خل قَالَ ديسقوريدوس إِنَّه بَارِد يبرد وَيقبض صَالح للمعدة يفتق الشَّهْوَة وَيقطع نزف الدَّم من أَي عُضْو كَانَ مَتى شرب أَو جلس فِيهِ إِن احْتِيجَ إِلَى ذَلِك وَإِذا طبخ مَعَ الطَّعَام دفع سيلان الرطوبات. وَمَتى بل فِيهِ صوف غير مغسول وَوضع على الْجِرَاحَات فِي أول مَا تعرض منع من أَن ترم وَيرد الرَّحِم والمعي الْمُسْتَقيم إِلَى دَاخل ويشد اللثة المتبرئة من الْأَسْنَان الدامية. وينفع القروح الساعية والحمرة والنملة والجرب المتقرح والقوابي والداحس مَتى خلط بِبَعْض الْأَدْوِيَة الْمُوَافقَة لهَذِهِ الْأَمْرَاض. وَمَتى غسلت بِهِ القروح الخبيثة والأكلة غسلا دَائِما منعهَا أَن تسْعَى.
وَمَتى خلط بِهِ شَيْء من كبريت وصب وَهُوَ سخن على النقرس نفع مِنْهُ. وَمَتى خلط بالعسل ولطخ بِهِ الْأَثر الْعَارِض دون الْعين من اجْتِمَاع الدَّم تَحت الْجلد أزاله. وَإِذا خلط بدهن ورد وَوضع بصوفة غير مغسولة على الصداع الْعَارِض من احتراق الشَّمْس نفع مِنْهُ.
وبخاره إِذا سخن ينفع من الاسْتِسْقَاء وعسر السّمع والدوي والطنين فِي الْأذن. وَمَتى استنشق فتح الخياشيم. وَإِذا طلي مَعَ خثى الْبَقر على الاسْتِسْقَاء نفع. وَمَتى صب وَهُوَ فاتر على الورم الَّذِي يُقَال لَهُ فوجيلا أَو شرب بِهِ صوف وَوضع عَلَيْهِ أذهبه وَسكن الحكة الْعَارِضَة للجسم.
وَقد يصب وَهُوَ سخن على نهش الْهَوَام الَّتِي تبرد الْجِسْم بسمها فينفع وَيصب وَهُوَ بَارِد على نهش الْهَوَام الَّتِي تسخن بسمها فينفع.
وينفع من مضرَّة الْأَدْوِيَة القتالة إِذا شرب وَهُوَ سخن ويقىء وخاصة من مضرَّة الأفيون والشوكران والدواء الَّذِي يُقَال لَهُ اقونيطن وَهُوَ خانق النمر وجمود الدَّم وَاللَّبن الَّذِي فِي الْبَطن.
وَمَتى شرب بالملح نفع من الْفطر الْقِتَال الَّذِي يخنق وَمن شرب السم الَّذِي يُقَال لَهُ
(6/149)
سملنقس.
وَإِن تحسى قلع العلق الْمُتَعَلّق بِالْحلقِ وَسكن السعال المزمن وأهاج السعال الحَدِيث. وَمَتى تحسى وَهُوَ سخن وَافق عسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب.
مَتى تغرغر بِهِ قطع سيلان الفضول إِلَى الْحلق وَوَافَقَ الخناق واللهاة الساقطة. وَمَتى تمضمض بِهِ والخل الَّذِي يلقى فِيهِ ملح صَالح وَيتْرك مُدَّة أَيَّام يمْنَع الساعية وينفع عضة الْكَلْب ونهش الْهَوَام وَيقطع نزف الدَّم من الشَّجَّة إِذا سخن وصب فِيهَا.)
لي ويحقن بِهِ من فِي معاه قرحَة ساعية وَيقدم قبله الحقن بِاللَّبنِ وينقي نخالة الرَّأْس نعما وَيقتل العلق الْمُتَعَلّق بِالْحلقِ وَيذْهب القروح الرّطبَة الَّتِي فِي الرَّأْس. وَيرد النتو الَّذِي يكون فِي السرم إِلَى دَاخل.
وَقَالَ جالينوس: قد بَينا فِي القوانين أَن الْخلّ مركب من جوهرين أَحدهمَا حَار وَالْآخر بَارِد وَكِلَاهُمَا لطيف وَأَن الْبَارِد أَكثر من الْحَار.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة: الْخلّ يجفف فِي الثَّالِثَة عِنْد مُنْتَهَاهَا إِذا كَانَ ثقيفاً.
وَقَالَ روفس: الْخلّ يبرد ويلطف الأخلاط الغليظة وييبس الْبدن وَيقطع الْعَطش.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: الْخلّ بَارِد يُطْفِئ حرق النَّار أسْرع من كل شَيْء. وَيقطع الْعَطش ويشفي الْحمرَة وَيمْنَع انصباب الْموَاد وَمَتى أدمن امْرُؤ شرب الْخلّ وَكَانَ ضَعِيف الرية آل بِهِ الْأَمر إِلَى الاسْتِسْقَاء وَلَيْسَ يخَاف على من شربه وتعب بعد ذَلِك.
قَالَ: وكل هَذِه تدل على برده.
قَالَ: والخل ينْفخ ويولد الرِّيَاح وَيمْنَع من الجمود وَهُوَ منهض لشَهْوَة الطَّعَام معِين على الهضم قَالَ حنين: هَذَا لتقطعيه.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه دابغ للمعدة مطفئ للمرة الصَّفْرَاء دَافع للمادة الحارة عَن الانحدار إِلَى الْأَعْضَاء إِذا صب عَلَيْهَا. وَمَتى خلط بِالطَّعَامِ وَأكل نفع من الْحمرَة الْيَسِيرَة المتولدة من الصَّفْرَاء.
وَإِذا طلي نفع الاسْتِسْقَاء والحكة. وَهُوَ يذهب بشر السمُوم كالأفيون والبنج مُحَلل للدم وَاللَّبن الجامدين فِي الْجوف نَافِع من البلغم اللزج مقلص للهاة إِذا تغرغر بِهِ مَحْمُود فِي جَمِيع وجع الْأَسْنَان إِذا كَانَ من حرارة فيمضمض بِهِ بعد أَن يسخن.
وخاصته إذهاب الْحمرَة من الْأَعْضَاء الملتهبة دَافع عَنْهَا الْخَلْط الحريف.
قَالَ ابقراط فِي الْأَمْرَاض الحادة: إِن الْخلّ ينفع أَصْحَاب السَّوْدَاء وَهُوَ أضرّ للنِّسَاء وَذَلِكَ أَنه يولم الرَّحِم.
(6/150)
قَالَ ج الْخلّ يضر بالعصب والتجربة تشهد بذلك وَالْقِيَاس أَيْضا وَذَلِكَ أَن العصب عديم الدَّم بَارِد فيناله الضَّرَر بسهولة من جَمِيع الْأَشْيَاء الْبَارِدَة وخاصة إِن كَانَت لَطِيفَة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يقدر أَن يغوص فِي عمقه حَتَّى يخالط جَمِيع أَجْزَائِهِ والخل كَذَلِك: وَقَالَ فِي الثَّانِيَة من طب طماناوس: إِن الْخلّ إِذا لم تكن مَعَه حرافة فَهُوَ بَارِد مَحْض وَإِذا كَانَت)
فِي طعمه وريحه حرافة فَفِيهِ شَيْء من الْحَرَارَة وَهُوَ لذَلِك كَسَائِر الْأَدْوِيَة الَّتِي قواها مركبة.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الأولى من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن ابقراط قَالَ: الْخلّ أَنْفَع شَيْء للأبدان الصفراوية ويضعف الْبَصَر وَيَأْكُل البلغم.
ابْن ماسه قَالَ: هُوَ جيد للمعدة الصفراوية الملتهبة نَافِع للصفراء يحل اللَّبن وَالدَّم الجامدين وينقع الطحال وَيقطع الْعَطش ويلطف الأغذية الغليظة.
وَقَالَ فِي الثَّانِيَة من الميامر: إِن فِي الْخلّ الثقيف شَيْئا من الْحَرَارَة وَلَا يُطْفِئ ويبرد كَمَا يُطْفِئ الَّذِي لَيْسَ بثقيف جدا.
وَقَالَ فِي الطِّبّ الْقَدِيم: الْخلّ إِذا طبخ بالنَّار نقصت برودته.
خنافس مَتى سحقت أَجْوَاف الخنافس وغليت مَعَ الزَّيْت وقطرت فِي الْأذن نَفَعت من وجعها.
قَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن الخنفساء مَتى غليت بالزيت وقطرت فِي الْأذن سكن الوجع من سَاعَته انْقَضى حرف الْخَاء
(6/151)
3 - (بَاب الدَّال)
دوسر اسْمه باليونانية أأغيلص.
قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة السَّادِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن قُوَّة هَذَا الدَّوَاء محللة كَمَا قد يدل على ذَلِك طعمه وَذَلِكَ أَن فِيهِ حرافة يسيرَة وَقد يسْتَدلّ على ذَلِك من أَنه أَيْضا يشفي الأورام الَّتِي تبتدئ أَن تصلب والنواصير الَّتِي تحدث عِنْد الْعَينَيْنِ وتعرف بالغرب وباليونانية اخيلوس.
قَالَ د فِي الْمقَال الرَّابِع: إِن أأغليص وَهُوَ الدوسر حشيشة يشبه وَرقهَا ورق الْحِنْطَة غير أَنه أَلين مِنْهُ. وَفِي طرفه ثَمَرَة فِي غلافين أَو ثَلَاثَة وَيظْهر فِي جوفي الغلف شَيْء دَقِيق شَبيه فِي دقته بالشعر. وَهَذَا النَّبَات مَتى تضمد بِهِ مَعَ الدَّقِيق أَعنِي دَقِيق الشّعير أَبْرَأ الغرب المتفجر وَحل الأورام الصلبة. وَقد تستخرج عصارته وتخلط بالدقيق وتجفف وتستعمل لهَذِهِ الْمَنْفَعَة.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: إِن أأغيلص وَهُوَ الدوسر ذُو قُوَّة محللة وَلذَلِك قد ينفع من الأورام الحارة الجاسية وَيُبرئ الغرب.
دخن قَالَ ج فِي السَّادِسَة من المفردة: الدخن جنس من الْحُبُوب ومنظره شَبيه بمنظر الجاورس وقوته كقوته وغذاؤه غذَاء يسير مجفف فَهُوَ لذَلِك يحبس الْبَطن كالجاورس. وَمَتى ضمد بِهِ من خَارج برد وجفف.
قَالَ د فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: الدخن من الْحُبُوب الَّتِي يعْمل مِنْهَا الْخبز وَهُوَ شَبيه بالجاورس غير أَن الدخن أقل غذَاء من الجاورس وَأَقل هضماً.
قَالَ بولس فِي الْمقَالة السَّابِعَة إِن هلوموس وَهُوَ الدخن شَبيه بالجاورس وَهُوَ فِي قوته ميبس مبرد.
وَمَتى وضع ضماداً من خَارج جفف بلة الْجِسْم وأضمر الْبَطن.
وَقَالَ فِي كتاب الْأَطْعِمَة: إِن الدخن يلائم مزاج الجاورس وَهُوَ بَارِد يَابِس فِي الْجُزْء الثَّانِي ممتد وَهُوَ أعْسر فِي الانهضام من الجاورس والكشوث أَكثر من الجاورس.
دروبطارس وَهُوَ شَبيه بالسرخس.
(6/152)
قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من المفردة: قُوَّة هَذَا النَّبَات قُوَّة مركبة وَمن ذاقه وجده كَذَلِك لِأَن فِيهِ حلاوة وحدة ومرارة.
قَالَ د فِي الرَّابِعَة: إِن هَذَا دَوَاء ينْبت على أَجزَاء البلوط الْعَتِيق وَهُوَ شَبيه بالسرخس غير أَنه أَصْغَر مِنْهُ بِكَثِير وَأَقل تشظياً مِنْهُ وَله أصُول مشتبكة بَعْضهَا بِبَعْض مبردة مقبضة عفصة فِي مذاقها مَعَ شَيْء من حلاوة.
وَهَذِه الحشيشة مَتى جففت وسحقت مَعَ أُصُولهَا وذرت على الشّعْر حلقته غير أَنه إِذا عرق الْبدن يجب أَن يمسح الأول الَّذِي ذَر عَلَيْهِ ويجدد مِنْهُ شَيْء آخر.
روفس: إِن دروبطارس حُلْو حريف مر قَلِيلا وَفِي أَصله عفوصة فَأَما قوته فمعفنة وَلذَلِك قد يحلق الشّعْر.
دوقوا وَهُوَ بزر الجزر الْبري اسْمه باليونانية دوقس.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة من المفردة: إِن الجزر الَّذِي ينْبت فِي الْبر يُؤْكَل أقل مِمَّا يُؤْكَل الَّذِي يزرع فِي الْبَسَاتِين وَهُوَ أقوى من البستاني فِي كل شَيْء.
وَأما البستاني فيؤكل أَكثر وَهُوَ أَضْعَف من الْبري وقوتهما جَمِيعًا حارة مسخنة فهما لذَلِك ملطفان وأصلهما فِيهِ مَعَ مَا وَصفنَا قُوَّة نافخة تحرّك شَهْوَة الْجِمَاع.
وَأما بزر البستاني مِنْهُ فَفِيهِ أَيْضا شَيْء يُحَرك شَهْوَة الْجِمَاع وَأما بزر الْبري فَلَا ينْفخ أصلا فَأَما دوقس فَهُوَ ذُو قوتين بزره جَار جدا حَتَّى أَنه فِي إدرار الْبَوْل من أقوى الْأَدْوِيَة وَيصْلح أَيْضا لإدرار الطمث. وَمَتى وضع من خَارج حلل غَايَة التَّحْلِيل.
ولورقه أَيْضا هَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا إِلَّا أَنه أَضْعَف من بزره وَذَلِكَ بِسَبَب مَا يخالط الْوَرق من الرُّطُوبَة المائية الَّتِي هِيَ أَيْضا حارة المزاج.
وَقَالَ د فِي الثَّانِيَة: إِن دوقس أَنْوَاع: يُسمى أَحدهَا قريطيقوس ورقه شَبيه بورق الرازيانج. غير أَنه أَصْغَر من ورق الرازيانج وأدق وَيكون قدره نَحْو شبر وَفِي أَعلَى رَأسه ظلة كظلة الكزبرة وبهاره أصفر وَفِيه ثَمَر أَبيض حاد زيتوني وَمَتى مضغ كَانَ طيب الرَّائِحَة وَله عرق غلظه)
كالأصبع وَطوله نَحْو من شبر وينبت فِي الْمَوَاضِع الصخرية الَّتِي تنَال شُعَاع الشَّمْس كثيرا.
فَأَما نَوعه الآخر فَيُشبه الكرفس الرُّومِي ريحاني طيب الرَّائِحَة. حريف محرق الطّعْم وَلَكِن ذَلِك الَّذِي يُقَال لَهُ قريطيقوس أَجود مِنْهُ.
(6/153)
فَأَما النَّوْع الثَّالِث فورقه شَبيه بورق الكزبرة وفقاحه أَبيض لَهُ رُؤُوس وثمر شَبيه بِرَأْس الشبث وثمره وأقماعه شبه أقماع الجزر محشوة بزراً طَويلا كالكمون حَار حريف.
وبزرها جَمِيعًا يسخن وَمَتى شرب أنزل الأجنة وأدر الطمث وَالْبَوْل وَسكن المغس والسعال الْعَتِيق.
ويفش الأورام البلغمية والصلابات مَتى وضع مِنْهُ ضماد.
وَإِنَّمَا يعالج من نوعيه الآخرين ببزرهما فَقَط فَأَما ذَلِك الَّذِي يُقَال لَهُ قريطيقوس فقد يسْتَعْمل أَصله إِذا كبر ويسقى مِنْهُ للسعة بعض الدَّوَابّ العادية مَعَ الْمَطْبُوخ.
وَقَالَ بولس السَّابِعَة: إِن دوقس الَّذِي يُسمى اسطافالينس نَوْعَانِ وَأما أَصله فنافخ يصلح للجماع وَأما بزر الْبري فَلَيْسَ بِنَافِع فِي هَذِه الْخلَّة لِأَنَّهُ غير نافخ إِلَّا أَنه يدر الْبَوْل ويهيج الْحَيْضَة وَكَذَلِكَ الحشيشة أَيْضا.
دهن اللوز المر أما جالينوس وبولس فَلم يذكراه.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الأولى: إِن دهن اللوز المر نَافِع لأوجاع الْأَرْحَام وانقلابها واختناقها والوثء.
وأورام مَوضِع الوثء وينفع أَيْضا من وجع الرَّأْس وضربان الرَّأْس والأذنين وأورام الأرابي والأصوات والطنين والصفير الْكَائِن فِي الْأُذُنَيْنِ وينفع آلام الكليتين وَحصر الْبَوْل والحصى واللهيب وَالطحَال ويقلع الْآثَار من الْوَجْه والكلف ويبسط التشنج إِذا خلط بالعسل وأصل السوسن وشمع مذاب بدهن الْحِنَّاء أَو الْورْد وينفع غشاوة الْبَصَر ويجلو مَعَ الْمَطْبُوخ الحزاز والنخالة من الرَّأْس.
وَهِي دودة القرمز وَتسَمى باليونانية قرقوس ناقيقوس.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة من المفردة: إِن لَهَا قُوَّة قابضة وَقُوَّة محللة مَعًا وَهُوَ مجفف بِهَاتَيْنِ الكيفيتين وَلذَلِك يُوَافق الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة وجراح العصب غير أَن نَاسا يسحقونه بالخل ويعالجون بِهِ وَآخَرُونَ بالخل وَالْعَسَل.
قَالَ د فِي الرَّابِعَة: إِن قرقوس ناقيقوس وَهِي دودة القرمز ثَمَر شجر شوكي فِيهِ شَيْء لاصق كالعدس يجتنى وَيجمع إِلَّا أَن أَجودهَا مَا كَانَ بحاطبة وأرمينية وَمن بعده مَا كَانَ من الْبِلَاد الَّتِي يُقَال لَهَا آسيا وقيلقيا وأجود ذَلِك كُله مَا كَانَ من أسبانيا.
فَأَما قوتها فقابضة تَنْفَع من الْخراج وبط العصب مَتى سحقت وَوضعت على عصب مَعَ الْخلّ.
وَقد يكون بقيليقيا فِي شجر البلوط صَغِيرا يشبه الحلزون ويلتقطه النِّسَاء بأفواههن ويسمونه بالدويدات.
(6/154)
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: إِن دود الصباغين ميبسة بِغَيْر مضض وَلذَلِك قد تَنْفَع الْخراج الْعَظِيم والكلية والأعصاب مَتى سحقت مَعَ سكنجبين.
ديك عَتيق قَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة من الْأَدْوِيَة المفردة: مرق الديوك المتقادمة مسهل للطبيعة إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن وَقَالَ د فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: إِن الديوك الْعتْق تسقى فتسهل الطبيعة.
وَيَنْبَغِي أَن تخرج أجوافها وتحشى ملحاً ويخاط مَوضِع الشق ويطبخ بِعشْرين قوطوليات من المَاء حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى ثَلَاث قوطوليات ويتخمر وَيشْرب وَقد يشرب المرق كُله فِي مرّة وَاحِدَة.
وَمن النَّاس من يطْبخ مَعهَا كرنباً بحرياً أَو من النَّبَات الَّذِي يُقَال لَهُ لسورسطس أَو قرطماً أَو بسبابجا فينفض الكيموس الغليظ الَّتِي اللزج الْأسود.
وينفع الحميات المزمنة الَّتِي يُقَال لَهَا: ذَات الأدوار والارتعاش واللهيب ووجع المفاص ونفخة الْمعدة والترهل الْفَاسِد.
دبق اسْمه باليونانية انكيوس.
قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من المفردة: إِن الدبق مؤلف من طبع هوائي وَمن طبع مائي وَكِلَاهُمَا كثيران فِيهِ جدا وَمن طبع أرضي يسير جدا وَلذَلِك صَارَت الحدة أَكثر فِيهِ من المرارة وأفعاله أَيْضا تشهد لطبعه وَذَلِكَ أَنه يجذب الرُّطُوبَة من القعر جذباً قَوِيا وَلَيْسَ إِنَّمَا ذَلِك لما كَانَ مِنْهَا لطيفاً فَقَط بل وَلما كَانَ مِنْهَا غليظاً أَيْضا فيلطفها ويذيبها ويحللها إِلَّا أَنه لَيْسَ من الْأَشْيَاء الَّتِي تسخن سَاعَة تُوضَع بل يحْتَاج أَن يمْكث مُدَّة طَوِيلَة بعد وَضعهَا ثمَّ تسخن كَمثل وَقد قيل قبل: إِن هَذِه خصْلَة مَوْجُودَة فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي لَهَا قُوَّة مسخنة وفيهَا مَعَ ذَلِك فضل رُطُوبَة غير نضيجة.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الثَّالِثَة: أَجود الدبق مَا كَانَ حَدِيثا أملس كراثي اللَّوْن من دَاخل ولون ظَاهره إِلَى الْحمرَة وَلَيْسَت فِيهِ خشونة وَلَا نخالة وقوته قُوَّة محللة ملينة جاذبة وَإِنَّمَا يعْمل من ثَمَر مستدير يكون فِي شجر البلوط الَّذِي يشبه ورقه ورق الشّجر الَّذِي يُقَال لَهُ بوقيدس وَهُوَ الشمشار بِأَن تدق الثَّمَرَة ثمَّ تغسل ثمَّ تطبخ بِالْمَاءِ وَمن النَّاس من يعمله بِأَن يمضغ الثَّمَرَة وَقد يكون أَيْضا من شجر التفاح والكمثرى وَغَيرهمَا من الشّجر وَقد يُوجد عِنْد أصُول بعض الشّجر الصغار.
وَهُوَ ينضج الأورام الْبَارِدَة الْحَادِثَة عِنْد الْأُذُنَيْنِ وَسَائِر الأورام مَتى خلط بالراتينج والموم من كل)
وَاحِدَة مِنْهُمَا جُزْء مسَاوٍ لَهُ.
(6/155)
وَمَتى تضمد بِهِ أَبْرَأ بَنَات اللَّيْل.
وَإِذا خلط بالكندر أَبْرَأ القروح المزمنة والخراجات العادية الردية.
وَمَتى خلط بالنورة وطبخ مَعهَا وَوضع على الأورام الخبيثة أَو على الطحال الجاسي حلل الورم والجسوء.
وَمَتى خلط بزرنيخ الْأَصْفَر أَو الْأَحْمَر وَوضع على الْأَظْفَار قلعهَا وَإِذا خلط بالنورة وعصير الْعِنَب قواها.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: الدبق يسخن مَعَ حرافة وبجذب من القعر جذباً قَوِيا ويفش كالتافسيا إِلَّا أَنه أَبْطَأَ مِنْهُ.
دلب اسْمه باليونانية قلاطونس.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة من المفردة: إِن للدلب مزاجاً رطبا بَارِدًا غير بعيد من المعتدلات وَلذَلِك مَتى سحق ورقه الغض وَوضع كالضماد على الأورام الحارة الْحَادِثَة فِي الرُّكْبَتَيْنِ سكنها تسكيناً ظَاهرا.
وَأما لحاء هَذِه الشَّجَرَة وجوزها فقوتهما قُوَّة تجفف حَتَّى أَن القشرة من هَذِه الشَّجَرَة مَتى طبخت بالخل نفع ضَرْبَان الْأَسْنَان.
وَجوزهُ مَتى اسْتعْمل مَعَ الشَّحْم أَبْرَأ الْجِرَاحَات الْحَادِثَة عَن حرق النَّار.
وَقد يحرق قوم قشره ويتخذون مِنْهُ دَوَاء ميبساً جلاء يشفي الْأَلَم الَّذِي يكون من الرض.
ورماده إِذا ذَر على الْجِرَاحَات الَّتِي من أجل كَثْرَة الرُّطُوبَة شفاهاً.
وَيَنْبَغِي للانسان أَن يحذر الْغُبَار الَّذِي يلتزق بورق هَذِه الشَّجَرَة وَذَلِكَ أَنه ضار لقصبة الرئة مَتى استنشق لِأَنَّهُ ييبسها ويخشنها ويضر بالصوت وَالْكَلَام وَكَذَا يضر بِالسَّمْعِ وَالْبَصَر مَتى وَقع فِي الْأذن وَالْعين.
وَقَالَ د: مَتى طبخ ورقه الرطب بِالْخمرِ وضمدت بِهِ الْعين منع البلة المتجلبة إِلَيْهَا وَسكن هيجانها وأورامها.
وقشر الدلب مَتى طبخ مَعَ الْخلّ وتمضمض بِهِ نفع من ضَرْبَان الْأَسْنَان.)
فَأَما جوزه الرطب فَإِذا شرب مَعَ الْمَطْبُوخ نفع من نهش الْهَوَام وَمَتى اسْتعْمل مَعَ الثرب أَبْرَأ حرق النَّار.
وغبار الْوَرق وَالثَّمَر اللاصق بهما مَتى وَقع فِي الْأُذُنَيْنِ أَو فِي الْعَينَيْنِ ضرهما.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: قلاطونس هُوَ الدلب بَارِد رطب فِي قوته جدا وَلِهَذَا السَّبَب صَار ورقه الغض ينفع من الأورام الحارة.
وَأما قشره وَجوزهُ فَإِن قوتهما تجفف أَكثر وَإِن هِيَ طبخت بالخل شفت وجع
(6/156)
الْأَسْنَان وَأَبْرَأ حرق النَّار مَتى صيرت مَعَ الشَّحْم والقشر مَتى أحرق كَانَ مجففاً جلاء جدا حَتَّى أَنه يشفي البرص والقروح الرّطبَة.
وَهِي شَجَرَة البق وَتسَمى باليونانية قطيلا.
قَالَ جالينوس فِي الثَّامِنَة من المفردة: قد أدملنا بورق هَذِه الشَّجَرَة فِي بعض الْأَوْقَات جراحات طرية لأَنا وثقنا بِمَا يظْهر فِيهِ من الْقُوَّة القابضة والجالية مَعًا.
ولحاء هَذِه الشَّجَرَة أَشد بردا وقبضاً من وَرقهَا وَلذَلِك قد تشفي الْعلَّة الَّتِي يتقشر مَعهَا الْجلد إِذا عولجت بِهِ بالخل فَأَما مَا دَامَ هَذَا اللحاء طرياً قريب الْعَهْد فَإِنَّهُ إِن لف كالرباط على مَوضِع الضَّرْبَة أمكن أَن يدمله.
ولأصله أَيْضا هَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا وَلذَلِك قد يصب قوم مَاءَهُ الَّذِي يطْبخ فِيهِ على جَمِيع الْعِظَام المحتاجة إِلَى الإدمال من كسر أَصَابَهَا.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الأولى: ورق هَذِه الشَّجَرَة وَأَغْصَانهَا وزهرها وقشرها قَابض وَمَتى تضمد بالورق مسحوقاً بالخل كَانَ صَالحا للجرب المتقرح وألزق الْجِرَاحَات.
وقشر الشَّجَرَة أَشد إلزاقاً للجراحات من الْوَرق مَتى ربطت بِهِ كَمَا ترْبط بالسير وَمَا كَانَ من قشرها غليظاً وَشرب مِنْهُ مِقْدَار مِثْقَال بِالْخمرِ أَو بِالْمَاءِ الْبَارِد أسهل بلغماً.
وَمَتى صب طبيخ الأَصْل أَو طبيخ الْوَرق على الْعِظَام المنكسرة ألحمها وَيصب على الوثء فيجبره سَرِيعا.
والرطوبة الْمَوْجُودَة فِي غلف الثَّمَرَة عِنْد أول ظُهُورهَا إِذا لطخت على الْوَجْه جلته وصفت بَشرته.
وَمَتى جففت هَذِه الرُّطُوبَة تولد مِنْهَا حَيَوَان شَبيه بالبق.)
وورق هَذِه الشَّجَرَة الغض قد يُؤْكَل بالبقل إِذا طبخ مَعَ بعض الطبيخات.
فَأَما النخر المتناثر من خشبه الْعَتِيق الْكَائِن كالدقيق فَإِذا ذَر على الْجراح نقاها وختمها.
وَيحبس القروح الدبابة الَّتِي تَأْكُل إِذا خلط مَعَ الأنيسون بالسواء وعجن بالمطبوخ وَإِذا صر فِي خرقَة وأحرق وسحق وذر.
قَالَ بولس فِي السَّابِعَة: الدردار لَهُ قُوَّة مجففة تجلو حَتَّى أَنه يلصق الْجِرَاحَات وقشره أقوى فعلا مِنْهُ إِذا كَانَ طرياً ول على الْجِرَاحَات كالرباط وَهُوَ يُبرئ البرص أَيْضا مَعَ الْخلّ ولأصوله أَيْضا قُوَّة مثل هَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا وَقد يسْكب طبيخه على الْخلْع الْمُحْتَاج إِلَى الْجَبْر وَكسر الْعِظَام فيشدها.
ديفروجس وَتَفْسِيره المضاعف الإحراق والتشييط.
قَالَ ج فِي التَّاسِعَة من المفردة: قُوَّة هَذَا الدَّوَاء وطعمه قُوَّة وَطعم مركب وَذَلِكَ أَن
(6/157)
فِيهِ شَيْئا يقبض شَيْئا حاراً قَلِيلا فَهُوَ لذَلِك دَوَاء نَافِع للجراحات الخبيثة الردية والقروح الْحَادِثَة فِي الْفَم مَتى اسْتعْمل مَعَ الْعَسَل المنزوع الرغوة أَو وَحده.
وينفع أَيْضا فِي مداواة الخوانيق مَتى اسْتعْمل بعد مَا قد منع وَقطع أَولا مَا كَانَ يجْرِي وَينصب إِلَى تِلْكَ الْأَعْضَاء.
وَقد استعملته أَيْضا لما قعطت اللهاة فداويتها بِهِ وَحده سَاعَة قطعهَا ثمَّ أعدته مرَارًا إِلَى ان اندملت اندمالاً وختماً جيدا شَدِيدا وينفع فِي هَذَا الْعُضْو خَاصَّة وَفِي جَمِيع الْأَعْضَاء الَّتِي يحدث فِيهَا الْجِرَاحَات وَكَذَلِكَ هُوَ أَيْضا نَافِع للقروح الْحَادِثَة فِي الْعَانَة وَفِي الدّرّ واستعماله فِي هَذِه الْأَعْضَاء يكون كاستعماله فِي الْفَم لِأَن هَذِه الْأَعْضَاء تستريح إِلَى مثل هَذِه الْأَدْوِيَة بِأَعْيَانِهَا وتنتفع بهَا وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَنَّهَا أَعْضَاء حارة رطبَة على مِثَال وَاحِد.
وَقَالَ د: الديفروجس على أَصْنَاف ثَلَاثَة: مِنْهَا صنف معدني يكون بقبرس فَقَط وَهُوَ جَوْهَر من جنس الطين وَيخرج من بِئْر هُنَاكَ ثمَّ يجفف فِي الشَّمْس ثمَّ يوضع عَلَيْهِ وحواليه الشوك والدغل وَيحرق وَلذَلِك سمى ديفروجس أَي مضاعف الإحراق. لِأَنَّهُ يجفف فِي الشَّمْس ثمَّ يحرق بالنَّار وصنف آخر مِنْهُ كَأَنَّهُ عكر النّحاس الْمُصَفّى غليظه وَذَلِكَ أَنه بعد صب المَاء على النّحاس وإخراجه من البواطن يُوجد فِي أَسْفَلهَا هَذَا الصِّنْف وَفِيه قبض النّحاس وطعمه)
وصنف ثَالِث يعْمل على هَذِه الصّفة يُؤْخَذ الْحجر الَّذِي يُقَال لَهُ بوريطس وَهُوَ المرقشيثا وَيصير فِي أتون ويطبخ عدَّة أَيَّام كَمَا يطْبخ الكلس فَإِذا صَار لَونه أَحْمَر كالمغرة أخرج من الأتون وَرفع.
وَمن النَّاس من زعم أَنه قد يعْمل مِنْهُ صنف رَابِع من الْحِجَارَة الَّتِي يعْمل مِنْهَا النّحاس إِذا صيرت هَذِه الْحِجَارَة فِي إِنَاء وطبخت فِي الأتون فَإِنَّهُ يُوجد مِنْهُ حواليها وَإِذا أخرجت الْحِجَارَة عَنْهَا أُصِيب أَيْضا مِنْهُ فِيهَا شَيْء كثير.
وَيجب أَن يخْتَار مَا كَانَ فِي طعمه شَيْء من طعم النّحاس وَطعم الزنجار وَكَانَ قَابِضا يجفف اللِّسَان تجفيفاً شَدِيدا.
ديسقوريدوس: وقوته قُوَّة قابضة مجففة منقية تنقية قَوِيَّة تجلو وتقلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح وتدمل القروح الخبيثة المنتشرة فِي الْجِسْم.
وَمَتى خلط بصمغ البطم أَو بالقيروطي حلل الدبيلات.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: قُوَّة الديفروجس قُوَّة مختلطة وَذَلِكَ أَن فِيهِ شَيْئا من الْقَبْض والحرافة وَهُوَ دَوَاء للجراحات الردية الْمَذْهَب.
دم اسْمه باليونانية إِي أَنا قَالَ جالينوس فِي الْعَاشِرَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِنَّه لَيْسَ دم بَارِد أصلا غير أَن دم الْخِنْزِير حَار رطب يَسِيرا ومزاجه خَاصَّة شَبيه بمزاج الْإِنْسَان وَلذَلِك إِن زعم أحد أَن دم الْإِنْسَان نَافِع لبَعض الأدواء فَيَنْبَغِي أَن يظْهر التجربة
(6/158)
وَالْفِعْل أَولا فِي دم الْخِنْزِير وَإِذا كَانَت الْحَال لَيست وَاحِدَة بل شَبيهَة بِتِلْكَ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَت قُوَّة دم الْخِنْزِير دون قُوَّة دم الْإِنْسَان لكنه قد يفعل شَبِيها بِفِعْلِهِ.
فَأَما دم الْحمام فقد اسْتَعْملهُ كثير من قدماء الْأَطِبَّاء عِنْد تشريحهم الرَّأْس إِذا انصدع شَيْء من عِظَامه بِأَن يصيروا فِي ذَلِك الصدع من دم هَذَا الْحمام فَإِن عدموه استعملوا بدله دم الورشان أَو دم الفاختة والشفانين أَيهَا كَانَ حَاضرا.
وَبَعض الْأَطِبَّاء كَانَ يقطر من دم الْحمام وَهُوَ حَار فِي الْعين الَّتِي أصابتها طرفَة فَاجْتمع فِيهَا الدَّم فيشفيها بذلك.
وَبَعْضهمْ كَانَ ينتف من الريش الَّذِي يكون أَصله مملوءاً دَمًا فيعصره فِي الْعين الَّتِي نالتها الطرفة أَو يشق أصل هَذَا الريش فَيَأْخُذ من ذَلِك الدَّم الَّذِي يخرج مِنْهُ حاراً ويقطره فِيهَا وَإِنَّمَا يفعل)
ذَلِك مَتى أردنَا الْإِبْقَاء على الْحمام.
وَمِنْهُم من يَأْخُذ من ريش فراخ الْحمام الرُّخْصَة الناعمة المملوءة دَمًا فيقطر مِنْهَا فِي الْعين.
وَأما أَنا فقد حضرت عدَّة مِمَّن شقّ رَأسه وقطر فِيهِ بدل هَذِه الدِّمَاء الْمَذْكُورَة دهن ورد سخن على نَحْو سخونة الدَّم فبرؤا وَقد تُوجد شيافات وأقرصة تَنْفَع من هَذَا الدَّم الْحَادِث فِي الْعين كَالَّتِي يَقع فِي تركيبها المر والكندر والزعفران وعصارة الحلبة فَإِذا كَانَت هَذَا الْأَشْيَاء مَوْجُودَة وَهِي أَنْفَع من دم الْحمام فَمَا الَّذِي يضطرنا إِلَى دم الْحمام أَو الفاختة أَو الورشان وَنحن نجد هَذِه الْأَشْيَاء بِأَهْوَن سعي.
وَكَذَلِكَ لَا نحتاج أَيْضا إِلَى دم الْحَيَوَان الْمُسَمّى غلوقس فِي الدَّاء الْمَعْرُوف بالربو أَو عسر النَّفس إِذْ كَانَ من الْأَطِبَّاء من يسْقِي العليل مِنْهُ وَمِنْهُم من يطْبخ لَحْمه فيطعمه الْمَرِيض ويحسيه مرقه وَمِنْهُم من يقطر على دَمه شَيْئا من المَاء ويسقيه العليل وَقد رَأَيْت طَبِيبا سقَاهُ عليلا بشراب وَسمعت آخر يمدحه وَأَنه شفي بِهِ امْرَأَة كَانَ بهَا ربو فَسَأَلته: أَي أَصْنَاف الربو كَانَ بِتِلْكَ الْمَرْأَة الَّتِي أبرأها دم هَذَا الْحَيَوَان بِزَعْمِهِ فَلم يجبني لِأَنَّهُ لم يعلم أَنْوَاع هَذَا الْمَرَض وَقد كنت علمت أَنه سقَاهُ لهَذِهِ الْمَرْأَة فَلم ينفعها وَمثل هَذَا الْخَطَأ لحق من أثبت فِي كتبه أَن دم الخفاش لَهُ مَنَافِع كَثِيرَة وَأَنه إِذا طلي على ثدي الْأَبْكَار حفظهَا على نهودها زَمنا طَويلا وَقد جربته فَوَجَدته بَاطِلا وَكَذَلِكَ وجدته فِي طلاء الإبطين وزعمهم أَنه يمْنَع من نَبَات الشّعْر فيهمَا وَفِي الْعَانَة إِذا طلي عَلَيْهَا وعَلى خصى الغلمان الَّذين لم يراهقوا.
وَأما دم الأرنب وَدم الْمعز وَدم الدَّجَاج فقد يغتذى بِهِ كثير من النَّاس.
وَمن الْأَطِبَّاء من سقِِي دم الْمعز مخلوطا بِعَسَل أَصْحَاب المَاء الْمَعْرُوف بالحبن وَمِنْهُم من شوي هَذَا الدَّم وسقاه لمن كَانَ بِهِ استطلاق وَاخْتِلَاف أَشْيَاء لزجة مخاطية الَّتِي تخالط الدَّم فانتفعوا بذلك وأظن أَن نفعهم بِهِ لغلظ الأرضية الَّتِي فِيهِ ويبسه.
(6/159)
وَمِنْهُم من زعم أَن دم الديوك والدجاج نَافِع من الدَّم السَّائِل من أغشية الدِّمَاغ وَهَذَا شَيْء لَا يَصح.
وَمِنْهُم من زعم أَن دم الخرفان إِذا شرب نَافِع من الصرع وَهَذَا لَا يجمل بِنَا تجربته إِذْ كَانَت الْأَدْوِيَة الَّتِي تَنْفَع من هَذِه الْعلَّة لَطِيفَة القوى وَهَذَا الدَّم ضدها لغلظه ولزوجته.
وَأما دم الجدي فَذكر فِيهِ بعض الْأَطِبَّاء قولا هَذَا لَفظه: إِن دِمَاء الجداء أَنْفَع فِي قذف الدَّم من)
غَيرهَا من الدِّمَاء وَيجب أَن يكون جَامِدا. يُؤْخَذ مِنْهُ مِقْدَار رَطْل كَيْلا ويخلط مَعَه من الْخلّ الثقيف مثله ويطبخ حَتَّى يغلي ثَلَاث غليات أَو أَكثر ثمَّ يقسم على ثَلَاثَة أَجزَاء ويسقي فِي ثَلَاثَة أَيَّام كل يَوْم جُزْء على الرِّيق وَهَذَا الدَّوَاء لَا أرى بتجربته بَأْسا إِذا لم تحضرك أدوية.
فَأَما دم الدب فَإِنَّهُ إِذا وضع وَهُوَ حَار على الأورام أنضجها سَرِيعا وَيفْعل ذَلِك ايضا دم التيوس وَدم الْكَبْش وَدم الْبَقر.
وَأما دم الضفادع الْخضر الصغار فقد جربت كذب من زعم أَنه إِذا طلي بِهِ مَوَاضِع الشّعْر وَقَالَ قوم: إِن دِمَاء الجراذين تحد الْبَصَر فَتركت تجربته لقذره وَإِنِّي أقدر على غَيره من الْأَدْوِيَة الممتحنة وَكَذَلِكَ لم أجرب دِمَاء الْخَيل وَقد ذكرُوا أَنَّهَا تحرق وتعفن.
وَذكروا أَن دم الفأر يقْلع الثآليل والمسامير من الْأَبدَان فَلم أجربها احتقارا بهَا إِذْ كنت أقدر على أدوية كَثِيرَة تفعل ذَلِك.
وَقَالَ د فِي الثَّانِيَة: إِن دِمَاء الجداء والحملان والإوز تخلط فِي المعجونات فتنفع نعما وَدم الْحمام يقطع الرعاف الَّذِي من حجب الدِّمَاغ.
وَدم الْحمام والورشان والشفنين والقبج يُؤْخَذ وَهُوَ حَار فيكتحل بِهِ للجراحات الْعَارِضَة للعين وكمنة الدَّم فِيهَا والعشا.
وَدِمَاء التيوس والماعز والأيايل والأرانيب مَتى شربت وَلَا سِيمَا إِذا طبخت على الْمِقْدَار نَفَعت من وجع المعي.
وَمَتى شربت مَعَ الْمَطْبُوخ حصرت الطبيعة المنطلقة ونفعت من السم الَّذِي يُقَال لَهُ طقسقيون.
وَدم الأرنب بحرارته إِذا لطخ على الكلف والبثر اللبني فِي الْوَجْه أبرأهما.
وَدم الثور إِذا ضمد بِهِ وَهُوَ حَار مَعَ السويق حلل الأورام الصلبة.
وَدم الْكَلْب إِذا شرب نفع من عض الْكلاب الكلبة وَمن شرب السم الَّذِي يُقَال لَهُ طقسقيون.
وَدم السلحفاة الْبَريَّة يزْعم أنَاس أَنه نَافِع من الصرع ويزعمون أَن دم السلحفاة البحرية يحلل ويشفي الورم إِذا ضمد بِهِ مَعَ حشيش بِمَنْزِلَة الضماد.
(6/160)
فَأَما دم الْخَيل المتحصنة فَيَقَع فِي أخلاط المراهم المعفنة.
وَدم الحرباء يُقَال إِنَّه إِذا نتف الشّعْر النَّابِت فِي الْعين وَجعل فِي أُصُوله لم يَدعه أَن ينْبت وَدم الضفادع اخضر القتالة أَيْضا يفعل ذَلِك.)
وَقد يظنّ بِدَم الْحَيْضَة إِذا مسح بِهِ الذّكر أَو تغذى فِيهِ الناموس منع الْحَبل.
وَمَتى لطخ بِهِ على النقرس خفف وَجَعه وَكَذَلِكَ مَتى لطخ بِهِ على الْحمرَة.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: إِي أَنا هُوَ الدَّم وَهُوَ حَار غير أَن دم الْخِنْزِير رطب قَلِيل الْحَرَارَة شَبيه بمزاج دم الْإِنْسَان خَاصَّة.
وَأما دم الْحمار والوراشين فَلِأَنَّهَا معتدلة تَنْفَع الدَّم الَّذِي يتكتل فِي الْعين من انْشِقَاق الْحجاب الَّذِي يُسمى معنفونس إِذا قطر فِي الْعين وَهُوَ حَار.
وَإِذا سكب على المانيخيس الغليظة إِذا ربع جُزْء من قحف الرَّأْس عِنْد انكساره فِي البط وَالْقطع حفظه من الورم.
وَأما دم دلاوقويس فَإِذا شرب مَعَ الْمَطْبُوخ أَو مَعَ المَاء نفع من عسر النَّفس.
وَأما دم الخفاش فحافظ لثدي الْأَبْكَار وَلَيْسَ يتْرك الشّعْر أَن ينْبت فِي الْإِبِط وَدم الضفادع على هَذَا الْمِثَال.
وَأما دم الماعز فَمن أجل يبسه ينفع من بِهِ استسقاء إِذا شرب مَعَ مَاء الْعَسَل وَإِذا شرب أَو أكل نفع من الذوسنطاريا وَمن بلة الْبَطن.
وَدم التيس مَتى جفف وَشرب فت الْحَصَى الكائنة فِي الكلى.
وَأما دم الدَّجَاج الأهلي فحابس لانبعاث الدَّم الْكَائِن من مقسقس.
وَأما دم الدببة والتيوس والجواميس فمنضج للدمامل كَمَا يَزْعمُونَ وَأما دم الضَّب فَيحد الْبَصَر.
وَدم الْخَيل الفحول يخلط فِي الْأَدْوِيَة المعفنة وَيَقَع فِيهَا دم الدلم وَالْحمل والإوز.
وَقَالَ أَيْضا فِي الْمقَالة الأولى: كل دم أَي دم كَانَ إِذا كَانَ صَعب الاستمراء وَلَا سِيمَا ذَلِك الغليظ الَّذِي يَلِي لمرة السَّوْدَاء كَدم الثور ينضج الأورام.
وَأما دم الأرنب فيبرد لِأَنَّهُ أطيب وَأكْثر من اغتذاذه يطبخه مَعَ الكبد وَغَيره من الْبُطُون.
وَبَعْضهمْ يَأْكُلُون دم الْخِنْزِير أَيْضا.
وَأما الدَّم الطري فقد ذكر أوميرش الشَّاعِر أَن أُنَاسًا يَأْكُلُون الدَّم الطري فيغذيهم.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة من المفردة فِي قَوْله على حب الخروع بِأَنَّهُ أحد وألطف من زَيْت الساذج وَلذَلِك يحلل أَكثر مِنْهُ.)
وَقَالَ د فِي الأولى: إِن دهن الخروع يعْمل على هَذِه الصّفة: خُذ من حب الخروع
(6/161)
المستكمل الطري مَا أَحْبَبْت وجففه فِي الشَّمْس ودقه حَتَّى تقع قشوره وَتسقط عَنهُ ثمَّ ألقه فِي هاوون ودقه نعما ثمَّ صره فِي مرجل بِمَاء وأوقد تَحْتَهُ حَتَّى يغلي فَإِذا خرج مِنْهُ جَمِيع دسمه رفعت الْمرجل عَن النَّار وانتزعت الدّهن الَّذِي يطفو على المَاء بِصَدقَة ورفعته: فَأَما أهل مصر فلأنهم محتاجون مِنْهُ إِلَى الشَّيْء الْكثير يتخذونه على غير هَذِه الصّفة وَذَلِكَ أَنهم من بعد دقهم حب الخروع يلقونه فِي رحى ويطحنونه طحنا نعما ويصيرونه فِي صوان ويعصرونه بِآلَة كابسة. وَليكن دليلك على استكمال الخروع إِذا تَبرأ من المحيطة بِهِ.
ودهن الخروع نَافِع للجرب وقروح الرَّأْس والأورام الْحَادِثَة فِي المقعدة ولانضمام فَم الرَّحِم ولانقلابها وللآثار المستحكمة السمجة الْعَارِضَة من الِانْدِمَال ووجع الْأُذُنَيْنِ. وَمَتى خلط فِي اللزوقات جعلهَا قَوِيَّة جدا ويسهل الطبيعة إِذا شرب وَيخرج حب القرع.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة فِي قَوْله فِي الزَّيْت: إِن دهن الخروع تعادل قوته قُوَّة الزَّيْت الْعَتِيق.
دهن الزفت قَالَ جالينوس: دهن الزَّيْت يكون من الزفت الرطب وَهُوَ شَبيه بِهِ فِي الْجِنْس إِلَّا أَن جوهره ألطف من جَوْهَر الزفت.
وَقَالَ جالينوس أَيْضا: هُوَ ينفع من دَاء الثَّعْلَب. د فِي الْمقَالة الأولى فِي قَوْله على الزفت: إِنَّه قد يكون من الزفت الرطب شَيْء يُقَال لَهُ قسالاون مَتى نزعت عَنهُ رغوته الَّتِي تطفو عَلَيْهِ وَهُوَ مثل مَاء الْجُبْن على الْجُبْن وَتجمع فِي طبخ الزفت بصوف نقي يعلق على الزفت فَإِذا ابتل من البخار الصاعد إِلَيْهِ عصر فِي إِنَاء وَلَا تزَال تفعل بِهِ ذَلِك والزفت ينطبخ.
وَهُوَ نَافِع لما ينفع مِنْهُ الزفت الرطب. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ دَقِيق شعير أنبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب. وَهُوَ والزفت الرطب يبرئان قُرُوح الْمَوَاشِي وجربها مَتى لطخا عَلَيْهَا.
قَالَ بولس فِي القَوْل السَّابِع: إِن دهن الزفت يكون من الزفت الرطب وَهُوَ ألطف مِنْهُ فِي طبعه.
دَار شيشعان وَيُسمى باليونانية اسقالانوس.
قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من المفردة: إِنَّه فِي طعمه حريف قَابض وقوته بِحَسب طعمه وَهُوَ مركب من أَجزَاء غير متشابهة وَذَلِكَ أَنه بأجزائه الحارة يسخن وبأجزائه القابضة يبرد قَالَ د فِي الْمقَالة الأولى: إِن اسقيلانوس الَّذِي يُسَمِّيه نَاس هوسطقطون وَآخَرُونَ فابعون ويسميه أهل الشَّام عيدَان الناردين وَهُوَ الشيشعان. وَهِي شَجَرَة ذَات غلظ خشبية فِيهَا شوك كثير وينبت فِي أسوزس وَفِي دوريا ويستعمله العطارون فِي تعفيص الأدهان المطيبة غير أَن أجوده مَا كَانَ رزينا كثيفا طيب الرَّائِحَة فِي طعمه شَيْء من
(6/162)
المرارة وَإِذا قشر كن لَونه إِلَى لون الدَّم ماهو أَو لون الفرفير. وَمِنْه نوع آخر خشبي لَيست لَهُ رَائِحَة وَهُوَ دون الأول.
وَأما قُوَّة الدارشيشعان فمسخنة مَعَ قبض وَلذَلِك يُوَافق قُرُوح الْفَم إِذا طبخ بشراب وتمضمض بِهِ وينفع القروح الوسخة الَّتِي فِي الْفَم والقروح الخبيثة الَّتِي تسري فِي الْجِسْم إِذا سكب عَلَيْهَا وَيذْهب نَتن الْأنف ويحدر الأجنة إِذا وَقع فِي الفرزجات.
وطبيخه إِذا شرب يعقل الْبَطن يقطع نفث الدَّم وينفع من عسر الْبَوْل والنفخ.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: إِن الدارشيشعان لَا تشبه أجزاؤه بَعْضهَا بَعْضًا وَذَلِكَ أَنه حَار لطيف قباض ولهذين الْأَمريْنِ صَار يجفف وينفع جدا من النزلات والعفونات والمواد المتجلبة.
دَار صيني اسْمه باليونانية مولوسون.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة من المفردة: الدارصيني فِي غَايَة اللطافة وَلكنه لَيْسَ فِي غَايَة الْحَرَارَة بل هُوَ مِنْهَا فِي الدرجَة الثَّالِثَة وَلَيْسَ فِي الْأَدْوِيَة المسخنة شَيْء آخر يجفف كتجفيفه من أجل لطافة جوهره.
فَأَما ذَلِك الَّذِي يُسمى قساموس فَإِنَّهُ كالدارصيني الضَّعِيف وَقد يُسَمِّيه آخَرُونَ الدارصيني الْكذَّاب.
وَقَالَ د فِي الْمقَالة الأولى: أَصْنَاف الدارصيني كَثِيرَة فَمِنْهُ صنف يُسمى مولوسون لِأَن فِيمَا بَينه وَبَين السليخة الَّتِي يُقَال لَهَا موسوليطس مشاكلة يسيرَة.
وَمِنْه صنف ثَان جبلي وَهُوَ غليظ قصير جدا ياقوتي اللَّوْن.
وَمِنْه صنف ثَالِث أسود أملس متشظ لَيْسَ بِكَثِير العقد.
وَمِنْه صنف رَابِع أَبيض رخو حسن النَّبَات لَهُ اصل هش الانفراك كَبِير.
وَمِنْه صنف خَامِس رَائِحَته شَبيهَة برائحة السليخة سَاطِع الرَّائِحَة ياقوتي اللَّوْن قشره شَبيه بقشر السليخة الْحَمْرَاء صلب تَحت المجسة لَيْسَ بمتشظ جدا غليظ الأَصْل.
وَأما الصِّنْف الْمَعْرُوف بالقرفة فَهُوَ دارصيني خشبي وَيُشبه الدارصيني فِي أَصله وَكَثْرَة عقده إِلَّا أَن طيب رَائِحَته أقل من طيب رَائِحَة الدارصيني. وَمن النَّاس من يزْعم أَن القرفة هِيَ جنس آخر غير الدارصيني وَأَنَّهَا من طبيعة أُخْرَى غير طَبِيعَته.
وأجود الدارصيني الحَدِيث الْأسود اللَّوْن الَّذِي يضْرب إِلَى الرمادية والحمرة عيدانه دقاق ملس وأغصانه قريبَة بَعْضهَا من بعض طيبَة الرَّائِحَة جدا.
وأبلغ محنته طيب رَائِحَته وَقد يُوجد فِي بعضه مَعَ طيب رَائِحَته شَيْء من رَائِحَة السذاب ورائحة القردمانا فِيهِ حرافة ولذع للسان وَشَيْء من ملوحة مَعَ حرارة وَإِذا حك لَا يتفتت سَرِيعا وَإِذا كسر كَانَ الَّذِي فِي مَا بَين أغصانه شَبِيها بِالتُّرَابِ دَقِيقًا. وَإِذا أردْت محنته
(6/163)
فَخذ الْغُصْن من أصل وَاحِد فَإِن امتحانه هَكَذَا هَين وَذَلِكَ أَن الفتات إِنَّمَا هُوَ خلة فِيهِ فَإِن الْجيد مِنْهُ يمْلَأ الخياشيم رَائِحَته فِي ابْتِدَاء الامتحان فَيمْنَع من معرفَة مَا كَانَ دونه.
وَمَا كَانَت رَائِحَته من هَذِه الْأَصْنَاف شَبيهَة برائحة الكندر أَو رَائِحَة الآس أَو رَائِحَة السليخة)
أَو كَانَ عطر الرَّائِحَة مَعَ زهومة فَهُوَ دون الْجيد. وأردأ مِنْهُ الْأَبْيَض والأجوف والمنكمش العيدان والأملس الخشبي واطرح أَصله فَلَا مَنْفَعَة فِيهِ.
وكل دارصيني فقوته مسخنة مَدَرَة للبول منضجة تدر الطمث وَتسقط الأجنة إِذا شرب أَو احْتمل مَعَ المر ويوافق سموم الْهَوَام والأدوية القتالة ويجلو ظلمَة الْبَصَر ويقلع الرُّطُوبَة اللبنية والكلف إِذا لطخ بِهِ مَعَ الْعَسَل وينفع من السعال والنزلات والحبن ووجع الكلى وعسر الْبَوْل.
وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ كثير الْمَنَافِع ويخلط فِي الأدهان الثمينة المطيبة. ويحفظ قوته زَمَانا طَويلا بِأَن وَمِنْه صنف آخر يُسمى قساموس ويسميه قوم الدارصيني الزُّور وَهُوَ خشن الأغصان غليظ القضبان إِلَّا أَنه دون الدارصيني جدا فِي رَائِحَته ومذاقته.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة: إِن الدارصيني فِي غَايَة فِي لطافة الْأَجْزَاء إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي الْحَرَارَة فِي الْغَايَة بل هُوَ مِنْهَا فِي الْجُزْء الثَّالِث.
وَلَيْسَ وَاحِد من الْأَدْوِيَة المقاومة لَهُ فِي الإسخان يجفف كتجفيفه وَذَلِكَ للطافة أَجزَاء جوهره.
فَأَما قسامون فَإِنَّهُ مثل الدارصيني إِلَّا أَنه دونه وَقد يُسمى هَذَا دارصيني زور.
وَفِي كتاب الْأَطْعِمَة: الدارصيني حَار. يَابِس مُطيب للمعدة نَافِع من الْبرد الْكَائِن فِيهَا وينفع الكبد ويجلو وَيفتح ويدر الْبَوْل ويحدر الطمث ويجلو غشاوة الْعين.
دفلى اسْمه باليونانية بئريون.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة من المفردة: هَذِه الشَّجَرَة مَعْرُوفَة عِنْد كل أحد وَهِي إِذا وضعت على الْجِسْم من خَارج فذات قُوَّة محللة بالكفاية.
وَأما إِن أخذت إِلَى دَاخل فَإِنَّهَا قاتلة مفْسدَة لَيْسَ للنَّاس فَقَط بل لكثير من الْبَهَائِم.
ومزاجها من الإسخان فِي الْجُزْء الثَّالِث عِنْد مبدئه وَفِي الأولى من التجفيف.
وَقَالَ د: إِن الدفلى يُسَمِّيه قوم بئريون ويسميه آخَرُونَ رودفى وَهُوَ ثنمش مَعْرُوف لَهُ ورق شَبيه بورق اللوز إِلَّا أَنه أطول مِنْهُ وَأَغْلظ وأخشن وفقاحه شَبيه بفقاح الْورْد إِلَّا أَنه المدل وَحمله شَبيه فِي شكله بالخرنوب الشَّامي مَفْتُوح فِي شكله شَيْء شَبيه بالصوف.
(6/164)
وَأَصله طَوِيل حاد الطّرف مالح الطّعْم وينبت فِي الْبَسَاتِين وَفِي السواحل. وَقُوَّة زهره وورقه قاتلة للكلاب وَالْبِغَال وَالْحمير وَعَامة الْمَوَاشِي. وَإِذا شربا بِالشرابِ خلصا النَّاس من نهش ذَوَات السمُوم وخاصة مَتى خلطا بالسذاب.
وَأما الضَّأْن والمعز فَإِن شربت من مَاء قد استنقع فِيهِ هَذَا النَّبَات قَتلهَا.
وَقَالَ بولس فِي السَّابِعَة الدفلى مَتى وضع من خَارج ضمادا فقوته محللة وَإِذ شرب قتل.
دردى الْخمر اسْمه باليونانية طورطس.
قَالَ د فِي الْخَامِسَة: الْخمر الْمُخْتَار من درديها مَا كَانَ مِنْهَا من عتيقها وَمن الْبِلَاد الَّتِي يُقَال لَهَا انطاليا فَإِن لم تقدر على هَذَا فاختر مَا يشبهها.
فَأَما دردى الْخلّ فشديد الْقُوَّة جدا وَيحرق مثل مَا يحرق دردى الْخمر بعد أَن يجفف نعما وَيَنْبَغِي أَن يحرق دردى الْخمر كَمَا يحرق زبد الْبَحْر بعد أَن يجفف تجفيفا بَالغا. وَمن النَّاس من يَأْخُذهُ ويصيره فِي إِنَاء فخار جَدِيد ويلهب تَحْتَهُ نَارا قَوِيَّة ويدعها عَلَيْهَا إِلَى أَن يصل عَملهَا إِلَى بَاطِنه. وَمِنْهُم من يكتله ويطمره فِي الْجَمْر ويدعه إِلَى أَن تَأْخُذ النَّار فِيهِ كُله.
وأمارة جودة احتراقه اسْتِحَالَة لَونه إِلَى الْبيَاض أَو إِلَى لون الْهَوَاء وَأَن يكون مَتى قرب من اللِّسَان فَكَأَنَّهُ يلهبه لشدَّة إحراقه.
وَقُوَّة هَذَا الدردى المحرق قُوَّة محرقة شَدِيدَة الإحراق جدا. تجلو وتقلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح وتقبض وتعفن تعفينا شَدِيدا وتجفف وتسخن إِلَّا أَنه يجب أَنه تسْتَعْمل الدردى مَا دَامَ طريا فَإِن قوته تنْحَل وشيكا. وَلذَلِك يجب أَن يحرق مغطى وَلَا يتْرك مكشوفا بل مصوناً ملفوفا.
وَهُوَ يغسل كَمَا يفعل بالتوتياء وَيسْتَعْمل فِي أدوية الْعين كالتوتياء ويجلو أثار الدمامل والقروح فِيهَا وَيذْهب بغشاوة الْعين.
وَأما الدردى الَّذِي لم يحرق فَإِنَّهُ يضمر التهبج وَحده أَو مَعَ الآس غضا وَيقبض الأورام البلغمية. وَإِذا ضمد بِهِ مَعَ الآس الْبَطن والمعدة شدهما وَمنع عَنْهُمَا سيلان الرطوبات. وَمَتى ضمد على أَسْفَل الْبَطن وعَلى القروح قطع نزف الدَّم والطمث الدَّائِم. وَقد يحلل الخراجات غير المتقرحة والأورام ويسكن أورام الثدي.
وَأما الدردى المحرق فَإِنَّهُ إِذا خلط بالراتينج قلع برص الْأَظْفَار وَإِذا خلط بعلك الأنباط مَعَ دهن قَالَ بولس فِي السَّابِعَة: دردى الشَّرَاب غير المحرق مركب القوى ويجفف تجفيفا شَدِيدا ويفش وَيقبض وَقَبضه على قدر نوع الشَّرَاب الَّذِي كَانَ مِنْهُ ويفش البثر ويسكن الثدي الَّذِي يدر لبنه شَدِيدا ويطفئ حرارته وَيسْتَعْمل فِي الْعِلَل الرّطبَة السيالة.
(6/165)
وَأما المحرق فَهُوَ من الْأَشْيَاء الَّتِي تحرق وتكوى وَيجب أَن يسْتَعْمل مَعَ الْأَدْوِيَة المحرقة وَهُوَ يقْلع برص الأظافير مَتى اسْتعْمل مَعَ الراتينج ويشقر الشّعْر إِذا لطخ بِهِ مَعَ دهن ورد شَجَرَة)
المصطكي وَترك لَيْلَة وَغسل.
ودردى الْخلّ أقوى فِي جَمِيع أَحْوَاله من دردى الشَّرَاب وَأَشد قبضا.
انْقَضى حرف الدَّال
(6/166)
3 - (بَاب الذَّال)
ذراريح قَالَ د: هِيَ كلهَا بِالْجُمْلَةِ معفنة مسخنة مقرحة. تدخل فِي الْأَدْوِيَة الْمُوَافقَة للأورام السرطانية وتبرئ الجرب المتقرح والقوابي الردية وتدر الطمث مَتى خلطت بالفرزجات وَمَتى خلطت بِبَعْض الْأَدْوِيَة المدرة للبول نَفَعت من الحبن لِكَثْرَة مَا تدر من الْبَوْل.
وَقد زعم بعض النَّاس أَن أَجْنِحَتهَا وأرجلها بادزهر لأبدانها إِذا شربت.
وَقَالَ ج إِنِّي قد جربت الذراريح تجربة لَيست بيسيرة فِي علاج الإظفار البرصة فَوَجَدتهَا مَتى وضعت عَلَيْهَا مَعَ قيروطي كَانَت نافعة لَهَا أَو مَعَ مرهم قلعتها حَتَّى يسْقط الظفر كُله وَقد يخلط فِي أدوية الجرب وتقشر الْجلد وَمَعَ أدوية أخر شَأْنهَا أَن تعفن وَمَعَ أدوية قلع الثآليل الْمَعْرُوفَة بالمسامير.
وَكَانَ رجل من الْأَطِبَّاء يلقِي مِنْهَا شَيْئا يَسِيرا فِي الْأَدْوِيَة المدرة للبول.
وَوجدت فِي الْمقَالة المنسوبة إِلَى جالينوس فِي السمُوم: إِنَّه حَار مفرط الْحر يذهب الجرب والبرص إِذا طلي بِهِ وَيقتل إِذا شرب.
وَقَالَ فِي الثَّالِثَة من المفردة: إِن قُوَّة الذراريح شَدِيدَة جدا فِي إدرار الْبَوْل وتنقية الْجِسْم بِهِ وَإِنَّمَا تقرح المثانة لِأَنَّهَا تميل الْمَادَّة إِلَيْهَا لَكِن إِذا كَانَ مِقْدَاره يَسِيرا قوي على إدرار الْبَوْل بِقُوَّة قَوِيَّة ويذرق بالأدوية الَّتِي تخلط بِهِ لنفع المثانة وَلَا يُمكن أَن يحدث هُوَ بِنَفسِهِ تأكلا فِي المثانة لقلته وَلِأَن الْأَدْوِيَة حجاب لَهُ.
لي إِن الذراريح لَيست إِنَّمَا تقرح المثانة بِأَنَّهَا تميل إِلَيْهَا مواد الْبدن وَلَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ أَلا تفعل ذَلِك فِيمَن نجد الأخلاط فِيهِ جَيِّدَة لكنه معفن وَهُوَ يدر الْبَوْل بِسُرْعَة إِلَى المثانة ثمَّ يعفن هُنَاكَ وَلَو كَانَت النورة والزرنيخ تسبق إِلَى المثانة لكَانَتْ تعفن كَذَلِك المثانة لَكِنَّهَا لغلظها تعفن المعي. وَفِي قَول ج: إِنَّه لقلَّة مِقْدَاره لَا يتهيأ لَهُ أَن يعفن دَلِيل على صِحَة قَوْلنَا.
وَقَالَ فِي الرَّابِعَة: إِن الذراريح مَتى خلطت مِنْهَا قَلِيلا بالأدوية مَعَ مَا لَا يضر بالمثانة ينقي)
الكليتين.
قَالَ ابْن ماسويه: إِذا دقَّتْ الذراريح وَجعلت مَعَ الشمع والدهن على النقط الْبيض فِي الْأَظْفَار أذهبها. وَإِن اكتحل بهَا أذهب الظفرة.
(6/167)
قَالَت الخوز: إِنَّه بَالغ النَّفْع جدا للسعفة والبرص إِذا طلي بِهِ.
من السمُوم: الذراريح مفرطة الْحر من شرب مِنْهُ مِقْدَار مِثْقَال ورم بدنه وبوله الدَّم ثمَّ قَتله ذَنْب الْخَيل قَالَ فِيهِ د: هَذَا النَّبَات قَابض وَلذَلِك عصارته تقطع الرعاف. وَمَتى شربت بِالشرابِ نَفَعت من قُرُوح المعي وتدر الْبَوْل. إِذا أنعم دقه وضمد بِهِ الْجِرَاحَات بدمها ألحمها.
وأصل هَذَا النَّبَات أَيْضا نَافِع للسعال وعسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب وَمن شدخ أوساط العضل.
وَقد يُقَال: إِن ورقه إِذا شرب بِالْمَاءِ ألحم قطع المعي وَقطع المثانة وأضمر قيلة الأمعاء.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذَا نَبَات قوته قُوَّة قابضة مرّة وَلذَلِك صَار يجفف غَايَة التجفيف من غير لذع فَهُوَ لذَلِك يدمل الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة إِذا وضع عَلَيْهَا كالضماد وَلَو كَانَ العصب فِي تِلْكَ الْجِرَاحَات قد انْقَطع وينفع من الفتق الَّذِي ينحدر فِيهِ الأمعاء وَنَفث الدَّم والنزف الْعَارِض للنِّسَاء وخاصة الْأَحْمَر مِنْهُ وقروح الأمعاء وَسَائِر أَنْوَاع استطلاق الْبَطن إِذا شرب بِمَاء أَو شراب.
وَقد يحدث عَنهُ قوم أَنه أدمل فِي بعض الْأَوْقَات جِرَاحَة وَقعت بالمثانة وبالأمعاء الدقاق.
وعصارته نافعة أَيْضا من الرعاف وَمن الْعِلَل الَّتِي يستطلق فِيهَا الْبَطن إِذا شرب بشراب مَعَ شَيْء من الْأَدْوِيَة القابضة. وَإِن كَانَت هُنَاكَ حمى فبالماء.
قَالَ: وينفع من قيلة المَاء وَهُوَ نَافِع من اخْتِلَاف الدَّم وَسَائِر أَنْوَاع الإسهال إِذا شربت الحشيشة نَفسهَا مَعَ الشَّرَاب وَالْمَاء.
وعصارتها نافعة للرعاف والذرب مَتى شربت مَعَ بعض الْأَشْرِبَة القابضة أَو مَعَ مَاء إِن كَانَ العليل محرورا.
قَالَت الخوز: إِنَّه بَارِد يَابِس.
ذَنْب قَالَ ج فِي كتاب الكيموسين: إِن الأذناب أَشد صلابة من الْبُطُون والأمعاء وبحسب ذَلِك يكون عسر انهضامها وَقلة غذائها إِلَّا أَنَّهَا قَليلَة الفضول من أجل حركتها.
ذِئْب قَالَ ج: زبل الذِّئْب عَجِيب الْفِعْل فِي القولنج وَقد ذكرنَا كَلَامه أَيْضا فِي بَاب الزبل فاقرأه.
وَقَالَ ج: وَقد ألقيت من كبد الذِّئْب فِي الدَّوَاء الْمُتَّخذ بالغافت النافع من وجع الكبد فَلم أر لَهُ فضلا فِي الْقُوَّة على الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْء.
(6/168)
ذرة قَالَ بولس: لَهَا قُوَّة مجففة مَعَ مَا فِيهَا من الْقَبْض. وَلِهَذَا تسْتَعْمل فِي أَنْوَاع الشق الَّذِي يعرض ذهب قَالَ مسيح: إِنَّه نَافِع للخفقان والبخر.
ذُو الثَّلَاث وَرَقَات قَالَ عِيسَى ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس جلاء لطيف نَافِع من البواسير.
ذُبَاب قَالَ ابْن ماسويه: قد جربته فَوَجَدته مَتى ذَلِك على لسعة الْعَقْرَب ينفع نفعا بَينا.
لي: ينظر فِيهِ.
انْقَضى حرف الذَّال
(6/169)
3 - (بَاب الرَّاء)
راسن قَالَ فِيهِ د: إِن أَصله مَتى طبخ وَشرب طبيخه أدر الْبَوْل والطمث. وَإِن جعل مِنْهُ مَعَ الْعَسَل لعوق وَاسْتعْمل وَافق السعال وعسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب وشدخ العضل والنفخ ونهش الْهَوَام لحرارته.
وورقه مَتى طبخ بشراب وتضمد بِهِ نفع من عرق النسا وانخلاع المفاصل الْحَادِث من الرُّطُوبَة.
وَإِذا ربى أَصله بالطلاء كَانَ جيدا للمعدة. وَإِن أَخذ مِنْهُ خَمْسُونَ مِثْقَالا فَجعل فِي سنة قوانوسات عصير وَسقي بعد ثَلَاثَة أشهر نفع الرئة والصدر وأدر الْبَوْل.
وَقَالَ د: وَقد زعم دمقراطيس أَن الراسن الْمصْرِيّ مَتى شرب أصل وَاحِد من أُصُوله نفع من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ ابْن ماسويه: خَاصَّة الراسن تقليل الْبَوْل.
وَقَالَ ج فِي الْمقَالة السَّادِسَة: أَنْفَع مَا فِي هَذَا النَّبَات أَصله وَلَيْسَ يسخن الْجِسْم سَاعَة يوضع عَلَيْهِ فَلذَلِك لَا يجب أَن يُقَال إِنَّه حَار يَابِس مَحْض الْحَرَارَة واليبس كالفلفل الْأسود والأبيض لكنه فِيهِ مَعَ ذَلِك رُطُوبَة وَلذَلِك صَار يخلط فِي اللعوقات النافعة لنفث الأخلاط الغليظة اللزجة من الصَّدْر والرئة ويؤثر فِيهَا أثرا حسنا جدا وَقد يحْمُونَ بِهِ الْأَعْضَاء الَّتِي قد نالها الْأَذَى من الْعِلَل المزمنة الْبَارِدَة بِمَنْزِلَة عرق النسا الْعَارِض فِي الورك والشقيقة الْعَارِضَة فِي الرَّأْس وخلع المفاصل الْحَادِث عَن الرُّطُوبَة.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي وسط الدرجَة الثَّالِثَة أَو فِي أَولهَا وَحده دون حر الفلفل والثوم وَفِيه رُطُوبَة مائية فضلية.
وَهُوَ نَافِع من الأوجاع المزمنة الْبَارِدَة وعرق النسا ووجع الورك والشقيقة المتولدة من البلغم وَمن انخلاع الْأَعْضَاء الْحَادِث من اللزوجة وَالرِّيح الْعَارِضَة فِي المفاصل إِذا ضمدت بِهِ.)
وَهُوَ جلاء للخلط اللزج الْعَارِض فِي الصَّدْر والرئة من الرُّطُوبَة وَلَا سِيمَا إِذا عجن بالعسل.
والإكثار مِنْهُ يُورث الصداع لِكَثْرَة بخاره الْحَار وَهُوَ يُقَوي المثانة وَيمْنَع من تقطير الْبَوْل الْعَارِض من الْبرد وَهُوَ بطئ فِي الْمعدة لخشبيته.
(6/170)
وَمَا ربى مِنْهُ بالخل أقل حرا وَأَقل ضَرَرا للمحرورين وَلَا سِيمَا إِذا غسل بِالْمَاءِ العذب.
وَمَتى ضمد بِهِ على الْكسر جبره وعَلى الوثء أذهبه.
وَقَالَ حنين فِي عهد أبقراط: إِن الراسن يذهب بالحزن والغيظ وَيبعد من الْآفَات لِأَنَّهُ يُقَوي فَم الْمعدة وينقي الصَّدْر وَيذْهب بالفضول الَّتِي فِي الْعُرُوق بالبول والطمث وخاصة الشَّرَاب الْمُتَّخذ مِنْهُ.
رقع يماني هَذَا دَوَاء يقئ قيئا شَدِيدا بليغا.
رمان قَالَ د: كُله جيد الكيموس جيد للمعدة قَلِيل الْغذَاء.
والحلو يُولد حرارة قَليلَة فِي الْمعدة ونفخا وَلذَلِك لَا يصلح للمحرورين. والحامض ينفع الْمعدة الملتهبة وَهُوَ أَكثر إدرارا للبول من غَيره من الرُّمَّان وَأَشد قبضا.
وَحب الرُّمَّان الحامض إِذا دخل فِي الطَّعَام منع الفضول أَن تسيل إِلَى الْمعدة والأمعاء. وَإِذا أنقع فِي مَاء وَشرب نفع من النفث.
وطبيخه نَافِع من قرحَة المعي وسيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم إِذا جلس فِيهِ.
وعصارة حبه وخاصة الحامض إِذا طبخ مَعَ الْعَسَل نَافِع من قُرُوح الْفَم والمقعدة والقروح الَّتِي فِي الْمعدة والداحس والقروح الخبيثة وَاللَّحم الزَّائِد ووجع الآذان والقروح الَّتِي فِي بَاطِن الْأنف.
والجلنار قَابض مجفف يشد اللثة وَيلْزق الْجِرَاحَات بحرارته وَيصْلح لما يصله لَهُ الرُّمَّان.
وطبيخه نَافِع للثة الدامية والأسنان المتحركة ويهيأ مِنْهُ لزق للفتق وَتخرج عصارته كَمَا تخرج عصارة هيوفسطيداس فتصلح لما يصلح لَهُ.
وَقُوَّة قشر الرُّمَّان قابضة توَافق مَا يُوَافقهُ الجلنار.
وأصل شَجَرَة الرُّمَّان الْبري تصلح عصارته لكل مَا يصلح لَهُ هيوفسطياس. وَقُوَّة قشر الرُّمَّان الحامض أَشد قبضا.)
وشراب الرُّمَّان نَافِع من سيلان الفضول إِلَى الْمعدة والأمعاء والحميات الَّتِي يعرض مِنْهَا إسهال وَهُوَ جيد للمعدة يمسك الْبَطن ويدر الْبَوْل.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: الجلنار زهرَة الرُّمَّان الْبري وجنبذ الرُّمَّان زهرَة الرُّمَّان البستاني.
وَطعم الجلنار طعم قوي الْقَبْض وقوته قُوَّة تجفف وتبرد وَهُوَ غليظ وَيجب أَن تعلم مِمَّا تقدم فِي القوانين أَنه أرضي بَارِد وَلَيْسَ فِي الجلنار طعم آخر بَين وَلذَلِك هُوَ يجفف ويبرد تبريدا لَيْسَ باليسير وَيشْهد على ذَلِك مَا نرَاهُ عيَانًا من أَنه ينثر. على مَوضِع السحج أَو مَوضِع فِيهِ قرحَة فيدملها سَرِيعا وَكَذَلِكَ أَيْضا فِي مداواة من ينفث الدَّم وَمن بِهِ قرحَة فِي الأمعاء وَمن يتجلب إِلَى بَطْنه أَشْيَاء تخرج بالإسهال وَالنِّسَاء اللواتي يتجلب إِلَى أرحامهن أَشْيَاء تخرج بالنزف وَجَمِيع الْأَطِبَّاء يَسْتَعْمِلهُ.
(6/171)
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ أفرد ذكره: جَمِيع الرُّمَّان طعمه قَابض وَلَكِن لَيْسَ الْأَكْثَر لَا محَالة فِيهِ الْقَبْض وَذَلِكَ لِأَن مِنْهُ مَا هُوَ حامض وَمِنْه حُلْو وَمِنْه قَابض فَيجب أَن يكون مَنْفَعَة كل نوع بِحَسب الطّعْم الْغَالِب عَلَيْهِ فحب الرُّمَّان أَشد قبضا من عصارته وَأَشد تجفيفا وقشوره أَكثر فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا من حبه وجنبذه الَّذِي يتساقط عَن الشّجر إِذا هُوَ عقد أَكثر من قشوره.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن ثقل مَا قلت فِي التفاح والسفرجل وَنَفسه إِلَى الرُّمَّان لم أحتج أَن أَقُول لَك هَهُنَا شَيْئا وَرُبمَا كَانَت عصارة الرُّمَّان أَنْفَع من وُجُوه شَتَّى مِنْهَا تَقْوِيَة الْمعدة وَدفع القئ.
وَقَالَ روفس: الرُّمَّان الحامض رَدِيء للمعدة يجرد الأمعاء وَيكثر الدَّم.
وَقَالَ فِي كتاب آخر: الرُّمَّان الحلو يلين الْبَطن ويهيج رياحا يسيرَة.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: الرُّمَّان الحامض ينفع خفقان الْفُؤَاد والحلو لَيْسَ بسريع الهضم.
قَالَ اريباسيوس: زهر الرُّمَّان الْبري وَهُوَ الجلنار شَدِيد الْقَبْض وقوته مجففة مبردة غَلِيظَة وَمَتى نثر بعد سحقه على السحج والقروح أدملها سَرِيعا وَلذَلِك يَسْتَعْمِلهُ جَمِيع الْأَطِبَّاء فِي نفث الدَّم وَمن بِهِ اختلافه وَفِي الْموَاد المنصبة إِلَى الْبَطن وَالرحم.
قَالَ بولس: أما الحلو مِنْهُ فَإِن فِي كُله قُوَّة قابضة إِلَّا أَنَّهَا فِي الحامض أَكثر وَمن أجل ذَلِك يبرد ويجفف وَأما سَائِر الْأَفْعَال فَإِنَّهَا فِيهِ أقل والعفص مِنْهُ يبرد تبريدا أَكثر من الحلو وَهُوَ يجفف وَحب الرُّمَّان أَشد تجفيفا من مائيته وَأكْثر من الْحبّ تجفيفا قشوره وشحمه وَقُوَّة الجلنار قُوَّة شَحم الرُّمَّان.)
قَالَ ابْن ماسويه: أما الحامض مِنْهُ إِذا شرب فنافع للإسهال الْعَارِض من الْمعدة من الصَّفْرَاء والقيء الْحَادِث مِنْهَا والحلو مِنْهُ نَافِع للمبرودين ويسخن الْمعدة تسخينا يَسِيرا وَلذَلِك يضر أَصْحَاب الْحمى الحادة والحامض يدر الْبَوْل بلطافته من أجل الحموضة الَّتِي فِيهِ وَهُوَ نَافِع من الظفرة الَّتِي تكون فِي الْعين مَتى اكتحل بِهِ والمز مِنْهُ نَافِع للمعتدل الطَّبْع.
وحبه إِذا جف وَلَا سِيمَا الحامض ينفع طبيخه من إسهال الصَّفْرَاء وَكَذَلِكَ سويقه وَيجب اسْتِعْمَال سويق الرُّمَّان بِمَاء الرُّمَّان إِذا أردته أقوى.
وَمَتى عصر الحامض والحلو بشحمهما أسهل الصَّفْرَاء وقوى الْمعدة وَشد اللثة.
وقشور أصل الرُّمَّان مَتى طبخ بالنبيذ وَشرب نفع من الدُّود فِي الْبَطن وَحب القرع.
وأقماع الرُّمَّان تدبغ الْمعدة وتشد الطبيعة وتلزق الْجِرَاحَات وتجففها إِذا شرب عَلَيْهَا
(6/172)
وخاصة الرُّمَّان أَن عصارته نافعة من الالتهاب الْعَارِض فِي الكبد من شرب النَّبِيذ وخاصة المز والحامض مِنْهُ.
وَسَوِيق حب الرُّمَّان مسكن للصفراء نَافِع للمعدة ويشد الْبَطن ويشهي الطَّعَام بحموضته فَإِن وَرب الرُّمَّان الْمُتَّخذ بالخس نَافِع من قيء الصَّفْرَاء والبلغم جَمِيعًا دابغ للمعدة مشه للطعام نَافِع للحوامل.
الطَّبَرِيّ: الرُّمَّان الحلو جيد للحلق والصدر ويقمع حرارة الكبد.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الرُّمَّان المز مسكن للصفراء نَافِع للمعدة الملتهبة وخاصة الرُّمَّان قمع الْحَرَارَة الكائنة فِي الكبد من أجل الْإِكْثَار من الشَّرَاب والحلو ملين للبطن.
وَقَالَ بعض القدماء وَهُوَ انطليش الْآمِدِيّ: إِنَّه إِن أكل ثَلَاثَة من أقماع الرُّمَّان من أَمن من رمد الْعين سنة وَقَالَ: الجلنار نَافِع جدا للسحج ولإدمال القروح.
فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِن الرُّمَّان يقطع الباه ويجلو الْفُؤَاد.
ابْن ماسويه: إِن شراب الرُّمَّان الساذج جيد للالتهاب فِي الْمعدة وللخمار والحمى الحادة والقيء والإسهال والكبد الحارة وَالنِّسَاء الْحَوَامِل.
راتينج: قد ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكر الصنوبر. ريق قد ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكر اللعاب.)
رحم رطبَة قَالَ د: مَتى ضمدت بهَا الْأَعْضَاء المحتاجة إِلَى تسكين الوجع سكنته.
رتة وَهُوَ البندق الْهِنْدِيّ.
فِي كتاب ابْن البطريق فِي السمُوم: قشرها الْأَعْلَى يدق ويسقى مِنْهُ قدر عدسة وأسعط بِهِ فِي الشق الَّذِي فِيهِ اللسعة واسق مِنْهُ مِثْقَالا بِمَاء الْحَشِيش الَّذِي يُسمى الْحَاج واطل مِنْهُ أَيْضا على مَوضِع اللسع من العقارب والرتيلا وَيصْلح للسموم كلهَا وينفع من المَاء فِي الْعين ولحمى الرّبع واستطلاق الْبَطن والهيضة والجرب والشقيقة والصداع يسعط مِنْهُ بِقدر فلفلة وَكَذَلِكَ للقوة يسعط مِنْهُ أَيَّامًا والزمه بَيْتا مظلما فَإِنَّهُ بُرْؤُهُ.
ويسعط بِهِ للصرع وريح الخشم والسدة.
وَأما قشر حبه الَّذِي فِي جَوْفه فَفِيهِ خشونة فيدخن بِهِ لريح الصّبيان وَالْجُنُون ويطلى على الْخَنَازِير بخل فَإِنَّهُ يُبرئهُ وللريح فِي الظّهْر والخاصرة ويسقى مِنْهُ قدر حمصة أَيَّامًا وَيحل القولنج.
واسق مِنْهُ للخلفة بِمَاء بَارِد قدر حمصة ولريح السبل والغشاوة والظلمة يسعط بِمَاء
(6/173)
ويخلط بالإثمد ويكتحل بِهِ للحول.
قَالَ القلهمان: هُوَ جيد لاسترخاء العصب.
كَانَ بِرَجُل لقُوَّة فسعط بِشَيْء قَلِيل من الرتة قطرتين فِي الْجَانِب المعوج الَّذِي يغمض فِيهِ عينه وقطرة فِي الصَّحِيح فَسَالَ من أَنفه بلاغم كَثِيرَة جدا وأديم ذَلِك وزيدت فِي كل يَوْم قَطْرَة ثَلَاثَة أَيَّام فبرئ.
الخوز: هُوَ جيد للفالج.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه حَار يَابِس جيد للعصب الرخو.
رخمة قَالَ ابْن البطريق: مرَارَة الرخمة تجفف فِي الظل فِي إِنَاء زجاج مختوم فَإِن لدغت أَفْعَى أَو عقرب أَو غير ذَلِك حك مِنْهُ فِي صدفة بِمَاء عذب وكحل مُخَالفا فِي الْجَانِب الصَّحِيح فَإِنَّهُ يبرأ.
وَمَتى كَانَ بانسان شَقِيقَة حك مِنْهُ قَلِيلا فِي صدفة ثمَّ دقه بدهن بنفسج ثمَّ قطر فِي أَنفه مُخَالفا فِي الْجَانِب الصَّحِيح فَيبرأ.
وَإِن كَانَت امْرَأَة فحك مِنْهَا بِلَبن الأتن وأسعطها وأسعط بِهِ الصَّبِي فَإِنَّهُ أَمَان من ريح الصّبيان ولوجع الْأذن مَتى جعل فِيهَا بِقَلِيل قطران فِي الْأذن الصَّحِيحَة واكحل مِنْهُ للبياض بِمَاء قَالَ: وَقد جربته فَوَجَدته لسم الْحَيَّة وَالْعَقْرَب والزنبور نَافِعًا جدا.
قَالَ د: ذبل الرخم يُقَال إِنَّه يطْرَح الْجَنِين مَتى تبخر بِهِ.
راوند قَالَ د: إِنَّه نَافِع مَتى شرب من الرّيح وَضعف الْمعدة والألم الْعَارِض فِي الْجوف من سقطة أَو غير ذَلِك ولوهن العضل ولورم الطحال ووجع الكبد والكلى والمغس والمثانة والصدر وامتداد مَا تَحت الشراسيف ووجع الرَّحِم وعرق النسا وَنَفث الدَّم من الصَّدْر والربو والفواق وقرحة المعي والإسهال المزمن والحميات الدائرة ونهش الْهَوَام والشربة مِنْهُ كالشربة من الغاريقون ويقل الرطوبات.
وَمَتى لطخ بالخل على آثَار الضَّرْب والقوابي قلعهَا وَمَتى ضمدت بِهِ الأورام الحارة المزمنة من المَاء حللها وقوته قابضة مَعَ حرارة يسيرَة.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة الراوند مركبة وَذَلِكَ أَن فِيهِ شَيْئا أرضيا بَارِدًا وَالدَّلِيل على ذَلِك قَبضه وَفِيه أَيْضا حرارة وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان مَتى مضغه فَأطَال مضغه وجد لَهُ حراقة وحدة وَفِيه جَوْهَر هوائي لطيف يدل على ذَلِك رخاوته وَخِفته وَأكْثر دلَالَة على ذَلِك مِنْهُ أَفعاله وَبِهَذَا السَّبَب صَار وَإِن كَانَ يقبض فقد يشفي مَعَ ذَلِك الفسوخ الْحَادِثَة فِي العصب والعضل ويشفي أَيْضا الْمَوَاضِع الَّتِي تحدث فِيهَا الخضرة والقوابي مَتى طلي عَلَيْهَا بالخل وَقد
(6/174)
يسْتَدلّ أَيْضا على أَفعاله بِمَا فِيهِ من الْقَبْض من أَدِلَّة قَوِيَّة فِي الْعِلَل الَّتِي يشفيها وَهِي نفث الدَّم واستطلاق الْبَطن وقروح الأمعاء وَذَلِكَ أَن الشَّيْء اللَّطِيف الهوائي لَا يضاد وَلَا يمانع الشَّيْء الأرضي الْبَارِد بل يذرقه ويؤديه ويوصله إِلَى العمق وَيصير سَببا لقُوَّة أَفعاله.)
وَقَالَ بديغورش: الراوند الصيني خاصته النَّفْع من ضعف الْقلب والمعدة والكبد.
وَقَالَ بولس: إِنَّه ينفع الفتق والامتداد ونزف الدَّم والذرب ويفش الْآثَار السود وينفع من وجع الكبد لِأَنَّهُ مركب من جَوْهَر أرضي بَارِد وجوهر هوائي لطيف وجوهر حَار حريف قَلِيل.
الخوز: هُوَ جيد إِذا أَخذ مِنْهُ وزن دِرْهَمَيْنِ بطلاء ممزوج من الضَّرْبَة والسقطة بَالغ فِي ذَلِك وَقَالَت: أَظُنهُ حارا يَابسا فِي الثَّانِيَة. وَمَتى سحق بخل وطلي على الكلف أذهبه.
رماد قَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: جَمِيع مياه الرماد جلاءة وتقوى فِي ذَلِك وتضعف بِحَسب قُوَّة الْخشب الَّذِي يعْمل مِنْهُ.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ ذكره خَاصّا: إِن فِيهِ كيفيات متضادة وَذَلِكَ أَن فِيهِ جُزْءا أرضيا وجزءا كَأَنَّهُ دخاني إِلَّا أَن هَذَا الْجُزْء اللَّطِيف يُفَارِقهُ إِذا أنقع فِي المَاء وصفي عَنهُ خرج ذَلِك فِي وَيخْتَلف الرماد بِحَسب اخْتِلَاف الشّجر الَّذِي يكون عَنهُ.
فَأَما د فلست أَدْرِي كَيفَ قَالَ فِي جَمِيع أَنْوَاع الرماد: إِن فِيهِ قُوَّة قابضة وَنحن نجد رماد خشب التِّين بَعيدا عَن هَذِه الْكَيْفِيَّة الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْء من أَجزَاء هَذِه الشَّجَرَة قبض كَالْقَبْضِ الْمَوْجُود فِي شجر البلوط وَقَالَت أَبِيه وَشَجر المصطكي ونبات لحية التيس وَمَا أشبههَا بل جَمِيع شجر التِّين مَمْلُوءَة كلهَا لَبَنًا حارا حرارة قَوِيَّة حادة كلبن اليتوع.
فرماد الْخشب الْقَابِض كالبلوط فِيهِ من الْقَبْض مِقْدَار لَيْسَ بِيَسِير وَإِنِّي لأعْلم أَنِّي فِي بعض الْأَوْقَات قد حبست بِهِ دَمًا كَانَ انفجر عِنْدَمَا لم أقدر على دَوَاء غَيره.
فَأَما رماد خشب التِّين فَلَيْسَ يَسْتَعْمِلهُ أحد فِي هَذَا الْبَاب لِكَثْرَة حِدته وإحراقه وجلائه وَهُوَ فِي الْحَالين جَمِيعًا مُخَالف لرماد خشب البلوط أَعنِي أَن الْجُزْء الدخاني فِيهِ أحد من الْجُزْء الدخاني الَّذِي فِي رماد البلوط والجزء الأرضي فِي رماد البلوط أميل إِلَى الْقَبْض مِنْهُ وَفِي رماد خشب التِّين هُوَ أميل إِلَى الْجلاء وَكَذَلِكَ هُوَ فِي رماد اليتوع.
والنورة أَيْضا من أَنْوَاع الرماد وَهِي ألطف من رماد الْخشب بِمِقْدَار فضل حَاجَة الْحِجَارَة إِلَى طول الطَّبْخ وَشدَّة الْوقُود وكثرته عَلَيْهَا حَتَّى تصير رَمَادا وَفِي النورة جُزْء نَارِي كثير الْمِقْدَار وَلذَلِك إِذا غسلت مرَارًا كَثِيرَة صَار مِنْهَا دَوَاء مجفف بِلَا لذع فَإِن هِيَ غسلت بِمَاء الْبَحْر قَالَ: والأدوية الحارة إِذا أحرقت انْسَلَخَ من حَرَارَتهَا بالحرق مِقْدَار كثير جدا
(6/175)
والعديمة الْحَرَارَة)
تكتسب بالحرق حرارة نارية وَلَيْسَ شَيْء يحرق فيبرد أصلا وَذَلِكَ أَنه يبْقى من الحرق شَيْء نَارِي وَهَذَا الناري يُفَارِقهُ بِالْغسْلِ وَيبقى بعد ذَلِك أرضيا بَارِدًا يجفف بِلَا لذع.
وَقَالَ فِي التَّاسِعَة: مَاء المُرَاد يدْخل فِي المعفنات وَيحرق من غير وجع للطافته وعَلى قدر حِدة الرماد تكون حِدة المَاء ولطافته.
وَقَالَ بولس: مَتى جعل فِي رماد اليتوع أَو التِّين نورة صَار المَاء محرقا وَيدخل فِي الْأَدْوِيَة المحرقة وَأقوى مياه الرماد مَاء النورة.
روبيان قَالَ جالينوس فِي كتاب الأغذية: إِن الْحَال فِيهِ كالحال فِي السرطان وَقد ذكرنَا السرطان.
وَقَالَ فِي كتاب الترياق إِلَى قَيْصر: إِن الروبيان يحلل الأورام الصلبة ويجتذب الأزجة ويستفرغ حب القرع.
ماسرجويه قَالَ: هُوَ حَار رطب باعتدال يزِيد فِي الْمَنِيّ ويلين الْبَطن.
قَالَ ابْن ماسه: الروبيان قبل أَن يملح حَار رطب يزِيد فِي الباه ويغذو غذَاء صَالحا وَإِذا ملح أَو عتق يُولد سَوْدَاء وحكة.
قَالَ ابْن ماسويه: لحم الرَّأْس غليظ.
ربيثا قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّهَا أحر من الروبيان جَيِّدَة للمعدة نافعة لَهَا مجففة لما فِيهَا من الرُّطُوبَة وَلَا سِيمَا إِذا أكلت بالصعتر والشونيز والنبيذ والكرفس والسذاب مهيجة لشَهْوَة الباه.
قَالَ ابْن ماسه: هِيَ أحر من الروبيان جَيِّدَة للمعدة الْكَثِيرَة الرُّطُوبَة وَلَا سِيمَا إِذا أكلت بالصعتر والشونيز والنبيذ والكرفس والسذاب وبالتوابل وفيهَا بعض العون على الباه.
روذا أريذا كَانَ بحذائه: إِنَّه أصل الْورْد.
قَالَ جالينوس: إِنَّه نَبَات قوته ملطفة محللة تسخن فِي آخر الثَّانِيَة أَو فِي أول الثَّالِثَة.
رخبين قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة غير جيد الْخَلْط وَلَا جيد للمعدة الحارة يلين الْبَطن مَتى احْتمل شيافا.
ريحَان سُلَيْمَان حشيشة تنْبت فِي بِلَاد أصفهان عيدانها شَبيهَة بعيدان الشبث الرطب نافعة جدا.
حشيشة مَعْرُوفَة بِهَذَا الِاسْم وَهِي بقلة مَعْرُوفَة تَنْفَع من حمى طريطاوس وسونوخس والمليلة والسل إِذا طبخت وأكلت. وتشاكل قوتها قُوَّة البقلة اليمانية.
قَالَ بولس: مَتى أكل أَصْلهَا نفع من القولنج.
(6/176)
وَقَالَ د: إِنَّهَا تطبخ بِالْمَاءِ وتسقى للإسهال المزمن وعملها كعمل السورنجان من غير نفع. وَقَالَ ذَلِك بولس.
رعاد هِيَ السَّمَكَة المخدرة.
قَالَ ج: وَقد ذكر قوم إِنَّهَا مَتى أدنيت من رَأس من بِهِ صداع سكن صداعه وَمن انقلبت مقعدته وَخرجت أصلحها وَقد جربت الْأَمريْنِ جَمِيعًا فَلم أجد وَاحِدًا مِنْهُمَا وَكَانَت تجربتي لهَذِهِ السَّمَكَة وَهِي ميتَة وَأَنا أَظن أَنه يجب أَن يفعل ذَلِك بهَا وَهِي حَيَّة فَإِنَّهُ كَذَلِك يُمكن أَن تشفي الصداع بِمَا تحدث من الخدر.
وبولس يَقُول: الدّهن الَّذِي تطبخ فِيهِ هَذِه السَّمَكَة يسكن أوجاع المفاصل الحديثة إِذا دهنت بِهِ.
وَقَالَ د: هَذِه السَّمَكَة المخدرة مَتى وضعت على رَأس من بِهِ صداع مزمن سكنه من رئة قَالَ ج فِي كتاب الأغذية لَهُ: إِن الرئة يصل إِلَى الْبدن مِنْهَا غذَاء بلغمي وَهُوَ أسهل هضما من الكبد وَالطحَال بِحَسب سخافة جرمها وغذاؤها أقل من غذَاء الكبد بِكَثِير.
قَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِن الرئة قَليلَة الْغذَاء جدا.
حنين يَقُول: ذَلِك بِحَسب أَنَّهَا خَفِيفَة تطفو على الْمعدة فَلَا تهضمها على مَا يجب وَلَو انهضمت لَكَانَ غذاؤها قَلِيلا لِأَنَّهَا يابسة.
قَالَ روفس: كَانَ يجب بِحَسب جوهرها من الخفة أَن يسْرع هضمها لَكِنَّهَا تطفو فِي أَعلَى الْمعدة فَهِيَ لذَلِك أَبْطَأَ هضما.
قَالَ حنين: كل ذَلِك لمن معدته ضَعِيفَة يطفو فِيهَا الطَّعَام الْخَفِيف.
الخوزي: إِن أكلهَا نَافِع لمن بِهِ كسر فِي أحد أَعْضَائِهِ.
قَالَ الخوزي وبولس: هِيَ عسرة الهضم.
رعى الْإِبِل هَذِه باليونانية الاسفاقن. وَزعم اصطفن: أَنه رعى الْإِبِل.
قَالَ فِيهِ د: إِن لطبيخ ورقه وأغصانه قُوَّة مَدَرَة للبول والطمث وَيخرج الْجَنِين ويسود الشّعْر وأصبنا فِي نسخ كَثِيرَة بعد هَذَا الِاسْم فَهُوَ الايسونسقس مُفَسرًا أَنه رعى الْإِبِل وَلَيْسَ صفته لورقهما وشجرهما وَاحِدًا وَلَا منبتهما فَلذَلِك يظنّ أَن اصطفن قد غلط لِأَن تَفْسِير هَذَا الِاسْم رعى الْإِبِل.
(6/177)
وَقَالَ: د فِي هَذَا إِن الْإِبِل إِذا ارتعى هَذَا النَّبَات لم تحك فِيهِ مضرَّة الْهَوَام. وَلذَلِك يسْقِي بزر هَذَا النَّبَات لنهش الْهَوَام.
رازيانج قَالَ فِيهِ ديسقوريدوس: إِنَّه مَتى أكل زَاد فِي اللَّبن وبزره أَيْضا يفعل ذَلِك مَتى شرب أَو طبخ مَعَ الشّعير ويدر الْبَوْل وَلذَلِك يُوَافق وجع الكلى والمثانة وَيشْرب طبيخه بِالشرابِ لنهش الْهَوَام ويدر الطمث. وَمَتى شرب بِالْمَاءِ الْبَارِد فِي الحميات سكن الغثيان والتهاب الْمعدة.
وأصل الرازيانج مَتى تضمد بِهِ مدقوقا بِعَسَل أَبْرَأ عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَمَاء الرازيانج مَتى جفف وَجعل فِي الأكحال المحدة لِلْبَصَرِ نفع جدا. وَيسْتَعْمل وَهُوَ رطب أَيْضا.
والصمغة الَّتِي تخرج من سَاقه أقوى فِي حِدة الْبَصَر.
وَمَاء الرازيانج غير البستاني الْمُسَمّى: رازيانجا عَظِيما فَإِنَّهُ يُبرئ تقطير الْبَوْل ويدر الطمث.
وطبيخ ورقه يدر اللَّبن مَتى شرب ويبالغ فِي تنقية النُّفَسَاء.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة: أما البستاني فَإِنَّهُ يسخن إسخانا قَوِيا حَتَّى يُمكن أَن يوضع فِي الثَّالِثَة. وَأما تجفيفه فَفِي الأولى وَلذَلِك يُولد اللَّبن وَلَو جفف تجفيفا شَدِيدا لم يُولد اللَّبن. وَهُوَ نَافِع أَيْضا لمن قد نزل فِي عَيْنَيْهِ المَاء من هَذَا الْوَجْه بِعَيْنِه ويدر الْبَوْل ويحدر الطمث.
وَأما الْبري الَّذِي يُسَمِّيه بعض النَّاس رازيانج الْجَبَل فَإِن أَصله وبزره أقوى تجفيفا من البستاني وأحسب أَن هَذَا الأَصْل وَهَذَا البزر إِنَّمَا يحبسان الطبيعة بِهَذِهِ الْقُوَّة إِذْ كَانَ لَيْسَ فيهمَا قبض بَين.
وأصل هَذَا الرازيانج الْكَبِير وبزره أَيْضا يُمكن فيهمَا أَن يفتا الْحَصَى ويشفيا اليرقان. ويحدرا)
الطمث ويدرا الْبَوْل إِلَّا أَنه لَيْسَ يجمع من اللَّبن مثل مَا يجمعه النَّوْع الأول.
وَهَهُنَا رازيانج كَبِير آخر وبزره مدور شَبيه ببزر الكزبرة حَار حريف وقوته شَبيهَة بِقُوَّة الرازيانج الَّذِي ذكرته قبله إِلَّا أَنه أَضْعَف.
وَقَالَ روفس: إِنَّه غليظ رَدِيء الْغذَاء يدر الْبَوْل.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: الرازيانج عسر الانهضام قَلِيل الْغذَاء جيد لادرار الْبَوْل.
وَقَالَ اريباسيوس: إِنَّه يُولد اللَّبن توليدا قَوِيا.
وَقَالَ بولس: الرازيانج الْجبلي الَّذِي يشبه القاقلة يجفف أَكثر مِمَّا يجفف سَائِر أَنْوَاع الرازيانج وَلِهَذَا يحبس الْبَطن ويفت الْحَصَى ويدر الطمث.
(6/178)
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه دابغ الْمعدة مفتح للسدد فِي الكبد نَافِع للكلى والمثانة نَافِع من الحميات المزمنة وخاصته توليد اللَّبن.
وَحكى ج فِي كتاب الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء عَن ديمقراطيس: إِن الْهَوَام ترعى بزر الرازيانج الطري لتضيء أبصارها.
قَالَ مسيح: إِن الرازيانج يفتح سدد الحشاء ويطفيء حرهَا وَيذْهب بالحميات الْقَدِيمَة.
قَالَ ماسرجويه: عصير ورقه الرطب نَافِع من الْحمى الَّتِي من البلغم والمرة.
وحبه يسخن فِي الثَّالِثَة.
وَقَالَ ابْن ماسه: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الأولى فتاح لسدد الكبد زَائِد فِي اللَّبن ينفع مَاؤُهُ مَتى اكتحل بِهِ للْمَاء فِي الْعين.
وبزره جيد لوجع الكلى ولسع الْهَوَام وعض الْكَلْب غير الْكَلْب.
رعى الْحمام قَالَ د: مَتى أنعم دقه وخلط بدهن ورد أَو شَحم الْخِنْزِير الطري وَاحْتمل سكن الوجع من الرَّحِم. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ سكن الْحمرَة وَمنع القروح من الانبساط فِي الْجِسْم وألزق الْجِرَاحَات. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل أدمل القروح الخبيثة.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِن قوته تجفف حَتَّى أَنه يدمل الْجِرَاحَات.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه نَافِع إِذا وضع على الورم البلغمي وينفع من لذع العقارب.
الخوز: خاصته النَّفْع من النقرس.
ريباس قَالَ ابْن ماسويه: لَهُ قُوَّة رب حماض الأترج والحصرم.
سندهشار: الريباس جيد للبواسير والخمار.
قَالَ ابْن ماسه: الريباس بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة يقطع الْعَطش ويقمع الصَّفْرَاء والإسهال الصفراوي جيد للحصبة والجدري والطاعون.
وربه مثل رب حماض الأترج.
رامك قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه بَارِد يَابِس يشد الْمعدة ويقمع الْحَرَارَة.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه بَارِد يَابِس لكنه لطيف منق.
دَوَاء يَسْتَعْمِلهُ أهل الْقرى فيسهلهم. قيل ذَلِك فِي شوسماهي الخوز.
رفاقس دَوَاء فَارسي يشبه الثوم وهما اثْنَان ملتويان واسمهما مُشْتَقّ من شكلهما يزيدان فِي الْمَنِيّ.
رصاص قَالَ ديسقوريدوس: حكاكة الرصاص الَّتِي تخرج بالسحق بَين صلاية الرصاص وفهر الرصاص على مَا فِي كتاب الصَّنْعَة قوتها قُوَّة مبردة مغرية ملينة تملأ القروح العميقة لَحْمًا وتقطع سيلان الرطوبات إِلَى الْعين وَتذهب بِاللَّحْمِ الزَّائِد فِي
(6/179)
القروح وتقطع نزف الدَّم. وَإِذا خلطت بدهن ورد كَانَت صَالِحَة للقروح الْعَارِضَة فِي المقعدة والبواسير الَّتِي يخرج مِنْهَا الدَّم والقروح الْعسرَة والاندمال.
وَفعله جملَة كَفعل التوتيا.
وَأما الرصاص على وَجهه فَإِن دلك بِهِ على لدغة الْعَقْرَب وتنين الْبَحْر نفع مِنْهُمَا.
وَيجب أَن يتوقى رَائِحَته إِذا أحرق فَإِنَّهَا ضارة جدا.
وَقُوَّة الرصاص المحرق مثل قُوَّة خبث الرصاص إِلَّا أَن خبث الرصاص أَشد قبضا.
وَأما اسفيذاج الرصاص فقوته مبردة مغرية ملينة يمْلَأ القروح لَحْمًا ويقلع اللَّحْم الزَّائِد فِي قَالَ ج فِي الأسرب: إِن قوته مركبة وَذَلِكَ ان فِيهِ جوهرا رطبا قد جمد بالبرودة وَفِيه مَعَ هَذَا جَوْهَر هوائي وَلَيْسَ فِيهِ من الأرضي إِلَّا شَيْء يسير. وَمِمَّا يدل على أَن فِيهِ جوهرا رطبا قد جمد بالبرودة سرعَة انحلاله وذوبانه إِذا ألقِي فِي النَّار وَمِمَّا يدل على أَن فِيهِ جوهرا هوائيا أَنه وَحده دون سَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي نعرفها قد علمنَا أَنه يزِيد فِي وَزنه ويربو فِي مِقْدَاره مَتى وضع فِي الْبيُوت الندية. وَقد رَأينَا مرَارًا كَثِيرَة أَن اللحام الَّتِي تلحم بِهِ قَوَائِم التماثيل من الْحِجَارَة تربو وتزيد فِي مقدارها حَتَّى تصير معلقَة من الْحِجَارَة فَهَذِهِ دَلَائِل مقنعة على برودته ورطوبته.
وَيعرف أَيْضا ذَلِك بالامتحان والتجربة فَإنَّك مَتى اتَّخذت هاونا من أسرب مَعَ دستجه وألقيت فِيهِ أَي الْأَشْيَاء الرّطبَة شِئْت وسحقته حَتَّى يصير مَا فِي الهاوون كالعصارة كَانَ مِنْهَا شَيْء)
بَارِد جدا أبرد من تِلْكَ الْبُرُودَة الَّتِي كَانَت لتِلْك الرُّطُوبَة. وَقد يسْتَعْمل ذَلِك فِي أورام المقعدة مَعَ قرحَة وَمَعَ بواسير وَفِي الأورام الحادة الحارة فِي المذاكير والعانة والثديين.
وَيكون مَا يلقِي فِي الهاوون دهن ورد أَو شَيْئا فِيهِ قبض وتبريد أَو عصارة حَيّ الْعَالم من هَذَا الْجِنْس وَهَذَا دَوَاء نَافِع جدا قد استعملته فِي جَمِيع النزل إِلَى اللَّحْم الرخو والمفاصل وَفِي الخراجات الردية الخبيثة حَتَّى أَنِّي استعملته فِي القروح الَّتِي مَعَ السرطان فعجبت من فعله.
وَإِن أَحْبَبْت أَن يجْتَمع لَك شَيْء كثير بِسُرْعَة فَاجْعَلْ سحقك لَهُ فِي شمس أَو فِي هَوَاء حَار أَي هَوَاء كَانَ فَإِن أَنْت أَيْضا جعلت هَذِه الرُّطُوبَة الَّتِي تسحقها فِي هَذَا الهاوون عصارة بَارِدَة بِمَنْزِلَة حَيّ الْعَالم أَو هندبا أَو بزرقطونا أَو حصرما أَو عِنَب الثَّعْلَب أَو الرجلة فَإِن الدَّوَاء يكون نَافِعًا فِي أَشْيَاء كَثِيرَة.
وَمَتى مد من الأسرب صفيحة وشدت على الْعَانَة أذهبت الِاحْتِلَام. وَمَتى شدت الصفيحة على العصب الملتوي شدا محكما حلت التواءه وتعقده.
وَيجب أَن يكون شدّ الأسرب على مَوضِع الْعلَّة نَفسه لَا على شَيْء مِمَّا حوله.
(6/180)
وَمَتى أحرق وَغسل فقوته تبرد وَأما قبل الْغسْل فقوته مركبة.
وَهَذَا الابار المحرق نَافِع للخراجات الخبيثة. وَمَتى غسل كَانَ أَنْفَع فِي إدمالها من اللَّحْم وختمها.
وَهُوَ نَافِع للقروح الردية الْمَعْرُوفَة بجيرونيه وللسرطانية المتعفنة مَتى اسْتعْمل مُفردا أَو خلط بِوَاحِد من الْأَدْوِيَة الَّتِي تختم وتدمل كالقليميا.
وَمَتى عولجت هَذِه القروح فَيجب أَن تحل فِي أول الْأَمر مَا دَامَ الصديد كثيرا فِي كل يَوْم فَإِن لم يكن كثيرا فَمرَّة فِي ثَلَاثَة أَيَّام وَمرَّة فِي أَرْبَعَة أَيَّام وَيُوضَع عَلَيْهَا من خَارج إسفنجة مغموسة فِي مَاء بَارِد وترطب إِذا جَفتْ.
وَقَالَ فِي الإسفيذاج: إِنَّه لَيْسَ بحاد وَلَا لذاع وَلَا مُحَلل بل هُوَ مغر مبرد.
فَأَما الْمُسَمّى دود القرمز فَإِنَّهُ من الْبُرُودَة على مثل مَا عَلَيْهِ الإسفيذاج إِلَّا أَنه ألطف مِنْهُ حَتَّى أَنه يُمكن فِيهِ بِسَبَب هَذَا أَن تغوص قوته وَتصل إِلَى بَاطِن الْأَجْسَام الَّتِي تداوى بِهِ بِسُرْعَة.
وَقَالَ بولس: مَتى وضعت صفيحة رصاص على عصب ملتو بسطته.
وَقَالَ ج فِي الأولى من قاطاجانس: إِن المولوبدانا أبرد وأجف من المرداسنج والإسفيذاج أبرد وأجف من المولوبدانا والمرهم الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ يبرد تبريدا كثيرا جدا ويجفف.)
انْقَضى حرف الرَّاء.
(6/181)
3 - (بَاب الزَّاي)
زعفران قَالَ فِيهِ د: قوته منضجة ملينة قابضة يدر الْبَوْل وَيحسن اللَّوْن وَيذْهب بالخمار مَتى شرب بميبختج وَيمْنَع الرطوبات أَن تسيل إِلَى الْعين مَتى لطخت بِهِ أَو اكتحل مِنْهُ بِلَبن امْرَأَة.
وَقد ينْتَفع بِهِ أَيْضا مَتى خلط بالأدوية المشروبة للأوجاع الْبَاطِنَة والفرزجات والضمادات المستعملة لأوجاع الْأَرْحَام والمقعدة.
ويحرك شَهْوَة الْجِمَاع ويسكن الْحمرَة مَتى لطخ عَلَيْهَا وينفع من الأورام الحارة الْعَارِضَة للآذان.
وَيُقَال إِنَّه مَتى شرب مِنْهُ زنة ثَلَاثَة مَثَاقِيل بِمَاء قتل.
وَقُوَّة دهنه مسخنة منومة وَلذَلِك كثيرا مَا يُوَافق المبرسمين إِذا دهن بِهِ أَو شم أَو دهن بِهِ المنخران وينفع الأورام وينقي القروح.
ويوافق صلابة الرَّحِم وانضمامها وَيحل القروح الخبيثة الْعَارِضَة فِيهَا مَتى خلط بموم ومخ وزعفران وَضَعفه زيتا لِأَنَّهُ ينضج ويلين ويسكن ويربط.
وَيصْلح للزرقة مَتى اكتحل بِهِ مَعَ المَاء وللذين لَا يقدرُونَ أَن يقبلُوا حر الشَّمْس. ج يَقُول: فِي الزَّعْفَرَان شَيْء قَابض يسير وَقد بَينا أَن الْقَابِض أرضي وَلَكِن الْأَغْلَب عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة الحارة فَيكون جملَة جوهره من الإسخان فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَفِي التجفيف فِي الدرجَة الأولى وَلذَلِك صَار فِيهِ بعض الإنضاج ويعينه على ذَلِك الْقَبْض الْيَسِير الَّذِي فِيهِ وَذَلِكَ أَن كل مَا يسخن إسخانا قَوِيا وَكَانَ فِيهِ قبض فَهُوَ فِي قوته مسَاوٍ للأدوية الَّتِي تغري وتلحج إِذا كَانَ مَعهَا حرارة وَقد بَينا أَن الْأَدْوِيَة المغرية اللاحجة الَّتِي فِيهَا حرارة مَوْجُودَة وَلَيْسَت بالشديدة فَهِيَ أدوية تنضج.
وَقَالَ بولس: الزَّعْفَرَان حَار فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي الأولى يقبض وينضج.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الزَّعْفَرَان حَار فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي الأولى يقبض وينضج هاضم للطعام دابغ للمعدة من أجل عفوصته الْيَسِيرَة الَّتِي فِيهِ مقو للكبد مَذْهَب لعسر النَّفس وشهوة الطَّعَام مدر للبول محسن للون وخاصته إذهاب شَهْوَة الطَّعَام وتحسين اللَّوْن وَلَيْسَ بجيد للدماغ وَلَا الْإِكْثَار مِنْهُ بمحمود لإذهابه الشَّهْوَة.)
وَقَالَ قسطا ابْن لوقا: الزَّعْفَرَان يفرح الْقلب حَتَّى أَنه يقتل إِن أَكثر مِنْهُ والشربة القاتلة ثَلَاثَة دَرَاهِم.
(6/182)
وَقَالَ ج فِي الميامر: الزَّعْفَرَان قَابض منضج مصلح للعفونة.
مسيح يَقُول: إِنَّه مفتح لسدد الكبد وَيُقَوِّي الأحشاء شرب أَو تضمد بِهِ غير أَنه يمْلَأ الرَّأْس وَيذْهب غشاوة الْعين ويردع رطوبتها إِذا طلي بِهِ عَلَيْهَا مَعَ ألبان النِّسَاء وَيُقَوِّي شَهْوَة الْجِمَاع ويحلل الأورام وَفِيه شَيْء من الْقُوَّة القابضة شرب أَو وضع من ظَاهر مَعَ لطافة.
ويحلل وَيُقَوِّي الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة والأعضاء الضعيفة بِمَا فِيهِ من الْقُوَّة القابضة مَتى شرب أَو وضع عَلَيْهَا من ظَاهر وَيفتح سدد الكبد وَالْعُرُوق باعتدال الْمَكَان مَا فِيهِ من الْحَرَارَة والمرارة إِلَّا أَنه يمْلَأ الدِّمَاغ.
مَجْهُول: الزَّعْفَرَان جيد للطحال.
قَالَ ابْن ماسويه: الزَّعْفَرَان حَار يَابِس ينيم وَيقبض وينفع من الشوصة مَتى شم.
وخاصته أَنه إِذا اكتحل بِهِ مَعَ المَاء نفع الزرقة الْعَارِضَة بعقب الْمَرَض.
وَهُوَ نَافِع للطحال مدر للبول مَذْهَب بِشَهْوَة الطَّعَام مهيج للباه مصدع رَدِيء للرأس منضج إِذا طلي على الورم الْحَار.
وَإِن شرب مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم بِمَاء بَارِد قتل.
لي كَانَت امْرَأَة تطلق أَيَّامًا فسقيت دِرْهَمَيْنِ من زعفران فَولدت من ساعتها وجرب ذَلِك مَرَّات فَكَانَ كَذَلِك.
وَهُوَ يسكر سكرا شَدِيدا مَتى جعل فِي الشَّرَاب ويفرح حَتَّى أَنه يُصِيب مِنْهُ شبه الْجُنُون من شدَّة الْفَرح.
قَالَ الخوزي: إِنَّه لَا يثير خلطا الْبَتَّةَ بل يحفظ الأخلاط بِالسَّوِيَّةِ وَهُوَ جيد للسدد فِي الكبد ويقويها.
قَالَ حنين فِي كتاب الترياق: مَاء الزَّعْفَرَان يدر الْبَوْل ويسهل النَّفس وَيُقَوِّي آلَاف النَّفس جدا.
قَالَ: وللزعفران خَاصَّة إماتة شَهْوَة الطَّعَام وملء الدِّمَاغ وإظلام الْبَصَر والحواس وَإِبْطَال الحموضة الَّتِي تكون فِي الْمعدة بهَا تكون شَهْوَة الطَّعَام.
لي جربت فَوجدت الزَّعْفَرَان مسْقطًا لشَهْوَة الطَّعَام مغثيا.)
مسيح قَالَ فِي الكناش: الْأَدْوِيَة الَّتِي تملأ الدِّمَاغ كالزعفران.
زَيْت قَالَ فِيهِ د: إِن الْإِنْفَاق وَهُوَ الَّذِي يعْمل من الزَّيْتُون الغض أوفق أَنْوَاع الزَّيْت للأصحاء جيد للمعدة لما فِيهِ من الْقَبْض ويشد اللثة وَيُقَوِّي الْأَسْنَان مَتى أمسك فِي الْفَم وَيمْنَع من الْعرق مَتى تمسح بِهِ.
(6/183)
وَجَمِيع أَصْنَاف الزَّيْت حارة ملينة للبشرة وَيمْنَع الْبرد أَن يصل إِلَى الْأَعْضَاء وينشطها للحركة ويلين الطبيعة ويضعف قُوَّة السمُوم والأدوية الْخَارِجَة ويسقي مِنْهُ للأدوية القتالة يتقيأ بِهِ مَعَ المَاء الْحَار.
وَإِذا شرب مِنْهُ تسع أَوَاقٍ بِمِثْلِهَا من مَاء الشّعير أَو المَاء الْحَار أسهل.
وَمَتى طبخ بالسذاب وَسقي مِنْهُ وَهُوَ سخن زنة تسع أَوَاقٍ نفع المغس وَأخرج الدُّود من الْبَطن.
وينفع مَتى احتقن بِهِ من القولنج الَّذِي من ورم الأمعاء وَمن شدَّة الزبل الجاف.
والعتيق مِنْهُ أَشد إسخانا وتحليلا ويكتحل بِهِ لظلمة الْبَصَر.
وَأما زَيْت الزَّيْتُون الْبري فقابض وموافق لمن بِهِ صداع كموافقة دهن الْورْد ويحقن الْعرق وَيمْنَع الشّعْر الْقَرِيب من السُّقُوط أَن يسْقط ويجلو النخالة من الرَّأْس والقروح الرّطبَة والجرب القرحي وَغير القرحي وَيمْنَع إسراع الشيب إِذا دهن بِهِ فِي كل يَوْم.
وعكر الزَّيْت مَتى طبخ فِي إِنَاء نُحَاس قبرسي إِلَى أَن يثخن فَيصير كالعسل كَانَ قَابِضا وَيصْلح بَدَلا من الحضض ويفضل على الحضض بِأَنَّهُ إِذا خلط بخل وشراب ساذج أَو شراب أونومالي ولطخت بِهِ الْأَسْنَان الوجعة نَفعهَا.
وَقد يَقع فِي أخلاط أدوية الْعين والمراهم وَإِذا عتق كَانَ أَجود.
وَإِذا طبخ بِمَاء الحصرم إِلَى أَن يثخن كالعسل وطلي بِهِ على الْأَسْنَان المتحركة المتأكلة قلعهَا.
وَمَتى خلط بالدواء الْمُسَمّى حمالانون معنقيع الترمس ولطخت بِهِ الْمَوَاشِي قلع جربها.
وَأما مَا كَانَ مِنْهُ حَدِيثا لم يطْبخ أَعنِي من عكر الزَّيْت فَإِنَّهُ إِذا سخن وصب على النقرس وَالَّذين بهم أوجاع المفاصل نفعهم وَإِذا لطخ على جلد وضمد بِهِ بطن المحبون حط النفخ الْعَارِض لَهُم.)
زيتون بري ديسقوريدوس: ورقه قَابض إِذا دق وسحق وتضمد بِهِ منع الْحمرَة أَن تسْعَى والنملة والشري والقروح الخبيثة الَّتِي تسمى الْجَمْر وينفع الداحس.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل قلع الخشكريشة ونقي القروح الوسخة وَإِذا خلط بالعسل وتضمد بِهِ حلل الورم الْحَار الَّذِي فِي الغدد وَجَمِيع الأورام الحارة وألزق جلد الرَّأْس إِذا انقلع وَإِذا مضغ أَبْرَأ القلاع والقروح فِي الْفَم وعصارته وطبيخه يفْعَلَانِ ذَلِك أَيْضا.
وَمَتى احتملت عصارته قطعت سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم ونزف الدَّم وَترد نتو الْعين وَتَنْفَع من قروحها الَّتِي فِي الْحجاب الْقَرنِي وتقطع سيلان الرطوبات المزمنة إِلَيْهَا وَلذَلِك تقع فِي أخلاط الشيافات لتأكل الأجفان وسلاقها.
(6/184)
وَمَتى دق ورقه بشراب وعصر وجفف بعد فِي الشَّمْس وَعمل بعد أقراصا فَإِنَّهَا تصلح للآذان الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح والآذان المتقرحة.
وَإِذا تضمد بالورق مَعَ دَقِيق شعير كَانَ صَالحا للاسهال المزمن.
وَقد يحرق الْوَرق مَعَ الزهر وَيسْتَعْمل بدل التوتيا وَلَيْسَ بِدُونِهِ فِي النَّفْع.
وَقُوَّة الزَّيْتُون البستاني كقوة الزَّيْتُون الْبري غير أَنه أَضْعَف إِلَّا أَنه أوفق للعين من الْبري لِأَنَّهُ أسلس وأخف عَلَيْهَا مِنْهُ.
والرطوبة من ورق الزَّيْتُون مَتى لطخ بهَا الرَّأْس أبرأت النخالة مِنْهُ والجرب والبهق والقوباء.
وثمره إِذا ضمد بِهِ الرَّأْس شفي نخالة الرَّأْس والقروح الخبيثة.
ولب الثَّمَرَة مَتى خلط بشحم ودقيق قلع الْآثَار الْبيض الْعَارِضَة للأظفار.
زيتون المَاء: وَأما زيتون المَاء وَهُوَ المربى بِالْمَاءِ وَالْملح فَإِنَّهُ مَتى سحق وتضمد بِهِ لم يدع حرق النَّار أَن يتنفط وينقي القروح الوسخة.
وَمَاء الْملح الَّذِي يكبس بِهِ الزَّيْتُون يشد اللثة والأسنان المتحركة.
وَالزَّيْتُون الحَدِيث الْأَحْمَر اللَّوْن يحبس الْبَطن جيد للمعدة وَيمْنَع القروح الَّتِي تسْعَى وَيُبرئ الْجَمْر.
زَيْت الزَّيْتُون الْبري ينفع اللثة الدامية مَتى تمضمض بِهِ ويشد الْأَسْنَان المتحركة ويهيأ مِنْهُ كماد للثة الَّتِي تسيل إِلَيْهَا الفضول بِأَن يلف الصُّوف على ميل ويغمس فِيهِ وَهُوَ حَار وَيُوضَع عَلَيْهَا.)
وصمغ الزَّيْتُون الْبري يلذع اللِّسَان وَالَّذِي لَا يلذعه رَدِيء لَا ينفع وَيصْلح الْجيد لوجع الْأَسْنَان المتأكلة إِذا وضع عَلَيْهَا ولغشاوة الْعين يكحل بِهِ ويجلو وسخ القرحة العميقة الَّتِي تحدث فِي القرنية ويدر الْبَوْل والطمث وَيخرج الْجَنِين ويعد فِي الْأَدْوِيَة القتالة وَيُبرئ الجرب المتقرح والقوابي.
وَقد تحرق أَغْصَان الزَّيْتُون وتغسل على مَا فِي كتاب الصَّنْعَة وتستعمل بدل التوتيا.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة فِي ذكر ثفل الزَّيْت: إِنَّه أرضي حَار إِلَّا أَن حرارته لَا تبلغ أَن يتَبَيَّن لذعه وَإِن هُوَ طبخ كَانَ أغْلظ وَأَشد تجفيفا فليوضع فِي الدرجَة الثَّانِيَة من الإسخان والتجفيف ممتدة وَمن أجل هَذَا يشفي القروح الَّتِي تحدث فِي الْأَبدَان الْيَابِسَة ويهيج القروح الْحَادِثَة فِي غَيرهَا من الْأَبدَان كلهَا لِأَن فِيهِ تهييجا وتنفيذا كَمثل مَا فِي الزَّيْت.
وَقَالَ: ورق الزَّيْتُون وعيدانه الطرية من الْبُرُودَة فِيهَا بِمِقْدَار مَا فِيهَا من الْقَبْض.
وَأما ثَمَرَتهَا فَمَا كَانَ مِنْهَا مدْركا قد استحكم نضجه فَهُوَ حَار حرارة معتدلة وَغير النضيج أَشد بردا وقبضا.
(6/185)
وَأما فِي السَّادِسَة فقد بَينا أَن الزَّيْت رطب ويسخن إسخانا معتدلا إِذا كَانَ متخذا من الزَّيْتُون الْمدْرك.
وَأما المعتصر من الزَّيْتُون الْفَج وَهُوَ الانفاق فبمقدار قَبضه فِيهِ أَيْضا من الْبرد. وَإِذا عتق الزَّيْت كثر إسخانه.
وَإِذا ذقت الزَّيْت فَوَجَدته عذبا فَهُوَ حَار باعتدال وَإِذا وجدته قَابِضا فبمقدار ذَلِك ينقص فِي الْحَرَارَة.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الزَّيْتُون من الأغذية الَّتِي تغذو الْبدن غذَاء يَسِيرا جدا وَقد يَأْكُلهُ النَّاس مَعَ المري قبل الطَّعَام كي يلين طبائعهم.
وزيتون الزَّيْت يُولد خلطا دسما فَأَما الْآخرَانِ فَإِنَّهُمَا يولدان خلطا غليظا فهما لذَلِك لَا يقويان الْمعدة ويفتقان الشَّهْوَة.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: زَيْت الزَّيْتُون مسخن وَقد شكّ قوم فِي ترطيبه وَذَلِكَ أَنه دَوَاء دَاء الثَّعْلَب أملس لزج وَأَنا أَقُول: إِنَّه يسخن ويجفف قَالَ حنين: بل يرطب.
قَالَ اريباسيوس: ثفل الزَّيْت يسخن من غير لذع لذعا بَينا وَمَتى طبخ اكْتسب قُوَّة تسخن)
وتجفف.
وَقَالَ بولس: المَاء الَّذِي يفصل من الزَّيْتُون المملح أقوى من الَّذِي يحل فِيهِ الْملح فِي التنقية حَتَّى أَنه يبلغ من قوته أَنه يحقن بِهِ لعرق النسا وَذُو سنطاريا الْفَاسِد.
وَقَالَ أَيْضا: صمغ الزَّيْتُون الحبشي وَهُوَ الَّذِي يسْتَعْمل فِي آثَار الْجِرَاحَات فَيذْهب بهَا وَيذْهب الْبيَاض الَّذِي فِي الْعين والعشاوة وأوجاع الْأَسْنَان المتأكلة مَتى جعل فِي الأكال.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الْأَخْضَر من الزَّيْتُون بَارِد يَابِس عَاقل للبطن دابغ للمعدة.
وزيتون المَاء دابغ للمعدة بعفوصته.
وَالزَّيْتُون الْأسود حَار وَفِيه يبس يسير وَهُوَ أسْرع هضما من الْأَخْضَر.
والخلط الْمُتَوَلد من الزَّيْتُون قَلِيل مَذْمُوم وَمَتى أكل فِي وسط الطَّعَام أَجَاد شَهْوَة الطَّعَام وقلل إبطاء الطَّعَام فِي الْمعدة.
والكبار مِنْهُ أقوى فِي أَفعاله وَمَتى جعل فِي الْخلّ كَانَ أدبغ للمعدة.
قَالَ ج: وزيت الْإِنْفَاق وَهُوَ من الزَّيْتُون الْأَخْضَر بَارِد يَابِس فِي الأولى مضاد للسموم بِخَاصَّة فِيهِ دابغ للمعدة مقو لَهَا صَالح للمحرورين وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مغسولا والمتخذ من الزَّيْتُون الْأسود النضج حَار يَابِس.
قَالَ د: وَالزَّيْت المغسول الَّذِي يعْمل فِي الجزيرة الْمُسَمَّاة سقيون يسخن إسخانا يَسِيرا ويوافق
(6/186)
وَقَالَ أَبُو جريج: صمغ الزَّيْتُون حَار يَابِس نَافِع للجراحات مَتى جعل فِي المراهم لِأَنَّهُ يجففها وينشف بلتها.
الذَّهَبِيّ حَار والفج الْأَبْيَض من زيتون المَاء لَيْسَ بمسخن وَهُوَ يَابِس.
زعرور قَالَ د فِيهِ: إِنَّه جيد للمعدة مُمْسك للبطن.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة ثَمَرَة الزعرور تقبض قبضا شَدِيدا وتحبس الْبَطن جدا وَفِي قضبانه وورقه عفوصة لَيست باليسيرة.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: مَا قلته فِي التفاح والسفرجل والكمثرى يصلح أَن أقوله هُنَا والزعرور أَشد قبضا من الغبيراء وَلذَلِك هُوَ أصلح لانطلاق الْبَطن.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِنَّه يقطع القئ وَيعْقل الْبَطن وَلَا يحبس الْبَوْل.
وَقَالَ اريباسيوس: إِن قَبضه شَدِيد حَتَّى لَا يُمكن أكله إِلَّا بعد كد وَيحبس الْبَطن حبسا شَدِيدا جدا.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه يقمع الصَّفْرَاء.
زوفا رطب زبيب قد ذَكرْنَاهُ مَعَ الْعِنَب.
زنجبيل قَالَ د: قوته مسخنة مُعينَة على هضم الطَّعَام يلين الْبَطن تَلْيِينًا خَفِيفا جيد للمعدة وظلمة الْبَصَر وَهُوَ شَبيه الْقُوَّة بالفلفل.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إسخانه قوي وَلَكِن لَا يسخن من سَاعَته فِي أول الْأَمر كَمَا يفعل الفلفل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لطافة الفلفل وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ يَسْتَحِيل سَرِيعا إِلَى أَجزَاء صغَار وَيصير حارا بِالْفِعْلِ مثل الفلفل وَلَكنَّا نجده عيَانًا أَن فِيهِ شَيْئا من جَوْهَر لم ينضج وَهَذَا الشَّيْء لَيْسَ هُوَ يَابسا أرضيا بل الأحرى أَن يكون رطبا وَمن أجل ذَلِك صَار الزنجبيل يتفتت ويتأكل سَرِيعا من أجل مَا فِيهِ من رُطُوبَة الْفضل لِأَن هَذَا التأكل لَيْسَ يعرض لشَيْء من الْأَشْيَاء الْمَحْضَة اليبس أَو الرُّطُوبَة برطوبة نضجة مشاكلة لجوهرها وَقد يعرض هَذَا بِعَيْنِه للدارفلفل وَمن أجل ذَلِك صَارَت الْحَرَارَة الْحَادِثَة عَن الزنجبيل وَعَن الدَّار فلفل تبقى لابثة دهرا طَويلا أطول من لبث الْحَرَارَة الْحَادِثَة عَن الفلفل الْأَبْيَض والفلفل الْأسود وكما أَن النَّار إِذا أخذت فِي الْحَطب الْيَابِس تشتعل وتتشبث بِهِ على الْمَكَان وتطفأ بالعجلة كَذَلِك الْحَرَارَة الْحَادِثَة عَن الْأَدْوِيَة الَّتِي قوتها هَذِه الْقُوَّة أَعنِي الْقُوَّة الْيَابِسَة تشتعل أَكثر وأسرع وتلبث مُدَّة أقل والحرارة الْحَادِثَة عَن الْأَدْوِيَة الرّطبَة رُطُوبَة فضل تشتعل بابطاء وتلبث مُدَّة طَوِيلَة وَلذَلِك صَارَت مَنْفَعَة كل وَاحِد من هذَيْن الجنسين من الْأَدْوِيَة غير مَنْفَعَة الآخر وَذَلِكَ أَنا مَتى أردنَا أَن نسخن الْبدن كُله بالعجلة فَيجب أَن نعطي الْأَشْيَاء الَّتِي سَاعَة تلقي حرارة الْبدن يسخن بهَا على الْمَكَان وتنتشر فِي الْجِسْم كُله وَمَتى أردنَا إسخان عُضْو وَاحِد أَي عُضْو كَانَ
(6/187)
فَيجب أَن نَفْعل خلاف ذَلِك أَعنِي أَن تُعْطِي هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي سَاعَة تلقي حرارة الْبدن تبطي فِي السخونة حَتَّى إِذا هِيَ سخنت لَبِثت سخونتها مُدَّة طَوِيلَة فالزنجبيل والدارفلفل وَإِن كَانَا مخالفين للفلفل الْأسود فِي هَذَا الَّذِي وصفت فَإِن مخالفتهما إِيَّاه يسيرَة.
وَأما الْحَرْف والخردل والينتون وخرء الْحمام الْبَريَّة فَإِنَّهَا لَا تشتعل الاشتعال التَّام إِلَّا فِي مُدَّة طَوِيلَة وَلَا يُفَارق أَيْضا لهيبها الْبدن مُدَّة طَوِيلَة.
قَالَ ابْن ماسويه: الزنجبيل حَار فِي آخر الثَّالِثَة رطب فِي آخر الأولى يدل على رطوبته تَأْكُله وتعفنه وَهُوَ بليغ النَّفْع فِي السدد الْعَارِضَة فِي الكبد من الْبرد والرطوبة معِين على الْجِمَاع هاضم للطعام مُحَلل للرياح الغليظة الْحَادِثَة فِي الأمعاء والمعدة ملين للطبيعة نَافِع من ظلمَة الْبَصَر)
المتولدة من الرُّطُوبَة إِذا اكتحل بِهِ.
والزنجبيل المربى حَار يَابِس لِأَن الْعَسَل زعم أذهب رطوبته مهيج للجماع يزِيد فِي حر الْمعدة وَالْبدن ويهضم الطَّعَام وينشف البلغم وينفع من الْهَرم والبلغم الْغَالِب على الْجِسْم.
قَالَ الْفَارِسِي: إِنَّه يهضم البلغم الَّذِي فِي الرَّأْس وَالْحلق ويهيج نَار الْمعدة ويمسك الْبَطن ويهيج الباه.
مَجْهُول: الزنجبيل جيد للْحِفْظ.
شرك قَالَ فِي الزنجبيل: مَعَ حرافته فِيهِ رُطُوبَة بهَا يزِيد فِي الْمَنِيّ.
وَقَالَ حَكِيم بن حنين: إِن الزنجبيل يرتبه المحدثون لقَوْل ج فِيهِ: إِنَّه شَدِيد الْحَرَارَة فِي الدرجَة الثَّالِثَة وَلقَوْله فِيهِ: إِن فِيهِ رُطُوبَة يسيرَة فِي الأولى من الترطيب.
قَالَ ابْن ماسه: خاصته تقليل الرُّطُوبَة المتولدة فِي الْمعدة عَن الْفَوَاكِه كالبطيخ وَنَحْوه وتقليل الرِّيَاح الغليظة فِي الْبَطن.
ابْن ماسويه: إِنَّه يلين الْبَطن.
زبيب الْجَبَل نذكرهُ عِنْد ذكر الميويزج.
زهرَة الْملح زبل قَالَ د: أما أخثاء الْبَقر الراعية. إِذا وضعت حِين تروثها على الأورام الحارة من الخراجات سكنتها وَإِن صودفت غير حارة لفت فِي ورق وتسخن فِي رماد حَار ثمَّ يطْرَح الْوَرق وَيُوضَع على الأورام. وينفع نفعا بَينا من عرق النسا إِذا ضمد بهَا وَهِي سخنة. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ حل الْخَنَازِير والأورام الصلبة الَّتِي تكون فِي اللَّحْم الرخو.
وخثى الثور خَاصَّة إِذا تبخر بِهِ أصلح حَال الرَّحِم وطرد البق.
وبعر الماعز وَلَا سِيمَا الْجبلي مَتى شرب بِالشرابِ نفع من اليرقان وَإِن شرب بِبَعْض الأفاويه أدر الطمث وَأخرج الأجنة وَإِذا أنعم دق الْيَابِس مِنْهُ وخلط بالكندر واحتملته الْمَرْأَة فِي صوفة قطع سيلان نزف الدَّم من الرَّحِم. وَإِذا خلط بالخل قطع نزف الدَّم من أَي مَوضِع
(6/188)
كَانَ من الْجِسْم.
وَمَتى أحرق وخلط بالخل أَو بالسكنجبين ولطخ على دَاء الثَّعْلَب أبراه. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ شَحم خِنْزِير نفع من النقرس. وَقد يطْبخ بالخل أَو بِالشرابِ وَيُوضَع على نهش الْهَوَام وعَلى الْملَّة والأورام الْعَارِضَة فِي أصل الْأذن فينفعها.
وَإِذا كوي بِهِ عرق النسا نفع جدا. ويكوى بِهِ على هَذِه الْجِهَة: تشرب صوفة زيتا وتوضع على الْموضع العميق الَّذِي فِيمَا بَين الْإِبْهَام والزند من الْيَد وَهُوَ إِلَى الزند أقرب ثمَّ خُذ بَعرَة والهبها حَتَّى تصير جَمْرَة ثمَّ ضعها على الصُّوف وَلَا تزَال تفعل ذَلِك حَتَّى يصل الْحس بتوسط العصب إِلَى الورك ويسكن الْأَلَم. وَهَذَا الكي يُسمى الكي البعري.
وبعر الضَّأْن مَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ أَبْرَأ من الشري والثآليل وَاللَّحم الزَّائِد الْمَعْرُوف بالتوث والنملة. وَمَتى خلط بموم مذاب ودهن ورد أَبْرَأ من حرق النَّار.
وزبل الْخِنْزِير الْبري مَتى شرب وَهُوَ حَار بِمَاء أَو شراب قطع نفث الدَّم وَسكن الوجع المزمن الْعَارِض للْجنب. وَإِذا شرب مَعَ خل أَبْرَأ وَهن العضل. وَإِذا خلط بموم مذاب بدهن ورد أَبْرَأ التواء العصب.
وسرجين الْحمير وَالْخَيْل مَتى أحرق أَو لم يحرق وخلط بخل قطع سيلان الدَّم.
وسرجين الْحمار الرَّاعِي الْيَابِس مِنْهُ مَتى خلط بشراب وضمد بِهِ وَشرب نفع من لسع الْعَقْرَب نفعا عَظِيما.)
وزبل الْحمام أسخن وَأَشد إحراقا من غَيره من الزبول. وَقد يخلط بدقيق شعير وزيت وَمَاء فينفع الأورام الَّتِي تحْتَاج إِلَى تَحْلِيل. وَإِذا خلط بخل حلل الْخَنَازِير. وَمَتى خلط بالعسل وبزر الْكَتَّان قلع خشكريشة قُرُوح النَّار الفارسية. وَمَتى سحق بالزيت أَبْرَأ حرق النَّار.
وزبل الدَّجَاج يفعل مَا يَفْعَله زبل الْحمام إِلَّا أَنه أَضْعَف. ويوافق أكل الْفطر الْقِتَال وَمن كَانَ بِهِ وزبل الرخم يُقَال: إِنَّه إِذا تبخر بِهِ طرح الْجَنِين.
وزبل الفأر إِذا خلط بالخل ولطخ على دَاء الثَّعْلَب أَبرَأَهُ. وَمَتى شرب بالكندر أَو بِالشرابِ الْمُسَمّى اونومالي فت الْحَصَى وبولها. وَمَتى احتملت مِنْهُ شيافة أطلقت بطن الصّبيان.
وزبل الْكَلْب إِذا شرب بشراب عقل الْبَطن.
والعذرة مَتى تضمد بهَا وَهِي حارة منعت الْجَمْرَة من الخراجات وألزقتها. وَمَتى جففت وخلطت بِعَسَل وتحنك بهَا نَفَعت من الخناق.
وزبل الحرذون يحسن اللَّوْن ويصقل الْوَجْه وَيصْلح للفم الوجع.
وَقَالَ ج: قوته محللة تنقي الكلف وتقلع البهق والقوباء.
قَالَ: وَقد جربت زبل الْكَلْب الَّذِي يطعم الْعِظَام وَيحبس أَيَّامًا حَتَّى يكون زبله أَبيض يَابسا لَا نَتن لَهُ فِي مداواة أورام الحنجرة والقروح فِي الأمعاء والخراجات العتيقة.
(6/189)
أما فِي أورام الحنجرة فَمَعَ أدوية نافعة من ذَلِك وَفِي قُرُوح المعي فَمَعَ اللَّبن الْمَطْبُوخ. بالخطمى أَو بِقطع الْحَدِيد المحمى فَوَجَدته عجيبا وَكَذَلِكَ فِي مداواة الخراجات الخبيثة وَهُوَ قوي جدا فِي التجفيف والتحليل.
فَأَما زبل النَّاس فَإِنَّهُ كَانَ عندنَا رجل يتَأَذَّى بورم يعتاده فِي حلقه حَتَّى يشرف مِنْهُ على الاختناق ويضطره ذَلِك إِلَى الفصد فطلاه رجل قبل الفصد بزبل صبي فبرأ من سَاعَته.
وداوى بِهِ قوما آخَرين فبرؤا. وَكَانَ ذَلِك الرجل يطعم الصَّبِي خبْزًا وترسما ويسقيه شرابًا عتيقا وَبعد أَن يجود هضمه يَأْخُذ زبله فِي الْيَوْم الثَّالِث. وَذكر أَيْضا أَنه قد جرب لُحُوم الدَّجَاج والحجل اسفيذباجا وغذاها الصَّبِي فَوجدَ الزبل يفعل ذَلِك. وَإِن الترمس إِنَّمَا يَسْتَعْمِلهُ لِئَلَّا يكون الزبل منتنا.
وَأما زبل الذِّئْب فَكَانَ يسْقِيه بعض الْأَطِبَّاء أَصْحَاب القولنج إِذا لم يكن هُنَاكَ ورم وَلم يكن يسْقِيه فِي نوبَة الْعلَّة أصلا وَرُبمَا سقَاهُ من قبل الوجع. وَرَأَيْت بعض من شرب هَذَا الزبل لم يعاوده الوجع وَإِن عاوده فشيء يسير غير مؤذ. لَا يعْتد بِهِ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك الطَّبِيب يَأْخُذ الزبل)
الْأَبْيَض وَإِنَّمَا يكون ذَلِك إِذا تغذى الذِّئْب بالعظام فَكنت أتعجب من منفعَته إِذا عولج بِهِ المرضى. وَكَانَ رُبمَا علقه على فَخذ الْمَرِيض فينفعه مَنْفَعَة بَيِّنَة ويشده بخيط من صوف كَبْش قد افترسه الذِّئْب وَذَلِكَ أبلغ فِي الْمَنْفَعَة. فَإِن لم يقدر عَلَيْهِ فَيَأْخُذ شبْرًا من جلد أيل ويشد بِهِ ذَلِك الزبل وعلقه على فَخذ العليل.
وَأما نَحن فَإنَّا جعلنَا مِنْهُ فِي حق فضَّة مِقْدَار باقلاة وعلقناه على الوجع فنفع. وَلما رَأَيْت ذَلِك فِي وَاحِد من المرضى استعملته فِي عدَّة مِنْهُم بعد ذَلِك فنفعهم نفعا عَظِيما.
وَكَانَ ذَلِك الطَّبِيب يخْتَار الزبول الْبيض الَّتِي تقع على الصخور من زبول الذئاب الَّتِي لم تماس الأَرْض وَلَا سَقَطت إِلَّا على شوك أَو على بعض الْحِجَارَة أَو الْحَشِيش وَقد يُوجد فِيهَا كسور عِظَام قد ابتلعها الذِّئْب فضعفت معدته عَن هضمها فَتخرج سَرِيعا قبل أَن تنطبخ فَكَانَ يسحق هَذِه الْعِظَام فيسقيها وَرُبمَا كَانَ يخلط مَعَ الزبل شَيْئا من ملح وفلفل إِذا كَانَ العليل متقززا ويسقيه بشراب أَبيض لطيف وَرُبمَا سقَاهُ بِمَاء وَحده.
وَأما بعر الماعز فقوته حارة محللة نافعة من الأورام الجاسية فِي الطحال وَغَيره وَمن الأورام الصلبة وأورام الرّكْبَة المتقادمة مَتى خلط بدقيق شعير وعجن بخل ممزوج بِالْمَاءِ وَوضع عَلَيْهَا.
وَهَذَا الدَّوَاء حاد جدا. وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْقرَوِيين والأكرة لَا فِي الصّبيان وَالَّذين أبدانهم رخصَة وَقد اسْتعْمل فِي أورام أخر غير الرّكْبَة فنفع نفعا عَظِيما. وَيسْتَعْمل فِي الاسْتِسْقَاء وَالطحَال على وُجُوه كَثِيرَة.
وَإِذا أحرقت هَذِه الزبول كَانَت ألطف من غير أَن تزداد بذلك حِدة بَيِّنَة وَلذَلِك تَنْفَع من دَاء الثَّعْلَب وَجَمِيع الأدواء المحتاجة إِلَى الْأَدْوِيَة الجلاءة بِمَنْزِلَة تقشر الْجلد والقوابي
(6/190)
والجرب والوضح والقروح الردية. وَقد يخلط أَيْضا فِي الأضمدة المحللة النافعة للأورام الْحَادِثَة فِي أصل الْأُذُنَيْنِ والأربيتين المتقادمة.
وَكثير من الْأَطِبَّاء يسْتَعْمل هَذِه الزبول لِكَثْرَة تحليلها فِي نهش الأفاعي والهوام فَكَانَ من يتدارك مِنْهُم بالعاج نجا وَلَا سِيمَا نهش شَيْء سوى الأفاعي. وَكَانَ أَيْضا يسْقِي مِنْهُ أَصْحَاب اليرقان بِالشرابِ فيبرئهم. ويستعمله فِي نزف النِّسَاء فرزجا مَعَ كندر.
وَيجب أَن تعلم أَن التجفيف عَام لجَمِيع الزبل إِلَّا أَنَّهَا مُخْتَلف فِي قدر مزاج الْحَيَوَان فَمَا كَانَ مِنْهَا الأشد يبسا فِي مزاجه فزبله أَشد يبسا وَمَا كَانَ حَار المزاج فزبله حَار. وَلَيْسَ شَيْء من)
الزبل بَارِدًا إِلَّا أَنه مُخْتَلف فِي النَّاس خَاصَّة أَكثر اخْتِلَافا من سَائِر الْحَيَوَان وَذَلِكَ لاخْتِلَاف أغذيتهم فَلَيْسَ زبل من تغذى بالثوم والبصل مثل زبل من تغذى بالقرع والخس.
وَأما زبول الْمَاشِيَة الراعية الْحَشِيش فَقل مَا يخْتَلف بَعْضهَا من بعض فَإِن رعيها وَاحِد وَإِن اخْتلف فقليل.
وزبل الْبَقر يَابِس مُحَلل وَفِيه قُوَّة جاذبة وَلذَلِك ينفع من لسع النَّحْل والزنابير وَقد يُمكن أَن يكون فعله هَذَا من أجل طبعه.
وَقد كَانَ رجل مَشْهُور بالطب يطلي من بِهِ استسقاء بالأخثاء على بدنه كُله فينتفع بذلك مَنْفَعَة بَيِّنَة وَكَانَ أَيْضا يستعملها فِي الْأَعْضَاء الوارمة من أبدان الأكرة وَكَانَ يجمع الخثاء فِي فصل الرّبيع لِأَن الْبَقر فِي ذَلِك الْوَقْت ترعى العشب الرطب وَحِينَئِذٍ تكون قُوَّة أخثائها لينَة جدا. وَأما إِذا رعت الْحَشِيش الْغَيْر الرطب فقوتها يابسة.
والأخثاء الكائنة فِي فصل الرّبيع وسط بَين الأخثاء الكائنة من اعتلاف التِّبْن والكرسنة وأخثاء الْبَقر الَّتِي تعتلف الكرسنة نافعة لأَصْحَاب الاسْتِسْقَاء. وَقد كَانَ ذَلِك الطَّبِيب يسْتَعْمل أخثاء الْبَقر فِي الأورام الصلبة كلهَا والخنازير وَكَانَ عِنْد ذَلِك يعجنها بالخل ويضمدها بِهِ.
وَجَمِيع هَذِه الْأَدْوِيَة إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي أبدان الأكرة والفلاحين.
وَأما بعر الضَّأْن فقد كَانَ ذَلِك الطَّبِيب يعالج بهَا الثآليل النملية وَهِي الَّتِي يحس فِيهَا بدبيب كدبيب النَّمْل والثآليل المتعقلة والمركوزة والمسمارية الَّتِي تسمى خيلانا وَاللَّحم الزَّائِد النَّابِت والجراحات الْحَادِثَة عَن الأخلاط الغليظة إِذا كَانَت صلبة والمسامير بعد عجنه بالخل وَكَثِيرًا مَا كَانَ يستعملها فِي قُرُوح حرق النَّار لِأَنَّهُ يختمها. وَكَانَ رُبمَا يخلطه بدهن ورد وشمع ثمَّ يَضَعهَا على تِلْكَ القروح.
وَكَذَلِكَ كَانَ يفعل ببعر الْمعز المحرق يخلط مِنْهُ الْيَسِير مَعَ كثير من القيروطي.
وَأما زبل الْحمام الْأَهْلِيَّة الراعية فحارة وزبل الْبَريَّة مِنْهَا والجبلية أَشد حرارة. وَأَنا أستعمله فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج إِلَى إسخان وَرُبمَا خلطت مَعَه بزر الْحَرْف أَو بزر الْخَرْدَل
(6/191)
مسحوقين منخولين واستعملها فِي الْمَوَاضِع الْبَارِدَة المحتاجة إِلَى التسخين فِي الْعِلَل المزمنة كالنقرس والشقيقة والصداع والدوار وأوجاع الجنبين والكتفين وَالظّهْر والورك فقد يعرض فِي الظّهْر أوجاع مزمنة.
وَيسْتَعْمل أَيْضا فِي أوجاع الْبَطن والكليتين والمفاصل مَا لمي تولد فِيهَا حِجَارَة وَهَذِه زبول بعيدَة)
من النتن وَلذَلِك يكثر اسْتِعْمَالهَا فِي الْأَمْصَار مخلوطة بأدوية مُخْتَلفَة.
وَأما الزبل الَّذِي يكون من الدَّجَاج فقد كَانَ ذَلِك الطَّبِيب يَسْتَعْمِلهُ فِي الخناق الْعَارِض من أكل الْفطر الْقِتَال واستعملته أَنا أَيْضا فِي أنَاس جاؤني وَقد أكلُوا الْفطر فسقيتهم إِيَّاه بعد أَن سحقته وعجنته بخل وَمَاء فنفعهم مَنْفَعَة بَيِّنَة وَذَلِكَ انهم بعد شربهَا بِقَلِيل هاج بهم قئ فقاؤا أخلاطا غَلِيظَة كَثِيرَة وأفلتوا بذلك من الْمَوْت. وَهُوَ أقل حرارة من زبل الْحمام. وَقد كَانَ ذَلِك الطَّبِيب يسْقِي مِنْهُ أَصْحَاب وجع القولنج المزمن بِالشرابِ فَإِن عزبه فبالخل وَالشرَاب ممزوجين بِالْمَاءِ.
وَيجب أَن تعلم أَن الزبول تخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف حَال الْحَيَوَان إِذْ كَانَ مِنْهُ الْجبلي والبري والنهري والبحري والأهلي والوحشي والمرتاض والوادع والسمين والهريل فَإِن الْحَيَوَان مَتى ضمر بالرياضة صَار أيبس من غير المرتاض وَالَّذِي يعلف ويسمن بالأغذية الْيَابِسَة أَشد يبسا من الَّذِي يغذي بالباردة الرّطبَة فَلذَلِك زبل الْحمام الراعية فِي الْبيُوت أَضْعَف من الراعية فِي الْبَريَّة وزبول الدَّجَاج المعتلفة فِي الْبيُوت المحبوسة أَضْعَف من زبول المسترخية الملتقطة لنَفسهَا.
وَأما زبل البط فلسنا نَسْتَعْمِلهُ لفضل حِدته وَكَذَلِكَ ذرق البزاة والعقبان وَلِأَنَّهَا أَيْضا قَلما تُوجد فِي كل مَوضِع فَلذَلِك تركت ذكرهَا.
وَقد زعم بعض الْأَطِبَّاء أَن زبل هَذِه الطُّيُور تحلل الْخَنَازِير وَإِنَّمَا فزعوا إِلَى هَذِه لِئَلَّا يَقع أحد على خطيهم بِسُرْعَة. وَقد فعل ذَلِك طَبِيب آخر فَقَالَ: إِن زبل العقعق ينفع من الربو وَهُوَ مُبْطل فِي قَوْله فقد جرب قَوْله فَكَانَ كذبا صراحا.
وَأما زبل الفأر فقد ذكر بعض الْأَطِبَّاء أَنه ينفع من دَاء الثَّعْلَب. وَكَانَ آخر يسْتَعْمل مِنْهُ فرزجة يحملهَا الطِّفْل ليحرك بَطْنه.
وَلَيْسَ يجب أَن تخلي الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة ويلجأ إِلَى هَذِه.
وَأما زبل الحرذون والعظاية فَإِن النِّسَاء يتخذنها لِأَنَّهُنَّ لم يكتفين بالأدوية الْمَوْجُودَة الَّتِي تصقل وجوههن وتبرقها حَتَّى استغن بزبول هَذِه.
وَكَذَلِكَ يفعلن بزبل الزرازير وَقُوَّة هَذِه الزبول يابسة جلاءة غير أَن زبل الزرازير أَضْعَف من زبل العظاية.
وَأما زبل الحراذين فينقي الكلف ويقلع البهق والقوباء.
وَأما زبل الزرازير الَّتِي تعلف الْأرز فَإِنَّهَا تجلو الكلف جلاء قَوِيا.)
(6/192)
وَقَالَ اريباسيوس: قُوَّة بعر الماعز حادة محللة وَلذَلِك ينفع الأورام الصلبة لَا الَّتِي تكون فِي الطحال فَقَط بل الَّتِي تكون فِي سَائِر الْأَعْضَاء وَقد استعملته فِي علاج ركبة قد ورمت بِأَن اتَّخذت مِنْهُ ضمادا مَعَ دَقِيق الشّعير بخل ممزوج بِمَاء فنفع نفعا عَظِيما. ويعظم نَفعه مَتى اسْتعْمل كَذَلِك فِي علل أخر كَثِيرَة وَهُوَ أسخن من أَن يُوَافق أبدان النِّسَاء والأطفال والأبدان الرُّخْصَة.
وَقَالَ فِي زبل الورل: إِنَّه كَمَا يجلو النمش كَذَلِك يجلو الوضح والقوباء.
لي قد تبين من كَلَام اريباسيوس فِي هَذَا الْموضع وَفِي مَوَاضِع كَثِيرَة من كتَابنَا هَذَا أَنه إِنَّمَا يحْكى عَن جالينوس حِكَايَة فَقَط وَقد أَسَاءَ إِذْ لم يبين فِي هَذَا الْكَلَام أَن جالينوس قَالَ: إِنَّه داوى بزبل الْمعز ركبة وارمة لكنه قَالَه كَأَنَّهُ هُوَ عمله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون قد اتّفق لَهُ أَيْضا ذَلِك وَذَلِكَ بعيد من نَص كَلَامه أَنه إِنَّمَا يحْكى عَن جالينوس وَلَكنَّا نكتب أقاويله كي يزْدَاد بذلك قَول جالينوس وضوحا وَصِحَّة أما وضوحا فلاختلاف الْغَلَط فِي النّسخ وَأما صِحَة فَلِأَنَّهُ يَحْكِي عَن نسخ يونانية فَإِذا اتّفق كَلَامه مَعَ الْمَنْقُول إِلَيْنَا خيرا كَانَ أوضح وأوكد.
وَقَالَ بولس: زبل الصَّبِي مَتى أطْعم طَعَاما قَلِيل الفضول نَافِع من الاختناق.
وأخثاء الْبَقر مَتى لطخ بهَا على الْجَسَد وأقيم فِي الشَّمْس نفع من الحبن.
وزبل الفأر أَكثر الزبول تنقية.
زراوند قَالَ د: مَتى شرب من الطَّوِيل مِقْدَار درخمي بِالشرابِ وتضمد بِهِ كَانَ صَالحا لسموم الْهَوَام والأدوية القتالة. وَإِذا شرب بالمر والفلفل نقي النُّفَسَاء من الفضول المحتبسة فِي الرَّحِم وأدر الطمث وَأخرج الْجَنِين. وَمَتى احتملته الْمَرْأَة فِي فرزج فعل ذَلِك.
والمدحرج يفعل مَا يَفْعَله الطَّوِيل ويفضل عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ينفع من الربو والفواق والنافض وورم الطحال ووهن العضل ووجع الْجنب مَتى شرب بِالْمَاءِ وَبِأَنَّهُ مَتى تضمد بِهِ أخرج السلا والأزجة من اللَّحْم وقشور الْعِظَام ويقلع خبث القروح العفنة وينقي أوساخها. وَإِذا خلط بالايرسا وَالْعَسَل مَلأ القروح العميقة لَحْمًا ويجلو الْأَسْنَان.
وَأما الصِّنْف الثَّالِث من الزراوند الْمُسَمّى: قليمياطيطس فَإِنِّي أَحسب أَنه يفعل مَا يَفْعَله الزراوند الطَّوِيل والمدحرج إِلَّا أَنه أَضْعَف من ذَلِك.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: أَنْفَع مَا فِي هَذَا الدَّوَاء للطبيب أَصله وَهُوَ مر حريف قَلِيلا وألطف أَنْوَاع الزراوند المدحرج مِنْهُ وَهُوَ أقواها فِي جَمِيع الْخِصَال.
وَأما النوعان الْآخرَانِ مِنْهُ فالشبيه مِنْهُمَا ببقس الْكَرم الطّيب الرَّائِحَة الْمُسْتَعْمل فِي الدّهن المطيب ضَعِيف فِي الطِّبّ.
وَأما الطَّوِيل فَأَقل لطافة من المدحرج إِلَّا أَنه لَيْسَ بالضعيف بل قوته تجلو وتسخن وتحلل وجلاؤه وتحليله أقل. فَأَما إسخانه فَلَيْسَ بِدُونِ إسخان المدحرج بل عساه أَكثر
(6/193)
إسخانا مِنْهُ وَلذَلِك مَتى احتجنا إِلَى دَوَاء يجلو كَانَ الزراوند الطَّوِيل أَنْفَع بِمَنْزِلَة مَا نحتاج إِلَيْهِ إِذا أردنَا إنبات اللَّحْم فِي القرحة أَو نداوي قرحَة فِي الرَّحِم. فَأَما الْموضع الَّذِي يحْتَاج فِيهِ إِلَى أَن نلطف خلطا غليظا تلطيفا أَشد وَأقوى فَنحْن إِلَى المدحرج أحْوج إِذْ هُوَ أَجود وَأقوى. وَلذَلِك صَار يشفي الوجع الْحَادِث من قبل سدة أَو من قبل ريح غَلِيظَة غير نضجة إِنَّمَا يشفيه المدحرج خَاصَّة. وَهُوَ مَعَ ذَلِك يخرج السلا وَيذْهب العفونة وينقي القروح الوسخة ويجلو الْأَسْنَان واللثة وينفع أَصْحَاب الربو والفواق والصرع والنقرس إِذا شرب بِالْمَاءِ وَهُوَ أَيْضا أوفق للفسوخ الْحَادِثَة فِي أَطْرَاف العضل وَفِي أوساطها من كل دَوَاء آخر.
بديغورس يَقُول: أما الطَّوِيل فخاصته النَّفْع من الرِّيَاح وإذابة مَا فِي الكبد.
وَقَالَ اريباسيوس: أما الطَّوِيل فَإِنَّهُ ينْبت اللَّحْم فِي القروح ويوافق قُرُوح الرَّحِم أَيْضا. وَحَيْثُ)
احتجت إِلَى تلطيف خلط غليظ بِقُوَّة فَاسْتعْمل المدحرج وَلذَلِك صَار المدحرج نَافِعًا من الأوجاع الْحَادِثَة عَن سدد أَو خلط لزج غير نضيج. وَهُوَ يخرج الأزجة والسلا وَيذْهب العفونة وينقي القروح الوسخة ويجلو الْأَسْنَان واللثة وينفع إِذا شربه أَصْحَاب الصرع والنقرس والفواق مَعَ المَاء وَهُوَ للْفَسْخ والهتك العاض للعضل أوفق من جَمِيع الْأَدْوِيَة.
وَقَالَ ماسرجويه: إِن الطَّوِيل مَتى سحق بخل وطلي على القروح الرّطبَة العتيقة نَفعهَا وينقي الْأَسْنَان واللثة من الرُّطُوبَة الَّتِي فِيهَا.
وَمَتى عجن المدحرج بِعَسَل وطلي على الطحال نفع جدا وَكَذَلِكَ مَتى سقِِي بالسكنجبين.
زوفا يَابِس قَالَ د: قوته مسخنة إِذا طبخ بِالْمَاءِ والتين وَالْعَسَل والراب وَشرب نفع من أورام الرئة الصلبة والربو والسعال المزمن والبلة الَّتِي تنحدر من الرَّأْس إِلَى الْحلق والصدر وَنَفس الانتصاب وَيقتل الدُّود. وَمَتى لعق بالعسل فعل ذَلِك. وَإِذا شرب طبيخه مَعَ سكنجبين أسهل كيموسا غليظا.
وَقد يسحق ويؤكل بِالتِّينِ الرطب لتليين الْبَطن. وَمَتى خلط بِهِ قردمانا أَو ايرسا أَو اورسمين قوى إسهاله وَيحسن اللَّوْن.
ويتمضد بِهِ مَعَ النطرون والتين للطحال والحبن ويتضمد بِهِ مَعَ الشَّرَاب للأورام الصلبة. وَمَتى تضمد بِهِ بِمَاء مغلي حلل الدَّم الْمَيِّت الَّذِي تَحت الْعين. وَمَتى خلط بطبيخ التِّين كَانَ مِنْهُ غرغرة جَيِّدَة للخناق الَّذِي من ورم العضلات الدَّاخِلَة. وطبيخه بالخل إِذا تمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان. وَمَتى بخرت الْأذن ببخاره حلل الرّيح الْعَارِضَة فِيهَا.
وشراب الزوفا ينفع من الْعِلَل الَّتِي فِي الصَّدْر وَالْجنب والرية والسعال الْعَتِيق والربو من المغس وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا يسخن ويجفف فِي الدرجَة الثَّالِثَة وَهُوَ لطيف.
(6/194)
وَقَالَ روفس: الزوفا يسهل الخام.
زوفا رطب قَالَت الخوز فِي الزوفا الرطب: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة ويلين صلابة الْبدن وَلَا سِيمَا الأورام الصلبة الْبَارِدَة الَّتِي تكون فِي الرَّحِم والمثانة والكلى والكبد.
زرين درخت وبديغورس: خاصته النَّفْع من لسع الْهَوَام وعسر الْبَوْل وعرق النسا.
وَقَالَ الطَّبَرِيّ: عصير ورقه مَتى شرب أخرج الدَّم الجامد من المثانة.
زوفرا قَالَ بولس أَصله الزوفرا وبزره حَار حَتَّى أَنه يدر الطمث وَيذْهب بالنفخ جدا. واقرأه فِي بَاب ج.
قَالَت الخوز: إِنَّه جيد للذع العقارب مَتى شرب أَو صب طبيخه عَلَيْهِ.
زهر حجر آسيوس ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْألف فِي بَاب اسيوس.
زبرجد وزمرد مَجْهُول: الزبرجد نَافِع من الجذام مَتى شرب حكاكه. والزمرد يسيل عين الأفعى مَتى نظرت إِلَيْهِ.
زرنباد قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من لسع الْهَوَام.
قَالَ مسيح: إِنَّه حَار. يَابِس فِي الثَّالِثَة مُحَلل جدا نَافِع من الرِّيَاح الغليظة ولسع الْهَوَام وَيحبس الْبَطن.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه يحلل الْأَرْوَاح وخاصة الَّتِي فِي الْأَرْحَام وَيحبس القئ وَيعْمل فِي ريَاح الحام.
وَقَالَ ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة فَاش جلاء يسمن إسمانا صَالحا ويفش الْأَرْوَاح وخاصته قطع رَائِحَة الثوم والبصل وَالشرَاب إِذا مضغ.
ماسرجويه قَالَ: ينفع من نهش الْهَوَام حَتَّى أَنه يُقَارب فِي ذَلِك الحدوار.
زوان قَالَ بولس: قوته قريبَة من قُوَّة الْحِنْطَة فِي الْحر وَالْبرد وَهُوَ يجفف قَلِيلا ويغري. اقرأه فِي بَاب شيلم.
قَالَ ديسقوريدوس إِنَّه يقتل مَتى شرب لِأَنَّهُ يَأْكُل مَا يلقاه من الْأَعْضَاء بثقله وَقد ينفع من مضرته اللَّبن مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار كثير ويقيأ بِهِ وَالْخمر أَيْضا ينفع من مضرته إِذا شرب بالأفسنتين أَو ببزر الكرفس أَو مَعَ فوذنج الْجَبَل أَو الزوفا فَإِنَّهُ ينفع من مضرته.
وَقَالَ ج: إِنَّه لَيْسَ عِنْدِي مِنْهُ تجربة وَلَا محنة هَل يقتل مَتى شرب وَلَا مَا يفعل إِذا وضع من خَارج.
وَقَالَ بولس هُوَ من القتالة. وَمن النَّاس من يحرقه حَتَّى يصير كالرماد ويخلطه بأَشْيَاء أخر ويسقيه أَصْحَاب القولنج وايلاوس.
قَالَ الخوزي: ينفع من الجرب والقروح الردية. وترابه يقتل الفأر.
(6/195)
السمُوم قَالَ: هُوَ قَالَت مَتى شرب.
قَالَ ج فِي الرَّابِعَة من المفردة: الْأَدْوِيَة الأكالة بِمَنْزِلَة الزاج والزرنيخ والزئبق.
وَقَالَ فِي الْخَامِسَة: إِن من الْأَدْوِيَة مَا يضر الْإِنْسَان وَلَو أَخذ مِنْهَا أقل مَا يكون كدود الصنوبر والينتون والزئبق ولعاب ذَوَات السمُوم وَالْفطر وعنب الثَّعْلَب القتالين.
زاج قَالَ د: الَّذِي لَهُ لمع كالذهب قوته كقوة القلقطار.
قَالَ: والسوري هوزاج أَحْمَر على مَا زعم قوم وقوته مثل قُوَّة الزاج وحدته مثل حِدته وَقد يُبرئ وجع الأضراس مَتى وضع على الْمَوَاضِع المتأكلة مِنْهَا ويشد الأضراس والأسنان المتحركة.
وَإِذا احتقن بِهِ مَعَ الْخمر نفع عرق النسا. وَإِذا خلط بِالْمَاءِ ولطخ بِهِ البثور اللبنية أذهبها. وَقد يسْتَعْمل فِي الْأَدْوِيَة المسودة للشعر.
الزاجات أجمع غير محرقة أقوى. وَأما الْملح والنطرون والكلس والدردي وثجير الْعِنَب فمحرقة أقوى.
لي لهَذَا قانون نَكْتُبهُ: وَهُوَ أَن الْأَشْيَاء الَّتِي لَا حِدة لَهَا يكسبها النَّار حِدة وَالَّتِي فِيهَا حِدة تفارقها تِلْكَ الحدة بالنَّار لِأَنَّهَا تسلخها عَنْهَا.
قَالَ ج: إِنَّه يُمكن أَن يكون الزاج الْأَحْمَر والقلقطار والزاج الْأَخْضَر إِنَّمَا يخْتَلف فِي الغلظ واللطافة وألطفها الْأَخْضَر والقلقطار قوته وسطى بَين هذَيْن. وَهَذِه الثَّلَاثَة كلهَا تحرق وتحدث فِي اللَّحْم قشرة صلبة بعد الإحراق وفيهَا مَعَ إحراقها قبض. والزاج الْأَخْضَر مَتى أدني من اللَّحْم المعري كَانَ تلذيعه إِيَّاه أقل من تلذيع القلقطار على أَنه حَار حرارة لَيست بِدُونِ حرارة القلقطار وَلَكِن إِنَّمَا صَار فِيهِ هَذَا مَوْجُودا للطافة جوهره. والقلقطار والزاج الْأَخْضَر يذوبان وينحلان إِذا طبخا بالنَّار فَأَما الزاج الْأَحْمَر فَلَا يذوب وَلَا ينْحل لِأَن جموده جمود قوي حجري كَمَا أَن الزاج الْأَخْضَر لما كَانَ قد نضج بحرارته الطبيعية فضل نضج على نضج القلقطار صَار حَقِيقا أَن يكون أعْسر انحلالا وذوبانا من القلقطار.
وَقَالَ فِي الماليطونيا وَهُوَ زاج الأساكفة: إِنَّه يقبض قبضا شَدِيدا مَعَ أَنه يلطف أَكثر من جَمِيع الْأَدْوِيَة القابضة ويجلو جلاء يَسِيرا.
قَالَ ابْن ماسويه: الزاج يجفف الرية جدا حَتَّى أَنه يقتل لذَلِك.
زبد قَالَ ديسقوريدوس: قوته ملينة وَإِن أَكثر مِنْهُ أسهل. وَيقوم مقَام الزَّيْت فِي علاج الْأَدْوِيَة القتالة.
وَإِذا خلط بِعَسَل ودلكت بِهِ لثة الصي نفع وأسرع النَّبَات وَمنع الوجع فِي اللثة والقلاع. وَإِذا طلي بِهِ الْجِسْم غذاه وأسمنه وَلم يعرض لَهُ حصف.
(6/196)
والطري مِنْهُ جيد إِذا احتقن بِهِ للأورام الحارة فِي انحطاطها والصلبة الْعَارِضَة للرحم ولقرحة المعي. وَإِذا كَانَ الورم فِي الرَّحِم حقن الْقبل. ويخلط بالأدوية المفتحة وَينْتَفع بِهِ فِي أدوية الْجِرَاحَات الْعَارِضَة للأعصاب وحجب الدِّمَاغ وفم المثانة ويملأ القروح وينقيها وَيَبْنِي اللَّحْم فِيهَا. وَإِذا وضع على نهش الأفاعي نفع مِنْهُ.
ودخان الزّبد يجفف وَيقبض قبضا رَقِيقا وَيدخل فِي أدوية الْعين وَيقطع سيلان الْموَاد إِلَيْهَا وَقَالَ ج: الزّبد يسكن اللذع الْحَادِث عَن الْموَاد الحادة لِأَن طبعه لين سَاكن مغر يتشبث بالأعضاء.
وَقَالَ فِي السّمن: إِنَّه يُرْخِي وينضج وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي مداواة الأورام الْحَادِثَة فِي أصل الْأذن والأربية.
وقوته منضجة تحلل تحليلا يَسِيرا من الْأَبدَان المتوسطة فِي الصلابة واللين وَلَيْسَ يقدر أَن يحلل الْأَبدَان الصلبة وَذَلِكَ أَن هَذِه تحْتَاج إِلَى دَوَاء أقوى ينضجها ويحللها بسهولة وَلذَلِك قد شفينا بِهِ مرَارًا كَثِيرَة الأورام الْحَادِثَة فِي أصُول الْأُذُنَيْنِ والفم وَغير ذَلِك من الْأَعْضَاء شِفَاء تَاما كَانَت فِي أبدان الْأَطْفَال وَالنِّسَاء.
وَإِذا طلي أَيْضا على لثة الطِّفْل سهل نَبَات أَسْنَانه فِي وَقت طُلُوعهَا. وينضج ويحلل الْعِلَل الْحَادِثَة فِي الْفَم مَتى كَانَت من جنس الأورام وَكَانَ الَّذِي يتحلب وَقد انْقَطع. ويخلط فِي الأضمدة الَّتِي تُوضَع من خَارج على الأورام الْحَادِثَة فِي أصُول الْأُذُنَيْنِ ومراق الْبَطن وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ.
وَإِن هُوَ ازْدَادَ نفع أَيْضا نفعا عَظِيما فِي نفث مَا ينفث من الرئة فِي علل ذَات الْجنب وَذَات الرئة وأنضج الْعلَّة أَيْضا فَمَتَى لعق وَحده بِلَا عسل كَانَت معونته على النضج أَكثر وعَلى النفث أقل وَإِذا لعق مخلوطا بالعسل واللوز المر كَانَت إعانته على النفث أَكثر وإنضاجه أقل.
قَالَ اريباسيوس فِي الزّبد مَا قَالَ ج فِي السّمن وَزَاد: إِن تَحْلِيله يسير وَإنَّهُ يُبرئ الأورام الَّتِي فِي الحالبين مَعَ سَائِر الأورام الَّتِي ذكرهَا ج وَفِي تِلْكَ الْأَبدَان. وَمَتى طلي اياما مُتَوَالِيَة على لثة)
الصَّبِي لينها تَلْيِينًا لَيْسَ بِدُونِ تليين الْعَسَل. وَإِذا لعق مِنْهُ نفع من نفث الدَّم الَّذِي يكون من الرئة وأنضج الأورام الْعَارِضَة فِيهَا.
وَقَالَ بولس: إِنَّه ينضج مَا فِي الصَّدْر ويلينه.
وَقَالَ ابْن ماسويه فِي الزّبد: إِنَّه حَار رطب ملطخ للمعدة مرخ لَهَا ملين للطبع وللعصب وللأورام الصلبة السوداوية والبلغمية نَافِع من اليبس الْعَارِض للجسم وَمن الأورام الْحَادِثَة فِي أصُول الآذان والأربية ضار لمن رطب مزاجه ويعين على نَبَات أَسْنَان الطِّفْل إِذا
(6/197)
طلي بِهِ.
وَمَتى خلط مَعَه اللوز المر والحلو جلا مَا فِي الصَّدْر من الرُّطُوبَة. وَهُوَ مُفردا نَافِع من السعال الْعَارِض من الْبرد واليبس.
زرنيخ قَالَ د: الْأَصْفَر مِنْهُ قوته معفنة منقية للصديد يلذع لذعا شَدِيدا ويقلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح ويحلق الشّعْر.
والأحمر قوته كقوة الْأَصْفَر إِذا خلط براتينج أَبْرَأ دَاء الثَّعْلَب. وَمَتى خلط بالزفت قلع الْآثَار الْبيض الْعَارِضَة فِي الْأَظْفَار. وَمَتى خلط بالزيت نفع من الْقمل. وَمَتى خلط بالشحم حل الخراجات ويوافق القروح الْعَارِضَة فِي الْأنف والفم وَسَائِر القروح. وَمَتى خلط بدهن ورد وَافق البثر والبواسير الناتئة فِي المقعدة. وَقد يسقى بأنومالي من كَانَ فِي صَدره قيح فينتفع بِهِ.
ويتدخن بِهِ مَعَ الراتينج ويجتذب دخانه بأنبوب فِي الْفَم للسعال المزمن. وَإِذا لعق بِعَسَل صفي الصَّوْت. ويخلط بالراتينج وَيعْمل مِنْهُ حب للربو فينفع جدا.
وَقَالَ ج فِي الْأَصْفَر: قوته تحرق محرقا كَانَ أَو غير محرق والمحرق ألطف وَمَتى طَال مكثه على الْجِسْم قرحه.
وَقَالَ فِي الْأَحْمَر: قوته كقوة الْأَصْفَر وَحقّ لَهُ أَن يخلط فِي المراهم المحللة الجلاءة لذَلِك.
وَقَالَ اريباسيوس: هُوَ محرق أَو غير محرق قوته محرقة وَحقّ لَهُ أَن يخلط بالأدوية الجلاءة المحللة.
قَالَت الخوز: إِنَّه ثَلَاثَة أَصْنَاف: مِنْهَا صنف أَبيض وَهُوَ قَاتل والأصفر جيد لآثار الضَّرْب بالعصا والسياط والخدوش. وَإِذا طلي بِهِ يذهب الدَّم الْمَيِّت. والأحمر أَجود من الفلدفيون.
زبد الْبَحْر هَذَا كَانَ فِي الأَصْل قوانيون وَزعم كثير من النَّاس أَنه زبد الْبَحْر.
وَالثَّانِي شكله أَيْضا شكل الإسفنجة خَفِيف ورائحته شَبيهَة برائحة الطحلب.
وَالثَّالِث شكله كشكل الدُّود وَفِي لَونه فرفيرية.
وَالرَّابِع شبه الصُّوف الْوَسخ خَفِيف.
وَالْخَامِس يشبه شكله الْفطر وباطنه خشن وَلَا رَائِحَة لَهُ وَظَاهره أملس وَيُشبه القشور.
والصنف الأول وَالثَّانِي يستعملان فِي الغسولات والبثور اللبنية والقوابي والجرب المتقرح والنمش والبرص والبهق والكلف الْأسود والْآثَار الْعَارِضَة فِي الْوَجْه.
والصنف الثَّالِث يصلح لعسر الْبَوْل والرمل فِي المثانة ووجع الكلى وَالِاسْتِسْقَاء ووجع الطحال وَإِذا أحرق وخلط بِالْخمرِ ولطخ بِهِ دَاء الثَّعْلَب أَبرَأَهُ.
(6/198)
وَأما الصنفان الباقيان فهما يقبضان اللِّسَان ويستعملان فِي الْجلاء والتنقية وَحلق الشّعْر إِذا خلط بالملح.
وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: جَمِيع أَنْوَاع زبد الْبَحْر يجلو ويحلل وَلها كَيْفيَّة حادة وَقُوَّة حارة وَذَلِكَ أَن بَعْضهَا يزِيد وَينْقص عَن بعض زِيَادَة ونقصانا لَيْسَ باليسير لِأَن بَعْضهَا لَيْسَ يفضل عَن بعض فِي الْحر والحدة واللطافة.
وَأما أحد أَنْوَاع زبد الْبَحْر فَهُوَ كَيفَ رزين زهم يفوح مِنْهُ رَائِحَة السّمك المنتن وشكله وَأما النَّوْع الثَّانِي فشكله أطول من هَذَا ووزنه خَفِيف وجرمه سخيف.
وَأما النَّوْع الثَّالِث فشكله كشكل الدُّود ولونه يضْرب إِلَى لون الأرجوان وقوام جرمه لين.
وَأما النَّوْع الرَّابِع فَيُشبه الصُّوف الْوَسخ وَهُوَ سخيف خَفِيف.
وَأما الْخَامِس فسطحه الْخَارِج أملس وداخله خشن وَلَيْسَت لَهُ رَائِحَة أصلا وَفِي طعمه حِدة وحراقة لِأَنَّهُ أحر من سَائِر أَنْوَاع زبد الْبَحْر حَتَّى أَنه يحلق الشّعْر. وَبِهَذَا السَّبَب لما كَانَ ذَانك النوعان الْأَوَّلَانِ ينفعان من الجرب والبهق والقوابي وَالْعلَّة الَّتِي يتقشر فِيهَا الْجلد ويصفيان أَيْضا الْبشرَة لاعتدال قوتهما وسكونهما صَار هَذَا النَّوْع الَّذِي ذَكرْنَاهُ أخيرا لَا يُمكن أَن يفعل ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ يجلو مَا يجده من الْوَسخ وَغَيره فِي ظَاهر الْجلد فَقَط بل يقشر الْجلد نَفسه ويكشطه ويغوص فِيهِ حَتَّى يحدث فِيهَا القروح.)
وَأما النَّوْع الثَّالِث فَإِنَّهُ ألطف من سَائِر الْأَنْوَاع وَلذَلِك صَار إِذا أحرق شفي دَاء الثَّعْلَب.
وَأما النَّوْع الرَّابِع فقوته من نوع قُوَّة هَذَا وَلكنه أَضْعَف مِنْهُ بِمِقْدَار لَيْسَ بِيَسِير.
وَقَالَ بولس: زبد الْبَحْر قوته مجففة منقية وَلذَلِك يجلو الْأَسْنَان وينفع الحكة إِذا لطخ بخل وَمن البثور والنقرس. وَمَتى اسْتعْمل مَعَ شمع ودهن ورد حلل الْخَنَازِير.
وَقَالَ: إِنَّه لطيف يجلو وَلذَلِك إِذا أحرق أرق الظفرة. وَمَتى اسْتعْمل مَعَ ملح دراني وَإِن لم وَقَالَ ابْن ماسويه: أعظم فعل لَهُ شدَّة تنقية القذى من الْعين. وَمَتى أحرق ولطخ بِهِ على دَاء الثَّعْلَب نفع مِنْهُ مَنْفَعَة بَيِّنَة. جيد للبهق والقوابي والبرص والجرب جدا.
زجاج قَالَ جالينوس: إِنَّه يفت حَصى المثانة تفتيتا شَدِيدا مَتى شرب بشراب أَبيض رَقِيق.
ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس جيد للابرية وتساقط الشّعْر.
زهرَة نَبَات وهما نَوْعَانِ.
(6/199)
قَالَ بولس: كل وَاحِد مِنْهُمَا ميبس جاذب وَأَحَدهمَا مشبه بخامانيطس إِلَّا أَنه ألطف أَجزَاء وَلذَلِك صلح للصرع وتنقيته أَكثر.
الزرازير قَالَ ج: زبل الزرازير يجلو النمش إِلَّا أَنه أَلين فِي ذَلِك.
زنجفر قَالَ ج: هُوَ حَار باعتدال وَفِيه قبض.
زرنب قَالَ بولس: هُوَ من الْأَدْوِيَة العطرية الرَّائِحَة حَار يَابِس قريب من الثَّالِثَة شَبيه بالسليخة فِي الْقُوَّة وبالكبابة أَيْضا.
وَكَذَلِكَ قَالَ قولونيدوس: إِنَّه يسْتَعْمل بدل الدارصيني.
مسيح: إِن فِيهِ قبضا وَفِيه مَعَ ذَلِك لطافة وحرارة يحبس الْبَطن.
قَالَ ماسرجويه: قوته كقوة جوز الطّيب لكنه ألطف مِنْهُ وَإِذا سعط مِنْهُ بِالْمَاءِ ودهن بنفسج نفع من وجع الرَّأْس الْبَارِد الرطب وينفع الْمعدة والكبد الضعيفتين لطيب رَائِحَته.
قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس.
تمّ السّفر الْعشْرُونَ على مَا رتبه مُؤَلفه أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ رَحمَه الله ويتلوه السّفر الْوَاحِد وَالْعشْرُونَ بَاب السِّين.
تمّ بمنه تَعَالَى وَحسن توفيقه طبع الْجُزْء الْعشْرين من الْحَاوِي الْكَبِير يَوْم الِاثْنَيْنِ السَّابِع من شَوَّال المكرم سنة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة اير سنة ويتلوه الْجُزْء الْحَادِي وَالْعشْرُونَ أَوله بَاب السِّين من الْأَدْوِيَة المفردة. وَقد اعتنى بِتَصْحِيحِهِ وَالتَّعْلِيق عَلَيْهِ مصحح الدائرة الْأُسْتَاذ مُحَمَّد وجيه الدّين كَامِل الجامعة النظامية إِلَّا بعضه أَي من غير أَن الدخن س ص إِلَى فيغذيهم س ص وَمن بَاب الرَّاء ص إِلَى النورة س ص وَمن بَاب الزَّاي ص إِلَى الْبَطن س ص فقد صَححهُ وعلق عَلَيْهِ مصحح الدائرة الْأُسْتَاذ الْحَافِظ السَّيِّد خورشيد على كَامِل الجامعة النظامية وَبِي. اَوْ. ايل من الجامعة العثمانية وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
الْفَقِير إِلَى رَحْمَة الله الْغَنِيّ الحميد السَّيِّد مُحَمَّد حبيب الله الرشيد القادري كَامِل الجامعة النظامية صدر المصححين بدائرة المعارف العثمانية
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
)
(6/200)
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
(فِي الْأَدْوِيَة المفردة بَاب السِّين)
(6/201)
(فارغة)
(6/202)
(صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا)
3 - (بَاب السِّين)
سعد د: إِن قوته مسخنة مفتحة لأفواه الْعُرُوق يدر بَوْل صَاحب الْحَصَاة والجبن وينفع من لدغ الْعَقْرَب جيد لتكميد الرَّحِم الْبَارِدَة ولانضمام فمها يدر الطمث نَافِع من القروح فِي الْفَم والقروح المتأكلة مَتى نثر يَابسا مسحوقاً وَيدخل فِي المراهم المسخنة. وَيُقَال: إِن فِي الْهِنْد نوعا من السعد إِذا مضغ كَانَ لَونه لون الزَّعْفَرَان وَإِذا لطخ على الْجلد حلق الشّعْر على الْمَكَان.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: أصل السعد يسخن ويجفف بِلَا لذع فَهُوَ لذَلِك ينفع نفعا عجيباً من القروح الْعسرَة الِانْدِمَال من أجل رُطُوبَة كَثِيرَة لِأَن فِيهِ مَعَ هَذَا شَيْئا من الْقَبْض وَلذَلِك صَار ينفع من قُرُوح الْفَم وَفِيه قُوَّة قطاعة بهَا صَار يفتت الْحَصَى ويدر الطمث وَالْبَوْل.
اريباسيوس: يبريء القروح الْعسرَة الْبُرْء الَّتِي لَا تندمل من أجل رطوبتها برأَ عجيباً.
الدِّمَشْقِي: فِيهِ عطرية وَقبض صَالح لاسترخاء الْمعدة جيد للثة.
ابْن ماسويه: إِنَّه يزِيد فِي الْعقل وَيكسر الرِّيَاح ويدبغ الْمعدة وَيحسن اللَّوْن وَهُوَ جيد للبواسير نَافِع للمعدة والخاصرة ويطيب النكهة وَمَتى شرب مَعَ دهن الْحبَّة الخضراء شدّ الصلب وأسخن الكلى.
وَقَالَ فِي ذكر خَواص الْأَدْوِيَة: خاصته نفع المثانة الْبَارِدَة وتقطير الْبَوْل.
كتاب الْإِجْمَاع قَالَ: يحرق الدَّم وَيخَاف من إكثاره الجذام.
سيسارون هُوَ نَبَات مَعْرُوف مَتى سلق أَصله وَأكل أدر الْبَوْل وأنهض شَهْوَة الطَّعَام.
سمرنيون ذَكرْنَاهُ مَعَ الكرفس وَهُوَ كرفسيون.
هُوَ ناردين نذكرهُ فِي بَاب النُّون.
سَام أبرص ذَكرْنَاهُ مَعَ العظاية.
(6/203)
سليخة د: أَنَّهَا تقبض اللِّسَان وتلدغه وتجذبه جذباً يَسِيرا عطر الرَّائِحَة خمرية وقوتها مسخنة ميبسة مَدَرَة للبول تقبض قبضا رَفِيقًا جَيِّدَة فِي أدوية الْعين الَّتِي يُزَاد بهَا حِدة الْبَصَر. وَمَتى خلط بِعَسَل ولطخت بِهِ الرُّطُوبَة اللينة قلعهَا ويدر الطمث. وينفع من سم الأفعى مَتى شرب وَمن الأورام الحارة كلهَا الْعَارِضَة فِي الْجوف وَمن أوجاع الكلى واتساع الرَّحِم مَتى جلس فِي طبيخه أَو يدخن بِهِ.
وَمَتى ألقِي ثَمَانِيَة مَثَاقِيل من سليخة فِي مِقْدَار جوش من عصير وصفى بعد شَهْرَيْن نفع الكبد وعسر الْبَوْل وَنفخ الْمعدة. ج فِي السَّابِعَة: هَذَا يسخن ويجفف فِي الثَّالِثَة وَهُوَ مَعَ هَذَا كثير اللطافة وَفِي طعمه حراقة كَثِيرَة وَقبض يسير فَهُوَ لهَذِهِ الْخِصَال كلهَا يقطع ويحلل مَا فِي الْجِسْم من الفضول وَفِيه مَعَ هَذَا تَقْوِيَة للأعضاء. وَهُوَ نَافِع من احتباس الطمث إِذا كَانَ لَا يدر من أجل الأخلاط الْبَارِدَة ألف ز
سمرانيون يَقُول: هُوَ يدر الطمث ويبلغ أعماق الْأَعْضَاء من أجل غوصه وَيُقَوِّي الأحشاء.
اوريباسيوس: هُوَ يسخن ويجفف بِقُوَّة لطيف الْأَجْزَاء حادة مَعَ قبض يسير وَهُوَ لذَلِك يقطع ويحلل الفضول الَّتِي فِي الْجِسْم. وَهُوَ مَعَ ذَلِك مقو للأحشاء نَافِع من احتباس الطمث إِذا كَانَ من كَثْرَة الفضول وغلظها. ج يَقُول فِي الميامر: إِن السليخة الفائقة لاحقة بالدارصيني فِي جلّ أَفعاله.
مسيح: إِنَّهَا تقَوِّي الكبد والمعدة لَطِيفَة حادة.
مهراريس: إِنَّه يلقى الْوَلَد بِقُوَّة قَوِيَّة. ساذج يَقُول فِيهِ د: إِنَّه طيب الرَّائِحَة ساطعها وَهُوَ أدر للبول من الناردين وأجود للمعدة مِنْهُ صَالح للأورام الحارة الَّتِي تكون فِي الْعين مَتى غلي بِالشرابِ وسحق ويطيب النكهة مَتى وضع تَحت اللِّسَان وَيجْعَل مَعَ الثِّيَاب ليحفظها.
مسيح: هُوَ أقوى مِنْهُ كثيرا.
قَالَ ج فِي السَّابِعَة: قوته شَبيهَة بِقُوَّة سنبل الطّيب.
القلهمان: هُوَ كالسنبل فِي الطَّبْع غير أَن السنبل أقوى مِنْهُ.
ساليا مَعْرُوف بِهَذَا الِاسْم بِالشَّام بزره صَغِير طَوِيل أسود يشبه بزر الكرفس إِلَى الطول يحرق اللِّسَان. يشرب لوجع الطحال وعسر النَّفس. سندروس قَالَ فِيهِ: إِن لَهُ قُوَّة فِي مَا يُقَال مهزلة للسمان مَتى شرب مِنْهُ ثَلَاثَة أَربَاع دِرْهَم فِي كل يَوْم بِمَاء وسكنجبين أَيَّامًا كَثِيرَة ويسقى مِنْهُ للمطحولين والمصروعين والربو. وَمَتى شرب بِمَاء الْعَسَل أدر الطمث ويجلو الْآثَار الَّتِي تكون فِي الْعين سَرِيعا ويبريء ضعف الْبَصَر إِذا ديف الشَّرَاب واكتحل بِهِ. وَلَيْسَ يعدله شَيْء فِي منفعَته لوجع الْأَسْنَان وتساقط اللثة.
(6/204)
بديغورس فِي السندروس: إِن خاصته حبس الدَّم والنفع من النزلات.
ماسرجويه: مَتى دخنت بِهِ النواصير جففها. سابيرج الطَّبَرِيّ إِنَّه كثير الْبرد حَتَّى أَنه رُبمَا قتل مَتى أكل الطري مِنْهُ.
سرب قد ذَكرْنَاهُ مَعَ الرصاص. سيسنبر قد ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكرنَا اسْمه الآخر. وَهُوَ النمام. سل ماسرجويه: هُوَ جيد لوجع العصب وَهُوَ حَار. يَابِس وَكَذَلِكَ الفل والبل.
سندهشار: السل مر قَابض حريف يُوقد نَار الْمعدة وَيعْقل الْبَطن وينفع الْأَرْوَاح والقيء.
بديغورس: السل والبل والفل خاصتها النَّفْع من أوجاع العصب. سفرجل قَالَ فِيهِ د: إِنَّه نَافِع جيد للمعدة مدر للبول وَمَتى شوي وَأكل كَانَ أقل لخشونته وَكَانَ نَافِعًا للإسهال المزمن الصفراوي وقروح المعي وَنَفث الدَّم والهيضة ألف ز وَغير المشوي أقل فعلا.
ونقيع السفرجل مُوَافق للمعدة والأمعاء الَّتِي تسيل إِلَيْهَا الفضول.
وعصارته تَنْفَع من عسر النَّفس المحوج للانتصاب.
وَيعْمل من طبيخه حقنة لنتو المقعدة وَالرحم.
والمربى بالعسل يدر الْبَوْل أَيْضا وَالْعَسَل الَّذِي ربى فِيهِ يعقل الْبَطن. وَالَّذِي يطْبخ مِنْهُ بالعسل جيد للمعدة. ويخلط بالضمادات ليعقل الْبَطن وَيذْهب الغثى والتهاب الْمعدة والثدي الوارم ورماً حاراً أَو يخسر الطحال والبواسير.
وزهرة شجر السفرجل تصلح للضمادات القابضة رطبَة كَانَت أَو يابسة وللأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الْعين. وَإِذا شرب بشراب نفع من نفث الدَّم وإسهال الْبَطن ودرور الطمث.
ولدهنه قُوَّة قابضة تصلح للقروح الخبيثة ونخالة الرَّأْس والشقاق الْعَارِض من الْبرد والنملة ولقروح الرَّحِم مَتى حقن بِهِ ويقمع حرقة الْبَوْل إِذا حقن بِهِ الذّكر ويحقن الْعرق وَيشْرب لشرب)
الذراريح.
وشراب السفرجل قَابض جيد للمعدة مُوَافق لقروح الأمعاء ووجع الكبد والكلى وعسر الْبَوْل.
وَقد تحرق أغصانه وورقه وَيسْتَعْمل بعد الْغسْل بدل التوتياء.
وَحَرقه على مَا فِي كتاب الصَّنْعَة. وَقد ذكر جالينوس فِيهِ أَشْيَاء ذَكرنَاهَا فِي بَاب التفاح.
(6/205)
وَقَالَ فِي الْمُسَمّى ساطوريا حَيْثُ أفرد ذكره خَاصّا: إِن رب السفرجل لَهُ شَيْء يَخُصُّهُ دون التفاح وَهُوَ أَن ربه يبْقى مَعَ الْعَسَل مَتى طبخ بِهِ وَأما رب التفاح فَإِنَّهُ يحمض وَذَلِكَ أَن فِيهِ رُطُوبَة كَثِيرَة بَارِدَة.
وَقد اتَّخذت من هَذَا السفرجل دَوَاء ينفع من شَهْوَة مصفرة نفعا عَظِيما جدا. وَرب السفرجل أَيْضا كَذَلِك إِلَّا أَنه أَشد قبضا وَلذَلِك قد يحْتَاج إِلَيْهِ فِي بعض الْأَوْقَات إِذا أردنَا أَن نقوي معدة قد استرخت وضعفت جدا.
ارخيجانس: السفرجل بَارِد رطب.
روفس: يحبس الْبَطن ويدر الْبَوْل وينهض الشَّهْوَة.
ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي آخر الأولى يَابِس فِي وسط الثَّانِيَة وعفوصته أَكثر من عفوصة التفاح دابغ للمعدة مدر عَاقل للطبيعة قَاطع لنفث الدَّم مطفيء للصفراء.
وربه الساذج نَافِع للصفراء المتولدة فِي الْمعدة وَهُوَ أبقى من رب التفاح.
وَيجب أَلا يبلع جرم السفرجل لِأَنَّهُ يبطيء الهضم وَكَذَلِكَ يجب أَن يعْمل لجَمِيع مَا أمكن ذَلِك فِيهِ من الْفَوَاكِه.
ومصبه على النَّبِيذ نَافِع مسهل للبطن مَانع لبخار النَّبِيذ من الصعُود إِلَى الرَّأْس وَلَا يجب أَن يكثر مِنْهُ لِأَنَّهُ يخرج إِذا أَكثر مِنْهُ مَا فِي الْمعدة قبل انهضامه. وَمَتى أُرِيد بِهِ عقل الْبَطن فليقدم قبل الطَّعَام بساعات حَتَّى يسكن فعل السفرجل من معدته ثمَّ يَأْكُل.
والإكثار مِنْهُ يُولد القولنج ووجع العصب وخاصة مَتى أكل مَعَ التفاح الحامض والعفص فَإِنَّهُ يهيج وجع ألف ز العصب وخاصة أَنه مَعَ عفوصته يرد الْبَوْل.
ولعاب حبه مَعَ السكر يقطع لهيب الْفَم وحرارة الْعَينَيْنِ والعطش ويلين قَصَبَة الرئة ويرطب يبسها.
وَقَالَ: الميبة تقَوِّي الْمعدة وتدبغها وتسكن الْقَيْء الْعَارِض من البلغم. وشراب السفرجل)
الساذج الَّذِي لَا عسل فِيهِ نَافِع من الْمرة الصَّفْرَاء عَاقل للطبيعة إِذا كَانَ الإسهال صفراء.
ابْن ماسه: شراب السفرجل الَّذِي بالعسل جيد للقيء البلغمي مسخن للمعدة ويجلو الطبيعة جلاء يَسِيرا.
وَأما الساذج فقاطع للقيء والإسهال الصفراوي والعطش. سنديان شَجَرَة فِيهَا قُوَّة كقوة البلوط غير أَنه أقوى. سمن يذكر مَعَ اللَّبن. سوسن قَالَ د: إِن ورقه مَتى تضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام.
(6/206)
وعصارته مَتى خلطت بالخل وَالْعَسَل وطبخت فِي إِنَاء نُحَاس وَعمل مِنْهُ دَوَاء سيال مُوَافق للقروح المزمنة والجراحات فِي حدثان مَا تكون.
وَأَصله مَتى طبخت بدهن ورد وَاسْتعْمل أَبْرَأ حرق النَّار ولين الجسو الْعَارِض فِي الرَّحِم وأدر الطمث وأدمل القروح. وَمَتى خلط بالعسل بعد سحقه أَبْرَأ انْقِطَاع الأعصاب والتواءها ويجلو البهق والجرب المتقرح ونخالة الرَّأْس والقروح الرّطبَة الْعَارِضَة فِيهِ. وَمَتى غسل بِهِ الْوَجْه نقاه وأذهب تشنجه. وَمَتى خلط وسحق بالخل وَحده أَو مَعَ ورق البنج ودقيق الْحِنْطَة سكن الأورام الحارة الْعَارِضَة للإثنين. وَيشْرب بزره لضَرَر الْهَوَام. وَمَتى دق البزر وَالْوَرق نعما وَعمل مِنْهُ ضماد بشراب نفع الْحمرَة جدا.
وَأما أصل السوسن الأسمانجوني فَإِن قوته مسخنة ملطفة تصلح للسعال وتلطف مَا عسر نَفسه من الرطوبات الَّتِي فِي الصَّدْر. وَمَتى سقِِي مِنْهُ سبع درخميات بِمَاء الْعَسَل أسهل خلطاً غليظاً بلغمياً وَمرَّة صفراء وجلب النّوم وجلب الدُّمُوع وَأَبْرَأ من المغس. وَمَتى شرب بالخل نفع من نهش الْهَوَام ووجع الطحال وتشنج العصب وينفع من الْبرد والنافض والإمذاء من غير)
جماع. وَمَتى شرب بِالشرابِ أدر الطمث.
وَمَتى شرب بِالْمَاءِ وَجلسَ النِّسَاء فِيهِ نفع من أوجاع الرَّحِم لتليينه الصلابة الكائنة فِيهَا وفتحه فمها إِذا انْضَمَّ.
ويتخذ مِنْهُ حقنة نافعة من عرق النسا ونتن اللَّحْم فِي النواصير وَفِي القروح العميقة.
وَمَتى سلق وضمدت بِهِ الْخَنَازِير والأورام الصلبة المزمنة لينها وملأ القروح مَتى سحق وذر عَلَيْهَا. وَمَتى خلط بِعَسَل وطلي عَلَيْهَا نقاها وكسا الْعِظَام الْعَارِية اللَّحْم وَمَتى ضمد بِهِ الرَّأْس مَعَ الْخلّ ودهن الْورْد نفع من الصداع. وَمَتى خلط بِهِ خربق أَبيض مثل ضعفه ألف ز ولطخ بِهِ الكلف والرطوبة اللبنية نقاها.
وَيَقَع فِي الفرزجات والمراهم وَفِي الأدهان الَّتِي تحلل الاعياء وَهُوَ طيب الرَّائِحَة يحذو اللِّسَان ويحرك العطاس مَتى شم وَكَانَ مسحوقاً نعما.
ودهن السوسن ملين للأعصاب ولحبس الرَّحِم مسخن مفتح لانضمام فَم الرَّحِم مُحَلل لأورامه الصلبة وَبِالْجُمْلَةِ لَا نَظِير لَهُ فِي الْمَنْفَعَة من أوجاع الرَّحِم. ويوافق قُرُوح الرَّأْس الرّطبَة والثآليل ونخالة الرَّأْس وَهُوَ بِالْجُمْلَةِ مُحَلل. وَإِذا شرب أسهل مرّة صفراء ويدر الْبَوْل رَدِيء للمعدة ومغث.
ودهن السوسن الأسمانجوني مسخن ملين ينقي الخشكريشات والعفونات
(6/207)
والأوساخ ويوافق أوجاع الرَّحِم وأورامه الحارة وانضمام فَمه وَيخرج الْجَنِين وَيفتح أَفْوَاه البواسير ويوافق دوِي الآذان مَتى اسْتعْمل بالخل والسذاب واللوز المر ويوافق النزلات المزمنة ونتن الْأنف إِذا دهنت بِهِ المنخران.
وَإِذا شرب مِنْهُ أُوقِيَّة وَنصف أسهل الْجوف وَيصْلح لمن عرض لَهُ القولنج الْمُسَمّى ايلاوس ويدر الْبَوْل.
ويسلس الْقَيْء على من عسر عَلَيْهِ مَتى دهنت بِهِ الْأَصَابِع أَو الريش الَّذِي يتقيأ بهَا وَيصْلح لمن بِهِ خناق أَو خشونة فِي قَصَبَة الرئة مَتى تحنك بِهِ أَو تغرغر بِهِ مَعَ مَاء القراطن. وَقد يسقى مِنْهُ من شرب البنج وَالْفطر والكزبرة.
وَأما السوسن الْبري فَإِن طبيخ أَصله مَتى تمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان وَإِذا طبخ ورقه بِالشرابِ وضمد بِهِ الْعُضْو الوارم ورماً بلغمياً أَو على الخراجات الفجة الَّتِي لم تجمع)
بعد رُطُوبَة حللها.
قَالَ ج فِي أصل السوسن الأسمانجوني: إِنَّه يدر الطمث وينفع السعال وَذَات الْجنب وَذَات الرئة واجتماع الْقَيْح فِي الصَّدْر والصرع والتشنج والاختلاج والرعدة وَالْفَسْخ والهتك فِي العضل وَيَبْنِي اللَّحْم فِي القروح الغائرة وينقيها ويسكن وجع الجنبين والكبد وَالطحَال ويحلل الْخَنَازِير وَيَبْنِي على الْعِظَام الْعَارِية لَحْمًا وينفع من سيلان الْمَنِيّ وينفع فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي يكمد بهَا الرَّحِم لِأَنَّهُ يلين وَيفتح وَيقطع النهش والكلف ويشفي من الصداع المزمن وَيفْسد الأجنة ويخرجها من الرَّحِم.
وَقَالَ: دهن السوسن شَبيه بدهن الخروع.
وَقَالَ: أصل السوسن الْبري قَابض طيب الرَّائِحَة مَعًا وَمن هَهُنَا تعلم أَن قوته مركبة من قُوَّة مَانِعَة وَقُوَّة محللة وأفعاله تشهد بذلك وَذَلِكَ أَن أَصله نَافِع لوجع الْأَسْنَان مَتى طبخ وتغرغر بِهِ وورقه نَافِع لكل خراج فِي وَقت تزيده ومنتهاه وليطبخ هَذَا الْوَرق بشراب وَيعْمل مِنْهُ ضماد وَيُوضَع عَلَيْهَا قبل أَن يتقيح.
وَقَالَ فِي السَّابِعَة فِي السوسن: الْأَبْيَض البستاني مركبة من جَوْهَر أرضي لطيف مِنْهُ اكْتسب مرَارَة الطّعْم وَمن جَوْهَر مائي ألف ز معتدل المزاج وَلذَلِك صَار الدّهن الْمُتَّخذ من السوسن المطيب مِنْهُ وَغير المطيب قوته محللة من غير لذع ويلين وَلذَلِك صَار نَافِعًا جدا من صلابة الْأَرْحَام.
وأصل السوسن وورقه أَيْضا مَتى سحق على حِدة فَشَأْنه أَن يجفف ويجلو ويحلل باعتدال وَلذَلِك ينفع من حرق المَاء الْحَار لِأَنَّهُ هَذَا الحرق يحْتَاج إِلَى دَوَاء يجمع التجفيف والجلاء المعتدل مَعًا.
فَأصل هَذَا السوسن الْأَبْيَض يُؤْخَذ فيشوى ويسحق مَعَ دهن ورد وَيُوضَع على الْموضع الَّذِي يحرقه المَاء الْحَار وَيتْرك حَتَّى يبرأ وَهُوَ جيد أَيْضا فِي إدمال جَمِيع القروح ويلين صلابة الرَّحِم ويحدر الطمث.
(6/208)
وَأما ورق السوسن الْأَبْيَض فَإِنَّمَا يطبخونه ويضعونه لَا على الحرق الْحَادِث عَن المَاء الْحَار فَقَط بل على جَمِيع القروح إِلَى أَن تنختم وتندمل آخر اندمالها: وَمن النَّاس قوم يكبسون هَذَا الْوَرق فِي الْخلّ ويستعملونه فِي إدمال الْجِرَاحَات.
وَقُوَّة الْجلاء فِي أصل هَذَا السوسن أَكثر مِنْهُ فِي ورقة مَعَ أَنه لَيْسَ فِي الأَصْل أَيْضا جلاء كثير)
لِأَنَّهُ فِي الطَّبَقَة الأولى من الْأَدْوِيَة الجالية وَلذَلِك مَتى احْتِيجَ أَن يجلى بهَا بهق أَو جرب متقشر أَو سعفة خلطنا مَعَه أدوية جلاؤها أقوى من جلائه نَحْو الْعَسَل.
وَمَتى كَانَ مَا يخالطه من الْعَسَل معتدل الْمِقْدَار يكون نَافِعًا أَيْضا من خراجات العصب والقروح وَسَائِر الْعِلَل كلهَا المحتاجة إِلَى التجفيف الشَّديد من غير لذع.
وَقد اعتصرت ورق هَذَا السوسن فخزنت عصارته واحتفظت بهَا للعلاج فطبخت العصارة مَعَ خل وَعسل مثل خمس العصارة من كل وَاحِد مِنْهُمَا فَكَانَ عِنْد مَا بلوته دَوَاء فائقاً لجَمِيع الْعِلَل المحتاجة إِلَى التجفيف الْقوي من غير لذع بِمَنْزِلَة الخرجات الْكِبَار وخاصة مَا كَانَ مِنْهَا فِي رُؤُوس العضل والأوتار وَجَمِيع القروح الْعسرَة الِانْدِمَال.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي السوسن الْبري: إِن أَصله جاذب مُحَلل وَإِن كَانَ كَذَلِك فمعلوم أَنه يجفف وخاصة الْأَعْلَى مِنْهُ.
اريباسيوس فِي السوسن قولا مُطلقًا: أما زهره فلطيف الْأَجْزَاء وَأَصله وورقه مَتى سحق على حِدته جفف وحلل ويجلو باعتدال وَكَذَلِكَ ينفع من حرق النَّار وَالْمَاء المغلي.
وَأما الأَصْل مِنْهُ فيشوى ويسحق ويخلط مَعَ دهن ورد وَيُوضَع على مَوضِع الحرق حَتَّى يندمل وَهُوَ أَيْضا دَوَاء يصلح فِي إدمال جَمِيع القروح ملين لصلابة الرَّحِم مدر للطمث.
وَأما الْوَرق فَإِنَّهُ يطْبخ أَولا ثمَّ يوضع على هَذِه الْمَوَاضِع حَتَّى تندمل لَا على مَوضِع الحرق فَقَط بل على القروح أَيْضا فَإِن أَخذ إِنْسَان عصارة الْوَرق وطبخها مَعَ خَمْسَة أضعافها خلا وَخَمْسَة أضعافها عسلاً ألف ز عمل دَوَاء جيدا لجَمِيع الْمَوَاضِع الَّتِي يحْتَاج إِلَى التجفيف من غير لذع مثل الخراجات الْعَظِيمَة وخاصة مَتى كَانَت فِي أَطْرَاف العضل والقروح الَّتِي فِيهَا صديد والقروح المتقادمة الْعسرَة الِانْدِمَال.
بولس: أصل السوسن يسخن وَهُوَ لطيف الْأَجْزَاء جدا منق منضج يصلح لأنواع السعال ويسهل النفث الَّذِي يكون فِي الصَّدْر ويبريء المغس والقروح الوسخة وَمَتى شرب مَعَ عسل وَمَاء حَار أسهل.
وَأما دهن السوسن فيلين ويحلل وَيصْلح الأورام الحارة الَّتِي فِي الرَّحِم.
وَأما السوسن وورقه فَإِنَّهُمَا يجففان وينقيان ويحللان قَلِيلا وَلذَلِك ينفعان من حرق النَّار.
(6/209)
ابْن ماسويه: الْأَبْيَض مِنْهُمَا حَار يَابِس فِي أول الثَّانِيَة ينفع من الأوجاع الْعَارِضَة فِي العصب)
من البلغم ودهنه حميد فِي أوجاع العصب وأوجاع الْأَرْحَام والأسمانجوني أقل حرارة مِنْهُ.
وأصل السوسن الأسمانجوني يسهل المَاء الْأَصْفَر بِخَاصَّة فِيهِ إِذا دق وعصر وَشرب مِنْهُ مِقْدَار أُوقِيَّة أَو أوقيتين.
وَقَالَ مسيح: إِنَّه جيد للسعال والنفث المتعذر ويلطف الأخلاط الغليظة ويجلب النّوم وَيذْهب المغس ويلين الطبيعة وينفع من لسع الْهَوَام وجساء الطحال والتشنج والإمذاء وَيَبْنِي اللَّحْم فِي النواصير وينفع من الصداع. سرو قَالَ د: هَذِه الشَّجَرَة تقبض وتبرد وَمَتى شرب وَرقهَا مسحوقاً بطلاء وَشَيْء من المر نفع المثانة الَّتِي تنصب إِلَيْهَا الفضول وعسر الْبَوْل.
وَجوز السرو مَتى دق وَهُوَ رطب وَشرب بخل نفع من نفث الدَّم وقرحة الأمعاء والبطن الَّتِي تسيل إِلَيْهِمَا الفضول وعسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب والسعال. وطبيخ جوز السرو يفعل مَا يفعل جوزه. وَمَتى دق وخلط بِالتِّينِ لين الصلابة وَأَبْرَأ اللَّحْم النَّابِت فِي بَاطِن الْأنف وَإِذا طبخ بالخل ودق وخلط بالترمس قلع الْآثَار الْعَارِضَة للأظفار. وَمَتى تضمد بِهِ أضمر الأدرة والفتق وورقه يفعل فعل جوزه.
ونظن أَن جوز السرو مَتى دخن بِهِ مَعَ الأغصان وَالْوَرق طرد البق.
وورق السرو مَتى سحق وضمد بِهِ ألزق الْجِرَاحَات وَقطع الدَّم وَمَتى خلط بالخل سود الشّعْر. ويتضمد بِهِ وَحده مَعَ السويق للحمرة والنملة والجمر والأورام الحارة الْعَارِضَة للعين.
وَمَتى خلط بالقيروطي وضمد بِهِ الْمعدة قواها.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: ورق هَذَا وقضبانه وَجوزهُ مَا دَامَت طرية تدمل الْجِرَاحَات الْكِبَار الْحَادِثَة فِي الْأَجْسَام الصلبة. وَهَذَا يدل على أَن قوتها مجففة لَيْسَ مَعهَا حِدة وَلَا حرارة ظَاهِرَة.
وطعمها يشْهد على ذَلِك وَذَلِكَ أَنه يُوجد فِي طعم جملَة هَذِه ألف ز حِدة وحراقة يسيرَة ومرارة كَثِيرَة جدا وعفوصة هِيَ أَشد وَأقوى كثيرا من المرارة وَإِنَّمَا فِيهَا من المرارة والحدة مِقْدَار مَا يبذرق ويوصل إِلَى العمق الْقَبْض من غير أَن يحدث هُوَ فِي الْبدن حرارة أصلا وَلَا لذعاً وَلذَلِك صَارَت هَذِه الشَّجَرَة تفني مَا كَانَ مختفياً فِي العمق الْعِلَل المرهلة)
المتعفنة وتذهبه إذهاباً بِجَمِيعِ الْبعد عَن الْأَذَى والأمن فِي الْعَافِيَة مَعًا وَذَلِكَ أَن الْأَدْوِيَة الَّتِي تسخن وتجفف وَإِن كَانَت تقدر أَن تقيء الرُّطُوبَة المحتقنة فِي العمق فَإِنَّهَا مَعَ هَذَا تجذب إِلَى الْموضع بحدتها وحرارتها رطوبات أخر. وَبِهَذَا السَّبَب صَار السرو نَافِعًا لأَصْحَاب الفتق لِأَنَّهُ يجفف ويكسب الْأَعْضَاء الَّتِي قد استرخت من أجل الرُّطُوبَة قُوَّة وَذَلِكَ لِأَن قَبضه يصل إِلَى عمق تِلْكَ الْأَعْضَاء من طَرِيق أَن الَّذِي يخالطه من الْحَرَارَة يبذرق ذَلِك الْقَبْض ويوصله ويؤديه لِأَن مِقْدَار حرارة السرو كَاف فِي البذرقة والإيصال وَلم يبلغ بعد إِلَى حد مَا يلذع.
(6/210)
وَقد اسْتعْمل قوم السرو فِي مداواة الْجَمْرَة والنملة بعد أَن يخلطوه بدقيق الشّعير وَذَلِكَ من طَرِيق أَنه يفني الرُّطُوبَة الفاعلة لهَذِهِ الْعلَّة من غير أَن يسخن. وَقوم آخَرُونَ يستعملونه أَيْضا فِي مداواة الْجَمْرَة فيخلطونه إِمَّا مَعَ الشّعير وَالْمَاء أَو مَعَ خل ممزوج مزاجاً مكسوراً بِالْمَاءِ.
اريباسيوس: إِنَّه يحلل الرطوبات المحتقنة فِي بَاطِن الْبدن من غير أَن يجذب إِلَى ذَلِك الْموضع رطوبات غَيرهَا.
ابْن ماسويه: إِنَّه يحلل الْمدَّة فَإِن ضمد بِهِ قوى الْأَعْضَاء وَمَتى بخر طرد البق.
ابْن ماسه قَالَ بعض قدماء الْأَطِبَّاء: مَتى بخر بجوزه وورقه أذهب البق.
سابيطس وساريقون ذكرناهما عِنْد ذكر الأفسنتين.
سقولو قندريا بالاسيا حَيَوَان بحري.
قَالَ بولس: مَتى طبخ مَعَ زَيْت وطلي بِهِ أذهب الشّعْر وَإِذا لمس اعترى فِي عُضْو اللامس لَهُ حكة. وَأَنا أَحسب أَن هَذَا غلط وَإِنَّمَا هُوَ سالامندريا وَأَظنهُ تصحيفا. سماق أما السماق سماق الدباغة فَقَالَ فِيهِ د: إِن قُوَّة ورق شَجَره قابضة تصلح لما يصلح لَهُ الاقاقيا وطبيخ الْوَرق يسود الشّعْر وتعمل مِنْهُ حقنة لقروح المعي وَيشْرب مِنْهُ وَيجْلس فِي طبيخه لَهَا أَيْضا ويقطر مِنْهُ فِي الْأذن الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح. وَمَتى تضمد بورقه مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل أضمر الداحس وَمنع الورم الْخَبيث من المعي.
وَمَتى طبخ السماق الْيَابِس بِالْمَاءِ وصفي وطبخ إِلَى أَن يثخن كالعسل وَافق كل مَا يُوَافقهُ الحضض.
وَالثَّمَر أَيْضا يفعل فعل الْوَرق وَمَتى جعل فِي الطَّعَام وَافق الإسهال المزمن وقروح المعي وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ المَاء منع الورم عَن قحف الرَّأْس والورم الْحَادِث فِي مَوَاضِع الضَّرْب والخدش.
وَمَتى خلط بِعَسَل جلا خشونة اللِّسَان ألف ز وَقطع سيلان الرُّطُوبَة الْبَيْضَاء من الرَّحِم ويبريء البواسير وَإِذا خلط بفحم خشب البلوط مسحوقاً وَوضع عَلَيْهَا أبرأها.
ونقيع الثَّمر إِذا طبخ إِلَى أَن يثخن كَانَ فعله أَجود من فعل الثَّمر.
وصمغته يَجْعَل فِي أكال الْأَسْنَان فيسكن وجعها.
وَأما السماق الْمَأْكُول فَإِنَّهُ مَتى شرب بشراب قَابض قطع الإسهال ونزف الدَّم من الرَّحِم. وَزعم قوم أَنه مَتى شدّ فِي صوف مصبوغ بحمرة وعلق على صَاحب النزف من أَي عُضْو كَانَ قطع الدَّم. ج فِي الثَّامِنَة: هَذِه الشَّجَرَة تقبض وتجفف وَلذَلِك صَار الدباغون يستعملونها. وأنفع مَا فِي هَذِه الشَّجَرَة ثَمَرَتهَا وعصارتها لِأَن فِيهَا طعماً قَابِضا بليغاً وأفعاله الْجُزْئِيَّة مُوَافقَة لطعومه.)
وَهُوَ يجفف فِي الثَّالِثَة ويبرد فِي الثَّانِيَة.
(6/211)
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي أول الثَّالِثَة يشهي الطَّعَام بحموضته ويشد الْبَطن بعفوصته وينفع الإسهال المزمن الْكَائِن من الْمرة الصَّفْرَاء مَتى أكل واصطبغ بِهِ وَهُوَ فِي مَذْهَب الْخلّ فِي جَمِيع حالاته غير أَن الْخلّ ألطف مِنْهُ وَأدْخل فِي الْبدن.
وَمَتى طبخ بِهِ لحم أَو لحم دراج شدّ الْبَطن. وَمَتى تمضمض بنقيعه شدّ اللثة والأسنان وَمَتى ضمدت بِهِ المقعدة والبطن شدهما. ونفع من تجلب الصَّفْرَاء من الكبد إِلَى الْمعدة والأمعاء.
وَمَتى قلي كَانَ عقله للبطن أَكثر غير أَن قواه الْأُخَر تضعف.
وَمَتى أنقع فِي مَاء ورد واكتحل بذلك المَاء فِي ابْتِدَاء الرمد الْحَار منع الْمَادَّة وقوى الحدقة.
وَسَوِيق السماق عَاقل للبطن دابغ للمعدة نَافِع لهيجان الصَّفْرَاء وإسهالها.
ماسرجويه: مَتى طبخ السماق وصب على الوثء طبيخه لم يرم. سدر ثَمَرَة جيد للمعدة تعقل الْبَطن وطبيخ نشارة خشبه إِذْ شرب أَو احتقن بِهِ نفع من قرحَة المعي وسيلان الرطوبات المزمنة من الْأَرْحَام ويحمر الشّعْر.
سويدا لَهُ لوز هِيَ بَارِدَة تبرد الورم والصلابة وتحلل الْمدَّة وعصارته تحلل الأورام من الْأَعْضَاء. لي ينظر فِي هَذَا. ذَكرْنَاهُ فِي الْحَرْف. سقاريداش: هَذَا هُوَ ثوم كراثي. سرطان نهري وبحري قَالَ د: إِن السراطين النهرية مَتى أحرقت وَأخذ من رمادها ثَلَاثَة مَثَاقِيل مَعَ مِثْقَال وَنصف من الجنطيانا وَشرب بِالشرابِ ثَلَاثَة أَيَّام نفع نفعا عَظِيما من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَكَذَلِكَ مَتى خلط بالعسل مطبوخاً وَحده نفع نفعا بليغاً مِنْهُ وَأَبْرَأ شقَاق المقعدة وَالرّجلَيْنِ والشقاق الْعَارِض من الْبرد.
وَمَتى دق نياً وَشرب بِلَبن الأتن نفع نفعا عَظِيما من نهش الْهَوَام والرتيلا وَالْعَقْرَب. وَمَتى طبخ وَأكل نفع من قرحَة الرئة ولشرب الأرنب البحري.
وَمَتى ألف ز دقَّتْ مَعَ الباذروج وَقربت من الْعَقْرَب قَتلهَا.
والبحرية كَذَلِك إِلَّا أَنَّهَا أَضْعَف.
قَالَ ج فِي السرطان البحري: يعمه وَجَمِيع الْأَشْيَاء ذَوَات الأخزاف الْجلاء والتلطيف إِلَّا أَنَّهَا ألطف مِنْهَا وتجفف أَيْضا كَمَا هِيَ لكنه أَكثر لطافة مِنْهَا وَلذَلِك قد يسْتَعْمل محرقاً فِي مداواة البهق والكلف والنمش والجرب وَإِذا هُوَ خلط بالملح المحتفر أذاب ومحق الظفرة ويجلو الْأَسْنَان قبل الحرق ويجفف القروح والخراجات إِذا نثر عَلَيْهَا وَيسْتَعْمل فِي حك الأجفان لما فِيهِ من الخشونة المعتدلة. وَيعْمل مِنْهُ شيافة مطاولة وتحك بِهِ الأجفان حَتَّى تدمى فَإِنَّهُ يصير بعد عمل الشيافات فِيهِ أَجود.
(6/212)
وَأما النَّهْرِي فرماده يجفف وَفِي خصوصيته أَن جملَة جوهره ينفع نفعا عجيباً من عضة)
الْكَلْب الْكَلْب مَتى اسْتعْمل وَحده أَو مَعَ الجنطيانا والكندر. وَيجب أَن يُؤْخَذ من الكندر جُزْء وَمن الجنطيانا خَمْسَة أَجزَاء وَمن رماد السرطانات عشرَة والشربة من رماد السرطانات وَحده ملعقة كَبِيرَة لمن يفزع من المَاء ويسقى إِن كَانَ علاجه مُنْذُ أول الْأَمر فَإِن أَنْت عالجته بعد أَن يمْضِي أَيَّام فملعقتان. وَاجعَل على مَوضِع العضة من خَارج المرهم الْمُتَّخذ بالزيت والجوشير والخل وَاجعَل من الْخلّ قسطاً وَمن الزَّيْت رطلا وَمن الجوشير ثَلَاث أوق وَيكون الْخلّ ثقيفاً وَإِنَّمَا ذكرت هَذَا هَهُنَا لِثِقَتِي بجودة هَذَا الدَّوَاء وَعلمِي بِأَنَّهُ لم يكت مِمَّن عضه الْكَلْب الْكَلْب مِمَّن اسْتعْمل هَذَا.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن السرطانات صلبة اللَّحْم عسرة الهضم كَثِيرَة الْغذَاء بعد أَن تطبخ بماين فَعِنْدَ ذَلِك يحبس الْبَطن مَتى أخرجت عَنهُ رطوبته المالحة بالطبخ ولحمه بعد ذَلِك عسر الْفساد كلحم الحلزون الصلب.
بولس فِي السرطان النَّهْرِي: إِن رماده خَاصَّة لَهُ فعل عَجِيب فِي عضة الْكَلْب الْكَلْب وَمَتى ضمد بالسرطان النَّهْرِي مَوضِع نشب فِيهِ الشوك والأزجة أخرجهَا. ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن السرطان مَتى سحق وَجعل على الورم الجاسي حلله وَأخرج الأزجة من الْجِسْم.
ابْن ماسه: لحم السرطان ومرقة نَافِع للمسلولين وَيزِيد فِي الباه وَمَتى دق مَعَ الْخَرْدَل وَوضع فِي الْبَيْت قتل العقارب.
سكر أما الَّذِي يُوجد مِنْهُ جَامِدا على الْقصب ويتفتت كالملح فَقَالَ فِيهِ د: إِنَّه إِذا ديف بِمَاء وَشرب أسهل الْبَطن وَهُوَ جيد للمعدة نَافِع من وجع المثانة والكلى يجلو ظلمَة الْبَصَر مَتى اكتحل بِهِ. ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة السكر فِي الْجلاء والتجفيف والتحليل شَبيهَة بِقُوَّة الْعَسَل لكنه غير ابْن ماسويه فِي قصب السكر: إِنَّه حَار فِي الدرجَة الأولى رطب فِي آخرهَا وَهُوَ أقل رُطُوبَة من الموز نَافِع من الخشونة الْعَارِضَة للصدر والرئة ألف ز وَالْحلق والمثانة يُولد نفخاً وقراقر.
وَالسكر حَار فِي الثَّانِيَة رطب فِي وسط الأولى ملين للطبيعة نَافِع للمعدة لجلائه مَا فِيهَا ضار لمن فِي معدته صفراء لتهيجه إِيَّاهَا بحلاوته. وَلَيْسَ الطبرزد فِي التليين كالسليماني والفانيذ.
وَالسكر الَّذِي يُؤْتى بِهِ من الْحجاز الشبيه بِقطع الْملح وسكر الْعشْر الذرايني نَافِع
(6/213)
للمعدة بعفوصته جدا ولوجع الكلى والمثانة حاد لِلْبَصَرِ مَتى اكتحل بِهِ أَو بِالَّذِي قبله وهما جَمِيعًا يجففان ويحللان وَلَا يعطشان كَسَائِر السكر لقلَّة حلاوتهما وَلذَلِك ينفعان من الاسْتِسْقَاء مَتى شربا مَعَ لبن اللقَاح. ج فِي حِيلَة الْبُرْء فِي السَّابِعَة: إِن السكر يدْخل فِي عداد الْأَشْيَاء الجلاءة الفتاحة للسدد المنقية للمجاري.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: الحَدِيث مِنْهُ حَار رطب والعتيق حَار يَابِس صَالح للرياح فِي الْبَطن يحلل الطبيعة. مَتى شرب مَعَ دهن لوز حُلْو منع القولنج. والعتيق مِنْهُ نَافِع للبلغم الَّذِي فِي الْمعدة وَالسكر المجلوب من الْيمن الشبيه بالمصطكي الْمَعْرُوف بسكر الْعشْر جيد للمعدة والكبد خَاصَّة للمرارة الْيَسِيرَة الَّتِي فِيهِ إِلَّا أَنه يعطش.
وخاصة السكر النَّفْع من وجع المثانة والكلى وتنقيتهما.
سمسم قَالَ د: إِنَّه رَدِيء للمعدة ويبخر الْفَم إِذا أكل وَبقيت مِنْهُ بقايا بَين الْأَسْنَان.
وَمَتى تضمد بِهِ حلل غلظ الأعصاب وَأَبْرَأ الْخضر الْعَارِض من ضَرْبَة وَنَحْوه للأذن والأورام الحارة وَحرق النَّار ووجع معي القولون وعضة الْحَيَّة المدمية.
وَمَتى خلط بدهن ورد سكن وجع الرَّأْس الْكَائِن من إحراق الشَّمْس.
وشجرته مَتى طبخت بشراب فعلت هَذِه الْأَفْعَال وخاصة فِي أورام الْعين وضربانها. ج فِي السَّادِسَة: دهن السمسم غليظ.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ أفرد ذكره: إِن فِيهِ من الْجَوْهَر اللزج الدهني مِقْدَارًا لَيْسَ باليسير وَلذَلِك هُوَ لحاج ملين مَعًا ويسخن أَيْضا إسخاناً معتدلاً. وَهَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا مَوْجُودَة فِي دهنه وَهُوَ الشيرج.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِنَّه أَكثر البزر دهناً وَلذَلِك يزنخ سَرِيعا ويشبع آكله سَرِيعا وَهِي يغثي ويبطيء فِي الانهضام ويغذو الْبدن غذَاء يَسِيرا دسماً دهنياً. وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَالْأَمْر فِيهِ بَين إِنَّه لَيْسَ يُمكن أَن يُقَوي الْمعدة وَغَيرهَا من الْأَعْضَاء الَّتِي فِي الْبَطن كَمَا لَا يُمكن ذَلِك فِي شَيْء من الْأَشْيَاء الدهنية وَلِأَن الْخَلْط الْمُتَوَلد من السمسم خلط غليظ صَار لَا يَنْفَكّ من الْمعدة سَرِيعا.
والبزر الْمُسَمّى ارسيمون من جنس السمسم إِلَّا أَنه أَكثر طعماً وأحس فِي جَمِيع خصاله وَأَقل غذَاء وَهَذَانِ البزران جَمِيعًا حاران وَلذَلِك يهيجان الْعَطش.
روفس: إِنَّه يلين الْبَطن.
(6/214)
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي وسط الأولى رطب فِي آخرهَا مُفسد للمعدة مغير ألف ز للنكهة وخاصة مَتى بَقِي مِنْهُ بَين الْأَسْنَان شَيْء بطيء الهضم مرخ للأعضاء الَّتِي فِي الْجوف ودهنه أَضْعَف فعلا من جِسْمه. وَمَتى أكل بِعَسَل قل ضَرَره. وَمَتى غسل الشّعْر بورقه لينه وأطاله وأذهب الابرية الْعَارِضَة فِي الرَّأْس.
وَمَتى طبخ دهنه بِمَاء الآس وَالزَّيْت الْإِنْفَاق كَانَ مَحْمُودًا فِي تصليب الشّعْر ونقى الحكة الكائنة من الدَّم والبلغم المالح وخاصة إِذا شرب دهنه بنقيع الصَّبْر وَمَاء الزَّبِيب بِلَا عجم وَمِقْدَار ذَلِك أوقيتان من نَقِيع الزَّبِيب وأوقية وَنصف من الشيرج وَيُؤْخَذ على الرِّيق مَعَ أُوقِيَّة من مَاء)
الأنيسون.
وَهَذَا أَيْضا نَافِع من الشقاق الْعَارِض فِي الرجل والخشونة الكائنة فِي الْجِسْم وَمَتى صير مَعَ ذَلِك زنة خَمْسَة دَرَاهِم من الفانيذ كَانَ أَحْمد.
والمقشر من السمسم أقل ضَرَرا. وخاصة السمسم أَنه يغثي وَيفْسد النكهة.
ماسرجويه: نَقِيع السمسم يدر الْحَيْضَة ويطرح الْوَلَد وَإِذا قلي وَأكل مَعَ بزركتان زَاد فِي الباه.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الثَّانِيَة رطب فِي الأولى يهيج الْقَيْء فَإِذا قلي صلح. وَقَالَ فِي كتاب دفع مضار السمُوم: إِن دهن الْحل مُضر بالمعدة ومفسد لَهَا وَإِنَّمَا منفعَته لمن كَانَت بِهِ الْمرة السَّوْدَاء أَو الشقاق فِي أَطْرَافه وَجَسَده فَإِن هَؤُلَاءِ يَنْتَفِعُونَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّهُ يبسط أَطْرَافهم المنقبضة ويلينها ويلحم التشقق الَّذِي من يبس الْمرة السَّوْدَاء. سورنجان قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من وجع المفاصل.
بولس: أصل السورنجان لَهُ قُوَّة مسهلة وَكَذَلِكَ المَاء الَّذِي يغلى بِهِ.
وَهُوَ رَدِيء للمعدة جدا.
الدِّمَشْقِي: إِنَّه نَافِع لوجع النقرس غير حميد الْعَاقِبَة.
والسورنجان مَتى أَكثر مِنْهُ حجر العضلات ونفع المفاصل وَلذَلِك يجب أَن يسْتَعْمل من أَكثر مِنْهُ تليين المفاصل وترطيبها.
مَجْهُول: السورنجان الْأَبْيَض يزِيد فِي الباه.
ماسرجويه: الْأَبْيَض جيد للنقرس والأحمر قَاتل.
الْإِسْكَنْدَر: السورنجان بَارِد وَلذَلِك يسقى بالكمون والفلفل مَتى سقِِي لوجع المفاصل. وَلَيْسَ بالشديد الْبرد يحذر وَلَو كَانَ كَذَلِك لم يسهل.
أَبُو جريج الراهب: السورنجان حَار فِي أول الثَّانِيَة.
ابْن ماسه: الْأَحْمَر قَاتل والأبيض نَافِع من النقرس مجفف للرطوبات والخراجات العتيقة بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة.
(6/215)
لي لَو كَانَ السورنجان حاراً هيج وجع القروح.)
القلهمان: السورنجان الْأَبْيَض حَار حرارة عَظِيمَة. د: يلين الْبَطن وَمَتى تضمد بِهِ مطبوخاً حل الأورام الَّتِي تسمى فوجيلا وَهِي أورام تكون من دم وَمرَّة غائرة فِي الْجِسْم لَا يظْهر مِنْهَا فِي الظَّاهِر كثير نفور.
وَمَتى شرب بِمَاء القراطن أذهب اليرقان. ألف ز بولس يرطب فِي الثَّانِيَة ويبرد فِي الأولى وَلِهَذَا يلين الْبَطن.
ولبزره قُوَّة منقية وَلذَلِك صَار نَافِعًا لمن بِهِ يرقان من برد فِي الكبد. لي بزر السرمق يقيء بِقُوَّة قَوِيَّة وَرَأَيْت رجلا شرب مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ فقيأه وأسهله حَتَّى أضعفه. سرخس مَتى شرب من أَصله أَربع درخميات بِمَاء القراطن أخرج حب القرع وَإِن شرب مَعَ أوبولوسين من سقمونيا أَو خربق أسود كَانَ أبلغ وَيجب لمن أَرَادَ شربه أَن يتَقَدَّم بِأَكْل الثوم.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أَنْفَع مَا فِي هَذَا النَّبَات أَصله خَاصَّة وَذَلِكَ إِن شرب قتل حب القرع.
وَإِذا شرب مِنْهُ أَرْبَعَة مَثَاقِيل قتل الأجنة الْأَحْيَاء وَأخرج الْمَوْتَى. وَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُ عجيباً إِذا كَانَ مرا وَكَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك شَيْء من الْقَبْض وَمن أجل هَذَا مَتى وضع على الخراجات جففها تجفيفاً شَدِيدا لَا لذع مَعَه.
وَالنَّوْع الآخر أَيْضا من السرخس وَهُوَ الْأُنْثَى قوته هَكَذَا بِعَيْنِه. وَقَالَ اريباسيوس فِي الْعقار الَّذِي يُسمى بطريس: وَفَسرهُ حنين أَنه السرخس: إِن أَصله مَتى شرب مِنْهُ أَربع درخميات مَعَ مَاء الْعَسَل قتل الْحَيَّات العراض والأجنة وأخرجها.
سرنج كَانَ عَلَيْهِ اأدرى فاستدللنا عَلَيْهِ أَنه سرنج.
قَالَ فِيهِ د: قوته كقوة الشاذنة إِلَّا أَنه أقوى وَيصْلح لأدوية الْعين وَهُوَ أَشد قبضا من الشاذنة وَلذَلِك يقطع نزف الدَّم.
وَمَتى خلط بقيروطي أَبْرَأ حرق النَّار والبثور وَقد ذكرنَا مَا ذكر جالينوس فِي الأسرنج فِي ذكر الأسرب.
اريباسيوس: السرنج ألطف من الاسفيذاج لِأَنَّهُ قد اكْتسب لطافة لم يكن لَهُ. سماني قَالَ ج فِي الْخَامِسَة من تَفْسِير السَّادِسَة من ابيذيميا: إِنِّي قد رَأَيْت نَاسا كثيرا اعتراهم تمدد فِي عضلهم من أكل السماني لِأَنَّهَا تَأْكُل الخربق فَيجب أَلا يُؤْكَل
(6/216)
إِلَّا مَا جرب مِنْهُ أَو علم أَنه لم يكن يُصِيب الخربق أَو لَا يكثر هَهُنَا فَإِن قوما قد عرض لَهُم التمدد من أكله لما أدمنوه.
سنجاب ابْن ماسويه: إِن مسكه مَتى قيس بمسك السمور كَانَ بَارِدًا رطبا على أَنه يسخن الْجِسْم وَيصْلح مزاجه للمحرورين والشباب لِأَنَّهُ لَا يسخن إسخاناً مفرطاً وَأما السمور والدلق فيصلحان للمشايخ والمبرودين. سلرسلر دَوَاء رومي يسلخ الْجلد مَتى طلي عَلَيْهِ وَإِن سعط مِنْهُ مطبوخاً بِمثل حَبَّة من حِنْطَة نفع جدا.
سكر هَذَا شَيْء يسكر جدا مَتى شرب ويسرع بالسكر ويعترى مِنْهُ الدوار والعطش. سك بديغورس: خاصته الزِّيَادَة فِي الْجِمَاع وَيفتح السدد والتحليل.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس قباض يمسك القيئ وَيعْقل الْبَطن وَيُقَوِّي الْأَعْضَاء.
سلحفاة قَالَ: دم السلحفاة الْبَريَّة يُوَافق الصرع وَدم ألف ز البحرية إِذا شرب بشراب وأنفحة الأرنب وكمون وَافق نهش الْهَوَام وَشرب الضفادع القتالة.
قَالَ: ومرارتها توَافق الخناق والقروح الخبيثة الْعَارِضَة فِي أَفْوَاه الصّبيان. وَمَتى وضعت فِي منخري من بِهِ صرع نفع.
وَقَالَت الخوز قاطبة إِن دَمه وبوله بَالغ النَّفْع جدا للفتق بالصبيان مَتى خلط بِهِ شَيْء من مسك وقطر فِي الإحليل. وَمَتى طبخ هَذَا الْحَيَوَان فِي المَاء وأقعد الصَّبِي فِيهِ نفع. سكنجبين أما الَّذِي يصنعه د وَفِيه ملح بحري وَقد ذَكرْنَاهُ فِي كتاب الصَّنْعَة فَقَالَ فِيهِ: إِن شرب أسهل كيموسا غليظاً ونفع من عرق النسا ووجع المفاصل والصرع ونهش الأفعى وَشرب الأفيون والسم الْمُسَمّى تافسيا ويتغرغر بِهِ للخناق. ج فِي السكنجبين: إِنَّه أصلح الْأَشْرِبَة لكل مزاج وللأسنان فِي حفظ الصِّحَّة لِأَنَّهُ يفتح السبل الضيقة وَلَا يدع أَن يحتبس فِيهَا كيموسا وَهُوَ من أدوية الصِّحَّة ويلطف.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: السكنجبين يضاد البلغم والمرة السَّوْدَاء وينفع من تولدهما وينهض الشَّهْوَة. ابْن ماسويه: هُوَ نَافِع لتنقيح السدد وجلائها وَيقطع الأخلاط الغليظة.
والسكري أَنْفَع للمحروين وجرو الْبَلَد الْحَار والعسلي فِي الْبلدَانِ والأمزاج الْبَارِدَة والحلو مِنْهُ نَافِع للمبلغمين والحامض للصفراويين والمعتدل للمعتدلين.
(6/217)
والسكنجبين جلاء مفتح مقطع للفضول نَافِع من الصَّفْرَاء والسعال البلغمي وَشرب الأفيون والذبحة الْحَادِثَة من الْحَرَارَة مَتى شرب أَو تغرغر بِهِ.
ماسرجويه: هُوَ جيد للحميات الَّتِي مَعَ العفن.
ابْن ماسويه: السكنجبين العسلي جيد لوجع المفاصل فِي الورك وللخوانيق والسكتة والسعال وَشرب الأفيون. ج فِي صبي يصرع: الْمُتَّخذ بخل العنصل لَا يضر بالعصب.
ابْن ماسويه: إِنَّه يفتح السدد بالأصول والبزور وَيكسر الرِّيَاح ويلطفها وبالخل ينفع من الطحال)
وَيفتح سدد الكبد ويسكن الْعَطش وينقى بِسَبَب الْعَسَل.
والعسلي جيد للمبرودين ولوجع المفاصل والأوراك والسكتة والخوانيق والسعال وَشرب الأفيون.
والسكري جيد للمحرورين وخاصة إِذا كَانَ حامضاً وَفِي الْأَزْمِنَة الحارة.
والمعتدل الْحَلَاوَة جيد للمعتدلين. ساذروان بديغورس خاصته تَقْوِيَة الشّعْر.
الطَّبَرِيّ: إِنَّه بَارِد قَابض يحبس الدَّم.
ابْن ماسويه: إِنَّه يمْنَع انتشار الشّعْر. بولس: الَّذِي يسْتَعْمل مِنْهُ فِي الْأكلَة فبزره وَهُوَ حَار يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة. ج فِي السَّابِعَة ألف ز فِي لوسيماخس: الْأَغْلَب عَلَيْهِ الْقَبْض وَبِذَلِك يدمل الْجِرَاحَات وَيقطع الرعاف إِذا ضمد بِهِ وَجَمِيع الدَّم من أَيْن ينبعث.
وعصارته تشفي قُرُوح المعي مَتى حقن بِهِ وَنَفث الدَّم.
سقوطرس وَهُوَ برذى يرْبط بِهِ الْكَرم.
بولس: مَتى شرب من ثمره هَذَا أَو من زهره ثَلَاثَة قراريط حرك الْقَيْء كَمَا يُحَرك الخربق الْأَبْيَض من غير مضرَّة.
فَأَما ثَمَرَته فَإِنَّهَا تسهل من أَسْفَل وَأما عصارته فَإِنَّهَا تَنْفَع من عرق النسا. سيسا مونداس ج فِي الثَّامِنَة: هُوَ شَبيه بالخربق فِي جلائه وإسخانه وتجفيفه وَسَائِر قواه قريب من سَائِر قوى الخربق. سنديريطس فسره حنين: الْجريرِي.
وَقَالَ فِيهِ ج فِي الثَّامِنَة: إِن فِيهِ جلاء ورطوبة كَثِيرَة ويبرد قَلِيلا مَعَ شَيْء يسير من الْقَبْض فَهُوَ لذَلِك يمْنَع حُدُوث الأورام ويدمل الْجِرَاحَات الْحَادِثَة عَن الضَّرْب.
(6/218)
سفارطس عُيُون ج فِي الثَّامِنَة قوته مجففة. سفارطس ج فِي الثَّامِنَة: هُوَ جذاب قوي الجذب. سطاحوس ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا فِي الثَّالِثَة من الإسخان وَلذَلِك يدر الطمث وَيخرج المشيمة وَيفْسد الأجنة. سطوني جالينوس فِي الثَّامِنَة: أَنْفَع مَا فِي هَذَا النَّبَات ثَمَرَته وورقه وقوتهما قابضة بِلَا لذع ويجفف تجفيفاً بَينا كَأَنَّهُ فِي أول الثَّالِثَة وَلذَلِك يسْتَعْمل طبيخه فِي الحقن لقروح المعي ويقطر فِي الْأذن الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح وَيلْزق الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة. وَأبين مَا يكون فعله فِي ذَلِك مَتى اسْتعْمل مَعَ الشَّرَاب الْأسود الْقَابِض وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يجفف تجفيفاً شَدِيدا كل رُطُوبَة تكون على غير المجرى الطبيعي.
وورقه الطري مَتى سحق وَوضع على مَوضِع انفجار الدَّم حَبسه.
وَمَتى ضمدت بِهِ الْعين الَّتِي بهَا انتشار وَهُوَ اتساع الحدقة من ضَرْبَة نفع.
سطراطيوس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: الْمَنْسُوب من هَذَا النَّبَات إِلَى المَاء فِيهِ رُطُوبَة مائية والمنسوب إِلَى الْبر فِيهِ شَيْء من قبض بِهِ صَار كَذَا وبسبب هذَيْن الجوهرين يُمكن فِيهِ إلزاق الْجِرَاحَات ونفع القروح وَيسْتَعْمل فِي البواسير وانفجار الدَّم. سيسارون فسره حنين: عشبة الشونيز.
يَقُول فِيهِ ج فِي الثَّامِنَة: إِن أَصله مَتى طبخ نفع طبيخه الْمعدة وأدر الْبَوْل وَهُوَ حَار فِي الثَّانِيَة.
وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء من المرارة وَالْقَبْض الْيَسِير. سقرينوبداس فسره حنين: عقرب بحري. ج فِي الثَّامِنَة: إِن هَذَا الدَّوَاء يسخن فِي الثَّالِثَة ويجفف فِي الثَّانِيَة.
سليكس ج: إِنَّهَا شَجَرَة قتالة. سقارج يجلو جلاء شَدِيدا وَيدل على ذَلِك. ألف ز اسْتِعْمَال النفاشين لَهُ حَيْثُ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْجلاء وجربنا مِنْهُ أَنه يجلو الْأَسْنَان وينقبها وَفِيه قُوَّة حارة وَلذَلِك يدْخل فِي الْأَدْوِيَة المحرقة المجففة الَّتِي تشفي اللثة سمواش ماسرجويه: قوته كقوة الفيلزهرج وَيُقَوِّي الشّعْر. سمور السمور يسخن ويجفف لِأَن حيوانه كَذَلِك والدلق أَضْعَف مِنْهُ فِي ذَلِك.
سمك أما السَّمَكَة البحرية المخدرة فاسمها رعادة وَقد ذَكرنَاهَا فِي بَاب الرَّاء.
وَقَالَ د: مَتى وضعت على رَأس من بِهِ صداع مزمن سكنته من سَاعَته.
(6/219)
وَمَتى احْتمل شدّ المقعدة الَّتِي تخرج إِلَى خَارج.
وَأخرج حنين فِي التَّفْسِير الْقَدِيم: إِن هَذَا هُوَ الرّقّ البحري.
والسمكة الَّتِي يُقَال لَهَا شيبيا وَهِي تعرف بِنَاحِيَة بَيت الْمُقَدّس بِهَذَا الِاسْم حوصلتها ملينة للبطن عسرة الانهضام وجلدها مَتى حك بِهِ الأجفان الخشنة فَهُوَ جيد. وَإِن أحرق بغطائه إِلَى أَن يسْقط عَنهُ الغطاء وسحق جلى الكلف والبهق والأسنان وَيغسل فَيدْخل فِي أدوية الْعين.
وَإِذا كحلت بِهِ عُيُون الْمَوَاشِي أذهب الْبيَاض مِنْهَا. وَمَتى اكتحل بِهِ مَعَ الْخلّ أذاب الظفرة.
وَالَّتِي تسمى طريغلا وَهِي بحريّة تورث الْعين غشاوة مَتى أدمن أكلهَا. وَمَتى شقَّتْ وَهِي نِيَّة وَوضعت على نهش تنين الْبَحْر وعقربه وعنكبوته أبرأت مِنْهُ.
وَأما البحري فَإِذا أكل غضاً طرياً غراً ونقى قَصَبَة الرئة وجود الصَّوْت وَإِذا تضمد بِلَحْم المالح الْعَتِيق أخرج السلاء من اللَّحْم من عمقه. فَأَما مَاء ملح البحري المالح إِذا جلس فِيهِ من كَانَت بِهِ قرحَة فِي الأمعاء فِي ابْتِدَاء الْعلَّة وافقها بخر بِهِ الْموَاد إِلَى ظَاهر الْجِسْم وَإِذا احتقن بِهِ أَبْرَأ عرق النسا.
والصنف الْمُسَمّى من السّمك سمارس المالح مِنْهُ مَتى أَخذ رَأسه وأحرق قلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح ومنعها من السَّعْي وَقلع الثآليل المسمارية وَقلع التوت وَوَافَقَ لسعة الْعَقْرَب وعضة الْكَلْب كَالَّذي يَفْعَله كل سمك.
وَأما السّمك الصغار الَّذِي يُسَمِّيه أهل الشَّام الصير مَتى أحرق وذر على الشقاق الْعَارِض للمقعدة أَبرَأَهُ.
والمري الْمَعْمُول مِنْهُ مَتى تمضمض بِهِ أَبْرَأ القروح الخبيثة العفنة المنتنة الَّتِي فِي الْفَم.
وَأما السّمك الصخري فَإِن مرقته تسهل الْبَطن وَتَنْفَع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى تضمد بِهِ ونهش الْهَوَام.
وَأما السّمك الَّذِي يُسَمِّيه أهل الشَّام البن فَإِنَّهُ نَافِع من نهش الْحَيَّة المقرنة مَتى أَدِيم أكله وَالشرَاب عَلَيْهِ والقيء مرّة بعد مرّة. وينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب.)
والغراء الْمَعْمُول من السّمك مَتى ألقِي فِي الاحساء نفع من نفث الدَّم.
قَالَ ج: كَانَ رجل يَأْخُذ رُؤُوس السمكات الصغار ألف ز المجففة المملوحة فيحرقها ويعالج بهَا الشقاق الْحَادِث فِي المقعدة واللهاة الوارمة ورماً صلباً مزمناً وعَلى هَذَا الْقيَاس قُوَّة هَذَا لَيست بحادة لِأَن الحدة أَكثر مَا يعرض لما يحرق بل هُوَ عَام لَهَا أجمع.
قَالَ: وَأما الْحَيَوَان الْمُسَمّى الرعاد وَهِي السَّمَكَة المخدرة فقد ذكر قوم أَنَّهَا مَتى أدنيت من رَأس من يشكو الصداع سكن صداعه وَمَتى أدنيت مِمَّن تنْقَلب مقعدته أصلحها. وَقد جربت الْأَمريْنِ فَلم أَجِدهُ يفعل وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا وَكَانَ تجربتي لَهَا وَهِي ميتَة وأظن أَنه
(6/220)
يجب أَن تدنى من رَأس صَاحب الصدع وَهِي حَيَّة فَإِنَّهُ بذلك يُمكن أَن تشفي الصداع بِمَا يحدث من الخدر.
وَأما الَّتِي تسمى طريغلا فَإِنَّهَا تَنْفَع إِذا وضعت على لسعة التنين البحري.
وَقَالَ فِي الْحَادِيَة عشر: وَمَاء السّمك المالح ينفع الخراجات المتعفنة كَمَا ينفع المري وينفع أَيْضا وجع الورك والنسا وقروح المعي مَتى حقن بِهِ العليل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بحدته يجذب الأخلاط المؤذية الْحَاصِلَة فِي الورك ويخرجها فِي المعي وَيغسل ويجفف القروح المتعفنة الَّتِي فِي الأمعاء وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي هَذَا الْوَجْه قوم من الْأَطِبَّاء مَاء البحري المملوح وَمَاء السميكات والصحناة. وَقد اسْتعْملت أَنا مَاء السميكات وَهِي الَّتِي تسمى المانون فِي مداواة القروح المعفنة فِي الْفَم.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن السّمك يخْتَلف النَّوْع الْوَاحِد مِنْهُ بِحَسب اخْتِلَاف مَكَانَهُ فلحم مَا يكون مِنْهُ فِي مَوضِع فِيهِ حمأة وعكر وكدر وفضول كَثِيرَة على غَايَة اللزوجة.
وَالَّذِي يكون فِي المَاء الصافي أَجود وَأفضل وخاصة إِن كَانَ ذَلِك المَاء يَتَحَرَّك برياح تهب.
وَالَّذِي يكون فِي المَاء الصافي فِي بحيرات يَسْتُرهَا عَن الرّيح شَيْء فَهُوَ أخس من الَّذِي يكون من بحيرات كَثِيرَة الأمواج لِأَن رياضته تكون أَكثر وفضوله أقل.
وأخس من هَذَا الَّذِي يكون فِي فوهة نهر تخرج أقذار مَدِينَة وأوساخها.
وَمَا كَانَ فِي بحيرة تتصل بنهر عَظِيم فِي أحد الجوانب وببحر عَظِيم عَن الْجَانِب الآخر وَمَا كَانَ من بحيرات مُنْقَطِعَة عَن الْأَنْهَار والبحار وخاصة إِن كَانَت هَذِه غدراناً صغَارًا لَا ينصب إِلَيْهَا أَنهَار كبار وَلَا فِيهَا عُيُون عِظَام تنبع.
وَالَّذِي فِي الْمِيَاه الَّتِي لَيست جريتها قَوِيَّة رَدِيء أَيْضا.
وَالَّذِي يكون فِي الْأَنْهَار فأجوده مَا كَانَ فِي أَنهَار قَوِيَّة الجرية حادتها.)
وَأما الَّذِي يكون فِي أَنهَار تفيض إِلَى بحيرات فَلَيْسَ هُوَ بالجيد.
وجودة السّمك تكون من قبل غذائه وَذَلِكَ أَن مِنْهُ مَا يغتذى من حشيش وأصول ونبات فَيكون لَحْمه لذَلِك أَجود وَمِنْه مَا يغتذى من حمأة وأصول رَدِيئَة فَيكون أخس مِنْهُ وَمَا يغتذى من أقذار مَدِينَة وأوساخها فَيكون لذَلِك أردأ من جَمِيع السّمك ألف ز حَتَّى أَنه مَتى مكث فضلا قَلِيلا بعد إِخْرَاجه من المَاء نَتن. وَمَا كَانَ من السّمك كَذَلِك فكله كريه اللَّحْم عسر الهضم وَالَّذِي فِيهِ من جودة الْغذَاء الْمِقْدَار الْقَلِيل جدا والفضول فِيهِ كَثِيرَة.
وَأفضل السّمك مَا كَانَ فِي بَحر صَاف نقي المَاء جدا وخاصة مَتى كَانَ شط ذَلِك الْبَحْر لَيست أرضه ترابية ردغية بل إِمَّا رملية وَإِمَّا خشنة صخرية فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك تسْتَقْبل
(6/221)
الشمَال كَانَ سمكه أفضل بِكَثِير وَذَلِكَ أَنه لِكَثْرَة حركته بمهب الرِّيَاح يكون أَحْرَى لقلَّة فضوله ونقاء الرّيح وصفائها مِمَّا يزِيد فِي جودة طبع السّمك وفضيلة جوهره.
والسمك الَّذِي يكون فِي الْبحيرَة الْمُتَّصِلَة من أحد جانبيها بنهر عَظِيم وَمن الْجَانِب الآخر ببحر لَحْمه بَين لحم السّمك البحري والنهري لِأَنَّهُ يستريح إِلَى الماءين. وَمن طبع هَذَا السّمك أَن يغالب جرية المَاء من النَّهر وَيبعد عَن الْبَحْر كثيرا إِلَّا أَن السّمك البحري لَيْسَ لَهُ شوك صغَار وَأما وَوجه تعرف السّمك الْجيد هُوَ أَلا يكون فِي لَحْمه فضل سمن وَيكون لذيذاً لَيْسَ فِيهِ حراقة وَلَا حِدة فَأَما التفه الطّعْم وَالَّذِي الْغَالِب على طعمه الشَّحْم وَالدَّسم فَهُوَ أخس فِي اللذاذة وأردأ فِي سرعَة الهضم وَهُوَ أَيْضا رَدِيء للمعدة رَدِيء الْغذَاء.
وَمَا كَانَ من السّمك فِيهِ رُطُوبَة ولزوجة مخاطية فَإِنَّهُ إِذا ملح أذهب الْملح عَنهُ ذَلِك. والقريب الْعَهْد بالملح أفضل.
وَالدَّم الْمُتَوَلد من جَمِيع السّمك أرق وألطف من الْمُتَوَلد من الْمَوَاشِي وَقَلِيل الْغذَاء بِالْإِضَافَة إِلَى الْمَوَاشِي وغذاؤه أسْرع تحللاً.
وَأما السّمك الْقَلِيل الرُّطُوبَة الَّذِي يكَاد يتفتت لعدم الرُّطُوبَة وَالسمن فَإِنَّهُ كثير الْغذَاء صلب أرضي قَلِيل الرُّطُوبَة وَالدَّسم ينفذ سَرِيعا ويتحلل وَالدَّسم يمْلَأ الْمعدة سَرِيعا أول مَا يُؤْكَل ثمَّ يرجع فيقلل الشَّهْوَة.
وَأما السّمك الصخري فَإِنَّهُ سريع الهضم فِي غَايَة الْجَوْدَة والموافقة لحفظ الصِّحَّة لِأَنَّهُ يُولد دَمًا متوسطاً فِي القوام وَيَتْلُو السّمك الصخري فِي هَذَا الْفضل السّمك اللجي.)
والسمك الَّذِي يرْعَى فِي مَوَاضِع أقذار الْمَدِينَة فَإِنَّهُ إِذا مَا ازْدَادَ سمناً كَانَ أردأه غذَاء وَأكْثر فضولاً.
وَمَا كَانَ مِنْهُ فَاضلا مَحْمُودًا فيصلح اسفيذباجاً للناقهين.
وَأما الأصحاء فيصلح لَهُم الشوي على الطابق والمكبب.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: السّمك الْكثير الأرجل يهيج الباه.
والسمك المالح مَا كَانَ مِنْهُ إِذا ملح اكْتسب هشاشة فَإِنَّهُ يُطلق الْبَطن وَمَا اكْتسب صلابة فَلَا يُطلق الْبَطن وَالَّذِي يَسْتَفِيد من الْملح هشاشة مَا لم يصد من الْبَحْر.
بولس: وَالْمَاء الَّذِي يسيل من السّمك ألف ز المالح أَشد فِي التنقية وأبلغ من المَاء الَّذِي يذوب فِيهِ الْملح ويبلغ من شدَّة تنقيته أَن يسْتَعْمل فِي حقن من بِهِ عرق النسا وَذُو شنطاريا الخبيثة.
ومرق السّمك الطري يسهل الْبَطن إِذا شرب وَحده أَو مَعَ الشَّرَاب وخاصة إِن كَانَ طبخ بِمَاء وملح وشبث وزيت.
(6/222)
قَالَ: والجري المملح مَتى أكل نفع الْحُلْقُوم الَّذِي بِهِ رُطُوبَة وَمَتى ضمد بِهِ جذب الشوك الْغَائِب فِي الْجِسْم.
ابْن ماسويه: السّمك الطري يُولد بلغماً نَافِع للمحرورين ولقحل الْجِسْم فَأَما من كَانَ الْأَغْلَب عَلَيْهِ البلغم وَفِي عصبه استرخاء فليجتنبه وخاصة فِي الشتَاء والبلاد الْبَارِدَة.
والمالح حَار يَابِس قَاطع للبلغم نَافِع للقيء بِهِ لإِخْرَاج البلغم اللزج فِي الْمعدة وَكلما عتق كَانَ أَكْثَره لحره ويبسه. وَأحمد مَا أكل ممقوراً الجرى. ج: لحم الجري المملح قد قيل إِنَّه يخرج السلاء.
وَقَالَ فِي الْخَامِسَة من تَدْبِير الصِّحَّة: إِن السّمك إِنَّمَا يمرخه كثير من النَّاس بَاطِلا فَإِنَّهُ وَجَمِيع مَا يتَّخذ مِنْهُ عسر الهضم ومولد للسدد فِي الأحشاء وَغَيرهَا وَإِنَّمَا يفلت من شدَّة إِذا أكل بعده عسل كثير.
وَقَالَ فِي السَّادِسَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء: إِنَّه أبرد الْحَيَوَان وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنه يكون إِمَّا عديم الدَّم وَإِمَّا قَلِيله.
الكوسج ماسرجويه: الكوسج حَار جَدِيد بِالْإِضَافَة إِلَى السّمك حَتَّى أَنه يزِيد فِي الباه وَمَا)
يهيج من الْحَرَارَة لَا كَمَا يفعل سَائِر السّمك بالبرودة.
وَقَالَ: يجب أَن يُؤْكَل السّمك أبدا حاراً وَلَا يُؤْكَل بَارِدًا.
قَالَ سندهشار: السّمك الطري يزِيد فِي الباه وَيكثر الفضول.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: المارها صنف من السّمك يزِيد فِي الباه. سويق: يذكر هُنَا مَا يعم الأسوقة وَأما مَا لَا يعمها بل يَخُصهَا فمذكور فِي أبوابه ابْن سقنقور د: يُقَال: إِنَّه مَتى شرب من الْموضع الَّذِي يَلِي كلاه درخميات بشراب أنهض الباه حَتَّى يحْتَاج إِلَى شرب العدس بِالْمَاءِ الْبَارِد حَتَّى يسكن. ج عِنْد ذكره الكلى: كلى السقنقور وَمَا يَليهَا تشرب لتحريك الباه.
بولس قَالَ د إِلَّا أَنه زَاد فِيهِ: تشرب بطبيخ العدس بِعَسَل.
الخوز: مَتى شرب من كلى السقنقور خَالِصا أنعظ حَتَّى يحْتَاج أَن يشرب لَهُ مَا يسكنهُ من الْأَدْوِيَة وَإِنَّمَا تقل قوته بِأَن يخلط بالأدوية. سلق د: إِنَّه صنفان أَحدهمَا أسود وَهُوَ الَّذِي يضْرب لشدَّة خضرته إِلَى السوَاد وَهَذَا الْأسود يعقل الْبَطن وَمَتى طبخ بعدس وخاصة أَصله فَإِنَّهُ أَشد عقلا للبطن
(6/223)
والصنف الآخر يسهل الْبَطن وَكِلَاهُمَا رَدِيء الكيموس للنطرونية الَّتِي فيهمَا وَلذَلِك ينقي عصارتهما مَتى استعط بهَا مَعَ الْعَسَل وينفع من وجع الْأذن.
وطبيخ ورق السلق وأصوله مَتى غسل بِهِ الرَّأْس قلع الصَّوَاب والنخالة وَمَتى صب على الشقاق الْعَارِض من الْبرد نفع. وَقد يضمد البهق بورقه بعد غسل الْموضع بنطرون ويضمد بِهِ ألف ز ج فِي الثَّامِنَة: فِي السلق قُوَّة بورقية تجلو وتحلل وتنفض فضل الدِّمَاغ من المنخرين فَإِذا طبخ فارقته هَذِه الْقُوَّة وَصَارَت قُوَّة تبطل كمون الأورام وتحلل تحليلاً يَسِيرا.
والسلق الْأَبْيَض جلاء وتحليله أَكثر لِأَن فِي الْأسود شَيْئا من قبض وخاصة فِي أُصُوله فَإِن الْقَبْض فِي أَكثر من سَائِر أَجْزَائِهِ.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن فِيهِ رُطُوبَة تجلو جلاء معتدلاً وبتلك الرُّطُوبَة يهيج الْبَطن للإطلاق ويلذع المعي والمعدة وخاصة إِذا كَانَت جَيِّدَة الْحس وَلذَلِك صَار السلق ضاراً للمعدة)
وخاصة لمن معدته بِهَذِهِ الْحَال إِذا أَكثر مِنْهُ.
وغذاؤه يسير كغذاء سَائِر الْبُقُول إِلَّا أَن السلق أَنْفَع من الملوكية فِي فتح السدد من الكبد وَغَيرهَا وخاصة مَتى أكل بالخردل وَإِن لم يُؤْكَل بخردل فَلَا أقل من أَن يُؤْكَل مَعَ خل.
وَهُوَ دَوَاء بليغ لمن كَانَ طحاله عليلاً من سدد إِذا أكل على مَا وصفت.
أرخيجانس: السلق حَار رطب.
روفس: السلق حريف.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: إِنَّه أَشد تَلْيِينًا للبطن من الملوكية.
ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الأولى فِي أَولهَا وَفِيه حِدة يسيرَة للملوحة الَّتِي فِيهِ وَلذَلِك يضر بالمعدة. والأغلب عَلَيْهِ اللزوجة والجلاء وَلَيْسَ خلطه بحميد الْعَاقِبَة للملوحة الَّتِي فِيهِ والبورقية وَمَتى سلق بِالْمَاءِ ثمَّ طحن عقل الْبَطن. وَمَتى دق مَعَ أَصله وعصر وَغسل الرَّأْس بعصيره أذهب الحزاز.
فِي أَصله غلظ وإبطاء فِي الْمعدة وتوليد للنفخ والقراقر وَإِذا طحن كَانَ أَبْطَأَ فِيهَا. وَمَتى سلق وَجعل مَعَه الفول أسْرع هضمه.
وينفع من السدد الْعَارِضَة فِي الكبد وخاصة مَتى أكل بالفلفل والخردل والكمون. وَمَتى أكل بالخل فتح السدد الَّتِي فِي الطحال وخاصة مَاء ورقه. وَأَصله أَن يجلو الابرية الغليظة الَّتِي فِي الرَّأْس.
أَبُو جريج: السلق حَار رطب فِي الأولى وَفِيه من اليبس قَلِيل وَفِيه بورقية تخرج الثفل من الأمعاء إِذا حقن بهَا.
وعصيره ينقي الرَّأْس وَمَتى سلق وَجعل على الأورام فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يحللها وَإِمَّا أَن ينضجها.
(6/224)
مسيح: إِن السلق رُبمَا امغس.
ماسرجويه: إِنَّه من الْأَطْعِمَة الَّتِي فِيهَا غلظ.
وَقَالَ فِي الفلاحة الرومية فِي كتاب قسطس: إِن عصيره مَتى دلك لَهُ الرَّأْس قتل الْقمل وأذهب الحزاز وَإِن جعل عصيره قيروطياً وَسقي وَوضع على الورم سكنه وَمَتى طلي على الكلف أذهبه. وَذهب بالقروح فِي الْأنف. وَمَتى طلي بِهِ دَاء الثَّعْلَب أنبت الشّعْر.
الطِّبّ الْقَدِيم: هُوَ جيد للقولنج.) سخبر يهضم الطَّعَام.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس يُقَوي الْمعدة الرّطبَة وَيفتح السدد من الكبد بمرارته ويهضم الطَّعَام وخاصته قطع البلغم اللزج من الْمعدة. سنّ هُوَ قُرَّة الْعين ينْبت فِي الْمِيَاه القابضة.
قَالَ د: مَتى أكل مطبوخاً أَو غير مطبوخ فتت الْحَصَى وأخرجها ويدر الْبَوْل والطمث وينفع من قرحَة المعي. ج: هَذَا النَّبَات من الْحَرَارَة بِحَسب العطرية الَّتِي فِيهِ وَهُوَ ألف ز يحلل ويدر الْبَوْل سعلة وَيُسمى السعالي بولس: وَهَذَا الِاسْم لنفعه من السعال وضيق النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب مَتى تبخر بِهِ وَهُوَ مركب من جَوْهَر حَار وجوهر مائي. ج فِي فنجيون وَتَفْسِيره السعال: إِن هَذَا الدَّوَاء يُسمى بِهَذَا الِاسْم لِأَن النَّاس قد وثقوا مِنْهُ بِأَنَّهُ نَافِع من السعال ويفش الانتصاب مَتى بخر بورقه وَأَصله يَابسا واستنشق دخانه وَهُوَ حَار حريف باعتدال وَلذَلِك يفجر الدبيلات والخراجات الَّتِي تكون فِي الصَّدْر تفجيراً غير مؤذ.
وَأما ورقه مَا دَامَ طرياً فَهُوَ ينفع الْأَعْضَاء الَّتِي يحدث فِيهَا الأورام الْغَيْر النضيجة إِذا وضع عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِسَبَب مَا يخالط هَذَا الْوَرق من الرُّطُوبَة المائية. وَإِذا جفف لَا ينفع الأورام لِأَن قوته تحرق.
سطرونيون نَبَات يسْتَعْمل فِي غسل الصُّوف لتنقيته مَعْرُوف.
قَالَ د: أَصله حريف مدر للبول مَتى أَخذ مِنْهُ فلنجاران بِعَسَل نفع من أمراض الكبد وعسر النَّفس المحوج للانتصاب والسعال واليرقان ويسهل الْبَطن. وَمَتى شرب مَعَ الجوشير وأصل الْكبر فت الْحَصَى وأخرجها مَعَ الْبَوْل وحلل ورم الطحال. وَمَتى احْتمل أدر الطمث وَقتل الأجنة قتلا قَوِيا. وَمَتى طبخ بدقيق الشّعير حلل الخراجات فِي ابتدائها.
وَيَقَع فِي أخلاط الشيافات المحدة لِلْبَصَرِ ويحرك العطاس وَمَتى خلط بِعَسَل واستعط بِهِ أحدر فضول الدِّمَاغ من المنخرين.
(6/225)
سنور قَالَ ابْن ماسويه وَابْن ماسه: لحم السنور مَتى جفف ودق استخرج الفضول والأزجة لِأَن لَهُ جذباً شَدِيدا.
سوس نَبَات د: عصارته تصلح لخشونة قَصَبَة الرئة وَمَتى شرب بطلاء نفع من التهاب الْمعدة وأوجاع الصَّدْر وَمَا فِيهِ والكبد وجرب المثانة ووجع الكلى.
وَمَتى امتص مَاؤُهُ قطع الْعَطش. وَقد يصلح للخراجات إِذا لطخت بِهِ.
وأصل السوس إِذا جفف وتضمد بِهِ نفع من الداحس. ج فِي السَّادِسَة: أَنْفَع مَا فِيهِ عصارة أَصله وَطعم هَذِه العصارة حُلْو كحلاوة الأَصْل مَعَ قبض يسير وَلذَلِك صَارَت تملس الخشونة الْحَادِثَة لَا فِي المري فَقَط لَكِن وَفِي المثانة أَيْضا وَذَلِكَ لاعتدال مزاجها فجوهرها فِي الْحر وَالْبرد جَوْهَر مشاكل لجوهرنا. إِذْ كَانَ قد تقدم الْبَيَان أَن الشَّيْء الحلو هَذِه حَاله وَلَكِن إِذا كَانَ فِيهَا مَعَ الْحَلَاوَة قبض قد علم من ذَلِك أَن جملَة مزاجها فِي الْحر وَالْبرد إِنَّمَا هُوَ كالسخونة الفاترة فَهِيَ لذَلِك قريبَة من المزاج المعتدل وَلما كَانَ كل شَيْء حلاوته معتدلة وَهُوَ مَعَ ذَلِك رطب حق لهَذِهِ العصارة أَن تقطع الْعَطش من طَرِيق أَنَّهَا رطبَة رُطُوبَة معتدلة بَارِدَة أَكثر من مزاج بدن الْإِنْسَان.
وَزعم د أَن أصل السوس مَتى جفف وسحق ألف ز كَانَ دَوَاء جيدا للظفرة الَّتِي تخرج فِي عين الْإِنْسَان وَاللَّحم الزَّائِد فِي أصُول الْأَظْفَار.
بديغورس: خاصته نفع الصَّدْر والسعال.
اريباسيوس قَالَ بَعْضًا مِمَّا قَالَ ج.
الخوز قاطبة: إِن السوس يحلل الْقَيْح من الصَّدْر. قَالَ بولس: هُوَ ثَمَرَة شَجَرَة أَصْغَر من الإجاص وَهُوَ فِي الْقُوَّة قريب من الطرفا وَذَلِكَ أَن لَهَا قُوَّة تقطع وتجلو وَهُوَ فِي الْقُوَّة قريب مِنْهَا وجلاؤها من غير تجفيف بَين. وفيهَا شَيْء من الْقَبْض.
وَالْمَاء الَّذِي يغلي فِيهِ إِذا شرب نفع الطحال وَأَبْرَأ وجع الْأَسْنَان.
وَثَمَرهَا ولحاؤها قريبَة الْقُوَّة من العفص.
ورماد الشَّجَرَة أَشد تجفيفاً. ينظر فِيهِ. والسبستان مَعَه يلين الصَّدْر وَحده لَا يُطلق الْبَطن وَهُوَ جيد لخشونة الصَّدْر.)
سداب د: أما الْبري فَإِنَّهُ لحدته لَا يصلح فِي الطَّعَام.
وَأما البستاني فَالَّذِي ينْبت عِنْد شجر التِّين أوفق للطعام وَكِلَاهُمَا محرق للجلد مدر للبول مَتى أكلا أَو شربا عقلا الْبَطن.
(6/226)
وَمَتى شرب من بزر أَحدهمَا اكسونافن فِي شراب كَانَ نَافِعًا للأدوية القتالة.
وَمَتى تقدم فِي أكل الْوَرق وَحده أَو مَعَ تين يَابِس وَجوز أبطل فعل السم الْقَاتِل وضرر الْهَوَام.
وَمَتى أكل قطع الْمَنِيّ.
وَمَتى اسْتعْمل على مَا وَصفنَا كَانَ صَالحا لوجع الْجنب والصدر عسر النَّفس والورم الْعَارِض فِي الرئة وعرق النسا ووجع المفاصل والنافض.
وَمَتى طبخ بالزيت واحتقن بِهِ كَانَ جيدا لنفخ المعي الَّذِي يُقَال لَهُ قولون والمعي الْمُسْتَقيم وَالرحم.
وَمَتى سحق بِعَسَل ولطخ على فرج الْمَرْأَة إِلَى المقعدة نفع من اختناق الرَّحِم.
وَمَتى غلي بالزيت وَشرب أخرج الدُّود.
وَمَتى عجن بِعَسَل وضمد بِهِ أَبْرَأ وجع المفاصل.
وَقد يتضمد بِهِ مَعَ التِّين للحبن اللحمي.
وَمَتى طبخ بِالشرابِ إِلَى أَن ينتصف وَشرب نفع أَيْضا من هَذَا الصِّنْف من الحبن.
وَمَتى أكل مملوحاً أَو غير مملوح أحد الْبَصَر.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ سويق سكن ضَرْبَان الْعين.
وَإِذا اسْتعْمل بالخل ودهن الْورْد نفع من الصداع.
وَإِذا صير فِي الْأنف مسحوقاً قطع الرعاف.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ ورق الْغَار الطري نفع من الورم الْعَارِض فِي الْأُنْثَيَيْنِ.
وَمَتى غسل بِهِ مَعَ النطرون البهق الْأَبْيَض شفَاه وَقلع البثور اللينة والصلبة وَتسَمى التوت والثآليل.
وَمَتى وضع على القوابي مَعَ شب وَعسل نفع.
وعصارته مَتى سخنت فِي قشر رمانة وقطرت فِي الْأذن كَانَت جَيِّدَة لوجعها.)
وَمَتى خلطت بعصارة رازيانج وَعسل واكتحل بهَا أحدت الْبَصَر.
وَإِذا اسْتعْملت مَعَ الْخلّ واسفيذاج الرصاص ودهن الْورْد وتلطخ بهَا الْحمرَة نَفَعت من الْحمرَة والنملة وقروح الرَّأْس الرّطبَة.
وَمَتى مضغ السذاب بعد أكل الثوم والبصل ألف ز قطع رائحتهما.
وَمَتى أَكثر من الْبري قتل.
والبري مِنْهُ بعد ظُهُور أزهاره يجمع ليحمل إِلَى الْبِلَاد فيحمر الْيَد وَالْوَجْه ويورمها وَجَمِيع الْبدن ورماً حاراً مَعَ حكة شَدِيدَة وَيَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم فِي الادهان قبل ذَلِك.
وَزعم قوم أَن عصارته مَتى رَشَّتْ على الدَّجَاج منع النمس من أكلهَا.
(6/227)
وَالَّذِي ينْبت مِنْهُ فِي مقدونيا يقتل لِأَن ذَلِك الْجَبَل الَّذِي ينْبت فِيهِ هُوَ ملآن أفاعي.
وبزر السذاب صَالح للأوجاع الْبَاطِنَة. ج فِي الثَّامِنَة: الْبري فِي الرَّابِعَة من الإسخان والتجفيف والبستاني فِي الثَّالِثَة وَلَيْسَ بحاد حريف فَقَط بل هُوَ مَعَ ذَلِك مر فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب يقطع ويحلل الأخلاط الغليظة اللزجة ولمكان هَذِه الْقُوَّة يستفرغ مَا فِي الْجِسْم بالبول وَهُوَ مَعَ هَذَا التلطيف يحلل وَيذْهب النفخ فَهُوَ لذَلِك من أَنْفَع شَيْء للرياح ومانع من شدَّة شَهْوَة الْجِمَاع ويحلل ويجفف تجفيفاً وتحليلاً شَدِيدا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قوي التجفيف.
روفس: إِنَّه مَانع من السل وينفع الْبَصَر ويدر الْبَوْل.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب التَّدْبِير: السذاب قَاطع للمني جيد للاستمراء وإدرار الْبَوْل وَهُوَ مُوَافق جدا للمعي الْأَسْفَل.
ابْن ماسويه: إِنَّه نَافِع للريح الغليظة فِي القولون محدد لِلْبَصَرِ مَتى اكتحل بمائه مدر للْحيض مصدع عَاقل للطبيعة وخاصته إِفْسَاد الْمَنِيّ وتجفيفه.
أَبُو جريج: صمغ السذاب جيد فِي آخر الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة يبريء القروح العتيقة مَتى نثر عَلَيْهَا وينفع من الْخَنَازِير فِي الْحلق والإبط مَتى استعط مِنْهُ بِوَزْن دانق.
ساساليوس د: قُوَّة ثمره وَأَصله مسخنة وَمَتى شرب أَبْرَأ تقطير الْبَوْل وعسر النَّفس المحوج للانتصاب وينفعان من الأوجاع الْبَاطِنَة ويبرئان السعال المزمن.
وَالثَّمَرَة خَاصَّة مَتى شربت هضمت الطَّعَام وحللت المغس وَهِي نافعة من الْحمى الَّتِي يعرض فِيهَا حر وَبرد مَعًا فِي أَجزَاء مُخْتَلفَة فِي الْجَسَد. وَقد يشرب بالفلفل وَالشرَاب للبرد فِي الْأَسْفَار وتسقى مِنْهُ الْمَوَاشِي الْإِنَاث ليكْثر النِّتَاج.
وَأما الأبريطشي فَإِنَّهُ يشرب لعسر الْبَوْل وإدرار الطمث.
وعصارة سَاق هَذَا النَّبَات وبزره إِذا كَانَ طرياً وَشرب مِنْهُ ثَلَاث أوبولسات بميبختج عشرَة أَيَّام أَبْرَأ وجع الكلى.
وأصل هَذَا النَّبَات قوي إِذا عجن بِعَسَل ولعق مِنْهُ أخرج الفضول الَّتِي فِي الصَّدْر.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات قوي الْحَرَارَة وَأكْثر من أَصله بزره يبلغ من إسخانه أَن يدر الْبَوْل إدراراً سَرِيعا وَهُوَ مَعَ هَذَا لطيف حَتَّى أَنه لينفع من الصرع ويفش الانتصاب.
بديغورس خاصته: إِنْزَال الْبَوْل وَالْحيض والنفع من الصرع.
الدِّمَشْقِي: إِنَّه يسهل ولادَة جَمِيع الْحَيَوَان.
ماسرجويه: مَتى استعط بالساساليوس ألف ز نفع من الصرع جدا وَكَذَلِكَ مَتى ابْن ماسويه: يذيب البلغم الجامد وَيفتح السدد جيد للمعدة نَافِع للكليتين والمثانة منق للرياح من الخاصرة والحالبين.
(6/228)
سقندوليون يَقُول فِيهِ د: إِن بزره مَتى شرب أسهل بلغماً وشفى وجع الكبد واليرقان وعسر النَّفس والصرع ووجع الْأَرْحَام الَّتِي تخنق.
وَإِن تدخن بِهِ أنبه المسبت.
وَمَتى نطل بِهِ الرَّأْس مَعَ الزَّيْت وَافق قرانيطس وليثرغس والصداع.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الشَّرَاب منع النملة من السَّعْي فِي الْجِسْم.
وَقد يعْطى من أَصله لليرقان ووجع الكبد.
وينحت وَيجْعَل فِي النواصير الجاسية فيحلل جسوها.
وعصارة زهره إِذا كَانَ رطبا وَافق الآذان الَّتِي فِيهَا قُرُوح وَالَّتِي يسيل مِنْهَا قيح. وَقد تخزن عصارته مثل سَائِر العصارات المخزونة.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة ثَمَرَة هَذَا قُوَّة حارة قطاعة فَهِيَ لذَلِك أَنْفَع مَا تكون للربو والصرع وَهِي نافعة أَيْضا من اليرقان وَكَذَلِكَ قُوَّة الأَصْل فَإِنَّهُ يُوَافق هَذِه الْعِلَل ويقلع الصلابة الَّتِي فِي النواصير مَتى نحت وَجعل فِيهَا.
وعصارة هَذَا تحفظ فينتفع بهَا جدا فِي مداواة القروح الْحَادِثَة فِي الْأذن الَّتِي قد عتقت.
وَقَالَ أريباسيوس مَا قَالَ ج سَوَاء. وأصبت فِي الْأَرْبَع مقالات لأريباسيوس أَن بعض النَّاس زعم أَن هَذَا هُوَ الكاكنج.
سكبينج قَالَ د: يصلح لوجع الصَّدْر وخضد العضل والأوتار والسعال المزمن ويقلع الفضول الغليظة الَّتِي فِي الرئة ويشفي الصرع والفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ ميل الرَّقَبَة إِلَى خلف وَالَّذِي يعرض مِنْهُ ذهَاب الْحس وَالْحَرَكَة من بعض الْأَعْضَاء والحميات الدائرة وينفع هَذِه الأوجاع أَن تمسح بِهِ أَيْضا.
وَمَتى شرب بادرومالي أدر الطمث وَقتل الْجَنِين.
وَمَتى شرب بشراب نفع من نهش الْهَوَام.
وَمَتى استنشقت رَائِحَته مَعَ الْخلّ الْعَتِيق نفع من اختناق الْأَرْحَام.
ويجلو الْآثَار الْعَارِضَة من القروح فِي الْعين والغشاوة وظلمة الْبَصَر وَالْمَاء الْعَارِض فِي الْعين وَقد يجلو الْآثَار كَمَا يجلو الحلتيت مَعَ لوز مر وسذاب. ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يسخن ويلطف على نَحْو الصموغ الْأُخَر وَفِيه شَيْء من الْجلاء ولسبب هَذَا ينقي الْأَثر الْحَادِث فِي الْعين ويلطفه ويرقه وَهُوَ أَيْضا من أفضل الْأَدْوِيَة للْمَاء النَّازِل فِي الْعين وظلمة الْبَصَر الْحَادِثَة من الأخلاط الغليظة.
وَأما نَبَات السكبينج فَهُوَ ضَعِيف لَا مَنْفَعَة فِيهِ.
بديغورس: خاصته طرد الرِّيَاح والإذابة والتحليل.
أريباسيوس: صمغ السكبينج وَهُوَ الْمُسَمّى سكبينجاً يصلح للهتك الْكَائِن فِي العضل وأوجاع الجنبين والسعال الَّذِي يكون من ألف ز السدة الْحَادِثَة عَن أخلاط غَلِيظَة غير نضيجة.
(6/229)
قَالَ ج: السكبينج يُقَاوم السمُوم القتالة وَفعله فِي ذَلِك أَكثر من فعل القنة.
حَكِيم بن حنين: إِن ج ذكر السكبينج مَتى سحق بخل وطلي على الشعيرة فِي الْعين والبثرة أذهبهما.
أَبُو جريج: إِنَّه نَافِع للقولنج مَتى شرب أَو احتقن بِهِ ويسهل البلغم الغليظة الْمُجْتَمع فِي الْوَرِكَيْنِ ويلين الطَّبْع لينًا فِي رفق وينفع البواسير مُفردا ومؤلفاً وَيصْلح الْأَدْوِيَة المسهلة وَيخرج الرِّيَاح الغليظة.
ابْن ماسويه فِي إصْلَاح المسهلة: إِن خاصته النَّفْع من الْأَرْوَاح الْعَارِضَة فِي الأمعاء وَالظّهْر)
والوركين وَدفع القولنج وإسهال البلغم اللزج.
الْفَارِسِي: إِن السكبينج يسهل ويذيب الْحَصَاة وينفع من النافض وَيزِيد فِي الباه وَهُوَ جيد للكبد.
الطَّبَرِيّ: ينفع من الْبرد فِي المقعدة والأرحام والأمعاء ويدر الْحيض وَالْبَوْل ويسهل المَاء الْأَصْفَر ويذيب الْحَصَى فِي الكلى وينشف بلة الْعين إِذا اكتحل بِهِ فِي ابْتِدَاء المَاء ويستعط بِهِ للصرع ويطلى على لدغ الْحَيَّات والعقارب وَيشْرب أَيْضا لذَلِك مِثْقَال بطلاء.
ماسرجويه: إِنَّه جيد للرياح يحللها أَيْن كَانَت ويسهل المَاء الْأَصْفَر ويذيب الْحَصَى فِي الكلى وينفع فِي ابْتِدَاء المَاء ولذع العقارب. سقولو قندريون مَتى طبخ ورقه بخل وَشرب أَرْبَعِينَ يَوْمًا حلل ورم الطحال وَيجب أَن يضمد بِهِ الطحال وَيُقَال: إِنَّه مَتى علق على الْمَرْأَة منع الْحَبل.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذِه الحشيشة لَطِيفَة وَلَيْسَت بحارة فَلذَلِك تفت الْحَصَى وتحلل صلابة الطحال.
أريباسيوس: إِنَّه لطيف الْأَجْزَاء من غير حرارة وَلذَلِك يفت الْحَصَى وَيذْهب بالطحال مَتى طبخ بشراب وَشرب قبل الطَّعَام. وَقد جربته فِي قوم كثير.
الْإِسْكَنْدَر: مَتى علق على من بِهِ طحال أحدا وَأَرْبَعين يَوْمًا أضمر طحاله.
وأصبت فِي ثَبت الْأَسْمَاء أَن سقولوقندريون عنصل.
سقمونيا د: مَتى أَخذ مِنْهُ درخمي أَو ثَلَاث أوبولسات مَعَ القراطن أسهل مرّة وبلغماً وَقد يَكْفِي مِنْهُ بِوَزْن أبولوسين لتليين الْبَطن. وَإِذا احْتِيجَ إِلَى شربة قَوِيَّة فَثَلَاث أوبولسات مَعَ أوبولوسين من الخربق الْأسود ودرخمي من الْملح.
(6/230)
وأصل شجرته مَتى أَخذ مِنْهُ درخميات أسهل وَقد يطْبخ الأَصْل بخل وينعم دقه مَعَ دَقِيق شعير وَيعْمل مِنْهُ ضماد لعرق النسا.
وَمَتى خلط بِعَسَل وزيت ولطخ بِهِ الخراجات حللها.
وَمَتى طبخ بالخل ولطخ على الجرب المتقرح قشره.
ويخلط بدهن ورد وخل وَيجْعَل على الرَّأْس للصداع.
بولس: السقمونيا يجلو ويحلل البثر وينقي البرص وَيذْهب الصداع المزمن ألف ز مَتى اسْتعْمل بخل ودهن ورد وصب على الرَّأْس.
من كتاب ينْسب إِلَى حُبَيْش وَإِلَى أبي جريج: السقمونيا حَار يَابِس وحره أَكثر من يبسه.
ابْن ماسويه: فِي إصْلَاح المسهلة: إِنَّه يسهل صفراء وَيُورث غماً وكرباً وَهُوَ رَدِيء للمعدة والكبد وَيذْهب شَهْوَة الطَّعَام.
وَقَالَ فِي كتاب الْمسَائِل الطبيعية: السقمونيا إِذا كَانَ قَلِيلا وَكَانَ عتيقاً أدر الْبَوْل وَلم يُطلق الْبَطن.
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا: السقمونيا قَلِيل الْحَرَارَة والخربق كثير الْحَرَارَة وَلذَلِك يسهل وَلَا يقيء.
قَالَ: والتفسيا وعصارة قثاء الْحمار أَكثر حرارة من الخربق.
ابْن ماسه: يسهل صفراء مَعَ فضلَة دموية رَدِيء للمعدة يصلح أَن يخلط بعصير السفرجل.
قَالَ عِيسَى: وحره ويبسه فِي الثَّالِثَة.
انْقَضى حرف السِّين.
(6/231)
3 - (بَاب الشين)
شراب ج فِي الْمقَالة الأولى من حفظ الصِّحَّة: الشَّرَاب يعدل الفضول الَّتِي من جنس المرار ويستفرغها وَيدْفَع اليبس عَن الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَيذْهب مَا ينَال الْجِسْم من يبس التَّعَب المفرط وَذَلِكَ أَنه يرطب كلما أفرط عَلَيْهِ اليبس من الْأَعْضَاء ويعدوه وَيكسر من حِدة الْخَلْط الَّذِي من جنس المرار ويستفرغه بالعرق وَالْبَوْل.
الرَّابِعَة النَّبِيذ الطَّبَرِيّ: والغليظة يجْتَمع فِي الْعُرُوق امتلاء وأخلاطاً نِيَّة كَثِيرَة رَدِيئَة. د: أما الْأَشْرِبَة العتيقة فَإِنَّهَا تضر بالأعصاب والحواس إِلَّا أَنَّهَا لذيذة الطّعْم وَيمْنَع مِنْهَا إِذا بعض الْأَعْضَاء عليلاً. وَأما فِي وَقت الصِّحَّة فقد يشرب مِنْهُ الْقَلِيل وَلَا يضر.
وَأما الحَدِيث فَإِنَّهُ نافخ عسر الهضم يرى أحلاماً رَدِيئَة ويدر الْبَوْل.
وَأما الْمُتَوَسّط فَإِنَّهُ بَرِيء من عيوبها وَلذَلِك يجب أَن يخْتَار شربه فِي وَقت الصِّحَّة وَالْمَرَض.
وَالْأسود قَابض غليظ كثير الْغذَاء جيد لمن بِهِ إسهال.
وَأما الَّذِي يلقى فِيهِ بعض الْأَدْوِيَة فَإِنَّهُ يَجِيء طبع ذَلِك الْعقار.
وَالشرَاب الحلو الحَدِيث يرفع بخاراً كثيرا إِلَى الرَّأْس ويسكر سَرِيعا وينفخ الْبَطن وَهُوَ رَدِيء للمعدة.
وَأما الْعَتِيق جدا فَإِنَّهُ جيد للغشي وهضم الْغذَاء رَدِيء للمثانة وغشاوة الْبَصَر وَلَا يجب أَن يستكثر من شربه.
والحلو الغليظ يزِيد فِي اللَّحْم وَيحسن اللَّوْن غير أَنه مُوَافق فِي الهضم.
وَأما الْبَالِغ الْقَبْض فَإِنَّهُ يدْفع السيلانات عَن الْمعدة ومضرته للرأس يسيرَة.
وَأما اللَّبن الْقَلِيل الخمرية فمضرته للعصب قَليلَة لينَة.
وَأما الطّيب الرَّائِحَة إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك لينًا يُمكن أَن يشرب مِنْهُ مِقْدَار كثير وَلَا يسكر فَإِنَّهُ يعرض عَنهُ خمار طَوِيل الْمدَّة.
وَأما الَّذِي يتَّخذ بِمَاء الْبَحْر فنافع مسهل للبطن رَدِيء للعصب. ألف ز وَالشرَاب كُله بِالْجُمْلَةِ إِذا كَانَ خَالِصا لَا يخالطه شَيْء وَفِيه قبض فَإِنَّهُ يسْرع)
الذّهاب فِي الْجِسْم ويسخن وَيُقَوِّي الْمعدة والشهوة ويغذو الْبدن وَيزِيد فِي الْقُوَّة وَيحسن اللَّوْن
(6/232)
وينفع من شرب السمُوم المخدرة مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار صَالح وَمن شرب المرتك وَأكل الْفطر ولسع الْهَوَام الْبَارِدَة وَيذْهب بالنفخة المزمنة واسترخاء الْمعدة وَالرِّيح الشرسفية وَلمن أفرط بِهِ الْعرق والتحليل وَلَا سِيمَا مَا كَانَ أَبيض عتيقاً طيب الرَّائِحَة.
والعتيق الحلو جيد للعلل الَّتِي تكون فِي المثانة والكلى وينفع الخراجات والأورام مَتى غمس فِيهِ صوف غير مغسول وَوضع عَلَيْهَا وَمَتى صب على القروح الخبيثة والآكلة الَّتِي تسيل إِلَيْهَا الفضول نَفعهَا وأنفع الْأَشْرِبَة للأصحاء مَا لم يخالطه مَاء الْبَحْر.
وَمَا كَانَ فِيهِ قبض وَكَانَ إِلَى الْبيَاض والغلط الْأسود رَدِيء للمعدة نافخ إِلَّا أَنه يزِيد فِي اللَّحْم.
وَالرَّقِيق الْقَابِض جيد للمعدة لكنه لَا يزِيد فِي اللَّحْم كَمَا يزِيد الْأسود.
والعتيق الْأَبْيَض الرَّقِيق يدر الْبَوْل إِلَّا أَنه يصدع الرَّأْس ويضر بالعصب.
وَالسكر كُله رَدِيء وَلَا سِيمَا إِذا أدمن.
وَمَتى ألح على السكر كل يَوْم أضرّ بالعصب وأضعفه وأرخاه.
وَإِن أدمن على الشَّرَاب لم تؤمن الْأَمْرَاض الحادة.
وأجود الْأَشْيَاء أَن يَأْخُذ مِنْهُ الْإِنْسَان بِمِقْدَار معتدل مَا بَين الْأَيَّام وَلَا سِيمَا مَتى جعل شرابه فِي تِلْكَ الْأَيَّام الْبَاقِيَة المَاء وَذَلِكَ أَنه يحلل وَينفذ وينقي الفضول الظَّاهِرَة والخفية.
وَيجب بعد شرب الشَّرَاب أَن يشرب المَاء فَإِنَّهُ يكسر صولة الشَّرَاب ويسكن عاديته.
وَالشرَاب المعسل يسْقِي فِي الحميات مَتى أزمنت وضعفت الْمعدة وَهُوَ ملين للبطن وَلَا يدر الْبَوْل وينقي الْمعدة وينفع من وجع المفاصل والكلى وَالرحم وَلَيْسَت لَهُ سُورَة شَدِيدَة فِي الرَّأْس.
حنين فِي مسَائِل الْأَمْرَاض الحادة: الْخُمُور المائية لَا تُؤثر فِي الرَّأْس وَلَا فِي العصب أثرا بَينا كَمَا تُؤثر الْخمر العتيقة.
وَقَالَ: الحوصي أَشد إسخاناً من الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر وَلذَلِك قرعه للرأس أَشد مِنْهَا.
وَالْأسود أَبْطَأَ انحداراً من الْأَبْيَض وَأَقل إدراراً للبول وَأَشد قرعاً للرأس وَذَلِكَ أَنه يكون أسخن وألطف.
وَأما الَّذِي لَا رَائِحَة لَهُ الْبَتَّةَ فَهُوَ أَضْعَف الْخمر وأقلها خمرية وأغلظها وأبردها وَلَيْسَت تحدث)
فِي الرَّأْس حَدثا الْبَتَّةَ لِأَنَّهَا غَلِيظَة شَدِيدَة الغلظ وَلَا نجد شرابًا حلواً رَقِيقا غَايَة الرقة وَلَا أَبيض اللَّوْن بل يكون أبدا مائلة إِلَى الغلظ والسواد لنَقص حلاوتها.
والخمرة الحلوة تسخن إسخاناً معتدلاً.
وكل شراب حُلْو فغليظ بطيء النّفُوذ وَلَيْسَ أَنَّهَا لَا يحلل السدد بل قد يحدثها فِي الكبد وَالطحَال وَلَا يحدثها فِي الرئة بل يحلل مجاري الرئة وينقيها. وَهِي أَيْضا أقل قرعاً للرأس من
(6/233)
الشَّرَاب الريحاني كثيرا إِلَّا أَنَّهَا ألف ز تسهل الْبَطن أَكثر من سَائِر الْخُمُور ويستحيل سَرِيعا إِلَى المرار ويتولد عَنْهَا نفخ أَكثر من سَائِر الْخُمُور الرقيقة وَأكْثر غلظاً إِلَّا أَن نفختها أَيْضا لَيست مِمَّا تضر بالأمعاء السُّفْلى لِأَن رياحه على حَال ألطف من سَائِر نفخ الْأَشْيَاء غير الشَّرَاب.
قَالَ: وَالشرَاب الحوصي أحسن الْخُمُور كلهَا وَأولى أَن تسمى خمرًا. والمائي أقوى الْخُمُور فِي إدرار الْبَوْل وأقلها خمرية.
وَالشرَاب الحلو يعطش والمائي أَكْثَرهَا إدراراً للبول والحلو لَا يدر الْبَوْل.
وَالشرَاب الْأسود الغليظ الْمركب طعمه بَين الحلو والقابض رَدِيء لِأَنَّهُ يبطيء نُفُوذه وَهُوَ نافخ مركب من طعمين متضادين يتمانعان بِالْفِعْلِ. والعفص جيد للِاخْتِلَاف الْكثير الخراطة وذرب الْبَوْل.
وَالصرْف يضر بِالرَّأْسِ وينفع الأمعاء.
والممزوج جدا لَا يضر بِالرَّأْسِ وَلَا ينفع الأمعاء بل يَضرهَا ويرخيها وينفخها وَالصرْف يقويها بِقَبْضِهِ ويسخنها ويحلل النفخ مِنْهَا.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن الشَّرَاب فِي الثَّانِيَة من الإسخان وَمَا كَانَ مِنْهَا أعتق ابْن ماسويه: الْعَتِيق جدا يضر بالبصر.
وَالزَّبِيب المعسل يستأصل البلغم جيد للمعدة الرّطبَة والمتخذ من الفانيذ وَالسكر جيد لمن فِي صَدره عِلّة وَفِي مثانته. لي الشَّيْخ يحْتَاج إِلَى إدمانه وَلَا يحْتَاج إِلَى الْإِكْثَار مِنْهُ. ج فِي قوى النَّفس: الشَّرَاب ينفع الشُّيُوخ لِأَن أبدانهم بَارِدَة قَليلَة الدَّم فَهُوَ يسخنهم باعتدال وَيزِيد فِي دِمَائِهِمْ.)
وَأما من هُوَ فِي سنّ النَّمَاء فَإِنَّهُ يلهيهم ويخرجهم إِلَى حركات مفرطة جنونية.
فلاطن: لَا يجب من طلب الْوَلَد أَن يشرب ليلته تِلْكَ وَلَا الْمَرْأَة. ج: الشَّرَاب إِنَّمَا يمْنَع مِنْهُ الْقُضَاة والمدبرون لِأَنَّهُ مَتى مَلأ الْبدن بخارات حارة وخاصة الرَّأْس قوى النَّفس الشهوانية والعصبية تَقْوِيَة شَدِيدَة وَجعل النَّفس الفكرية مسرعة إِلَى الْقَضَاء والصريمة.
السَّابِعَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: الشَّرَاب الْقوي يضر بالأبدان المنهوكة وبالناقهين وَأما الَّذِي لَيْسَ يقوى وَلَا يحْتَمل مزاجاً كثيرا وَله مَعَ ذَلِك قبض فَمن أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهُم. وَذَلِكَ أَنه قد يسلم من مضار المَاء وَلم يبلغ أَن يسخن إسخان الشَّرَاب الْقوي.
(6/234)
وَالشرَاب لَا ينْفخ بل إِن صَادف فِي الْبدن نفخة حللها وَلَا يبطيء فِي مَا بَين الشراسيف كَمَا يبطيء المَاء وَيفتح الطّرق الَّتِي ينفذ فِيهَا الْغذَاء وَيرْفَع الْغذَاء ويصعده ويعين على سرعَة نُفُوذه ويولد دَمًا جيدا ويعدل المزاج وينضج مَا هُوَ محتقن فِي الْمعدة وَالْعُرُوق وَيزِيد فِي قُوَّة الْأَعْضَاء ويبذرق الفضول ويسوقها إِلَى البرَاز.
والمائي الْأَبْيَض أَكثر الْأَنْوَاع إدراراً للبول.
قَالَ: وَالشرَاب الْعَتِيق إِذا كَانَ مرا جفف تجفيفاً كثيرا.
روفس فِي كتاب: الشَّرَاب ألف ز يبلغ من الإسخان الثَّالِثَة وَبَعضه يبرد الْأَبدَان.
وَالْأسود كثير الْغذَاء وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مائلاً إِلَى الْحَلَاوَة وَعدم الْقَبْض وَهُوَ غير قوي الإسخان إِلَّا أَن يمِيل إِلَى المرارة. والكائن مِنْهُ فِي الْبِلَاد الْبَارِدَة أقل سخونة.
والأبيض قَلِيل الْغذَاء لَا ريح لَهُ وَلَا يضر بِالرَّأْسِ. وبقدر رِيحه قرعه وإسراعه إِلَى الرَّأْس.
وأسخنه الْأَصْفَر الْمشرق وخاصة مَتى مَال إِلَى المرارة.
والعتيق أقوى على النّفُوذ وإدرار الْبَوْل.
والجسم يَسْتَفِيد من الشَّرَاب قُوَّة وجلداً بِسُرْعَة وَينفذ الْغذَاء وَيغسل الْعُرُوق ويجيد الهضم ويسرع استحالته إِلَى الدَّم ويبريء الشَّهْوَة الْكَلْبِيَّة والقولنج الغليظ والرمد وَالْجُنُون.
والإكثار مِنْهُ تعرض مِنْهُ السكتة وَلَا يجب أَن يشربه مَحْمُوم وَلَا من بِهِ ورم أَو صداع أَو قرح أَو فَسَاد مزاج. لي ينظر فِيهِ.)
وَمن أَرَادَ الْإِكْثَار مِنْهُ فَلَا يكثر الرياضة يَوْمه لِأَنَّهُ مَتى فعل ذَلِك عرض لَهُ بعد طَعَامه كسل وفتور فيسرع النّوم.
وَأعظم مضرَّة السكر على الْأَبدَان الضعيفة وَيدْفَع شدَّة المَاء.
وَقَالَ فِي كتاب الْعَوام: الشَّرَاب ينمي الْحَرَارَة الغريزية ويحركها فَيكون لذَلِك الهضم أقوى وَالدَّم أَجود ويسهل احْتِمَال الطَّعَام الْكثير إِذا أقل مِنْهُ ويسمن الناقهين والمضرورين ويشهي الْأكل. لي ويسخن البلغم ويحط شَيْئا من الصَّفْرَاء ويعدل مَا لَا ينحط مِنْهَا وَيذْهب من ذَاته ويبسط النَّفس ويريحها وَيزِيد فِي الذكاء والشجاعة ويدر الْبَوْل والعرق ويعرض لمن تَركه الْهم وخبث النَّفس وَالْغَضَب وَبدر الْبدن. وشربه باعتدال فِيهِ هَذِه الْمَنَافِع.
فَأَما السكر فَإِنَّهُ يفْسد الدِّمَاغ وخاصة مَتى أدمن فليجتنب مِنْهُ ذَلِك وَمن شربه للِانْتِفَاع بِهِ فَلَا يشربه على طَعَام حريف وَلَا يكثر مِنْهُ.
الْفُصُول الثَّالِثَة: الشَّرَاب المائي كَمَا أَن منظره شَبيه بالمائي فَكَذَلِك قوته قريبَة من قُوَّة المَاء
(6/235)
فَأَما مَا كَانَ من الْأَشْرِبَة غليظاً وَكَانَ مَعَ ذَلِك أَحْمَر فَهُوَ أَكثر الأنبذة غذَاء وأسرعها للأبدان النحيفة إخصاباً.
وَقَالَ: أقل الأنبذة غذَاء الرَّقِيق. والأحمر الغليظ كثير الْغذَاء إِلَّا أَن الْأسود أَكثر غذَاء مِنْهُ لكنه أَبْطَأَ غذَاء من الْأَحْمَر. والأبيض الغليظ أغذأ من المائي وَأَبْطَأ غذَاء مِنْهُ. وبحسب سرعَة غذائها يكون سرعَة خُرُوجهَا من الْجِسْم فَإِن الشَّرَاب المائي أسْرع الْأَشْرِبَة خُرُوجًا بالبول لسرعة نُفُوذه كُله إِلَى نَاحيَة الكلى إِلَّا الْيَسِير.
وَأما سَائِر الأنبذة الَّتِي ينحدر مِنْهَا مَعَ البرَاز شَيْء كثير فعلى حسب مِقْدَار زمَان إغذائها الْبدن يكون زمَان خُرُوجهَا.
حِيلَة الْبُرْء السَّابِعَة: قَالَ لَيْسَ من الْوَاجِب أَن يشرب من يحْتَاج إِلَى إنعاش بدنه شَيْئا خلا الشَّرَاب بعد أَلا تكون بِهِ حمى والمائي أوفق لهَؤُلَاء ألف ز يَعْنِي الناقهين وَهُوَ الْأَبْيَض الرَّقِيق الْقَلِيل الِاحْتِمَال للْمَاء فَإِن الشَّرَاب الْكثير الِاحْتِمَال للْمَاء أقوى الْأَشْرِبَة وليتوقه الناقهون والضعفاء لِأَنَّهُ يضر بقوتهم.
وَأما الْأَبْيَض الْقَابِض فَهُوَ نَافِع وَذَلِكَ أَنه قد جَاوز حد المَاء فِي مَا يخْشَى من رداءته وَلم يبلغ حد الشَّرَاب فِي مَا يحذر من مضرته.)
وَالشرَاب ينفذ الْغذَاء ويحط النفخ ويولد دَمًا جيدا ويعدل المزاج وينضج مَا هُوَ محتقن فِي الْمعدة وَالْعُرُوق وَيزِيد فِي قُوَّة الْأَعْضَاء ويبذرق الفضول ويسوقها إِلَى البرَاز. وَالشرَاب المائي أَكثر الْأَشْرِبَة إدراراً للبول.
الثَّانِيَة عشر قَالَ: من غشي عَلَيْهِ يجب أَن يسقى شرابًا حَار الطَّبْع سريع النّفُوذ وَهُوَ الْأَصْفَر الرَّقِيق الْعَتِيق الريحاني وَالَّذِي فِيهِ مَعَ ذَلِك مرَارَة فَإِنَّهُ كثير الْحَرَارَة. وَلَيْسَ يكون فِي توليد الدَّم وجودة الْغذَاء كَسَائِر أَنْوَاع الشَّرَاب وَلَا يستلذ بِهِ ويضرهم فِي الْمعدة ويؤلمها.
وَأفضل الشَّرَاب مَا كَانَ طَبِيعَته قَابِضا وَلَا يبْقى فِيهِ لِأَنَّهُ قد عتق من الْقَبْض شَيْء يحس والحرارة فِيهِ بَيِّنَة ظَاهِرَة فَإِن هَذَا لذيذ المشرب معِين على الاستمراء والنضج وانحدار الفضول ويسكن حِدة الأخلاط. واليسير الْقَبْض نَافِع للمعدة والأمعاء الَّتِي تجمع فضولاً.
قَالَ: وَلَا تَجِد من الشَّرَاب الْأَبْيَض اللَّوْن حاراً الْبَتَّةَ.
وأسخن أَنْوَاع الشَّرَاب الْأَحْمَر الناصع الْمشرق وَهُوَ الناري وَمن كَانَ رَأسه ضَعِيفا فَإِن الشَّرَاب الْقوي يسْرع الامتلاء فِيهِ وخاصة الريحاني فَإِنَّهُ يصدع أَكثر من سَائِر الْأَشْرِبَة.
والقابض يُقَوي الْمعدة وَهُوَ أبعد الْأَشْرِبَة كلهَا من الْإِضْرَار بِالرَّأْسِ وَلَا ينفذ الْغذَاء وَلَا يدر الفضول وَلَا يصلح لأَصْحَاب الغشى.
والأشربة الصفر أعون على استمراء الطَّعَام لِأَنَّهَا أَشد إسخاناً وَهِي مَعَ هَذَا تعدل
(6/236)
المزاج وتغذو الْبدن وَلذَلِك صَارَت نافعة من جودة الأخلاط. وَلَيْسَ فِي المائي من هَذِه الْخِصَال شَيْء وَذَلِكَ أَن الَّذِي يصير من هَذِه دَمًا قَلِيل جدا.
والأصفر يصدع والمائي أبعد الْأَشْرِبَة من التصديع وَهُوَ أَكْثَرهَا إدراراً للبول والتالي لَهُ فِي إدرار الْبَوْل أرق صنوف الْخمر وألطفها.
وَأما الْأَصْفَر الغليظ فَأَبْطَأَ نفوذاً من الْأَصْفَر الرَّقِيق إِلَّا أَنه أَجود جَمِيع الْأَشْرِبَة القابضة فِي تَنْفِيذ الْغذَاء وغذاؤها أَكثر من الْأَصْفَر الرَّقِيق وَهِي أسْرع الْأَشْرِبَة كلهَا أصلا لرداءة الأخلاط لِأَنَّهَا تولد دَمًا جيدا.
الثَّالِثَة من الْعِلَل والأعراض قَالَ: الشَّرَاب مَتى شرب بِمِقْدَار معتدل أنمى الْحَرَارَة الغريزية وَزَاد فِيهَا إِذْ كَانَ أخص الأغذية بهَا وأكثرها مشاكلة وموافقة لَهَا.
من كتاب الكيموس: الشَّرَاب الْأَبْيَض الرَّقِيق يدر الْبَوْل أَكثر من سَائِر الْخُمُور وَهُوَ أقلهَا غذَاء)
للبدن. وَأكْثر الْخُمُور غذَاء أغلظها ألف ز وخاصة إِن كَانَت حلوة سَوْدَاء.
والسوداء أغْلظ من الْحمر والحمر أغْلظ من الصَّفْرَاء والصفراء من الْبَيْضَاء.
وَيصْلح لمن يحْتَاج إِلَى حصب بدنه الْحمر الحلوة والغليظة. وَلمن يحْتَاج إِلَى تلطيف بدنه وَفتح والطيبة الرّيح أَجود كيموساً من غَيرهَا غير أَنَّهَا تضر بِالرَّأْسِ.
والغليظة القابضة البشعة العديمة الرَّائِحَة اجتنبها فَإِنَّهَا رَدِيئَة الْخَلْط فَإِن كَانَت مُنْتِنَة الرَّائِحَة فَهِيَ أَشد.
وَيحْتَاج إِلَى الْخمر القابضة وَينْتَفع بهَا من يَبْغِي تَقْوِيَة معدته وَمن بِهِ ذرب. فَأَما فِي غير ذَلِك فَإِنَّهَا ردئية لِأَنَّهَا لَا تعين على نُفُوذ الْغذَاء وَلَا تولد الدَّم وَلَا تدر الفضول.
وَأَصْحَاب الأمزاج الحارة يصلح لَهُم الْخُمُور القليلة الْحَرَارَة ولأصحاب الأمزاج الْبَارِدَة الصَّهْبَاء الذكية الرَّائِحَة الْمرة وَهَذَا تسْتَعْمل فِي المحرورين وتولد فيهم حميات بِسُرْعَة. وَأما فِي المبلغمين فتنفعهم وتقوي أفعالهم الطبيعية.
وَالْخمر الْخلْوَة تلين الْبَطن والعصير ينْفخ ويعسر انهضامه وَيُطلق الْبَطن.
وَالْخُمُور الغليظة تصلح بعض الصّلاح مَتى عتقت فَأَما وَهِي طرية فلتترك فَإِنَّهَا فِي نَفسهَا عسرة الهضم فضلا عَن أَن تعين عَلَيْهِ.
وأضعف الْخُمُور التفهة.
من كتاب الأغذية قَالَ ج: أوفق أَنْوَاع الشَّرَاب كُله لتوليد الدَّم الْأَحْمَر الغليظ
(6/237)
وَبعده الْأسود الحلو الغليظ وَبعد هَذَا مَا كَانَ لَونه أسود أَو أَحْمَر وَكَانَ قوامه غليظاً وَفِيه مَعَ ذَلِك قبض.
وَأَقل أَنْوَاع الشَّرَاب غذَاء الْأَبْيَض الرَّقِيق القوام المائي.
والحلو من الشَّرَاب أسْرع هضماً من الْقَابِض وأسرع نفوذاً.
وَأَغْلظ من الشَّرَاب هُوَ أَبْطَأَ نفوذاً وهضماً إِلَّا أَنه مَتى صَادف معدة قَوِيَّة حَتَّى يجود هضمه أَكثر غذَاء.
وَالرَّقِيق أَكثر إدراراً للبول.
وَقَالَ فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: الْخُمُور الْبيض القليلة الِاحْتِمَال للْمَاء كَمَا أَنه لَا تضر بِالرَّأْسِ كَذَلِك لَا تسخن كثير إسخان وَلَا تعين على الهضم كثير مَعُونَة لَا فِي الْمعدة وَلَا فِي الْعُرُوق وَكَذَلِكَ لَا تخصب الْجِسْم كَبِير خصب.)
قسطاً فِي علل الدَّم: الشَّرَاب الحَدِيث يُولد رياحاً يمْلَأ بهَا الْعُرُوق وَلَا يعين على الهضم والعتيق يلطف وَلَا يزِيد فِي الْبدن كَبِير شَيْء بل يلطف الأخلاط وينقض مِنْهَا والمعتدل سليم من هذَيْن. فَهُوَ لذَلِك يجيد الهضم وَلَا ينْفخ.
الْإِسْكَنْدَر: الشَّرَاب الْعَتِيق رَدِيء للعصب وَإِذا شرب باعتدال كَانَت منفعَته عَظِيمَة فِي الهضم وإيصال الْغذَاء وتوليد الدَّم والاغتذاء ويشفي النَّفس ويشجعها.
فلاطن: الصّبيان لَا يجب أَن يسقوا إِلَى ثَمَان عشرَة سنة لِأَنَّهُ لَا يجب أَن يزادوا نَارا على نَار وَأما السكر وَكَثْرَة الشَّرَاب أَعنِي إدمانه فليمتنع مِنْهُ الشَّبَاب الْبَتَّةَ إِلَى الْأَرْبَعين. فَإِذا هم بلغُوا الْأَرْبَعين فَنعم الدَّوَاء على برودة الشيخوخة حَتَّى أَنه يسلي الهموم وَيذْهب خبث النَّفس. شربين د: إِنَّهَا شَجَرَة القطران.
قَالَ: وللقطران قُوَّة آكِلَة للحم الَّذِي للبدن الْحَيّ حافظة للأبدان الْميتَة وَلذَلِك سمى حَيَاة الْمَوْتَى. وَيحرق الثِّيَاب والجلود لإفراط إسخانه وتجفيفه وَلذَلِك يحد الْبَصَر إِذا وَقع فِي الأكحال ويجلو آثَار القروح.
وَمَتى قطر فِي الْأذن مَعَ الْخلّ قتل الدُّود الَّتِي فِيهَا. وَمَتى خلط بِمَاء قد طبخ فِيهِ زوفا وقطر فِيهَا سكن دويها وطنينها. وَإِذا قطر فِي السن المتأكلة سكن الوجع. وَمَتى تمضمض بِهِ مَعَ الْخلّ فعل ذَلِك.
وَإِذا لطخ على الذّكر قبل الْجِمَاع منع الْحَبل. وَإِن لطخ على الْحلق حلل اللوزتين. وَمَتى لطخت بِهِ الْمَوَاشِي قتل قملها وصؤابها. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من نهشة الْحَيَّة المقرنة.
(6/238)
وَمَتى شرب بالطلاء نفع من شرب الأرنب البحري. وَمَتى لعق مِنْهُ أَو تلطخ بِهِ نفع من دَاء الْفِيل.
وَمَتى تحسى مِنْهُ قدر أُوقِيَّة وَنصف نقي قُرُوح الرئة وأبرأها.
وَمَتى حقن بِهِ قتل الدُّود الْغِلَاظ والدقاق وَأخرج الأجنة.
وصفوه الَّذِي يجْتَمع على رَأسه يفعل هَذِه الأفاعيل.)
وَله خَاصَّة فِي برْء جرب الْمَوَاشِي وَالْكلاب وَيقتل القردان ويدمل قروحها. واطلها بعد جز صوفها.
ودخان القطران يجمع مثل دُخان الزفت وَيفْعل أفاعيل دُخان الزفت.
وَثَمَرَة الشربين رَدِيئَة للمعدة وينفع من السعال وشدخ العضل وتقطير الْبَوْل.
وَمَتى شرب مسحوقاً مَعَ الفلفل أدر الطمث. وَمَتى شرب بِخَمْر نفع من شرب الأرنب البحري.
وَإِن خلط بشحم الأيل ومخه وَمسح بِهِ الْجِسْم لم تقربه الْهَوَام.
وَيدخل فِي المعجونات. د: غذاؤه أقل من غذَاء الْحِنْطَة. وَمَاء الشّعير أَكثر غذَاء من سويق الشّعير. وَيمْنَع حِدة الفضول جيد لخشونة قَصَبَة الرئة وقروحها.
ويلطخ بِجَمِيعِ مَا يصلح لَهُ كشك الْحِنْطَة غير أَن كشك الْحِنْطَة أَكثر غذَاء وأدر للبول.
وَأما كشك الشّعير فَإِنَّهُ يدر الْبَوْل وَهُوَ جلي نافخ رَدِيء للمعدة منضج للورم البلغمي يعْنى بكشك الشّعير جشيشه المقشر.
ودقيق الشّعير مَتى طبخ مَعَ التِّين وَمَاء القراطن حلل الأورام البلغمية والصلبة. وَمَتى خلط بإكليل الْملك وقشور الخشخاشسكن وجع الْجنب. وَقد يخلط ببزر الْكَتَّان والحلبة والسذاب ويتضمد بِهِ للنفخ الْعَارِضَة فِي الأمعاء. وَمَتى خلط بالزفت الرطب وَالزَّيْت وَبَوْل صبي أنضج الْخَنَازِير.
وَإِذا اسْتعْمل مَعَ الآس والكمثرى ألف ز أَو العليق أَو قشور الرُّمَّان عقل الْبَطن.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ السفرجل نفع من الورم الْحَار الْعَارِض فِي النقرس.
وَمَتى طبخ بخل ثَقِيف وَوضع سخناً على الجرب المتقرح أَبرَأَهُ. وَمَتى طبخ بِالْمَاءِ حَتَّى يصير كالحناء الرَّقِيق ثمَّ خلط بزفت وزيت فتح الأورام. وَمَتى طبخ بالخل نفع من سيلان الفضول إِلَى المفاصل.
ماسرجويه: الشّعير بَارِد فِي الثَّانِيَة يَابِس ويبسه فِي قشوره فَإِذا قشر لم يجفف.
(6/239)
وَأما مَاء الشّعير فيلين الصَّدْر ويدر الْبَوْل. وَمَتى طلي وَهُوَ حَار على الكلف أَبرَأَهُ.)
وطبيخ سويق الشّعير يعقل الْبَطن. شيلم د: مَا ينْبت مِنْهُ بَين الْحِنْطَة فَإِن لَهُ قُوَّة تشفي رداءة القروح الخبيثة إِذا خلط بقشر الفجل وَالْملح وتضمد بِهِ.
وَمَتى خلط بكبريت لم يحرق وخل أَبْرَأ القوابي الرَّديئَة والجرب المتقرح.
وَمَتى طبخ بزبل حمام وبزر كتَّان بشراب حلل الْخَنَازِير وَفتح الأورام الَّتِي يعسر نضجها. وَمَتى طبخ بِمَاء القراطن وتضمد بِهِ نفع من عرق النسا.
وَإِذا تبخر بِهِ مَعَ سويق شعير وَمر وزعفران وكندر وَافق الْحَبل وأعان على تَركه. ج فِي السَّادِسَة: هَذَا يجفف ويسخن تجفيفاً وإسخاناً عَظِيما حَتَّى يكَاد من الْأَدْوِيَة الحريفة وَهُوَ فِي هَذَا الْبَاب أَكثر من أصُول السوسن إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي اللطافة كأصول السوسن بل هُوَ فِي ذَلِك أقل مِنْهَا كثيرا. فَمن الْوَاجِب أَن يَجعله الْإِنْسَان فِي مبدأ الدرجَة الأولى من الإسخان وَفِي
شلجم قَالَ د: مَتى طبخ وَأكل كَانَ كثير الْغذَاء نافخاً مولداً للحم الرخو مهيجاً للباه وطبيخه يصب على النقرس والشقاق الْعَارِض من الْبرد فينفع وَكَذَلِكَ مَتى ضمد بِهِ وَهُوَ سليق.
وَمَتى قورت سلجمة وأذيب فِي تقويرها شمع ودهن ورد على رماد حَار كَانَ نَافِعًا من الشقاق المتقرح الْعَارِض من الْبرد.
وَقُلُوب الشلجم تُؤْكَل مطبوخة فتدر الْبَوْل. وبزره يَقع فِي الترياقات ويهيج الباه.
وَإِذا غلي السلجم بِالْمَاءِ وَالْملح كَانَ أقل غذَاء إِلَّا أَنه يُحَرك شَهْوَة الْجِمَاع.
وَأما بزر السلجم الْبري فيستعمل فِي الْغمر مَعَ دَقِيق باقلي وكرسنة وشعير وحنطة. ج فِي السَّادِسَة: بزر هَذَا النَّبَات يهيج شَهْوَة الباه لِأَنَّهُ يُولد رياحاً نافخة وَكَذَلِكَ أَصله نافخ عسر الهضم زَائِد فِي الْمَنِيّ. شيطرج د: قُوَّة ورقه حارة محرقة وَلذَلِك يعْمل مِنْهُ ضماد لعرق النسا لذاع جدا مَتى دق نعما وَمَتى لطخ بِهِ الجرب المتقرح قلعه. ألف ز ونظن بأصول الشيطرج أَنَّهَا مَتى علقت فِي عنق من بِهِ وجع المثانة سكن.
ابْن ماسه: بزره كبزر الرشاد فِي الْقُوَّة إِلَّا أَنه أقل يبساً مِنْهُ.
يحول إِلَيْهِ مَا قَالَ ج فِي عرق النسا.
(6/240)
شنجار هُوَ النَّوْع الْمُسَمّى اونوقليا أَصله قَابض فِيهِ مرَارَة يسيرَة وَهُوَ دابغ للمعدة ملطف يجلو الأخلاط المرارية والأخلاط المالحة لِأَن الطّعْم العفص مَتى خلط بالمر فَشَأْنه أَن يفعل هَذِه الْأَفْعَال. وَلذَلِك صَار هَذَا الدَّوَاء نَافِعًا لأَصْحَاب اليرقان وَلمن بِهِ وجع الكلى وَالطحَال وَهُوَ مَعَ هَذَا مبرد وَلذَلِك مَتى خلط بالضماد مَعَ دَقِيق الشّعير نفع من الورم الْمُسَمّى حمرَة.
ويجلو مَتى شرب وَإِذا وضع من خَارج وَلذَلِك صَار يشفي البهق إِذا سحق بخل ولطخ عَلَيْهِ.
وَأما ورقه فقوته أَضْعَف وَلكنه أَيْضا يجفف وَيقبض وَلذَلِك صَار يشفي استطلاق الْبَطن فَأَما النَّوْع الْمُسَمّى لوقاسيوس فَهُوَ أَيْضا نَافِع من الورم الْمَعْرُوف بالحمرة على مِثَال مَا ينفع الأول وأصل هَذَا النَّوْع الثَّانِي أَشد قبضا من النَّوْع الأول.
وَأما النَّوْع الَّذِي يُقَال لَهُ أَبُو خينس والفساريوس فقوته أَشد من قُوَّة ذَيْنك النَّوْعَيْنِ وَمن أجل ذَلِك صَار يتَبَيَّن فِي طعمه من الحراقة مِقْدَار أَكثر وَهُوَ نَافِع مَنْفَعَة بليغة لمن نهشه هوَام موذ إِذا تضمد بِهِ أَو أدنى مِنْهُ أَو أكله المنهوش أكلا.
وَأما نَوعه الرَّابِع الَّذِي لَيْسَ لَهُ اسْم يَخُصُّهُ فالحال فِيهِ مثل مَا فِي النَّوْع الثَّالِث إِلَّا أَنه أَشد مرَارَة مِنْهُ وَأقوى فَلذَلِك يخرج حب القرع مَتى شرب مِنْهُ مِثْقَال وَنصف مَعَ زوفا وقردمانا أَو حرف.
شبرم ابْن ماسويه وَابْن ماسه: يسهل سَوْدَاء وبلغماً.
السمُوم: الْقَاتِل مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ. وَيقطع إسهاله الْجُلُوس فِي المَاء الْبَارِد وصبه على الرَّأْس. شونجشر شيح ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا لَيْسَ بِقَبض كقبض الأفسنتين ويسخن أَكثر مِنْهُ وَفِيه مرَارَة أَكثر مِمَّا فِي الأفسنتين مَعَ ملوحة يسيرَة ويضر بالمعدة وَيقتل الدُّود أَكثر من الأفسنتين ضمد بِهِ أَو شرب ويسخن فِي الثَّالِثَة ويجفف فِيهَا.
ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة قَاتل للحيات الَّتِي تؤذي بسمها.
ودهنه يذهب النافض والشقيقة الْبَارِدَة وينبت اللِّحْيَة الَّتِي تبطيء. وخاصته النَّفْع من لسع الرتيلا وَالْعَقْرَب إِذا شرب ويصدع مَتى أَكثر مِنْهُ جدا.
ماسرجويه: رماد الشيح مَعَ الزَّيْت الْعَتِيق ينْبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب.
شعر قَالَ ج فِي الْحَادِيَة: عشرَة مَتى أحرق صَارَت قوته كقوة الصُّوف المحرق فِي أَن يسخن ويجفف إسخاناً وتجفيفاً شَدِيدا ألف ز.
(6/241)
شاهسفرم ابْن ماسه: فِيهِ حرارة ويبس نَافِع للمحرورين إِذا شم بعد أَن رش عَلَيْهِ مَاء بَارِد أَو مَاء ورد.
وَبَعض الْأَطِبَّاء يَقُول: إِنَّه بَارِد من أجل أَنه لم يتأذ أحد من المبرسمين برائحته فضلا عَن الأصحاء.
وَأما الحماحم فأشد حرارة وخاصة الْأَبْيَض.
ماسرجويه قَالَ: هُوَ بَارِد رطب نَافِع من الْحَرَارَة والاحتراق والصداع ويهيج النّوم.
وبزره يحبس الْبَطن من الْحَرَارَة والحرقة مَتى شرب مِنْهُ مِثْقَال بِمَاء بَارِد. شَحم د: الطَّبَرِيّ: من الشحوم اللينة كشحوم الدَّجَاج والإوز جيد لأوجاع الرَّحِم والعتيق والمالح رَدِيء لَهَا.
وشحم الْإِنَاث من الْبَقر وشحم الثور الْفَحْل قَابض يقبض قبضا يَسِيرا.
وشحم الْفِيل والأيل مَتى تلطخ بهما طرد الْهَوَام.
وشحم العنز أَشد قبضا من سَائِر الشحوم وَلذَلِك تعالج بِهِ قُرُوح المعي مَعَ الْخبز والسماق وشحم التيس أَشد تحليلاً وَمَتى عجن بِهِ بعر الْمعز والزعفران وضمد بِهِ النقرس نفع.
وشحم الضَّأْن يحلل إِلَّا أَنه أقل تجفيفاً من هَذِه.
شَحم الْخِنْزِير يُوَافق أوجاع الْأَرْحَام والمقعدة وَحرق النَّار.
وَمَتى جمع مَعَ قورة أَو رماد عَتيق كَانَ جيدا للشوصة والورم الرخو والصلب.
شَحم الْحمار: يُقَال: إِنَّه يذهب آثَار القروح.
شَحم الإوز والدجاج جيدان لوجع الْأَرْحَام والشقاق فِي الشّفة وشقاق الْوَجْه ووجع الْأذن.
شَحم الدب ينْبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب ويوافق الشقاق الْعَارِض من الْبرد.)
شَحم الثعالب جيد لوجع الْأذن.
شَحم الأفعى مَتى خلط بِعَسَل وقطران وزيت عَتيق وَافق الغشاوة وَالْمَاء الْعَارِض فِي الْعين وَمَتى نتف الشّعْر وطلي بشحم الأفعى الطري منع من نَبَاته بعد ذَلِك.
شَحم السّمك النَّهْرِي مَتى خلط بِعَسَل أحد الْبَصَر. ح فِي الْحَادِيَة عشرَة: الْفرق بَين السمين والشحم فِي الغلظ وَلذَلِك صَار مَا كَانَ من الْحَيَوَان جملَة طبعه وجوهره أرْضى فَإِنَّمَا يتَوَلَّد فِيهِ الشَّحْم وَمَا كَانَ رطبا فَالَّذِي يتَوَلَّد فِيهِ هُوَ السمين وَلذَلِك صَار السمين يذوب بالنَّار سَرِيعا وَلَا يحمر بعد مَا يذوب والشحم لَيْسَ يذوب بسهولة
(6/242)
وَجَمِيع الْحَيَوَانَات الرّطبَة المزاج فَإِنَّهَا إِذا سمنت تحمل من السمين أَكثر مِمَّا تحمل من الشَّحْم كثيرا كالخنازير السمينة وَأما الْبَقر والمعز المسمنة فَإِنَّهَا تحمل من الشَّحْم أَكثر ليبوسة مزاجها.
وشحم مَا كَانَ أجف مزاجاً من الْحَيَوَانَات أيبس وشحم الأرطب أَكثر تَلْيِينًا وإنضاجاً وَلذَلِك نحقن من كَانَ فِي أمعائه السُّفْلى لذع بشحم الْمعز أَكثر مِمَّا نحقنه بشحم الْخِنْزِير لَا من طَرِيق ألف ز أَن شَحم الْخِنْزِير أقل تسكيناً للحدة من شَحم الْمعز لَكِن من طَرِيق أَنه ليبوسته يجمد سَرِيعا. وَلَكِن شَحم الْخِنْزِير وَإِن كَانَ أَكثر تسكيناً وقمعاً للحدة وَهُوَ يخرج سَرِيعا بسهولة فَلذَلِك اخترنا شَحم الماعز عِنْد اللذع الشَّديد من القروح فِي الأمعاء والزحير مَعَ أَن الشَّحْم الْخِنْزِير لِأَنَّهُ ألطف وَأَشد تسكيناً للحدة إِذا كَانَ السَّبَب المؤذي مستكناً فِي العمق لِأَن الشَّيْء الغليظ أقل غوصاً وَأَقل ممازجة للرطوبات الرَّديئَة. وَلذَلِك صَار شَحم البط أَشد تسكيناً للذع الْحَادِث فِي عمق الْأَعْضَاء وَهُوَ أَشد إسخاناً من شَحم الْخِنْزِير.
وَأما شَحم الديوك والدجاج فَهُوَ بَين هذَيْن.
وشحم الذّكر أسخن من الْأُنْثَى وَأَشد تجفيفاً وَكَذَلِكَ شَحم الخصى من الْحَيَوَان.
وَلِأَن الْخِنْزِير أقل حرارة ويبساً من جَمِيع الْحَيَوَانَات ذَوَات الْأَرْبَع صَار شحمه لذَلِك قَلِيل الْحَرَارَة كثير الرُّطُوبَة.
وَجَمِيع الشَّحْم والسمين كُله يسخن الْإِنْسَان ويرطبه إِلَّا أَنَّهَا تخْتَلف فِي ذَلِك بِحَسب أمزجتها فشحم الْخِنْزِير أبلغ فِي الترطيب قَلِيل الإسخان وشحم المسن أخف وأسخن من الرَّضِيع.
وَكَذَلِكَ شَحم الماعز أجف وَأَقل حرارة من شَحم الضَّأْن وشحم الثور أَكثر حرارة ويبساً من شَحم الْعجل. وشحم التيس أسخن وأجف من شَحم الماعز.)
وشحم فحولة الثيران أسخن وأجف من شَحم الماعز إِلَّا أَنه أقل فِي ذَلِك من شَحم الْأسد لِأَن شَحم الْأسد أَشد تحليلاً من شحوم سَائِر ذَوَات الْأَرْبَع وَأَشد حرارة وألطف جدا من جَمِيع الشحوم وَلذَلِك لَا يخلط فِي المراهم المستعملة للجراحات والأورام الحارة لما يحدث فِي الْخراج والورم من الْحَرَارَة.
فَأَما الأورام الصلبة المزمنة وتعقد العصب وَبِالْجُمْلَةِ الْعِلَل الصلبة المتحجرة فشحم الْأسد من أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهَا. وشحم الْخِنْزِير لَا يُمكنهُ أَن ينفع هَذِه.
وَأما شَحم الثور والعجل فَكَأَنَّهُ متوسط بَين هذَيْن وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي الأورام الصلبة وَفِي الخراجات أَيْضا فيخلط مَعَ المحللة للتحليل وَمَعَ المنضجة للإنضاج.
وَمَا قيل فِي شَحم الأفاعي من أَنه يمْنَع الشّعْر إِذا نتف وطلي مَكَانَهُ مَنعه من النَّبَات فكذب.
وَكَذَلِكَ أَيْضا قَوْلهم إِنَّه يبريء ابْتِدَاء المَاء إِذا اكتحل بِهِ.
وَأما شَحم الدب فقد صدقُوا أَنه ينفع من دَاء الثَّعْلَب وَلَكِن لنا أدوية أسهل وجودا وأنفع مِنْهُ.
(6/243)
وشحم الثَّعْلَب يصفونه لوجع الْأذن على غير تَحْدِيد فَلَا يجب أَن يلْتَفت إِلَى قَوْلهم فِيهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلهم فِي شَحم السّمك لابتداء المَاء فِي الْعين فَإِنَّهُم لَا يَدْرُونَ مَا يَقُولُونَ.
شقريدون قوته مسخنة مَدَرَة للبول وَقد يدق وَهُوَ طري أَو يطْبخ بشراب وَهُوَ يَابِس ويسقى لنهش الْهَوَام والأدوية القتالة ويسقى مِنْهُ وزن درخمي بِالشرابِ الْمُسَمّى أدرومالي للذع الْعَارِض فِي الْمعدة وقروح المعي وعسر الْبَوْل وينقي الصَّدْر من الْخَلْط الغليظ والقيح.
وَمَتى خلط يَابسا بالحرف وَالْعَسَل والراتينج والقردمانا مَكَان الْحَرْف ألف ز وهييء لعوقاً كَانَ صَالحا للسعال المزمن وشدخ العضل.
وَمَتى خلط بخل ثَقِيف ولطخ على مَوضِع الوجع من النقرس أَو خلط بِمَاء وضمد بِهِ كَانَ صَالحا لَهُ. وَإِذا خلط بقيروطي سكن ورم مَا دون الشراسيف الصلب المزمن.
وَمَتى احتملته الْمَرْأَة أدر الطمث. وَمَتى وضع على الخراجات ألزقها.
وَقد تشرب عصارته للأوجاع الَّتِي ذكرنَا. شاهترج ج فِي السَّادِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة: كَمَا أَن طعمه فِيهِ مرَارَة وَقبض مَعًا كَذَلِك فِي مزاجه حرارة وبرودة مَعًا وَهُوَ أَيْضا يجفف وينفع الْمعدة لِأَن فِيهِ قبضا لَيْسَ بِيَسِير وَلَيْسَ فِيهِ من الْحَرَارَة مِقْدَار كثير يتَبَيَّن. وَأما تجفيفه فَفِي الثَّانِيَة.
ماسرجويه: الْحَرَارَة أقل فِيهِ من الْبُرُودَة واليبس فِيهِ كثير وَهُوَ جيد للمعدة.
ابْن ماسويه فِي إصْلَاح المسهلة: خاصته نفع الْمعدة والجرب والبثر وإسهال الْمرة الصَّفْرَاء المحرقة وتصفية الدَّم وإدرار الْبَوْل وأجوده مَا اخضر لَونه وَمر طعمه وَكَانَ حَدِيثا: والشربة من طبيخه من خَمْسَة دَرَاهِم إِلَى عشرَة وَمن جرمه من ثَلَاثَة دَرَاهِم إِلَى سَبْعَة مَعَ مثله من الاهليلج الْأَصْفَر. فَإِن أَرَادَ مُرِيد شرب مائَة معتصراً فَلَا يطبخه وَيَأْخُذ مِنْهُ مَا بَين أَربع أَوَاقٍ إِلَى ثَمَان أَوَاقٍ مَعَ وزن ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو سَبْعَة من الاهليلج الْأَصْفَر وَوزن سكرا أَبيض.
شاذنة قَالَ جالينوس فِي التَّاسِعَة: مَتى حكت الشاذنة بِالْمَاءِ حَتَّى تثخن وجدت فِيهِ قبضا فَفِيهِ إِذا من الْبرد بِقدر مَا فِيهِ من الْقَبْض وَلذَلِك يمْنَع ويردع.
وَقد أصَاب الْأَطِبَّاء فِي خلطهم إِيَّاه فِي شيافات خشونة الْعين وَأَنت قَادر أَيْضا أَن تسْتَعْمل الشاذنة وَحدهَا فِي خشونة الأجفان فَإِن كَانَت الخشونة مَعَ أورام حادة دفت الشاذنة ببياض الْبيض وبماء الحلبة أَعنِي طبيخها وَمَتى كَانَت خشونة الأجفان خلوا من الورم الْحَار فَحل الشاذنة ودفها بِالْمَاءِ وقطر مِنْهُ فِي الْعين أَولا وَهُوَ رَقِيق باعتدال حَتَّى إِذا رَأَيْت العليل قد احْتمل ذَلِك فزد فِي ثخنه دَائِما واجعله فِي آخر الْأَمر فِي ثخن يحمل بالميل وحك بِهِ تَحت الجفن بعد أَن يقلب.
(6/244)
وحكاك هَذَا الْحجر نَافِع من نفث الدَّم وَمن جَمِيع القروح بِأَن يسحق يَابسا كالغبار ويضمر اللَّحْم الزَّائِد وَلم يسْتَعْمل الْأَطِبَّاء القدماء فِي هَذَا الْوَجْه وَحده مُفردا فقد اسْتَعْملهُ فِي هَذِه الْوُجُوه الَّتِي ذكرتها.
وَإِذا حكت الشاذنة على مَا وصفت وقطر بالميل فِي الْعين أدمل وَختم القروح فِي الْعين وَحده مُفردا. وَهَذَا شَيْء لم أزل امتحنه بالتجربة.
وَقَالَ د: قوته مسخنة إسخاناً يَسِيرا ملطفة تجلو آثَار الْعين وَتذهب الخشونة من الجفن إِذا وَمَتى ألف ز خلط بِلَبن امْرَأَة نفع من الرمد والحرق وَالَّذِي يعرض فِي الْعين وَالْعين الدموية.
وَيشْرب بِالْخمرِ لعسر الْبَوْل وسيلان الطمث وَنَفث الدَّم الدَّائِم.
شب قَالَ ج فِي التَّاسِعَة: اسْم هَذَا الدَّوَاء مَأْخُوذ من الْقَبْض لِأَن الْقَبْض فِيهِ كثير جدا وجوهره غليظ وألطف أَنْوَاعه الَّذِي يَأْتِي من الْيمن وَبعده المستدير. وَأما الشب الرطب واللبني والصفائحي فَكلهَا شَدِيدَة الْغَلَط. شابابك ابْن ماسويه: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة شبه القيصوم فِي الْقُوَّة يقطع اللعاب السَّائِل من أَفْوَاه الصّبيان وينفع من أوجاع السَّوْدَاء. شقائق وَمَتى طبخ بطلاء وضمد بِهِ أَبْرَأ أورام الْعين الصلبة وعصارته تجلو آثَار القروح فِي الْعين وَفِي سَائِر الْجِسْم وينفع القروح الوسخة.
وَمَتى طبخ الْوَرق مَعَ القضبان بحشيش الشّعير وَأكل أدر الْبَوْل.
وَمَتى احْتمل أدر الطمث. وَمَتى تضمد بِهِ قلع الجرب المتقرح. ج فِي السَّادِسَة: جَمِيع الشقائق قوتها حادة غسالة جاذبة فتاحة وَلذَلِك مَتى مضغت جلبت البلغم. وَمَتى استعط بعصارتها نقت الدِّمَاغ.
وَهِي تلطف وتجلو الْأَثر الْحَادِث فِي الْعين عَن قرحَة. والشقائق أَيْضا تنقي القروح الوسخة ويقلع ويستأصل الْعلَّة الَّتِي يتقشر مَعهَا الْجلد ويحدر الطمث مَتى احْتمل ويدر اللَّبن.
ابْن ماسه: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة وَمَتى خلط زهره مَعَ قشر الْجَوْز الرطب صبغ الشّعْر صبغاً شَدِيدا سوَاده ويقلع القوباء وَمَتى جفف أدمل القروح. شوك جَمِيع الْأَصْنَاف تحلق بأسمائها.
(6/245)
شَوْكَة بَيْضَاء وَيُقَال: إِنَّهَا الباذاورد.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: أصل الباذاورد يجفف وَيقبض قبضا معتدلاً وَلذَلِك صَار ينفع من استطلاق الْبَطن وَمن ضعف الْمعدة وَنَفث الدَّم وَمَتى ضمدت بِهِ الأورام الرخوة أضمرها.
وَمَتى تمضمض بطبيخه نفع من وجع الْأَسْنَان.
وبزره أَيْضا قوي اللطافة حَار وَلذَلِك ينفع التشنج إِذا مَا شرب. شكاعي قَالَ د فِي الشَّوْكَة الْعَرَبيَّة وَهِي مَا ترجمت الشكاعي: إِن طبيعتها قريبَة من طبيعة الشَّوْكَة الْبَيْضَاء وَهِي مَا ترْجم الباذاورد وَهِي قابضة وَأَصلهَا يُوَافق سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم وَنَفث الدَّم من الصُّدُور وسيلان الرطوبات المزمنة من الْبدن. ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه نَبَات شَبيه بنبات الباذاورد إِلَّا أَن قوته مجففة وَيقبض أَكثر من الباذاورد وَأَصله أقوى مَا فِيهِ وَلذَلِك صَار نَافِعًا من النزف الْعَارِض للنِّسَاء من رُطُوبَة ألف ز كَمَا يفعل الباذاورد وينفع اللهاة الوارمة والأورام الْحَادِثَة فِي المقعدة. وَأَصله يدمل القروح لِأَن قوته دابغة باعتدال.
(6/246)
ابْن ماسه: إِنَّه حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة.
شبث قَالَ د: طبيخ جمة هَذَا النَّبَات وبزره مَتى شربا أردا الْبَوْل وسكنا النافض وجليا النفخ وقطعا الْقَيْء الْعَارِض من طفو الطَّعَام فِي الْمعدة ويمسكان الْبَطن ويدران الْبَوْل ويسكنان الفواق وَمَتى أدمن أكله أَضْعَف الْبَصَر وَقطع الْمَنِيّ.
وَمَتى جلس النِّسَاء فِي طبيخه نفع جدا من أوجاع الرَّحِم. وَمَتى أحرق بزره وضمدت بِهِ البواسير النابتة قلعهَا. ج فِي السَّادِسَة: الشبث يسخن ويجفف إِلَّا أَن إسخانه نظن أَنه فِي الدرجَة الثَّانِيَة ممتدة وَأما فِي الدرجَة الثَّالِثَة فمسترخية وتجفيفه فِي الثَّانِيَة عِنْد ابتدائها وَفِي الأولى عِنْد انتهائها وَلذَلِك صَار مَتى طبخ بالزيت صَار ذَلِك الزَّيْت دهناً يحلل ويسكن الوجع ويجلب النّوم وينضج الأورام اللينة الَّتِي لم تنضج وَذَلِكَ أَن الزَّيْت الَّذِي يطْبخ بِهِ الشبث يصير مزاجه قَرِيبا من مزاج الْأَدْوِيَة المقيحة المنضجة إِلَّا أَنه على حَال أسخن مِنْهَا قَلِيلا وألطف فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب مُحَلل.
وَإِن أحرق الشبث صَار فِي الثَّالِثَة من دَرَجَات الإسخان والتجفيف وَلذَلِك ينفع القروح المترهلة الْكَثِيرَة الصديد مَتى نثر عَلَيْهَا وخاصة مَا حدث مِنْهَا فِي أَعْضَاء التناسل. وَأما القروح الْقَدِيمَة الَّتِي تكون فِي القلفة فَهُوَ يدملها على مَا يجب.
وَأما الشبث الطري فَالْأَمْر فِيهِ بَين أَنه أرطب وَأَقل حرارة وَذَلِكَ لِأَن عصارته بَاقِيَة فِيهِ فَهُوَ لذَلِك ينضج ويجلب النّوم أَكثر من الشبث الْيَابِس ويحلل أقل مِنْهُ وَبِهَذَا السَّبَب كَانَ القدماء يتخذون مِنْهُ أكاليل يضعونها على رؤوسهم فِي وَقت الشَّرَاب.
ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة وخاصته تسكين الفواق وجلب النّوم ودهنه جيد للرياح.
وبزره مَتى جعل فِي الأحساء كثر اللَّبن. وَمَتى أَكثر مِنْهُ وَحده قلل الْمَنِيّ وأظلم الْبَصَر.
شونيز قَالَ ج فِي الثَّالِثَة: مَتى ضمدت بِهِ الْجَبْهَة نفع من الصداع الْبَارِد فَإِذا استعط بِهِ مسحوقاً مَعَ دهن الإيرسا نفع من ابْتِدَاء المَاء النَّازِل فِي الْعين وَمَتى تضمد بِهِ مسحوقاً مَعَ الْخلّ قلع البثور اللبنية والجرب المتقرح وَحل الأورام البلغمية المزمنة الصلبة.
وَمَتى دق وخلط ببول عَتيق وضمدت بِهِ الثآليل المسمارية قلعهَا وحلل الأورام البلغمية المزمنة. وَمَتى طبخ بخل مَعَ خشب الصنوبر وتمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان.
وَمَتى ضمدت بِهِ السُّرَّة مَعَ مَاء أخرج الدُّود الطوَال. وَمَتى اشتم نفع الزُّكَام. وَمَتى شرب أَيَّامًا كَثِيرَة أدر اللَّبن والطمث. وَمَتى شرب بالنطرون سكن عسر النَّفس.
وَإِذا شرب مِنْهُ مِقْدَار درخمي بِمَاء نفع من نهشة الرتيلا. وَمَتى بخر بِهِ طرد ألف ز وَزعم قوم أَنه مَتى أَكثر من شربه قتل.
ابْن ماسويه: الشونيز فِي الثَّالِثَة من الْحَرَارَة واليبس. خاصته إذهاب الْحمى الكائنة من البلغم والسوادء وَقتل حب القرع نَافِع من لسع الرتيلا.
شهدانج ابْن ماسويه: هُوَ حَار فِي الثَّانِيَة. خاصته تجفيف الرُّطُوبَة الْحَادِثَة فِي الْأذن مَتى قطر دهنه وَمَتى أَكثر أكله ولد الصداع وَقطع الباه.
وورقه يسْقط الحزاز الَّتِي فِي الرَّأْس واللحية. شَجَرَة مَرْيَم ابْن ماسه: إِنَّهَا حارة يابسة فِي الثَّانِيَة نافعة من الزُّكَام الْبَارِدَة فِي الدِّمَاغ وَمَتى اكتحل بِمَائِهَا مَعَ الْعَسَل نفع من نزُول المَاء. شوكران شاطل دَوَاء هندي يشبه الكمأة الْيَابِسَة وَهُوَ حَار يسهل الْخَلْط البلغمي.
انْقَضى حرف الشين.
(6/247)
3 - (بَاب الصَّاد)
صنوبر د: إِن ثَمَرَته مَتى شربت مَعَ بزر القثاء بالطلاء أدر الْبَوْل ونفع من قرحَة الكلى والمثانة وَإِذا شرب بعصارة رجلة سكن لذع الْمعدة ويفيد الْبدن الضَّعِيف قُوَّة ويقمع فَسَاد الرطوبات الَّتِي فِي الْبدن وَإِذا أخذت ثَمَرَة الصنوبر بغلفها من شجرتها ورضت كَمَا هِيَ رطبَة وطبخت بطلاء وَأخذ من طبيخها أَربع أَوَاقٍ وَنصف كل يَوْم وَافَقت السعال المزمن وقرحة الرئة.
وقشور الصنوبر بورقه مَتى شرب كَمَا ذكرنَا فِي التنوب نفع من وجع الكبد.
وَمَتى أنقع حب الصنوبر بشراب حُلْو وطبخ وَشرب كَانَ مُوَافقا جدا للقروح الَّتِي فِي الرئة نَافِعًا لَهَا.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي الراتينج: إِنَّه يدمل القروح الَّتِي فِي الْأَبدَان ويهيج يبقر مَعَه القروح الَّتِي فِي الْأَبدَان الناعمة.
وَقَالَ فِي السَّابِعَة: حب الصنوبر الْكِبَار إِذا كَانَت طرية فَفِيهَا مرَارَة يسيرَة وَلذَلِك صَارَت نافعة لمن بِهِ قيح مُجْتَمع فِي رئته أَو فِي صَدره ولسائر من يحْتَاج إِلَى إصعاد شَيْء محتقن إِلَى صَدره أَو رئته وقذفه بالسعال بسهولة.
وَهُوَ على سَبِيل الْغذَاء عسر الانهضام يغذو الْبدن غذَاء قَوِيا وعَلى سَبِيل الدَّوَاء من شَأْنه أَن يغري ويملس الخشونة وخاصة إِذا نقع فِي المَاء حَتَّى يَنْسَلِخ مِنْهُ جَمِيع مَا فِيهِ من الحدة والحراقة فَإِن الَّذِي يبْقى مِنْهُ بعد ذَلِك يكون فِي غَايَة الْبعد عَن اللذع وَفِي غَايَة التغرية واللحوج وَهُوَ فِي وسط بَين الْحَرَارَة والبرودة ممزوج من جَوْهَر مائي وجوهر أرضي والهواء فِيهِ قَلِيل جدا.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة: فِي لحاء شَجَرَة الصنوبر من قُوَّة الْقَبْض مَا يبلغ أَن يشفيالسحج إِذا وضع عَلَيْهِ كالضماد شِفَاء لَا غَايَة ألف ز وَإِذا شرب احْتبسَ الْبَطن وأدمل حرق المَاء الْحَار. وَكَذَلِكَ لحاء النَّوْع الْمُسَمّى قوفا إِلَّا أَن قوته أقل من قُوَّة هَذَا وَأما ورق هَاتين الشجرتين فَمن طَرِيق أَنه رطب أَمن لحائهما فِيهِ قُوَّة تدمل مَوضِع الضَّرْب.)
وَأما الصنوبر الْكِبَار فقوة ورقه ولحائه وَإِن كَانَ يشبه قُوَّة هَاتين اللَّتَيْنِ ذكرنَا فَإِنَّهُ أقوى حَتَّى أَنه لَا يُمكن أَن يفعل وَاحِدَة من تِلْكَ الْأَفْعَال الَّتِي ذكرنَا فعلا حسنا بل فِيهِ لذع مؤذ.
(6/248)
وَأما الدُّخان الَّذِي يرْتَفع من هَذَا فَهُوَ أَنْفَع للأجفان الَّتِي قد استرخت وَانْتَفَخَتْ أشفارها وللمآق الَّتِي ذَابَتْ وتأكلت وَصَارَت تسيل مِنْهَا الدمعة.
قَالَ: والعلك الَّذِي يكون من الصنوبر الْكِبَار وَالصغَار أَشد حرافة من علك البطم لكنهما لَا يجذبان أَكثر مِنْهُ وعلك الصنوبر الْكِبَار فِي ذَلِك أَشد وَأكْثر من علك الصنوبر الْمُسَمّى قوفا وَأما علك الصنوبر الصغار وعلك الشّجر الَّذِي يُسمى لاطي فهما وسط بَين الْأَمريْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أحد من علك البطم وَأَقل حِدة من علك قوفا وعلك الصنوبر الْكِبَار.
ولعلك الصنوبر جملَة حِدة وحراقة فَأَما العلك الَّذِي يُسمى لاركش فَهُوَ شَبيه بعلك البطم.
قَالَ: والدود الْأَخْضَر الَّذِي يُوجد على شَجَرَة الصنوبر قوته قُوَّة الذراريح بِعَينهَا.
قَالَ: وَقد يسْتَعْمل أطباء زَمَاننَا الزَّيْت الَّذِي يطْبخ فِيهِ دود الصنوبر فِي حلق الشّعْر.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء فِي حب الصنوبر الَّذِي يُقَال لَهُ فدرس: إِنَّه دَوَاء لَا يغذو الْبَتَّةَ دون إنقاعه فِي المَاء حَتَّى تصلح حرافته وحدته كَسَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي فِيهَا حِدة وحراقة فَإِذا سلخت حدتها غذت غذَاء يَسِيرا وَهِي تلذع الْمعدة لذعاً قَوِيا وتصدع الرَّأْس وَلَو أَخذ مِنْهَا مِقْدَار يسير.
وَحب الصنوبر الْكِبَار يُولد دَمًا غليظاً جيدا يغذو غذَاء صَالحا. وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن حب الصنوبر الْكَبِير غليظ الكيموس وَلَيْسَ برديء الكيموس.
ارخيجانس: الصنوبر حَار رطب.
اريباسيوس: الصنوبر الصغار الْغَالِب على قشوره الْقُوَّة القابضة إِذا سحق ونثر على السحج أَبرَأَهُ نعما وَيحبس الْبَطن إِذا شرب ويدمل قُرُوح النَّار وَالْمَاء الْحَار.
وَأما قشر الصِّنْف الآخر الْمُسَمّى قوفا فَهُوَ شَبيه بِهَذَا إِلَّا أَنه أَضْعَف مِنْهُ. وَفِي ورق الصِّنْفَيْنِ الآخرين مِنْهُ قُوَّة تلزق الْجِرَاحَات.
ودخانه نَافِع من انتفاخ الأشفار وذوبان المأقين ونقصانهما والدموع الَّتِي تجْرِي مِنْهُمَا.
بولس فِي خشب الصنوبر وقشوره: إِن فيهمَا شَيْئا من حراقة وَهُوَ منق ويعين على النضج)
وَلذَلِك إِذا غلي بالخل وتمضمض بِهِ أذهب وجع الْأَسْنَان. وَمَتى جعل فِي اللعوقات سهل تصعيد مَا يصعد من الصَّدْر. وَمن تغرغر بطبيخه بخل قد خلط فِيهِ بعد ذَلِك عسل أحدر بلغماً كثيرا ألف ز من الْفَم.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: حب الصنوبر الْكِبَار حَار فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي أَولهَا كثير
(6/249)
الْغذَاء غليظ بطيء الهضم نَافِع للاسترخاء الْعَارِض للبدن مجفف للرطوبة الْفَاسِدَة المتولدة فِي وَيجب أَن يقشر من قشريه وينقع فِي المَاء الْحَار زَمنا طَويلا ثمَّ يُؤْكَل مَعَ الْعَسَل إِن كَانَ مبروداً وَمَعَ الطبرزد إِن كَانَ مزاجه حاراً فَإِن ذَلِك يعين على هضمه وتجويد غذائه.
وَأما الْحبّ الصغار فَفِيهِ عفوصة وحرافة ومرارة وَهُوَ نَافِع لوجع الرئة والسعال وَالضَّرَر الْحَادِث من الْبرد وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْحَرَارَة واليبس وَهُوَ بالدواء أشبه مِنْهُ بالغذاء. والإكثار مِنْهُ يمغس وَلذَلِك يجب أَن يمس بعده من الرُّمَّان المز والعذب.
وخاصة حب الصنوبر النَّفْع من وجع الصَّدْر والرئة الْعَارِض من الْبرد والرطوبة وَهُوَ نَافِع من الرُّطُوبَة الْعَارِضَة فِي المثانة والكلى.
أَبُو جريج: الراتينج نَافِع من الخراجات الصلبة مَتى ضمدت بِهِ وينفع الْأَعْضَاء الَّتِي تكون فِيهَا الخراجات مَتى خلط بالمراهم وَإِذا نثر على القروح الَّتِي فِي الرَّأْس مَعَ الجلنار وَالْعُرُوق أبرأها وَفِي سَائِر الْجَسَد. ج فِي كتاب الكيموسين: حب الصنوبر الْكِبَار غليظ الكيموس إِلَّا أَنه رَدِيء الكيموس.
صفراغون هُوَ طَائِر هَذَا اسْمه بالافرنجية تُؤْخَذ أمعاؤه فتنظف وَتحرق وَيشْرب قَلِيلا قَلِيلا فتفت صدف د: إِن صدف الفرفير مَتى أحرق كَانَت لَهُ قُوَّة ميبسة جالية للأسنان نَاقِصَة للحم الزَّائِد منقية للقروح مدملة لَهَا وَكَذَلِكَ يفعل النَّوْع الَّذِي يُسمى فيروقس. وَإِن حشي بملح وأحرق فِي قدر جلا الْأَسْنَان وَحرق النَّار مَتى ذَر عَلَيْهِ.
وَيجب أَن يتْرك عَلَيْهِ حَتَّى يجِف فَإِنَّهُ إِذا اندمل سقط من نَفسه.
وَلحم الصدف الْمُسَمّى فيروقس جيد للمعدة وَلَا يلين الْبَطن.
وَلحم الصدف الَّذِي يُسمى فرقون أَشد قُوَّة وإحراقاً من لحم النَّوْع الْمُسَمّى فيروقس إِلَّا أَنه يَأْكُل اللَّحْم مَتى وضع عَلَيْهِ.
والصدف النبطي إِذا أحرق فعل فعل الفيروقس وَإِذا غسل بعد ذَلِك وَاسْتعْمل فِي أدوية الْعين وَافق أوجاعها وَإِذا خلط بالعسل أذاب غلظ الجفون وجلا الْبيَاض والخشونة والغشاوة.
ولحمه يوضع على عضة الْكَلْب الْكَلْب فينفع مِنْهَا.
والصدف الَّذِي يُسمى بِالشَّام طلبيس فَإِنَّهُ إِذا أكل طرياً ألان الْبَطن وخاصة مرقه.
وَمَا كَانَ مِنْهُ عتيقاً وأحرق وخلط بقطران وسحق وقطر على الجفن لم يذر الشّعْر ينْبت فِي
(6/250)
ومرق أَصْنَاف الصدف الصغار يسهل الْبَطن مُفردا وَمَعَ يسير من الشَّرَاب.
وصدف الفرفير إِذا خلط بِزَيْت وأدهن بِهِ ألف ز أمسك الشّعْر المتساقط وأنبته وَإِذا شرب بخل أذبل الأورام فِي الطحال.
وَمَتى بخر بِهِ أَفَاق النِّسَاء اللواتي بِهن اختناق من وجع الْأَرْحَام وَيخرج المشيمة مِنْهُنَّ مَتى بخر بِهِ.
وَأما غطاء الصدف الْهِنْدِيّ الْعطر الرَّائِحَة والبايلي وَالَّذِي على سَاحل قلزم فَإِنَّهُ إِذا بخر بِهِ نفع من اختناق الْأَرْحَام الْبَتَّةَ وَفِي رِيحه شَيْء من ريح الجندبادستر وَلذَلِك يُنَبه المصروعين.
وَأما الصدف اللؤْلُؤِي وَهُوَ جلياس فَإِنَّهُ جيد للمعدة وَالْفساد. والبحري سريع النَّفْع فِي ذَلِك.
وَقُوَّة أغطية الصدف كلهَا إِذا أحرقت مسخنة جالية للجرب والبهق والأسنان. إِذا أحرقت)
بِلُحُومِهَا وسحقت واكتحل بهَا مَعَ عسل جلت آثَار اندمال القروح والكلف والغشاوة.
وَمَتى ضمد بهَا غير محرقة الحبن أضمره وَلَا يُفَارق الانتفاخ حَتَّى يحطمه ويفني رطوبته ويسكن أوجاع النقرس وأورامه ويجذب السلاء من اللَّحْم ويدر الطمث مَتى احْتمل. وَإِن ضمدت الْجِرَاحَات وخاصة الَّتِي فِي الأعصاب بِلُحُومِهَا مسحوقة مَعَ مر وكندر ألزقها. وَإِذا سحقت بخل قطعت الرعاف.
ولحومها طرية غير مطبوخة وَلَا مشوية تسكن وجع الْمعدة وَمَتى دقَّتْ بأغطيتها وشربت بِخَمْر وَشَيْء يسير من مر أبرأت القولنج ووجع المثانة.
واللزوجة الَّتِي تكون على لحم الْبري مِنْهَا إِذا وضعت بابرة على الشعرة الَّتِي فِي الجفن وألزقت التزقت.
جالينوس يَقُول فِي ذكر لحم الحلزون: إِن الرُّطُوبَة الَّتِي تُوجد فِي الحلزون وَتسَمى صديد الحلزون فَإِنَّهَا مَتى خلطت مَعَ الكندر وَالصَّبْر أَو مَعَ المر أَو مَعَ جَمِيع هَذِه أَو مَعَ بَعْضهَا ودقت حَتَّى يصير هِيَ والدواء فِي ثخن الْعَسَل صَار لَهُ علوكة تجفف الأورام المخاطية الْحَادِثَة فِي أصل الْأذن تجفيفاً جيدا وَهُوَ أَيْضا لزاق.
ويجفف أَيْضا الْموَاد المنحدرة من الرَّأْس إِلَى الْعَينَيْنِ إِذا وضع على الْجَبْهَة.
وَقد يسْتَعْمل الحلزون فِي إِخْرَاج السلاء بعد السحق مَعَ خزفه وَفِي مداواة اختناق الطمث.
وَقد سحقت لحم الحلزون نعما وَوَضَعته على جِرَاحَة كَانَ مَعهَا قطع وَفسخ فِي العصب فاندملت حسنا وَلم يحدث فِي الْعصبَة ورم وَكَانَ صَاحبهَا صلب الْجِسْم وسحقت مَعَ ذَلِك اللَّحْم شَيْئا من غُبَار حَائِط قريب من الرَّحَى.
وَقد ذكر الْأَطِبَّاء الَّذين كَانُوا قبلنَا أَنه يجب أَن يخلط مَعَ لحم الحلزون المر والكندر وَقد يلزق
(6/251)
وَقَالَ فِي الحلزون الْمُسَمّى فيروقس وفرفورا: إِن جثته صلبة جدا وَلست أستعمله إِلَّا محرقاً. وَقُوَّة هَذِه الجثة محرقة تجفف تجفيفاً بليغاً. وَيجب أَن تجْعَل كالغبار بالسحق. نَافِع للخراجات الخبيثة.
وَهَذَا شَيْء عَام لجَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي تجفف من غير لذع لذعاً بَينا. وَذَلِكَ أَن الَّذِي ألف ز يلذع بهيج ويثور فَيكون سَببا لانصباب الْموَاد وَلِجَمِيعِ مَا هَذَا سَبيله شَيْء عَام. وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا عجنت بالخل وَالْمَاء أَو بالخل وَالْعَسَل أَو بِالشرابِ وَالْعَسَل كَانَت نافعة نفعا كثيرا جدا)
للخراجات المتعفنة وَلذَلِك صَار جَمِيع الخراجات ينفعها هَذَا إِلَّا أَن بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَر على قدر الأمزجة.
وَأما اوسطراون فَإِن خزفه شَبيه بخزف فيروقس لكنه ألطف مِنْهَا وَلِجَمِيعِ هَذَا الحلزون قُوَّة تجمع الْأَجْزَاء مَا دَامَت غير محرقة فَإِذا أحرقت صَار لَهَا قُوَّة مُخَالفَة لهَذِهِ وَهِي الْقُوَّة المحللة وَإِن غسلتها بعد ذَلِك صَار مَاؤُهَا معفناً وَمَا يبْقى أرضياً لَا لذع مَعَه أصلا وَهُوَ يكون نَافِعًا جدا لجَمِيع الخراجات الرّطبَة لِأَنَّهُ يَبْنِي اللَّحْم فِيهَا ويختمها.
فَأَما خزف الحلزون الْمُسَمّى ارسطرا فَإِنِّي أستعمله محرقاً فِي مداواة الخراجات الرّطبَة والخراجات العتيقة الَّتِي يعسر نَبَات اللَّحْم فِيهَا من أجل مَادَّة تنصب إِلَيْهَا وَقد صَارَت نواصير وَغَارَتْ فأضع حولهَا مِنْهُ من خَارج مَعَ شَحم عَتيق وأضع من دَاخل الْجرْح بعض الْأَشْيَاء الَّتِي تنْبت اللَّحْم بِمَنْزِلَة الشَّيْء الَّذِي يُسَمِّيه اليونانيون مقرناً وَهَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا مَوْجُودَة فِي جَمِيع أخزاف الْحَيَوَان بعد أَن يحرق إِلَّا أَنه بعد أَن يحرق على مَا يجب لكنه فِي خزف الْحَيَوَان الْمُسَمّى اوسطرا أَكثر وَبعده فِي خزف فيروقس وفرفورا وَلذَا صَار مَا هَذَا سَبيله من الرماد يخلط بالمراهم المحللة مَعَ الشَّحْم الْعَتِيق. وَمَتى أردته أَكثر حِدة أخلط بِهِ الشحوم الحارة.
وَجَمِيع هَذِه الأرمدة تجلو وتبرق الْأَسْنَان بالجلاء الَّذِي فِيهِ والخشونة.
وَإِذا أردته لهَذَا وَنَحْوه فَلَيْسَ يحْتَاج إِلَى سحقه نعما وَمَتى أردته للخراجات الخبيثة فأجد سحقه فَإِن هَذِه الأرمدة مَتى أحرقتها تنقص اللَّحْم الزَّائِد باعتدال وَمَتى خلطت بالملح جلت الْأَسْنَان جلاء قَوِيا حَتَّى أَنه يجفف اللثة المترهلة ونفع الْجِرَاحَات العفنة.
وَأما جثة فرفورا فقد زعم بعض أَصْحَاب الْكتب أَنه مَتى شرب بالخل شفى الطحال المترهل وَمَتى تدخن بِهِ نفع من اختناق الْأَرْحَام وَيخرج المشيمة من الرَّحِم.
وَالَّذِي يُسمى فوحيل فَمَتَى أحرق بجثته وخلط مَعَ رماده عفص أَخْضَر وفلفل أَبيض نفع من القروح الْحَادِثَة فِي الأمعاء مَا دَامَت لم تتعفن نفعا عَظِيما. وَيجب أَن يَجْعَل من الفلفل جُزْء وَمن العفص جزءان وَمن رماد الحلزون أَرْبَعَة أَجزَاء يسخن نعما ويذر على الطَّعَام ويسقى بشراب
(6/252)
وَقد يوضع الحلزون بجثته على بطُون المستسقين وعَلى أورام المفاصل. وَإِذا وضعت عَلَيْهِ قِطْعَة قلعه يعسر لكنه يجفف ألف ز تجفيفاً شَدِيدا وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء يسخن من أجل إحراقه. وَيجب إِذا وضعت أَن تتْرك عَلَيْهَا حَتَّى تسْقط من ذَاتهَا.)
وَهَذَا بِعَيْنِه يجب أَن يفعل فِي مداواة الأورام الْعسرَة الْبُرْء والانحلال الْحَادِثَة فِي الْأذن من ضَرْبَة أَو رضة وَذَلِكَ أَن هَذَا الدَّوَاء يجففها تجفيفاً شَدِيدا وَلَو أَنه صَادف فِيهَا رُطُوبَة غَلِيظَة لزجة متمكنة فِي عمق الْعُضْو.
قَالَ: فَأَما الأصداف الصغار الجافة مَتى أحرقت فَإِن رمادها فِي مَا يُقَال يبلغ من إحراقه أَنه إِن خلط مَعَ القطران ثمَّ قطر مِنْهُ فِي مَوَاضِع الشّعْر المنقلب فِي الأجفان بعد النتف مَنعه من النَّبَات ثَانِيَة.
وَقَالَ فِي الحلزون الْمُسَمّى فلنجارس: إِن لَحْمه عسر الهضم كثير الْغذَاء وَفِيه رُطُوبَة تطلق الْبَطن على مثل مَا فِي جَمِيع الْحَيَوَانَات الخزفية الْجلد وَمَتى طبخ بماءين عقل الْبَطن وغذا غذَاء كَافِيا.
وَأما مَا صلب لَحْمه من الحلزون فقوة الإسهال فِيهِ أقل وفساده أعْسر وَلذَلِك يطعم من يفْسد الطَّعَام فِي معدته بعد طبخه بماءين أَو ثَلَاثَة. ويتولد من اللَّحْم الصلب مِنْهُ خلط خام وَمن وَلحم الحلزون مَتى أحرق صَارَت قوته صَالِحَة للتجفيف وَلذَلِك يَسْتَعْمِلهُ فِي بعض الْمَوَاضِع الغائرة الَّتِي قد طَالَتْ مدَّته بِسَبَب انصباب الْموَاد إِلَيْهَا وعسر نَبَات اللَّحْم فِيهَا وَصَارَت فِي طَرِيق النواصير. وَاسْتَعْملهُ فِي هَذَا الْموضع بِأَن تضعه حولهَا من خَارج بشحم خِنْزِير عَتيق وَيصب فِي نفس التجويف بعض الْأَدْوِيَة الَّتِي تنْبت اللَّحْم.
بولس: الحلزون المحرق لَهُ قُوَّة مجففة قَليلَة الْحَرَارَة نَافِع من الذوشنطاريا مَا لم يعفن بعد.
وَيجب أَن يُؤْخَذ من الحلزون أَرْبَعَة أَجزَاء وَمن الفلفل الْأَبْيَض جُزْء وَمن العفص جزءان فَإِن أَخذ حلزون غير محرق وسحق وَوضع على بطن من بِهِ حبن أَو على مفاصل من بِهِ وجع المفاصل وَيتْرك عَلَيْهِ حَتَّى يسْقط من ذَاته نفع. وَذَلِكَ أَنه يجفف الرُّطُوبَة الَّتِي تكون فِي العمق. ج: لحم الأصداف يُقَال: إِنَّه ينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب. وَأَنا أَظن أَن هَذَا الدَّاء يحْتَاج إِلَى أدوية تبدل فِي كل وَقت بِحَسب الْعلَّة.
وَلحم الحلزون مَتى سحق وطلي بِهِ الْبدن جفف تجفيفاً قَوِيا وَلذَلِك ينفع من الاسْتِسْقَاء.
صابون بولس: إِن لَهُ قُوَّة تعفن وتجلو.
صَبر قَالَ د: قوته قابضة مجففة مُحصنَة للأبدان وَإِذا شرب مِنْهُ درخمي
(6/253)
وَنصف بِمَاء فاتر أسهل الْبَطن ونقى الْمعدة وَمَتى شرب مِنْهُ درخمي بِمَاء قطع نفث الدَّم ونقى اليرقان وَمَتى حبب مَعَ الراتينج أَو بِعَسَل منزوع الرغوة وَأخذ أسهل الْبَطن.
وَمَتى أَخذ مِنْهُ ثَلَاث درخميات نقى تنقية كَامِلَة. وَمَتى خلط بالأدوية المسهلة دفع ضررها عَن الْمعدة.
وَإِذا ذَر على الحزاجات ألزقها وأدمل القروح ومنعها من الانبساط وشفى القروح الَّتِي ألف ز فِي القروح وألزق الخراجات الطرية.
وَإِذا ديف بشراب حُلْو شفى من البواسير الناتئة والشقاق الْعَارِض فِي المقعدة. وَيقطع الدَّم السَّائِل من البواسير ويدمل الداحس المتقرح.
وَمَتى خلط بِعَسَل أذهب آثَار الضَّرْب الباذنجانية واللون البنفسجي الْعَارِض تَحت الْعين وَسكن حكة الْعين والمأق.
وَمَتى خلط بالخل ودهن الْورْد ولطخ على الْجَبْهَة والصدغين سكن الصداع.
وَإِذا خلط بِالشرابِ أمسك الشّعْر المتناثر. وَإِذا خلط بِعَسَل أَو بشراب وَافق أورام العضل الَّذِي وَقد يشوى فِي الْجَمْر على خزف ويلف حَتَّى يَسْتَوِي من جَمِيع نواحيه وَيسْتَعْمل فِي الاكتحال.
حَكِيم بن حنين قَالَ: قَالَ د: إِن الصَّبْر نَافِع من أوجاع الْعين وخاصة من جربها الخشن وحكة المأق والأجفان. ج يَقُول: النَّابِت مِنْهُ فِي الْبِلَاد الحارة جيد والهندي فِيهِ مَنَافِع كَثِيرَة وَذَلِكَ أَنه يجفف تجفيفاً لَا لذع مَعَه وَلَيْسَ طبعه بسيطاً مُفردا وَالشَّاهِد على ذَلِك طعمه فَإِن فِيهِ قبضا ومرارة مَعًا إِلَّا أَن قَبضه يسير ومرارته شَدِيدَة وَهُوَ أَيْضا يحدر الثفل من الْبَطن.
وَتعلم من هَذِه الْأَفْعَال إِن كنت ذَاكِرًا لما تقدم فِي القوانين أَنه يجفف فِي الثَّالِثَة ويسخن فِي إِمَّا فِي الأولى ممتداً أَو فِي الثَّانِيَة مسترخياً.
وَمِمَّا يشْهد على أَن قُوَّة الصَّبْر مركبة مخلوطة مَا يَفْعَله من أَفعاله الْجُزْئِيَّة أَولا فأولاً)
وَذَلِكَ أَنه أَنْفَع للمعدة من كل دَوَاء آخر ويلصق النواصير الغائرة ويدمل القروح الْعسرَة الِانْدِمَال وخاصة مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدبر والمذاكير.
وينفع أَيْضا من الأورام الْحَادِثَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع إِذا ديف بِالْمَاءِ وطلي عَلَيْهَا وَيلْزق ويدمل الْجِرَاحَات على ذَلِك الْمِثَال وينفع إِذا اسْتعْمل فِي الأورام الْحَادِثَة فِي الْفَم والمنخرين والعينين.
(6/254)
وَبِالْجُمْلَةِ من شَأْنه أَن يمْنَع كل مَا ينجلب ويحلل كل مَا قد حصل. وَفِيه مَعَ هَذَا جلاء يسير يبلغ من قلته أَنه لَا يلذع الخراجات النقية.
اوريباسيوس فِيهِ هَذَا القَوْل فِي أَفعاله الْجُزْئِيَّة غير أَنه كَانَت فِي نُسْخَة كناشه الصَّغِير: إِنَّه يسخن إسخاناً شَدِيدا وتجفيفه وَقَبضه ضَعِيف وَهَذَا مُخَالف لرأي ج فَيجب أَن ينظر فِي نسخ أخر.
بولس: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة نَافِع للمعدة مُحَلل ينقي الزبل الَّذِي فِي الْبَطن وَإِذا غسل كَانَت تنقيته أقبل وَكَانَ أَنْفَع للمعدة ويسكن الأورام الحارة وَيفتح أَفْوَاه الْعُرُوق وَلَا سِيمَا الَّتِي تكون فِي المذاكير والفروج. ج فِي تَدْبِير الأصحاء: من طبع الصَّبْر جذب الصَّفْرَاء وإخراجها فَإِنَّهُ فِي السَّادِسَة.
وَقَالَ فِي الميامر فِي الثَّانِيَة: إِن الصَّبْر الْغَيْر المغسول أَكثر إسهالاً وَالْغسْل ينقص من قوته الدوائية نقصا بَينا ويخرجه عَن طبعه إخراجاً كثيرا حَتَّى أَنه لَا يكَاد يسخن.
قَالَ: وَفِي الصَّبْر قُوَّة إسهال لَيست بالقوية بل إِنَّمَا مِقْدَار قوته أَن يبلغ أَن يسهل مَا فِي الْبَطن مِمَّا يلقاه ويماسه فَإِن سقِِي مِنْهُ فضل قَلِيل بلغت قوته ألف ز إِلَى نَاحيَة الصَّدْر والكبد. وَأما أَن يكون الصَّبْر من الْأَدْوِيَة الَّتِي تنقص الْجِسْم كُله فَلَا.
وَقَالَ: الصَّبْر أبلغ الْأَدْوِيَة لمن تعرض فِي معدته علل من جنس المرار حَتَّى أَنه يبريء كثيرا مِنْهَا فِي يَوْم وَاحِد.
وَقَالَ: وَيجب أَن تعلم أَن الْعِلَل الْحَادِثَة فِي الْمعدة والبطن من أجل أخلاط رَدِيئَة ينْتَفع أَصْحَابهَا بالأدوية المتخذة بِالصبرِ.
قَالَ: وَالصَّبْر لَا يَسْتَطِيع على جذب الرطوبات الغليظة لما هُوَ عَلَيْهِ من ضعف قوته المسهلة فَإِذا خلط بِهِ الأفاويه اللطيفة قَوّته.)
الْفَارِسِي: الصَّبْر يسخن الْمعدة ويدبغها أَيْضا ويطرد الرِّيَاح وَيزِيد الْفُؤَاد حِدة ويجلوه جيد لأوجاع المفاصل والنقرس يُخرجهُ إِلَى خَارج ويسهل خلطه.
ابْن ماسويه فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة المسهلة: خَاصَّة الصَّبْر تنقية الْمعدة وَالرَّأْس ويجفف القروح الْحَادِثَة فِي المذاكير وَيفتح سدد الكبد وَيذْهب اليرقان ويضر بالمقعدة وخاصة الَّذِي لَيْسَ بأحمر وَلَا متفرك.
جالينوس فِي مقَالَته إِن قوى النَّفس نافعة لمزاج الْبدن: إِن للصبر قُوَّة مسهلة وَقُوَّة مقوية للمعدة ويلحم الْجِرَاحَات الطرية الَّتِي يدملها يخْتم القروح المستوية مَعَ سطح الْبدن ويجفف الرُّطُوبَة فِي الأجفان.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه يجلب البلغم من الرَّأْس والمفاصل وَيفتح سدد الكبد والمعدة.
(6/255)
قَالَ: والعربي إِنَّمَا يسْتَعْمل بالطلاء فَقَط وَلَا يشرب.
وأصبت لِابْنِ ماسويه أَيْضا: إِنَّه نَافِع للعينين مجفف للجسد ويطلى بمائه الشقاق الَّذِي يكون فِي الْيَدَيْنِ فينفعه.
قَالَ بولس: إِنَّه يفتح أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة.
وَقَالَت الخوز: الْعَرَبِيّ يطلى على الأورام وَهُوَ أَجود فِي ذَلِك من السقوطري وَلَا يستعملون السقوطري فِي الطلاء الْبَتَّةَ وَلَا الْعَرَبِيّ فِي الشَّرَاب.
وَقَالَ مهراريس: إِنَّه ضار بالكبد والبواسير.
وَقَالَ فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِن الصَّبْر مسهل للسوداء جيد للمالنخوليا وَحَدِيث النَّفس.
وَقَالَ ج فِي الثَّالِثَة من المفردة: إِن الصَّبْر مَتى غسل غسلا جيدا إِمَّا أَلا يسهل الْبَتَّةَ أَو يسهل إسهالاً ضَعِيفا لِأَن فِيهِ من الْقُوَّة المسهلة تنغسل غسلا ويفارقه أَكْثَرهَا. صعتر قَالَ فِيهِ د: قوته شَبيهَة بِقُوَّة الحاشا وَفِيه مَنَافِع.
وَقَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِن قوته كقوة الحاشا إِلَّا أَنه أَضْعَف.
(6/256)
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي آخر الثَّالِثَة وَلَا سِيمَا الْبري وخاصته طرد الرِّيَاح والنفخ والقراقر هاضم للطعام مَذْهَب للثقل الْعَارِض فِي الْمعدة من الطَّعَام الغليظ مدر للبول والطمث محد لِلْبَصَرِ الضَّعِيف من الرُّطُوبَة وَلذَلِك يُؤْكَل مَعَ الباذروح والفجل وَهُوَ نَافِع من وجع الورك أكل أَو تضمد بِهِ من خَارج مَعَ الْحِنْطَة المهروسة.) صفصاف: ألف ز ذَكرْنَاهُ مَعَ الْخلاف. صمغ قَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة الصمغ تجفف وتغري. وَالْأَمر فِيهِ لذَلِك بَين أَنه يذهب الخشونة.
وَقَالَ بديغورس: الصمغ الْعَرَبِيّ يلين خشونة الصَّدْر وَيعْقل الْبَطن.
وَقَالَ أَبُو جريج: أجوده الصافي الْقَلِيل الْخشب وَهُوَ مُمْسك للبطن وَيُقَوِّي المعي وَيجْبر الْعِظَام الكسيرة مَتى تضمد بِهِ وَيدْفَع ضَرَر قُرُوح الرئة لِأَنَّهُ بَارِد يَابِس.
وَقَالَ حنين فِي الترياق: فِي الصمغ مَعَ تغريته يبوسة غالبة فَهُوَ لذَلِك بَالغ فِي الْأَمْكِنَة الَّتِي يحْتَاج فِيهَا مَعَ تغرية إِلَى تجفيف لِأَن الْكثير وَإِن كَانَت تغري كتغرية الصمغ فَإِنَّهَا لَا تجفف فَهِيَ لذَلِك تطرح مَعَ المسهلة وَلَا يطْرَح الصمغ وخاصة صمغ الأقاقيا وَهُوَ الَّذِي يخْتَار للإلقاء مَعَ الترياق.
يذكر هَهُنَا مَا يعم الصموغ فَأَما مَا يَخُصهَا فَكل وَاحِد مَعَ مَا هُوَ لَهُ صمغ واستعن بِذكر صحناة قَالَ ايْنَ ماسويه: الصحناة مجففة للمعدة جالية لما فِيهَا من بلغم نافعة من رداءة النكهة قَاطِعَة للبلغم صَالِحَة من ودع الورك الْمُتَوَلد من البلغم.
وَقَالَ ابْن ماسه: إِنَّهَا حارة يابسة فِي الثَّانِيَة رَدِيئَة الْخَلْط تنشف رُطُوبَة الْمعدة وتولد جرباً ودماً سوداوياً وحكة وتطيب النكهة الْحَادِثَة من فَسَاد الْمعدة.
صندل قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه يبرد فِي الثَّالِثَة ويجفف فِي الثَّانِيَة.
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه بَارِد فِي الثَّالِثَة نَافِع من ضعف الْمعدة والصداع الْحَار والأحمر أبرد وأنفع فِي منع التجلب.
ابْن ماسويه: الصندل جيد للخفقان الْكَائِن من الحميات إِذا طلي على الْمعدة وللحمرة.
انْقَضى حرف الصَّاد
(6/257)
3 - (بَاب الضَّاد)
ضفادع د: مَتى طبخت بملح وزيت وأكلت كَانَت بادزهراً للهوام كلهَا ومرقتها أَيْضا مَتى عملت على هَذِه الصّفة كَانَت مُوَافقَة للأورام المزمنة الْعَارِضَة للأوتار.
وَمَتى أحرقت وذر رمادها على الْموضع الَّذِي يسيل مِنْهُ الدَّم قِطْعَة وَإِن خلط بزفت رطب وطلي على دَاء الثَّعْلَب أَبْرَأ مِنْهُ.
وَدم الضفادع الْخضر إِذا قطر على مَوضِع الشّعْر النَّابِت فِي الجفن بعد نتفه لم يَدعه ينْبت. وَإِذا طبخ بخل وَمَاء وتمضمض بِهِ نفع من وجع الْأَسْنَان.
قَالَ ج يُقَال: إِن رماد الضفادع المحرقة يقطع انفجار الدَّم مَتى وضع عَلَيْهِ. وَإِذا عولج بِهِ زَعَمُوا دَاء الثَّعْلَب مَعَ الزفت الرطب شفَاه.
قَالَ: أما مَا قيل فِي الدَّم الَّذِي من الضفادع. إِنَّه يمْنَع الشّعْر الزَّائِد فِي جفن الْعين أَن ينْبت فَهُوَ كذب.
السمُوم من أكل ضفدعاً تورم بدنه ألف ز كُله وكمد لَونه وَقذف الْمَنِيّ حَتَّى يَمُوت. ضَأْن نذكرهُ مَعَ اللَّحْم.
ضرع قَالَ جالينوس فِي كتاب الْغذَاء: إِنَّه مَتى كَانَ ملآن من لبن فغذاؤه مَتى استمريء استمراء جيدا قريب من غذَاء اللَّحْم وَإِذا لم يستحكم هضمه تولد مِنْهُ خلط غليظ خام أَو بلغمي.
قَالَ ابْن ماسه: الضَّرع بَارِد يَابِس للْعصبَةِ الَّتِي فِيهِ غير أَنه إِذا كَانَ فِيهِ لبن كَانَ أسْرع لهضمه وَأحمد مزاجه. وَيجب أَن يُؤْكَل بالأفاويه يسْرع انحداره عَن الْمعدة.
وَقَالَ جالينوس فِي الكيموس: إِنَّه مَتى كَانَ فِيهِ لبن فَهُوَ طَعَام جيد غليظ الكيموس فَإِن كَانَ الْحَيَوَان صَحِيحا مَحْضا كَانَ ضرعه كثير الْغذَاء جيد الْخَلْط. ضرو قَالَ ج فِي رسم الطِّبّ بالتجارب: إِنَّه قد وَقع الْإِجْمَاع على أَنَّهَا تعقل الْبَطن وَإِنَّمَا ذكرهَا على قَالَ ابْن ماسه: الضرو حَار فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي الأولى جلاء مُحَلل طيب الرّيح ويجلب إِلَى مَكَّة شَيْء يُسمى رب الضرو نَافِع من القلاع غَايَة النَّفْع.
ضبع قَالَ جالينوس فِي الترياق إِلَى قَيْصر: مرَارَة الضبع العرجاء مَتى خلطت بِعَسَل واكتحل بهَا نَفَعت المَاء الْكَائِن فِي الْعين.
انْقَضى حرف الضَّاد
(6/258)
3 - (بَاب الطَّاء)
طرفاء د: ثَمَرَته تقبض اللِّسَان وَيسْتَعْمل بدل العفص فِي أدوية الْعين وأدوية الْفَم مُوَافقَة لنفث الدَّم مَتى شربت وللإسهال المزمن ولسيلان الرطوبات المزمنة من الْأَرْحَام ونهش الرتيلا وَمَتى تضمد بِهِ أضمر الأورام البلغمية.
وقشره يفعل فعل الثَّمر.
وَمَتى طبخ ورقه بِمَاء ومزج طبيخه بِالشرابِ وَشرب أذبل الطحال وَمَتى تمضمض بِهِ نفع من وجع الْأَسْنَان وَمَتى جلس فِي طبيخه منع السيلان المزمن من الرَّحِم. وَيصب هَذَا الطبيخ على الَّذين يتَوَلَّد فيهم قمل كثير.
وَيحْتَمل رماد خشب الطرفاء فَيمْنَع السيلان من الرَّحِم. وَيعْمل من سوق الطرفاء مشارب يسقى فِيهَا المطحولون. ج فِي السَّابِعَة: قوته تقطع وتجلو من غير أَن تجفف تجفيفاً بَينا وَفِيه مَعَ هَذَا قبض وَلما كَانَ فِيهِ هَذِه القوى صَار نَافِعًا للطحال الصلب مَتى طبخ ورقه وَأَصله أَو قضبانه بالخل أَو بِالشرابِ وَشرب وينفع أَيْضا من وجع الْأَسْنَان.
وَأما ثَمَر الطرفاء ولحاؤه ففيهما قبض شَدِيد حَتَّى أَن قوتها فِي ذَلِك قريبَة من قُوَّة العفص الْأَخْضَر إِلَّا أَن الطرفاء يخالطه شَيْء لطيف لَيْسَ بِيَسِير. وَقد يسْتَعْمل بَدَلا من العفص مَتى لم يقدر عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْأَمر فِي لحائه.
ورماد الطرفاء يجفف تجفيفاً شَدِيدا. فالأكثر فِيهِ الْجلاء والتقطيع والأقل الْقَبْض.
ماسرجويه. رماد الطرفاء ألف ز يجفف القروح الْعسرَة وخاصة الْكَائِن من حرق النَّار.)
الخوز: إِنَّه بَارِد لطيف يَابِس نَافِع للأورام الْبَارِدَة إِذا دخنت بِهِ ولأكثر الأورام. طريغلا ذكر عِنْد ذكر السّمك. طلع: يذكر مَعَ النّخل. طيهوج يذكر مَعَ اللَّحْم. طحال وَقَالَ فِي كتاب الكيموس فِي سَائِر الْحَيَوَان مَا خلا الْخَنَازِير: إِنَّه شَدِيد رداءة الكيموس فَأَما طحال الْخِنْزِير فَذَلِك قَلِيل فِيهِ.
(6/259)
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِن انهضام الطحال لَيْسَ بسريع.
قَالَ حنين: ذَلِك لعفوصته.
ابْن ماسويه: إِنَّه عفص سوداوي رَدِيء بطيء الهضم. طحلب د: إِن الخضرة الشبيهة بالعدس الْقَائِم فَوق المَاء وَهُوَ عدس المَاء بَارِد وَمَتى تضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ سويق الشّعير نفع من الْحمرَة والأورام الحارة والنقرس. وَمَتى ضمدت بِهِ قيلة الأمعاء الْعَارِضَة للصبيان أضمرها وَفِي نُسْخَة أُخْرَى: خرقها.
وَقَالَ حنين: لم يُمكن أَن يفهم باليوناني هَاتَانِ اللفظتان جَمِيعًا.
وَأم الطحلب البحري فَهُوَ شَيْء يكون فِي الْحِجَارَة الَّتِي تقرب من الْبَحْر شَبيهَة بالشعر فِي الرقة لَا سَاق لَهُ وَهُوَ قباض جدا وَفِي نُسْخَة أُخْرَى: مبرد جدا يصلح للأورام الحارة المحتاجة إِلَى التبريد من النقرس نفعا بَينا. ج فِي الثَّامِنَة: قوته مركبة من جَوْهَر أرضي وجوهر مائي كِلَاهُمَا باردان وَذَلِكَ أَن طعمه قَابض وَهُوَ يبرد. وَمَتى ضمد بِهِ نفع من جَمِيع الْعِلَل المحتاجة إِلَى التبريد نفعا بَينا.
وَقَالَ فِي الطحلب الَّذِي يكون على الصخر: مِمَّا يَقع عَلَيْهِ من الندى والطل وَهُوَ يشفي القوبا وقوته تجلو وتبرد مَعًا إِلَّا أَن تبريدها يسير. وَهِي تجفف من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا والجلاء والتجفيف اكْتَسبهُ من الصخر والتبريد من المَاء. وَلَيْسَ بعجب أَن يكون شَيْئا مركبا من مثل)
هَذِه الطبائع يمْنَع من حُدُوث الأورام الحارة. فَأَما إِن كَانَ هَذَا الدَّوَاء يقطع الدَّم المنفجر على مَا قَالَ د فَلَا شَيْء عِنْدِي فِيهِ.
وَقَالَ فِي الطحلب حِين أفرد ذكره: مزاجه رطب كَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَة مِنْهَا. طراثيث خاصته حبس الْبَطن وَالدَّم.
قَالَ بولس: قوته شَبيهَة بِقُوَّة الجلنار وَهُوَ دَوَاء قوي فِي جَمِيع أَفعاله فِي الْعِلَل السيالة وَهُوَ مَعًا يجفف يُقَوي الْأَعْضَاء. ابْن ماسويه: رَدِيء المزاج بطيء الهضم. طوفريوس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة هَذَا قُوَّة قطاعة وَلذَلِك يشفي حساؤه الطحال وَهُوَ فِي الثَّالِثَة من التجفيف وَالثَّانيَِة من الإسخان.
طيلاقيون ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا يجفف ويجلو وَلَا يسخن ألف ز إسخاناً بَينا فَهُوَ فِي الأولى من الإسخان وَفِي آخر الثَّانِيَة من التجفيف وَلذَلِك يُوَافق الخراجات المتعفنة ويشفي البهق والبرص إِذا عولج بِهِ مَعَ الْخلّ. طراغيون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: ورق هَذَا النَّبَات وثمرته وصمغته محللة لَطِيفَة حارة كَأَنَّهَا فِي الثَّانِيَة وَلذَلِك يخرج السلاء ويفت الْحَصَى ويدر الْبَوْل إِذا شرب مِنْهُ مِثْقَال وينبت فِي قريطش
(6/260)
وَمِنْه نوع آخر شَدِيد الْقَبْض يصلح للعلل السيلانية. طريفلون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قوته حارة يابسة فِي الثَّالِثَة وريحه كريح القفر وَلذَلِك يشفي وجع الأضلاع الْحَادِث عَن السدد ويدر الْبَوْل والطمث.
طرنجو ماناس ج: هَذَا يفعل فعل البرشياوشان. طريفلن: هَذَا ينْبت فِي الرّبيع وَله بزر شَبيه ببزر العصفر إِذا طبخ وصب طبيخه على نهش الأفعى. لي أصبت بحذاء هَذَا فِي ثَبت الْأَدْوِيَة حندقوقا وَوجدت فِي كتب كَثِيرَة أَن الحندقوقا يفعل هَذَا الْفِعْل وَهُوَ غلط فِيمَا أَحسب فِي الِاسْم. بولس: يسْتَعْمل فِي النورة مَتى أُرِيد أَن يكون يبسها أَكثر. طرخون ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي وسط الثَّانِيَة بطيء فِي الْمعدة عسر الهضم.
الطَّبَرِيّ: إِنَّه بَارِد ثقيل.
مسيح: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة مجفف ناشف للبلة.
طرخشقوق الخوز: نَافِع من لذع الْعَقْرَب والتنين ولبه يجلو بَيَاض الْعين. طباشير بديغورس: خاصته النَّفْع من الْحَرَارَة والصفراء.
حَكِيم بن حنين حكى عَن ج: إِن للطباشير تحليلاً ودفعاً غير أَن التبريد أقوى.
وَقَالَ: فِي مذاقته قبض ومرارة مَعًا وَهَذَانِ مجففان وَقد بَان أَنه مركب فِي قواه كالورد وَلَكِن وَقَالَ: إِن الطباشير نَافِع من أورام الْعين الحارة.
الدِّمَشْقِي: هُوَ بَارِد فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة نَافِع من التهاب الصَّفْرَاء وَيُقَوِّي الْمعدة وَيدْفَع الكرب وينفع القروح فِي الْفَم.
ماسرجويه: إِنَّه جيد للصفراء والغثي والبثور فِي أَفْوَاه الصّبيان عَاقل للبطن.
الخوزي: إِنَّه جيد لخفقان الْفُؤَاد وَهُوَ بَادر يَابِس فِي الثَّالِثَة يشد الْبَطن وينفع الْفَم واحتراق الْمرة وَيُقَوِّي الْمعدة وينفع من الغشي إِذا شرب مِنْهُ أَو طلي بِهِ وَمن الخفقان جيد للْحرّ والبثر فِي أَفْوَاه الصّبيان.
طين أما الْمَخْتُوم فَقَالَ د: إِنَّه مَتى شرب بِالْخمرِ دفع مضرَّة الْأَدْوِيَة القتالة بِقُوَّة قَوِيَّة وَإِذا تقدم فِي شربه وَشرب بعده الدَّوَاء الْقَاتِل أخرجه بالقيء ويوافق لذع الْهَوَام.
وَقَالَ: جَمِيع الطين المستعملة فِي الطِّبّ يعمها التبريد والتغرية وتختلف بعد فِي خَواص ألف ز لَهَا.
(6/261)
القيموليا قَالَ: إِذا ديف بخل ولطخت بِهِ الأورام الْعَارِضَة فِي أصُول الآذان وَسَائِر الخراجات حللها وَإِذا خلط بِمَاء وخل ولطخ على حرق النَّار أول مَا يعرض نفع وَمنع التنفط وحلل أورام الجاسية الْعَارِضَة فِي الْأُنْثَيَيْنِ وَجَمِيع الأورام الحارة. وبالجملو فَإِنَّهُ كثير الْمَنَافِع وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون فِي الْخَالِص مِنْهُ.
وَقَالَ: الطين المحرق وخزف التَّنور الشَّديد اليبس لَيْسَ لَهُ قُوَّة قَوِيَّة وَمَتى خلط بخل ولطخ بِهِ نفع الحكة والبثور والنقرس وَإِن خلط بقيروطي حلل الأورام الجاسية الَّتِي يُقَال لَهَا الْخَنَازِير.
والطين الَّذِي يكون فِي حيطان الأتون قوته مثل تِلْكَ. ج فِي التَّاسِعَة حِكَايَة عَن الرجل الَّذِي من أهل هَذِه الجزيرة الَّتِي فِيهَا هَذَا الطين الَّذِي وضع كتابا فِي اسْتِعْمَال هَذَا الطين: إِنَّه كَانَ يداوي بِهِ الْجِرَاحَات الطرية بدمها والقروح الْعسرَة الْبُرْء وَكَانَ يَسْتَعْمِلهُ أَيْضا فِي مداواة نهش الأفاعي وَغَيرهَا من الْهَوَام وَكَانَ يتَقَدَّم فيسقي مِنْهُ من يخَاف عَلَيْهِ أَن يسْقِي دَوَاء قتالاً ويسقي مِنْهُ من قد شرب مِنْهَا شَيْئا أَيْضا بعد شربه السم وَكَانَ يزْعم أَن هَذَا الدَّوَاء الْمُتَّخذ بحب العرعر وَهُوَ الَّذِي يَقع فِيهِ من هَذَا الطين شَيْء كثير قد امتحنته فَوَجَدته يهيج الْقَيْء إِذا شربه الْإِنْسَان والسم الَّذِي شربه فِي معدته.
فقد قَالَ جالينوس: ثمَّ جربت أَنا أَيْضا ذَلِك فِي من شرب أرنباً بحرياً وَمن شرب الذراريح بالحدس مني عَلَيْهِم أَن يَكُونُوا قد شربوا هَذَا فتقيؤا من ساعتهم مَا شربوه كُله بعد شربهم الطين الْمَخْتُوم وَلم تعرض لَهُم الْأَعْرَاض الَّتِي تعرض لمن شرب هَذَا وَكَانَ فِي الْقَيْء السم الَّذِي شربوه وَلست أعلم هَل يفعل ذَلِك فِي جَمِيع السمُوم.
قَالَ: فَأَما ذَلِك الرجل الَّذِي دفع إِلَيّ الْكتاب فَكَانَ يضمن عَن هَذَا الطين الْمَخْتُوم ذَلِك وَيَزْعُم أَيْضا أَنه قد شفى بِهِ عضة الْكَلْب الْكَلْب عِنْد مَا يسقى مِنْهُ بشراب ممزوج ويطلى على القرحة الْحَادِثَة عَن العضة مِنْهُ بخل ثَقِيف وَكَذَلِكَ يزْعم أَن هَذَا الطين إِذا ديف بخل نفع من نهش)
جَمِيع الْهَوَام بعد أَن يوضع فَوْقه إِذا طلي ودق بعض العقاقير الَّتِي قد علمنَا من أمرهَا أَن قوتها مضادة للعفونة وخاصة ورق سقرديون وَبعده ورق قنطوريون دَقِيق وَبعد هَذَا ورق الفراسيون.
وَأما الْجِرَاحَات الخبيثة العفنة فَإنَّا لما استعملنا فِي مداواتها هَذَا الطين الْمَخْتُوم نَفعهَا نفعا عَظِيما. وَيجب أَن يسْتَعْمل بِحَسب عظم رداءة الْجراحَة وخبثها وَذَلِكَ لِأَن الْجراحَة المنتنة المترهلة الوسخة تحْتَمل أَن يطلى عَلَيْهَا هَذَا الطين بالخل ثخيناً وَمَا دون ذَلِك من الْجِرَاحَات فَمرَّة بالخل وَمرَّة بِالشرابِ وَمرَّة بِمَاء الْعَسَل على نَحْو الْجراح فينفع جدا فِي إلزاق الْجِرَاحَات الطرية وَفِي شِفَاء المتقادمة الخبيثة والعسرة الِانْدِمَال.
فَأَما طين الأَرْض السمينة فَهُوَ نَافِع فِي مداواة جَمِيع الْأَعْضَاء المحتاجة إِلَى اليبس
(6/262)
وَقد رَأَيْت مستسقين ومطحولين يطلونه عَلَيْهِم فينتفعون بِهِ نفعا ألف ز عَظِيما. وَقد ينفع أَيْضا الأورام المترهلة الرخوة العتيقة. وإنني لأعرف قوما ترهلت أبدانهم من كَثْرَة استفراغ الدَّم من أَسْفَل وانتفعوا بِهَذَا الطلاء نفعا عجيباً وَذَلِكَ لِأَن قُوَّة التُّرَاب مجففة من أجل أَن جرم الأَرْض يَابِس.
وَإِذا كَانَت الأَرْض خَالِصَة لَا يخالطها جَوْهَر مائي فَهِيَ مجففة تجفيفاً لَا لذع مَعَه وَمِمَّا يعينها على ذَلِك الْغسْل. وَإِنَّمَا يغسل التُّرَاب بالتصويل على مَا سنصف فِي كتاب صَنْعَة أَعمال الطِّبّ.
وَيغسل كل تربة على قدر خلوصها وجودتها.
قَالَ: وَأما تربة شاموس فَلَا تحْتَاج إِلَى غسل وَنحن نستعمل الْمُسَمّى من هَذِه التربة كَوْكَب شاموس فِي مداواة نفث الدَّم خَاصَّة وانفجاره من حَيْثُ كَانَ كَمَا نستعمل الْمَخْتُوم وبهذه الْقُوَّة بِعَينهَا صَارَت هَذِه الترابات نافعة لانفجار دم الْأَرْحَام وَالْبرد الْعَارِض للنِّسَاء ولقروح المعي قبل أَن يتعفن.
وَقَالَ أَيْضا فِي الطين الْمَخْتُوم: قد استعملته فِي مداواة قُرُوح الأمعاء العفنة الساعية فنفعت بِهِ مرَارَة كَثِيرَة نفعا بَينا بِأَن حقنت بِهِ وسقيت مِنْهُ بعد أَن غسلت القرحة أَولا بحقنة بِمَاء الْعَسَل على مَا قد جرت بِهِ الْعَادة بل يكون مَاء عسل لَهُ صروفة ثمَّ بعد ذَلِك بِمَاء الْملح ثمَّ حقنت بِهِ والطين الْمَخْتُوم أقوى من طين شاموس بِكَثِير وَلذَلِك لَا يحْتَمل الْأَعْضَاء الَّتِي بهَا ورم حَار قُوَّة الطين الْمَخْتُوم بل يحس خشونة بَيِّنَة وخاصة الْأَبدَان الناعمة.)
قَالَ: وَأما طين شاموس فَإِنَّهُ يسكن هَذَا الورم فضلا عَن أَن يهيجه وخاصة إِن كَانَ فِي بدن رطب وأعضاء رطبَة نَحْو الثديين وَلحم الغدد وَإِذا أردْت اسْتِعْمَاله فاعجنه بِمَاء ودهن ورد فائق قدر مَا يمنعهُ أَن يجِف فَإِنَّهُ على هَذِه الصّفة نَافِع جدا للأورام الحارة فِي ابتدائها والنقرس الْحَار وَفِي جَمِيع الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج إِلَى برودة معتدلة.
وَهَذَا الطين يبرد تبريداً كَافِيا وجوهر الهوائية عَلَيْهِ أغلب إِذا قيس بالطين الْمَخْتُوم وَالدَّلِيل على ذَلِك خفته فِي الْوَزْن فاعبر أبدا التُّرَاب باللين والخشونة والعلوكة والاملاس واللزوق والحل وكوكب شاموس ففيهما جلاء يسير فَلذَلِك يسْتَعْمل فِي الْغمر.
وَقد بَينا فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من حِيلَة الْبُرْء: أَن كل شَيْء فِيهِ جلاء يسير نَافِع فِي بِنَاء اللَّحْم فِي الْجِرَاحَات فَإِن كَانَ مَعَ هَذَا يجفف فَهُوَ يدمل وَيخْتم الْجِرَاحَات.
وأنفع هَذِه الْأَشْيَاء للقروح الَّتِي لَا غور لَهَا ولحرق النَّار مَا كَانَ يجفف بِلَا لذع وَلَا إسخان وَلَا تبريد ظَاهر وَلذَلِك صَار طين شاموس وطين كيوس من أفضل الْأَدْوِيَة للقروح الْحَادِثَة من حرق النَّار لِأَن هَذِه تحْتَاج إِلَى أدوية تجلو جلاء يَسِيرا جدا من غير سخونة وَلَا
(6/263)
برودة مَعْلُومَة ألف ز وَهَذَا مَوْجُود فيهمَا وَلذَلِك صَار طين شاموس لَا ينفع القروح الْحَادِثَة عَن حرق النَّار وَلَا غَيرهَا من القروح كَمَا ينفعها غَيره من أَنْوَاع الطين لِأَن فِيهِ لزوجة وعلوكة فَهُوَ لذَلِك أَشد تَقْوِيَة وَأكْثر لحوجة حَتَّى أَنه لَا يُمكن أَن يجلو.
وَالْأَمر فِي ذَلِك يكون على مَا وصفت إِذا لم يكن فِي الْجَوْهَر العلك اللزج حِدة مَعْلُومَة كَمَا يُوجد فِي الدبق.
وطين شاموس أَنْفَع للأورام الحارة من طين سالينوس وكيوس على أَن هذَيْن أَيْضا نافعان إِذا لم يُوجد غَيرهمَا.
قيموليا: وَأما هَذَا فقوته مركبة وَذَلِكَ أَن فِيهِ شَيْئا يبرد وشيئاً يحلل بعض التَّحْلِيل وَلذَلِك مَتى غسل خرج مِنْهُ هَذَا الْمُحَلّل فَإِن لم يغسل عمل بالقوتين كلتيهما وَيكون عمله بِحَسب إِعَانَة الرُّطُوبَة الَّتِي تسْتَعْمل بِهِ فَإِنَّهُ مَتى خلط برطوبة محللة صَار الْبَتَّةَ طيناً محللاً وَلذَلِك صَار نَافِعًا لحرق النَّار أَيْضا. وَقد يطلى على حرق النَّار أَيْضا بخل كثير المزاج بِالْمَاءِ.
وَقد يجب أَن يكون هَذَا أَيْضا حَاضرا لذهنك فِي جَمِيع أَنْوَاع الطين فَإِن كل طين وتربة خَفِيفَة الْوَزْن تَنْفَع من حرق النَّار إِذا طلي عَلَيْهِ من سَاعَته بالخل وَالْمَاء ويمنعه أَن يحدث نفاخات.)
وَانْظُر مِقْدَار صروفه الْخلّ إِلَى لين الْبدن ورطوبته. وكل طين عَار من الكيفيات فَإِنَّهُ يجفف من غير لذع فَإِن كَانَ فِيهِ قبض فَفِيهِ من الْبُرُودَة بِحَسب ذَلِك وَإِن كَانَ فِيهِ حراقة فَمن الْحَرَارَة فَحسب ذَلِك.
وَكَذَلِكَ خفته تدل على أَن فِيهِ من الهوائية مِقْدَارًا كثيرا. وَثقله يدل على أَن فِيهِ من الأرضية مِقْدَارًا كثيرا.
وَأما الطين الكرمي وَهُوَ الَّذِي يطلى على عيدَان الْكَرم فَيقْتل الدُّود الَّتِي فِيهِ فَإِن فِيهِ دوائية بِحَسب ذَلِك وَكَذَلِكَ خفته تدل وَهُوَ لذَلِك بعيد عَن جَمِيع أَنْوَاع الأَرْض المستعملة فِي الطِّبّ وَقَرِيبَة عَن جَوْهَر الْحِجَارَة وَلذَلِك يخلط بالأدوية الَّتِي تحْتَاج أَن يجفف بهَا شَيْء ويحلل وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ لَهَا الْبعد عَن اللذع والتسكين وإذهاب الوجع كَمَا لطين شاموس وكيوس وسالينوس وَإنَّهُ إِن غسل لم يلذع.
وَأما طين اقريطس فَهُوَ شَبيه بِهَذَا إِلَّا أَنه أَضْعَف كثيرا وَالْأَكْثَر فِيهِ الهوائية وَفِيه أَيْضا جلاء وَلذَلِك يجلى بِهِ أواني الْفضة.
وطين ليموس وَهُوَ الْمَخْتُوم قوته أَكثر من جَمِيع هَذِه وَفِيه شَيْء من قبض.
فَأَما طين ارطوناس فَهُوَ أقوى من هَذِه أَيْضا إِلَّا أَن قوته لَا تبلغ أَن تلذع فَإِن غسل صَار مثلهَا فِي اليبس والتسكين وَكَذَلِكَ يغسل مرَّتَيْنِ إِذا أُرِيد الِاسْتِقْصَاء.
(6/264)
وَكَذَلِكَ القيموليا قد يغسل مَرَّات فَإِن أحرقت الطين ثمَّ غسلته اكْتسب برودة وسلخ الْغسْل حِدته فَكَانَ بذلك أَشد تجفيفاً. وَكَذَلِكَ لما كَانَ الطين نَافِعًا للقروح بِالْقُوَّةِ الْعَامَّة ألف ز لكل طين صَار أَنْفَع مَا يكون لَهَا إِذا هُوَ غسل من بعد الإحراق وَهُوَ فِي هَذِه الْحَال نَافِع جدا للقروح الْحَادِثَة فِي الأمعاء ولاستطلاق الْبَطن وَنَفث الدَّم ونزف الطمث والنوازل من الرَّأْس وقروح الْفَم العفنة. وَمن ينحدر من رَأسه إِلَى صَدره مَادَّة يَنْفَعهُ نفعا عَظِيما وَلذَلِك صَار عَظِيم النَّفْع لمن بِهِ ضيق نفس من أجل هَذِه النَّوَازِل ضيقا متوالياً وينفع أَصْحَاب السل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يجفف القروح الَّتِي فِي رئاتهم حَتَّى لَا يمتلوا بعد ذَلِك إِلَّا أَن يَقع فِي تدبيرهم خطأ عَظِيم أَو يتَغَيَّر مزاج الْهَوَاء دفْعَة إِلَى حَال رَدِيئَة.
قَالَ: والطين الأرميني ينفع هَؤُلَاءِ غَايَة النَّفْع وَإِن كَانَ مقامهم فِي بلدان بَارِدَة وخاصة من كَانَ مِنْهُم يُصِيبهُ الربو أَو ضيق النَّفس مرَارًا مُتَوَالِيَة. وَأكْثر النَّاس لما شربوا مِنْهُ فِي هَذَا الموتان)
الْعَظِيم برؤا بِسُرْعَة. فَأَما من لم يَنْفَعهُ هَذَا الطين فكلهم مَاتَ وَلم ينْتَفع بِشَيْء آخر مِمَّا عولج بِهِ فَكَانَ ذَلِك دَلِيلا على أَن من مَاتَ مِنْهُم كَانَت حَالَته حَالَة من لَا يجوز أَن يبْقى أصلا.
وَهَذَا الطين يشرب مَعَ شراب لطيف رَقِيق القوام وممزوج مزاجاً معتدلاً مَتى لم يكن العليل محموماً أَو كَانَت حماه يسيرَة فَأَما مَتى كَانَت شَدِيدَة فاكسره بِالْمَاءِ جدا.
وَقَالَ اريباسيوس: جَمِيع الأطيان إِذا كَانَت لَا تشوبها كَيْفيَّة أُخْرَى تجفف من غير لذع وَتعين على ذهَاب تِلْكَ الكيفيات غسله. والسمين من الطين مُوَافق فِي جَمِيع علاج الْأَعْضَاء الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجفيف وينفع الأورام العتيقة والتهيج.
وَإِنِّي لأعرف قوما قد كَانَت غلبت على أبدانهم الرُّطُوبَة المائية بِسَبَب دم كثير استفرغ مِنْهُم من السفلة انتفعوا لما لطخوا أبدانهم بِهِ نفعا بَينا وَقوم آخَرُونَ أبرؤا بِهِ أَيْضا أوجاعاً قد تمكنت فِي بعض الْأَعْضَاء برأَ تَاما.
وَقَالَ فِي طين كيوس بعض قَول جالينوس وَقَالَ فِي طين شاموس الْكَوْكَب خَاصَّة: إِنَّه نَافِع من نفث الدَّم من أَي مَوضِع كَانَ كَمَا ينفع الطين الْمَخْتُوم وَكَذَلِكَ انفجار الدَّم من الرَّحِم وقروح المعي قبل أَن يحدث فِيهَا عفونة.
وطين شاموس يسكن الأورام الحارة وخاصة مَا كَانَ فِي الثديين والأنثيين وَفِي جَمِيع الْأَعْضَاء الغددية وَيجب أَن يخلط بِمَاء ودهن ورد قدر مَا يمنعهُ أَن يجِف وَهُوَ مَحْمُود على هَذِه الْجِهَة من الِاسْتِعْمَال فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج فِيهَا إِلَى التبريد الْيَسِير فَفِيهِ إِذا تبريد يسير. وَأما طين شاموس وكيوس ففيهما جلاء يسير وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي الْغمر.
(6/265)
بولس الطين الرُّومِي وَهُوَ الْمَخْتُوم إِذا حقن الدوسنطاريا المتأكل بعد أَن يغسل المعي قبل ذَلِك بِمَاء الْعَسَل ثمَّ بِمَاء مالح قَالَ: والمغرة أقوى من الطين الرُّومِي وَهُوَ الْمَخْتُوم وَلذَلِك يدْخل فِي ألف ز وَيقتل الدُّود.
وطين شاموس أَكثر تسكيناً من الطين الْمَخْتُوم لما فِيهِ من التغرية واللزوجة وَيجب أَن يسْتَعْمل فِي جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى تسكين وَهُوَ يبريء نفث الدَّم والمرة وعسر النَّفس الَّذِي يكون من الرُّطُوبَة والقروح الرّطبَة.
والعلل الوبائية ينفع مِنْهَا غَايَة النَّفْع إِذا شرب بِمَاء إِن كَانَت حمى أَو مَعَ شراب رَقِيق المزاج مَا لم تكن حمى.)
والطين اللامي قريب من الأرميني.
وطين الْجلاء يحلل وَله قُوَّة معفنة وَينْقص اللَّحْم الْفضل الَّذِي ينْبت فِي الخراجات العتيقة مَتى خلط بشمع ودهن ورد.
الطَّبَرِيّ: الْخَالِص من الْحِجَارَة لَهُ قُوَّة قابضة مجففة مغرية تقع فِي المراهم المدملة والمجففة ويمسك الْبَطن مَتى تحسى فِي هيضة أَو احتقن بِهِ ويسقى لوجع الكبد وَالَّتِي يستعملها البحارون أَضْعَف.
الخوز: الطين الْمَخْتُوم الْخَالِص مِنْهُ مَتى ذَر مِنْهُ على فَم الْجرْح الَّذِي يسيل مِنْهُ الدَّم قطعه طاليسفر قَالَ ج فِي السَّابِعَة: هَذِه قشرة تجلب من بِلَاد الْهِنْد لَهَا قبض شَدِيد مَعَ شَيْء من العطرية الْيَسِيرَة وحدة ورائحتها طيبَة مثل جلّ الأفاويه وَيُشبه أَن تكون هَذِه القشرة أَيْضا مركبة من جَوْهَر مُخْتَلف وَالْأَكْثَر فِيهَا الْجَوْهَر الأرضي والأقل فِيهَا الْجَوْهَر اللَّطِيف فَهِيَ لذَلِك تجفف وتقبض قبضا شَدِيدا وَلذَلِك صَارَت تخلط فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تَنْفَع من الاستطلاق وقروح المعي لِأَنَّهَا فِي الدرجَة الثَّالِثَة من دَرَجَات الْأَشْيَاء الَّتِي تجفف. فَأَما فِي الإسخان والتبريد فَلَيْسَ يتَبَيَّن لَهُ فيهمَا قُوَّة وَفعل بَين.
الدِّمَشْقِي: إِنَّهَا نافعة من أَرْوَاح البواسير.
انْقَضى حرف الطَّاء.
(6/266)
3 - (بَاب الْعين)
عرعر يَقُول: الْكَبِير مِنْهُ وَالصَّغِير مسخنان ملطفان يدران الْبَوْل وَمَتى دخن بهما طرد الْهَوَام.
وثمره يسخن إسخاناً يَسِيرا وَيقبض وَهُوَ جيد للمعدة إِذا شرب ولأوجاع الصَّدْر والسعال والنفخ وضرر الْهَوَام ويدر الْبَوْل ويوافق شدخ العضل وأوجاع الرَّحِم. عوسج د يَقُول: ورق جَمِيع أَصْنَاف العوسج جَيِّدَة للحمرة والنملة مَتى تضمد بِهِ. عفص د يَقُول: إِنَّه شَدِيد الْقَبْض مَتى سحق ونثر على اللَّحْم الزَّائِد أضمره وَمنع الرُّطُوبَة من السيلان إِلَى اللِّسَان واللثة وينفع من القلاع. وَمَتى وضع فِي أكال الْأَسْنَان سكن وجعها. وَمَتى أحرق وَيجْلس فِي طبيخه لخُرُوج الرَّحِم وسيلان الرطوبات المزمنة.
وَإِذا أنقع فِي خل وَمَاء وَغسل بِهِ سود الشّعْر.
وَمَتى سحق وذر على مَاء أَو خمر وَشرب نفع من قرحَة المعي والإسهال المزمن. وينفعهم أَيْضا إِذا خلط بالغذاء الملائم لَهُم وَجعل ألف ز طبيخه فِي أغذيتهم.
وَبِالْجُمْلَةِ فليستعمل فِي كل مَوضِع يحْتَاج إِلَى التجفيف وَالْقَبْض والإمساك.
عنكبوت قَالَ د: إِذا خلط بِبَعْض المراهم وَوضع على الْموضع الَّذِي يسيل مِنْهُ دم نفع. وَمَتى وضع على القروح الَّتِي لَا عمق لَهَا منع الورم.
وَمن العنكبوت صنف يكون نسجه كثيفاً أَبيض وَزعم قوم أَنه مَتى شدّ فِي جلد وعلق فِي الْعُنُق أَو فِي الْعَضُد أَبْرَأ من حمى الغب وَإِذا طبخ بدهن ورد وقطر فِي الْأذن نفع من وجعها.
جالينوس فِي الْحَادِيَة عشرَة: قد ذكر قوم أَن نسج العنكبوت مَتى وضع على الْجراحَة وَضعهَا من الورم. يَقُول د: قوته جالية مفتحة لأفواه الْعُرُوق مجلب للرطوبات وَلذَلِك ينقي القروح الوسخة الغائرة وَإِذا طبخ حَتَّى يغلظ ألزق الْجِرَاحَات الطرية. وَإِذا طبخ مَعَ شبث رطب ولطخت بِهِ القوابي أبرأها. وَإِذا خلط بملح دراني وقطر فِي الْأذن فاتراً سكن دويها. وَمَتى تلطخ بِهِ قتل الْقمل والصؤاب. وَمَتى لطخت بِهِ القلفة القصيرة بعد الاستحمام ومرست وأديم شهرا أطالها.
وجلى ظلمَة الْبَصَر. وَمَتى تحنك لَهُ أَو تغرغر أَبْرَأ الخوانيق وورم اللوزتين ويوافق السعال.
(6/267)
وَمَتى شرب سخناً بدهن ورد نفع من نهش الْهَوَام وَشرب الأفيون وَإِذا لعق نفع من أكل الْفطر الْقِتَال وعضة الْكَلْب الْكَلْب. وَإِذا لم تنْزع رغوته حرك السعال وأسهل الْبَطن. وَإِن لم يرد ذَلِك مِنْهُ فلتنزع رغوته. وَالَّذِي فِيهِ مرَارَة يجلو الكلف.
والحريف مِنْهُ جدا الَّذِي يُحَرك العطاس إِذا شم.
وَيُورث إِذا أكل ذهَاب الْعقل بَغْتَة والعرق الْبَارِد. وينفع مِنْهُ أكل السذاب والسمك المالح وَشرب اونومالي والقيء مرّة بعد مرّة.
وَمَتى خلط هَذَا الْعَسَل مَعَ الْقسْط وتلطخ بِهِ نقى الكلف.
وَمَتى خلط بالملح أذهب آثَار الضَّرْب الباذنجانية.
ابْن ماسه: مَاء الْعَسَل جيد للقوة والمعدة الْبَارِدَة والورم فِي المعي يشهي الطَّعَام والمطبوخ مِنْهُ قَالَ: وَالْعَسَل حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة حلا لطيف يجذب الرطوبات من قَعْر الْجِسْم وينقي القروح. وَمَتى طبخ قلت حِدته وحرافته جيد للبلغم رَدِيء للصفراء مَانع للجسم أَن يفْسد وينتن.)
وَعسل الْقصب يلين الْبَطن وَعسل الطبرزد لَا يلين. وهما حاران رطبان فِي الأولى. عَصا الرَّاعِي قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: فِي هَذَا النَّبَات شَيْء يقبض إِلَّا أَن الْأَكْثَر فِيهِ الشَّيْء المائي الْبَارِد وَهُوَ فِي الثَّانِيَة من التبريد فِي أقصاها أَو فِي الثَّالِثَة فَهُوَ لذَلِك نَافِع جدا لمن يجد التهاباً فِي فَم معدته إِذا وضع عَلَيْهَا وَهُوَ بَارِد من خَارج وينفع أَيْضا الورم الْمَعْرُوف بالحمرة والفلغموني وَيمْنَع ويودع الْموَاد المنصبة وَلذَلِك صَار النَّاس يظنون أَنه يجفف.
وَهُوَ أَنْفَع الْأَدْوِيَة للحمرة المنتشرة والقروح المتورمة ولسائر القروح الوارمة ورماً حاراً ألف ز وَالَّتِي تنصب إِلَيْهَا الْموَاد ويدمل الْجِرَاحَات الطرية وينفع من القروح الَّتِي تكون فِي الْأذن ويجفف الْقَيْح الْكثير فِيهَا وَيقطع نزف الدَّم الْعَارِض للنِّسَاء ويشفي قُرُوح المعي وَنَفث الدَّم وانفجاره من حَيْثُ كَانَ إِذا أفرط.
وَزعم د: أَنه يدر الْبَوْل أَيْضا إِذا سقِِي من بِهِ حصر الْبَوْل وَلَا يستقصى تَحْدِيد الْحصْر الَّذِي يحْتَاج أَن يعْطى مِنْهُ فِيهِ.
وَفِي جَمِيع هَذِه الْخِصَال الذّكر أقوى فعلا من الْأُنْثَى.
عرق قَالَ ج فِي السَّادِسَة: الْعرق يتكون مِمَّا يشرب بعد أَن يسخن ويكتسب شَيْئا من الصديد المراري كالحال فِي الْبَوْل إِلَّا أَنه قد نضج أَكثر من الْبَوْل لِأَنَّهُ قد مر وَنقل فِي جَمِيع الْأَعْضَاء حَتَّى وصل إِلَى الْجلد وَيخْتَلف بِحَسب المزاج الحيواني. وَفِي الْعرق مرَارَة خُفْيَة مَعَ ملوحة بَيِّنَة وَقُوَّة محللة تحليلاً لَيْسَ باليسير وَلذَلِك يعالج
(6/268)
الثدي الوارم بالعرق الَّذِي مازج التُّرَاب من عرق المصارعين وَهَذَا التُّرَاب نَافِع جدا فِي مداواة الثدي الوارم إِذا وضع عَلَيْهِ وَحده.
فَإِن رَأَيْته يَابسا جدا فاعجنه بِهَذَا الدّهن وَلَيْسَ الأجود مِنْهُ مَا هُوَ يَابِس لَكِن مَا هُوَ لين وَمَتى خلط بِهِ دهن ورد صلح لجمود اللَّبن فِي الثدي بعد الْولادَة وَقد حللت بِهِ ورماً كَانَ فِي الأربية فبريء سَرِيعا. ج يَقُول: أَنْوَاع العلك تسخن وتجفف وَيُخَالف بَعْضهَا بَعْضًا فَإِن بَعْضهَا فِيهِ لطافة أَكثر أَو حِدة وَفِي بَعْضهَا قبض أَكثر وَبَعضهَا لَا قبض فِيهِ.
وأفضلها المصطكي وَذَلِكَ أَنه مَعَ مَا فِيهِ من الْقَبْض الْيَسِير الَّذِي بِهِ صَار نَافِعًا لضعف الكبد والمعدة وورمها.
وَفِيه أَيْضا: إِنَّه يجفف تجفيفاً لَا أَذَى مَعَه وَذَلِكَ أَنه لَا حِدة لَهُ أصلا وَهُوَ لطيف جدا.
وَبعد المصطكي علك البطم وَلَيْسَ لهَذَا قبض وَفِيه مرَارَة وَلذَلِك يحلل أَكثر من تَحْلِيل المصطكي. ولمكان هَذَا الطّعْم صَار يجلو جلاء كثيرا حَتَّى أَنه يشفي الجرب ويجذب من عمق الْبدن أَكثر من سَائِر الْأَنْوَاع الْأُخَر من العلك لِأَنَّهُ ألطف مِنْهَا.
فَأَما العلك الَّذِي يكون من شجر الصنوبر الصغار وَالَّذِي يكون من شجر الصنوبر الْكِبَار فهما أَشد حراقة وحدة من علك البطم ولكنهما لَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا يحلل وَلَا يجذب أَكثر مِنْهُ وعلك الصنوبر الصغار فِي هَذِه الْخِصَال أَكثر من علك الصغار.
وَأما علك الصنوبر الصغار وعلك الشَّجَرَة الَّتِي تسمى اللاطي فهما وسط بَين الْأَمريْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أحد من علك البطم وَأَقل حِدة من علك القوقي وعلك الصنوبر الْكِبَار.
ولعلك البطم مَعَ هَذَا شَيْء من اليبس وَبعده فِي اليبس المصطكي.
والعلك الْمُسَمّى لاركش شَبيه لَعَلَّك البطم.) عِنَب قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه يسمن سَرِيعا وَلَكِن بِلَحْم رهل والأبيض أَحْمد من الْأسود إِذا اسْتَوَت حَالهَا فِي الرقة.
وَالزَّبِيب ألف ز مَتى أكل بعجمه جيد لأوجاع المعي. ولحمه إِذا أكل كَانَ حلواً.
والقشمش قَاطع للبلغم جدا.
وشراب الحصرم جيد للمعدة الحارة قَاطع للإسهال الصفراواي والعطش جيد للوحمى والحوامل يُقَوي معدهن وَيمْنَع الْإِسْقَاط وَيدْفَع الْمَشْي. عدس قَالَ ج: إِنَّه مَتى أدمن أكله أظلم الْبَصَر وعسر هضمه وَهُوَ رَدِيء للمعدة مولد للنفخ وَمَتى طبخ بقشره حل الْبَطن وأجوده أسرعه نضجاً وَالَّذِي إِذا أنقع فِي المَاء لم يسوده. وقوته قابضة وَلذَلِك إِذا قشر وأنعم طبخه وهريق مَاؤُهُ الأول
(6/269)
عقل الْبَطن وأسهل ذَلِك الطبيخ الْبَطن. ويعرض وَيعْقل الْبَطن فِي الْغَايَة مَتى طبخ مَعَه هندباً ولسان الْحمل والبقلة الحمقاء والسلق الْأسود أَعنِي الشَّديد الخضرة أَو قشر رمان أَو ورد يَابِس أَو زعفران أَو سفرجل أَو كمثرى أَو عفص فج يطْبخ مَعَه وَيخرج مَا فِيهِ بعد الطَّبْخ وبالخل والسماق وَيجب أَن يسلق سلقاً جيدا قبل ذَلِك وَإِلَّا حرك الْبَطن.
وَإِذا قشر مِنْهُ ثَلَاثُونَ حَبَّة وابتلعت نَفَعت من استرخاء الْمعدة.
وَمَتى طبخ وتضمد بِهِ مَعَ السويق سكن وجع النقرس. وَإِذا طبخ بِعَسَل مَلأ القروح العميقة وَقلع خبثها ونقى وسخها. وَإِن طبخ بالخل وضمدت بِهِ الْخَنَازِير والأورام الصلبة حللها.
وَمَتى خلط بِهِ إكليل الْملك وسفرجل ودهن ورد أَبْرَأ أورام الْعين الحارة وورم المقعدة.
وَأما الأورام الْعَظِيمَة الْعَارِضَة للمقعدة والقروح العميقة فليستعمل فِيهَا العدس مَعَ قشر الرُّمَّان أَو الْورْد الْيَابِس يطْبخ مَعَه وَعسل. وَكَذَلِكَ فليستعمل للأكلة بعد أَن يُزَاد عَلَيْهِ شَيْء من مَاء الْبَحْر. وَكَذَلِكَ لتنفط الْجَسَد والنملة والحمرة والشقاق الْعَارِض من الْبرد.
وَإِذا طبخ بِمَاء الْبَحْر وتضمد بِهِ وَافق الثدي الوارم من احتقان اللَّبن وتعقده.) ج فِي الْخَامِسَة من تَفْسِير السَّادِسَة من ابيذيميا: إِن العدس إِمَّا أَن يكون معتدلاً فِي الْحر وَالْبرد أَو مائلاً إِلَى الْحَرَارَة قَلِيلا وَدَلِيل ذَلِك أَنه لَا يظْهر بعد أكله مَا دَامَ فِي الْمعدة وَلَا إِذا انحدر تبريد للبدن فَإِنَّهُ مركب من شَيْء يُطلق الْبَطن وَمن شَيْء يعقله وَالْمُطلق مِنْهُ حَار لَا محَالة وَإِن كَانَ الْعَاقِل بَارِدًا أرضياً فَإِنَّهُ إِذا ضمدت بِهِ القروح الوارمة مَعَ أَنه يمْنَع وَيدْفَع يقبضهُ قد يجمع الْمدَّة قَلِيلا والأشياء الْبَارِدَة لَا تفعل ذَلِك.
ماسرجويه: المقشر مِنْهُ بَارِد غليظ يحبس الْبَوْل والبطن ويغلظ الدَّم فِي الْعُرُوق فَلَا يجْرِي وَإنَّهُ أبرد من الماش.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: جرم العدس بَارِد يَابِس فِي الأولى وقشره حَار يَابِس فِي الأولى وَفِيه جلاء. والعدس رَدِيء للغذاء خاصته تقليل الْبَوْل والطمث لتغليظه الدَّم. عَاقِر قرحا إِنَّه يجلب البلغم ألف ز مَتى مضغ وَكَذَلِكَ مَتى طبخ بخل وَأمْسك فِي الْفَم نفع من وجع الْأَسْنَان. وَمَتى مضغ جلب بلغماً كثيرا.
وَمَتى سحق وخلط بِزَيْت وتمسح بِهِ أدر الْعرق ونفع من وجع الكزاز إِذا كَانَ يعرض للْإنْسَان كثيرا ونفع الْأَعْضَاء الَّتِي قد غلب عَلَيْهَا الْبرد وَالَّتِي قد فسد حسها وحركتها. ج فِي السَّابِعَة: أَكثر مَا يسْتَعْمل من هَذَا النَّبَات أَصله خَاصَّة وقوته محرقة وَمن أجل هَذِه الْقُوَّة صَار مسكنا لوجع الْأَسْنَان الْحَادِث من الْبُرُودَة وينفع من النافض والاقشعرار
(6/270)
الْكَائِن بأدوار. وَإِذا دلك بِهِ الْجِسْم قبل نوبَة الْحمى مَعَ زَيْت نفع من النافض. وأذهب الخدر والاسترخاء المزمن.
من كتاب الْإِجْمَاع: العاقرقرحا لطيف.
عليق د فِي باطس وَكَانَ ترْجم عَلَيْهِ: إِنَّه العليق.
قَالَ: العليق هُوَ العوسج فِي الْمقَالة الرَّابِعَة: هُوَ نَبَات قَابض مجفف وأغصانه مَتى طبخت مَعَ الْوَرق صبغ طبيخها الشّعْر. وَمَتى شرب عقل الْبَطن وَقطع السيلان المزمن من الرَّحِم ويوافق نهشه الْحَيَوَان الَّذِي يُسمى قرسطس.
وَإِذا مضغ الْوَرق شدّ اللثة وَأَبْرَأ القلاع.
وَمَتى تضمد بالورق منع النملة من السَّعْي فِي الْبدن وَأَبْرَأ قُرُوح الرَّأْس الرّطبَة وَأَبْرَأ نتوء الْعين والبواسير الناتئة الْعَارِضَة فِي المقعدة وَالَّتِي يسيل مِنْهَا الدَّم. وَإِن دق الْوَرق نعما وَوضع على الْمعدة العليلة والضعيفة الَّتِي يسيل إِلَيْهَا الْموَاد وافقها.
وعصارة ثمره إِذا كَانَ نضيجاً نضجاً تَاما وَافق أوجاع الْفَم.
وَمَتى أكل ثمره وَلم يستحكم بعد فِي النضج عقل الْبَطن.
وزهره مَتى شرب بِالْمَاءِ عقل الْبَطن أَيْضا.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي العليق نصا: إِن جَمِيع أَجزَاء هَذَا النَّبَات قابضة إِلَّا أَن الْوَرق الطري خَاصَّة مِنْهُ لما كَانَت المائية فِيهِ كَثِيرَة صَار قَبضه أقل وَكَذَلِكَ أَطْرَافه أَيْضا وَلذَلِك مَتى مضغت شفت القلاع وَغَيره من قُرُوح الْفَم. وَهِي أَيْضا تدمل سَائِر الْجِرَاحَات لِأَن مزاجها مركب من جَوْهَر أرضي بَارِد وجوهر مائي فاتر.
فَأَما ثَمَرَته فَإِنَّهَا مَتى كَانَت نضجة كَانَ الْخَلْط الَّذِي فِيهَا حاراً باعتدال وَذَلِكَ أَنه يكون حلواً قَلِيلا ولسبب حلاوته وَقلة قَبضه قد يُؤْكَل ويستلذ.
فَأَما إِذا لم تكن الثَّمَرَة نضيجة بعد فَإِن الْأَكْثَر فِيهَا الْجَوْهَر الأرضي وَلذَلِك تكون عفصة وتجفف تجفيفاً شَدِيدا وَكِلَاهُمَا يجففان ويحفظان وَإِن كَانَتَا أَشد تجفيفاً مِنْهُمَا إِذا كَانَتَا رطبتين.
وزهرة العليق أَيْضا قوتها هَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا الْمَوْجُودَة فِي ثَمَرَته وينفع على ذَلِك الْمِثَال من قُرُوح الأمعاء واستطلاق الْبَطن ولضعف الْمعدة وَالْمعْنَى وَنَفث الدَّم.
وَأما أصل العليق فَفِيهِ ألف ز مَعَ قَبضه جَوْهَر لطيف لَيْسَ بِيَسِير فَهُوَ لذَلِك يفت الْحَصَى الَّتِي فِي الكلى.) عشر قَالَ د فِي الرَّابِعَة: هِيَ سمانيقس.
(6/271)
وَقَالَ حنين: هُوَ الْعشْر من أكله من النَّاس عرض لَهُ انطلاق الْبَطن. وَمِنْه كثيف مَتى قعد الْإِنْسَان فِي ظله ضره وَرُبمَا قَتله فليحذر.
من كتاب السمُوم: لبن الْعشْر حاد جدا يقتل مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي يَوْمَيْنِ بِأَن يفت الرئة والكبد وينفع من السعفة مَتى طليت بِهِ جدا. عصفر ماسرجويه: إِنَّه حَار قَابض باعتدال. مَتى سحق وطلي بخل على القوباء أذهبها الْبَتَّةَ. وَمَتى طلي بِعَسَل على القلاع فِي أَفْوَاه الصّبيان أذهبه وأذهب بلة اللِّسَان والفم. قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أما الْمَأْكُول وَهُوَ البستاني فَإِنَّهُ يسْتَعْمل حَيْثُ يحْتَاج إِلَى تبريد وَقبض لِأَنَّهُ يفعل الْأَمريْنِ جَمِيعًا فِي الدرجَة الثَّانِيَة.
فَأَما الكاكنج فَهُوَ أَحْمَر الثَّمَرَة وورقه قوته كقوة سَائِر عِنَب الثَّعْلَب.
وَأما ثَمَرَته فَإِنَّهَا تدر الْبَوْل وَلذَلِك قد يخلط فِي أدوية كَثِيرَة تصلح للكبد والمثانة والكلى.
وَأما الجالب للنوم مِنْهُ فَمَتَى شرب من لحاء أُصُوله زنة مِثْقَال بشراب جلب النّوم. وَهُوَ فِي سَائِر أَعماله كالأفيون إِلَّا أَنه أَضْعَف مِنْهُ حَتَّى يكون فِي الثَّانِيَة من الْبُرُودَة والأفيون فِي الرَّابِعَة.
وبزر هَذَا النَّوْع يدر الْبَوْل وَمَتى شرب مِنْهُ أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة حَبَّة أحدث الْجُنُون.
وَأما النَّوْع الرَّابِع فَإِنَّهُ مَتى شرب مِنْهُ أَربع مَثَاقِيل أَو أقل من ذَلِك أورث جنوناً وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء من مَنَافِع عِنَب الثَّعْلَب مَتى شرب.
فَأَما مَتى ضمد بِهِ فَإِنَّهُ يبريء القروح الساعية وخاصة لحاء أَصله لِأَنَّهُ يجفف تجفيفاً كثيرا كَافِيا فِي أول الثَّانِيَة.
ابْن ماسه: الَّذِي يسْتَعْمل مِنْهُ الْأَخْضَر الْوَرق الْأَصْفَر الثَّمَرَة وَهُوَ خَمْسَة أَنْوَاع.
مسيح قَالَ: وَهُوَ بَارِد يَابِس فِي آخر الثَّالِثَة أَشد قبضا من كل الْبُقُول يصلح لمن يحْتَاج أَن)
يطفيء حرارة نارية. عنبر ابْن ماسه: هُوَ حَار يَابِس مقو للدماغ والحواس وَالْقلب نَافِع للمشايخ والمبرودين. عروق الصباغين قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يجلو جلاء قَوِيا ويسخن.
وعصارة هَذِه الْعُرُوق تَنْفَع لحدة الْبَصَر ويجلو مَا قُدَّام الحدقة من المَاء وَالْبَيَاض.
(6/272)
وَقد تسْتَعْمل هَذِه الْأُصُول فِي اليرقان الْحَادِث عَن سدد الكبد مَعَ أنيسون وشراب أَبيض.
وَمَتى مضغت هَذِه الْأُصُول كَانَت نافعة جدا لوجع الْأَسْنَان. عناب ابْن ماسه: إِنَّه حَار رطب فِي الأولى خاصته قمع حِدة الدَّم الصفراوي ونفع الصَّدْر ألف ز والرئة وَهُوَ رَدِيء للمعدة. ج فِي كتاب الأغذية: إِن غذاءه يسير وهضمه عسير.
(6/273)
3 - (بَاب الْغَيْن)
غاريقون قَالَ فِيهِ د: إِنَّه قَابض مسخن صَالح للأمغاس والكيموسات الفجة ووهن العضل خلا مَا فِي أَطْرَافه والسقطة مَتى سقِِي مِنْهُ درخمي نفع من وجع الكبد والربو وعسر الْبَوْل ووجع الكلى وَالرحم الَّذِي يعرض مِنْهُ الاختناق واليرقان وَفَسَاد لون الْجِسْم وَقد يسقى لقرحة الرئة بالطلاء ولورم الطحال بالسكنجبين وَمَتى شرب مِنْهُ ثَلَاثَة ابولسات بِالْمَاءِ قطع نفث الدَّم من الصَّدْر والرئة. وَمَتى أَخذ مِنْهُ ثَلَاث ابولسات بسكنجبين كَانَ صَالحا لعرق النسا ووجع المفاصل والصدر ويدر الطمث.
وَمَتى شرب قبل دور الحميات أبطل النافض. وَمَتى شرب مِنْهُ درخمي بِمَاء القراطن أسهل الْبَطن.
ويسقى مِنْهُ درخمي بشراب ممزوج للأدوية القتالة وَمَتى شرب مِنْهُ ثَلَاث ابولسات نفع نفعا عَظِيما من نهش الْهَوَام.
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ نَافِع من جَمِيع الأوجاع الْعَارِضَة فِي بَاطِن الْجِسْم ويسقى برطوبات على حسب الْعلَّة وَالسّن وَالزَّمَان والمزاج. ج: إِنَّك مَتى ذقته وجدت لَهُ حلاوة فِي أول الْأَمر ثمَّ إِنَّه فِي آخر الْأَمر يحذي اللِّسَان ويجد لَهُ مرَارَة وَبعد أَن يمْضِي لذَلِك وَقت تتبين مِنْهُ حراقة مَعَ شَيْء من قبض يسير وَهُوَ أَيْضا رخو الجرم.
وَمن هَذِه الْأَشْيَاء يعلم أَنه مركب من جَوْهَر مائي وجوهر أرضي وَقد لطفته الْحَرَارَة وَأَنه لَيْسَ فِيهِ من المائية شَيْء أصلا وَمن أجل ذَلِك صَارَت قوته محللة مقطعَة للأشياء الغليظة فَهُوَ لذَلِك فتاح للسدد الْحَادِثَة فِي الكبد والكلى ويشفي من اليرقان الْحَادِث عَن سدد الكبد وينفع أَصْحَاب الصرع لهَذِهِ الْقُوَّة أَيْضا وَكَذَلِكَ من النافض الَّذِي يكون بأدوار وَهُوَ الْمُتَوَلد عَن الأخلاط الغليظة اللزجة وَهُوَ نَافِع أَيْضا من نهش الْهَوَام الْبَارِدَة السم مَتى وضع من خَارج على مَوضِع اللسعة كالضماد وَإِذا شرب مِنْهُ أَيْضا الملسوع مِقْدَار مِثْقَال وَاحِد بشراب ممزوج وَهُوَ مَعَ هَذَا دَوَاء يسهل.)
بديغورس: خاصته إسهال البلغم الغليظ والسوداء.
اريباسيوس: إِنَّه يحلل وَيقطع الأخلاط الغليظة وينقي وَيفتح السدد الَّتِي فِي الأحشاء وَمن أجل ذَلِك صَار نَافِعًا لمن بِهِ اليرقان الْعَارِض من أجل سدد الكبد. وينفع أَيْضا من الصرع والنافض الآخر الَّذِي يكون بأدوار الْمُتَوَلد عَن أخلاط غَلِيظَة لزجة.
(6/274)
بولس: هُوَ فَاش قطاع للغلظ يفتح السدد وخاصة الَّتِي فِي الأحشاء.
وَقيل فِي شوشماهي الخوز: إِن الغاريقون يسهل الأخلاط الْمُخْتَلفَة وَلَا سِيمَا الْمرة السَّوْدَاء.
وَقَالَ الخوزي: خاصته إسهال البلغم الغليظ والسوداء.
وأصبت لَهُم إِجْمَاعًا أَنه يسهل أخلاطاً مُخْتَلفَة وَأكْثر إسهاله للصفراء.
من كتاب اليرقان لحنين: الغاريقون يخرج الفضول من العصب والدماغ بِخَاصَّة فِي ذَلِك عَجِيبَة. غراء يَقُول د: إِن الَّذِي يعْمل من جُلُود الْبَقر مَتى ديف بالخل وتلطخ بِهِ جلا القوباء وقشر الْجلد المتقرح الَّذِي لَيْسَ بغائر.
وَمَتى أذيب بِالْمَاءِ وتلطخ بِهِ على حرق النَّار لم يَدعه يتنفط.
وَمَتى أذيب بِعَسَل أَو خل كَانَ صَالحا للخراجات.
وَقد يظنّ أَنه يبسط تشنج الْوَجْه. وَقد يحرق غراء الْجُلُود من الْبَقر وَيغسل وَيسْتَعْمل بدل التوتيا على مَا فِي كتاب الصَّنْعَة.
بولس: غراء السّمك لَهُ قُوَّة تغرى وتجفف مُوَافق للمراهم الَّتِي تهَيَّأ للرأس وَالَّتِي تغرى وتلحم وأدوية البرص وَفِي شقَاق الْوَجْه وتمدده.
جالينوس: غراء السّمك مَتى ألقِي فِي الأحساء نفع من نفث الدَّم.
غبيراء د يَقُول: إِن الَّذِي يجني من شَجَرَة وَهُوَ غض مَتى جفف فِي الشَّمْس أمسك الْبَطن. ودقيق الغبيراء وطبيخها يفْعَلَانِ ذَلِك. ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه أقل قبضا من الزعرور جدا ودقيقه أقل حبسا للبطن من الزعرور.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن مَا قلته فِي التفاح يصلح أَن أقوله هَهُنَا وَهُوَ أقل قبضا من الغبيراء.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الغبيراء أَو الزعرور يقْطَعَانِ الْقَيْء ويعقلان الْبَطن وَلَا يحبسان الْبَوْل.
ابْن ماسه: إِنَّه بَارِد فِي وسط الأولى يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة يسير الْغذَاء دابغ للمعدة عَاقل للبطن وَسَوِيق الغبيراء عَاقل للبطن جيد للمعدة والمرة الصَّفْرَاء.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: هُوَ بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة. خاصته قمع حِدة الصَّفْرَاء المنصبة إِلَى الْبَطن والأمعاء.
الْإِجْمَاع: هُوَ نَافِع جدا من الصداع.
وَهُوَ يقمع البخار الصاعد من الْخمر إِذا تنقل بهَا أَبْطَأَ بالسكر جدا.
(6/275)
غلاصم ابْن ماسويه: إِنَّهَا أسْرع انهضاماً من غَيرهَا. غُبَار الرَّحَى ذَكرْنَاهُ مَعَ الْحِنْطَة. غَار د: ورق الْغَار مسخن ملين فَلذَلِك مَتى جلس فِي طبيخه وَافق أمراض المثانة وَالرحم.
والطري من ورقه يقبض قبضا معتدلاً. وَمَتى تضمد بِهِ مسحوقاً نفع من لسع الزنبور والنحل.
وَإِذا شرب أرْخى الْمعدة وحرك الْقَيْء.
وَأما حبه فَهُوَ أَشد إسخاناً من الْوَرق. وَمَتى عمل مِنْهُ لعوق بِعَسَل أَو بطلاء كَانَ صَالحا لقرحة الرئة وعسر النَّفس الَّذِي يحْتَاج فِيهِ إِلَى الانتصاب والصدر الَّذِي يسيل إِلَيْهِ الفضول.
وَيشْرب بِالْخمرِ للسعة الْعَقْرَب. ويقلع البهق. وَإِذا خلط كَسبه بدهن ورد وشراب عَتيق وقطر فِي الْأذن نفع من دويها وألمها وَمن عسر السّمع. وَيَقَع فِي الأذهان ألف ز المحللة للإعياء والمسوحات المسخنة.
وقشر أصل الْغَار مَتى شرب مِنْهُ درخمي أَو سَبْعَة قراريط فت الْحَصَى وَقتل الْجَنِين ونفع من كبده عليلة.
ولدهن الْغَار قُوَّة مسخنة ملينة مفتحة لأفواه الْعُرُوق محللة للاعياء وتوافق كل وجع من أوجاع الأعصاب والاقشعرار وأوجاع الْأذن والنزلات والصداع. وَإِذا شرب غى شَاربه.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: ورق هَذِه الشَّجَرَة وثمرتها وَهِي حب الْغَار يسخنان ويجففان إسخاناً قَوِيا وتجفيفاً كَذَلِك وخاصة حب الْغَار فَإِنَّهُ فِي ذَلِك أبلغ من الْوَرق.
وَأما لحاء هَذِه الشَّجَرَة فَهُوَ أقل حِدة وحراقة وَأَشد مرَارَة وَفِيه شَيْء قَابض فَهُوَ لذَلِك يفت الْحَصَى وينفع من علل الكبد والشربة ثَلَاثَة أَربَاع دِرْهَم بشراب ريحاني.
ودهن الْغَار أَشد حرارة من دهن الْجَوْز وَأكْثر تحليلاً مِنْهُ. وَزَاد اريباسيوس بعد هَذَا ذكر الزَّيْت.) غاغاطيس حجر خَفِيف تفوح مِنْهُ رَائِحَة القفر يَابِس قحل مَتى تدخن بِهِ صرع من بِهِ صرع وينفش اختناق الْأَرْحَام ويطرد الْهَوَام وَيدخل فِي أدوية النقرس. غيافاليون قَالَ ج: إِنَّه نَبَات مُشْتَقّ من اسْم القطيفة الَّتِي يتغطى بهَا النَّاس وَهُوَ قَابض يشفي من قُرُوح الرئة مَتى شرب بشراب قَابض. غاليون ج فِي السَّادِسَة: هَذَا يجمد اللَّبن وقوته مجففة مَعَ حِدة يسيرَة وزهرته تصلح لانفجار الدَّم.
وَقد ظن أَنه يشفي من حرق النَّار وَهُوَ طيب الرّيح. ولونه لون السفرجل.
(6/276)
غوشنة ابْن ماسويه: إِنَّهَا من جنس الكمأة بَارِدَة رطبَة فِي الأولى وَلَيْسَ بردهَا بِقَوي وَفِي طبعه لحمية يسيرَة وَلَيْسَت برديئة الْخَلْط.
غافت د يَقُول: إِن ورقه مَتى أنعم دقه وخلط بشحم خِنْزِير عَتيق وَوضع على القروح الْعسرَة الِانْدِمَال أبرأها.
وَمَتى شرب هَذَا النَّبَات أَو بزره بِالشرابِ نفع من قرحَة المعي ونهش الْهَوَام. ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا الدَّوَاء لَطِيفَة قطاعة تجلو من غير حرارة مَعْلُومَة وَلذَلِك صَار يفتح السدد من الكبد وَفِيه مَعَ هَذَا قبض يسير من أَجله صَار يُقَوي الكبد.
بديغورس: إِنَّه لطيف ينقي وَلَيْسَت لَهُ حرارة مَعْلُومَة وخاصته النَّفْع من السدد. ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن الغافت ينفع من وجع الكبد نفعا بَينا.
مسيح: هُوَ جيد للحميات العتيقة واللثة المتقادمة.
وَقَالَ ج فِي الترياق: خاصته نفع الكبد جدا.
وَفِي شوسماهي الخوز: إِن الغافت لَيْسَ بالشديد الْحَرَارَة وَهُوَ نَافِع من الْحمى الحادة إِذا عتقت.
غرب جالينوس فِي السَّادِسَة: ورقه يسْتَعْمل فِي إدمال الْجِرَاحَات الطرية.
وَأما زهرته فيستعملها جَمِيع الْأَطِبَّاء فِي أخلاط المراهم المجففة لِأَن قوته قُوَّة مجففة بِلَا بلذع وَفِيه شَيْء من عفوصته وَمن النَّاس ألف ز قوم يتخذون من ورد الغرب عصارة فَيكون مِنْهَا دَوَاء يجفف وَلَا يلذع وينفع من أَشْيَاء كَثِيرَة فَإِنَّهُ لَا شَيْء أَنْفَع مِمَّا يجفف وَلَا يلذع وخاصة إِذا كَانَ يحْتَاج إِلَى قبض قَلِيل. ولحاء هَذِه الشَّجَرَة أَيْضا قوته كقوة وردهَا وورقها إِلَّا أَنه أيبس مزاجاً مثل جَمِيع أَنْوَاع اللحاء.
وَفِي النَّاس قوم يحرقون لحاء الغرب ويستعملون رماده فِي جَمِيع الْعِلَل الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجفيف كثير بِمَنْزِلَة الثآليل وخاصة المدورة وَالْبيض الشبيهة برؤس المسامير والثآليل المنكوسة المرتكزة فِي الْجلد فَإِن هَذِه كلهَا يقلعها رماد شجر الغرب مَتى عجن بخل وطلي عَلَيْهَا.
وَفِي النَّاس قوم يَعْمِدُونَ إِلَى هَذِه الشَّجَرَة فِي وَقت مَا تورق فيشرطون لحاءها بمشرطة ويجمعون الصمغة الَّتِي تخرج من تِلْكَ الْمَوَاضِع ويستعملونها فِي مداواة جَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي تقف فِي وَجه الحدقة فتظلم لَهَا الْبَصَر لِأَن هَذِه الصمغة تجلو وتلطف وَيُمكن من أجل ذَلِك أَن تسْتَعْمل فِي أَشْيَاء أخر.
اريباسيوس: أما ورقه فيستعمل فِي إلزاق الْجِرَاحَات الَّتِي بدمها وقوته مجففة من غير
(6/277)
لذع مَعَ قبض يسير. ولحاؤها مَتى أحرق كَانَ أَشد تجفيفاً فَلذَلِك يقْلع الثآليل بعد عجنه بخل ثَقِيف. د: إِن هَذِه الشَّجَرَة قابضة وَإِذا شرب وَرقهَا مَعَ فلفل قَلِيل بعد سحقها بشراب نفع من ايلاوس. وَمَتى أَخذ وَحده مِنْهُ الْحَبل.
وثمرته مَتى شربت نَفَعت من نفث الدَّم.
والقشر أَيْضا يفعل ذَلِك. وَإِذا أحرق القشر وعجن بخل وتضمد بِهِ قلع الثآليل الَّتِي فِي الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وحلل حسوء القروح.
وعصارة ورقه وقشره إِذا كَانَ رطبا مَتى سحق وطبخ فِي دهن ورد مَعَ قشر رمانة نفع من وجع الْأذن.
وطبيخه يسْتَعْمل فِي الصب على أرجل المنقرسين فينفعهم ذَلِك جدا ويجلو نخالة الرَّأْس.
وَقد يسْتَخْرج مِنْهَا رُطُوبَة إِذا قشر قشرها فِي إبان ظُهُور الزهرة مِنْهَا فَإِنَّهَا تُوجد مجتمعة فِيهِ)
بديغورس فِي الغرب: خاصته إِخْرَاج العلق من الْحلق وإلحام الْجرْح الطري بدمه. ابْن ماسه: ورق الغرب مَتى شرب أورث العقم وينفع من قذف الدَّم.
وَاللَّبن الْخَارِج مِنْهُ يحد الْبَصَر.
انْقَضى حرف الْغَيْن
(6/278)
3 - (بَاب الْفَاء)
فو قَالَ فِيهِ د: إِن قُوَّة أَصله مسخنة تدر الْبَوْل مَتى شرب يَابسا. وطبيخه يفعل ذَلِك أَيْضا وينفع من وجع الْجنب ويدر الطمث. ج فِي الثَّامِنَة: إِن فِي أَصله عطرية وَقُوَّة شَبيهَة بِقُوَّة السنبل إِلَّا أَنه دون السنبل الشَّامي وَفعله فِي ذَلِك مثل فعل المنتجوشة. فرفير قد ذَكرْنَاهُ فِي البقلة الحمقاء.
فستق قَالَ د: الشَّامي الشبيه بالصنوبر جيد للمعدة نَافِع من نهش الْهَوَام. ج فِي الثَّامِنَة: فِي هَذِه الثَّمَرَة شَيْء كَأَنَّهُ إِلَى المرارة عطري فَهِيَ لذَلِك تفتح السدد ألف ز وتنقي الكبد خَاصَّة وَتَنْفَع من علل الصَّدْر والرئة.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن غذاءه يسير وَيُقَوِّي الكبد وَيفتح منافذ الْغذَاء مِنْهَا وَفِي طعمه ميل قَلِيل إِلَى المرارة وَالْقَبْض العطري. وَقد علمنَا أَن أَشْيَاء كَثِيرَة نَظَائِر هَذَا نافعة للكبد أَيْضا.
ارخيجانس: الفستق حَار يَابِس أَشد حرارة من الْجَوْز واللوز.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: الفستق حَار لين فِي وسط الثَّانِيَة وَفِيه مرَارَة يسيرَة وعفوصة فَلذَلِك ينفع الكبد من وجع الكبد الْحَادِث من الرُّطُوبَة والغلظ.
وَمَتى دق وَشرب بالمطبوخ أَو بالنبيذ الشَّديد نفع من نهش الْهَوَام.
وَزعم د: إِنَّه يلين الْبَطن وَلَا يعقله.
فيلجوش قد ذَكرْنَاهُ فِي ذكر اللوف. ذَكرْنَاهُ فِي حرف الْبَاء. فسافس حَيَوَان بشبه القراد مَعْرُوف بِهَذَا الِاسْم بِالشَّام يكون فِي الأسرة. د يَقُول: من أَخذ مِنْهَا سَبْعَة عدد أَو جعلت فِي باقلاة وابتلعت قبل أَخذ الْحمى نَفَعت من حمى الرّبع. وَمَتى ابتلعت بِغَيْر باقلى نَفَعت من لسع الثعبان.
وَإِذا شمت أنبهت من اختناق الْأَرْحَام. وَمَتى شربت بخل أَو شراب أخرجت العلق من الْحلق. وَمَتى سحقت وَوضعت فِي ثقب الإحليل أبرأت عسر الْبَوْل. ج: إِن قوما ذكرُوا أَن الفسفس مَتى شرب مَعَ خل أخرج العلق الَّذِي يبتلع. وَأما نَحن فنخرج العلق أبدا بِأَكْل الثوم.
(6/279)
فسطارون حشيشة تسمى بِهَذَا الِاسْم.
قَالَ بديغورس: خاصتها النَّفْع من الفضول الغليظة والنقرس.
فلنجمشك قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار. يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة يفتح السدد الْعَارِضَة فِي الدِّمَاغ وينفع من الخفقان الْعَارِض من البلغم والسوداء فِي الْقلب. وَمَتى شم أَو أكل فتح سدد المنخرين.
سندهشار: الفرنجمشك يزِيد فِي الْمرة جيد للبواسير.
القلهمان: إِنَّه أعدل من المرزنجوش والنمام وَلَيْسَ فِيهِ من اليبس مَا فيهمَا. فلنجة يَقُول الدِّمَشْقِي: إِنَّهَا حارة فِي الثَّانِيَة فِيهَا قُوَّة قابضة وَقُوَّة محللة.
الطَّبَرِيّ فِيهِ قُوَّة محللة.
ماسرجويه: إِن فِيهَا مَعَ الْحَرَارَة والتحليل شَيْئا من الْقَبْض. ابْن ماسويه: إِنَّهَا حارة يابسة.
فروج ذكر مَعَ الديك. ذكر مَعَ الحضض. فأر اتّفق النَّاس على أَنه مَتى شقّ وَوضع على لذع الْعَقْرَب نفع. وَإِذا شوي وَأطْعم الصّبيان جفف اللعاب السَّائِل من أَفْوَاههم.
وَقَالَ جالينوس: وَلَا يجب أَن يسْتَعْمل دم فَإِن الْبيُوت تنثر الثآليل إِذْ كَانَ قد يُوجد مَا كَانَ أيسر مِنْهَا. د: زبل الفأر مَتى طلي على دَاء الثَّعْلَب نفع مِنْهُ وَمَتى شرب بالكندر واونومالي فت الْحَصَاة. وَمَتى حمل شيافة أطلق بطن الصَّبِي.
وَقَالَ ج فِي الترياق: إِنَّهَا إِذا أحرقت وعجنت بِعَسَل ولطخ بهَا على دَاء الثَّعْلَب أنبت الشّعْر وَقد يفت الْحَصَى الْكَائِن فِي المثانة.
وَقَالَ الخوزي: ألف ز مَتى طبخ بِالْمَاءِ وَقعد فِيهِ من بِهِ حصر الْبَوْل نَفعه.
فجل د يَقُول: إِنَّه مولد للرياح رَدِيء للمعدة يكثر الجشاء ويدر الْبَوْل ويسخن. وَمَتى أكل بعد الطَّعَام لين الْبَطن وأعان على نُفُوذ الْغذَاء وَمَتى أكل قبل الطَّعَام دفع الطَّعَام وَرَفعه إِلَى أعالي الْمعدة وَلم يذره يسْتَقلّ فَلذَلِك يسهل الْقَيْء وَقد يلطف الْحَواس. وَمَتى أكل مطبوخاً كَانَ صَالحا للسعال المزمن والكيموس الغليظ الْمُتَوَلد من الصَّدْر.
وقشره وَحده إِذا اسْتعْمل بسكنجبين كَانَ أَشد تسهيلاً للقيء من الفجل نَفسه وَوَافَقَ المحبونين وَالطحَال مَتى تضمد بِهِ.
(6/280)
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ عسل قلع القروح الخبيثة والْآثَار الْعَارِضَة تَحت الْعين مَعَ كمدة لون الْموضع وأنفع من نهش الأفعى.
وَمَتى خلط بدقيق شيلم أنبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب وجلا البثور اللبنية. وَإِن أكل نفع من الاختناق الْعَارِض من أكل الْفطر الْقَتْل.
وبزره مَتى شرب بخل قيأ وأدر الْبَوْل وحلل ورم الطحال وَمَتى طبخ بسكنجبين وتغرغر بِهِ وَهُوَ حَار نفع من الخناق. وَمَتى شرب بشراب نفع من نهشة الأفعى المقرنة. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ قلع قرحَة الغنغرانا قلعاً قَوِيا.
والفجل الْبري ملهب مدر للبول.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يسخن فِي الثَّالِثَة ويجفف فِي الثَّانِيَة.
وَأما الْبري فَهُوَ فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا أَكثر وبزر هَذِه البقلة أَيْضا أقوى من جَمِيع مَا فِيهَا وَفِي جَمِيعهَا قُوَّة محللة وَلذَلِك صَار الفجل من أجل هَذِه الْقُوَّة المحللة ينفع من النمش الْكَائِن فِي الْوَجْه وَمن الخضرة فِي أَي مَوضِع كَانَت من الْجِسْم.
وَقَالَ فِي الأغذية: قوته ملطفة مسخنة إسخاناً بليغاً لِأَن الْغَالِب عَلَيْهِ الحدة. والمسلوق يغذو أَكثر لِأَنَّهُ يسلخ حرافته إِلَّا أَنه على حَال قَلِيل الْغذَاء.
روفس: الفجل نَافِع من البلغم ويهيج الْقَيْء ويضر بِالرَّأْسِ وَالْعين والأسنان والحنك.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: الفجل جيد للبلغم وَلمن يُرِيد استفراغ مَا فِي بَطْنه رَدِيء للأسنان وَالْعين وَالْحلق.
حنين: سَبَب رداءته جوهره المتعفن الَّذِي فِيهِ.)
رَجَعَ قَول روفس: وَهُوَ مُفسد للطعام رَدِيء لعلل النِّسَاء كلهَا مُحدث للرياح فِي أعالي الْبَطن.
اريباسيوس: إِن الفجل لقُوَّة محللة وَمن أجل ذَلِك يسْتَعْمل فِي الْآثَار فِي الْجِسْم وَسَائِر الْمَوَاضِع الكمدة اللَّوْن فيعظم نَفعه.
وَقَالَ: إِن بزر الفجل يحلل الْمدَّة الكائنة تَحت الصفاق الْقَرنِي والْآثَار الدموية الَّتِي فِي الْوَجْه.
ابْن ماسويه: هُوَ حَار فِي أول الثَّانِيَة يَابِس فِي أول الثَّانِيَة مدر للبول جلاء للكلى والمثانة.
وَإِن أكل بعد الطَّعَام هضمه وخاصة ورقه. ألف ز وَهُوَ حد الْبَصَر.
وَمَاء ورقه نَافِع من اليرقان والسدد الْعَارِضَة فِي الكبد وخاصة مَتى شرب مَعَه سكنجبين سكري إِن كَانَت هُنَاكَ رُطُوبَة.
(6/281)
وبزره يفعل ذَلِك أَيْضا وَمَتى طبخ وَأكل نفع من السعال الْمُتَوَلد من الرُّطُوبَة ويلين الطبيعة وينفخ. وَإِن أكل مَعَ السكنجبين غثى.
وَمَتى دق بزره مَعَ الكندس وطلي بِهِ البهق الْأسود فِي الْحمام أذهبه. وَمَتى أَكثر من أكله نياً أمغس.
وخاصته النَّفْع من اليرقان وورقه يهضم الطَّعَام ولحمه يغثي ويعفن الطَّعَام كُله وَالدَّلِيل على ذَلِك جشاؤه.
الْفَارِسِي: بزر الفجل نَافِع لضربان المفاصل والنفخة فِي الْبَطن ويسهل خُرُوج الطَّعَام ويشهيه جيد لوجع المفاصل.
قسطس فِي الفلاحة: الفجل نَافِع من وجع الكلى والمثانة والسعال.
مَتى أكل مَعَ الْعَسَل نفع من وجع الصَّدْر. ويهيج الباه وَيزِيد فِي اللَّبن وَيمْنَع لذع الْهَوَام مَتى طلي بِهِ الْجِسْم.
وبزره نَافِع من السمُوم والهوام بِمَنْزِلَة الترياق. وَمَتى شدخت قِطْعَة فجل وطرحت على عقرب قتلتها. لي خبرني صديق لي أَنه جرب هَذَا وَصَحَّ إِنَّه قطر مَاء ورق الفجل عَلَيْهَا فَرَآهُ أنفذ وَأَنَّهَا انتفخت وانشقت فِي نصف سَاعَة.
وينفع من حمى الرّبع والنافض ووجع الْجوف بزره مَعَ الْعَسَل.)
وَمَتى لسعت الْعَقْرَب من أكل فجلاً لم يؤذ لسعها كَبِير ضَرَر.
ويقلع آثَار الضَّرْب والبرش وينبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب. وَإِن أدمن أكله من تمرط شعره نبن شعره.
وبزره إِذا استف أَبْرَأ وجع الكبد لكنه يكثر الْقمل فِي الْجَسَد.
وَمَتى شرب من عصير الفجل نقص المَاء من المستسقين.
الطَّبَرِيّ: الفجل يحل الغلظ فِي الْجَسَد وينفع بزره من القوباء. وَمَاء ورقه ينفض اليرقان ويفت الْحَصَى.
وَقَالَت الخوز: إِن بزره نَافِع من الْقَيْء. لي لَا يُمكن بزر الفجل أَن يسكن الْقَيْء لَكِن قَوْله نَافِع من الْقَيْء إِنَّه يقيء. فاشرا وفاشر سِتِّينَ أما الفاشرا فَقَالَ د: إِن الثَّمَرَة الْحَمْرَاء الشبيهة بالعناقيد يحلق الشّعْر عَن الْجُلُود. وَقُلُوب هَذَا النَّبَات أول مَا يطلع تُؤْكَل فتدر الْبَوْل وتسهل الْبَطن.
وَقُوَّة ورقه وثمره وَأَصله حادة حريفة وَلذَلِك مَتى تضمد بهَا مَعَ الْملح نَفَعت من القروح الرَّديئَة.
(6/282)
وَالْأَصْل مَتى خلط بالكرسنة والحلبة جلا ظَاهر الْجِسْم ونقاه وصفاه وأذهب الكلف والثآليل والبثور اللينة والْآثَار السود الْعَارِضَة من اندمال القروح. وَإِذا طبخ بالزيت حَتَّى يتهرى فعل ذَلِك أَيْضا وَقد يذهب بكمنة الدَّم الْعَارِضَة تَحت الْعين.
وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ شراب سكن الداحس وحلل الأورام الصلبة وفجر الدُّبَيْلَة وَأخرج الْعِظَام إِذا تضمد بِهِ. وَيَقَع فِي المراهم الأكالة للحم.
وَيشْرب مِنْهُ سنة كل يَوْم درخمى للصرع والفالج والسدر فيعظم نَفعه ومى شرب مِنْهُ ألف وَإِذا احتملته الْمَرْأَة أخرج الْجَنِين والمشيمة وَمَتى شرب أدر الْبَوْل.
وَقد يعْمل مِنْهُ بالعسل لعوق للمختنقين وَفَسَاد النَّفس والسعال ووجع الْجنب وشدخ العضل.
وَمَتى شرب مِنْهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كل يَوْم قدر ثَلَاثَة اوبولسات بالخل حلل ورم الطحال.
ويضمد بِهِ مَعَ التِّين لورم الطحال فينفع وينقي الرَّحِم إِذا جلس فِي طبيخه وَهَذَا الطبيخ يخرج)
الْجَنِين أَيْضا.
وعصارته تسهل البلغم.
وثمرته صَالِحَة للجرب المتقرح والغير المتقرح مَتى تلطخ بِهِ.
وَإِن أخرجت عصارة سَاقه وتحسيت مَعَ حِنْطَة مطبوخة غزرت اللَّبن. ج: فِي السَّادِسَة: إِن أَطْرَافه فِي أول مَا تطلع تُؤْكَل فتنفع الْمعدة بقبضها وفيهَا مَعَ الْقَبْض مرَارَة يسيرَة وحرافة وَلذَلِك تدر الْبَوْل باعتدال.
وَأما أصل هَذَا النَّبَات فَإِنَّهُ يجلو ويجفف ويسخن إسخاناً معتدلاً وَمن أجل ذَلِك يذوب الطحال الصلب مَتى شرب وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ التِّين ويشفي الجرب وتقشر الْجلد.
وَأما ثَمَرَة هَذَا النَّبَات الَّتِي هِيَ كالعناقيد فيستعملها الدباغون.
بولس: وَمن البرص أَيْضا.
(6/283)
وَأما الفاشرستين فَقَالَ فِيهِ د: إِن قلوبه فِي أول طُلُوعهَا تُؤْكَل فتدر الْبَوْل والطمث وتحلل ورم الطحال وتوافق الصرع والفالج. وَأَصله شَبيه بِأَصْل الفاشرا وَيصْلح لما يصلح لَهُ ذَلِك غير أَنه أَضْعَف.
وورق هَذَا النَّبَات مَتى تضمد بِهِ مَعَ الشَّرَاب وَافق أعراف الْحمير مَتى تقرحت وَيسْتَعْمل هَكَذَا لالتواء العصب. ج: إِن هَذَا مثل الفاشرا فِي أَفعاله غير أَنه أَضْعَف.
اريباسيوس: الفاشرا مَتى أكل ورقه مَعَ أغصانه وَهِي طرية تحرّك الْبَوْل تحريكاً رَقِيقا وَقُوَّة أَصله مجففة جلاءة لَطِيفَة وإسخانه إسخان سَاكن وَلذَلِك صَار يحلل التحجر والصلابة الَّتِي تكون فِي الطحال مَتى شرب وَوضع من خَارج مَعَ تين وَيذْهب الجرب وتقشر الْجلد.
وَأما الفاشرستين فَهُوَ مثله إِلَّا أَنه أَضْعَف.
فضَّة د: قُوَّة خبثها قُوَّة مولوبدانا وَكَذَلِكَ يَقع فِي المراهم الدكن والخاتمة للقروح وَهُوَ قَابض جدا. ج: خبث الْفضة يدْخل فِي المراهم المجففة.
الدِّمَشْقِي: إِنَّه يجفف ويبرد وسحالتها نافعة من الخفقان.
الخوز: خبث الْفضة جيد للجرب والحكة. فلفلموية د: خاصته النَّفْع من الأوجاع الْبَارِدَة وخاصة القولنج والنقرس.
ماسرجويه: إِنَّه حَار يَابِس ينفع من كل وجع بَارِد خاصته التشنج.
ابْن ماسه: إِنَّه نَافِع للقولنج والأرواح الْبَارِدَة. فَاخِتَة ابْن ماسويه: هُوَ عسر الهضم عَاقل للطبيعة.
فوسطس ج فِي السَّابِعَة: ألف ز ورق هَذَا النَّبَات مُحَلل وَمَعَهُ رُطُوبَة مائية بِمَنْزِلَة الملوكية. اريباسيوس: إِنَّه يسخن إسخاناً كَافِيا إِلَّا أَن إسخانه دون الفلفل وَإِذا كَانَ طرياً ثمَّ دق مَعَ بزره حل الأورام والْآثَار الَّتِي تكون فِي الْوَجْه والأورام الصلبة. ج فِي اوديقاي وَتَفْسِيره فلفل المائي فِي الثَّامِنَة: إِن هَذَا النَّبَات يسخن إِلَّا أَنه يسخن كإسخان الفلفل وينبت فِي مَوَاضِع رطبَة وَإِذا اسْتعْمل طرياً ضماداً أذهب نمش الْوَجْه وكلفه إِذا كَانَ صلباً وحلله.
وَقَالَ: هَذَا يسخن إسخان الفلفل مَتى تضمد بِهِ طرياً أذهب النمش والكلف وَإِن كَانَ قد صلب وَعتق. فالنوس ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا ينفع من أوجاع المثانة لِأَن فِيهِ شَيْئا مُطلقًا مسخناً.
فوميون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: النَّاس يستعملون بزر هَذَا النَّبَات فِي مداواة الْبيَاض فِي الْعين وَإِخْرَاج السلاء والحشيشة أَيْضا تفعل ذَلِك فِي مَا يظنّ بهَا. وَهَذَا أَيْضا يدل على أَن فِيهَا قُوَّة تجلو وتجذب.
فلفيوس قَالَ اريباسيوس: قوته حارة مرّة وَلَيْسَ تغري ثَمَرَته من الْقَبْض وَلذَلِك يدر بولاً كثيرا مرياً وينفع من سدد الكبد وضعفها ويلين الْبَطن مَتى جفف وسحق ونثر على مَاء الْعَسَل وَشرب وَيُقَوِّي الْمعدة إِذا سحق وَهُوَ يَابِس ونثر على شراب ممزوج. فواملش ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا قَابض وَلذَلِك ينفع من استطلاق الْبَطن وقروح المعي.
(6/284)
فاجرو مجر قَالَ ج فِي السَّابِعَة من قاطاجانس: هَذَا دَوَاء لَيست مَعَه حرافة الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ دَوَاء قوي التَّحْلِيل والتجفيف.
فراطاو غونون ج فِي السَّابِعَة: لثمرته حِدة وحرافة وَصورته شَبيهَة بحب الجاورس.
فوفل قَالَ بديغورس: إِنَّه جيد للأورام الحارة الغليظة.
ماسرجويه: إِنَّه قوي الْبرد قَابض قوته كقوة الصندل الْأَحْمَر. فربيون قَالَ فِيهِ د: لهَذِهِ الصمغة إِذا اكتحل بهَا قُوَّة جالية للْمَاء فِي الْعين إِلَّا أَن لدغها يَدُوم النَّهَار كُله فَلذَلِك يخلط بالعسل والشياف على قدر حِدته. وَإِذا خلط بِبَعْض الْأَشْرِبَة المعمولة بالأفاويه وَشرب وَافق عرق النسا ويطرح قشور الْعِظَام من يَوْمه. وَيجب أَن يوقي اللَّحْم الَّذِي حول الْعِظَام الْبَتَّةَ: إِمَّا بقيروطي أَو عجين.
وَزعم قوم أَنه من نهشه شَيْء من الْهَوَام مَتى شقَّتْ جلدَة رَأسه وَمَا يَليهَا إِلَى أَن يظْهر القحف وَجعل هَذَا الصمغ مسحوقاً فِي جَوف الشق وخيط لم يصبهُ مَكْرُوه.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا الدَّوَاء لَطِيفَة محرقة.
بديغورس: خاصته النَّفْع من المَاء الْأَصْفَر. ج: فِي الثَّامِنَة من الميامر: إِن الفربيون الحَدِيث أَشد إسخاناً من الحلتيت على أَن الحلتيت أَشد من السمُوم: مَتى فتق فِي الدّهن ألف ز ومرخ بِهِ نفع من من الفالج والخدر جدا وَقتل الأجنة مَتى احْتمل وَيقتل مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم ويقرح الْمعدة والمعي.
ابْن ماسويه فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة: خاصته إسهال البلغم اللزج الثَّابِت فِي الْوَرِكَيْنِ وَالظّهْر والمعي.
الخوز: الفربيون يضم فَم الرَّحِم جدا حَتَّى يمْنَع الأجنة من السُّقُوط إِذا سقِِي أمهاتهم دون الْإِسْقَاط.
فرس د: الزَّوَائِد الَّتِي قرب ركب الْخَيل إِذا أحرقت ودقت وشربت أبرأت الصرع فِيمَا يُقَال.
بولس: جلد الْمهْر إِن أحرق وطلي بِالْمَاءِ على البثور أبرأها.
وَقَالَ د: أنفخة الْفرس خَاصَّة مُوَافقَة للإسهال المزمن وقرحة المعي.
قَالَ ج: قد ذكرُوا أَنَّهَا تَنْفَع من قُرُوح المعي والذرب.
وَقَالَ د زبل الدَّابَّة يفعل مَا يفعل زبل الْحمار فاقرأه فِي بَاب ج. فاط وَيُقَال فساط قَالَ ابْن ماسويه: دَوَاء يجلب من أَرض التّرْك جيد لشرب الشوكران ولسع الْهَوَام مَتى سقِِي بِالْمَاءِ الْبَارِد.
(6/285)
الخوزي: إِنَّه يدْفع ضَرَر جوز ماثل والسموم والهوام ويسكن الوجع الشَّديد يسقى بِمَاء بَارِد. فيلزهرج بديغورس: خاصته تَقْوِيَة الشّعْر.
فقاع قَالَ د: الفقاع الْمُتَّخذ من الشّعير يدر الْبَوْل ويضر الكلى والعصب وحجب الدِّمَاغ ويولد نفخاً وأخلاطاً رَدِيئَة. وَإِذا أنقع فِيهِ العاج سهل عمله.
ابْن ماسه: الفقاع الْمُتَّخذ من دَقِيق شعير وسنبل وقرنفل وفلفل وسذاب رَدِيء فِي الْغذَاء رَدِيء للرأس والمتخذ من خبز الْحوَاري ونعنع وكرفس جيد الكيموس جيد للمعدة والمحرورين. لي إِنَّمَا صَار فقاع الْخبز خبْزًا لِأَنَّهُ يتَّخذ من دَقِيق الْحِنْطَة.
فسوريقون قَالَ د: هَذَا الدَّوَاء يجفف أَشد تجفيفاً من القلقطار وَهُوَ أبعد من اللذع مِنْهُ. وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَالْأَمْر بَين أَنه ألطف وَهُوَ أبدا يذهب الجرب. فنك ابْن ماسه: فرو الفنك أحر من السنجاب وأبرد من السمور.
فاغرة قَالَ ابْن ماسه: يشبه الحمص وَهِي حارة يابسة فِي الثَّالِثَة تدخل فِي الْأَدْوِيَة الْمصلحَة للمعدة. فل دَوَاء هندي يدْخل فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تبرد قوته كقوة البيروح واللفاح. فروماغان فسريق حَبَّة رُومِية تُؤْكَل كالباقلي الرطب جيد جدا للباه. فوفر مَعْرُوف بِهَذَا الِاسْم وَهُوَ رومي. لَهُ أصل طيب شَبيه الْقُوَّة بالسنبل.
فراسيون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: كَمَا أَن طعمه مر كَذَلِك فعله مُوَافق لطعمه وَذَلِكَ أَنه فتاح لسدد الكبد وَالطحَال ينقي الصَّدْر والرئة بالنفث ويحدر الطمث وَمَتى وضع من خَارج جلا وحلل وَلذَلِك ألف ز فليوضع من الْحَرَارَة فِي الثَّانِيَة نَحْو آخرهَا وَمن اليبس فِي وسط الثَّالِثَة أَو آخرهَا.
وعصارته تسْتَعْمل لتحديد الْبَصَر ولوجع الْأذن المزمن مَتى احْتِيجَ لَهَا إِلَى شَيْء يفتح وينقي ثفل السّمع والأجزاء الَّتِي تَجِيء من عصبَة السّمع من الغشاءين المغشيين للدماغ.
اريباسيوس لَيْسَ: إسخانه وتجفيفه بالقويين وَمَتى تضمد بِهِ جلا وَقطع ونقى أَصْحَاب اليرقان بالمنخرين وينفع مَا كَانَ من أوجاع الْأذن قَدِيما لطول الْمدَّة.
بولس: الدَّوَاء الْمُسَمّى بالوطي وَهُوَ فراسيون لَهُ قُوَّة منقية حريفة إِذا ضمد بِهِ مَعَ الْملح نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
(6/286)
فلفل قَالَ د: الْأَبْيَض مِنْهُ يَقع فِي الأكحال والترياقات وَالدَّار فلفل صَالح للترياقات والمعجونات.
والفلفل الْأسود أَشد حرافة من الْأَبْيَض والأبيض أَضْعَف مِنْهُ.
وَقُوَّة الفلفل بِالْجُمْلَةِ مسخنة هاضمة للطعام تدر الْبَوْل جاذبة محللة جالية لظلمة الْبَصَر.
وَمَتى جعل مَعَ الدّهن وتمسح بِهِ نفع من النافض ونفع من نهشة الْهَوَام وأدر الْبَوْل وأحدر الْجَنِين. وَقد يظنّ أَنه إِن احْتمل بعد الْجِمَاع أفسد الزَّرْع إفساداً قَوِيا.
وَمَتى اسْتعْمل فِي اللعوقات والأشربة وَافق السعال وَسَائِر أوجاع الصَّدْر. وَمَتى تحنك بِهِ مَعَ الْعَسَل وَافق الخناق.
وَإِذا شرب مَعَ ورق الْغَار الطري نفع من المغس وَإِذا مضغ مَعَ الزَّبِيب قلع البلغم.
وَهُوَ من المسكنة للوجع. وَإِذا وَقع فِي الصباغات فتق الشَّهْوَة وأعان على الهضم. وَهُوَ مُوَافق للأصحاء.
وَإِذ خلط بالزفت حل الْخَنَازِير. وَإِذا خلط بالنطرون جلا البهق. وَمَتى خلط بالخل وتضمد بِهِ أَو شرب حلل ورم الطحال.) ج: أصُول الفلفل شَبيهَة بِالْقِسْطِ.
وَأما ثَمَرَته فَهِيَ أول طُلُوعهَا دَار فلفل وَلذَلِك صَار الدَّار فلفل أرطب من الفلفل المستحكم.
وَالدَّلِيل على رُطُوبَة الدَّار فلفل أَنه يتأكل إِذا أزمن. وَأَنه إِذا ذيق إِنَّمَا يبتديء باللذع بعد قَلِيل وَلَا يلذع من أول ذوقه ثمَّ يبْقى على تلذيعه مُدَّة لَيست باليسيرة.
وَأما الفلفل الْأَبْيَض فَهُوَ أَشد حرافة وَأحد من الْأسود وَذَلِكَ أَن الْأسود من أجل أَنه نضيج قد صَار كَأَنَّهُ احْتَرَقَ ويبس احتراقاً ويبساً مفرطاً والنوعان كِلَاهُمَا يسخنان ويجففان إسخاناً وتجفيفاً قَوِيا.
اريباسيوس: أما الصِّنْف الطَّوِيل مِنْهُ فَهُوَ الدارفلفل وَهُوَ أول مَا ينْبت من الفلفل وَلذَلِك صَار أَكثر رُطُوبَة.
وَأما الْأَبْيَض إِذا استحكم وانْتهى منتهاه صَار فلفلاً فَمن أجل ذَلِك صَار أَكثر حِدة من الفلفل وَأما الفلفل الْأسود فقد جف بِأَكْثَرَ من الْمِقْدَار. والنوعان جَمِيعًا قَوِيا الإسخان والتجفيف.
ابْن ماسه: إِنَّه حَار يَابِس فِي وسط الرَّابِعَة مدر للبول وَمَتى احتملته الْمَرْأَة بعد الْجِمَاع منع الْحَبل ألف ز نَافِع من المغس والرياح الغليظة الْعَارِضَة فِي الْمعدة والمعي قَاطع للبلغم اللزج فِي الصَّدْر والرئة والمعدة وخاصته منع الْحَبل مَتى احْتمل بعد الْجِمَاع ويهضم الطَّعَام.
(6/287)
وَقَالَ: الدَّار فلفل حَار رطب هاضم للطعام طراد للرياح من الْمعدة والأمعاء ضار للمحرورين. ج فِي تَدْبِير الأصحاء: الفلفل الْأَبْيَض أصلح للمعدة وأبلغ مَا يكون نفعا للمعدة الْبَارِدَة.
من كتاب الْمسَائِل: الفلفل مَتى أَكثر مِنْهُ أدر الْبَوْل وَمَتى قلل أطلق الْبَطن والسقمونيا بضد ذَلِك. ج فِي تَدْبِير الأصحاء: الفلفل الْأَبْيَض يُقَوي الْمعدة أَكثر من الفلفلين الآخرين. والدارفلفل يحل غلظ الرِّيَاح النافخة وَيدْفَع مَا على فِي الْمعدة إِلَى أَسْفَل الْبَطن ويعين على هضم الطَّعَام.
شرك: الفلفل يهزل ويجفف الْمَنِيّ.
قَالَ: وَالدَّار فلفل مَعَ حرافته لَهُ رُطُوبَة بهَا يزِيد فِي الباه.
حنين من كتاب الترياق: الفلفل ينقي الكبد والبطن والصدر والمعدة وَهُوَ نَافِع من لسع الْهَوَام)
وَهُوَ يسخن العصب والعضلات مَا لايبلغه غَيره.
ابْن ماسويه: خَاصَّة الفلفل أَنه مَتى احْتمل مِنْهُ فرزجة بعد الْجِمَاع منع الْحَبل وَيقطع الأخلاط الغليظة فِي الكبد والرئة والمعي وينقي ويجلو بِقُوَّة.
والأبيض أقوى فعلا من الْأسود وَهُوَ جيد للارتعاش الْحَادِث من الْحمى الدورية. فقلا مينوس وَهُوَ بخور مَرْيَم. قَالَ د: إِنَّه مَتى شرب بِالشرابِ الْمُسَمّى ادرومالي أسهل بلغماً وكيموساً مائياً وأدر الطمث إِذا شرب أَو احْتمل.
وَقد زعم بعض النَّاس أَنه مَتى تخطته امْرَأَة حَامِل أسقطت. وَإِذا شدّ فِي الرَّقَبَة أَو الْعَضُد منع الْحَبل.
وَقد يشرب بِالشرابِ للأدوية القتالة والسموم وخاصة لسم الأرنب البحري. وَمَتى تضمد بِهِ نفع من سموم الْهَوَام. وَمَتى خلط بشراب أسكر إسكاراً شَدِيدا.
وَمَتى شرب مِنْهُ ثَلَاثَة مَثَاقِيل بطلاء أَو بِمَاء القراطن ممزوج بِمَاء أَبْرَأ اليرقان. وَيجب إِذا سقِِي من بِهِ اليرقان أَن يضجع فِي بَيت حَار ويغطى بِثِيَاب كَثِيرَة كي يعرق ولون ذَلِك الْعرق يشبه لون الْمرة الصَّفْرَاء.
وَقد يخلط مَاؤُهُ بِعَسَل ويسعط بِهِ لتنقية الرَّأْس وَيصير على صوفة وَيحمل فِي المقعدة لإسهال الْبَطن. وَإِذا لطخت بِهِ السُّرَّة والمراق والخاصرة لين الْبَطن وَطرح الْجَنِين.
وَإِذا خلط مَاؤُهُ بِعَسَل واكتحل بِهِ وَافق المَاء الْعَارِض فِي الْعين وَضعف الْبَصَر وَيقتل الْجَنِين قتلا قَوِيا. وَمَتى خلط بخل ولطخ على المقعدة الناتئة ردهَا إِلَى دَاخل.
(6/288)
وَأَصله ينقي الْبشرَة وَيذْهب بالبثر وَمَتى خلط بخل أَو بِعَسَل أَو ترك وَحده وَاسْتعْمل أَبْرَأ الْجِرَاحَات قبل أَن تعْتق. وَإِذا تضمد بِهِ حلل ورم الطحال. ونقى الكلف وداء الثَّعْلَب ويوافق النقرس.
وطبيخه مَتى صب على الرَّأْس وَافق القروح الْعَارِضَة لَهُ والشقاق الْعَارِض من الْبرد.
وَمَتى قور أَصله ألف ز وسخن فِيهِ زَيْت عَتيق على رماد حَار فعل ذَلِك وَرُبمَا جعل مَعَه قَلِيل شمع.) ج فِي بخور مَرْيَم نصا: قُوَّة هَذَا منقية لِأَنَّهُ يجلو وَيقطع وَيفتح ويحلل ويجذب وَالدَّلِيل على ذَلِك أَفعاله الْجُزْئِيَّة فَإِن عصارته تفتح أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة وتحلل الخرجات والخنازير وَسَائِر الصلابات. وَمَتى اكتحل بهَا مَعَ الْعَسَل نفع من المَاء فِي الْعين ونقى الدِّمَاغ مَتى استعط بِهِ.
وَله من شدَّة الْقُوَّة مَا إِن طلي على مراق الْبَطن أطلقهُ وأفسد الْجَنِين. وَمَتى احْتمل من أَسْفَل كَانَ أقوى الْأَدْوِيَة فِي إِخْرَاج الْجَنِين.
وَأَصله أَضْعَف من عصارته إِلَّا أَنه أَيْضا قوي فَهُوَ لذَلِك يدر الطمث مَتى شرب أَو احْتمل.
وينفع أَصْحَاب اليرقان لِأَنَّهُ لَيْسَ إِنَّمَا ينقي الكبد وَيفتح سددها فَقَط بل قد ينقص المرار الْمُنْتَشِر فِي جَمِيع الْبدن ويخرجه بالعرق وَلذَلِك يجب بعد شرب الشَّارِب لَهُ أَن يحتال فِي تعريقه وَيجب أَلا يُجَاوز مَا يشرب مِنْهُ ثَلَاثَة مَثَاقِيل وَيشْرب بشراب حُلْو أَو بِمَاء الْعَسَل.
وبزره أَيْضا يجلو وَلذَلِك يشفي دَاء الثَّعْلَب والكلف وَجَمِيع النمش وَسَائِر مَا هَذَا سَبيله من الْعِلَل. وَهَذَا الدَّوَاء نَافِع من الطحال إِذا تضمد بِهِ طرياً كَانَ أَو يَابسا.
وَفِي النَّاس قوم يَأْخُذُونَ من أَصله إِذا جف فيسقونه أَصْحَاب الربو. اريباسيوس فِي عصارته: إِنَّه يُحَرك الإسهال مَتى احْتمل بصوفة وَقَالَ فِي أَصله مَا قَالَ جالينوس فِي بزره وَزَاد فِيهِ أَنه يذهب بالحصف وَجَمِيع مَا على الْجلد وَمَا أشبهه إِذا ضمد بِهِ رطبا أَو يَابسا.
بولس فِي بخور مَرْيَم: إِنَّه مَتى شرب من أَصله خَمْسَة دَرَاهِم بِعَسَل وَمَاء حَار أسهل إسهالاً وَقَالَ فِيهَا ثلثتها: إِن لَهَا قُوَّة منقية تقطع وتفش.
وعصارته مَعَ عسل تبريء الغشاوة الَّتِي تكون من رُطُوبَة غَلِيظَة.
وشجرة مَرْيَم الَّتِي تسْتَعْمل فِي الْأكلَة مَتى غليت وَشرب مَاؤُهَا نفع من بِهِ يرقان نفعا عَظِيما.
(6/289)
ابْن ماسويه: بخور مَرْيَم يحلل الخراجات والأورام وَمَتى عمل مِنْهُ شياف لين الْبَطن.
وَمَتى اكتحل بِهِ مَعَ عسل نفع من جَمِيع الغشاوة وَالْمَاء وَمَتى استعط بِهِ نفع. وَمَتى لطخ على مراق الْبَطن أسهل ونقى الكلف وداء الثَّعْلَب وَسكن الصداع ونفع الطحال وَمن البثور والقروح.
ابْن ماسه فِي العرطنيثا: أَصله حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة.)
فودنج قَالَ د: إِنَّه مَتى شرب بِالشرابِ الْمُسَمّى اندرومالي أسهل كيموسا مائياً وبلغماً وأدر الطمث شرب أَو احْتمل. وَقد زعم بعض النَّاس أَنه ينفع من شرب ذَوَات السمُوم وَمن نهش الْهَوَام.
وَمَتى شرب طبيخها أدر الْبَوْل ونفع من رض لحم العضل وأطرافها وعسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب ألف ز والمغس والهيضة والنافض.
وَمَتى أَخذ نياً أَو مطبوخاً فدق وَشرب بالعسل قتل الدُّود فِي الْبَطن. وَإِن أكل وَشرب بعده مَاء الْجُبْن نفع من دَاء الْفِيل. وَيشْرب لذَلِك على حسب مَاء الْجُبْن أَيَّامًا مُتَوَالِيَة.
وَمَتى احْتمل ورقه قتل الأجنة وأدر الطمث.
وَمَتى دخن بورقه طرد الْهَوَام. وَمَتى افترش أَيْضا فعل ذَلِك.
وَمَتى طبخ بشراب وتضمد بِهِ أذهب الْآثَار السود من الْجِسْم وأذهب الدَّم الْمَيِّت الْعَارِض تَحت الْعين.
وَقد يتضمد بِهِ لعرق النسا فيحرق الْجلد ويبدل مزاج الْعُضْو.
وعصارته مَتى قطرت فِي الْأذن قتلت الدُّود الْمُتَوَلد فِيهَا.
وَمَنَافع شراب الفوتنج الْجبلي مثل مَنَافِع الحاشا. وشراب النَّهْرِي نَافِع لعلل الْمعدة وَقلة الشَّهْوَة ويدر الْبَوْل وينفع من اليرقان. ج: فِي السَّادِسَة: هَذَا النَّبَات لما كَانَ فِيهِ حِدة ومرارة صَار يلطف تلطيفاً قَوِيا وَالدَّلِيل على ذَلِك مَتى وضع على الْجِسْم من خَارج حمره وَإِن ترك مُدَّة قرحه.
وَمِمَّا يعلم أَنه ملطف إِخْرَاجه للأخلاط الغليظة اللزجة من الصَّدْر والرئة بالنفث وَأَنه يدر الْبَوْل.
وَقَالَ: الفوتنج النَّهْرِي طَبِيعَته لَطِيفَة ومزاجه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة وَيعلم ذَلِك من طعمه وأفعاله لِأَن فِي طعمه حرافة وحرارة بَيِّنَة. وَمن جربه حِين يعالج بِهِ الْجِسْم وجده أَنه مَتى وضع على الْبدن من خَارج وَهُوَ مسحوق أسخن فِي أول الْأَمر ولذع وسحج الْجلد ثمَّ إِنَّه فِي آخر الْأَمر يجرح.
(6/290)
وَمَتى شرب وَحده وَهُوَ يَابِس بِمَاء الْعَسَل أسخن إسخاناً بَينا وأدر الْبَوْل والعرق وجفف الْجِسْم وَمن أجل ذَلِك قد اسْتَعْملهُ قوم فِي مداواة النافض الْكَائِن بأدوار ويطبخونه بالزيت)
ويدهنون بِهِ الْجِسْم كُله ويدلكونه دلكا شَدِيدا ويستعملونه أَيْضا من دَاخل بِأَن يسقوه على مَا وصفت.
وَقوم آخَرُونَ يضعونه على الورك وَإِذا كَانَ بالإنسان وجع عرق النسا فيضمدونه بِهِ على أَنه دَوَاء عَظِيم النَّفْع لِأَنَّهُ يجذب حرارة من عمق الْبدن ويسخن العضل كُله إِلَّا أَنه يحرق الْجلد إحراقاً بَينا ويحدر الطمث إحداراً قَوِيا مَتى شرب أَو احْتمل من أَسْفَل.
وَهُوَ أَيْضا من الْأَدْوِيَة النافعة لأَصْحَاب الجذام لَا من طَرِيق أَنه يحلل الأخلاط اللطيفة فَقَط تحليلاً شَدِيدا لَكِن من طَرِيق أَنه مَعَ هَذَا يقطع ويلطف الأخلاط الغليظة تقطيعاً وتلطيفاً شديدين وَهَذِه الأخلاط هِيَ المولدة لهَذَا الوجع.
وَكَذَلِكَ من شَأْنه أَن يجلو الْآثَار السود وَيذْهب باللون الْحَائِل من محاجر الْعُيُون وأجود مَا يسْتَعْمل فِي هَذِه الْمَوَاضِع بِأَن يطْبخ بشراب وتضمد بِهِ الْمَوَاضِع وخاصة إِذا كَانَ طرياً. وَأما إِذا كَانَ يَابسا فَإِنَّهُ ألف ز قوي جدا يحرق بسهولة وَسُرْعَة.
وَلما كَانَ هَذَا حَاله صَارُوا يستعملونه فِي مداواة نهش الْهَوَام كلهَا كَمَا يسْتَعْمل الكي وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الْأُخَر الَّتِي تسخن.
وَلها حِدة وحرافة ولطافة وَهِي تجتذب إِلَيْهَا بِسُرْعَة وسهولة من عمق الْجِسْم الرُّطُوبَة الَّتِي نجدها فِي الْمَوَاضِع.
فَأَما المرارة الَّتِي فِي هَذَا الدَّوَاء. فَهِيَ يسيرَة جدا وَلكنهَا تفعل مَا يفعل غَيرهَا من المرارة الْكَثِيرَة الْمَوْجُودَة فِي الْأَشْيَاء الْأُخَر وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَ حرارة كَثِيرَة وَمَعَ جَوْهَر لطيف فَصَارَ هَذَا الدَّوَاء من هَذَا الْوَجْه مَتى شرب عصيره أَو احتقن بِهِ قتل الدُّود الصغار والكبار.
وعَلى هَذَا الْمِثَال يقتل الدُّود الَّتِي فِي الْأذن وَفِي جِرَاحَة أُخْرَى. وعَلى هَذَا الْمِثَال صَار يخرج الأجنة شرب أَو احْتمل بِقُوَّة قطاعة لمَكَان حرارته ولطافته ومرارته.
وَفِيه أَيْضا قُوَّة تجلو لمَكَان مرارته فَقَط. وَهُوَ ينفع من ضيق النَّفس من أجل هَذِه الْخِصَال كلهَا الَّتِي ذَكرنَاهَا وينفع أَصْحَاب اليرقان من أجل مرارته خَاصَّة كَمَا أَن جَمِيع الْأَدْوِيَة الْمرة نافعة والفوتنج الْجبلي أَنْفَع فِي هَذِه الْوُجُوه كلهَا من النَّهْرِي.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ ذكره مُطلقًا: إِن قُوَّة جَمِيع أَنْوَاعه قطاعة ملطفة مجففة مسخنة فِي الثَّالِثَة وَفِي بعض أَنْوَاعهَا شَيْء من الْقَبْض.)
مَجْهُول: الفوتنج يقطع خلفة الصّبيان.
روفس يقيء بلغماً وَيقطع الباه.
(6/291)
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: الفوتنج الْجبلي مجفف منهض للشهوة مدر للبول جيد للعين محدر للمرار.
والبري مسخن نَافِع للرحم وَمُطلق للبطن إطلاقاً صَالحا.
أريباسيوس فِي الْبري: إِنَّه يسخن ويجفف ويلطف بِقُوَّة وَلذَلِك يدْفع الرطوبات الغليظة اللزجة الَّتِي فِي الصَّدْر والرئة بسهولة ويدر الطمث.
والنهري قوي الْحَرَارَة واليبس لطيف الْأَجْزَاء. إِذا شرب يَابسا وَحده أَو مَعَ مَاء وَعسل أسخن إسخاناً بَينا وحرك الْعرق وحلل وجفف الْجِسْم وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي علاج النافض الدائرة من دَاخل وخارج. وَأما من خَارج فطبيخه بالزيت يمرخ بِهِ الْجِسْم كُله بدلك قوي. وَأما من دَاخل فبأن يسقى بِمَاء الْعَسَل.
وَقد تضمد بِهِ الوركان لمن بِهِ عرق النسا على أَنه دَوَاء قوي يجتذب الرطوبات من عمق الْبدن إِلَى ظَاهره ويسخن العضل كُله وَيحرق الْجلد إحراقاً بَينا ويحدر الطمث إِذا شرب أَو احْتمل إحداراً قَوِيا.
وَهُوَ أَيْضا صَالح لأَصْحَاب الجذام.
وَلَيْسَ دَوَاء بتة أَجود للرمد من الفوتنج بعد أَن يجفف ويسحق ويكتحل بِهِ.
ماسرجويه: الأهلي مِنْهُ البستاني يسكن الْقَيْء.
والبري جيد للسع العقارب جدا.
والجبلي نَافِع لليرقان وَيقطع الباه الْبَتَّةَ وَيخرج ألف ز حب القرع مَتى شرب.
والجبلي أقوى فِي جَمِيع هَذِه الْأَفْعَال من النَّهْرِي. بولس: القرنيثا هُوَ الفوتنج يسخن ويلطف بِقُوَّة يحمر الْمَوَاضِع مَتى تضمد بِهِ ويشفي نفث الرطوبات من الصَّدْر والرئة.
وَقَالَ: إِن الفوتنج يجذب من العمق سَرِيعا جدا وَلذَلِك يُحَرك ويفش الْجَسَد كُله ويكف الْبرد الَّذِي يعرض بأدوار إِذا دلك دلكا قَوِيا مَعَ زَيْت أَو شرب وينفع من عرق النسا وينقي رداءة الكيموس الَّتِي يعرض للجلد.
ابْن ماسويه: الفوتنج الْجبلي حَار يَابِس فِي آخر الثَّالِثَة مَذْهَب لما يُولد الباقلي من النفخ)
والعدس مَتى طبخ مَعَهُمَا نافض للبلغم مقو للمعدة نَافِع للاستسقاء إِذا أكل مَعَ التِّين وَمن السعال الْعَارِض من البلغم. وماؤه صَالح من الحكة المتولدة فِي الْجِسْم مَتى طلي بِهِ فِي الْحمام واليرقان الْمُتَوَلد من الْمرة السَّوْدَاء والصفراء الغليظة طارد للرياح من الْمعدة والبطن. وخاصته إذهاب النفخ الْمُتَوَلد من الباقلي. فانيذ ابْن ماسه: هُوَ حَار رطب فِي الأولى ملين للبطن وَلَا سِيمَا الْأَبْيَض مِنْهُ جيد للسعال إِلَّا أَنه أغْلظ من السكر.
(6/292)
فاوانيا هَذَا كَانَ بإزائه علوفوسندي وَتَفْسِيره فاوانيا. وَفِيه شكّ لِأَنَّهُ لم يذكر أخص الْأَفْعَال بِهِ. د: فِي علوسوفيذي: يسقى من أَصله قدر لوزة للنِّسَاء اللواتي لم يستنظفن فِي وَقت النّفاس فينظفن بأدوار الطمث. وَإِذا شرب بِالشرابِ نفع من وجع الْبَطن واليرقان ووجع الكلى والمثانة.
وَإِذا طبخ بِالشرابِ وَشرب عقل الْبَطن.
وَمَتى شرب من حَبَّة الْأَحْمَر عشر حبات أَو اثْنَتَا عشرَة حَبَّة بشراب أسود قَابض نفع نزف الدَّم من الرَّحِم. وَمَتى أكل نفع من وجع الْمعدة واللذع فِيهَا.
وَإِذا أكله الصّبيان أَو شربوه أذهب ابْتِدَاء الْحَصَى عَنْهُم. وَأما حبه الْأسود فَإِنَّهُ مَتى شرب مِنْهُ خمس عشرَة حَبَّة بِالشرابِ الْمُسَمّى مَاء القراطن أَو بِالشرابِ نَفَعت من اختناق الْأَرْحَام والكابوس.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: أصل هَذَا النَّبَات يقبض قبضا يَسِيرا مَعَ حلاوة فَإِذا مضغ مُدَّة طَوِيلَة ظَهرت لَهُ حِدة وحرافة مَعهَا مرَارَة يسيرَة وَلذَلِك يدر الْبَوْل مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار لوزة وَاحِدَة بِمَاء الْعَسَل. وَيجب أَن يسحق نعما وينخل نخلا رَقِيقا ثمَّ يسقى وَهُوَ مَعَ هَذَا ينقي الكبد وَلذَلِك يحلل ويلطف بِقُوَّة وَيقطع الأخلاط الغليظة.
ولهذه الْقُوَّة يقْلع الْآثَار السود من الْوَجْه ويجلو سَائِر الْآثَار الَّتِي تكون فِيهِ وأنفع مَا يكون فِي مثل هَذَا الْموضع إِذا طبخ وَاتخذ ضماداً وخاصة مَتى كَانَ طرياً لَا يَابسا لِأَنَّهُ إِذا جف كَانَ)
أَكثر إحراقاً.
وعصارته تقتل الْحَيَّات والدود الْمُتَوَلد فِي المعي إِذا احتقن بِهِ وينفع الربو واليرقان: لِأَنَّهُ يجلو وَيفتح سدد الكبد والكليتين ألف ز مَتى كَانَ فيهمَا سدد.
وأفعاله هَذِه إِنَّمَا يَفْعَلهَا من طَرِيق مَا فِيهِ من الحدة والمرارة. وَأما من طَرِيق أَن فِيهِ شَيْئا من الْقَبْض فَهُوَ يحبس الْبَطن المنطلق.
وَيجب فِي هَذَا الْموضع أَن يطْبخ بِنَوْع من أَنْوَاع الشَّرَاب الحلوة العفض وَيشْرب.
وقوته بِالْجُمْلَةِ مجففة جدا وَلذَلِك لَيْسَ يجب أَن يقطع مِنْهُ الرَّجَاء فِي أَنه إِذا علق على الصّبيان الَّذين يصرعون شفاهم فَإِنَّهُ حقيق بِأَن يَثِق النَّاس مِنْهُ ذَلِك إِذْ كَانَ قوي التجفيف.
وَإِنِّي لأعرف صَبيا أَقَامَ ثَمَانِيَة أشهر لَا يصرع مُنْذُ وَقت علق عَلَيْهِ هَذَا الأَصْل فَلَمَّا سقط عَنهُ بالتواني صرع من سَاعَته. وَلما علق ثَانِيَة كَانَ من هَذِه الْعلَّة فِي عَافِيَة. فَرَأَيْت بِهَذَا السَّبَب أَن آخذه أَيْضا من عُنُقه لأجربه بذلك. فساعة أَخَذته عاودته الْعلَّة. وَلما رَأينَا ذَلِك عمدنا إِلَى قِطْعَة مِنْهُ أعظم أَو أطرى من تِلْكَ فعلقناها عَلَيْهِ فَلم يزل مُنْذُ ذَلِك الْوَقْت فِي عَافِيَة من الْعلَّة سالما مِنْهَا.
وَإِذا كَانَ الْأَمر فِي هَذَا على مَا وَصفنَا فَمن الْمقنع أَن يكون يفعل ذَلِك لأحد
(6/293)
الْأَمريْنِ: إِمَّا لِأَن أَجزَاء من الدَّوَاء تنْحَل بتخالط الْهَوَاء فيستنشقها العليل استنشاقه الْهَوَاء حَتَّى إِذا وصلت إِلَى دَاخل الْجِسْم شفت الْموضع العليل وَإِمَّا لِأَن الْهَوَاء نَفسه يَسْتَحِيل ويتغير بذلك الدَّوَاء وَيقبل قوته فَإِذا وصل إِلَى الْبدن ذَلِك الْهَوَاء بالاستنشاق فعل ذَلِك.
وَقد نجد نَظِير هَذَا الحلتيت أَنه على هَذَا الْوَجْه ينفع اللهاة الوارمة. والشونيز المقلو أَيْضا مَتى شدّ فِي خرقَة شداً سليما وَهُوَ حَار وَشمه المزكوم جفف مَا ينحدر من رَأسه إِلَى قَصَبَة الرئة وَإِلَى مَنْخرَيْهِ بالحرارة الَّتِي تصل إِلَى الدِّمَاغ من مداومة استنشاقه.
وَكَذَلِكَ أَيْضا تفعل الخيوط الْكَثِيرَة وخاصة إِذا كَانَت من الأرجوان الصاعد من الْبَحْر.
وتصنع: إِن أخذت فألقيت فِي عنق أَفْعَى وخنقت بهَا الأفعى ثمَّ أَخذ كل وَاحِد من تِلْكَ الخيوط فلف كَمَا يَدُور على عنق إِنْسَان بِهِ ورم النغانغ أَو غَيره من جَمِيع الأورام الْحَادِثَة فِي الْعُنُق رَأَيْت الْعجب من نَفعه إِيَّاه.
فَأَما أصل الفاوانيا فَيجب أَن تعلم أَن مزاجه مزاج لطيف مجفف وَأَنه لَيْسَ يسخن إسخاناً)
بَينا لكنه فِي الإسخان معتدل.
وَزَاد أريباسيوس: إِنَّه إِذا شرب فِيمَا زعم حرك الطمث وَمنع الْموَاد الَّتِي تنصب إِلَى الْمعدة مَتى شرب بشراب قَابض وَشرب للقبض الَّذِي فِيهِ وتجفيفه قوي. وَلذَلِك أَثِق بِأَنَّهُ ينفع بالتجفيف الْقوي الَّذِي بالصبيان مَتى علق عَلَيْهِم. وقوته لَطِيفَة مجففة وَلَيْسَت حرارته بظاهرة.
الْيَهُودِيّ فِي كِتَابه: إِن الفاوانيا مَتى تدخن بِهِ الْمَجْنُون ألف ز والمصروع أَبرَأَهُ. وَإِذا وَإِن علق على الَّذين بهم الكابوس من الْخَلْط الغليظ نفعهم.
وَمَتى أخذت ثَمَرَته مَعَ الجلنجبين أَيَّامًا كَثِيرَة نفع نفعا عَظِيما.
الخوز: إِنَّه نَافِع من النقرس جدا. فوة الصَّبْغ قَالَ د: يدر الْبَوْل وَلذَلِك إِذا شرب بِمَاء القراطن نفع من اليرقان وعرق النسا والفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ ضَرَر الْحس مَعَ الْحَرَكَة ويبول بولاً كثيرا وَرُبمَا بَوْل الدَّم. وَيجب للَّذين يشربونه أَن يستحموا فِي كل يَوْم.
إِذا شربت أَغْصَان الفوة مَعَ الْوَرق نَفَعت من نهش الْهَوَام.
وثمره مَتى شرب بسكنجبين حلل ورم الطحال.
وعروقه وَهِي الفوة إِذا احْتمل أدر الطمث. وأحدر الْجَنِين وَإِذا لطخ بالخل على البهق الْأَبْيَض أَبرَأَهُ. ج: هُوَ عفص مر الطّعْم وَلذَلِك صَار جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ من القوانين أَن هذَيْن الطعمين
(6/294)
مَا يفعلانه هُوَ مَوْجُود فِي هَذَا الدَّوَاء وَلذَلِك أَنه صَار ينقي الكبد وَالطحَال وينفع من سددهما ويدر الْبَوْل الغليظ الْكثير وَرُبمَا بَوْل الدَّم ويدر الطمث ويجلو جلاء معتدلاً. فَهُوَ لذَلِك نَافِع من البهق الْأَبْيَض مَتى طلي عَلَيْهِ بالخل. وَفِي النَّاس قوم يسقونه بِمَاء الْعَسَل لمن عرض لَهُ استرخاء ولأصحاب عرق النسا.
بديغورس خاصته تنقية الكبد وَالطحَال وإنزال الْحَيْضَة وَالْبَوْل.
وَقَالَ بولس: إِنَّه نَافِع للطحال والكبد منق للكلى حَتَّى أَنه يَبُول بولاً دموياً وينقي ظَاهر)
الْجلد.
ابْن ماسه: إِن الْقُوَّة مَتى طليت على البهق الْأَبْيَض بخل أَبرَأته الْبَتَّةَ.
الخوز: مَتى سقِِي مِنْهَا دِرْهَم مَعَ دِرْهَمَيْنِ من الراوند الصيني أَبْرَأ من السقطة والضربة وَليكن بقدح نَبِيذ نفع. فطر قَالَ د: مِنْهُ قَاتل ويدلك على ذَلِك أَسبَاب كَثِيرَة مِنْهَا أَن يكون قَرِيبا من حَدِيد صديء أَو جُحر بعض الْهَوَام أَو خرق أَو أَشْيَاء أخر عفنة أَو بعض الْأَشْجَار الَّتِي من خاصتها أَن يكون مَا تحتهَا من الْفطر رديئاً وَقد تُوجد على الْفطر الْقِتَال رُطُوبَة لزجة ويعفن سَرِيعا إِذا اجتنى فَأَما الآخر مِنْهُ وَإِن كَانَ غير قَاتل فكثيراً مَا يعرض عَنهُ الهيضات والاختناق وَهُوَ كثير الْغذَاء عسر الهضم. ج فِي السَّابِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة: قوته شَدِيدَة الْبرد والرطوبة وَلذَلِك هُوَ قريب من الْأَدْوِيَة القتالة. وَالْقَاتِل مِنْهُ خَاصَّة كل مَا كَانَ يخلط جوهره بِشَيْء من العفونة.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الْجيد مِنْهُ غير المؤذي بَارِد الْغذَاء من أَكثر مِنْهُ ولد خلطاً رديئاً.
وَمِنْه أَنْوَاع رَدِيئَة قتالة. وَقد رَأَيْت رجلا أَصَابَهُ مِنْهُ ضيق نفس وَغشيَ وعرق بَارِد وتخلص مِنْهُ بعد جهد بالأشياء الْمُقطعَة وسكنجبين بفوتنج قد طبخ فِيهِ وَنَثَرت ألف ز عَلَيْهِ رغوة البورق فنقى ذَلِك الْفطر الَّذِي كَانَ قد اسْتَحَالَ فِي معدته إِلَى خلط غليظ بَارِد.
(6/295)
وَقَالَ فِي كتاب الكيموس: إِن لَهُ كيموساً بَارِدًا لزجاً غليظاً.
بولس: الْفطر الْقَاتِل فِيهِ عفونية.
ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد رطب فِي آخر الثَّالِثَة يُولد خلطاً غليظاً لزجاً أَكثر مِمَّا تولد الكمأة وَيُورث الذبْحَة والسدد والخدر. وَمَا اجتنى مِنْهُ تَحت الزَّيْتُون والمواضع القذرة رَدِيء.
والأصلح أَن يسلق وَيجْعَل مَعَه الكمثرى الرطب واليابس والحبق الْجبلي لتقل غائلته وَيشْرب ج فِي كتاب الكيموسين: الْفطر لَهُ كيموس غليظ بَارِد لزج وَالنَّوْع الْمُسَمّى القلاع لم يبلغنَا أَن أحدا مَاتَ من أكله لَكِن قد أصَاب قوما مِنْهُ الهيضة لما لم ينهضم. وَهُوَ أسلم من سَائِر)
الْفطر. وَأما سَائِر الْفطر فقد مَاتَ مِنْهُ قوم كثير وشارفوا الْمَوْت من شدَّة الهيضة الَّتِي أخذتهم والاختناق.
وَقَالَ فِي مَكَان آخر من هَذَا الْكتاب: إِن لَهُ كيموساً بَارِدًا غليظاً لزجاً وَأعرف قوما أكلُوا من نوع مِنْهُ وماتوا من ساعتهم.
قَالَ: الْفطر الَّذِي يجِف أقل رداءة لِأَن الْفطر النيء الَّذِي يعفن قبل أَن يجِف. لي هَذَا كُله أَوْمَأ إِلَى أَن الْفطر الْقَاتِل لَا يجِف.
الخوز: الْإِكْثَار من الْفطر يُورث عسر الْبَوْل.
انْقَضى حرف الْفَاء
(6/296)
3 - (بَاب الْقَاف)
قردمانا د: صمغه حريف مَعَ شَيْء من مرَارَة وقوته مسخنة. مَتى شرب بِالْمَاءِ نفع من الصرع وَمن السعال وعرق النسا والفالج الَّذِي من استرخاء وَالَّذِي من رض العضل وَيخرج حب القرع.
وَمَتى شرب بِخَمْر نفع من وجع الكلى وعسر الْبَوْل ولسع الْعَقْرَب وَبِالْجُمْلَةِ ينفع من لسع ذَوَات السمُوم. وَمَتى شرب مِنْهُ درخمي مَعَ قشر أصل الْغَار فت الْحَصَى.
وَمَتى تدخن بِهِ الْحَوَامِل أسقطن الأجنة. وَمَتى لطخ بِهِ الجرب بخل قلعه. ج فِي السَّابِعَة: إِنَّه يسخن إسخاناً شَدِيدا إِلَّا أَنه دون الْحَرْف فِي الإسخان لَكِن بِحَسب طيب رَائِحَته ولذته ينقص عَن الْحَرْف فِي الْحَرَارَة إِلَّا أَن هَذَا أَيْضا مَتى وضع على ظَاهر الْبدن أنكأه حَتَّى يجرحه. وَفِيه أَيْضا مرَارَة يسيرَة من أجلهَا يقتل الدُّود ويجلو ويقلع الجرب قلعاً قَوِيا مَتى طلي عَلَيْهِ بخل.
بديغورس: خاصته الإذابة والتحليل والنفع من الجرب وتقوية الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة.
أريباسيوس: يبلغ من حرارته أَن يحرق الْجلد مَتى تضمد بِهِ وَيقتل الدُّود ويجلو الجرب جدا مَتى طلي مَعَه خل.
قضم قُرَيْش قد ذَكرْنَاهُ مَعَ التنوب. قُرَّة الْعين ذَكرْنَاهُ فِي بَاب السِّين وَهُوَ سنّ. قسط د يَقُول: قوته مسخنة ألف ز مَدَرَة للبول تلذع اللِّسَان وتجذبه وتدر الطمث نَافِع من وجع الْأَرْحَام مَتى عمل مِنْهُ فرزجة أَو جلس فِي طبيخه.
وَإِذا شرب نفع من نهش الأفعى. وَمَتى شرب بِخَمْر وأفسنتين نفع من أوجاع وشدخ العضل والنفخ. ويحرك شَهْوَة الْجِمَاع مَتى شرب بِخَمْر وَعسل. وَيخرج حب القرع مَتى شرب بِالْمَاءِ.
وَيعْمل مِنْهُ لطوخ بالزيت للنافض قبل آخرهَا وللفالج الَّذِي مَعَه استرخاء وينقي الكلف مَتى لطخ عَلَيْهِ بِمَاء وَعسل. ج فِي السَّابِعَة: فِي الْقسْط كَيْفيَّة مرّة كَثِيرَة جدا وَكَيْفِيَّة حريفة وحرارة كَثِيرَة جدا وَكَيْفِيَّة مجففة وبحرارته يقرح وَلذَلِك يدلك بِهِ الْجِسْم من النافض بأدوار قبل وَقت النّوبَة وَيسْتَعْمل فِي أبدان المفلوجين وَأَصْحَاب ليثرغس وَبِالْجُمْلَةِ مَتى احْتِيجَ إِلَى إسخان عُضْو مَا.
(6/297)
ويجتذب من عمق الْبدن إِلَى ظَاهره خلطاً مَا وَلذَلِك صَار الْقسْط يدر الْبَوْل والطمث وينفع من الهتك وَالْفَسْخ الْحَادِث فِي العضل ووجع الجنبين ولمرارته يقيل حب القرع ويبريء الكلف مَتى طلي عَلَيْهِ بِالْمَاءِ وَالْعَسَل.
وَفِي مزاج الْقسْط مَعَ مَا وَصفنَا رُطُوبَة نافخة من أجلهَا يعين على الْجِمَاع مَتى شرب بِالشرابِ.
أريباسيوس: إِنَّه يقتل الْحَيَّات ويجلو الكلف إِذا طلي عَلَيْهِ بِمَاء وَعسل ويحرك الباه مَتى أَخذ مَعَ عسل.
وَقَالَ بولس: الْكَيْفِيَّة الْمرة فِي الْقسْط قَليلَة بِالْإِضَافَة إِلَى الْكَيْفِيَّة الحارة والحريفة وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي إسخان الْأَعْضَاء والجذب من عمق الْجِسْم إِلَى ظَاهره ويدر الْبَوْل والطمث وَيقتل الدُّود ويحرك الباه لنفخة فِيهِ وَيصْلح للفالج وعرق النسا وللبرد بأدوار إِذا دلك بِهِ الْجَسَد مَعَ دهن.)
القلهمان: دهن الْقسْط جيد لاسترخاء العصب ولعرق النسا وَمَتى تدخن فِي قمع بِالْقِسْطِ أسقط الْوَلَد وأدر دم الْحيض. قاقيا هُوَ مَذْكُور فِي حرف الْألف. قب ذكر فِي بَاب د. قيموليا مَذْكُور فِي الأطيان. قصب الذريرة قَالَ فِيهِ د: إِن فِي طبعها قبضا يَسِيرا مَعَ شَيْء من الحرافة مَتى شرب أدر الْبَوْل وَلذَلِك مَتى طبخ مَعَ الثيل أَو بزر الكرفس وَشرب وَافق من بِهِ حبن وَمن بكلاه عِلّة وَالَّذين بهم تقطير الْبَوْل وشدخ العضل. وَإِذا شرب أَو احْتمل أدر الطمث.
وَأَبْرَأ من السعال مَتى تدخن بِهِ وَحده أَو مَعَ صمغ البطم واجتذب دخانه بأنبوبة إِلَى الْفَم ونفع من أوجاع الْأَرْحَام إِذا جلس فِي طبيخه. وَأما الْقصب الْمَعْرُوف فَإِن أَصله مَتى تضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ السرخس جذب من اللَّحْم أزجة النشاب وشظايا الْخشب والقصب والسلاء وأشبهها وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ سكن وجع انفتال العصب ووجع الصلب.
وَإِذا دق ورقه طرياً وَوضع على الْحمرَة والأورام الحارة أبرأها. وقشره إِذا أحرق ألف ز وتضمد بِهِ مَعَ خل أَبْرَأ دَاء الثَّعْلَب.
وزهر الْقصب مَتى وضع فِي الْأذن أحدث صمماً. ج فِي السَّابِعَة فِي قصب الذريرة: إِن فِيهِ قبضا يَسِيرا وَفِيه شَيْئا من حِدة وحرافة كَثِيرَة جدا.
وَأما أَكثر جوهره فَمن طبيعة أرضية وطبيعة هوائية متمازجين تمازجاً حسنا على توَسط
(6/298)
من)
الْحَرَارَة والبرودة فَهُوَ لذَلِك يدر الْبَوْل إدراراً يَسِيرا. ويخلط فِي أضمدة الْمعدة والكبد وَذَات الرَّحِم بِسَبَب أورام تحدث فِيهَا أَو بِسَبَب إدرار الطمث. وَإِذا خلط فِي هَذِه الْأَدْوِيَة نفع نفعا كثيرا جدا.
وَإِذا الْأَمر فِيهِ على هَذَا فليوضع فِي الثَّانِيَة من التجفيف والإسخان وَكَانَ تجفيفه أَشد من إسخانه وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء لطيف كَمَا فِي الأفاويه الْأُخَر إِلَّا أَن الشَّيْء اللَّطِيف مَوْجُود فِي كثير من الْأَشْيَاء الطّيبَة الرّيح بِمِقْدَار كثير. وَأما فِي قصب الذريرة فَلَيْسَ هُوَ بِكَثِير.
وَقَالَ فِيهَا: أما الْقصب الْفَارِسِي فقد ذكر قوم أَنه مَتى خلط مَعَ بصل الزير اجتذب من عمق الْبدن السلاء والأبر وَغير ذَلِك لِأَن فِيهِ قُوَّة جاذبة. وَلَكِن لم يجذب ذَلِك مِنْهُ. وَأما بِحَسب مَا يُمكن أَن يسْتَدلّ عَلَيْهِ بالحدس من مذاقته فَفِيهِ جلاء يسير عَار من الحدة والحرافة.
وَأما ورق الْقصب مَا دَامَ طرياً فَهُوَ يبرد تبريداً كَافِيا وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء من قُوَّة الْجلاء.
وَأما قشور الْقصب مَتى أحرقت فقوتها لَطِيفَة غَايَة فِي اللطافة محللة وفيهَا أَيْضا شَيْء يجلو وإسخانها أَكثر من تجفيفها.
والقطن الَّذِي فِي أَطْرَاف عقد الْقصب يجب أَن يحذر لِأَنَّهُ مَتى دخل فِي الْأذن لحج فِيهَا وَتعلق بهَا جدا فأضر بِالسَّمْعِ حَتَّى أَنه مرَارًا كَثِيرَة يجذب صمماً.
بديغورس فِي الْقصب النبطي: خاصته إِخْرَاج الشوك وَالْحَدِيد من الْجَسَد.
أريباسيوس فِي الْقصب المالوف: إِنَّه يجلو جلاء لَيْسَ بالكثير من غير حِدة.
وَأما ورقه الطري فَإِنَّهُ يبرد تبريداً يَسِيرا وَفِيه أَيْضا شَيْء من جلاء.
وَقُوَّة قشوره مَتى أحرقت فَإِنَّهَا تصير لَطِيفَة محللة وَيُوجد فِيهَا أَيْضا جلاء مَا وَهُوَ قوي التجفيف والإسخان.
الدِّمَشْقِي: إِنَّه نَافِع للسحج الَّذِي فِي ظَاهر الْجَسَد وَيدخل فِي المراهم.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة.
مسيح: هُوَ نَافِع للمعدة والكبد والأرحام.
الخوز: إِن قصب الذريرة يحلل الأورام ويسخن ويلطف.
قرطاس ذكر مَعَ البردي. قرطم د: إِنَّه مَتى دق وخلط بِمَاء الْعَسَل وطبخ مَعَ بعض الأمراق الَّتِي فِيهَا الطُّيُور أسهل الْبَطن وَهُوَ رَدِيء للمعدة. وَمَتى اتخذ مِنْهُ بعد أَن يقشر قدر قسط وَمن اللوز ثَلَاث قوانوسات وأنيسون درخمي وَمن النطرون مثله وَمن دَاخل التِّين الْيَابِس مَا يخرج من ثَلَاثِينَ تينة وَعمل ذَلِك ناطفاً والقرطم يجمد اللَّبن ويسهل مَاء اللَّبن الَّذِي يَجْعَل فِيهِ.
(6/299)
وَقُوَّة بزر القرطم مثل قُوَّة زهر الانجرة غير أَنه أَضْعَف.
وَأما القرطم الْبري فَإِنَّهُ مَتى سحق ورقه أَو حبه وَشرب بفلفل وشراب نفع من لسع الْعَقْرَب.
وَقد زعم بعض النَّاس أَنه مَتى أمْسكهُ الملسوع لم يجد وجعاً فَإِن طَرحه عَاد الوجع.
وَيسْتَعْمل ناطفه هَكَذَا يخلط بلوز مقشور ونطرون وأنيسون وَعسل مطبوخ فَيجْعَل ناطفاً وَيُؤْخَذ مِنْهُ كالجوزة قبل الْغَدَاء وجوزة بعد الْعشَاء أَو قبله. ج فِي السَّادِسَة: إِن قوته مسخنة باعتدال. قَوْله هَذَا فِي القرطم الْبري.
ودهن القرطم البستاني يُطلق الْبَطن. ودهن الأنجرة أكد إطلاقاً مِنْهُ.
قَالَ وَفِيه فِي السَّابِعَة: وَالَّذِي يسْتَعْمل مِنْهُ بزره فَقَط يسهل بِهِ الْبَطن. وَهُوَ فِي الدرجَة الثَّانِيَة من الإسخان مَتى اسْتعْمل من خَارج.
بولس: مَتى تضمد بِهِ أسخن فِي الثَّالِثَة.
الدِّمَشْقِي فِي المربق: إِنَّه حَار فِي الأولى ملطف جلاء.
وَقَالَ: القرطم يحلل اللَّبن الجامد ويجمد الذائب.
ماسرجويه: فِيهِ حرافة ويلين الْبَطن وَيدْفَع الرِّيَاح وَيزِيد فِي الْمَنِيّ.
ابْن ماسه: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة رطب فِي الأولى وَهُوَ مسهل للكيموسات المحرقة الغليظة.
رَدِيء للمعدة.
قرفة ذكره فِي الدارصيني. قيصوم قَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى شرب مسحوقاً أَو طبيخه نفع من عسر النَّفس الانتصابي وخضد لحم العضل وأطرافه وعرق النسا وعسر الْبَوْل واحتباس الطمث. وَمَتى شرب بشراب نفع من السمُوم القتالة.
ويهيأ مِنْهُ مَعَ الزَّيْت مسوح للنافض.
وَمَتى افترش أَو تدخن بِهِ طرد الْهَوَام. وَإِذا شرب بشراب نفع من نهشها وخاصة سم الرتيلا وَالْعَقْرَب.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ سفرجل مطبوخ أَو خبز نفع أورام الْعين الحارة. وَمَتى طبخ مسحوقاً مَعَ وَقُوَّة دهنه مسخنة تصلح لانضمام الرَّحِم ولصلابته ويدر الطمث وَيخرج المشيمة.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن قوته حارة يابسة. وقفنا مِنْهُ على مزاجه بطعمه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي غَايَة المرارة وَهَذَا الطّعْم إِذا كَانَ على هَذِه الْحَال فجوهره جَوْهَر أرضي لكنه جَوْهَر قد لطفته الْحَرَارَة الْكَثِيرَة تلطيفاً لَيْسَ بِيَسِير حَتَّى صَار يسخن ويجفف إسخاناً وتجفيفاً عَظِيما. وَقد وقفنا على مزاجه أَيْضا من أَفعاله الْجُزْئِيَّة وَذَلِكَ أَنَّك إِن أخذت أَطْرَافه وزهرته وهما المستعملان لِأَن سَائِر عوده إِنَّمَا هُوَ خشب لَا ينْتَفع بِهِ فَنثرَتْ مِنْهَا بعد السحق على جِرَاحَة
(6/300)
بَقِيَّة لذعها على الْمَكَان وأهاجها حَتَّى تنفر مِنْهُ. وَإِن أنقعت مِنْهُ شَيْئا فِي الزَّيْت وصببته على الرَّأْس أَو الْمعدة وجدته يسخن إسخاناً بَينا ألف ز وَكَذَلِكَ إِن دلكت بِهِ أبدان أَصْحَاب النافض الكائنة بأدوار قبل الْوَقْت خف النافض حَتَّى لَا يقشعر صَاحبهَا إِلَّا يَسِيرا جدا مَعَ أَنه سَاعَة يَقع على الْجَسَد لَا تفوت الْحس حرارته.
وَمَا يَفْعَله من قَتله الديدان من أجل مرارته وَهُوَ شَيْء تعلم مِنْهُ إِن كنت ذَاكِرًا لما قيل فِي الطّعْم المر: إِنَّه دَوَاء يقطع ويحلل. ويمكنك أَن تقيس عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فِي هَذِه الْأَفْعَال أَكثر وأبلغ من الأفسنتين بِأَنَّهُ يسير الْقَبْض والأفسنتين فِيهِ من الْقَبْض مِقْدَار لَيْسَ بِيَسِير وَمن أَنه لَا يضر الْمعدة كمضرة الشيح والأفسنتين نَافِع لَهَا.)
وَقد بَينا قبل فِيمَا تقدم من القوانين: إِن كل عصارة مرّة الطّعْم فَهِيَ ضارة لفم الْمعدة جدا إِذا كَانَ هَذَا الطّعْم فِيهَا مُفردا. وَأما الَّتِي فِيهَا عفوصة وَقبض أَو تكون فِي الْجُمْلَة قابضة فَهِيَ نافعة لفم الْمعدة.
فَإِذا اخْتَلَط هَذَانِ الطعمان كَانَ الْأَغْلَب مِنْهَا أظهر فعلا.
قَالَ: وَمَتى اخْتَلَط القيصوم مَعَ السفرجل الْمَطْبُوخ أَو مَعَ الْخبز وَعمل مِنْهُ ضماد شفى أورام الْعين وحلل الخراجات إِذا سحق وطبخ مَعَ دَقِيق شعير. وَلَيْسَ القيصوم هُوَ الشيح.
وَأما القيصوم المحرق فَإِن قوته حارة يابسة أَكثر من القرع المجفف المحرق وَأكْثر أَيْضا من أصُول الشبث المحرقة ويستدل على ذَلِك أَن هَذِه تصلح للقروح الرّطبَة الَّتِي فِيهَا صلابة مَتى كَانَت خلوا من الورم وَلذَلِك ظن بهَا جَمِيع النَّاس أَنَّهَا نافعة للقروح الْحَادِثَة فِي القلفة.
وَأما رماد القيصوم فَإِنَّهُ يلذع جَمِيع القروح لذعاً كثيرا وَمن أجل ذَلِك هُوَ نَافِع من دَاء الثَّعْلَب مَتى طلي عَلَيْهِ بِبَعْض الأدهان اللطيفة كدهن الخروع أَو الفجل أَو الزَّيْت وَيفْعل فعلا لَيْسَ بِدُونِ فعله مَعَ هَذِه إِذا أنقع فِي الدّهن الْمُتَّخذ من الْإِذْخر بالزيت وَذَلِكَ أَنه يُوسع مسام الْجَسَد لِأَنَّهُ لطيف مسخن لذاع. هُوَ فوتنج جبلي.
قلليط يذكر مَعَ الكرنب. قفر د: إِن قوته مَانِعَة من تورم الْجِرَاحَات ملزقة للشعر الَّذِي فِي الْعين محللة مَتى احْتمل أَو اشتم أَو تدخن بِهِ كَانَ صَالحا لأوجاع الْأَرْحَام الَّتِي يعرض لَهَا الاختناق ولخروج الرَّحِم.
وَإِذا تدخن بِهِ نفع صرع من كَانَ بِهِ صرع مثل مَا يفعل الْحجر الْمُسَمّى غلقاطيس وَهُوَ شَبيه بالزفت.
(6/301)
وَمَتى شرب بالجندباستر وخمر أدر الطمث ونفع من السعال المزمن والربو وعسر النَّفس ونهش الْهَوَام وعرق النسا وأوجاع الْجنب.
وَقد يحبب وَيُعْطى مِنْهُ من بِهِ إسهال مزمن.
وَإِذا شرب بخل ذوب الدَّم الجامد المتعقد فِي الْجوف.
وَإِذا استنشق دخانه أَبْرَأ النزلات.
وَمَتى وضع فِي السن الوجعة سكنها.
وَأما النفط وَهُوَ صفو القفر ألف ز البابلي فَإِنَّهُ نَافِع للْمَاء فِي الْعين وَالْبَيَاض. إِذا تضمد بالقفر مَعَ دَقِيق الشّعير ونطرون وموم نفع النقرس ووجع المفاصل.
وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: الرطب قوته مجففة فِي الثَّالِثَة وَلذَلِك صَار يسْتَعْمل فِي إلزاق الْجِرَاحَات الطرية بدمها وَفِي سَائِر مَا يحْتَاج إِلَى التجفيف مَعَ الإسخان الْيَسِير.
بديغورس: القفر الْيَهُودِيّ يحلل.
والنفط خاصته التَّحْلِيل والإذابة.
الطَّبَرِيّ: النفط حَار مُحَلل نَافِع من الرِّيَاح وَبرد المثانة والأعضاء.
ماسرجويه: مَتى شرب من النفط شَيْء قَلِيل حَار نفع من السعال والربو والرياح الَّتِي فِي المثانة من الْبرد ووجع المفاصل الْبَارِدَة وخاصة الْأَبْيَض.
الخوزي النفط الْأسود مَتى احْتمل بصوفة نفع من الديدان المتولدة فِي المقعدة وكل مَوضِع فِيهِ ديدان.) ذكر مَعَ الشربين. قير قد ذكر مَعَ التنوب. قاليورس وَهِي شَجَرَة الاميربارس فِي مَا يُقَال.
قَالَ د: مت شرب بزره نفع من السعال وفت الْحَصَى الَّتِي فِي المثانة وَصلح لنهش الْهَوَام.
وورقها وَأَصلهَا قابضان وَإِذا شرب طبيخها عقل الْبَطن وأدر الْبَوْل ونفع من السمُوم القاتلة ونهش الْهَوَام.
وَأَصلهَا مَتى دق وتضمد بِهِ حلل الخراجات فِي ابتدائها والأورام البلغمية. قفعون هُوَ بصل الزير. قطائف ذكرت مَعَ الْحِنْطَة. أما الَّذِي زهره أَبيض فقوته قابضة وَكَذَلِكَ مَتى شرب بشراب قَابض نفع من فِي أمعائه قرحَة إِذا أَخذ مرَّتَيْنِ فِي النَّهَار.
(6/302)
وَإِذا تضمد بِهِ منع الخبيثة من السَّعْي. وَإِذا خلط بموم وزيت عذب أَبْرَأ حرق النَّار.
والصنف الَّذِي يكون مِنْهُ هَذَا اللاذن مثل الأول وَقُوَّة اللاذن مسخنة ملينة مفتحة أَفْوَاه الْعُرُوق.
وَإِذا خلط بشراب وَمر ودهن الآس أمسك الشّعْر المتساقط وَإِذا لطخ بشراب على آثَار الدماميل واندمال القروح جففها.
وَإِذا قطر فِي الْأذن مَعَ الشَّرَاب الْمُسَمّى ادرومالي أَو مَعَ دهن الْورْد أَبْرَأ أوجاعها.
ويدخن بِهِ لإِخْرَاج المشيمة وَإِذا احْتمل فِي الْفروج ألان صلابة الرَّحِم.
وَيدخل فِي الْأَدْوِيَة المسكنة للأوجاع والضربان والصداع وَغَيرهَا وأدوية السعال والمراهم. وَإِذا)
شرب بشراب عَتيق عقل الْبَطن وأدر الْبَوْل.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة فِي نَبَات اللاذن نصا باسمه وَقَالَ: الَّذِي يكون مِنْهُ فِي الْبِلَاد الحارة هُوَ من جنس الَّذِي يكون عندنَا إِلَّا أَنه بِسَبَب الْبَلَد قد اكْتسب حرارة لدنة مَحْضَة فَهُوَ بِهَذَا مَخْصُوص دون الَّذِي عندنَا وَيُخَالف مَا فِي الْبلدَانِ الْبَارِدَة فِي أَنه لَا برودة فِيهِ أصلا وَفِي أَنه مَعَ ذَلِك جلاء فِيهِ شَيْء ألف ز من الْحَرَارَة. وَأما سَائِر مَا فِيهِ من الْأَفْعَال الْأُخَر فَهُوَ فِيهَا على مثل مَا عَلَيْهِ فِي الْبلدَانِ الْبَارِدَة.
وَأما اللاذن من هَذَا النَّبَات فحار فِي الثَّانِيَة نَحْو آخرهَا قريب من الثَّالِثَة وَفِيه قبض يسير وَفِي جوهره لطف جدا فَهُوَ من أجل هَذِه الْخِصَال كلهَا يلين تَلْيِينًا معتدلاً ويحلل على ذَلِك الْمِثَال وَالْأَمر فِيهِ مَعْلُوم أَنه ينضج وَلَيْسَ بعجب أَن يكون نَافِعًا من علل الْأَرْحَام إِذْ كَانَ فِيهِ مَعَ هَذِه الْخِصَال الموصوفة قبض يسير فَلذَلِك صَار يُقَوي وينبت الشّعْر الَّذِي ينتثر لِأَنَّهُ يفني جَمِيع مَا فِي أُصُوله من الرُّطُوبَة الرَّديئَة وَيجمع ويشد بِقَبْضِهِ المسام الَّتِي فِيهَا مراكز الشّعْر. فَأَما دَاء الْحَيَّة وداء الثَّعْلَب فَلَيْسَ يُمكن أَن يشفيهما لِأَن هَاتين عِلَّتَانِ تحتاجان إِلَى أدوية تحلل تحليلاً كثيرا بِالْإِضَافَة إِلَى تَحْلِيل اللاذن لِأَن هَذِه أدواء تكون من رطوبات كَثِيرَة غَلِيظَة لزجة وَلَا تقدر عَلَيْهَا إِلَّا الْأَدْوِيَة القطاعة المحللة وَيجب أَن تكون مَعَ تحليلها أَو تقطيعها لَطِيفَة الْجَوْهَر لَا قبض فِيهَا أصلا وَلَا يَنْبَغِي أَن تبلغ لطافتها أَن تجفف وتفنى مَعَ الأخلاط اللزجة المجتمعة هُنَالك الرُّطُوبَة الطبيعية الَّتِي بهَا يَنْمُو الشّعْر ويتزيد فَإِنَّهَا إِن كَانَت كَذَلِك لَيْسَ إِنَّمَا تشفي دَاء الثَّعْلَب بل القروح المبتدئة أَيْضا.
بولس فِي حشيش اللاذن: إِنَّه قَابض بَارِد وورقه وأغصانه تجفف على أَنَّهَا تلصق الْجِرَاحَات.
الدِّمَشْقِي: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة يفتح السدد وينفع من السعال ويلين الصَّدْر وَيُقَوِّي أصُول الشّعْر وَيذْهب بوجع الْأذن وَيخرج المشيمة ويلين جسو الرَّحِم ويسكن الأوجاع.
(6/303)
ج فِي الرَّابِعَة من قاطاجانس: إِن اللاذن يدمل القروح الْعسرَة الِانْدِمَال.
الخوز: اللاذن بَارِد قَابض يمسك الْبَطن.
قسامون ذكر فِي بَاب د عِنْد ذكر كسانقون. قراسيا قَالَ د: مَتى اسْتعْمل رطبا لين الْبَطن واليابس يمسك.
وصمغ القراسيا إِذا خلط بشراب ممزوج بِمَاء أَبْرَأ السعال المزمن وَحسن اللَّوْن وَأحد الْبَصَر وأنهض الشَّهْوَة. وَإِذا شرب بشراب وَحده نفع من بِهِ حَصَاة.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: فِي ثَمَر هَذِه الشَّجَرَة قبض وَلَيْسَ ذَلِك باستواء بل الْحَال فِيهَا كالحال فِي التفاح وَالرُّمَّان وَمَا كَانَ من هَذِه الثَّمَرَة فِيهَا حلاوة فَهُوَ منحدر عَن الْمعدة بسهولة وينفعها نفعا وَأما الحامض مِنْهَا فنافع للمعدة البلغمية المملوءة فضولاً لِأَن الحامض مِنْهَا يجفف أَكثر مَا هُوَ عفص مِنْهُ وفيهَا مَعَ هَذَا شَيْء قطاع.
وَأما صمغ هَذِه الثَّمَرَة فَفِيهِ الْقُوَّة العامية الْمَوْجُودَة فِي جَمِيع الْأَدْوِيَة اللزجة ألف ز الَّتِي لَا لذع مَعهَا فَهُوَ لذَلِك نَافِع من الخشونة الكائنة فِي قَصَبَة الرئة. وَحكى قوم أَنَّهَا مَتى شربت فتت الْحَصَى.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن ثَمَرَة القراسيا تشبه التوت بِمَا فِيهَا من الْقَبْض وَبَعضهَا فِيهَا قبض بَين يشبه قبض العليق وَبَعضهَا أَشد قبضا من العليق. وَيُمكن أَن تعرف جَمِيع أَنْوَاعه فِي مَا تقدم فِي التوت والعليق.
وَأما عليق الْكَلْب فَإِنَّهُ أَشد قبضا وغذاؤه يسير.
قرنورا ذكر مَعَ الشوك المنتن. قماشير قنفذ بري وبحري.
قَالَ ج: أما البحري فَهُوَ جيد للمعدة ملين للبطن ويخلط جلده بأدوية الجرب. وَإِذا أحرق نقى القروح الوسخة وَنقص اللَّحْم الزَّائِد.
وَأما الْبري فَإِنَّهُ إِذا أحرق جلده وخلط بزفت رطب ولطخ بِهِ دَاء الثَّعْلَب وَافقه.
ولحمه مَتى ملح ثمَّ شرب بسكنجبين نفع من وجع الكلى والحبن اللحمي والفالج وداء الْفِيل وَابْتِدَاء الحبن جملَة وَيقطع سيلان الْموَاد إِلَى الأحشاء.
وَإِذا جففت كبده على خرقَة فِي شمس حارة وَسَقَى مِنْهَا عملت عمل اللَّحْم ومرارته تمنع من نَبَات الشّعْر.
(6/304)
قَالَ ج القنفذان كِلَاهُمَا الْبري والبحري مَتى أحرقا جملَة وَصَارَ مِنْهُمَا رَمَادا يجلو ويحلل ويفنى اللَّحْم الزَّائِد. وَقد اسْتَعْملهُ قوم فِي مداواة الْجِرَاحَات الوسخة وَالَّتِي ينْبت فِيهَا لحم فضل.
بولس: لحم الْقُنْفُذ مَتى جفف لَهُ قُوَّة ميبسة وَمَتى شرب لَحْمه نفع من الجذام ورداءة المزاج.
ابْن ماسويه: لحم الْقُنْفُذ مَانع من النقرس الانتصابي وينفع من الجذام وَمن السل والتشنج ووجع الكلى وَلَا سِيمَا إِذا جفف وَشرب وَمن الاسْتِسْقَاء المتمكن.
واللحمي فَإِن كَانَ يفعل ذَلِك فقوته شَدِيدَة التَّحْلِيل والتجفيف.
ابْن ماسه: الْقُنْفُذ عَجِيب جدا فِي برْء الْخَنَازِير والغدد العصبية.
ورماد النحري أَيْضا يحلل وَينْقص اللَّحْم وَهُوَ صَالح لريح الصّبيان.
فَأَما الْقُنْفُذ الْجبلي وَهُوَ الَّذِي يَرْمِي الْإِنْسَان بشوكه مثل النبل فَهُوَ قريب من هذَيْن.)
قرع إِذا ضمد بِهِ يافوخ الصَّبِي نَفعه من الورم الْحَادِث فِي دماغه وَكَذَلِكَ ينفع مَتى تضمد بِهِ من الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الْعين والنقرس.
وَمَاء قشر القرع مَتى استعط بِهِ وَحده أَو بدهن ورد نفع من وجع الْأَسْنَان.
وَمَتى طبخ القرع كَمَا هُوَ وعصر وَشرب مَاؤُهُ بِعَسَل وَشَيْء يسير من النطرون أسهل الْبَطن إسهالاً خَفِيفا. ج فِي السَّابِعَة: مزاجه بَارِد رطب فِي الثَّانِيَة وَلذَلِك عصير جرادته نَافِع من وجع الْأذن الْحَادِث من ورم حَار مَتى اسْتَعْملهُ الْإِنْسَان مَعَ دهن ورد وَكَذَلِكَ أَيْضا دهن القرع مَتى عمل مِنْهُ ضماد أطفأ وَبرد الأورام الحارة ألف ز تطفئة وتبريداً باعتدال.
وَإِذا أكل القرع ولد بلة فِي الْمعدة.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن القرع النيء كريه ومضرته للمعدة عَظِيمَة.
وَقد رَأَيْت إنْسَانا أقدم على أكله نيئاً فأحس بمعدته ثقلاً وبرداً وأصابه عَلَيْهِ غشى ثمَّ غثي وقييء. وَلَا دَوَاء لهَذِهِ الْأَعْرَاض الَّتِي تعرض مِنْهُ إِلَّا الْقَيْء فَإِذا سلق غذا غذَاء رطبا وَلذَلِك غذاؤه يسير فِي مثل جَمِيع الْأَطْعِمَة الَّتِي تولد خلطاً مائياً رَقِيقا وانحداره عَن الْمعدة سريع لما ذكرنَا من رطوبته وَلما فِيهِ من الملاسة والذلق. وَإِذا انهضم فَلَيْسَ خلطه برديء مَا لم يسْبق إِلَيْهِ الْفساد قبل انهضامه وَالْفساد يعرض لَهُ إِمَّا من الصَّنْعَة وَإِمَّا من خلط رَدِيء فِي الْمعدة وَإِمَّا من أجل إبطائه فِيهَا كَالَّذي يعرض لجَمِيع الْفَوَاكِه الرّطبَة من الْفساد إِذا أَبْطَأت فِي الْمعدة وَلم تسرع الانحدار.
وَمَتى أكل وَحده تولد مِنْهُ خلط تفه. فَإِن أكل مَعَ غَيره تولد مِنْهُ خلط طعمه طعم ذَلِك
(6/305)
الشَّيْء الَّذِي مَعَه لِأَنَّهُ يَنْقَلِب ويتشبه بِهِ. فَإِن كَانَ مَعَ خَرْدَل تولد مِنْهُ خلط حريف مَعَ حرارة بَيِّنَة. وَمَتى أكل مَعَ ملح تولد عَنهُ خلط مالح. وَمَتى أكل مَعَ الْأَشْيَاء القابضة قبض.
وَقَالَ فِي ذكر التوت: إِن القرع مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من أَنه أول الثِّمَار الصيفية كلهَا مضار مَتى لم ينحدر عَن الْمعدة سَرِيعا فسد فَسَاد سوء غَرِيب لَا ينْطق بِهِ.
روفس: إِنَّه يبرد ويرطب. والمر فِيهِ جُزْء من الْحَرَارَة من أجل المرارة. والقرع يلين الْبَطن وَلَا يدر الْبَوْل.)
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: إِنَّه مرطب سريع الهضم قَلِيل الْغذَاء قَاطع للعطش.
ابْن ماسويه: إِنَّه يغذو غذَاء بلغمياً نَافِع لمن بِهِ حرارة ويبس سريع الاستحالة ضار لأَصْحَاب الْمرة السَّوْدَاء لبرده فَقَط ولأصحاب البلغم بالكيفيتين جيد لأَصْحَاب الصَّفْرَاء مَتى سلق وَاتخذ بعد بِمَاء الحصرم وَمَاء الرُّمَّان وخل الْخمر ودهن اللوز وزيت الانفاق. وَمَتى عمل بالسفرجل ولد خلطاً مَحْمُودًا وأضر بالقولون.
وَسَوِيق القرع نَافِع من السعال ووجع الصَّدْر الْعَارِض من الْحَرَارَة قَاطع للعطش نَافِع من الكرب الْحَادِث من الصَّفْرَاء.
والقرع المربى يصلح للذة لَا للدواء لِأَنَّهُ لَا برد فِيهِ وَلَا حر فَيعْمل عملا قَوِيا. ج فِي كتاب الكيموسين: القرع عسر الهضم وَهُوَ مَعَ ذَلِك مَتى فسد كَانَ مِنْهُ كيموس رَدِيء فِي الْغَايَة.
وَقَالَ ماسرجويه: مَتى طلي بالعجين وشوي نفع مَاؤُهُ من الْحمى الحادة وَمن الْعَطش والسعال ولين الْبَطن باعتدال مَتى سقِِي مَعَ سكر.
الخوزي: هُوَ نَافِع لوجع الْحلق.
وَقَالَ فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِنَّه جيد للبرسام قَاطع للعطش وينفع من الْحمى الغب.
ابْن ماسه: القرع يُولد القولنج الْبَارِد وماؤه جيد للصبيان مَتى وضع على اليافوخ. قثاء ج البستاني مِنْهُ يلين الْبَطن جيد للمعدة ألف ز مبرد لَا يفْسد يُوَافق المثانة وينعش صَاحب الغشى الْحَار مَتى شمه ويدر الْبَوْل إدراراً يَسِيرا.
وَإِذا شرب بِلَبن أَو طلاء وَافق المثانة القرحة يَعْنِي بزره.
وورقه مَتى تضمد بِهِ أَبْرَأ عضة الْكَلْب. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل أَبْرَأ الشرى البلغمي.
وَأما الْبري وَيعرف بقثاء الْحمار فَإِن عصارته مَتى قطرت فِي الْأذن نَفَعت من أوجاعها.
وَأَصله مَتى تضمد بِهِ مَعَ سويق الشّعير حلل كل ورم بلغمي عَتيق. وَإِذا وضع على الخراجات مَعَ صمغ البطم فجرها.
وَمَتى طبخ بالخل وتضمد بِهِ نفع من النقرس. وطبيخه حقنة من عرق النسا.
(6/306)
ويتمضمض بِهِ لوجع الْأَسْنَان.
وَمَتى اسْتعْمل يَابسا مسحوقاً نقى البهق والجرب المتقرح والقوابي والأثر السود الْعَارِضَة من)
اندمال القروح.
وَمَتى أَخذ من عصارة الأَصْل اوبولوس وَنصف أقل مَا يكون أَو أَخذ من قشره ربع اكسونافن أسهل كل وَاحِد مِنْهُمَا بلغماً وَمرَّة صفراء وخاصة من أبدان الَّذين بهم استسقاء فَإِنَّهُ عَجِيب جدا ينفع من غير إِضْرَار بالمعدة. وَيجب أَن يُؤْخَذ من الأَصْل نصف رَطْل ويسحق مَعَ قسطي شراب وخاصة من الشَّرَاب الْمصْرِيّ وَيُعْطى مِنْهُ المستسقي ثَلَاثَة قوانوسات على الرِّيق فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى أَن يضمر الورم جدا.
وعصارة قثاء الْحمار فَهِيَ مُوَافقَة للاسهال والشربة التَّامَّة مِنْهُ مِقْدَار اوثولوسين وَأَقل مَا يشرب مِنْهُ مِقْدَار نصف اوبولوس.
وَأما الصّبيان فيسقون مِقْدَار اوبولوسين. وَمَتى أعْطوا أَكثر من ذَلِك ضرهم جدا. وَمن هَذِه العصارة تخرج بالإسهال والقيء بلغماً وَمرَّة. والإسهال بهَا نَافِع جدا للَّذين بهم رداءة النَّفس.
وَإِن أَحْبَبْت أَن تسهل بهَا فاخلط بهَا ضعفها من الْملح وَمن الإثمد قدر مَا يُغير لَوْنهَا تغييراً صَالحا واعمل مِنْهَا حبا أَمْثَال الكرسنة فاسقه بِالْمَاءِ وليتجرع بعده من المَاء الفاتر قدر قوانوش.
وَمَتى أَحْبَبْت الْقَيْء بهَا فأدفها بِالْمَاءِ ثمَّ خُذ مِنْهَا بريشة والطخ الْموضع الَّذِي يَلِي أصل اللِّسَان من دَاخل فَإِن كَانَ الْإِنْسَان عسر الْقَيْء فدفها بالزيت أَو بدهن السوسن وامنع الَّذِي تُرِيدُ قيئه من النّوم.
وَيجب أَن يسقى الَّذين يحمل عَلَيْهِم الْقَيْء وَلم يسكن شرابًا مَعَ زَيْت فَإِنَّهُم يهدؤن ويسكن عَنْهُم الْقَيْء فَإِن لم يسكن فليسقوا سويق شعير بِالْمَاءِ الْبَارِد والخل الممزوج وأطعمهم الْفَوَاكِه الغضة وَسَائِر مَا يَسْتَطِيع أَن يشد الْمعدة.
وَهَذِه العصارات تدر الطمث وَتقتل الْجَنِين إِذا احتملت. وَمَتى استعط بهَا مَعَ اللَّبن نقت اليرقان وأذهبت الصداع المزمن.
وَمَتى تحنك بهَا مَعَ الزَّيْت الْعَتِيق أَو مَعَ الْعَسَل ومرارة الثور نَفَعت مَنْفَعَة قَوِيَّة من الخناق.
وَأما أصل القثاء البستاني فَإِنَّهُ مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار اوبولوسين بعد سحقه بادرومالي قيأ. ج فِي الثَّانِيَة من أغذيته فِي القثاء البستاني مَا قد ذَكرْنَاهُ فِي ذكر الْبِطِّيخ.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة من أدوية المفردة فِي قثاء الْحمار: ألف ز عصارة قثاء الْحمار تحدر)
الطمث وتفسد الأجنة مَتى احتملت كَمَا يفعل جَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي لَهَا مرَارَة ولطافة مَعًا وخاصة مَتى كَانَت فِيهَا حرارة مَا مثل مَا فِي عصارة قثاء الْحمار فَإِن هَذِه العصارة مرّة فِي غَايَة المرارة وَهِي حارة حرارة يسيرَة كَأَنَّهَا من الْحَرَارَة فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَمَا كَانَ كَذَلِك
(6/307)
فقوته قُوَّة محللة وَلذَلِك قد صَار بعض النَّاس يطلي مِنْهَا على ورم الحنجرة مَعَ الْعَسَل أَو مَعَ الزَّيْت الْعَتِيق.
وَهِي أَيْضا نافعة من اليرقان الْأسود مَتى استعط بهَا مَعَ الْخلّ. وَمَتى اسْتعْملت على هَذَا الْوَجْه فِي الصداع الْمَعْرُوف بالبيضة أَبرَأته الْبَتَّةَ. فَهَذِهِ أَفعَال عصارة الْوَرق.
وَأما عصارة أصل النَّبَات فَإِنَّهَا أَضْعَف.
وَقُوَّة الأَصْل تجلو وتلين وتحلل.
وَقَالَ فِي كتاب أغذيته فِي القثاء البستاني: إِنَّه يدر الْبَوْل كَمَا يفعل الْبِطِّيخ إِلَّا أَنه فِي ذَلِك دونه لِأَنَّهُ أقل رُطُوبَة وَلِهَذَا لَيْسَ يسْرع إِلَيْهِ الْفساد فِي الْمعدة كَمَا يسْرع إِلَى الْبِطِّيخ. وَقد يستمرأ بِهِ الْفَرد بعد الْفَرد من النَّاس سَرِيعا من أجل مُوَافَقَته لَهُم على مَا بَينا أَن الشَّيْء الأوفق يستمرأ أَجود.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: القثاء البستاني بَارِد رطب مدر للبول.
اريباسيوس فِي القثاء البستاني: النضيج مِنْهُ جوهره ألطف وَأما الَّذِي لَيْسَ بنضيج فجوهره أغْلظ. وَفِيه أَيْضا قُوَّة جلاءة مقطعَة وَمن أجل ذَلِك يدر الْبَوْل ويجلو الْأَسْنَان.
وَأما القثاء الْبري وَهُوَ قثاء الْحمار فَإِن عصارة ثَمَرَته تدر الطمث وتفسد الأجنة مَتى احتملت بصوفة وَتصْلح لأَصْحَاب اليرقان مَتى استعطوا بهَا مَعَ اللَّبن وعَلى هَذِه الْجِهَة يسْتَعْمل أَعنِي بِاللَّبنِ فَإِنَّهَا تذْهب الصداع الَّذِي يُسمى الْبَيْضَة وَهُوَ الْمُشْتَمل على الرَّأْس كُله.
وعصارة أَصله وورقه أَضْعَف مِنْهُ. وَأما أَصله فَإِنَّهُ يجلو ويحلل ويلين. وقشره أَكثر تجفيفاً.
بولس: عصارة قثاء الْحمار حارة فِي الثَّالِثَة تدر الطمث وَتقتل الأجنة لشدَّة مرارته مَتى احْتمل مِنْهُ فرزجة.
وَمَتى لطخت بِهِ المنخران مَعَ لبن من دَاخل فرغ مِنْهُمَا فضولاً كَثِيرَة.
وَمَتى حقن بِهِ من أَسْفَل أفرغ خاماً وَرُبمَا أفرغ دَمًا.
ابْن ماسويه فِي القثاء وَالْخيَار: إنَّهُمَا باردان رطبان فِي آخر الثَّالِثَة وأبردهما الْخِيَار وَهُوَ يُولد)
بلغماً لزجاً يصير مِنْهُ إِلَى الْعُرُوق خلط نيء يكون مِنْهُ إِذا أَكثر حميات مزمنة. وَلَا يدران الْبَوْل كإدرار الْبِطِّيخ ويفسدان فِي الْمعدة سَرِيعا.
وَيجب للمكثر مِنْهُمَا أَن يسْتَعْمل النانخه إِلَّا أَن تكون معدته ملتهبة.
وَمن أَصَابَهُ الغشي من حرارة فَإِن شم صَالح لَهُ بِخَاصَّة فِيهِ.
مَجْهُول: قثاء الْحمار مَتى احْتمل مِنْهُ قتل الْوَلَد.
سلمويه: عصارة قثاء الْحمار فِي الثَّانِيَة: تدر الطمث مَتى احتملت وَتقتل الْوَلَد وتجذب
(6/308)
الرطوبات مَتى استعط بهَا وتسهل بلغماً وخاماً وَرُبمَا أخرجت الدُّود مَتى لطخ بهَا المقعدة. ألف ز.
ابْن ماسه: نَحن نَسْتَعْمِلهُ فِي وجع الرَّأْس الْمَعْرُوف بالبيضة يسعط بِهِ فيعظم نَفعه.
ابْن ماسويه فِي إصْلَاح المسهلة: إِنَّه يسهل المَاء والبلغم من غير إِضْرَار بالمعدة والشربة مِنْهُ خَمْسَة قراريط وَمن عصارته ثَلَاثَة قراريط.
مسيح: الْخِيَار يهيج الغشى رَدِيء للمعدة.
قسوس د: أصنافه ثَلَاثَة: أسود وأبيض وأحمر وَجَمِيع أصنافه حريفة قابضة ضارة للعصب.
وَمَتى أَخذ من زهره الْأَبْيَض مَا تحمله ثَلَاث أَصَابِع وَشرب بشراب كَانَ صَالحا لقرحة المعي.
وَيجب مَتى احْتِيجَ إِلَى شربه أَن يشرب مرَّتَيْنِ فِي النَّهَار.
وَمَتى خلط بموم مذاب بِزَيْت وَافق حرق النَّار.
ويدر الطمث أَعنِي رؤوسه.
والطري من ورقه مَتى سحق وخلط بالخل وطلي أَبْرَأ وجع الطحال. وَمَتى عصر ومرخ بدهن الايرسا وَعسل أَو نطرون فاستعط بِهِ وَافق أوجاع الرَّأْس وَالْأُذن وتقيحها.
وَالْأسود مَتى شرب من مَائه وَأكْثر مِنْهُ أَضْعَف الْجِسْم.
ويخلط بالدهن. ويسود الشّعْر. وَإِذا قطر مَا يعصر من رؤوسه بعد أَن يسخن فِي قشر رمانه مَعَ دهن ورد فِي الْأذن الْمُخَالفَة للسن الوجعة فيسكن الوجع.
وَمَتى طبخ ورقه بشراب وَعمل مِنْهُ ضماد كَانَ مُوَافقا لكثير من القروح الخبيثة الْعَارِضَة من حرق النَّار.
وَإِن تبخر مِنْهَا بِوَزْن درخمي بعد الطُّهْر منع الْحَبل.
وَمَتى أَخذ قضيب من قضبانه بورقه وغمس فِي خل واحتملته الْمَرْأَة أدر الطمث. ويعين مَتى احْتمل وَحده على إِخْرَاج الْجَنِين.
وَمَتى قطر مَاؤُهُ فِي الْأنف نقى النتن والعفونة مَتى عرضا فِيهِ.
ودمعته مَتى لطخت بهَا الشُّعُور حلقتها وَقتلت الْقمل.
وَمَتى استخرج مَاء الْأُصُول وخلط بخل وَشرب نفع من نهش الرتيلا.
بولس ورقه مَتى غلي مَعَ شراب ألصق الْجِرَاحَات وينفع من حرق النَّار وَالطحَال.
وصمغه أَشد حرافة فبذلك يقتل الْقمل ويحلق الشّعْر.
قنطوريون قَالَ د: أما الْكَبِير مِنْهُ فَمَتَى أعطي من أَصله من بِهِ حمى بِالْمَاءِ نفع
(6/309)
من وَهن العضل ووجع الْجنب والربو والسعال المزمن وَنَفث الدَّم من الصَّدْر والمغس وأوجاع الْأَرْحَام. وَإِذا خلط وَهِي فِي شكل فرزجة وَاحْتمل فِي الرَّحِم أدر الطمث وَأخرج الْجَنِين. وعصارته تفعل ذَلِك.
وَمَتى كَانَ رطبا دق وَاسْتعْمل فِي الْجِرَاحَات وَمَتى كَانَ يَابسا أنقع فِي المَاء أَولا ثمَّ دق وَيسْتَعْمل بعد ذَلِك للجراحات لِأَنَّهُ يضمر وَيلْزق.
وَقد تخرج عصارته وتستعمل بدل الحضض وَمَتى دق وطبخ مَعَ اللَّحْم جمعه.
وَأما الصَّغِير فَإِنَّهُ مر جدا. وَإِذا دق وَهُوَ رطب وتضمد بِهِ ألزق الْجِرَاحَات ونقى القروح المزمنة وأدملها.
وَمَتى طبخ وَشرب طبيخه أسهل مرّة ألف ز صفراء وكيموساً غليظاً.
ويهيأ من طبيخه حقنة لعرق النسا تسهل وتخفف الوجع.
وعصارته مَتى خلطت بالعسل جلت ظلمَة الْبَصَر.
وَمَتى احتملت فِي فرزج أدرت الطمث وأخرجت الأجنة. وَمَتى شربت وَافَقت أوجاع الْأَرْحَام والعصب خَاصَّة.
ويستخرج عصارة هَذَا النَّبَات بعد أَن ينقع خَمْسَة أَيَّام وتطبخ إِلَى أَن تصير فِي قوام الْعَسَل. ج فِي السَّابِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة فِي أصل القنطوريون الْكَبِير: إِن أصل هَذَا النَّبَات فِيهِ مذاقات متضادة فَفِي طعمه حِدة وحرافة وَقبض مَعَ شَيْء من حلاوة يسيرَة.
وَأما فعله فَإِنَّهُ يفعل بالحدة والحرافة أَن يدر الطمث وَيخرج الْجَنِين الْمَيِّت وَيفْسد الْحَيّ ويخرجه. وبالقبض يفعل الْأَفْعَال الْبَارِدَة الأرضية وَذَلِكَ أَنه يدمل الْجِرَاحَات وينفع من نفث الدَّم.
والشربة مِنْهُ مثقالان مَتى كَانَ الشَّارِب محموماً فبالماء وَمَتى كَانَ غير مَحْمُوم فبالشراب.
وينفع بكيفياته كلهَا من الهتك وَالْفَسْخ الْحَادِث فِي العضل وضيق النَّفس والسعال الْعَتِيق وَذَلِكَ لِأَن هَذِه علل لَيْسَ إِنَّمَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى إِخْرَاج مَا هُوَ فِي الْأَعْضَاء على غير المجرى الطبيعي فَقَط بل يجب مَعَ ذَلِك أَن تقوى الْأَعْضَاء أَنْفسهَا الَّتِي يسْتَخْرج ذَلِك مِنْهَا.
واستفراغ مَا يستفرغ ينْتَفع فِيهِ بالحدة والحرافة إِذا لم تكن مُفْردَة وَحدهَا خَالِصَة لَكِن)
يخالطهما شَيْء من الْحَلَاوَة وَإِن لم يكن حلاوة فيخالطها على حَال شَيْء من الْحَرَارَة. وَذَلِكَ لِأَن الحدة والحرافة مَتى كَانَ يخالطها شَيْء من الْجَوَاهِر المعتدلة المزاج لم يكن لَهَا حِينَئِذٍ عنف وَسورَة. وَالشَّيْء الحلو هُوَ معتدل المزاج. وَأما شدَّة الْأَعْضَاء وتقويتها عِنْد الاستفراغ فَيحْتَاج وَينْتَفع فِيهِ بِالْقَبْضِ.
(6/310)
وَهَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي يَفْعَلهَا أصل القنطوريون الْجَلِيل فقد يَفْعَلهَا بِأَعْيَانِهَا عصارته وَمن النَّاس قوم يستعملون عصارة القنطوريون الْجَلِيل مَكَان الحضض.
وَأما الدَّقِيق فَإِنَّهُ لَيْسَ ينْتَفع بِأَصْلِهِ.
وَأما قضبانه وورقه وزهرته فكثيرة الْمَنَافِع جدا. والمرارة أَكثر فِيهَا من غَيرهَا وفيهَا أَيْضا قبض يسير وَلذَلِك يجفف تجفيفاً لَا لذع مَعَه. وَقد قلت: إِن أَمْثَال هَذِه الْأَدْوِيَة تَنْفَع مَنَافِع كَثِيرَة جدا. وَأَنا مذكرك لذَلِك هَهُنَا على طَرِيق الْمِثَال فَإِن أصلح جَمِيع مَا يَفْعَله هَذَا الدَّوَاء من أَفعاله الْجُزْئِيَّة فَأَقُول: إِنَّه يدمل الْجِرَاحَات الْكِبَار إِذا ضمد بِهِ وَهُوَ طري وَيخْتم أَيْضا الْجِرَاحَات العتيقة الْعسرَة الْخَتْم مَتى تضمد بِهِ.
وَمَتى يبس خلط فِي المراهم المدملة والمجففة الَّتِي يُمكن فِيهَا أَن تدمل النواصير والقروح الغائرة وَأَن يلين الأورام الصلبة العتيقة أَيْضا وَأَن يشفي الخراجات الرَّديئَة الخبيثة. وَقد يخلط أَيْضا مَعَ الأضمدة الَّتِي تشفي الْعِلَل الْحَادِثَة عَن الْموَاد المنصبة إِلَى الْأَعْضَاء.
وَأفضل هَذِه الْأَدْوِيَة مَا كَانَ يجفف تجفيفاً قَوِيا مَعَ شَيْء من الْقَبْض من غير أَن يكون مَعَه شَيْء من اللذع.
وَفِي النَّاس قوم يطبخون القنطوريون وَيَأْخُذُونَ مَاءَهُ ويحقنون ألف ز بِهِ صَاحب عرق النسا فَيخرج خلطاً غليظاً مرارياً إِذْ هُوَ دَوَاء يسهل وَيخرج من الْبدن كهذه الأخلاط وَإِذ أَكثر إسهاله حَتَّى يخرج شَيْئا دموياً كَانَ أعظم لنفعه.
وعصارة هَذَا القنطوريون قوتها كهذه الْقُوَّة أَعنِي قُوَّة تجفف وتجلو فَهِيَ لذَلِك تفعل جَمِيع مَا وصفت فعلا جيدا وتكحل بِهِ الْعين مَعَ الْعَسَل ويحدر الأجنة مَتى احْتمل والطمث وَقد يشفي علل العصب لِأَنَّهُ يجفف وَيقبض الأخلاط اللاحجة فِيهَا تجفيفاً ونقصاناً لَا أَذَى مَعَه.
وَهُوَ من أفضل الْأَدْوِيَة لسدد الكبد وَالطحَال مَتى تضمد بِهِ خَارِجا وَشرب.
اريباسيوس: أما الْكَبِير فأصله حَار حاد قَابض وَمن أجل حِدته يحدر مَا كَانَ من الأجنة)
حَيا ولسبب قَبضه يلزق الْجِرَاحَات وينفع من نفث الدَّم.
وَمِقْدَار مَا يسقى مِنْهُ مثقالان بِمَاء إِن كَانَ محموماً وَإِن لم يكن محموماً فبالشراب. وينفع الهتك والحرق العارضين فِي العضل وعسر النَّفس والسعال المزمن.
والدقيق يجفف تجفيفاً قَوِيا من غير لذع وَيلْزق الْجِرَاحَات الْعِظَام مَتى تضمد بِهِ وَهُوَ طري وَمن النَّاس من يحقن بطبيخ هَذِه الحشيشة أَصْحَاب عرق النسا لِأَنَّهُ يخرج رطوبات مرية.
فَإِذا عمل عملا قَوِيا استفرغ شَيْئا دموياً. وَكَانَ نَفعه أَكثر.
وعصارته تفعل هَذِه الْأَفْعَال وتحط الأثفال.
(6/311)
بولس: أصل القنطوريون الْكَبِير نَافِع من نفث الدَّم وَمن سَائِر الْعِلَل الَّتِي تعرض للصدر.
ابْن ماسه: خاصته إسهال البلغم اللزج والمرة الشبيهة بالدردي وينفع مَا يعرض فِي الورك شرب أَو احتقن بِهِ.
الخوز: إِنَّه قوي الإسهال للبلغم وَكَذَلِكَ للْمَاء. قرن يذكر هَهُنَا مَا يعم الْقُرُون.
قَالَ ج: مَتى أحرقت جلت الْأَسْنَان بالخشونة والجلاء مَعًا.
قطاة الخوزي: لَحمهَا فِي غَايَة اليبس وَلَيْسَ بالشديد الْحَرَارَة جيد لاستطلاق الْبَطن وَالِاسْتِسْقَاء.
قانصة قَالَ ج: قوانص البط كَثِيرَة الْغذَاء لذيذة وَبعدهَا قوانص الدَّجَاج المسمن.
قَالَ: وَمَا قيل فِي قانصة النعام من أَنه يهديء الْعِظَام فَبَاطِل.
وَكَذَلِكَ قَوْلهم فِي قوانص الْحمام لِأَنَّهَا هِيَ أَنْفسهَا لَا تهضم الأغذية كَمَا تفعل بعض الْأَدْوِيَة كالزنجبيل والفلفل وَمن جِهَة الشَّرَاب والخل وَمن جِهَة أُخْرَى.
وَقَالَ فِي كتاب الْأَدْوِيَة: وجد الضَّمَان الَّذِي ضمن عَن قانصة الدَّجَاج بَاطِلا ويزعمون أَنَّهَا تَنْفَع إِذا شربت فَم الْمعدة.
وَقَالَ ابْن ماسويه: الْجُلُود الَّتِي فِي أَجْوَاف القوانص إِذا شربت نَفَعت من وجع الْمعدة وَلَا سِيمَا قوانص الديوك. قانخيون قَالَ: إِنَّهَا صمغة تكون فِي بِلَاد الغرب فِيهِ شَبيه من المر زهم كريه الرَّائِحَة يتدخن بِهِ مَعَ المر والميعة.
وَيُقَال: إِن لَهُ قُوَّة ألف ز مهزلة للسمان إِذا شرب مِنْهُ ثَلَاث أَربَاع دِرْهَم بسكنجبين أَيَّامًا كَثِيرَة وبالماء. وَقد يسقى مِنْهُ المطحولون والمصروعون وَالَّذين بهم الربو. وَمَتى شرب بِمَاء الْعَسَل أدر الطمث.
ويجلو الْآثَار الَّتِي فِي الْعين جلاء يَسِيرا. ويبريء من ضعف الْبَصَر إِذا ديف بشراب واكتحل بِهِ.
وَلَا يعدله شَيْء فِي نَفعه من وجع الْأَسْنَان وتساقط اللثة.
أَبُو عمرَان: هَذِه الصّفة هِيَ صفة السندروس. ويضعف ذَلِك أَن د قد ذكر السندروس عِنْد ذكره الخوز.
أَبُو جريج: السندروس حَار يَابِس وَهُوَ نَافِع من النَّوَازِل ينزلها إِذا بخر بِهِ ويجفف القروح.
(6/312)
بديغورس: خاصته النَّفْع من النزلات ونزف الدَّم.) قوطو ليدون قوته مركبة من جَوْهَر رطب مائل إِلَى الْبرد وَمن جَوَاهِر أخر يسيرَة الْمِقْدَار من المرارة وَمن أجل ذَلِك صَار يبرد وَلَا يجفف القروح كَمَا تفعل الْأَشْيَاء المجففة ويجلو ويحلل ويبريء الأورام الَّتِي مَعهَا حمرَة والحمرة الَّتِي مَعهَا ورم. وَهُوَ ضماد صَالح للمعدة إِذا كَانَ فِيهَا لهيب ج فِي السَّابِعَة: قوطوليدون دَوَاء مركب من جَوْهَر رطب قَابض ضَعِيفا ومرارة قَليلَة فَلذَلِك يشفي الأورام الحارة والحمرة وَهُوَ جيد للهيب الْمعدة إِذا ضمد بِهِ.
وورقه وَأَصله قد وثق النَّاس مِنْهُ أَنه يفت الْحَصَى. قرقومعما د: قوته جالية لظلمة الْبَصَر مَدَرَة للبول مسخنة منضجة. قرنفل بولس: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة.
حَكِيم بن حنين: المحدثون يرتبون هَذَا فِي الثَّالِثَة من الْحر واليبس ويستعملونه فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تحد الْبَصَر وَتذهب الغشاوة وَتَنْفَع من السَّيْل.
أَبُو جريج: علك القرنفل شَبيه الْقُوَّة بعلك البطم.
قرفة الطّيب قوقي حَيَوَان بحري. يَقُول د: أنفحة القوقي توَافق الصرع واختناق الرَّحِم. ج: قوتها كقوة الجندبادستر. قبج وطيهوج سندهشار: لحم القبج جيد للمعدة والفؤاد وَكَذَلِكَ لحم الطيهوج والصيقور خَفِيف.
الخوزي: لحم القبج جيد لحبس الْبَطن وَالِاسْتِسْقَاء.
وَقَالَ أَيْضا: لَحْمه حَار رطب نافخ يزِيد فِي الباه ويسمن وَلذَلِك يُؤْكَل للسمنة. قرقيون هُوَ حجر يخرج من الْبَحْر لَهُ كَيْفيَّة حريفة يَنْفِي كل شَيْء ويحلله.
وَمِنْه لون بنفسجي فَإِذا أحرق أَبْرَأ دَاء الثَّعْلَب والقوباء والبهق.
وَالنَّوْع المستوي السَّطْح الأملس حريف جدا لَا ينقي فَقَط بل يسلخ الْجلد. وَالَّذِي يشبه
قاقلة مسيح الدِّمَشْقِي: الَّتِي بأقماعها وَالَّتِي بِلَا أقماع.
وَالَّتِي بِلَا أقماع حارة يابسة فِي الأولى جيد للمعدة هاضمة للطعام نافعة للبلة ألف ز فِي الْحلق.
وَالَّتِي بالأقماع أَكثر قبضا تَنْفَع من الغثيان وَكَثْرَة الْقَيْء مَتى خلطت مَعَ المصطكي وشربت بِمَاء الرمانين.
(6/313)
مَجْهُول: الْقَافِلَة جَيِّدَة للغثى والقيء.
ماسرجويه كَذَلِك. قرط ماسرجويه: إِن ثمره طرياً يلين الْبَطن لِأَن فِيهِ حرارة يسيرَة وليناً وَهِي يابسة تعقل الْبَطن.
وَأما ورقه فَهُوَ بَارِد قَابض. ابْن ماسه: فِيهِ قبض شَدِيد ويسهل حب القرع.
قلب بولس: هُوَ يفت الْحَصَى ويدر الْبَوْل.
سندهشار: يذهب الربو والفواق جيد للبواسير نَاقص من النُّطْفَة.
ابْن ماسه: عَجِيب جدا فِي إدرار الْبَوْل والطمث ويفت الْحَصَى فِي الكلى والمثانة وَهُوَ حَار يَابِس. قلقاس أَصله مَتى طبخ وَأكل كَانَ جيدا للمعدة يدر الْبَوْل حَار فِي الثَّانِيَة.
ابْن ماسويه: القلقاس حَار رطب فِي الأولى يزِيد فِي الباه. قلقل ابْن ماسويه: حب القلقل حَار رطب زَائِد فِي الْجِمَاع وخاصته مَتى خلط بالسمسم وعجن بِعَسَل الطبرزد أَو الفانيذ وَلَا يضر حِينَئِذٍ وَلَا هُوَ رَدِيء الْخَلْط وَمَتى قلي كَانَ أَحْمد.
والإكثار مِنْهُ يتخم وَيُورث الهيضة.
ماسرجويه: هُوَ حَار رطب فِي الثَّانِيَة زَائِد فِي الباه مَتى تنقل بِهِ على الشَّرَاب صدع.
وَلَيْسَ خلطه برديء وخاصة إِذا قلي.
قطن الدِّمَشْقِي: لب حب الْقطن مسخن ملين للصدر نَافِع من السعال.
ابْن ماسويه: عصارة ورقه نافعة من الإسهال الْعَارِض للصبيان. قلب ج فِي كتاب الْغذَاء: إِن جوهره لحم صلب عضلي فَهُوَ لذَلِك عسر الهضم بطيء الانحدار عَن الْمعدة والنفوذ فِي الأمعاء وَإِذا استمريء كَانَ مَا يَنَالهُ الْجِسْم مِنْهُ مِقْدَار لَيْسَ بِيَسِير.
وَقَالَ فِي الكيموس: إِنَّه كثير الْغذَاء.
ابْن ماسويه: الْقلب حاس بطيء الانهضام إِلَّا أَنه إِذا انهضم كَانَ كثيرا مَحْمُودًا مستحصفاً.
قتاد د: صمغه وَهُوَ الكثيراء لَهُ قُوَّة مغرية شَبيهَة بِقُوَّة الصمغ يسْتَعْمل فِي الأكحال والسعال وخشونة قَصَبَة الرئة وَانْقِطَاع الصَّوْت وَإِذا خلط مَعَه شَيْء يسير من قرن أيل محرق أَو شب مِقْدَار درخمي وأنقع فِي ميبختج وَشرب نفع من حرقة المثانة ووجع الكلى.
(6/314)
ج فِي الثَّالِثَة: الكثيراء لَهُ قُوَّة شَبيهَة بِقُوَّة الصمغ وَهِي قُوَّة تغرى وتلزق وتلحج وتكسر من حِدة الْأَشْيَاء الحادة وَهُوَ أَيْضا يجفف تجفيف الصمغ.
أَبُو جريج: الكثيراء بَارِدَة وفيهَا رُطُوبَة تسهل الْبَطن وينفع من السعال وقرحة المعي غير أَنَّهَا تزيد فِي الخلفة وَتَنْفَع من قُرُوح الْعين والبثر والرمد وَتصْلح حِدة الْأَدْوِيَة المسهلة.
ماسرجويه: هُوَ جيد لقروح المثانة وخشونة الْحلق وَاللِّسَان.
قنبرة ألف ز د: إِنَّهَا مَتى أكلت نَفَعت من القولنج. ج: أما القنابر فَإِنَّهَا إِذا طبخت مرقة بَيْضَاء نَفَعت من القولنج.
وَيجب أَن يدمن أكلهَا كثيرا مَعَ مرقها. وَقد جربت نَفعهَا لهَذِهِ الْعلَّة وبلوته.
ابْن ماسه: هِيَ تلين الْبَطن مَتى أكل مرقها وتعقله مَتى أكل لَحمهَا. قوقاداس قَالَ فِيهِ د: إِن الصمغة الَّتِي تخرج من هَذَا النَّبَات فِي لَوْنهَا حمرَة وَهِي لذاعة للسان. مَتى نطل الرَّأْس بالخل ودهن الْورْد نَفَعت من ليثرغس وقرانيطس والصدر والصداع المزمن والفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ بطلَان الْحس.
وَجُمْلَة فَإِن التمسح بهَا بالخل وَالزَّيْت نَافِع لوجع الأعصاب.
وتنشق رِيحه نَافِع من اختناق الْأَرْحَام والسبات.
وَمَتى بخر بِهِ طرد الْهَوَام.
وَمَتى خلط بدهن ورد وَوضع فِي أكال الْأَسْنَان نفع.
وَمَتى اسْتعْمل بالبيض صلح للسعال وعسر النَّفس والمغس والنفخ.
ويلين الْبَطن لينًا رَقِيقا. ويحلل ورم الطحال. وينفع نفعا عَظِيما من عسر الْولادَة.
وَمَتى شرب نفع من وجع المثانة والكلى والتمدد الْعَارِض فيهمَا وَيفتح فَم الرَّحِم.
وأصل هَذَا النَّبَات يفعل فعل الصمغة إِلَّا أَنه أَضْعَف. ويخصه أَنه مَتى سحق نعما وَهُوَ يَابِس ونثر على القروح نقاها وَأخرج قشور الْعِظَام مِنْهَا وأدمن الخبيثة ويخلط فِي المراهم والأضمدة المسخنة.
وَقد قَالَ ج فِي بودامس مَا كتبناه فِي بَاب ب.
قرمز قَالَ فِي السَّابِعَة: حب القرمز فِي قوته قبض ومرارة مَعًا وَهُوَ يجفف بِهَاتَيْنِ الكيفيتين تجفيفاً لَا لذع مَعَه وَلذَلِك يصلح للجراحات الْكِبَار ولجراحات العصب. وَإِذا عولج بِهِ هَذِه الْجِرَاحَات فقوم يسحقونه بالخل وَقوم يسحقونه بالخل وَالْعَسَل ويعالجون بِهِ.
وَقَالَ فِي دود القرمز: إِذا أَخذ من الشّجر وَهُوَ بعد طري فَهُوَ يبرد ويجفف فِي الثَّانِيَة لِأَن فِيهِ شَيْئا يقبض قبضا معتدلاً.
(6/315)
قاماس وقيقابون ج فِي السَّابِعَة: إِنَّه يجفف بِلَا لذع وجوهره جَوْهَر غليظ لزج فَهُوَ لذَلِك مَتى أنقع فِي الشَّرَاب ولعق مِنْهُ أَبْرَأ خشونة قَصَبَة الرئة والمري وَمَتى مضغ فعل ذَلِك لِأَنَّهُ مثل رب السوس.
قسطرن ج فِي السَّابِعَة: إِنَّه يقطع الأخلاط الغليظة لِأَنَّهُ مر حريف ويفت الْحَصَى فِي الكلى ويجلو الكبد والرئة ويحدر الطمث وينفع من الصرع والهتك وَالْفَسْخ فِي العضل.
وَإِذا ضمد بِهِ نفع أَيْضا لنهش الْهَوَام.
وينفع من عرق النسا والجشاء الحامض.
قرقياقس ج فِي السَّابِعَة: يزْعم ج أَن هَذَا النَّبَات إِذا شرب نقى الْأَرْحَام والمعي لِأَنَّهُ طيب الرَّائِحَة فَهِيَ وثمرته تولد اللَّبن مَتى أخذت مَعَ بعض الأحساء. قلدريون ألف ز. ج فِي السَّابِعَة: إِنَّه حَار وَلم يبلغ أَن يحرق وَهُوَ لطيف فاجعله فِي الثَّالِثَة من الْحر واليبس.
وَقَالَ فِي هَذِه الْمقَالة: ورقه فِيهِ قُوَّة حارة محرقة حَتَّى أَنه يكشط الْجلد فَهُوَ لذَلِك فِي الرَّابِعَة.
قليماطس ج فِي السَّابِعَة: ورقه فِيهِ قُوَّة محرقة حارة حَتَّى أَنه يكشط الْجلد فَهُوَ لذَلِك فِي الرَّابِعَة. قليماطش الشبيه بِالْغَارِ والشبيه بالآس والشبيه بالبطباط.
قَالَ ج: إِنَّه نَافِع من استطلاق الْبَطن وقروح المعي مَتى شرب بشراب.
وَإِذا مضغ سكن وجع الْأَسْنَان. وَمَتى احْتمل سكن وجع الْأَرْحَام.
قورنوس ج فِي السَّابِعَة: قد وثق النَّاس أَن أصل هَذَا النَّبَات مَتى أكل نفع من انطلاق الْبَطن. قرنيون ج فِي السَّابِعَة: إِنَّه مالح الطّعْم مره فَلذَلِك يجلو ويجفف إِلَّا أَنه فيهمَا ضَعِيف.
انْقَضى حرف الْقَاف.
(6/316)
3 - (بَاب الْكَاف)
كندر قَالَ د: إِنَّه يقبض ويسخن ويجلو ظلمَة الْبَصَر ويملأ القروح العميقة ويدملها وَيلْزق الْجِرَاحَات الطرية وَيقطع نزف الدَّم من أَي مَوضِع كَانَ والنزف الَّذِي من حجب الدِّمَاغ ويسكنه وَيمْنَع القروح الخبيثة الَّتِي فِي المقعدة وَفِي سَائِر الْأَعْضَاء من الانتشار إِذا خلط بِاللَّبنِ وعملت مِنْهُ فَتِيلَة وَجعلت فِيهَا.
وَمَتى خلط بالخل والزفت ولطخ بِهِ الوجع الَّذِي يُسمى مرميقيا وَهُوَ وجع يعرض مِنْهُ فِي الْجِسْم شَبيه بالثآليل وَمَعَهَا شبه دَبِيب النَّمْل فِي ابْتِدَاء هَذَا الوجع أَبرَأَهُ ويقلع القوابي.
وَمَتى خلط بشحم البط وشحم الْخِنْزِير أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من حرق النَّار والشقاق الْعَارِض من الْبرد.
وَإِذا خلط بالنطرون وَغسل بِهِ الرَّأْس أَبْرَأ القروح الرّطبَة. وَإِذا خلط بِعَسَل أَبْرَأ الداحس. وَإِذا خلط بالزفت أَبْرَأ شدخ الْأذن.
وَمَتى خلط بِخَمْر حلوة وقطر فِي الْأذن نفع من أوجاعها كلهَا. وَمَتى خلط بطين قيموليا ودهن الْورْد ولطخ بِهِ نفع من الأورام الحارة الْعَارِضَة للثدي فِي النّفاس.
وَيدخل فِي أدوية قَصَبَة الرئة والضمادات المحللة للأورام فِي الأحشاء.
وَمَتى شرب نفع من نفث الدَّم. وَمَتى شربه الأصحاء جسهم. وَمَتى أَكثر من شربه مَعَ الْخمر قتل.
وَأما قشور الكندر فأقوى قبضا من الكندر وَلذَلِك هُوَ أوفق من الكندر لنفث الدَّم وَالنِّسَاء)
اللواتي تسيل مِنْهُنَّ رطوبات مزمنة.
وَيصْلح لجلاء آثَار القروح الْكَثِيرَة الْوَسخ الَّتِي فِي الْعين وعلاجها. وَمَتى قلي كَانَ جيدا للحكة فِي الْعين.
وَأما دقاق الكندر فقوته كقوة الكندر غير أَنه أَضْعَف.
وَأما دُخان الكندر فقوته مسكنة للأورام الحارة فِي الْعين.
وَيقطع سيلان الرطوبات مِنْهَا وينقي قروحها وَيَبْنِي اللَّحْم ألف ز فِي قُرُوح الْعين الْكَثِيرَة الْوَسخ ويسكن الورم الْعَارِض فِي الْعين الَّذِي يُسمى السرطان. ج فِي السَّابِعَة: هَذَا يسخن فِي الثَّانِيَة ويجفف فِي الأولى وَفِيه مَعَ هَذَا قبض يسير إِلَّا أَن
(6/317)
وَأما قشر الكندر فقوته قابضة قبضا بَينا فَهُوَ لذَلِك يجفف تجفيفاً شَدِيدا حَتَّى أَنه فِي مُنْتَهى الدرجَة الثَّانِيَة من دَرَجَات الْأَشْيَاء المجففة وَهِي أغْلظ من الكندر وَلَيْسَ فِي حِدة وَلَا حراقة أصلا.
وَلما كَانَت هَذِه الكيفيات والقوى فِيهِ مَوْجُودَة أَكثر الْأَطِبَّاء اسْتِعْمَاله فِي مداواة نفث الدَّم وَلمن كَانَت معدته رخوة وَلمن بِهِ ذوسنطاريا وذرب وقرحة المعي وَلَا يقتصرون على خلطه فِي الأضمدة الَّتِي يداوى بهَا من خَارج دون أَن يلقوه أَيْضا فِي الْأَدْوِيَة الْوَارِدَة إِلَى دَاخل الْجِسْم.
وَأما دُخان الكندر فَإِنَّهُ أيبس وأسخن من الكندر حَتَّى أَنه يعد فِي الثَّانِيَة وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء من الْجلاء وَلذَلِك يُقَال: إِنَّه ينقي ويملأ القروح الَّتِي تكون فِي الْعين كَمَا يفعل دُخان المر ودخان الميعة.
وَقَالَ: دُخان الكندر يَسْتَعْمِلهُ الْأَطِبَّاء فِي أخلاط الْأَدْوِيَة الَّتِي تصلح للعين الوارمة وَالَّتِي فِيهَا قرحَة فَإِن قُرُوح الْعين تنقى بِهَذَا الدُّخان وتمتليء لَحْمًا. وَقد يستعملونه أَيْضا فِي الأكحال الَّتِي تحسن شعر الأشفار.
بولس: الكندر حَار فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي الأولى وَفِيه قبض.
وَأما قشور الكندر فَإِنَّهُ بَين الْقَبْض وَهُوَ يَابِس فِي الثَّانِيَة وَهُوَ أغْلظ أَجزَاء من الكندر مَتى وَأما أغصانه فَإِنَّهَا حارة يابسة فِي الثَّالِثَة مَعَ شَيْء من الْقَبْض وَمَعَهَا شَيْء من التنقية وَلِهَذَا السَّبَب ينقي ويلحم العفن فِي الْعين.
حَكِيم بن حنين عَن جالينوس إِنَّه قَالَ: إِذا كحل بِهِ جرب الْعين الَّتِي فِيهَا دم مُجْتَمع حلله ونفع)
مِنْهُ.
أَبُو جريج: الكندر حَار فِي أول الثَّالِثَة يَابِس فِي آخرهَا يحرق الدَّم والبلغم وينشف رطوبات الصَّدْر وَيُقَوِّي الْمعدة الضعيفة ويسخنها مَتى بردت. وقشار الكندر كَذَلِك. وَمَتى أنقع مِنْهُ مِثْقَال وَشرب فِي مَاء كل يَوْم نفع من البلغم وَزَاد فِي الْحِفْظ وأذهب كَثْرَة النسْيَان غير أَنه يحدث لشاربه إِذا أَكثر مِنْهُ صداع وبخار رَدِيء وإحراق الدَّم.
الْفَارِسِي: الكندر يهضم الطَّعَام ويطرد الرِّيَاح جيد للحمى.
وَقَالَ فِي الثَّانِيَة من طيماؤس: الكندر الْأَحْمَر أقوى جلاء من الْأَبْيَض وقوته مثل قُوَّة دَقِيق الشّعير فِي الْجلاء.
والكندر الْأَبْيَض أَضْعَف فِي جَمِيع الْخلال وَهُوَ فِي الطَّبَقَة الأولى.
ابْن ماسويه: يَأْكُل البلغم وَيذْهب بِحَدِيث النَّفس وَيزِيد فِي الذِّهْن ويذكيه وينفع الْقلب. ذَكرْنَاهُ فِي النورة.
(6/318)
كرم الشَّرَاب قَالَ فِيهِ د: إِن ورقه وخيوطه إِذا تضمد بهما سكنا الصداع لبردهما وقبضهما وَإِذا ضمد بِأَحَدِهِمَا وَحده أَو مَعَ سويق شعير سكن الورم الْحَار فِي الْمعدة والالتهاب الْعَارِض لَهَا.
وعصارة الْوَرق قابضة ألف ز نافعة من قرحَة المعي وَنَفث الدَّم ووجع الْمعدة ورحم النِّسَاء.
وخيوط الْكَرم إِذا أنقعت بِالْمَاءِ وشربت فعلت ذَلِك.
ودمعة الْكَرم وَهِي شَبيهَة بالصمغ تجمد على الْقَضِيب مَتى شربت بِالشرابِ أخرجت الْحَصَى.
وَمَتى تلطخ بهَا أبرأت القوابي والجرب المتقرح وَغير المتقرح. وَيجب أَن يغسل الْعُضْو بالنطرون قبل أَن يلطخ بِهِ.
وَإِذا تمسح بِهِ مَعَ الزَّيْت حلق الشّعْر وخاصة الدمعة الْمَجْمُوعَة من قضبان الكوم الطرية إِذا شرحت ورشحت مِنْهَا الدمعة كَمَا يرشح الْعرق وَهِي أَيْضا تذْهب الثآليل النملية إِذا لطخ ورماد قضبان الْكَرم ورماد ثجير الْعِنَب مَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ أَبْرَأ المقعدة الَّتِي قلع مِنْهَا بواسير ناتئة والتواء العصب وينفع من نهشة الأفعى. إِذا ضمد بِهِ مَعَ دهن ورد وبشراب وخل نفع من الورم الْحَار الْعَارِض للطحال.
ودهن زهرَة الْكَرم مثل دهن الْورْد غير أَنه لَا يُطلق الْبَطن. وَالْكَرم الْبري الَّذِي يحمل عنباً مثل البستاني.
وَقُوَّة دهن الْعصير مسخنة ملينة مسكنة تصلح للنافض وَلكُل أوجاع الأعصاب وَالرحم وَهُوَ أَنْفَع الأدهان المحللة للاعياء لقُوَّة تليينه.
وَأما الْكَرم الْبري إِن طبخ أَصله بِالْمَاءِ وَشرب مَعَ قوانوس شراب قد عمل بِمَاء الْبَحْر أسهل المَاء ونفع الحبن.
والعناقيد تنقي الكلف وَمَا أشبهه من الْآثَار.
وَثَمَرَة الكرمة الْبَريَّة مَتى شربت جَيِّدَة للمعدة تدر الْبَوْل وَتمسك الْبَطن وتقطع نفث الدَّم وَهِي جَيِّدَة للخفقان وَالْكرب والمعدة الَّتِي يحمض فِيهَا الطَّعَام.
ويخلط بالخل ودهن الْورْد وَيُوضَع على الرَّأْس رطبا كَانَ أَو يَابسا وَيمْنَع من الغرب المتفجر)
ابْتِدَائه وينفع اللثة والقروح الخبيثة الْعَارِضَة فِي الْفروج وَيدخل فِي الْأَشْيَاء القاطعة لنزف الدَّم.
ويتضمد بِهِ مَعَ سويق شعير لسيلان الفضول إِلَى الْعين والتهاب الْمعدة ويضمد بِهِ لحرارة الكبد.
(6/319)
وَمَتى أحرق على خزفة مَوْضُوعَة على جمر كَانَ صَالحا لأوجاع الْعين ويبريء الداحس مَعَ الْعَسَل والظفرة واللثة المسترخية الَّتِي يسيل مِنْهَا الدَّم.
قَالَ: ورماد قضبان كرم الشَّرَاب قوته محرقة. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ شَحم عَتيق أَو مَعَ الزَّيْت نفع من شدخ العصب واسترخاء المفاصل وتعقد العصب. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ والنطرون نفع من نهش الْهَوَام وعض الْكَلْب الْكَلْب.
وَيَقَع فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تكوى وَيشْرب مَاء رماده للسقطة وَالْفطر الْقِتَال. ج فِي السَّادِسَة: الْكَرم الْبري يجلو حَتَّى أَنه يذهب الكلف والنمش وَجَمِيع مَا هَذَا سَبيله مِمَّا يحدث فِي ظَاهر الْجِسْم وفيهَا مَعَ هَذَا قُوَّة دابغة.
وَكَذَلِكَ قُوَّة الْكَرم الأهلي إِلَّا أَنه أَضْعَف فِي ذَلِك فعلا.
بولس: فقاح الْكَرم وَهُوَ زهره أَعنِي الْبري مِنْهُ شَدِيد الْقَبْض مقو وَلَا سِيمَا مَا يَلِي الْبَطن. ذَكرْنَاهُ مَعَ القتاد ألف ز.
كاكنج ذَكرْنَاهُ مَعَ عِنَب الثَّعْلَب. كمثرى قَالَ د: جَمِيع أصنافه قابضة وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي الضمادات الْمَانِعَة من مصير الْموَاد إِلَى الْأَعْضَاء.
وَمَتى شرب طبيخه وَأكل مِنْهُ بعد أَن يجفف عقل الْبَطن. وَمَتى أكل الكمثرى والمعدة خَالِيَة أضرا آكله.
والكمثرى الشَّديد الْقَبْض البطيء النضج. رماد خشبه قوي النَّفْع من خنق الْفطر الْقِتَال.
وَقد قيل: إِنَّه مَتى طبخ الكمثرى الْبري مَعَ الْفطر لم يضر آكله. د فِي السَّادِسَة: ورق هَذِه الشَّجَرَة وأطرافها قابضة.
وَأما الثَّمَرَة فَفِيهَا مَعَ ذَلِك حلاوة ومائية.
وَتعلم من ذَلِك أَن أَجزَاء هَذِه الثَّمَرَة غير مُتَسَاوِيَة المزاج بل فِيهَا أرضية ومائية. وَإِن شِئْت قلت من وَجه آخر: إِن بَعْضهَا حَار وَبَعضهَا معتدل وَلذَلِك مَتى أكل الكمثرى قوى الْمعدة وَسكن الْعَطش. وَمَتى تضمد بِهِ جفف وجلا جلاء يَسِيرا وَلِهَذَا السَّبَب أعلم أَنِّي قد أدملت بِهِ جراحات كَثِيرَة حَيْثُ لم أقدر على دَوَاء آخر.
والكمثرى الْبري أَكثر قبضا ودبغاً وتجفيفاً فَهُوَ لذَلِك يدمل مَا هُوَ من الْجِرَاحَات أعظم وَيمْنَع الْموَاد من التجلب.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن نقلت مَا ذكرت فِي التفاح إِلَى هَهُنَا لم أحتج أَن أَقُول فِيهِ شَيْئا الْبَتَّةَ.
والكمثرى الْكِبَار يغذو أَكثر من سَائِر أَنْوَاعه.
(6/320)
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الكمثرى خلطه أَحْمد من خلط التفاح وَهُوَ أسْرع هضماً مِنْهُ.
ابْن ماسويه: الكمثرى بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي الأولى مُخْتَلف الطّعْم والحامض مِنْهُ العفص يخْتَلط فِي الأضمدة الَّتِي يُرَاد بهَا منع الفضول المنحدرة إِلَى الْأَعْضَاء ودبغ الْمعدة وعقل الطبيعة وَلَا سِيمَا إِذا طبخ بخل وَأكل. والمقدد مِنْهُ مَتى أكل فعل ذَلِك وَكَذَلِكَ الْيَابِس مِنْهُ إِذا أكل.
والإكثار مِنْهُ يُورث القولنج بِخَاصَّة فِيهِ. وَيَنْبَغِي أَن يشرب بعد أكله مَاء الْعَسَل بالأفاويه)
وخاصة إِن طبخ مَعَ الْفطر أذهب ضَرَره.
وَرب الكمثرى قَاطع للاسهال الصفراوي دابغ للمعدة.
ابْن ماسويه: الكمثرى الْبري يذهب ضَرَر الْفطر إِذا طبخ مَعَه والصيني مقو للمعدة قَاطع للعطش مسكن للخلط الصفراوي بَارِد فِي الثَّانِيَة رطب فِي الأولى.
وشراب الكمثرى مقو للمعدة قَاطع للعطش والإسهال. كتيت ذكر ج فِي السَّابِعَة أَنه الهرطمان عِنْد ذكره الْحَشِيش. وَقد ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكر الهرطمان. كور ذكره ج فِي السَّابِعَة. كتَّان قُوَّة بزر الْكَتَّان شَبيهَة بِقُوَّة بزر الحلبة وَإِذا خلط بِمَاء الْعَسَل وَالزَّيْت وَالْملح حلل الأورام الحارة ولينها ظَاهِرَة كَانَت أَو باطنة. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ التِّين والنطرون قلع الكلف والبثر اللبني. وَإِذا وَإِذا طبخ بشراب قطع النملة والبثر اللبني والقروح ألف ز الشهدية. وَمَتى خلط بالحرف على السوَاء مَعَ الْعَسَل نفع من شقَاق الْأَظْفَار. وَإِذا خلط بِعَسَل وفلفل ولعق وَأكْثر مِنْهُ حرك الباه وَأخرج الفضول الَّتِي فِي الصَّدْر وَسكن السعال.
ويحتقن بطبيخه للذع المعي وَالرحم ولإخراج الفضول. وَمَتى جلس النِّسَاء فِي طبيخه نفع الأورام الْعَارِضَة فِي الْأَرْحَام. ج فِي السَّابِعَة: قد قَالَت القدماء: إِن بزر الْكَتَّان نَافِع جدا من لذع المعي وَهُوَ لين خَفِيف على الأحشاء لكنه أقل فِي ذَلِك من البابونج.
وَقَالَ فِي ذكره خَاصّا: إِن أكل ولد نفخة وَلَو كَانَ مقلواً وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ ممتليء من الرطوبات الفضلية. وَهُوَ مَعَ ذَلِك حَار فِي الأولى وسط فِي مَا بَين الرُّطُوبَة واليبس.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء لَهُ: إِنَّه رَدِيء للمعدة عسر الهضم قَلِيل الْغذَاء متوسط فِي
(6/321)
إِطْلَاق)
الْبَطن وحبسه ويخالطه شَيْء يسير من الْقُوَّة المدرة للبول وَيظْهر ذَلِك ظهوراً بَينا مَتى أكل بعد أَن يقلى وَهُوَ إِذْ ذَاك أولى لحبس الْبَطن.
روفس: بزر الْكَتَّان يلين الْبَطن.
بولس: الْكَتَّان نَفسه إِذا أحرق يكون لَهُ دُخان لطيف ينفع من الزُّكَام واختناق الْأَرْحَام.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الأولى وقوته معتدلة فِي الرُّطُوبَة واليبس بطيء الهضم رَدِيء للمعدة يسير الْغذَاء يدر الْبَوْل والرطوبة. وخاصته إِن ضمدت بِهِ الْأَظْفَار الْبيض مَعَ الموم وَالْعَسَل أصلحها. ج فِي آخر تَدْبِير الأصحاء: إِن بزر الْكَتَّان مَتى طبخ بِالْمَاءِ كَانَ طبيخه مبرداً وَأَظنهُ يُرِيد الرطب مِنْهُ بل لَا شكّ فِي ذَلِك.
أَبُو جريج: بزر الْكَتَّان حَار لين نَافِع من قُرُوح المثانة والكلى وينضج الخراجات مَتى ضمدت بِهِ. وَمَتى شرب محمصاً أنضج السعال الْبَارِد الرطب.
الطَّبَرِيّ: إِنَّه مَتى وضع على الظفر أصلح مَا فِيهِ من التشنج وَالْفساد ويحتبس الْبَطن.
ماسرجويه: طبيخ بزر الْكَتَّان يضْرب مَعَ الدّهن ويحقن بِهِ القروح الَّتِي فِي المعي فيعظم نَفعه. لي ينفع من تسكين الوجع واللذع.
ابْن ماسه: ثِيَاب الْكَتَّان بَارِدَة يابسة من لِبَاس الصَّيف وَدَلِيل برده أَنه يقصر على لابسه كل يَوْم.
وبزر الْكَتَّان خاصته إِذا ضمدت بِهِ الْأَظْفَار الَّتِي فِيهَا نقط بيض مَعَ الشمع وَالْعَسَل والحرف أذهبها رَدِيء للمعدة عَاقل للبطن وخاصة إِذا قلي.
كماشير دَوَاء هندي مَعْرُوف حَار فِي الرَّابِعَة يسْقط الأجنة.
شرك: خاصته الإذابة والتحليل ينزل الْبَوْل والحيضة.
ماسرجويه: حَار فِي الرَّابِعَة يطْرَح الْوَلَد ويسهل المَاء بِقُوَّة.
الخوزي: لَا مِثَال لَهُ فِي طرح الْوَلَد وإسهال المَاء. كشك ذكر مَعَ الْحِنْطَة وَالشعِير. كرسنة د: إِنَّهَا تصدع وَتطلق الْبَطن وتبول الدَّم وتسمن الْبَقر.
ودقيقها يسهل الْبَطن وَيحسن اللَّوْن ألف ز وَإِذا أَكثر من أكلهَا أمغست وبولت الدَّم. ويخلط بالعسل فينقي القروح والبثور اللينة والكلف والْآثَار الظَّاهِرَة فِي الْجلد من الكيموسات وينقي الْبشرَة وَيمْنَع القروح الخبيثة من السَّعْي ويلين الورم الصلب والمميت
(6/322)
للعضو والأورام الصلبة الْعَارِضَة فِي الْيَدَيْنِ وَغَيرهَا من الْأَعْضَاء ويقلع النَّار الفارسية والقروح الشهدية.
وَمَتى عجنت بشراب أَو تضمد بهَا أبرأت من عضة الْكَلْب الْكَلْب ونهشة الأفعى وعضة الْإِنْسَان. وَمَتى اسْتعْملت مَعَ الْخلّ نَفَعت من عسر الْبَوْل وسكنت الزحير والمغس.
وَمَتى قليت الكرسنة وأنعم دقها وخلطت بِعَسَل وَأخذ مِنْهَا مِقْدَار جوزة وَافَقت المهازيل.
وَمَاء طبيخ الكرسنة مَتى صب على الشقاق الْعَارِض من الْبرد والحكة الْعَارِضَة لِلْيَدَيْنِ أبرأت مِنْهَا.
وَقَالَ ج فِي الكرسنة: إِنَّه يجفف فِي الثَّالِثَة ويسخن فِي الأولى وبحسب مرارته يقطع ويجلو ويقيح السدد. وَمَتى أَكثر من أكله بَوْل الدَّم.
مسيح: الكرسنة حارة فِي الثَّانِيَة تنقي الرطوبات الغليظة.
وَقَالَ عِيسَى: الكرسنة مَتى أَكثر مِنْهَا جلبت الرعاف وبولت الدَّم.)
الخوز: الكرسنة حب تَأْكُله الْبَقر بالمغرب وَهُوَ نَافِع إِذا طلي من السعفة ووجع الْأذن. وينفع من السعال مَتى خلطت بالمخيطة ويسقى مَعَ المطجنا للسعال أَيْضا. وَهُوَ حب يشبه حب السفرجل.
وَقَالَ ج فِي الأغذية: إِنَّهَا تولد خلطاً رديئاً وَنحن نُصْلِحهَا كَمَا نصلح الترمس ثمَّ نستعملها مَعَ الْعَسَل كَمَا نستعمل الدَّوَاء الَّذِي ينقي الرُّطُوبَة من الصَّدْر والرئة.
والأبيض مِنْهُ أميل إِلَى الْغذَاء وَإِذا طبخت مرَّتَيْنِ خرجت عَنْهَا الْكَرَاهَة وَذهب عَنْهَا مَا يجلو وَيقطع وَبَقِي جوهرها الأرضي الْيَابِس وغذا غذَاء يَابسا. كمون أما البستاني فَقَالَ فِيهِ د: لَهُ قُوَّة قابضة مسخنة. إِذا طبخ بالزيت أَو احتقن بِهِ بدقيق شعير وَافق المغس والنفخ ويسقى بخل ممزوج بِالْمَاءِ لنَفس الانتصاب وبالشراب لنهش الْهَوَام. وينفع من ورم الْأُنْثَيَيْنِ الْحَار إِذا خلط بزبيب ودقيق باقلي أَو قيروطي وَوضع عَلَيْهَا. وَيقطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم. وَيقطع الرعاف مَتى سحق بخل واشتم وَجعل فِي الْأنف. ويصفر اللَّوْن مَتى شرب أَو تلطخ بِهِ.
وَأما غير البستاني فَهُوَ أَشد حرافة وَيشْرب بِالْمَاءِ للمغس والنفخ وَمَتى شرب سكن الفواق.
وَمَتى شرب بِالشرابِ نفع من ضَرَر الْهَوَام والبلة الْعَارِضَة فِي الْمعدة.
وَإِذا مضغ وخلط بِزَيْت وَعسل وتضمد بِهِ قلع آثَار لون الدَّم الْعَارِض تَحت الْعين. وَمَتى
(6/323)
من الكمون غير البستاني صنف وبزره شَبيه ألف ز ببزر الشونيز. وَهُوَ نَافِع جدا مَتى شرب من نهش الْهَوَام وتقطير الْبَوْل والحصاة وَبَوْل علق الدَّم. يجب أَن يشرب بعده مَاء بزر الكرفس. ج فِي السَّابِعَة: الكمون الْبري إِن هَذَا الدَّوَاء حريف مر وَفِيه قبض أَيْضا وَلذَلِك يحدر من الْبَوْل المراري شَيْئا كثيرا ويشفي السدد والضعف الْكَائِن فِي الكبد.
وعصارته أَيْضا تحد الْبَصَر بِأَن تحدر من الْعين دموعاً كَثِيرَة كَمَا يفعل الدُّخان.
وَأعرف إنْسَانا كَانَ يسْتَعْمل هَذَا الدَّوَاء على أَنه يُقَوي الْمعدة وَيُطلق الْبَطن فَكَانَ يجففه ويحفظه ثمَّ يسحقه وينثر مِنْهُ على مَاء الْعَسَل إِذا أَرَادَ أَن يُطلق الْبَطن وَيشْرب وَإِذا أَرَادَهُ)
لتقوية الْمعدة نثر مِنْهُ على شراب ممزوج.
وَقَالَ فِي الكمون الْمُسْتَعْمل: إِنَّه حَار وشأنه إدرار الْبَوْل وطرد الرِّيَاح وإذهاب النفخ وَهُوَ فِي الثَّالِثَة من الإسخان.
روفس: الكمون النبطي يسهل الْبَطن.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة يدر الْبَوْل وَيحل النفخ. وَمَتى احتملته الْمَرْأَة مَعَ زَيْت عَتيق قطع كَثْرَة ضَرَر الْحيض والرعاف وَإِذا خشيت بِهِ جِرَاحَة طرية أدملها وَلم وَإِن نفخ فِي الْأنف بعد دقه قطع الرعاف. وَإِن أَكثر من شربه أَو غسل الْوَجْه بمائه صفر اللَّوْن.
وَهُوَ نَافِع من الرِّيَاح الغليظة مجفف للمعدة.
خاصته تصفير اللَّوْن وَقطع الرعاف وَالْحيض.
أصبت فِي جَامعه أَن الْكرْمَانِي يعقل الْبَطن والنبطي لَا يعقله. وأصبت أَن الكمون الْبري هُوَ الْكرْمَانِي.
حَكِيم بن حنين: المحدثون رتبوا حرارة الكمون فِي الثَّالِثَة وَإِن د قَالَ فِيهِ: إِنَّه جيد للأورام وَلَا سِيمَا أورام الْعين الْكَثِيرَة الْمَادَّة.
مسيح: هُوَ يصفر اللَّوْن وَتلك خاصته ويطرد الرِّيَاح.
الْفَارِسِي: يبرد الرِّيَاح وينضج الطَّعَام ويجفف الصَّدْر جيد للبلغم.
ابْن ماسويه: هُوَ حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة يصفر اللَّوْن مَتى شرب مِنْهُ وَيقطع الطمث مَتى احْتمل فرزجة جيد لكبد. مَتى شرب بخل ممزوج نفع من الربو.
كاربا ذكره مَعَ الْجَوْز.
كزبرة قَالَ د: قوتها مبردة وَإِن تضمد بهَا مَعَ الْخبز أَو السويق أبرأت الْحمرَة والنملة. وَمَتى تضمد بهَا مَعَ دَقِيق باقلي حللت الْخَنَازِير.
(6/324)
وبزرها مَتى شرب مِنْهُ شَيْء يسير بالميبختج أخرج الدُّود الطوَال وَولد الْمَنِيّ.
وَمَتى شرب مِنْهُ شَيْء كثير خلط الذِّهْن وَلذَلِك من الْوَاجِب أَن يتوقى كثرته وإدمانه.
وَأما مَاء الكزبرة إِذا خلط بالاسفيذاج والخل ودهن الْورْد ولطخ على الأورام الحارة الملتهبة الظَّاهِرَة فِي الْجلد نفع مِنْهَا. ج فِي السَّابِعَة: د يزْعم أَن الكزبرة بَارِدَة وَهُوَ غير مُصِيب فِي ذَلِك لِأَنَّهَا مركبة من قوى متضادة وَالْأَكْثَر فِيهَا ألف ز الْجَوْهَر المر. وَقد بَينا أَن هَذَا الْجَوْهَر الأرضي قد يلطف بالحرارة وَفِيه أَيْضا رُطُوبَة مائية فاترة الْقُوَّة لَيست بيسيرة الْمِقْدَار وفيهَا مَعَ ذَلِك قبض يسير فَهُوَ بِسَبَب هَذِه القوى كلهَا يفعل جَمِيع تِلْكَ الْأَفْعَال المتفننة الَّتِي وصفهَا د فِي كِتَابه إِلَّا أَنَّهَا لَيست تفعل تِلْكَ الْأَفْعَال من طَرِيق أَنَّهَا تبرد بل أَنا أصف السَّبَب فِيهَا وَاحِدًا وَاحِدًا. فَإِن القَوْل الَّذِي يجْرِي على هَذَا فِي الدَّوَاء بعد: الدَّوَاء نَافِع إِذا كَانَ بالقوانين الْمَذْكُورَة قبل فَأول مَا أَقُول: إِن د وَغَيره من الْأَطِبَّاء قد حكمُوا فِي أدوية مَا أَنَّهَا تصلح لعلل مَا أَنَّهَا تصلح لعلل مَا بِأَحْكَام مُهْملَة لَا تَحْدِيد لَهَا وَذَلِكَ أَنه قد يُمكن أَن يكون فِي عُضْو مَا حمرَة ثمَّ يسود ويخضر ويبرد بعد ذَلِك والأطباء مقيمون على تبريده وَلَيْسَ يحْتَاج فِي ذَلِك الْوَقْت إِلَى أدوية مبردة بل إِلَى أدوية تحلل وتستفرغ الْخَلْط الراسخ فِي الْعُضْو وَلَا يفرقون فِي ملاكهم بَين الَّتِي تصلح للحمرة فِي وَقت الِابْتِدَاء وَبعد الِانْتِهَاء بل يَقُولُونَ فِيهَا جَمِيع: إِنَّهَا أدوية للحمرة.
وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِأَن الورم الْمَعْرُوف بالحمرة إِذا سكن لهيبه وغليانه فَلَيْسَ يجب أَن يُسمى ذَلِك الْوَقْت حمرَة. ونظن أَن الْأَدْوِيَة الَّتِي تشفيه أدوية بادرة وَلَا نُقِيم على أَن الْعلَّة حارة والأدوية الَّتِي تشفيها بَارِدَة كَمَا نجد د يظنّ بالكزبرة أَنَّهَا بَارِدَة من أجل أَنه إِن اتخذ مِنْهَا ضماداً مَعَ خبز وَسَوِيق شعير وَوضع على الْحمرَة فشفاها فَإِن الكزبرة مَعَ الْخبز لم يشف وَلَا هُوَ يشفي فِي وَقت من الْأَوْقَات حمرَة خَالِصَة وَهِي الَّتِي مَعهَا لهيب وَيكون لون الورم أَحْمَر)
بل إِنَّمَا يشفي الْحمرَة الَّتِي قد خمدت وَبَردت.
وَكَذَلِكَ أَشَرنَا نَحن على من يُرِيد استنباطه قوى الْأَدْوِيَة على تَحْصِيل وتحديد أَن نَخْتَار لَهَا مَرضا بسيطاً مَا أمكنه فيجرب قُوَّة الدَّوَاء فِيهِ.
وَجل الْأَطِبَّاء يغلط فِي هَذَا. وَقد يكون فِي بعض الْأَوْقَات حمرَة يخالطها ورم بلغمي وَحُمرَة يخالطها ورم سوداوي وَيحدث عَن تراكيب هَذِه علل كَثِيرَة.
وَذكر هَذَا لَا يَلِيق هَذَا الْكتاب فَنَقُول: إِن الضماد الَّذِي وَصفه د من الكزبرة والسويق لَا يشفي فِي وَقت من الْأَوْقَات حمرَة خَالِصَة أَعنِي الورم الْكَائِن عِنْد امتلاء الْعُضْو من مَادَّة من جنس المرار وَقد يُمكن أَن تعلم أَن الكزبرة بعيدَة من التبريد من أفعالها الَّتِي ذكرهَا د وَذَلِكَ أَنه زعم أَنَّهَا تحل الْخَنَازِير مَتى اسْتعْملت مَعَ دَقِيق الباقلي ولاأحسب أَن د يشك فِي
(6/325)
أَن الْأَدْوِيَة الْبَارِدَة لَا يَفِي لتحليل الْخَنَازِير إِذْ كَانَ قد وصف فِي كِتَابه من الْأَدْوِيَة الَّتِي تشفي الْخَنَازِير أدوية كَثِيرَة كلهَا مُوَافقَة ومزاجها حَار وفعلها التَّحْلِيل.
ارخيجانس: الكزبرة بَارِدَة رطبَة ألف ز شَدِيدَة الْبُرُودَة.
روفس: الكزبرة تبرد وتجفف.
اريباسيوس: الْغَالِب على الكزبرة الْجَوْهَر المر الَّذِي هُوَ أرضي لطيف الْأَجْزَاء وَفِيه أَيْضا من المائية شَيْء لَيْسَ باليسير وَقبض يسير وَمن أجل هَذِه الْأَشْيَاء صَار فعله متفنناً.
بولس: إِنَّهَا مركبة من كيفيته مرّة لَطِيفَة الْأَجْزَاء ورطوبة مائية فاترة وفيهَا شَيْء من قبض وَلذَلِك تصلح للأورام الحارة والحمرة إِذا لم تكن حارة جدا وتفش الأورام اللينة إِذا جعل مَعهَا شَيْء آخر مِمَّا يصلح لَهَا.
وَمَتى شرب من بزرها شَيْء قَلِيل مَعَ شراب حُلْو أخرجت الدُّود. وَمَتى أَخذ مِنْهَا شَيْء ابْن ماسويه: الكزبرة الرّطبَة بَارِدَة يابسة بردهَا أَكثر من يبسها وفيهَا رُطُوبَة يسيرَة مكتسبة من المَاء نافعة من هيجان الْمرة الصَّفْرَاء إِذا أكلت وَإِذا طليت على الأورام الحارة وَلمن يجد فِي معدته التهاباً فَأكلهَا رطبَة بخل ثَقِيف.
وخاصتها تَوْقِيف الطَّعَام فِي الْمعدة وَلَا يجب الْإِكْثَار مِنْهَا لِأَنَّهَا تورث خبث النَّفس.
وَمَتى طليت مَعَ لباب الْخبز أَو دَقِيق الشّعير على الأورام الصفراوية عِنْد احمرارها وَفِي آخر أمرهَا نَفَعت من ذَلِك.)
وخاصتها النَّفْع من البثر الْكَائِن من الْخَلْط الْحَار الْعَارِض للفم وَاللِّسَان إِذا تمضمض بِمَائِهَا أَو دلكت بهَا.
والكزبرة الْيَابِسَة بَارِدَة فِي وسط الثَّانِيَة يابسة فِي وسط الثَّالِثَة دابغة للمعدة نَفسهَا مسكنة للالتهاب الْعَارِض من الصَّفْرَاء. وَمَتى قليت عقلت الطبيعة.
وَقطعت الدَّم مَتى شربت أَو ذرت على مَوضِع الدَّم. وَهَذِه خاصتها.
وَحكى حَكِيم بن حنين أَن جالينوس زعم أَن د قَالَ: الكزبرة مَتى خلطت بدقيق الحمص حللت الْخَنَازِير.
قَالَ: وَقد قَالَ ج: إِن عصارة الكزبرة إِذا قطرت فِي الْعين مَعَ لبن امْرَأَة سكنت الضربان الشَّديد.
أَبُو جريج: الكزبرة بَارِدَة فِي آخر الثَّالِثَة مخدرة تورث الْغمر والغشي. وَهِي سم يجمد.
وَقَالَ فِي بعض الْكتب: إِن الكزبرة تمنع البخار من الصعُود إِلَى الرَّأْس فَلذَلِك تسكن الصداع وَالسكر وتمنع نفث الدَّم وتعقل الْبَطن وَتَنْفَع إِذا شربت مَعَ سكر من وجع الظّهْر وَالرَّأْس الحاد.
(6/326)
كناش الْإِسْكَنْدَر: الكزبرة تمنع البخار من الصعُود إِلَى الرَّأْس فَلذَلِك يخلط فِي طَعَام صَاحب الصرع الَّذِي من بخار يصعد من الْمعدة.
ابْن ماسويه: الكزبرة نافعة للمعدة الملتهبة وللمحرورين قَاطِعَة للدم إِذا شرب مِنْهَا مثقالان مَعَ ثَلَاث أَوَاقٍ من مَاء لِسَان الْحمل غير مغلي.
وخاصتها: إِنَّهَا مَتى مضغت ألف ز نَفَعت من السلان الْكَائِن فِي الْفَم. والإكثار مِنْهَا يفْسد الْفِكر.
الخوز: إِذا أنقعت الْيَابِسَة وَشرب مَاؤُهَا بسكر قطعت الانعاظ الشَّديد وجففت الْمَنِيّ. لي وَكَذَلِكَ مَتى استفت مَعَ السكر.
حنين فِي كتاب الأبدال الْمَنْسُوب إِلَى ج: إِن حب ج لمعاندة د حمله على أَن قَالَ: إِن الكزبرة مائلة إِلَى الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَنه بَين: إِن الْقُوَّة الْبَارِدَة فِي الكزبرة أَكثر من أَنه إِن أَكثر من شرب عصيرها الخوز: إِنَّهَا تَنْفَع الْحَرَارَة والخشونة فِي الْفَم واللهاة ونقيع مَائِهَا مَعَ السكر يقطع الانعاظ. وَهِي نافعة لوجع المثانة وصلابتها.
قَالَ حُبَيْش فِي كتاب الأغذية قَالَ ابقراط: الكزبرة الرّطبَة حارة تعقل الْبَطن وتسكن الجشاء)
الحامض مَتى أكلت فِي آخر الطَّعَام وتجلب النّوم.
السمُوم: مَتى شرب من عصير الكزبرة أَربع أَوَاقٍ قتل. لي الكزبرة الرّطبَة تمنع الرعاف إِذا قطر مِنْهَا وتنشق مَاؤُهَا. كبريت د: أقواه مَا لم يقرب النَّار والأصفر يسخن ويحلل وينضج السعال وَيخرج الْقَيْح الَّذِي فِي الصَّدْر سَرِيعا.
مَتى تحسى فِي بيضه أَو تدخن بِهِ نفع من الربو. وَمَتى تدخنت بِهِ الْحَامِل طرحت الْجَنِين.
وَإِذا خلط بصمغ البطم قلع الجرب المتقرح والقوابي والْآثَار الْبيض الْعَارِضَة فِي الْأَظْفَار وَإِذا لطخ بِهِ مَعَ الْخلّ قلع الجرب المتقرح والبهق. وَإِذا لطخ مَعَ الراتينج أَبْرَأ لسعة الْعَقْرَب. وَإِذا خلط مَعَ الْخلّ نفع من مضرَّة سم التنين البحري ولسعة الْعَقْرَب.
وَإِذا خلط بالنطرون وَغسل بِهِ الْبدن سكن الحكة الْعَارِضَة فِيهِ. وَمَتى أَخذ مِنْهُ فلنجاران وَشرب بِمَاء أَو بَيْضَة نفع اليرقان وأنضج الزُّكَام والنزلة.
وَإِذا ذَر على الْبدن قطع الْعرق. وَإِذا لطخ على النقرس مَعَ النطرون وَالْمَاء نفع. وينفعه أَيْضا مَتى تدخن بِهِ. وَيقطع النزف. وَمَتى خلط بِالْخمرِ وَالْعَسَل ولطخ على شدخ الْأذن أَبرَأَهُ.
وَقَالَ ج: كل كبريت فقوته جاذبة لِأَن مزاجه حَار وجوهره لطيف وَلذَلِك يُقَاوم جلّ السمُوم من الْهَوَام ويضادها.
وَقد استعملته مرَارًا كَثِيرَة فِي مداواة لسعة طروغن البحري ونهشة التنين. وَسمعت
(6/327)
الصيادين يمدحونه. واستعماله أَن يسحق وينثر على الْمَوَاضِع أَو يعجن بالريق وَيُوضَع عَلَيْهِ. وَقد جربت هَذَا فَوَجَدته نَافِعًا.
وَأرى أَن يعجن بالبول وَقد نجح إِذا اسْتعْمل مَعَ الزَّيْت الْعَتِيق أَو مَعَ الْعَسَل أَو علك البطم.
وَقد شفيت بِهِ أَيْضا الجرب وتقشر الْجلد والقوباء مَعَ علك البطم مرَارًا كَثِيرَة لِأَنَّهُ يجلو ويقلع هَذِه الْعِلَل كلهَا من غير أَن يدْفع مِنْهَا شَيْئا إِلَى عمق الْبدن وَكثير من الْأَدْوِيَة الَّتِي تشفي هَذِه فقوته مركبة مِمَّا يحلل وَيمْنَع مَعًا.
اريباسيوس: هُوَ حَار لطيف جذاب يقتل الْهَوَام وَيمْنَع من سمومها وَيذْهب الجرب والقوباء)
إِذا اسْتعْمل ألف ز مَعَ علك البطم لِأَنَّهُ يجلو جَمِيع هَذِه من غير أَن يَدْفَعهَا إِلَى دَاخل. كندس ج يَقُول فِي الثَّامِنَة: أَكثر مَا يسْتَعْمل مِنْهُ أَصله وطعمه حريف وَهُوَ حَار يَابِس فِي الرَّابِعَة وشأنه أَن يجلو ويهيج العطاس بِمَنْزِلَة الْأَشْيَاء الحارة.
بديغورس: خاصته قطع البلغم والمرة السَّوْدَاء الغليظة وَتَحْلِيل الرِّيَاح من الخياشيم. كنكر ذكر مَعَ الحرشف. كمأة ج فِي الثَّامِنَة: قوام جرم الكمأة جَوْهَر أرضي كثير الْمِقْدَار يخالطه شَيْء يسير من الْجَوْهَر اللَّطِيف.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية لَهُ يعمه مَعَ جَمِيع الْأَطْعِمَة التفهة: إِن الْخَلْط الْمُتَوَلد مِنْهَا لَا طعم لَهُ إِلَّا أَنه أميل إِلَى الْبُرُودَة والغذاء الْمُتَوَلد من الكمأة أغْلظ من الْمُتَوَلد من القرع.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن الكمأة غَلِيظَة الكيموس قَليلَة الْغذَاء إِلَّا أَنه لَيْسَ بردىء الكيموس.
ابْن ماسه: هِيَ رَدِيئَة للمعدة بطيئة الهضم يُورث إدمانها القولنج والسكتة والرياح وخاصتها ايزاد هَذِه الأدواء مَعَ وجع الْمعدة.
واليابسة أضرّ فَإِن أحب أكلهَا فليتدفن فِي الطين الرطب إِلَى أَن ترطب وَيشْرب عَلَيْهَا النَّبِيذ الصّرْف وَيُؤْخَذ بأثرها الزنجبيل المربى وتستعمل بالتوابل الحارة بعد سلقها بِمَاء وملح وصعتر.
وجدت فِي مقَالَة تنْسب إِلَى ج فِي السمُوم: إِن الكمأة بَارِدَة فِي الرَّابِعَة زعم وَهَذَا عِنْدِي غلط.
وَقَالَ فِي هَذِه الْمقَالة: إِنَّهَا تورث عسر الْبَوْل والقولنج وَكَذَلِكَ الْفطر.)
ابْن ماسويه: وَالْفطر يُولد خلطاً غليظاً أَكثر مِمَّا يُولد الكمأة وَإِذا قَرَأت مَا قيل فِي الْفطر بَان لَك أَنَّهَا أردأ من الكمأة جدا.
(6/328)
ماسرجويه قَالَ: إِنَّهَا بَارِدَة غَلِيظَة وفيهَا نوع من حمرَة وَهِي قاتلة.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: هِيَ بَارِدَة رطبَة فِي الثَّانِيَة وتورث ثقلاً فِي الْمعدة فَإِن أكلت بالتوابل وَالزَّيْت والمري خفت وليفعل بهَا ذَلِك بعد السلق فَإِنَّهُ أَجود وَلَيْسَت برديئة الْخَلْط.
الخوزي: الْإِكْثَار مِنْهَا يُولد عسر الْبَوْل والقولنج.
القلهمان: الكمأة أقل غلظاً من الْفطر وأجودها مَا كَانَ فِي مَوَاضِع رمل قَلِيل المَاء.
مسيح: يُولد سَوْدَاء أكلا وماؤها يجلو الْبَصَر كحلاً. كلى ج فِي كتاب الْغذَاء: الْخَلْط الْمُتَوَلد مِنْهَا رَدِيء ظَاهر الرداءة وهضمها عسر شاق.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الكلى رَدِيئَة الهضم والغذاء وفعلها قَلِيل فِي إِطْلَاق الْبَطن.
حنين: لَا تجود فِي الهضم لبشاعتها وَغلظ جوهرها وبطء انحدارها.
ابْن ماسويه: الكلى بَارِدَة يابسة غير محمودة وفيهَا زهومة يسيرَة من أجل مائية الْبَوْل. وكلى الجداء أَحْمد الكلى وخاصة إِن أكلت حارة. ج فِي الكيموسين: الكلى رَدِيئَة الْخَلْط غَلِيظَة. ج فِي الكيموسين: هَذِه تولد كيموساً لزجاً ألف ز وَلكنه لَيْسَ بغليظ وَهِي صَالِحَة فِي الانهضام عديمة الفضول حَسَنَة الكيموس سريعة الانهضام.
ابْن ماسويه: أَطْرَاف الْحَيَوَان لزجة عصبية تغذو غذَاء يَسِيرا وتسهل الطبيعة بلزوجتها بطيئة الهضم نافعة من السعال الْمُتَوَلد من الْحَرَارَة وخاصة مَتى طبخت مَعَ الشّعير المقشر. ج فِي الكيموسين: إِنَّهَا تولد غذَاء لزجاً لَيْسَ بغليظ وَالدَّلِيل على ذَلِك حَالهَا فِي النضج لِأَن مَا كَانَ يَرْبُو كثيرا فيتهرأ فِي الطَّبْخ فَإِنَّهُ جيد الهضم.
بولس: هِيَ عصبية قَليلَة السّمن وَاللَّحم لزجة قَليلَة الْغذَاء مُطلقَة للبطن.)
كامخ يذكر هَهُنَا مَا يعم الكوامخ فَأَما ذكر كل وَاحِد فقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب ذكر الكوامخ. كروكر دهن قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من الفالج وأوجاع العصب.
الطَّبَرِيّ: ينفع من السدد والحميات الْبَارِدَة. كبد أما كبد الْكَلْب الْكَلْب فَالْقَوْل فِيهَا مستفيض: إِنَّهَا مَتى شويت وَأكل مِنْهَا صَاحبهَا عضة الْكَلْب الْكَلْب نَفَعت من الْفَزع من المَاء وَقد يشد قوم نَاب الْكَلْب الْكَلْب على عضد الْإِنْسَان ليحفظه من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
(6/329)
وَأما كبد المعزى فَإِنَّهَا مَتى شويت فَإِن الرُّطُوبَة السائلة مِنْهَا نافعة للعشا. وَمَتى فتحت الْعين على بخاره إِذا شوي أَو طبخ نفع. وَإِن أكلت مشوية صرعت من بِهِ صرع وَلَا سِيمَا كبد التيس. ج أما كبد الْكَلْب الْكَلْب فقد ذكر قوم أَنَّهَا مَتى شويت وأكلت نَفَعت من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَقد رَأَيْت قوما أكلُوا مِنْهَا فعاشوا لكِنهمْ تداووا مَعَ ذَلِك بِغَيْرِهِ وَبَلغنِي أَن قوما اقتصروا عَلَيْهِ فماتوا.
وَأما كبد المعزى فَإِنَّهَا تشوى ويكحل بصديدها من العشا وَيفتح الْعين قبالة بخاره وتؤكل مشوية كَذَلِك فَإِنَّهَا تكشف أَمر من بِهِ صرع إِذا أكلهَا.
وَأما كبد الذِّئْب فقد ألقيت أَنا مِنْهَا فِي الدَّوَاء الْمُتَّخذ بالغافت لوجع الكبد فَلم يزدْ على الَّذِي لَا كبد فِيهِ.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: أكباد الْمَوَاشِي والحيوانات المألوفة الْأكل تولد خلطاً غليظاً عسر الانهضام بطيء الانحدار عَن الْمعدة والنفوذ فِي المعي.
وَأفضل الكبود فِي جَمِيع الْأَحْوَال الكبود الَّتِي تسمى التبنية من أجل أَن حيوانها يعتلف التِّبْن)
الْيَابِس حَتَّى يسير كبده فِي هَذِه الْحَال سَمِينَة.
قَالَ: وكبد البط المسمن الَّذِي يَجْعَل غذاءه بِالتِّينِ لذيذ جدا كثير الْغذَاء يُولد دَمًا مَحْمُودًا وخلطاً فِي غَايَة الْجَوْدَة ألف ز وحاله فِي الانهضام فِي الْمعدة وَخُرُوجه من الْبَطن على أصلح مَا يكون.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الكبد أَبْطَأَ انهضاماً وَأكْثر غذَاء من الطحال.
ابْن ماسويه: الأكباد من جَمِيع الْحَيَوَان حارة رطبَة بطيئة الهضم يُولد خلطاً غليظاً كَالَّذي يتَوَلَّد من الطحال والخصى.
وأكباد الدَّجَاج محمودة وَلَا سِيمَا المسمنة وخاصة مَا جعل فِي علفه التِّين. ج فِي كتاب الكيموس: إِن الكبد بَارِدَة غَلِيظَة الْخَلْط لَكِنَّهَا لَيست برديئة الْخَلْط.
كباد مَعْرُوف. خاصته إِخْرَاج الدُّود وَحب القرع.
وأحسب أَن هَذَا كتيت.
كبر قَالَ د: إِنَّه رَدِيء للمعدة ويلين الْبَطن ويعطش.
وَمَتى شرب ثمره كل يَوْم مرّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا زنة درخمي بشراب حلل ورم الطحال وأدر الْبَوْل ونفع من عرق النسا والداء الَّذِي يفْسد مِنْهُ الْحس وَالْحَرَكَة من عُضْو وَاحِد ووهن العضل ويدر الطمث ويقلع البلغم مَتى مضغ.
وثمره مَتى طبخ بخل وتمضمض بِهِ سكن وجع الْأَسْنَان.
(6/330)
وقشر أَصله مَتى جفف وَافق مَا ذكرنَا وينقي القروح الوسخة المزمنة الجاسية. وَقد يخلط بدقيق شعير ويضمد بِهِ ورم الطحال.
وَمَتى عض بِالسِّنِّ الألمة على أصل الْكبر نفع. وَإِذا أنعم سحقه بخل ولطخ على البهق الْأَبْيَض جلاه.
وَإِذا أَخذ مَاؤُهُ وقطر فِي الْأذن قتل الدُّود الْمُتَوَلد فِيهَا.
وَيكون مِنْهُ نوع ينْفخ نفخاً مفرطاً.
وَنَوع يُحَرك الْقَيْء.
وَالَّذِي ينْبت بِنَاحِيَة بَحر القلزم ولينوى حريف جدا ينفط الْفَم وَيَأْكُل اللثة حَتَّى يفْسد الْأَسْنَان فَلذَلِك لَا يصلح للطعام.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: إِن قُوَّة أصل الْكبر الْغَالِب عَلَيْهَا المرارة وَبعده الحرافة وَبعد هذَيْن الْقَبْض فَلذَلِك يدل على أَنه مركب من قوى مُخْتَلفَة متضادة وَذَلِكَ أَنه يقدر أَن يجلو وينقي وَيفتح وَيقطع لمَكَان مرارته وَأَن يسخن ويحلل لمَكَان حرافته وَأَن يجمع ويشد لمَكَان قَبضه وَلذَلِك صَار قشر هَذَا الأَصْل أَنْفَع من كل دَوَاء آخر يعالج بِهِ الطحال الصلب إِذا ضمد بِهِ مَعَ أدوية أخر نافعة للطحال أَو شرب بالخل أَو السكنجبين أَو بِمَاء أشبهه أَو يجفف ويسحق ويخلط بِهَذِهِ وَذَلِكَ أَنه يقطع الأخلاط الغليظة اللزجة إِذا شرب على هَذِه الصّفة تقطيعاً بَينا ويخرجها بالبول وَالْغَائِط ومراراً كَثِيرَة قد يخرج بالغائط شَيْئا دموياً فيسكن وجع الطحال ويخف أمره على الْمَكَان وَكَذَلِكَ يفعل فِي وجع الورك.
وَهُوَ مَعَ هَذَا يدر الطمث ويحدر البلغم إِذا تغرغر بِهِ وَإِذا مضغ وينفع من الهتك الَّذِي يَقع فِي وَإِذا مضغ قشر هَذَا الأَصْل وَوضع على الْجِرَاحَات الخبيثة ضماداً عظم نَفعه لِأَنَّهُ يجففها)
ويجلوها جلاء وتجفيفاً قَوِيا وَكَذَلِكَ ينفع من وجع ألف ز الْأَسْنَان مرّة إِذا طبخ بشراب وَمرَّة إِذا طبخ بخل ومراراً كَثِيرَة بِأَن يمضغ أَو يعَض عَلَيْهِ وَحده. وَلكُل وَاحِد من هَذِه وَقت.
وَقد تعلم مِمَّا قدمنَا من القوانين أَن لهَذَا القشر قُوَّة قطاعة وَقُوَّة تجلو وَقُوَّة تحلل وَقُوَّة تشد وتغري وتقبض إِذْ كَانَ يجلو البهق إِذا طلي عَلَيْهِ بالخل ويحلل الْخَنَازِير والأورام الصلبة إِذا خلط مَعَ الْأَدْوِيَة النافعة لذَلِك.
وَأما ثمره الْكبر الَّذِي يكون فِي الْبِلَاد القوية الْحَرَارَة كَالَّذي يكون فِي أَرض تهَامَة فَإِنَّهُ أحد وَأَشد حراقة من الْكَائِن فِي الْبِلَاد الَّتِي هِيَ أبرد بِمِقْدَار كثير فَفِيهِ لهَذَا السَّبَب قُوَّة محرقة لَيست بيسيرة.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية فِي ثَمَرَة الْكبر: قوتها لَطِيفَة جدا وَلذَلِك غذاؤه يسير كَسَائِر الْأَشْيَاء اللطيفة وَهِي قبل أَن تملح أَكثر غذَاء. وَإِذا ملحت إِن هِيَ أكلت أطلقت الْبَطن
(6/331)
وغذت غذَاء قَلِيلا جدا وَكَانَت مُوَافقَة لتحريك الشَّهْوَة المقصرة ولجلاء مَا فِي الْمعدة والبطن من البلغم وإخراجه بالبراز ولتفتيح مَا فِي الكبد وَالطحَال من السدد وتنقيتها. وَإِذا اسْتعْملت لهَذَا الْوَجْه وَحَال القضبان كَذَلِك إِلَّا أَنَّهَا أغْلظ.
أريباسيوس: قُوَّة أصل الْكبر مركبة وَذَلِكَ أَنه يجلو وَيفتح وينقي وَيقطع ويحلل بحدته وَيجمع بِقَبْضِهِ وَلذَلِك ينفع الطحال الصلب أَكثر من كل شَيْء من دَاخل أَو خَارج إِذا ضمد بِهِ وَإِن طبخ مَعَ خل وسكنجبين وَشرب وَذَلِكَ أَنَّهَا تقطع الأخلاط الغليظة اللزجة تقطيعاً بَينا إِذا أخذت على هَذِه الْجِهَة.
وَلَيْسَ إِنَّمَا تفعل ذَلِك بالبول فَقَط بالإسهال أَيْضا. وَقد تسهل من الْبَطن أَيْضا مرَارًا كَثِيرَة شَيْئا دموياً فتنفع من الطحال والوركين بِهَذَا الاستفراغ وتحدر الطمث ويجلب البلغم من الْفَم فتنفع من الفتق والحرق الْكَائِن فِي العضل.
وَهُوَ دَوَاء جيد للقروح الخبيثة إِذا ضمد بهَا وينفع أَيْضا من وجع الْأَسْنَان إِذا طبخ بالخل وَمرَّة بِالشرابِ ومراراً كَثِيرَة إِذا مضغت على حدتها.
ويقلع الوجع إِذا طلي عَلَيْهِ بالخل ويحلل الْخَنَازِير والأورام الصلبة إِذا خلط بالأدوية الَّتِي تصلح لذَلِك.)
وعصارته تقتل الدُّود فِي الْأذن من أجل مرارتها.
وَقُوَّة حب الكزبرة هَذِه الْقُوَّة.
بولس: أصل الْكبر ينقي وَيقطع ويسخن ويحلل ويفش لما فِيهِ من المرارة. وَهُوَ أَيْضا يجمع ويشد لما فِيهِ من الْقَبْض. وَلذَلِك ينفع الطحال الجاسي من دَاخل وخارج. ويدر الطمث ويقلع البلغم وينفع من القروح الرَّديئَة الْمَذْهَب. وَيذْهب بوجع الْأَسْنَان وَيحل الأورام وَيذْهب الوهن وَيذْهب بالبهق وَيقتل الدُّود فِي الْأذن.
وَقُوَّة الْوَرق وَالثَّمَر كَذَلِك إِلَّا أَنَّهَا أَضْعَف.
ابْن ماسويه: هُوَ مقو لشَهْوَة الطَّعَام ألف ز والمربى بالخل دابغ للمعدة. فَأَما غير المربى بالخل فضار للمعدة مجفف لَهَا معطش جلاء لما فِيهَا من البلغم فتاح للسدد فِي الكبد وَالطحَال مدر للطمث نَافِع من وجع الورك.
وخاصته نفع الطحال والإضرار بالمعدة مضرَّة يسيرَة.
الْفَارِسِي: يزِيد فِي الباه جيد للبواسير ويطيب الْفَم وَهُوَ ترياق ويطرد الرّيح.
ابْن ماسه: الْكبر حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة جيد لوجع الورك وَإِذا أنقع بخل ذهب إضراره بالمعدة.
(6/332)
الخوز: الْكبر يشفي النواصير الَّتِي تكون فِي المأق وَإنَّهُ ينفع الْمعدة ويسكن الْحمى وَالدَّم. وَهُوَ حَار يَابِس. لي أدام صديق لي أكل كامخ الْكبر الطري فسحجه وَأرى أَنه إِن حقن بعصيره من بِهِ عرق النسا كَانَ بليغاً جدا.
كلب قَالَ د: دَمه إِذا شرب وَافق عضة الْكَلْب الْكَلْب وسم السم الَّذِي يطلى على النشاب.
زبله قَالَ: وزبل الْكَلْب مَتى شرب بشراب قَابض عقل الْبَطن.
وَقَالَ ج: قد اسْتعْملت زبل الْكَلْب الْأَبْيَض مِنْهُ الْيَابِس فِي مداواة الخناق والذرب وقروح المعي فَوَجَدته عجيباً. وَقد ذكرنَا كَلَامه بِلَفْظِهِ فِي الزبل فاقرأه. وَكَذَلِكَ فِي القروح الخبيثة.
كبده قَالَ د فِي كبد الْكَلْب القَوْل فِيهِ مستفيض: إِنَّه مَتى شوي وَأكل نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَمن الْفَزع من المَاء. وَج قد ذكر هَذَا وَقَالَ: قد رَأَيْت قوما عضهم كلب كلب أكلُوا من هَذِه الكبد فعاشوا وَبَلغنِي أَن قوما اقتصروا عَلَيْهَا فماتوا.
لبنه قَالُوا: وَمَا قيل إِن لبن الكلبة يمْنَع أَن يعود الشّعْر الَّذِي ينتف من الجفن وَمن الْعَانَة كذب.
وَكَذَلِكَ مَا قيل: إِنَّه يخرج الأجنة الْمَوْتَى إِذا شرب بَوْله. كشت بركشت بديغورس خاصته قطع شَهْوَة الْجِمَاع.
ماسرجويه: قُوَّة هَذَا كقوة البرشكان وَإنَّهُ حَار يَابِس لطيف.
كور كندم بولس: إِنَّه يَابِس وَله قُوَّة تبرد قَلِيلا وتجفف وتبريء من القوبا وتطفيء الْحَرَارَة وتقطع الدَّم على مَا ذكر د. وَكَانَ فِي الْكتاب هَذَا الِاسْم عندعندوم.
وَقَالَ فِي كتاب الطلسمات: إِن هَذِه التربة البربرية تسمى بالرقة: كوركندم. وَإِذا طرح مِنْهُ ربع كيلجة فِي عشرَة أَرْطَال من الْعَسَل وَثَلَاثِينَ رطلا من المَاء الْحَار وَضرب نعما وغطى رَأس الْإِنَاء أدْرك شرابًا من سَاعَته. والرقي ضَعِيف والبربري قوي.
الخوز: يسمن وَيزِيد فِي الْمَنِيّ. كشوث ابْن ماسويه: إِن فِيهِ مرَارَة وعفوصة والأغلب فِيهِ الْحَرَارَة فِي وسط الأولى يَابِس فِي آخر الثَّالِثَة دابغ للمعدة لمرارته وعفوصته مقو للكبد مَذْهَب لليرقان مفتح للسدد الْعَارِضَة فِيهِ وللطحال ألف ز مخرج للفضول العفنة من الْعُرُوق والأوردة نَافِع من الحميات المزمنة ملين للطبيعة وَلَا سِيمَا مَاؤُهُ فَإِنَّهُ صَالح من الحميات الْعَارِضَة للصبيان مَتى شرب مَعَ سكنجبين. وَإِن أَكثر مِنْهُ ثقل فِي الْمعدة لعفوصته.
(6/333)
وخاصته إِخْرَاج الفضول اللطيفة من الْعُرُوق والأوردة بَالغ النَّفْع من الحميات المزمنة.
ماسرجويه: إِنَّه بَارِد لطيف وَفِيه قبض نَافِع من اليرقان وسدد الكبد وَالطحَال.
كزمازك قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه بَارِد فِي الثَّانِيَة يَابِس فِي الثَّالِثَة ينقص اللَّحْم الزَّائِد وينفع من تَأْكُل الْأَسْنَان. كهربا الخوز هُوَ يعلق على صَاحب الأورام الحادة فينفع وَهُوَ بَارِد نَافِع للخفقان وَنَفث الدَّم والرعاف.
كار هُوَ خشب يجلب من الْهِنْد كثير ببلخ وَأَحْسبهُ مغاث هندي نَافِع للرض وَالْكَسْر جدا جدا. كرش ج فِي كتاب الْغذَاء: الكروش والمصارين والأرحام من الْمَوَاشِي أَصْلَب من اللَّحْم وَلذَلِك مَتى انهضم أَجود مَا يكون من الانهضام لم يتَوَلَّد مِنْهَا دم خَالص لَا عيب فِيهِ بل خلط أَشد بردا وَهُوَ غير مصلح يحْتَاج إِلَى مُدَّة طَوِيلَة لتتغير وتستحيل فِي الْمعدة وتنضج حَتَّى يصير دَمًا.
وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن الأمعاء والأرحام والبطون أَصْلَب من اللَّحْم وغذاؤها أقل مِنْهَا وكيموسها دون كيموسه فِي الْجَوْدَة.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِن الكروش والأمعاء بطيئة الهضم وغذاؤها أَكثر. أَحسب أَنه يُرِيد أَن غذاءها أَكثر من غذَاء الرئة لِأَن كَلَامه فِيهَا بعقب كَلَامه فِي الرئة.
ابْن ماسويه: بطُون الْحَيَوَان الرضع أَحْمد لرطوبتها وَسُرْعَة ... والكرش بطيئة الهضم يسير الْغذَاء. ج: بطُون الطير مُخْتَلفَة وَهِي صلبة فَهِيَ لذَلِك عسرة الهضم فَإِن انهضمت فَهِيَ كَثِيرَة بولس: الْبُطُون والمصارين بطيئة الهضم مولدة للبلغم.
ماسرجويه: بطُون الطير حارة حَدِيدَة فَلذَلِك لَا نطعمها المرضى.
كادي قيل فِي كتاب الْأَسْمَاء الْهِنْدِيَّة: إِنَّه يستأصل الجذام ويقطعه. كزبرة البير د: طبيخ هَذَا النَّبَات مَتى شرب أَبْرَأ من الربو واليرقان ووجع الطحال وعسر الْبَوْل وَقد يفت الْحَصَى وَيعْقل الْبَطن. وَيشْرب بشراب لنهش الْحَيَّات وينفع من سيلان الفضول إِلَى الْمعدة وَقد يدر الطمث وينقي النُّفَسَاء وَيقطع سيلان الدَّم.
(6/334)
ويضمد بِهَذَا النَّبَات القروح الخبيثة المفرطة الرداءة وينبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب ويبدد الْخَنَازِير.
ويخلط بِمَاء الرماد فينقي نخالة الرَّأْس ويقلع القروح الرّطبَة.
ويخلط بدهن اللاذن والآس فَيمسك الشّعْر المتساقط. وَإِذا خلط بِالشرابِ وَمَاء الرماد فعل لي هَذَا الدَّوَاء لَا يتَبَيَّن لَهُ كَيْفيَّة غالبة بل هُوَ فِي الكيفيات على السوَاء وَلَا سِيمَا فِي الْحر وَالْبرد. وقوته الثَّانِيَة تلطف وتحلل وقوته الثَّالِثَة قُوَّة تنْبت الشّعْر فِي دَاء الثَّعْلَب وتبدد الْخَنَازِير ويخلط بِمَاء الرماد فينقي نخالة الرَّأْس ويقلع القروح الرّطبَة وَيشْرب فيفت الْحَصَى ويعين على نفث الأخلاط اللزجة من الصَّدْر والرئة وَيحبس الفضول المنبثة.
ابْن ماسويه: خاصتها إسهال الصَّفْرَاء الْعَارِضَة فِي الْمعدة والأمعاء. الشربة من سَبْعَة دَرَاهِم إِلَى عشرَة دَرَاهِم.
ابْن ماسه: يفت الْحَصَى وَيخرج الأخلاط الغليظة من الصَّدْر ويرقق الأخلاط الغليظة من الصَّدْر وَغَيره وَيحل الْخَنَازِير وَيُقَوِّي الشّعْر مَتى غسل الرَّأْس بطبيخها. وَإِذا طبخت فِي مَاء رماد البلوط قوت الشّعْر ونفت النخالة. وَهِي بليغة النَّفْع فِي ذَلِك.
كسيلا قيل فِي جَامع الخوز: إِنَّه حَار رطب جيد لاسترخاء الْمعدة ويسمن. كرمدانة لي هَذِه حَبَّة شريفة جليلة الْقدر قد ذكرهَا أبقراط وَغَيره من القدماء. وَهِي تسهل المَاء والمرة وتنقي أَيْضا وتعمل أعمالاً جليلة. كافور مسيح: هُوَ بَارِد يَابِس فِي الثَّالِثَة يقطع الرعاف مَعَ عصير الْبُسْر الْأَحْمَر.
قَالَ ماسرجويه: أَخذ رجل من معارفي سِتَّة مَثَاقِيل من الكافور فِي ثَلَاث مَرَّات ففسدت معدته حَتَّى لم تهضم الْبَتَّةَ وَانْقطع عَنهُ الباه بالواحدة. وَلم يحدث بِهِ مرض غير هَذَا.
ابْن ماسويه: الكافور بَارِد فِي الثَّالِثَة نَافِع للمحرورين مَعَ مَاء الْورْد يُقَوي أعضاءهم وحواسهم مَتى ألقِي مِنْهُ كمية يسيرَة مَعَ أدوية تعقل الطبيعة الَّتِي تمشي صفراء.
وَقَالَ فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِن الكافور يعقل الْبَطن ويسرع الشيب.
كتيت قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة جَمِيع أصنافه بَين الْحِنْطَة وَالشعِير. بقلة مَعْرُوفَة.
ماسرجويه: قوته من قُوَّة البقلة اليمانية.
ابْن ماسويه: إِنَّه من جنس الْفطر وَهِي قريبَة من الغوشنة فِي الطَّبْع وَهِي بَارِدَة إِلَّا أَن بردهَا لَيْسَ بِقَوي. كشك قَالَ ابْن ماسويه: الفامي مِنْهُ رَدِيء الكيموس. وَأما الْمُتَّخذ من
(6/335)
الْحِنْطَة المنقاة والكرفس والنعنع والسذاب والأرز وَمَاء الحصرم وكزبرة رطبَة وأطراف الأترج وحماماً وفلنجمشك فجيد. كمافيطوس قَالَ د: إِذا شرب ورق هَذَا النَّبَات سَبْعَة أَيَّام مُتَوَالِيَة أَبْرَأ اليرقان وَإِذا شرب مَعَ الشَّرَاب الَّذِي يُقَال لَهُ ادرومالي أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَة أَبْرَأ عرق النسا. وَقد يسقى مِنْهُ لعِلَّة الكبد وعسر ألف ز الْبَوْل ووجع الكلى والمغس.
وَقد يسْتَعْمل هَذَا النَّبَات لضَرَر السم الْمُسَمّى اقرنيطن وَقد يضمد بِهِ مَعَ سويق الشّعير لهَذِهِ وَمَتى خلط بِعَسَل وَاحْتمل نقى الفضول من الرَّحِم. وَإِذا وضع على الثدي الجاسية حلل جساها. وَإِذا تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل ألزق الْجِرَاحَات وَمنع النملة من السَّعْي فِي الْبدن.
جالينوس فِي الثَّامِنَة: المرارة أقوى فِيهِ من الحرافة وَفعله أَن ينقي وَيفتح ويجلو الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة أَكثر مِمَّا يسخنها وَلذَلِك صَار أَنْفَع الْأَدْوِيَة لمن بِهِ يرقان وَبِالْجُمْلَةِ لمن فِي كبده سدد بسهولة وَهُوَ مَعَ هَذَا يحدر الطمث مَتى شرب مَعَ عسل وَمَتى احْتمل من أَسْفَل. وينفع من إدرار الْبَوْل.
وَبَعض النَّاس يُعْطي مِنْهُ لوجع الورك بعد طبخه بِمَاء الْعَسَل.
وَمَا دَامَ طرياً فَهُوَ يلزق الْجِرَاحَات ويلحمها ويشفي بذلك الْجِرَاحَات المتعفنة ويحلل الصلابة)
من الثديين وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي التجفيف فِي الثَّالِثَة وَمن الإسخان فِي الثَّانِيَة.
بديغورس: خاصته تفتيح السدد وإنزال الْحيض وَالْبَوْل.
حنين فِي الترياق: الكمافيطوس مسهل. كروان هِيَ حشيشة القلاف مقرحة للأفواه وخاصتها نفع الْفُؤَاد ووجعه وَدفع الْهَوَام.
كرفس د: أما البستاني فَإِنَّهُ يُوَافق كلما توافقه الكزبرة. إِذا تضمد بِهِ مَعَ الْخبز والسويق سكن أورام الْعين الحارة والتهاب الْمعدة وأورام الثدي الحارة ويدر الْبَوْل نيئاً ومطبوخاً.
وطبيخه بأصوله إِذا شرب نفع من السمُوم وحرك الْقَيْء وَيعْقل الْبَطن.
وبزره أَشد إدراراً للبول وينفع من نهش الْهَوَام وَشرب المرداسنج وَيحل النفخ وَيدخل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة الَّتِي تسكن الأوجاع والأدوية المركبة لضَرَر سموم الْهَوَام وأدوية السعال.
وَأما الكرفس النَّابِت فِي المَاء فَهُوَ أعظم من الكرفس البستاني وقوته كقوته.
وَأما الكرفس الْجبلي فَإِن أَصله وثمرته أدرا الطمث وَالْبَوْل مَتى شربا بشراب.
(6/336)
وَأما المقدونس وَهُوَ الكرفس الرُّومِي فَإِنَّهُ مَعَ إدراره الْبَوْل والطمث جيد لإدرار الْمعدة والقولون والمغس وَمَتى شرب أَيْضا نفع من وجع الْجنب والكلى والمثانة.
وَأما الْمُسَمّى سمرنيون فَإِنَّهُ أعظم من الكرفس البستاني ولونه إِلَى الْبيَاض مَا هُوَ وَله سَاق جوفاء طَوِيلَة ناعمة كَأَن فِيهَا خُطُوطًا وَفَوق ورقه ميل يسير إِلَى الْحمرَة مسخن يُوَافق نهش الْهَوَام والسعال وعسر النَّفس وَالْبَوْل ويحلل الأورام البلغمية مَتى ضمدت بِهِ فِي ابتدائها والأورام الصلبة وخاصة الأورام الحارة وَيصْلح للجراحات فِي جَمِيع أحوالها إِلَى أَن تنختم.
وَمَتى حك أَصله وَجعل مِنْهُ فرزجة وَاحْتمل أخرج الْجَنِين. ويوافق عرق النسا إِذا شرب بِالشرابِ. ويوافق أَيْضا وجع الكلى وَالطحَال والمثانة ألف ز وَيخرج المشيمة ويدر الطمث ويسكن النفخ فِي الْمعدة ويدر الْعرق ويحرك الجشاء. وَيشْرب للحبن خَاصَّة ولأدوار الْحمى.
وَأما الكرفس الْبري فَإِنَّهُ مَتى تضمد بِهِ بورقه وأغصانه قرح وألم وَلذَلِك يبريء تشقق)
الْأَظْفَار وتقشرها وَكَذَلِكَ يفعل بالجرب والنمش والثآليل. وَمَتى ضمد بِهِ دَاء الثَّعْلَب وقتا يَسِيرا قطعه.
وَمَتى طبخ وصب طبيخه فاتراً على الشقاق الْعَارِض من الْبرد نفع مِنْهُ.
وَأَصله إِذا جفف وأنعم دقه وشم عطس. وَمَتى علق فِي الرَّقَبَة سكن وجع الْأَسْنَان إِلَّا أَنه يفتها. وقوته حارة جدا مقرحة.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: الكرفس الْجبلي أَنْفَع مَا فِيهِ بزره. وَجُمْلَة النَّبَات شَبيه بِهِ إِلَّا أَنه أَضْعَف.
وكما أَن طعمه مر حريف كَذَلِك هُوَ حَار قطاع وَبِهَذَا السَّبَب يحدر الْبَوْل والطمث كثيرا وَيحل النفخ ويذهبه. وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ لَا محَالة فِي الثَّالِثَة من الإسخان والتجفيف.
وَقَالَ فِيهَا أَيْضا فِي الكرفس الْمَأْكُول: إِنَّه يبلغ من إسخانه أَن يدر الطمث وَالْبَوْل وَيحل الرِّيَاح وَالَّذِي يُسمى مِنْهُ اوراساليون وساساليون يشبه بزر الكرفس الْمُسْتَعْمل إِلَّا أَن النَّوْع الْمُسَمّى اوراساليون أَضْعَف مِنْهُ بِحَسب مَا النَّوْع الْمُسَمّى اوسالينون أقوى مِنْهُ.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة فِي سمرنيون: إِنَّه أقوى من الكرفس البستاني وأضعف من الْجبلي وَلذَلِك صَار يحدر الطمث وَالْبَوْل ويسخن ويجفف فِي الثَّالِثَة.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء فِي الكرفس البستاني والجبلي وسمون وَهُوَ كرفس المَاء وسمرنيون: إِنَّهَا كلهَا تدر الْبَوْل وكرفس الْجبلي بعيد عَن الِاعْتِدَال.
(6/337)
وَأما سمرنيون فمعتاد وَهُوَ أَجود من الكرفس البستاني وأخف مِنْهُ بِكَثِير وَفِيه مَعَ هَذَا عطرية فَهُوَ لذَلِك أَكثر إدراراً للبول وأحدر للطمث.
والكرفس البستاني أَنْفَع للمعدة من جَمِيع هَذِه لِأَنَّهُ ألذ مِنْهَا وَأكْثر اعتياداً.
ارخيجانس: الكرفس البستاني حَار رطب وَأَصله حَار يَابِس.
روفس: الكرفس يمْلَأ الْأَرْحَام رُطُوبَة حريفة ويدر الْبَوْل وَلَا يُطلق الْبَطن.
اريباسيوس: بزر الكرفس الْجبلي حَار مر وَلذَلِك يُحَرك الطمث ويدر بولاً كثيرا وَيحل الرِّيَاح ويسخن ويجفف بِقُوَّة قَوِيَّة.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي أول الثَّانِيَة يَابِس فِي وسط الثَّانِيَة يدر الْبَوْل قَلِيل النفخ.
وخاصة بزره فَإِنَّهُ مقو للمعدة فتاح للسدد فِي الكبد عَاقل للطبيعة ضار لمن بِهِ صرع جدا.
وماؤه مغث.)
وَأَصله أقوى من بزره. وبزره أقوى من ورقه. والمربى أسْرع هضماً للرطوبة المكتسبة وأنفع لأَصْحَاب الخراجات.
أَبُو جريج: إِنَّه حَار يَابِس فِي أول الثَّانِيَة نَافِع للكبد الْبَارِدَة والسدد فِيهَا. وَإِن طلي على الأورام الحارة ألهبها.
من كتاب قسطس فِي الفلاحة قَالَ: الكرفس يهيج شَهْوَة الباه من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَلذَلِك ألف ز يمنعهُ الْمُرضعَة لِأَنَّهُ يهيج الباه مِنْهَا ويقلل اللَّبن.
والكرفس يطيب النكهة فَلذَلِك يكثر من أكله من بِهِ بخر وَمن يحْتَاج أَن يسَار السُّلْطَان والأشراف كثيرا يدمنون أكله لِئَلَّا يكون فِي أَفْوَاههم رَائِحَة كريهة.
حَكِيم بن حنين: إِن حذاق الْأَطِبَّاء الْمُحدثين يضعون الكرفس فِي أول الثَّانِيَة من الْحَرَارَة واليبس.
حنين فِي الترياق: إِن بزر الكرفس الْجبلي خاصته إِطْلَاق الْبَطن فِي القولنج.
أَبُو جريج: إِنَّه حَار فِي أول الثَّانِيَة يَابِس فِي آخر الأولى وماؤه نَافِع من السدد فِي الكبد وَينفذ بِمَا يمزج بِهِ وَيفتح سدد الأحشاء بِخَاصَّة عَجِيبَة ويسخن الكبد الَّتِي قد بردت وينفع من المَاء وَمَتى شرب غير مغلي غشى ووقف فِي الْمعدة وَإِن أَكثر مِنْهُ قيأ.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة ينقي الكبد والكلى والمثانة وَيفتح السدد وَيحل الرِّيَاح والنفخ الْعَارِض فِي الْمعدة ويضر بِصَاحِب الصرع.
مسيح: أصنافه كلهَا نافعة للمعدة ويضر بِصَاحِب الصرع.
كمادريوس د يَقُول: مَتى شربت الحشيشة نَفسهَا طرية أَو شرب طبيخها نفع من
(6/338)
شدخ العضل والسعال وجساء الطحال وعسر الْبَوْل وَابْتِدَاء الاسْتِسْقَاء ويحدر الطمث والجنين. وَمَتى شرب بخل نفع من ورم الطحال. وَمَتى شرب بشراب أَو ضمد بِهِ نفع لنهش الْهَوَام.
وَقد يسحق ويعجن ويحبب وَيشْرب للعلل الَّتِي ذكرنَا. وَمَتى خلط بِعَسَل نقى القروح المزمنة الوسخة.
وَمَتى خلط بالزيت واكتحل بِهِ أَبْرَأ القرحة الَّتِي يُقَال لَهَا: اخيلوس الْعَارِضَة فِي الْعين. وَمَتى تمسح بِهَذَا الزَّيْت أسخن.
وَأما شرابه فمسخن مُحَلل نَافِع من التشنج واليرقان والنفخة فِي الرَّحِم وإبطاء الهضم وَابْتِدَاء ج فِي الثَّامِنَة: الْأَكْثَر فِي هَذَا الدَّوَاء الْكَيْفِيَّة الْمرة وَفِيه مَعَ هَذَا حِدة وَلذَلِك هُوَ حقيق بإذابة الطحال وإدرار الطمث وَالْبَوْل وتقطيع الأخلاط الغليظة وتفتيح السدد الَّتِي الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة فليوضع فِي الثَّانِيَة من التجفيف والإسخان على أَن إسخانه أَكثر من تجفيفه.
بديغورس: إِنَّه يقطع الفضول ويذيب الطحال. كافروره ابْن ماسويه قَالَ: هِيَ حارة يابسة فِي الثَّالِثَة تجفف رطوبات الرَّأْس وتحلل سدده.
كسن قَالَت الخوز: إِنَّه حَار فِي الأولى يلين وينفع من السعال. كرنب د يَقُول: إِنَّه مَتى سلق سلقة خَفِيفَة وَأكل أسهل الْبَطن وَإِن أجيد سلقه وخاصة إِن سلق مرَّتَيْنِ بِمَاء أمسك الْبَطن.
والكرنب النَّابِت فِي الصَّيف رَدِيء للمعدة والمصري لَا يُؤْكَل لمرارته وَمَتى أكل الكرنب نفع وقلب الكرنب ألف ز أَجود للمعدة وأدر للبول من سائره. وَإِن عمل بِالْمَاءِ وَالْملح كَانَ رديئاً للمعدة مليناً للبطن.
وعصارة الكرنب مَتى خلطت مَعَ أصل السوسن الْمُسَمّى إيرسا ونطرون وشراب أسهل الْبَطن. وَمَتى خلط بشراب نفع من نهشة الأفعى.
وَإِذا خلط بدقيق الحلبة وتضمد بِهِ نفع النقرس ووجع المفاصل والقروح الوسخة العتيقة.
وَمَتى استعط بعصارته نقى الرَّأْس. وَمَتى احْتمل مَعَ دَقِيق الشيلم أدر الطمث.
وورق الكرنب مَتى أنعم دقه وتضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ سويق نفع من كل ورم حَار بلغمي ويبريء الْحمرَة والشرى والجرب المتقرح. وَإِذا خلط بالملح قلع النَّار الفارسية. وَقد يمسك الشّعْر المتساقط.
وَإِذا أكل الْوَرق نيئاً بالخل نفع الطحال. وَإِذا مضغ ومص مَاؤُهُ أصلح الصَّوْت الْمُنْقَطع.
(6/339)
وطبيخ الكرنب يسهل الْبَطن ويدر الطمث.
وزهره إِذا عمل مِنْهُ فرزجة واحتملتها الْمَرْأَة بعد الْحَبل قتل الْجَنِين. وَمَتى احْتمل قبل الْحَبل منع الْولادَة.
وبزر الكرنب الْمصْرِيّ يقتل الدُّود لمرارته وَيَقَع فِي الترياقات وينقي الْوَجْه من البثور اللبنية.
وقضبان الكرنب الطرية إِذا أحرقت مَعَ الْأُصُول وخلط برمادها شَحم عَتيق وضمد بِهِ سكن أوجاع الْجنب المزمنة.
وَأما الْبري مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا ضمد بِهِ ألزق الجرحات وحلل الأورام البلغمية. ج فِي السَّابِعَة: إِن الكرنب البستاني مجفف إِذا أكل وضمد بِهِ وَلَيْسَ بِظَاهِر الحدة والحرافة تبلغ)
قوته إِلَى إدمال الْجِرَاحَات وإشفاء القروح الخبيثة والأورام الَّتِي صلبت وَصَارَت فِي حد مَا يعسر انحلاله والحمرة الَّتِي قصَّتهَا مثل هَذِه الْقِصَّة وبهذه الْقُوَّة بِعَينهَا تشفي الشرى والنملة وَفِيه أَيْضا جلاء بِهِ تشفي تقشر الْجلد.
وبزر الكرنب يقتل الدُّود إِذا شرب وخاصة بزر الكرنب الْمصْرِيّ من أجل أَنه أيبس مزاجاً ولمرارة طعمه أَيْضا فَإِن مرَارَة الطّعْم مَوْجُودَة فِي جَمِيع الْأَدْوِيَة القاتلة للديدان فبهذه الْقُوَّة صَار ينفع من النمش والكلف الْكَائِن فِي الْوَجْه وَمن جَمِيع الْعِلَل الَّتِي تحْتَاج إِلَى جلاء يسير.
وَأما قضبان الكرنب إِذا أحرقت فرمادها يجفف تجفيفاً قَوِيا.
وَأما الْبري فَإِنَّهُ أحد وأيبس وَلذَلِك مَتى أكل أضرّ. وطعمه أَمر من البستاني وَذَلِكَ لِأَن فِي البستاني أَيْضا مرَارَة وحرافة إِلَّا أَن هذَيْن جَمِيعًا فِي الْبري أقوى وَلذَلِك صَار يحلل ويجلو أَكثر من البستاني.
وَأما البحري فَإِنَّهُ ملين للبطن لميله إِلَى الملوحة وَقد يسْتَعْمل أَيْضا من خَارج الْجِسْم فِي الْوُجُوه الَّتِي تحْتَاج فِيهَا إِلَى تِلْكَ الكيفيات الَّتِي ذَكرنَاهَا.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الْأَطِبَّاء يستعملونه على أَنه دَوَاء مجفف ورطوبته تسهل الْبَطن بعض الإسهال وجرمه لتجفيفه يعقل وَإِذا أردته لعقل الْبَطن سلقته بماءين وَإِذا أردته للإسهال سلقته مرّة وَاحِدَة وغمسته بعد سلقه ألف ز فِي مربى وزيت.
والكرنب يجفف كتجفيف العدس وَلذَلِك يحدثان ظلمَة الْبَصَر إِلَّا أَن تكون الْعين مُنْذُ أول أمرهَا رطبَة رُطُوبَة مُجَاوزَة للاعتدال وينال الْبدن مِنْهَا غذَاء يَسِيرا أرق وأرطب من غذَاء العدس لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صلابة جرم العدس واكتنازه وَلَيْسَ دَمه بجيد كَدم الْخبز بل رَدِيء كريه الرَّائِحَة.
وَقَالَ: إِن بيض القنبيط أقل تجفيفاً من ورق الْقسْط والكرنب.
(6/340)
ارخيجانس: إِن الكرنب حَار يَابِس حريف وبزره كَذَلِك وَهُوَ أحر مِنْهُ.
روفس فِي كتاب التَّدْبِير: إِنَّه يَابِس ينفع من السكر ويدر الْبَوْل.
وَقَالَ فِي كتاب آخر: إِنَّه ييبس الْبَطن وَيحسن اللَّوْن.
قَالَ اريباسيوس: قوته مجففة وَلَيْسَ بِظَاهِر الحدة بعد بل مقدارها الْمِقْدَار الَّذِي يلزق الْجِرَاحَات ويبريء القروح الخبيثة والأورام الصلبة الْعسرَة الانحلال وَمَا كَانَ من الورم الْمَعْرُوف)
بالجمرة وَمن الأورام الساعية على هَذِه الْحَال.
وَقَالَ أَيْضا: فِيهِ قُوَّة جلاءة يجلو بهَا الجرب المتقرح المتقشر.
وَأما بزره فَإِنَّهُ يقتل الْحَيَّات الكائنة فِي الْجوف إِذا شرب وينفع من الكلف والْآثَار الَّتِي تسمى العدسية.
وأصول الكرنب مَتى أحرقت وَصَارَت رَمَادا كَانَت قَوِيَّة التجفيف حَتَّى أَنه يكْتَسب من ذَلِك قُوَّة محرقة وَلذَلِك يسْتَعْمل مخلوطاً مَعَ شَحم عَتيق فِي أوجاع الجنبين وَنَحْوهَا وَذَلِكَ أَنه يحلل تحليلاً قَوِيا.
وَقَالَ ابْن ماسويه: هُوَ حَار يَابِس فِي الأولى والنابت فِي الصَّيف رَدِيء للمعدة لما فِيهِ من الحرافة. وَمَتى احْتمل من بزره دِرْهَمَانِ بعد الْجِمَاع أفسد الْمَنِيّ وَلم يكن مِنْهُ حمل.
وطبيخه يخرج حب القرع خَاصَّة مَعَ مَاء الشيح والترمس ويولد دَمًا عكراً سوداوياً. وَمَتى طبخ بِاللَّحْمِ أَو الدَّجَاج السمين قلت غائلته.
وَمَتى طلي بمائه المعصور على الأورام البلغمية وَالَّتِي من الدَّم الفلغموني الغليظ حللها.
وَهُوَ مجفف اللِّسَان. والإكثار مِنْهُ يغثي نَافِع من وجع الطحال الوارم والرطوبة وَالرِّيح مُحَلل للبلغم مَتى تغرغر بِهِ مَعَ سكنجبين نَافِع للبهق لَا سِيمَا إِذا طلي عَلَيْهِ وَمن حمى الرّبع والحميات المزمنة والحميات البلغمية الْخَالِصَة الَّتِي لَا صفراء مَعهَا.
وَمَتى أكل مَعَ السلق نفع من وجع الْأَرْحَام. وخاصته إِخْرَاج الرُّطُوبَة من الرَّأْس وتجفيف اللِّسَان الثقيل من البلغم.
والقنبيط أغْلظ وَأَبْطَأ فِي الْمعدة يُولد دَمًا عكراً وَأصْلح مَا يُؤْكَل بِلَحْم سمين أَو بدهن لوز.
والإكثار مِنْهُ يضعف الْبَصَر. وغذاؤه يسير وَيصْلح مَتى طبخ قبل بِالْمَاءِ وَالْملح ثمَّ يطْبخ بِاللَّحْمِ السمين أَو الدَّجَاج المسمنة أَو دهن اللوز.
وخاصة الكرنب ألف ز دفع السكتة.
وخاصة بزره إِفْسَاد الْمَنِيّ مَتى احتملته الْمَرْأَة بعد طهرهَا.
وَقَالَ فِي الميامر: إِن بزر الكرنب الْبري يلطف تلطيفاً قَوِيا ويجفف نعما ويحلل تحليلاً بليغاً.
وَقَالَ فِي كتاب مَا بَال: إِن الكرنب بَارِد وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي استطلاق الْبَطن الشَّديد.
(6/341)
قسطس: ينفع من السعال الْقَدِيم والنقرس مَتى صب على المفاصل. وَمَتى أطْعم الصّبيان)
شبوا سَرِيعا.
وعصيره مَتى شرب بالنبيذ أَيَّامًا أذهب وجع الطحال.
ويبريء عصيره الجرب والحكة. وَمَتى خلط عصيره بالزاج والخل وطلي بِهِ البرص والجرب نفع.
وَمَتى خلط رماده ببياض الْبيض أَبْرَأ حرق النَّار.
ويجلب النّوم إِذا أكل ويصفي الصَّوْت وينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب. ويضمد بِهِ الطحال. كراث قَالَ د: أما البستاني فنافخ رَدِيء الكيموس تعرض مِنْهُ أَحْلَام رَدِيئَة ويدر الْبَوْل ويلين الْبَطن ويلطف وَيحدث غشاوة فِي الْعين ويدر الطمث ويضر بالمثانة القرحة والكلى نعما. وَإِن طبخ بِمَاء الشّعير أخرج الرطوبات الَّتِي فِي الصَّدْر.
وورقه مَتى طبخ بِمَاء وملح وَجلسَ النِّسَاء فِي نفع من انضمام فَم الرَّحِم والصلابة الْعَارِضَة فِيهِ. وَإِن سلق بِالْمَاءِ وهريق عَنهُ بكرم سلق أَيْضا قلت نفخته.
وَأما النبطي فَإِنَّهُ أَشد حرافة وَفِيه شَيْء من قبض وَلذَلِك مَتى خلط مَاؤُهُ بدقاق الكندر قطع الدَّم وخاصة الرعاف ويحرك شَهْوَة الْجِمَاع.
وَمَتى خلط بِعَسَل ولعق كَانَ صَالحا للأوجاع كلهَا الْعَارِضَة فِي الصَّدْر وقرحة الرئة. وَإِذا أكل نقى قَصَبَة الرئة. وَإِن أدمن أكله أظلم الْبَصَر. وَهُوَ رَدِيء للمعدة. وَمَتى شرب مَعَ مَاء القراطن نفع من نهش الْهَوَام.
وَإِن تضمد بالكراث فعل ذَلِك أَيْضا وَمَتى خلط مَاؤُهُ بالخل والكندر أَو اللَّبن ودهن الْورْد وقطر فِي الْأذن نفع من الوجع والدوي. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ السماق قطع الثآليل وأذهب الشرى.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الْملح قلع خبث القروح.
وَمَتى شرب من بزره درخمي مَعَ مثله من حب الآس قطع نفث الدَّم من الصَّدْر.
وَأما كراث الْكَرم فَهُوَ أردأ للمعدة وأسخن وأدر للبول والطمث وينفع من نهش الْهَوَام. ج فِي السَّادِسَة: الكراث الْبري قوته متوسطة بَين الكراث والثوم وَلذَلِك هُوَ أَشد حرافة وَأكْثر تجفيفاً من البستاني كَمَا أَن جَمِيع الْأَشْيَاء الْبَريَّة أقوى من البستانية وأحرف فَهُوَ أقوى للمعدة وتقطيعه وتفتيحه للسدد أَكثر من البستاني وَلذَلِك يدر الطمث إدراراً كثيرا إِذا كَانَ قد احْتبسَ من أجل خلط بَارِد.
وَمَعَهُ من الْحَرَارَة مَا يقرح مَتى وضع على الْجِسْم من خَارج.)
وَقد قُلْنَا: إِن مَا يسخن هَذَا الإسخان فَهُوَ فِي أقْصَى الدَّرَجَات.
(6/342)
وَمَا ذكر فِيهِ فِي كتاب الْغذَاء ذَكرْنَاهُ فِي ذكر البصل.
روفس: الكراث يسخن ألف ز الْجِسْم ويغرز الْبَوْل وينقي الصَّدْر.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: إِنَّه يسخن قَلِيلا وَيقطع الجشاء الحامض ويدر الْبَوْل والطمث وَيُطلق الْبَطن جيد للعين.
قَالَ بولس فِي كراث الْكَرم: إِنَّه حريف جدا فِي الدرجَة القصوى من الْحَرَارَة وَلذَلِك يقرح وَيقطع الكيموسات وَيفتح السدد. رَدِيء للمعدة.
ابْن ماسويه: الكراث النبطي حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة وَمَتى سلق مرَارًا قلت حرافته وضرره قَلِيل الْغذَاء مصدع يُولد بخاراً وَيرى أحلاماً رَدِيئَة وَهَذِه خاصته. وَمَتى سلق وطحن وَأكل وضمد بِهِ البواسير الْعَارِضَة من الرُّطُوبَة نفع مِنْهَا. وينفع من السدد الْعَارِضَة فِي الكبد المتولدة من البلغم.
وَمَتى صير فِي مَائه خل ودقاق كندر مسحوق وسعط بِهِ قطع الرعاف. وَهُوَ زَائِد فِي الباه للرطوبة الَّتِي اكتسبها من المَاء.
وأصل الكراث النبطي نَافِع من وجع القولنج إِذا اتخذ مِنْهُ اسفيذباجة بدهن القرطم ودهن لوز حُلْو وشيرج.
وَإِن عصر مَاؤُهُ وَجعل فِيهِ خل وكندر ودهن ورد وصب فِي الْأذن سكن وجعها الْعَارِض من الْبرد والرطوبة.
وَمَتى سحق بزره وعجن بقطران وبخرت بِهِ الأضراس الَّتِي فِيهَا الديدان نثرها وَسكن الوجع. وَمَتى قلي بزره مَعَ الْحَرْف نفع من البواسير وعقل الطَّبْع وَحل الرِّيَاح الَّتِي فِي الأمعاء.
وَأما الشَّامي فَإِنَّهُ أقل حرا ويبساً ويولد رياحاً أقل مِمَّا يُولد النبطي ويدر الْبَوْل وَالْحيض ويلين الْبَطن. وَيُورث الْإِكْثَار مِنْهُ ضعف الْبَصَر ويضر بالكلى والمثانة الَّتِي فِيهَا القروح. وَمَتى طبخ مَعَ مَاء الشّعير جلا البلغم اللزج الْمُتَوَلد فِي الصَّدْر.
وَمَتى سلق ورقه بِمَاء وملح أَو مَاء الْبَحْر وضمدت بِهِ الرَّحِم الوارمة من البلغم حلل ورمها.
وَمَتى بخر بِهِ فعل ذَلِك وخاصة ورقه وَمَتى طبخ بِمَاء وملح نفع من الجسأة الْعَارِض للرحم.
وَهُوَ رَدِيء للمعدة بطيء الهضم.)
الْيَهُودِيّ: خَاصَّة الكراث إِفْسَاد الْأَسْنَان واللثة.
ابْن ماسه: خَاصَّة أَصله النَّفْع من القولنج وَإِذا أكل الكراث وَشرب طبيخه نفع من البواسير الْبَارِدَة. وأجود الكراث مَا دق مِنْهُ.
(6/343)
والشامي أقل حرارة ويبساً وخاصته الْإِضْرَار بالمثانة والكلى الَّتِي فِيهَا قُرُوح.
وورق الكراث الشَّامي خاصته النَّفْع للرحم الَّتِي فِيهَا رُطُوبَة يزلق الْوَلَد.
ماسرجويه: بزر الكراث إِذا دخنت بِهِ المقعدة جفف البواسير. كبيكج: وَهُوَ الْعنَّاب.
قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: أَنْوَاعه أَرْبَعَة قوتها كلهَا حارة حريفة شَدِيدَة حَتَّى أَنَّهَا مَتى وضعت من خَارج أحدثت قروحاً مَعَ وجع. وَمَتى اسْتعْمل بِقدر فَإِنَّهُ يقْلع الجرب وَالْعلَّة الَّتِي يتقشر مَعهَا الْجلد والأظفار الَّتِي يظْهر فِيهَا الْبيَاض ويحلل الْآثَار ألف ز وينثرالثآليل الْمُتَعَلّقَة والمركوزة الَّتِي يحدث فِيهَا إِذا أضرها بِبرد الْهَوَاء وجع شَبيه بقرص النَّمْل.
وينفع من دَاء الثَّعْلَب مَتى وضع عَلَيْهِ مُدَّة يسيرَة وَذَلِكَ أَنه مَتى أَبْطَأَ كشط الْجلد وأحدث فِي الْموضع قرحَة.
وَهَذِه الْأَفْعَال كلهَا أَفعَال ورق هَذَا النَّبَات.
وقضبانه مَا دَامَت طرية مَتى وضعت من خَارج كالضماد فعلت فعله.
وَأما أَصْلهَا إِذا هُوَ جفف نفع لتحريك العطاس كَمثل جَمِيع الْأَدْوِيَة القوية الإسخان. ويجفف وينفع من وجع الْأَسْنَان مَعَ أَنه يفتها لِأَنَّهُ يجففها تجفيفاً قَوِيا.
وَبِالْجُمْلَةِ فَكلهَا تجفف وتسخن إسخاناً وتجفيفاً قَوِيا.
كراويا د: هُوَ يدر الْبَوْل ويسخن جيد للمعدة هاضم للطعام وقوته كقوة الأنيسون. ج فِي السَّابِعَة: ويجفف فِي الثَّالِثَة وَفِيه حرافة معتدلة فَهُوَ لذَلِك يطرد الرِّيَاح ويدر الْبَوْل لَا ابْن ماسويه: إِنَّه أغْلظ من الكمون وَيخرج حب القرع مقو للمعدة مُحَلل للرياح عَاقل للبطن أقل من الكمون. وخاصته إِخْرَاج حب القرع.
وأصبت أَنه نَافِع من الخفقان. كنيل دَاره ماسرجويه: هُوَ حَار منق يقتل الدُّود وَحب القرع. كاشم قُوَّة بزر هَذَا النَّبَات وَأَصله مسخنة هاضمة للغذاء مُوَافقَة لأوجاع الْجوف والأورام البلغمية والنفخ وخاصة الْعَارِضَة فِي الْمعدة ولسع الْهَوَام ويدر الْبَوْل وَكَذَلِكَ مَتى احْتمل.
وَقد يَقع البزر وَالْأَصْل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة الهاضمة للطعام وَالَّتِي تسرع انحداره وَيذْهب النفخ وَيسْتَعْمل فِي الطَّعَام بدل الفلفل. وَهُوَ مر الطّعْم. ج: فِي السَّابِعَة فِي الكاشم الْبري: أصل هَذَا النَّبَات وبزره يبلغ إسخانهما أَن يحدرا الطمث وَالْبَوْل وهما مَعَ هَذَا يطردان الرِّيَاح والنفخ.
(6/344)
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة هاضم للطعام مَذْهَب النفخ والقراقر ويدر الْبَوْل وَالْحيض نَافِع جدا.
ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة يهضم الطَّعَام وَيفتح السدد الَّتِي فِي الكبد من الْبرد والرطوبة ويطيب الْأَطْعِمَة.
وخاصته تقليل الرُّطُوبَة الَّتِي فِي الْمعدة وَيحل النفخ مَتى اسْتعْمل فِي الطبيخ وَإِذا خلط فِيهِ مَعَ الأبازير.
الخوز: إِنَّه يشفي مِنْهُ دِرْهَم بشراب ممزوج للحيات فِي الْبَطن وللمستسقين زنة دِرْهَمَيْنِ.)
كبابة ج: فِي السَّابِعَة: إِن قوته شَبيهَة بالدارصيني إِلَّا أَنه ألطف مِنْهُ جدا وَلذَلِك صَار أَكثر تفتيحاً مِنْهُ للسدد الْعَارِضَة فِي الأحشاء. وَهُوَ مدر للبول منق للكلى من الْحَصَى المتولدة فِيهَا وَلَا تبلغ لطافته أَن تسْتَعْمل بَدَلا من الدارصيني.
مسيح: إِن فِيهَا حرارة وبرودة إِلَّا أَن الْحَرَارَة أغلب وَهِي جَيِّدَة للحلق حابسة للبطن. فِي الثَّامِنَة: بزر هَذَا النَّبَات قوته محللة. كسيرس ألف ز ج فِي الثَّامِنَة: قوم يسمونه: كسوريس أصل هَذَا النَّبَات قوته حادة لَطِيفَة محللة وَلذَلِك هِيَ مجففة وبزره أَكثر فِي ذَلِك وَلذَلِك يدر الْبَوْل ويشفي صلابة الطحال إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
انْقَضى حرف الْكَاف.
(6/345)
3 - (بَاب اللَّام)
لِسَان الْحمل قَالَ د: هما صنفان والأكبر مِنْهُمَا أَكثر مَنْفَعَة ولورق لِسَان الْحمل قُوَّة قابضة مجففة وَلذَلِك إِذا تضمد بِهِ وَافق القروح الخبيثة والقروح الَّتِي تسيل إِلَيْهَا الْموَاد والقروح الوسخة وَمن بِهِ دَاء الْفِيل وَيقطع سيلان الدَّم وَيمْنَع القروح الخبيثة وَالنَّار الفارسية والنملة والشرى وَيمْنَع الساعية من السَّعْي فِي الْجِسْم ويدمل القروح المزمنة ويبرىء القروح الخبيثة وَيلْزق الْجِرَاحَات العميقة بدمها.
وَمَتى تضمد بهَا مَعَ الْخلّ نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَحرق النَّار والأورام الحارة والعارضة فِي أصوال الآذان والأورام الَّتِي تسمى: فوجيلا والخنازير ونواصير الْعين.
وَمَتى طبخ هَذَا البقل وَأكل بملح وَافق والإسهال المزمن. وَقد يطْبخ أَيْضا مَعَ العدس بدل السلق ويؤكل وَيصْلح أَن يغتذى بِهِ أَصْحَاب الحبن والصرع والربو.
وَأما الْوَرق مَتى تمضمض بِهِ دَائِما أَبْرَأ القروح الَّتِي فِي الْفَم. وَإِذا خلط بطين قيموليا أَو باسفيذاج الرصاص أَبْرَأ الْحمرَة.
وَمَتى حقنت بِهِ النواصير نفع مِنْهَا. وَإِذا قطر فِي الْأذن الوجعة سكن الوجع. وَإِذا ديفت بِهِ الشيافات وقطر فِي الْعين نفع للرمد. وَيصْلح للثة الدامية الرخوة وَيقطع نفث الدَّم من الصَّدْر إِذا شرب وقروح الرئة والأمعاء.
وتحتمل فِي صوفة لوجع الرَّحِم الَّذِي يعرض مِنْهُ الاختناق ولسيلان الفضول إِلَى الرَّحِم. وثمره إِذا شرب بِالشرابِ قطع سيلان الفضول إِلَى الْبَطن. وَمَتى طبخ أَصله وتمضمض بطبيخه أَو مضغ الأَصْل سكن وجع الْأَسْنَان. وَيشْرب الْوَرق أَيْضا بالطلاء لوجع المثانة والكلى. وَقد زعم قوم: أَنه إِذا شرب ثَلَاثَة أصُول من لِسَان الْحمل بِأَرْبَع أوارق وَنصف من شراب ممزوج نفع من حمى الغب. وَمَتى شرب بِهِ أَرْبَعَة أصُول نَفَعت من حمى الرّبع.
وَقد تعلق هَذِه الْأُصُول فِي عنق من بِهِ خنازير يرجون بذلك تحليلها.
فِي السَّادِسَة: مزاجه مركب فِيهِ مائية بَارِدَة وَفِيه قبض وَالْقَبْض هُوَ لجوهر أرْضى بَارِد فَهُوَ لذَلِك يبرد ويجفف فِي الثَّانِيَة وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي تجفف مَعَ قبض نافعة للقروح الْحَادِثَة فِي الأمعاء وَذَلِكَ أَنَّهَا تقطع الدَّم وَمَتى كَانَ هُنَاكَ شىء من اللهيب والتوقد أطفأته. وتدمل)
النواصير وَسَائِر القروح الرّطبَة العفنة مَعًا.
(6/346)
وَهَذَا الدَّوَاء إِمَّا أَن يكون الْمُتَقَدّم لجَمِيع هَذِه الْأَدْوِيَة وَإِمَّا غير مُخْتَلف الف ز عَنْهَا وثمرته وَأَصله قريبان مِنْهُ فِي الْقُوَّة إِلَّا أَنَّهُمَا أبيس مِنْهُ وَأَقل برودة وَمَعَ هَذَا فان ثَمَرَته لَطِيفَة جدا وَأَصله أغْلظ.
وروق هَذِه الحشيشة أَيْضا إِذا جفف صَارَت قوته ألطف وبرودته أقل لِأَن الْفضل المائي يفنى ويتحلل وَلذَلِك صرنا نستعمل أصل هَذَا النَّبَات فِي مداواة وجع الْأَسْنَان فَيعْطى صَاحب الوجع أَصله ليمضغه. ويطبخ الأَصْل أَيْضا بِالْمَاءِ وَيُعْطِي ذَلِك المَاء ليتمضمض بِهِ. وَأما فِي مداواة السدد الْحَادِثَة فِي الكبد والكلي فانا نستعمل أُصُوله وورقه أَيْضا وَأكْثر مِنْهُمَا جَمِيعًا ثَمَرَته خَاصَّة لِأَن جَمِيع هَذِه فِيهَا جلاء وَعَسَى أَن تكون هَذِه الْقُوَّة مَوْجُودَة فِي نفس الحشيشة أَيْضا مَا دَامَت طرية إِلَّا أَنَّهَا مغمورة فِي كَثْرَة رُطُوبَة الحشيشة فَلَا يتَبَيَّن فعله لذَلِك.
اريباسيوس: تبريده وتجفيفه وَقَبضه كَاف وَلذَلِك. يُوَافق القروح الخبيثة وسيلان الْموَاد إِلَى الْأَعْضَاء والعفن وَمن أجل ذَلِك صَار يصلح أَيْضا لاخْتِلَاف الدَّم وَيقطع الدَّم السَّائِل من البواسير. وَمَتى كَانَ بانسان لهيب أطفأه وَيلْزق الْجِرَاحَات. وَهُوَ ينفع من جَمِيع القروح الْقَرِيبَة للْعهد والمتقادمة وَذَلِكَ أَنه يجفف من غير لذع وَفِيه برودة وَلم يبلغ الْأَمر بهَا إِلَى أَن تخدر.
وَقُوَّة ثَمَرَته ألطف وأصوله أغْلظ ورق هَذِه الحشيشة إِذا جفف تصير قوته لَطِيفَة قَليلَة الْبرد وَلذَلِك تسْتَعْمل أُصُوله فِي علاج سدد الكبد والكلي وَكَذَلِكَ ورقه وَأكْثر من هذَيْن لوزان قَالَ د: دهن اللوز المر يصلح للأرحام وانقلابها وأورامها الحارة ووجعها الَّذِي يعرض مَعَه اختناق والصداع ووجع الْأذن ودويها وطنينها وينفع من وجع الْكُلِّي وعسر الْبَوْل. وَإِذا خلط بِعَسَل وأصل السوسن وشمع مذاب بدهن حناء أَو دهن ورد نفع من بِهِ حَصَاة أوربو أَو ورم فِي الطحال ويقلع الْآثَار الَّتِي تكون من فضول الْجِسْم فِي الْوَجْه ويقلع الكلف ويبسط تشنج الْوَجْه. وينفع من كدر الْبَصَر وكلاله. إِذا خلط بِخَمْر نفع من القروح الرّطبَة والحزاز الَّتِي تكون فِي الرَّأْس والنخالة. وأصول هَذِه الشَّجَرَة إِذا طبخ ودق نعما وسحق نقى الكلف الَّذِي فِي الْوَجْه.
واللوز إِذا ضمد بِهِ أَيْضا يفعل ذَلِك. وَإِذا احْتمل أدر الطمث. وَإِذا خلط بخل ودهن ورد وضمد بِهِ الجبين نفع من الصداع. وَإِذا خلط بخل ودهن ورد ودهن بنفسج شفى الصداع)
أَيْضا. وَمَتى خلط بشراب كَانَ جيدا للشرى. وَإِذا خلط بِعَسَل كَانَ صَالحا للقروح الساعية والنملة وعضة الْكَلْب.
وَإِذا أكل سكن الوجع وألان الْبَطن وجلب النّوم وأدر الْبَوْل. وَمَتى اسْتعْمل بنشاستج
(6/347)
الْحِنْطَة والنعنع كَانَ جيدا لنفث الدَّم. الف وَإِذا شرب وَحده أَو مَعَ صمغ البطم بشراب مائي كَانَ صَالحا لوجع الْكُلِّي ووروم الرئة الحارة. وَإِذا اسْتعْمل بالمبيختج نفع من عسر الْبَوْل ويدرق الْحَصَاة. وَإِذا لعق مِنْهُ قدر جوزة بِعَسَل وَلبن نفع من وجع الكبد والسعال والنفخ فِي القولون. وَإِذا تقدم قبل الشَّرَاب بِأخذ خمس لوزات مِنْهُ منع السكر.
وَمَتى أطْعم الثَّعْلَب قَتله.
وصمغ اللوز يقبض ويسخن وينفع من نفث الدَّم. وَمَتى لطخ بِهِ القوابي بخل قلعهَا.
وَإِذا شرب بشراب ممزوج نفع من السعال المزمن. وَمَتى شرب بشراب قَابض فت الْحَصَى.
والحلو أَضْعَف من المر بِكَثِير وَهُوَ أَيْضا يدر الْبَوْل.
مَتى أكل اللوز بقشره وَهُوَ طرى أصلح بلة الْمعدة. ج فِي السَّادِسَة فِي اللوز المر: قوته ملطفة وَالدَّلِيل عَلَيْهِ طعمه وَمَا يظْهر من فعله بالتجربة لِأَنَّهُ يجلو النمش ويعين فِي نفث الأخلاط الغليظة اللزجة من الصَّدْر والرئة. وَهَاتَانِ القوتان تابعتان للقوة الملطفة وَمِمَّا يتبع هذَيْن الْجلاء. وَقد يتَبَيَّن أَن لأمثال هَذِه قُوَّة فتاحة بطرِيق الْعرض وَالشَّاهِد عَنهُ التجربة وَذَلِكَ أَن اللوز يفتح السدد الْعَارِضَة فِي الكبد عَن الأخلاط الغليظة اللزجة المتضاغطة فِي أقْصَى الْعُرُوق تفتيحا بليغا ويشفى أَيْضا الأوجاع الْحَادِثَة فِي الأضلاع واالطحال وَفِي الكلى من أَمْثَال هَذِه الْأَسْبَاب.
وَجُمْلَة شَجَرَة هَذَا اللوز قوتها مثل هَذِه الْقُوَّة وَلذَلِك قد يُؤْخَذ أصل الشَّجَرَة فيطبخ وَيُوضَع على الكلف فيذهبه.
فَأَما اللوز الحلو فَفِيهِ مرَارَة يسيرَة وَلِأَن الْغَالِب عَلَيْهِ الْحَلَاوَة صَارَت مرارته خُفْيَة لَا تكَاد تظهر ظهورا بَينا إِلَّا أَن يعْتق وَقد بَينا أَن كل حُلْو معتدل الْحَرَارَة.
ودهن اللوز المر المرارة فِيهِ كَثِيرَة وَفِيه شىء من قبض.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: لَيْسَ فِي اللوز شىء من طعم الْقَبْض أصلا بل الْغَالِب عَلَيْهِ الْجلاء)
والتلطيف وَلذَلِك يجلو الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة وينقيها ويعين على قذف الرطوبات من الرئة والصدر.
وَبَعض اللوز يبلغ من شدَّة قوته القطاعة الَّتِي فِيهِ أَلا يُؤْكَل البته من أجل مرارته.
وَفِي اللوز دهينة وَلذَلِك يزنخ أَيْضا إِذا طَال مكثه إِلَّا أَن دهنيته أقل من دهنية الْجَوْز وَلذَلِك لَا يصلح لإِطْلَاق الْبَطن. وغذاؤه قَلِيل.
قَالَ ارخيجانس: اللوز حَار رطب وخلطه جيد.
وَقَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: اللوز المر مدر للبول عسر الهضم. أريباسيوس فِي اللوز المر إِنَّه يلطف تلطيفاً كَافِيا حَتَّى أَنه يجلو وَيذْهب بالكلف ويعين على قذف الأخلاط اللزجة الغليظة من الصَّدْر والرئة مَعُونَة صَالِحَة وَهُوَ أَيْضا يفتح وينقى سدد الكبد وَالطحَال أَو فِي المعى
(6/348)
وَقُوَّة شَجَرَة اللوز هَذَا شَبيهَة بِقُوَّة اللوز نَفسه حَتَّى أَن أُصُوله مَتى طبخت وسحقت وطلى بهَا الكلف جلاه ونفعه.
وَأما اللوز الحلو فانه الف أَضْعَف من المر.
ابْن ماسويه: الحلو مِنْهُ حَار رطب فِي وسط الأولى وحرارته معتدلة يجلو الكلف من الْوَجْه نَافِع من البلغم اللزج الْعَارِض من الصَّدْر والرئة مفتح لسدد الكبد وَالطحَال نَافِع من القولنج ووجع الكلى ويغذو غذَاء يَسِيرا.
ودهنه أخف من جِسْمه.
وَالرّطب مِنْهُ مَتى أكل بقشره شدّ اللثة ودبغها وَسكن مَا فِي الْفَم من الْحَرَارَة بعفوصته وحموضته وَإِذا أكل بالسكر أسْرع الانحدار عَن الْمعدة. وَمَتى قلى يابسه كَانَ أدبغ للمعدة.
والمر حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة وَهُوَ أقوى فِي الأفاعيل الَّتِي يَفْعَلهَا من الحلو. وَهُوَ دَوَاء لَا غذَاء.
وخاصته منع السكر وتخفيفه ويجلو الكلف. وينفع من نفث الدَّم. وَسَوِيق اللوز الحلو ثقيل فِي الْمعدة نَافِع من السعال ووجع الصَّدْر مهيج للصفراء بحلاوته.
أَبُو جريج: صمغ اللوز الحلو يذهب مَذْهَب الصمغ الْعَرَبِيّ وَكَذَلِكَ صمغ الإجاص.
ماسرجويه: دهن اللوز جيد للمعدة مفتح للسدد فِي الكبد جيد للصدر والرئة.
ابْن ماسويه: اللوز الحلو حَار رطب فِي الأولى وَإِن أكل الحلو مَعَ قشره نفع من وجع الْفَم وجلا مَا فِي الصَّدْر والرئة من الرُّطُوبَة.
لاركس ذَكرْنَاهُ فِي حرف التَّاء فِي التنوب.
لاذن ذَكرْنَاهُ فِي قسوس فِي حرف الْقَاف.
لفت ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الشين فِي الشلجم.
لوف وَيُسمى الفيلجوش قَالَ د: أما اللوف الْمَعْرُوف فانه مَتى تضمد مَعَ أَصله بأخثاء الْبَقر كَانَ جيدا للنقرس. وقوته شَبيهَة بِقُوَّة اللوف الْمُسَمّى بلوف الْحَيَّة إِلَّا أَنه أقل حراقة بِكَثِير.
وَأما لوف الْحَيَّة فان العنقود الَّذِي يكون على طرفه إِذا عصر مَاؤُهُ وخلط بِزَيْت وقطر فِي الْأذن سكن الوجع. وَمَتى صير فِي صوفة وقطر فِي الْأذن سكن الوجع.
وَمَتى أَدخل فِي الْأنف أذهب اللَّحْم الزَّائِد والسرطان فِيهِ.
وَمَتى شرب من ثمره ثَلَاثُونَ حَبَّة بخل ممزوج أسقط الْجَنِين. وَمَتى شمت الْمَرْأَة رَائِحَة هَذَا النَّبَات عِنْد ذبول زهرته أسقطت.
(6/349)
وَأَصله مسخن قَاطع من نفس الانتصاب ووهن العضل والسعال والنزلة.
وَمَتى شوى وَأكل بالعسل سهل نفث الرطوبات وأدر الْبَوْل وَمَتى شرب بشراب حرك شَهْوَة الباه.
وَمَتى خلط بالفاشر أَو الْعَسَل وَجعل مرهما نقى القروح الخبيثة وأدملها. وَيعْمل بلاليط للنواصير وَإِخْرَاج الأجنة.
وَإِن دلك الأَصْل على الْجَسَد أَبْرَأ من نهشة الأفعى. وَمَتى لطخ بشراب وَوضع على الشقاق الْعَارِض من الْبرد وافقة.
وَمَتى لف فِيهِ الْجُبْن لم يتدود.
وَأما الأَصْل فانه يُوَافق القرحة الْعَارِضَة فِي الْعين الَّتِي تسمى نعاليون وَالَّتِي تسمى اخيلوس. ج فِي السَّادِسَة: الف ز اللوف الْمُسَمّى أأرن جوهره جَوْهَر أرْضى حَار فَهُوَ لذَلِك يجلو وَلَكِن لَيست قُوَّة الْجلاء فِيهِ قَوِيَّة كقوتها فِي اللوف الآخر الَّذِي يُسمى دراقيطون)
فليوضع فِي الأولى من الإسخان والتجفيف.
وَأما أَصله فَهُوَ أَنْفَع مَا فِيهِ. وَمَتى أكل قطع الأخلاط الغليظة تقطيعا معتدلا وَلذَلِك هُوَ نَافِع لنفث مَا فِي الصَّدْر.
وَالنَّوْع الآخر الْمُسَمّى دراقيطون أَنْفَع فِي ذَلِك.
وَقَالَ فِي السَّادِسَة أَيْضا فِي النَّوْع الْمُسَمّى دراقيطون: أصل هَذَا النَّبَات وورقة شَبيه بالنوع الآخر من اللوف الْمُسَمّى: أأرن إِلَّا أَن هَذَا أحد من ذَلِك وَأمر وَهُوَ لذَلِك أسخن مِنْهُ وألطف.
وَفِيه شىء يسير من قبض وَهَذَا الْقَبْض إِذا كَانَ مَوْجُودا فِي هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي ذَكرنَاهَا أعنى مَعَ الحدة وَمَعَ المرارة كَانَ النَّبَات عِنْد ذَلِك أقوى.
وأصل هَذَا اللوف ينقى وَيفتح سدد الكبد وَالطحَال والكلى لِأَنَّهُ يلطف الأخلاط الغليظة اللزجة. وَهُوَ نَافِع جدا للجراحات الرَّديئَة وَذَلِكَ أَنه يجلوها وينقيها تنقية قَوِيَّة وينفع أَيْضا من جَمِيع الْعِلَل المحتاجة إِلَى الْجلاء. إِذا طلى بالخل قلع البهق.
وورقة أَيْضا قوته هَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا فَهُوَ لذَلِك يصلح للقروح والخراجات الطرية. وَكلما كَانَ ورقة أقل جفوفا كَانَ إدماله للجراحات بِحَسب ذَلِك أَكثر لِأَن الْوَرق الْكثير الجفوف قوته وَاحِدَة مِمَّا تصلح للجراحات الْحَادِثَة عَن الضربات.
وَقد وثق النَّاس من اللوف بِأَنَّهُ يحفظ الْجُبْن الرطب إِذا وضع عَلَيْهِ من خَارج ويمنعه من العفونة وبزره أقوى من ورقة وَمن أَصله أَيْضا فَهُوَ لذَلِك يشفى السراطين والأورام الْحَادِثَة فِي المنخرين الَّتِي تسمى الْكَثِيرَة الأرجل وَهِي بواسير الْأنف.
(6/350)
وعصارة اللوف أَيْضا تنقى الْآثَار الْحَادِثَة فِي الْعين عَن قرحَة.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: الَّذِي لَا حِدة فِيهِ وَلَا حراقة أَجود للغذاء. وَالَّذِي فِيهِ ذَلِك أَنْفَع لإصعاد الرطوبات المجتمعة فِي الصَّدْر والرئة. والخلط الْمُتَوَلد مِنْهُ غليظ وخاصة الَّذِي لَيست فِيهِ حِدة دوائية وَلَا حراقة.
وَقد يطعم اللوف الْجَعْد بعد سلقه مَرَّات حَتَّى يذهب عَنهُ مَا فِيهِ من الدوائية لمن يحْتَاج أَن يقْلع من صَدره ورئته خلطا لزجا.
وَقَالَ أريباسيوس: صنفاه جَمِيعًا جلاءان إِلَّا أَن السبط لَيْسَ بقوى كالجعد والجعد يسخن إسخانا كَافِيا وَلذَلِك يصلح لقذف الرطوبات من الصَّدْر.)
وَقَالَ النَّوْع الْمُسَمّى دراقيطون مِنْهُ أحد من الْمُسَمّى أأرن وَأكْثر مرَارَة وإسخانا وألطف وَفِيه مَعَ الحدة قبض يسير ومرارة وَلذَلِك صَار دَوَاء قَوِيا من ذَلِك.
إِن أَصله ينقى وَيفتح سدد جَمِيع الأحشاء بتلطيفة الأخلاط الغليظة اللزجة وَهُوَ دَوَاء صَالح للقروح الخبيثة وينقى ويجلو سَائِر الْمَوَاضِع الَّتِي تحْتَاج إِلَى جلاء قوى وينفع البهق مَتى اسْتعْمل وَأما ورقة فانه ينفع من القروح والجراحات القربية وَكلما كَانَ الْوَرق أقل جفافا كَانَ إلزاقه للجراحات أَكثر وَذَلِكَ أَنه إِذا جف كَانَ أَكثر حِدة من أَن يلزق الْجِرَاحَات.
ليثابوطس قَالَ د فِيهِ: إِنَّه ثَلَاثَة أَصْنَاف ولصنف وَاحِد مِنْهَا ثَمَرَة تسمى فجروا.
قَالَ: وَإِذا تضمد بِهَذَا النَّبَات مدقوقا قطع سيلان الدَّم من البواسير وَسكن الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي المقعدة والبواسير الناتئة وأنضج الْخَنَازِير والأورام الْعسرَة النضج.
وَأَصله إِذا اسْتعْمل يَابسا مَعَ الْعَسَل نقى القروح. وَإِذا شرب بِالْخمرِ أَبْرَأ المغس وَوَافَقَ نهش الْهَوَام وأدر الطمث وَالْبَوْل. وَمَتى تضمد بِهِ رطبا حل الأورام البلغمية.
وجميعه إِذا خلط بِعَسَل واكتحل بِهِ أحد الْبَصَر.
وثمره إِذا شرب فعل ذَلِك. وَإِذا شرب بِالشرابِ والفلفل نفع من الصراع وأوجاع الصَّدْر المزمنة واليرقان. وَإِذا تمسح بِهِ مَعَ الزَّيْت أدر الْعرق.
وَمَتى خلط بدقيق الشيلم والخل وتضمد بِهِ وَافق شدخ العضل وأطرافها والنقرس. وَمَتى خلط بخل ثَقِيف نقى البهق.
وَيجب أَن يسْتَعْمل لتفجير الدبيلات بزر الليثابوطس الْمُسَمّى فجروا لِأَنَّهُ حريف يخشن الْحلق لَكِن بزر الْأَصْنَاف الْأُخَر. والمسمى فجروا مسخن وَلذَلِك يخلط فِي الغسولات الَّتِي يغسل بهَا الرؤوس ويذر عَلَيْهَا أَيْضا وَيتْرك ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ يغسل بعد ذَلِك فَيقطع النزل الَّتِي تنصب إِلَى الْعين.
(6/351)
وجدت فِي نُسْخَة اريباسيوس أَنه ثَلَاثَة أَنْوَاع وقوتها جَمِيعًا متشابهة وَهِي ثلاثتها ملينة محللة مقطعَة.
وعصارة أُصُولهَا وحشائشها إِذا خلطت بالعسل أذهبت ظلمَة الْبَصَر الَّتِي تكون عَن غلظ الرطوبات.)
فِي السَّابِعَة فِي ليثابوطس: إِن أَنْوَاع هَذَا الدَّوَاء ثَلَاثَة وَاحِد لَا ثَمَر لَهُ والاثنان بثمران وقوتها كلهَا شَبيهَة بَعْضهَا بِبَعْض وَهِي قُوَّة تحلل وتلين.
وعصارة حشيشه إِذا خلطت بالعسل شفت ظلمَة الْبَصَر الْحَادِثَة عَن الرُّطُوبَة الغليظة.
وطبيخ النَّوْع الَّذِي يُسَمِّيه الرّوم رسمانيون إِذا شربه أَصْحَاب اليرقان نفعهم وَذَلِكَ لِأَن أَنْوَاع هَذَا النَّبَات كلهَا فِيهَا قُوَّة تجلو وتقطع.
لوسماجس هُوَ سراج القطرب ذَكرْنَاهُ فِي بَاب السِّين.
ذكر فِيهِ أَن بزره مَتى نفع من لسعة الْعَقْرَب. وَأما البرى مِنْهُ فانه مَتى أَخذ من بزره درخميان أسهل الْبَطن.
وَقَالَ ج فِيهِ: إِنَّه حَار يَابِس فِي آخر الثَّالِثَة.
لِسَان ابْن ماسويه: إِنَّه غليظ كثير الْحَرَكَة لِاجْتِمَاع الرُّطُوبَة فَيجب أَن يُؤْكَل بالخردل.
بولس: إِنَّه رخو قَلِيل الْغذَاء.
قَالَ ج فِي كتاب الْغذَاء: إِن جوهره مركب من اللَّحْم الرخو وعروق وَعصب وعضل تولد فِيهِ فضل رُطُوبَة.
ليلاب قَالَ د: مَاء ورقة يسهل الْبَطن.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا النَّبَات محللة.
وَقَالَ فِيهِ فِي السَّابِعَة: اللبلاب الَّذِي يعرف بِحَبل الْمَسَاكِين مركب من قُوَّة متضادة وَذَلِكَ أَن فِيهِ جوهرا قَابِضا وَقد بَينا أَن هَذَا الْجَوْهَر بَارِد أرْضى وَفِيه أَيْضا قُوَّة حادة حريفة وَقد بَينا أَن هَذِه الْقُوَّة الحريفة حارة وطعمه شَاهد على ذَلِك وَفِيه مَعَ هَذَا جَوْهَر ثَالِث وَهُوَ الْجَوْهَر المائي الْمَوْجُود فِيهِ مَا دَامَ رطبا فاذا جف انحل عَنهُ هَذَا الْجَوْهَر وبقى فِيهِ ذَلِك الجوهران الأرضيان أَعنِي الْبَارِد الْقَابِض والجوهر الْحَار الَّذِي لَهُ الحدة والحرافة.
وورق هَذَا اللبلاب مَتى طبخ بِالشرابِ مَا دَامَ طريا أدمل الْجِرَاحَات الْكِبَار وشفى الخراجات الخبيثة وَختم القروح الْحَادِثَة عَن حرق النَّار.
وَمَتى طبخ ورقة بالخل نفع الطحال.
وَأما زهرته فَهِيَ أقوى وَبِهَذَا السَّبَب صَارَت مَتى سحقت مَعَ القيروطى كَانَت من أَنْفَع شىء لحرق النَّار.
(6/352)
وَأما عصارة هَذَا النَّبَات فَهُوَ دَوَاء يسعط بِهِ ويشفي أَيْضا الْمَادَّة المتجلبة إِلَى الْأذن إِذا عتقت والقروح العتيقة فِي الْأذن وَفِي الْأنف.
وَإِن كَانَت عصارته فِي بعض الْأَوْقَات حارة فَيجب أَن يخلط مَعهَا دهن ورد ودهن آخر عذب.
وصمغة هَذَا النَّبَات تقتل الْقمل وتحلق الشّعْر لِأَن قوتها قُوَّة تحرق إحراقا خفِيا وَذَلِكَ أَنه بِمَنْزِلَة صمغ ماى.
اريبارسيوس فِي اللبلاب الْكَبِير الَّذِي يصعد على الشّجر: إِن عصارته مُعينَة على تنقية الرَّأْس مَتى استعط بهَا وتقطع الْموَاد المنصبة إِلَى الْأُذُنَيْنِ إِذا أزمنت والقروح الْقَدِيمَة فِيهَا وَسَائِر ذَلِك بِلَفْظ ج.
وَقَالَ ابْن ماسويه: اللبلاب حَار فِي وسط الدرجَة الأولى يَابِس فِي أَولهَا حريف فِيهِ عفوصة يسيرَة يسهل صفراء محترقة وَهُوَ دَوَاء لَا غذَاء.
وَإِن دق وخلط بدهن ورد وموم مصفى وتضمد بِهِ الاحتراق الْكَائِن من النَّار نفع.)
وَإِن دق ورقة وقطر فِي الْأذن أذهب وجعها الْحَادِث من الصَّفْرَاء.
وَمَتى قطر فِي الْأنف نفع من الرَّائِحَة المنتنة الْعَارِضَة فِيهِ وَغسل مَا فِيهِ من الأوساخ.
وَأما لبنه السَّائِل مِنْهُ فان طلى بِهِ الْجَسَد أذهب الْقمل.
وخاصة انه إِذا دق وخلط بالموم الْمُصَفّى ودهن الْورْد نفع من حرق النَّار.
وَمَتى طبخ مَاؤُهُ قل إسهاله وَفتح السدد. وَمَتى شرب غير مطبوخ كَانَ أقوى إسهالا وَأَقل تفتيحا للسدد.
الخوز: اللبلاب بَارِد يسهل وينفع من الْحمى الصالبة.
لوقفرولس قَالَ جالينوس: إِنَّه يجفف تجفيفا لَا لذع مَعَه الْبَتَّةَ وَلذَلِك يخلط بقيروطى وَيسْتَعْمل فِي إدمال الْجِرَاحَات الَّتِي فِي الْأَبدَان اللينة.
وَيسْتَعْمل فِي شيافات الْعين وَهُوَ لين سَاكن اللِّقَاء أَكثر فِي ذَلِك فِي جَمِيع الْحِجَارَة. د: هُوَ حجر مصرى يَسْتَعْمِلهُ القصارون فِي تبييض الثِّيَاب رخو ينماع سَرِيعا وَهُوَ جيد لنفث الدَّم وَهُوَ مغر جيد للاسهال المزمن من وجع المثانة إِذا شرب بِالْمَاءِ.
وَمَتى احتملته الْمَرْأَة قطع الطمث. وَيدخل فِي الشيافات المسكنة المغرية وَالَّتِي للقروح وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يمْلَأ القروح الَّتِي فِي الْعين وَيقطع السيلان إِلَيْهَا.
وَإِن خلط بقيروطى كَانَ جيدا فِي إدمال القروح الخبيثة.
لبخ كَانَ كَانَ جزأه فرشاء أَو هُوَ السدر.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِن لورقه قبضا معتدلا حَتَّى أَنه ينفع نزف الدَّم فِي بعض الْأَوْقَات إِذا ضمد عَلَيْهِ.
(6/353)
لَا لَا حشيشة تجلب من مَكَّة نافعة للبواسير إِذا تدخن بهَا تنثرها وتسكن وجع المقعدة.
يَقُول فِيهِ د: إِنَّه أجمع جيد الكيموس مغذ للبدان ملين للبطن نافخ للمعدة والأمعاء.
وَلبن الرّبيع أَكثر مائية من لبن الصَّيف وَالَّذِي يكون من المرتعى من النَّبَات الرطب أَشد تَلْيِينًا للبطن من الَّذِي يرتعى من الْيَابِس.
والجيد من اللَّبن الشَّديد الْبيَاض المستوى القوام إِذا قطر على الظفر كَانَ مجتمعا لم يتمدد.
وَلبن الْمعز أقل ضَرَرا للبطن من غَيره من الألبان لِأَنَّهُ يرتعى أَشْيَاء قابضة كشجرة المصطكى وَالزَّيْتُون والحبة الخضراء فَلذَلِك صَار لبن الماعز جيدا للمعدة.
وَلبن الضَّأْن ثخين دسم حُلْو لَيْسَ بجيد للمعدة كلبن الْمعز.
وَلبن الأتن وَالْبَقر وَالْخَيْل أَكثر إسهالا للبطن من غَيره من الألبان.
وَلبن الْحَيَوَان المرتعى للعقاقير المنشأة مُفسد للمعدة والأمعاء.
وكل لبن إِذا طبخ كَانَ أَعقل للبطن من غَيره وخاصة مَا نشف مَاؤُهُ بحصى محمى يلقى فِيهِ وينفع من القروح الْبَاطِنَة وخاصة مَا فِي الْحلق وقصبة الرئة والأمعاء والكلي والمثانة والحكة والجرب والبثر وَفَسَاد الْجَسَد بالكيموسات والرديئة.
وَإِذا غلى ذهبت نفخته وَإِذا طبخ بالحصى المحمى إِلَى أَن يذهب نصفه نفع من إسهال الْبَطن مَعَ قرحَة الأمعاء. وَمَاء الْجُبْن مسهل يصلح أَن يذهب نصفه نفع من إسهال الْبَطن مَعَ قرحَة وَمَاء الْجُبْن مسهل يصلح أَن يسهل بِهِ من لَا يُمكن أَن يسقى دَوَاء حادا كَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ أَصْحَاب الماليخوليا والصرع والجرب المتقرح وداء الْفِيل والبثور. وَيخرج مَاء الْجُبْن لهَؤُلَاء بالسكنجبين ويسقى مِنْهُ تسع أَوَاقٍ فِي وَقت بعد وَقت حَتَّى ينتهى إِلَى ثَلَاثَة أَرْطَال وتسع أَوَاقٍ. وَيجب لشاربه أَن يتمشى فِي مَا بَين الْوَقْت وَالْوَقْت.
وَاللَّبن الحليب يصلح للحرقة واللهيب الْعرض من الْأَدْوِيَة القتالة كالذراريح وَنَحْوهَا والسالامندرا)
والبنج والشوكران.
وَلبن الْبَقر خَاصَّة ملائم للمعدة إِذا أكل صَاحبهَا شَيْئا مسموما ويتمضمض بِاللَّبنِ للقروح الْعَارِضَة فِي الْفَم ويتغرغر بِهِ للقروح الْعَارِضَة فِي جَوَانِب الحنك.
وَلبن الْبَقر والضأن والماعز إِذا طبخ بالحصى المحمى قطع الإسهال والمغس والزحير ويحتقن بِهِ وَحده مَعَ مَاء الشّعير للذع المعى والقروح فِي الرَّحِم.
وَلبن النِّسَاء أغذى وَأَشد جلاء من سَائِر الألبان وَإِذا سقى نفع من اللذع الْعَارِض فِي الْمعدة وقرحة الرئة وَشرب الأرنب البحرى.
(6/354)
ويخلط بِهِ كندر ويقطر فِي الْعين للطرفة.
وَمَتى خلط بِهِ أفيون وموم وزيت وطلى على النقرس نفع.
والألبان أجمع رَدِيئَة للطحال والكبد العليلة والعصب والحمى والصداع والسدر والصرع إِلَّا مَاؤُهُ فانه يصلح للشقيقة.
وَزعم قوم: أَن لبن الكلبة فِي أول بطن تضع مَتى لطخ بِهِ الشّعْر حلقه وَمَتى شرب أخرج الأجنة الْمَوْتَى وَكَانَ بادزهرا من الْأَدْوِيَة القتالة.
والجبن الرطب غير الملوح جيد للمعدة هَين السلوك فِي الْأَعْضَاء يزِيد فِي اللَّحْم ويلين الْبَطن تَلْيِينًا معتدلا.
وَمَتى شوى عقل الْبَطن.
وَمَتى ضمدت بِهِ الْعين الوارمة ورما حارا نَفعهَا. وينفع من اللَّوْن الْعَارِض تَحت الْعين.
والجبن الحَدِيث الملوح أقل غذَاء من الرطب الَّذِي لَا ملح فِيهِ وَهُوَ ينقص اللَّحْم ردىء للمعدة والأمعاء.
والجبن الْعَتِيق يعقل الْبَطن.
وَمَاء الْجُبْن يغذو الْكلاب.
وَأما الزّبد: فقوته ملينة وَمَتى أَكثر مِنْهُ أسهل الْبَطن. وَيقوم مقَام الزَّيْت فِي علاج الْأَدْوِيَة القتالة.
وَمَتى خلط بِعَسَل ودلكت بِهِ لثة الصبى نفع وأسرع نباتها ونفع الوجع فِي اللثة والقلاع. وَمَتى طلى بِهِ الْجِسْم غذاه وأسمنه وَلم يعرض لَهُ حصف.)
والطرى مِنْهُ جيد إِذا احتقن بِهِ للأورام الحارة الصلبة الْعَارِضَة فِي الرَّحِم والأمعاء. وَإِذا كَانَ ورم فِي الرَّحِم حقن الْقبل.
ويخلط فِي الْأَدْوِيَة المفتحة وَينْتَفع بِهِ فِي أدوية جراحات العصب وحجب الدِّمَاغ وفم الْمعدة ويملأ القروح وينقيها ويبنى اللَّحْم فِيهَا.
وَمَتى وضع على نهشة الأفعى نفع مِنْهَا.
ودخان الزّبد يدْخل فِي أدوية الْعين فيجفف وَيقبض قبضا رَقِيقا وَيقطع سيلان الْموَاد ويملأ قروحها سَرِيعا.
وَقَالَ ج: أَجود اللَّبن مَا لم يشبه بشىء من الخلاط المعتدل القوام الصافي اللَّوْن الَّذِي إِذا تطعمته لم تَجِد فِيهِ حموضة وَلَا حراقة وَلَا ملوحة بل تكون فِيهِ حلاوة يسيرَة ورائحته طيبَة غير مذمومة فَمَا كَانَ مِنْهُ على هَذِه الصّفة فتولده عَن الدَّم الصَّحِيح البرىء عَن الْآفَات وَإِذا كَانَ كَذَلِك نفع من النَّوَازِل الحريفة اللذاعة ونقى الْأَعْضَاء من الكيموسات الرَّديئَة بِغسْلِهِ لَهَا وجلائه إِيَّاهَا ويلحج فِيهَا ويلصق بهَا فَيمْنَع حِدة الأخلاط الحريفة من الْوُصُول
(6/355)
إِلَيْهَا كَمَا يفعل ذَلِك يجب أَن يمص من الثدى.
وأوفق هَذِه الألبان ألبان النِّسَاء الصحيحات الْأَبدَان اللواتي لم يطعن فِي السن وَلم يكن فِي سنّ الفتيات بل تكون الْمَرْأَة نصفا معتدلة المزاج محمودة الْغذَاء يكون الْغذَاء مولدا للكيموسات النقية.
وَبعد ألبان النِّسَاء فِي الْجَوْدَة والموافقة فألبان الْحَيَوَانَات الَّتِي لم تبعد عَن طبيعة الْإِنْسَان.
وروائح لُحُوم الْحَيَوَانَات تدل على جودة أَلْبَانهَا ودمائها وصحتها وَبعدهَا وقربها من مزاج الْإِنْسَان إِذْ فِي الْحَيَوَان مَا لَحْمه منتن الرَّائِحَة كلحم الْكَلْب وَالذِّئْب والأسد والفهد والضباع والدببة وَنَحْوهَا. وَأما لُحُوم الْحَيَوَانَات الطّيبَة الروائح كلحوم الضَّأْن والخنازير والمعز وَالْبَقر وَالْخَيْل والحمر الْأَهْلِيَّة والوحشية والظباء وَنَحْوهَا مِمَّا يغتذى بهَا أَكثر النَّاس فهى قريبَة من طبيعة الْإِنْسَان ملائمة لَهُ وَلذَلِك تسْتَعْمل ألبان الْبَقر والمعز وَالْحمير فِي الْأَكْثَر.
ويتخذ من أَلْبَانهَا الْجُبْن مَا خلا ألبان الْحمير فانها رقيقَة مائية لَا جبنية فِيهَا وَلَا غلظ وَلَا دسم.
فَأَما لبن الْبَقر فغليظ كثير الدسم. وألبان الْمعز وسط بَين ذَلِك.)
وَاللَّبن مركب من ثَلَاثَة جَوَاهِر: جبنية ومائية وزبدية فاذا ميزت هَذِه الْجَوَاهِر بالعلاج وَفَارق وَالسمن غَالب على لبن الْبَقر وَلذَلِك يتَّخذ مِنْهُ أَكثر.
وَالسمن مُحَلل منضج يسْتَعْمل فِي الأورام الَّتِي خلف الْأذن وَفِي الأربيتين وَغَيرهَا إِذا أردنَا تليينها وإنضاجها.
وَأما قُوَّة مَاء اللَّبن الَّذِي يتَمَيَّز من الدسم والجبينة فانه ينقى وَيغسل الأحشاء وينقى عَنْهَا الفضول العفنية وَيفْعل ذَلِك بِغَيْر لذع يسكن اللذع مَتى شرب أَو احتقن بِهِ وَيغسل القروح الَّتِي فِيهَا قيح ردىء فَاسد ويبرئها. وَقد يخلط بِهَذَا المَاء الْأَدْوِيَة الَّتِي تفش المَاء النَّازِل إِلَى الْعين وَيسْتَعْمل فينفع من ذَلِك. وَهُوَ يجلو الكلف ويشفى أورام الْعين وَالدَّم المنصب إِلَيْهَا مَعَ بعض الْأَدْوِيَة الْمُوَافقَة لذَلِك.
وَإِذا اسْتعْمل اللَّبن وَفِيه جبنية فانه يلصق الأحشاء ويسكن لذع الأخلاط المؤذية ويسكن انطلاق الْبَطن المفرط وَيقطع اخْتِلَاف الْأَشْيَاء اللزجة الدموية بعد طبخه بِالْحِجَارَةِ المحمية حَتَّى تفنى مائيته أَو يطْبخ مَكَان الْحِجَارَة بِقطع حَدِيد مستديرة صقيلة وَيكون لَهَا مقابض فَحِينَئِذٍ تكون أَجود من الْحِجَارَة للقبض الَّذِي فِي الْحَدِيد. وَجَمِيع الألبان نافعة من الرمد الْكَائِن من النَّوَازِل الحارة وَرُبمَا عالجنا بِهِ مُفردا
(6/356)
وَرُبمَا خلطنا بِهِ بعض الشيافات وَرُبمَا بدهن ورد وشىء من بَيَاض الْبيض وجعلناه على الأجفان الوارمة فينفعها.
وتحقن بِهِ الأورام والأرحام القرحة إِمَّا وَحده وَإِمَّا مخلوطا بِمَا يُوَافق للقروح من الْأَدْوِيَة.
وَكَذَلِكَ يسْتَعْمل للقروح الْحَادِثَة فِي المقعدة عَن خلط لذاع. وَينْتَفع بِهِ فِي البواسير وقروح الْأُنْثَيَيْنِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فِي كل ورم لذاع أَو قرحَة سيالة من كَثْرَة رُطُوبَة لذاعة.
ويخلط بِهِ الدَّوَاء الَّذِي يتَّخذ من أتاتين الَّتِي ذوب فِيهَا النّحاس فينفع من القروح السرطانية ويسكن وجعها.
ويتمضمض بِهِ لقروح الْفَم فيسكن أوجاعها وينفع من أورام اللوزتين واللهاة إِذا تغرغر بِهِ.
وَإِذ كَانَ جوهره بَرِيئًا من اللذع فَبِحَق يسكن الأوجاع وخاصة مَتى طبخ فانه حِينَئِذٍ يكون بَالغ الْمَنْفَعَة فِي ذَلِك وَلذَلِك يسْقِيه الْأَطِبَّاء لشارب الدَّوَاء الْقَاتِل كالذراريح وَنَحْوهَا فينفعهم.
وَأما ألبان الْكلاب فقد ذكرلها مَنَافِع لم تصح كَقَوْلِهِم: إِنَّه إِذا لطخ بِهِ خصى الغلمان وعاناتهم لم تنْبت الشّعْر وَكَذَلِكَ قَوْلهم فِي لطخه على مَوضِع الشّعْر الَّذِي ينتف من بَاطِن الجفن)
وإخراجه للجنين الْمَيِّت إِذا شربته الْمَرْأَة. كل هَذِه الْأَقَاوِيل خدع وأباطيل.
فَأَما الْجُبْن فانما هُوَ لبن جامد وَلَكِن لَيْسَ جَمِيع الألبان يجمد وَيقبل التجبن بل إِنَّمَا يفعل ذَلِك مَا كَانَ الغلظ عَلَيْهِ أغلب فيسهل انْعِقَاده ومفارقته للْمَاء.
وَأما الْجُبْن الْعَتِيق فقد يعرض لمن ذاقه وَشمه حرافة وحدة.
وَقد أتيت مرّة بِرَجُل فِي محفة اعتراه وجع المفاصل وَكَانَ فِي مفاصله كالحصى فحطر ببالي أَن أعمد إِلَى كوارع الْخَنَازِير المملوحة كَانَت بالحضرة فطبختها وعجنتها بذلك الْجُبْن الْعَتِيق وَكَانَ حَاضرا بمرقبة ومرسته مرسا نعما وَوَضَعته على مفاصله وَحين فعلت ذَلِك انْتفع بِهِ جدا. وَذَلِكَ أَن جلد الْموضع تشقق من تِلْقَاء نَفسه من غير بط بحديد فَكَانَ يخرج مِنْهُ يَوْمًا بعد يَوْم بِلَا أَذَى أَجزَاء من تِلْكَ الْحَصَى فَهَذَا مَا وجدته مَا وجدته بالفكرة وَتحقّق عندى بالتجربة.
فَأَما الْجُبْن الحَدِيث فقوته مُخَالفَة لقُوَّة الْعَتِيق وَقد ضمدت بِهِ جرحا بعد أَن سحقته ثمَّ علوته بورق الحماض فبرأ جرح ذَلِك الرجل لِأَنَّهُ لم يكن خبيثا. وَإِنَّمَا جعلت ذَلِك البقلة إِذْ لم يحضرني غَيرهَا. وَأما أَنْت فان لم تجدها فَاسْتعْمل بدلهَا ورق الْكَرم أَو السلق أَو الخس أَو الدلب فَإِنَّهُ يجزئك.
وَأما الْجُبْن الْمُتَّخذ من اللَّبن الحامض فَفِيهِ مَعَ الْقُوَّة الْمَانِعَة المبردة قُوَّة أُخْرَى تحلل تحليلاً يَسِيرا.
(6/357)
وَأما الزّبد وَالسمن فقوته منضجة وَفعله ذَلِك فِي الْأَبدَان اللينة أقوى وأنجح. وَأما فِي الجاسية الصلبة فقوته تضعف عَنْهَا.
وَإِذا كَانَ على مَا ذكرنَا فَهُوَ نَافِع من الأورام الْحَادِثَة فِي الْأُصُول الْأذن والأربية والفم فِي الْأَبدَان وَرُبمَا لطخنا بِهِ أوراما ودبيلات فِي أبدان الغلمان وَالنِّسَاء وَحده فشفيناهم بِهِ.
وَكَثِيرًا مَا لطخنا بِهِ غلظ اللثة والعمور وخاصة فِي لثة الطِّفْل.
وَإِذا أردنَا إسراع نَبَات أَسْنَانه دلكنا لثة الصبى بِهِ.
وينفع أيضاا سَائِر أورام الْفَم ويخلط بِبَعْض الْأَشْيَاء الَّتِي يعْمل مِنْهَا الضمادات وتوضع على الشراسيف وأورام الحالبين وَغَيرهَا من الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا أورام ودبيلات فيحلها.
وَإِذا لعق مِنْهُ مخلوطا بِعَسَل كَانَت منفعَته من النفث الْكَائِن من الرئة فِي أَصْحَاب ذَات الْجنب أورام الرئة عَجِيب وَكَانَ معينا على النضج وَهُوَ مَعَ ذَلِك ينضج.)
وَهُوَ أعنى الزّبد مَتى لعق وَحده بِغَيْر عسل كَانَت معونته على أَكثر وعَلى النفث أقل وأضعف فعلا. وَإِذا كَانَ مخلوطا بِعَسَل ولوز مر كَانَت قوته على النفث أَكثر وعَلى النضج أقل. وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الألبان تخْتَلف لاخْتِلَاف أَنْوَاع الْحَيَوَان وأوقات السّنة فلبن الْبَقر أغْلظ الألبان وَلَا يزَال يغلظ مَا امْتَدَّ الزَّمن أَولا أَولا حَتَّى يَنْقَطِع أصلا. وَيكون فِي الرّبيع رطبا جدا وكميته أَكثر.
وَاللَّبن الأغلظ أوفق لمن يُرِيد كَثْرَة الْغذَاء وَأَقل إطلاقا للبطن. والمطبوخ بِقطع الْحَدِيد إِلَى أَن تفنى مائيته يسقى لمن يعرض لَهُ لذع فِي معدته من فضل حاد وَيعْقل الْبَطن.
وَيجب أَن تعلم أَن اللَّبن الْمَطْبُوخ بالحديد والحصى يتجبن فِي الْمعدة وَلذَا صرنا نخلط مَعَه عسل القراح على اللَّبن بعد ذهَاب مائيته لِأَن الْأَطِبَّاء لم يهربوا من مائية اللَّبن بل من الحدة الَّتِي يُطلق بهَا الْبَطن وَلبن الْمعز أرق وَأَقل دسما من لبن اللقَاح.
وَأما لبن الأتن فالجبن وَالدَّسم فِيهِ قَلِيل وَلذَلِك لَا يتجبن فِي الْمعدة إِلَّا فِي الندرة مَتى يشرب وَهُوَ حَار سَاعَة يحلب فَمَتَى خلط مَعَه عسل وملح لم يُمكن أَن ينْعَقد فِي الْمعدة من أجل رطوبته صَار يُطلق الْبَطن أَكثر لِأَن إِطْلَاق الألبان للبطن إِنَّمَا تكون بِهَذِهِ المائية لِأَن الجبينة قوتها عَاقِلَة للبطن.
وبحسب مَا عَلَيْهِ مَاء اللَّبن من الصّفة فِي توليد الدَّم الْجيد إِذا قيس إِلَى سَائِر أَجزَاء
(6/358)
اللَّبن كَذَلِك تعرف سَائِر الْأَشْيَاء الْأُخَر الْمُطلقَة وأحسب أَنه بِهَذَا السَّبَب كَانَت القدماء تستعمله فِي إِطْلَاق الْبَطن للبطن.
وينبغى أَن تخلط مَعَه من الْعَسَل مِقْدَار مَا يستلذه الشَّارِب وَلَا يغثى نَفسه وَكَذَلِكَ من الْملح بِمِقْدَار مَا لَا يُؤْذى حاسة الذائق.
وَمَتى أردْت أَن تطلق الْبَطن أَكثر فَاجْعَلْ الْملح أَكثر.
فَأَما اللَّبن الردىء الْخَلْط فانه يبلغ من رداءته أَن يفْسد أخلاط الْجَسَد وَلَو كَانَت جَيِّدَة. وَإِنِّي لأعرف طفْلا كَانَت جَيِّدَة مرضعته رَدِيئَة اللَّبن فَامْتَلَأَ بدنه قروحا.
وَلَو أَن حَيَوَانا رعى سقمونيا أَو يتوعا أَو نَحْوهَا لأطلق لبنة الْبَطن فَلذَلِك يجب أَن تفهم مَا قلته فِي اللَّبن مِمَّا مثلته: أَنه أَجود الأغذية فِي توليد الدَّم الْجيد اللَّبن الْجيد الَّذِي فِي غَايَة الْجَوْدَة.)
فَأَما اللَّبن الَّذِي ينقص من غَايَة الْجَوْدَة فبحسب ذَلِك نقصانه عَن الْمرتبَة الَّتِي ذكرنَا فِي نفع الْبدن إِلَّا أَن اسْتِعْمَال اللَّبن الْكثير المائية وَإِن دَامَ أقل خطرا من غَيره.
فَأَما اللَّبن الْكثير الجبنية الْقَلِيل المائية فَلَيْسَ إدمانه مَحْمُودًا لجَمِيع النَّاس وَذَلِكَ أَنه يُولد الْحَصَى فِي الكلى والسدد فِي الكبد فِيمَن كَانَت هَذِه الْأَعْضَاء مِنْهُ مستعدة لذَلِك.
فَأَما الصَّدْر والرئة ونواحيها فالألبان كلهَا مُوَافقَة لَهَا.
فَأَما الرَّأْس فالألبان غير مُوَافقَة لَهُ وتضره إِلَّا أَن يكون قَوِيا جدا وَكَذَلِكَ فان اللَّبن غير مُوَافق للجنبين إِذْ كَانَت النفخة تسرع إِلَيْهِمَا لِأَنَّهُ يتَوَلَّد مِنْهُ ريَاح فِي أَكثر معد النَّاس.
وَإِذا طبخ اللَّبن مَعَ بعض الأغذية المولدة للخلط الغليظ ذهبت نفخته إِلَّا أَنه يكون أبلغ فِي توليد السدد والحصى.
وَهَذِه الأغذية مثل السميذ والحندروس والنشا والعطرية وخبز الفرن وَالْملَّة والفطير وَاللَّبن على مَا ذكرنَا جيد الْغذَاء كَثِيرَة إِلَّا أَنه مركب من شَيْء يعقل وَشَيْء يلطف يُطلق شَيْء يحدث السدد وَشَيْء يلطف الأخلاط الفليفة وَذَلِكَ أَن مَاء اللَّبن الأخلاط الغليظة وَذَلِكَ أَن مَاء اللَّبن يلطف الأخلاط الغليظة وَيُطلق الْبَطن.
وجبنه حَابِس للبطن مولد للأخلاط الغليظة الَّتِي من أجلهَا تحدث السدد والحصى.
وإدامة اللَّبن يضر بالأسنان واللثة وَيحدث فِي اللثة ترهلا وَفِي الْأَسْنَان سرعَة عفن وتأكل فَلذَلِك يجب أَن يتمضمض بعده بشراب ممزوج. والأجود أَن يخلط مَعَه عسل فان ذَلِك مِمَّا يذهب بالجبنية الَّتِي تلزق بالأسنان واللثة ويجلوها.
وَإِن كَانَ مِمَّا يضر رَأسه فليتمضمض بِالشرابِ الصّرْف
(6/359)
فانه أصلح. وأجود من ذَلِك فِي دفع الضَّرَر عَن اللثة والأسنان مَتى خلط الْعَسَل بِالشرابِ الصّرْف فانه أصلح وأجود من أَن يتمضمض أَولا بِمَاء الْعَسَل ثمَّ يتمضمض بشراب صرف قَابض. رأئب فَأَما اللَّبن الحامض فانه لَا يضر بالأسنان إِلَّا من جنس الضرس مثل سَائِر الْأَشْيَاء الحامضة الْبَارِدَة والعفصة. والمعد الْبَارِدَة لَا تستمرىء اللَّبن الحامض على أى الْجِهَات كَانَ استمراء جيدا. والمعد الْبَارِدَة والحارة يفْسد اللَّبن فيهمَا أما فِي الحارة فبأن ينْتَقل إِلَى الدخانية.
وَفِي الْبَارِدَة إِلَى الحموضة لَكِن الرائب الحامض يصلح للمعدة الحارة وَينْتَفع بِهِ غَايَة الْمَنْفَعَة وَأما الْمعد المعتدلة فيعسر استمراء الرائب الحامض فِيهَا إِلَّا أَنه على حَال لَا يقويها على)
هضمه حَتَّى لَا تهضمه أصلا.
مخيض فَأَما المخيض من اللَّبن الَّذِي قد أخرج زبده فانه لَا يَسْتَحِيل إِلَى الدخانية الْبَتَّةَ وَلَا فِي معدة فِي غَايَة توليد المرار والالتهاب لِأَنَّهُ قد فَارقه الْجُزْء الدسم والحار الَّذِي فِي مائيته وَمَا بقى فَهُوَ الْجُزْء الجبنى قد اسْتَحَالَ إِلَى أبرد مِمَّا كَانَ.
وَإِذا كَانَ كَذَلِك فانا نقُول: إِن هَذَا اللَّبن المخيض يُولد خلطا غليظا بَارِدًا وَلذَلِك لَا تستمريه المعتدلة ويولد الخام.
قَالَ: وينفع هَذَا الْغذَاء وَمَا جرى مجْرَاه الْمعدة الملتهبة وَهُوَ فِي غَايَة الْإِضْرَار بالمعدة الْبَارِدَة.
وَقَالَ: واللبأ إِذا لم يخلط بِعَسَل كَانَ أَبْطَأَ انهضاما وأبلغ فِي توليد الْخَلْط الغليظ وَأَبْطَأ فِي الانحدار عَن الْمعدة والنفوذ فِي الأمعاء.
وَإِذا خلط بِعَسَل كَانَ مَا يحظى بِهِ الْبدن مِنْهُمَا جَمِيعًا من الْغذَاء مِقْدَارًا كثيرا.
قَالَ: وَأما الْجُبْن فانه يزْدَاد حِدة من أجل الأنفحة وينقى عَنهُ جَمِيع رُطُوبَة مائية اللَّبن وَلَا سِيمَا إِذا عتق فانه فِي ذَلِك الْوَقْت يكون أحد والحرارة المحرقة فِيهِ أبين فَيكون إحداثه للععطش بِهَذَا السَّبَب أَكثر وانهضامه أعْسر وَلذَلِك لَا يَسْتَفِيد الْجُبْن من الْأَشْيَاء الحريفة الحادة الملطفة الَّتِي تخلط بِهِ صلاحا وجوده كَمَا يَسْتَفِيد ذَلِك مِنْهَا جَمِيع الْأَطْعِمَة الغليظة مَتى خلطت بهَا لكنه يزْدَاد عِنْد مَا تخلط مَعَه رِدَاءَهُ لِأَن الْمضرَّة الدَّاخِلَة عَلَيْهِ من أجل هَذِه الْأَشْيَاء زَائِدَة فِي رداءة غذائه. وحرارته المتحرفة تعم الْمَنْفَعَة الَّتِي يستفيدها من تلطيف هَذِه الْأَشْيَاء الغليظة.
وَإِذا خلط الْجُبْن بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كَانَ فِي تِلْكَ الْحَال لَيْسَ يسير الْإِعَانَة على توليد الْحَصَى فِي الكلى لِأَن الْحِجَارَة تتولد فِي الْأَبدَان الَّتِي يجْتَمع فِيهَا خلط غليظ مَعَ حرارة نارية ملتهبة وَلذَلِك يجب أَن يحذر من الْجُبْن مَا كَانَ فِي مثل هَذِه الْحَال لِأَنَّهُ لَا خير فِيهِ للانهضام وَلَا للنفوذ وَلَا لإدرار الْبَوْل وَإِطْلَاق الْبَطن وَلَا فِي جودة الْغذَاء.
(6/360)
والجبن الَّذِي على هَذِه الْحَال مَا كَانَ لَيْسَ بعتيق وَلَا حريف وَلَا حاد فانه وَإِن كَانَ هَكَذَا فَهُوَ ردىء إِلَّا أَن رداءته أقل من رداءة الْجُبْن الْعَتِيق.
وَأفضل أَنْوَاع الْجُبْن الْمُتَّخذ من اللَّبن الحامض وَهُوَ ألذها وأنفعها للمعدة وأسرعها انهضاما وانحدارا وَلَيْسَ غذاؤه بردىء إِلَّا أَن الدَّم الْمُتَوَلد مِنْهُ غليظ. وَذَلِكَ أَمر يعم جَمِيع الْجُبْن.)
والجبن اللين أفضل من الصلب والرخو المتخلخل أفضل من المتكاثف والجبن المتين العلك والهش المتفرك رديئان وأفضلهما الْمُتَوَسّط بَين هذَيْن وَإِنَّمَا يعرف فَضله من الطّعْم.
وأفضله وأجوده مَا لَا طعم قوى فِيهِ وَلَكِن الْحَلَاوَة والعذوبة أغلب عَلَيْهِ قَلِيلا واللذيذ أفضل من الكريه وَالَّذِي فِيهِ من الْملح مِقْدَار معتدل أفضل من الَّذِي لَا ملح فِيهِ الْبَتَّةَ.
والجبن الَّذِي يقل طعمه فِي الجشاء هُوَ أفضل وَمَا بقى طعمه فِي الجشاء لَا بثا فَلَيْسَ بمحمود لِأَن مَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ عسر الانهضام والاستحالة. وَقَالَ فِي كتاب الكيموس: الْغَالِب على لبن اللقَاح والأتن المائية وعَلى لبن النعاج الجبنية وعَلى لبن الْبَقر الدسم وَلبن الْمعز معتدل فِي هَذِه الثَّلَاثَة وَلَيْسَ من الْحرَّة أَن يشرب الْإِنْسَان لبن الْمعز بِلَا عسل لِأَنَّهُ كثيرا مَا يتجبن فِي الْمعدة.
وَأفضل الألبان لبن الْحَيَوَان الصَّحِيح المخصب.
وَجَمِيع الْجُبْن غليظ الْخَلْط فان كَانَ عتيقا فَهُوَ مَعَ ذَلِك ردىء الْخَلْط. وكيموس الطرى أقل غلظا وألين يبرىء قُرُوح الرئة وَحده. وَمَعْلُوم أَن ذَلِك إِنَّمَا يكون مِنْهُ قبل أَن تعظم القرحة وتصلب.
وَلبن النِّسَاء أَحْمد فِي علاج السل وَيجب أَن يمص من الثدى لِأَنَّهُ يعْدم بعض فضائله سَاعَة يخرج من الثدى.
مَجْهُول: اللَّبن يمْلَأ الْمعدة وتولد كثرته حمى وقملا.
وَقَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: اللَّبن أفضل الأغذية للأخلاط السوداوية والبثور والعفن فِي الْأَعْضَاء والسموم وَهُوَ حَار رطب قوى فِي ذَلِك. وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُ قد انهضم أَكثر من انهضام الدَّم وَعَن الدَّم كَانَ فَهُوَ أَشد مِنْهُ انهضاما.
حنين: ينظر أى الْأَعْضَاء هضمته فأنما هضمته أَعْضَاء بَارِدَة يهضمه غدد الثديين وهما باردان.
روفس: وَلِأَن اللَّبن دسم نضيج صَار إلهابه للحرارة سَرِيعا سهلا وَلذَلِك صَار يعطش وإشعاله للحمى سهل سريع.
(6/361)
قَالَ حنين: ذَلِك لسرعة استحالته إِلَى مَا يُصَادف.
روفس: وَمَتى تنَاوله إِنْسَان فِي كل يَوْم رطب بدنه وأحدث ثقلا فِي الرَّأْس ودوارا وجشاء حامضا وينفخ الْمعدة وَبعد أَن يُولد دَمًا جيدا يحبس الطبيعة فِي بعض الْأَوْقَات ويطلقها فِي)
بعض.
وَلبن كل حَيَوَان على حسب دَمه من الغلظ أَو من الرقة فان دم الْبَقر غليظ وَكَذَلِكَ لبنة غليظ. وَدم الْمعز رَقِيق وَكَذَلِكَ لبنة.
روفس: لبن الرماك يلى لبن الْمعز فِي الرقة.
حنين: لبن الرماك وَلبن الْحَيَوَان الَّذِي يكد وَيعْمل أَو يرتاض أبيس وَلبن الْحَيَوَان الحبلى فَاضل اريباسيوس فِي الزّبد: إِن فِيهِ مَعَ أَن قوته منضجة شَيْئا من الْقُوَّة المحللة وَلذَلِك يبرىء مَرَّات كَثِيرَة الأورام الَّتِي تعرض فِي أبدان النِّسَاء والأورام الَّتِي تعرض فِي جَانب الْأذن وَالَّتِي فِي الحالبين وأورام الْفَم وَسَائِر الآورام الَّتِي تعرض للمرطوبين كأبدان الصّبيان وأبدان النِّسَاء.
وَقَالَ: إِن اللَّبن سريع التَّغْيِير بالهواء الْحَار والبارد أَيْضا يُفْسِدهُ.
وَينْقص فَضله مَتى لم يسْتَعْمل سَاعَة يحلب أَو من ثدى الْمَرْأَة أَو غَيرهَا من يحلب مِنْهُ.
وَجُمْلَة اللَّبن ينفع من الْموَاد الحارة المنصبة إِلَى الْعين وَالدَّم المنعقد فِيهَا وللآثار الَّتِي تحدث فِي الْوَجْه وَإِذا كَانَ فِي الْعين ورم ثمَّ وضع على الأجفان من خَارج مَعَ بيض ودهن ورد خام فِي وَقت النّوم حلل تِلْكَ الأورام.
وَيجب أَن يسْتَعْمل فِي ذَلِك لبن امْرَأَة صَحِيحَة محمودة التَّدْبِير حِين يحلب وَيسْتَعْمل أَيْضا فِي قُرُوح الْأَرْحَام وَفِي جَمِيع الْأَعْضَاء الَّتِي تحْتَاج فِيهَا إِلَى تسكين ورم حَار أَو لذاع أَو عِلّة خبيثة.
قَالَ: وَإِذا عزمنا على إِعْطَاء اللَّبن لأَصْحَاب اخْتِلَاف الدَّم وَجَمِيع الَّذين يخرج مِنْهُم بالإسهال فضول حادة فقد يجب أَن يتَقَدَّم فِي طبخه بالحصى حَتَّى يذهب أَكثر مائيته فان طبخناه بِقطع الْحَدِيد صَار أقوى كيثرا.
وَقَالَ ابْن ماسويه: فِي لبن الْإِبِل ملوحة وحدة وَاللَّبن ضار للمبلغمين. وطبع اللَّبن عِنْد حلبه حَار رطب وحرارته يسيرَة وَدَلِيل حرارته حلاوته وقربه فِي الاستحالة إِلَى الدَّم والإكثار مِنْهُ يُولد الْحَصَى فِي المثانة ويتجبن فِي الْمعدة وَأكْثر مَا يكون اللَّبن نَافِعًا لمن طَبِيعَته حارة يابسة وَلَيْسَ فِي معدته صفراء.
والحامض مِنْهُ بَارِد يَابِس إِذا قسته إِلَى الحليب عسر الانهضام
(6/362)
ويتمضمض بعد أكل اللَّبن بالنبيذ الصّرْف أَو بِمَاء السماق مَعَ العاقر قرحا أَو الْخلّ وَالْعَسَل أَو بِالْمَاءِ لِئَلَّا تفْسد اللثة. وَلَا يجب أَن يَأْكُل الحليب من يجد جشاء دخانيا.)
وَلبن النِّسَاء نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة والكلى والمثانة.
وَكَذَلِكَ لبن الأتن وَلبن الْبَقر المنزوع الزّبد نَافِع من تطفئه الْحَرَارَة ومقو للمعدة معدل لَهَا.
وَكَذَلِكَ لبن اللقَاح نَافِع للسدد المتولدة فِي الكبد من الدَّم الغليظ.
وَلبن الْإِبِل يدر دم الْحيض الْمُنْقَطع من الْحَرَارَة واليبس.
والأحمد اجْتِنَاب اللَّبن الْبَتَّةَ إِذا لم يكن الْجَسَد نقيا.
مَجْهُول: لَا يسقى اللَّبن الضُّعَفَاء الرؤوس وَلَا المنتفخ مِنْهُم مَا تَحت الشراسيف لِأَنَّهُ يزِيد فِيهَا ويصدع الرَّأْس ويملؤه وَلَا الضِّعَاف الْمعدة وَلَا المحمومين.
وَيصْلح إِن أردته لِأَن ترطب بِهِ بدنا حارا يَابسا مخيض الْبَقر الحامض المنزوع الزّبد ولأصحاب السل لبن الأتن.
ولمشى الدَّم يخرج زبد لبن الْمعز وَهُوَ حليب حُلْو ويستقصى ذَلِك ثمَّ يطْبخ بِقطع الْحَدِيد المحماة بعد أَن يصب عَلَيْهِ مثله من المَاء وَلَا تزَال تطبخه حَتَّى يذهب ذَلِك المَاء فان هَذَا نَافِع جدا.
وَيقطع الخراطة وَالدَّم قطعا عجيبا. وَأكْثر مَا يسقى مِنْهُ ثلثا مِنْهُ رَطْل. ومخيض الْبَقر الحامض يطفىء الصَّفْرَاء وَيقطع الِاخْتِلَاف المفرط الْكَائِن مِنْهَا.
وَلبن الأتن وَالنِّسَاء نَافِع من قُرُوح الرئة.
وَلبن اللقَاح نَافِع من حرارة الكبد ويبسها نفعا بليغا وَهُوَ أحر من سَائِر الألبان. ويسقى مِنْهُ من رَطْل إِلَى رطلين حليبا بسكر الْعشْر وزن خَمْسَة دَرَاهِم فينفع الاسْتِسْقَاء الْحَار.
وَيجب أَن يتمضمض بعد اللَّبن بِمَاء الْعَسَل وَالشرَاب أَو بسكنجبين لِأَن اللَّبن يفت الْأَسْنَان ويرخى اللثة.
وَإِذا ولد اللَّبن فِي الْمعدة جشاء دخانيا فاقطعه واستفرغ الشَّارِب لَهُ صفراء. وَإِذا ولد حموضة فَأَقل مِنْهُ واقطعه أَيَّامًا ثمَّ اغذه.
وَإِن أدمن اسْتِعْمَاله فليجعل مَعَ بعض الملطف لتأمن من تولد الْحَصَى.
وَمَاء الْجُبْن يسهل الأخلاط الْمُحْتَرِقَة إِذا عمد بسكنجبين وَألقى فِيهِ بعد ملح وغلى وَأخذت رغوته.
وَاللَّبن ردىء للكبد وَالطحَال نَافِع للصدر إِذا كَانَ حلوا.)
والجبن حريف من أجل الأنفحة حَار وأعتقد أردؤه وَهُوَ يعطش لملوحته.
والأنفحة ضارة للمعدة مولدة للقولنج تعقد الْبَطن عقدا شَدِيدا.
(6/363)
والزبد نَافِع من خشونة الْجَسَد من دَاخل وَمن خَارج الْعَارِض من السَّوْدَاء وكل خشونة تحدث كالقوابي وَنَحْوهَا.
اليهودى: لبن الأتن نَافِع من عسر الْبَوْل واللهب واشتعال الْقلب والرئة جيد لقروح الرئة دَافع لكل أمراض الصَّدْر جيد لقروح المثانة ومجارى الْبَوْل يسقى مِنْهُ قدر ثَلَاث أَوَاقٍ أَو نَحْوهَا من أتان شهباء مصلحَة الْعلف.
وَلبن الْمعز قَالَ: يَسْتَحِيل إِلَى دم جيد نَافِع للسعال وَنَفث الدَّم والسل ونهول الْجِسْم.
وَلبن الضَّأْن جيد للسعال والربو ويصفى اللَّوْن جدا ويكسب اللَّحْم وَيزِيد فِي الدِّمَاغ والنخاع والباه.
وَلبن اللقَاح: نَافِع للْمَاء الأصفراء والبهر وضيق النَّفس وَيفتح سدد الكبد ويقوى الْجِسْم.
ويسقى مَعَ سكر لتصفية لون النِّسَاء.
ومخيض الماعز نَافِع للصفراء إِذا أَخذ على مَا فِي بَابه واللاحتراق واليرقان والحمى المفرط إِذا أكل مَعَه الْجُبْن. ويسقى مَعَ خبث الْحَدِيد للصفار. ويسقى اللَّبن نَفسه للسمنة.
جملَة اللَّبن قَالَ روفس فِي كتاب اللَّبن: اللَّبن يخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف نوع الْحَيَوَان وَسنة وسخنته وغذائه ورياضته وَقرب عَهده بِالْولادَةِ وصنعته وبجوهره وَيَقَع ذَلِك من الْخلاف مَا يُمكن أَن يكون دَوَاء وغذاء وَيخْتَلف ذَلِك أَيْضا بِحَسب الْأَبدَان. فان من النَّاس من يخف عَلَيْهِ شرب الْقَلِيل وَإِن أَكثر مِنْهُ بالضد.
قَالَ: وَلبن اللقَاح أرق الألبان وأبطأها انحدارا عَن الْمعدة على أَن مَا فِيهِ من المائية كثير وَقد جرب ذَلِك.
وَلبن الضَّأْن أغْلظ الألبان وأكثرها جبنا بطىء الانحدار يلهب الْبَطن.
وَلبن الرماك والأتن أسْرع انحدارا.
وَلبن الْبَقر يغذو غذَاء مَحْمُودًا ويسهل إسهالاً يَسِيرا وَلبن الْمعز أَضْعَف إسهالاً من لبن الْبَقر.
فَأَما فِي سَائِر أَحْوَاله فمنفعته معتدلة.
وألبان الْخَنَازِير قد كَانَت تسقى للسل. وَمن أدمنها أورثته وضحا.)
وَلبن النِّسَاء يقطر فِي الْعين ويرضع مِنْهُ المسلول كَمَا يرضع الطِّفْل فيسمن وَيبرأ من قروحه الَّتِي فِي الرئة سَرِيعا.
اسْتِدْلَال على اللَّبن: يسْتَدلّ عَلَيْهِ بِصِحَّة الْحَيَوَان وسقمه بِمَا يتهيأ لَك من الدَّلَائِل ورقة جلودها وَقلة شعرهَا وتناثرها وامتناعها من الْعلف يدل على مَرضهَا فليحذر لبن الْحَيَوَان السقيم إِلَّا أَن يقْصد بِهِ الإسهال. فان انحدار هَذَا اللَّبن أسْرع.
وَلبن الْحَيَوَان الصَّحِيح أغذى وَأطيب. وَلبن الْحَيَوَان الْأَبْيَض ضَعِيف وَهُوَ ضَعِيف
(6/364)
الْقُوَّة أَعنِي الْحَيَوَان الْأَبْيَض فِي نَفسه. وَالْأسود أقوى أبدا وأحمل لتغير الْأَزْمِنَة ولبنه أَجود وَأَبْطَأ انحدارا وَلبن الْأَبْيَض أسْرع انحدارا.
اللَّبن بِحَسب الْوَقْت: لبن الرّبيع أرطب وأرق والصيفى أثخن وأخف كثيرا لِأَن الزَّرْع فِي هَذَا الْوَقْت يكون أجف مِنْهُ فِي وَقت الرّبيع فَيكون اللَّبن لذَلِك أدسم وَأَغْلظ لِأَن الَّذِي يَأْكُلهُ الْحَيَوَان ينهضم.
اللَّبن بِحَسب المرعى قَالَ: الراعية فِي الآجام والمروج أرطب لَبَنًا والراعية فِي القلاع وَالْجِبَال أجف وأسخن والراعى فِي الآجام أطلق للبطن. والمتولد عَن رعى الْأَدْوِيَة المسهلة يسهل.
(6/365)
اللَّبن بِحَسب الْأَسْنَان أَجود الألبان المتناهى السن فَأَما لبن الصَّغِير السن فأرطب وَلبن الْهَرم اللَّبن بِحَسب الطّعْم والقوام اللَّبن الحامض وَالرَّقِيق والثخين والمالح ردىء وَأما الحلو المستوى القوام الذى لَهُ ثخن فَهُوَ جيد.
مَاء الْجُبْن خَيره الرَّقِيق.
اللَّبن بِحَسب مُدَّة الْحمل قَالَ: لبن الْحَيَوَان الَّذِي مُدَّة حمله أَكثر من حمل الْإِنْسَان أَو أقل رَدِيء للانسان والمساوى ملائم وَلذَلِك صَار لبن الْبَقر أَكثر ملائمة.
جملَة اللَّبن قَالَ: بِالْجُمْلَةِ أَنه يغذو غذَاء كَافِيا ويولد لَحْمًا لينًا رطبا ويعدل الأخلاط اللذاعة ويستفرغ بَعْضهَا وينفع من سقى شَيْئا حارا أَو حقن بِهِ.
وَإِن كَانَ فِي الرَّحِم لذع فحقن بِهِ نفع.
وَإِذا شرب نفع القروح الَّتِي فِي الرئة والأمعاء والكلى وَالرحم والدمامل والبثر وَسَائِر الخشونات. وينفع من شرب الذراريح. وَبِالْجُمْلَةِ شرب الْأَدْوِيَة المقرحة الأكالة. ويقابل البنج وَيرد عقل من يسقاه على الْمَكَان.)
وينفع من الأورام الْعَارِضَة فِي الحنك شرب أَو تغرغر بِهِ وَلمن بدنه يَابِس قحل وَلمن بِهِ عِلّة فِي مَا دون الشراسيف لَا يسهل تخلصه مِنْهَا.
لى هَذَا القَوْل فِيهِ نظر. قَالَ: وَأما المطحول والمكبود وَصَاحب الخفقان والنفخ والسدد وَثقل الرَّأْس وظلمة الْبَصَر ورقتها والعشا والحميات وانبعاث الدَّم فضار لَهُم. وَكَذَلِكَ من يتجشأ جشاء دخانيا أَو حامضا. وَمن لَا يعرض هَاتَانِ الخلتان فاسقه إِيَّاه.
اللَّبن بِحَسب الْأَسْنَان وَأما الصّبيان فليشربوه إِلَى وَقت الإنبات ثمَّ يَدعُوهُ وخاصة من كَانَ مِنْهُم محروراً فَإِنَّهُ يتجبن فِي معدهم وَيُورث كربا وقلقا فِي كل معدة حارة المزاج. وَهُوَ ينفع الصّبيان لِأَنَّهُ يرطبهم وَيزِيد فِي نموهم. وَلَا يُوَافق لمن تناهى فِي شبابه لغَلَبَة الْحر عَلَيْهِ وَبعد الِانْتِهَاء فانه جيد لِأَنَّهُ يرطب ويعدل الأخلاط ويسكن الحكة الْعَارِضَة فِي أبدان الْمَشَايِخ.
وَإِيَّاك أَن تسقيه أَصْحَاب الأمزجة الحارة والمحمومين لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل فيهم إِلَى المرار وينفخ الأحشاء وَيحدث صداعا وثقلا فِي الرَّأْس ويضر بالأبصار إِذا لم يجد انهضامه لِأَنَّهُ مَتى أصَاب الْمعدة وفيهَا ضَرَر شاركها الرَّأْس فَمَتَى تنَاول اللَّبن فَليدع جَمِيع الْأَطْعِمَة والأشربة إِلَى أَن ينحدر إِلَى أَسْفَل لِأَنَّهُ إِن خالطه شىء وَكَانَ قَلِيلا فسد وأفسد ذَلِك اللَّبن مَعَه وَلذَلِك يَسْتَعْمِلهُ الرُّعَاة فيخصب أبدانهم.
وَيجب أَن يُؤْخَذ بِالْغَدَاةِ وَلَا يُؤْكَل عَلَيْهِ شىء إِلَى انهضامه ويحذر التَّعَب بعده لِأَنَّهُ يمخضه ويحمضه لِأَن التَّعَب قد يحمض الْأَطْعِمَة القوية ويمخضها فضلا عَن اللَّبن والسكون بعده أصلح بعد أَن يكون مستيقظا فان ذَلِك أَحْرَى أَن ينحدر اللَّبن فِي أول مرّة يَأْخُذهُ وَهُوَ لذَلِك مُحْتَاج قَالَ: وَاللَّبن فِي أول أمره إِنَّمَا يخرج مَا فِي الأمعاء ثمَّ إِنَّه إِذا دَامَ بِهِ بعد ذَلِك يدْخل فِي الْعُرُوق ويغذو غذَاء حميدا ويعدل مَا فِيهَا وَلَا يُطلق الْبَطن بل يمسِكهُ. وَمن أَرَادَهُ للاطلاق أَخذ مِنْهُ مِقْدَارًا كثيرا. وَمن أَرَادَهُ للتغذى والترطيب فليأخذ مِنْهُ مِقْدَارًا أقل لَا يثقل عَلَيْهِ الْبَتَّةَ.
جملَة قَالَ: وينفع شرب اللَّبن فِي الْعِلَل المزمنة فِي الصَّدْر والسعال وَنَفث الدَّم من الصَّدْر وَلَا يجب أَن يدمن بل يغب.
وَهُوَ جيد من قُرُوح الرئة والهلاس.
وَمَتى شرب للأخلاط اللذاعة والفضول فِي الْعُرُوق فليخلط مَعَه عسل فانه يصير أَجود وأسرع انحدارا وَقد يسهل إِذا خلط مَعَه ملح.)
وَإِذا شرب لاخْتِلَاف الدَّم والفضول وَعلل المعى الصَّائِم وَمَا يسيل إِلَى الْمعدة فاشربه مطبوخاً.
ويطبخ أَولا برفقولين حَتَّى يذهب بعضه ثمَّ ويطبخ بعد ذَلِك طبخاً أَكثر ويحذر أَن يتجبن أَو تسمير مَاؤُهُ أَولا بِرِفْق ولين حَتَّى يذهب بعضه أَو يَحْتَرِق وَذَلِكَ يكون بِأَن يطْبخ ويحرك بخشب التِّين وَيُؤْخَذ مَا يجْتَمع على شفة الْقدر بشىء ينشف بِهِ فيطبخ على هَذِه الصّفة حَتَّى يغلظ فانه يحبس الْبَطن وينفع من قُرُوح الأمعاء ويقوى الْبَطن. ويطبخ بالحصى أَيْضا على مَا يعرف.
(6/366)
مَاء الْجُبْن قَالَ: يسقى من يحْتَاج أَن يسهل إسهالا قَوِيا ويتخذ على هَذِه الصّفة غير أَنه يرش عَلَيْهِ مرّة بسكنجبين وَمرَّة بشراب وَمرَّة بِمَاء الْعَسَل على قدر الْحَاجة فان كَانَ الْخَلْط بلغميا رششنا عَلَيْهِ بسكنجبين.
وَقد ينفع مَاء الْجُبْن الضَّعِيف والمهلوس.
لى فِي هَذَا نظر.
قَالَ: ويخلط مَعَه فِي أول الْأَمر ملح وَمَتى أخذت مَعَه أدوية مسهلة فلينقص مقدارها فان الْخَطَأ فِيهِ عَظِيم مَتى أفرط وَزنهَا. فَأَما هُوَ وحدة فَلَا يعرض مِنْهُ خطأ.
قَالَ: والمجبن بالقرطم قوى فِي إسهاله. وَمَتى طبخ بعد أَخذه وَجعل فِيهِ الْملح أسهل بِقُوَّة. وَمن احْتَاجَ إِلَى مسهل وَلم يقو على الْأَدْوِيَة فليسق مَعَ ملح أَو مَاء الْبَحْر فانه يستفرغه استفراغا صَالحا ويخلط فِيهِ حاشا وافثيمون وَقد يخلط مَعَه قثاء الْحمار فيقوى بِهِ. وَقد يسقى للأمعاء الَّتِي يخَاف أَن يحدث فِيهَا قرحَة وَالَّتِي يجرحها البرَاز المرارى وقروح الكلى والمثانة وَلَا يَجْعَل فِيهِ فِي هَذَا الْحَال ملح ولحرقة الْبَوْل وَلَا يتوقى أَخذه فِي الصَّيف الشَّديد الْحر كَمَا يتوقى المسهلة من الْأَدْوِيَة.
وينفع القوى الإسهال مِنْهُ للخراجات والبثر الكمدة اللَّوْن وَإِخْرَاج الأخلاط الرَّديئَة المجتمعة تَحت الْجلد والقروح الحديثة والقديمة الخبيثة والسعفة والمواد السائلة إِلَى الْعين والأجفان والكلف وَفِي الحميات المزمنة الطَّوِيلَة وَمن يخَاف عَلَيْهِ الأستسقاء.
قَالَ: والجبن يُولد البلغم ويلهب الْبَطن ويعطش وَيحدث جشاء حامضا. وَمَتى انهضم كَثْرَة غذاؤه. والمتخذ بالنَّار أفضل من الْمُتَّخذ بالأنفحة والْحَدِيث أَجود من الْعَتِيق والمشوي من النىء.)
وأنواعه كلهَا رَدِيئَة ومضرة الرطب مِنْهُ أسهل وينفع من شرب المرداسنج.
ابقراط من كتاب الْفُصُول فِي آخر الْخَامِسَة: اللَّبن رَدِيء لمن يتَأَذَّى بالصداع والحمى وَلمن مَا دون شراسيفة منتفخ وفيهَا قراقر وَلمن بِهِ عَطش وَلمن الْغَالِب على مزاجه المرار وَلمن هُوَ فِي حمى حادة وَلمن اخْتلف دَمًا كثيرا. وينفع أَصْحَاب السل إِذا لم تكن بهم حمى قَوِيَّة ولأصحاب الدق وَالَّذين تذوب أبدانهم. ج: اللَّبن من الْأَشْيَاء الَّتِي تسرع إِلَيْهَا الاستحالة وَمَتى صَادف معدة حارة اسْتَحَالَ فِيهَا إِلَى الدخانية وَفِي الْبَارِدَة إِلَى الحمضة. ويستدل على ذَلِك من الَّذِي يحلى يحمض وَالَّذِي يطْبخ بِنَار وَيحمل عَلَيْهِ حَتَّى يصير دخانيا. وَإِذا استمرئ اللَّبن على مَا يَنْبَغِي فانه غذَاء غزير جيد لِأَنَّهُ على حَال فِي حَال استمرائه إِلَى أَن يستمرئ قد يُولد نفخا فِي مَا دون الشراسيف ويصدع وَهُوَ يفعل ذَلِك فِي الأصحاء فَلذَلِك هُوَ أَجود أَن يفعل ذَلِك فِي المستعد للصداع والمنتفخ الشراسيف. وَلَيْسَ إِنَّمَا يضر من بِهِ فِي شراسيفه نفخة لَكِن وَمن فِي
(6/367)
شراسيفه ورم مائي أَو ورم آخر كَانَ حمرَة أَو فلغمونيا أَو ترهلا أَو سقيروس أَو دبيلة لم تنفجر وَهُوَ يزِيد فِي عَطش من عطشه بالطبع قوى أَو من شربه على عَطش شَدِيد حدث لَهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل إِلَى المرار. وينفع من قُرُوح الرئة والدق أَيْضا.
وَهُوَ غذَاء مَحْمُود سريع النّفُوذ. وَيجب أَن يَسْتَعْمِلهُ إِذا لم يخف أَن تكون مضاره أَكثر من مَنَافِعه.
الساهر: لبن الأتن أَجود الألبان كلهَا بعد لبن النِّسَاء للسل وَنَفث الدَّم وجلاء الكلى والمثانة من الْمدَّة والخلط الغليظ وَلَا يكَاد يتجبن فِي الْمعدة إِلَّا فِي الندرة إِذا لم يشرب سَاعَة يحلب ويسقى مِنْهُ أوقيتان ثمَّ يُزَاد حَتَّى يبلغ ثلثا رَطْل. وَإِذا سقيته للسل والدق فاعلف الأتان الْأَشْيَاء الْبَارِدَة كالهندبا وَالشعِير المنقع. وَإِن كَانَت الْعلَّة نفث الدَّم فاعلفها الْأَشْيَاء القابضة وَالشعِير والكزبرة الْيَابِسَة والينبوت والعوسج واطرح فِيهِ طينا مَخْتُومًا وَنَحْو ذَلِك.
وَلبن الْمعز بدله.
وَلبن النعاج جيد للسعال الْيَابِس.
وَلبن الْبَقر يقوى الْمعدة وَيقطع الإسهال ويسكن الْحَرَارَة وينفع من الدق ويسقى مِنْهُ ثَلَاث أَوَاقٍ بعد أَن ينْزع زبدة كُله. ويعنى باستمرائه. وَمَا أكثرت مِنْهُ أقللت من تَأْخِير الْغذَاء. ويسقى مَعَ)
الْخبث فيخصب الْبدن.
مَاء الْجُبْن يخرج الأخلاط الْمُحْتَرِقَة ويبرد الْبدن وَيفتح سدد الكبد وَالطحَال واليرقان والبثور والقروح والجرب والشرى وَيخرج الفضول السوداوية الَّتِي تكون عَن احتراق الصَّفْرَاء ويقلعالكلف ويجلو ظلمَة الْبَصَر إِذا كَانَ من خلط مراري. هَذِه أَفعاله إِذا اتخذ بالسكنجبين.
ويسقى لليرقان الَّذِي من قبل الكبد بسقمونيا وإهليلج أسود وللبثور والقروح بِمَاء الشاهترج وَمَاء الكشوت وإهليلج أصفر من كل وَاحِد أُوقِيَّة ولأصحاب السَّوْدَاء بدرهم اقتيمون وَنصف دِرْهَم غاريقون ودانقى ملح.
وَقد أبرأت بِهِ ظلمَة الْبَصَر الْحَادِثَة من الْحَرَارَة واليبس وخاصة الْحَادِث فِي عقب الْأَمْرَاض الحادة. ويسقى للمستسقين بسكر الْعشْر والأدوية المخرجة للْمَاء واتخذه للصفراء بسكنجبين وللبلغم بلباب القرطم والأنفحة. واسقه لأَصْحَاب السَّوْدَاء الكائنة عَن احتراق البلغم بالإهليلج الْأسود ولسان الثور وحجارة أرمينية وبرنجمشك بملح هندي واسطوخدوس.
لبن اللقَاح: ينفع من سدد الكبد وَالطحَال والغلظ فيهمَا وَالِاسْتِسْقَاء وَجَمِيع الأورام
(6/368)
الصلبة.
ويسقى فِي الأورام الَّتِي تؤول إِلَى المَاء عِنْد استحكام المَاء وَلَا يسقى قبل ذَلِك. وَأما الَّذِي يؤول إِلَى جَمِيع المَاء فيسقى فِي أول الْأَمر.
ويعلف النَّاقة الْأَشْيَاء النافعة ويسقى المستقين بِمَاء القاقلي وسكر الْعشْر والمازريون وبالكاكنج ويسقى للأورام الصلبة فِي الْجوف كلهَا بالأدهان كدهن الخروع ودهن اللوز المر والحلو.
وأجود أَوْقَات اللَّبن للسقى الرّبيع لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَكثر مائية.
وَأما فِي الخريف فانه قَلِيل المائية كثير الجبنية وَفِي الشتَاء لَا يُمكن شربه وَلَا يشرب بعد ولادَة الْحَيَوَان بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا كى يقل اللبأ مِنْهُ ويؤمن تجبنه. وَإِن عرض مِنْهُ إسهال فاطرح فِيهِ الْأَشْيَاء القابضة كالقرط والطراثيث وَمَا أشبههما تتْرك فِيهِ سَاعَة ثمَّ يصفى وَيشْرب.
وَقَالَ ج فِي الْمقَالة الرَّابِعَة من حِيلَة الْبُرْء نَحْو آخرهَا: إِن اللَّبن لَا تزيد حرارته على برودته وَلَا برودته على حرارته.
وَقَالَ أَيْضا: إِن الدَّم من كل حَيَوَان متوسط بَين صفرائه وبلغمه وَهُوَ أحر من بلغمه وأبرد من صفرائه.)
وَقَالَ فِي تَدْبِير الأصحاء: إِن اللَّبن الصَّحِيح أَبيض اللَّوْن طيب الرَّائِحَة والطعم ومعتدل القوام مستوى الْأَجْزَاء. وَأما الألبان الرَّديئَة فَأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون غَلِيظَة جبنية وَإِمَّا رقيقَة مائية. وَأما كمدة اللَّوْن أَو غير مستوية الْأَجْزَاء أَو يكون فِي طعمها حموضة أَو ملوحة أَو طعم غَرِيب وريحها منتن فَهَذِهِ صفة الألبان الرَّديئَة غير الصَّحِيحَة.
وَقَالَ فِي تَدْبِير الطِّفْل فِي الْخَامِسَة مِنْهُ: اللَّبن يُولد فِيمَن منافذه بالطبع ضيقَة سددا فِي الكبد وحجارة فِي الكلى ويولد فِي كثير من النَّاس نفخا وقراقر وَيفْسد الْأَسْنَان واللثة لمن أدمن عَلَيْهِ.
وَقَالَ: والمرعى الَّذِي يرعاه الْحَيَوَان يُغَيِّرهُ تغيره تغييرا عَظِيما. وَلبن الْحَيَوَان الَّذِي يرْعَى حشائش مسهلة يسهل وَالَّذِي يرْعَى الْيَابِس تكون أَلْبَانهَا حريفة أَو حامضة أَو عفصة. وَيجب أَلا يكون اللَّبن الَّذِي يسْتَعْمل لَهُ طعم دوائي الْبَتَّةَ كى يقوم مقَام الأغذية وَليكن من حَيَوَان فَتى. مسيح فِي السّمن: إِنَّه ملين للعصب واليبس فِي الْبدن ضار للمعدة مرخ لَهَا. ج فِي الْخَامِسَة من الْفُصُول: إِن نُقْصَان حر اللَّبن عَن حر الدَّم كنقصان حر اللَّحْم العددي الَّذِي يحيله عَن حر لحم الكبد وَهُوَ لحم عديم الدَّم بَارِد.
الطَّبَرِيّ: اللَّبن ينفع من علل خمس: عسر النَّفس وَنَفث الدَّم والسل والحبن والسعال.
(6/369)
ابْن ماسويه: الْجُبْن يُورث وجعا فِي الْمعدة وَيعْقل الْبَطن وَيُورث القولنج ويولد الْحَصَى. ج فِي الْخَامِسَة من المفردة: اللَّبن لَهُ حرارة فاترة أنقص قَلِيلا من الدَّم وَذَلِكَ أَن الدَّم معتدل الْحَرَارَة والصفراء مُجَاوزَة الْحَرَارَة للاعتدال والبلغم مجاوز الِاعْتِدَال إِلَى الْبُرُودَة. فَأَما اللَّبن فَهُوَ فِي حرارته بَين البلغم وَالدَّم لكنه إِلَى الدَّم أقرب وَمن البلغم أبعد.
بولس فِي الأولى: كل جبن عَتيق فَهُوَ حريف معطش بطئ الهضم رَدِيء الكيموس معِين على توليد الْحَصَاة. وأجودة الْجُبْن الحَدِيث الْقَلِيل المالح وأردؤه أعْتقهُ وأحرفه.
وَأما مَاء الْجُبْن قَالَ: يسقى بسكر أَو بسكنجبين وَالْقدر رَطْل وَنصف إِلَى رطلين.
اللَّبن الْمَطْبُوخ بالحصى قَالَ: هَذَا يصلح لاخْتِلَاف الدَّم وللفضول الحادة المرية.
الخوزى فِي مَاء الْجُبْن: إِنَّه جيد للحرارة فِي الكبد واليرقان ويلين الْبَطن.
ويغذو اللَّبن لمن يكثر من الصَّوْم وَمن الْجِمَاع.
قَالَ: وَرَأَيْت البقرى ينفع من بِهِ حرارة غَرِيبَة.
وَلبن الْمعز ينفع من نفث الدَّم وبوله إِذا طبخ.)
وَقَالَ فِي سمن الْبَقر: إِنَّه حَار فِي الثَّانِيَة رطب فِي الثَّالِثَة نَافِع من الرُّطُوبَة الكائنة فِي الرئة والصدر ويخرجها بالنفث وَهُوَ نَافِع للذع الْهَوَام وخاصة الْحَيَّات فانه يوهن سمها وَيمْنَع أَن يصل إِلَى الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة جيد للسع الْعَقْرَب إِلَّا أَن أَكثر نفع للحيات.
قَالَ: وزبد الْبَقر جيد لخفقان الْقلب والمعدة. وَالسمن يعقل الْبَطن.
وَقَالَ ج فِي كتاب الكيموس: لبن النعاج غليظ وَلبن الأتن رَقِيق وَلبن الْبَقر دسم وَلبن الْمعز معتدل فِي كل هَذِه الْخِصَال وَذَلِكَ إِنَّه لَيْسَ بِكَثِير الرُّطُوبَة والرقة وَلَا كثير السّمن وَالدَّسم وَلذَلِك صَار فعله متوسطا إِلَّا أَن اللَّبن اللَّطِيف المائي أَكثر إسهالا وَأكْثر غذَاء للبدان والغليظ أَكثر وَأَقل إطلاقا للبطن.
وكل لبن فمركب من ثَلَاثَة جَوَاهِر: مائي لطيف وجبني غليظ ودهني دسم وَلَا تستوي مقادير هَذِه الْأَجْزَاء فِي كل الألبان لَكِن الْأَغْلَب على لبن اللقَاح والأتن الرُّطُوبَة المائية وعَلى لبن النعاج الجبنية وعَلى لبن الْبَقر الدهنية.
وَأما لبن الْمعز فمتوسط بَين هَذِه الْحَالَات كلهَا إِذا قيس بِسَائِر الألبان الَّتِي فِي الْأَطْرَاف فَأَما إِذا قيس بعضه بِبَعْض فانه يخْتَلف فِي السن والمراعى والأزمان وَقرب الْعَهْد بِالْولادَةِ اخْتِلَافا لَيْسَ بِيَسِير وَمَعَ أَنه لَيْسَ يكَاد يتجبن. وَلَيْسَ من الحزم أَن يشرب لبن الْمعز بِلَا عسل لِأَن كثير مِمَّن يشرب لَبَنًا مُفردا يتجبن فِي معدته.
قَالَ: وَمن النَّاس من يشرب اللَّبن بِالْمَاءِ وَالْملح وَالْعَسَل لِئَلَّا يتجبن.
(6/370)
وَأفضل الألبان كلهَا فِي جودة الكيموس لبن الْحَيَوَان المخصب الصَّحِيح إِذا شرب سَاعَة يحلب فَأَما مَا طبخ من اللَّبن حَتَّى فنيت رطوبته أعنى مائيته فان كيموسه يكون غليظا وخاصة إِذا وَأما الْجُبْن فانه غليظ فِي طبعه أَي جبن كَانَ فان كَانَ عتيقا فَهُوَ مَعَ ذَلِك رَدِيء الْخَلْط.
وَقد يُؤْكَل مِنْهُ الطري حِين يتجبن قبل الطَّعَام لتليين الْبَطن. وغلظه فِي هَذَا الْوَقْت أقل من غلظ الْعَتِيق فَلَيْسَتْ لَهُ رِدَاءَهُ الْبَتَّةَ.
وَأما الْجُبْن الطري فانه يلين الْبَطن تَلْيِينًا كثيرا.
وَقَالَ فِي هَذَا الْكتاب: اللَّبن قد ذكره الْأَطِبَّاء كلهم وَقَالُوا: إِنَّه أحسن الْأَشْيَاء كيموسا وَلذَلِك رأى قوم أَن الَّذين بهم قُرُوح فِي الرئة فاللبن وَحده يبرئهم ويشفيهم وَمن الْبَين أَن يكون أَن ذَلِك قبل أَن تعظم القرحة وتصلب.)
وَلبن النِّسَاء فِي ذَلِك أَحْمد الألبان فانه ملائم للْإنْسَان ويأمرون بامتصاصه من ثدى الْمَرْأَة لِأَنَّهُ قد يعْدم شَيْئا من فضائله سَاعَة يخرج من الثدى وَيجب أَن يكون الْمَرْأَة صَحِيحَة الْجِسْم خصبة اللَّحْم.
وَقَالَ جالينوس: اللَّبن المعتدل فِي الرقة والغلظ يخصب الْجِسْم.
وَلَا تسق اللَّبن من يَعْتَرِيه بعد شربه صداع وَلَا من يحمض فِي معدته وَلَا من يَسْتَحِيل فِيهَا إِلَى الدخانية.
وَلَا يَتَحَرَّك الَّذِي يشربه فانه إِن انحدر قبل الانهضام وَحل فيوشك أَن يَسْتَحِيل إِلَى أخلاط وَإنَّهُ من شربه وَفِي الْمعدة وَلَا سِيمَا الطَّعَام الغليظ والقابض فانه يبْقى فِي أعالى الْمعدة وَيفْسد فَسَادًا غَرِيبا ويولد بخارات حادة يكون عَنْهَا سدد ودوار.
الطبرى: عَن بعض كتب الْهِنْد: لبن الْبَقر أفضل الألبان ينفع من السل والربو والنقرس والحمى العتيقة.
وَلبن الْمعز جيد للسل والحمى العتيقة واستطلاق الْبَطن لِأَنَّهُ الْمعز كَثِيرَة المشى قَليلَة الشّرْب وترعى مَا كَانَ مرا خَفِيفا.
وَلبن اللقَاح فِيهِ حرارة وملوحة وَله خفَّة وينفع من البواسير وَالِاسْتِسْقَاء والدبيلة ويهيج شَهْوَة الْغذَاء وَالْجِمَاع.
وَلبن الضَّأْن أردأ الألبان وَهُوَ حَار غير ملائم للبدن يهيج الفواق والمرة والبلغم.
وَخير مَا شرب اللَّبن إِذا كَانَ حاراً حِين يحلب لِأَنَّهُ مَتى برد ثقل جدا وأهاج البلغم فان برد فليسخن بالنَّار قَلِيلا فانه يخف.
(6/371)
وألبان الْمَوَاشِي الْأَهْلِيَّة الَّتِي تَأْكُل الفت والنخالة ثَقيلَة مرطبة جدا والراعية فِي الصحارى بِالْعَكْسِ.
والرائب الَّذِي فِيهِ حموضة يزِيد فِي الشَّهْوَة ويطفئ نَار الْمعدة وينفع من انطلاق الْبَطن.
ابْن ماسويه: إِنَّه بَين الْحَرَارَة والبرودة وَهُوَ إِلَى الْبُرُودَة أقرب لأجل الحموضة الَّتِي فِيهِ وَهُوَ غليظ.
قَالَ: وَسمن أَجود السّمن كُله للباه والكلى.
قَالَ: ويطبخ اللَّبن على أضْرب مُخْتَلفَة على نَحْو الْعِلَل فَمرَّة مَعَ المَاء وَمرَّة يطْرَح فِيهِ كثيراء)
وخشخاش وَمرَّة يطْرَح فِيهِ صمغ.
وَقد يسقى لبن الْبَقر لقروح الْأَرْحَام إِذا عتقت.
فَأَما مخيض الْبَقر فَأَما قد سقيته من الدوسنطاريا وَهُوَ جيد لَهُ خَاصَّة والسل والحرارة فِي الكبد والمعدة وَلكُل احتراق وحدة.
واسقه مَعَ الاطريفل فيقوى الْمعدة وَمَعَ خبث الْحَدِيد فيقويها ويطفىء الْحر والسمين جيد للقلاع فِي أَفْوَاه الصّبيان مَعَ الْعَسَل.
الطَّبَرِيّ عَن الْهِنْد: اللَّبن يزِيد فِي النُّطْفَة ويحفظ الصِّحَّة ويغذى غذَاء الْخبز يزِيد فِي الْحِفْظ وَيذْهب الإعياء وَالْغَم والسل والسعال وَمن مرض من كَثْرَة الْجِمَاع واليرقان وَهُوَ ترياق من السمُوم ويصفى اللَّوْن وَيكثر لبن الْمَرْأَة ويسكن الْعَطش وَأسر الْبَوْل.
ابْن ماسويه: إِنَّه ردىء لمن مزاج أَسْنَانه بَارِد لِأَنَّهُ يَضرهَا وَهُوَ بَارِد فِي الثَّانِيَة إِذا أخرج زبده قَالَ: وَاللَّبن حَار فِي وسط الأولى رطب فِي الثَّانِيَة فِي أَولهَا ضار للمعدة جيد للصدر.
اللبأ قَالَ: هُوَ غليظ بطىء الانحدار رَدِيء للمرطو بَين يهيج القولنج ويولد الْحَصَى ووجع الْمعدة.
السّمن خاصته العجيبة النَّفْع من السمُوم القاتلة.
قَالَ: وخاصة اللَّبن انه يجلو وَيغسل الفضول الحادة ويستحيل إِلَى مَا صَادف وَلذَلِك يجب أَلا يُؤْكَل فِي الصَّيف لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل إِلَى المرار وتتولد عَنهُ حميات طَوِيلَة وَهُوَ فِي الرّبيع أمثل.
مَاء الْجُبْن شَأْنه إسهال الأخلاط المحرقة الحادة مثل مَا يحدث للمجذومين وَيخرج الصَّفْرَاء الْمُحْتَرِقَة.
وخاصته نفع المجذومين والمصروعين الصرع السوداوى.
(6/372)
المصل: بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة ردىء الكيموس مُضر بالمعدة وَأَصْحَاب السَّوْدَاء جدا. وَإِذا طبخ بِاللَّحْمِ السمين صلح قَلِيلا. ج فِي آخر الرَّابِعَة من المفردة: إِن اللَّبن لَيْسَ الْحر فِيهِ بغالب الْبُرُودَة وَلَا الْبُرُودَة غالبة الْحَرَارَة ومزاج جملَة اللَّبن دون مزاج الْجِسْم المعتدل فِي الْحَرَارَة. فَأَما على التَّفْصِيل مماؤه بَارِد رطب وسمنه أَكثر اعتدالا فِي المزاج. والجبن دونه فِي ذَلِك.
وَقَالَ ارسطوطالس فِي الْمقَالة الرَّابِعَة من الْآثَار العلوية: إِن لبن اللقَاح الْغَالِب على مزاجه المائية)
وَالْبرد وَلَا أرضيه فِيهِ.
لحم قَالَ ج: بعض اللحوم يغذى وَبَعضهَا فِيهِ دوائية وَبَعضهَا قاتلة.
ثمَّ قَالَ: فِي لُحُوم الأفاعى مَا كتبناه فِي ذكر الأفعى وَأَقُول: إِن لحم الْحَيَوَان الَّذِي هُوَ حَار بالطبع فانه مَعَ أَنه يغذو يسخن والبارد يبرد كَذَلِك الْيَابِس يجفف وَالرّطب يرطب فَلْيَكُن عَمَلك بِحَسب أَنْوَاع الْحَيَوَان.
مِثَال ذَلِك: إِن الْكَبْش أبيس مزاجا من الْخِنْزِير فلحمه يجفف أَكثر من لَحْمه والمعز أيبس من الْكَبْش والثور أيبس من الْمعز والأسد أبيس من الثور وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْحَرَارَة فان حرارة الْأسد أَكثر من حرارة الْكَلْب وَالْكَلب أحر من فَحل الثور وفحل الثور أحر من الخصى فَمَتَى أردْت تجفيف الْجِسْم فأعط اللحوم المجففة. وَكَذَلِكَ فَافْهَم من سَائِر الكيفيات.
المملوح: وَالِاخْتِلَاف فِي المملوح مِنْهُ وَغير الملوح لَيْسَ ييسير بل هُوَ كثير جدا لِأَن لحم الْحَيَوَان الَّذِي يرطب إِذا ملح يجفف تجفيفا كثيرا أَكثر من لحم الْحَيَوَان الْيَابِس المزاج غير المملوح.
وَكَذَلِكَ مَا يشوى من اللَّحْم أيبس من الَّذِي طبخ بِالْمَاءِ ساذجا.
وَقد قيل فِي لحم الْقُنْفُذ البرى: إِنَّه مَتى جفف وَشرب نفع من الجذام وَسُوء المزاج المتمكن والتشنج وَعلل الكلى وَالِاسْتِسْقَاء اللحمى فان كَانَ يفعل ذَلِك فقوته محللة مجففة تحيلاً وتجفيفاً شَدِيدا.
وَكَذَلِكَ لحم ابْن عرس إِذا قدد مَتى أكل نفع من الصرع على ماذكرنا.
وَأما لحم الجدى إِذا قدد وَيُقَال إِنَّه إِذا دق وتضمد بِهِ أخرج السلاء لِأَن لَهُ قُوَّة جاذبة.
وَيُقَال: إِن لحم الحلزون والأصداف ينفع الْجِرَاحَات الرَّديئَة الْحَادِثَة من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَأما أَنا فلست أَظن أَن عضة الْكَلْب يشفيها دَوَاء خَاص بِحَسب أَحْوَاله وأوقاته.
وَلحم الحلزون البرى إِذا دق فِي هاوون ثمَّ سحق بعد ذَلِك وطليت بِهِ الْأَعْضَاء جفف تجفيفا قَوِيا وَلذَلِك ينفع من الاسْتِسْقَاء.
(6/373)
وَقَالَ فِي كتاب الأغذاء: إِن اللَّحْم مَتى استمرىء نعما تولد مِنْهُ دم جيد فَاضل نَافِع لصَاحبه وخاصة من لُحُوم الْحَيَوَانَات الجيدة الْخَلْط بِمَنْزِلَة لحم الْخِنْزِير وَقد يعرف بالتجربة أَن لحم الْخِنْزِير أَكثر غذَاء من جَمِيع الأغذية.)
وَلحم الْبَقر غذاؤه أَكثر إِلَّا أَنه يُولد دَمًا غليظا مائلا إِلَى السَّوْدَاء فان أكله سوداوى بالطبع أَصَابَهُ مِنْهُ إِذا أدمنه الْأَمْرَاض السوداوية كالجذام والسرطان والجرب المتقشر وَالرّبع والوسواس وكما يفضل لحم الْبَقر على لحم الْخِنْزِير فِي الغلظ كَذَلِك يفضل لحم الْخِنْزِير على لحم الْبَقر فِي اللزوجة والمائية وَهُوَ أوفق للاستمراء والهضم.
وكل حَيَوَان يَابِس المزاج فلحم صغيره أفضل لِأَنَّهُ أرطب وَبِالْعَكْسِ فَلذَلِك لُحُوم العجاجيل أفضل من لُحُوم الْبَقر وَلُحُوم الجداء أسْرع هضما من لُحُوم الْمعز الْبَالِغَة.
وَإِن كَانَ الْمعز أقل يبسا من الْبَقر لكنه أيبس من الْإِنْسَان وَالْخِنْزِير فَلذَلِك لُحُوم الخنانيص تغذو غذَاء قَلِيلا لرطوبتها وَسُرْعَة نفوذها وتحللها.
وَلحم الحملان أَيْضا أرطب وَأكْثر تولدا للبلغم.
وَلُحُوم النعاج أَكثر فضولا وأردأ خلطا.
وَلحم الماعز يُولد خلطا رديئا مَعَ حِدة.
وَلحم التيوس خلطه ردىء جدا واستمراؤه وهضمه عسر جدا.
وَبعد لُحُوم التيوس فِي ذَلِك لُحُوم الكباش وَبعد الكباش لُحُوم الْبَقر.
وَلحم الخصى أفضل من جَمِيع الْحَيَوَانَات من الْفَحْل.
والهرم ردىء الْخَلْط والهضم وغذاؤه قَلِيل حَتَّى أَن الْخَنَازِير على رُطُوبَة مزاجها إِذا هرمت صَار لَحمهَا كالليف جافاً فيعسر لذَلِك هضمه.
فَأَما لحم الأرانب فدمها غليظ إِلَّا أَنه على حَال أَجود من الدَّم الْمُتَوَلد من لحم الْبَقر والكباش والنعاج.
وَلحم الْإِبِل لَيْسَ بِدُونِ هَذِه فِي رداءة الدَّم فَهُوَ عسر الهضم صلب.
وَلُحُوم الْحمر الوحشية مَتى كَانَت سَمِينَة فتية فهى قريبَة من لحم الْإِبِل.
وَلُحُوم الْحمر الحضرية الهرمة هِيَ الْغَايَة القصوى من رداءة الدَّم وعسر الهضم وَهِي رَدِيئَة الدَّم بشعة زهمة لَا تقبلهَا النَّفس. وَكَذَلِكَ لُحُوم الْخَيل.
وَشر من هَذِه لُحُوم الدببة.
وَشر من تِلْكَ لحم الْأسد والنمر. وَقد تُؤْكَل بعد طبخها بماءين.
وَالْحَيَوَان المخصب أَجود هضما.)
(6/374)
وَقَالَ فِي ذكر الخصى: إِنَّه كَمَا أَن لحم الْخِنْزِير أَجود اللحوم كَذَلِك خصاه أَجود الأخصية إِلَّا خصى الديوك.
لحم الطير: وَلُحُوم الطير قَليلَة الْغذَاء سريعة الهضم بِالْإِضَافَة إِلَى المواشى.
وأسرع لحم الطير انهضاما لحم الحجل والفراخ والفراريج والفواخت.
وَأما لحم الدَّجَاج والديكة الْكَامِلَة والعصافير المرجية فأصلب مِمَّا ذكرنَا.
وَلحم الطاؤس أَصْلَب مِمَّا وَصفنَا وَأَغْلظ وَأَبْطَأ انهضاما وَأقرب إِلَى شبه الليف.
وَأما البط والنعام فانها كَثِيرَة الفضول عسرة الهضم.
وَأما أَجْنِحَتهَا فَلَيْسَتْ بِدُونِ أَجْنِحَة الطير الْأُخَر فان كثيرا من الطير الصغار أَجْنِحَتهَا صلبة ليفية عضلية.
وَجُمْلَة لحم الكركى عضل ليفى وَلذَلِك يُؤْكَل بعد أَن يذبح بأيام.
وَلحم الْحُبَارَى متوسط بَين الكركى والبط.
وَلحم الْبَقر يَقُول فِيهِ ارخيجانس: إِنَّه حَار يَابِس غير ملائم للنَّاس إِلَّا لُحُوم العجاجيل.
وَلحم الماعز حَار يَابِس وَلحم الضَّأْن حَار رطب وَلحم الأيل حَار يَابِس.
وَكَذَلِكَ لحم الأرانب وَلحم الْحمام وَلحم الإوز إِلَّا أَن لحم الإوز حَار يَابِس حريف.
روفس: الْحمل لَحْمه يلين الْبَطن تَلْيِينًا صَالحا.
وَلحم الأرنب يحبس الْبَطن ويدر الْبَوْل.
وَلحم الطير أَشد يبسا من لُحُوم الْمَوَاشِي.
وأشدها يبسا الفواخت ثمَّ الدراج ثمَّ الْحمام والديوك الصغار.
وَقَالَ: لحم البط أرطب لُحُوم الطير الَّتِي فِي المَاء. وَلُحُوم الْحَيَوَانَات القليلة الدَّم أيبس وَلحم الذّكر المملوح قَلِيل الْغذَاء لِأَن الْملح قد أفنى رطوبته ويعفن الْبَطن وخاصة مَتى أنقع فِي الْخلّ.
وَقَالَ فِي كتاب التَّدْبِير: لحم الحولى أجوده وَهُوَ أسرعه انهضاما وَهُوَ كثير الْغذَاء.
وَلحم الماعز أقل من لحم الْبَقر وأسرع انهضاما. وَلحم الأيل بعده فِي اليبس. والمعز البرى أَجود من الأيل.
ابْن ماسويه: لحم الْمعز ضار لسكان الْبِلَاد الْبَارِدَة صَالح لسكان الْبِلَاد الحارة وَهُوَ أقل حرارة من لحم الضَّأْن وأجف يُولد دَمًا يَابسا بِالْإِضَافَة إِلَى الدَّم الْمُتَوَلد من لحم الضَّأْن وَفِيه)
حرارة وحدة يسيرَة وَلَيْسَ بزهم لقلَّة حرارته ورطوبته لِأَن ذَلِك يكون للحرارة والرطوبة.
(6/375)
وَلحم الخصى من الضَّأْن والماعز أَحْمد لِأَنَّهُ مركب قَلِيل الْحَرَارَة عذب. وَمَتى أزمن حيوانه كَانَ رديا يُولد سَوْدَاء ودما غليظا.
وَلُحُوم التيوس يُولد مرّة سَوْدَاء ويبطىء فِي الهضم وَهِي ردية الْخَلْط. وخاصتها توليد السَّوْدَاء.
لحم الحملان معتدل نَافِع للمحرورين اليابسى المزاج. وَمن كَانَ فِي معدته رُطُوبَة زَاد فِيهَا إِلَّا أَن خاصته النَّفْع من السَّوْدَاء.
لحم الجداء أقل حرارة ورطوبة من لحم الحملان وَإِن كَانَ رطبا وَذَلِكَ فِيهِ من أجل أَن اللَّبن نَافِع لمن طبعه حَار يَابِس لرطوبة اللَّبن ويولد دَمًا مَحْمُودًا وَأَصله المتوسطة فِي السن. وخاصته لمن كَانَ. حَار المزاج يَابسا.
لحم الحولى يُولد دَمًا مَحْمُودًا لَا رطبا وَلَا يَابسا وينفع من السَّوْدَاء وخاصة الخصى مِنْهُ وينفع من كَانَ مزاجه حارا يَابسا لقلَّة حرارته ورطوبته.
وَيجب أَن يملح من اللحوم مَا كَانَ رطبا فَأَما الغليظة مِنْهَا فَلَا يجب أَن يملح لِأَنَّهَا تزداد غلظا.
لحم الْبَقر بَارِد إِذا قيس إِلَى الْغنم غليظ الْغذَاء عكر الدَّم بطىء الهضم يحدث دَاء الْفِيل والسرطان والجرب وَحمى الرّبع وغلظا فِي الكبد وجسوا.
ومرق لَحْمه مَتى عمل بالخل قطع الإسهال الصفراوى. وَيجب أَن يتحسى مالم تكن حمى. مَعَ وَإِن كَانَت الْمعدة قَوِيَّة فيأكل لَحْمه أَيْضا وَهُوَ نَافِع للمعى وَمَا كَانَ فِي مثل مزاجها للملائمة.
وَلحم العجاجيل يغذو غذَاء صَالحا وخاصة إِذا انهضم.
وَمَتى جعل مَعَ لحم الْبَقر برز الْبِطِّيخ هدأه وَكَذَلِكَ قشوره وَلم يطلّ الْبَتَّةَ فِي الْمعدة. وَمن أحب أكله للاسهال الصفراوى فليؤكل بخل خمر أَو سماق وكزبرة يابسة وزعفران. وخاصته نفع الْمرة المتجلبة إِلَى الْمعدة وَلَا سِيمَا حساء مرقه الْمَعْمُول بخل الْخمر.
لحم الْجَزُور يُولد دَمًا سوداويا عسر الهضم ويعين على هضمه التَّعَب قبل أكله ويتحرك بعد حَرَكَة يسيرَة ليستقر فِي قَرَار معدته ثمَّ ينَام على شقة الْأَيْسَر ليسخن بِالنَّوْمِ عَلَيْهِ لحم الأرانب يُولد دَمًا غليظاً دون مَا يُولد لحم الْبَقر والكباش والتيوس وَإِن طجن لَحْمه وصير جَوف الْقدر)
وَأكل نفع من القرحة الْعَارِضَة فِي المعى. وخاصته توليد الدَّم الغليظة.
لحم الظباء يُولد دَمًا يقرب من الدَّم السوداوى غير أَنه أَحْمد من لُحُوم الْبَقر والجزر.
وَلحم حمر الوحشى المزمن مِنْهَا يُولد خلطا ردىء الهضم مغث. وشحمه نَافِع من الكلف إِذا طلى عَلَيْهِ وَإِن غلي بدهن الْقسْط كَانَ نَافِعًا لوجع الظّهْر والكلى الْعَارِض من البلغم وَالرِّيح الغليظة.
(6/376)
لحم الطير أخف من المواشى. وأخف لحم الطيهوج والفراريج والتدرج وفراخ الحجل.
وَلحم الدراج عَاقل للبطن. وَكَذَلِكَ القطا والحجل والطيهوج.
وَلحم الفراريج ملين للطبيعة مسكن للحرارة الْعَارِضَة فِي الْمعدة.
روفس فِي كتاب اللَّبن: لحم الْحَيَوَان الْأسود أخف من الْأَبْيَض. ج فِي كتاب الكيموس: لحم الخنانيص الصغار جدا كثير الفضول.
وَلحم الْخَنَازِير المسنة ردىء لبرودته ورطوبته وَإِن كَانَ أفضل الْحَيَوَان لحم الْخَنَازِير ويتلوه لحم وَأما لحم الحملان فَهُوَ رطب لزج مخاطى. وَأما سَائِر لحم الْحَيَوَان المشى فانى آمُر من يعْنى بِحسن الْخَلْط أَن يمْتَنع من أكله.
وَقَالَ فِي هَذَا الْكتاب: إِن لحم الجدى أفضل فِي الْغذَاء والهضم من لحم الْحمل لِأَنَّهُ أقل رُطُوبَة من لُحُوم الحملان.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب الأغذية عِنْد ذكر الْفرس: إِن النمكسود يُولد خلطا غليظا مائلا إِلَى السَّوْدَاء وَلَا يجب أَن يكثر مِنْهُ وخاصة من بدنه الْغَالِب عَلَيْهِ السَّوْدَاء وَدَمه غليظ ردىء لِأَنَّهُ يزِيد الدَّم غلظا ورداءة.
الطبرى: لحم الْبَقر نَافِع للمحرورين ضار لأَصْحَاب البلغم والسوداء.
وَلحم البط أفضل لُحُوم الطير.
وَلُحُوم الدَّجَاج ألطف لُحُوم الطير وأسرعها هضما.
الخوز: لحم القبج حَار رطب يَسْتَعْمِلهُ النِّسَاء لِأَنَّهُ يشد الْمعدة ويسمن الْجِسْم جدا.
لحم القطا يُولد السَّوْدَاء.
لحم الْفِرَاخ حَار رطب جدا يكثر الدَّم. ويعالج بالفراخ خَاصَّة من خلا بدنه من الدَّم من طول الْمَرَض.)
وَلحم الورشان والشفنين هما فِي نَحْو لُحُوم الْحمام والقطا حَار يَابِس نَافِع لمن بِهِ سدد وَضعف الكبد وَفَسَاد المزاج وَالِاسْتِسْقَاء.
والبط لَحْمه يقرب من لُحُوم الضَّأْن فِي رطوبته وَهُوَ أَجود.
وَيزِيد فِي اللَّحْم ويسمن.
ابْن ماسويه: لحم حمر الْوَحْش غليظ سوداوى مَعَ شىء من حرارة.
والفراخ لَحْمه أحر من جَمِيع لُحُوم الطير المألوفة مَعَ عسر انهضامه وَكَثْرَة توليد الدَّم ورطوبته.
(6/377)
لحم القنابر حَار يَابِس وَكَذَلِكَ لحم العصافير.
والتدرج يشبه الدراج معتدل جيد جدا.
الحبرج يُولد سوداءوكذلك الكركى.
والإوز غليظ يُولد خلطا رديا غليظا.
وَلحم الشقراق حَار نَافِع من الرِّيَاح.
لى مَا تبينت من لحم الجزر أَنه يسخن إسخانا قَوِيا.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة من الميامر: لَا يطعم المحمومون لحم الْفِرَاخ. وَفِي كثير من الْكتب: يطعم المحمومون مِنْهَا. فَيدل على أَنَّهَا لَيست عِنْده كَثِيرَة الْحَرَارَة. وَنحن نستبين أَن لَهَا حرارة كَثِيرَة وَهِي تجلب الخوانيق: وَكَانَ سَبَب موت الْمُنْتَصر أَنه أكل فراخا فِي يَوْم ثَلَاث مَرَّات شوى. وَلَعَلَّ ذَلِك إِنَّمَا يكون فِي الْبِلَاد الْبَارِدَة يطْعمُون المحمومون مِنْهَا.
ماسر جويه قَالَ: لحم الْبَقر بَارِد غليظ يُولد دَمًا غليظا بَارِدًا مثل الجزر والتيوس الجبلية.
قَالَ: وأحشاء الطير لَا نطعمها المرضى فانها حارة ونطعمهم لحومها لِأَن جَمِيع الطير بطونها حَدِيدَة.
قَالَ: وأحر لُحُوم الطير الأهلى لُحُوم البط وأغلظه.
وَلحم الْحمام جيد للكلى وَيزِيد فِي المنى وَالدَّم.
وَلحم الفراريج وخاصة الديوك أحر وألطف من لحم الدَّجَاج.
وَاللَّحم المملوح أَشد حرا ويبسا من غير المملوح.
سندهشار: لُحُوم السبَاع وَذَوَات المخالب من الطير والجوارح جَيِّدَة للبواسير العتيقة وَفَسَاد الْمعدة والسل وتقوى الْبَصَر وتلين الْبَطن وتبرىء بحرافتها.)
وكل لحم ذبح وَأكل سَرِيعا فَهُوَ أقوى وَأَصَح. وَلَا يجب أَن يُؤْكَل الْمَيِّت والمهزول جدا وَلَا السمين جدا وَلَا الْهَرم وَلَا الَّذِي مر لولادته أقل من شهر وَمَا ضرّ بِهِ سبع وَلَا غريق وَلَا مَرِيض.
ابْن ماسويه: لحم الْحمل خاصته إصْلَاح من غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء وَمن كَانَ يَابِس المزاج تحل الْمعدة وَلحم الجدي أقل حرارة مِنْهُ وَأكْثر رُطُوبَة إِذا كَانَ رضيعاً جيد يغذو غذَاء حسنا.
لحم النعاج رطب ردىء الْخَلْط.
لحم الضَّأْن الخصى حَار رطب لطيف.
لحم إناث الْمعز أقل حرارة من الضَّأْن وَأَقل رُطُوبَة وَلَا دفر لَهُ وَلَا زهومة.
لحم التيوس يُولد السَّوْدَاء.
لحم الْبَقر بِالْإِضَافَة إِلَى لحم الْحمل بَارِد يَابِس من أدوية الأمرض السوداوية.
(6/378)
مرق لحم الْبَقر بالتوابل والخل جيد لمن بِهِ ذرب صفراوى ويرقان.
الظباء يُولد لَحمهَا مرّة سَوْدَاء.
لحم الْخِنْزِير يهيج الباه قَلِيل الزهومة.
الطير قَالَ: لحم الطير جمله أخف من الماشى وأخف لحم الطير الدراج والطيهوج وَهِي حَسَنَة الكيموس.
والفراريج نافعة للمحرورين وَمن فِي معدته التهاب وحرارة مفرطة.
والفراخ أحر من جَمِيع هَذِه بطيئة الهضم جدا تولد دَمًا كثيرا.
والتدرج هِيَ كالدجاج المسن تولد سَوْدَاء.
النعاج لَحْمه شَبيه لحم الْحمل.
لحم القطا يَابِس جدا يُولد سَوْدَاء جيد للِاخْتِلَاف وَالِاسْتِسْقَاء.
لحم القبج حَار رطب ينقى وَيزِيد فِي الباه ويسمن الْجِسْم.
لحم القنابر يعقل الْبَطن مَتى سلقت وصب مرقها.
الْفِرَاخ تزيد فِي الدَّم جدا يصلح أَن تطعم الناقه الَّذِي قد برد بدنه وَالَّذِي قل دَمه.
لحم الدَّابَّة حَار فِي الثَّالِثَة يُولد دَمًا غليظا.
لَك بولس: هُوَ صمغة شَبيهَة بالمر طيبَة الرَّائِحَة.
وَيسْتَعْمل بخورا وَله قُوَّة يهزل السمان جدا وَيفتح السدد. هَذَا يُوهم أَنه غلط وَأَن هَذَا هُوَ الكاربا.
الطبرى: هُوَ حَار يَابِس يفتح سدد الكبد والمعدة.
ماسر جويه: إِنَّه حَار يَابِس فتاح للسدد فِي الكبد جيد للمعدة ويقويها ويقوى الكبد وَلَعَلَّ الَّذِي سَمَّاهُ د قرمزا هُوَ اللك.
يذكر مَعَ الميعة.
لَا طينى قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه يجلو باعتدال وَيقبض أَيْضا.
لوبيا كَانَ فِي كتاب الأغذية أَن اللويبا هَذَا الأسم فَهُوَ دوليجن هُوَ اللوبيا. وَقد صحّح فِي الْأَسْمَاء أَنه اللوبيا. وجالينوس يسْتَدلّ فِي الْكتاب ويحدس على هَذَا الِاسْم.
وَذكر ج أَن صَاحب كتاب التَّدْبِير قَالَ فِي دوليجن: إِنَّه أسْرع خُرُوجًا بالبراز من الماش وَلَيْسَ لَهُ هَذَا نفخة كنفخة الماش وَفِيه: انه اللوبيا شكّ.
حَدَّثَنى بعض إخوانى أَن إِسْحَاق بن حنين صحّح هَذَا وَقَالَ: هُوَ اللوبيا.
أرخيجانس: اللوبيا بَارِد يَابِس.
ابْن ماسويه: اللوبيا حَار فِي الأولى فِي وَسطهَا رطب كَذَلِك والأحمر مِنْهُ أحر ويدر الْحيض إِذا صير مَعَه قنة ودهن ناردين.
(6/379)
قَالَ: وَمن أَدِلَّة رطوبته سرعَة نفخته ويولد خلطا بلغميا غليظا رديا للمعدة. وَأكله مَعَ الْخَرْدَل يمْنَع ضَرَره. والأحمر أَحْمد خلطا. والأبيض كثير الرُّطُوبَة عسر الانهضام ويعين على هضمه وَأما الطرى مِنْهُ فَيجب أَن يُؤْكَل بالملح والفلفل والصعتر ليعين على هضمه وَيشْرب عَلَيْهِ نَبِيذ صرف.
والمربى مِنْهُ بالخل قَلِيل الرُّطُوبَة بطىء الهضم من أجل الْخلّ ليبسه.
لى أَمر اللوبيا فِي أَنه لَا ينْفخ ظَاهر وَقد غلط النَّاس على ج فِي أمره وَسبب ذَلِك الِاسْم)
الْمُشْتَرك فِي اليونانى وَذَلِكَ بَين لمن قَرَأَ الْبَاب الثَّالِث وَالْعِشْرين من كتاب ج فِي الأغذية. وَلما ذكر اللوبيا فِي أول الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: والسلق وَهُوَ اللوبيا. وَأما دوليجن فَلم يتَبَيَّن أَنه اللوبيا بل قد بحث عَنهُ بحثا طَويلا فِي الْبَاب الثَّالِث وَالْعِشْرين.
وَالْحب الَّذِي قَالَ: وَهَهُنَا أَحسب أَن القدماء تسمى اللوبيا وَأما دوليجن فَيمكن أَن يكون هَذَا الْغَلَط فِي الِاسْم على جالينوس أَيْضا.
الدمشقى: إِنَّه حَار فِي الأولى كثير الرِّيَاح مدر للبول.
اريباسيوس: إِنَّه ينْفخ.
ابْن ماسويه: اللوبيا حَار رطب فِي الأولى وخاصته إدرار الطمث لاسيما الْأَحْمَر مِنْهُ ملين للبطن جيد للصدر والرئة يُورث أحلاما ردية.
حنين فِي كتاب الأغذية: قَالَ ج اللوبيا: إِنَّه كثير الْغذَاء ونفختة أقل من نفخة الباقلى وَقَرِيب من نفخة الماش وَخُرُوجه أسْرع من خُرُوج الماش وَالدَّم الْمُتَوَلد مِنْهُ دون الْمُتَوَلد من الماش وَهَذَا أغْلظ وَأقرب إِلَى البلغم.
وَقَالَ د: إِن اللوبيا يدر الْبَوْل وَيرى أحلاما رَدِيئَة. وَحكى عَن روفس أَنه قَالَ: إِن اللوبيا ينْفخ نفخا يَسِيرا ويغذو غذَاء كثيرا.
لِسَان العصافير قَالَ بديغورس: خاصته الزِّيَادَة فِي الْجِمَاع. الدمشقى: إِنَّه نَافِع من الخفقان زَائِد فِي الباه.
ليمونيون قَالَ ج فِي السَّابِعَة: ثَمَرَة هَذَا مَتى شربت بِالشرابِ نَفَعت من انطلاق الْبَطن وَاخْتِلَاف الدَّم وَيحبس الطمث وَهِي قابضة. والشربة اكسونافن.
لوفاقانيس قَالَ فِي السَّابِعَة: إِن أَصله مر فَهُوَ لذَلِك يحلل ويجفف فِي الدرجَة الثَّالِثَة وإسخانه فِي الأولى.
ليثابوطس قَالَ ج فِي السَّابِعَة: أَنْوَاعه ثَلَاثَة: وَاحِد مِنْهَا لَا ثَمَر لَهُ والآخران يثمران وقوتها جَمِيعًا محللة
(6/380)
وعصارته مَتى خلطت بالعسل أبرأت ظلمَة الْبَصَر الْحَادِث عَن الرُّطُوبَة الغليظة. وطبيخه نَافِع لليرقان.
لينودو سطس قَالَ ج فِي السَّابِعَة: هَذَا يَسْتَعْمِلهُ النَّاس كلهم فِي إلانه الْبَطن. وَمَتى أحب أحد تجربته فضمد بِهِ وجد لَهُ تحليلا بليغا.
لوغارين قَالَ ج فِي السَّابِعَة قُوَّة هَذَا الدَّوَاء يجفف مَا ينحدر إِلَى الْبَطن وَيخرج مِنْهُ بالمواد حَتَّى أَنه يجفف تجفيفا جيدا.
لوتجيطش هُوَ الحربة وَهُوَ مَذْكُور فِي بَاب الْحَاء.
لِسَان الثور قَالَ ج: هَذَا نَبَات مزاجه مزاج حَار رطب وَمن أجل ذَلِك مَتى ألْقى فِي الشَّرَاب قرح ذَلِك الشَّرَاب وَهُوَ نَافِع للسعال من أجل خشونة قَصَبَة الرئة والحنجرة إِذا طبخ بِمَاء الْعَسَل.
الخوز: إِنَّه بَارِد رطب فِي الثَّانِيَة وورقه إِذا أحرق نفع من رخاوة اللِّسَان واللثة والقلاع فِي لزاق الذَّهَب قَالَ د: لَهُ قُوَّة تجلو اللثة وتقطع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح وتنقيها وتقبض وتسخن وتعفن تعفينا كثيرا وتلذع لذعا يَسِيرا وَهُوَ مهيج للقىء قَاتل.
قَالَ ج: هَذَا من الْأَدْوِيَة الَّتِي تذيب اللَّحْم لكنه لَا يلذع لذعا شَدِيدا وَأما تَحْلِيله وتجفيفه فشديد.
وَبَعض النَّاس لَا يُسمى بِهَذَا الِاسْم إِلَّا المعدنى فَقَط وَآخَرُونَ يسمون بِهِ الْمَصْنُوع من بَوْل الْأَطْفَال فِي النّحاس وَليكن النّحاس وَليكن أَحْمَر بِأَن يسحق فِي الصَّيف أَو هَوَاء حَار وَآخَرُونَ يدْخلُونَ هَذَا أَيْضا فِي عداد الزنجار ويجعلونه نوعا مِنْهُ.
وَهُوَ دَوَاء نَافِع جدا للجراحات الخبيثة مَتى اسْتعْمل وَحده أَو خلط مَعَ غَيره. وَهَذَا يجفف أَكثر مِمَّا اللزاق المعدانى وَهُوَ أقل لذعا لِأَنَّهُ ألطف.
وَمَتى أحرقت المعدني لطفته أَكثر.
وَقَالَ فِيهِ عِنْد ذكره الْبَوْل: إِنَّه جيد للخراجات الْعسرَة الْبُرْء وَيسْتَعْمل فِي المداواة الخراجات الخبيثة على أَنه دَوَاء فَاضل.
لازورد قَالَ د: قوته كقوة لزاق الذَّاهِب إِلَّا أَنه أَضْعَف مِنْهُ وينبت شعر الأجفان وَله قُوَّة تقلع بهَا اللَّحْم الزَّائِد ويعفن تعفينا يَسِيرا جدا وَلذَلِك يخلط مَعَ الْأَدْوِيَة النافعة للعين وَيسْتَعْمل كحلا وَحده للأشفار إِذا كَانَت قد انتثرت من أجل أخلاط حادة لَا تنمى وَلَا تنْبت وَكَانَت دقاقا ضعافا وَذَلِكَ أَن حجر اللازورد فِي هَذَا الْموضع يفنى هَذِه الأخلاط الحادة وَيرد الْعُضْو إِلَى مزاجه الأصلى فَيكون نَبَات الشّعْر عَنهُ بِعرْض.
(6/381)
لحية التيس قَالَ ج فِي السَّابِعَة: فِيهِ قبض لَيْسَ بِيَسِير وَذَلِكَ مَوْجُود فِي مذاقته وَفِي أَفعاله الْجُزْئِيَّة أَولا فأولا لِأَن ورقه الغض إِذا سحق جفف وَقبض تجفيفا وقبضا يبلغ بهما أم يدمل الْجِرَاحَات.
وزهرته أَيْضا أقوى من ورقه حَتَّى أَنه من شرب مِنْهَا بشراب أبرأت مَا يكون من قُرُوح المعى وَضعف الْمعدة وتجلب مَا ينجلب إِلَيْهَا.
وَإِذا اتخذ ضمادا نفع الْجِرَاحَات المتعفنة لِأَن قوتها قَوِيَّة التجفيف وَذَلِكَ أَنَّهَا من اليبوسة فِي الثَّانِيَة عِنْد منتاها وَفِي هَذَا الدَّوَاء من الْبُرُودَة مِقْدَار مَا قد صَارَت بِهِ حرارته فاترة جدا.
وَأما الَّذِي يُؤْخَذ من أصل هَذَا النَّبَات وَيُقَال لَهُ: هيوفسطيداس فَهُوَ أَشد قبضا من ورقه جدا وَهُوَ دَوَاء بليغ الْقُوَّة فِي شِفَاء جَمِيع الْعِلَل الَّتِي تكون من تجلب الْموَاد بِمَنْزِلَة نفث الدَّم واستطلاق الْبَطن ونزف الدَّم وقروح المعى ولتقوية الْأَعْضَاء الَّتِي قد قد ضعفت من أجل رُطُوبَة كَثِيرَة اكتسبتها إِذا وضع عَلَيْهَا قُوَّة لَيست بالدون وَبِهَذَا السَّبَب صَار يخلط فِي الأضمدة النافعة لفم الْمعدة والكبد وَيدخل فِي الترياق الْكَبِير ليقوى الْأَعْضَاء ويشدها.
وَقَالَ فِي الميامر عِنْد ذكر أدوية الْعين: إِن عصارة لحية التيس تقبض قبضا معتدلا كالورد وبزره.
لعاب قَالَ ج: هَذَا أَيْضا يخْتَلف بِحَسب مزاج الْحَيَوَان وحاله من ريها وضمرها وَاخْتِلَاف أجناسها وَفضل حَرَارَتهَا ونقصانها فان البزاق مِمَّن اغتذى أَضْعَف من الجائع وَمن الريان أَضْعَف من العطشان.
وبصاق من كَانَ غذاؤه معتدلا واستمراؤه حسنا معتدل.
وَهَذَا البصاق هُوَ الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ طوره الْأَطْفَال فِي قوباء الْأَطْفَال فيقلعونها بِهِ بِأَن نبل فِيهِ الْأصْبع ويدلك الْموضع دلكا بلغيا وَيفْعل ذَلِك فِي مَرَّات كَثِيرَة.
وَكثير من الأكرة يَمْضُغُونَ الْحِنْطَة ويضعونها على الْجِرَاحَات فتنضج وتتحلل. وَإِنَّمَا تفعل ذَلِك الْحِنْطَة بمخالطتها للريق. وَذَلِكَ أَنَّهَا لَو طبختها أعنى الْحِنْطَة فِي مَاء ثمَّ وَضَعتهَا على الْخراج وَإِذا كَانَت الخراجات فِي الْأَبدَان الرُّخْصَة اسْتعْمل فِيهَا البزاق وَحده أَو ممضوغا بالخبز فَيكون أَسْرعَا لنضجه وتحليله وَلذَلِك ينفع من الدَّم الَّذِي ينصب إِلَى الْعين ويحلل الْآثَار الكمدة من الْوَجْه وَسَائِر الْبدن لَا سِيمَا مَتى مضغ الْخبز مَعَ الفجل.
والريق فِي جملَة طبعه مقاوم لجَمِيع الْهَوَام وَقد كَانَ بعض النَّاس وَعَدَني أَنه يقتل عقربا بريقها فتموت فِي الْحِين فرقاها سَاعَة ثمَّ بَصق عَلَيْهَا فَمَاتَتْ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك أَمرته أَن يبصق على عقرب أُخْرَى من غير رِيقه فَفعل فَمَاتَتْ من ساعتها كالأخرى فأعلمته أَن الَّذِي
(6/382)
قتل الْعَقْرَب إِنَّمَا كَانَ البصاق وَأَن هَذِه الْقُوَّة فِيهِ أَشد مَتى كَانَ صَاحبه على الرِّيق وَمَتى كَانَ على الامتلاء فبصاقه ضَعِيف.
لاعية قَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة هَذَا شَبيهَة بالفراسيون إِلَّا أَنه أَضْعَف كثيرا مِنْهُ. وَيسْتَعْمل بدله إِذا لم يُوجد على علم من تَقْصِيره فِي الْفِعْل.
أَبُو جريج: مَتى دقَّتْ وألقيت فِي غَدِير فِيهِ سمك طفت على المَاء كالميتة.
انْقَضى حرف اللَّام
(6/383)
3 - (بَاب الْمِيم)
مو قَالَ د: مين وَهُوَ المو وَيُسمى أَيْضا منفطير نَبَاته كنبات الشبث يكون بِبَلَد ماقدونيا وبلاد اشبانيا وأصوله دقاق طيبَة الرَّائِحَة تشذ اللِّسَان.
إِذا غليت بِالْمَاءِ أَو لم تغل وشربت مسحوقة فانها تسكن الوجع الْعَارِض من احتقان الفضول فِي المثانة والكلى وهى جَيِّدَة لعسر الْبَوْل.
وَإِذا سحقت وخلطت بِعَسَل ولعقت نَفَعت من الرّيح الْعَارِضَة فِي فَم الْمعدة والمغس وأوجاع الْأَرْحَام والمفاصل والصدر الَّذِي تنصب إِلَيْهِ الْموَاد.
وَإِذا سلقت وَجلسَ النِّسَاء فِي طبيخها أدرت الطمث. وَإِذا ضمد بهَا عانة الصبى أدرت الْبَوْل. وَإِذا أَخذ مِنْهَا أَكثر من الْمِقْدَار الْكَافِي صدعت.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة: أصُول المو وَهِي المستعملة وَهِي حارة فِي الثَّالِثَة يابسة فِي الثَّانِيَة تدر الْبَوْل وتحدر الطمث وَإِذا أَكثر من أكلهَا أحدثت الصداع من طَرِيق أَنَّهَا تسخن أَكثر مِمَّا تجفف وَذَلِكَ أَن فِيهَا رُطُوبَة نافخة غير نضيجة فاذا أصعدت الْحَرَارَة هَذِه الرُّطُوبَة إِلَى الرَّأْس أوجعته وَقَالَ أريبارسيوس: يسخن إسخانا قَوِيا ويجفف تجفيفا صَالحا وَلذَلِك يُحَرك الْبَوْل والطمث إِلَّا أَنه يصدع وينفخ.
الدمشقى: هُوَ شَبيه بالسنبل فِي قوته غير أَنه أَكثر حرارة وَأَقل قبضا.
ملوخيا كرناه فِي ذكر الخبازى فِي حرف الْخَاء.
مسن ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الْجَامِع للحجارة.
مرقشيثا قَالَ د: قوته محرقا كَانَ أوغير محرق مسخنة محللة تجلو غشاوة الْبَصَر منضجة للأورام الجاسية مَتى خلط براتينج وَقد يقْلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح مَعَ شىء يسير من إسخان وَقبض.
قَالَ ج: هُوَ وَاحِد من الْحِجَارَة الَّتِي لَهَا قُوَّة شَدِيدَة جدا وَنحن نَسْتَعْمِلهُ بِأَن نخلطه فِي المراهم المحللة ونلقى مَعَه أَيْضا من الْحجر الْمُسَمّى: سحطبوس وَقد حلل هَذَا المرهم مرَارًا كَثِيرَة الْقَيْح والرطوبة الشبيهة بعلق الدَّم إِذا كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا محتنقا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي بَين العضل.
(6/384)
وَيجب مَتى اسْتعْملت هَذِه الْحِجَارَة أَن تكون ميحوقة جدا كالهباء لتصل إِلَى عمق الْأَعْضَاء الَّتِي تعالج بهَا وَلَا يفتت بِمَنْزِلَة الرمل.
لينانوس فِي كتاب الْحِجَارَة: إِنَّه مَتى علق على الصبى لم يقرع فانه يجعد الشّعْر. وَمَتى سحق بالخل وطلى بِهِ البرص أَبرَأَهُ.
لى ينظر فِيهِ.
مصطكى قَالَ د: إِنَّه نَافِع من نفث الدَّم والسعال المزمن إِذا شرب وَهُوَ جيد للمعدة محرك للجشاء يدْخل فِي السنونات الجالية للاسنان وغمر الْوَجْه لجلائه وَيلْزق الشّعْر النَّابِت فِي الأجفان إِلَى دَاخل ويطيب النكهة مَتى مضغ ويشد اللثة.
ودهن ثَمَرَة المصطكى يبرىء الْمَوَاشِي وَالْكلاب من الجرب وَيَقَع فِي الفرزجات والأدهان المحللة للاعياء ومراهم الجرب المتقرح.
(6/385)
وَأما دهن المصطكى الَّذِي يعْمل مِنْهُ نَفسه فانه يصلح لأوجاع الْأَرْحَام كلهَا لإسخانه بِرِفْق وَقبض وتليين وَيصْلح أَيْضا للضمادات الَّتِي تضمد بِهِ الْمعدة للاسهال المزمن من قُرُوح المعى وَمَا يعرض فِي الْوَجْه من الْآثَار من فضول الْبدن لجلائه وتحسينه اللَّوْن.
وَقُوَّة ثَمَرَة المصطكى قابضة مُتَسَاوِيَة الْقُوَّة مَتى طبخ قشرها وَأَصلهَا بِالْمَاءِ طبخا طَويلا ثمَّ صفى المَاء وَحده إِلَى أَن يثخن كالعسل صلح هَذَا الطبيخ لقبضه إِذا شرب لنفث الدَّم واستطلاق الْبَطن وقرحة المعى ونزف الدَّم من الرَّحِم وبروز الرَّحِم والسرم وَبِالْجُمْلَةِ يُمكن أَن يسْتَعْمل بدل الأقاقيا والهيوفسطيداس. وعصارة وَرقهَا كَذَلِك.
وَمَتى صب طبيخ الْوَرق على القروح العميقة وعَلى الْعِظَام الْمَكْسُورَة بنى اللَّحْم فِي القروح وألحم الْعِظَام وَقطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم وَيمْنَع القروح الخبيثة أَن تسْعَى فِي الْجِسْم ويدر الْبَوْل.
وَمَتى تمضمض بِهِ شدّ الْأَسْنَان المتحركة. وَإِذا عملت من أغصانه مساويك جلت الْأَسْنَان.
وَيكون من ثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة دهن قَابض يُوَافق جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى قبض. ج فِي السَّادِسَة عِنْد ذكر الزَّيْت: دهن المصطكى قوته مركبة لِأَنَّهُ مَتى شرب فَلَيْسَ يلين فَقَط بل وَيقبض أَيْضا.
وَقَالَ فِي السَّابِعَة: الْأَبْيَض من المصطكى وَهُوَ الْمُسَمّى علك الرّوم مركب من قوى متضادة أعنى من قُوَّة تقبض وَقُوَّة تلين فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب نَافِع لأورام فَم الْمعدة والأمعاء والكبد ويسخن ويجفف فِي الدرجَة الثَّانِيَة.
وَأما المصطكى الْأسود الَّذِي يعرف بالقبطى فتجفيفه أَشد من تجفيف الْأَبْيَض وَقُوَّة الْقَبْض فِيهِ أقل مِنْهَا فِي ذَلِك فَهُوَ لذَلِك أَنْفَع لمن يحْتَاج إِلَى التجفيف القوى وَلذَلِك هُوَ نَافِع للأورام الصلبة)
وَأما دهن المصطكى الْمُتَّخذ من الْأَبْيَض وَلَا يكَاد يتَّخذ من الْأسود فقوته شَبيهَة بِقُوَّة المصطكى.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة حَيْثُ ذكر العلك: إِن أفضل أَنْوَاع العلك: إِن أفضل أَنْوَاع العلك وَأَوْلَادهَا بالتقديم علك الرّوم وَهُوَ المصطكى وَذَلِكَ أَنه مَعَ مَا فِيهِ من الْقَبْض الْيَسِير الَّذِي بِهِ صَار نَافِعًا لضعف الكبد والمعدة.
وورقها فِيهِ أَيْضا قُوَّة تجفف أَيْضا تجفيفا لَا أَذَى مَعَه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حِدة لَهُ أصلا وَهُوَ لطيف جدا.
وَقَالَ فِيهِ فِي الثَّامِنَة أَيْضا فِي شَجَرَة المصطكى: إِنَّهَا مركبة من جَوْهَر مائى حَار قَلِيل وَمن جَوْهَر أرْضى بَارِد لَيْسَ بِكَثِير الْمِقْدَار وبسببه صَارَت تقبض قَلِيلا وَهِي فِي الثَّانِيَة تجفف نَحْو آخرهَا وَالثَّالِثَة عِنْد ابتدائها.
وَأما حَالهَا فِي الْبُرُودَة والحرارة فحال معتدلة المزاج وَالْقَبْض فِي أَجزَاء هَذِه الشَّجَرَة على مِثَال وَاحِد أَعنِي فِي عروقها وورقها وقضبانها وَثَمَرهَا ولحائها.
وَمَتى اتخذ من وَرقهَا غضا ضماد كَانَت قُوَّة الضماد تقبض قبضا يَسِيرا وَلذَلِك قد يشرب وَحده وَمَعَ أدوية أخر لقروح المعى واستطلاق الْبَطن وَهُوَ أَيْضا نَافِع لمن بِهِ نفث الدَّم ولنزف بديغورس: خاصته إذابة البلغم وتقوية الْمعدة.
اريباسيوس: إِن فِيهِ قوتين مختلفتين: قابضة ومرخية وَلذَلِك ينفع الأورام الكائنة فِي الْمعدة والبطن والمعى والكبد وإسخانه وتجفيفه كَاف وَالْكَافِي عِنْد اريبارسيوس فِي الثَّانِيَة والقوى فِي الثَّانِيَة والقوى فِي الثَّالِثَة.
وَقَالَ فِيهِ حَيْثُ ذكر الراتينج: إِن المصطكى مَعَ مَا فِيهِ من الْقَبْض الْيَسِير يقوى ضعف الْمعدة والكبد وينفع من الأورام الَّتِي تكون فِيهَا ويجفف من غير أَذَى وَذَلِكَ أَنه أقل حِدة وَأكْثر لطاقة من سَائِر الراتينجات. وَيَعْنِي بالراتينجات جَمِيع العلوك والصموغ.
أَبُو جريج: المصطكى أقل حرا ويبسا من الكندر وألطف مِنْهُ أَنْفَع فِي تسخين الْمعدة وَله فعل فِي الرَّأْس وجذب البلغم إِذا مضغ وَمن أجل ذَلِك جعل مَعَ الصَّبْر فَيُصْلِحهُ ويجذب مَعَه بلغما من الرَّأْس.
مسيح: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة نَافِع من نفث الدَّم والسعال وفتور الشَّهْوَة جيد للمعدة)
يجلو الْأَسْنَان وَيحسن الْبشرَة إِذا طلى بِهِ ويسكن وجع اللثة.
الخوزى: الَّذِي يضْرب مِنْهُ إِلَى السوَاد وَإِلَى الْحمرَة وَهُوَ القبطى أبلغ فِي إمْسَاك الْبَطن.
حنين فِي كتاب الترياق: إِن المصطكى يحلل الأورام فِي الْمعدة وينفع من السعال.
(6/386)
مرزنجوش: إِنَّه مسخن جدا وَمَتى شرب طبيخه نفع من بَدْء الاسْتِسْقَاء وعسر الْبَوْل والمغس.
وَمَتى اسْتعْمل ورقه بالعسل أذهب آثَار الدَّم الْعَارِضَة تَحت الْعين.
وَمَتى احْتمل أدر الطمث. ويتضمد بِهِ مَعَ الْخلّ للسعة الْعَقْرَب.
وَقد يعجن بقيروطى وَيُوضَع على التواء العصب وعَلى الأورام البلغمية ويتضمد بِهِ مَعَ المسيكزان لأورام الْعين الصلبة وَيدخل فِي المراهم المحللة للاعياء والمسخنة الملينة.
ولدهنه قُوَّة مسخنة ملطفة حارة تصلح لانضمام الرَّحِم الَّذِي يعرض مِنْهُ الاختناق ويسكن وجع الظّهْر والأربية.
وَمَتى اسْتعْمل بالعسل كَانَ أَجود لِأَنَّهُ يلطف يشدة جلائه.
وَإِذا تمسح حلل الاعياء الْعَارِض.
وَيدخل فِي ضمادات الفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ ميل الرَّقَبَة إِلَى خلف وَفِي ضروب الفالج الْأُخَر. ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة هَذَا محللة لَطِيفَة وَذَلِكَ أَنه يجفف ويسخن فِي الدرجَة الثَّالِثَة.
ابْن ماسويه فِي المرزنجوش والنمام: إنَّهُمَا: إنَّهُمَا حاران يابسان فِي الثَّالِثَة نافعان من الأوجاع الْبَارِدَة الرّطبَة والصداع البلغمى والشقيقة السوداوية والبلغمية غير أَن المرزنجوش مَحْمُود الْفِعْل فِي عِلّة اللقوة أَكثر.
ماسرجويه قَالَ: دهن المرزنجوش ينفع من السدة فِي الدِّمَاغ إِذا استعط بِهِ وللشقيقة وَجَمِيع الْأَرْوَاح الغليظة فِي الرَّأْس إِذا أدهن بِهِ.
ابْن ماسويه: خَاصَّة المرز بخوش إِذا دق وصير مَاؤُهُ فِي الججمة بعد الْفَرَاغ من الْحجامَة وَوضع على مَوَاضِع الشَّرْط أذهب الْآثَار الْبيض مِنْهَا وَيفتح السدد من المنخرين والأذنين.
موغالى ذكر فِي ذكر ابْن عرس.
مصارين ذكرت مَعَ الكرش وَكَذَلِكَ المعى.
مبيختج ذكر مَعَ الشَّرَاب.
مقل الْيَهُود قَالَ فِيهِ د: إِن قوته مسخنة ملينة إِذا ديف بريق صَائِم حلل الجسو والورم الغليظ الْبَارِد وأدرة المَاء.
وَمَتى احْتمل أَو تبخر بِهِ فتح فَم الرَّحِم المنضم ويحدر الْجَنِين وكل رُطُوبَة.
وَهُوَ نَافِع من شدخ أوساط العضل ووجع الْجنب والرياح.
وَيدخل فِي المراهم الْمُوَافقَة لصلابة الأعصاب وتعقدها.
(6/387)
ج فِي السَّادِسَة: الْمقل الْأسود الصقلى أَلين من الْمقل الآخر الْعَرَبِيّ وقوته ملينة. والعربي أَشد تجفيفا من الْأَدْوِيَة الملينة والْحَدِيث الرطب الْعَرَبِيّ إِذا عجن بِالْيَدِ كَانَ كاللبن فعمله مثل عمل الصقلى وَكلما عتق حدث فِي طعمه مرَارَة وَصَارَ حادا حريفا يَابسا وَخرج من طبعه فِي الِاعْتِدَال فِي الْأَدْوِيَة الملينة للأورام الصلبة.
وَقد يسْتَعْمل الْعَرَبِيّ خَاصَّة فِي مداواة ورم الحنجرة وَفِي قيلة المَاء ملينا بريق إِنْسَان صَائِم وَلَا يزالون يعجنونه حَتَّى يأتى فِي قوام المرهم.
وَقد يظنّ بالمقل الْعَرَبِيّ أَنه يفت الْحَصَى فِي الكلى مَتى شرب ويدر الْبَوْل وَيذْهب الرِّيَاح الغليظة ويفشها ويشفى الأوجاع فِي الأضلاع وفسوخ العضل.
بديغورس: خاصته إِنْزَال الْحيض وَالْبَوْل والتحليل.
اريباسيوس: قُوَّة الْمقل الْيَهُودِيّ التليين. ويستعمله بعض النَّاس فِي الأورام الَّتِي تكون فِي الحنجرة وَفِي قيلة المَاء بعد عجنه بريق صَائِم وَهُوَ أَيْضا يحل الْأَرْوَاح الَّتِي تَنْعَقِد فِي الْأَعْضَاء وأوجاع الأضلاع وهتك العضل.
أَبُو جريج: الْمقل الْأَزْرَق حَار فِي آخر الأولى وَله حِدة تمسك الطبيعة إِذا لانت وَيقطع الدَّم)
السَّائِل من المعقدة وينفع من البواسير وَيقطع مادتها وينفع الخراجات إِذا خلط بالمراهم وَيذْهب بالخنازير وَإِذا طلى على السعفة بخل أبرأها.
ابْن ماسويه: إِنَّه نَافِع من البواسير ويحلل الأورام الدَّاخِلَة مَتى شرب بمطبوخ والخارجة مَتى وضع عَلَيْهَا محلولا بمطبوخ. قَالَ فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة المسهلة.
ماسرجويه حِكَايَة عَن ج قَالَ: يحلل الأورام الصلبة فِي الْأُنْثَيَيْنِ وَغَيرهمَا.
سلمويه: يحلل الأورام الصلبة فِي الْبَطن وَالْحلق والرقبة إِذا ضمد بِهِ وَإِذا شرب وينفع من انفجار الدَّم لما شرب.
حنين فِي الترياق: الْمقل يحل الدَّم الجامد.
مَاعِز ذكر فِي بَاب الْعين مَعَ العنز.
مغرة ذكر مَعَ الطين فِي بَاب الطَّاء.
ماليطرنا مريق ذكر مَعَ القرطم.
موميائى قَالَ د: هُوَ شىء جامد كالقار يتَّخذ من الْجبَال الَّتِي يُقَال لَهَا: الصواعقية وَيُلْقِيه المَاء إِلَى الشطوط وتفوح مِنْهُ رَائِحَة زفت مخلوط بقفر وَله قُوَّة مسخنة ملينة مدملة جابرة للكسر نافعة من علل الْجوف.
وَحكى لى عَن بعض الْأَطِبَّاء مَنَافِع الموميائى قَالَ: هُوَ نَافِع للصداع البلغمى والبارد من غير مَادَّة والشقيقة والفالج واللقوة والصراع والدوار.
(6/388)
ويسعط مِنْهُ لهَذِهِ الْعِلَل بِحَبَّة مَعَ مَاء مرزنجوش ولوجع الْأذن يدهن ياسمين. ولوجع الْحلق يداف مِنْهُ قِيرَاط بِرَبّ التوت أَو بطبيخ العدس والسوسن.
ولسيلان الْقَيْح من الْأذن يداف مِنْهُ شعيرَة بدهن ورد وَمَاء حصرم وتلوث فِيهِ فَتِيلَة وَتدْخل فِي الْأذن. ولثقل اللِّسَان يداف مِنْهُ قِيرَاط بِمَاء قد طبخ فِيهِ صعتر فارسى.
وللسعال يطْبخ بِمَاء عناب أَو مَاء شعير وسبستان ويسقى مِنْهُ ثَلَاثَة أَيَّام على الرِّيق. وللخفقان قِيرَاط بسوسن أَو يماء نعنع. وللريح والنفخة فِي الْمعدة قِيرَاط بِمَاء كمون وكراويا أَو بِمَاء النانخه.
وللصدمة والدفعة بالمعدة والكبد قِيرَاط مَعَ دانقى طين أرمينى ودانق زعفران بِمَاء عِنَب الثَّعْلَب أَو خيارشنبر.
وللفواق حَبَّة بطبيخ بزر الكرفس وكمون كرمانى. ولوجع الرَّأْس الْعَتِيق يُؤْخَذ مِنْهُ حَبَّة وَمن الْمسك والكافور والجند بادستر حَبَّة حَبَّة يداف الْجَمِيع بدهن بَان ويسعط بِهِ. وللخناق قِيرَاط بسكنجبين. ولوجع الطحال قِيرَاط بِمَاء الكزبرة.
وللسموم حبتان بِمَاء قد طبخ فِيهِ الحسك والانجدان. وللعقارب قِيرَاط مَعَ خمر صرف وَيُوضَع على الْموضع بِسمن بقر.
أَبُو جريج: هُوَ يصلح للكسر والوهن من دَاخل الْجِسْم وخارجه وينفع الصَّدْر والرئة. وَهُوَ قريب من الِاعْتِدَال إِلَّا أَن لَهُ خُصُوصِيَّة فِي تسكين أوجاع الْكسر إِذا شرب مِنْهُ أَو تمرخ بِهِ أَو احتقن بِهِ. وينفع من قُرُوح الإحليل والمثانة.
الطبرى: الموميائى حَار لطيف جيد للسقطة والضربة والرياح. خبرت أَن رجلا نفث الدَّم فَلم يَنْقَطِع عَنهُ بأدويته الَّتِي تشفيه فسقى من الموميائى ثَلَاث حبات زَعَمُوا بنبيذ فَانْقَطع عَنهُ ذَلِك.)
قَالَ ماسرجويه: إِنَّه حَار لطيف جيد للوثء وَالْبرد والرياح وَمَتى استعط مِنْهُ بِقَلِيل نفع من ابْن ماسه: إِن ج قد ذكره فِي الميامر حَيْثُ تكلم على الصداع فَيجب أَن يطْلب ذَلِك ويحول الميامر فِي الرَّابِعَة مِنْهُ.
قَالَ: من أدوية الْعين أدوية حارة حريفة كالموميائى والحلتيت والسكنجبين والفربيون وَبِالْجُمْلَةِ كل دَوَاء يسخن إسخانا قَوِيا من غير أَن يحدث فِي الْعين خشونة.
الخوز: إِنَّه دَوَاء أبلغ من كل دَوَاء لنفث الدَّم وَإنَّهُ مَتى حل بزنبق وَتحمل نفع من قلَّة الصَّبْر على حبس الْبَوْل.
مثك ذكر مَعَ السوسن.
مصل ذكر مَعَ اللَّبن.
مران قَالَ د: إِن عصارة ورقه مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من نهشة الأفعى.
(6/389)
وقشر المران مَتى أحرق ولطخ على الجرب المتقرح قلعه.
وَيُقَال: إِن نحاتة خشب المران تقتل مَتى شربت.
وَقَالَ ج: عفوصة بليغة وَهُوَ مَعَ هَذَا يُؤْكَل وَلذَلِك يحبس الْبَطن حبسا شَدِيدا كَمَا يفعل الزعرور وورقها أَيْضا وقضانها عفصة قَوِيَّة التجفيف وَلذَلِك يدمل الْجِرَاحَات الْكِبَار الَّتِي فِي الْأَبدَان الصلبة وَأما الصغار فِي الْأَبدَان اللينة فَهِيَ مضادة لَهَا وَذَلِكَ أَنَّهَا تهيج هَذِه وتثورها لِأَنَّهَا تجففها أَكثر مِمَّا يَنْبَغِي.
مطراويسا ج: فِي الثَّامِنَة: هَذَا فِي جَمِيع.
ماهيزهرة أَبُو جريج: إِنَّهَا نافعة لأوجاع المفاصل وَلمن تتشبك أَصَابِعه.
مر د: إِن قويه مسخنة ميبسة لَازِقَة لما يحْتَاج أَن يلزق قابضة ويلين فَم الرَّحِم المنضم ويفته.
وَمَتى احْتمل مَعَ الافسنتين أَو مَاء الترمس أَو مَعَ عصارة السذاب أدر الطمث وَأخرج الْجَنِين بِسُرْعَة.
وَقد يشرب مِنْهُ مِقْدَار باقلاه للسعال المزمن وللنفس المحوج للانتصاب ووجع الصَّدْر وَالْجنب وَإِذا أَخذ مِنْهُ مِقْدَار باقلاه بفلفل وَمَاء قبل أَخذ النافض بساعتين سكنها.
وَمَتى وضع تَحت اللِّسَان وازدرد مَا يتَحَلَّل مِنْهُ لين خشونة قَصَبَة الرئة وصفى الصَّوْت وَقتل الدُّود. وَإِذا ليك فِي الْفَم طيب رَائِحَته.
ويخلط بالسذاب الرطب وتلطخ بِهِ الآباط المنتنة. وَمَتى خلط بخل الْخمر وَالزَّيْت وتمضمض بِهِ شدّ الْأَسْنَان واللثة.
وَمَتى ذَر على قُرُوح الرَّأْس أدملها. وَمَتى لطخ مَعَ لحم الصدف على غضروف الْأذن المشدخة أَبرَأَهُ ويكسو الْعِظَام الْعَارِية لَحْمًا. وَمَتى خلط بالأفيون والجند بادستر والماميثا أَبْرَأ الْأذن الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح وأورامها الحارة.
ويلطخ بِهِ مَعَ الْعَسَل والسليخة على الثآليل. وَمَتى خلط بخل وطلى على القوابي جلاها.
وَمَتى أَخذ بريشة ولطخ بِهِ المنخران قطع النزلات المزمنة.
ويملأ القروح الَّتِي فِي الْعين ويجلو بياضها وظلمتها وخشونتها الَّتِي تكون فِي الجفون.
ودخانه يصلح لَهُ المر. وريح الْجيد من المر طيبَة حارة وطعمه مر.
وَمَتى أَخذ من المر مثقالان وَمن الفلفل الْأَبْيَض مِثْقَال وَمن أصل السوسن سِتَّة مَثَاقِيل
(6/390)
وَمن الشب ثَلَاثَة مَثَاقِيل ودقت دقا جريشا وأنقعت فِي سِتَّة أقساط من المَاء وَتركت أَيَّامًا ثمَّ روق وَقَالَ: دُخان الكندر بعيد عَن الْأَذَى كدخان المر.) ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا فِي الثَّالِثَة من الإسخان والتجفيف وَلذَلِك إِذا نثر على الشجاج الْحَادِثَة فِي الرَّأْس أمكن أَن يلزقها وَفِيه من المرارة أَيْضا أَمر لَيْسَ ييسير وَمن أجل هَذِه المرارة صَار يقتل الدُّود والأجنة ويخرجها وَفِيه لهَذِهِ الْقُوَّة جلاء وَلذَلِك يخلط فِي الأكحال الَّتِي تتَّخذ للقروح والْآثَار الغليظة الَّتِي تكون فِي الْعين وَبِهَذَا السَّبَب صَار يخلط فِي أدوية السعال الْقَدِيم والربو وَلَا يحدث فِي قَصَبَة الرئة خشونة كَمَا تفعل سَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي تجلو بل فِيهِ من الْجلاء مِقْدَار قصد.
وَلَا عتدال جلائه صَار بعض النَّاس يخلطه فِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تشرب لخشونه قَصَبَة الرئة بِخَاصَّة من طَرِيق أَنه يسخن ويجفف إسخانا وتجفيفاً بليغاً وَلَا يخَافُونَ أصلا من فضل مرارته وجلائه.
قَالَ: والمجلوب من بروطيا يسخن ويلين ويحلل.
وَقَالَ حَيْثُ ذكر مَاء السّمك المالح: ينفع الخراجات المتعفنة كَمَا ينفعها المر.
بديغورس: خَاصَّة المر التَّحْلِيل وتفتيح السدد.
بولس: إِنَّه يلصق الشجوج الْعَارِضَة للرأس وَهُوَ مُوَافق لَهَا جدا. ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: إِن من المر ضربا يخلط بِهِ لبن شَجَرَة فارفاستين وَهِي شَجَرَة قتالة فَيصير هَذَا المر مَتى أكل قتالا لكنه عَجِيب فِي الأكحال وَذَلِكَ أَنه يحلل الْمدَّة الَّتِي فِي الْعين بِلَا لذع وَقد يفش المَاء فِي ابْتِدَائه مَتى كَانَ رَقِيقا.
أَبُو جريج: المر فِي آخر الأولى يَابِس فِيهَا وَهُوَ ينفع من استرخاء الْمعدة ويشد الْبَطن وينفع من المَاء الْأَصْفَر مَتى شرب مِنْهُ أَو ضمد بِهِ الْبَطن. وَيدخل فِي أدوية القروح وينشف البلة.
وَمَتى سعط بِوَزْن دانق مِنْهُ جلا الدِّمَاغ وَأخرج عَنهُ الرّيح الغليظة ويقوى الْأَدْوِيَة إِذا خلط فِي الشَّرَاب والسعوط لِكَثْرَة مَنَافِعه.
الدِّمَشْقِي: المر جيد للقوباء مَتى لطخ بِهِ.
ابْن ماسويه: خاصته النَّفس ونقي كل ريح مُنْتِنَة وعفنة.
ميبة ابْن ماسه: أما الممسكة فيقوى الْمعدة ويسخنها ويمسك الْبَطن وَيقطع القىء ويقوى الْقلب.
ماميثا د يَقُول: أما الشياف الْمُتَّخذ مِنْهُ فانه يسْتَعْمل فِي الأكحال فِي ابْتِدَاء الْعِلَل الْبَارِدَة.
(6/391)
ج: هَذَا نَبَات فِيهِ قبض مَعَ بشاعة ويبرد حَتَّى أَنه يشفى الْحمرَة إِذا لم تكن قَوِيَّة جدا. ومزاجه مزاج مركب من جَوْهَر مائى وجوهر أرْضى وَكِلَاهُمَا باردان إِلَّا أَن برودتها لَيست بالشديدة لَكِن مثل برودة مياه الغدران.
بديغورس: خاصتها النَّفْع من الأورام الحارة الغليظة.
اريبارسيوس: يَقُول جالينوس.
ماهو دانه قَالَ د: مَتى أَخذ من بزره سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة وَعمل مِنْهُ حب وَشرب أَو أكل من غير أَن يحبب بعد أَن يمضغ نعما وَشرب بعده مَاء بَارِد أسهل بلغما.
وثمره وماؤه ولبنه يعْمل لبن اليتوع.
وَإِذا شرب من ورقه الْمَطْبُوخ مَعَ الدَّجَاج وَأكل مرقه أسهل الْبَطن. ج: قد زعم قوم أَنه من اليتوع وَجَمِيع قوته شَبيهَة بِقُوَّة أَنْوَاع اليتوع وَإِنَّمَا فِيهِ خَاصَّة وَاحِدَة بهَا يُفَارق اليتوع وَهِي أَنه أَعنِي البزر إِذا ذاقه الذائق وجده حلوا وَفِي هَذِه البزور خَاصَّة قُوَّة الإسهال.
بولس: إِنَّهَا تسهل إسهال اليتوع وخاصة لَبنهَا وَأما بزرها فقوة الإسهال فِيهِ أَكثر.
سلمويه قَالَ د: مَتى طبخ مَعَ القطف وديك عَتيق وَأكل أسهل الْبَطن.
هُوَ المرو الْبري.
ماسرجويه: هُوَ شَبيه الْقُوَّة بالبزرقطونا.
مداد قَالَ د: أما الْمَعْمُول من خشب الصنوبر وَمثل ثلثه من صمغ فانه يصلح للمراهم المعفنة وَحرق النَّار إِذا عجن بِالْمَاءِ ثخينا ولطخ وَلَا يُؤْخَذ حَتَّى يسْقط من نَفسه بِأَنَّهُ لَا سقط حَتَّى يندمل. ج فِي المداد: إِنَّه يجفف تجفيفا شَدِيدا وَإِذا ديف بِالْمَاءِ وطلى على حرق النَّار نفع من سَاعَته. وَمَتى حل بالخل كَانَ أَنْفَع.
بولس: المداد الهنداى على مَا زعم د من الْأَشْيَاء الَّتِي تبرد قَلِيلا وينفع الأورام الحارة والنفخ وينقي الْجِرَاحَات.
وَقَالَ رجل صَدُوق: إِن عقربا لسعته فَأخذ من المداد الهندى فسكن وَجَعه.
ميس قَالَ بولس: أما البستاني دوا النلث وَرَقَات فَلهُ قُوَّة منقية مجففة قَلِيلا وَهُوَ معتدل فِي الْحر وَالْبرد.
وَأما البرى فانه حَار فِي الثَّانِيَة.
(6/392)
وَأما الْمصْرِيّ فَإِنَّهُ يتَّخذ خَبرا أَيْضا.
محلب الدمشقى: هُوَ يفت الْحَصَى.
الطبرى: هُوَ بَارِد.
ماسرجويه: إِنَّه معتدل وَفِيه تَحْلِيل.
قَالَ: وَزعم بعض الْأَطِبَّاء أَنه بَارِد يَابِس.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار لين نَافِع من وجع الخاصرة مَتى شرب بِمَاء الْعَسَل نَافِع للغثى.
الخوزى: هُوَ بَارِد يَابِس فِي الأولى.
محروت ابْن ماسويه: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة قَاطع للبلغم مقو للمعدة الْبَارِدَة.
ماش ج: هُوَ فِي جملَة جوهره شَبيه بالباقلى وَيُخَالِفهُ فِي أَنه لَا ينْفخ كنفخ الباقلى وَأَنه لَا جلاء فِيهِ وَلذَلِك انحداره عَن الْمعدة والبطن أَبْطَأَ انحدارا من الباقلى.
ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد فِي الأولى معتدل فِي الرُّطُوبَة واليبس غير أَنه إِلَى اليبس أقرب وَلَا سِيمَا مَتى قشر وطبخ وَجعل مَعَه مرى ودهن لوز حُلْو. وَفِي قشره بعض العفوصة وَلَيْسَ بنافخ وَمَتى ضمدت بِهِ الْأَعْضَاء الواهنة نَفعهَا وَسكن أوجاعها وخاصة مَتى عجن بالمطبوخ والزعفران والمر وَأحمد وَأحمد المعالجة بِهِ فِي الصَّيف والأمزاج والعلل والحارة.
فانه أحب محب إذهاب نفخه فليطبخه بِمَاء القرطم ودهن اللوز مَتى لم تكن حمى صفراوية أَو ورم فان كَانَت حمى فاطبخه مَعَ الرجلة والخس والسرمق وشعير مهروس.
وَمَتى أردْت أَن تعقل الْبَطن فقشره واطبخه بِمَاء ثمَّ اقله ثمَّ اطبخه مَعَ البقلة الَّتِي تسمى الحماض وَاجعَل مَعَه مَاء الرُّمَّان والسماق فانه عِنْد ذَلِك يعقل الْبَطن ويسكن الْحَرَارَة.
ماسرجويه: الماش نَظِير العدس غير أَنه أقل بردا مِنْهُ جيد للرض وَالْفَسْخ مَتى ضمد بِهِ.
سندهشار: الماش يسكن الْمرة وينفخ وَينْقص الباه.
حنين فِي الأغذية: انحداره أسْرع من انحدار الباقلى. ينظر فِيهِ.
قَالَ: مَاؤُهُ ملين للبطن وجرمه جيد الْغذَاء.
وَحكى عَن أبقراط أَنه قَالَ: يضعف الْأَسْنَان.
ملوخ مَعْرُوف بِهَذَا الِاسْم بِالشَّام.
قَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى شرب من أَصله درخمى بِمَاء القراطن نفع من شدخ العضل وَسكن ميعة قَالَ د: أما السائلة فَهُوَ دهن المر وإسخانه كاسخان المر. ودخان الميعة أقوى من دُخان المر ودخان الكندر.
(6/393)
ج فِي الثَّامِنَة: الميعة تسخن وتلين وتنضج وَلذَلِك تشفى السعال والزكام والنوازل والبحوحة وتحدر الطمث إِذا شربت أَو احتملت من أَسْفَل. ودخانها شَبيه بِدُخَان الكندر.
أَبُو جريح يَقُول: إِنَّه صمغ شَجَرَة بالروم يسيل مِنْهُ وَهُوَ حَار يَابِس فِي الأولى ويبسه أقل من حره وينفع من وجع الصَّدْر والرئة ويبدد البلة ويمسك الطبيعة ويطيب الْمعدة ويقويها وينفع الرِّيَاح الغليظة وتشبك الْأَعْضَاء إِذا طبخ أَو طلى بِهِ من دَاخل الْجَسَد والقروح الْخَارِجَة والجرب رطبَة ويابسه إِذا طلى بِبَعْض الأدهان.
ويابسه ينزل البلة من الرَّأْس إِذا بخربه.
الدمشقى: هِيَ حارة رطبَة ملينة. ودخانها جيد للسعال.
والسائلة تملو الدِّمَاغ وَتَنْفَع الجرب والقروح الرّطبَة.
قَالَ ذَلِك فِي اللبني. . ج فِي الْخَامِسَة من تَفْسِير السَّادِسَة: إِنَّا نشفي من وجع القولنج عِنْد الشدَّة بِمَا يبرد تبريدا قَوِيا لى قد اتّفق الْجَمِيع أَنَّهَا مسخنة فَيجوز أَن تكون وَإِن كَانَت حارة أَنَّهَا تدخل مَعَ هَذِه لِأَنَّهَا تسكن الوجع أَو لِأَن تصلح هَذِه وأحسب أَن الميعة مخدرة.
ماسرجويه: الميعة حارة محللة ينفع دخانها من السعال والزكام وَمَتى احتملت أدر الطمث.
ابْن ماسويه: الميعة السائلة حارة لينَة جَيِّدَة للصدر ورياح المفاصل والسعال. ج فِي الثَّانِيَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء حِين ذكر تسكين الوجع الْأَدْوِيَة الَّتِي تخدر كالأفيون والبنج وأصول اليبروج والميعة السائلة وَهَذَا كَلَام يدل على أَن الميعة مخدرة لِأَن الْمَعْنى فِي هَذَا الْكَلَام قد خرج عَن أَن تكون الميعة إِنَّمَا تدخل فِي تدخل فِي هَذِه لتصلح بهَا بل صَارَت الميعة بِهَذَا الْكَلَام ركنا من أَرْكَان المخدرة كاخدار الْأَشْيَاء الَّتِي تسم وَفِي خلال كَلَامه هَهُنَا إِن الميعة)
تسبت وَهِي لعمرى تثقل الرَّأْس جدا إِلَّا أَن المر والزعفران على أَنَّهُمَا حاران يفْعَلَانِ ذَلِك.
وَقَالَ فِي الثَّانِيَة من الْأَعْضَاء الألمة: إِن بعض النَّاس يعرض لَهُم الصداع من الرِّيَاح الحارة كنحو العفن والمنى لما احتقن فَصَعدَ بخاره.
الطبرى: دُخان الميعة جيد للزكام من كتاب الاجماع الميعة حارة يابسة تعقل الْبَطن.
ماميران ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه أحد من عروق الصباغين كثيرا وَإِذا وضع على الْجلد قرحه سَرِيعا ويقلع
(6/394)
وَمَتى استعط بعصارته نفض من المنخرين فضل الدِّمَاغ لِأَنَّهُ حَار جدا وَلذَلِك يجب أَن يوضع فِي الرَّابِعَة عِنْد ابتدائها من الْحر واليبس.
بولس: إِنَّه يرق آثَار الْبيَاض الكائنة فِي الْعين وَذَلِكَ أَن لَهُ قُوَّة منقية.
مزمار الراعى كَانَ بحذائه فِي ثَبت حنين داماسونيون وَهُوَ مزمار الراعى.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: زعم د فِي الْمقَالة الثَّالِثَة أَنه مَتى شرب من أَصله شفى القروح وحبن الْبَطن وحلل الأورام الرخوة وَأما أَنا فَلم أجربه فِي هَذِه الْأَشْيَاء لَكِن جربته أَنه يفت الْحَصَى فِي الكلى مَتى شرب طبيخه وَمن أجل ذَلِك مَعْلُوم أَن قوته جلاءة.
مسهار هَذَا ضرب من الخشخاش وَهُوَ بَارِد فِي الثَّالِث.
منريون ج فِي السَّابِعَة: أَصله يقبض وَيقطع النزف الْعَارِض للنِّسَاء وَجَمِيع الْموَاد السائلة. وبزرة يُخَالِفهُ جدا حَتَّى أَنه يدر الطمث لِأَنَّهُ لطيف قطاع.
ملكنش الخشنة جالينوس فِي السَّابِعَة: هَذَا يلتف على الشَّجَرَة وَهُوَ مِمَّا يفترش ولورقه حِدة وحراقة وَهُوَ مسخن وَقُوَّة الملكنش الحرشاء غير قُوَّة الملساء.
منى قَالَ ج فِي الأولى من تَدْبِير الأصحاء: إِن الْغَالِب عَلَيْهِ بقياسه إِلَى الدَّم الهوائية والنارية وَهُوَ أيبس من الدَّم.
مارق هُوَ شىء يشبه الياسمين الْأَبْيَض إِلَّا أَن ورقه ألطف مِنْهُ وَهُوَ أقل حرارة مِنْهُ.
مولى قَالَ ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة هَذَا تشد وَتجمع وَلذَلِك مَتى احْتمل مَعَ دَقِيق الشيلم نفع الرَّحِم المتقرح.
ماسقرن ابْن ماسويه: هُوَ دَوَاء هندى يدْخل فِي الأدهان المقوية.
موافسقس تَفْسِيره شوك الْفَأْرَة. ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِنَّه شىء ينْبت فِي الرّبيع لَهُ بزر شَبيه بنزر العصفر مَتى طبخ وصب مَاؤُهُ على نهشة الأفعى وَالدَّابَّة الَّتِي تسمى فلحيون سكن الْأَلَم من سَاعَته. وَمَتى صب على مَوضِع لم تنهشه أَفْعَى عرض مثل مَا يعرض من نهشة الأفعى.
مشمش د: هُوَ أَجود للمعدة من الخوخ.
قَالَ ج: أما الأرميني فثمرته بَارِدَة رطبَة كَأَنَّهَا فِي الثَّالِثَة.
وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: إِنَّه مجانس للخوخ إِلَّا أَنه أفضل مِنْهُ وَأَنه لَا يفْسد كفساد الخوخ فِي الْمعدة وَلَا يحمض. وَهُوَ عِنْد خلق ألذ مِنْهُ فَهُوَ أَجود للمعدة مِنْهُ.
(6/395)
ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد رطب فِي وسط الثَّانِيَة وَهُوَ شَبيه بالخوخ ويولد خلطا أردأ من الْخَلْط الَّذِي يولده الخوخ غليظ نيا كالأوتار ويولد خلطا كالأوتار ويولد حميات مزمنة وَلذَلِك يجب أَن يُؤْخَذ بعده أنيسون ومصطكى زنة مِثْقَال بميبة أَو بنبيذ صرف.
وَقَالَ ج فِي السَّابِعَة فِي برقوقيا: إِنَّه بَارِد رطب فِي الثَّانِيَة.
ماسريه: إِنَّه يُولد خلطا غليظا يتَوَلَّد مِنْهُ حمى بطيئة الانحلال عقبه.
الخوز: هُوَ يسهل الصَّفْرَاء ويولد خلطا غليظا يتَوَلَّد مِنْهُ حمى.
لى كَانَ بِرَجُل بخر وحدست أَنه من معدته فأطعمته مِنْهُ رطبا فَذهب بخره ثمَّ كَانَ يسْتَعْمل نقيعه دَائِما وَلَا أَحسب أَنه يُوجد شىء أَشد تبريدا للمعدة مِنْهُ وَلَا أَشد تلطيخا وإضعافا.
مسك قَالَ حَكِيم بن حنين: إِنَّه حَار يَابِس يسْتَعْمل فِي الْأَدْوِيَة المقوية للعين ويجلو الْبيَاض الرَّقِيق وينشف رطوباتها.
مسيح: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة لطيف دَقِيق يقوى الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة لطيب رَائِحَته وينفع من الصداع المزمن من رُطُوبَة ويولد الصداع لمن كَانَ دماغه حارا ويقوى الدِّمَاغ الْبَارِد.
القلهمان: حرارته فِي الثَّانِيَة ويبسه فِي الثَّالِثَة.
ابْن ماسويه وَابْن ماسه: يقوى الْقلب والأعضاء الدَّاخِلَة مَتى شرب والخارجة مَتى ضمد بِهِ وَهُوَ حَار يَابِس.
من كتاب الْإِجْمَاع: يبخر الْفَم مَتى جعل فِي الطبيخ.
مرو هُوَ أَرْبَعَة أَنْوَاع أَحدهَا مرماحور وميرارون وادرسعان ودارما.
الدِّمَشْقِي: المرماحور أَشد حرارة ويبسا من المرزنجوش وَلذَلِك هُوَ أقوى فعلا مِنْهُ ينفع من وجع الْمعدة الْحَادِث من البلغم والرياح الغليظة الْحَادِثَة فِي الدِّمَاغ مَتى شم واستعط بِهِ والصداع البلغمى والسوداوى وَجَمِيع الْأَمْرَاض الْبَارِدَة فِي الرَّأْس وَهُوَ فِي نَحْو الشيح جيد إِذا طبخ وكب على بجاره مَا سرجويه: هُوَ كثير الْحَرَارَة واليبس ملطف وَهُوَ نوع من المرو حَار فِي الثَّالِثَة.
الخوز: إِنَّه جيد للخفقان وَمَتى أَنْفَع فِي الشَّرَاب وَشرب أسكر جدا.
قَالَ: والمسمى أدرسرغان حَار يَابِس وَهُوَ طيب الرّيح.
والمسمى مِنْهُ ميردارون حَار ويسكر كالحرمل وَأَشد مَا يكون إِذا طبخ بشراب وَشرب.
ودارما يسعط بِهِ الصّبيان ليناموا وبرز المروحار يَابِس.
ابْن ماسويه: المروحار يَابِس فِي الثَّالِثَة أَنْوَاعه كلهَا تَنْفَع من البلغم.
(6/396)
وَمَتى أَكثر شمه على النَّبِيذ أسكر وصدع.
أَبُو جريج: بزر المرو أقل حرا من بزر الْكَتَّان وَلكنه أَشد إنضاجا للخراجات.
وَمَتى قلى عقل الْبَطن وقوى المعى وَمَتى لم يقل أسهل وَكَذَلِكَ حَال كل البزور اللعابية.
وَقد ذكرنَا أَن لينانوطس يُقَال لَهُ المرو.
ابْن ماسويه: ينفع من الخفقان الْبَارِد وَيفتح سدد الرَّأْس جيد لأوجاع الرَّحِم وَالنِّسَاء الْحَوَامِل)
الطبرى: المرماحوز كثير الْحر واليبس ملطف.
القلهمان: المرو أَرْبَعَة أَنْوَاع: أَحدهَا يُسمى مردارون وَهُوَ حَار.
وَالثَّانِي أدرسرغان وَهُوَ حَار لين.
وَالثَّالِث يُسمى دارما ينفع الخفقان وَهُوَ الْأَبْيَض وَهُوَ معتدل. وَالرَّابِع المرمامويه وَهُوَ المرماحوز وَهُوَ حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة.
وَمِنْه نوع آخر يُسمى مشنهار وَهُوَ بَارِد نَافِع للصداع وللأورام.
ميويزج قَالَ د: مَتى أَخذ مِنْهُ خمس عشرَة حَبَّة وأنعم دقة وَسقي بِمَاء القراطن قيأ كيموسا غليظا وَيجب أَن يتمشى شَاربه مشيا رَفِيقًا وَيَنْبَغِي أَن تفقد أَمر هم وَأَن تسقيهم سقيا متواتراً من مَاء القراطن لِأَنَّهُ يخَاف مِنْهُ الاختناق وإحراق الْحلق.
وَمَتى سحقت على حِدة وخلطت بالزرنيخ الْأَحْمَر وَالزَّيْت ولطخ بِهِ وَافق الْقمل والحكة والجرب الَّذِي لَيْسَ بمقترح. وَمَتى مضغ أخرج بلغما كثيرا.
وَمَتى طبخ بالخل نفع هَذَا الطبيخ مَتى تمضمض بِهِ من وجع الْأَسْنَان وأذهب رُطُوبَة اللثة.
وَمَتى خلط بالعسل أَبْرَأ القلاع وَيَقَع فِي المراهم الملينة.
وَقَالَ ج: إِنَّه حَار. حريف حراقة قَوِيَّة حَتَّى أَنه يحدر من الرَّأْس مَتى مضغ أَو تغرغر بِهِ بلغما كثيرا ويجلو جلاء قَوِيا وَلذَلِك صَار نَافِعًا لتقشر الْجلد وَفِيه مَعَ هَذَا قُوَّة محرقة.
بديغورس: خاصته التقطيع والتحليل.
وَقَالَ اريباسيوس فِي الثَّانِيَة: حِدته قَوِيَّة وَهُوَ يجتذب البلغم اجتذابا قَوِيا ويجلو جلاء شَدِيدا وَلذَلِك ينفع من الجرب. وَفِيه أَيْضا قُوَّة محرقة.
مَاء د: أما العذب أجودة السَّرِيع النّفُوذ من الْبَطن الْقَلِيل النفخة الَّذِي لَا يفْسد.
مَاء الْبَحْر حريف ردىء للمعدة مسهل للبطن يسهل بلغما.
وَإِذا صب على الْبدن وَهُوَ حَار أسخن وحلل ونفع من ألم العصب والشقاق الْعَارِض من الْبرد قبل أَن يتقرح.
وَيدخل فِي المراهم المحللة وينفع من المغس مَتى حقن بِهِ. وَيصب على الجرب
(6/397)
والحكة والقوابي وَالْقمل وأورام الثدى. وَإِذا كمد بِهِ حلل الدَّم الْمُجْتَمع تَحت الْجلد.
وَمَتى دخل فِيهِ أحد وَهُوَ سخن نفع من نهش الأفعى والهوام الَّتِي يعرض من نهشها ارتعاش وَمن برد الْجِسْم ولسعة الْعَقْرَب والرتيلا والأفعى.
وبخاره ينفع من الاسْتِسْقَاء والصداع وعسر السّمع.
وَقد يسْقِي وَحده لإسهال الْبَطن وَيُعْطى بعده مرق الدَّجَاج أَو السّمك ليكسر اللذع الْعَارِض مِنْهُ.
وَقَالَ ج فِي كتاب الكيموس فِي مَنَافِع المَاء ومضاره: إِن الثَّلج وَإِن كَانَ لَا يظْهر للحس ضَرَره للأبدان الصَّحِيحَة فِي أول الْأَمر فان ضَرَره ينمي وَيزِيد قَلِيلا قَلِيلا من غير أَن يحس يه حَتَّى إِذا طعن فِي السن أحدث فِي المفاصل والعصب أمراضا كَثِيرَة عسرة الْبُرْء وأصبته لبَعض القدماء وَأَظنهُ روفس.
المَاء الْحَار يسخن ويرطب.
وَالْمَاء البورقي ينفع الصَّدْر وَالرَّأْس والمعدة الرّطبَة وَالِاسْتِسْقَاء مَعَ برد والتهيج الَّذِي من الْمَرَض.
وَمَاء الشب ينفع من نفث الدَّم والقىء ونزف الْحيض والإسقاط.
وَمَاء الكبريت يلين العصب وَيذْهب بالبثر الْكَائِن فِي الْجَسَد.
وَمَاء القفر يمْلَأ الرَّأْس ويؤلم الْحَواس ويسخن الْجِسْم.
وَمَاء النّحاس ينفع الْفَم وَالْأُذن والأحشاء والبواسير واللهاة وَالْعين.
اخْتِيَار المَاء قَالَ روفس فِي كتاب التَّدْبِير: الْمِيَاه الْجَارِيَة أفضل من الْقَائِمَة والقائمة أفضل من مَاء الْأَيَّام وَمَاء الْمَطَر أفضل من مَاء الثَّلج. وَالَّذِي يسْتَقْبل الْمشرق أفضل من الَّذِي يسْتَقْبل)
الْمغرب وَالَّذِي يسْتَقْبل الشمَال أفضل من الَّذِي يسْتَقْبل الْجنُوب. ومياه الْآبَار قَليلَة اللطاقة فَلذَلِك إِذا وصلت إِلَى الْجوف كَانَ بلها للطعام وحلها لَهُ أقل حَتَّى يحدث لذَلِك سوء الهضم.
انحداره بالبول أسْرع بِسَبَب غلظها وبردها وَأفضل مَا تكون مياه الْآبَار بعد التصفية مَرَّات والمحض وَبعد تنقية النز.
والمياه الْجَارِيَة ألطف وأسرع تحليلا للطعام ومعونة على الهضم ودرور الْبَوْل.
مياه النقائع أما مياه النقائع فردية وَذَلِكَ أَنَّهَا عفنة وَهِي فِي الصَّيف حارة وَفِي الشتَاء بَارِدَة فَهَذَا دَلِيل على رداءة المَاء فَهِيَ لذَلِك فِي الصَّيف تهيج الْبَطن وتبطىء الانحدار إِلَى المثانة ويعرض مِنْهُ على الْأَكْثَر زلق الأمعاء وَاخْتِلَاف الدَّم ويؤول الْأَمر بشاربه إِلَى وجع العضل وَذَات الْجنب والسعال ويضر بالطحال وَيحدث فِيهِ فِي أول الْأَمر
(6/398)
أورام ووجع ويؤول الْأَمر إِلَى الاسْتِسْقَاء وَتَكون الرّجلَانِ من أجل الطحال ضعيفتين وَمَتى حدث بهَا قُرُوح عسر اندمالها.
والنقائع الَّتِي تخرج عَنْهَا مياهها فِي السّنة مرَّتَيْنِ ويدخلها غَيرهَا فَهِيَ أصلح وَأَقل عفونة.
مَاء الْمَطَر وَمَاء الْمَطَر خَفِيف الْوَزْن لطيف يَعْنِي حلوا وينضج مَا يطْبخ بِهِ أسْرع ويسرع إِلَى السخونة وَقل مَا يحْتَاج بِهِ أَن يمزج بِهِ الشَّرَاب لِأَنَّهُ فِي نَفسه مُوَافق فَاضل وَجَمِيع فضائله مَوْجُودَة وَذَلِكَ أَنه جيد للهضم جيد لإدرار الْبَوْل جيد للكبد وَالطحَال والكلى والمثانة والرئة والعصب إِلَّا أَنه لَيْسَ فِيهِ قُوَّة مبردة شَدِيدَة الْبرد لكنه أَكثر ترطيبا. وَهُوَ ينفذ سَرِيعا وَهَذَا دَلِيل على فَضله لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل سَرِيعا للطافته وَأَنه لَا شىء صلب مَانع فِيهِ وَكَذَلِكَ فأفضل الْأَطْعِمَة والأشربة أسرعها إِلَى الاستحالة.
وَمَاء الْمَطَر الربيعي والشتوي أفضل مَا يكون ولهذين أَكثر مرحى.
وَحكى عَن أبقراط: الْمِيَاه الَّتِي يظْهر فِيهَا طعم ردىء والكمدة وَالَّتِي لَهَا رَائِحَة وَالَّتِي ثقلهَا كثير وَالَّتِي تَتَغَيَّر فِي زمَان كثير وَالَّتِي فِيهَا طعم يجمد عَلَيْهَا شىء ويعلوها رغوة وَالَّتِي ينزل فِيهَا ثفل وَالَّتِي مَتى بردت وَكَانَت فِي إِنَاء نُحَاس جمدت وتحجرت وَالَّتِي تتولد فِيهَا العلق أَو حَيَوَان آخر ومياه الآجام والنقائع وَالَّتِي تنْبت فِيهَا حشائش ردية والمستديرة للشمس وَالَّتِي لَا تخترقها الرِّيَاح وَلَا تجرى وَالَّتِي بِالْقربِ من أجمة كلهَا ردية وَيجب طبخ المَاء الردىء فِي إِنَاء فجار ثمَّ يبرد ثمَّ يفتر وَيشْرب.
حنين: يطْبخ حَتَّى ينزل غليظها ويصفي فِي فجار لَا كَيْفيَّة فِيهِ.)
تغير المَاء وَإِذا تغير المَاء وَبرد نزل مَا فِيهِ من الثفل كُله.
روفس: وَإِن احتجت لعسكر مَاء من مياه ردية فاحفر آبارا متحاذية بَعْضهَا أَخفض وَأجر فِيهَا المَاء بعد أَن يلقِي فِيهَا الْمدر الحلو السمين وَهُوَ الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ الفخار فان ذَلِك المَاء ينزل كيفيته الردية فِيهِ.
قَالَ: وكل مَاء فَهُوَ بقياسه إِلَى الْخمر غير غاذ عسر الهضم مغير اللَّوْن نافخ مضعف مسكن للعطش مضعف للنزلات الباردةء نُحَاس جمدت وتحجرت وَالَّتِي تتولد فِيهَا العلق أَو حَيَوَان آخر ومياه الآجام والنقائع وَالَّتِي تنْبت فِيهَا حشائش ردية والمستديرة للشمس وَالَّتِي لَا تخترقها الرِّيَاح وَلَا تجرى وَالَّتِي بِالْقربِ من أجمة كلهَا ردية وَيجب طبخ المَاء الردىء فِي إِنَاء فجار ثمَّ يبرد ثمَّ يفتر وَيشْرب.
حنين: يطْبخ حَتَّى ينزل غليظها ويصفي فِي فجار لَا كَيْفيَّة فِيهِ.
تغير المَاء وَإِذا تغير المَاء نزل مَا فِيهِ من الثفل كُله.
روفس: وَإِن احتجت لعسكر مَاء من مياه ردية فاحفر آبارا متحاذية بَعْضهَا أَخفض وَأجر فِيهَا المَاء بعد أَن يلقِي فِيهَا الْمدر الحلو السمين وَهُوَ الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ الفخار فان ذَلِك المَاء ينزل كيفيته الردية فِيهِ.
قَالَ: وكل مَاء فَهُوَ بقياسه إِلَى الْخمر غير الْخمر غاذ عسر الهضم مغير اللَّوْن نافخ مضعف مسكن للعطش مضعف للنزلات الْبَارِدَة لَا يحدث النّوم وَلَا يسكن الْفِكر وَلَا يعسر النَّفس وَيكون فِي أَكثر الْأَمر عِلّة لحدة الأخلاط.
حنين: إِن شرب الشَّرَاب لما كَانَ يدر الْبَوْل صَار يخرج الفضول المائية الَّتِي تَجْتَمِع يَوْمًا فيوما فيبقي لذَلِك الدَّم. وَأما المَاء فانه لَا يدر الْبَوْل فَصَارَت الفضول المائية الْحَادِثَة عَنهُ تبقي فِي الْعُرُوق فتكثر فَكلما بقيت فِي الْعُرُوق سخنت وأحرقته وَالدَّلِيل على ذَلِك الْبَوْل.
فَمَتَى احتدت وَصَارَت صديدا صيرت الأخلاط المختلطة مَعهَا حادة وَصَارَت سَببا لجَمِيع هَذِه الْعِلَل.
(6/399)
روفس: المَاء بِقِيَاس الْخمر يحدث التقشر والبهق والقوابي. وَمَتى شرب الْإِنْسَان مَاء بعد أكله الْبُقُول فَهُوَ على خطر من الجرب والتقشر والنخالة والقوابي والقروح العفنية والثآليل الْمُتَعَلّقَة والحمرة وَمَا أشبه ذَلِك.)
إصْلَاح الردىء مِنْهَا قَالَ روفس: الْمِيَاه البورقية يصلحها اللَّبن وَالْخمر الغليظ والنشاشتج وَالْبيض.
والشبية يصلحها الْخمر الْبَيْضَاء الريحانية.
حنين: لِأَنَّهُ يدر الْبَوْل الَّذِي يحْبسهُ المَاء الشبى.
قَالَ: لِأَن هَذَا جلاء فاذا اخْتَلَط بعفوصة هَذَا المَاء أصلحه.
قَالَ روفس: والمياه الشبيه وَنَحْوهَا تصلحها الْبُقُول الملطفة للبطن كالثوم والبصل والكراث.
قَالَ: وَالْمَاء بِالْقِيَاسِ إِلَى الْخمر جيد لمن بِهِ وجع وظلمة فِي بَصَره ووجع فِي عصبه. وَأَنا أَظن أَن فِي هَذَا غَلطا وَأَنه يحْتَاج بدل عصبَة عينة.
روفس: لِأَنَّهُ فِي مثل هَذِه الْأَحْوَال يحْتَاج إِلَى إِلَّا يرْتَفع إِلَى الرَّأْس بخار والبخار يرْتَفع عَن الشَّرَاب أَكثر.
وَقَالَ: المَاء ينفع من بِهِ استرخاء أَو صرع أَو وجع المفاصل.
حنين: لِأَن هَذِه علل يحْتَاج أَن يكون الدَّم مَعهَا غليظا بطىء النّفُوذ وَشرب المَاء يَجعله بِهَذِهِ الْحَال وَالشرَاب بعكس ذَلِك.
روفس: وَشرب المَاء يسكن شَهْوَة الباه وينفع من الْعلَّة الَّتِي تسمى الانتفاخ الألمى وَلمن بِهِ رعشة وَأَصْحَاب الدّرّ وَهُوَ رَدِيء للصدر وقصبة الرئة إِذا كَانَ فِيهَا عقد.
حنين: ذَلِك لِأَن المَاء ردىء لجَمِيع القروح لِأَنَّهُ يرطب والقروح تحْتَاج إِلَى تجفيف قوى وقصبة الرئة تحْتَاج إِلَى التجفيف القوى لِأَنَّهَا يابسة المزاج. وَالَّذِي ينفع هَؤُلَاءِ شرب الْخمر.
روفس: وَهُوَ مَعَ ذَلِك يغثى.
وَالْمَاء ردىء للمرى والبطن والمعى والكبد والكلى والمثانة وَالرحم وَهُوَ جيد للاختناق فِي الرَّحِم ويحدر مَا يتَوَلَّد مِنْهُ فِي المعى إِذا شرب حارا مرّة وباردا أُخْرَى.
حنين: إِن كَانَ مَا يحْتَاج أَن تحدره من سوء مزاج حَار فليشرب بَارِدًا وبالضد.
روفس: وينفع لمن هضمه بطىء.
حنين: إِذا كَانَ الْفساد من حرارة.
روفس: وَلمن يعرق عرقا كثيرا.
حنين: مَتى كَانَ ذَلِك من تحلل الدَّم ورقته وتحلل الْبدن.)
(6/400)
روفس: وَهُوَ نَافِع لمن يَبُول بولا كثيرا.
حنين: مَتى كَانَ ذَلِك من حرارة نارية فِي الكلى والمثانة.
روفس: وَهُوَ نَافِع فِي وَقت طُلُوع الْكَلْب وللفتيان الحسان اللَّحْم السمان وللصبيان وَلمن كَانَ فِي النشى وَلمن بِهِ هيضة وَلمن تنَاول دَوَاء مسهلا فأفرط عَلَيْهِ.
حنين: ذَلِك لِأَن الدَّم فِي عروق هَؤُلَاءِ رَقِيق وأفواهها وَاسِعَة.
قَالَ روفس: وَلمن بِهِ انفجار الدَّم من مَنْخرَيْهِ أَو من حرارة.
حنين: لِأَن دم هَؤُلَاءِ مُحْتَاج إِلَى أَلا يجْرِي.
روفس: إِن أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي أَسْفَله. وَلمن شرب شرابًا صرفا كثيرا فَعرض لَهُ التهاب وَالْعلَّة الَّتِي تسمى بوليموس.
إِن كَانَت بوليموس الْعلَّة الَّتِي من عَادَة القدماء أَن يسعوها.
بِهَذَا الأسم وَهُوَ الغشى الْحَادِث من عدم الْغذَاء وَغَلَبَة الْبرد فَشرب المَاء الْبَارِد ضار لمن بِهِ ذَلِك وَشرب الْخمر نَافِع. وَلست أدرى أَي بوليموس يَعْنِي.
روفس: وَهُوَ نَافِع أَيْضا لمن بِهِ حمى محرقة مَتى لم يكن جسو مَا دون الشراسيف لِأَنَّهُ إِذا مَا أَكْثرُوا من شربه عرض لَهُم قىء وانحلت الْحمى وَخرجت مَعَ الْعُرُوق وَلمن يتَأَذَّى بالهيضة وَلمن بِهِ ذوبان المنى.
حنين: ذَلِك لِأَنَّهُ يجمد ويكثف ويسد.
روفس: وينفع من ذوبان المنى المَاء شرب أَو استحم بِهِ وَكَذَلِكَ ينفع من بِهِ نزف والضعيف وَمن بِهِ قىء والمرضعة فِي وَقت طُلُوع الْكَلْب إِذا كَانَ بطن الطِّفْل مُطلقًا أَو كَانَت بِهِ حمى.
وينفع من الكرب والفواق ونتن رَائِحَة الْفَم وَجَمِيع الْجِسْم.
قَالَ حنين: فانه لَهُ كل هَذِه الصِّفَات الَّتِي وصفوها. فالماء الممزوج بالفلفل من الشَّرَاب أَكثر نفعا.
روفس وَقد ينْتَفع هَؤُلَاءِ أَيْضا بالاستحمام الْبَارِد. وينفع البثور والنخالة والقوابي وَمن يكثر عرقه شربوه أَو استحموا بِهِ.
حنين قد قَالَ: إِن المَاء يُورث هَذِه. وَذَلِكَ لمن كَانَ المَاء شرابه فَأَما من شرب الشَّرَاب فَأَصَابَهُ عَنهُ هَذِه فالماء يَنْفَعهُ.)
روفس: ويشد اللثة ويقوى العصب ويسكن الباه وَلذَلِك هُوَ نَافِع للصبيان إِذا ابْتَدَأَ شعر الْعَانَة ينْبت فِيهَا وَيعْقل الْبَطن خَاصَّة فِي الَّذين هم فِي النشأ وَفِي الْمَشَايِخ وَفِي الَّذين تلين بطونهم. كل هَذِه الْأَفْعَال فِي المَاء الْبَارِد.
المَاء الفاتر وَأما الفاتر فانه نَافِع للصداع ووجع الرَّأْس والرمد وتأكل اللثة والأسنان وَلمن بِهِ فِي لثته ورم يجْرِي مِنْهُ الدَّم وَلمن بِهِ قُرُوح فِي حنكه أَو أورام اللهاة
(6/401)
والرئة وَإِذا كَانَ ينحدر إِلَيْهَا من الرَّأْس مواد وَيجْرِي الْمدَّة من أُذُنه ولنتن رَائِحَة الْأنف وَلمن فِي أَنفه لحم فضل نابت ولفم الْمعدة مَتى كَانَت ضَعِيفَة والسعال الدَّائِم الْكَائِن عَن الأخلاط الحريفة وللحمى الحادة وَالَّتِي الْغَالِب عَلَيْهَا المرار.
حنين: المَاء ينفع أَصْحَاب الْحمى الحادة مَتى لم يكن فِي أحشائهم ورم أَو فِي عروقهم أخلاط ردية فجة.
روفس: وينفع من الْغَالِب عَلَيْهِ الْخَلْط الْأسود الملتهب وَلمن يتَوَلَّد فِيهِ الْمرة السَّوْدَاء وَلمن يعرض لَهُم الهيضة فِي ابتد الْأَمر وَلمن يُصِيبهُ فِي الْحمى المرار الزنجارى وَلمن يعرض لَهُ الْعرق والتحلل دَائِما إِذا منع مَانع من اسْتِعْمَال المَاء الْبَارِد.
وَقد ينْتَفع بِالْمَاءِ الفاتر فِي القروح الَّتِي تعرض فَوق الْحجاب وَنَفث الدَّم ولنهك الأغشية الَّتِي فِي الصَّدْر.
وينفع المَاء الْحَار مَتى احْتِيجَ إِلَى التليطف وَإِلَى انصباب الأخلاط وذوبانها وتلينيها وإنضاجها وتحليلها وتقشرها وَفتح السدد وَإِلَى جذب الْموَاد إِلَى الْأَعْضَاء.
وَالْمَاء الْحَار يستفرغ البزاق والمخاط وينفع من التهوع ويسكن جَمِيع الأوجاع وخاصة الَّتِي فِي مَا دون الشراسيف فِي الْبَطن والمعى إِذا كَانَ حدوثها عَن ريَاح وينفع فِي جودة الهضم ونفوذ الْغذَاء واتصاله إِلَى الْأَعْضَاء وَحسن النشى ويجود حس جَمِيع الْبدن ويسهل حركاته ويدر الطمث وينفع فِي جودة الهضم نفعا فِي الْغَايَة وينفع الأحبشاء وَالرَّأْس والعصب من بِهِ ذَات الْجنب والرئة ووجع الْحلق وخفقان الْفُؤَاد والخراجات الْعَظِيمَة وينضج هَذِه الْعِلَل كلهَا شرب أَو استحم بِهِ أَو تكمد بِهِ ويسكن الْأَعْرَاض الْحَادِثَة عَن نهش الْهَوَام ويهيج القىء ويسكن الاقشعرار وكل برد يهيجه الْإِنْسَان وينفع من تولد الْحمرَة والقروح. وَرُبمَا سكن الحكاك.
وَمن ظن أَن الْمِيَاه المالحة تَنْفَع من انطلاق الْبَطن والشبيه فِي عقله فَقَط غلط وَذَلِكَ أَنه إِن شربه)
أحد على أَن ينْطَلق بَطْنه فَلم ينْطَلق عرضه لَهُ من ذَلِك أَن تجمع كبده الْمدَّة وَيحدث بِهِ استسقاء.
لى يجب أَن تنظر فِي قَوْله تجمع كبده مُدَّة وَلَيْسَ يجب. زعم أَن يحكم على جودة المَاء من خفَّة وَزنه فَقَط.
إصْلَاح الْمِيَاه قَالَ د: والمياه الثَّقِيلَة الطباع تولد الْحِجَارَة والدوالى وَيجب أَن تشرب بشراب الْعَسَل فانه صَلَاحهَا أَو بِأَن يُؤْخَذ قبلهَا شىء من الأفاويه المدرة للبول وَالْمَاء الَّذِي ينغسل فِيهِ أَرض ردية التربة.
وَمَاء الْمَطَر جيد فِي خلط الْأَدْوِيَة وغسلها وَفِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تعْمل للمواد المنصبة إِلَى الْعين والقروح فِيهَا.
(6/402)
وَأفضل مياه الْعُيُون مَا كَانَت جريتها على مَوَاضِع حجرتة أَو مدرية.
حنين: الصخرية تجْعَل المَاء صلبا.
قَالَ: وَأفضل الْأَنْهَار الْجَارِيَة الشَّدِيدَة الجرية دَائِما الَّتِي لَا تختلط بِمَا يفْسد كيفيتها.
ومياه الْآبَار العميقة والمالحة الْبَارِدَة يجب أَن تطبخ قبل فِي إِنَاء وَاسع الْفَم ثمَّ يبرد ذَلِك وَالْمَاء الكبريتي يستفرغ الْبدن وينفع من القوابي والبهق وتقشر الْجلد والبرص والجرب والقروح المزمنة وأروام المفاصل والصلابة وَالطحَال والكبد وَالرحم وأوجاع الْقطن وَالركبَة والاسترخاء والثآليل الْمُتَعَلّقَة والسعفة.
وَأما مياه الحمآت القابضة فانها مَانِعَة من الإسهال والعرق المفرط والقىء والذرب وبطء الهضم والدوالى.
وَأما الَّذِي فِيهِ قمة الرماد فنافع من وجع الطحال.
والمالحة مُطلقَة للبطن.
حنين: المَاء المالح يسهل من لم يعتده فانه يلذع أمعاءه فاذا اعتاده أمسك بِقَبْضِهِ ويبسه وَقلة انحداره.
تصفية المَاء ابْن ماسويه: مِمَّا يصفي المَاء الكدر أَن تلقي فِيهِ قطع خشب الساج والآجر الْجَدِيد والطين الأرميني وَسَوِيق الْحِنْطَة وَإِن شرب المَاء الكدر بالنبيذ الصلب أذهب غائلته.
وَالْمَاء مرطب للبدن مُطلق للطبيعة يَنْبَغِي للمبرود اجتنابه. فان أحب صَاحب الرُّطُوبَة شربه)
فليطبخه حَتَّى يذهب نصفه فِي إِنَاء حِجَارَة أَو حَدِيد أَو قَوَارِير ثمَّ يروق وَيشْرب.
ثلج: وَأما الثَّلج فَيضر بالشباب إِضْرَارًا لَيْسَ بعاجل الْمَكْرُوه وبالمشايخ إِضْرَارًا عَاجلا مبردا للمعدة وَلَا يحْتَملهُ إِلَّا حَار المزاج. وَيجب للمسنين ااجتنابه وَلَا سِيمَا الباردى الْمعد. وَهُوَ مُفسد للعصب مولد للبلغم.
وَالْمَاء الْمبرد عَلَيْهِ أقل ضَرَرا مِنْهُ.
وَمن أدمن الثَّلج فليدمن دُخُول الْحمام وَشرب النَّبِيذ الْعَتِيق ويتمرخ بدهن السوسن ودهن النرجس.
بولس: مَاء الْبَحْر يسهل الخام.
الحمآت جملَة قَالَ الْيَهُودِيّ: الحمآت جمع تجفف مديفية المزاج الرطب وَيجب أَن يتدرج بالنزول.
البورقية البورقية والكفرية والكبريتية والملحية نافعة من وجع الرَّأْس والصدر إِذا تكاثفت فيهمَا البلة وَالِاسْتِسْقَاء ورطوبة الْمعدة وَيذْهب بالرهل والبلغم.
(6/403)
الشبية والشبية تقطع نفث الدَّم والطمث جيد للمعدة الَّتِي اعتادت القىء.
الكبريتية والكبريتية تلين العصب وتسخنه وَتَنْفَع من الشخوص وتضعف الْمعدة وَتَنْفَع من القروح والجرب.
الكفرية والكفرية تسخن إسخانا شَدِيدا وتثقل الرَّأْس والحواس.
والحديدية تَنْفَع الْمعدة وَالطحَال.
المَاء السَّرِيع الْقبُول الحرّ وَالْبرد.
قَالَ ج فِي كتاب الأغذية: إِنَّه سريع الْخُرُوج من الْبَطن إِمَّا بالبول وَإِمَّا مَعَ الثفل وَالَّذِي هُوَ بالضد يبقي فِي الْبَطن زَمَانا طَويلا وَذَلِكَ مثل الأغذية الْعسرَة الهضم.
الْمِيَاه الراكدة قَالَ: والمياه الراكدة فِي السباخ والبطائح هِيَ فِي الصَّيف حارة غَلِيظَة كريهة الرَّائِحَة لِأَنَّهَا لَا تجْرِي وَالشَّمْس دائمة الشروق عَلَيْهَا ردية اللَّوْن تولد الْمرة الصَّفْرَاء ومحلها مَحل الأغذية العفنة يتَوَلَّد مِنْهَا فِي الْمثل مَا يتَوَلَّد من السمُوم وتولد الأخلاط العفنة وخاصة الصَّفْرَاء وَهُوَ يُورث فِي الشتَاء البحح لِأَنَّهَا فِي الصَّيف تعفن وتسخن وَفِي الشتَاء تغلظ وتبرد.
وَمن شرب مِنْهَا عظم طحالة وتصلب أكبادهم خَاصَّة ومعدهم ويسرع فِي السدد وينحف.)
وَشر هَذِه المكشوف للشمس وَالْبرد. ويولد فيهم نفخا وينحف أبدانهم وَيكثر الْحَرَارَة العفنة فِيهَا.
قَالَ: وشاربوا هَذَا المَاء يكثرون من الأغذية ويدوم ظمأهم لفرط الْحَرَارَة فيهم يَحْتَاجُونَ للغذاء للذع الَّذِي يجدونه فِي معدهم لرداءة هَذَا المَاء وَأَعْلَى بطُون هَؤُلَاءِ وأسافلها جاسية جدا وَلذَلِك يجب أَن يستعملوا الْأَدْوِيَة المسهلة القوية لِأَن بطونهم لَا تستفرغ إِلَّا بدواء قوى وَهَذَا الْمَرَض لَازم لَهُم فِي الشتَاء والصيف أَعنِي عظم الطحال والاستكثار من الأغذية ودوام الْعَطش ويموتون بالاستسقاء كثيرا ويعرض لَهُم فِي الصَّيف الخلفة وقروح المعي وحميات مزمنة وتؤول إِلَى الاسْتِسْقَاء.
وَشر مَا تكون هَذِه الْمِيَاه فِي الصَّيف. وَإِذا خرجت الفضول مِنْهُم بالإسهال إِن كَانَت حارة أورثتهم قُرُوح المعي وَإِلَّا نقصت حرارتهم قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تفْسد أمزجتهم.
ويعرض للشباب مِنْهُم أوجاع الرئة وَالْجُنُون لِأَن الشَّبَاب لحدتهم تسرع الآفة إِلَيْهِم من حرارة هَذَا المَاء وأوجاع الرئة يعرض مِنْهَا فِي الشتَاء أَكثر.
ويعرض للكهول مِنْهُ حمى محرقة ويشد بهم مَا دَامَت بطونهم يابسة.
ويعرض للنِّسَاء مُهِمّ البلغم الْأَبْيَض ويعسر حبلهن وولادهن وَيفْسد طمثهن.
ويعرض لصبيانهن الأدرة ولرجالهن الدوالى فِي سوقهم والقروح وتنقص أعمارهم ويسرع هرمهم. ويصيب نِسَاؤُهُم حَبل كَاذِب.
(6/404)
وَيَتْلُو هَذَا فِي الرداءة مياه الْعُيُون النابعة الحارة والمعدنية الحديدية والفضية والذهبية والشبيه والكبريتية فان هَذِه كلهَا يعرض مِنْهَا عسر الْبَوْل وَشدَّة الِاخْتِلَاف وَإِن كَانَت هَذِه الْمَوَاضِع حجرتة فَهُوَ أردأ.
ومياه النّحاس تسهل إِلَّا أَنَّهَا غير مُوَافقَة للأصحاء.
وَأما مياه الْمَعَادِن إِن أدمنت عسر عَلَيْهَا النجو وَالْبَوْل.
الْمِيَاه المنصبة من مَوَاضِع مشرفة وتلاع ترابية أفضل الْمِيَاه وأصحها وَهِي عذبة حارة فِي الشتَاء وَكَذَلِكَ النابعة من الْعُيُون الغائرة. وَلَا يجب أَن يكون صخريا وَلَا معدنيا وَهَذِه لَا تحْتَاج أَن تشرب بشراب وَهُوَ أعظم فَضِيلَة للْمَاء.
فَأَما الْمِيَاه الكدرة والزهمة والمالحة وكل مَاء فِيهِ كَيْفيَّة ردية فانها تحْتَاج أَن تمزج بشراب كثير.)
والمياه الفاضلة عذبة بَارِدَة فِي الصَّيف حارة فِي الشتَاء وأجوده مَعَ ذَلِك أَن يكون يسيل من الْأُفق الشَّرْقِي الصيفي لأ هَذِه بيض براقة طيبَة الرَّائِحَة وَهَذِه تبرد سَرِيعا وتسخن سَرِيعا وَهُوَ أفضل عَلامَة للْمَاء الْجيد.
والكائن فِي الْهَوَاء الصافي أفضل من غَيره وَهَذِه هِيَ الكائنة فِي الْأُفق الشَّرْقِي الصيفي فَأَما المائلة عَن الشرق فَأَغْلَظ والمياه المالحة ردية مفْسدَة.
أفضل الْعُيُون الْمُقَابلَة للمشرق وَبعدهَا الَّتِي فِيهَا بَين الْمشرق الصيفي وأفضلها المائلة إِلَى الْمشرق وَبعدهَا الَّتِي فِيهَا بَين مغرب الشَّمْس الشتوي والصيفي وأرداها كلهَا فِي نَاحيَة فَأَما الْعُيُون الَّتِي مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب الشتوي فالشمالية خير من الجنوبية فَهَذِهِ الْمَوَاضِع الجيدة تزيد المَاء الْفَاضِل فضلا والردية مِنْهَا تنقص من فضيلته.
والمالح والنحاسي والبطىء النضج لَا يُقَوي عَلَيْهِ إِلَّا الأصحاء الأقوياء فِي الصِّحَّة لِأَن الْقُوَّة القوية لَا تكَاد تنكؤها هَذِه. والأجود أَلا تشرب.
مياه الْعُيُون قبالة قطب الشمالي بَارِدَة صلبة عذبة ثَقيلَة.
مياه الْبلدَانِ الَّتِي هِيَ مُقَابلَة للمشرق خَفِيفَة عذبة نيرة وهواؤها لطيف لما ذكرنَا فِي الْبلدَانِ.
مياه الْعُيُون الْمُقَابلَة للمغرب بالضد غَلِيظَة غير صَافِيَة وَلَا نقية.
الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ أبقراط: الْعلم بالمياه عَظِيم النَّفْع فِي تَدْبِير الصِّحَّة.
وَقَالَ ج: ذَلِك بِالْوَقْتِ لِأَنَّهُ لَا غناء بِنَا عَن اسْتِعْمَاله وَلَا يمكنا الاغتذاء إِلَّا مَعَه.
(6/405)
قَالَ أبقراط: الْمِيَاه الراكدة فِي السباخ والبطائح حارة فِي الصَّيف غَلِيظَة كريهة الرّيح بِسَبَب ركودها وَعدمهَا للجرى وَلِأَن الشَّمْس تشرق عَلَيْهَا دَائِما وتحر فَتكون ضَرُورَة ردية اللَّوْن مولدة للصفراء.
لى لم يُعْط الْعلم فِي سَبَب لَونه وَالْعلَّة فِيهِ أَن لطيفه يذهب دَائِما ويبقي يزْدَاد غلظا وعنونة فَيكون لَونه لذَلِك رديا لِأَن النُّور وَالْإِشْرَاق يكون للطافته.
قَالَ ج: هَذَا المَاء عفن فَلذَلِك يُولد أخلاطا فَاسِدَة كَمَا تولد السمُوم المعفنة ويولد الصَّفْرَاء وَغَيرهَا من الأخلاط المعفنة ذَلِك كُله لعدمه للجرى واحتراقه بالشمس قد عفن واكتسب طبيعة ردية لمن شرب مِنْهَا.)
قَالَ أبقراط: وَهَذِه الْمِيَاه تكون فِي الشتَاء بَارِدَة جامدة كدرة من أجل الثلوج والجمود فَتَصِير لذَلِك بلغمية تورث البحح.
قَالَ ح فِي هَذِه الْمِيَاه: لِأَنَّهَا بَارِدَة فِي هَذَا الْفَصْل أَعنِي الشتوي وَفِي الْفَصْل الصيفي تكون عفنة وَفِي الشتَاء غير نضيجة فتولد فِي الصَّيف الصَّفْرَاء وَفِي الشتَاء البلغم لِأَن الْمِيَاه الْبَارِدَة تولد البلغم وتبحح الصَّوْت.
قَالَ أبقراط: الَّذين يشربون هَذِه الْمِيَاه تعظم أطلتهم وَأَنا أَقُول: إِنَّه لَا تفْسد أطحلتهم فَقَط لَكِن وَغَيرهَا من الْأَعْضَاء وخاصة الكبد والمعدة لِأَن هَذِه الْمِيَاه تولد السدد فِي المعاء سَرِيعا لِأَنَّهَا كدرة لِأَن الطحال أسْرع إِلَيْهِ لِأَنَّهُ يجتذب من الدَّم الغليظ.
لى فَيحدث فِيهِ الغلظ أَولا فاذا ضعف عَن الجذب حدث حِينَئِذٍ فِي غَيره.
قَالَ: وَمن يشرب هَذِه الْمِيَاه تكون بطونهم حارة بالحرارة العفنة يابسة وأبدانهم نحيفة منتفخة لِأَنَّهُ يتَوَلَّد فيهم عفوته ورياح غَلِيظَة وتنحف أبدانهم لأَنهم لَا يغتذون كثيرا من أجل وَهَذِه الْمِيَاه حارة فِي الصَّيف عفنة وَفِي الشتَاء جامدة كدرة وَمن اضْطر إِلَى شربهَا عرض لَهُ ذكرنَا.
قَالَ: وَتَكون أبدان أَصْحَابهَا نحيفة مَهْزُولَة وخاصة الْوَجْه والتراقى والمناكب لِأَن فِيهَا عظاما كبارًا فيتبين الهزال عَلَيْهَا أَكثر وَتَكون أطحلتهم وبطونهم عَظِيمَة منتفخة لِأَن دِمَاءَهُمْ تفْسد وأكبادهم تضعف لعظم الأطحلة وَالطحَال إِذا عظم اجتذب أَكثر غذَاء الْبدن إِلَيْهِ فيهزل الْبدن اضطرارا ويعظم الطحال لعلتين لجذبه أَكثر الْغذَاء ولإنهاكه قُوَّة الكبد.
قَالَ: ويكثرون من الأغذية فيدوم ظمأهم.
قَالَ: وَإِنَّمَا يَدُوم عطشهم بِسَبَب الْمرة الصَّفْرَاء الَّتِي فِي أبدانهم.
وَأما إفراطهم فِي شَهْوَة الأغذية فانما يكون ذَلِك فِي الصَّيف والخريف لِأَن فِي بطونهم أخلاطاً فَاسِدَة يلذع الْبَطن.
وَأما فِي الشتَاء فَيكون ذَلِك عَنْهُم لشدَّة برد بطونهم ولشدة برد مَائِهِمْ وَفِي الْحَالَتَيْنِ
(6/406)
تكْثر شهوتهم للأغذية وَلَا تستفرغ من أبدانهم أخلاط إِلَّا بدواء قوى لِأَن أعالى بطونهم وأسافلها جاسية قَوِيَّة جدا فَلذَلِك يجب أَن يستعملوا من المسهلة القوية جدا لأَنهم لَا يقدرُونَ على استفراغ أبدانهم إِلَّا بدواء قوى.)
وَعظم الطحال والاستكثار من الأغذية ودام الْعَطش لَا يفارقهم فِي الشتَاء والصيف ويعرض لَهُم المَاء الْأَصْفَر كثيرا ويقتلهم ويعرض لَهُم فِي الصَّيف اخْتِلَاف أغراس وذوب طَوِيل وَحمى طَوِيلَة مزمنة.
وَإِذا طَالَتْ هَذِه الحميات أفسدت مزاجهم وَولدت المَاء الْأَصْفَر.
قَالَ: وَإِنَّمَا يعرض لَهُم الذرب وَاخْتِلَاف الأغراس فِي الصَّيف لِأَن هَذِه الْمِيَاه أردأ مَا تكون فِي هَذَا الزَّمَان. وَإِذا خرجت هَذِه الفضول مِنْهُم فان كَانَت لذاعة جدا أحدثت الِاخْتِلَاف والأغراس وَإِن لم تكن حريفة كَانَت ردية فَقَط. وبكثرة الِاخْتِلَاف وتنقص حرارتهم فَيفْسد مزاجهم.
وَحمى الرّبع تحدث فِي الصَّيف وتطول بهم لأَنهم لَا يقدرُونَ على شرب مَاء عذب طيب وَإِنَّمَا تدوم الْحمى بِشرب هَذَا المَاء لِأَنَّهُ يُولد عفونة دَائِما.
قَالَ: وشباب هَؤُلَاءِ تعرض لَهُم أوجاع الرئة وَفَسَاد الْعقل فَأَما أوجاع الرئة فتعرض فِي الشتَاء لِأَن هَذِه الْمِيَاه تكون فِي الشتَاء بَارِدَة جدا كدرة جامدة وَفِي الصَّيف عفنة مخدرة للأخلاط فتفسد أخلاط هَؤُلَاءِ.
وَقد ترْتَفع فِي الشَّبَاب خَاصَّة بخارات حارة إِلَى الرَّأْس وَأما الشُّيُوخ فتعرض لَهُم حمى محرقة لى لم يُعْط جالينوس عِلّة يبس بطونهم وَلَا يُمكن أَن ينْسب إِلَى مَاء الْملح أَنه يجفف الْبَطن قد تقدم أَن هَذِه الْمِيَاه تلذع الْبَطن. وَيجب أَن يبْحَث عَنهُ.
قَالَ: وَأما نِسَاؤُهُم فَيعرض لَهُنَّ استسقاء لحمى ورهل وَلَا يحبلن إِلَّا بعسر وَلَا يلدن إِلَّا بِمَشَقَّة وَتَكون جثثهم عظاما غلاظا فاذا غذتهم الْأُمَّهَات نحفوا وَلَا يكون طمثن على مَا يجب إِنَّمَا يعرض لَهُنَّ البلغم الْأَبْيَض لِأَنَّهُ يحدث فِي أكبادهن عللا. والأجنة ينحفون لِأَن أبدانهن ردية جدا.
لى لم يُعْط أَيْضا عِلّة لكَوْنهم غلاظا. وَالسَّبَب فِيهِ عِنْدِي كَثْرَة الفضول فِي الْبَطن.
قَالَ: ويعرض لصبيانهن الأدرة ولرجالهن الدوالى وقروح السَّاق وَلَا يطول أعمارهن لرداءة أخلاطهن من فَسَاد المَاء.
قَالَ: ونسباؤهم يتوهمن أَنَّهُنَّ حبالي فاذا بلغن بِوَقْت الْولادَة ضمرت بطونهن وَلم يكن بِهن حَبل لِأَنَّهُ يجْتَمع فِي أرحامهن المَاء الْأَصْفَر وَيمْكث أشهرا ثمَّ أَنه يستفرغ دفْعَة مَاء كثير)
ويضمر الْبَطن. فَهَذِهِ حَال البطائحي السباخي.
(6/407)
وَفِي مياه الْعُيُون من مياه الْعُيُون الردية مَاء الْعُيُون الَّتِي تنبع من الْأَرْضين الحارة وَمن معادن الْحَدِيد والنحاس وَالْفِضَّة وَالذَّهَب والكبريت والشب والزفت والبورق وَالْملح فان هَذِه كلهَا إِنَّمَا تعرض تكون من شدَّة الْحَرَارَة فَتكون هَذِه الْمِيَاه جاسية يعرض لمن شربهَا عسر الْبَوْل وَشدَّة الِاخْتِلَاف.
قَالَ: والمياه النابعة من الأَرْض المعدنية ردية كلهَا وَلَا سِيمَا إِذا كَانَت مَعَ ذَلِك أَرضًا صخرية.
قَالَ: وَأما الخارية من الأَرْض الحديدية فأقلها رداءة لِأَنَّهَا لَا تَأْخُذ من كَيْفيَّة الْحَدِيد كَبِير شىء. ويعم هَذِه الْمِيَاه كلهَا الجسو وعسر الهضم وتضر من شربهَا على قدر طبائعهم وَرُبمَا نَفَعت فِي بعض الأسقام فانه قد انْتفع بالمياه الحديدية والنحاسية فِي وجع الكلى والقولنج والكبد والمعدة غير أَن إدمان شربهَا يفْسد الأخلاط ويسقم لِأَنَّهَا دَوَاء لَا غذَاء. فمياه الْعُيُون المعدنية مذمومة للأصحاء وَجَمِيع الْمِيَاه الجاسية الغليظة تورث عسر الْبَوْل والقولنج.
وَأما المَاء النحاسي فيسهل كالأدوية المسهلة غير أَنه لَا يُوَافق أحدا من الأصحاء.
والمياه المعدنية والحجرية كثيرا لَا يشْربهَا أحد لِأَنَّهَا لَا تنهضم وتمنع خُرُوج الْبَوْل وَالْبرَاز لعسر نُزُولهَا.
قَالَ: والمياه الَّتِي تنصب من مَوَاضِع مشرفة وتلاع ترابية أفضل الْمِيَاه وأصحها وَهِي عذبة لَا تحْتَاج أَن تشرب بِالشرابِ وَهِي فِي الصَّيف بَارِدَة وَفِي الشتَاء حارة وَهَذِه حَال الْمِيَاه النابعة من الْعُيُون الغائرة أَعنِي أَن تكون حارة فِي الشتَاء بَارِدَة فِي الصَّيف. ج: إِن أفضل الْمِيَاه المنبعثة من مَوَاضِع مشرقة وتلاع ترابية وشراهخا البطائحية الراكدة السبخية والمياه الصخرية فانها ردية.
وتفقد الْعُيُون الغائرة وَالظَّاهِرَة لِئَلَّا تكون تنبع من مَوَاضِع معدنية أَو صخرية فاذا لم تكن الْعُيُون تنبع من معادن وَلَا من الصخر وَكَانَت مَعَ ذَلِك غائرة تَحت الأَرْض فانه جيد لِأَنَّهُ يكون بَارِدًا فِي الصَّيف حارا فِي الشتَاء أَبيض عذبا.
وَأما الْعُيُون الَّتِي على ظَاهر الأَرْض فانها صَالِحَة.
وَالْمَاء الْجيد فَقل مَا يحْتَاج إِلَى الشَّرَاب. وَأما الْمِيَاه الردية فانها تحْتَاج إِلَى شراب كثير حَتَّى يغلب عَلَيْهَا وَتبطل كيفيتها.)
لى الْعُيُون المستوية غائرها خير من ظَاهرهَا.
قَالَ: وَخير الْمِيَاه الجيدة الفاضلة السائلة من أفق شَرق الشَّمْس لَا سِيمَا الْمشرق الصيفي يَعْنِي الْقَابِل فِي الْمَوَاضِع لهَذَا الْمَكَان الْمُسْتَتر عَن غَيره.
قَالَ: لِأَن هَذِه الْمِيَاه بيض براقة طيبَة الرّيح لَا محَالة.
قَالَ: المَاء الْعَذَاب الصافي الْخَفِيف الطّيب الرَّائِحَة يبرد ويسخن سَرِيعا اضطرارا وَمَا كَانَ بِخِلَافِهِ فانه يبطىء فِي ذَلِك.
(6/408)
وَمن الْمِيَاه الجيدة الْمِيَاه السَّائِل من الْمشرق.
والصيفي أفضل الْمِيَاه كلهَا لِأَن الْهَوَاء هُنَاكَ صَاف جدا وصفاء الْهَوَاء ينفع مَالا ينفع اعْتِدَال الْحَرَارَة والبرودة فَلذَلِك هَذَا المَاء أفضل من مَاء الْبِلَاد المعتدلة فِي الْحر وَالْبرد إِذا لم تكن مُقَابلَة لمشرق الشَّمْس وَكَذَلِكَ رُطُوبَة الْهَوَاء وكدرته يضران بِالْمَاءِ مَا لَا يضرّهُ برودته.
لى الَّذِي ينفع المَاء ويجعله خَفِيفا صفاء الْهَوَاء والحرارة وَالَّذِي يَجعله غليظا ثقيلا غلظ الْهَوَاء والبرودة إِلَّا أَن صفاء الْهَوَاء خير لَهُ من الْحَرَارَة وغلظه شَرّ من الْبُرُودَة.
قَالَ: وكل مالح من الْمِيَاه بطىء النضج جاس فانه ضار للأصحاء وَرُبمَا نفع فِي بعض الْعِلَل.
قَالَ: فَأَما مَا كَانَ من الْمِيَاه الملوحة فَكلهَا ردية عسرة الهضم.
قَالَ: الْمِيَاه إِمَّا بطائحية وَإِمَّا عُيُون وَإِمَّا مَاء الْمَطَر.
قَالَ: فماء الْعُيُون إِذا كَانَت أرْضهَا معدنية أَو تخرج من صَخْر لم تغن الْجِهَة الحميدة والارتفاع شَيْئا لِأَن المعدنية مفْسدَة للدم. والخارجة من الصخر بطيئة الْخُرُوج مِمَّن يشْربهَا وَلَكِن كَمَا أَن أفضل الْمِيَاه الجيدة الْجَارِيَة بازاء الْمشرق الصيفي كَذَلِك شَرّ الْمِيَاه الردية الْجَارِيَة بازاء الْجنُوب.
قَالَ: وَأفضل الْمَوَاضِع الَّتِي تواريها الْعُيُون جَيِّدَة كَانَت أَو ردية مشرق الشَّمْس ثمَّ نَاحيَة الفرقدين ثمَّ الْمغرب وأردؤها كلهَا الْجنُوب لِأَن الرّيح الْجنُوب كمدة حارة فتفسد الْجيد من المَاء وتزيد الردىء رداءة.
قَالَ: وأصناف هَذِه الْمِيَاه الثَّلَاثَة وَإِن كَانَت ردية فانها لَا تقوى على أَن تفْسد الْجِسْم الصَّحِيح الْكَامِل الصِّحَّة: وَهِي المالحة وَالْخَارِج من الصخر والبطىء النضج بعد كَونهَا جَارِيَة.
قَالَ: وَمن كَانَ جاسى الْبَطن من النَّاس فان الْمِيَاه العذبة الْخَفِيفَة الصافية نافعة لَهُ وَمن كَانَ بَطْنه غير جاس فان الْمِيَاه البطيئة النضج خير لَهُ لِأَن الْمِيَاه السريعة تسهل الْبَطن وتلينة والبطيئة تحبسه.)
قَالَ: المالحة تطلق الْبَطن مِمَّن لم يعتدها فاذا اعتادها خففت الْبدن ويبست الطبيعة لِأَن من الْمِيَاه الجاسية البطيئة النضج فَأَما فِي أول الْأَمر فَكَانَت تلذع الْبَطن فاذا اعتادت الْبَطن صَحَّ فعل طبعه فان الْملح يجفف وَيقبض فيشد الْبَطن ويصلبه.
مياه الأمطار قَالَ: مياه الأمطار خَفِيفَة عذبة تبرد جدا لِأَن الشَّمْس تَأْخُذ لطيف المَاء.
قَالَ: وتسخن سَرِيعا وتبرد سَرِيعا وتنضج مَا يطْبخ بِهِ سَرِيعا وتتغير وتتعفن سَرِيعا.
وَلَا تظن أَن المَاء الَّذِي يعفن سَرِيعا مَاء ردىء فانه رُبمَا كَانَ فَاضلا جيدا إِن اجْتمعت لَهُ العلامات الجيدة وَذَلِكَ أَن سرعَة استحالته مِمَّا يدل على جودته لَا على رداءته. وَزعم
(6/409)
أَن سَبَب سرعَة عفنه هُوَ أَن يجْتَمع من مَوَاضِع شَتَّى وَأَن الْأَشْيَاء الَّتِي تكون مجتمعة من أَشْيَاء شَتَّى أسهل عفونة وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك عِنْدِي لَكِن سرعته فِي العفن إِنَّمَا هُوَ لأجل لطافته لِأَن قَالَ: فماء الْمَطَر أَجود الْمِيَاه كلهَا مَا دَامَ لم تعرض لَهُ رَائِحَة ردية فانه إِن حدث لَهُ ذَلِك أورث بموجة وسعالا وَثقل الصَّوْت وَهَذِه الْمِيَاه أَعنِي مَاء الْمَطَر إِذا طبخ لم يغن عَنهُ الطَّبْخ شَيْئا.
وَإِذا بَدَأَ يعفن بَدَت فِيهِ رَائِحَة الشَّرَاب ويتخذ مِنْهُ الشَّرَاب الَّذِي يُقَال لَهُ: أدرومالى فيصلح لَهُ حِينَئِذٍ. وَإِن صَبر عَلَيْهِ انفشت عَنهُ العفونة وَإِن شرب والعفن فِيهِ قَائِم أورث مَا قَالَ. وَلم يخبر بالعلل.
قَالَ: وَأما الْمِيَاه الَّتِي إِنَّمَا هِيَ جليد وثلج ذاب فانها كلهَا ردية لِأَنَّهَا إِذا جمدت مرّة لم ترجع إِلَى طبعها الأول لِأَن مَا كَانَ مِنْهَا خَفِيفا انْقَلب من الخفة وَمَا كَانَ من المَاء كدرا بَقِي على حَاله. وَيعلم ذَلِك أَنَّك إِن أخذت من مَاء وجمدته ثمَّ حللته فِي الشَّمْس وجدته قد نقص نُقْصَانا كثيرا.
قَالَ: فَهَذِهِ دلَالَة على أَن لطيف المَاء ينفش وَلَا يَقع عَلَيْهِ الجمود وَإِنَّمَا يجمد مَا فِيهِ من الغلظ.
قَالَ ج: يُوَافق أبقراط على هَذَا أرسطاطاليس وفلاطن فِي أَن لطيف المَاء لَا يجمد ويتحلل عِنْد الجمود وينفش ويبقي الكدر الغليظ فِيهِ فيجمد.
لى لَيْسَ هَذَا قِيَاسا صَحِيحا وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يُوزن قدح مَاء ثمَّ يجمد ويوزن وَهُوَ جامد فان نقص وَزنه فَذَاك. فَأَما ان يذوّب بعد الجمود فان ذَلِك النُّقْصَان إِنَّمَا لحقه عِنْد الذوب لَا عِنْد وَقَالَ أبقراط: المَاء الَّذِي يكون من الثلوج وكل مَا يَنْبع فَذَلِك أردأ الْمِيَاه.
وَقَالَ ج: يَعْنِي بِمَا تنبع تِلْكَ الْمِيَاه الَّتِي هِيَ بَارِدَة كبرد الثَّلج والجليد فان هَذِه قريبَة من تِلْكَ)
وَإِن لم تكن ذَابَتْ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَلِيظَة جاسية بطيئة النضج وَأكْثر مَا تكون هَذِه الْمِيَاه نَحْو الفرقدين وَلَا تشرق عَلَيْهَا الشَّمْس بِقُوَّة فَتكون غَلِيظَة وجاسية.
قَالَ: فَأَما المَاء الَّذِي يجْتَمع من مياه كَثِيرَة وسيول كَثِيرَة مُخْتَلفَة يجْتَمع فِي بحيرة أَو نهر من مَوَاضِع شَتَّى مُخْتَلفَة فَتكون بَعْضهَا مياها حلوة وَبَعضهَا مالحة فاذا اخْتلطت كلهَا غلت فِي حَال بعد حَال وريح بعد ريح مَا بعد مِنْهَا عَلَيْهَا فان بَعْضهَا يتعفن بِبَعْض الرِّيَاح فَمِنْهَا مَا يعفن بالشمال وَمِنْهَا مَا يعفن بالجنوب وَهِي أَيْضا عكرة الثفل. ويعرض لشاربها وجع الخاصرة والورك والأدرة.
(6/410)
قَالَ: وَكَذَلِكَ المَاء الَّذِي يجىء من مَوَاضِع بعيدَة جدا يُورث مثل هَذِه الْأَشْيَاء لِأَنَّهُ يمر بأرضين مُخْتَلفَة فَيَأْخُذ كيفيات مُخْتَلفَة وَلَيْسَ مَا يَنْفَعهُ طول الْمسير إِلَّا الَّذِي مسيرَة تجاه الْمشرق وَالْأَرْض الَّتِي يمر عَلَيْهَا وَاحِدَة الطَّبْع جَيِّدَة ذكية عذبة فان هَذَا المَاء أَكثر إنباتا للأشياء وأخصب وَأَعْدل الْمِيَاه كلهَا.قَالَ: وكل مَا يطول مكثه فِي المعي فانه يذهب مِنْهُ إِلَى الورك والأنثيين أَشْيَاء تورث الأدرة من مسَائِل حنين: كل مَا فِيهِ ريح وَطعم غَالب فطبعه طبع ذَلِك الرّيح والطعم وَالَّذِي لَا طعم لَهُ وَلَا ريح فطبعه بَارِد رطب وكل مَاء خَفِيف الْوَزْن بالميزان فانه أسْرع نفوذا من الْبَطن والأثقل أَبْطَأَ نفوذا.المَاء اللين هُوَ الَّذِي لَيست فِيهِ حرارة وَلَا برودة مفرطة مُجَاوزَة للقدر يفزع لَهَا الشَّارِب أَو المستحم بهَا.لى معنى يفزع أَي يُنكره الْبدن إنكارا شَدِيدا وَمثل هَذِه الْمِيَاه تكون فِي الْمَوَاضِع العميقة الآجامية.وَالْمَاء الخشن فَهُوَ الَّذِي يفزع مِنْهُ شَاربه أَو المستحم بِهِ إِمَّا لحرارته وَإِمَّا لبرودته وَتَكون فِي الْمَوَاضِع الْعَالِيَة وَإِمَّا فِي الحمآت أَو الْمَعَادِن والصخرية.قُوَّة مَاء الْملح عسر بطىء النضج. معنى المَاء الْعسر البطىء النضج أَن يعسر انْتِقَاله إِلَى الْحَرَارَة أَو إِلَى الْبُرُودَة وَيلْزمهُ لَا محَالة عرضان: إِمَّا أَن مَا طبخ فِيهِ يبطىء نضجه والأخر أَنه رزين فِي الْوَزْن ثقيل فِي الْمعدة.وَالْمَاء الْعسر التَّغَيُّر لِأَنَّهَا بطيئة التنقل إِلَى الْحَرَارَة والبرودة وَلَيْسَت بخشنة وَذَلِكَ أَنَّهَا أَعنِي من)المَاء المالح لِأَن كل مَاء عسر التَّغَيُّر مالح لِأَن من الْمِيَاه الْعسرَة النضج كَثِيرَة كَمَا ذكرنَا.المَاء التَّغَيُّر أَعم من الخشن لِأَن كل مَاء خشن عسر التَّغَيُّر وَلَيْسَ كل مَا كَانَ عسر التَّغَيُّر خشنا لِأَن الْمِيَاه المالحة عسرة التَّغَيُّر لَيست فِيهَا حرارة وَلَا برودة مجاورة للقدر.مياه الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة حِيَال الرِّيَاح الشمالية بَارِدَة فِيهَا خشونة تقرع الْجِسْم.وَالْمَاء الْقَائِم يُولد فِي الصَّيف مرّة لعفونته وَفِي الشتَاء بلغما الجموده ويولد دَائِما فِي الطحال صلابة وانتفاخا ويهزل الْجِسْم ويعظم الْبَطن وتهيج فِيهِ حرارة غَرِيبَة ويهيج شَهْوَة الطَّعَام وَالشرَاب لَا بالعلاج بل بِالْفَسَادِ ويسهل القىء وَلَا يسهل بطُون شاربيه إِلَّا الْأَدْوِيَة القوية وَيُورث اخْتِلَاف الدَّم والذرب وَحمى الرّبع وَذَات الرئة وَالْجُنُون وَحمى
(6/411)
محرقة وَالِاسْتِسْقَاء اللحمى وعسر الولاد والعفن والسل وَفَسَاد الطمث وقروح السَّاق وَقصر الْعُمر والتشنج وَهُوَ شَرّ الْمِيَاه أجمع ويتلوه الْمِيَاه الْقَائِمَة فِي الرداءة وَهُوَ بعْدهَا فِي الدرجَة الثَّانِيَة.مياه الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة حِيَال الرِّيَاح الجنوبية مالحة لينَة.الْمِيَاه الخشنة نَوْعَانِ: أَحدهمَا إِنَّمَا هُوَ خشن لِأَنَّهُ قد أفرط فِي الْحر وَالْبرد وَهُوَ نقي من الكيفيات الْأُخَر عذب كَالْمَاءِ الْكَائِن فِي الْمَوَاضِع الصخرية. وَالْآخر مياه الحمآت والمعادن.المَاء الخشن يعقل الْبَطن وَيمْنَع الْبَوْل هَذِه الْبَارِدَة الصخرية. فَأَما الحارة فانها تعطش وتلهب وَتفعل أمورا أخر بِحَسب خَاصَّة مختلط بِهِ من فضول المَاء.والجيد فِي الْغَايَة أَن يكون لَهُ عُيُون غائرة وَلَا تحْتَاج إِلَى كثير شراب طيب الطّعْم وَالرِّيح خَفِيف الْوَزْن حَار فِي الشتَاء بَارِد فِي الصَّيف.أفضل الْعُيُون الْمُقَابلَة للشرق ثمَّ الْمُقَابلَة للشمال ثمَّ الْمُقَابلَة للغرب. وشرها الْمُقَابلَة للجنوب وخاصة عِنْد هبوب رِيحهَا فَهَذَا بِحَسب النواحي لَا فِي شىء آخر.الْبدن الْقوي لَا تضره الْمِيَاه الردية إِلَّا الْبَالِغَة الرداءة.الَّذِي بَطْنه يَابِس يحْتَاج إِلَى المَاء العذب الْجيد وَلِأَنَّهُ يُطلق الطبيعة وَلِأَنَّهُ ينهضم سَرِيعا.وَالَّذِي بَطْنه منطلق يحْتَاج إِلَى الخشن والبطنء النضج والمالح لِأَن هَذِه يعسر نفوذها فَيمْنَع البرَاز ويبطؤ خُرُوجهَا من الْبَطن.وَالْمَاء المالح يُطلق الْبَطن مِمَّن لم يعتده أَولا ثمَّ يعقله.الْمقَالة الثَّانِيَة: مَاء الْمَطَر أخف الْمِيَاه وأعذبها وأصفاها لِأَنَّهُ متصاعد ويعرض لمن شرب من)عفنه البحة والسعال وَثقل الصَّوْت.مَاء الْمَطَر إِن لم يعفن فَيجب أَن يطْبخ فانه لَا يعفن بعد وَإِن كَانَ قد عفن فليترك حَتَّى يسكن فسباته تبطل عفونته إِذا سكن ثمَّ شرب.المَاء الذائب من الثَّلج والجليد فِي غَايَة الرداءة لِأَنَّهُ غليظ ثقيل. المَاء الْمُجْتَمع من سيول كَثِيرَة وأنهار مُخْتَلفَة ردىء وَكَذَلِكَ مَا كَانَ جائيا من أَرضين بعيدَة وَهَذَا المَاء يُولد الْحَصَى ووجع الكلى وعسر الْبَوْل وعرق النسا والأدرة.الطبرى عَن الْهِنْد: إِذا كَانَت الأَرْض قاعا لَا نَبَات فِيهَا فماؤها خَفِيف وَإِذا كَانَت أَرضًا بشجر فماؤها ثقيل.وَإِنَّمَا المفرط الْحر أَو الْبرد ردىء لَا يجب أَن يشرب مِنْهُ وَلَا مَاء فِيهِ دندن أَو طحلب أَو حيات وَلَا مَاء يقل عَلَيْهِ طُلُوع الشَّمْس فان اضْطر إِلَيْهِ صفاه وسخنه ثمَّ شربه بعد أَن يبرد.
(6/412)
وَلَا يجب أَن يشرب المَاء الْبَارِد الضَّعِيف الْمعدة والضعيف الْبدن الْقَلِيل اللَّحْم والناقه وَمن بِهِ طحال أَو يرقان أَو اخْتِلَاف أَو استسقاء أَو بواسير.قَالَ الْإِسْكَنْدَر: المَاء السخن مَتى شرب بِعَسَل يطْرَح كل مشج سوء إِلَى النواحي السُّفْلى وَإِذا حرك القىء فَهُوَ جيد لِأَنَّهُ يخرج أخلاطا ردية تمتزج بِهِ. وَلَا أعلم مَاء خيرا مِنْهُ لمن شربه لِأَنَّهُ يلين اليبس ويسكن الْحر ويرخى المفاصل وَهُوَ جيد للتخمة أَيْضا.سندهشار قَالَ: المَاء الْحَار المغلى جيد للفواق والنفخة وَالرِّيح والعطش والسعال والربو والزكام ووجع الخاصرة وَالْجنب وَالْحلق الوجع والمثانة.الخوز فِي شوشماهي: المَاء العذب يقوى الْجَسَد.وَالَّذِي يجْرِي على الْكفْر ينفع العصب إِذا قعد فِيهِ.وَمَاء الكبريت ينفع القروح العتيقة والحكة والجرب.وَمَاء الْحَدِيد نَافِع من استرخاء الْمعدة.وَالْمَاء الْحَار العذب يفتح مسام الْجَسَد ويجلو جَمِيع اللزوجة المتلبسة عَلَيْهِ ويرطب الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة.وَالْمَاء الَّذِي يجْرِي على الْجَبَل والحصى لَا يخرج مِنْهُ لغيره ثقيل لَا يمرئ وَيُورث الشوصة الربو وضيق النَّفس.)وَالْمَاء العفن كمياه النقائع وَمَوْضِع الحمأة يَجْعَل الدَّم رديا جدا.لى الْمِيَاه الَّتِي يسْرع النتن إِلَيْهَا يجب أَن تنظر قبل ذَلِك فان كَانَ يتَبَيَّن فِي الشم أَو الذَّوْق شىء من الْكَرَاهِيَة فان سرعَة النتن إِنَّمَا جاءها من أَنَّهَا عفنة لَا من أَنَّهَا لَطِيفَة وبالضد فتفقد ذَلِك فانه بَاب كَبِير.وَأما الْحمى الرّيح فسريع فِي إيراث الْحمى لِأَنَّهُ يحر الدَّم.مغاث قَالَ بديغورس: خاصته الزِّيَادَة فِي المنى والإسمان وَالنعْمَة أَظُنهُ يُرِيد اللعبة وَهَذَا غلط.الدِّمَشْقِي: المغاث حَار رطب فِي الثَّانِيَة وبزره يكثر المنى وعيدانه نافعة من تشنج العصب والنقرس مَتى ضمد بِهِ بخل.وَقيل فِي شموسماهي الخوز وماسرجويه: المغاث جيد للنقرس إِذا طلى عَلَيْهِ ويلين التشبك وصلابة الرَّحِم وتشنج العصب.ابْن ماسويه: إِنَّه حَار رطب يزِيد فِي الباه.وَأَصله نَافِع للنقرس وصلابة الرَّحِم وَكَذَلِكَ حشيشه. وَأَصله نَافِع للنقرس ويلين صلابة العصب والمفاصل.
(6/413)
مَالِي قَالَ بولس: هِيَ شَجَرَة مَعْرُوفَة وَرقهَا مَتى شرب نفع من لسع الأفعى.وقشرها مَتى أحرق ولطخ بِهِ البرص نَفعه.وَيُقَال: إِن نشارته إِذا شربت قتلت وَكَذَلِكَ نَقِيع خشبته.مليخ قَالَ ج فِي السَّابِعَة: إِنَّه يكون كثيرا بقاليقلا وتؤكل أَطْرَافه مَا دَامَت غضة وتكبس وتستعد لوقت آخر وتولد منيا ولبنا. وطعمه فِيهِ ملوحة وَقبض يسير. وَمن هَهُنَا تعلم أَن أجزاءه غير مريح قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه حب هندي وَهُوَ حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة وَهُوَ شَبيه بالزوفا يدر الطمث وَيفتح سدد الكبد وَالطحَال.موعاس قَالَ ج فِي السَّابِعَة: بزر هَذَا النَّبَات فِيهِ دسومة وَقُوَّة تغرى وتلحج.ملح قَالَ د: قوته قابضة جاذبة تنقي وتحلل وتقلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح وتكوى.وتختلف هَذِه الْأَفْعَال فِيهِ فِي الشدَّة والضعف على قدر اختلافه وَقُوَّة أصنافه وتمنع القروح الخبيثة من الانتشار.وَيَقَع فِي أخلاط أدوية الجرب ويقلع اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح الَّتِي تكون فِي الْعين والظفرة وَيصْلح أَن يدْخل فِي الجفن.
(6/414)
وَإِذا خلط بالزيت وتمسح بِهِ أذهب الإعياء. وَهُوَ جيد للأورام البلغمية الْعَارِضَة للمستسقين.وَإِذا تكمد بِهِ سكن الوجع. وَإِذا ركب بِهِ سكن الوجع.وَإِذا خلط بالزيت والخل وتلطخ بِهِ قرب النَّار إِلَى أَن يعرق سكن الحكة وأذهب الجرب المتقرح وَغير المتقرح والقوابي. وَإِذا خلط بِعَسَل وخل وزيت وتحنك بِهِ سكن الخناق. وينفع مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل أَيْضا من ورم اللهاة والنعنغ.وَقد يتضمد بِهِ مَعَ سويق الشّعير محرقا وَالْعَسَل للآكله والقلاع واللثة المسترخية. وَقد يتغمد بِهِ أَيْضا مَعَ بزر الْكَتَّان للسعة الْعَقْرَب وَمَعَ فوتنج الْجبلي وخمير وَفِي نُسْخَة أُخْرَى مَكَان الخمير:)السّمن أنضج الأورام البلغمية الْعَارِضَة فِي الْأُنْثَيَيْنِ.وينفع من نهشة التمساح. وَمَتى سخن وصير فِي خرقَة وغمس فِي خل وَضرب بِهِ ضربا رَفِيقًا وَوضع على الْعُضْو المنهوش من بعض الْهَوَام نفع من النهشة. وَمَتى اسْتعْمل بالعسل نفع من كمنة الدَّم الَّتِي تَحت الْعين.وَيدْفَع مضرَّة الأفيون وَالْفطر الْقِتَال مَتى شرب بالسكنجبين. مَتى خلط بالدقيق وَالْعَسَل نفع من التواء العصب.وَإِذا خلط بالزيت وَوضع على حرق النَّار لم يَدعه أَن ينتفط. وَيُوضَع على النقرس فينفع مِنْهُ.وَيسْتَعْمل بالخل لوجع الْأذن.وَإِذا ضمد بِهِ مَعَ الْخلّ ولطخ بِهِ مَعَ الزوفا يمْنَع الْحمرَة والنملة من الأنتشار فِي الْبدن.وَمَتى طرح فِي المَاء نفع ذَلِك المَاء للقرحة الخبيثة الساعية الَّتِي فِي المعى وَإِذا حقن بِهِ عرق وَيسْتَعْمل للصب على الْأَعْضَاء مَكَان مَاء الْبَحْر. ج فِي الْعَاشِرَة: يجب أَن تعلم أَن جَمِيع المحتفرة تجفف لِأَنَّهَا أرضية وَبَعضهَا فِيهِ حِدة فان غسلت مرَارًا كَثِيرَة جففت بِلَا لذع.وَقُوَّة الْملح وملح الْبَحْر على مِثَال وَاحِد.وَالْملح مركب من كيفيتين: مرَارَة وَقبض فَفِيهِ أدنى جلاء بالمرارة ويجفف بهما جَمِيعًا.وَقَالَ فِي الْحَادِيَة عشرَة حَيْثُ أفرد ذكر الْملح المحتفرو الْملح البحري: قوتهما قُوَّة وَاحِدَة بِعَينهَا فِي الْجِنْس ويختلفان فِي أَن المحتفر أَشد اكتنازا. وَلذَلِك الغلظ وَالْقَبْض فِيهِ أَكثر وَلذَلِك لَا ينْحل بِسُرْعَة كَمَا ينْحل ملح الْبَحْر.وَالْملح الْمُتَوَلد فِي نقائع المَاء المالح والبحيرات كملح الْبَحْر وَقُوَّة هَذِه الأملاح مجففة ويمكنك أَن تعرف الْخلاف الَّذِي بَين الأملاح من طعمها وَذَلِكَ أَن مَا كَانَ فِيهِ مِنْهُ مرَارَة فَفِيهِ تَحْلِيل بِقدر ذَلِك وَأما مَا كَانَ طعمه مالحا فَقَط فَشَأْنه مَعَ مَا يحلل أَن يقبض ويشد.وَالْملح المحرق أَكثر تحليلا وألطف وَلَا يُمكن فِيهِ أَن يجمع وَيقبض ويشد كَمَا يُمكن ذَلِك فِي الَّذِي لم يحرق.وَقَالَ أَيْضا فِيهَا: وَأما زهرَة الْملح فانها ألطف من الْملح المحرق فضلا عَن غير المحرق وطعمه وَقَالَ فِيهَا: أما غُبَار الْملح فانه شَبيه بزبد الْملح إِلَّا أَنه ألطف من الْملح وَيُمكن فِيهِ أَن يلطف)ويحلل أَكثر من الْملح كثيرا وَأَن يجمع مَا يبقي من جَوْهَر الْجِسْم الَّذِي يلقاه كَمَا يجمع الْملح.اريبارسيوس: قُوَّة الْملح مركبة من كيفيتين: من الْجلاء وَالْقَبْض وَهَاتَانِ الكيفيتان تجففان وَلذَلِك ينشف الرُّطُوبَة الَّتِي فِي الْجِسْم ويفنيها وَيجمع الْأَعْضَاء الصلبة بِقَبْضِهِ وَلذَلِك صَار ينشف الْأَبدَان من الرُّطُوبَة الَّتِي فِيهَا ويحفظها من العفن.فَأَما الْملح المحرق فانه يحلل أَكثر إِلَّا أَنه لَا يجمع ويلبد بِحَسب ذَلِك فَأَما زهرَة الْملح فَهِيَ ألطف من الْملح المحرق وطعمها حَار وتحليلها كَاف.بولس: قوته تيبس وتقبض قبضا شَدِيدا وَلذَلِك يفني كل رُطُوبَة غربية فِي الأجساد وَيجمع الْبَاقِي بِقَبْضِهِ وَلذَلِك يحفظ اللحوم من أَن تعفن.
(6/415)
ابْن ماسويه: هُوَ حَار يَابِس فِي آخر الثَّالِثَة مُحَلل جلاء وَفِيه عفوصة يسيرَة غامر للرطوبات الَّتِي تكون فِي الْأَبدَان مجفف لَهَا مذيب للأخلاط الجامدة فِي الْجِسْم حَافظ للأبدان بيبسه يلين الطَّبْع وينفع من البلغم والحكة الْعَارِضَة الْبَتَّةَ إِذا خلط بالخل ودهن الْورْد وطليت بِهِ الحكة فِي الْحمام.أَبُو جريح: إِنَّه حَار يَابِس إِذا خلط بالأغذية الْبَارِدَة كالجبن والسمك والكوامخ أحالها عَن طبائعها حَتَّى تصير حارة يابسة ويعين على الإسهال والقىء ويحلل البلغم ويقلع البلغم اللزج من الْمعدة والصدر وَيغسل المعى ويهيج القىء ويكثره ويعين الْأَدْوِيَة الَّتِي تقلع السَّوْدَاء على قلعهَا من أقاصي الْجِسْم.الْفَارِسِي: الْملح الْهِنْدِيّ بديع الْفِعْل فِي التُّخمَة وَالرِّيح ويسهل خُرُوج الطَّعَام.وَقَالَ ج فِي الرَّابِعَة من المفردة: إِن كل ملح قد يخالطه شىء من الْقَبْض خَفِي خَاص وخاصة الْملح الْعسر التفتت وَمَا كَانَ من الْملح سريع التفتت فَهُوَ أَكثر جلاء وتحليلا وَأَقل قبضا وَالَّذِي لَا يتفتت إِلَّا بعسر حَاله على هَذِه الْحَال.والأملاح الْمرة والهشة فالجلاء فِيهَا أَكثر من الْقَبْض وَكَذَلِكَ فِيهَا تَحْلِيل كثير. وَمَا كَانَ صلبا يحتفر من مَعْدن فَهُوَ أقل حرارة ولطفا من غَيره من الْملح.وزهرة الْملح سهلة التفتت هشة فَمن أجل ذَلِك هِيَ ألطف وأسخن.والمر الطّعْم قد قرب من قُوَّة البورق.ابْن ماسه: الْملح الْأسود الَّذِي لَيْسَ سوَاده شَدِيد وَلَا لَهُ رَائِحَة النفط حَار فِي الثَّانِيَة يسهل)البلغم والسوداء. والنفطي يسهل المَاء والسوداء والبلغم العفن. الدراني يسهل البلغم.وَأما المر فيسهل السواداء بِقُوَّة.الخوز: الْملح الْهِنْدِيّ يسهل المَاء الْأَصْفَر ويطرد الرِّيَاح ويلين الْبَطن وَيذْهب البلغم وَيحد الْفُؤَاد وينفع من وَجَعه ويشهي الطَّعَام.وَالْملح كُله جيد للدبيلة والتخم ويهضم الطَّعَام وَيذْهب بالصفرة من الْوَجْه. ج فِي الثَّانِيَة من قاطاجانس: إِن الْملح قَبضه أَكثر من تَحْلِيله بِكَثِير وَفِيه تبقى كثير.مازريون قَالَ د: ورقه يسهل مرّة وبلغما وخاصة مَتى خلط بِجُزْء مِنْهُ جزءان من أفسنتين وعجن بِعَسَل أَو بِمَاء وَعمل مِنْهُ حب وَالْحب الْمُسْتَعْمل مِنْهُ مَتى شرب لم يذب فِي الْجوف وَخرج فِي البرَاز كُله.وَمَتى أنعم دقه وعجن بِعَسَل وضمدت بِهِ القروح الوسخة قطع الخشكريشة ونقاها.وَمَتى أَخذ من المازريون وَقت ازهاره اثنى عشر درخميا فيلقي على جزءين من شراب وَيتْرك شَهْرَيْن ثمَّ يصفي فِي إِنَاء آخر وَيتْرك ثمَّ يشرب مِنْهُ نفع الاسْتِسْقَاء والكبد ونقي النُّفَسَاء.
(6/416)
بديفورس: خاصته إسهال السَّوْدَاء وَالْمَاء الْأَصْفَر وَكَذَلِكَ حَال غَيره من اليتوعات.من كتاب السمُوم: إِنَّمَا يقتل مَتى شرب مِنْهُ درخمى بِأَن يجفف رُطُوبَة الكبد.مرداسنج وَيُقَال: إِن الْمَعْمُول مِنْهُ بِالْغسْلِ وَهُوَ الْأَبْيَض يصلح للا كَحال ويجلو الْآثَار السمجة من القروح فِي الْوَجْه مثل الكلف وَنَحْوه.وَقَالَ أَيْضا: المرتك تجفف إِلَّا أَن تجفيفه قَلِيل جدا وَهُوَ أَيْضا فِي جَمِيع كيفياته متوسط لِأَنَّهُ لَا يسخن وَلَا يبرد ظَاهرا وجلاؤه أَيْضا وَقَبضه يسير فَهُوَ لذَلِك دون الْأَدْوِيَة المتدلة الْجلاء وَدون الَّتِي تجمع وتقبض. وَهُوَ نَافِع فِي الْوسط من المحتفرة وَقد يسْتَعْمل كالمادة فيخلط بِهِ إِمَّا مَا لَهُ لذع شَدِيد وَإِمَّا مَاله قبض أَو فعل آخر.اريبارسيوس: يجفف بِمَنْزِلَة الْأَشْيَاء الحجرية وَفعله لذَلِك إِنَّمَا هُوَ بغاية السّكُون والرفق. ج فِي قاطاجانس: إِن المرداسنج معتدل بَين التبريد والإسخان ويبرد فِي الأولى وَهُوَ متوسط أَيْضا بَين المسددو والجالية وَلَا ينقي القروح وَلَا يوسخها وَلَا ينْبت اللَّحْم وَلَا ينقصهُ لِأَنَّهُ متوسط بَين هَذِه جمع.فِي شوسماهي الخوز: المرداسنج المبيض أعظم مَنَافِعه أَنه يجلو الْآثَار الَّتِي يبقي فِي الْوَجْه من القروح وَغَيرهَا وَإِذا غسل كَانَ مبردا فِي الثَّانِيَة.جيد للسحج وَمنع القروح.وَقَالَت الخوز: يبس المرداسنج المبيض كثير وَأكْثر نَفعه لمن يُرِيد إذهاب آثَار القروح من السمُوم: المرداسنج مَتى شرب حبس الْبَطن وورم الْجوف وجلب الْمَوْت.والباسليقون: مرداسنج للخفة فِي الصّبيان.مرَارَة د: المرارات كلهَا مسخنة حريفة وَيخْتَلف فِي الْقُوَّة.ومرارة السّمك الْمُسَمّى بالعقرب والشنبوط والسلحفاة والضبع العرجاء وَالْعِقَاب والدجاج والمعز الوحشية شَدِيدَة الْقُوَّة توَافق ابْتِدَاء المَاء النَّازِل فِي الْعين والقروح.ومرارة الثور أقوى من الضَّأْن والدب والتيس وَالْخِنْزِير.والمرارات كلهَا تحرّك الإسهال وخاصة فِي الصّبيان إِذا صيرت فَتِيلَة بصوف واحتملت فِي المقعدة.ومرارة الثور يتحنك بهَا مَعَ عسل للخناق وتبرىء القروح فِي المقعدة. وَإِذا خلطت بِلَبن عنز أَو لبن امْرَأَة وقطرت فِي الْأذن الَّتِي يسيل مِنْهَا الْقَيْح أبرأها. وتخلط بِمَاء الكراث وتقطر فِي الْأذن لطنينها.وتقطع فِي المراهم الْمَانِعَة للحمرة من الخراجات واللطوخات الَّتِي تَنْفَع من نهش الْهَوَام.
(6/417)
وَتصْلح مَتى خلطت بالعسل للقروح الخبيثة ووجع الْفرج وَالْجَلد الَّذِي نَحْو البيضتين. وَمَتى خلطت ومرارة الغبان والدب تصلحان لما تصلح لَهُ مرَارَة الثور غير أَنَّهَا أَضْعَف مَتى لعق مِنْهَا نَفَعت مِنْهَا من الصرع.ومرارة السلحفاة تصلح للخناق والقروح الخبيثة الْعَارِضَة فِي أَفْوَاه الصّبيان. وَمَتى وضعت فِي منخري من بِهِ صرع نفعته.ومرارة العنز الوحشية إِذا اكتحل بهَا أبرأت العشا خَاصَّة. وَتفعل ذَلِك مرَارَة التيس وتقلع اللَّحْم الزَّائِد الَّذِي يُقَال لَهُ التوت. وَإِذا لطخ بهَا دَاء الثَّعْلَب أذهبته والزيادات الْعَارِضَة فِي مَوَاضِع الورم.ومرارة الْخِنْزِير تسْتَعْمل للقروح الْعَارِضَة فِي الْأذن وَلِجَمِيعِ مَا وَصفنَا من القروح.وَقَالَ ج: الْمرة وَهِي مَاء دَاخل المرارة. هَذِه الْخَلْط أسخن مَا فِي بدن الْحَيَوَان وتختلف بِحَسب اخْتِلَاف الْحَيَوَانَات فالحيوانات الحارة المزاج أحر مرّة من الْبَارِدَة المزاج ونجد عيَانًا الْمرة من الْحَيَوَان الْحَار المزاج حَمْرَاء فان جَاع أَو عَطش مَالَتْ حِينَئِذٍ فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى لون الزنجار وَفِي بعض الْأَوْقَات إِلَى لون الباذنجان وَرُبمَا مَالَتْ إِلَى لون النيلج وَيجب أَن تتفقد لون الْمرة حِين تُرِيدُ خلطها بالدواء فتستعمل بِحَسب ذَلِك.)والأطباء يخلطون فِي أَقْرَاص أندرون وأقراص فراسيون وأقراص قولوندوس وَنَحْوهَا مرَارَة الثور وَبَين أَن مرَارَة الْفَحْل أحر من مرَارَة الخصى من ذَلِك الْحَيَوَان وَذَلِكَ أَن كل ذكر يخصى يصير طبعه شَبِيها بطبع الْحَيَوَان الْقَرِيب الْعَهْد بالولاد.وكما يتَغَيَّر الْبَوْل بِحَسب حَال الْجِسْم فَيكون عِنْد التَّعَب والعطش أَحْمَر وبضد ذَلِك كَذَلِك الْحَال فِي المرارة.وَاعْلَم أَنَّك إِن ألقيت فِي الدَّوَاء الَّذِي تعمله مرّة صفراء صَار بذلك معتدل الْحَرَارَة وَإِن ألقيت فِيهِ مرّة مائية جعلته أَضْعَف بِحَسب ميل الْمرة إِلَى المائية وَلذَلِك يحدث لمن يُرِيد فتح أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة إِذا تعالج بِتِلْكَ المرارة أَن يجدهَا مرّة أَضْعَف مِمَّا يجب وَمرَّة أقوى.وَقد تخْتَلف المرارة بِحَسب اخْتِلَاف الْبدن فِي ذكاء حسه وغلظه وَالدَّلِيل على أَن المرارة حارة أَنَّهَا تفتح وتفجر الدَّم الَّذِي يخرج من أَسْفَل إِذا هُوَ انْقَطع ويجد من استعملها لَهَا لذعا وَلذَلِك نتوقي نَحن أَن نستعمل المرارات الَّتِي مرتها حَمْرَاء وَهِي خَالِصَة وَحدهَا وَإِنَّمَا يَقع مِنْهَا فِي الْأَدْوِيَة شىء قَلِيل وَكَذَلِكَ الشيافات.ومرارة الْخِنْزِير يبلغ من ضعفه أَن القروح تحتملها وَهِي أَكثر مائية من جَمِيع المرارات إِلَّا الْخَنَازِير الْبَريَّة فان مرَارَة هَذِه أحر كَمَا أَن لَحمهَا أحر.
(6/418)
وَقد تسْتَعْمل مرَارَة الْخِنْزِير الأهلي فِي مداواة القروح الْحَادِثَة فِي الْأذن على أَنَّهَا دَوَاء نَافِع وَيخْتَلف اسْتِعْمَال المرارات بِحَسب أَوْقَات الْعِلَل أَيْضا فيصلح لَهَا فِي وَقت دون وَقت مرَارَة دون مرَارَة وَذَلِكَ أَنه مَتى كَانَت القرحة فِيهَا صديد وقيح كثير احتملت مَا هِيَ من المرارات أَشد تجفيفا بِمَنْزِلَة مرَارَة الْكَبْش فانها أحر قَلِيلا من مرَارَة الْخِنْزِير ومرارة الماعز أَيْضا أحر من هَذِه ومرارة الدب والثور قريبتان من مرَارَة الماعز.فَأَما مرَارَة الْفَحْل من الثيران فَهِيَ أقوى من هَذِه لَكِنَّهَا أَضْعَف من مرَارَة الْعَقْرَب البحرى وَالرّق البحري.فَأَما مرَارَة الماعز الْجبلي فقد ذكر قوم فِي كتبهمْ أَنَّهَا تَنْفَع من العشا.فَأَما مرَارَة الطُّيُور فَكلهَا أحر وأيبس من مرَارَة ذَوَات الْأَرْبَع.ومرارة الدَّجَاج ومرارة الحجل أَنْفَع مَا فِي مرَارَة الطير لما يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الطِّبّ.فَأَما مرَارَة البزاة والعقبان فشديدة اللذع قَوِيَّة الحدة لأكلها اللَّحْم كَذَلِك ألوانها زنجارية وَرُبمَا)كَانَت سَوْدَاء.وَإِذا أَنْت نظرت فِي مَا ذكرت لَك عرفت أَنَّهَا تحْتَاج فِي كل وَقت وَعلة وَبِأَيِّ قدر.ابْن ماسه: مرَارَة الْجَوَارِح وخاصة الباشق جَيِّدَة للْمَاء والانتشار والظلمة.مري قَالَ د: الْمَعْمُول من السّمك المالح واللحوم المالحة مَتى صب على القروح الخبيثة منعهَا من السَّعْي ويبرىء عضة الْكَلْب الْكَلْب ويحقن بِهِ لقرحة المعى ليكويها ولعرق النسا ليحرك الْأَعْضَاء إِلَى دفع الفضول.وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: قُوَّة المرى حارة يابسة وَلذَلِك اسْتَعْملهُ قوم من الْأَطِبَّاء فِي مداواة القروح المتعفنة وألقوا مِنْهُ فِي الحقنة لمن بِهِ قرحَة المعى وَمن وجع الورك.قَالَ بولس: هُوَ قوى الْحَرَارَة واليبس وَيسْتَعْمل خَارِجا فِي القروح المتعفنة وداخلا لعرق النسا والذوسنطاريا.ابْن ماسويه: المرى الْمُتَّخذ من دَقِيق الشّعير حَار فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة والمتخذ من السّمك أقل حرارة ويبسا ملين للطبيعة قَاطع للبلغم نَافِع من وجع الورك جلاء منق لما فِي الْمعدة والمعى.وخاصته النَّفْع من وجع الْوَرِكَيْنِ إِذا أكل أَو احتقن بِهِ.ماسرجويه: لَهُ قبض وتقوية وتنقية فَلذَلِك يكتحل بِهِ فِي الجدري ليمنع أَن تخرج بثرة فِي الْعين وَإِن خرج شىء أذابه ونفع مِنْهُ.ابْن ماسه: خاصته نشف رُطُوبَة الْمعدة وتطييب النكهة وانه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة.وَهُوَ حجر يتَوَلَّد بَين الذَّهَب وَالْفِضَّة.قَالَ د: إِنَّه ينْبت اللَّحْم وَلَا يصلح إِدْخَاله فِي المراهم الجالية.
(6/419)
وَقَالَ ج: قوته كقوة المرداسنج وَهُوَ زائل قَلِيلا عَن الأعتدال إِلَى الْبرد وَفِيه قُوَّة تجلو وَهَذَانِ الدواآن يذوبان وينحلان فِي الزَّيْت إِذا طبخا بِهِ وبالماء.وَقَالَ فِي الأولى من قاطاجانس: إِنَّه أبرد من المرداسنج وأيبس.موز قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي وسط الأولى رطب فِي آخرهَا يغذو غذَاء يَسِيرا والإكثار مِنْهُ يُولد ثفلا كثيرا وَهَذِه خاصته نَافِع من القرحة الْحَادِثَة فِي الْحلق والصدر والرئة والمثانة إِلَّا أَن الْإِكْثَار مِنْهُ يثفل فِي الْمعدة والصدر والرئة والمثانة إِلَّا أَنه يجب لمن كَانَ مزاجه بَارِدًا فَأكْثر مِنْهُ أَن يشرب بعده مَاء الْعَسَل أَو سكنجبينا معسلا وَيُؤْخَذ الزنجبيل المربى وَهُوَ ملين للطبيعة.سندهشار: إِنَّه دَوَاء جيد للصدر والمثانة والكلى ويدر الْبَوْل.القلهمان: يزِيد فِي النُّطْفَة والبلغم.ابْن ماسه: يُولد السدد إِن أَكثر مِنْهُ.وَقيل فِي الطِّبّ الْقَدِيم: إِنَّه يُحَرك الباه وَيزِيد فِي الصَّفْرَاء وَهُوَ ثقيل فِي الْمعدة.ماسرجويه: هُوَ لطيف يقوى الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة.مخ قَالَ د: أقوى الأمخاخ فعلا للعلاج مخ الأبل ثمَّ مخ الْعجل ثمَّ مخ الثور ثمَّ مخ الماعز والضأن. وَجَمِيع أصنافه محللة ملينة مسخنة تملأ القروح.ومخ الأيل يطرد الْهَوَام مَتى تلطخ بِهِ. ج: قُوَّة المخ تحلل وتلين الصلابة والتحجر فِي العضل كَانَ أَو فِي الوترات أَو فِي الرباطات أَو فِي الأحشاء.وَالَّذِي جربته فَوَجَدته عَظِيم النَّفْع مخ عظم الأيل وَبعده مخ الْعجل وَأما مخ عظم الْبَقر والتيوس فَهُوَ أَشد حرافة وحدة وَأكْثر تجفيفا فَهُوَ لذَلِك لَا يقدر على تَحْلِيل الصلابة المتحجرة.وَأَنت عَالم بِهَذَا إِن كنت ذَاكِرًا للقوانين: وَقد يركب من مخ عِظَام الأيل والعجل أَشْيَاء ملينة وَأَشْيَاء محللة فرزجة فتنفع علل الْأَرْحَام وتضمد بهَا الْأَرْحَام خَارِجا فتلين.ومخ الصلب وَهُوَ النخاع أيبس من مخ الْعِظَام وَلَيْسَ فِي اللين والدسومة مَا لمخ الْعِظَام وَيجب أَن يَعْنِي بالأمخاخ أَن لَا يعفن.وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: الَّذِي فِي جَوف الْعِظَام أعذب وأدسم من الدِّمَاغ وَهُوَ أَيْضا يهيج وَأما النخاع فانه لَا يغثى لِأَنَّهُ أَصْلَب من الدِّمَاغ والمخ وغذاؤه إِذا استمرىء لَيْسَ بِيَسِير.قَالَ بولس: المخ يلين الْأَبدَان الخشنة الجاسية والأورام الصلبة والمخ الَّذِي يكون من الْأَطْرَاف فانه)أدسم وَأَشد تَلْيِينًا والنخاع أيبس وأجسأ.
(6/420)
قَالَ ابْن ماسويه: المخ دسم يلطخ الْمعدة وَيذْهب بالشهوة ملين للبطن يَنْبَغِي أَن يُؤْكَل بالأفاويه.موم قَالَ د: قوته مسخنة ملينة تملأ القروح مَلأ وسطا لَيْسَ بالقوى وَيشْرب مِنْهُ عشر حبات مثل الجاورس مَعَ بعض الأحساء لقروح المعى وَيمْنَع اللَّبن من التعقد فِي ثدى المرضعات. ج فِي السَّابِعَة: كَأَنَّهُ فِي الْوسط بَين المسخنة والمبردة والمجففة والمرطبة وَفِيه شىء غليظ قَلِيل دبقي وَلذَلِك لَيْسَ إِنَّمَا لَا يجفف بل عساه أَن يظنّ أَنه يرطب بعرص آخر إِذْ كَانَ بدبقيته يمْنَع التَّحَلُّل من أجل ذَلِك هُوَ مَادَّة لجَمِيع الأضمدة الْأُخَر الَّتِي تبرد وَالَّتِي تسخن.وَأما هُوَ فِي نَفسه فَهُوَ من الْأَدْوِيَة المنضجة إنضاجا ضَعِيفا وَلَيْسَ من الْأَدْوِيَة الَّتِي ترد إِلَى الْجوف لَكِن من الْأَدْوِيَة الَّتِي تُوضَع من خَارج وَفِيه مَعَ هَذَا شىء يحلل وَهَذَا الشىء فِي الْعَسَل كثير.وَقَالَ أَبُو جريح: إِنَّه يلين صلابة الأورام وَيصْلح خشونة الصَّدْر إِذا طلى عَلَيْهِ أَو لعق مِنْهُ مَعَ بعض الأدهان مثل البنفسج والخل ويلين الأعصاب الجاسية والقروح الخشكريشة وَقد يعْقد أَكثر المراهم.إِذا طلى على العصب الجاسى حلل جسوه.مازريون قَالَ فِيهِ د: ورقة يسهل مرّة وبلغما. وَمَتى شرب مِنْهُ اكسونافن بطبيخ الفوذنج الْجبلي أخرج حب القرع.وَقد يسقى مِنْهُ أَصْحَاب الحبن مِقْدَار درخمى مَرَّات فيضمرهم.وَشرب طبيخة نَافِع لعسر الْبَوْل وَإِذا شرب نفع من نهش الْهَوَام وَإِذا خلط بالسوبق وعجن بِالْمَاءِ وَالزَّيْت قتل الفأر وَالْكلاب والخنازير.وَأما الْأسود فَمَتَى سحق أَصله وخلط بشىء يسير من القلقنت وصير مَعَ القطران وشحم عَتيق قلع الجرب. وَمَتى خلط بكبريت وقفز وطبخ مَعهَا خل ولطخ بهَا القوابي قلعهَا.وَإِن تمضمض بِهِ بعد طبخه سكن وجع الْأَسْنَان. وَإِذا خلط بِهِ من الفلفل جُزْء مسَاوٍ لَهُ من الموم مثله وألصق على الْأَسْنَان الألمة نفع من ذَلِك وَقد يطْبخ بالخل ويكمد بِهِ الْأَسْنَان وَإِذا خلط بالكبريت نقى الكلف والبهق.وَقد يَقع فِي أخلاط المراهم الَّتِي تَأْكُل. وتضمد بِهِ القروح المتأكلة والقروح الخبيثة فيشفيها ويبرئها.وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: فِيهِ من الطّعْم المر مِقْدَار كثير فَهُوَ لذَلِك ينقي القروح الوسخة ويقلع الخشكريشة والقشور الْعِظَام الْحَادِثَة فِي وَجه القرحة إِذا اسْتعْمل مَعَ الْعَسَل.بولس: لحب المازريون قُوَّة حريفة محرقة إِذا شرب أسهل المَاء وَحب القرع وَهَذَا أَجود من الْأسود فِي ذَلِك.
(6/421)
وَالْأسود جيد للجرب والحكة.الخوز: خَاصَّة المازريون إسهال السَّوْدَاء. وَهُوَ يَابِس فِي الرَّابِعَة يَأْكُل الرُّطُوبَة من الكبد وَمن جَمِيع الْجَسَد ويسرع الاسْتِسْقَاء إِلَى شَاربه وينفع القروح الردية.لى فِي هَذَا شكّ لأَنا قد أصبْنَا مازريون بتفسير وَأما هَذَا فَكَانَ خامالاون وَقَالَ بعض النَّاس: إِنَّه مازريون وَقد أصبْنَا نَحن خامالاون بِالصِّحَّةِ وَلَيْسَ هَذَا مازريون.الدِّمَشْقِي: المازريون الْأَبْيَض يسهل المَاء وَحب القرع وَهُوَ أَجود من الْأسود فِي ذَلِك غير أَن الْأسود جيد للحكة والجرب.مغنيطس قَالَ د: إِذا سقى مِنْهُ ثَلَاث أوبولسات بِمَاء القراطن أسهل كيموسا غليظا وَقد)يحرق فَيصير شادنة.وَقَالَ ج: قوته كقوة الشادنه.ماسرجويه: هوجيد لمن سقى برادة الْحَدِيد وَلمن يمسهُ بَطْنه من شرب خبث الحيد. وَهُوَ يَابِس جدا.من قَالَ ماسرجويه: إِنَّه معتدل فِي الرُّطُوبَة واليبس حَار فِي الأولى جيد للصدر والرئة وَالْوَاقِع مِنْهُ على الطرفاء جيد للسعال.مقل مكي عِيسَى ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد قَابض يعقل الْبَطن ويقوى الْمعدة.مشكطر امشيغ قَالَ فِيهِ د: إِنَّه يطْرَح الأجنة الْمَوْتَى بِالشرابِ والتداخين بِهِ وَالِاحْتِمَال وَهُوَ أقوى من الفوتنج بِكَثِير.وَالشرَاب الْمُتَّخذ بِهِ نَافِع للكرب جيد للغثى ويحدر دم النُّفَسَاء. ج فِي السَّادِسَة: جوهره لطيف أَكثر من جَوْهَر الفوتنج البرى وَأما فِي سَائِر خصاله فَهُوَ شَبيه بِهِ. والمسمى مشكطرامشيع ذُو زهر مثله إِلَّا أَنه أَضْعَف مِنْهُ.مرغاوا حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة جلاء لطيف.موردا سفرم الطبرى: يقوى الْمعدة والكبد ابْن ماسرجويه: قوته كقوة الباذاورد إِنَّه لَيْسَ بقوى الْحَرَارَة جيد للديدان الَّتِي فِي الشرج مَتى احْتمل.الخوزى: قوته كقوة الأفسنتين الرُّومِي يقوى الْمعدة والكبد وَهُوَ أَشد قبضا.مدريو فَلَنْ ج فِي السَّابِعَة: قوته مجففة يدمل الْجِرَاحَات.مولش ج فِي السَّابِعَة: أَصله طيب الرَّائِحَة حُلْو المذاق يحدر الطمث ويعين على نفث مَا فِي الصَّدْر فَهُوَ لذَلِك فِي الثَّانِيَة من الإسخان.
(6/422)
3 - (بَاب النُّون)ناردين قَالَ د: قوته مسخنة ميبسة يدر الْبَوْل فَلذَلِك إِذا شرب عقل الْبَطن.وَمَتى احْتمل فرزجة قطع النزف وجفف الرُّطُوبَة السائلة من الرَّحِم.وَإِذا شرب بِمَاء بَارِد سكن الغثيان ونفع من الخفقان والنفخ واليرقان ووجع الكبد والكلى.وَمَتى جلس النِّسَاء النُّفَسَاء فِي طبيخة نفع الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الْأَرْحَام. جيد لسُقُوط الأشفار لقبضه إِيَّاهَا وإنباته لَهَا. ويذر على الأجساد الْكَثِيرَة الْعرق. وينفع من أدوية الْعين.وقوته كقوة المورى غير أَنه أدر للبول وأجود للمعدة.وَمَتى شرب بطبيخ الأفسنتين نفع من الأورام الحارة الْعَارِضَة وَمن اليرقان وَنفخ الْمعدة. وَمَتى شرب بِالْخمرِ نفع من وجع الطحال وأورام الكلى والمثانة ونهش الْهَوَام.وَقُوَّة الناردين الجبلى مثل قُوَّة الاقليطى. ج فِي الثَّامِنَة فِي سنبل الطّيب: إِنَّه يسخن فِي الأولى ويجفف فِي آخر الثَّانِيَة وَهُوَ مركب من جَوْهَر قَابض كثير المقدرار وجوهر حاد لَيْسَ بِكَثِير الْمِقْدَار وجوهر مائل إِلَى الْحَرَارَة يسير)الْمِقْدَار وَلِأَنَّهُ مركب من هَذِه القوى صَار حَقِيقا بِأَن ينفع الكبد وفم الْمعدة إِذا شرب أَو وضع من خَارج ويدر الْبَوْل ويشفى اللذع الْحَادِث فِي الْمعدة. ويجفف الْموَاد المنحدرة المنصبة إِلَى الْمعدة والأمعاء والمواد المجتمعة فِي الصَّدْر وَالرَّأْس.وَأقوى أَصْنَاف السنبل فِي ذَلِك الهندى وَهُوَ أَشد سوادا من السنبل الشَّامي.وَأما الأقليطى فقوته من جنس قُوَّة سنبل الطّيب إِلَّا أَنه أَضْعَف مِنْهُ فِي جَمِيع خصاله خلا إدرار الْبَوْل وَهُوَ أَشد حرارة من ذَلِك السنبل وَقَبضه أقل من قبض ذَلِك.وَأما الجبلى فَهُوَ أَضْعَف أَنْوَاع السنبل: ابْن ماسويه فِي عصافير السنبل إِنَّه حَار فِي الأولى يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة مقو للمعدة والكبد مدر للبول مجفف للرطوبة الْعَارِضَة فِي الرَّأْس والصدر نَافِع من اللذع الْحَادِث فِي الْمعدة والمعى.وَالْأسود خير من الْأَحْمَر. ج: إِن الطين الَّذِي ينْقض من أُصُوله جيد لغسل الْيَد طيب الرَّائِحَة.
(6/423)
مسيح: يصلح للمعدة إِلَّا أَن يكون حارة المزاج جدا وينشف بلنها لمجهول: السنبل جيد لحمى الغب.الْإِسْكَنْدَر فِي كِتَابه: السنبل نَافِع للرأس وللصدر لِأَنَّهُ يجفف مَا فيهمَا.وَمَتى شرب بخل وَرفع فِي إِنَاء أَخْضَر ثمَّ أمرّ مِنْهُ ميل على الأجفان أنبت الأشفار.وَالْأسود أبلغ.ابْن ماسويه فِي ذكر خَواص الْأَدْوِيَة: خَاصَّة السنبل إمْسَاك الطمث مَتى شرب.نخاع ذكر مَعَ المخ.نش ذكر مَعَ الْحِنْطَة.نخالة الْحِنْطَة ذكرت فِي الْحِنْطَة.نَبِيذ ذكرت أصنافه كلهَا مَعَ الشَّرَاب فِي بَاب الشين.نخل قَالَ د: البلح مَتى شرب بخل خمر عفص قطع الإسهال والرطوبات المزمنة السيلان من الرَّحِم وَالدَّم السَّائِل من والبواسير.وَمَتى ضمد بِهِ الخراجات قطع الدَّم.القسب ينفع من نفث الدَّم ووجع الْمعدة والمثانة مَتى تضمد بِهِ مسحوقا مَعَ سفرجل وموم مذاب بدهن زهرَة الْكَرم وينفع من قرحَة المعى.وَمَتى أكل مَعَ حب الصنوبر أَبْرَأ خشونة الْحلق.فَأَما النَّوَى فانه يحرق ويطفأ بِخَمْر وَيسْتَعْمل بعد غسله بدل التوتيا فِي الأكحال الَّتِي تحسن هدب الْعين.وقوته قابضة مُغيرَة. وَيصْلح إِذا خلط بالناردين للقروح الَّتِي فِي الْعين ولنتوءها ولسقوط الأشفار. وَيمْنَع زِيَادَة اللَّحْم فِي القروح ويدملها.جفرى وقشر الجفرى قَابض مَانع للقروح من السعى ويشد المفاصل الرخوة وينفع من وجع العصب والكلى والمثانة والأحشاء ويبرىء من سيلان الفضول إِلَى جَانب الْبَطن وَالرحم وَمَتى طبخ وَهُوَ غضن براتينج وموم وَوضع على الجرب وَترك عَلَيْهِ عشْرين يَوْمًا أَبْرَأ مِنْهُ.وَالثَّمَر الَّذِي فِي جَوف هَذَا القشر وَهُوَ الكفرى فقوته كقوة القشر خلا أَنه أقل عفوصة.والجمار يعْمل عمل الكفرى.ودهن قشر الكفرى مشاكل للقوة الَّتِي فِي دهن الْورْد غير أَنه لَا يسهل الْبَطن.
(6/424)
دبس: وَأما دبس العقيد فان طبيخه بِالْمَاءِ مَتى مزج بِالشرابِ الْمُسَمّى أدرومالى بالعتيق مِنْهُ)ونبيذه ذَلِك. وطبيخه وَحده يقبض قبضا شَدِيدا.وَأما شراب التَّمْر فمصدع قَاطع لسيلان الْموَاد لقبضه ويوافق الْمعدة الضعيفة والإسهال المزمن وَنَفث الدَّم. ج فِي الثَّامِنَة: جَمِيع أَجزَاء النَّخْلَة فِيهَا قبض.والجمار مركب من جَوْهَر مائي فاتر وجوهر أرْضى بَارِد.فَأَما ثَمَرَة النّخل وخاصة مَا هُوَ مِنْهَا حُلْو فحرارته لَيست ييسيرة.وَقد تسْتَعْمل من خَارج فِي الْجمع والتجفيف والشد وَالْقَبْض.وَقُوَّة الطّلع قُوَّة الْجمار وقشور الطّلع فِيهِ قبض أَكثر وَلذَلِك صَار يسْتَعْمل فِي مداواة الخراجات المتعفنة وَفِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تشد المفاصل الرخوة وَفِي الْأَدْوِيَة النافعة للكبد وفم الْمعدة مَعَ مَا يوضع من خَارج وَمَا يشرب.وأصل النَّخْلَة قوته قُوَّة تجفف تجفيفا لَا لذع مَعَه وَفِيه شىء من قبض.ثمَّ قَالَ فِي كتاب الأغذية: إِنَّه لَيْسَ شىء من أَنْوَاع ثَمَر النّخل يَخْلُو من قبض وحلاوة إِلَّا أَن بعضه قد يكون الْقَبْض فِيهِ يَسِيرا.وَقد بَينا أَن الحلو كثيرا كثير الْغذَاء والقابض عَاقل للبطن جيد للمعدة.وَجَمِيع الثَّمَرَة مصدع عسر الهضم وَبَعضه لَهُ مس لذع فِي فَم الْمعدة. وَمَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ يحدث الصداع أَكثر.وغذاؤه غليظ وَفِيه مَعَ ذَلِك بعض اللزوجة. ذَلِك إِذا كَانَ لحيما سمينا. وكل غذَاء على هَذِه الصّفة إِذا خالطته حلاوة يسْرع إِلَى اجتذاب السدد وَإِن كَانَ فِي الكبد ورم أَو صلابة أضرّ بهَا غَايَة الْإِضْرَار وَبعد الكبد فِي الْمضرَّة الطحال.وَالرّطب أعظم مضرَّة مَتى أَكثر مِنْهُ فضل قَلِيل. والشديد الْحَلَاوَة مِنْهُ أحر من غَيره.وَأما الْبُسْر فَالَّذِي يتَوَلَّد مِنْهُ أبرد. وَالرّطب ينْفخ. وَنسبَة الرطب إِلَى التَّمْر كنسبة التِّين الرطب إِلَى الْيَابِس. والإكثار من الْبُسْر يمْلَأ الْبدن خلطا حارا وتصيب آكله قشعريرة ونافض. عسيرا مَا يسخن.وَيحدث فِي أبدانهم سددا.وَقَالَ فِي كتاب الكيموسين: إِن الرطب يُولد كيموسا غليظا وشيكا فيصعد فِي الكبد وَيحدث)فِيهَا سددا.روفس: البلح يغزر الْبَوْل وينفخ.وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب التَّدْبِير: التَّمْر أردأ غذَاء من التِّين وأسرع هضما مِنْهُ وأدر للبول. وَمَتى
(6/425)
ابْن ماسويه فِي الْجمار: إِن خاصته إِبْرَاء وجع الْمعدة والإبطاء فِيهَا بَارِد فِي آخر الأولى يَابِس فِي وَسطهَا يعقل الْبَطن وينفع من الصَّفْرَاء وَالدَّم الحريف.الطّلع: وَأما الطّلع فيابس فِي وسط الثَّانِيَة بَارِد فِي آخر الأولى بطىء فِي الْمعدة عَاقل للبطن يُورث الْإِكْثَار مِنْهُ وجع الْمعدة ويولد النفخ والقولنج فليؤكل مَعَ الشحوم وَالدَّسم وَيشْرب بعده النَّبِيذ الْعَتِيق.والبلح بَارِد يَابِس فِي وسط الثَّانِيَة دابغ للمعدة واللثة والفم وَهُوَ ردىء للصدر والرئة بطىء فِي الْمعدة عَاقل للبطن.الْبُسْر إِذا حلا صَار حارا فِي الأولى يَابسا فِي الثَّانِيَة نَافِعًا للفم والمعدة وَيعْقل الْبَطن ويولد قراقر ونفخا ورياحا وخاصة إِذا شرب على أكله مَاء.والهش مِنْهُ لَا يبطؤ فِي الْمعدة كالسكر والجيسوار.رطب الرطب حَار فِي الثَّانِيَة رطب فِي الأولى. وخاصته إِفْسَاد اللثة والأسنان وغذاؤه أَكثر من غذَاء الْبُسْر يُولد أَولا فِي الكبد سددا ثمَّ فِي الطحال. وَمَا اشتدت حلاوته وصفرته فَهُوَ أَجود. والإكثار مِنْهُ يُولد حميات.وَأحمد الهيرون وشره الْأسود وَيجب أَن يتضمض بعده بالنبيذ الصّرْف أَو بالعسل يسلم من تمر وَالتَّمْر أحر من الرطب وَأَبْطَأ فِي الْمعدة يصدع. وبخاره ردىء للفم والثة والأسنان ويولد الْمرة الصَّفْرَاء ويمغس ويولد شرحا.وَكَانَ ج يمدح مِنْهَا الْقَلِيل الرُّطُوبَة الْخَفِيف الَّذِي فِيهِ عفوصة قَليلَة.قسب: القسب أَحْمد من الرطب وَالتَّمْر للعفوصة الَّتِي فِيهِ وَلَيْسَ نفخه كنفخ الرطب.وَالتَّمْر دابغ للمعدة عَاقل للطبيعة.الدِّمَشْقِي: التَّمْر نَفسه يبسه أقل من حرَّة يلين الْبَطن ويجلو الصَّدْر وَيفْسد اللثة والأسنان ويهيج الصداع. ج فِي الكيموسين: إِن رطب النّخل يُولد كيموسا غليظا ويسد مجاري الكبد سَرِيعا ويغلظ)الطحال. وَمَتى كَانَ فِي الأحشاء ورم يسير أَو ابْتِدَاء ورم فانه يزِيد فِيهِ وَيزِيد فِي البلخية وأدوار الحميات ويهيج بهَا.جفرى ابْن ماسويه وَابْن ماسه: الجفرى بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة مورث للقولنج.جمار يقمع حِدة الدَّم والصفراء.بلح وَبسر هما باردان يابسان فِي الثَّانِيَة جيدان للفم واللثة يعقلان الطبيعة ويقويان الْمعدة.
(6/426)
تمر قَالَ: هُوَ حَار رطب فِي الأولى يُولد سددا فِي الكبد وَالطحَال.فِي الطِّبّ الْقَدِيم: يطفىء الشرى يَعْنِي الْجمار.سندهشار: التَّمْر يزِيد فِي المنى وَاللَّحم جيد للسعال والسل.نرجس قَالَ د: إِنَّه مَتى أكل أَصله مسلوقا هيج القىء.وَمَتى اسْتعْمل مَعَ الْعَسَل بعد سحقه وَافق حرق النَّار. وَمَتى تضمد بِهِ ألزق الْجِرَاحَات الْعَارِضَة فِي الأعصاب. وَمَتى سحق وخلط بِعَسَل وتضمد بِهِ نفع من انفتال الأوتار الَّتِي فِي العقبين والأوجاع المزمنة الْعَارِضَة فِي المفاصل. وَمَتى خلط بالخل نقي الكلف والبهق.وَمَتى خلط بالكرسنة وَالْعَسَل نقي أوساخ القروح وفجر الدبيلات الْعسرَة النضج. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ دَقِيق الشيلم وَالْعَسَل أخرج السلاء وَمَا أشبهه.ودهن النرجس يصلح لأوجاع الرَّحِم لتليينه صلابتها وفتحه إِيَّاهَا إِذا انضمت وَهُوَ مصدع.وَقَالَ ج: أصل النرجس مجفف حَتَّى أَنه يلحم الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة ويبلغ من قوته أَنه يلحم الْقطع الْحَادِث فِي الوترات وَفِيه مَعَ ذَلِك شىء يجلو ويجذب.بولس: أصل النرجس يبلغ من إلزاقه الْجِرَاحَات أَنه يلزق الْعَظِيمَة مِنْهَا ويلصق أَيْضا قطع العصب وَفِيه أَيْضا جذب وجلاء.ابْن ماسويه: يبلغ من إلزاقه للخراجات أَنه يلحمها وَهُوَ يفعل أَفعَال الياسمين إِلَّا أَنه أَضْعَف وَهُوَ نَافِع لوجع العصب الْعَارِض من البلغم. ودهنه جيد لذَلِك.الدمشقى: هُوَ حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة يدمل القروح الغائرة فِي العصب وَله قُوَّة غسالة جالية.نفط ذَكرْنَاهُ مَعَ القفر.ناركبو ذَكرْنَاهُ مَعَ الخشخاش.نشارة الْخشب المتآكل قَالَ د: إِنَّه إِذا ضمد بِهِ نقي القروح وأدملها. وَإِذا خلط بِمثلِهِ من الأنيسون وعجن بِخَمْر وصير فِي خرقَة وأحرق وسحق وذر على القروح النملية منعهَا أَن تسْعَى فِي الْجِسْم.وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: من شَأْن هَذَا أَن ينقي القروح الرّطبَة ويجلوها وخاصة إِن كَانَ من خشب لَهُ قبض وجلاء مَعًا بِمَنْزِلَة بعض أَجنَاس الشوك.نحام قَالَ ابْن ماسويه: لحم النحام أكْرم لحم الطير وأفضله حَار دسم يقوى الْجِسْم وينشط نيل قَالَ د: إِن ورقة الَّتِي يكون مِنْهَا النّيل يحلل الأورام والخراجات فِي
(6/427)
ابتدائها وَيلْزق الْجِرَاحَات لحرارتها وَيقطع سيلان الدَّم ويبرىء القروح الخبيثة والنملة والحمرة الخبيثة.وَأما البرى فانه يفعل مَا يفعل الأهلى وينفع الطحال خَاصَّة. ج فِي السَّادِسَة: أما البستاني الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ الصباغون فقوته تجفف تجفيفا قَوِيا من غير لذع لِأَنَّهُ قَابض فَهُوَ يدمل الخراجات الْحَادِثَة فِي الْأَبدَان الصلبة وَلَو كَانَت فِي رُؤُوس العضل وَيقطع أَيْضا انفجار الدَّم ويحلل ويضمر إضمارا كثيرا الأورام الرخوة ويقاوم مقاومة شَدِيدَة جَمِيع الْجِرَاحَات الردية عفنة كَانَت أَو متأكلة فان وجد فِيهِ بعض الْأَوْقَات صلابة عِنْد جَوْهَر صَاحب الْعلَّة فاخلط مَعَ ورقة إِذا سحق خبْزًا أَو دَقِيق شعير أَو دَقِيق حِنْطَة بِحَسب الْعلَّة الْغَالِبَة.فَأَما النّيل البرى فَفِيهِ حِدة بَينه فِي مذاقته وَفِي فعله فَهُوَ بِهَذَا السَّبَب أَكثر تجفيفا من النّيل البستاني. وَلذَلِك صَار أقوى فِي علاج العفونة الرّطبَة الْحَادِثَة فِي الخراجات وَفِي القروح.فَأَما علاج القروح الْأُخَر الَّتِي ذَكرنَاهَا فَهُوَ أقل نفعا لَهَا لِأَنَّهُ قوى وتجفيفه مَعَه لذع.وَجَمِيع مَا هَذَا سَبيله فَهُوَ يهيج الأورام ويثورها.)وَقَالَ أريباسيوس: يدمل الْجِرَاحَات الَّتِي فِي الْأَبدَان الصلبة وَلَو كَانَت فِي رُؤُوس العضل ويضمد بِهِ الْموضع الَّذِي يجْرِي مِنْهُ الدَّم فيقطعه وَيحل الأورام المتهيجة تحليلا كَافِيا ويضمرها.وَقَالَ فِي سَائِر الْأَشْيَاء مثل قَول جالينوس.الخوز: النّيل حَار قَابض فِيهِ حِدة وَلَا سِيمَا البرى. وهما يحبسان الدَّم ويجففان الْأكلَة فِي القروح إِذا ضمدت بِهِ.وَإِذا دق ورقة مَعَ دَقِيق الشّعير وضمدت بِهِ الأورام حللته لقُوَّة.والبرى أقوى فعلا وَالَّذِي بِهِ تصنع عصارة البستاني مِنْهُ. جرب أَنه جيد للقىء. عَجِيب الْفِعْل إِذا سقى الصّبيان الَّذين بهم سعال شَدِيد من شدته.وَيَقُول غير وَاحِد من الْأَطِبَّاء: نعنع: قَالَ فِيهِ د: إِنَّه جيد لقروح الرئة إِن قوته مسخنة قابضة مجففة وَلذَلِك مَتى شربت عصارنه بخل قطعت الدَّم وَيقتل الدَّم الطوَال ويخرجه ويحرك الباه.وَمَتى شربت مِنْهُ طاقات بِمَاء رمان حامض سكن القىء والفواق والهيضة.وَمَتى تضمد بِهِ سويق حلل الدبيلات. وَإِذا وضع على الْجَبْهَة سكن الصداع. وَمَتى وضع على الثدى الوارم وَالَّذِي تعقد فِيهِ اللَّبن نَفعه.
(6/428)
وَمَتى خلطت عصارته بِمَاء القراطن نفع من وجع الْأذن.وَمَتى احْتمل فِي وَقت الْجِمَاع منع الْحَبل. وَمَتى ذَلِك بِهِ اللِّسَان لانت خشونته.وَمَتى ألْقى مِنْهُ طاقات فِي اللَّبن لم يتجبن.قَالَ ج: فِي السَّادِسَة النعنع أقل إسخانا من القوتنج النهرى وَقُوَّة الفوتنج النهرى فِي الثَّالِثَة من الْحر. والنعنع مثل الفوتنج البستاني فِي الإسخان والفوتنج النهرى مثل النعنع البرى. والنعنع من أجل أَنه يزرع فِي الْبَسَاتِين قد اكْتسب رُطُوبَة فَهُوَ لذَلِك يُحَرك الْجِمَاع تحريكا يَسِيرا.وَهَذَا شىء عَام مُشْتَرك لجَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي فِيهَا رُطُوبَة فضل غير نضيجة نضجاً تَاما وَمن أجل هَذَا المزاج صَار بعض النَّاس يدقه ويضعه مَعَ دَقِيق شعير على الخراجات والدبيلات فينفعها وَهَذَا شىء لَا يقدر عَلَيْهِ الفوتنج النهرى لِأَنَّهُ يسخن ويجفف بِأَكْثَرَ مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ وَفِيه مَعَ هَذَا شىء من المرارة والعفوصة فَهُوَ بِسَبَب مرارته يقتل الديدان وبسبب عفوصته يقطع نفث الدَّم مَا دَامَ لم يعْتق إِذا شرب بالخل الممزوج.)وجوهره فِي اللطافة على أَكثر مَا عَلَيْهِ غَيره من النَّبَات.لى أَحسب أَن هَذَا يُرِيد بِهِ الفوتنج لِأَن النعنع لَيْسَ ألطف مَا يكون وَفِيه رُطُوبَة فضلية وَيحْتَاج إِلَى نظر بعد.ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي آخر الثَّانِيَة يسخن الْمعدة ويسكن الغثيان البلغمى ويجشىء ويعين على الهضم.وخاصته تسكين القىء البلغمى وتطيب الْمعدة وينفع الفواق البلغمى إِذا شرب مُفردا وَإِذا شرب بِمَاء النمام.نمام قَالَ فِيهِ د: الَّذِي ينْبت مِنْهُ بَين الصخور منتصب القوام يدر الطمث إِذا شرب ويدر الْبَوْل وينفع من رض العضل وورم الكبد الصلب الفلغموني وضرر الْهَوَام شرب أَو تضمد بِهِ.وَإِذا طبخ بالخل مَعَ دهن ورد وصب على الرَّأْس سكن الصداع.وَإِذا شرب وَافق خَاصَّة مرض ليثرغس وقرانيطس.وَإِذا شرب مِنْهُ أَربع درخميات سكن قىء الدَّم وَفِي نُسْخَة أُخْرَى: سكن القىء مُطلقًا.وَأما البرى فبزره إِذا شرب بِالشرابِ وَافق تقطير الْبَوْل والحصى وَسكن المغس والفواق.ويضمد بِوَرَقَة الصدغ والجبهة للصداع وللسع الزنابير والنحل على الْموضع.وَمَتى شرب سكن القىء. ج: فِي السَّادِسَة: إسخان هَذَا الدَّوَاء بليغ يبلغ أَن يدر الْبَوْل والطمث وَلِهَذَا يعْطى مِنْهُ
(6/429)
بولس: السيسنبر حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة لطيف مُحَلل وبزره أقوى مِنْهُ وَلِهَذَا يعْطى مِنْهُ أَصْحَاب الفواق وَمن بِهِ مغس مَعَ الشَّرَاب.وَمَا ذكر ابْن ماسويه فِيهِ قد ذَكرْنَاهُ فِي ذكر المرزنجوش.ابْن ماسويه: النمام يفتح سدد المنخرين. وخاصته النَّفْع من لسع الزنابير مَتى شرب مِنْهُ مِثْقَال بالسكنجبين.نبق ج فِي السَّابِعَة: فِي هَذِه الشَّجَرَة كَيْفيَّة قبض لَيْسَ بِكَثِير وَهِي مَعَ هَذَا لَطِيفَة مجففة.وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَن نشارة خشبها ينفع من النزف من الْأَرْحَام وقروح المعى والذرب.وَهَذِه النشارة يطْبخ بِالْمَاءِ مرّة وبالشراب أُخْرَى على حسب مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة وَيسْتَعْمل فِي الحقن ويشد أصُول الشّعْر وَذَلِكَ دَلِيل على أَن فِيهَا شَيْئا من قبض مَعَ تجفيف معتدل.وَقد قُلْنَا فِي ذكر اللاذن: إِن كل دَوَاء يشد أصُول الشّعْر وينبته فَلهُ مثل هَذِه الْقُوَّة.وَقَالَ اريبارسيوس مَكَان قَول ج الذرب: إِنَّه ينفع من الإسهال الْعَارِض من ضعف الْمعدة وَاخْتِلَاف الدَّم.قَالَ: وَلَيْسَ إِنَّمَا يحقن بطبيخ هَذَا النَّبَات بل قد يشرب أَيْضا.وَسَوِيق النبق نَافِع للمعدة عَاقل للبطن.وطبيخ نشارة خشبه إِذا شرب أَو احتقن بِهِ نفع قرحَة المعى وسيلان الرطوبات المزمنة من الْأَرْحَام ويحمر الشّعْر لى رَأَيْت النبق متخما يُولد الهيضة إِذا أَكثر مِنْهُ ابْن ماسويه: يقمع الصَّفْرَاء.نوشادر قَالَ بديغورس: إِنَّه يذوب ويرفق ويلطف.نارنكس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة بزر هَذَا النَّبَات يسخن ويلطف وجوهره مَا دَامَ طريا فِيهِ شىء من قبض فَلذَلِك ينفع نفث الدَّم وانطلاق الْبَطن.نوارس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا يحلل بِلَا لذع حَتَّى أَن النَّاس قد وثقوا مِنْهُ أَنه يلحم العصب الْمُنْقَطع.وأصوله خَاصَّة أَكثر فعلا.وطبيخه يسقى لمن بِهِ عِلّة فِي عصبه.
(6/430)
نوغالى:
(6/431)
ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يقبض قبضا معتدلا. ويظن أَنه إِن شرب زَاد فِي اللَّبن فان كَانَ كَذَلِك فلبه حَار رطب.نوغا نيطس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: لهَذَا من المرارة والبشاعة أَمر عَظِيم وَلذَلِك لَا ينفع من أَشْيَاء كَثِيرَة. وَقد يسْتَعْمل كالضماد فِي مَوَاضِع الضَّرْب وَفِي جلاء الكلف فِي الْوَجْه.نولوفيش فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يسخن ويجفف فِي الثَّانِيَة فَلذَلِك يدمل مَوَاضِع الضَّرْب.نوليموس ج فِي الثَّامِنَة: هُوَ لطيف مجفف وَلذَلِك يسقى أُصُوله بِالشرابِ لوجع الورك وقروح المعى وصلابة الطحال.نوطا حيطن ج فِي الثَّامِنَة: هُوَ يبرد وَيقبض مثل عَصا الراعى إِلَّا أَنه أغْلظ جوهرا مِنْهُ.نيلج ج فِي التَّاسِعَة: قوته قُوَّة حارة تقبض أَكثر من الزنجفر وَفِيه مَعَ هَذَا قبض.وَهُوَ المنفذ دَوَاء يعرف بِهَذَا الِاسْم.سلمويه: هَذَا دَوَاء لطيف حَار وشحمه الْأَخْضَر الْمَوْجُود فِي جَوْفه قباض فَلذَلِك ينفع من انطلاق الْبَطن وَنَفث الدَّم.نسرين قَالَ بولس: أما نَبَاته كُله فان لَهُ قُوَّة مسخنة لَطِيفَة الْأَجْزَاء وَهَذِه الْقُوَّة فِي زهره أَكثر لاسيما إِذا كَانَ يَابسا حَتَّى أَنه يدر الطمث وَيقتل الأجنة ويخرجها.وَمَتى خلط بِهِ مَاء حَتَّى يكسر قوته صلح أَيْضا فِي الأورام الحارة وَلَا سِيمَا الَّتِي تكون فِي الرَّحِم.وأصوله أَيْضا لَهَا قُوَّة قريبَة من هَذِه الْقُوَّة إِلَّا أَنَّهَا أغْلظ أَجزَاء وَأكْثر أرضية وَهُوَ يحلل الأورام الحارة الجاسية إِذا صيرت مَعَ الْخلّ.ابْن ماسه: حَاله كَحال النرجس وَكَذَلِكَ زهره.ودهنه مَحْمُود للشوصة المتولدة من السَّوْدَاء نَافِع من أوجاع الْأَرْحَام.ماسرجويه: إِنَّه شَبيه الْقُوَّة بالياسمين إِلَّا أَنه أقل حرارة مِنْهُ وأخف على الطباع وَأَقل يبسا أَيْضا.نَار مشك بديغورس: خاصته الترقيق والتلطيف.ماسرجويه: إِنَّه يَابِس فِي الثَّانِي حَار فِي الأولى ويرقق ويلطف.ابْن ماسويه: قوته كقوة الناردين.نارجيل قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار فِي وسط الثَّانِيَة رطب فِي الأولى وَدَلِيل
(6/432)
رطوبته سرعَة تغيره وَهُوَ بطىء الانهضام فِي الْمعدة. وَالْمُخْتَار مِنْهُ الحَدِيث الْأَبْيَض العذب المَاء وَيجب للمحرورين أَن يجتنبه. والعتيق مِنْهُ يخرج حب القرع.ودهنه نَافِع من الرّيح الْعَارِضَة فِي الظّهْر والوركين والبواسير المتولدة من البلغم والسوداء إِذا شرب مَعَ دهن نوى المشمس أَو الخوخ.وَإِن طليت بِهِ البواسير نفع مِنْهَا.وماؤه يزِيد فِي الباه.ماسرجويه: إِنَّه حَار حَابِس للبطن.سندهشار: إِنَّه يحد الذِّهْن ويسهل وينفع من وجع المثانة.قَالَ د: قوته مسخنة ملهبة مجففة. مَتى شرب بشراب نفع من المغس وعسر الْبَوْل ويدر الطمث وَالْبَوْل ويخلط فِي أدوية الذراريح ليضاد عسر الْبَوْل وَفِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تقشر البهق والبرص.وَإِذا سحق بالعسل وضمد بِهِ قلع كمنة الدَّم تَحت الْعين.وَإِن شرب أَو تلطخ بِهِ أحَال لون الْجِسْم إِلَى الصُّفْرَة.وَإِن تدخن بِهِ مَعَ الزفت والراتينج نقى الرَّحِم. ج: أَنْفَع مَا فِيهِ بزره وقوته مسخنة مجففة ملطفة وَفِي طعمه أَيْضا مرَارَة يسيرَة وحراقه وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ الْبَوْل ويحلل فليوضع فِي الثَّالِثَة من الإسخان والتجفيف نَحْو وَسطهَا إِلَى آخرهَا.أريباسيوس: بزره يسخن إسخانا شَدِيدا وَهُوَ لطيف مدر للبول مُحَلل.بولس: النانخة حارة تدر الْبَوْل وتغزر الطمث وتفتح سدد الأحشاء.)ابْن ماسويه: يدر الْبَوْل والطمث وَيحل الرِّيَاح يزِيل المغس الْحَادِث من الرّيح والبلغم ويسخن الْمعدة والكبد.وَإِن أَكثر مِنْهُ صفر اللَّوْن.أَبُو جريج: طبيخه يحل النفخ الْبَتَّةَ.وحبة يذهب بالبلة والحميات العتيقة.وطبيخه يصب على لسع الْعَقْرَب فيسكن الوجع على الْمَكَان.الْفَارِسِي: إِنَّه يقطع الْقَيْح الَّذِي فِي الصَّدْر والمعدة ويسكن الرِّيَاح ويهضم الطَّعَام جيد لوجع الفواد والغثيان وتقلب النَّفس وَمن لَا يجد طعم الطَّعَام.سلمويه: إِنَّه يدر الْبَوْل والطمث جيد للكلى وَيفتح سدد الأحشاء.ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة يدر الطمث وَالْبَوْل ينفع الكلى وينقيها وينفع المثانة والكبد وينفع من لسع الْهَوَام.
(6/433)
والإكثار مِنْهُ يسود اللَّوْن.وَقَالَ فِي ذكر لخواص الْأَدْوِيَة: إِن خاصته إدرار الْبَوْل الْعسر.نريفش قَالَ د: إِن لبنه مَتى أكل رطبا نفع من نفث الدَّم والإسهال المزمن.ويسقى أَيْضا لنهش الأفعى بِالشرابِ.وَإِن جعل فِي المنخرين قطع الرعاف.وبزره إِذا شرب نفع من المغس.وَإِن أكل سَاقه صرّع. وَيعْمل بالملح ويؤكل.نعام قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بطىء فِي الْمعدة كثير الرُّطُوبَة.وَقَالَ ج فِي الكيموسين: إِن أعضاءه كلهَا عسرة الهضم كَثِيرَة الفضول وأجنحتها صلبة ليفية عضلية.نيلوفر أَصله مَتى شرب نفع من الإسهال المزمن.ونفع من قرحَة المعى وحلل ورم الطحال.ويضمد بِهِ لوجع المثانة. وَإِذا خلط بِالْمَاءِ وصير على البهق أذهبه. وَإِن خلط بزفت وصير على دَاء الثلعب أَبْرَأ.وَيشْرب للاحتلام فيسكنه. وَمَتى أدمن شربه أَضْعَف ذكر شَاربه. وبزره أَيْضا يفعل مَا يَفْعَله الأَصْل فِي هَذِه الْأَشْيَاء جَمِيعًا.والصنف الْأَصْفَر الزهر الْأَبْيَض الأَصْل إِذا شرب أَصله وورقه بشراب نفعا من سيلان الرُّطُوبَة المزمنة من الرَّحِم.وَقَالَ ج فِي نيمقا وَفَسرهُ حنين بنيلوفر: إِن أَصله وبزره يجففان بِلَا لذع فَلذَلِك يحبس الْبَطن وَيقطع سيلان المنى والاحتلام وينفع من قُرُوح المعى.وَمَا كَانَ مِنْهُ أَبيض الأَصْل فَهُوَ أقوى من الْأسود حَتَّى أَنه يقطع نزف الدَّم الْحَادِث للنِّسَاء وَيشْرب الْأَبْيَض الأَصْل وَالْأسود لهَذِهِ الْعلَّة بشراب قَابض وَفِيهِمَا جَمِيعًا قُوَّة جالية وَلذَلِك يشفيان البهق وداء الثَّعْلَب. فاذا عولج بهما البهق عَجنا بِالْمَاءِ. وَإِذا عولج بهما دَاء الثَّعْلَب عَجنا بالزفت الرطب والطلاء.والأنفع فِي هَاتين العلتين الْأسود الأَصْل وَفِي الْعِلَل الْأُخَر الْأَبْيَض الأَصْل.أريبارسيوس: مَكَان البهق الرص.ابْن ماسويه حَيْثُ ذكر أفاعيل البنفسج: هُوَ أَكثر فعلا لهَذِهِ الْأَفْعَال من البنفسج النيلوفر.وَقَالَ ابْن ماسه: إِنَّه بَارِد رطب فِي الثَّالِثَة لطيف غواص يسبت وَيذْهب بالسهر.وَقَالَت الخوز: أصل النيلوفر الهندى قوته كقوة اليبروح.
(6/434)
شراب النيلوفر جيد للسعال والشوصة ملين للبطن ويطفىء جدا.)نيطافلن قَالَ د: طبيخ أصل هَذَا النَّبَات مَتى طبخ بِالْمَاءِ حَتَّى ينقص الثُّلُث وَأمْسك فِي الْفَم سكن وجع الْأَسْنَان. وَإِذا تمضمض بِهِ منع القروح الخبيثة من أَن تنبسط فِي الْفَم. وَإِذا تغرغر بِهِ نفع من خشونة الْحلق.وَإِذا شرب نفع من إسهال الْبَطن وقرحة المعى ووجع المفاصل وعرق النسا.وَمَتى دق نَاعِمًا وطبخ بالخل وتضمد بِهِ منع النملة من السعى فِي الْجِسْم.وَقد يحلل الْخَنَازِير والأورام الصلبة والبلغمية وتورم الشريان عِنْد الفصد والدبيلات والحمرة والداحس والبواسير الناتئة فِي المقعدة ويبرىء الجرب.وعصارو أَصله إِذا كَانَ طريا صلح لوجع الكبد ووجع الرئة والأدوية القتالة.وَقد يشرب الْوَرق بأدرومالى أَو بشراب ممزوج مَعَ شىء يسير من الفلفل لحمى الرّبع وَالْغِب والورد فيشرب للورد ورق غُصْن وَاحِد وللغب ورق غُصْنَيْنِ وللربع أَرْبَعَة أَغْصَان. وَإِن شرب الْوَرق ثَلَاثِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَة من الصرع.وعصارة الْوَرق إِذا شرب مِنْهَا عشرَة أَيَّام فِي كل يَوْم مِقْدَار ثَلَاث قوانوسات أبرأت اليرقان.وَمَتى تضمد بالورق مَعَ الْملح وَالْعَسَل أَبْرَأ الخراجات والبواسير والداحس.وَقد ينفع من قيلة المَاء. وَإِذا شرب هَذَا النيات أَو تضمد بِهِ قطع نزف الدَّم.وَقد يسْتَعْمل هَذَا النَّبَات فِي التَّطْهِير للهياكل.وَيَزْعُم بعض النَّاس أَن هَذَا هُوَ الفنجنكشت وَتَفْسِيره نيطافلن ذُو خمس وَرَقَات. فَأَما الفنجنكشت فانه بِالْفَارِسِيَّةِ وَتَفْسِيره ذُو خمس وَرَقَات وباليونانية: اعيس.وَزعم حنين أَن صيادنة الْعرَاق يعْرفُونَ هَذَا الدَّوَاء بِهَذَا الِاسْم وَإِنَّمَا يُوجد مِنْهُ عِنْدهم أَصله فَقَط.وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة فِي نيطافلن: إِن أصل هَذَا الدَّوَاء يجفف بِقُوَّة وَلَيْسَت لَهُ حِدة وَلَا حرافة أصلا وَلذَلِك هُوَ نَافِع كنفع جَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي تجفف بِلَا لذع. وتجفيفه كَأَنَّهُ فِي الثَّالِثَة وَلَا حرارة فِيهِ.نُحَاس أما المحرق فَقَالَ د: إِنَّه يقبض ويجفف ويلطف ويجذب وينقى القروح ويدملها ويجلو غشاؤة الْعين وَينْقص اللَّحْم الزَّائِد وَيمْنَع الساعية.وَمَتى شرب بأدرومالى ولعق بِعَسَل أَو تحنك بِهِ أهاج القىء.وخبث النّحاس شَبيه الْقُوَّة بِهِ إِلَّا أَنه أَضْعَف.
(6/435)
وَأما زهرَة النّحاس وَصفته فِي كتاب الصَّنْعَة فقوته قابضة تنقص اللَّحْم الزَّائِد وتجلو غشاؤه وَمَتى شرب مِنْهُ أَرْبَعَة أبولسات أسهل كيموسا غليظا وأذاب اللَّحْم الزَّائِد فِي بَاطِن الْأنف والمقعدة. وَإِذا خلطت بِالْخمرِ أذهبت البثور.وَمَا كَانَ من زهرَة النّحاس أَبيض وسحق وَنفخ فِي الْأذن بمنفخة نفع من الصمم المزمن. وَإِذا خلط بِعَسَل وتحنك بِهِ حلل أورام اللهاة والنغانغ.وَأما توباله فَيقبض ويعصر ويلطف وَيمْنَع القروح الخبيثة من الانتشار ويدمل وَإِذا شرب بِالشرابِ الَّذِي يُقَال لَهُ مَاء القراطن أسهل كيموسا مائيا. وَمن النَّاس من يسْقِيه بعد عجنه بدقيق الْحِنْطَة وَيعْمل مِنْهُ حبا.وَيَقَع فِي أدوية الْعين ويجفف القروح الْعَارِضَة فِيهَا ويحلل الخشونة الْحَادِثَة فِي الجفون.وَأما الزنجار فقوته مثل قُوَّة التوبال إِلَّا أَنه أقوى وكل أَصْنَاف زنجار النّحاس فقابض مسخن يجلو الْآثَار الْعَارِضَة فِي الْعين عَن اندمال القروح ويلطف ويذرى الدُّمُوع وَيمْنَع الساعية من الانتشار فِي الْبدن والخراجات أَن ترم.وَإِذا خلط بالموم وَالزَّيْت أدمل القروح. وَإِذا طبخ بالعسل نقي القروح الوسخة والبواسير الجاسية. وَإِذا خلط بالأشق وعملت مِنْهُ فتائل أذابت جسو البواسير الجاسية وينفع أورام اللثة وانتفاخها.وَإِذا خلط بالعسل واكتحل بِهِ حلل الجسو الْعَارِض فِي الجفون وليكحل بِهِ بعد أَن تكمد الْعين باسفنجة مبلولة بِمَاء سخن.وَإِذا خلط بصمغ البطم والنطرون والنحاس المحرق قلع الجرب.قَالَ ج فِي الزنجار: إِن لَهُ كَيْفيَّة حادة يجدهَا فِيهِ من يذوقه وَهُوَ يحلل وَينْقص اللَّحْم الزَّائِد)ويذيبه لَا اللَّحْم الرخو فَقَط بل والصلب.وَمَتى جعل مِنْهُ بِطرف الْميل شىء قَلِيل على القروح الَّتِي فِيهَا لحم زَائِد وجدهَا من غَد قد اسْتَوَت وضمرت وَلذَلِك يظنّ قوم بغلط مِنْهُم أَنه يدمل على أَنه لَيْسَ كَذَلِك وَذَلِكَ أَنه مَتى جعل مِنْهُ فضل قَلِيل نَقصهَا وأكلها. والأدوية الَّتِي تدمل لَا تَأْكُل اللَّحْم بل تجمعه وتصلبه.والزنجار لَيْسَ يلذع القروح فَقَط بل تلذع اللِّسَان فِي مذاقته أَيْضا. وَمَتى خلط الْيَسِير مِنْهُ بقيروطى كثير صَار يجلو الْمُتَّخذ مِنْهُ جلاء لَا لذع مَعَه وَذَلِكَ الْفِعْل حِينَئِذٍ لجملة المراكب لَا للزنجار.وَقَالَ فِي قشر النّحاس: إِنَّه ينقص اللَّحْم الزَّائِد ويذيبه أَكثر من قشور الْحَدِيد.وَجَمِيع القشور تجفف تجفيفا شَدِيدا. وَالْفرق بَين بَعْضهَا وَبَعض أَنَّهَا تجفف أَكثر وَأَقل.
(6/436)
وقشور المسامير تجفف أَكثر من الْجَمِيع لِأَنَّهَا ألطف من سَائِر القشور وَذَلِكَ لِأَن فِيهَا وَأما قشور الْحَدِيد فالقبض فِيهَا أَكثر وَهُوَ فِي قشور الشابرقان أَكثر مِنْهُ فِي قشور اللين وَلذَلِك صَار هَذَانِ القشران أَنْفَع فِي الخراجات الخبيثة من قشور النّحاس.وقشور المسامير هِيَ تذيب اللحوم اللين أَكثر من قشور النّحاس.وكل القشور يلذع لذعا بالذوق وَهَذَا يدل على أَن جوهرها لَيْسَ بِكَثِير اللطافة.وَقَالَ فِي النّحاس المحرق: إِن فِيهِ شَيْئا حارا وَله مَعَ هَذَا قبض وَلذَلِك مَتى غسل كَانَ مِنْهُ دَوَاء جيد لإلحام الْجِرَاحَات وإدمالها وَقد يُمكن فِيهِ أَن يفعل ذَلِك قبل الْغسْل أَيْضا وخاصة فِي الْأَبدَان الصلبة وَأما الْأَبدَان اللينة فالمغسول أَنْفَع لَهَا.فَأَما توبال النّحاس فقوته أَيْضا لَطِيفَة ألطف من قُوَّة النّحاس المحرق وَمن قشور النّحاس وَلذَلِك صَار الشياف الَّذِي يَقع فِيهِ هَذَا التوبال يجلو ويقلع ويحلل من الأجفان الخشونة الْكَثِيرَة الَّتِي يُقَال لَهَا: سوقوموس.أريباسيوس: مَتى خلط قَلِيل من الزنجار بِكَثِير من الشمع الْمُذَاب بالدهن كَانَ الْمركب مِنْهُ لَهُ جلاء من غير لذع.وَيجب أَن تعلم من هَهُنَا أَن قانون المدملة أَن تكون جلاءة بِلَا لذع مجففة.وَقَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: إِن توبال النّحاس يسهل إِذا شرب إسهالا كثيرا.الخوز: سحالة النّحاس جيد للعين الرّطبَة المترخية الَّتِي يكثر الدمع فِيهَا.)وَقَالُوا أَيْضا: إِن النّحاس المحرق بَارِد يَابِس ينفع من وجع الْعين وانفجار الدَّم والمطث. نطرون قَالَ د: قوته شَبيهَة بِقُوَّة الْملح ويفضل عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يسكن المغس إِذا سحق مَعَ الكمون وَشرب بِالشرابِ أَو بِمَاء طبيخ السذاب والشبث.وَيمْسَح بِهِ لبَعض الحميات الآخذة بأدوار قبل الدّور بِالْقربِ من النَّار مَعَ الزَّيْت أَو بعض الْأَدْوِيَة الَّتِي تعْمل لذَلِك.وَيَقَع فِي المراهم الجاذبة وأدوية الجرب. وَمَتى قطر فِي الْأذن مَعَ خمر وَمَاء أبرأها من الرّيح والدوى والطنين والرطوبة السائلة مِنْهَا. وَإِن خلط بالخل وقطر فِيهَا نقى أوساخها.وَمَتى خلط بشحم الْحمار أَو الْخِنْزِير أَبْرَأ عضة الْكَلْب الْكَلْب.وَمَتى خلط بشحم البط أنضج الأورام. وَمَتى خلط بصمغ البطم فتح أَفْوَاه الدماميل. ويتضمد بِهِ مَعَ القير للاستسقاء.وَمَتى اكتحل بِهِ مَعَ عسل أحد الْبَصَر.وَمَتى شرب بِالْمَاءِ دفع مضرَّة الذراريح الَّتِي يُسمى يونونطش. وَمَتى شرب مَعَ الأنجدان دفع
(6/437)
وَيعْمل مِنْهُ ضماد نَافِع للهزال. ويخلط بقيروطى. ويضمد بِهِ للفالج الَّذِي يعرض مِنْهُ ميل الرَّقَبَة إِلَى خلف فِي انحطاط الْعلَّة وَلَا لالتواء العصب.وَقد يخلط بالعجين ويخبز لمن بِهِ استرخاء فِي أَسْنَانه.أبقراط فِي كتاب الخربق: إِن النطرون والأملاح الَّتِي يرام أَن تحل ويسخن بهَا الْجلد فانها لَا تسخن لِأَنَّهَا إِذا حلت بردت أَكثر مِمَّا تسخن.أريباسيوس: لَا يجب أَن يُؤْكَل النطرون إِلَّا لأمر عَظِيم إِن اضْطر إِلَى ذَلِك.نورة قَالَ د: المعمولة من الرخام أفضلهَا وجميعها ملهب لذاع بُخَارى.وَمَتى خلط مَعَ الشَّحْم وَالزَّيْت كَانَ منضجا ملينا محللا مدملا والْحَدِيث أقوى من الْعَتِيق والحى من المطفأ.وَقَالَ ج: إِن غير المطفأ يحرق إحراقا شَدِيدا حَتَّى أَنَّهَا تحدث قشرة صلبة محترقة. فَأَما مَا أطفىء مِنْهَا فانها سَاعَة تطفأ تحدث قشرة محترقة ثمَّ إِنَّهَا بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ يقل إحراقها فاذا أزمنت بَطل ذَلِك مِنْهَا إِلَّا أَنَّهَا تسخن وتذوب اللَّحْم.فان غسلت النورة سلخت حدتها ولذعها فِي المَاء وَصَارَ مَاؤُهَا معفنا وَصَارَت هِيَ تجفف بِلَا لذع فان غسلت مرّة ثَانِيَة ومرارا كَثِيرَة صَارَت لَا لذع لَهَا أصلا. صَارَت تجفف تجفيفا شَدِيدا من غير لذع.نمر الخوزى: شحمه أعظم دَوَاء للفالج ومرارته قاتلة ومرارة اليبر أنفذ فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ شحمه.وَقيل فِي ثَبت الْأَسْمَاء: شَحم النمر نَافِع جدا للفالج ومرارته قاتلة من ساعتها.السمُوم: مرَارَة النمر قاتلة من ساعتها.انْقَضى حرف النُّون
(6/438)
3 - (بَاب الْوَاو)وَج قَالَ د: رَائِحَته حريفة وَقُوَّة أَصله حارة إِذا سلق وَشرب مَاؤُهُ أدر الْبَوْل ونفع من أوجاع الْجنب والصدر والكبد والمغس وشدخ العضل ويحلل ورم الطحال وينفع من تقيطر الْبَوْل ونهش الْهَوَام وَيجْلس فِي طبيخه لوجع الْأَرْحَام.وَأما عصارة الوج فانها تجلو ظلمَة الْبَصَر.وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّمَا يسْتَعْمل مِنْهُ أَصله فَقَط وَهُوَ حَار حريف فِي طعمه مرَارَة يسيرَة وَلَيْسَت لَهُ رَائِحَة ردية.وَمن ذَلِك يعلم أَن قوته حارة حريفة وجوهره لطيف وَيشْهد على ذَلِك إدراره الْبَوْل. وَإنَّهُ ينفع صلابة الطحال ويجلو ويلطف مَا يحدث من الغلظ فِي الطَّبَقَة القرنية من طَبَقَات الْعين وأنفع مَا يكون مِنْهُ لهَذَا عصارة أَصله.وَمن الْبَين أَنه يجفف لَا محَالة فليوضع إِذا فِي الثَّالِثَة فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا.بديغورس: خاصته طرد الرِّيَاح وتنقية الْمعدة وتقوية الكبد.وَقَالَ اريباسيوس: إِنَّه شَدِيد الْحَرَارَة واليبس لطيف الْأَجْزَاء فِي قوامه ولذالك صَار يُحَرك الْبَوْل وينفع من الطحال الَّذِي قد صلب وتحجر.الْفَارِسِي: الوج يذهب بالنفخة والضربان وينفع من السدة ويجفف المفاصل الرّطبَة ويصفى اللَّوْن وَيزِيد الباه. ج فِي الثَّانِيَة من طيماوس: الوج يجلو بِلَا لذع وطبيعته مثل طبع الزراوند وأصل السوسن.ماسرجويه: يحلل الرّيح الَّتِي تكون تَحت الطحال.سندهشار: هوجيد لثقل اللِّسَان.ابْن ماسويه وَابْن ماسه: خَاصَّة الوج ترقيق الْبيَاض وإذهابه.وزغ ذكر فِي الْعين مَعَ عظاية.ورد الْحبّ هُوَ كسلح.وسخ قَالَ د: إِن الْمُجْتَمع مِنْهُ فِي حيطان مَوَاضِع الرياضة على الْأَصْنَام يسخن ويحلل الخراجات الْعسرَة قَالَ: والمجتمع مِنْهُ على أبدان المصارعين ينفع من العقد الْعَارِضَة فِي البراجم إِذا وضع عَلَيْهَا.
(6/439)
وينفع من عرق النسا إِذا وضع على الْمَوَاضِع بدل المراهم والكماد.وَقَالَ أَيْضا: وسخ كوارات النَّحْل قوته قُوَّة مسخنة جدا جاذبة للسلاء وَغَيرهَا من اللَّحْم.وينفع مَتى تبخر بِهِ من السعال المزمن ويجلو القوابي جلاء قَوِيا.والمجتمع مِنْهُ فِي حيطان الحمامات يسخن ويلين ويحلل وينى اللَّحْم ويوافق الشقاق الَّذِي فِي المقعدة والبواسير مَتى لطخ عَلَيْهَا.وَقَالَ ج: إِنَّه يلين تَلْيِينًا معتدلا.بولس: إِنَّه يسخن قَلِيلا ويلين وَيصْلح لأنواع الشقاق فِي المقعدة.وَقَالَ ج فِي وسخ الْحمام: إِنَّه يلين تَلْيِينًا معتدلا.وَقَالَ وسخ الكور فِي الثَّامِنَة: قوته تجلو جلاء وسطا وتجذب جذبا قَوِيا. لِأَن جوهره جَوْهَر لطيف وَهُوَ يسخن فِي الثَّانِيَة قَرِيبا من آخرهَا وَفِي الثَّالِثَة عِنْد ابتدائها.وَقَالَ فِي الثَّامِنَة أَيْضا: والوسخ الَّذِي يُوجد فِي التمايثل الَّتِي يحرق عِنْدهَا زَيْت كثير مُحَلل ملين والوسخ الْمُجْتَمع على أبدان المصارعين فبحسب مَا فِيهِ من الْغُبَار يُخَالف الأول.وَأما وسخ التماثيل فمحلل للخراجات غير النضيجة وَالَّذِي من الكراع نَافِع من الأورام الْحَادِثَة فِي الثديين وَذَلِكَ أَنه يطفىء لهيبها وَيمْنَع مَا ينصب ويحلل مَا قد انصب لِأَنَّهُ مركب من غُبَار وزيت ووسخ الْأَبدَان وعرقها يحلل.فَأَما وسخ التماثيل فَلِأَنَّهُ يكْتَسب حِدة من تماثيل النّحاس فَهُوَ أَجود.وَقَالَ فِي الْعَاشِرَة حَيْثُ أفرد ذكره: إِن الْوَسخ إِنَّمَا هُوَ بَقِيَّة غَلِيظَة أرضية تبقى من الشىء الَّذِي يتَحَلَّل من جَمِيع الْبدن تحليلا خفِيا وَمن هَذَا تعلم أَن قوته مجففة وَأَن فِيهِ مَعَ ذَلِك شَيْئا من)الْحَرَارَة.وَقد قيل فِي وسخ الْأذن: إِنَّه ينفع من الداحس.وَقَالَ أريباسيوس: وسخ الكور قوى الإسخان شَدِيد الْجلاء صَالح لطيف الْجَوْهَر.وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن وسخ الْحمام يلين تَلْيِينًا معتدلا.ورد قَالَ د: إِنَّه بَارِد واليابس مِنْهُ أَشد قبضا من الطرى.وعصارة الْورْد الرطب إِذا قطع عَن ورقه أَطْرَافه الْبيض وطلى على الْعين فِي الأورام الحارة نَفعهَا.فان طبخ الْيَابِس بشراب كَانَ صَالحا لوجع الرَّأْس وَالْعين وَالْأُذن واللثة إِذا تمضمض بِهِ والمقعدة إِذا لطخ بريشة وَالرحم والمعى الْمُسْتَقيم.وَمَتى طبخ ورق الْورْد وَلم يعصر وتضمد بِهِ نفع من الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي المراق وَمن بلة الْمعدة والحمرة.وَيدخل فِي الأكحال وأدوية الخراجات.
(6/440)
وبزر الْورْد مَتى ذريابسا على اللثة الَّتِي ينصب إِلَيْهَا الفضول كَانَ صَالحا.وأقماع الْورْد إِذا شربت قطعت الإسهال وَنَفث الدَّم.ولدهن الْورْد قُوَّة قابضة مبردة تسهل الْبَطن إِذا شرب ويطفىء التهاب الْمعدة ويبنى اللَّحْم فِي القروح العميقة ويسكن رداءة الردية مِنْهَا. وَيصْلح للقروح الرّطبَة فِي الرَّأْس والصراع والصداع فِي ابْتِدَائه.ويتمضمض بِهِ لوجع الْأَسْنَان. وَيصْلح للجفن الَّذِي فِيهِ غلظ إِذا اكتحل بِهِ.وَإِذا احتقن بِهِ نفع من قرحَة المعى وَالرحم.يتَّخذ مِنْهُ أخلاط أَقْرَاص طيبَة الرَّائِحَة تصلح نَتن الْعرق وتطيب الْبدن على هَذِه الصّفة يُؤْخَذ من الْورْد الَّذِي لم يصبهُ مَاء فَيتْرك حَتَّى يضمر وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالا وَمن سنبل الطّيب خَمْسَة مَثَاقِيل وَمن المرستة مَثَاقِيل تعْمل أقراصا وترفع وَيمْسَح الْجِسْم وَيغسل بهَا فِي الْحمام نَافِع لما ذكرنَا.وَأما شراب الْورْد فاذا اسْتَعْملهُ من معدته وَجَعه نَفعه وَإِن كَانَت لَا تهضم الطَّعَام وشربه نَفعه ونفع من الإسهال المزمن وقرحة المعى.)وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قد ذكرنَا فِيمَا تقدم أَنه مركب من جَوْهَر مائى مَعَ طعم قَابض وَطعم مر وَقد وَصفنَا أَصْنَاف هَذِه الطعوم.وَأما بزر الْورْد فَهُوَ أَشد قبضا من الْورْد فَهُوَ أَيْضا لذَلِك مجفف.وَيُسمى اريباسيوس هَذَا الَّذِي سَمَّاهُ جالينوس بزر الْورْد وَهُوَ البزر الَّذِي فِي وَسطه.بولس: الْورْد من حرارة وقيض ومرارة وزهرة يقبض قبضا أَكثر وَمن هَهُنَا يجفف.قَالَ: وأصل شَجَرَة الْورْد مركب لَهُ قُوَّة محللة وَهُوَ حَار فِي الثَّانِيَة لطيف.ابْن ماسويه: الْورْد بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة شمه نَافِع لأَصْحَاب الصَّفْرَاء وَمن بِهِ حرارة مسكن للصداع الصفراوى والعارض من حرارة الدَّم نَافِع للبخار الحاد الحريف الْعَارِض مِنْهَا والأوجاع الحارة مهيج للعطش للصفراويين الحارى الأدمغة.إِذا ربب بِعَسَل جلا مَا فِي الْمعدة من البلغم وَإِذا ربب بسكر فعل ذَلِك.لى جرب غير وَاحِد من أصدقائى ورق الْورْد الرطب أخذُوا مِنْهُ عشرَة دَرَاهِم فأسهلهم عشرَة مجَالِس وَأكْثر وَأَقل وَكَذَلِكَ عصارته.وَإِن الْورْد إِذا جف كَانَ أَشد قبضا لِأَن المرارة تُفَارِقهُ حِينَئِذٍ إِلَّا قَلِيلا لَكِن التجفيف فِي الْورْد قوى لِأَنَّهُ مركب من الْقَابِض والمر والثوم عَلَيْهِ يقطع البلة ويسهل إسهالا كثيرا.وَقَالَ ج فِي الثَّالِثَة: الْقَبْض فِي الْورْد يسير وَإِنَّمَا يقبض بِقدر مَا لَا ينَال الْأَجْسَام الَّتِي تَلقاهُ من الْقُوَّة المركبة مِقْدَار مَا يتَحَلَّل بِهِ قوتها وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ من الْعجب أَن ينفع من الأورام الدموية وخاصة فِي تزييدها لِأَن فِيهِ قبضا مَا.
(6/441)
وَأما دهن الْورْد فَلِأَن قَبضه أفضل مَا تداوى بِهِ هَذِه الأورام فِي وَقت تصفرها.ماسرجويه: الْورْد جيد للمعدة والكبد جيد للحمى الَّتِي تكون من عِلّة الكبد والمعدة.حَكِيم بن حنين: مَاء الْورْد نَافِع لانصباب الْموَاد إِلَى الْعين ومانع لما قد حصل فِيهَا أَيْضا من التَّحَلُّل.الطبرى: إِنَّه نَافِع لمن قد غشى عَلَيْهِ مَتى تجرعه مَرَّات.الخوز: دهن الْورْد ردىء للريح والبرودة جدا.وَأما الْمُسَمّى الميسى فانه حَار يَابِس.وَأَصله يحرق كاحراق العاقر قرحا.) ج فِي الثَّالِثَة: مَاء الْورْد أبرد من الْبدن المعتدل لَيْسَ بِكَثِير إِلَّا أَن مَاء الْورْد لطيف كثير اللطافة. وَالدَّلِيل على ذَلِك سرعَة جفاف الْورْد وَأَنه لَا لزوجة لَهُ أصلا. وَأَن رَائِحَته تغلب على رَوَائِح الأدهان المطيبة بِهِ لِأَنَّهُ يسْبق فَيمْلَأ مجارى تَنْشَق الرّيح قبل أَن تصل إِلَيْهَا تِلْكَ الروائح الْأُخْرَى المختلطة مَعَه.لى يجب أَن تنظر مَا السَّبَب فِي تعطيس الْورْد.حنين فِي الترياق: الْورْد يقوى الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة ويصل قَبضه ويغوص من أجل المر الَّذِي مَعَه.وَقَالَ فِي كتاب الْعين: الْورْد فِيهِ قبض وَتَحْلِيل ويبس.ورشان أبن ماسويه: هُوَ عسر الهضم عَاقل للبطن.وَقَالَ ج: دم الورشان يكتحل بِهِ لخراجات الْعين وكمنة الدَّم والعشا ورل د: دم الورل وَإِن كَانَ يحد الْبَصَر فاستعماله فقر إِلَى الْأَدْوِيَة. ج: خرء الورل يحد الْبَصَر ويجلو الْوَجْه من النمش والكلف والبهق.ورس الدمشقى: إِنَّه حَار لطيف يَابِس ينفع مَتى لطخ على البهق والحكة.وسمة الطبرى: هُوَ حَار وَإنَّهُ يصْبغ الشّعْر.ماسرجويه: إِنَّه مر حَار قَلِيلا فَلذَلِك هُوَ إِلَى الْحَرَارَة وَفِيه قبض.ورد الْحمار ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة أَضْعَف من الْورْد فِي فعله شكله شكل طَائِر حَار يَابِس فِي الأولى وَهُوَ أصفر لَيْسَ يُفَارق الرّيح.انْقَضى حرف الْوَاو
(6/442)
3 - (بَاب الْهَاء)هندبا البرى مِنْهُ أَجود للمعدة والبستاني صنفان: أَحدهمَا عريض الْوَرق وَالْآخر دَقِيق وكل أَصْنَاف الهندبا مر قَابض جيد للمعدة.إِذا طبخ وَأكل بالخل عقل الطبيعة. وخاصة البرى مِنْهُ فانه أَشد عقلا للبطن وأجود للمعدة.وينفع من ضعف الْمعدة.وَإِذا تضمد بِهِ وَحده أَو مَعَ سويق شعير سكن الالتهاب الْعَارِض فِي الْمعدة. وَمَتى اسْتعْمل مِنْهُ ضماد نفع من الخفقان. ونفع من النقرس وأورام الْعين الحارة. وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ أُصُوله نفع من لسع الْعَقْرَب.وَمَتى خلط بسويق وضمد بِهِ مَعَ أُصُوله نفع وَسكن الأورام الحارة.وَمَاء الهندبا مَتى خلط باسفيذاج الرصاص وخل كَانَ لطوخا نَافِعًا جدا لمن يحْتَاج إِلَى تبريد.وَقَالَ ج فِي الثَّانِيَة: مزاج الهندبا البرى بَارِد يَابِس وَهُوَ مِنْهُمَا فِي الأولى. فَأَما البستاني فتبريده أَكثر من البرى وَلكنه بِسَبَب مَا خالطه من المائية الغريبة الْكَثِيرَة قد ذهب عَنهُ اليبس.وَقَالَ فِي كتاب الأغذية: قوته كقوة الخس غير أَنه دونه فِي خصاله.ارخيجانس: الهندبا بَارِد رطب.اريبارسيوس: مزاج الهندبا يَابِس يسير الْبرد.بولس الهندبا البرى بَارِد يَابِس فِي الأولى كالبستاني مِنْهُ وَفِيه شىء من قبض وَلذَلِك يُوَافق)الذوسنطاريا الَّتِي تكون فِي الكبد.وَقَالَ فِي الطرخشقوق: إِنَّه يبرد تبريدا شَدِيدا ويبرد مَعَ شىء من قبض.ابْن ماسويه فِي الهندبا: إِنَّه فِي وَقت الصَّيف تظهر مرارته فيميل إِلَى الْحَرَارَة وَفِي الشتَاء بعكس ذَلِك. وَجُمْلَة أمره أَنه بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي وَسطهَا يشوبه من حرارة إِذا اجتنى فِي الصَّيف مقو للمعدة مفتح لسدد الكبد جلاء لما فِيهَا وَفِي الْمعدة.وخاصته تفتيح السدد على مَا فِيهِ من العفوصة.وَأما البلخشكوك فانه بَارِد فِي أول الثَّانِيَة واليبس أغلب عَلَيْهِ. مقو للمعدة والكبد دابغ لَهَا.
(6/443)
وَإِن دق وَوضع على لسع الْعَقْرَب أَو أكل أَو شرب مَعَه مَاؤُهُ نفع مِنْهُ.وخاصته النَّفْع من لسع الْهَوَام. ج فِي الميامر: الْغَالِب على مزاجه الْبرد الْيَسِير وَفِيه مرَارَة وبهذين جَمِيعًا يقبض قبضا معتدلا أَبُو جريج: الهندبا ينفع مَاؤُهُ الأورام الَّتِي فِي الْجوف ويقوى الْمعدة وَيفتح السدد.حنين فِي الاختيارات: إِن الطرخشقوق يشرب فينفع للسع الْعَقْرَب والزنبور والحيات وَحمى الرّبع.هليون قَالَ د: إِذا سلق سلقة وَأكل أَو شرب أدر الْبَوْل.وَمَتى طبخت أُصُوله وَشرب طبيخها نفع من عرق النسا وغزر الْبَوْل. وَمَتى طبخ بِالشرابِ نفع طبيخه من نهش الرتيلا.وَإِذا تمضمض بِهِ السن الألمة.وبزره إِذا شرب فعل مثل فعل الْأُصُول.وَيُقَال: إِن طبيخه يقتل الْكلاب.وَقَالَ ج فِي الصخرى مِنْهُ: إِن قوته جلاءة وَلَا يسخن وَلَا يبرد تسخينا وتبريدا ظَاهرا فَلذَلِك يفتح سدد الكبد والكلى وخاصة أَصله وبزره ويشفى أَيْضا وجع الْأَسْنَان لِأَنَّهُ يجفف من غير إسخان وَهَذَا أَكثر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْأَسْنَان خَاصَّة.روفس: الهليون يغزر الْبَوْل وَيعْقل الْبَطن.اريباسيوس: لَهُ قُوَّة جلاءة وَلَا يسخن شَدِيدا وَلذَلِك يفتح سدد الكبد والكلى وخاصة أُصُوله وبزره وَهُوَ أَيْضا يذهب بوجع الْأَسْنَان لِأَنَّهُ يجفف من غير إسخان.ابْن ماسويه: هُوَ حَار رطب فِي أول الثَّانِيَة يلين الْبَطن ويدر الْبَوْل ويغير رَائِحَته زَائِد فِي الباه مفتح للسدد الَّتِي تعرض فِي الكلى والكبد نَافِع للاسنان وَمَا يحدث من وجع الظّهْر الْمُتَوَلد من البلغم وَالرِّيح وينفع من وجع القولنج لتليينه الطبيعة. وَإِن أَكثر مِنْهُ غثى.هليلج أما الْأَصْفَر مِنْهُ فَقَالَ فِيهِ بديغورس: خاصته إسهال الصَّفْرَاء.وَأما الْأسود فخاصته تَقْوِيَة الْمعدة وَقطع الفضول الغليظة.ابْن ماسويه: الكابلى المربى دابغ للمعدة مقو لَهَا هاضم للطعام مجفف للرطوبة ملين للطبيعة نَافِع من ريَاح البواسير والمرة السَّوْدَاء.الْيَهُودِيّ: الكابلى خاصته تنقية فضول الْمعدة وتجفيفها.وَقَالَ: خَاصَّة الْأسود النفيع من السَّوْدَاء وخفقان الْقلب وتصفية اللَّوْن.وَقَالَ فِي الْأَصْفَر: خاصته إسهال الصَّفْرَاء ودبغ الْمعدة.وَقَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّهَا كلهَا بَارِد يابسة فِي الأولى وَالْأسود ينفع من السَّوْدَاء بخاصته والأصفر
(6/444)
ماسرجويه: الْأسود قَابض دابغ فِيهِ شىء من الْبُرُودَة وشىء من حِدة ولطافة. والأصفر يسهل الصَّفْرَاء فِي رفق واعتدال مَعَ قبض فِيهِ.الهندى: الهندى مرسوس الْحَرَارَة يخرج الثفل من الْبَطن ويقوى الْحَواس وَيزِيد فِي الْحِفْظ والذهن وينفع من الجذام والقولنج وعزوب الذِّهْن والبواسير والمليلة العتيقة والصداع وَالِاسْتِسْقَاء وَالطحَال ويجلب البلغم والقىء.وَقَالَ فِي كتاب الْحمى: إِن من طبيعة الهليلج الْقَبْض والحرارة.ابْن ماسويه: الهليلج الْأسود جيد للمعدة والبواسير والأصفر يطفىء الْمرة ويدبغ الْمعدة ويسهل صفراء.حَكِيم بن حنين: زعم المحدثون أَن الهليلج الْأَصْفَر بَارِد شَدِيد الْقَبْض فِيهِ مرَارَة يسيرَة وَيسْتَعْمل فِي تقرية الْعين المسترخية وَيمْنَع الْموَاد الَّتِي تسيل كحلا.أَبُو جريج: الكابلى بَارِد وَفِيه حرارة يسيرَة وَيسْتَعْمل فِي تَقْوِيَة الْعين وينشف البلغم وَيعْمل فِي السَّوْدَاء. والأصفر أسخن من الْأسود وَإِنَّمَا صَار بَارِدًا للحموضة الَّتِي فِيهِ.ابْن ماسه: الْأَصْفَر بَارِد يَابِس يسهل الصَّفْرَاء وشيئا من البلغم.والكابلى يخرج شَيْئا من السَّوْدَاء جيد للمعدة والبواسير.هُوَ لحية التيس.هزار حسان هُوَ الفاشرا.قَالَ بديغورس: شَأْنه الترقيق والتلطيف.وَقَالَ القلهمان: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة.هيل وهال حَار يَابِس لطيف.الطبرى: هُوَ ألطف من القاقلة وَقد ذكر فِي بَاب القاقلة فِي حرف الْقَاف لِأَنَّهَا شَبيهَة بِهِ.هريسة إِنَّهَا بطيئة الهضم كَثِيرَة الْغذَاء تولد دَمًا كثيرا لِأَنَّهَا مصنوعة من ضَرْبَيْنِ كثيرى الْغذَاء ملائمين للطبيعة وهما الْحِنْطَة وَاللَّحم. وَالدَّم الْمُتَوَلد مِنْهُمَا إِلَى الرُّطُوبَة أقرب نافعة للمحرورين وَلمن بدنه جَاف وَيكثر اللَّحْم.هرقلوس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: فِيهِ قبض وبرودة بَيِّنَة مَتى أكل أَو تضمد بِهِ مَا دَامَ رطبا فان جفف أسخنهراسة وَيعرف بالهرنوة وبالفارسية هره.قَالَ ماسرجويه: إِن فِي عروقه بعض الْحَلَاوَة وَهُوَ فِي الحدة وَالْقَبْض معتدل الْحر وَالْبرد. وَمَتى دق وَوضع وَهُوَ رطب على مَوضِع نزف الدَّم نفع.وطبيخه يذيب الْحَصَى ويدر الْبَوْل.
(6/445)
ابْن ماسه: إِنَّه حَار رطب.هرطمان قَالَ ج: إِنَّه نوع من الْحُبُوب قوته مثل قُوَّة الشّعير وَذَلِكَ أَنه مَتى وضع من دقيقه ضماد حلل وجفف قَلِيلا من غير لذع ومزاجه بَارِد برودة يسيرَة وَفِيه مَعَ هَذَا شىء من الْقَبْض فَهُوَ ينفع من انطلاق الْبَطن.وَقَالَ فِيهِ عِنْد ذكره: إِنَّه متوسط بَين الْحِنْطَة وَالشعِير.قَالَ: والحشيش الْمُتَّخذ مِنْهُ أَشد حبسا للبطن من حشيش الشّعير.قَالَ: وَلَا سِيمَا إِن قلى.قَالَ: وَقَالَ د فِي أولومرا: هُوَ جنس من الكتيت إِنَّه بَين الْحِنْطَة وَالشعِير.وَقَالَ فِي السَّابِعَة: إِن الهرطمان هُوَ الكتيت عِنْد ذكر الْحَشِيش.وَقَالَ ماسرجويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة جيد للنقرس والرياح الغليظة فِي الْأَعْضَاء.هفت بهلو حشيشة مَعْرُوفَة.ماسرجويه: إِنَّه بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة وَيحبس الْبَطن.هيو فاريقون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا يسخن ويجفف وجوهره جَوْهَر لطيف حَتَّى أَنه يدر الْبَوْل والطمث وَيجب إِذا أردْت أَن تسقى مِنْهُ من يحْتَاج إِلَى هَذَا أَن تسقى من ثَمَرَته كَمَا هِيَ وَلَا تقتصر على بزره وَحده.وَمَتى اتخذ مِنْهُ وَحده مَعَ ورقه ضماد وضمدت بِهِ مَوَاضِع حرق النَّار والقروح ألحمها وأدملها. وَمَتى جفف ودق ونثر على القروح المترهلة والعفنة نقاها.وَقد يسقى لوجع الورك.قَالَ بديغورس: خاصته إِنْزَال الْحيض والإذابة والتحليل.انْقَضى حرف الْهَاء
(6/446)
3 - (بَاب الْيَاء)يبروح إِنَّه يطْبخ أُصُوله بِالشرابِ إِلَى أَن يذهب الثُّلُث وَيرْفَع وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَو قية وَنصف للسهر وتسكين الأوجاع.وَمن يحْتَاج أَن يبطل حس من يقطع مِنْهُ عُضْو أَو يكوى فيشرب من دمعته أَو مِنْهُ كُله بِالشرابِ الَّذِي يُقَال لَهُ مَاء القراطن فيقىء بلغما وَمرَّة كَمَا يفعل الخربق.وَمَتى أَخذ مِنْهُ مِقْدَار كثير قتل. وَيَقَع فِي أدوية الْعين والأدوية الَّتِي تسكن الأوجاع والمروخات الملينة.وَمَتى أَخذ مِنْهَا نصف أوبولوس وأحتمل أدر الطمث وَأخرج الْجَنِين. وَإِن جعل فِي المقعدة فَتِيلَة أنامت.وَيُقَال: إِن الأَصْل مَتى طبخ مَعَ العاج لينه وَيكون لبنه فِيهِ مِقْدَار سِتّ سَاعَات فانه يصيره سَلس القياد يشكل بِأَيّ شكل أَرَادَ.وورقة إِذا أكل طريا وتضمد بِهِ نفع من الأورام الحارة الْعَارِضَة للعين والقروح ويحلل الأورام)وَإِذا دلك بِهِ البرش دلكا رَقِيقا خَمْسَة أَيَّام أَو سِتَّة أذهبه من غير أَن يقرح الْموضع. وَقد يجفف الْوَرق وَيسْتَعْمل لما يسْتَعْمل فِيهِ وَهُوَ رطب.وَإِذا دق الأَصْل نعما وخلط بالخل أَبْرَأ الْحمرَة. وَإِذا خلط بِعَسَل أَو بِزَيْت كَانَ جيدا للسع الْهَوَام. وَإِذا خلط بِالْمَاءِ حل الْخَنَازِير والخراجات. وَإِذا خلط بالسويق سكن وجع المفاصل.وَقد يعْمل مِنْهُ شراب يبطل الْحس من غير أَن يطْبخ بِأَن يلقى فِي مطريطوس شراب حُلْو من قشر الأَصْل ثَلَاثَة أُمَنَاء يطْرَح فِيهِ ويسقى ثَلَاث قوانوسات من يحْتَاج إِلَى أَن يقطع مِنْهُ عُضْو أَو أَن يكوى فانه يسبت إسباتا لَا يحس مَعَه.ولفاح هَذَا الصِّنْف إِذا أكل أسبت إسباتا لَا يحس مَعَه.ولفاح هَذَا الصِّنْف الْأَبْيَض الَّذِي لَا سَاق لَهُ مَتى شم أَيْضا أسبت.وعصارته تفعل ذَلِك وَمَتى أَكثر مِنْهُ عرضت للمكثر مِنْهُ السكتة.وبزر اللفاح ينقى الرَّحِم مَتى شرب. وَإِن خلط بكبريت لم تمسه النَّار وَاحْتمل قطع نزف الدَّم من الرَّحِم.وعصارته أقوى من دمعه.
(6/447)
والصنف مِنْهُ الَّذِي يشبه ورقة ورق الْأَبْيَض إِلَّا أَنه أَصْغَر مِنْهُ فان أَصله يسبت وَيبقى سباته وَيُقَال إِنَّه بادزهر لعنب الثَّعْلَب المجنن. ج فِي السَّابِعَة: قُوَّة الْبُرُودَة فِي هَذَا النَّبَات كَثِيرَة حَتَّى أَنه فِي الثَّالِثَة مِنْهُ وَفِيه مَعَ هَذَا حرارة يسيرَة.وَأما اللفاح نَفسه فَفِيهِ رُطُوبَة وَلذَلِك يحدث السبات.وَأما قشر أصل اليبروح فقوته قَوِيَّة جدا وَهِي مَعَ تبريدها مجففة.وَأما نفس أصل المستبطن للقشر فَهُوَ ضَعِيف.ابْن ماسويه فِي اللفاح: إِنَّه بَارِد مَعَ رُطُوبَة فضلية نَافِع من السهر صَالح لأَصْحَاب الصَّفْرَاء مسكن للصداع الْمُتَوَلد من الدَّم الْحَار والمرة مخدر مَتى أكل أَو شم.ابْن ماسه: اللفاح بَارِد فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة فِيهِ شىء قَلِيل من الْحَرَارَة. وَأَصله وعصارته ينيمان.ولبنه مَتى شرب أسهل البلغم والمرة. وَمَتى أمسك فِي الرَّحِم أخرج الْجَنِين.)ورقه يقْلع الْآثَار والنمش من غير أَن تحرج.ماسرجويه قَالَ: اللفاح فِي الثَّالِثَة من الْبرد وَفِيه حرارة ممتزجة مَعَ ذَلِك. وَإِن أكل من اللفاح فَرُبمَا قتل. وأعراضه الاختناق وَحُمرَة الْوَجْه وَذَهَاب الْعقل وينفع مِنْهُ أَن يسقى سمنا وَعَسَلًا أَو لى خبرنى بعض مَشَايِخ الْأَطِبَّاء بِبَغْدَاد أَن جَارِيَة أكلت خمس لفاحات فَسَقَطت مغشية عَلَيْهَا واحمرت وَإِن رجلا صب على رَأسهَا مَاء الثَّلج حَتَّى أفاقت. وَرَأَيْت من النِّسَاء من يشرب أَصله للسمنة فيصرن بِحَال من قد خرج من الْحمام أَو يشرب شرابًا كثيرا من حمرَة الْوَجْه وَالْبدن وانتفاخهما.يتوع قَالَ د: إنَّهُمَا سَبْعَة أَصْنَاف وقوتها مُتَقَارِبَة وَلها لبن مَتى قطر مِنْهُ على تينة ثَلَاث قطرات أَو أَربع وجفف وَأخذ أسهل إسهالا كَافِيا. وَمَتى شرب خَالِصا بطلاء بموم وَعسل فانه يخشن الْحلق.
(6/448)
وَإِن تلطخ بِهِ فِي الشَّمْس حلق الشّعْر أَعنِي هَذَا اللَّبن إِذا كَانَ حَدِيثا ثمَّ جعل النَّابِت بعد ذَلِك رَقِيقا أشقر ثمَّ إِنَّه بِأخرَة يسْقط كُله.وَيجْعَل فِي أكال الأضراس فيسكن الوجع. وَيجب أَن يَجْعَل فَوْقه على الأكال شمع لِئَلَّا يُصِيب اللثة وَاللِّسَان.إِذا لطخ بِهِ الثآليل والتوث والقوابي قلعهَا ويوافق الظفرة والجدري والأكلة والورم الْخَبيث الْمُسَمّى عنقرايا والنواصير.وورقه وثمره إِذا أَخذ مِنْهُمَا نصف اكسونافن وشربا فعلا كَفعل اللَّبن.وَقد ذكر ج: أَن لَهُ قُوَّة غسالة وَذَكَرْنَاهُ نَحن عَنهُ فِي بَاب ذكر اللَّبن. ج فِي الثَّامِنَة: جَمِيع أَنْوَاع اليتوع قوتها حارة وفيهَا مَعَ هَذَا مرَارَة وَأقوى شىء فِيهَا لَبنهَا ثمَّ بزرها وورقها وَفِي أُصُولهَا أَيْضا شىء من هَذِه القوى وَلَيْسَ ذَلِك فِي الْجَمِيع مُسَاوِيا.وأصل اليتوع مَتى طبخ بالخل أذهب وجع الْأَسْنَان وشفتها وَلَا سِيمَا الوجع الْحَادِث فِي الْأَسْنَان المتأكلة.هَذِه الْأَفْعَال هِيَ للنوع من اليتوع الْمُسَمّى الذّكر وَهُوَ أَحْمد القضبان مَمْلُوء لَبَنًا حارا وورقه كورق الزَّيْتُون إِلَّا أَنه أطول.)فَأَما لبن اليتوع فانه لما كَانَت قوته أَشد وَأظْهر صَار النَّاس يضعونه فِي ثقب السن المتأكلة لِأَنَّهُ إِن مَاس سَائِر الْأَجْزَاء الَّتِي فِي الْفَم أحرقها على الْمَكَان وقرحها وَلذَلِك هِيَ فِي دَرَجَة الْأَشْيَاء المحرقة وَلذَلِك لبن اليتوع يحلق الشّعْر لكنه لشدَّة قوته يحْتَاج أَن يخلط مَعَه زَيْت. وَإِن أَدِيم هَذَا الْفِعْل على الشّعْر أبْطلهُ الْبَتَّةَ.ولهذه الْقُوَّة يقْلع الثآليل الَّتِي تتَعَلَّق والمنكوسة والخيلان وَاللَّحم الزَّائِد النَّابِت الَّذِي فِي جَانب الْأَظْفَار والتوث ويجلو القوابي والجرب لِأَنَّهُ فِيهِ جلاء من أجل مرارته ولشدة إسخانه وَيُمكن فِيهِ أَن يشفى القروح المتأكلة والحمرة المتعفنة مَتى اسْتعْمل فِي الْوَقْت وبالمقدار الَّذِي يجب وبهذه الْقُوَّة يقْلع الصلابة الَّتِي حول النواصير وَجَمِيع هَذِه الْأَفْعَال الَّتِي يَفْعَلهَا يَفْعَلهَا بزره وورقه فعلا حسنا.وَقد يطْرَح فِي غَدِير فِيهِ سمك فيطفو السّمك كَأَنَّهَا ميتَة.أَبُو جريج: إِن مِنْهَا المازريون والشبرم وَالْعشر واللواعى والعرطنيثا والحلتيتا وضروبا أخر كَثِيرَة وَالَّذِي يخص الْأَطِبَّاء بقَوْلهمْ لبن اليتوع لبن اللاعية.ابْن ماسه: مَتى أدمن طلى الشّعْر بِلَبن اليتوع منع نَبَاته الْبَتَّةَ وَيحْتَاج أَن يَجْعَل مَعَ دهن ليقمع حِدته فانه يحلق.الخوزى: جَمِيع أَنْوَاع اليتوع تسهل السَّوْدَاء والبلغم الغليظ وَالْمَاء.ينبوت قَالَ فِيهِ بولس: لَهُ قُوَّة فاشة من غير لذع يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل زهره وورقه أَكثر من غَيره.الدمشقى: هُوَ بَارِد يَابِس جيد للمغس والإسهال واليرقان.وَيقتل طبيخه البراغيث مَتى رش بِهِ الْبَيْت جيد للسع الْهَوَام. وماؤه مَتى شرب طرح الْوَلَد.
(6/449)
ابْن ماسه: هُوَ حَار فِي الثَّالِثَة مَتى طبخت أغصانه وورقه فِي الدّهن وأدهن بِهِ نفع من وَمَتى دق جوزه وورقه وَشرب بِخَمْر أخرج الأجنة بِقُوَّة قَوِيَّة وأدر الطمث.ياسمين قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة نَافِع من الرطوبات والبلغم المالح صَالح للشيوخ والباردى المزاج وَنَافِع من الصداع الْعَارِض من البلغم اللزج.ماسرجويه: إِن ورق الياسمين رطبا كَانَ أَو يَابسا مَتى وضع على الكلف أذهبه.ابْن ماسه: الْأَصْفَر دون الْأَبْيَض فِي الْحَرَارَة.انْتهى بَاب الْيَاء وَهُوَ آخر الْحُرُوف
(6/450)
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الحاوي في الطب
(الْجُزْء الثَّانِي وَالْعشْرُونَ)
(كتاب صيدلة الطِّبّ فِي الصيدلة وَفِي الجداول جداول الاستنباط الْأَسْمَاء والأوزان والمكاييل)
(7/5)
(فارغة)
(7/6)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(كتاب صيدلة الطِّبّ)
قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ: الْمعرفَة بالأدوية وتمييزها جيدها ورديها وخالصها ومغشوشها وَإِن كَانَ لَيْسَ بِلَازِم للطبيب ضَرُورَة كَمَا يحسبه جهال النَّاس فَهُوَ أَحْرَى وأزين بهَا. وَلذَلِك رَأَيْت أَن أجمع هَذَا الْفَنّ وَإِن لم يكن جُزْءا من الطِّبّ ضَرُورِيًّا فِي كتاب يَخُصُّهُ ليعرف ويجتمع الَّذِي خصصها كل وَاحِد مِنْهَا بِكِتَاب.
وَإِن ذهب على ذَاهِب يعد هَذَا جُزْءا من أَجزَاء الطِّبّ الْخَاصَّة كالمعرفة بِمَا تؤثره الْأَدْوِيَة فِي أبدان النَّاس والمعرفة بِأَسْبَاب الْأَمْرَاض ودلائلها وَلم يعدها صناعَة خادمة للطب كَحال الصناعات الَّتِي يخْدم بَعْضهَا بَعْضًا فسيضطر إِلَى أَن يعد صناعات كَثِيرَة أَجزَاء الطِّبّ يحْتَاج إِلَى بَعْضهَا كَمَا يحْتَاج إِلَى عناية الصيدلة إِذْ كَانَ كثيرا مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْأَدْوِيَة أفاويه طيبَة وَكثير مِنْهَا ثمار وأعسال وأدهان وَيحْتَاج إِلَى بَعْضهَا فيتخذ الْآلَة والأداة الَّتِي يعالج بهَا)
كالمباضع والمناط والأميال والصنانير والمقاريض والمحاقن والمحاجم للأعناق وَغير ذَلِك مِمَّا يطول الْكَلَام بِهِ.
وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يعد شَيْء من هَذِه جُزْءا خَاصّا من الطِّبّ بل صناعَة خادمة لَهُ كخدمة الصِّنَاعَة بَعْضهَا لبَعض وَلَا يجوز أيضاُ أَن يُسمى أعرف النَّاس بأنواع الْأَدْوِيَة وأشكالها وألوانها وخالصها الف ط ومغشوشها طَبِيبا بل إِنَّمَا يُسمى الطَّبِيب من عرف أفاعيل هَذِه فِي أبدان النَّاس وَمن إِذا أُتِي بدواء مَا لم يره قبل وقته ذَلِك قطّ وَلَا سمع لَهُ بِذكر وَلَا باسم قدر أَن يعرفهُ من امتحانه إِيَّاه جَمِيع أفاعيله الظَّاهِرَة وَإِنَّمَا شرطنا الظَّاهِرَة لِأَن للأدوية أفاعيل باطنة وَهِي الَّتِي تسمى الْخَواص وَلَا يبلغ الطَّبِيب استخراجها كجذب المغنطيس للحديد وإمساكه عَن جذبه إِيَّاه ذَلِك بالثوم وَرجع الْفِعْل عَلَيْهِ إِذا غسل بالخل أَو كهرب الْحجر الْمُسَمّى الباغض للخل من الْخلّ وكتحلية المرادسنج للخل إِذا طرح فِيهِ وتسويده لأبدان النَّاس إِذا وَقع فِي النورة الَّتِي يطلون بهَا وَنَحْو ذَلِك. وَهُوَ إِن لم يقدر على اسْتِخْرَاج هَذِه القوى بطرِيق القانون الطبي فَهُوَ أقوى على استخراجها بطرِيق التجارب إِذا كَانَ قَوِيا فِي الصِّنَاعَة بَالغا لجَمِيع النَّاس وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يدع الصِّنَاعَة الْخَاصَّة بِهِ وَيقبل على مَا يجده من غير صناعَة لِأَنَّهُ إِن فعل ذَلِك اضْطر على الإقبال على صناعات كَثِيرَة إِذْ الصناعات تخْدم بَعْضهَا بَعْضًا. اللَّهُمَّ إِلَّا بالمقدار الَّذِي عَرفْنَاهُ من بَابه وَذكره مَا لَا يشْغلهُ شغل يتَبَيَّن ضَرُورَة مِمَّا هُوَ أولى بِهِ وأخص.
(7/7)
وَيَنْبَغِي أَن يكون إقباله على صناعته الْخَاصَّة بِهِ وَحَقِيقَته فِيهَا كاقبال أهل الصناعات على صناعاتهم وإشرافهم على غَيرهَا مِمَّا يقرب مِنْهُ وَيَدْنُو إِلَيْهِ فِي وَقت الْفَرَاغ والراحة أَو بعد اسْتِيفَاء الطبيعة من صناعته وَيتَعَلَّق بالمقدار الَّذِي هُوَ أحْوج إِلَيْهِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون فِي نَفسه من الْفضل مَا يَتَّسِع لذَلِك وينشط لَهُ فَإِنَّهُ إِن أمكن رجلا أَن يتدرب على صناعات كَانَ أجمل وَأحسن.
وَقد ظن بعض النَّاس أَن الف ط الطَّبِيب الْعَارِف بِفعل دَوَاء لَا يُمكنهُ اسْتِعْمَاله على ثِقَة ويقين إِذا كَانَ جَاهِلا بنوعه لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن. زَعَمُوا أَن يكون يدْفع إِلَيْهِ البَائِع لَهُ غير الَّذِي يُريدهُ وَكَانَ هَذَا عِنْدهم أعظم مَا أَرَادوا وَمِمَّا يسْتَحق بِهِ أَن يكون صناعَة الصيدلة جُزْءا من أَجزَاء الطِّبّ.
فأجبناهم أَنه قد يُمكن للطبيب الاحتراس من هَذَا بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا عمله وصناعته وَذَلِكَ أَنه)
إِذا طلب دَوَاء محللا ثمَّ أعْطى دَوَاء قَابِضا أَو عفصا مقويا مُسَددًا علم حِينَئِذٍ حق علم أَن هَذَا الدَّوَاء لَيْسَ بالدواء الَّذِي أَرَادَهُ وَكَذَلِكَ إِذا طلب دَوَاء ممسكا مغريا فَوَجَدَهُ حريفا أَو مرا على مثل عمله الأول كَانَ هُوَ الْحَاكِم على الصيدلاني بِأَنَّهُ غلط.
وَالْوَجْه الثَّانِي من بَاب التجربة الْعَقْلِيَّة وَذَلِكَ أَنه إِن ابْتَاعَ الدَّوَاء الَّذِي يُريدهُ من عداد عقاقير فيسموه باسمه لم يجز أَن يكون قد وَقع فِي الْأَمر غلط أَو تواطئوا إِذا اشْترى ذَلِك من مَوَاضِع مِنْهَا وَكَذَلِكَ يفعل فِي تعرف جودته وخلوصه. وَذَلِكَ مِمَّا لَا يعسر وَلَا يضيق الْبَتَّةَ إِلَّا فِي الْقرى والدساكر وَقد يُمكن فِي ذَلِك أَيْضا ضروب من الثَّانِي لسنا نحب أَن نطول الْكتاب بذكرها على أَنا لَا ننكر أَن الْمعرفَة بِهَذَا الْفَنّ أَعنِي الصيدلة إِذا انضمت للطبيب على علمه كَانَ أفضل فَإِنَّهُ شَدِيد الالتصاق بصناعة الطِّبّ لَكنا نقُول: إِن مَحَله من صناعَة الطِّبّ غير مَحل الْأَجْزَاء قَالَ ج فِي أول الْخَامِسَة من تَفْسِير طبائع العقاقير: والصيادلة العطارون والطباخون والمضمدون والمسوحون والحقانون والفصداون والبطاطون وَإِن كَانَ الطَّبِيب قد يعْمل هَذِه الْأَعْمَال فِي بعض الْأَحَايِين فَإِنَّمَا يعْمل عمل مَا يعْمل من الف ط ذَلِك بِمَنْزِلَة مَا يمد يَده النجار فِي بعض الْأَحَايِين إِلَى المجذاف أَو الدقل فَيعْمل بِهِ شَيْئا من أَعمال الملاحين.
3 - (قوانين الصيدلة)
قَالَ ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء إِن مَا يَجْعَل من الْحَشِيش وثمره على قضبانه إِذا كَانَ ثمره كثيرا غضا ممتليا ملززا صَالح الْبَقَاء هُوَ أَجود من الَّذِي لَهُ نضيض وَهُوَ الَّذِي ينحسف انحسافا سريع الْفساد وأذكاها رَائِحَة فِي الْجِنْس الَّذِي يَخُصُّهُ أَجودهَا وَكَذَلِكَ
(7/8)
إِذا كَانَ بَالغا فِي طعمه الَّذِي يَخُصُّهُ وَمَا كَانَ لَيْسَ بمشنج وَلَا مهزول ملززا غير منتفخ خَارج فِي ذَلِك عَن نَوعه فَهُوَ أَجود والغلط إِذا كَانَ من تلزز فَهُوَ جيد وَإِذا كَانَ مَعَ سخافة متشنج فَهُوَ ردئ.
قَالَ: وَأفضل الأقشار مَا لَيْسَ قشرء بمتشنج لِأَن تشنج القشر يدل على أَن الأَصْل قضيف مهزول.
وَأما الثِّمَار والقضبان والأغصان فَيَنْبَغِي أَن تكون طرية كَثِيرَة.
وَأما البزور فاستدل عَلَيْهَا بامتدادها وامتلاء قشرها فَإِنَّهُ أَجودهَا وَأما الألبان والعصارات فَلَا يَنْبَغِي أَن تكون قد جَفتْ جفوفا شَدِيدا لطول مكثها وَلَا يكون طعمها ورائحتها ضعيفين.
وَقَالَ د: يَنْبَغِي أَن يجمع الْأَدْوِيَة فِي الْأَزْمِنَة الْمُوَافقَة لَهَا فانها قد تكون فِي زمَان قَوِيَّة وَفِي زمَان ضَعِيفَة وَيَنْبَغِي أَن تجمع والهواء صَاف فانه قد يعرض فِيهَا اخْتِلَاف كثير إِذا لقطت بعد أمطار وَقعت عَلَيْهَا وَبعد عدم الْمَطَر فِي أوقاته والكائنة مِنْهَا فِي الْمَوَاضِع الجبلية الْبَارِدَة الرَّائِحَة مِنْهَا أقوى وَالَّتِي فِي السهل والمواضع الرّطبَة الطّيبَة الَّتِي لَيست بريحة أَضْعَف وأضعف من غَيره مَا لقط فِي غير زَمَانه وَمَا ضمر وذوى من مَائه لِأَنَّهُ لعِلَّة الف ط عرضت لَهُ وَلَيْسَ يقدر من لم يُشَاهد مَا فِي الْأَزْمِنَة عِنْد تغير حَالهَا أَن يعرف اختلافها وَمَا يعرض لَهَا فَلَا يغلط لذَلِك. وَجَمِيع هَذِه الحشايش الملتقطة خلا الخربقين فانها تبقى قوتها ثَلَاث سِنِين أَكثر شَيْء.
وَيَنْبَغِي أَن تلْتَقط ذَوَات البزور والبزور فِيهَا وافرة تَامَّة مثل اسطوخدوس والكمادريوس والقيصوم والمرو والافسنتين والزوفا.
وَيجمع الزهر قبل سُقُوطه.
وَيُؤْخَذ الثَّمر وَهُوَ ونضيج وَيجمع إِذا ابتدأت أَن تَجف قبل أَن تبتدى تتساقط.)
وَيَنْبَغِي أَن تُؤْخَذ عصارات الْأَدْوِيَة النابتة والسوق غضة وَكَذَلِكَ عصارة الأوراق ويشرط سوقها فِي وَقت أَخذ اللَّبن مِنْهَا والصمغ.
وَيَنْبَغِي أَن يجمع الْأُصُول والأغصان والقشور ابْتِدَاء طرحها الْوَرق وَمَا كَانَ قَوِيا فليجفف فِي مَوَاضِع غير ندية وَمَا كَانَ فِيهَا طين فليغسل بِالْمَاءِ.
الْأَدْوِيَة إِمَّا ثَمَرَة أَو زهر أَو ورق أَو قضبان أَو قشور أَو أصُول أَو عصارات أَو ألبان أَو صموغ أَو معدنية حجرية أَو نبع مثل القار وَغَيره.
الْأُصُول: الزنجبيل الراوند الزراوند الطَّوِيل البنطافلن الْقسْط السنبل الْهِنْدِيّ البنتجوشه الجنتيان المو الوج الفو.
الْوَرق: سفورس فوتنج فراسيون اسطوخدوس جعده مشكطرا مشيع كمادريوس هيوفاريقون قنطوريون.
(7/9)
افسنتين أَبُو جريج: إِنَّه أَنْوَاع كَثِيرَة يُؤْتى بهَا من بلد فَارس من نَحْو الْمشرق من جبل اللكام وَغَيرهَا أجوده الصورى والطرسوسي الَّذِي إِذا رَأَيْته خلته زغبا وَفِيه عقد كَأَنَّهَا بزر الصعتر الْفَارِسِي وَمَا كَانَ شَدِيد المرارة فَيظْهر مِنْهُ فِي السحق مثل مَا يظْهر من الصَّبْر وَكَانَت صفرته كَأَنَّهَا زغب فراخ الْحمام. الف ط افسنتين من حِيلَة الْبُرْء: إِن الأفسنتين القاطي قُوَّة الْقَبْض فِيهِ أَكثر وَفِيه مَعَ ذَلِك عطرية وورقة وزهره أَصْغَر من ورق سَائِر الأفسنتين. وَأما سَائِر الأفسنتين فالمرارة غالبة وَقَالَ ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: عصارة الأفسنتين تغش بعصارة الفراسيون وَلَيْسَ الضَّرَر فِيهِ بكبير جدا. 4 (الأقافيا) هَذَا صمغ الْقرظ.
قَالَ بولس: إِنَّه رب الْقرظ خَاصَّة الاسطرك وأصبت أَنه صمغ الزَّيْتُون.
الايرسا د: إِنَّه نوع من السوسن وورقة شَبيه ورق شعير غير أَنه أعرض مِنْهُ وَأعظم وألزج وَله سَاق عَلَيْهِ زهر منحن فِيهِ ألوان مُخْتَلفَة يوازي بَعْضهَا بَعْضًا ببياض وصفرة وفرفيرية ولون السَّمَاء وَمن اخْتِلَاف ألوان يشبه بايرس وَهُوَ قَوس قزَح وَله أصُول صلبة ذَات عقد طيب الرّيح.
وَيَنْبَغِي إِذا قلعت أَن تجفف فِي الظل وَتجمع فِي خيط كتَّان.
وأجود هَذَا النَّوْع من السوسن مَا كَانَ فِي بِلَاد سوريا وماقدونيا والجيد مِنْهُ مَا كَانَ أَصله كثيفا قَصِيرا عسر الرض مائلا إِلَى الْحمرَة طيب الرَّائِحَة نقيها لَا تشوبها رَائِحَة أُخْرَى يحذو اللِّسَان ويحرك العطاس إِذا دق وَأما مَا كَانَ من هَذَا النَّوْع من بلد شتوي فَإِنَّهُ أَبيض وقوته دون قُوَّة السوسن الَّذِي ذكرنَا. فَإِذا عتق الأيرسا تسوس وتفتت غير أَنه حِينَئِذٍ يكون أطيب رَائِحَة مِنْهُ قبل ذَلِك.
ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ مَا كثر مَاؤُهُ وانفركت أجزاؤه وَمَا كَانَ قَصِيرا غير سخيف فَإِذا شم عطس بِقُوَّة. 4 (إسارون) د: لَهُ ورق يشبه ورق النَّبَات الْمُسَمّى قسوس غير أَنه أَصْغَر مِنْهُ بِكَثِير وَأَشد استدارة وَله زهرَة فِيمَا بَين الْوَرق عِنْد أَصله لَونه فرفيري شَبيه الف ط زهرَة البنج فِيهِ بزره وَهُوَ يشبه القرطم وَله أصُول كَثِيرَة معوجة شَبيهَة بالثيل غير أَنَّهَا ألزق بِكَثِير طيبَة الرَّائِحَة مسخن يلْدغ اللِّسَان جدا. 4 (الْإِذْخر) د: اختر مِنْهُ الحَدِيث الَّذِي فِيهِ حمرَة كثير الزهر فَإِذا انْشَقَّ كَانَ فِي لَونه فرفيرية دَقِيقًا فِي رَائِحَته شَبيه بالورد إِذا دلك بِالْيَدِ ويلذع اللِّسَان ويحذوه حذوا يَسِيرا. ونفعه فِي الزهر وقضيب الْأُصُول.
(7/10)
أغالوجن: د: إِنَّه خشب يُؤْتى بِهِ من الْهِنْد وَمن بِلَاد للغرب شَبيه بالصلاية فِي صلابته وتلززه منقط طيب الرَّائِحَة قَابض مَعَ حرارة يسيرَة لَهُ قشر كَأَنَّهُ جلد موشى يسْتَعْمل فِي الدخن.
اودومالي د: وَهُوَ دهن أثخن من الْعَسَل يسيل من سَاق شَجَرَة بترمذ وأجودها الْعَتِيق الثخين الدسم الصافي. 4 (أذن الفأر) أَبُو جريج: أَغْصَانهَا منبسطة على الأَرْض دقاق لَهَا ثَلَاث جَوَانِب وبزرها شَبيه الكزبرة ونورها أَزْرَق وَهُوَ ورق صغَار جدا إِذا بزر أكل بزره الخطاطيف.
الأملج قَالَ أَبُو جريج الشير أملج ينقع فِي بَلَده فِي اللَّبن ليكسر شدَّة قَبضه.
الأفيتمون أَبُو جريج: أجوده مَا احمر لَونه واحتدت رَائِحَته وَيكون حاد الرَّائِحَة اقريطي.
اشق ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ الَّذِي يشبه اللبان ورائحته رَائِحَة الجندبادستر شَدِيد الانضمام نقى من القذر والدرن.
وَقَالَ: اختر مِنْهُ مَا لم يكن فِيهِ عيدَان ورائحته رَائِحَة الكزبرة مر الطّعْم وَلَا وسخ فِيهِ.
الأنزروت ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ من الشبيهة باللبان يقرب من الصُّفْرَة فِيهِ مرَارَة مَا.
ارماك ابْن ماسويه: إِنَّه خشب يشبه القرفة طيب الرّيح بجلب من الْيمن. وَسمعت أَنه خشب يتَّخذ مِنْهُ الْحُقُوق الف ط قسح.
اقليا قَالَ اريباسيوس: الْمُخْتَار مِنْهُ مَا فِيهِ شَيْء يسير من خضرَة طيب الرَّائِحَة.
افيون اريباسيوس: أقوى الأفيون الكثيف الرزين الشَّديد الرَّائِحَة المر الطّعْم السهل الانحلال أملس أَبيض لَيْسَ بالخشن وَلَا ينْعَقد وَلَا يجمد إِذا أذيب بِالْمَاءِ وَلَيْسَ بالصلب وَإِذا وضع فِي الشَّمْس انحل وَإِن ألهب فِي السراج لم يكن لهيبه مظلما وَالَّذِي يغش مِنْهُ بالماميثا أصفر إِذا أديف بِالْمَاءِ صفره كالزعفران. والمغشوش بالصموغ ضَعِيف الْقُوَّة صافي اللَّوْن.
بِلِسَان ج فِي كتاب الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: دهن البلسان يُمكن أَن يغش عشا غامضا. د: لَهُ ورق شَبيه بورق السذاب غير أَنه أَشد بَيَاضًا بِكَثِير وأدور وَرقا وَيكون فِي بِلَاد الْهِنْد وَهُوَ يخرج بعد طُلُوع الْكَلْب وشجره يشرط بمشراط حَدِيد وَالَّذِي يسيل مِنْهُ يسير وَإِنَّمَا هُوَ لبن البلسان. وَالَّذِي يجْتَمع مِنْهُ فِي كل سنة خَمْسُونَ رطلا إِلَى سِتِّينَ وَيُبَاع فِي مَكَانَهُ بِضعْف وَزنه فضَّة.
والجيد مِنْهُ الحَدِيث القوى الرَّائِحَة الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رَائِحَة الحموضة وَهُوَ سريع الانحلال يلذع
(7/11)
وَقد يغش بدهن حَبَّة الخضراء ودهن الْحِنَّاء ودهن شَجَرَة المصطكى وبأشياء أخر كالعسل والشمع ودهن الآس.)
والخالص مِنْهُ إِذا قطر مِنْهُ على صوفة وَغسل مِنْهَا لم يُؤثر فِيهَا فَأَما الْمَغْشُوش مِنْهُ فانه يبْقى لَهُ أثر. والخالص يجمد اللَّبن إِذا قطر عَلَيْهِ والمغشوش مِنْهُ فَإِنَّهُ يبْقى لَهُ أثر. والخالص يجمد اللَّبن إِذا قطر عَلَيْهِ والمغشوش لَا يفعل ذَلِك. والخالص إِذا قطر على المَاء انحل ثمَّ يصير للْمَاء قوام اللَّبن بِسُرْعَة والمغشوش يطفو مثل الزَّيْت ويجتمع ويتفرق وَيصير بِمَنْزِلَة الْكَوَاكِب والخالص على طول الزَّمَان يثخن فَيفْسد.
وَمِنْهُم من ظن أَن الْخَالِص إِذا قطر على المَاء يغوص أَولا فِي عمقه ثمَّ أَنه يطفو عَلَيْهِ وَهُوَ الف ط غير منحل.
وَأما عود البلسان فأجوده الحَدِيث الرَّقِيق الْأَحْمَر الطّيب الخشن يفوح مِنْهُ رَائِحَة دهن البلسان ويختار من حبه الْأَشْقَر الممتلئ الْعَظِيم الثقيل الَّذِي يلذع اللِّسَان ويحذوه حذوا يَسِيرا وتفوح مِنْهُ ريح البلسان. وَقد يغش بحب يخلط بِهِ وَهُوَ صَغِير فارغ ضَعِيف الْقُوَّة طعمه كالفلفل.
بسفايج أَبُو جريج: وَهُوَ عود أغبر يقرب من السوَاد تشوبه حمرَة قَليلَة رَقِيق الْعود وَله شعب كَثِيرَة تشبه الأرجل وأجوده مَا غلظ عوده وَقرب من الْحمرَة وَكَانَ حَدِيثا اجتنى من عَامه. وَفِيه إِذا ذقته طعم مرَارَة حَدِيدَة تشبه طعم القرنفل.
ابْن ماسويه: اختر الْأَصْفَر مِنْهُ المكسر الَّذِي فِيهِ حلاوة يسيرَة مَعَ عفوصة وغلطة كغلط الْخِنْصر.
البوزيدان قَالَ ابْن ماسويه: من أَجود البوزيدان مَا ابيض لَونه وَغلظ عوده وَكَثُرت خطوطه والدقيق الْعود الأملس الْقَلِيل الْبيَاض ردئ.
البلبوس أَبُو جريج: إِنَّه بصل صغَار يشبه بصل الزَّعْفَرَان وورقه يشبه ورق الكراث وَيُشبه ورده البنفسج.
بزرقطونا ابْن ماسويه: أجوده المكثر الخصب الَّذِي يرسب مِنْهُ الْكثير.
بسبابة ابْن ماسويه: إِنَّه قشر الجوزبوا.
يداشقان ابْن ماسويه: إِنَّه الحشيشة الَّتِي تتَّخذ مِنْهُ القبط الأسورة.
برسياوشان: هُوَ حشيشة رقيقَة جدا يذهب قوتها سَرِيعا وينبت من حِيَاض المَاء.
جنطيانا أَجود الجنطيانا أَحْمَر لَونه وصلب عوده.)
جلبهنك قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه يشبه الْحبَّة أصفر وأحمر صَغِير الْقدر.
جاوشير ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ الْأَصْفَر الظَّاهِر الْأَبْيَض الْجوف. المر الطّعْم الشَّديد الرَّائِحَة السَّرِيع الانكسار وليتجنب الف ط الْأسود.
جوز ماثل ابْن البطريق قَالَ: يشبه جوز القئ وَجه يشبه حب الابرنج.
جدوار هُوَ قطع صلب يشبه الزرنباد.
(7/12)
4 - (دهاها هيج) قَالَ ابْن ماسويه: يشبه الفودنج الْأَحْمَر إِلَّا أَنه أَصْغَر مِنْهُ حَار يَابِس.
دَار فلفل ج فِي حفظ الصِّحَّة: إِنَّه أول مَا يَنْبَغِي أَن يتفقد من الدَّار فلفل وَأَن ينظر هَل يشبه طعمه طعم الفلفل وَبعد ذَلِك ألقه فِي المَاء فَإِن الْخَالِص مِنْهُ الَّذِي لَيْسَ مَعْمُولا يمْكث نَهَاره فِي المَاء القار لَا يبتل فَإِذا لم يبتل بِالْمَاءِ وَكَانَ طعمه طعم الفلفل وَلم يكن متأكلا فَهُوَ جيد.
دَار صيني ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: زعم قوم أَن دَار صيني لَا يضعف على الْأَيَّام قوته فامتحنت أَنا مِنْهُ كثيرا فَرَأَيْت قوته تتفاضل على حسب تقادمها فِي الزَّمَان وَرَأَيْت الْقدَم أَضْعَف واستعملت مِنْهُ مَا أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ سنة فِي الترياق فرأيته أَضْعَف.
قَالَ: وَرَأَيْت الدارصيني الطّيب جدا وَالَّذِي مذاقه حَار جدا غير مؤذ بتلذيعه وَأما الَّذِي د: أجوده الحَدِيث الْأسود اللَّوْن الَّذِي يضْرب إِلَى الرمادية والحمرة عيدانه دقاق ملس أغصانه قريبَة بَعْضهَا من بعض طيب الرَّائِحَة جدا.
وأبلغ محنته طيب الرَّائِحَة جدا وَفِي طيب رَائِحَته شَيْء من رَائِحَة السذاب أَو القردمانا وَفِيه حرافة وَشَيْء من ملوحه مَعَ حرافة. إِذا حك لَا يتفتت سَرِيعا فَإِذا كسر كَانَ الَّذِي فِيمَا بَين أغصانه شَبِيها بِالتُّرَابِ رَقِيقا.
إِذا أَرَادَت محنته فَخذ الْغُصْن من أصل وَاحِد فَإِن امتحانه هَكَذَا هَين وَذَلِكَ أَن الفتات إِنَّمَا هُوَ خلة فِيهِ والجيد يمللأ الخياشيم الف ط رَائِحَته فِي ابْتِدَاء الامتحان فَيمْنَع من معرفَة مَا كَانَ دونه.
وَمِنْه جبلى غليظ قصير جدا ياقوتي اللَّوْن.
وَمِنْه صنف ثَالِث أسود أملس متشظ لَيْسَ بِكَثِير العقد.
وَفِيه صنف رَابِع أَبيض هُوَ منفتح حسن النَّبَات لَهُ أصل هَين الانفراك كَبِير.)
وَمِنْه صنف خَامِس رَائِحَته كرائحة السليخة سَاطِع ياقوتي اللَّوْن وقشره مثل قشر السليخة الْحَمْرَاء أَصْلَب تَحت المجسة لَيْسَ متشظ جدا غليظ الأَصْل. فَمَا كَانَ من هَذِه الْأَصْنَاف شَبيهَة برائحة الكندر أَو رَائِحَة الآس أَو رَائِحَة السليخة أَو كَانَ عطر الرَّائِحَة مَعَ زهومة فَهُوَ دون الْجيد. وأردأ مِنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ أَبيض وَمَا كَانَ أجوف والمنكمش العيدان. والأملس الْحسن.
الأَصْل أَنه لَا ينْتَفع بِهِ.
وَقد يُوجد دارصيني زنجي وَهُوَ مثل الدارصيني فِي المنظر إِلَّا أَنه يفرق بَينهمَا بزهومة الرَّائِحَة.
(7/13)
وَقد يُوجد شَيْء يشبه بالدارصيني جنس من أَجنَاس النَّبَات ضَعِيف الرَّائِحَة.
وَإِذا أردْت أَن تيقى قوته زَمَانا طَويلا فاسحقه وأعجنه بشراب وقرصه وجففه فِي الظل وارفعه. 4 (دَار شيشعان) د: هِيَ شَجَرَة ذَات غلظ وَتدْخل بغلظها فِيمَا يُسمى خشب فِيهَا شوك كَبِير وَتدْخل فِي أفاويه الْعطر.
والجيد مِنْهُ الرزين إِذا قشر رئى لَونه إِلَى لون الفرفير كثيف طيب الرَّائِحَة فِيهِ شَيْء من مرَارَة.
وأصبت فِي كتاب مَجْهُول أَنه أصل السنبل الْهِنْدِيّ.
دند أَبُو جريج: إِنَّه ثَلَاثَة أَصْنَاف: صيني كبار الْحبّ أشبه شَيْء بالفستق وَمِنْه جنس شَبيه بحب الخروع إِلَّا أَنه منقط بنقط سود صغَار يجلب من سجستان وجنس ثَالِث متوسط فِي الْمِقْدَار بَين الصيني والشحرى وَهُوَ أغبر يضْرب إِلَى الصُّفْرَة يُؤْتى بِهِ من الْهِنْد.
والصيني الف ط أَجود الثَّلَاثَة وأقواها فِي الإسهال والهندي أصلح من الشحرى.
وَاعْلَم أَنه على طول الزَّمَان لَا يزَال اللب الَّذِي فِي جَوْفه مثل الألسن يصغر حَتَّى ينفذ. وخاصة فِي غير بِلَاده. وَأما فِي بِلَاده فَهُوَ أقوى وَأبقى.
ديودار ابْن ماسويه: إِنَّه من جنس الأبهل شبه السرو.
دبق اريباسيوس: الْجيد مِنْهُ أملس اللَّوْن ظَاهره كراثي وباطنه أَحْمَر لَيست فِي خشونة وَلَا مَا)
يشبه النخالة.
وَيجمع الدبق من شَجَره وشجرة التفاح والكمثرى وَشَجر آخر.
هليلج أجوده مَا رسب فِي المَاء.
قَالَ: أَبُو جريج: قد تبيع الصيادلة هليلج أسود من الْأَصْفَر على أَنه أسود وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا سَواد الهليلج على قدر نضجه فِي شَجَره.
ابْن ماسويه فِي إصْلَاح المسهلة: الْمُخْتَار من الْأَصْفَر الشَّديد الصُّفْرَة الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة الرزين الممتلئ الَّذِي لَيْسَ بنخر.
قَالَ: واختر من الكابلي الَّذِي هُوَ إِلَى الْحمرَة وَهُوَ رزين ممتلئ. 4 (هزار جشان) ابْن ماسويه: ثَمَرَة تشبه العناقيد ويستعمله الدباغون.
هرنوه ابْن ماسويه: إِنَّهَا حب أَصْغَر من الفلفل تشم مِنْهُ رَائِحَة الْعود وتعلوه صفرَة قَليلَة.
هليلج قَالَ ابْن ماسه: أصنافه أَرْبَعَة: أصفر وأسود كابلي وَهُوَ كبار وأسود صغَار هندي وَنَوع آخر خَفِيف رَقِيق يعرف بالصيني نَخْتَار مِنْهُ الَّذِي لَهُ منقار.
(7/14)
وَج قَالَ د: إِن ورقه يشبه ورق الآس غير أَنه أدق وأطول وأصوله لَيست ببعيدة فِي الشّبَه من أُصُوله غير أَنَّهَا مشبكة بَعْضهَا بِبَعْض وَلَيْسَت بمستقيمة لَكِنَّهَا معوجة وَفِي ظَاهرهَا عقد لَوْنهَا إِلَى الْبيَاض مَا هِيَ حريفة.
وأجود الوج مَا كَانَ أَبيض كثيفا غير متأكل وَالَّذِي من الْمَدِينَة الف ط الْمُسَمَّاة قعوق وَهُوَ على هَذِه الصّفة وَكَذَلِكَ الَّذِي من عمورية.
ورس ابْن ماسويه: يجلب من الْيمن أَحْمَر قانئ يُوجد على قشور شجر بِالْيمن يتَّخذ مِنْهَا وَهُوَ شَبيه بالزعفران المسحوق.
زعفران أقواه الحَدِيث الْحسن اللَّوْن الَّذِي على شعره بَيَاض قَلِيل الطول الضخم غير المتفتت الهش الممتلئ الَّذِي يصْبغ الْيَد سَرِيعا الَّذِي لَيْسَ بمتكرج وَلَا ندى سَاطِع الرَّائِحَة حادها وَالَّذِي بِخِلَاف هَذِه الصّفة فَأَما أَن يكون عتيقا أَو قد نقع.
(7/15)
زوان قَالَ ابْن ماسويه: أجوده الْخَفِيف الْوَزْن غير الثخين وَلَا المتفتت اللزج عِنْد المضغ ولونه بعد المضغ إِلَى الْحمرَة وَقبل المضغ إِلَى الصُّفْرَة وَفِيه عفوصة يسيرَة.)
زراوند ابْن ماسويه: إِنَّه ثَلَاث أَصْنَاف: الطَّوِيل والمدحرج وَالَّذِي يشبه ببقش الْكَرم.
زرنب قَالَ ابْن ماسويه: رَائِحَته رَائِحَة الأترج وَهُوَ حشيش دَقِيق.
حزوان: قَالَ ابْن ماسويه: أجوده الْخَفِيف الْوَزْن غير النخر وَلَا المتفتت اللزج عِنْد المضغ لَونه بعد المضغ إِلَى الْحمرَة وَقبل المضغ إِلَى الصُّفْرَة وَفِيه عفوصة يسيرَة.
حضض قَالَ ج فِي مُقَابلَة الْأَدْوِيَة للأدواء: الحضض الْهِنْدِيّ يغش غشا غامضا جدا يخفى عَن المهرة من النَّاس.
حَماما قَالَ د: إِنَّهَا شَجَرَة كَأَنَّهَا عنمقود من خشب مشتبك بعضه بِبَعْض وَله زهر صَغِير مثل زهر لوقاين وورق شَبيه بورق بروانيا يَعْنِي الفاشرا وأجوده الأرميني لَونه كالذهب ولون خشبه كالياقوت طيب الرَّائِحَة.
وَأما النَّابِت فِي المَاء فضعيف لِأَنَّهُ ينْبت فِي أَمَاكِن رطبَة وَهُوَ عَظِيم لَونه إِلَى الخضرة لين تَحت المجسة وخشبه كالشظايا. وَفِي رَائِحَته شبه رَائِحَة الف ط السذاب.
وَأما النبطي فَإِنَّهُ ياقوتي لَيْسَ بطويل وَلَا عسر الرض خلقته كخلقة العنقود وَهُوَ ملآن من ثَمَرَته رَائِحَته ساطعة. فاختر مِنْهُ الحَدِيث الْأَبْيَض الَّذِي لَونه كلون الدَّم الَّذِي لَيْسَ بمنضغط وَلَا مشتبك وَلَا متخلخل متفرق ملآن من بزره وَهُوَ شَبيه بعناقيد صغَار ثقيل طيب الرَّائِحَة جدا فَلَيْسَتْ فِيهِ رَائِحَة التكرج حريف يلذع اللِّسَان لَونه وَاحِد لَا يخْتَلف.
ويغش بِشَيْء يُشبههُ غير أَنه لَيست لَهُ رَائِحَة وَلَا ثَمَرَة. وَإِذا أردْت أَن تأمن هَذ أَو شبهه فاجتنب الفتات واختر مِنْهُ مَا كَانَت أغصانه تَامَّة نابتة من أصل وَاحِد.
وَقَالَ ابْن ماسويه: أجوده الأرميني الَّذِي لَونه كالذهب وَعوده مر وَلَيْسَت لَهُ رَائِحَة شَدِيدَة وَالَّذِي هُوَ أغْلظ من هَذَا لَونه أَخْضَر وخشبه ذُو شظايا فَإِنَّهُ ردئ.
وَمِنْه جنس آخر أَحْمَر مستطيل كثير الْورْد شَدِيد الرَّائِحَة سريع التفرك وَالْمُخْتَار من هَذَا الْجِنْس هُوَ العطسي الحَدِيث الْقَلِيل الْبيَاض الَّذِي يَلِي الْحمرَة كثيف الْأَجْزَاء منبسط غير ملتو بعضه على بعض كثير البزر مكتنز شَبيه بالعناقيد رزين شَدِيد الرَّائِحَة حريف الطّعْم يلذع اللِّسَان وَلَيْسَت فِيهِ ألوان مُخْتَلفَة.
قَالَ ابْن ماسويه الطَّبِيب: أجوده مَا كَانَ من أرمينية لَونه كلون الذَّهَب عوده مر لَيْسَ لَهُ رَائِحَة شَدِيدَة.)
أما الْأَخْضَر الضخم المنبسط الَّذِي رِيحه مثل ريح الحبق الْجبلي فردئ.
قَالَ أريباسيوس: اختر مِنْهُ الْأَبْيَض أَو المائل إِلَى الْحمرَة الَّذِي لَيْسَ بالمتكرج ويلذع اللِّسَان.
واختر أغصانه ودع فتَاته.
حنظل قَالَ أَبُو جريج: يَنْبَغِي لمجتني الحنظل أَن يجتنيه فِي آخر السّنة إِذا اصفر وَلَا يقربهُ وَهُوَ الف ط أَخْضَر أَو فِيهِ خضرَة.
وشحمه إِن أخرج من بطيخه نقصت سَرِيعا وضعفت وَإِن ترك فِي بطيخه بقى دهرا.
وَالَّذِي على شَجَره حَنْظَلَة وَاحِدَة قتالة.
حسب السمنة قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه حب شَجَره تنْبت فِي القفار على قدر الذارع وَرقهَا أَبيض لَيْسَ بشديد الْبيَاض يحمل ثَمَرَة على قدر الفلفل لخشبها دهن وَلها بزر.
حب النّيل هُوَ قرطم هندي.
حضض قَالَ فِي كتاب شرك: إِن الحضض الْهِنْدِيّ هُوَ أَن يُؤْخَذ خشب الزرشك فيطبخ طبخا جيدا حَتَّى لَا يبْقى فِيهِ شَيْء من الْقُوَّة ثمَّ يصفى ويطبخ المَاء حَتَّى يجمد.
حجر اليشب قَالَ عِيسَى ابْن ماسه: إِنَّه أصفر اللَّوْن.
حبلب قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه يجلب من بِلَاد الْحَبَشَة.
حجر الْيَهُودِيّ قَالَ ثَابت فِي كتاب الْحمى: إِنَّه بِمَنْزِلَة جوزة مسطوحة الشكل فِيهِ آثَار خطوط كَأَنَّهَا خطت بالبيكار. 4 (طين مختوم) ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: يغش وَلَا يعرف الْبَتَّةَ.
قَالَ الخوزى: أجوده الَّذِي رِيحه الشبث وَإِذا وضع مِنْهُ على فَم السَّائِل مِنْهُ الدَّم قطعه.
(7/16)
طاليسفر قَالَ ج فِي السَّابِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِنَّه قشر يجلب من بِلَاد الْهِنْد فِي طعمها قبض شَدِيد مَعَ شَيْء من حِدة وعطرية يسيرَة ورأئحتها أَيْضا طيبَة مثل سَائِر الأفاويه.
طباشير قَالَ ماسرجويه: إِنَّه يكون فِي جَوف القنا الْهِنْدِيّ وَأَنا أَظن أَنه يكون فِي حِجَارَة النورة. وَهَذَا الظَّن من الْكَاتِب لَا من الْمُؤلف.
ابْن ماسويه: إِنَّه يجلب من الْبَادِيَة. 4 (كسيلا) ابْن ماسويه: إِنَّهَا عيدَان يعلوها سَواد تشبه عيدانه عيدَان الفوتنج. الف ط كندر أريباسيوس: أجوده الذّكر وَهُوَ المستدير الْحبَّة الْكِبَار الْأَبْيَض وباطنه يندق بِالْيَدِ. ويغش بالصمغ والراتينج وَمَعْرِفَة ذَلِك سهلة لِأَن الصمغ لَا يلتهب والراتينج إِنَّمَا يدخن فَقَط والكندر يلتهب.
كاكنج قَالَ الخوزي: إِنَّه نَوْعَانِ: أَحدهمَا يُؤْتى بِهِ من ماه وَمن أَصْبَهَان والبلدان الْبَارِدَة.
قَالَ فِي الْخَامِسَة من قاطاجانس: إِن الكاكنج هُوَ عِنَب الثَّعْلَب الْأَحْمَر الثَّمر.
لِسَان الثور ابْن ماسويه فِي الْكَمَال: إِنَّهَا حشيشة وَرقهَا عريض مثل ورق المرو خشنة اللَّمْس.
لاغيه قَالَ أَبُو جريج: إِنَّهَا شَجَرَة تنْبت فِي سفح الْجَبَل لَهَا ورد أصفر طيب الرَّائِحَة قَلِيلا مَا هُوَ يَقع على وردهَا الرَّاعِي من النَّحْل وَلها لبن غزير إِذا قطعت.
لعبة قَالَ أَبُو جريج الراهب: شبه صُورَة يشبه جرمها السورنجان الْأَبْيَض ويجلب من افريقة لاذن قَالَ أريباسيوس: أجوده الطّيب الرَّائِحَة الَّذِي لَونه إِلَى الخضرة سهل الانحلال يدبق بِالْيَدِ نقى من الرمل يشبه الراتينج والقبرسي فِي هَذِه الصّفة.
مر ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: وَإِن من المر مَا يخلط بِهِ بعض ألبان اليتوعات الْقَابِلَة فَيصير قتالا إِذا ورد دَاخل الْبدن. وَالَّذِي يفرق بَينه وَبَين الَّذِي لَيْسَ فِيهِ ذَلِك اللَّبن طيب رَائِحَته فَإِن الطّيب الرَّائِحَة لَيْسَ فِيهِ من ذَلِك اللَّبن شَيْء.)
قَالَ أَبُو جريج: أجوده مَا قرب من الْبيَاض وشابه شَيْء من الْحمرَة يسيرَة وَلم يخالطه لحاء شَجَرَة.
ميعة قَالَ فِي قاطاجانس: أقوى أَنْوَاع الميعة الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَإِذا عتق هَذَا النَّوْع أَيْضا فَهُوَ يضْرب إِلَى الذهبية وَهَذَا النَّوْع عَزِيز وَالنَّوْع الآخر الف ط المائل إِلَى السوَاد ردئ.
قَالَ أَبُو جريج: إِن الميعة صمغ يسيل من شَجَرَة بالروم يتحلب مِنْهُ فَيُؤْخَذ فيطبخ. ويعتصر من لحاء تِلْكَ الشَّجَرَة فَمَا عصر مِنْهُ سمى ميعة سَائِلَة وَيبقى الثخين يشبه الثجير وَيُسمى ميعة يابسة.
(7/17)
مو قَالَ د: سَاقه شيبَة بساق الشبث وورقه مثل ورقه غير أَنه أغْلظ من الشبث وارتفاعه نَحْو من ذارعين متفرق الْأُصُول وأصوله دقاق بَعْضهَا معوجة وَبَعضهَا مُسْتَقِيمَة طوال طيبَة الرَّائِحَة يحذو اللِّسَان.
مازريون قَالَ أَبُو جريج الراهب: إِنَّه جِنْسَانِ: مِنْهُ كبار الْوَرق إِلَى الدقة مَا هُوَ وجنس آخر صغَار الْوَرق إِلَى الثخن مَا هُوَ جعد وَهُوَ أردأ الجنسين.
قَالَ ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ المتكاثف الْوَرق إِلَى الثخن مَا هُوَ وَهُوَ يشبه ورق الزَّيْتُون إِلَّا أَنه ألطف حَار الطّعْم يخشن الْحلق.
ماهودانه قَالَ أَبُو جريج الراهب: إِنَّه جِنْسَانِ لَهما بهار وورق طوال فِي طول الْأَصَابِع مشرف إِذا نظر إِلَيْهَا النَّاظر شبهها بالسمك وَيخرج ثَمَرهَا مثل جوز الْقطن وأصغر فِيهِ ثَلَاث حبات سود.
مقل ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ الصافي اللزج الَّذِي رِيحه مثل ريح أظفار الطّيب. ج فِي الْأَدْوِيَة المفردة: إِنَّه نَوْعَانِ: صقلي وَهُوَ أسود وألين من الْعَرَبِيّ والعربي هُوَ أصفى لونا من الصقلى.
قَالَ أريباسيوس: اختر مِنْهُ المر الطّعْم الشبيه بغراء الْجُلُود جُلُود الْبَقر يكَاد يدبق بِالْيَدِ مَا كَانَ سهل الانحلال نقيا من العيدان والوسخ إِذا دخن بِهِ كَانَت رَائِحَته شَبيهَة برائحة الْأَظْفَار.
مغاث أصبت فِي كتاب مَجْهُول: إِنَّه عروق الرُّمَّان الْبري الف ط وأصبت أَيْضا فِي قَول ماسرجويه: انه طورك لسفرم.)
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه آس بحري نبطي وَهُوَ نَوْعَانِ: أَبيض وأسود داسم.
قَالَ ابْن ماسويه: يشبه البطم مائلة إِلَى الصُّفْرَة طيبَة الرَّائِحَة.
نارمشك ابْن ماسويه: فقاح شَجَرَة يُسمى نَار ماسيس.
سحسونه قَالَ فِي بعض الْكتب: إِن السحسونه هُوَ بزر السجستان وَكَذَلِكَ أصبت فِي تذكرة عَبدُوس.
سكبينج ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: إِن الْخَالِص من السكبينج ينْحل سَاعَة تلقيه فِي المَاء.
وَيُشبه القنة إِذا كَانَت زبدية خَفِيفَة الْوَزْن وَهُوَ أكثف وَأَشد تلززا من الصِّنْف الآخر وإياه يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل لِأَنَّهُ أفضل نوعيهما.
قَالَ: والسكبينج الْمَعْمُول من القنة لَيست لَهُ رَائِحَة السكبينج وَلَا ينْحل.
قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه حَار لين وأجوده مَا صفا مِنْهُ يجلب من نَاحيَة الْمشرق.
قَالَ ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ أقرب لون دَاخله إِلَى الْحمرَة وخارجه إِلَى الْبيَاض الصافي الشَّديد الرّيح المر الطّعْم.
(7/18)
قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه أَرْبَعَة أَنْوَاع
سليخة ج فِي الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: السليخة تستحيل كثيرا إِلَى الدارصيني ترى مُنَاسبَة الشّجر مِنْهُ يَعْنِي من الدَّار صيني سليخة ويجد مِنْهَا قضبانا مُتَّصِلَة أَغْصَانهَا نَحْو الدارالصيني.
قَالَ فِي ترياق قَيْصر: السليخة الملساء الطّيبَة الطّعْم: الرّيح وَمِنْهَا مَا طعمه طعم الشَّرَاب. ج: لَهَا سَاق غليظ القشر وَيكون فِي بوادي الْعَرَب وورق شَبيه بورق الايرسا الياقوتي الْحسن اللَّوْن مثل لون الشب دَقِيق الثقب أملس طَوِيل غليظ الأنابيب ثقيل يلذع اللِّسَان ويقبضه ويحذوه حذوا يَسِيرا الف ط عطر الرَّائِحَة فِيهِ حمرَة وَهُوَ ثَلَاثَة أَصْنَاف وَهَذِه أَجودهَا وَأما الْأسود الكريه فَفِيهِ فرفيرية ورائحته كرائحة الْورْد. وَأما الْأسود الكرية الرَّقِيق القشر المشققة فانما هِيَ نَحْوهَا من دونه.
وَقد يُوجد شَيْء شَبيه بالسليخة جدا. وَيفرق بَينهمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ بحريف وَلَا عطر وقشره لاصق بشحمه.
وَمن السليخة مَا لَونه إِلَى الْبيَاض أجوف رَائِحَته مثل رَائِحَة الكراث.
وَمِنْه مَا لَيْسَ بغليظ الأنبوب بل رَقِيق أجوف.)
قَالَ ابْن ماسويه: أَجودهَا مَا كَانَ إِلَى الْحمرَة صَافِيَة اللَّوْن أَحْمَر كلون البسد مستطيل دَقِيق سنبل ج: قد يسْتَعْمل السنبل بِأَن يطْبخ أَولا ثمَّ يُبَاع على أَنه لَا عيب فِيهِ فاحذره.
قَالَ مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا: هَذَا لَا يكون قوى الطّعْم وَلَا مشبع اللَّوْن.
قَالَ ابْن ماسه: أجوده الْأسود.
قَالَ د: أجوده السوري وَهُوَ وافر الجمة أشقر طيب الرَّائِحَة جدا فِيهِ شَيْء من رَائِحَة السعد وسنبله صَغِير مر مجفف يحذو اللِّسَان وَيمْكث طيبه فِي الْفَم إِذا مضغ وقتا طَويلا.
وَمِنْه هندي وَهُوَ ضَعِيف. وَهُوَ أطول وَأكْثر سنبلا وَيخرج سنبله من أصل وَاحِد وأكمام سنبله هُوَ ملتف بعضه بِبَعْض زهم الرَّائِحَة.
وَهُوَ الَّذِي من الْهِنْدِيّ بعيد من النَّهر الَّذِي ينْبت عِنْده دوائح الْجَبَل طيب رَائِحَته وأقصر سنبلا وتشبه رَائِحَته السعد.
وَيكون مِنْهُ نوع فِي وَسطه سَاق وَهُوَ أَشد بَيَاضًا وَهُوَ ردئ.
وَرُبمَا نقع السنبل فِي المَاء ويستدل على ذَلِك من بَيَاض السنبل وقحله وَمن أَنه لَا تُرَاب فِيهِ.
وَقد يغش بِأَن يرش عَلَيْهِ إثمد أَو سكر ليتلبد ويثقل.
(7/19)
قَالَ: الناردين الاقليطي هِيَ شَجَرَة الف ط صَغِيرَة يقْلع بطينها وتشد حزما تملا الْكَفّ وَيَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم بِيَوْم فِي رش الحزم وتنقى من الطين وتوضع فِي مَوضِع ندى وَتَحْته قَرَاطِيس وَفِي الْيَوْم الثَّانِي ينقى من طينه فانه حِينَئِذٍ لَا يتَبَيَّن الْجيد من الردئ لما أفادته الْقُوَّة من الرُّطُوبَة.
ويغش هَذَا بنبات يُشبههُ يفرق بَينهمَا أَن هَذَا النَّبَات زهم لَهُ رَائِحَة كرائحة البيش وَله سَاق.
وَهَذَا أَشد بَيَاضًا وورقه أقصر من ورق الناردين الاقليطي وَلَيْسَ أَصله بمر وَلَا طيب الرَّائِحَة مثل أصُول الناردين.
وَإِذا أردْت أَن يبْقى الناردين على قوته وكثرته فاطرح ورقه ودق أُصُوله وسوقه نَاعِمًا واعجنها بشراب وَاجْعَلْهَا أقراصا وارفعها فِي إِنَاء خزف جَدِيد وَأحكم تَغْطِيَة رَأسه.
والجيد مِنْهُ مَا كَانَ حَدِيثا طيب الرَّائِحَة حَدِيث الْأُصُول عسر الانفراك ممتليا.
قَالَ: وَأما الناردين الجبلى فَإِن ورقه يشبه ورق العصفر وَكَذَلِكَ أغصانه غير أَنَّهَا أَصْغَر)
وَلَيْسَ هِيَ بخشبية وَلَا مشوكة. وَله أصلان أَو أَكثر سود طيبَة الرَّائِحَة كَالَّتِي للحناء غير أَنَّهَا أرق أَصْغَر بِكَثِير وَلَيْسَ لَهُ سَاق وَلَا ثَمَرَة وَلَا زهرَة.
سعد د: لَهُ ورق يشبه ورق الكراث غير أَنه أطول وأدق وأصلب وَله سَاق طولهَا ذارع وَأكْثر وفيهَا اعوجاج كساق الْإِذْخر وعَلى طرفه أوراق صغَار وأصوله كَأَنَّهَا زيتون مِنْهُ طَوِيل وَمِنْه مدور مشتبك بعضه مَعَ بعض سود طيبَة الرَّائِحَة فِيهَا مرَارَة وينبت فِي أَمَاكِن غامرة وَأَرْض رطبَة.
وأجودها مَا كَانَ ثقيلا كثيفا غليظا عسر الرض خشنا طيب الرَّائِحَة مَعَ شَيْء من حِدة.
ساذج د: يتَوَهَّم قوم أَنه ورق الناردين الْهِنْدِيّ لتشابه رَائِحَته ويغلطون فِي ذَلِك فَإِن الأسارون والوج يشبه الف ط رائحتهما رَائِحَة الناردين.
والساذج ينْبت فِي بِلَاد الْهِنْد فِي أَمَاكِن فِيهَا حمأة وَيظْهر على وَجه المَاء بِمَنْزِلَة عدس المَاء وَلَيْسَ لَهُ أصل فَإِذا جَمَعُوهُ على الْمَكَان نظموه فِي خيط كتَّان ويجففونه ويخزنونه.
وأجوده الحَدِيث الَّذِي لَونه إِلَى الْبيَاض مَا هُوَ السوَاد الصَّحِيح غير منثقب سَاطِع الرَّائِحَة دَائِم الطّيب فِيهِ شبه رَائِحَة الناردين لَيْسَ بمالح وَلَا مسترخ.
وَأما المسترخى مِنْهُ المنثقب الَّذِي رَائِحَته كرائحة الشَّيْء المتكرج فَإِنَّهُ ردئ.
سقمونيا أَبُو جريج الراهب: أجوده مَا كَانَ أَبيض يضْرب إِلَى الزرقة كَأَنَّهُ قطع الصدف المكسر سريع التفتت والمجلوب مِنْهُ من جبل اللكام على هَذِه الصّفة. هَذَا لَا يقربهُ مثل الكرمان الْأسود المستدير الشكل المغمر.
قَالَ: وَقُوَّة السقمونيا لَا تنكسر إِلَّا بعد ثَلَاثِينَ سنة أَو أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا مَا قد أصلح
(7/20)
بالشَّيْء قَالَ ابْن ماسويه: أجوده أعظمه قطعا وأبيض.
سكر الْعشْر أَبُو جريج: وَهُوَ يَقع على النَّبَات الْمُسَمّى الْعشْر. 4 (سورنجان) أَبُو جريج: أجوده الْأَبْيَض الدَّاخِل وَالْخَارِج الصلب الْكسر فَأَما الْأسود والأحمر فانهما رديان جدا وَيُبَاع مِنْهُ على أَنه اللعبة البربرية.
قَالَ الخوزى: السورنجان أصل نابت ينْبت قبل الأمطار وَهُوَ صنفان: أَبيض وأحمر والأبيض دَوَاء والأحمر ردئ.
وَيُقَال: إِن السورنجان أصل نابت فِي الخريف تنْبت لَهُ وردة تسمى بلغَة أهل واسحر حفر وبلغة أهل الصغد سكروه.
وَهَذِه الوردة لونان: أَبيض وأصفر وَهُوَ أول الْأَنْوَار المنفتحة الف ط فِي السفوح والمواضع الجبلية. ورق هَذَا النَّبَات لاطئ بِالْأَرْضِ. 4 (سيسا ليوس) ابْن ماسويه: إِنَّه يشبه الزنجبيل. وَقد أصبت فِي بعض الْكتب أَنه أنجدان رومى.
عسل ج فِي حِيلَة الْبُرْء: افضل الْعَسَل الْأَحْمَر اللَّوْن الناصع الطّيب الرَّائِحَة الصافي الَّذِي ينفذ فِيهِ الْبَصَر بصفائه ومذاقته حريفة حادة لذيذة غَايَة اللذاذة إِذا أَنْت رفعت مِنْهُ شَيْئا بأصبعك سَالَ إِلَى الأَرْض. وَلم يَنْقَطِع فَإِن انْقَطع فَإِنَّهُ إِمَّا أغْلظ وَإِمَّا أرق مِمَّا يَنْبَغِي فِي الْجُمْلَة فَإِن ذَلِك لِأَنَّهُ غير متشابه الْأَجْزَاء ووالعسل الغليظ فِي أَجْزَائِهِ كلهَا وَفِي بعض أَجْزَائِهِ كثير الموم وَالرَّقِيق كثير الفضول غير نضج عسر الانهضام. وَمَا ظهر فِيهِ طعم الموم ووسخ الكور فَهُوَ عسل سوء. وَمَا سطعت مِنْهُ رَائِحَة قَوِيَّة حادة فَلَيْسَ بمحمود. وَإِن كَانَت خُفْيَة فَلَيْسَ بضائر.
عنصل قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه يخرج من الحقول من غير زرع كالرمانة وَإِذا كَانَ أَيَّام الرّبيع يخرج وردا أسود وورقة شبه ورق السوسن.
عَاقِر قرحا: أجوده الحاد الطّعْم المحرق للسان الَّذِي مكسره إِلَى الْحمرَة وغلظه كغلظ الْأصْبع.
فربيون ج فِي قاطاجانس: إِن الْعَتِيق مِنْهُ لَا يبْقى لَونه الرماني لكنه يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَيكون مَعَ ذَلِك فِي غَايَة الجفوف وَإِذا أدفته بالزيت لَا ينداف مَعَه إِلَّا بكد. والْحَدِيث بِخِلَاف ذَلِك فانه ينداف بِسُرْعَة. وذوق الحَدِيث بِمَنْزِلَة النَّار حَتَّى أَنه يحرق اللِّسَان والعتيق يسير الحدة.
والفريبون الْفَائِق تبقى قوته أَكثر شَيْء ثَلَاث سِنِين أَو أَرْبعا وَتبطل قوته من الرَّابِعَة إِلَى السَّابِعَة)
قَالَ أَبُو جريج فِي الْأَدْوِيَة المسهلة: إِن الفربيون يَجْعَل فِي آنِية مَعَ باقلى مقشر فتحفظ قوته وَلَا تتأكل مُدَّة.
قَالَ ابْن ماسويه الف ط: اختر مِنْهُ الحَدِيث الصافي الْأَصْفَر اللَّوْن الحاد الرَّائِحَة الحريف الطّعْم.
(7/21)
فو د: وَقد يشبه ورق رعباذيلا.
وَهُوَ الكرفس الْعَظِيم الْوَرق والقضبان وَسَاقه ذارع أَو أَكثر أملس ناعم لَونه مائل إِلَى الأرجوان مجوف ذُو عقد لَهُ زهرَة شَبيهَة بزهرة النرجس غير أَنه أكبر مِنْهُ وَفِي ميله إِلَى الْبيَاض شَيْء من فرفيرية وَفِي غلظ أَعلَى مَوضِع من أَصله مثل غلظ الْخِنْصر ويتشعب من أَسْفَل الأَصْل شعبًا معوجة مثل الْإِذْخر والخربق الْأسود مشتبكة بَعْضهَا بِبَعْض لَوْنهَا إِلَى الشقرة مَا هُوَ طيب الرَّائِحَة فِيهَا شَيْء من رَائِحَة الناردين مَعَ شَيْء من زهومة. ويغش بِأَصْل ألآس الْبري. والمعرفة بِهِ هينة لِأَن أصل الآس الْبري صلب عسر الرض لَيْسَ بِطيب الرَّائِحَة.
فلفل ج فِي الثَّامِنَة من الْأَدْوِيَة المفردة: إِن أصُول الفلفل تشبه الْقسْط وثمرته فِي أول مَا يطلع الدَّار فلفل وَلذَلِك صَار الدَّار فلفل أرطب من الفلفل ويسرع إِلَيْهِ التأكل وَلَا يلذع من سَاعَته والفلفل الْأَبْيَض أَشد حراقة من الْأسود لِأَن الْأسود أنضج والأبيض فج.
فيلزهرج قَالَ ماسرجويه: إِنَّه ثَلَاثَة أَصْنَاف: أَحدهَا هندى وَالْآخر يعْمل من الزرشك وَالْآخر عَرَبِيّ وَهُوَ الْمُسَمّى حضض.
فاغره ابْن ماسويه: هُوَ أصل يشبه الحضض.
وَقَالَ ابْن ماسه: إِنَّه أصل النيلوفر الْهِنْدِيّ.
فلنجه قَالَ ابْن ماسويه: أصل النيلوفر الْهِنْدِيّ.
فلفمويه ابْن ماسه إِنَّه أصل الفلفل.
صَبر قَالَ أَبُو جريج: هُوَ ثَلَاثَة أَصْنَاف: الأسقوطري والعربي والسمنجاني والأسقوطري تعلوه صفرَة شديبة كالزعفران وَإِذا استقبلته بِنَفس حَار من فِيك خلت أَن فِيهِ ضربا من رَائِحَة المر.
وَهُوَ سريع التفرك وَله بريق وبصيص قريب من بريق الف ط الصمغ الْعَرَبِيّ فَهَذَا)
هُوَ الْمُخْتَار.
وَأما الْعَرَبِيّ فَهُوَ دونه فِي الصُّفْرَة والرزانة والبريق والبصيص.
وَأما السمنجاني فرديء جدا منتن الرّيح تقرب رَائِحَته إِذا قابلته بِنَفس حَار من فِيك رَائِحَة قَالَ: وَالصَّبْر إِذا عتق أسود وانكسرت حِدته والمغشوش الْأَحْمَر البارق والشديد التفرك حمرته كحمرة الكبد سهل الانحلال صَادِق المرارة.
فَأَما مَا كَانَ مِنْهُ أسود عسر الْكسر فَلَا خير فِيهِ. ونباته شَبيه بنبات الراسن.
ضرو ج: هُوَ قشره.
وَقَالَ ابْن ماسويه: هُوَ صمغ شَجَرَة تسمى الكمكام يجلب من الْيمن.
قنة: لَهُ ذكر عِنْد السكبينج.
(7/22)
وَقَالَ فِي كتاب الْأَدْوِيَة الْمُقَابلَة للأدواء: إِنَّه نَوْعَانِ: أَحدهمَا زبدي خَفِيف الْوَزْن وَهَذَا أَشد بَيَاضًا. وصنف آخر أكثف وَأَشد تلززا وَهُوَ أَجودهَا وإياه فَاسْتعْمل.
قرفة قَالَ فِي ترياق قَيْصر: إِن مِنْهَا مَا هُوَ صلب طيب الرَّائِحَة يشبه الدارصيني لَهُ عيدَان طوال شَدِيدَة طيبَة رَائِحَته أقل كثيرا من الدارصيني.
وَقد زعم قوم أَنه جنس آخر غير الدارصيني.
قردمانا: الْجيد مِنْهُ يكون بأرمينية فاختر مِنْهُ الْعسر الرض الممتلئ الصلب المنضم وَمَا خَالف ذَلِك فردئ. والجيد سَاطِع الرَّائِحَة حريف الطّعْم مَعَ شَيْء من مرَارَة.
قسط د: أجوده مَا كَانَ فِي بِلَاد الْعَرَب وَكَانَ أَيْضا خَفِيفا طيب الرَّائِحَة وَبعده الْهِنْدِيّ وَهُوَ غليظ أسود خَفِيف مثل القثاء وَبعده السورى وَهُوَ ثقيل ولونه لون خشب الشمشاد سَاطِع الرّيح وأجوده الحَدِيث الْأَبْيَض الممتلئ الكثيف الْيَابِس غير المتأكل وَلَا زهم يلذع اللِّسَان ويحذوه.
ويغش بأصول الف ط الراسن الصلبة ويغرق بَينهمَا لِأَن الراسن لَا يحذو اللِّسَان وَلَا رَائِحَته قَوِيَّة ساطعة كرائحته.
قصب الذريرة قَالَ: ينْبت بِالْهِنْدِ. أجوده الياقوتي اللَّوْن المتقارب العقد الَّذِي إِذا هشم ينهشم إِلَى شظايا كَثِيرَة وأنبوبة ملآن من شَيْء لَونه إِلَى الْبيَاض مَا هُوَ يشبه نسج العنكبوت لزج إِذا مضغ فِيهِ قبض وَشَيْء من حراقة.)
قثى قَالَ: هِيَ حَبَّة نستعملها مركبة قد ذكرنَا تركيبها فِي صَنْعَة الطَّبِيب والمعجونات.
قروقومعما قَالَ: هُوَ ثفل دهن الزَّعْفَرَان.
قَالَ د: أجوده الطّيب الرَّائِحَة الَّذِي فِيهِ من المر باعتدال الرزين الْأسود الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عيدَان وَإِذا أذيب كَانَ لَونه قَرِيبا من لون الزَّعْفَرَان جدا وَكَانَ لينًا فِيهِ مرَارَة يسيرَة يصْبغ الْأَسْنَان وَاللِّسَان صبغا شَدِيدا وَيبقى سَاعَات كَثِيرَة.
قَالَ أَبُو جريج: ينْبت على وَجه الأَرْض مَبْسُوطا وَيَنْبَغِي أَن يجتنى فِي آخر الصَّيف ليؤخذ مَا قد اصفر مِنْهُ وَالَّذِي إِذا أَصَابَهُ الندى انقلع سَرِيعا وَخرج حبه وافرا يضْرب وَجه لاقطه.
وأجوده مَا كثرت ثَمَرَته فِي شَجَره وَكثر مَاؤُهُ.
قَالَ: يتَّخذ مِنْهُ مَا اصفر على شَجَره الْكثير الْحمل: واعصره وَلَا تذقه وَخذ المَاء مَعَ الثفل الغليظ وصيره فِي إِنَاء وَكلما صفى المَاء فصب عَنهُ صَفوه واترك الثخين قدر مَا ينعجن واجعله فِي خرقَة صفيقة وعلقه حَتَّى يقطر جَمِيع مَا فِيهِ ثمَّ تجففه فِي غضارة على رماد فاتر وَهُوَ مَبْسُوط ثمَّ ضَعْهُ فِي الظل إِلَى لوح أَيَّامًا حَتَّى يستحكم جفافه وارفعه.
قَالَ ابْن ماسويه: اختر مِنْهُ الْمُسْتَقيم الَّذِي يشبه صغَار القثى الصَّادِق المرارة واختر من عصارته الْأَبْيَض الف ط الأملس الْخَفِيف الْوَزْن الَّذِي يشبه الاشقال.
(7/23)
قَالَ بولس: الْمُخْتَار من عصارة قثاء الْحمار مَا كَانَ إِلَى الخضرة الْخَفِيف يكون قد أُتِي عَلَيْهِ أَكثر من سنة.
قليميا ج فِي الْأَدْوِيَة المفردة: إِنَّه يكون من دُخان النّحاس وَمن دُخان الْفضة وَمن دُخان حجرَة المرقشيثا وَمِنْه أَيْضا معدني غير مَعْمُول. والمعمول صنفان: عنقودي وَهُوَ بخار مَا يرْتَفع فِي الأتون وصفائحي وَهُوَ مَا يبْقى فِي أسافل الأتون.
قلب ابْن ماسويه: بزر الْهِنْدِيّ يشبه بزر الْكَتَّان إِلَّا أَنه أكبر مِنْهُ قَلِيلا يعلوه غبرة.
قَالَ ثَابت: إِنَّه ماش هندى.
قفر الْيَهُود اريباسيوس: الْجيد مِنْهُ مَا لَونه مائل إِلَى لون الفرفير بليغ قوى الرَّائِحَة رزين وَأما الْأسود فانه ردي يغش بزفت يخلط بِهِ.
قنطوريون قَالَ الخوزى: إِنَّهَا نَوْعَانِ: كَبِير وصغير ينبتان فِي آخر الرّبيع وورقه يشبه ورق الأثل.) 4 (راسن) د: ورقه يشبه الدَّقِيق من ورق النَّبَات الَّذِي يُسمى قلومس غير أَنه أخشن وأطول وَأعظم طيب الرَّائِحَة حريف ياقوتي اللَّوْن وَفِيه شعب.
قَالَ ابْن طَاوس: يكون بِمصْر صنف آخر من الراسن وَهِي حشيشة لَهَا أَغْصَان طولهَا ذارع مسطحة على الأَرْض مثل النمام وورقه شبه ورق العدس غير أَنه أطول وَهُوَ كثير الأغصان وَله أصُول صفر غلظها مثل الْخِنْصر وأسفلها دون أَعْلَاهَا وَعَلَيْهَا قشر أسود.
وينبت فِي مَوَاضِع قريبَة من الْبَحْر وَفِي التلول.
راوند ج فِي الْمُقَابلَة الف ط للأدواء: إِن الرواند لَا يغش لَكِن يُؤْخَذ من الْمَوَاضِع الَّتِي تنْبت فِيهَا مَا دَامَ طريا فيطبخونه وَيَأْخُذُونَ عصارته ويجمدون تِلْكَ العصارة ويجلبونها إِلَى الْبلدَانِ ويبيعون الَّذِي قد طبخ على أَنه لم يغش والمغشوش مِنْهُ متكاثف الْجَوْهَر متماسك لِأَنَّهُ من عصارة والخالص أَشد تخلخلا وسخافة وَالْقَبْض فِي الْخَالِص ضَعِيف وَهُوَ فِي الراوند الْمَعْمُول قوى والتأكل يسْرع إِلَيْهِ.
شيطرج ج فِي الميامر: إِن صفة نَبَات الشطرج أَنه ينْبت كثيرا فِي الْقُبُور والحيطان العتيقة والمواضع الَّتِي لَا تحرث وَهُوَ ناضر أبدا إِلَّا أَنه أَحْمَر وورقه يشبه ورق الْحَرْف وَطول قصبه ذارع وَأَقل وَأكْثر ويخلف فِي الصَّيف وَرقا دقاق لَا يزَال عَلَيْهِ حَتَّى يضْربهُ الْبرد فَإِذا برد الْهَوَاء جف من الْوَرق مَا يجِف قضيبه وانتثر وَبقيت مِنْهُ بقايا نَحْو أَصله فَإِذا كَانَ فِي الصَّيف خرج عَن قصبته زهر صغَار جدا كثير الْوَرق لَونه لون اللَّبن وَأَرْدَفَ ذَلِك بزرا صَغِيرا غَايَة الصغر لَا يُمكن أَن يرى حسا لصغره وَأَصله لَهُ رَائِحَة حادة جدا وَهُوَ أشبه شَيْء بالحرف.
(7/24)
شبرم أَبُو جريج الراهب: أَجود الشبرم مَا أَحْمَر لَونه حمرَة خَفِيفَة وَكَانَت الْقطعَة مِنْهُ كَأَنَّهَا جلد ملفوف رَقِيق اللحاء.
فَأَما الغليظ الْجِسْم الْقَلِيل الْحمرَة الَّتِي بسطا تحمر وَفِيه شبه الخيوط فَهُوَ شَرّ الشبرم وَأكْثر هَذِه فَأَما الْفَارِسِي فأردأ الشبرم.
شوكران قَالَ روفس فِي كتاب المالنخوليا: إِن الشوكران ورقه شَبيه بورق اليبروح إِلَّا أَنه أَصْغَر وَأَصله رَقِيق لَيست لَهُ ثَمَرَة.
تفسيا أصبت أَنه صمغ السذاب البرى.)
قَالَ الف ط د فِي قاطاجانس: التفسيا تضعف قوته فِي سنة.
وَقَالَ فِي الميامر: لَا ينْتَفع بِهِ بعد ثَلَاث سِنِين.
تَرَبد قَالَ أَبُو جريج: أَجود التربد الْأَبْيَض اللَّوْن الملتف الشكل المصبغ الطَّرفَيْنِ الَّذِي مثل أنابيب الْقصب الدَّقِيق الْجِسْم الدَّقِيق الأنبوب السَّرِيع التفتت الَّذِي لَيْسَ بغليظ وَلَا برقيق ويسرع التأكل إِلَى التربد والتأكل يضعف فعله وَهُوَ الَّذِي يرَاهُ مثقبا كرأس الإبر وَكَانَ خَفِيف الْوَزْن جدا هَذَا وَقد ذهبت قوته.
قَالَ ماسرجويه: اختر مِنْهُ مَا جَوْفه شديدي الْبيَاض وَظَاهره أملس رَقِيق الْعود لَيْسَ بِذِي شظايا غير متأكل.
خربق قَالَ أركاغنيس فِي كتاب الْعِلَل المزمنة: أجوده الْمُتَوَسّط بَين الْعَتِيق والْحَدِيث وَالسمن والهزال فالرمادي اللَّوْن السهل انكساره الَّذِي يخرج مِنْهُ إِذا كسر شبه الْغُبَار ومذاقه حريف قَالَ د: إِن الخربقين تبقى قوتهما سِنِين كَثِيرَة.
قَالَ ابْن ماسويه: اختر من الخربق الْأَبْيَض المستطيل الدسم السَّرِيع الانكسار غير النخر المنفرك الَّذِي إِذا كَسرته رَأَيْت فِي جَوْفه شبه غزل العنكبوت فِي طعمه حراقة يحرق اللِّسَان.
قَالَ: واختر من الْأسود الصلب القضبان الممتلئة الدسم الرقيقة الَّذِي فِي جَوْفه شبه نسج العنكبوت الْحَدِيد الطّعْم.
قَالَ أريباسيوس: اختر مِنْهُ مَا كَانَ ممتلئا حريفا بَادِي الطّعْم.
خيارشنبر قَالَ ابْن ماسويه فِي الْأَدْوِيَة المسهلة: اختر مِنْهُ الْبراق الدسم.
قَالَ ماسرجويه: أجوده مَا لم يخرج من قصبه.
(7/25)
قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه نَوْعَانِ: أَحدهمَا يجلب من كابل وَالْآخر يجلب من الْبَصْرَة. الف ط خَرْدَل قَالَ ابْن ماسه: أَجود الْخَرْدَل الْأَحْمَر الْكَبِير الْحبّ الَّذِي إِذا فركته ظَهرت مِنْهُ زعفرانية ولدونة.
غاريقون ج فِي الْمُقَابلَة للأدواء: إِنَّه لَا يُمكن أَن يغش وكل مَا كَانَ أخف وزنا فَهُوَ أَجود وَمَا كَانَ أكثف وَأقرب إِلَى الخشبية فَهُوَ أردأ.
قَالَ أَبُو جريج: اجوده مَا إِذا كسر وجد أملس الجوانب شَدِيد الْبيَاض خَفِيف فِي مذاقته قَالَ ابْن ماسويه فِي الْأَدْوِيَة المسهلة: اختر مِنْهُ الْأُنْثَى وعلامته أَنه يرى فِي جوفها إِذا قطع)
شَبِيها بالفراخ مستويا فَأَما الذّكر مِنْهُ فَإِنَّهُ أملس مستدير فِي جَمِيع النواحي وَأول طعمه يقرب من الْحَلَاوَة ثمَّ يظْهر عِنْد المطاولة مرَارَة فاختر من الْأُنْثَى أَيْضا مَا كَانَ أَبيض الْجوف سريع التفرك. 4 (أريبا سيوس) أجوده مَا كَانَ فِي شظايا مُسْتَقِيمَة.
(7/26)
(سقط: من هَذِه الصفحة إِلَى صفحة 323)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق